فصل: النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي السَّبَبِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي السَّبَبِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ ضَابِطُهُ انْتِهَاكُ الْفَرْجِ الْمُحَرَّمِ بِالْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا شُبْهَةٍ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ لَهُ عَشَرَةُ شُرُوطٍ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَمُ الشُّبْهَةِ فِي الْمَوْطُوءَة بِملك أَو نِكَاح ومعيب الْحَشَفَةِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ وَكَوْنُهُمَا غَيْرُ مُكْرَهَيْنِ وَلَا جَاهِلَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ فَهَذِهِ فِي الْجَلْدِ وَفِي الرَّجْمِ الْإِحْصَانُ وَالْحُرِّيَّةُ أَصَابَ آدَمِيَّةً حَيَّةً فِي سنّ الرجل مَنْ يُطِيقُ الرَّجُلَ وَاخْتُلِفَ فِي مُقَارِبِ الْبُلُوغِ وَفِي النَّصْرَانِيِّ وَفِي الْمُصِيبِ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الرجل أَو ميتَة أَو بَهِيمَة وَالْمكْره وَالْجَاهِل بِتَحْرِيم الزِّنَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَأَنْبَتَ يُحَدُّ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ وَالْأَوَّلُ لِحَدِيثِ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى الْمَوْقُوفِينَ فَمَنْ أَنْبَتَ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّجَالِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُحَدُّ بِالصَّغِيرَةِ إِذَا كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَدُّ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ خَمْسِ سِنِينَ وَفِي كِتَابِ الرَّضَاعِ يُحَدُّ بِالْمَيِّتَةِ لِأَنَّهَا آدَمِيَّةٌ مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ وَفِي الزَّاهِي لَا يُحَدُّ لِأَنَّهَا لَا تَشْتَهِي غَالِبًا وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا وَإِنْ زَنَى بِنَائِمَةٍ حُدَّ وَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا يُحَدُّ بِالْبَهِيمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَعَذُّرِ قِيَاسِهَا عَلَى الْآدَمِيَّةِ بِقِيَامِ الْفَارِقِ وَفِي الثَّانِي يُحَدُّ لِأَنَّهُ فَرْجٌ مُحَرَّمٌ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُحَدُّ النَّصْرَانِيُّ وَيُرَدُّ إِلَى أَهْلِ دِينِهِ وَيُعَاقَبُ إِنْ أَعْلَنَهُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُجْلَدُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَإِنِ اسْتُكْرِهَتْ هِيَ لَمْ تُحَدَّ وَإِنْ أَكْرَهَتْهُ حدت وَفِي حِدة قَوْلَانِ وَإِنْ أُكْرِهَا جَمِيعًا لَمْ يُحَدَّا وَيُخْتَلَفُ فِيهِ بِنَاء على الْإِكْرَاه يَتَأَتَّى مَعَه الزِّنَا أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ يَتَأَتَّى لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَوَقَّفُ إِلَّا عَلَى إِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الِانْتِشَارِ وَلِأَنَّ اللَّذَّةَ وَالِانْتِشَارَ طَبِيعَتَانِ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْمُلْتَذِّ فَلَا يَمْنَعُهُمَا الْإِكْرَاهُ كَاللَّذَّةِ بِالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَالْإِكْرَاهُ لَا يُجَوِّزُ الْإِقْدَامَ لِحَقِّ الْمَرْأَةِ وَإِنْ كَانَ بِالْقَتْلِ وَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ وَإِنِ اسْتَكْرَهَتْهُ هِيَ بِالْقَتْلِ جَازَ الْإِقْدَامُ لِأَنَّهَا أَبَاحَتْ نَفْسَهَا وَأَوْجَبَ فِي الْكِتَابِ الْحَدَّ عَلَى الْأَعْجَمِيِّ وَحَدِيثِ الْإِسْلَامِ وَالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْجُرْأَةِ عَلَى مَحَارِمِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا أَوْ صَغِيرًا حُدَّ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ وَعُوقِبَ الْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ اسْتِصْلَاحًا لَهُ كَتَأْدِيبِ الْبَهِيمَةِ إِنْ لَمْ يُطْبِقِ الْمَجْنُونُ أَوْ أَحَدُهُمَا نَصْرَانِيٌّ حُدَّ الْمُسْلِمُ وَفِي النَّصْرَانِي ثَلَاثَة أَقْوَال يُعَاقب يحد ينْتَقض عَهْدُهُ وَيُحَدُّ الْمُسْلِمُ بِالْحَرْبِيَّةِ إِنْ زَنَى بِهَا فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْحَرْبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمُلْكِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَفِي جَارِيَةٍ مِنَ الْمَغْنَمِ قَوْلَانِ وَفِي هَذَا النَّظَرِ سِتَّةَ عَشَرَ حُكْمًا.
الْأَوَّلُ:
فِي كِتَابِ الْقَذْفِ إِذَا جَهِلَتِ الْبَيِّنَةُ الْمَوْطُوءَةَ حُدَّ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ إِبَاحَتُهَا أَوْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا قَالَ هِيَ امْرَأَتِي أَوْ أَمَتِي وَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُبِيحِ وَلِأَنَّ شَأْنَ النِّكَاحِ الْإِعْلَانُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ سَوَاءٌ وُجِدَ مَعَ امْرَأَةٍ يَطَؤُهَا أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَادَّعَى الْمُبِيحَ وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ أَبِيهَا وَلَا أَخِيهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ وَعَرَفَ فَلَا يُحَدُّ وَلَا بُدَّ مِنْ جَدِيدِ عَقْدٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قَالَ وَطِئْتُ فُلَانَةً بِنِكَاحٍ أَوِ اشْتَرَيْتُ أَمَةَ فُلَانٍ فَوَطِئْتُهَا لَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً وَإِنَّمَا يُكَلَّفُ إِذَا وُجِدَ مَعَهَا يَطَؤُهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَهُ عُلَمَاؤُنَا وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ بَعْضُ مَنْ يُشَارُ إِلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِنْ رَأَوْهُ يَطَأُ وَلَمْ يَعْلَمُوا حَالَهَا فَقَالَ كَانَتْ زَوْجَتِي وَقَدْ طَلَّقْتُهَا أَوْ أَمَتِي وَقَدْ بِعْتُهَا وَهُوَ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ غَيْرُ ذِي امْرَأَةٍ وَلَا جَارِيَةٍ صُدِّقَ وَلَا تَلْزَمُهُ بَيِّنَةٌ وَلَوْ وُجِدَ مَعَهَا كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ إِنْ لَمْ يَكُنْ طَارِئًا لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِي معنية نِكَاحا وملكا وَهِيَ تُعْرَفُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ ادَّعَى مَجْهُولَةً وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ وَقَالَ كَذِبَ الشُّهُودُ حُدَّ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ خَامِسَةً أَوْ مَبْتُوتَةً مِنْهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ أَوْ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَوِ النَّسَبِ أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ حُدَّ وَلَا يلْحق بِهِ الْوَلَد لضعف الْعذر فِيهِنَّ أَوِ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا أَوْ عَلَى خَالَتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ نِكَاحَ مُتْعَةٍ عُوقِبَ وَلَا حد فِي النُّكَتِ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ بِالسُّنَّةِ وَيُحَدُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ أُخْتَيِ النَّسَبِ لِتَحْرِيمِهِ بِالْكِتَابِ وَهُوَ أَصْلٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاطِئِ أَمَةً يَدعِي شراءها فَيُطَالب البَائِع بِالْيَمِينِ فينكل فيقسط الْحَدُّ عَنِ الْوَاطِئِ إِذَا حَلَفَ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا وَبَيْنَ السَّارِقِ يَدَّعِي عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَهُ فَيَنْكَلُ أَنَّ الْقَطْعَ يتحتم وَإِن حلف السارف وَاسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ أَنَّ شَأْنَ الْوَطْءِ الشُّهْرَةُ بِخِلَافِ الْمَتَاعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام «ادرأو الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ» وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ خَطَأُ الْحَاكِمِ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنَ الْخَطَأِ فِي الْعُقُوبَةِ وَيُرِيدُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَالْمَبْتُوتَةِ وَالْخَامِسَةِ وَنَحْوِهِمَا إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِالْجَهَالَةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَى نِكَاحَهَا وَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا وَقَالُوا عَقَدْنَا وَلَمْ نُشْهِدْ وَنَحْنُ نُشْهِدُ الْآنَ حُدَّ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ إِلَّا بِبَيِّنَة غير الْوَلِيّ للتُّهمَةِ وَإِن جلدا بَعْدَ انْتِفَاءِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنِ ادَّعَى شِرَاء الْأمة فنكل البَائِع وَحلف الْوَاطِئ درىء عَنْهُ الْحَدُّ لِأَنَّ الْوَطْءَ شَأْنُهُ الْكِتْمَانُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَتْ بِيَدِهِ لَمْ يُحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ مَا بَاعَ وَيَأْخُذُهَا وَيَتْبَعُهُ بِقِيمَةٍ وَإِنْ لَمْ تكن فِي يَدِهِ حُدَّ إِذَا لَمْ يَعْفُ بِجَوْرٍ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَحْلِفِ السَّيِّدُ وَيَأْخُذُهَا وَمَا وُلَدَتْ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْوَاطِئُ وَبَقِيَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَلَا يُسْتَرَقُّ الْوَلَدُ وَلَا أَمَتُهُ لِإِقْرَارِهِ بِمَانِعِ ذَلِكَ وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِنِكُولِ السَّيِّدِ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ وَلَا يَسْقُطُ بِشَاهِدٍ مَعَ إِقْرَارِ السَّيِّدِ وَيَسْقُطُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْمِلْكَ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ إِذَا نَكَلَ السَّيِّدُ حَلِفَ الْوَاطِئُ وَصَارَتْ لَهُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَقَالَ إِذَا أُعْتِقَ عَبْدٌ وَمَال فَشَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِدَيْنٍ يُرَدُّ الْعِتْقُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ مَعَ الشَّاهِدِ أَو لم يقم شَاهدا وَطُلِبَ تَحْلِيفُ الْمُعْتِقِ فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَكَذَلِكَ إِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَأَقَامَ سَيِّدَهَا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَنَّ زَوْجَهَا ابْتَاعَهَا مِنْهُ حُرِّمَتْ عَلَى زَوْجِهَا مَعَ امْتِنَاعِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ.
الرَّابِع:
فِي الْكتاب ليسأل الشُّهُودُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الرُّؤْيَةِ وَالْفِعْلِ فَإِنْ ظَهَرَتْ رِيبَةٌ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ وَإِذَا قُبِلَتْ قُبِلَ قَوْلُهُ إِنَّه بكر فيدسه إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِالْإِحْصَانِ شَاهِدَانِ فَيُرْجَمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّوَاجِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِحْصَانِ شَهَادَةُ نِسَاءٍ مَعَهُنَّ رَجُلٌ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَسْأَلُهُ أَبِكْرٌ هُوَ حَتَّى يُكْشَفَ عَنْهُ فَإِنْ وَجَدَ عِلْمًا وَإِلَّا سَأَلَهُ وَقَبِلَ قَوْلَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ غَابَ الشُّهُودُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ مَاتُوا أُقِيمَ الْحَدُّ إِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ أَقَرَّ هَلْ يُسْأَلُ كَمَا تُسْأَلُ الْبَيِّنَةُ قَالَ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَبِصَاحِبِكُمْ جِنَّةٌ وَلَمْ يَسْأَلْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ كَالْبَيِّنَةِ يُسْأَلُ إِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ مَاعِزًا بِالنُّونِ وَالْكَافِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ قَالَ إِذَا شُهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَا عَبْدٌ وَهُوَ مُحصن لم يصدق لاتهامه بإيثار الرِّقِّ عَلَى الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ بِكْرًا صُدِّقَ كَذَلِكَ فِي الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ يُحَدُّ حَدَّ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي إِرْقَاقِ نَفْسِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ طَارِئًا لَمْ يُعَجَّلْ رَجْمُهُ إِنْ كَانَ ثَيِّبًا وَلَمْ يُصَدَّقْ إِنْ كَانَ بِكْرًا وَكُلِّفَ بَيَانَ لِمَنْ هُوَ مَمْلُوكٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ حُمِلَ عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّ أَوْ صِدْقُهُ فَأَحْكَامُ الْعَبِيدِ وَإِن كَانَ طاريا وَبَلَدُهُ قَرِيبٌ فَكَذَلِكَ أَوْ بَعِيدٌ وَثَمَّ قَرِينَةُ عجمة لِسَان أَو تغير لون تُقَمْ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةً وَقَالَ أسجن حَتَّى يثبت أَنِّي عَبْدٌ لَمْ يُرْجَمْ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إِنْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ.
الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ إِنْ قَالَتْ زَنَيْتُ مَعَ هَذَا وَقَالَ هِيَ زَوْجَتِي أَوْ وُجِدَا فِي بَيْتٍ فَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ وَلِمَ يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ حُدَّا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ وَيُحَدُّ وَاطِئُ الصَّغِيرَةِ يُوطَأُ مِثْلُهَا وَالْمَرْأَةُ يَطَؤُهَا صَبِيٌّ يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بِخِلَافِ أَنْ يَطَأَهَا مَجْنُونٌ لِأَنَّ اللَّذَّةَ تَحْصِيلُ مَقْصُودِ الْوَطْءِ مَعَ الْإِنْزَالِ وَيُحَدُّ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيَّةِ وَتُرَدُّ هِيَ لِأَهْلِ دِينِهَا وَيَجِبُ الْحَدُّ وَالصَّدَاقُ فِي الْمَجْنُونَةِ وَالنَّائِمَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا صَدَاقَ لِلصَّغِيرَةِ عَلَى الْبَالِغِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْبَالِغِ يُلْتَذُّ بِهِ وَتُنْزِلُ الْمَرْأَةُ بِجِمَاعِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا الْحَد لنيلها مَا نَالَهُ الْكَبِيرُ مِنَ الصَّغِيرَةِ وَيُحَدُّ الْحَيُّ بِالْمَيِّتَةِ وَلَا صَدَاقَ كَمَا لَوْ قَطَعَ عُضْوًا لَمْ يَلْزَمْهُ أَرْشٌ وَآتِي الْبَهِيمَةَ يُؤَدَّبُ وَلَا يُحَدُّ وَإِنْ غَصَبَ امْرَأَةً فَالْحَدُّ وَالصَّدَاقُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا زَنَتْ وَقَالَ أَنَا تَزَوَّجْتُهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِوَطْءٍ إِلَّا فِي نِكَاحٍ وَتُحَدُّ هِيَ بِخِلَافِ إِنْ أُخِذَ مَعَ امْرَأَةٍ فَادَّعَى نِكَاحَهَا لِأَنَّهُ أُخِذَ فَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ.
