فصل: الْأَثَرُ السَّابِعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْجِنَايَة الْكَفَّارَة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْأَثر السَّادِس الْمُتَرَتب على الْجِنَايَة الْعَفو:

وَفِيهِ بَحْثَانِ:

.الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الصَّحِيحِ مِنْهُ:

وَالْفَاسِدِ وَفِي الْكِتَابِ لِلْمَقْتُولِ الْعَفْوُ عَنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا وَكَذَلِكَ الْخَطَأُ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا وَلَهُ إِخْوَةٌ وَجَدٌّ فَمَنْ عَفَى مِنْهُم جازه وَلَا عَفْوَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَصَبَةً وَإِنْ ثَبَتَ الْعَمْدُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ عَفْوُ الْبَنِينَ على الْبَنَات لِأَنَّهُ أُولُوا النُّصْرَةِ وَلَيْسَ لَهُنَّ عَفْوٌ وَلَا قِيَامٌ فَإِنْ عَفَوْا عَنِ الدِّيَةِ دَخَلَ النِّسَاءُ فِيهَا على فَرَائض الله وَقضى مِنْهُ دِيَته وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْبَنِينَ سَقَطَ حَظُّهُ مِنَ الدِّيَةِ وَبَقِيَّتُهَا بَيْنَ مَنْ بَقِيَ عَلَى الْفَرَائِضِ للزواجة وَغَيرهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِتَوْرِيثِ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضُّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ فِي هَذَا إِذَا وَجَبَ الدَّمُ بِقَسَامَةٍ وَلَوْ أَنَّهُ عَفَا عَنِ الدِّيَةِ كَانَتْ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمَوَارِثِ وَإِنْ عَفَا جَمِيعُ الْبَنِينَ فَلَا شَيْءَ لِلنِّسَاءِ مِنَ الدِّيَةِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ مَنْ مَعَهُمْ وَإِنَّمَا لَهُنَّ إِذَا عَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ الْأَخَوَاتُ شَقَائِقُ وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ فَلَا عَفْوَ إِلَّا باجتماعهم لِأَن الاخوة لأَب مَعَهُنَّ عَصَبَةٌ وَإِنِ اجْتَمَعَ بَنَاتٌ وَعَصَبَةٌ أَوْ أَخَوَاتٌ وَعَصَبَةٌ قُدِّمَ الطَّالِبُ لِلْقَتْلِ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْعَمْدِ وَلَا عَفْوَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ لِاخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَهُ نَقْصٌ وَكَمَالٌ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ بَعْضُ الْبَنَاتِ وَبَعْضُ الْعَصَبَةِ أَوْ بَعْضُ الْأَخَوَاتِ وَبَعْضُ الْعَصَبَةِ فَيُمْتَنَعُ الْقَتْلُ كَعَفْوِ أَحَدِ الِابْنَيْنِ وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ فَإِنْ طَلَبَ بَعْضُ الْبَنَاتِ الْقَتْلَ وَبَعْضُهُنَّ الْعَفْوَ فَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ تَمَّ الْعَفْوُ أَوْ طَلَبُوا الْقَتْلَ فَذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ النُّصْرَةِ وَسَقَطَتِ الْبَنَاتُ لِانْقِسَامِهِنَّ وَإِنْ طلب بعض الْعصبَة الْقَتْل وَعَفا البَاقِينَ امْتُنِعَ الْقَتْلُ كَأَحَدِ الِابْنَيْنِ فَإِنِ اجْتَمَعَ ابْنَةٌ وَأُخْتٌ فَالْبِنْتُ أَوْلَى بِالْقَتْلِ أَوِ الْعَفْوِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِنْ مَاتَ مَكَانَهُ وَإِنْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُقْسِمَا لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يُقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ وَيُقْسِمُ الْعَصَبَةُ فَإِنْ أَقْسَمُوا وَطَلَبُوا الْقَتْلَ وَعَفَتِ الِابْنَةُ فَلَا عَفْوَ لَهَا لِأَنَّ الدَّمَ ثَبَتَ بِحَلِفِهِمْ أَوْ أَرَادَتِ الْقَتْلُ خَطَأً وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ابْنَةٌ وَأُخْتٌ أَقْسَمَتَا وَأَخَذَتَا الدِّيَةَ لِأَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ فِي الْمَالِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا اسْتَحَقَّ الدَّمَ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فِي الدَّرَجَةِ سَوَاءً فَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ فِي الْعَفْوِ وَلَا فِي الْقَتْلِ وَالنِّسَاءُ أَقْعَدُ فَلَا عَفْوَ غلا بِالِاجْتِمَاعِ وَإِنْ كُنَّ يَنْفَرِدْنَ بِالْمِيرَاثِ أَوِ اسْتُحِقَّ الدَّم بقسامة فَلَا عفوا لِأَن إِلَّا بِالِاجْتِمَاعِ مِنَ اللَّاتِي هُنَّ أَقْرَبُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَرِثْنَهُ وَمِنَ الْعَصَبَةِ وَمَتَى اسْتُحِقَّ الدَّم ببنية فَلَا عَفْوَ لِلرِّجَالِ وَلَا قَتْلَ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْلَى الْأَوْلِيَاءِ الْأَوْلَادُ الذُّكُورُ وَلَا حَقَّ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ مَعَهُمْ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْأَبِ وَالْجَدِّ بَنَاتٌ فَلَا عَفْوَ لَهُنَّ إِلَّا بِهِ وَلَا لَهُ إِلَّا بِهِنَّ وَلَا حَقَّ لِلْأُمِّ مَعَ الْأَبِ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ وَلَا حَقَّ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْأَبِ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ وَالْأُمُّ وَالْإِخْوَةُ لَا عَفْوَ لَهُمْ إِلَّا بِهَا وَلَا لَهَا إِلَّا بهم والام وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَصَبَةُ إِنِ اجْتَمَعَتِ الْأُمُّ وَالْعَصَبَةُ عَلَى الْعَفْوِ جَازَ على الْأَخَوَاتِ وَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ فَلِلْأُمِّ الْقِيَامُ وَالْأُمُّ وَالْبَنَاتُ وَالْعَصَبَةُ إِنْ عَفَا الْبَنَاتُ وَالْعَصَبَةُ جَازَ عَلَى الْأُمِّ أَوِ الْأُمُّ وَالْعَصَبَةُ لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِعَفْوِ الْبَنَاتِ لأَنهم أَقْرَبُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ عَفْو وَلَا قيام وَلَا من ابْنِ الْأَخِ كَالْوَلَاءِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ عَبْدٌ فَعُتِقَ بَعْدَ الْقَتْلِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ فِي دَمٍ وَلَا مِيرَاثٍ وَلَوْ أُلْحِقَ بِأَبِيهِ بَعْدَ الْقَتْلِ لَدَخَلَ فِي الْمِيرَاثِ وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ مَتَى كَانُوا رِجَالًا فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءً قُدِّمَ الدَّاعِي للعفو أَو بَعضهم أقرّ فَلَا قَول الْأَبْعَد فِي قَوْلٍ وَلَا قِيَامٍ أَوْ رِجَالًا وَنِسَاءً فِي العقدد سَوَاءً فَلَا قَوْلَ لِلنِّسَاءِ فِي قَتْلٍ وَلَا عَفْوٍ وَالنِّسَاءُ أَقْرَبُ فَلَا عَفْوَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ رَجُلٌ لَا تُعْرَفُ لَهُ عَصَبَةٌ فَلِبَنَاتِهِ أَنْ يَقْتُلْنَ فَإِنِ اخْتَلَفْنَ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ اجْتَهَدَ الْإِمَامُ وَإِنْ قُتِلَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ بِبَيِّنَةٍ فَلِأُمِّهِ الْقَتْلُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي أُمٍّ وَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ عَفَتِ الْأُمُّ فَلَا عَفْو للها دونهَا وَالْجَدُّ لِلْأَبِ أَوِ الْأُمِّ لَا يُجْرَى مَجْرَى الْأُمِّ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الَّذِينَ هُمْ سَوَاءٌ فِي الْقُعْدُدِ إِذَا بَعُدُوا كَالْأَعْمَامِ أَوْ بَنِي الْأَعْمَامِ فَعَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُقَدَّمُ الْعَامِّيُّ كَالْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ وَعَن مَالك لابد مِنِ اجْتِمَاعِهِمْ لِضَعْفِ الْحَمِيَّةِ بِسَبَبِ الْبُعْدِ وَالْإِخْوَةِ وَبَنُوهُمْ أَحَقُّ مِنَ الْأَعْمَامِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَخًا لِأُمٍّ هُوَ كَأَحَدِهِمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ أَحَقُّ لِأَنَّهُ أَقْعَدُ بِالْأُمِّ وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي الْوَلَاءِ وَالرَّجُلُ مِنَ الْفَخِذِ أَوِ الْقَبِيلِ لَا يُعْلَمُ قُعْدُدُهُ وَلَا مِيرَاثُهُ لَيْسَ لَهُ قِيَامٌ وَلَا عَفْوٌ وَيُقَدَّمُ النَّسَبُ عَلَى الْوَلَاءِ فِي الْقِيَامِ وَالْعَفْوِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَسَبٌ فَالْمَوْلَى الْأَعْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالسُّلْطَانُ دُونَ الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي النِّسَاءِ فَعَنْ مَالِكٍ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ وَالْمَعْرُوفُ عَنْهُ لَهُنَّ وَعَلَيْهِ هُنَّ ثَلَاثٌ الْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلْنَ وَالْأَخَوَاتِ دُونَ بَنِيهِنَّ وَفِي الْأُمِّ قَوْلَانِ فَمَالِكٌ لَهَا الْقِيَامُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ وَلَا قِيَامَ لَهَا مَعَ الْوَلَدِ وَلَا مَعَ الاخوة وَلَا مَعَ السُّلْطَانِ وَلَا قِيَامَ لِبَنِي مَنْ ذَكَرْنَا وَالْبَنَاتُ أَوْلَى مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ وَقَدَّمَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَنَاتِ عَلَى الْأَخَوَاتِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْأَخَوَاتُ عَصَبَةُ الْبَنَاتِ فَلَا عَفْوَ إِلَّا بِالْجَمِيعِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَنَاتُ الِابْنِ أَوْلَى نِسَاءٍ لَا تَسْقُطُ الْأُمُّ إِلَّا مَعَ الْأَبِ وَالْوَلَدِ الذَّكَرِ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنَ الْجَمِيعِ فِي الْعَفْوِ وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ لثَلَاثَة أَحْوَالٍ مِنْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ أَوْ فِي دَرَجَة فأبعد وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ مِنْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ أَوْ فِي دَرَجَةٍ فَأَبْعَدُ كالبنين وَبَنَات الابْن أَو بني الِابْنِ وَالْأَخَوَاتِ فَيُسْقِطُ النِّسَاءَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِنِ ادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّ الْوَلِيَّ عَفَا فَلَهُ تَحْلِيفه فَإِن نكل ردَّتْ الْيَمين على الْقَاتِل أَو ادّعى بَيِّنَة غايبة عَلَى الْعَفْوِ تُلُوِّمُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَوْلَادًا صِغَارًا وَعَصَبَةً فَلِلْعَصَبَةِ أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَة ويعفون وَيَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ وَلَيْسَ لَهُمُ الْعَفْوُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ لِحَقِّ الصِّغَارِ فِي الْمَالِ وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَمٌ عَمْدٍ وَخَطَأٍ لَمْ يَجُزْ عَفْوُ الْأَبِ إِلَّا على الدِّيَة لَا أقل مِنْهُم فَإِنْ عَفَا فِي الْخَطَأِ وَتَحَمَّلَ الدِّيَةَ جَازَ فِي الْمَلِيِّ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ لَهُ وَإِنْ جُرِحَ الصَّبِيُّ عَمْدًا وَلَهُ وَصِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ وَأَمَّا إِنْ قُتِلَ فَوُلَاتُهُ أَوْلَى لِذَهَابِ الْوَصِيَّةِ بِفَوَاتِ الْمَحَلِّ وَلَا يَعْفُو الْأَبُ عَنْ جُرْحِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ إِلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَعْفُو الْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ إِلَّا عَلَى مَالٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالْعَمْدُ وَالْخَطَأُ سَوَاءٌ وَلَا يَأْخُذُ الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ أَقَلَّ مِنَ الْأَرْشِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَارِحُ عَيْنًا فَيَرَى الْأَبُ أَوِ الْوَصِيُّ مِنَ النَّظَرِ صُلْحَهُ عَلَى أَقَلَّ من الْأَرْش وَإِن قتل الصَّغِير الصَّغِيرُ عَبْدًا عَمْدًا فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَخْتَارَ أَبَوَاهُ أَوْ وَصِّيُّهِ أَخْذَ الْمَالِ إِذْ لَا نَفْعَ لَهُ فِي الْقِصَاصِ وَإِنْ عَفَا الْمَقْتُولُ خطأ من دِيَته حَاز فِي ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَأوصى مَعَ ذَلِك بوصايا تحصت الْعَاقِلَةُ وَأَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ وَتُوَرَّثُ الدِّيَةَ عَلَى الْفَرَائِضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ أَحَقُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعَفْوَ اسْتَحْلَفَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً.

.الْبَحْثُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْعَفْوِ:

وَفِي الْكِتَابِ إِنْ عَفَا عَنْهُ سَقَطَ الْقَتْلُ وَضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ عَامًا كَانَ الْقَاتِلُ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَالْمَقْتُولُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يَقْتُلُ وَلِيَّكَ عَمْدًا فَيَعْفُو عَنْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَإِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فَكَعَفْوِكَ عَنِ الْحُرِّ وَلَا يُشْتَرَطُ الدِّيَةُ لَا شَيْءَ لَك إِلَّا أَن يتَبَيَّن أَنَّك أدركتها فَتَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّكَ مَا عَفَوْتَ إِلَّا عَلَى أَخْذِهَا وَكَذَلِكَ فِي الْعَبْدِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّكَ عَفَوْتَ لِتَسْتَرِقَّهُ فَذَلِكَ لَكَ ثُمَّ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ لِأَنَّ الْعَفْوَ ظَاهِرٌ فِي السُّقُوطِ مُطْلَقًا وَإِنْ عَفَوْتَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَهُ رَقِيقًا وَقَالَ سَيِّدُهُ إِمَّا أَنْ تَقْتُلَهُ أَوْ تَدَعَهُ فَلَا قَوْلَ لَهُ وَالْعَبْدُ لَكَ لِأَنَّكَ اسْتَحْقَقْتَهُ بِدَمِ وَلِيِّكَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ سَيِّدُهُ دَفْعَ الدِّيَة إِلَيْك وَيَأْخُذَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ لَا يُحْبَسُ الْعَبْدُ وَلَا الْأَمَةُ بَلْ يُجْلَدَانِ كَالزِّنَا لِحَقِّ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَقَوْلُهُ فِي الْعَبْدِ ذَلِكَ لَكَ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ هَذَا إِذَا ثَبَتَ قَتْلُهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ كَانَ بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِجْبَارُهُ عَلَى أَخْذِهِ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَدَعَ لِلتُّهْمَةِ فِي الِانْتِقَالِ إِلَيْكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْعَبْدِ إِنْ كَانَ هُوَ الْقَاتِلَ كَمَا تَقَدَّمَ وَالنَّصْرَانِيُّ إِنْ كَانَ الْمَقْتُولَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ دُونَ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ صُولِحَ قَاتِلُ الْعَمْدِ عَلَى أَكْثَرَ جَازَ لِأَنَّهُ فِدَاءٌ وَإِنْ بَقِيَتْ مُهْمَلَةً فَفِي مَالِ الْقَاتِلِ مُرَبَّعَةً.