فصل: الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَوْفِيهِ:

وَفِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ لِمُوَلِّيهِ إِذَا جُرِحَ وَالْوَلِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلِ وَوَارِثُ الْوَلِيِّ كَالْوَلِيِّ فِي الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ وَإِنْ قَتَلَ الْأَوْلِيَاءُ الْقَاتِلَ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ الْأَدَبِ لِلْجِنَايَةِ عَلَى حَقِّ الْإِمَامِ وَمَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَكَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَلَدُ الْقَاتِلِ كَرِهَ مَالِكٌ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَقَالَ أَكْرَهُ لَهُ تَحْلِيقَهُ فَكَيْفَ قَتْلَهُ وَإِنْ قُتِلَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ بِبَيِّنَةٍ فَلِأُمِّهِ أَنْ تَقْتُلَ كَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ أُمٌّ أَوْ عَصَبَةٌ فَصَالَحَ الْعَصَبَةُ وَابْنُ الْأُمِّ فلهَا الْقَتْل وَإِن مَاتَت الم فَلِوَرَثَتِهَا مَا كَانَ لَهَا وَكَذَلِكَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ فِي الْقِصَاصِ جَمَاعَةٌ فَهُوَ لِجَمِيعِهِمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ وَرُوِيَ لَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ فِيهِ وَرُوِيَ يَدْخُلْنَ إِلَّا أَن يكون فِي درجتهن عصبَة وعَلى لدُخُول فَهَل فِي الْعقل دُونَ الْقَوَدِ أَوِ الْقَوَدِ دُونَ الْعَفْوِ رِوَايَتَانِ.

.الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهِ:

وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَتَلَ بِحَجَرٍ قُتِلَ بِهِ أَوْ قَتَلَهُ خنقا خنق أَو غرقه غرق أَو بعصى قُتِلَ بِعَصًا وَلَيْسَ فِي مِثْلِ هَذَا عَدَدٌ وَإِنْ ضَرَبَهُ بِعَصَوَيْنِ ضُرِبَ بِالْعَصَا حَتَّى يَمُوتَ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ رِجْلَيْهِ ثُمَّ عُنُقَهُ قُتِلَ وَلَا تُقْطَعُ أَطْرَافُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ طَرَحَهُ فِي النَّهْرِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعُومُ إِنْ كَانَ لِعَدَاوَةِ قَتْلٍ أَوْ لَعِبٍ فَالدِّيَةُ وَقَالَ فِي الْمَضْرُوبِ بِعَصَوَيْنِ ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ يَقْتَادُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِمَا قُتِلَ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ خيف أَن لَا يَمُوت فِي مثل هَذَا أقيد وَإِن رُجي ذَلِك فَضرب ضَرْبَتَيْنِ كَمَا ضَرَبَ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَرَجَا زِيدَ ضَرْبَتَيْنِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْتَلُ بِالنَّبْلِ وَلَا بِالرَّمْيِ وَلَا بِالْحِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى تَرْتِيبِ الْقَتْلِ بَلْ تَعْذِيبٌ وَلَا بِالنَّارِ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَقَوْلُهُ لَا تُقْطَعُ أَطْرَافُهُ يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ تَعْذِيبًا وَمَثَّلَهُ فَيُصْنَعُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ قَطَعَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ بَقِيَّةَ كَفِّهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَصْلُ الْقِصَاصِ التَّسْوِيَةُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ اقْتِصَاصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجَرِ مِنَ الْيَهُودِ وَمَتَى طَلَبَ الْوَلِيُّ الْقَوَدَ بِأَخَفَّ مِمَّا لَهُ لَمْ يُمْنَعْ لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ أَوْ بِالْأَشَدِّ كَقَتْلِ الْأَوَّلِ بِالسَّيْفِ فَأَرَادَ الثَّانِي بِالرُّمْحِ مُنِعَ فَإِنْ ذُبِحَ الْأَوَّلُ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ السَّيْفِ أَوْ بِالنَّارِ لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الرُّمْحِ أَوْ بِالرُّمْحِ مُنِعَ مِنَ النَّارِ أَوْ بِالسُّمِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْظُرُ الْإِمَامُ فِيهِ وَالْأَصْلُ إِنْ سُقِيَ سُمًّا أَوْ طُرِحَ مِنْ شَاهِقٍ عَلَى سَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ أقيد بِالسَّيْفِ لِأَن الأول قد يخطىء قَتْلَهُ فَيَكُونُ تَعْذِيبًا وَطُولًا وَأَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ الْفَوْتُ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْخَطَأُ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ} قَالَ وَأَرَى أَنْ يُمَثَّلَ بِهِ بَعْدَ الْقَتْلِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يُقْتَصُّ فِي الْمُوَضِّحَةِ بِمِسَاحَتِهَا وَإِنْ أَخَذَتْ جَمِيعَ رَأْسِ الثَّانِي وَمِنَ الْأَوَّلِ نِصْفَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ اسْتَوْعَبَ الرَّأْسَ وَلَمْ يُكْمِلْ الْقِيَاسُ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ الْجَانِي وَلَا يَتِمُّ لَهُ مِنَ الْجَبْهَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ أَخَذَ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ أُخِذَ مِنَ الثَّانِي قرنيه وَإِن كَانَ أَكثر وَإِن نصف بِنصْف لِأَنَّهَا الْمُمَاثَلَةُ فِي الْعُضْوِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَطَعَ ثُلُثَ أُصْبُعِ طَوِيلَةٍ قُطِعَ مِنَ الثَّانِي ثُلُثُ أُصْبُعِهِ وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً وَكَذَلِكَ الْأُنْمُلَةُ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ جَازَ قَتْلُهُ فِيهِ أَوْ فِي الْحِلِّ فَوُجِدَ فِي الْحَرَمِ جَازَ الْقَوَدُ فِيهِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُقْتَلُ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَتُفْعَلُ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى كُلُّهَا فِي الْحَرَمِ وَقَالَ (ش) وَفِي الْجَوَاهِرِ يُخْرَجُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُقْتَلُ خَارِجَهُ وَقَالَ (ح) لَا يُقْتَلُ بَلْ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ وَوَافَقَنَا فِي قَطْعِ الْأَطْرَافِ وَحَدِّ الزِّنَا وَإِذَا ابْتَدَأَ الْقَتْلَ فِيهِ وَعَلَى الْحُدُود لنا عمومات الْقصاص وَالْقِيَاس على مبتديء الْقَتْلِ فِيهِ وَالْأَطْرَافِ وَحَدِّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وبالأولى لِأَن الْحُدُود بسقط بِالرُّجُوعِ عَنِ الْإِقْرَارِ وَبِغَيْرِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {من دخله كَانَ آمنا} وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَلِأَنَّهُ إِذَا امْتُنِعَ قَتْلُ الصَّيْدِ فَالْآدَمِيُّ أَوْلَى وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّكُمْ خَالَفْتُمُ الْأَمْرَ بِمَنْعِكُمْ إِيَّاهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ عَمَّا مَضَى وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مِنْ شَرْطِيَّةٌ وَلَا أَنَّ كَانَ للدوام وانتم لَا تؤمنوه إِذَا ابْتَدَأَ الْقَتْلَ وَلَا فِي الْأَطْرَافِ وَلِأَنَّ الذَّبَائِح تقع فِيهِ وَعَن الثَّانِي أَن حُرْمَة الْبَيْت أعظم.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ زَادَ الطَّبِيبُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ فِي الْقِصَاصِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ مِنَ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ.
فرع:
قَالَ يُؤْخَذُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِلْحَرِّ المفرط وَالْبرد المفرط وَمرض الْجَانِي لَيْلًا يَتَعَدَّى الْقِصَاصَ إِلَى الْجِنَايَةِ وَيُمْنَعُ مِنَ الْمُوَالَاةِ فِي قطع الْأَطْرَاف خوف الْوَضْعِ إِلَى كَمَالِ الرِّضَاعِ إِنْ تَعَذَّرَ مَنْ يُرْضِعُهُ وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ فِي الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ فَإِنْ بَادَرَ الْوَلِيُّ فَقَتَلَهَا فَلَا غُرَّةَ فِي الْجَنِينِ إِلَّا أَنْ يُزَايِلَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَالْغُرَّةُ مَا لَمْ يَسْتَهِلَّ.