السَّادِسُ:
فِي الْكِتَابِ لَا يُعْذَرُ الْعَجَمُ بِدَعْوَى الْجَهَالَةِ وَلَا الْمُرْتَهِنُ بِاعْتِقَادِ الْحِلِّ فِي الْمَرْهُونَةِ عِنْدَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «زَنَيْتُ بِمَرْغُوسٍ بِدِرْهَمَيْنِ» فِي التَّنْبِيهَاتِ يُقَالُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ يَعْنِي أَسْوَدَ وَقِيلَ اسْمُ عَبْدٍ أَسْوَدَ مُقْعَدٍ وَقيل قَوْله بِدِرْهَمَيْنِ تَفْسِيرٌ لِمَرْغُوسٍ أَيْ بِدِرْهَمَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَفْهَمَهَا وَكَانَتْ نُوبِيَّةً مُعْتَقَةً لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ فَقَالَتْ بِدِرْهَمَيْنِ مِنْ مَرْقُوصٍ بِقَافٍ قَالَ الشِّيرَازِيُّ فِي طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ وَقَعَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاسْتَشَارَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَغَيْرَهُ فَقَالُوا عَلَيْهَا الْحَدُّ وَقَالَ عُثْمَانُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ لَا حُدَّ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تَعْتَقِدُ أَنَّهَا مَا صَنَعَتْ مَكْرُوهًا وَالْحُدُودُ إِنَّمَا هِيَ لِمَنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ فَأَخَذَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فَهُوَ أَثَرٌ لَا حَدِيثٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْعَارِيَةُ وَالْمُسْتَأْجَرَةُ كَالْمَرْهُونَةِ وَإِنَّمَا ترك مَالك الحَدِيث لِأَن الزِّنَا الْيَوْمَ اشْتُهِرَ تَحْرِيمُهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَأَخَذَ أَصْبَغُ بِحَدِيثِ مَرْغُوسٍ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنِ الْجَاهِلِ للزِّنَا كَالسَّبِيِّ وَنَحْوِهِ.
السَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِنِ اشْتَرَى مَنْ يَعْلَمُ بِحُرِّيَّتِهَا حُدَّ إِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُحَدُّ هِيَ إِنْ أَقَرَّتْ لَهُ بِالْمِلْكِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ تُحَدُّ إِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِأَنَّهَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا أَوْ تَدَّعِيَ الْحُرِّيَّةَ فَلَعَلَّهُ يُصَدِّقُهَا أَوْ يَكُفُّ عَنْهَا فَإِنْ أَكْرَهَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا.
الثَّامِن:
فِي الْكتاب شُرُوط الشَّهَادَة فِي الزِّنَا أَن يشْهد أَرْبَعَة فِي وَقت وَاحِد وعَلى وَطْءٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِالسَّتْرِ فَحَيْثُ خَالَفُوا شُدِّدَ عَلَيْهِمْ وَلِأَنَّ الزِّنَا فِعْلَانِ فَاحْتَاجَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى شَاهِدَيْنِ وَيَسْأَلُهُمُ الْإِمَامُ فَإِنْ وَصَفَ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ الرَّابِعُ رَأَيْتُهُ بَيْنَ فَخْذَيْهَا حُدَّ الثَّلَاثَةُ لِلْقَذْفِ وَعُوقِبَ الرَّابِعُ وَإِنْ لَمْ يصفوا حدوا للقذف دون الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَإِن شهد اثْنَان أَنه زنى بِهَا فِي قَرْيَةِ كَذَا وَقَالَ الْآخَرَانِ قَرْيَةٌ أُخْرَى حُدُّوا كُلُّهُمْ لِلْقَذْفِ وَكَذَلِكَ بِالْفِعْلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ قَالَ الطوطوشي إِنْ شَهِدَ الْأَرْبَعَةُ عَلَى فِعْلَيْنِ أَوْ عَنْ موطوئتين قَولَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُنْظَرُ الْقَاذِفُ وَيَحُدُّهُ وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ بِأَنْ فَعَلَ فَأَتَى الْقَاذِفُ بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا فِي وَقْتَيْنِ قُبِلَتْ وَحُدَّ الزَّانِي قَالَ مُحَمَّد إِن ادّعى بَيِّنَة بعيدَة حد وَإِنْ جَاءَ بِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُرْحَةُ وَإِذَا وَصَفَ ثَلَاثَةٌ دُونَ الرَّابِعِ قِيلَ لَا عُقُوبَةَ عَلَى الرَّابِعِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالزِّنَا فِي زَاوِيَة بَيت وَاثْنَانِ زَاوِيَتِهِ الْأُخْرَى لَمْ يُحَدَّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَيَّامِ وَالْمَوَاطِنِ أَتَوْا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُفْتَرِقِينَ وَقَالَهُ (ش) وَوَافَقَنَا (ح) وَأحمد لنا إِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَلَدَ أَبَا بكرَة وصاحبيه حِين شهدُوا على الْمُغيرَة بِالزِّنَا وَلَوْلَا أَنَّ الْإِجْمَاعَ شَرْطٌ لَكَانَ يُنْتَظَرُ الرَّابِعُ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا فِي غُرْفَةٍ فَهَبَّتِ الرِّيحُ فَفَتَحَتِ الْبَابَ فَرَأَوْا أَسْفَلَ الدَّارِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ بَيْنَ رِجْلَيِ الْمَرْأَةِ فَقَالُوا قَدِ ابْتُلِينَا بِهَذَا فَلَمَّا خَرَجُوا لِلصَّلَاةِ تَقَدَّمَ الْمُغِيرَةُ وَكَانَ أَمِيرُهُمْ فَقَالُوا لَا نَدَعُكَ تَتَقَدَّمُ وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْكَ مَا رَأَيْنَا فَقِيلَ إِنَّ هَذَا وَالِيكُمْ فَاكْتُبُوا فَكَتَبُوا فَدَعَاهُمْ عُمَرُ فَشهد ثَلَاثَة فَلَمَّا تقدم زِيَاد قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلٌ شَابٌّ أَرْجُو أَنْ لَا يَفْضَحَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَأَيْت إستا يَرْبُو ونفسا يَعْلُو ورجلان كَأَنَّهُمَا أُذُنَا حِمَارٍ وَلَا أَدْرِي مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ عَنْ رَابِعٍ فَلَمَّا جَلَدَ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ أَشْهَدُ ألف مرّة أَنه زنى فَهَمَّ عُمَرُ بِجَلْدِهِ مِنَ الرَّأْسِ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَجْلِدَهُ فَارْجُمْ صَاحِبَكَ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ بِمَشْهَدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَانْتَشَرَتْ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ وَمَعْنَى قَوْلِ عَلِيٍّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ هَذَا قَذْفًا فَالْأُولَى شَهَادَةٌ فَقَدْ كَمُلَتِ الشَّهَادَاتُ أَرْبَعًا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَذْفًا فَهَذَا إِعَادَتُهُ فَمَا تَجَدَّدَ شَيْءٌ بَلْ أَعَادَ الْأَوَّلَ وَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ مُوجِبُهُ وَيُحْتَمَلُ إِنْ جَلَدْتَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ جَلْدٌ فَارْجُمِ الْآخَرَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَجْمٌ فَإِن قيل كَيفَ ساع لَهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ مَا يَرْجِعُ بِهِ عَنِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَوَجَّهَ الْحَدُّ عَلَى أَصْحَابِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْتَظِرْ رَابِعًا لِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَأَخَاهُ نَافِعًا وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَزِيَادًا وَالْمُغِيرَةَ نَزَلُوا فِي دَارٍ فَالْأَمْرُ مَحْصُورٌ بَيْنَهُمْ قُلْنَا لِلْإِمَامِ عِنْدَنَا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَيَحْتَالَ لِسُقُوطِ الْحَدِّ وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَاعِزٍ لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ لَعَلَّكَ لَمَسْتَ وَالتَّحَامُلُ عَلَيْهِمْ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَنْدُوبِينَ إِلَى السَّتْرِ وَالْقَضِيَّةُ جَرَتْ بِالْبَصْرَةِ وَكُتِبَ بِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ عُمَرُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ خَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ مَعَ أَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَلَمَّا اسْتُحِبَّ التَّلْقِينُ اسْتُحِبَّ التَّأْخِيرُ فَلَمَّا جَزَمَ بِالْحَدِّ علم مَا قُلْنَاهُ وَلِأَن الْإِقْرَار بِالزِّنَا اخْتُصَّ بِأَمْرَيْنِ التَّصْرِيحُ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ فَتَخْتَصُّ الشَّهَادَةُ بِمَا يُؤَكِّدُهَا عَنْ سَائِرِ الشَّهَادَاتِ وَلِأَنَّهُمْ إِذَا اجْتَمعُوا ثَبت الزِّنَا فَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْقَذْفُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شَهدا} وَلَمْ يُخَصَّصْ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْحُقُوقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ وَقَدْ أجمعنا على الْعَمَل بِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَسَقَطَ الْعَمَلُ بِهِ فِي غَيْرِهَا وَلِأَنَّا نُؤَكِّدُ ذَلِكَ بِالْمَعْنَى أَنَّ الِاجْتِمَاعَ يَنْفِي الرَّيْبَةَ بِخِلَافِ الِافْتِرَاقِ وَلِأَنَّ الْأَقَاوِيلَ الَّتِي يشْتَرط بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ يُعِيدُهَا افْتِرَاقُ الْمَجْلِسِ كَالصَّرْفِ وَسَائِر الرِّوَايَات وَلِأَن اجْتِمَاعهم يخرجهم عَن الْقَذْف لحُصُول مُوجب الزِّنَا دُفْعَةً وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ سَائِرَ الْحُقُوقِ لَا يَتَّجِهُ عَلَى الشَّاهِدِ فِيهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ الزِّنَا يَتَّجِهُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ فَاشْتُرِطَ الْإِجْمَاعُ دَفْعًا لِحَدِّ الْقَذْفِ عَنِ الشُّهُودِ وَلِأَنَّ الِافْتِرَاقَ يُفْضِي إِلَى نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكْمُلِ النِّصَابُ وَقَدْ مَضَى بِأَنَّ الْأَوَّلَ شَهَادَةٌ فَيَصِيرُ قَذْفًا وَسَائِرُ الْحُقُوقِ لَا يُنْتَقَضُ فِيهَا حُكْمٌ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَذَفَ ثَلَاثَةً لَمْ يَكْمُلْ عَدَدُهُمْ ثُمَّ جَاءَ رَابِعٌ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَجْلِسَ شَرْطٌ.
نَظَائِرُ:
قَالَ أَبُو عمرَان تقبل الشَّهَادَة مفترقة إِلَّا فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ.
تَفْرِيعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَى كُلِّ شَاهِدٍ وَإِلَّا كَانُوا قَذَفَةً يُحَدُّونَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا شَهِدَ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ فَفِي الْكِتَابِ يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ وَقِيلَ لَا إِلَّا أَنْ يَقُولُوا هُوَ زَانٍ أَشْهَدَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِذَلِكَ بِخِلَافِ أَشْهَدَنَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِذَلِكَ قَالَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يصرحوا بِنِسْبَة الزِّنَا إِلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحَدُّ الشُّهُودُ عَلَى شَهَادَاتِهِمْ إِنْ أَنْكَرُوا الشَّهَادَةَ وَأَتَى بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي سُقُوط شَهَادَة الْقَاذِف لتقدم الْقَذْفِ أَوْ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ تُحَدُّ الْأُصُولُ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ إِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَنْكَرُوا الشَّهَادَةَ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ وَاحِدًا فَلَا يُحُدُّونَ وَيُحَدُّ هُوَ لِانْفِرَادِهِ وَقِيلَ لَا يُحَدُّ فَيَتَحَصَّلُ فِي الْفُرُوعِ إِذَا كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ نَقَلُوا عَنْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا لَا يُحَدُّونَ إِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَإِلَّا حُدُّوا وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ هُمُ الْقَائِمِينَ بِالشَّهَادَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَعَلَّقُوا بِهِ وَأَتَوُا السُّلْطَانَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ وَعَنْهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ وَفِي النَّوَادِر لَو قَالَ اثْنَان أكرهه أو قَالَ اثْنَانِ طَاوَعَتْهُ حُدَّ الشُّهُودُ دُونَهُ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا حَدٌّ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَلَا أَدَبٌ وَكَذَلِكَ إِذَا زَنَتِ الْمَرْأَةُ وَعَايَنَهَا اثْنَانِ وَقَالَ الْآخَرَانِ لَا نَدْرِي أَهْيَ أَمْ غَيْرَهَا حُدُّوا دُونَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ أَنْ يَصِفَ بِخِلَافِ الشُّهُودِ إِلَّا أَنْ يَسْتَعْجِلَ لِقُوَّةِ الْإِقْرَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجِبُ الْحَدُّ بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ بِهِ مَاعِزًا وَبِالْحَمْلِ إِذَا جُهِلَ هَلْ هُوَ من زنى أَمْ لَا قَالَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفٌ وَكَتْمُ الشَّهَادَةِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإذْ لم يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ} وَلَا يَأْتِي الْقَاذِفُ إِلَّا بِمَنْ تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ وَلَمْ يَقْدَحْ فِي شَهَادَتِهِ كَتْمُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يُعْتَبَرُ إِقْرَارُ الْأَخْرَسِ إِنْ فُهِمَ عَنْهُ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) لَا يُحَدُّ بِالْإِشَارَةِ لِتَعَذُّرِ التَّفْرِقَةِ بِهَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالزِّنَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ يُمْكِنُ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَكْفِي مِنَ الْإِقْرَار مرّة واحة إِذَا صَرَّحَ وَلَمْ يَرْجِعْ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ وَلَا رَجَعَ بَلْ جَرَى الْإِقْرَارُ جُمْلَةً فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَمَنَعَ مَرَّةً فَإِنْ جَحَدَ الْإِقْرَارَ أَصْلًا جَعَلَهُ مَالِكٌ كَالرُّجُوعِ قَالَ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنِ الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ وَيُقْبَلُ الرُّجُوعُ فِي جَمِيعِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ السَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْحِرَابَةِ إِذَا أَتَى بِعُذْرٍ يُعْرَفُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ يُخْتَلَفُ فِيهِ فَإِنِ اجْتَمَعَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ آدَمِيٍّ فِي الْإِقْرَارِ كَإِقْرَارِهِ بِسَرِقَةِ سِلْعَةٍ مِنْ فُلَانٍ أَوِ اغْتَصَبَ فُلَانَةً أَوْ حَارَبَ فُلَانًا وَأَخَذَ مَالَهُ ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَإِنْ أَتَى فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِعُذْرٍ قُبِلَ وَإِلَّا حُدَّ وَقِيلَ فِي السَّرِقَةِ إِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ وَإِلَّا فَلَا وَأَسْقَطَ ابْن الْقَاسِم عَن قَاذف الرَّاجِع عَن الزِّنَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَعَدَّى الْمُقِرَّ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنَ الْحَدِّ وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ بِغَصْبِ امْرَأَةٍ لَمْ يَسْقُطِ الصَّدَاقُ وَلَمْ يُحَدَّ بِقَذْفِهَا إِنَّ أَنْكَرَتْ وَيَسْقُطُ فِي السَّرِقَةِ الْقَطْعُ دُونَ الْغُرْمِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَمْلِ عَدَمُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ فَإِنْ كَانَتْ طَارِئَةً صُدِّقَتْ وَالْمُقِيمَةُ إِنِ ادَّعَتِ الْغَصْبَ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ وَادَّعَتْهُ عَلَى مَنْ يُشْبِهُ صُدِّقَتْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ حُدَّتْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْرُوفَةً بِالْخَيْرِ فَتَكْتُمُ رَجَاءَ عَدَمِ الْحَمْلِ وَطَلَبِ السَّتْرِ وَفَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ كُنْتُ نَائِمَة فيا أَيْقَظَنِي إِلَّا الرَّجُلُ فَسَأَلَ قَوْمَهَا فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَلَمْ يَحُدَّهَا وَكَسَاهَا وَأَوْصَى بِهَا أَهْلَهَا فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِرُؤْيَتِهِ بَيْنَ فَخْذَيْهَا قَالُوا لَا تُحْمَلُ عَلَى الْوَطْءِ وَإِنْ وَجَدْنَا مَنِيًّا يُمْكِنُ وُصُولُهُ لَمْ يُحْمَلِ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَحُدَّتْ لِأَنَّهَا تَدِّعِي الْإِكْرَاهَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا غَصَبَهَا وَبَاتَ مَعَهَا وَقَالَ لَمْ أُصِبْهَا صُدِّقَ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا وَبَاتَ مَعَهَا وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ مِنَ الْغَدِ بِالزِّنَا رُجِمَتْ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ تُجَنُّ فَقَالَتْ أَصَابَنِي ذَلِكَ حَالَةَ الْجُنُونِ صُدِّقَتْ وَتُحَدُّ الْأَمَةُ بِالْحَمْلِ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِامْرَأَةٍ أَو لصبي فَإِن حملت وَظهر فَأَنْكَرَهُ وَلَمْ تَدَّعِ أَنَّهُ مِنْهُ أَوِ ادَّعَتْ حَلَفَ مَا أَصَابَهَا وَلَقَدِ اسْتَبْرَأْتُهَا وَلَا تُحَدُّ لِأَنَّ دَعْوَاهَا شُبْهَةٌ وَلَهُ مُعَاقَبَتُهَا لِأَنَّهُ أَمِينٌ على عقوبتها لِإِصْلَاحِ مَالِهِ وَيَحُدُّهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا بِعِلْمِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ إِذَا ادَّعَتْ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَاطِعٌ دُونَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ مَعَ امْرَأَةِ وَلَدٌ قَالَتْ لَمْ أَلِدْهُ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إِقْرَارِهَا بِوِلَادَتِهَا لَا تُحَدُّ كَمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهَا بِالزِّنَا فَجَحَدَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ خَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ فِي الْحَمْلِ لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الرَّجْمُ فِي كِتَابِ الله تَعَالَى حق على من زنى إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ إِذَا كَانَ الْحَبل الِاعْتِرَافُ وَهُوَ قَوْلٌ مُنْتَشِرٌ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَفَعَلَهُ عُمَرُ بِجَارِيَةٍ وَعُثْمَانُ بِجَارِيَةٍ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُرْجَمَ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَقَالَ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُرَدَّ وَهُوَ قَوْلُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَهَذِهِ لَمْ تَعْتَرِفْ فَلَا تُرْجَمُ وَبِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي حُبْلَى فَقَالَ مَالك فَقَالَتْ رَجُلٌ رَكِبَنِي وَأَثْنَى قَوْمُهَا خَيْرًا فَقَالَ لَوْ قَتَلْتُ هَذِهِ لَخَشِيتُ أَنْ أَدْخُلَ النَّارَ وَعَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ أُخْرَى فَقَالَ لَعَلَّكِ اسْتُكْرِهْتِ فَقَالَتْ نَعَمْ وَأَنَا نَائِمَةٌ فَتَرَكَهَا وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام «ادرأوا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ» وَلِأَن الْغَالِب عدم الزِّنَا فَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مَعَارَضٌ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَعَنِ الثَّانِي مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا فِي أَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَقْضِي بِطَلَبِ الدَّفْعِ لَهُ وَلَعَلَّهَا كَانَتْ مُسْتَغِيثَةً وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ هَاهُنَا شُبْهَةً بل ظَاهر الْحَال يَقْتَضِي الزِّنَا وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَوْ شَهِدَتْ بِالْوَطْءِ وهما يدعيان الزَّوْجِيَّة حدا وَلم ينفعهما ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ الْغَالِبُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ عَنِ الْإِقْرَارِ يُسْقِطُ الْحَدَّ وَعَنْهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى غَيْرِ شُبْهَةٍ رِوَايَتَانِ لِأَنَّ مَاعِزًا طَلَبَ وَهُوَ يُرْجَمُ الرُّجُوعَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمْ يُمَكَّنْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ إِلَّا قَبُولُ رُجُوعِهِ وَوَافَقَنَا (ش) عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ يَكْفِي مِنْهُ مَرَّةً وَقَالَ (ح) وَأَحْمَدُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعٍ وَاشْتَرَطَ (ح) أَنْ يَغِيبَ عَنِ الْمَجْلِسِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَلَمْ يَقُلْ أَرْبَعًا بَلِ اكْتُفِيَ بِأَصْلِ الِاعْتِرَافِ وَرَجَمَ الْجُهَنِيَّةَ وَإِنَّمَا اعْتَرَفَتْ مَرَّةً وَقَوْلُ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ وَلَمْ يُشْتَرَطِ التَّكْرَارُ وَكَسَائِرِ الْحُقُوقِ احْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَسْلَمِيِّينَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَدَعَا بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ أَبِكَ جُنُونٌ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ أَحْصَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارجموه وَلَو وَجَبَ بِمَرَّةٍ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ لَتَعَيُّنِ الْحَدِّ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّكَ قَدْ زَنَيْتَ أَربع مَرَّات قَالَ نَعَمْ قَالَ وَبِمَنْ قَالَ بِفُلَانَةٍ وَهَذَا التَّعْلِيلُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا الْمُعْتَبَرَةُ وَرُوِيَ أَنَّ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَهُ إِنِ اعْتَرَفْتَ الرَّابِعَةَ رَجَمَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْلَا أَنَّهُ حُكْمٌ مَعْلُومٌ لَمْ يُخْبِرْ عَلَيْهِ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ مَجْنُونٌ وَلِذَلِكَ سَأَلَهُ عَنِ الْجُنُونِ وَكَانَتْ قَرَائِنُ أَحْوَالِهِ تَقْتَضِي ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَقَوْلُهُ فِي التَّعْلِيلِ مَعْنَاهُ أَنَّ وُصُولَهَا إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ أَضْعَفَ الرَّيْبَةَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ رَآهُ قَدْ قَارَبَ أَمْرُهُ الْجَلَاءَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ لَحِقَ بِالشَّهَادَةِ لَاشْتَرَطَ الْعَدَالَةَ وَالْحُرِّيَّةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ إِجْمَاعًا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُلَاعِنَ يُسْقِطُ عَنْ نَفْسِهِ حَدًّا وَيُوجِبُهُ عَلَى غَيْرِهِ فَاحْتَاجَ إِلَى قُوَّةِ السَّبَبِ.
التَّاسِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَتْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ أَنَا بِكْرٌ أَوْ رَتْقَاءُ وَنَظَرَهَا النِّسَاءُ فَصَدَّقْنَهَا حُدَّتْ لِأَنَّ زَوْجَ الْبِكْرِ إِذَا أَقَرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ إِرْخَاءِ السِّتْرِ وَادَّعَتْهُ وَشَهِدَ النِّسَاءُ بالبكارة صدقت وَلَا يكْشف الْحَرَائِر عَن مِثْلِ هَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ لَا تَدْفَعُ الْحَدَّ وَتُؤَخَّرُ خَوْفَ هَلَاكِ الْحَمْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى أَنْ لَا تُحَدَّ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ شُبْهَةٌ وَلِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ تُوقِفُ شَهَادَة الرِّجَال فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنَّ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَهَا مِنَ النِّسَاءِ جَمَاعَةٌ يَحْصُلُ بِقَوْلِهِنَّ الْعلم فَلَو قَالَت أَنا انْكَشَفَ لأَرْبَع رِجَالٍ لَأُجِيبَتْ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ لِدَفْعِ الْقَتْلِ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الطَّبِيبِ وَالشَّهَادَةِ.
الْعَاشِرُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا ثَبَتَ زِنَاهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ مُنْذُ أَرْبَعَةٍ وَرُجِمَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ فَقَدِمَ الزَّوْجُ وَادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ وَكَانَتْ قَالَتْ قَبْلَ الرَّجْمِ لَيْسَ الْوَلَد مِنْهُ وَقد استبرأني أينقى بِغَيْرِ لِعَانٍ كَمَا لَوْ ظَهَرَ بِالْمَرْأَةِ حَمْلٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَصَدَّقَتْهُ عَلَى نَفْيِهِ وَعَلَى عَدَمِ الْوَطْء وَلَو لم تصدقه قبل الرَّجْم فلابد مِنَ اللِّعَانِ.
الْحَادِيَ عَشَرَ:
فِي كِتَابِ الْقَذْفِ لَا يُحَدُّ الشَّرِيكُ فِي الْأَمَةِ وَيُؤَدَّبُ إِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَلِشَرِيكِهِ التَّقْوِيمُ عَلَيْهِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا مَا نَقَصَهَا لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ لَهُ فَتَرَكَهَا وَتَمَسَّكَ بِنَصِيبِهِ نَاقِصًا وَإِنْ حَمَلَتْ وَهُوَ مَا قَوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْحَمْلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ وَلَدِهِ وَتَكُونُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعْسِرًا خُيِّرَ شَرِيكُهُ فَإِنْ تَمَاسَكَ اتَّبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَتَبِعَهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَتُبَاعُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ وَيُتْبِعُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ نَقَصَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحَمْلِ اتْبَعَهُ بِالنُّقْصَانِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ فَنِصْفُ قِيمَتِهَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُعَاقَبُ الْوَاطِئُ مِائَةً قَالَهُ أَبُو الزِّنَادِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أَفْسَدَ الثَّوْبَ فَسَادًا كثيرا أَنه مُخَيّر فِي التَّمَسُّكِ وَيُغَرِّمُهُ النَّقْصَ أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ خِلَافًا وَجَوَابُهُ فِي الْأَمَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَفِي يَوْمِ التَّقْوِيمِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَوْمُ الْحَمْلِ يَوْمُ الْوَطْءِ يَوْمُ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى التَّفْوِيتِ أَوْ سَبَبِهِ وَلِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ خِلَافٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُعْتَقِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْحُكْمِ مَعَ أَنَّ الْحَمْلَ يُؤَدِّي لِلْعِتْقِ أَنَّ الْوَاطِئَ مُتَعَدٍّ فَاعْتُبِرَ يَوْمَ الْعُدْوَانِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْإِعْسَارِ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ إِذَا اخْتَارَ قِيمَتَهَا لِأَنَّ الْوَلَدَ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الْقِيمَةِ تَقْدِيرًا فَلَا يَسْتَحِقُّ الشَّرِيك فِيهِ شَيْئا قَالَ ابْن الْقَاسِم يعْتق عَلَيْهِ النِّصْفُ الَّذِي بَقِيَ لَهُ بِيَدِهِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ رَقِيقًا لِمَنِ اشْتَرَاهُ وَقِيلَ لَا يُعْتِقُ فَلَعَلَّهُ يَمْلِكُ بَاقِيَهَا فَيَحِلُّ لَهُ وُطُؤُهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَمَالِكٌ وَمُحَمَّدٌ فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مَلِيًّا فَوَطْئِهَا الْآخَرُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّ حِصَّتَهُ فِي ضَمَانِهِ وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ إِنْ طَاوَعَتْهُ وَلَا مَا نَقَصَهَا وَإِنْ أَكْرَهَهَا فَنِصْفُ نَقْصِهَا بِلَا صَدَاقٍ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ أَعْتَقَ جَمِيعَهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِشَرِيكِهِ عِتْقُ حِصَّتِهِ لِتَقَدُّمِ عِتْقِ غَيْرِهِ وَقَالَ بَقِيَّةُ الرُّوَاةِ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَإِنْ وَطْئِهَا الْآخَرُ بَعْدَ عِلْمِهِ حُدَّ إِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ وَطِئَ حُرَّةً وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُحَدُّ وَيُلْزِمُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعِتْقِ وَيَلْزَمُ تَرِكَتَهُ وَلَمْ يَقُلْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لِجَمِيعِهَا مُعْسِرًا لم يحده ابْن الْقَاسِم فَإِن كَانَ مَلِيًّا وَلَمْ يُطَالِبْ حَتَّى أُعْدِمَ وَقَدْ عَلِمَ الْآخَرُ بِهِ فَتَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَمَضَى الْعِتْقُ وَاتَّبَعَ بِهَا دَيْنًا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَلم يعلم بِالْعِتْقِ فَهُوَ على حَقه فاله ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ خِلَافُ أَصْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ يَلْزَمُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُضُورِ وَالْغَيْبَةِ لِأَنَّهَا عَتَقَتْ كُلَّهَا لَمَّا كَانَ مَلِيًّا.
