فصل: الْأَدَبُ الثَّالِثَ عَشَرَ أَرْزَاقُهُ وَأَرْزَاقُ أَعْوَانِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْأَدَب الْحَادِي عشر اسْتِيفَاء الْحجَج:

فَفِي الْكتاب إِن ادليا بحجتهما وَفَهِمَ عَنْهُمَا وَأَرَادَ أَنْ يُحْكَمَ فَلْيَقُلْ أَبَقِيَتْ لَكُمَا حُجَّةٌ فَإِنْ قَالَا لَا حَكَمَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا لَهُ وَجْهٌ وَبَيِّنَةٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ أَتَى بِشَاهِدٍ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَرَ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا آخَرَ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ جَعَلَ فَهْمَهُ مَقَامَ مَا يَسْمَعُهُ قَالَ الْقَاضِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ هَذَا وانما فهم عَنْهُمَا واسمعة انْتَفَت الرِّيبَة عه وَالِاحْتِمَالُ قَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ لَا يَقْضِي بِمَا فَهِمَهُ مِنْ لَحْنِ خِطَابِهِمَا وَلَا بِمَا يَظُنُّهُ فِي هَذَا هُوَ الْفَهْمُ الَّذِي أَرَادَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ أَبَقِيَتْ لَكُمَا حُجَّةٌ قِيلَ صَوَابُهُ من الْمَحْكُوم وَعَلِيهِ اختصرها ابْنُ مُحَمَّدٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَأَمَّا الطَّالِبُ فَهُوَ يَطْلُبُ الْحُكْمَ وَقِيلَ الْقَوْلُ لَهُمَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إِذَا أَبْدَى حُجَّةً يُسْأَلُ الطَّالِبُ عَنْ جَوَابِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَبَقِيَ لَكُمَا كَلَامٌ أَنْظُرُ فِيهِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُمَا اثْنَانِ طَالِبٌ وَمَطْلُوبٌ فَمَرَّةً يَتَوَجَّهُ الْحُكْمُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَمَرَّةً عَلَى الطَّالِبِ بِتَعْجِيزِهِ لِلْمَطْلُوبِ وَدَفْعِهِ عَنْهُ فَقَوْلُهُ أَبَقِيَتْ لَكُمَا حُجَّةٌ لَمَّا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا إِذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ اخْتَصَرَ الْكَلَامَ وَلَفَّهُ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ وَأَيْضًا فَقَدْ يبْقى للطَّالِب حجَّة يدْفع فِيهَا عَنْهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إِذَا جَاءَ شَاهِدٌ آخَرُ يقْضِي لَهَا الْقَاضِي الْأَوَّلُ وَغَيْرُهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنَّمَا هَذَا لِلْقَاضِي نَفْسِهِ وَلَا يَسْمَعُ مِنْهُ غَيْرُهُ وَلِسِحْنُونٍ لَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ قَالَا لَا حُجَّةَ لَنَا لَا تُقْبَلُ لَهُمَا حُجَّةٌ بَعْدَ إِنْفَاذِ الْحُكْمِ وَإِنْ قَالَ بَقِيَتْ لِي حُجَّةٌ فَأَمْهَلَهُ فَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ حَكَمَ عَلَيْهِ وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يَنْظُرُ فِي الشَّاهِدِ إِذَا أَتَى بِهِ غَيْرُ الأول لِأَن الأول قد اجْتهد فَلَا ينْقض لَيْلًا يكون للثَّانِي وَصِيّ عَلَى الْأَوَّلِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ إِذَا قَضَى عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَةً لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَقَدْ عَزَلَ الْأَوَّلَ حَكَمَ لَهُ بِهَا الثَّانِي كَمَا لَو كَانَت غَائِبَة غيبَة بعيدَة فَحكم عَلَيْهَا ثُمَّ قَدِمَتْ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا فَالْجَهْلُ بِهَا كَالْغَيْبَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فِي قَضِيَّتِهِ أَنَّهُ ذكر أَن لَهُ بَيِّنَة بعيدَة الْغَيْبَة فَمن أَحْضَرَ شُهُودَهُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ إِذَا حَكَمَ بِشَاهِدٍ مِنْ بَعْدِ الِاجْتِهَادِ فِي الْكَشْفِ عَنْهُمَا لَمْ يَنْتَقِضْ بِشَيْءٍ مِمَّا يَقْدَحُ فِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَا عَبْدَيْنِ أَوْ مَسْخُوطَيْنِ أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِمَا أَوْ مِمَّنْ يَسْتَحِقَّانِ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِمَا وَقَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ بَقِيَتْ لِي حُجَّةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ مِنْ طَرِيقِ اللَّدَدِ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا لَيْسَ بِالْبَعِيدِ ثُمَّ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ ذَكَرَ حُجَّةً قَوِيَّةً فِي دَارٍ وَنَحْوِهَا فَنَحْوَ ثَلَاثَة أشهر.

.الْأَدَبُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الْإِسْجَالِ عَلَيْهِ بِمَا ثَبَتَ:

قَالَ اللَّخْمِيُّ وَمِنْ حَقِّ الطَّالِبِ إِذَا تَوَجَّهَ لَهُ الْحَقُّ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ قَضَيَّتُهُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ وَسَبَبُ الثُّبُوتِ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ نُكُولٍ أَوْ سُقُوطِ بَيِّنَةٍ إِنْ ظَهَرَتْ لِأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بعد ذَلِك بهَا وَاخْتلف فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الدَّعْوَى شَيْءٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَكْتُبُ لَهُ حَتَّى لَا تَعُودَ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ إِذَا أُتِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَنْ يُزَكِّيهَا أَوْ عَدْلَيْنِ فَعِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُقْبَلَانِ لِأَنَّ الْعَجْزَ لَا يُبْطِلُ الْحَقَّ وَعِنْدَ مُطَرِّفٍ لَا يُقْبَلُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالنَّسَبُ لِأَنَّ فِيهَا حقوقا لغَيْرهَا الْحَاضِرِ فَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَالْأَنْسَابِ مُتَعَدِّدَةٌ وَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَكْتُبُ فِي الْإِسْجَالِ أَسْمَاءَ الْبَيِّنَةِ وَأَسْمَاءَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَأَنْسَابَ الْجَمِيعِ وَمَا يُعْرَفُونَ بِهِ وَمَا حُكِمَ بِهِ وَيَحْتَفِظُ بِهِ فِي خَرِيطَةٍ وَيَخْتِمُ عِلَيْهِ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ خُصُومَةَ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى يَتَيَسَّر الْإِخْرَاج.

.الْأَدَبُ الثَّالِثَ عَشَرَ أَرْزَاقُهُ وَأَرْزَاقُ أَعْوَانِهِ:

قَالَ ابْنُ يُونُسَ جَلَسَ سَحْنُونٌ لِلنَّاسِ احْتِسَابًا وَقَالَ لَوِ أُعْطِيتُ جَمِيعَ بَيْتِ الْمَالِ لَأَخَّرْتُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَأَخَذَ لِأَعْوَانِهِ وَكَاتِبِهِ وَكُلُّ مَنِ اسْتَعْدَى أَعْطَاهُ طَابِعًا فَإِذَا جَاءَ بِخَصْمِهِ رَدَّ الطَّابَعَ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ إِجَارَةَ قُسَّامِ الْقَاضِي فَإِن وَقع ذَلِك كَانَ على عدد الرؤس لَا على الْأَنْصِبَاءِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطُوا بَيْنَهُمْ شَيْئًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ يُكْرَهُ لِأَنَّ خَارِجَةَ وَزَيْدًا كَانَا يُقْسِمَانِ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَفِي النَّوَادِرِ مِنَ الْوَاضِحَةِ حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الْقَاضِي فِي رِزْقِهِ وَيَجْعَلَ لَهُ قَوَمَةً يَقُومُونَ بِأَمْرِهِ وَيَدْفَعُونَ عَنْهُ النَّاسَ وَأَثْمَانَ الرُّقُوقِ وَالسِّجِلَّاتِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ رِزْقَهُ إِلَّا مِنَ الْخُمْسِ أَوِ الْجِزْيَةِ أَوْ عُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ جُبِيَتْ بِغَيْرِ ظُلْمٍ وَلَا يُرْزَقُ مِنَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنِ أَصْنَافِهَا وَإِنَّ وُلِّيَ فَقِيرٌ أُغْنِيَ وَوَفِّيَ عَنْهُ دَيْنُهُ وَيُكْفَى جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَهُ تَكْلِيفُ الطَّالِبِ صَحِيفَةً يَكْتُبُ فِيهَا حُجَّتَهُ وَشَهَادَتَهُ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ الْعُمَّالُ إِنْ عَمِلُوا عَلَى حَقٍّ قَالَ أَشْهَبُ فَرِزْقُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ نَفْعِهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى الْعَمَلِ أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَالُ يُوضَعُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ فَتُكْرَهُ أَرْزَاقُهُمْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَاسِمُ الْغَنَائِمِ كقاسم الْقَاضِي وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ لِقُسَّامِ الْقَاضِي لِأَنَّهَا تُؤْخَذ من بَيت مَالِ الْيَتَامَى وَمِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَلَا بَأْسَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ مَنْ يُبْعَثُ فِي أُمُورِ الْخُصُومَاتِ لَا يُجْعَلُ لَهُ عَلَى النَّاسِ شَيْء وَقَالَ مَالِكٌ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ سَبَبُ الْحَيْفِ عَلَى بَعْضِهِمْ فَيَكُونُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَوْ أَجَّرَ قَوْمٌ لِأَنْفُسِهِمْ قاسما لم أربه بَأْسًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَثِيقَةِ قَالَ سَحْنُونٌ فَإِنْ لَمْ يُرْزَقِ الْقَاسِمُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَجَّرَ نَفْسَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنِ استجوب قَاسِمُ الْغَنِيمَةِ جَازَ وَإِذَا بُعِثَ الْقَاسِمُ لِيُقَسِّمَ بَيْنَ قَوْمٍ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ قَالَ أَصْبَغُ لَا يَشْهَدُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَرْفَعَهُ للْحَاكِم فَإِن رَآهُ صَوَابا أَمْضَاهُ لِأَن حق الصَّغِير وَالْغَائِب وَكيل يَقُومُ مَقَامَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُكْرِهُ الْقَاضِي النَّاسَ عَلَى قَسْمِ قَسَامَةٍ خَاصَّةٍ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ أَغْنُوهُمْ بِالْمُعَامَلَةِ عَنِ الْخِيَانَةِ وَأَجْرَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِلْقَاضِي دَفْعَ مِائَةِ دِينَارٍ فِي السَّنَةِ وَكَانَ يُوَسِّعُ عَلَى عُمَّالِهِ وَيَقُولُ ذَلِكَ لَهُمْ قَلِيلٌ إِذَا أَقَامُوا كِتَابَ اللَّهِ وَعَدَلُوا وَعِنْدَ ش مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ وَكِفَايَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ كِفَايَتُهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّهُ فَرْضٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ كِفَايَةٌ جَازَ لَهُ الرِّزْقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتْرُكَ لَهُ الْكَسْبَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْرِضَ عَنِ الْكَسْبِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَوَجَدَ الْإِمَامُ مَنْ يَتَطَوَّعُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ لَو يَجُزْ أَنْ يُوَلِّيَ مَنْ يَطْلُبُ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لِلْمَصَالِحِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي الدَّفْعِ إِلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَبَرِّعِ فَإِنْ عُدِمَ الْمُتَبَرِّعُ وَلِلْمُوَلَّى كِفَايَتُهُ كُرِهَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَتَحْرُمُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَضَاءِ كَأَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَعِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ لِمَنْ تَعَيَّنَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ مُطْلَقًا مَعَ إِكْرَاهِهِ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَاتَّفَقَتِ الْأَئِمَّةُ وَالْأُمَّةُ فِيمَا عَلِمْتُ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِجَارَةِ وَأَصْلُ الْإِرْزَاقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْزَقَ عَتَّابَ بْنَ أُسِيدٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فِي السَّنَةِ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً وقَوْله تَعَالَى {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} التَّوْبَة 60 فَيُقَاسُ عَلَيْهَا جَمِيع الْمصَالح قَاعِدَة لايجتمع الْعِوَض والمعوض لشخص وَاحِد لَيْلًا تَبْطُلَ حِكْمَةُ الْمُعَاوَضَةِ وَكَذَلِكَ امْتَنَعَ أَخْذُ السَّابِقِ فِي حلبة الْخَيل أَو الرُّمَاة الرَّهْن لَيْلًا يَكُونَ الْمُنْتَفِعُ هُوَ الْآخِذَ وَاشْتُرِطَ الْمُحَلَّلُ وَامْتَنَعَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ ثَوَابَهَا لِلْإِمَامِ وَكَذَلِكَ لِلْقَاضِي أَجْرُ حُكْمِهِ لَهُ فَهُوَ يَعْمَلُ لنَفسِهِ.
تمهيد:
الْأَعْمَال ثَلَاثَة أَقسَام أُجْمِعَ عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ فِيهِ كَالْخِيَاطَةِ وَقِسْمٌ أُجْمِعَ فِيهِ عَلَى الْمَنْعِ كَالْإِيمَانِ وَالصِّيَامِ وَقِسْمٌ مُخْتَلف فِيهِ كَالْحَجِّ والإمامة وَالْأَذَان بِوُجُوب شَائِبَتَيْنِ حُصُولِ النَّفْعِ لِلنَّافِعِ بِالثَّوَابِ وَالْمُسْتَأْجِرِ بِالْمُلَازَمَةِ فِي الْمَكَانِ الْمُخَصَّصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ هَذَا فِي الْقَضَاءِ لَكِنْ عَرَضَ أَمْرٌ عَظِيمٌ وسهو هُوَ أَنَّ مَنْصِبَ الْقَضَاءِ مَنْصِبُ النُّبُوَّةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَابَلَ بِالْعِوَضِ لِأَنَّهُ هَوَانٌ وَلِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَنَافِعِ فَهُوَ نَوْعٌ مِنَ السَّلْطَنَةِ تُهِينُ مَنْصِبَهُ وَتَخِلُّ بِهَيْبَتِهِ فَتَخْتَلُّ الْمَصَالِحُ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُسَّامِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ مَنَاصِبَهُمْ قَلِيلَةُ الْعِظَمِ وَالْخَطَرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَضَاءِ فَتُعَدُّ الْمَفْسَدَةُ فِيهِمْ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَأَمَّا الْإِرْزَاقُ فَهُوَ يُعْطَى لِلْقَاضِي وَالْفُقَرَاءِ وَالضُّعَفَاءِ بِسَبَب وَاحِد وَهُوَ سد الْخلَّة لَا للمعامضة فَكَمَا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْفَقِيرِ لَيْسَ مُعَاوَضَةً فَكَذَلِكَ الْقَاضِي لَا يُلَاحَظُ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ مُحْتَاج لذَلِك فيعطاه لَا أَنه لوحد خِدْمَتَهُ شَيْءٌ وَيُعَاوَضُ عَلَيْهِ كَالْفَقِيرِ سَوَاءً فَلِذَلِكَ جَازَ اتِّفَاقًا وَمُنِعَتِ الْإِجَارَةُ اتِّفَاقًا فَاعْلَمْ هَذِهِ الْفُرُوقَ وَتَدَبَّرْهَا فَإِنَّهَا مَدَارِكُ جَلِيلَةٌ.

.الْأَدَبُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْتِزَامُ سَدِّ ذَرِيعَةِ الْخِيَانَةِ وَالْمَهَانَةِ:

قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةً وَلَا مِمَّنْ يُهَادِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا قَرِيبٍ وَلَا صَدِيقٍ وَإِنْ كَافَأَ بِأَضْعَافِهَا إِلَّا مِنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ خَاصَّةٍ الْقَرَابَةِ الَّتِي تَجْمَعُ مِنَ الْحُرْمَةِ أَكْثَرَ مِنْ حُرْمَةِ الْهَدِيَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ وَمِثْلُ الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْأَخِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ إِلَيَّ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ «مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِنَا فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أهدي إِلَيّ أَلا مجْلِس فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يحملهُ على رقبته» (حديث صحيح) وَلِأَنَّهَا ذَرِيعَةُ الرُّشَى فِي الْأَحْكَامِ فَيَنْدَرِجُ فِي الَّذِينَ اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَقْبَلُ مِمَّنْ يُخَاصِمُ وَيَقْبَلُهَا مِنْ إِخْوَانِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهَتِهَا إِلَى السُّلْطَانِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَجُبَاةِ الْأَمْوَالِ وَقَبُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدِيَّةَ مِنْ خَوَاصِّهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلِلْإِمَامِ أَخْذُ مَا أَفَادَ الْعُمَّالَ كَمَا فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا وَلَّى أَحَدًا أَحْصَى مَالَهُ لِيَنْظُرَ مَا يَزِيدُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ شَاطَرَ الْعُمَّالَ لَمَّا لَمْ يَسْتَطِعْ تَمْيِيزَ الزَّائِدِ وَشَاطَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ لما احْتَضَرَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَرَ أَنْ يَدْخُلَ شَطْرُ مَالِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ اسْتِنَانًا بِفِعْلِ عُمَرَ بِعُمَّالِهِ.
تَمْهِيدٌ:
الزَّائِدُ قَدْ يَكُونُ مِنَ التِّجَارَةِ أَوِ الزِّرَاعَةِ لَا مِنَ الْهَدِيَّةِ وَلَا تَظُنَّ الْهَدَايَا بِأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَة إِلَّا مِمَّا لَا يَقْتَضِي أَخْذًا وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّشْطِيرُ حَسَنٌ لِأَنَّ التِّجَارَةَ لَا بُدَّ أَنْ يُنَمِّيَهَا جَاهُ الْعَمَلِ فَيَصِيرَ جَاهَ الْمُسْلِمِينَ كَالْعَامِلِ وَالْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ رَبِّ الْمَالَ فَأُعْطِيَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْمَالِ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَكَذَلِكَ لَمَّا انْتَفَعَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمَالِ الَّذِي أَخَذَاهُ مِنَ الْكُوفَةِ سَلَفًا فِي الْقِصَّةِ الْمَشْهُورَةِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اجْعَلْهُ قِرَاضًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَجَعَلَهُ قِرَاضًا وَلَوْلَا هَذِهِ الْقَاعِدَةُ كَيْفَ يَصِيرُ الْقَرْضُ قِرَاضًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا بَأْسَ لِلْقَاضِي بِحُضُورِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَيُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِ الْمَجْلِسِ وَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ إِلَّا ذَلِك لِأَنَّهَا قربات من أَمْوَالِي النَّاس فالقربات وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجِيبَ الدَّعْوَةَ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ أَكْلِ الطَّعَامِ إِلَّا فِي الْوَلِيمَةِ لِلْحَدِيثِ فِيهَا ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجِيبُ الدَّعْوَةَ الْعَامَّةَ وَلِيمَةً أَوْ صَنِيعًا عَامًّا لِفَرَحٍ وَلَا يَجِبُ لِغَيْرِ الْفَرَحِ لِأَنَّ الْعُمُومَ لَعَلَّهُ مِنْ أَجْلِ الْقَاضِي لَا لِسُرُورٍ قَالَ سَحْنُونٌ وَالتَّنَزُّهُ عَنِ الدَّعْوَةِ الْعَامَّةِ أَحْسَنُ وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْفَضْلِ أَنْ يُجِيبُوا كُلَّ مَنْ دَعَاهُمْ سُؤَالٌ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ دُعِيتُ إِلَى كِرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَاخْتُلِفَ هَلِ المُرَاد كرَاع الشَّاة أَو اسْم مَكَان وعَلى التَّقْدِير تَكُونُ إِجَابَةُ الدَّاعِي حَسَنَةً مُطْلَقًا لِلْقَاضِي وَأَهْلِ الْفَضْلِ اقْتِدَاءً بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ يَنْبَغِي النَّهْيُ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ جَوَابُهُ إِنَّ عِظَمَ مَنْصِبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اوجب الْفرق فَكَانَ النَّاس يجيبون فَإِنَّ مَنْ أَجَابَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد حصل لَهُ خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَالْمِنَّةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الدَّاعِي جَزْمًا وَالْأَمْرُ فِينَا بِالْعَكْسِ إِنَّمَا نُدْعَى لِتَكُونَ الْمِنَّةُ عَلَيْنَا وَذَلِكَ هَوَانٌ بِنَا وَعز بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَصَلَ الْفَرْقُ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ومطرف لَا يشغل الْقَاضِي بِالْأَحَادِيثِ فِي مَجْلِسِهِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِجْمَامَ نَفْسِهِ قَالَا وَإِذَا جَلَسَ أَحَدٌ عِنْدَهُ وَقَالَ جَلَسْتُ لِأَقْتَدِيَ بِكَ وَأَتَعَلَّمَ مِنَ أَقْضِيَتِكَ فَلْيُقِمْهُ وَالْجُلُوسُ عِنْدَ الْقُضَاةِ مِنْ حِيَلِ الْمُشَاكِلِينَ للنَّاس إِلَّا أَن يكون مَعْرُوفا مألونا فَيَدَعَهُ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَقْعُدُ عِنْدَهُ إِلَّا الثِّقَةُ الْبَارِزُ الَّذِي فِيهِ نَفْعٌ وَلَا يَشْتَغِلُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ بِالْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ لِنَفْسِهِ أَوْ لغيره على وَجه الْعِنَايَة بِهِ إِلَّا ماخف قَالَ سَحْنُون وَتَركه أضلّ قَالَ أَشْهَبُ فَمَا بَاعَ جَازَ بَيْعُهُ لَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تِجَارَةُ الْوُلَاةِ لَهُمْ مَفْسَدَةٌ وَلِلرَّعِيَّةِ مُهْلِكَةٌ قَالَ أَشْهَبُ أَمَّا بيع التركات فِي مَجْلِسه قَضَائِهِ أَوْ مَالِ غَائِبٍ أَوْ صَغِيرٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَنْبَغِي إِكْثَارُ الدُّخُولِ عَلَيْهِ وَلَا الرُّكُوبُ مَعَهُ إِلَّا لِأَهْلِ الْأَمَانَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَالْفَضْلِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِنْ خَصْمٍ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا أَوْ قِيَاسًا لَهُ وَإِنْ كَافَأَهُ وَلَا مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ إِلَّا أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ التَّسَلُّفُ مِنْ إِخْوَانِهِ الَّذِينَ يَعْرِفُ لَهُ السَّلَفَ مِنْهُمْ وَيَسْتَعِينُ بِإِخْوَانِهِ فِي حَوَائِجِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَنْبَغِي لَهُ التَّضَاحُكُ مَعَ النَّاسِ وَتَكُونُ فِيهِ عُبُوسَةٌ بِغَيْرِ غَضَبٍ وَيَلْزَمُ التَّوَاضُعَ مِنْ غَيْرِ وَهْنٍ لَا تَرْكَ حَقٍّ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْغَنَاءُ عَنِ الْأَعْوَانِ كَمَا كَانَ الْخُلَفَاءُ فَهُوَ أَفْضَلُ فَإِنِ احْتَاجَ فَلْيُخَفِّفْ مَا اسْتَطَاعَ وَيمْنَع من رفع الصَّوْت عِنْده لَيْلًا يُدْهَشَ وَيَتَنَزَّهُ عَنِ الْعَوَارِي وَالْمُقَارَضَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ أَنْ يُطَالِعَ ضَيْعَتَهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَشْتَرِي بِنَفْسِهِ وَلَا بوكيل مَعْرُوف لَيْلًا يُسَامِحَ وَلَا يُوَكِّلُ إِلَّا مَنْ يَأْمَنُهُ عَلَى دينه لَيْلًا يَسْتَرْخِصَ لَهُ بِسَبَبِ الْحُكْمِ وَلَا يَدْرِي النَّاسُ منزلَة لأحد عِنْده لَيْلًا يُؤْتى من قبله ويدعوا أَحَدًا فِي عَدَالَةٍ وَلَا شَهَادَةٍ وَيَكْفِي الْقَاضِيَ مِنَ الْمَعْرِفَةِ مَنْحُ الرَّجُلِ صَحْبَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِأَنَّهُ يُخَادِعُ النَّاسَ بِالْمَنْزِلَةِ عِنْدَ الْقَاضِي كَثْرَة النَّاسِ فِي الرُّكُوبِ مَعَهُ تُعَظِّمُ عَلَيْهِ نَفْسَهُ وتعظم عَلَيْهِ خُلُقَهُ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الرِّشْوَةِ لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ عَلَى الْحُكْمِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِنِيُّ وَالْبَكْرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا كَانَ لَا ياخذرزقا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا إِلَّا بعوض وأجراه مَجْرَى الْهَدِيَّةِ وَحَقِيقَةُ الرَّشْوَةِ الْأَخْذُ لِلْحَكَمِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أَوْ لِإِيقَافِ الْحُكْمِ فَهَذَا هُوَ الْحَرَامُ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ ش تَحْرُمُ الْهَدِيَّةُ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَادَتُهُ أَنْ يُهْدِيَ إِلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَمِمَّنْ عَادَتُهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ حُكُومَةٌ أَوْ يَسْتَشْعِرُهَا لَهُ أَوْ أَهْدَى لَهُ أَعْلَى مِمَّا عَادَته أَن يهديه وَالْإِجَارَة مَعَ الْكَرَاهَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَهْدَى إِلَيْهِ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا أَخَذَ الْمُحْرَّمَةَ هَلْ يَرُدُّهَا لِرَبِّهَا أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُهْدِيَ أَهْدَى إِلَيْهِ لِمَكَانِ وِلَايَتِهِ وَهُوَ مُنْتَصِبٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ فَكَأَنَّهُ أَهْدَاهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِمْ وَجَوَّزُوا حُضُورَهُ الْوَلَائِمَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَكَرِهُوا تَوَلِّيَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يكون وَكيلا مَعْرُوفًا وَلَهُمْ فِي الْفُتْيَا فِي أَحْكَامِ الْخُصُومَاتِ قَولَانِ وَوَافَقَ ابْن حَنْبَل ش فِي لهدية وَأَقْسَامِهَا وَالْوَلَائِمِ وَالْبِيَعِ وَعِنْدَ ح مَتَى قَبِلَ الرِّشْوَةَ انْعَزَلَ وَلَا يُنَفَّذُ قَضَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَتُوبَ فَإِذَا تَابَ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ تَوْلِيَةٍ لِأَنَّ الْفِسْقَ يُبْطِلُ حُكْمَهُ كَالشَّهَادَةِ بل أولى لِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي يُنَفَّذُ عَلَى الْغَيْرِ وَالشَّاهِدُ لَا يَنْفُذُ قَوْلُهُ عَلَى الْغَيْرِ وَيَعُودُ لِغَيْرِ وِلَايَةٍ لِزَوَالِ الْمُعَارِضِ فَيَعْمَلُ السَّبَبُ السَّابِقُ وَفَصَّلَ فِي الْهَدِيَّةِ مِثْلَ ش.