فرع:
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ من قتل بِشَيْء قتل بِهِ غلا فِي وَجْهَيْنِ وَصِفَتَيْنِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ الْمَعْصِيَةُ كَالْخَمْرِ واللواط الثانب النَّار والسم وَقيل يقتل لَهَا وَالصِّفَةُ الْأُولَى فَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ إِنْ كَانَتِ الضَّرْبَةُ مُجْهِزَةً قُتِلَ بِهَا أَوْ ضَرَبَاتٌ فَلَا لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهِ الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا قَطَعَ أَرْبِعَتَهُ وَيَمِينَهُ قَصْدَ التَّعْذِيبِ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِالْعُرَنِيِّينَ فَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ كَمَا سَمَلُوا أَوْ لَا عَلَى قَصْدِ التَّعْذِيبِ فِي مُدَافَعَةٍ وَمُضَارَبَةٍ قتل بِالسَّيْفِ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْيَهُودِيَّ رَضَّ رَأْسَ الْجَارِيَةِ بَيْنَ حَجَرَيْنِ عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا فَرَضَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ» وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَتَلَهُ لِلْحِرَابَةِ عَلَى مَالِ الْجَارِيَةِ لَا لِلْقِصَاصِ فَإِنَّ الْأَوْضَاحَ حُلِيٌّ مِنَ الْفِضَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُحَارِبَ لَا يُقْتَلُ بِالْحِجَارَةِ إِجْمَاعًا فَكَيْفَ جَازَ لَكُمْ تَرْكُ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ لِمَا لَمْ يَصِحَّ وَمَعَنَا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وَقَالَ صَاحب الْمُنْتَقى الْمَشْهُور عَن مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْقِصَاصُ بِالنَّارِ إِذَا قَتَلَ بِهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ (ش) يُقْتَصُّ بِالنَّارِ خِلَافًا لِ (ح) لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الظَّوَاهِرِ احْتَجُّوا بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْمُثْلَةِ وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ» وَالْجَوَابُ عَنِ الأول أَنه يتعني حَمْلُهُ إِمَّا عَلَى سَبَبِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُمَثِّلُونَ بِالْأَنْعَامِ بِقَطْعِ أَيْدِيهَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ فِي تَمْثِيل لميتقدم لَهُ مُقْتَضٍ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْعَذَابِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي لَا الْقِصَاصِ فَإِنَّ لَفْظَ الْعَذَابِ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ.
فرع:
قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إِذَا مَاتَ مِنَ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَاف فَلَا شَيْءَ فِيهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَ (ش) وَقَالَ (ح) إِنْ قَطَعَ يَدَهُ فَمَاتَ ضَمِنَ نِصْفَ الدِّيَةِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَلمن اننصر بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} وَقِيَاسًا عَلَى قَطْعِ الْإِمَامِ يَدَ السَّارِقِ احْتَجُّوا بِأَنَّ حَقَّهُ فِي الطَّرَفِ لَا فِي النَّفْسِ فَأَفْسَدَ مَا لَيْسَ لَهُ فَيَضْمَنُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَفْسَدَهُ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ حَيْثُ لَمْ يُشْرَعْ لَهُ الْفِعْلُ.
فرع:
فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ يُقِيمُ الْإِمَامُ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ فَيَقْتَصُّوا بِأَرْفَقَ مَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ وَيُجْزِئُ الرَّجُلُ الْعَدْلُ الْوَاحِدُ فيشرط فِي رَأْسِهِ مِثْلَ الْمُوَضِّحَةِ وَيَنْزِعُ السِّنَّ بِالْكَلْبَتَيْنِ بِأَرْفَقَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَسَرَ أَطْرَافَهَا أَوْ بَعْضَهَا يَنْحِلُ مِنَ الْجَانِبِ بِقَدْرِ ذَلِكَ.
فَائِدَة:
إِنَّمَا سمي الْقِصَاصُ قَوَدًا لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُودُ الْجَانِيَ بِحَبْلٍ فِي رَقَبَتِهِ فَتُسْلِمُهُ فَسُمِّيَ الْقِصَاصُ قَوَدًا لِأَنَّهُ كَانَ يُلَازِمُهُ.