الثَّانِيَ عَشَرَ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ طَلَّقَ قبل الْبناء وَالْوَطْء وَقَالَ ظَنَنْت أَن لَا تَبِينَ إِلَّا بِالثَّلَاثِ فَلَا يُحَدُّ وَلَهَا صَدَاقٌ وَاحِد إِذا عذر بالجهالة وَكَذَلِكَ الْمُطلق ثَلَاثَة وَيَطَأُ فِي الْعِدَّةِ وَلَا صَدَاقَ أَوْ أُمَّ وَلَده بعد الْعتْق إِن عذر بالجهالة إِذْ قَالَ ظَنَنْتُ الْحِلَّ وَإِلَّا حُدَّ أَوْ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِهِ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حرَام لشُبْهَة الْملك أوطئ مَجُوسِيَّةً بِالْمِلْكِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بِخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ إِلَّا أَنْ يُعَذَرَ بِجَهْلِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ وَطِئَ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ مَنْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ كَالْخَالَةِ لَا يُحَدُّ أَوْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ حُدَّ كَالْبِنْتِ وَلَا يلْحق بِهِ الْوَلَد لضعف الشُّبْهَة بعتقهن بِالشِّرَاءِ إِلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهَالَةٍ فَلَا يُحَدُّ وَيُلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يُحَدُّ الْأَبُ بِوَطْءِ أمه ابْنه لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» وَيُغَرَّمُ قِيمَتَهَا حَمَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَرُمَ وَطْؤُهَا عَلَى الِابْنِ فَإِنْ أَعْسَرَ بِيعَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهَا عَنِ الْقِيمَةِ اتَّبَعَ بِالتَّمَامِ وَإِنْ فَضَلَ فَلِلْأَبِ وَكَذَلِكَ الْجِدُّ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فَحَدَّهُمَا لِنَقْصِ رُتْبَتِهِمَا عَنِ الْأَبِ فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا وَمَنْ أُحِلَّتْ لَهُ جَارِيَةٌ رُدَّتْ إِلَّا أَنْ يَطَأَهَا فَلَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ كَانَ جَاهِلًا أَوْ عَالِمًا وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا حملت أم لَا وَلَا يتَمَسَّك لَهَا رَبُّهَا بَعْدَ الْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ بِخِلَافِ الشَّرِيكِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ مُتَعَدٍّ فَإِنْ تَمَاسَكَ صَحَّ مَا يَخْشَى مِنْ عَارِيَةِ الزَّوْجِ وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَحِلَّهَا ثَانِيَةً فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَقَدْ حَمَلَتْ فَالْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ بِيعَتْ عَلَيْهِ وَلَهُ الْفَضْلُ وَعَلَيْهِ النَّقْصُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا جَهِلَ التَّحْرِيمَ وَإِلَّا حُدَّ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ وَجَهْلِهِ التَّحْرِيمَ وَهُوَ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ.
الثَّالِثَ عَشَرَ:
قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ يُرْجَمُ اللَّائِطُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ أَحْصَنَا أَمْ لَا عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ الْعَبْدُ خَمْسِينَ وَيُؤَدَّبُ الْكَافِرُ وَإِنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً فِي الْمَحَلِّ الْمَكْرُوهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ زِنًى يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَيُغَرَّبُ الرَّجُلُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ اللِّوَاطِ وَقَالَ كَثِيرٌ من الْعلمَاء الشَّهَادَة على اللواط كَالزِّنَا أَرْبَعَةٌ وَقَالَ ش وَأَحْمَدُ فِي الْجَدِيدِ اللِّوَاطُ كَالزِّنَا يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَقَالَ (ح) إِنَّمَا فِيهِ التَّعْزِيرُ إِلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ فَيُقْتَلُ لَنَا قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أبي دَاوُدَ «اقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا وَاسْتَشَارَ فِيهِ الصِّدِّيقُ الصَّحَابَةَ فَأَشَارُوا بِالْقَتْلِ وَكَانَ أَشَدَّهُمْ عَلِيٌّ فَأَفْتَى فِيهِ بِالْحَرْقِ فَكَتَبَ الصِّدِّيقُ لِخَالِدٍ بِالْحَرْقِ وَلِأَنَّ الرَّجْمَ هُوَ الْعُقُوبَةُ الْوَاقِعَةُ بِقَوْمِ لُوطٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا أرى حرقه إِلَّا بعد أَن نَقْتُلهُ وَلِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَسَعْيٌ فِي سَدِّ بَابِ النَّسْلِ فَيَجِبُ بِهِ الْقَتْلُ كَالْحِرَابَةِ احْتَجَّ (ش) بِأَنَّهُ إِيلَاجٌ فِي فَرَجٍ آدَمِيّ يحرم فَيكون زني كَالْقَتْلِ جَوَابُهُ أَنَّ هَذَا أَفْحَشُ لِأَنَّهُ سَدُّ بَابِ النَّسْل وَقد جعل الله تَعَالَى للزِّنَا سَبِيلًا بِالنِّكَاحِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلِّوَاطِ سَبِيلًا فَكَانَ أَقْبَحَ احْتَجَّ (ح) بِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِحْصَانٌ وَلَا إِحْلَالٌ فَلَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَالْإِيلَاجِ فِي الْفَمِ وَغَيْرِهِ وَالْجَوَابُ لِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْغُسْلُ وَالْمَهْرُ عِنْدَنَا وَأَمَّا الْإِحْلَالُ وَالْإِحْصَانُ فَمَنَاطُهُمَا كَمَالُ الْوَطْءِ وَلَمْ يُوجَدْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا صَدَاقَ على الْفَاعِل فِي طوع وَلَا إِكْرَاه وَلَا يرْجم الْمَفْعُول بِهِ إِن أكره وَيُرْجَمُ الْفَاعِلُ.
