فصل: الْحُكْمُ السَّادِسُ: تَفْرِيقُهَا بِغَيْرِ بَلَدِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الصِّنْفُ الرَّابِعُ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ كَانُوا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ فَيُؤَلَّفُونَ بِالْعَطَاءِ لِيَنْكَفَّ غَيْرُهُمْ بِانْكِفَافِهِمْ وَيُسْلِمَ بِإِسْلَامِهِمْ وَقَدِ اسْتُغْنِيَ الْآنَ عَنْهُمْ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّاب فَلَا سهم لَهُم إِلَّا أَن تدعوا حَاجَةٌ إِلَيْهِمْ وَقِيلَ هُمْ صِنْفٌ مِنَ الْكُفَّارِ يُتَأَلَّفُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا يُسْلِمُونَ بِالْقَهْرِ وَقِيلَ قَوْمٌ إِسْلَامُهُمْ ضَعِيفٌ فَيُقَوَّى بِالْعَطَاءِ وَقِيلَ عُظَمَاءُ مِنْ مُلُوكِ الْكُفَّارِ أَسْلَمُوا فَيُعْطَوْنَ لِيَتَأَلَّفُوا أَتْبَاعَهُمْ لِأَن الْجِهَاد يكون تَارَة بِالنِّسْيَانِ وَتَارَةً بِالْبَيَانِ وَتَارَةً بِالْإِحْسَانِ يُفْعَلُ مَعَ كُلِّ صِنْفٍ مَا يَلِيقُ بِهِ.

.الصِّنْفُ الْخَامِسُ: فَكُّ الرِّقَابِ:

فِي الْجَوَاهِرِ يَشْتَرِي الْإِمَامُ الرِّقَابَ مِنَ الزَّكَاةِ فَيُعْتِقُهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَلَاءُ لِجَمِيعِهِمْ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَا يَجْزِي فِيهَا إِلَّا مَا يَجْزِي فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْمُقْعَدِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ هُوَ فِكَاكُ الْمُكَاتَبِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُعْطِي مُكَاتَبَهُ مِنْ زَكَاتِهِ مَا لَمْ يَتِمَّ بِهِ عِتْقُهُ وَفِي قَطَاعَةِ مُدَبَّرِهِ مَا يُعْتَقُ بِهِ وَهُمَا لَا يُجْزِئَانِ فِي الْوَاجِبِ.
فَرْعٌ:
قَالَ لَوِ اشْتَرَى مِنْ زَكَاتِهِ رَقَبَةً فَأعْتقهَا ليَكُون الْوَلَاء لَهُ النِّيَّة لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاسْتِثْنَائِهِ الْوَلَاءَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ مُحْتَجًّا بِمَنْ أَمَرَ عَبْدَهُ بِذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ فَذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنِ الْآمِرِ أَوْ أَمْرِهِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَأَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ الْعِتْقَ عَنِ الْآمِرِ وَلَا يُجْزِئُ فَكُّ الْأَسِيرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ.
تَمْهِيدٌ:
قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرّقاب} اجْتَمَعَ فِيهِ الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ وَاللُّغَةُ أَمَّا الْعُرْفُ فَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَطْلَقَ الرَّقَبَةَ فِي الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَلَمْ يُرِدْ بِهَا إِلَّا الرَّقِيقَ الْكَامِلَ الرِّقِّ وَالذَّاتِ وَأَمَّا اللُّغَةُ فَإِنَّ الرَّقَبَةَ تَصْدُقُ لُغَةً على الْأَحْرَار وَالْعَبِيد وَمن كمل وَمن نقص فَالْمَشْهُور قدم الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِأَنَّهُ نَاسِخٌ لِلُّغَةِ وَمَنْ لَاحَظَ اللُّغَةَ لِكَوْنِهَا الْحَقِيقَةَ وَغَيْرُهَا مَجَازٌ أَجَازَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَالْمَعِيبَ وَالْأَسِيرَ وَعِتْقَ الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ دُونَ الْمُسْلِمِينَ فَلِأَنَّ مَقْصُودَ الزَّكَاةِ إِنَّمَا هُوَ شُكْرُ النِّعْمَةِ وَسَدُّ الْخَلَّةِ وَهَذَا حَاصِلٌ وَالْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ فَإِنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ لَا يَعُمُّ مِنْهَا شَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَقِيَاسًا عَلَى الرِّقَابِ فِي غَيْرِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ قَالَ سَنَدٌ وَجَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ عِتْقَ مَنْ بَعْضِهِ حُرٌّ تَفْرِيعًا عَلَى الْمُكَاتَبِينَ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي خَمْسَةٍ الْمَعِيبِ وَإِعْطَاءِ الْمكَاتب وَإِعْطَاء الرجل مَالا لتعتق عَبده وَالْأَسِيرِ وَعِتْقِ بَعْضِ عَبْدٍ فَيَبْقَى الْبَاقِي رَقِيقًا أَو كَانَ بعضه حرا قَالَ وَقَول ملك وَأَصْحَابِهِ إِجْزَاءُ الْمَعِيبِ وَمَنِ اشْتَرَى رَقَبَةً مِنْ زَكَاتِهِ وَقَالَ هِيَ حُرَّةٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا وَلَاءَ لِي فَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَتُجْزِئُهُ وَإِنْ قَالَ حُرٌّ عَنِّي وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُهُ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ.