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ قَاتِلُ الْعَمْدِ إِذَا طُلِبَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى} وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «الْعَمْدُ قَوَدٌ» وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَنَصِيبُ غَيْرِ الْعَافِي فِي مَالِ الْجَانِي لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِ الْقَتْلِ وَإِنْ طَلَبُوا فِي جُرْحِ الْعَمْدِ الدِّيَةَ فَلَيْسَ لَهُمْ إِلَّا الْقِصَاصُ إِذَا امْتَنَعَ الْجَانِي وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ نَفْسِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ» قََالَ سَحْنُونٌ إِنْ عَفَا عَنْ نِصْفِ الْجُرْحِ وَأَمْكَنَ الْقِصَاصُ مِنْ نِصْفِهِ اقْتُصَّ وَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْخِيَارُ لِلْمَجْرُوحِ إِنِ اخْتَارَ ذَلِكَ أَدَّى نِصْفَ عَقْلِ الْجُرْحِ وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمَجْرُوحِ إِمَّا أَن يعْفُو أَنْ يَقْتَصَّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُعْقَلَ لَهُ النِّصْفُ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ رِوَايَتَانِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَوَدُ وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْهُمَا صَحَّ أَوْ عَنِ الدِّيَةِ فَلَهُ الْقِصَاصُ أَوْ قَالَ اخْتَرْتُ الدِّيَةَ سَقَطَ الْقَوَدُ أَوِ اخْتَرْتُ الْقَوَدَ لَمْ يَسْقُطِ اخْتِيَارُ الدِّيَةِ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ إِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ ثَبَتَ الْمَالُ إِنْ وَافَقَ الْجَانِي وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِقْبَاضِ ثَبَتَ الْمَالُ وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ وَلِلْمُفْلِسِ الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ دُونَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيَّانِ مُفْلِسَيْنِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا صَحَّ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي إِلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى مَبْلَغِ دِيَتِهِ.
فرع:
قَالَ إِن قتل أحدا لابنين أَبَاهُ وَقَتَلَ الْآخَرُ أُمَّهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ قَتْلُ الْآخَرِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وَرِثَ أَبَاهُ وَالْآخَرُ وَرِثَ أُمَّهُ فَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا وَقَتَلَ الْآخَرَ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَقْتُلُوا الْقَاتِلَ كَمُورِثِهِمْ فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي التَّقْدِيمِ أَيُّهُمَا يَقْتُلُ أَوَّلًا اجْتَهَدَ السُّلْطَانُ وَإِنْ عَفَا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ صَاحِبِهِ وَجَبَ لِأَحَدِهِمَا دِيَةُ أَبِيهِ وَلِلْآخَرِ دِيَةُ أُمِّهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُعْفَى عَنْهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّا إِنْ قَتَلْنَا أَحَدَهُمَا وَرِثَ الْآخَرُ الدَّمَ فَلَا يُقْتَلُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ يُقْتَلُ قَبْلِي حَتَّى لَا أُقْتَلَ أَنَا فَلَا بُدَّ مِنَ الْعَفْوِ عَنْهُمَا.
فرع:
قَالَ أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ قَتَلَ الثَّانِي الْكَبِيرَ ثُمَّ قَتَلَ الثَّالِثُ الصَّغِيرَ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى قَاتِلِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا قَتَلَ الْكَبِيرَ ثَبَتَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ لِلثَّالِثِ وَلِلصَّغِيرِ فَلَمَّا قَتَلَ الثَّالِثُ الصَّغِيرَ وَرِثَهُ الثَّانِي وَحْدَهُ فَوَرِثَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْقِصَاصِ فَسَقَطَ وَسَقَطَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ إِلَى نِصْفِ الدِّيَةِ وَكَانَ لَهُ قَتْلُ الثَّالِثِ بِالصَّغِيرِ وَإِنْ عَفَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ يُقَاصُّهُ بِنِصْفِهَا.