الرَّابِعَ عَشَرَ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَرْأَةُ تَأْتِي الْمَرْأَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ بِحَسَبِ شُنْعَةِ ذَلِكَ وَخِفَّتِهِ وَعَنْهُ تُجْلَدَانِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ وَنَحْوَهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْغُسْلُ إِنْ أَنْزَلَتَا فِي التَّنْبِيهَاتِ الدَّارِئَةُ لِلْحَدِّ ثَلَاثَةٌ فِي الْفَاعِلِ كَاعْتِقَادِ الْحِلِّ كَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ وَفِي الْمَفْعُولِ نَحْوَ كَوْنِ الْأَمَةِ مُشْتَرَكَةً وَفِي الطَّرِيقِ كَالنِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَالزَّوَاجِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ إِذَا اسْتَفَاضَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي دَرْءِ الْحَدِّ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمَذْهَبُ الدَّرْءُ وَلَيْسَ كُلُّ الْخِلَافِ دَارِئًا بَلِ الضَّعِيفُ لَا يَدْرَأُ وَلَمْ يَصِحَّ مَا رُوِيَ «ادرأوا الْحُدُودَ بِالشُّبَهَاتِ» فَيَعْتَمِدُ عَلَى أَنَّ صُوَرَ الشُّبَهَاتِ قَاصِرَةٌ عَنْ مَوْطِنِ الْإِجْمَاعِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ.
الْخَامِس عشر:
فِي الْجَوَاهِر إِن اسْتَأْجرهَا للزِّنَا لَمْ يَدْرَأْ عَنْهُ عَقَدُ الْإِجَارَةِ الْحَدَّ وَقَالَهُ (ش) وَأسْقط (ح) الْحَد عَنْهُمَا وَنقض أسله بِمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهَا لِلطَّبْخِ أَوِ الْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ يُحَدُّ وَفُرِّقَ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَأَزْنِي بِكِ لَغْوٌ كَمَا لَوْ صَرَّحَا بِلَفْظِ النِّكَاحِ ثُمَّ قَالَ لِأَزْنِي بِكِ فَهُوَ فَسَادٌ لَا يَثْبُتُ مَعَ الْحَدِّ لَنَا قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبغاء} وَهُوَ بِعِوَضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ {لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} وَقَدْ قَالَ (ح) إِذَا قَالَ لَهُ زَنَيْتَ بِدَابَّةٍ لَا يَكُونُ قَاذِفًا أَوْ بِثَوْبٍ فَقَاذِفٌ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ مَكَّنْتَ دَابَّةً مِنْ نَفْسِكَ وَأَخَذْتَ عِوَضَ الزِّنَا ثَوْبًا وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمه لَا ملك فِيهِ وَلَا شُبْهَة وَالْوَاطِئُ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهِ فَأَشْبَهَ صُوَرَ الْإِجْمَاعِ وَقِيَاسًا عَلَى إِجَارَتِهَا لِلْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ إِذَا حُدَّ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ فَأَوْلَى فِي الْفَاسِدَةِ وَلَوْ سَقَطَ بِهَا الْعَقْدُ لَسَقَطَ بِالْمُعَاطَاةِ الَّتِي يَنْعَقِدُ بِهَا الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ عَلَى الْخِلَافِ وَالْخِلَافُ شُبْهَةٌ فَإِنِ التزموا هَذَا فالزنا فِي الْغَالِبِ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي مُعَاطَاةٍ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ مَرْغُوسٍ الْمُتَقَدِّمِ وَالْقِيَاسِ عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تِلْكَ الْجَارِيَةَ عذرها عمر رَضِي الله عَنهُ بالجهال بِتَحْرِيم الزِّنَا وَمَسْأَلَتُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا بُدَّ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي أَصْلِ جَوَازِهِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَاعَ امْرَأَتَهُ مِنَ الْجُوعِ وَأَقَرَّتْ لَهُ بِالرِّقِّ فَوَطِئَهَا الْمُبْتَاع قَالَ الن الْقَاسِمِ لَا تُحَدُّ وَتُعْذَرُ بِالْجُوعِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ طَاوَعَتْهُ وَأَقَرَّتْ أَنَّهُ أَصَابَهَا طَائِعَةً حُدَّتْ.
نَظَائِرُ:
قَالَ تِسْعُ نِسْوَةٍ لَا يُحَدُّ واطئهن الْأمة الْمُشْتَركَة وَالْمُحَلَّلَةُ وَجَارِيَةُ الِابْنِ وَجَارِيَةُ الْأَبِ وَأَجْدَادُ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ كَالْوَالِدِ وَالْأَمَةُ ذَاتِ الْمَحَرَمِ كَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَذَاتُ مَحَرَمٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَمَنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ عُزِّرَ وَالْجَارِيَةُ تَخْدِمُ رَجُلًا يَطَؤُهَا وَالْمُتَزَوِّجَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ فِي عِدَّتِهَا وَيَطَؤُهَا فِي عِدَّتِهَا.
نَظَائِرُ:
قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ خَمْسُ نِسْوَةٍ لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَيْهِنَّ الْمُكْرَهَةُ وَالنَّائِمَةُ وَالْمَجْنُونَةُ وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغُ وَمَوْطُوءَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ وَمَتَى قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ يَا زَانِيَةُ حُدَّ لِلْقَذْفِ وَيُحَدُّ وَاطِئُهُنَّ وَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ إِلَّا الصَّبِيَّ لَا يُحَدُّ.
قَاعِدَةٌ:
كُلَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ لَحِقَ النَّسَبُ وَمَنْ يُحَدُّ لَا يُلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إِلَّا فِي سِتِّ مَسَائِلَ يَشْتَرِيهَا وَيُقِرُّ أْنَهُ أُوَلَدَهَا عَالِمًا بَحُرِيَّتِهَا أَوْ مِمَّنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ أَو يَتَزَوَّجهَا ويقر أَنه أولدها عَالما بِأَنَّهُ ذَاتُ مَحْرَمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهَارَةٍ أَو يَشْتَرِي إِحْدَاهمَا بِخِيَارٍ وَيَقُولُ أَوْلَدْتُ هَذِهِ مِنْهُمَا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْأُخْرَى وَتَرْكِ هَذِهِ أَوْ يَقُولُ أَوَلَدْتُ الْمَرْأَةَ عَالِمًا بِأَنَّ لِي أَرْبَعًا سِوَاهَا أَوْ يَقُولُ اشْتَرَيْتُهَا وَالسَّيِّدُ مُنْكِرٌ وَلَا بَيِّنَةَ فَيُحَدُّ هُوَ وَالْجَارِيَة إِن قَامَ السَّيِّدُ عَلَى إِنْكَارِهِ.