.الصِّنْفُ السَّادِسُ: الْغَارِمُ:

وَهُوَ مَنِ ادَّانَ فِي غَيْرِ سَفَهٍ وَلَا فَسَادٍ وَلَا يَجِدُ وَفَاءً أَوْ مَعَهُمْ أَمْوَالٌ لَا تَفِي دُيُونَهُمْ فَيُعْطَوْنَ مِنَ الزَّكَاةِ قَضَاءَ دُيُونِهِمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ أَمْوَالٌ فَهُمْ فُقَرَاءُ غَارِمُونَ يُعْطَوْنَ بِالْوَصْفَيْنِ وَفِي الدَّفْعِ لِمَنِ ادَّانَ فِي سفه ثمَّ نُزِعَ عَنْهُ خِلَافٌ وَفِي دَيْنِهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَوَاتِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا خِلَافٌ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَيجِبُ أَنْ يَكُونَ الْغَارِمُ بِحَيْثُ يَنْجَبِرُ حَالُهُ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَيَفْسُدُ بِتَرْكِهَا بِأَنْ تكون لَهُ أصُول يستغلها فليجئه الدَّيْنُ إِلَى بَيْعِهَا فَيَفْسَدُ حَالُهُ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ مِنَ الزَّكَاةِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ يَتَدَيَّنُ أَمْوَالَ النَّاسِ لِيَكُونَ غَارِمًا فَلَا لِأَنَّ الدَّفْعَ يُدِيمُهُ على عَادَته الردية وَالْمَنْعُ يَرْدَعُهُ قَالَ سَنَدٌ مَنْ تَدَايَنَ لِفَسَادٍ ثُمَّ حَسُنَتْ حَالُهُ دُفِعَتْ إِلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنُ الْمَيِّتِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي نَظَائِرِهِ وشروط الْغَارِم أَرْبَعَة أَن لَا يكون عِنْده مَا يقْضِي بهَا دَيْنَهُ وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِآدَمِيٍّ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يحسن فِيهِ وَأَن لَا يَكُونَ اسْتَدَانَهُ فِي فَسَادٍ.

.الصِّنْفُ السَّابِعُ: سَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى:

وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْجِهَادُ دُونَ الْحَج خلافًا لِابْنِ حَنْبَل لنا قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَجَّ وَلِأَنَّ آخذ الزَّكَاةِ إِمَّا لِحَاجَتِهِ إِلَيْهَا كَالْفَقِيرِ أَوْ لِحَاجَتِنَا إِلَيْهِ كَالْعَامِلِ وَالْحَاجُّ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهَا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إِنْ كَانَ فَقِيرًا وَلِأَنَّ عِنْدَهُ كِفَايَتَهُ إِنْ كَانَ غَنِيًّا وَلَا نَحْتَاجُ نَحْنُ إِلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عِيسَى بن دِينَار وح إِن كَانَ غَنِيا بِبَلَدِهِ وَمَعَهُ مَا يُغْنِيه فِي غَزوه فَلَا يَأْخُذهَا ووافقنا الشَّافِعِي لَنَا أَنَّ الْآيَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَيَكُونُ سَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُهُمْ عَمَلًا بِالْعَطْفِ وَيُؤَكِّدُهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَشْتَرِي الإِمَام مِنْهَا الْمساحِي والحبال وَالْمَرَاكِبَ وَكِرَاءَ النَّوَاتِيَّةِ لِلْغَزْوِ وَكَذَلِكَ الْجَوَاسِيسُ وَإِنْ كَانُوا نَصَارَى وَيُبْنَى مِنْهَا حِصْنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُصَالِحُ مِنْهَا الْعَدُوَّ وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنَ السَّبِيل الْجِهَاد نَفسه.