فرع:
فِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ فَوَّضَ أَمْرَ دَمِهِ لِوَكِيلِهِ فَعَفَا وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ أَوِ الْعَكْسُ أَوْ ثَبَتَ الدَّمُ بِبَيِّنَةٍ قُدِّمَ الْوَكِيلُ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْأَصْلِ ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ كَالْوَصِيِّ أَوْ بِقَسَامَةٍ فَالْوَلِيُّ لِأَنَّ الدَّمَ ثَبَتَ بِقَسَامَتِهِمْ وَإِنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يُعْفَى عَنْ قَاتِلِي وَالدَّمُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا عَفْوَ لِلْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ أَوْ بِقَسَامَةٍ فَلَهُمُ الْعَفْوُ.
فرع:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا عَفَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْعَمْدِ ضُمِنَ لِلْبَاقِينَ نَصِيبُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ.
فرع:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالُوا إِنَّمَا عَفَوْنَا عَلَى الدِّيَةِ فَذَلِكَ لَهُمْ إِنْ كَانَ بالحضرة وَإِن قَالَ فَلَا.
فرع:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ تَابَ وَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ فَامْتَنَعُوا خَشْيَةَ الْوَالِي فَعَرَضَ الدِّيَةَ فَامْتَنَعُوا أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُؤَدِّيَ دِيَتَهُ إِلَيْهِمْ وَيَعْتِقَ الرِّقَابَ وَيَتَقَرَّبَ بِالدُّعَاءِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَحُجُّ وَيُكْثِرُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا اسْتَطَاعَ وَيَلْحَقُ بِالثُّغُورِ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيَتَعَرَّضُ لِلْعَدُوِّ عَسَاهُ أَنْ يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قُبِلَتْ دِيَةُ الْعَمْدِ وَرِثَتْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى النِّسَاءُ وَغَيْرُهُنَّ إِلَّا الْقَاتِلَ وَكَذَلِكَ لَا يَرِثُهُ الْأَبُ إِذَا فَعَلَ فِعْلَ الْمُدْلِجِيِّ بِابْنِهِ.
قَاعِدَةٌ:
التَّقَادِيرُ الشَّرْعِيَّةُ إِعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ وَإِعْطَاءُ الْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَالْأَوَّلُ كَتَقْدِيرِ الْمِلْكِ الْمَوْجُودِ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ الْيَسِيرِ وَنَحْوِهِ وَالْمَنَافِعُ الْكَائِنَةُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْعُقُودِ الْمَاضِيَةِ إِذَا تَعَقَّبَهَا الْفَسْخُ يُقَدَّرُ ذَلِكَ مَعْدُومًا لَمْ يَكُنْ مَعَ أَنَّهُ كَانَ وَالثَّانِي كَتَقْدِيرِ الْمِلْكِ الْمَعْدُومِ فِي الْإِعْتَاقِ عَنِ الْغَيْرِ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ.
فرع:
مِلْكُهُ وَلَا مِلْكَ فَيُقَدِّرُ الشَّرْعُ مِلْكَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِالزَّمَنِ الْمُقَدَّرِ وَكَذَلِكَ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ تَوْرِيثُهَا.
فرع:
مِلْكُ الْمُوَرِّثِ لَهَا وَلَمْ يَمْلِكْهَا فِي الْحَيَاةِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ فَلَا يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ وَمِلْكُهَا بَعْدُ مُتَعَذِّرٌ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ فَيُقَدِّرُ الشَّرْعُ مِلْكَهُ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِالزَّمَنِ الْفَرْدِ لِيَصِحَّ التَّوْرِيثُ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ حَدِيثُ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ.

