فصل: الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْمَسْحِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْمَسْحِ:

الَّذِي هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْغُسْلِ وَفِيهِ فَصْلَانِ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ:

قَالَ فِي الْكِتَابِ يَمْسَحُ عَلَيْهَا فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ أَعَادَ الصَّلَاةَ أَبَدًا خِلَافًا ح فِي قَوْلِهِ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يَجِبُ عِنْدَهُ لِاقْتِضَاءِ الْقُرْآنِ الْغُسْلَ وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ عِنْدَهُ وَنَسْخُ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مُمْتَنَعٌ إِجْمَاعًا وَقَالَ بِمَسْحِ الْخُفَّيْنِ لِوُصُولِ أَحَادِيثِهِ إِلَى التَّوَاتُرِ عِنْدَهُ فَأَمْكَنَ النَّسْخُ.
احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ انْكَسَرَتْ إِحْدَى زَنْدَيَّ فَأَمَرَنِي عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاهِيَةٌ فَنَعْدِلُ إِلَى الْقِيَاسِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ وَبِطْرِيقِ الْأَوْلَى لِمَزِيدِ الشِّدَّةِ وَيُؤَكِّدُ هَذَا الْقِيَاسَ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعَثَ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَصَائِبُ الْعَمَائِمُ وَالتَّسَاخِينُ الْخِفَافُ وَإِذَا جَازَ الْمَسْحُ لِضَرُورَةِ الْبَرْدِ فَأَوْلَى الْجِرَاحُ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا فَرْقَ فِي الْمَذْهَبِ بَيْنَ تَرْكِ الْجَبِيرَةِ أَوْ بَعْضِهَا وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يُجْزِئُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ عَلَى أَصْلِهِمْ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ. حُجَّتُنَا أَنَّ الْعُضْوَ كَانَ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُ بَرَاءَتِهِ بِمَا ذَكَرَهُ الْخَصْمُ مِنَ الطَّهَارَةِ. سُؤَالٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَالتَّيَمُّمُ بَدَلَانِ مِنَ الْغُسْلِ وَلَا يَجِبُ تَعْمِيمُهَا فِي مَوَاضِعِ الْغَسْلِ لِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَالْكُوعَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ. جَوَابُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَبِيرَةِ وَالْخُفَّيْنِ أَنَّهَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْغَسْلِ بِخِلَافِ الْخُفَّيْنِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ أَنَّهُ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بَدَلٌ عَنْ أَصْلِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ لَا بَدَلَ عَنْ أَجْزَائِهِمَا فَالْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ لَمْ يُهْجَرَا بَلْ هُمَا مَطْلُوبَانِ فَوَجَبَتِ الْعِنَايَةُ بِمُرَاعَاةِ أَجْزَائِهِمَا وَالتَّيَمُّمُ فَقَدَ أَعْرَاضَ الطَّهَارَتَيْنِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ أَجْزَاؤُهُمَا.
فُرُوعٌ سِتَّةٌ:
الْأَوَّلُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ الْجُنُبُ يَنْكَبُّ الْمَاءُ عَنْ جُرْحِهِ أَوْ شَجَّتِهِ غَسَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ إِذَا صَحَّ فَإِنْ لم يغسل حَتَّى صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً وَهُوَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُصِيبُهُ الْوُضُوءُ أَعَادَ صَلَاتَهُ مِنْ حِينِ قَدَرَ عَلَى مَسِّهِ بِالْمَاءِ كَاللُّمْعَةِ.