.الصِّنْف الثّامن: ابْنُ السَّبِيلِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ الْمُنْقَطِعُ بِهِ بِغَيْر بَلَده الْمُسْتَدِيمُ السَّفَرِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّدَايُنُ لِاحْتِمَالِ عَجْزِهِ عَنِ الْأَدَاءِ وَقِيلَ إِنْ قَدَرَ عَلَى السَّلَفِ لَا يُعْطَى فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يُغْنِيهِ فَلَا يُعْطَى لِكَوْنِهِ ابْنَ السَّبِيلِ أَوْ يُعْطَى رِوَايَتَانِ وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ وَمَا أَخذ لَا يُلْزِمُهُ رَدُّهُ إِذَا صَارَ لِبَلَدِهِ لِأَخْذِهِ إِيَّاهُ بِاسْتِحْقَاقٍ وَلِصَرْفِهِ فِي وُجُوهِ الصَّدَقَةِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مُسْتَمِرَّ السَّفَرِ فَلَا خِلَافَ وَإِنْ أَقَامَ مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ أَجَازَ مَالك وش الدَّفْعَ لَهُ لِأَنَّهُ غَرِيبٌ يُرِيدُ السَّفَرَ قِيَاسًا عَلَى الْمُسْتَدِيمِ بِجَامِعِ الْحَاجَةِ وَمَنَعَ ح وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَلَدِهِ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الدَّفْعَ لَهُ لِمَا يُسَافِرُ بِهِ وَإِنْ كَانَ ذَاهِبًا إِلَى غير مستعيب دَفَعَ لَهُ نَفَقَةَ الرُّجُوعِ شَبَّهَهُ بِابْنِ السَّبِيلِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ مُطْلَقًا وَلَوِ احْتَاجَتْ زَوْجَةُ ابْنِ السَّبِيلِ الَّتِي خَلَّفَهَا النَّفَقَةَ قَالَ مَالِكٌ يُعْطَى لَهَا وَفِي الْكتاب الْحَاج ابْن السَّبِيل قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي نَظَائِرِهِ شُرُوطُ ابْنِ السَّبِيلِ ثَلَاثَةٌ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ وَأَنْ يَكُونَ فَقِيرًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَأَن لَا يَجِدَ مَنْ يُسْلِفُهُ.

.النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الصّرْف:

وَهِيَ سَبْعَةٌ:

.الْأَوَّلُ: فِي الْكِتَابِ إِنْ وَجَدَ الْأَصْنَافَ كُلَّهَا:

آثَرَ أَهْلَ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ قَالَ سَنَدٌ إِنِ اسْتَوَتِ الْحَاجَةُ قَالَ ملك يُؤْثِرُ الْأَدْيَنَ وَلَا يَحْرِمُ غَيْرَهُ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُؤْثِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَيَقُولُ الْفَضَائِلُ الدِّينِيَّةُ لَهَا أُجُورٌ فِي الْآخِرَةِ وَالصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُؤْثِرُ بِسَابِقَةِ الْإِسْلَامِ وَالْفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ لِأَنَّ إِقَامَةً بِنِيَّةِ الْأَبْرَارِ أَفْضَلُ مِنْ إِقَامَةٍ بِنِيَّةِ غَيْرِهِمْ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بَقَائِهَا من الْمصَالح وَإِذَا أُعْطِيَ الْمُحْتَاجُ فَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ ذَلِكَ غير مَحْدُود وَيُعْطِيه قوت بِقَدْرِ الْمَقْسُومِ وَقَدْ تَقِلُّ الْمَسَاكِينُ وَتَكْثُرُ وَرَوَى الْمُغيرَة لَا يعْطى نِصَابا وَقَوله ح لِأَن الدّفع لَو صف الْفُقَرَاءِ فَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْطِيهِ قُوتَ السَّنَةِ وَإِنِ اتَّسَعَ الْمَالُ زَادَهُ ثَمَنَ الْعَبْدِ وَمَهْرَ الزَّوْجَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُعْطَى الْغَارِمُ قَدْرَ دَيْنِهِ وَالْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ كِفَايَتَهُمَا وَكِفَايَةَ عِيَالِهِمَا وَالْمُسَافِرُ قَدْرَ مَا يُوصِلُهُ إِلَى مَقْصِدِهِ أَو مَوضِع مَاله والغازي مَا يَقُومُ بِهِ حَالَةَ الْغَزْوِ وَالْمُؤَلَّفَةُ بِالِاجْتِهَادِ وَالْعَامِلُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَمِنْ جَمَعَ وَصْفَيْنِ اسْتَحَقَّ سَهْمَيْنِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بَلْ بِالِاجْتِهَادِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْطَى مِنْهَا الْعَامِلُ بِقدر كَثْرَة مَاله وَقِلَّتِهِ وَكَثْرَةِ الْمُتَحَصِّلِ وَقِلَّتِهِ وَعَمَلُهُ وَصْفٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ كَالْفَقْرِ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا أعطي من غَيرهَا وَقَالَ ابْن لجلاب يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْهَا بِقَدْرِ عَمَلِهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرُوا بِجُزْءٍ مِنْهَا لِلْجَهَالَةِ بِقَدرِهِ قَالَ فَنَحَا بِهَا مَنْحَى الْإِجَارَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ.

.الْحُكْمُ الثَّانِي: فِي التَّرْتِيبِ:

قَالَ اللَّخْمِيُّ يَبْدَأُ بِالْعَامِلِينَ لِأَنَّهُمْ كَالْأُجَرَاءِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ عَلَى الْعِتْقِ لِأَنَّ سَدَّ الْخَلَّةِ أَفْضَلُ وَلِأَنَّهُ حق للأغنياء لَيْلًا تَجِبَ عَلَيْهِمُ الْمُوَاسَاةُ مَرَّةً أُخْرَى وَإِذَا وُجِدَتِ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ قُدِّمُوا لِأَنَّ الصَّوْنَ عَنِ النَّارِ مُقَدَّمٌ عَلَى الصَّوْنِ عَنِ الْجُوعِ كَمَا يُبْدَأُ الْغَزْو إِنْ خُشِيَ عَلَى النَّاسِ وَابْنُ السَّبِيلِ إِنْ كَانَ يلْحقهُ ضَرَرٌ قُدِّمَ عَلَى الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ فِي وَطَنِهِ.

.الْحُكْمُ الثَّالِثُ: فِي الْإِثْبَاتِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ مَا خَفِيَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ مَنِ ادَّعَاهُ صَدَقَ مَا لَمْ يَشْهَدْ ظَاهِرُهُ بِخِلَافِهِ أَوْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ وَيُمْكِنُ الْكَشْفُ عَنْهُ فَيُكْشَفُ وَالْغَازِي مَعْلُومٌ بِفِعْلِهِ فَإِنْ أُعْطِيَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُوفِ اسْتَرَدَّ وَيُطَالَبُ الْغَارِمُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَالْعُسْرِ إِنْ كَانَ عَنْ مُبَايَعَةٍ إِلَّا إِذَا كَانَ عَنْ طَعَامٍ أَكْلَهُ وَابْنُ السَّبِيلِ يُكْتَفَى فِيهِ بِهَيْئَةِ الْفَقْرِ.

.الْحُكْمُ الرَّابِعُ: مُبَاشَرَتُهَا:

فِي الْكِتَابِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَلِيَ أَحَدٌ صَدَقَةَ نَفْسِهِ خَوْفَ الْمَحْمَدَةِ وَلْيَدْفَعَهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ فَيُقَسِّمُهَا وَقَالَ ش أَحَبُّ إِلَيَّ أَن يتولاها قِيَاسا على الْأُضْحِية وليتقن أَدَاءَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَعْدِلُ فِي الْأَخْذِ وَالصَّرْفِ لَمْ يَسَعِ الْمَالِكُ أَنْ يَتَوَلَّى الصَّرْفَ بِنَفْسِهِ فِي النَّاضِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ بَلِ الْإِمَامُ لِاحْتِيَاجِهَا إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي تَعْيِينِ الْأَصْنَافِ وَتَحْقِيقِ صِفَاتِهِمْ وَشُرُوطِهِمْ وَتَعْيِينِ الْبُلْدَانِ فِي الْحَاجَاتِ وَهِيَ أُمُورٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إِلَّا الْوُلَاة غَالِبًا وَأَمَّا الْحَرْثُ وَالْمَاشِيَةُ فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ فِيهَا وَقِيلَ زَكَاةُ النَّاضِّ إِلَى أَرْبَابِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَصْرِفُ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ خَاصَّةً لِاحْتِيَاجِ غَيْرِهِمَا إِلَى الِاجْتِهَادِ وَحَيْثُ قُلْنَا يَلِيهَا رَبُّهَا فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ أَحْكَامَهَا فَيجِبُ وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا لَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ مَشْغُولًا تَوَلَّى النَّاسُ الْحَرْثَ وَالْعَيْنَ وَانْتَظَرُوا بِالْمَاشِيَةِ الْإِمَامَ وَفِيهِ خلاف قَالَ سَنَد ولمفرقهما أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِنْ كَانَ أَهْلًا.