.الْأَثَرُ السَّابِعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْجِنَايَة الْكَفَّارَة:

وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خطأ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى - فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} الْآيَة وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ حُرٍّ مُسْلِمٍ قَتَلَ حُرًّا مُسلما مَعْصُوما خطأ معليه تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الْعُيُوبِ لَيْسَ فِيهَا شِرْكٌ وَلَا عَقْدُ حُرِّيَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الظِّهَارِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ انْتَظَرَ الْقُدْرَةَ عَلَى الصِّيَامِ أَوْ وُجُودَ الرَّقَبَةِ وَلَا إِطْعَامَ فِيهَا لِعَدَمِهِ فِي الْآيَةِ وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ وَلَا تَجِبُ فِي قَتْلِ الصَّائِلِ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسِهِ لِعِظَمِ جَرِيمَتِهِ وَثَبَتَتْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمُثْبِتَةِ لَهُ وَيسْتَحب فِي العَبْد وَالذِّمِّيّ لقصورها عَنِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَفِي الْعَمْدِ إِذَا عَفَا عَنْهُ لِأَنَّ الْعَمْدَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُسَيِّرَهُ كَفَّارَة الْخَطَأِ وَالشَّرِيكُ فِي الْقَتْلِ عَلَيْهِ كَفَارَّةٌ كَامِلَةٌ وَلَا تَجِبُ فِي الْجَنِينِ حَيْثُ الْغُرَّةِ وَفِي الْكِتَابِ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ سَقَتْ وَلَدَهَا دَوَاءً فَشَرِقَ فَمَاتَ الْأَحْسَنُ الْكَفَّارَةُ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ وَكَذَلِكَ الطَّبِيبُ يَسْقِي الدَّوَاءَ فَيَمُوتُ الْمَرِيضُ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ رَجُلًا خَطَأً قَالَ مَالِكٌ على كل وَاحِد كفارية وَإِنْ دَفَعَ دَابَّةً لِصَبِيٍّ يُمْسِكُهَا فَقَتَلَتْهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ وَلَا كَفَارَّةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيمَا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ وَكَذَلِكَ بِئْرٌ يَحْفِرُهَا حَيْثُ لَا يَجُوزُ ل أَوْ يَرْبُطُ دَابَّةً بِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ فَالدِّيَةُ دُونَ الْكَفَّارَةِ وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ أَوْ أَعَانَهُ عَلَى ضَرْبِهِ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ وَلْيُكَفِّرْ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ (ح) لَا تجب فِي قتل الْعمد كملك وَقَالَ تَجِبُ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَخَالَفَنَا فِي الْعَبْدِ وَالْجَنِينِ وَالذِّمِّيِّ فَأَوْجَبَهَا وَقَالَ (ش) يَجِبُ فِي كُلِّ آدَمِيٍّ مَعْصُومِ الدَّمِ عَمْدًا أَمْ لَا مُسْلِمًا أَمْ لَا حُرًّا أَمْ لَا أَوْ أَجْنَبِيًّا لَنَا فِي الْعَمْدِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَهُوَ اعْتَدَى بِالْقَتْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ وَنَظَائِرُهُ وَمِنْ أَقْوَاهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا} الْآيَة وَقَوله تَعَالَى {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} الْآيَةَ فَإِنَّ جَزَاءَ الشَّرْطِ كَافٍ فِي التَّرَتُّبِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ وَمَفْهُومُ آيَةِ الْخَطَأِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكَفَّارَةِ فِي الْعَمْدِ كَمَا اقْتَضَى عَدَمَ الدِّيَةِ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَضْعُهَا السَّتْرُ وَسَائِر الْأَدْنَى الَّذِي هُوَ الْخَطَأُ لَا يَصْلُحُ لِسَتْرِ الْأَعْلَى الَّذِي هُوَ الْعَمْدُ وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُوجِبُ الْقَتْلَ فَلَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ كَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تُسْقِطُ إِثْمَ الْكُفْرِ فَمَا دُونَهُ غَيْرَ مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ فَنَقِيسُ عَلَيْهِ احْتَجُّوا بِمَا روى وثلة بْنُ الْأَسْقَعِ قَالَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً يُعْتِقِ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ» وَقَالَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أعتق عَن كل موؤدة رقة» وَالْقِيَاسُ عَلَى قَتْلِ الْخَطَأِ بِجَامِعِ الدَّمِ الْمَعْصُومِ بِالْأولَى لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لِتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ وَهِيَ فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ وَلِأَنَّهُ دَمٌ مَعْصُومٌ فَيَسْتَوِي عَمْدُهُ وَخَطأَهُ كالسيد وَالْجَوَاب عَن الأول أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إِذَا قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا فَمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَا تَقُولُونَ بِهِ وَمَا تَقُولُونَ بِهِ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الْعَمْدَ أَعْظَمُ إِثْمًا فَلَا يَسْتُرُهُ سَائِرُ الْخَطَأِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْجَبْرِ وَالْجَابِرُ يَسْتَوِي فِيهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأ كالأموال وَالْكَفَّارَة هَا هُنَا لَا تَجْبُرُ عَلَى الْمَقْتُولِ شَيْئًا وَوَافَقَنَا (ش) فِي إِيجَابِهَا فِي مَالِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَزَادَ وُجُوبُهَا عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَ (ح) لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مُكَلَّفٍ لَنَا آيَةُ الْخَطَأِ وَهِيَ عَامَّةٌ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» فَذَكَرَ الصَّبِيَّ وَالْمُغْمَى وَقِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بِهِ وَهُوَ أحدى جُزْئَيِ الْكَفَّارَةِ أَوْ وَاجِبٌ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِثْمُ وَنَحْنُ لَا نُؤَثِّمُهُ إِذَا لَمْ يَفْعَلْ بَلْ نُخْرِجُهُ مِنْ مَالِهِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ وَصِحَّةِ الْقَصْدِ وَالْعِتْقُ مَالٌ يُمْكِنُ لِلْوَلِيِّ إِخْرَاجُهُ وَعَنِ الثَّالِثِ جَوَابُ الثَّانِي فَأَوْجَبَ (ش) وَ (ح) الْكَفَّارَةَ فِي الْجَنِينِ وَالْعَبْدِ لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ إِنَّمَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْإِيمَان والجنين لَيْسَ بموؤمن وَالْعَبْدُ يُبَاعُ فَلَا تَجِبُ بِهِ كَالْعُرُوضِ وَالْبَهَائِمِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْآيَةَ تَنَاوَلَتِ الْمُؤَمَّنَ وَالْعَبْدُ مُؤَمَّنٌ وَالذِّمِّيُّ مُؤَمَّنٌ فَتَجِبُ فِيهِ كَالْحُرِّ وَالْإِشَارَةُ فِي الْجَنِينِ إِلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ كَعُضْوٍ مِنْ أ / هـ وَلذَلِك لَا يغسل وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَالْأَعْضَاءُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا أَو يُلَاحظ أَنه نَفْسٌ وَرُوحٌ لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَمَفْهُوم نه الْقَتْلُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْغُرَّةِ فَتُضْمَنُ بِالْكَفَّارَةِ كَالْكَبِيرِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ الْحُرُّ لِذِكْرِ الدِّيَةِ وَالْعَبْدُ لَا دِيَةَ فِيهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ ضَمَانَهُ كَضَمَانِ الْجِرَاحِ الْمُقَدَّرَةِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَلَنَا فِي الدَّيْنِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَالصَّلَاةِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ بِجَامِعِ كَوْنِهَا آثَارَ الْجِنَايَةِ وَالْجَوَابُ شَائِبَةُ الْعِبَادَةِ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ الْفَرْقُ.