.الْأَثَرُ الثَّانِي الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْجِنَايَةِ: الدِّيَةُ:

فِي التَّنْبِيهَاتِ هِيَ مِنَ الْوَدْيِ وَهُوَ الْهَلَاكَ وَمِنْهُ أَوْدَى فُلَانٌ أَيْ هَلَكَ وَهِي تَجِبُ بِسَبَبِ الْهَلَاكِ فَسُمِّيَتْ مِنْهُ أَوْ مِنَ التودية وَهِي شدّ أطباء النَّاقة لَيْلًا يَرْضَعَهَا فَصِيلُهَا وَالدِّيَةُ يُمْنَعُ مَنْ يُطَالِبُ بِهَا من الْقود الْجِنَايَةَ أَوْ مِنْ دَوَأْتُ الشَّيْءَ مَهْمُوزًا أَيْ شَدَّيْتُهُ لِأَنَّهَا تُسْكِنُ الطَّلَبَ فَيَسْتَوِي النَّاسُ فِي السُّكُونِ عَنِ الْمُطَالَبَةِ وَفِي الدِّيَةِ سِتَّةُ أَرْكَانٍ:

.الرُّكْنُ الْأَوَّلُ فِي جِنْسِهَا وَمِقْدَارِهَا:

وَفِي الْكِتَابِ لَا يُؤْخَذُ فِيهَا إِلَّا الْإِبِلُ وَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَإِنَّمَا قَوَّمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَنْ أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ حِينَ صَارَتْ أَمْوَالُهُمْ ذَهَبًا وَوَرِقًا وَتَرَكَ دِيَةَ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِهَا فَأَهْلُ الذَّهَبِ أَهْلُ الشَّامِ وَمِصْرَ وَأَهْلُ الْوَرق أهل الْعرَاق وَأهل اطلإبل أهل الْبَادِيَة والعمود وَلَا يقبل منأهل صِنْفٍ صِنْفٌ غَيْرُهُ وَلَا يُقْبَلُ بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا عُرُوضٌ وَأَصْلُ الدِّيَةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} الْآيَةَ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْعُقُولِ «إِنَّ فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوْعِبَ جَدْعًا مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْجَائِفَةِ مِثْلُهَا وَفِي الْمُنَقِّلَةِ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ وَفِي الْيَد خَمْسُونَ وَفِي الرجل خَمْسُونَ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِل وَفِي السن خمس وَفِي الْمُوَضّحَة خمس» وَفِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ وَفِي الْإِسْتِ الدِّيَةُ وَفِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ» وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَنْفِ بِالدِّيَةِ كَامِلَةً وَفِي الْأَرْنَبَةِ مِنْهُ بِالدِّيَةِ كَامِلَةً وَقَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ ضُرِبَ بِحَجَرٍ فِي رَأْسِهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَفِي آخَرَ ضُرِبَ بِحَجَرٍ فِي رَأْسِهِ فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَلِسَانُهُ وَعَقْلُهُ وَإِصَابَةِ النِّسَاءِ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ وَهُوَ حَيٌّ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْجُمْلَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَتَبَهُ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى نَجْرَانَ قَالَ أَصْبَغُ أَهْلُ الْمَدَيْنَةِ وَمَكَّةَ الْآنَ أَهْلُ الذَّهَبِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ مَالِكٌ قَوَّمَهَا رَضِيَ الله عَنهُ فَكَانَت قيمتهَا فَمن الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَمِنَ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاسْتَقَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ الدِّيَةُ لَا تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ تُقَوَّمُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَتَكُونُ قِيمَتُهَا الدِّيَةُ وَالْأَصْلُ الْإِبِلُ لَنَا أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوَّمَهَا بِذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْقِيَمُ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ قَوَّمَ دِيَةً وَاحِدَةً عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَدِيَةً أُخْرَى عَلَى أهل الْغنم وَالْذَهَبْ والْوَرَقُ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ نَظَائِرُ الدَّنَانِيرُ خَمْسَةٌ ثَلَاثَةٌ فِي الدِّمَاءِ اثْنَا عَشَرَ الدِّيَةُ وَالسَّرِقَةُ وَالنِّكَاحُ وَاثْنَا عَشَرَ الزَّكَاةُ وَالْحُرِّيَّةُ قُلْنَا الْقِيَاسُ عَلَى الدِّمَاءِ وَقَالَ أَشْهَبُ أَهْلُ الْحِجَازِ أَهْلُ إِبِلٍ وَمَكَّةُ مِنْهُمْ وَأَهْلُ الْمَدَيْنَةِ أَهْلُ ذَهَبٍ وَفِي الْجُلَّابِ أَهْلُ الْمَغْرِبِ أَهْلُ ذَهَبٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ أَهْلُ وَرِقٍ وَفِي الْجُلَّابِ أَهْلُ فَارِسَ وَخُرَاسَانَ أَهْلُ وَرِقٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى عِنْدِي يَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى غَالِبِ أَمْوَالِ النَّاسِ فِي الْبَلَدِ وَرُبَّمَا يَنْتَقِلُ الْغَالِبُ فَتَنْتَقِلُ الدِّيَةُ وَأَشَارَ إِلَى هَذَا أَصْبَغُ بِقَوْلِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْمَدَيْنَةِ الْيَوْمَ أَهْلُ ذَهَبٍ وَلَا يُؤْخَذُ فِيهَا غَيْرُ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن فِي قَوْلهمَا وَلَا يُؤْخَذُ فِيهَا غَيْرُ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ وَمِنْ أَهْلِ الْغَنَمِ أَلْفُ شَاةٍ وَمِنْ أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ يَمَانِيَةٍ لَنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَثَرِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِأَنَّ الْحُلَلَ عُرُوضٌ تُشْبِهُ الْعَقَارَ وَلِأَنَّ الْإِبِلَ سَهْلٌ نَقْدُهَا وَالنَّقْدَانِ يَتَيَسَّرُ حَمْلُهُمَا بِخِلَافِ النَّامِي قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُرَاعَى فِي الدِّيَةِ كَسْبُ الْغَارِمِينَ دُونَ أَوْلِيَاءِ الْقَتْلِ فِي الْإِبِلِ وَالنَّقْدَيْنِ وَدِيَةُ الْخَطَأِ مِنَ الْإِبِلِ أَخْمَاسٌ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَفِي الْعَمْدِ أَرْبَاعٌ رُبُعُ الْمِائَةِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَرُبُعُهَا بنت لبون وربعها حقاق وبعها جذعات وَسقط ابْن اللَّبُون الذّكر وَفِي شبه الْعَمْدِ أَثْلَاثٌ ثَلَاثُونَ حَقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَهْلِ الْوَرِقِ لَكِنَّ لَفْظَ الْأَثَرِ قَوَّمَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى فَجَعَلَهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَلِأَنَّهُ أَتَى بِصِيغَةِ الْعُمُومِ فِي الدِّيَةِ وَالْقُرَى فَعَمَّ الْحُكْمُ الْقُرَى وَالدِّيَاتِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْوَاقُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أحد فاكان إِجْمَاعًا وَلِأَنَّ لِلتَّقْدِيرِ فِيهَا مَدْخَلًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَصْلًا فِي نَفْسِهِ كَالزَّكَاةِ احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ وَثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ فَقَوَّمَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُقَوِّمُ دِيَةَ الْخَطَأِ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَعِدْلَهَا مِنَ الْوَرِقِ وَيُقَوِّمُهَا عَلَى أَثْمَانِهَا فَإِذا غلت رفع فِي ثمنهما وَإِنْ هَانَتْ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» فَجَعَلَ فِي كُلِّ نَفْسٍ ذَلِكَ فَمَنِ ادَّعَى غَيْرَهُ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَقَالَ (ح) الدِّيَةُ مِنَ الْوَرِقِ عَشَرَةُ آلَافٍ لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلِأَثَرِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ تَيَسَّرَتْ أَسْبَابُهَا بِتَعْلِيلِ قَضَائِهَا وَالدِّيَةُ وَاحِدَةٌ فَغَلُظَتْ لِيَكُونَ الزَّجْرُ أَتَمَّ وَعَنْ أَحْمد أَن أصل الدِّيَة الْإِبِل وَالْبَقر وَأَوْلَادهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيُّ سِنٍّ كَانَتْ وَقَالَ أَشْهَبُ مَا بَيْنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى بَازِلِ عَامِهَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ فِي النَّسَائِيِّ وَقَالَ (ش) الْعَمْدُ أَثْلَاثٌ كَالْمُغَلَّظَةِ وَيُرْوَى عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «مَنْ قُتِلَ عَمْدًا رُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ حَقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً».
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ وَدِيَةُ نِسَائِهِمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ رِجَالِهِمْ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْمَجُوسِيَّةِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجِرَاحَاتُهُمْ مِنْ دِمَائِهِمْ كَنِسْبَةِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَتِهِ وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ فِي الْجَمِيعِ وَقَالَ (ش) دِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُلُثُ دِيَة الْحر المسلمووافقنا فِي الْمَجُوسِيِّ وَقَالَ (ح) دِيَةُ كُلِّ كَافِرٍ مَجُوسِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» عَلَى أَنْ (ح) لَا يَدِي بِالْمَفْهُومِ وَرَوَى أَحْمَدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دِيَةُ الْمُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» وَرُوِيَ «قَضَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي لَفْظِهِ «دِيَةُ الْمُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَيْسَ فِي دِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ شَيْءٌ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا وَلَا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ وَلِأَنَّهُ نَقْصٌ فَيُؤْثَرُ النِّصْفُ كَالْأُنُوثَةِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ من قوم بينكن وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَة مُؤمنَة} فَسَوَّى فِي الرَّقَبَةِ وَسَوَّى فِي الدِّيَةِ وَعَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ مِثْلَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ أَنَّ دِيَةَ الْمُشْرِكِ كَانَتْ عَلَى عهد رَسُول الله وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَلْفَ دِينَارٍ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَ نِصْفَهَا فِي مَالِ الْقَاتِلِ وَنِصْفَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلِأَنَّ دِيَاتِ عَبِيدِهِمْ يَسْتَحِقُّونَهَا مَا بَلَغَتْ كَعَبِيدِ الْمُسْلِمِ فَهُمْ أَوْلَى مِنْ عَبِيدِهِمْ وَنُقْصَانُ الدَّيْنِ لَا يُؤَثِّرُ كَالْفُسُوقِ وَاحْتَجَّ (ش) بِأَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى فِي دِيَة النَّصْرَانِي بأرقة آلَافِ دِرْهَمٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ فِي النَّوَادِرِ الْآيَةُ فِي هُدْنَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ مَنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجر فَفِيهِ الدِّيَة إِلَى أَهله الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وقَوْله تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى {وَإِن كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} وَلَمْ يَذْكُرْ دِيَةً فِيمَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ مِنْ مَكَّةَ فَلَا دِيَةَ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يهاجروا} مَعَ أَن قَوْله تَعَالَى مَا مضى دِيَةً وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَنَعَ الصِّحَّةَ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعَبِيدَ لَا تَتَعَدَّى إِلَيْهِمْ جَرِيرَةُ الْكُفْرِ بِخِلَافِ النَّفْسِ الْكَافِرَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْفُسُوقَ أَخَفُّ وَلَا يَمْنَعُ جَرَيَانَ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ حُجَّةِ (ش) أَنَّ سَنَدَنَا أَرْجَحُ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُعَاهِدُ كَالذِّمِّيِّ وَدِيَةُ نِسَاءِ كُلِّ صِنْفٍ دِيَةُ رِجَالِهِمْ وَدِيَةُ الْمُرْتَدِّ فِي قَوْلٍ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي نَفسه وجرحه رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوْ قُتِلَ عَلَى دَيْنِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْ أَشْهَبَ عَقْلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ وَعَنْهُ قَتْلُهُ هَدَرٌ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ قُبِلَتِ الدِّيَةُ مُبْهَمَةً فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَسْنَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ بِذَلِكَ مَضَتِ السُّنَّةُ وَأَمَّا إِنْ تَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَتَحْرِيرُ دِيَةِ الْخَطَأِ فِي الْجِرَاحِ عَلَى أَسْنَانِهَا الْخَمْسَة فَفِي الْأُنْمُلَة ثَلَاثَة أَبْعِرَة وَثُلُثَا بَعِيرَيْنِ وَثُلُثُ بَهِيمَةٍ كُلُّ صِنْفٍ يَكُونُ لَهُ شَرِيكًا وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الدِّيَاتِ وَإِنْ قُبِلَتْ فِي الْعَمْدِ فَخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ الْمُرَبَّعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي خَطَأِ الْأُنْمُلَةِ يُؤْتَى بِعَشَرَةِ أَبْعِرَةِ دِيَةِ الْأَصْبَغ عَلَى أَسْنَانِهَا فَيَكُونُ فِيهَا شَرِيكًا بِالثُّلُثِ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِخَمْسِينَ إِلَّا ثُلُثًا مِنْهُنَّ خَمْسَةٌ صَحِيحَةٌ وَثُلُثٌ مِنْ كُلِّ فَرِيضَةٍ أَوْ يَأْتِي بِفَرِيضَةٍ يُشَارِكُهُ بِثُلُثَيْهَا أَوْ يَشْتَرِي ذَلِكَ لَهُ مِنْهَا.