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ فِي غَسْلِ جَسَدِهِ لَا أَنَّهُ لَا يَمْسَحُهَا فَإِذا صَحَّ غسل الْموضع الَّذِي كَانَ بمسح عَلَيْهِ كَالْخُفِّ إِذَا نَزَعَهُ إِلَّا أَنْ يَبْرَأَ الْجُرْحُ وَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ الْأَوَّلِ كَمَا إِذَا نَزَعَ خُفَّهُ وَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَتِ الشَّجَّةُ فِي رَأْسِهِ وَمَسَحَهَا لِلْوُضُوءِ لَا يُجْزِئُهُ الْمَسْحُ عَنِ الْجَنَابَةِ وَهَذَا الْفَرْعُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَنَابَةَ تُجْزِئُ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ فَأَجْزَأَ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ كَالْحَيْضِ مَعَ الْجَنَابَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنِ اغْتَسَلَ لِجَنَابَتِهِ أَعَادَ حِينَ الْغُسْلِ قَالَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ الْمَوْضِعَ إِذَا تَرَكَهُ نَاسِيًا فَقَطْ وَالْمُتَأَوِّلُ وَالْعَامِدُ يُعِيدَانِ الْغُسْلَ. سُؤَالٌ تَنُوبُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ عَنْ نِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَلَا تَنُوبُ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ للْوُضُوء عَن نِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْغُسْلِ إِذَا نَسِيَهُ وَإِنْ كَانَ بَدَلًا مِنَ الْوُضُوءِ فَرْضًا كَالْجَنَابَةِ وَنَقَلَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا. جَوَابُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ عَنِ الْوُضُوءِ بَدَلَ الْوُضُوءِ وَهُوَ بَعْضُ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمَ عَنِ الْجَنَابَةِ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ جَمِيعِ الْجَسَدِ وَبَدَلُ الْبَعْضِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ وَالْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ أَصْلَانِ فِي لُمْعَةِ الْجَبِيرَةِ مُتَسَاوِيَانِ فِيهَا بِإِجْزَاءِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ.
الثاني: قَالَ فِي الْكِتَابِ يَمْسَحُ عَلَى الدَّوَاءِ وَالْمَرَارَةِ عَلَى الظُّفُرِ وَالْقِرْطَاسِ عَلَى الصُّدْغِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ مُتْلِفًا بَلْ لِمُجَرَّدِ الضَّرُورَةِ أَوْ خَوْفَ زِيَادَةِ الْمَرَضِ أَوْ تَأْخِيرِ الْبُرْءِ خِلَافًا ش فِي اشْتِرَاطِهِ التَّلَفَ.
الثَّالِثُ:
لَوْ سَقَطَتِ الْجَبِيرَةُ قَبْلَ الْبُرْءِ أَوْ حَلَّهَا لِلتَّدَاوِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ قَدَرَ أَنْ يَمْسَحَ نَفْسَ الْجُرْحِ وَجَبَ وَإِلَّا رَدَّ الْجَبِيرَةَ فِي حِينِهِ وَمَسَحَ عَلَيْهَا فَإِنِ احْتَاجَتِ الْمُدَاوَاةُ إِلَى طُولٍ فَهَلْ يُعِيدُهَا أَوْ يَبْنِي عَلَى قَصْدِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي نَاسِي بَعْضِ طَهَارَتِهِ ثُمَّ ذَكَرَهُ بِحَيْثُ لَا مَاءَ وَطَالَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ لِلْمَاءِ أَوْ هُرِيقَ مَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَطَالَ ذَلِكَ. قَالَ فَإِنْ كَانَتِ الْجَبِيرَةُ فِي ذِرَاعِهِ فَمَسَحَ عَلَيْهَا لَمْ يُعِدْ مَا بَعْدَهَا لِأَنَّ التَّرْتِيبَ قَدْ وَقَعَ فِي وُضُوئِهِ أَوَّلًا وَاتَّصَفَ بِالْكَمَالِ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ بَعْضَ طَهَارَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ سُقُوطِ الْجَبِيرَةِ وَالْعُصَابَةِ الْعُلْيَا الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسْحُ كَالْخُفِّ الْأَعْلَى إِذَا نَزَعَهُ.
الرَّابِعُ:
إِذَا كَثُرَتِ الْخِرَقُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إِنْ أَمْكَنَ الْمَسْحُ عَلَى السُّفْلَى لَا يَمْسَحُ عَلَى الْعُلْيَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُجْزِئُ وَيَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى لُبْسِ خُفٍّ عَلَى خُفٍّ لِأَنَّهُ إِذَا انْتَقَلَ الْفَرْضُ لِلْجَبِيرَةِ لَا يَجِبُ مَحَلٌّ مَخْصُوصٌ بَلِ الْإِمْرَارُ بِالْيَدِ.
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ مِنَ الطَّرَّازِ:
إِذَا قُلْنَا لَا يَمْسَحُ إِلَّا عَلَى أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْكَثِيفِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ وَهَذَا الْكَلَامُ فِي الِارْتِفَاعِ وَأَمَّا الْعَرْضُ فَلَا يجوز أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الْمَوْضِعِ السَّالِمِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ضَرُورَةِ شَدِّهِ وَكَذَلِكَ الْعُصَابَةُ إِنْ أَمْكَنَ حَلُّهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ حَلَّهَا وَمَسَحَ عَلَى الْجُرْحِ إِنْ تَعَذَّرَتْ مُبَاشَرَتُهُ بِالْمَسْحِ.
الْخَامِسُ:
قَالَ فِي الطَّرَّازِ لَا يُعِيدُ مَا صَلَّى بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ خِلَافًا ش قِيَاسًا عَلَى مَا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَالْخُفَّيْنِ وَصَلَاةِ الْمَرِيضِ وَالْخَائِفِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ هَلْ هِيَ شَرْطٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ أَمْ لَا فَعِنْدَ الشَّافِعِي هِيَ شَرْطٌ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا شَجَّةٌ فِي رَأسه فَاحْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابه على تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذا لم يعلمُوا وَإِنَّمَا شِفَاء الغى السُّؤَالُ وَإِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَشُدَّ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَوْ كَانَ طَهَارَةً لَمْ يُحْتَجْ إِلَى الْغُسْلِ لِأَنَّا لَا نَعْنِي بِالطَّهَارَةِ إِلَّا مَا أَزَالَ الْمَانِعَ الشَّرْعِيَّ وَلِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ طَهَارَتَيْنِ خِلَافُ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ فِي الْأَحْدَاثِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى حَالَتَيْنِ حَتَّى يَكُونَ مَعْنَاهُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ إِنْ عَجَزَ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَيَشُدَّ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ إِنْ أَمْكَنَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ وَمِثْلُ هَذَا الْإِضْمَارِ مُجْمَعٌ عَلَى جَوَازِهِ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ غَيْرُ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَحُمِلَ كَلَامُ الشَّارِعِ عَلَى مُوَافَقَةِ قَوَاعِدِهِ وَطَرْدِ عَوَائِدِهِ وَمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرْتُمُوهُ وَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَإِنِ ابْتَدَأَ لُبْسَهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْإِعَادَةِ وَإِذَا ثَبَتَ الْجَوَازُ بِدُونِ الطَّهَارَةِ لَا تَكُونُ شَرْطًا فِيهِ. وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَمُنْدَفِعٌ بِفَارِقِ الضَّرُورَةِ فَإِنَّ الْجُرْحَ يَأْتِي بِغَيْرِ عِلْمٍ.
السَّادِسُ فِي الْجَوَاهِرِ:
إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ لَا يُمْكِنُ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَلَا مُلَاقَاتُهُ بِالْمَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ التَّيَمُّمِ وَلَا يُمْكِنُ مَسُّهُ بِالتُّرَابِ وَجَبَ تَرْكُهُ فَلَا غُسْلَ وَلَا مَسْحَ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ التَّيَمُّمُ لِيَأْتِيَ بِطَهَارَةٍ تَامَّةٍ وَالْغُسْلُ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا فَائِدَتَانِ الْأُولَى إِيقَاعُ الطَّهَارَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحَدَثِ عَبَثٌ لَكِنَّهُ جَازَ عَلَى الْجَبَائِرِ وَالْخِفَافِ لمسيس الْحَاجة لهَذِهِ الْأُمُور لَيْلًا يَعْتَادَ الْمُكَلَّفُ تَرْكَ الْمَسْحِ وَالْغُسْلَ فَيَثْقُلَا عَلَيْهِ عِنْدَ إِمْكَانِهِمَا الثَّانِيَةُ يُفَرَّقُ الْفَصْلُ مِنَ الْجَسَدِ إِنْ كَانَ فِي الرَّأْسِ قِيلَ لَهُ شَجَّةٌ أَوْ فِي الْجِلْدِ قِيلَ لَهُ خَدْشٌ أَوْ فِيهِ وَفِي اللَّحْمِ قِيلَ لَهُ جُرْحٌ وَالْقَرِيبُ الْعَهْدِ الَّذِي لَمْ يُفْتَحْ يُقَالُ لَهُ خُرَّاجٌ فَإِنْ فُتِحَ قِيلَ لَهُ قَرْحٌ أَوْ فِي الْعَظْمِ قِيلَ لَهُ كَسْرٌ أَوْ فِي الْعَصَبِ عَرْضًا قِيلَ لَهُ بَتْرٌ وَطُولًا قِيلَ لَهُ شَقٌّ وَإِنْ كَانَ عَدَدُهُ كَثِيرًا سُمِّيَ شَدْخًا أَوْ فِي الْأَوْرِدَةِ وَالشَّرَايِينِ قِيلَ لَهُ انْفِجَارٌ وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا فِي قَوْلِ الْجَلَّابِ وَالتَّهْذِيبِ مَنْ كَانَتْ لَهُ شِجَاجٌ أَوْ جِرَاحٌ أَوْ قُرُوحٌ فَيَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَهَا فِي اللُّغَةِ.

.الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ:

وَالْكَلَامُ فِي حُكْمِهِ وَشُرُوطِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ.

.أَمَّا حُكْمُهُ:

فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ فِي الْكِتَابِ:
يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ ثُمَّ قَالَ لَا يَمْسَحُ الْمُقِيمُ وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنِ الْأَوَّلِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ إِنِّي لَأَقُولُ الْيَوْمَ مَقَالَةٌ مَا قُلْتُهَا قَطُّ قَدْ أَقَامَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالْمَدِينَةِ عشر سنسن وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ فِي خِلَافَتِهِمْ وَذَلِكَ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً فَلَمْ يَرَهُمْ أَحَدٌ يَمْسَحُونَ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْأَحَادِيثُ بِالْقَوْلِ وَكِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ وَيُعْمَلَ بِهِ.
وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ لَا أَمْسَحُ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِيهَا آخِرُ مَا فَارَقْتُهُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ.
قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَالْمَازِرِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ بِالْمَنْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ كَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ وَقَدْ يَتْرُكُ الْعَالِمُ مَا يُفْتِي بِجَوَازِهِ فَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَخْبَارُ الْمَسْحِ قَدْ وَرَدَتْ فِي الصِّحَاحِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ بَعْدَهَا كَمَا يَزْعُمُ جَمَاعَةٌ لَكِنْ فِي مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ رَأَيْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ الْمَائِدَةِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَسِيرٍ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ فِي الْحَضَرِ قَوْله تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ} بِالْخَفْضِ إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَتَى سُبَاطَةَ قوم فَبَال قَائِما وَمسح على خفيه والسباطة الْمِزْبَلَةُ وَهِيَ مِنْ خَوَاصِّ الْحَضَرِ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ وَقَّتَ لِلْحَاضِرِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالتَّوْقِيتُ فَرْعُ الْجَوَازِ وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ إِنَّمَا تَعْظُمُ فِي نَزْعِ الْخُفِّ فِي السَّفَرِ لِفَوَاتِ الرِّفَاقِ وَقَطْعِ الْمَسَافَاتِ مَعَ تَكْرَارِ الصَّلَوَاتِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ سَفَرُ الْبَحْرِ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ لِجِنْسِ السَّفَرِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ السَّفَرُ فِي الْبَرِّ فَكَانَ سَفَرُ الْبَحْرِ تَبَعًا لَهُ وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُشَابِهَةٌ لِلصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا شَرْطَهَا وَلِإِبْطَالِ الْحَدَثِ لَهُمَا وَرُخْصَةُ الْقَصْرِ فِي الصَّلَاةِ تَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ فَكَذَلِكَ الطَّهَارَةُ فَتَكُونُ رُخْصَةً فِي عِبَادَةٍ تَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ أَصْلُهُ الصَّوْمُ.
فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ:
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا لَا يَمْسَحُ إِلَّا الْمُسَافِرُ فَيُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الْإِبَاحَةُ قِيَاسًا عَلَى الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ وَلِأَنَّ الرُّخَصَ لَا تُسْتَبَاحُ بِالْمَعَاصِي وَإِذَا قُلْنَا يَمْسَحُ الْحَاضِرُ وَالْمُسَافِرُ فَهَلْ يَمْسَحُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ؟ قَوْلَانِ، وَالصَّحِيحُ الْمَسْحُ لِأَنَّ عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ يَصِيرُ طَرْدِيًّا فِي الرُّخْصَةِ.
الثَّانِي:
قَالَ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ لِلْمَسْحِ تَوْقِيت خلافًا ح وش قَالَ صَاحب الطَّرَّازِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْهُ يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهَذَا الْقَوْلُ إِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ السِّرِّ الَّذِي بَعَثَهُ إِلَى الرَّشِيدِ وَالْأَصْحَابُ يُنْكِرُونَهُ فَقَالَ فِيهِ عَلَى زَعْمِ النَّاقِلِ يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِي مُسْلِمٍ رَخَّصَ لَنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَلَّا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْغُسْلُ بِالْقُرْآنِ فَلَا يُتْرَكُ إِلَّا لِدَلِيلٍ مَعْلُومٍ رَاجِحٍ عَلَيْهِ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ مَا رَوَاهُ سَحْنُونُ فِي الْكِتَابِ عَنْ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ مِنْ فَتْحِ الشَّامِ وَعَلَيَّ خُفَّايَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ كَمْ لَكَ مُنْذُ لَمْ تَنْزِعْهُمَا؟ فَقُلْتُ لَبِسْتُهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْيَوْمَ الْجُمُعَةُ ثَمَانٍ فَقَالَ أَصَبْتَ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَوْ لَبِسْتُ الْخُفَّيْنِ وَرِجْلَايَ طَاهِرَتَانِ وَأَنَا على وضوء لم أبال أَن لَا أَنْزِعَهُمَا حَتَّى أَبْلُغَ الْعِرَاقَ وَأَقْضِيَ سَفَرِي وَلِأَنَّ التَّوْقِيتَ يُنَافِي أُصُولَ الطَّهَارَاتِ فَإِنَّهَا دَائِرَةٌ مَعَ أَسْبَابِهَا لَا مَعَ أَزْمَانِهَا وَإِذَا تَقَابَلَتِ الْأَخْبَارُ بَقِيَ مَعَنَا النَّظَرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَابْنُ مَعِينٍ حَدِيثَانِ لَا أَصْلَ لَهُمَا وَلَا يَصِحَّانِ حَدِيثُ التَّوْقِيتِ وَحَدِيثُ التَّسْلِيمَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْكَارُ الْمَسْحِ أَصْلًا وَأَنَّ الْمَائِدَةَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الْمَسْحِ وَفِي أَبِي دَاوُد عَن أبي عُمَارَةِ أَنَّهُ قَالَ «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَوْمًا قَالَ يَوْمَيْنِ قَالَ وَثَلَاثًا قَالَ نَعَمْ وَمَا شِئْتُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سَنَدِهِ اخْتِلَافٌ.
الثَّالِثُ:
إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَمَسْحِ الْمُقِيمِ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ هَلْ يَبْنِي عَلَى ذَلِكَ مُدَّةَ الْمُسَافِرِ أَمْ لَا؟ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْمُسَافِرِ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ هَلْ يَبْنِي عَلَيْهَا صَلَاةَ الْمُقِيم أم لَا؟ وَقَالَ الشَّافِعِي ينْزع بعد يَوْم وَلَيْلَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة يُقيم مُدَّة الْمُسَافِر.

.وَأَمَّا شُرُوطُهُ:

فَعَشَرَةٌ وَهِيَ:
أَنْ يَكُونَ جِلْدًا طَاهِرًا مَخْرُوزًا سَاتِرًا لِمَحَلِّ الْفَرْضِ وَيُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ لِذَوِي الْمُرُوءَةِ لُبِسَ عَلَى طَهَارَةٍ بِالْمَاءِ كَامِلَةٍ وَأَنْ يَكُونَ لَابِسُهُ حَلَالًا غَيْرَ مُرَفَّهٍ:
فَالْأَوَّلُ: احْتِرَازٌ مِنَ الْخِرَقِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ خُفًّا لِلْعَرَبِ وَلَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا وَلَا وَرَدَتْ بِهَا الرُّخْصَةُ.
الثَّانِي: احْتِرَازٌ مِنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ بِالنَّجِسِ لَا تَجُوزُ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُعْتَادُ الَّذِي وَرَدَتْ فِيهِ السُّنَّةُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ.
الثَّالِثُ: احْتِرَازٌ مِنَ الْمَرْبُوطِ لِمَا تَقَدَّمَ.
الرَّابِعُ: فِي الْجَوَاهِرِ احْتِرَازٌ مِمَّا دُونَ الْكَعْبَيْنِ فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَقَدْ قَصُرَ الْبَدَلُ عَنِ الْمُبْدَلِ وَالْأَصْلُ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ غَسَلَ مَا بَقِيَ جَمَعَ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْبَدَلَ هُوَ الْمَشْرُوعُ سَادًّا مَسَدَّ الْمُبْدَلِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمُحْرِمِ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا قَطَعَهُمَا دُونَ الْكَعْبَيْنِ وَيُمِرُّ الْمَاءَ عَلَى مَا بَدَا قَالَ الْبَاجِيُّ وَالَّذِي قَالَ هَذَا إِنَّمَا هُوَ الْأَوْزَاعِيُّ وَهُوَ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ فَلَعَلَّهُ وَهِمَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ يُخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي أَنَّ غَسْلَ الْكَعْبَيْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ: إِذَا قَطَعَ الْخُفَّ إِلَى فَوْقِ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ خرج عَن مَوضِع الْغسْل قإن كَانَ ذَلِكَ لَا يُرَى مِنْهُ الْقَدَمُ جَازَ الْمَسْحُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِي إِنْ كَانَ فِيهِ شَرْجٌ يُفْتَحُ وَيُغْلَقُ إِنْ أُغْلِقَ جَازَ الْمَسْحُ وَإِنْ فُتِحَ غَلْقُهُ بَطَلَ الْمَسْحُ.
الْخَامِسُ: احْتِرَازٌ مِنَ الْوَاسِعِ جِدًّا أَوِ الْمَقْطُوعِ قَطْعًا فَاحِشًا قَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَ قَلِيلًا مَسَحَ وَإِلَّا فَلَا وَتَحْدِيدُ الْكَثِيرِ بِالْعرْفِ خلافًا لأبي ح فِي تَحْدِيدِهِ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ فَإِنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ عَادَةِ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَعْزِفُونَ عَنِ الْقطع الْيَسِيرِ لَا سِيَّمَا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَعَ غَزْوِهِمْ وَكَثْرَةِ أَسْفَارِهِمْ فَكَانَ الْجَوَازُ فِي الْقَلِيلِ مَعْلُومًا وَأَمَّا مَنْ حَدَّهُ بِغَيْرِ الْعُرْفِ فَرِوَايَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ ظُهُورُ الْقَدَمِ أَوْ جُلُّهَا وَحَدَّهُ الْبَغْدَادِيُّونَ بِإِمْكَانِ الْمَشْيِ فِيهِ فَرَاعَى الْأَوَّلُونَ ظُهُورَ الْمُبْدَلِ وَالْآخَرُونَ فَقْدَ الْحَاجَةِ إِلَى اللُّبْسِ فَإِنْ شَكَّ فِي مُجَاوَزَةِ الْقَطْعِ لِلْقَدْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَمْسَحُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْغَسْلُ.
السَّادِسُ: احْتِرَازٌ مِنَ الْمُحْدِثِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ أَبَاهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفِّ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا وَرَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ ثُمَّ أَهَوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ يَعْنِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْلَا الطَّهَارَةُ لَمَا جَازَ الْمَسْحُ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الطَّهَارَةِ وَقَالَ صَاحب الطّراز قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ حَالَةَ اللُّبْسِ بَلْ لَوْ لَبِسَهُمَا مُحْدِثًا وَأَدْخَلَ الْمَاءَ فِيهِمَا حَتَّى عَمَّ رِجْلَيْهِ صَحَّ فَالشَّرْطُ عِنْدَهُ وُرُودُ الْحَدَثِ وَهُوَ لَابِسُهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ قَالَ ابْن اللُّبْسَ عَادَةٌ لَا عِبَادَةٌ وَالطَّهَارَةُ إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي الْعِبَادَاتِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ حُكْمُ الطَّهَارَةِ فِي اللُّبْسِ عِنْدَ طُرُوِّ الْحَدَثِ وَالرِّجْلُ مَكْنُونَةٌ فِي الْخُفِّ فَلَا يُصَادِفُهَا الْحَدَثُ وَهَذَا تَهْوِيلٌ لَيْسَ عَلَيْهِ تَعْوِيلٌ فَإِنَّ الْحَدَثَ لَيْسَ جِسْمًا يُحْجَبُ بِالْخِفَافِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُتَعَلِّقٌ بِمَا دَلَّ النَّصُّ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِهِ ثُمَّ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُشْكِلُ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ» فَعَلَّلَ الطَّهَارَةَ بِالْمُقَارَنَةِ الثَّانِي إِذَا كَانَ اكْتِنَانُ الرِّجْلِ فِي الْخُفِّ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْحَدَثِ فَيَنْبَغِي إِذا نزع الْخُف أَو الْجَبِيرَة لَا يَجِبُ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ الْمَسْتُورَةِ بِهِمَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْحَدَثِ بِهَا.
السَّابِعُ: احْتِرَازٌ مِنَ التَّيَمُّمِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَ أَصْبَغُ يَمْسَحُ إِذَا لَبِسَهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ لَبِسَهُمَا لَا يَمْسَحُ لِانْتِفَاضِ تَيَمُّمِهِ بِتَمَامِ صَلَاتِهِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى رَفْعِ الْحَدَثِ فَأَصْبَغُ يَرَاهُ وَمَالِكٌ لَا يرَاهُ.
تَحْقِيقٌ:
قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدَثَ لَهُ مَعْنَيَانِ الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ كَالرِّيحِ وَنَحْوِهِ وَلِذَلِكَ يُقَالُ أَحْدَثَ إِذَا وُجِدَ مِنْهُ سَبَبٌ مِنْهَا وَالثَّانِي الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى الصَّلَاةِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ وَهُوَ الَّذِي تُرِيدُهُ الْفُقَهَاءُ بِقَوْلِهِمْ يَنْوِي فِي وُضُوئِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالتَّيَمُّمُ يُبِيحُ إِجْمَاعًا وَمَعَ الْإِبَاحَةِ لَا مَنْعَ فَيَكُونُ الْحَدث قد ارْتَفع ضَرُورَة قلا مَعْنَى لِقَوْلِنَا إِنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ فَلَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي بَقَاءَ الْمَنْعِ مَعَ الْإِبَاحَةِ فَإِنَّ اجْتِمَاعَ الضِّدَّيْنِ مُحَالٌ عَقْلًا وَالشَّرْعُ لَا يَرِدُ بِخِلَافِ الْعَقْلِ فَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ مُفَسَّرًا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبْرَزَ حَتَّى نَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ أَوِ الْقَبُولِ فَإِنَّا لَا نَجِدُ غَيْرَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ.
الثَّامِنُ: احْتِرَازٌ مِنْ غَسْلِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَإِدْخَالِهَا فِي الْخُفِّ قَبْلَ غَسْلِ الرِّجْلِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا يَمْسَحُ حَتَّى يَخْلَعَ ثُمَّ يَلْبَسُهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ خلافًا لأبي ح وَمُطَرِّفٍ مِنْ أَصْحَابِنَا.
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَتَمَّ وُضُوءَهُ قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ بَعْدَ وُضُوئِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فالأصحاب يخرجُون هَذَا الْفَرْع بطريقين يبْقى أَنَّ الْحَدَثَ هَلْ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ أم لَا يرْتَفع إِلَّا بعد كَمَا الطَّهَارَةِ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالِارْتِفَاعِ فَمَذْهَبُ مُطَرِّفٍ وَإِلَّا فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَهِيَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْحَدَثَ هُوَ الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ مِنَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ الْمُحْدِثُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ قَبْلَ الْكَمَالِ بِالْإِجْمَاعِ فَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يُقَالَ الْحَدَثُ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَمَا يَظْهَرُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِبَعْضِ طَهَارَتِهِ وَهُوَ مُحْدِثٌ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ الْمَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ كَانَتِ الطَّهَارَةُ تَحْصُلُ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ يُوجَبُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بعض الْأَعْضَاء كمن مَعَه لَا يَكْفِيهِ لإزالته النَّجَاسَةِ إِلَّا عَنْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ فَإِنَّهُ يُزِيلُ مِنْهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. وَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى أَنَّ الْمُسْتَدِيمَ لِلشَّيْءِ هَلْ يَكُونُ كَالْمُبْتَدِئِ لَهُ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَهُوَ دَاخِلُهَا أَوْ لَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ أَمْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
فَرْعَانِ:
الْأَوَّلُ:
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الشَّرْطُ حُصُولُ الطَّهَارَةِ غُسْلًا أَوْ وُضُوءًا وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَمْسَحُ عَلَى طَهَارَةِ الْغُسْلِ.
الثاني: قَالَ لَوْ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ لُمْعَةً فِي وَجْهِهِ أَوْ يَدَيْهِ فَغَسَلَ ذَلِكَ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ لَا يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُمَا بَعْدَ غَسْلِ اللُّمْعَةِ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ وَعَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ يَمْسَحُ. التَّاسِعُ: احْتِرَازٌ مِنَ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ فَإِنْ لَبِسَهُمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا.
قَالَ الْبَاجِيُّ: وَعِنْدِي يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ أَنْ تَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَمْنُوعَةً مِنْ لُبْسِهِمَا.
سُؤَالٌ:
الْمُحْرِمُ وَالْغَاصِبُ لِلْخُفِّ كِلَاهُمَا عَاصٍ بِاللُّبْسِ وَالْغَاصِبُ إِذَا مَسَحَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ فَمَا الْفَرْقُ؟ جَوَابُهُ أَنَّ الْغَاصِبَ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا أَدْرَكَهُ التَّحْرِيمُ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَأَشْبَهَ الْمُتَوَضِّئَ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ وَالذَّابِحَ بِالسِّكِّينِ الْمَغْصُوبَةِ فَيَأْثَمَانِ وَتَصِحُّ أَفْعَالُهُمَا وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَمْ يُشْرَعْ لَهُ الْمَسْحُ أَلْبَتَّةَ.
الْعَاشِرُ: احْتِرَازٌ مِنَ الْمُتَرَفِّهِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا اخْتَضَبَتِ الْمَرْأَةُ بِالْحِنَّاءِ وَهِيَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَبِسَتِ الْخُفَّ فَتَمْسَحُ عَلَيْهِ إِذَا أَحْدَثَتْ أَوِ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ فَيَلْبَسُهُ لِيَمْسَحَ إِذَا اسْتَيْقَظَ لَا يُعْجِبُنِي وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يُرِيدُ الْبَوْلَ.
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ يُعِيدُ أَبَدًا.
وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ وَأَصْبَغُ: يُكَرَهُ ذَلِكَ وَالصَّلَاةُ تَامَّةٌ لِأَنَّ الْخُفَّ لَا يُشْتَرَطُ فِي لُبْسِهِ نِيَّةُ الْقُرْبَةِ فَلَا يَضُرُّهُ فِيهِ الرَّفَاهِيَةُ. حُجَّةُ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّ الْخُفَّ إِنَّمَا شُرِّعَ لُبْسُهُ لِلْوُضُوءِ لَا لِمُتْعَةِ اللُّبْسِ فَلَا تتْرك عَزِيمَة غسل الرجلَيْن لغير ضَرُورَة.