.الْحُكْمُ الْخَامِسُ: فِي الْخَطَأِ فِيهَا:

قَالَ سَنَدٌ: إِنْ دَفَعَهَا لِكَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَنِيٍّ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ بالاحتهاد وَقَدْ فَعَلَهُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَفَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ فَلَا يُجْزِئُ لِاشْتِهَارِهِمَا غَالِبًا وَبَيْنَ الْغَنِيِّ فَيُجْزِئُ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكْتُمُ غِنَاهُ كَثِيرًا فِي النَّاسِ وَيَحْرُمُ الدَّفْعُ لِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَكْفِيرِهِمْ وَجَوَّزَ ح الدَّفْعَ للذِّمِّيّ لنا قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ: «فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ» فَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الْفُقَرَاءِ بالمأخوذ مِنْهُم قَالَ اللَّخْمِيّ لإن كَانَ عَالِمًا بِالْغَنِيِّ أَوْ بِالذِّمِّيِّ أَوِ الْعَبْدِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهِيَ قَائِمَةٌ انْتُزِعَتْ وَإِنْ أَكَلُوهَا غَرَّمُوهَا عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ مِنَ الْقَوْلِ لِأَنَّهُمْ صَانُوا بِهَا أَمْوَالَهُمْ وَإِنْ هَلَكَتْ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَانُوا غُرُّوا مِنْ أنفسهم غرموا وَإِلَّا فَلَا ثمَّ يَخْتَلِفُوا فِي تَغْرِيمِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فَإِنْ دَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا ثُمَّ زَالَ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ كَابْنِ السَّبِيلِ لَا يُنْفِقُهَا حَتَّى يصل إِلَى مَوْضِعه أَو يصله مَالُهُ وَالْغَازِي يَقْعُدُ عَنِ الْغَزْوِ انْتُزِعَتْ وَتَرَدَّدَ فِي الْغَارِم يسْقط دينه أَو نؤديه مِنْ غَيْرِهَا قَالَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ إِنِ اسْتَهْلَكَهَا الْعَبْدُ هَلْ تَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ فِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ دَفَعَ لِمُسْلِمٍ مَا لَا يُجْزِئُ كَالْعِوَضِ رَجَعَ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَلَا يَرْجِعُ إِنْ فَاتَ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ مُسَلِّطٌ لَهُ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا زَكَاةٌ حُمِلَتْ عَلَى التَّطَوُّعِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ.

.الْحُكْمُ السَّادِسُ: تَفْرِيقُهَا بِغَيْرِ بَلَدِهَا:

وَفِي الْكِتَابِ مَنْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ زَكَّى مَا مَعَهُ وَمَا خَلَّفَ بِبَلَدِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْجَمِيعُ بِبَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَخْشَى الْحَاجَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَجِدُ سَلَفًا وَقَدْ كَانَ يَقُولُ يُقْسِمُ بِبَلَدِهِ وَاسْتَحَبَّهُ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعِ حَاجَةٍ فَإِنْ خَشِيَ أَنَّهَا تُؤَدَّى عَنْهُ بِبَلَدِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا يَدْفَعُ الإِمَام مِنْهَا شَيْئا إِلَى بَيت المَال وتنفذ الزَّكَاة بِموضع وَجَبت إِنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا نَقَلَهَا لِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِمْ لِتَعَلُّقِ آمَالِ فَقُرَاءِ كُلِّ بَلَدٍ بِأَغْنِيَاءِ أَهْلِهَا فَإِن بلغه حَاجَة من غَيْرِ بَلَدِهِ أَعْطَى مِنْهُ أَهْلَ بَلَدِهِ ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى بَلَدِ الْحَاجَةِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مَوْضِعُ الزَّكَاةِ لَيْسَ فِيهِ مُسْتَحِقٌّ نُقِلَتْ للأقرب إِلَيْهِ لخفية الْمُؤْنَة وَإِن كَانَ فِيهِ مُسْتَحقّ لَكَانَ حَاجَةَ غَيْرِهِ أَشَدُّ نَقَلَهَا كَمَا نَقَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَكَاةَ مِصْرَ إِلَى الْحِجَازِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةُ غَيْرِهِ أَشَدَّ فَقَوْلُ ح وش وَغير الْمَشْهُور عَن مَالك النَّقْل وَحَيْثُ قُلْنَا بعد النَّقْل قد اسْتَثْنَى ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَوْضِعَ الْقَرِيبَ وَإِذَا قُلْنَا لَا تُنْقَلُ فَنَقَلَ فَضَاعَتْ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ وَإِنْ كَانَ رب المَال ضمن وَحَيْثُ قُلْنَا جَوَاز النَّقْلِ فَالْأَظْهَرُ إِرْسَالُهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَا يَضْمَنُ إِنْ تَلِفَتْ وَفِي الْجَوَاهِرِ نَقْلُ الصَّدَقَةِ عَنْ مَوْضِعِ وُجُوبِهَا وَهُوَ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ وَالْمَالِكُ وَالْمُسْتَحِقُّونَ غَيْرُ جَائِزٍ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَجْزَأَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُجْزِئُ فَإِنِ افْتَرَقَ الْمَالُ وَالْمَالِكُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْمَالِ عِنْدَ تَمام بِهَا فَيخْرِجُهَا حَيْثُ هُوَ قَوْلَانِ وَأَمَّا صَدَقَةُ الْفطر فَإِنَّهَا يُنْظَرُ فِيهَا إِلَى مَوْضِعِ الْمَالِكِ فَقَطْ وَحَيْثُ قُلْنَا يَنْقِلُهَا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْإِمَامَ يتكارى عَلَيْهَا مِنَ الْفَيْءِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَكَارَى وَلَكِنْ يَبِيعُهَا ثُمَّ يَشْتَرِي مِثْلَهَا بِالْمَوْضِعِ وَفِي العتبة مَنْ لَيْسَ بِمَوْضِعِهِ مَسَاكِينُ حَمَلَهَا مِنْ عِنْدِهِ ثمَّ تَصِلَ إِلَى الْمَسَاكِينِ.

.الْحُكْمُ السَّابِعُ:

فِي الْكِتَابِ لَا يخْرِجُ فِي زَكَاتِهِ إِسْقَاطَ دَيْنِهِ عَنِ الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ عِنْدَ الْفَقِيرِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ فَعَلَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ أَشهب يُجزئهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّفْعِ لِلْغَارِمِ بِجَامِعِ السَّبَبِ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.

.الباب التَّاسِع فِي زَكَاة الْفطر:

وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالْأَئِمَّةِ وَحَكَى أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلًا بِأَنَّهَا سُنَّةٌ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى النَّاسِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ كَمَا تَقُولُ رَضِيَ اللَّهُ عَنِّي وَرَضِيَ عَلَيَّ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ عَلَى النَّاسِ.
فَائِدَةٌ:
حُجَّةُ السُّنَّةِ أَنَّ فَرَضَ مَعْنَاهُ قَدَّرَ وَالسُّنَّةُ مُقَدَّرَّةٌ وَيُرْوَى أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ نُزُولِ الزَّكَاةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ ظَاهِرَ الْفَرْضِ الْوُجُوبُ فَالْعُدُولُ عَنْهُ لِغَيْرِ دَلِيلٍ تَحَكُّمٌ وَعَنِ الثَّانِي نَقُولُ بِمُوجِبِهِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ السَّابِقِ الْوُجُوبُ وَالسُّكُوتُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ نَسْخًا بَلِ اكْتُفِيَ بِمَا تَقَدَّمَ وَيَتَمَهَّدُ الْفِقْهُ بِبَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِهَا وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ عَنْهُ وَالْوَاجِبُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٌ: