فصل: الْفَصْل الأول فِي مقتضيا الْأَلْفَاظ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ:

وَفِيهِ فَصْلَانِ:

.الْفَصْل الأول فِي مقتضيا الْأَلْفَاظ:

وعوارض العقد من شَرط وإقالة ويتحالف وَغَيْرُ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْخَيْطُ فِي الْخِيَاطَةِ عَلَى الْمَالِكِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةً وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّهُ عين لَازم مَنْفَعَة وَعَلَى الْحَضَانَةِ لَا يَسْتَتْبِعُ الْإِرْضَاعَ وَعَلَى الْإِرْضَاعِ لَا يَسْتَتْبِعُهَا وَفِي الْكِتَابِ الْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّرْكُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ شُرِعَ لرفع الضَّرُورَةِ فِي الْمَنَافِعِ فَيَلْزَمُ بِالْعَقْدِ كَالْبَيْعِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَرَتُّبُ الْمُسَبَبَّاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْإِجَارَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ جَائِزَةٌ كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَمَكْرُوهَةٌ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَالْمُسْلِمُ يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ مِنَ الذِّمِّيِّ فَيُرَدُّ مَا لَمْ يَفُتْ فَيُمْضَى بِالْمُسَمَّى وَمُخْتَلَفٌ فِي كَرَاهَتِهَا وَتَحْرِيمِهَا كَحَفْرِ الْعَيْنِ ألف ذِرَاع وَمَا فِيهِ من الصَّفَا فَعَلَى رَبِّهِ شَقُّهُ فَكَانَ الصَّفَا مِائَةَ ذِرَاعٍ فَشَقَّهَا وَطَلَبَ بَدَلَ عَمَلِهَا بِمَوْضِعٍ أَضْعَفَ مِنَ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ يَرُدُّ بِقَدْرِهِ مِنَ الْأُجْرَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِأَنَّهَا فَاسِدَةٌ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الصَّفَاءِ وَصَحَّحَ مَالِكٌ الْعَقْدَ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ.
تَمْهِيدٌ:
قَالَ الْأَعْمَالُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا تصح فِيهِ الْإِجَارَة والعل كَبيع الثَّوْب وحفر الْبِئْر وَقَضَاء الدُّيُونِ وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْحُقُوقِ وَعَنْ مَالِكٍ مَنْعُ الْجعل فِي الْخُصُومَة وبمتنعان فِيهِ وَهُوَ مَا يَحْرُمُ فِعْلُهُ أَوْ يَجِبُ وَفِيه الْإِجَارَة فَقَط كخياطة الثَّوْب وخدمة الشَّهْرِ وَبَيْعِ السِّلَعِ الْكَثِيرَةِ وَالسِّلْعَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي يَعْلَمُ وُجُودَ ثَمَنِهَا فِي الْحَالِ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَبْقَى لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَتُهُ وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ الْجُعَالَةِ وَالْإِجَارَةِ لِتَضَادِّ أَحْكَامِهَا وَيَفْسُدَانِ جَمِيعًا وَعَنْ سَحْنُونٍ اجْتِمَاعُ الْمُغَارَسَةِ وَالْبَيْعِ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْبَيْعِ يَجِبُ فِيهَا ضَرْبُ الْأَجَلِ وَيَمْتَنِعُ النَّقْدُ لِتُوَقُّعِ عَدَمِ الْبَيْعِ فِي جُمْلَةِ الْأَجَلِ فَيَرُدُّ بَعْضَ الْأُجْرَةِ فَيَكُونُ تَارَة بيعا وَتارَة سلفا وانا لَمْ يَنْقُدْ وَمَضَى مِنَ الْأَجَلِ بَعْضُهُ فَلِلْأَجِيرِ حِصَّتُهُ لِأَنَّهُ فِي مُقْتَضَاهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ يَجُوزُ عَلَى بَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ شَهْرًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ تَرَكَ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ فِيهَا خِيَارٌ وَيَمْتَنِعُ النَّقْدُ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ يَجُوزُ -عِنْدَنَا- شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمَضْمُونَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ قَالَ ابْن يُونُسَ وَيَمْتَنِعُ التَّطَوُّعُ بِالْأُجْرَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ كَأَنَّهُ فَسَخَهَا فِي الْعَمَلِ فَهُوَ كَفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَرَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهُوَ كَالتَّطَوُّعِ بِالنَّقْدِ فِي السَّلَمِ بِالْخِيَارِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا أَعْرِفُ هَذَا الْخِيَارَ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْخِيَارُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مَا لَمْ يَعْمَلْ قَالَ حَمْدِيسُ لَوْ صَحَّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَفَسَدَتِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ الْخِيَار فِي الْإِجَارَة مِمَّا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَمْتَنِعُ النَّقْد إِذا ضرب أَََجَلًا إِذْ كَانَ الْمَتَاعُ مُعَيَّنًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَيَعْمَلُ لَهُ جُمْلَةَ الْأَجَلِ سُؤَالٌ: أَيُّ مَحْذُورٍ فِي قَوْلِنَا: تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا قَاعِدَةٌ: السَّلَفُ شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعْرُوفًا وَإِحْسَانًا بَيْنَ الْخَلْقِ وَمَا شُرع لحكمةٍ يَمْتَنِعُ إِيقَاعُهُ غَيْرَ مُتَضَمِّنٍ تِلْكَ الْحِكْمَةَ فَلَا تَجُوزُ الْمُلَاعَنَةُ فِي حَقِّ الْمَجْبُوبِ لِدَرْءِ النَّسَبِ لِكَوْنِهِ منتفياُ عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ وَلَا تَجُوزُ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى السَّكَارَى حَالَةَ السكر لعد مُشَاهَدَتِهِمْ لِتَفَاصِيلِ الْمُؤْلِمَاتِ حينئذٍ وَلَا تُشْرَعُ عُقُودُ الْمُعَاوَضَاتِ مَعَ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ لِذَهَابِهَا بِانْضِبَاطِ مَظَانِّ تَنْمِيَةِ الْمَالِ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ السَّلَفُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَالسَّلَفُ بِشَرْطِ الْبَيْعِ أَوْقَعَهُ لِلْمُكَايَسَةِ لَا لِلْمَعْرُوفِ فَيَمْتَنِعُ وَالدَّافِعُ الثَّمَنَ أَوِ الْأُجْرَةَ لَمْ يَدْفَعْهَا لِلْمَعْرُوفِ فَتَوَقَّعَ رَدَّهَا بَعْدَ الِانْتِفَاعِ تَوَقَّعَ لِسَلَفٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَعْرُوفَ فَيَمْتَنِعُ لَكَنَّهُ أَخَفُّ مِنَ السَّلَفِ بِشَرْطِ النَّفْعِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَوْنُهُ سَلَفًا بِخِلَافِ ذَلِكَ.
فرع:
فِي الْكتاب: يمْتَنع النَّسْجُ عَلَى أَنْ يُسَلِّفَكَ غَزْلًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنْ وَقَعَ رَدَدْتَ مِثْلَ السَّلَفِ وَالثَّوْبِ لَكَ وَعَلَيْكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لفساد العقد وَقد انتفعت بِلَا بِالرِّبَا وَلَيْسَ كَمَنْ دَفَعْتَ لَهُ خَمْسِينَ عَلَى أَنْ يُسَلِّفَكَ خَمْسِينَ وَيَعْمَلَ الْجَمِيعَ سُوَارَيْنِ وَتُعْطِيَهُ أُجْرَتَهُ لِأَنَّ عَيْنَ الذَّهَبِ قَائِمَةٌ وَالْغَزْلَ اسْتُهْلِكَ بَلْ هُوَ كَمَنْ مَوَّهَ لِجَامًا عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ الصَّانِعُ مِنْ عِنْدَهِ لِأَنَّ مَا جُعِلَ فِي اللِّجَامِ مُسْتَهْلَكٌ وَقِيلَ: الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ غَزَلِهِمَا وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي حِصَّتِكَ كَالسُّوَارَيْنِ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الثَّوْبَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى فِيمَا يَنُوبُ الْغَزْلَ أَوِ إِجَارَةُ الْمِثْلِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكتاب: إِذا اسْتَأْجر ثوبا أَو خمية شهرا فحسبه للزمته الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَلْبَسْهُ لِأَنَّ بَذْلَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّمْكِينِ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هَلَكَتْ تَحْتَ يَدِهِ فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ إِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ وَلَوْ حَبَسَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لِلْحَبْسِ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ مَعَ أُجْرَةِ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ لَمْ يُعَاقِدْ عَلَيْهَا وَقَالَ غَيْرُهُ: بِحِسَابِ مَا اسْتَأْجَرَ إِنْ كَانَ رَبُّهُ حَاضِرًا لِأَنَّ حَبْسَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ رِضًا بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ ضَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ وَأَصَابَهُ بَعْدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ أُجْرَةُ الضَّيَاعِ بَلْ حِصَّةُ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: مَعْنَى أَجَرْتُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ لَبْسٍ: أَنْ يَكُونَ كِرَاؤُهُ مَلْبُوسًا فِي الشَّهْرِ عَشَرَةً وإبلاء اللّبْس فِي الشَّهْرِ خَمْسَةً فَيَكُونُ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ قَالَ: وَفِيهِ تَطْوِيلٌ بَلْ يُقَالُ كَمْ أُجْرَتُهَا غَيْرَ مَرْكُوبَةٍ وَمَلْبُوسٍ مَعَ أَنَّهُ حَبَسَهُمَا عَنْ رَبِّهِمَا وَفَوَّتَهُ مَنَافِعَهُمَا وَإِلَّا يَلْزَمُ إِذَا كَانَ اللُّبْسُ لَا يَنْقُصُهُ أَنْ يُعْطِيَ مِثْلَ كِرَاءِ الشَّهْرِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ دَفْعُكَ الثَّوْبَ الْمُكْرَى لِغَيْرِكَ يَلْبَسُهُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ وَالْأَمَانَةِ وَيَضْمَنُ إِنْ فَعَلَ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ وَيُكْرَهُ فِي الدَّابَّةِ الْمَرْكُوبَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَخَفَّ لِأَنَّ الْأَخَفَّ قَدْ يَعْقِرُ الدَّابَّةَ بِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ لِلرُّكُوبِ فَأَمْرُهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ غَيْرَ أَنَّ الدَّابَّةَ فِيهَا تَحَمُّلٌ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَلَا يَفْسَخُ وَلَا يَضْمَنُ إِذَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الْخِفَّةِ وَالْحُلَّةِ وَالْحَالة وَلَوْ بَدَاَ لَهُ فِي السَّفَرِ أَوْ مَاتَ اَكْتَرَيْتَ مِنْ مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ خِلَافًا لِ (ش) بِخِلَافِ الْكِرَاءِ لِلسُّفُنِ وَالدُّورِ وَالْفُسْطَاطِ فَلَكَ كِرَاؤُهُ فِي مِثْلِ حَالِكَ فِي لُبْسِكَ وَأَمَانَتِكَ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَمْ يُضَمِّنْهُ سَحْنُونٌ فِي كِرَاءِ الثَّوْبِ كَالْفُسْطَاطِ وَالْمَذْهَبُ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ: الْكَرَاهَةُ وَهُوَ مُرَادُهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ إِجَارَةُ الْعَبْدِ فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ فَإِنْ أَجَرَهُ لَهُ فِي غير فَعَطِبَ ضَمِنَهُ إِنْ كَانَ عَمَلًا يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ وَلِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَى نَوْعِهِ مِثْلَ الْحَصَادِ وَالْحَزْرِ وَالْفَصْدِ فَإِنْ قَالَ: لَا أُحْسِنُهُ فلك فسخ الْإِجَارَة إِلَّا أَن يكن يَسِيرًا لَا ضَرَرَ عَلَيْكَ فِيهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكتاب: يجوز بيع الْبعد الْمُسْتَأْجَرِ مَعَ قُرْبِ الْإِجَارَةِ كَالْيَوْمَيْنِ وَإِلَّا لَزِمَ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْمُعَيَّنِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: يَجُوزُ فِي نَحْوِ الْيَوْمَيْنِ فَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَذَا الْعَيْبِ فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَهَلْ لَهُ الْأُجْرَةُ فِي دَيْنِكَ الْيَوْمَيْنِ؟ خِلَافٌ وَقِيلَ: لِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ وَيُمْنَعُ فِي البيعدة وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَقِيلَ: هُوَ كَعَيْبٍ ذَهَبَ فَيَلْزَمُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ رَضِيَ الْبَائِعُ أَوْ كَرِهَ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةُ مُلْكِهِ وَقِيلَ: يَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِالثَّمَنِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ عَلَى الْقَبْضِ إِلَى أَجَلِ الْإِجَارَةِ وَاخْتُلِفَ فِي مُرَادِهِ فِي الْكِتَابِ فِي الْإِمْضَاءِ فِي الْقَرِيبِ وَيَفْسَخُ فِي الْبَعِيدِ حَمَلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَقِيلَ: بَعْدَ الْأَجَلِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَجَدَ الْعَبْدَ سَارِقًا فَلَهُ الرَّدُّ كَالْبَيْعِ إِنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ لِعُسْرِ التَّحَفُّظِ مِنْهُ بِخِلَافِ إِجَارَتِهِ لِلْمُسَاقَاةِ لِإِمْكَانِ التَّحَفُّظِ وَلِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَلِأَنَّ لَكَ الْمُسَاقَاةَ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا لَمْ يَقْدِرِ الْأَجِيرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الْغَنَمِ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إِلَّا أَن يدْخل مَعَه رَاع يُقَوي بِهِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْغَنَمِ الْيَسِيرِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ عَدَمَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ وَيَلْزَمُ كَسَائِرِ الشُّرُوط فَإِن رعى غَيرهَا فالأجرة لَك أَنَّك استحققت مَنْفَعَة فِي الرَّعْيِ وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الْخِدْمَةِ إِذَا أجَرَ نَفْسَهُ يَوْمًا: لَكَ الْأُجْرَةُ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنْ لَمْ تُوجِبِ الرِّعَايَةُ الثَّانِيَةُ تَقْصِيرًا فِي الْأُولَى فَلَا أُجْرَةَ لَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا كَانَ مَضْمُونا تَحت يدك فَلَيْسَ عَلَيْك تَسْمِيَة مَا يَرْعَى لَكَ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ بِنَفْسِهِ وَالْمُشْتَرَكُ لجَمِيع النَّاس لَا بُد من التَّسْمِيَة وَإِذا اشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يَرْعَى غَيْرَهَا فَرَعَى فَالْأُجْرَةُ لَكَ وَلَكَ تَخْيِيرُهُ كَمَا خُيِّرْتَ فِي أَجِيرِ الْخِدْمَةِ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ: بَيْنَ الْأُجْرَةِ وَإِسْقَاطِ ذَلِكَ مِنَ الْمُسَمَّى قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تَخْيِيرُكَ فِي أَجِيرِ الْخِدْمَةِ إِنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا يُشْبِهُ أُجْرَتَهُ وَأَمَّا إِنِ اسْتَأْجَرْتَهُ شَهْرًا بِدِينَارٍ فَيُؤَاجِرُ نَفْسَهُ فِي أَمْرٍ مَخُوفٍ بِدِينَارٍ أَوْ يُقَاتِلُ فَيَدْفَعُ لَهُ فِي قِسْمَه عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لَا يَكُونُ لَكَ إِلَّا أَجْرُ مَا عَطَّلَكَ مِنْ عَمَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ اسْتِئْجَارُكَ لِلرَّعْيِ لَكَ وَإِنْ لَمْ تُسَمِّ ذَلِكَ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ مَنَافِعِهِ وَلَكَ أَنْ تَأْتِيَهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يَعْلَمُ قَدْرَ رِعَايَةِ مِثْلِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا فَإِنْ فَعَلَ فَالْأُجْرَةُ لَك قَالَ وَأرى إِذا اشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يَرْعَى فَرَعَى أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ عَنْ نَفْسِهِ مَا زَادَ لِمَكَانِ الشَّرْطِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الزِّيَادَةِ إِلَّا الْأُجْرَةَ لِوُجُودِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ: عَاقِدٌ عَلَى وُفُورِ الْمَنْفَعَةِ فَفَاتَتْ وَبَاعَ بَعْضَ مَنَافِعِهِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ فَلَهُ إِمْضَاءُ الْعَقْدِ وَلَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ بِالتَّفْوِيتِ وَكَذَلِكَ إِذَا تَرَكَ رِعَايَةَ الْأُولَى وَرَعَى غَيْرَهَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَإِذَا قُلْتَ: اسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى هَذِهِ الْغَنَمِ: قِيلَ: يَجُوزُ وَالْإِشَارَةُ كالصفة فيخلف غَيْرُهَا إِنْ أُصِيبَتْ وَقِيلَ تَعَيَّنَ وَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِلتَّحْجِيرِ عَلَيْكَ فَلَا تَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا وَقِيلَ تتَعَيَّن وَهِي جَائِزَة وَقَالَهُ (ح) وَأحمد وقلا: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الذَّاهِبِ مِنْهَا وَفَائِدَةُ التَّعْيِينِ عندنَا: أَن لَا يُكَلَّفَ الْخَلَفَ قِيلَ: إِنْ قَرُبَ الْأَجَلُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ الْأَحْمَالُ إِذَا قَالَ: تُحْمَلُ هَذِهِ الْأَحْمَالُ قَالَ فِي كِتَابِ الرَّوَاحِلِ: لَا تَتَعَيَّنُ وَعَلَى قَوْلِهِ هَاهُنَا فِي الْغَنَمِ: يَتَعَيَّنُ ثُمَّ يَخْتَلِفُ هَلْ تَكُونُ جَائِزَةً أَمْ لَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ قَالَ: وَأَرَى الْجَوَازَ فِيمَا قَرُبَ لِخِفَّةِ التَّحْجِيرِ وَفِيمَا بَعُدَ إِذْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْكَ لِأَنَّ غَرَضَكَ: عَدَمُ تَكَلُّفِ الْخَلَفِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الرَّاعِي فَسَدَتْ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ يَرْعَى مَكَانَهُ وَلَوْ رَضِيتَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّاعِي سَقْيُ لَبَنِ الْغَنَمِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ وَيَحْمِلُ فِي رِعَايَةِ الْوَلَدِ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ لَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: سَقْيُ اللَّبَنِ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْإِبَاحَةُ وَإِنْ كَانُوا يَبِيعُونَهُ وَأَكْثَرهم حَرَّمَ أَوْ يُبِيحُونَهُ لَمْ يَكْرَهْ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: للصُّناع مَنْعُ مَا عَمِلُوا حَتَّى يَقْبِضُوا أَجْرَهُمْ كَالْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُمْ بَائِعُونَ لِمَنَافِعِهِمْ وَهُمْ أَحَقُّ بِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَكَذَلِكَ حَامِلُ الْمَتَاعِ أَوِ الطَّعَامِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ دَابَّته أَو سفينته لِأَن الْمَنْفَعَة الْمُسْتَأْجرَة عَلَيْهَا إِنَّمَا تَحْصُلُ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ فَكَأَنَّهَا سِلْعَتُهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَهُوَ مَوْرِدُ الْحَدِيثِ فِي الْفَلَسِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اسْتَأْجَرْتَهُ عَلَى بِنَاءِ حَائِطٍ وَصَفْتَهُ لَهُ فَبَنَى نِصْفَهُ ثُمَّ انْهَدَمَ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا بَنَى لِأَنَّكَ قَبَضْتَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْعَمَلِ لِمَزِيدِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ كَانَ الْأَجْرُ مِنْ عِنْدِكَ أَوْ مِنْ عِنْده قَالَ غَيره: لهَذَا فِي عَمَلِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَعَلَيْهِ فِي الْمَضْمُونِ تَمَامُ الْعَمَلِ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ كَبِنَاءِ الْحَائِطِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جُعالة فَلَا شَيْءَ لَهُ إِذا انهدت قَبْلَ إِسْلَامِهَا إِلَيْكَ وَإِسْلَامُهَا إِلَيْكَ فَرَاغُهُ مِنَ الْحَفْرِ وَالْبِنَاءِ قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَجِيرُ عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ إِذَا انْهَدَمَ قَبْلَ فَرَاغِهِ لَا شَيْءَ لَهُ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ فِيمَا يَمْلِكُ مِنَ الْأَرَضِينَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: إِنِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى بِنَاءِ حَائِط فَبنى نصفه ثمَّ انهد وَقَالَ الْغَيْرُ: ذَلِكَ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ قِيلَ: وَفَاقٌ وَقِيلَ: خِلَافٌ قَالَ: وَأَرَى أَنَّ قَوْلَ الْغَيْرِ رَاجِعٌ إِلَى اشْتِرَاطِ الْآجُرِّ وَالطِّينِ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ الْغَيْرُ: إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ لَمْ يَشْتَرِطْ رَجُلًا بِعَيْنِهِ جَازَ إِذَا قَدِمَ نَقَدَهُ فَجَعَلَهُ الْغَيْرُ كَالسَّلَمِ يَلْزَمُ فِيهَا شُرُوطُهُ وَإِنْ لَمْ يُذْكُرُ فِيهَا ضرب الْأَجَل لِأَن الْمَقْبُوض تبع مَا لَمْ يُقْبَضْ وَابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَ الرَّجُلُ مُعَيَّنًا أم لَا وَاعْتمد فِي تَقْدِير الْعَمَل وَالْبيع مِنَ الْأَجْرِ عَلَى الْعَادَةِ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَسْأَلَةَ لِلْجَهَالَةِ وَوَقَعَ فِي الْأَسَدِيَّةِ: إِنْ تَشَاحَّا بنى مَا بَقِي من الْعَمَل فَمَا يشبه جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الَّذِي سَقَطَ شِقَّ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَأَصْلُ حَفْرِ الْبِئْرِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْجُعَالَةَ تُمنع فِيهِ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ وَلَا تَجُوزُ فِي الْمَمْلُوكِ إِلَّا الْإِجَارَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ إِلَّا الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْمُجَاعِلَ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ فَلَا يَتْرُكُ لَهُ شَيْئًا يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَوْ بَنَى الْبَعْضَ وَحَفَرَ وَتَرَكَ وَعَامَلَ الْمُجَاعِلُ غَيْرَهُ فَأَتَمَّ كَانَ لِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ بِهِ الْآخَرُ بِالِاجْتِهَادِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ يُصَادِفُ الْأَوَّلُ أَرْضًا رِخْوَةً أَوْ صُلْبَةً وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يُعطى الثَّانِي جُعْلَهُ كَامِلًا وَعَلَى الْمُجَاعِلِ قِيمَةُ مَا انْتَفَعَ بِهِ كَانَ أَقَلَّ مِنْ جُعْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْإِجَارَةُ وَالْجُعَالَةُ وَالْمُقَاطَعَةُ وَتَلْزَمُ إِلَّا الْجُعَالَةَ وَتَجُوزُ الْجُعَالَةُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِهَا فِيمَا يَمْلِكُ فِي الْحِرَاسَةِ وَالْحَفْرُ مثله.
فرع:
قَالَ صَاحب النُّكَتِ: أَجِيرَانِ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ مَرِضَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ حَفْرِ بَعْضِهَا قِيلَ: يَلْزَمُ صَاحِبُهُ الْإِتْمَامَ وَالْأُجْرَة بَينهمَا وَيرجع على الْمَرِيض بِحِصَّتِهِ مِنَ الْكُلِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا إِنْ كَانَ شَرِيكَيْنِ فِي هَذِهِ الصِّنَاعَةِ وَإِلَّا فَإِنْ شَرَطَا عَمَلَ أَيْدِيهِمَا أَوْ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَضْمُونا عل كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْمُكَمِّلُ مُتَبَرِّعٌ عَنِ الْمَرِيضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا حَفَرَ الصَّحِيحُ لَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ وَالنِّصْفُ الْآخِرُ لِلْمَرِيضِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرِيدُ: أَنَّ الْإِجَارَةَ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مُتَطَوِّعٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ: النِّصْفُ الْآخِرُ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ فَإِنْ حَفَرَ بَعْدَ طُولِ الْمَرَضِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ أُجْرَةِ غَيْرِهِ مِمَّنْ كَانَ يَعْمَلُ مَعَهُ لِأَنَّ أُجْرَةَ الصَّحِيحِ إِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ: يَقُولُ الْمَرِيضُ: كَانَ لِي أَنْ أَبْنِيَ لِمَنْ يَعْمَلُ دُونَ صنعتك لِأَنَّهُ بدل مبْنى وَلَا مَقَالَ لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَيْهَا قَرُبَ الْمَرَضُ أَوْ طَالَ لِأَنَّهُ عَمَلٌ مَضْمُونٌ وَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى أَعْيَانِهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَرِيضُ عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ عَنْ حَفْرِ صَاحِبِهِ أُجْرَةَ حَفْرٍ فِي أَوَّلِ الْمَرَضِ أَوْ آخِرِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ سَحْنُونٍ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى كَمَالِ الْبِئْرِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لِأَنَّهُ قَامَ عَنهُ بِعَمَل يسْتَأْجر عَلَيْهِ ثُمَّ الْمَرِيضُ إِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ إِخْلَافُ مَوضِع خر يَحْفُرُ لَهُ مِثْلَهُ أَخْلَفَهُ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لَهُ لَا يَتَعَيَّنُ وَإِلَّا انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ فِي حَقِّهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا حَفَرَ قَبْرًا شَقًّا فَقلت لَهُ: أردته لحداً حملتهما عَلَى الْعَادَةِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: قُلْتُ: عَمِلْتَهُ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَالَ: بِأَجْرٍ صُدِّقَ فِيمَا يُشْبِهُ مِنَ الْأَجْرِ وَإِلَّا رُدَّ إِلَى أَجْرِ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ التَّبَرُّعِ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ الْأَقَلَّ مِمَّا ادَّعَى أَوْ أُجْرَةَ مِثْلِهِ مُؤَاخِذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَقَالَ (ح): تَصَدَّقْ أَنْتَ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْكَ الدَّيْنَ إِلَّا أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا ادَّعَى الصَّانِعُ مَا لَا يُشْبِهُ حَلَفْتَ لِتُسْقِطَ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ فِي أَخْذِ الْأَقَلِّ يُرِيدُ: وَتَحْلِفُ أَنْتَ أَيْضًا إِنْ كَانَتِ التَّسْمِيَةُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِتُسْقِطَ الزَّائِدَ وَإِنِ ادَّعَى أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ حَلَفَ وَحْدَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ حَلَفَ الصَّانِعُ وَحْدَهُ وَاسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ حَلَفَ الصَّانِعُ: أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بَاطِلًا وَحَلَفْتَ: مَا اسْتَأْجَرْتُهُ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ وَغَرِمْتَ أُجْرَة الْمثل إِن كَانَ يُشْبِهُ: أَنَّ الْعَمَلَ بَاطِلٌ وَإِلَّا أَخَذَ الْمُسَمَّى إِنْ كَانَ أَقَلَّ بِغَيْرِ يَمِينٍ إِذْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ إِجَارَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ: حَلَفْتَ وَحْدَكَ وَدَفَعْتَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلْتَ حلف وَحده وَأخذ التَّسْمِيَة وَذَلِكَ إِذْ اختلفتما بعد للتسليم فَإِن لم يُسلمهُ حلف المصانع وَحْدَهُ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَأَخَذَهَا قَوْلًا وَاحِدًا إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: اسْتَأْجَرْتُكَ بِثَمَانِيَةٍ وَقَالَ: بِعَشَرَةٍ صُدِّقَ إِنْ كَانَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ فَإِذَا قُلْتَ بَاطِلًا فَهُوَ أَبْيَن.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْتَ: أَوْدَعْتُكَ وَقَالَ: استأجرتني على صبغة صدق لأَنهم يَشْهَدُونَ فِي الْعَادَةِ وَلَوْ جَوَّزَ هَذَا لَذَهَبَتْ أَعْمَالُهُمْ وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلِ الصَّانِعُ مدَّع قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَصْلُ سَحْنُونٍ: تَصْدِيقُ الصَّانِعِ فِي طَرْحِ الْعَدَاءِ وَتَصْدِيقِ الْآخَرِ فِي طَرْحِ التَّسْمِيَةِ وَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْغَالِبَ: الِاسْتِصْنَاعُ وَالْإِيدَاعُ نَادِرٌ وَكَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ إِذَا أَرَادَ التَّضْمِينَ بِالتَّعَدِّي وَإِلَّا إِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِثْلَ الْمُدَّعِي فَأكْثر دَفعهَا دفعتها بِغَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ: فَعِنْدَ مَالِكٍ: يَحْلِفُ الصَّانِعُ وَيَأْخُذُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ: تَحْلِفُ أَنْتَ وَتَدْفَعُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْتَ سَرَقَ مِنِّي وَقَالَ: اسْتَعْمَلْتَنِي تَحَالَفْتُمَا وَتَدْفَعُ أُجْرَةَ الْعَمَلِ وَتَأْخُذُ لِحُصُولِهِ لَكَ فَإِنْ أَبَيْتَ دَفْعَ قِيمَةِ الثَّوْبِ غَيْرَ مَعْمُولٍ لِحُصُولِهِ لَهُ فَإِنْ أَبَيْتُمَا كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَقِيمَةِ الْعَمَلِ إِذْ لَيْسَ أَحَدُكُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا مُدَّعٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَامِلُ مُدَّعٍ وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: بَقَاءُ سِلْعَتِكَ لَكَ سَالِمَةً مِنَ الشَّرِكَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ إِنِ ادَّعَيْتَ أَنَّهُ سَرَقَهُ إِلَّا أَنَّهُ هَاهُنَا إِنْ كَانَ لَا يُشَارُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ عُوقِبْتَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا قُلْتَ: سَرَقَ مِنِّي وَاخْتَرْتَ أَخْذَهُ وَإِعْطَاءَ قِيمَةِ الصَّبْغِ وَهِيَ مِثْلُ دَعْوَاهُ أَوْ أَكْثَرُ لَا يَمِينَ عَلَيْكَ أَوْ أَقَلُّ حَلَفْتَ: مَا دَفَعْتَهُ إِلَيْهِ لِتُسْقِطَ الزَّائِدَ وَيُؤَدِّيَ الْقِيمَةَ وَإِنِ اخْتَرْتَ التَّضْمِينَ وَاخْتَارَ إِعْطَاءَكَ قِيمَتَهُ بِغَيْرِ صَبْغٍ فَلَا يَمِينَ عَلَيْكُمَا وَإِنْ أَبَى تَحَالَفْتُمَا وَكُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وعل قَوْلِ الْغَيْرِ فِي جَعْلِهِ مُدَّعِيًا: تَحْلِفُ أَنْتَ وَتَلْزَمَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا قُلْتَ: سَرَقَ مِنِّي وَقَالَ اسْتَعْمَلْتَنِي يُقَالُ لَهُ: مَا تُرِيدُ؟ فَإِنْ أَرَدْتَ تَضْمِينَهُ حَلَفْتَ: مَا استعملته يَحْلِفُ: لَقَدِ اسْتَعْمَلْتَنِي وَيَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ ثُمَّ يدْفع قِيمَةَ الصَّبْغِ لِأَنَّكَ بَرِئْتَ مِنَ الْمُسَمَّى بِيَمِينِكَ فَإِنْ أَبَيْتَ دَفَعَ إِلَيْكَ قِيمَةَ الثَّوْبِ فَإِنْ أَبَى كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ وَإِنْ قُلْتَ أَوَّلًا: لَا أُرِيدُ أَخْذَ ثَوْبِي وَقِيمَةُ الثَّوْبِ مِثْلُ دَعْوَى الصَّانِعِ فَأَكْثَرُ فَلَا أَيْمَانَ بَيْنَكُمَا لِأَنَّ الصَّبْغَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ حَلَفْتَ وَحْدَكَ لِتَحُطَّ الزَّائِدَ فَهَذَا جَوَابُ: سَرَقَ مِنِّي: وَأما: سَرقته فَأَنت مدعي التَّعَدِّي فتخلفان لِيَتَعَيَّنَ الضَّمَانُ وَيَبْرَأَ مِنْهُ الْآخَرُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اخْتَلَفَا قَبْلَ السَّيْرِ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ فَقُلْتَ: إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ بِمِائَةٍ وَقَالَ إِلَى بَرْقَةَ بِمِائَةٍ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا كَالْبَيْعِ نَقَدْتَ الْكِرَاءَ أَمْ لَا وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذَا انْتَقَدَ وَكَانَ قَوْلُهُ يُشْبِهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مدَّعى عَلَيْهِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ فَقَالَ: إِلَى بَرْقَةَ وَقَدْ بَلَغْتَهَا وَقُلْتَ: إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ وَقَدِ انْتَقَدَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ لِأَنَّك تَدعِي عَلَيْهِ غرم بَقِيَّةِ الْكِرَاءِ إِنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ لِبَرْقَةَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهُ إِلَّا قَوْلَكَ فَلَهُ حِصَّةُ مَسَافَةِ بَرْقَةَ عَلَى دَعْوَاكَ بَعْدَ تَحَالُفِكُمَا وَلَا يَلْزَمُهُ التَّمَادِي وَأَيُّكُمَا لَمْ يَحْلِفْ قُضِيَ لِمَنْ حَلَفَ وَيُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنْ تَكَافَأَتَا: قِيلَ لِلْمُشْتَرِي: افْسَخِ الْكِرَاءَ وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقْضَى بِمَا زَادَهُ أَحَدُهُمَا وَلَيْسَ بِسَاقِطٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: اخْتِلَافُهُمَا كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَبْدَأُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ بِالْيَمِينِ فَإِن اختلفتما بعد طول السّفر فِي لمعينة أَوْ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ فِي الْمَضْمُونِ صُدِّقْتَ فِي الْأُجْرَة إِن لم تنقد وَقُلْتَ مَا يُشْبِهُ وَيَغْرَمُ حِصَّةَ مَا مَضَى وَصُدِّقَ الْمُكْرِي فِي الْمَسَافَةِ وَكَانَتْ فِي الْقُرْبِ سِلْعَتَاكُمَا بِأَيْدِيكُمَا لَمْ تَفُتْ وَمَعَ الْبُعْدِ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْتَرِيَ صُدِّقَ انْتَقَدَ أَمْ لَا وَإِن لم يشبه قَول أجدهما: تَحَالَفَا وَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى وَأَيُّكُمَا نَكَلَ قُضِيَ لِمَنْ حَلَفَ قِيلَ: وَلَوِ اخْتَلَفَا بَعْدَ سَيْرِ نِصْفِ الطَّرِيقِ مِنْ بَرْقَةَ وَبَعْدَ النَّقْد صدق المُشْتَرِي إِذْ أشبه وتبلعه بَرْقَةَ لِأَنَّ التَّفَاسُخَ هُنَاكَ ضَرَرٌ بِخِلَافِ سُكْنَى الدُّورِ وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ لَأَتَمَّ لَهُ أَيْضًا الْمَسَافَةَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي أَنَّهُ الْكِرَاءُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا قَالَ: لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَقُلْتَ: إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ نَقَدْتَهُ مِائَةً وَبَلَغْتُمَا الْمَدِينَةَ تَحَالَفْتُمَا وَفُسِخَ مَا بَقِيَ وَلَا يَكُونُ لَهُ غَيْرُ مَا قَبَضَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَجِّ فَعَلَيْهِ التَّمَادِي لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْكِرَاءُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: كَانَ الْمَحْمُولُ رجلا أَو أحمالاً وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يُصَدَّقُ الْمُكْتَرِي فِي الْحَجِّ فِي الحمولة والزوامل وَيصدق الْمكْرِي فِي الأعكام مَعَ يَمِينِهِ إِذَا انْتَقَدَ وَإِنِ اخْتَلَفَا بَعْدَ تَعَيُّنِ الضَّرَرِ فِي الرُّجُوعِ قَبْلَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: لِلْمَدِينَةِ بِمِائَتَيْنِ وَقُلْتَ: إِلَى مَكَّةَ بِمِائَةٍ وَقَدْ نفدت وَهُوَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَأَشْبَهَ مَا قُلْتُمَاهُ: نُضت الْمِائَتَانِ عَلَى قَوْلِ الْمُكْرِي فَإِنْ وَقَعَ لما سَار بِمِائَة فَأَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ لِلْجَمَّالِ غَيْرُ الْمِائَةِ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا فَيُصَدَّقُ فِي حِصَّتِهَا وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ فَإِنْ وَقَعَ لِمَا سَارَ أَقَلُّ أُلْزِمَ الْجَمَّالُ التَّمَادِيَ إِلَى مَا يَنُوبُ الْمِائَةَ اسْتِحْبَابًا وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهُ وَأَشْبَهَ مَا قَالَ لَزِمَ الْأَوَّلَ التَّمَادِي إِلَى الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ أَنَّ الْكِرَاءَ إِلَيْهَا وَلَهُ حِصَّةُ ذَلِكَ مِنَ الْكِرَاءِ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ فِي الْبَقِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يَدَّعِيَانِ إِلَيْهِ وَلَهُ حِصَّةُ ذَلِكَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي لِأَنَّ سِلْعَةَ الْجَمَّالِ الَّذِي بَقِيَ مِنَ الْمَسَافَةِ بِيَدِهِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ كِرَاءَ هُنَاكَ فَيَلْزَمُ التَّمَادِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ نَقَدَهُ خَمْسِينَ وَاخْتَلَفَا بَعْدَ بُلُوغِ الْمَدِينَةِ نُضَّتِ الْمِائَةُ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي فَمَا وَقَعَ لِلْمَدِينَةِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ أَوْ أَقَلَّ لَمْ تَنْقُصْ مِنْ خَمْسِينَ وَيَتَحَالَفَانِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنَّمَا يَنْفَعُ النَّقْدُ الْمُكْرِيَ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْكِرَاءِ وَالْمَسَافَةِ جَمِيعًا دُونَ الِاخْتِلَافِ فِي الْكِرَاءِ فَقَطْ لِأَنَّهُ إِذَا بَلَغَ الْمَسَافَةَ فالكري مُدَّعٍ لِلزِّيَادَةِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَغَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَضْمُونِ فَيَتَفَاسَخَانِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يَتَفَاسَخَانِ حَتَّى يَبْلُغَا الْمَدِينَةَ الَّتِي اتَّفَقَا عَلَيْهَا وَشَبَّهَ الْمَضْمُونَ إِذَا قُبِضَ بِالْمُعَيَّنِ وَلَوْ هَلَكَتْ فِي الْمَضْمُونِ اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ فِي التَّفَاسُخِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ بِالْهَلَاكِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قلت: دفعت الْكِرَاء إِذَا قُلْتَ: دَفَعْتُ الْكِرَاءَ وَقَدْ بَلَغَتِ الْغَايَةُ صُدِّقَ وَإِنْ كَانَتِ الْحُمُولَةُ بِيَدِهِ أَوْ أَسْلَمَهَا بِقُرْبِ الْيَوْمَيْنِ لِأَنَّ الْقُرْبَ يُشعر بِعَدَمِ الْقَبْضِ عَادَةً فَإِنْ بَعُدَ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ وَكَذَلِكَ الصَّنَّاعُ فِي رَدِّ الْمَتَاعِ وَدَعْوَى الْأُجْرَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى مِنْ مِصْرَ إِلَى مَكَّةَ فَاخْتَلَفَا فِي الْكِرَاءِ بِمَكَّةَ صُدِّقَ الْمُكْتَرِي إِذَا أَشْبَهَ قَوْلَهُ فِي كِرَاءِ مَضْمُونٍ أَوْ مُعَيَّنٍ.
فرع:
فِي النَّوَادِرِ: إِذَا ادَّعَيْتَ أَنَّ الْأَجِيرَ مَرِضَ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ أَوْ أَبْعَدَ أَو غَابَ وَهُوَ عَبدك أَو صُدِّقْتَ لِأَنَّكَ ائْتُمِنْتَ حَيْثُ سُلِّمَا إِلَيْكَ وَإِلَّا صُدِّقَ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الْإِخْلَالِ بِالْعَقْدِ وَيُصَدَّقُ الْحُرُّ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ إِنْ كَانَا يَأْوِيَانِ إِلَيْكَ وَإِلَّا صُدِّقْتَ فسوى بَين الْحر وَالْعَبْد قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا مَاتَتِ الدَّابَّةُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَقُلْتَ: اكْتَرَيْتُ مَضْمُونًا وَقَالَ: مُعَيَّنًا صدق لِأَنَّك مدعي الزِّيَادَة.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَالَ: وَصَّلْتُ الْكِتَابَ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَى إِيصَالِهِ صُدِّقَ فِي أَمَدِ مِثْلِهِ لِأَنَّكَ ائْتَمَنْتَهُ وَعَلَيْكَ الْكِرَاءُ وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْبَيِّنَة لِأَن الأَصْل: عدم الإصال.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ثَبَتَ أَنَّ قَمِيصَهُ كَانَ مِلْحَفَةً لَكَ لَمْ يَأْخُذْهُ إِلَّا بِقِيمَةِ الْخِيَاطَةِ وَإِلَّا قَضَى بِمَا تَقَدَّمَ فِي السَّرِقَةِ لِأَن الأَصْل: أَن لَا يَذْهَبَ الْعَمَلُ مَجَّانًا وَكَذَلِكَ يَتِيمٌ بَاعَ مِلْحَفَةً وَتَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاكُ فَصَبَغَهَا أَحَدُهُمْ: يَتَرَادُّونَ الرِّبْحَ بَيْنَهُمْ لِفَسَادِ أَصْلِ الْعَقْدِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْيَتِيمِ مِنَ الثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَائِمًا بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ سَلَّطَهُ وَالْيَتِيمَ وَالَّذِي صَبَغَ شَرِيكَانِ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ وَقِيمَةِ الْمِلْحَفَةِ بَيْضَاء صَوْنًا لِلْحَالَيْنِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: قَلَعَ الضِّرْسَ فَقُلْتُ: أمرتُك بِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّكَ عَلِمْتَ بِقَلْعِهِ وَلَهُ الْأُجْرَةُ لِتَقْرِيرِكَ عَمَلَهُ عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ فَإِنْ صَدَقَّكَ فَلَا أُجْرَةَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مُدَّعٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَوْضِعُ الْخِلَافِ إِذَا كَانَا مُعْتَلَّيْنِ حَتَّى يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ كَانَتِ الْبَاقِيَةُ سَالِمَةً صُدِّقَ الْحَجَّامُ لِإِتْيَانِهِ بِمَا يُشبه أَوِ الْمَقْلُوعَةُ سَالِمَةً وَالْبَاقِيَةُ مُعْتَلَّةً صدقت وَحلفت لِإِمْكَان غلطك فِيهَا لمشاركتهما فِي الْأَلَمِ وَتَسْتَحِقُّ دَوَاءَ ضِرْسِكَ وَيَقْلَعُ الْأُخْرَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْبَاقِيَةِ دَلِيلُ الْفَسَادِ لِسَوَادِهَا وَصَفَاءِ الْأُخْرَى فَلَا يَمِينَ عَلَيْكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ: لَا تَكُونُ لَهُ أُجْرَةُ بَرِيدٍ: وَعَلَيْهِ عَقْلُ الْخَطَأِ وَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ قَالَ سَحْنُونٌ: كِلَاهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ يَتَحَالَفَانِ وَلِلْحَجَّامِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَتَجَاوَزِ التَّسْمِيَةَ وَتَحَالُفُهُمَا إِذَا كَانَتِ التَّسْمِيَةُ فَيَمِينُ الْحَجَّامِ تُزِيلُ الضَّمَان وتوجب مِنَ الْآخَرِ وَتَدْفَعُ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ إِن كَانَ التَّسْمِيَةُ كِرَاءَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ لَا يَحْلِفُ إِلَّا أَن يُنكر الْحجام فتحلف ليسقط عَنْهُ الْأَجْرُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: قِيلَ: إِذَا تَحَالَفَا بَرِئَ الْحَجَّامُ لِأَنَّهُ بَائِعُ مَنَافِعِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ: أَمَرْتَنِي بِلَتِّ سَوِيقِكَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَنْكَرْتَ أَمْرَكَ لَهُ بِذَلِكَ لَكَ غُرْمُ مَا قَالَ وَأَخَذَهُ مَلْتُوتًا لِإِقْرَارِهِ وَلَكَ تَغْرِيمُهُ مِثْلَ سَوِيقِكَ غَيْرِ مَلْتُوتٍ أَوْ تَسَلُّمُهُ بِغَيْرِ شَيْء لِأَن الأَصْل: عدم الْإِذْن وإلاذن وَإِلَّا كُنْتُمَا شَرِيكَيْنِ فِي الطَّعَامِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذَا امْتَنَعْتَ أَنْ تُعْطِيَهُ مَا لتَّه بِهِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ سَوِيقِكَ غَيْرِ مَلْتُوتٍ لِاعْتِرَافِهِ بِمِلْكِيَّةِ السَّوِيقِ لَكَ فَإِنْ قَالَ: أَمَرْتَنِي بِعَشَرَةٍ وَفعلت بِخَمْسَةٍ وَبِهَا لَتَتُّ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ سَمْنٌ بِعَشَرَةٍ لِاعْتِرَافِكَ بِالْإِذْنِ وَادِّعَائِكَ الضَّمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الصَّبَّاغُ فِي الْعُصْفُرِ فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ: صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ وَإِنْ أَتَيْتُمَا بِمَا لَا يُشْبِهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وللاتِّ مِثْلُهُ وَلَوْ قُلْتَ: كَانَ لِي فِي السَّوِيقِ لَتَاتٌ مُتَقَدِّمٌ وَفِي الثَّوْبِ صِبَاغٌ مُتَقَدِّمٌ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَهَذَا إِذَا أَسْلَمَ إِلَيْهِ السَّوِيقَ أَوِ الثَّوْبَ فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ صُدِّقْتَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْتَمِنْهُ فَهُوَ كَالْبَائِعِ يَدَّعِي زِيَادَةَ الثَّمَنِ فَإِنْ قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: فِيهِ سَمْنٌ أَوْ عُصْفُرٌ بِعَشَرَةٍ وَلَمْ تَدَّعِ تَقَدُّمَ سَمْنٍ فِي السَّوِيقِ وَلَا عُصْفُرٍ فِي الثَّوْبِ صُدق وَإِنِ ادَّعَيْتَ تَقَدُّمَ ذَلِكَ صُدِّقْتَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْتَمِنْهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: وَلَوْ قُلْتَ: أَوْدَعْتُهُ لَكَ وَقَالَ: أَمَرْتَنِي بِلَتَاتِهِ صُدِّقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ يغرم مثل التسويق وَيُصَدَّقُ فِي الْأَجْرِ إِنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَإِلَّا حَلَفْتُمَا وَغَرِمْتَ قِيمَةَ اللَّتَاتِ فَتَحْلِفُ لِتُسْقِطَ الْأَجْرَ عَنْكَ وَيَحْلِفُ لِيُسْقِطَ التَّعَدِّيَ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ: إِنَّ الصَّانِعَ مُدَّعٍ يُرِيدُ فِي الْأَجْرِ وَتَحْلِفُ أَنْتَ إِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَتَغْرَمُ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ لَكَ تَضْمِينُهُ لِإِقْرَارِكَ بِإِيدَاعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّهُ لَمْ يقر بِدَفْعِهِ إيداعا وَلَا بصبغه فَفَارَقَ الصَّانِعُ الَّذِي أَقَرَّ بِإِيدَاعِهِ فَيُصَدَّقُ الصَّانِعُ لِأَنَّ الْغَالِب الإستصناع فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ دَفْعِ الْأُجْرَةِ وَأَخْذِ السَّوِيقِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فَإِنْ نحلف خُيِّرَ الْأَجِيرُ بَيْنَ دَفْعِ مِثْلِ السَّوِيقِ أَوْ إِسْلَامِهِ مَلْتُوتًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: عَلَى تَأْوِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ يَكُونُ قَوْلُ الْغَيْرِ وِفَاقًا لِأَنَّهُ لَا بُد من يَمِينك وَيقْضى لَك بِمثل سويقك فَإِن دفع إِلَيْك ملتوتاً لم يجْبر عَلَى أَخْذِهِ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلِهَذَا غَلَطٌ بَلِ اللَّاتُّ مُصَدَّقٌ وَيَحْلِفُ إِنْ كَانَ أَسْلَمَ إِلَيْهِ السَّوِيقَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ رَبُّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ سَوِيقِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ بِعَيْنِهِ إِلَّا بِدفع ثَمَنِ السَّمْنِ أَوْ يَرْضَى الْآخَرُ وَهَذَا أَيْضًا عَلَى تَأْوِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ لَا يُخَالِفُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِاشْتِرَاطِ مُحَمَّدٍ إِسْلَامَهُ إِلَيْهِ فَيَصِيرُ الْقَوْلَانِ وَاحِدًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَحْمَلُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ: عَلَى أَنَّ رَبَّ السَّوِيقِ قَالَ: سُرِقَ مِنِّي فَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ الِاخْتِلَافَ شُبْهَةً تَنْفِي التَّعَدِّيَ وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ مُتَعَدِّيًا قَالَ: وَأَرَى إِنْ أَخَذَهُ وَدَفَعَ الْأُجْرَةَ أَنْ يُبَاعَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُ سَوِيقِهِ فَإِنْ بَقِيَ مِثْلُ الْأُجْرَةِ أَوْ أَقَلَّ أَمْسَكَهُ أَوْ أَكْثَرَ وَقَفَ الْفَاضِلُ لِلْأَجِيرِ وَلَا يَجُوزُ الْإِمْسَاكُ فَيَكُونُ عَلَى قَوْلِهِ سلَّم سَوِيقًا غَيْرَ مَلْتُوتٍ وَدَرَاهِمَ وَهِيَ الْأُجْرَةُ بِسَوِيقٍ مَلْتُوتٍ فَيَكُونُ رِبًا وَكَذَلِكَ وَلَوْ حَلَفَ صَاحِبُهُ وَنَكَلَ اللاتِّ يُبَاعُ وَيَشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهِ سَوِيقًا فَإِنْ فَضَلَ مِثْلُ الْأُجْرَةِ كَانَ لَهُ أَوْ أَكْثَرُ وَقَفَ الزَّائِد إِلَّا أَن يُقَال: السّمن صَنْعَة كالإبراز فِي اللَّحْم وَالزَّيْت فِي الإسفنجية فَلَا يَتَعَيَّنُ الْبَيْعُ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ خَدَمَ رَجُلًا فَمَاتَ فَطَلَبَ الْخَادِمُ أَجْرَ مِثْلِهِ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْدُمُهُ الرِّجَالُ يَحْلِفُ مَا دَفَعَ لَهُ شَيْئًا وَيَأْخُذُ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حَرَثَهَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَهُوَ فِي الْإِبَّانِ وَصَدَّقَهُ قَلَعَ زَرْعَهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَإِلَّا تَرَكَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا كالبيان لِأَنَّهُ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَقِيلَ: يجوز لِأَنَّهُ فِي أَرض مبتاعة , يدْخل فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ فَيَرْتَفِعُ الْغَرَرُ قَالَ التُّونِسِيُّ: وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ عَلِمَ بِحَرْثِهِ حَلَفَ وَأَخَذَ أرضه وَحكم الزَّرْع مَا تقدم فَإِن نكل حَلَفَ الْآخَرُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ إِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ أَكْرَاهَا صُدِّقَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مَعَ يَمِينِهِ وَحُكْمُ الزَّرْعِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَإِنْ كَانَ مُدَّعَاهُ مِنَ الْكِرَاءِ لَا يُشْبِهُ لِأَن رب يالأرض مكنه من الْيمن بِنُكُولِهِ وَإِذَا حَلَفَ خُيِّرَ بَيْنَ الْكِرَاءِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ وَبَيْنَ أَرْضِهِ وَحُكْمُ الزَّرْعِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ أَخَذَ رَبُّ الْأَرْضِ أَرْضَهُ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ حَرَثَ بِعِلْمِهِ وَلم يشبه بِالْكِرَاءِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْكِرَاءِ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ لِتَرَجُّحِ حُجَّتِهِ بِكَوْنِهِ عَلِمَ بِحَرْثِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ: صُدِّقَ رَبُّ الْأَرْضِ وَكَانَ لَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فَإِنْ نكل حلف الآخر وَإِن أَتَى بِمَا يُشْبِهُ: فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَحْلِفْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَصُدِّقَ بِغَيْرِ يَمِين فغن«على الْيَد مَا أخذت حَتَّى تُؤَدِّيه» وَقَالَ عبد الْملك: يصدق الصَّانِع فِي الرَّد لِأَنَّهُ أَمِينٌ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِبَيِّنَةٍ فَيَكُونُ الرَّد بغَيْرهَا على خلاف الْعَادة فَيصدق فِي الْمَالِكِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِي الرَّدِّ مَعَ الْإِشْهَاد أَرْبَعَة أَقْوَال: يصدق فِي الْقَرَاض والوديع وَالْإِجَارَةِ رِوَايَةُ أَصْبَغَ عَكْسُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِرَاضِ وَالْوَدِيعَةِ فَلَا يُصَدَّقُ وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ فَيُصَدَّقُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ فَلَا يُصَدَّقُ وَبَيْنَهُمَا فَيُصَدَّقُ وَحَيْثُ صُدِّقَ حَلَفَ وَأَمَّا فِي الضَّيَاعِ فَلَا يَحْلِفُ إِلَّا الْمُتَّهَمُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ مَالِكٍ: يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا دَعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَلَا يُفَرَّقُ فِي الضّيَاع بَين الْقَبْض بِبَيِّنَة أم لَا الْقَبْضَ بِبَيِّنَةٍ إِنَّمَا أَثَرُهُ حَثُّ الْقَابِضِ عَلَى الدَفْعِ بِبَيِّنَةٍ وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا يُصَدَّقُ فِي الضَّيَاعِ لَا يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ إِلَّا فِي الصُّناع فَإِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ يُصَدِّقُهُمْ فِي الرَّدِّ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ بِالدَّفْعِ وَإِنْ كَانُوا لَا يصدقون فِي الضّيَاع قَول مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ: لَا يُصَدَّقُونَ فِيهِمَا وَحَيْثُ ضَمِنَّا الصَّانِعَ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ إِلَّا أَنْ يعْتَرف أَن قيمَة يَوْمَ الضَّيَاعِ أَكْثَرُ أَوْ يَظْهَرَ عِنْدَهُ بَعْدَ الدَّفْعِ إِلَيْهِ بِمُدَّةٍ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الظُّهُورِ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ يَوْمِ الدَّفْعِ وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ وَالْعَارِيَّةُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْتَ: أَمَرْتُكَ بِأَسْوَدَ وَقَالَ بِأَحْمَرَ صُدق إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَبَغَ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الضَّمَانُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا صُدِّقَ رَبُّ الْمَتَاعِ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ مَصْبُوغًا وَدَفْعِ أَجْرِهِ وَبَيْنَ إِسْلَامِهِ لَهُ وَأَخْذِ قِيمَةِ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الصَّبَّاغُ إِسْلَامَ صَبْغَه بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَذَلِكَ لَهُ فَإِنْ أَبَى أَشْرَكَ بَيْنَهُمَا بِقِيمَةِ الثَّوْب أَبيض وَقِيمَته الصَّبْغ قَالَ صَاحب النَّوَادِر: الِاخْتِلَاف فِي الصِّيَغ مِثْلُهُ فِي الْحَائِكِ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي الْعَرْضِ وَالطُّولِ بِخِلَافِ الْبَنَّاءِ يَبْنِي لَكَ عَرْضَهُ يَتَحَالَفَانِ ويُفسخ ذَلِكَ وَيُقْلَعُ بُنْيَانُهُ إِلَّا أَنْ يُعْطَى قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْبَنَّاءَ غَيْرُ ضَامِنٍ لِعَمَلِهِ بِخِلَافِ الصَّابِغِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالتَّحَالُفُ وَالتَّفَاسُخُ قَبْلَ الْعَمَلِ فِي جُمْلَةِ الصُّنَّاعِ وَإِنَّمَا يُصَدَّقُونَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَلَا يُصَدَّقُ الْبَنَّاءُ فِي الْأُجْرَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْتَ أَكْرَيْتُكَ بِدِينَارٍ وَقَالَ: بِثَوْبٍ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا كَالْبَيْعِ وَكَذَلِكَ لَو اختلفتما بعد السُّكْنَى أَكْثَرَ الْمُدَّةِ وَتَبْدَأُ أَنْتَ بِالْيَمِينِ لِأَنَّكَ بَائِعُ الْمَنْفَعَةِ كَمَا يَبْدَأُ الْبَائِعُ وَلَكَ فِيمَا مَضَى مِنَ السُّكْنَى أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْتَ: بِدِينَارٍ وَقَالَ: بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَتَيْتُمَا بِمَا يُشْبِهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: تَعَقَّبْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّ اخْتِلَافَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ اخْتِلَافٌ فِي جِنْسٍ فَيَتَحَالَفَانِ ويفاسخان أَتَيَا بِمَا يُشْبِهُ أَمْ لَا وَأَسْقَطَ أَكْثَرُهُمْ لَفْظَةَ الدَّرَاهِمِ مِنْهُمُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَرَوَى عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَرَاهَا إِصْلَاحًا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: التَّحَالُفُ فِي الْإِجَارَاتِ كَالتَّحَالُفِ فِي الْبُيُوعِ فَإِذَا حلفا جَمِيعًا فَهَل يفْسخ الْكِرَاءُ وَالْبَيْعُ بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ؟ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ فِي الشُّفْعَةِ مِنَ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا يَقَعُ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ غي الْمُسلم مِنْهَا أَوْ يَقَعُ إِنْ كَانَ يَحْكُمُ وَإِلَّا فَتَرَاضِيهِمَا وَلَا يَقَعُ حَتَّى يَحْكُمَ بِهِ الْحَاكِمُ إِنْ كَانَ التَّحَالُفُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّ الرِّضَا بِالتَّحَالُفِ رِضًا بِالْفَسْخِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُمَا سَبَبَانِ مِنْ جِهَتِهِمَا وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّ يَدَهُ أَقْوَى وَالنُّكُولُ أَضْعَفُ مِنَ الْيَمِينِ هَذَا إِذَا اخْتَلَفَا فِي جُمْلَةِ الْمَسَافَةِ أَوْ نَوْعِ الْكِرَاءِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي عَدَدِ الْكِرَاءِ أَوْ صِفَتِهِ بَعْدَ سَيْرٍ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَهُ ضَرَرٌ صُدِّقَ الْمُكْتَرِي نُقِدَ أَمْ لَا أَشْبَهَ مَا قَالَ أَمْ لَا فَإِنْ نَكَلَ: فَقَوْلُ الْمُكْرِي أَشْبَهَ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ مَا قَالَ الْمُكْتَرِي وَأَشْبَهَ مَا قَالَ الْمُكْرِي صُدِّقَ وَإِنِ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ تَحَالَفَا وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَلَمْ يُفْسَخْ نَفْيًا لِلضَّرَرِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا جَمِيعًا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قَدَّمَ الْحَالِفُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي غَايَةِ السَّيْرِ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ وَادَّعَيَا مَا يشبه أَو الكتري دون الْمُكْتَرِي تَحَالَفَا وَفُسِخَ الْكِرَاءُ فِي الزَّائِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وفض الْكِرَاء عل الْجَمِيعِ: فَلِلْمُكْرِي حِصَّةُ الْغَايَةِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ نُكُولُهُمَا وَإِنِ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ تَحَالَفَا وتفاسخا الزَّائِد والمكري فِي الْمَسَافَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا كِرَاءُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُدِّمَ الْحَالِفُ وَإِنِ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ لِأَنَّهُ مَكَّنَهُ مِنَ الْيَمِينِ فَإِنِ ادَّعَى الْمُكْرِي مَا يُشْبِهُ دُونَ الْمُكْتَرِي صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَرَكِبَ إِلَى حَيْثُ ادَّعَى هَذَا إِذا لم ينْقد وَادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا فِي الزَّائِدِ وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ نُكُولُهُمَا فَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْتَرِي وَحْدَهُ تَحَالَفَا عِنْد ابْن الْقَاسِم فض المنقود على المسافتين وللكري مَا نَاب الْمُنفق عَلَيْهَا وَصَرْفُ الْبَاقِي لِلْمُكْتَرِي وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُدِّمَ غَيْرُ النَّاكِلِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي كَثْرَة الْكِرَاء يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان وَعَلِيهِ فِيمَا سكن بِحِسَاب مَا أقربه السَّاكِنُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَلْ فِيمَا سَكَنَ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِلتَّفَاسُخِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ح): يُصَدَّقُ الْأَجِيرُ بَعْدَ الْعَمَلِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْرِ الْمثل لنا الْقيَاس وعَلى اخْتِلَافِهَا فِي ثَمَنِ الْبَيْعِ بَعْدَ التَّلَفِ وَلَوْ نَقَدَ دِينَارًا وَقَالَ: هُوَ كِرَاءُ السَّنَةِ وَقُلْتَ أَنْتَ كِرَاؤُهَا دِينَارَانِ وَقَدْ سَكَنَ نِصْفَ الْمُدَّةِ تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا وَيُقَسَّمُ الدِّينَارُ عَلَى السَّنَةِ وَيُرَدُّ الْبَاقِي وَيصدق فِيمَا مضى مَعَ يَمِينه وَلَوِ انْقَضَتِ السَّنَةُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَلَوْ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَقَدْ نَقَدَ كِرَاءَ نِصْفَ السَّنَةِ وَالدَّارُ تَنْقَسِمُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ فِي السُّكْنَى أَخَذَ نِصْفَهَا بِالنِّصْفِ الَّذِي انْتَقَدَهُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فُسِخَ مَا لَمْ يَسْكُنْ وَيُقَسَّمْ مَا انْتَقَدَ عَلَى قَوْلِ رَبِّ الدَّارِ وَمَا لَمْ يَنْقُدْ عَلَى قَوْلِ السَّاكِنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: مُشَاهَرَةً وَقَالَ: مُسَانَهَةً صُدق مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْعَادَةُ فَإِنِ اخْتَلَفَتْ: صُدِّقْتَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمُعَاوَضَةِ.
فرع:
فِي الْكتاب: إِن ادّعى أَنه سُكْنى بِغَيْرِ كِرَاءٍ صُدِّقْتَ فِيمَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ التَّبَرُّعِ وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دَعْوَاكَ أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ بَعْدَ التَّحَالُفِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ كَانَ عَلَى الْهِبَةِ قَرَائِنُ صُدق مُدَّعِيهَا مَعَ يَمِنِيهِ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ صُدِّقْتَ وَتَصَدَّقَ عَلَى الْمُسَمَّى فَإِنْ تَقَدَّمَ مَا يَقْتَضِي الْهِبَةَ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ إِنِ ادَّعَيْتَ مَا يُشْبِهُ تَحْلِفُ وَحْدَكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالْكِرَاءِ وَتَتِمُّ التَّسْمِيَةُ وعَلى قَول غَيره يخلف هُوَ وَحْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْتِرِ بِمَا قُلْتَ وَيَغْرَمُ كِرَاءَ الْمِثْلِ فَإِنِ ادَّعَيْتَ مَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَ هُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَغَرِمَ كِرَاءَ الْمِثْلِ وَإِنْ وَجَدْتَ شُبْهَةً تَقْتَضِي سُكْنَاهُ بَاطِلًا وَادَّعَيْتَ كِرَاءَ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ: حَلَفْتَ وَحْدَكَ وَأَخَذْتَ مَا ادَّعَيْتَ أَوْ أَكْثَرَ وَيُشَبَّهُ الْكِرَاءُ بِهِ حَلَفْتُمَا جَمِيعًا وَغَرِمَ كِرَاءَ الْمِثْلِ وَإِنْ طَالَتِ السِّنُونَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَخَرَجَ مِنَ السَّكَنِ وَطَالَتِ السِّنُونَ بِغَيْرِ طَلَبٍ: سَقَطَتْ دَعْوَاكَ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: مَا ادَّعَى أَنَّهُ جَدَّدَهُ صُدِّقْتَ فِي تَكْذِيبِهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا هُوَ مُلْقًى فِي الْأَرْضِ مِنْ بَابٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِكَ وَيَدُهُ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي الْفَصْلَيْنِ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرَائِنُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَتُتْبَعُ الْقَرَائِنُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَذِنْتَ فِي الْعِمَارَةِ مِنَ الْكِرَاءِ فَزَعِمَ أَنَّهُ عَمَّرَ وَأَكْذَبْتَهُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ إِنْ تَبَيَّنَ الْعَمَلُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ قَاعِدَةٌ: الْمُدَّعِي: كُلُّ مَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ أَصْلًا أَوْ عُرْفًا والمدَّعى عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ وَافَقَ قَوْلَهُ عُرْفًا أَوْ أَصْلًا فَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَمِ مِنَ الْحُقُوقِ وَبَقَاءُ مَا كَانَ على مَا كَانَ وَأَن لَا يُخوًّن مَنْ جُعِلَ أَمِينًا وَالْعُرْفُ: نَحْوَ الْقَبْضِ بابينة فَإِنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ شُدِّدَ عَلَيْهِ بِالْإِشْهَادِ أَنه لَا يرد إِلَّا بِالْإِشْهَادِ لَا ستيحاش بَاطِنِهِ فَإِذَا ادَّعَى الرَّدَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَدَعْوَاهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَكَذَلِكَ الْقَرَائِنُ الْعَادِيَّةُ إِذَا خُولِفَتْ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ الْفُرُوعُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَيَتَعَيَّنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ مُدَّعِيًا وَلَا كُلُّ مَطْلُوبٍ مُدَّعًى عَلَيْهِ بَلْ رُبَّمَا انْعَكَسَ الْحَالُ لِأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَاعِدَة.
فرع:
فِي الْكتاب: وكلته يؤجرك دَارُكَ فَأَجَّرَهَا بِمُحَابَاةٍ أَوْ وُهِبَ سُكْنَاهَا وَفَاتَتْ بِالسُّكْنَى وَهُوَ ملئ غَرِمَ الْكِرَاءَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى السَّاكِنِ لِأَنَّهُ وَهَبَهُ لِلسَّاكِنِ أَوْ فَقِيرٍ أُغْرِمَ السَّاكِنُ لِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ.
فَرْعٌ:
قَالَ لَك: أمره ينقص مَا جدده من غير الْكِرَاء بِأَمْرك ويغير أَمْرَكَ لِأَنَّكَ تَقُولُ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَفْعَلَ لِنَفْسِكَ وَلَكَ دَفْعُ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا إِنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ النَّقْضِ وَإِلَّا فَلَا.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: تُصَدَّقُ بَعْدَ الْمُدَّةِ فِي عَدَمِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ مَعَ يَمِينِكَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَعْدَ طُولِ ذَلِكَ فَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنَ الدَّارِ أَوْ أَقَامَ لِأَنَّ قَرِينَةُ الطُّولِ تُصَدِّقُهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَيُصَدَّقُ فِي كِرَاءِ الْمُشَاهَرَةِ وَالْمُسَانَهَةِ فِي دَفْعِ أُجْرَةِ مَا مَضَى مِنَ الشُّهُورِ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْأَخِيرِ وَالسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ إِلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ فَيُصَدَّقُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْقَبْضُ بِالْقُرْبِ وَالطُّولُ: الشَّهْرُ فِي الشُّهُورِ وَالسَّنَةُ فِي السِّنِينَ فَلَوْ أَكْرَيْتَهُ عَشْرَ سِنِينَ فِي جُمْلَةٍ صُدقت فِي جُمْلَةِ كِرَائِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ بِقُرْبِهَا مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قُلْتَ: سَنَتَيْنِ بِدِينَارٍ وَقَالَ: بِأَقَلَّ وَهُوَ بِحَضْرَةِ الْكِرَاءِ: تَحَالَفْتُمَا وَتَفَاسَخْتُمَا لِتَقَابُلِ الدَّعَاوَى فَإِنْ كَانَ زَرَعَ سَنَةً وَلَمْ يَنْقُدْ فلك مَا أقربه فِيمَا مَضَى إِنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ قَوْلُكَ: إِنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِكَ وَإِلَّا فَلَكَ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِخُرُوجِ دَعْوَاكُمَا عَمَّا يُشْبِهُ وَيُفْسَخُ الثَّانِي عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَنْقُدْ قَالَ مَالِكٌ: وَرَبُّ الدَّارِ وَالدَّابَّةِ وَالْأَرْضِ مُصَدَّقٌ فِي الْغَايَةِ فِيمَا يشبه وَإِن لم ينفذ وَقَالَ غَيْرُهُ ذَلِكَ إِذَا انْتَقَدَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ وَأَتَى الْمُكْتَرِي بِمَا يُشْبِهُ صُدِّقَ فِيمَا سَكَنَ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ بِغَيْرِ يَمِينِهِ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ وَيَمِينُ الْمُكْتَرِي فِيمَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْ طُولِ الْمُدَّةِ وَإِن لم يشبه قَول وَاحِد مِنْهُمَا تحافا وَفُسِخَ الْكِرَاءُ وَعَلَى الْمُكْتَرِي كِرَاءُ مَا سَكَنَ فَإِنْ أَتَيَا بِمَا يُشْبِهُ صُدِّقَ رَبُّ الدَّارِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ انْتَقَدَ وَلَمْ يَسْكُنِ الْمُكْتَرِي إِلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْرِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ الْغَيْرِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: إِذَا أَشْبَهَ قَوْلُهُ وَأَشْبَهَ مَا قَالَاه أَن الْمُكْتَرِي يلْزمه أَن يسكن مَا أقربه الْمُكْرِي لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ كَسِلْعَةٍ قَائِمَةٍ لَمْ تُقْبَضْ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ فِي الدَّارِ وَغَيْرِهَا يَلْزَمُهُ التَّمَادِي إِلَى الْغَايَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا الْمُكْرِي وَهُوَ قَوْلُ الْغَيْرِ وَيَلْزَمُهُ التَّمَادِي فِي الدَّوَابِّ إِنْ سَارَ كَثِيرًا وَيَتَفَاسَخَانِ فِي الدُّورِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَقِيلَ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَقَدَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلِ النَّقْدَ فَوْتًا وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَجْعَلُهُ فَوْتًا وَأَشْبَهَ مَا قَالَ الْمُكْرِي وَالْأَرْضُ لَا ضَرَرَ فِي قسمهَا عَلَى الْمُكْتَرِي دَفَعَ رَبُّ الْأَرْضِ نِصْفَهَا يَزْرَعُهَا سَنَةً لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا حَازَ مِنَ النَّقْدِ نِصْفَ مَا ادَّعَى فَيَدْفَعُ نِصْفَ الْأَرْضِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَلَمْ يَكُنِ النَّقْدُ فَوْتًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَإِنِ اتَّفَقَا فِي الْأُجْرَةِ دُونَ الْمُدَّةِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِم يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان وَيَنْبَغِي عَلَى مَا فِي كِتَابِ السَّلَمِ إِذَا طَالَ انْتِفَاعُ الْمُكْتَرِي بِالنَّقْدِ أَنَّهُ فَوَّتَ وَيُصَدَّقُ الْمُكْرِي وَيَسْكُنُ الْمُكْتَرِي مَا قَالَهُ الْمُكْرِي فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ أَكْرَيْتُهَا وَأَنْكَرْتَ الْعَقْدَ صُدِّقْتَ لِأَن الْأَصْلَ عَدَمُهُ إِلَّا أَنْ تَعْلَمَ حِينَ الزَّرْعِ وَلم يُنكر فَلَيْسَ لَك إِلَّا مَا أقريه قَامَ على ذالك بَيِّنَةٌ أَوْ حَلَفْتَ فَنَكَلْتَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِمَا يُشْبِهُ قَالَ غَيْرُهُ لَكَ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ أَوْ مَا أَقَرَّ بِهِ لِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ وَإِقْرَارِهِ عَلِمْتَ بِهِ أَمْ لَا بَعْدَ يَمِينِهِ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي إِنْ كَانَ كِرَاءُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَمَضَى إِبَّانُ الزِّرَاعَةِ فَلَكَ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَلَا يَقْلَعُهُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ التَّعَدِّي وَإِنْ لَمْ يفت الإبان وَلم تقم بينةٌ بعلمك وَعَدَمِ الْإِنْكَارِ وَلَا أَنَّهُ أَكْرَى وَحَلَفْتَ عَلَى ذَلِكَ وَخُيِّرْتَ بَيْنَ مَا أَقَرَّ بِهِ: قَالَ غَيْرُهُ: أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ قَالَا: فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ فَلَكَ قَلْعُ زَرْعِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ نَفْعٌ بَعْدَ الْقَلْعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَلْعُهُ لِأَنَّهُ فَسَادٌ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَبَقِيَ لَكَ إِلَّا أَنْ تَأْبَاهُ فَتَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: قَوْلُ الْغَيْرِ: أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا حَلَفْتَ أَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ وَجَبَ قَلْعُ الزَّرْعِ وَلَا تَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا خِيفَةَ بَيْعِهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَلَوْ رَضِيَ بِالْكِرَاءِ وَبَقَاءِ الزَّرْعِ جَازَ أَنْ لَوْ قَلَعَ انْتَفَعَ بِهِ الزَّارِعُ وَإِلَّا امْتَنَعَ رِضَاهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُ بَقَاءَهُ لَهُ فَيَكُونُ بَائِعًا لِلزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحه على الْبَقَاء وَكَذَلِكَ الْمَغْصُوب مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: الْأُجْرَةُ فِي حِرَاسَةِ الْأَعْدَالِ وَالْمَقَاثِي وَالْكُرُومِ عَلَى عَدَدِ الرِّجَالِ دُونَ عَدَدِ الْأَعْدَالِ وَالْمِسَاحَاتِ لِأَنَّ تَعَبَ الْحَارِسِ فِي الْقَلِيلِ كَتَعَبِهِ فِي الْكَثِيرِ بِخِلَافِ ثَمَرَةِ الْكُرُومِ وَالْمَقَاثِي فَإِنْهَا عَلَى الْعَمَلِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَجَمْعِ الرَّجُلَيْنِ السلعتين فَلَا تعرف الْأُجْرَة هَاهُنَا وَالثمن إِلَّا بعد التَّقْوِيم نَظَائِر: تعْتَبر الرؤوس دُونَ السِّهَامِ فِي تِسْعِ مَسَائِلَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: أُجْرَةُ الْقَاسِمِ وَكَنْسُ الْمَرَاحِيضِ وَحِرَاسَةُ الْأَعْدَالِ وَبُيُوتِ الْغَلَّاتِ وَإِجَارَةُ السَّقْيِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحِرَاسَةُ الدَّابَّةِ وَالصَّيْدُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ كَثْرَةُ الْكِلَابِ وَعِنْدَ (ش): أُجْرَةُ الْقَاسِمِ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ وَزَادَ الْعَبْدِيُّ: كَنْسَ السَّوَاقِي وَتَقَدَّمَ لِابْنِ يُونُسَ: حِرَاسَةُ الْمَقَاثِي قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَثَلَاث لَا تعْتَبر فِيهَا الرؤوس بَلِ السِّهَامُ: الشُّفْعَةُ وَفِطْرَةُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّقْوِيمُ فِي الْعِتْقِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا رَكِبَ فِي كِرَاءٍ فَاسِدٍ أَوْ سَكَنَ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح): إِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ انْتَفَعَ فَالْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لَنَا: أَنَّ الْمَنَافِعَ كَالْأَعْيَانِ فَلَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا فَفَاتَ عِنْدَهُ وَجَبَتِ الْقِيمَةُ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَهُوَ يَقُولُ: الْمَنَافِعُ لَا تُقْبَضُ إِلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ وَغَيْرُ الْمَقْبُوضِ فِي الْفَاسِدِ لَا شَيْءَ فِيهِ وَنَحْنُ نَقُولُ: قَبْضُ الرَّقَبَةِ نَزَّلَهُ الشَّرْعُ مَنْزِلَةَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ الدَّابَّةَ أَوِ الدَّارَ وَلَمْ يَحْمِلْ وَلَمْ يسكن حَتَّى انْقَضتْ الْمدَّة لِأَنَّهُ فَوت وعيه كِرَاؤُهَا مُسْتَعْمَلَةً وَقِيلَ: مُعَطَّلَةً كَمَنْ حَبَسَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: الْفَرْقُ: أَنَّ الْحَبْسَ بَعْدَ الْمُدَّةِ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا أَكْرَاهَا كِرَاءً فَاسِدًا فَحَرَثَهَا وَكَرَبَهَا وَقَطَعَ الشَّعْرَاءَ عَنْهَا فَذَلِكَ فَوْتٌ لِتِلْكَ السَّنَةِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا دَخَلْتَ بِامْرَأَةٍ فِي دَارٍ قَدْ أَكْرَتْهَا فَلَا كِرَاءَ عَلَيْكَ فِي الْمَسْكَنِ إِلَّا أَنْ تَقول: إِمَّا أدّيت أَو خرجت أكملها وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ كِرَاءِ مِثْلِهِ أَوْ مَا أَكْرَتْ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ: الْأَقَلُّ مِنْ كِرَاءِ مِثْلِ الدَّارِ وَمِثْلِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مثله لمثلهَا أَو مَا أكثرت بِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعَيْتَ الدُّخُولَ فِي دَارِهَا أَوْ دَارٍ اكْتَرَتْهَا وَسَكَتَتْ عَنِ الْكِرَاءِ لَا يَلْزَمُكَ شَيْءٌ لِأَنَّهَا بَاذِلَةٌ لِلْمَنْفَعَةِ مِنْ دَارِهَا وَإِلَّا لَزِمَكَ كِرَاءُ الدَّارِ وَفِي الْكِتَابِ: الْعِدَّةُ إِذَا كَانَتِ الْمُعْتَدَّةُ فِي دَارٍ بِالْكِرَاءِ فَطَالَبَتْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْكِرَاءِ: إِنْ كَانَ مُوسِرًا حِينَ سَكَتَتْ فَلَهَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهَا اكْتَرَتْ بَعْدَ مَا بَيَّنَتْ أَنَّهَا تَسْكُنُ بِالْكِرَاءِ وَإِلَّا تَنَاقَضَ قَوْلُهُ وَقِيلَ: لَوْ كَانَتِ الدَّارُ لَهَا لَكَانَ لَهَا الْقِيَامُ بَعْدَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا وَهَبَتِ الْمَاضِيَ وَلَيْسَتْ كَالْأَمَةِ لَا يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى قبل الطَّلَاق إِذا طلقت واعتقت وَزوجهَا فَلَا يُوجِبُهَا الطَّلَاقُ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَة الْعدة: أَن الطَّلَاق جدد وُجُوبَ السُّكْنَى وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهَا زَوْجَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَسْأَلَةُ الْإِجَارَةِ مُشْكِلَةٌ إِذَا لَمْ يَنْقُدْ لِأَنَّهَا تَقُولُ: أَسْكَنْتُهُ لِيَنْقُدَ قَالَ: وَأَرَى أَنْ تَحْلِفَ وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ الْعِصْمَةِ فَإِذَا زَالَتْ زَالَتِ الْمُكَارَمَةُ وَطَالَبَتْهُ بِكِرَاءِ الْعِدَّةِ وَإِذَا كَانَ سُكْنَاهَا فِي مَسْكَنِ أَبِيهَا وَأُمِّهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الْعِصْمَةِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَفِي الْأَخِ وَالْعَمِّ إِشْكَالٌ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ إِلَّا أَنْ يَطُولَ السَّكَنُ وَهُوَ سَاكِتٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا فَلَّسَ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِبَقِيَّةِ السُّكْنَى إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْغُرَمَاءُ حِصَّتَهُ مِنَ الْكِرَاءِ وَيُخَيَّرَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمُحَاصَصَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ أَكْرَاهَا سِتَّ سِنِينَ وَنقد ثَلَاثَة وَسكن النّصْف قسطت الثَّلَاثَة على السّنة وَيرد حِصَّةَ مَا لَمْ يَسْكُنْ إِنْ رَدَّ السُّكْنَى وَإِلَّا حَاصَصَهُمْ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِمَّا سَكَنَ وَهُوَ نِصْفُ الْمَنْقُودِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ حِصَّةَ بَقِيَّة السِّتَّة وَبَقِيَّةِ النَّقْدِ وَيَأْخُذَ بَقِيَّةَ السُّكْنَى قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا يُبَاعُ بِهِ ذَلِكَ مِنَ السُّكْنَى حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا دَفَعَ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا فَلَّسْتَ فَالْجَمَّالُ أَوْلَى بِالْمَتَاعِ حَتَّى يَقْبِضَ كِرَاءَهُ لِأَنَّهُ كَالرَّهْنِ فِي الْقَبْضِ وَلِلْغُرَمَاءِ كِرَاءُ الْإِبِلِ فِي مِثْلِ كِرَائِكَ سِرْتَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا رَكِبْتَ أَمْ لَا وَقَدْ قَبَضَ الْمَتَاعَ وَكَذَلِكَ الصَّنَّاعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنْ لَمْ يَقْبِضِ الْمَتَاعَ لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ كِرَاءُ الْإِبِلِ إِذَا دَفَعْتَ الْكِرَاءَ وَإِلَّا أُجْبِرَ الجمَّال فِي فَسْخِ الْكِرَاءِ وَمُحَاصَصَتِهِمْ كَالصَّنَّاعِ فَإِنْ فَلَّسَ الْجَمَّالُ وَقَدْ قَبَضْتَ الْإِبِلَ فَأَنْتَ أَحَقُّ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فَأَنْتَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ تُحَاصِصُ بِقِيمَةِ كِرَائِكَ يَوْمَ الْحِصَاصِ وَلَا عَلَى مَا أَكْرَيْتَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَسَوَاءٌ نَقَدْتَ أم لَا غير أَنَّك إِذا نقدت اتبعته بِبَقِيَّة الحملة بَعْدَ الْحِصَاصِ إِنْ حَصَلَ لَكَ نِصْفُ الْكِرَاءِ اتَّبَعْتَهُ بِالنِّصْفِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَاهَا ثَلَاث سِنِين فهارت بِئْرُهَا بَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا سَنَةً قُوِّمَتْ تِلْكَ السّنة بِقدر الرَّغْبَة فِيهَا وَكَذَلِكَ الدَّارُ فِي الْهَدْمِ لَا يُحْسَبُ عَلَى عَدَدِ الشُّهُورِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا سَكَنَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَهَلْ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي الزَّائِدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ مِثْلُ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ؟ قَوْلَانِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنْ كُنْتَ عَالما وَتركته يسكن ويزرع فبحسات الْأَوَّلِ لِأَنَّكَ رَضِيتَ بِهِ وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ مِنَ الْكِرَاء الأول أوالقيمة.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: إِذَا سَكَنَ زَائِدًا عَلَى الْمُدَّةِ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَا كَانَ لِرَبِّهِ مَرْجِعُهُ وَغَلْقُهُ وَفَتْحُهُ كَالْحَانُوتِ وَالدَّارِ فَفِي الزَّائِدِ بِحِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَمَا كَانَ يَبْقَى بَعْدَ الْمُدَّةِ فَضَاءٌ بِغَيْرِ جِدَارٍ: فَكِرَاءُ الْمِثْلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنَ الْمُسَمَّى فَلَا يَنْقُصُ لِرِضَاهُ بِهِ.
فرع:
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُمْنَعُ الْإِقَالَةُ فِي كِرَاءِ الدُّورِ بَعْدَ النَّقْدِ وَسُكْنَى بَعْضِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ فِي الْحَمُولَةِ بَعْدَ بَعْضِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَّهِمَانِ عَلَى الْحَمُولَةِ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ بِخِلَافِ الدُّورِ وَقَالَ التُّونِسِيُّ: إِذَا غَابَ فِي الْحَمُولَةِ عَلَى النَّقْد جَازَ أَن يحْسب من الَّذِي فِي الْإِقَالَة وَيمْتَنع دفع الدَّرَاهِم وَمَا وَجَبَ لَهُ مِنَ الْحَمُولَةِ أَوْ يَأْخُذَ دَنَانِيرَ فَإِنْ سَارَ مِنَ الطَّرِيقِ مَا يَنْفِي التُّهْمَة جَازَت الزِّيَادَة مِنْهُ إِذا نقدها لَيْلًا يَكُونَ دَيْنًا فِي دَيْنٍ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ بعد الْغَيْبَة على النَّقْد لَيْلًا يكون سلفا بريادة وَيَجُوزُ قَبْلَ النَّقْدِ زِيَادَةُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْعُرُوضِ نَقْدًا لِأَنَّهُ اشْتَرَى الرُّكُوبَ الَّذِي وَجَبَ لِلْمُكْتَرِي بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَبِالزِّيَادَةِ وَتُمْنَعُ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِلْمُكْتَرِي فَيَفْسَخُهَا فِي دَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ فَإِنْ زَادَ الْمُكْتِرِي دَنَانِير أَو عرُوضا جَازَ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَمُولَةً أَعْطَى بَعْضَهَا دَنَانِيرَ وَبَقِيَّتُهَا الزِّيَادَةُ وَيَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ أَعْطَى بِبَعْضِ مَا عَلَيْهِ نَقْدًا بِحَمُولَةٍ عَلَى أَنْ يُؤَخر بَقِيَّة مَا عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إِنْ أَعْطَى عُرُوضًا إِلَى أَجَلٍ أَوْ نَقَدَ الْكِرَاءَ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ فَزَادَ رَبُّ الدَّابَّةِ دَنَانِيرَ مَعَ دَنَانِيرِهِ أَوْ عُرُوضًا جَازَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الْحَمُولَةَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَتَمْتَنِعُ زِيَادَتُهُ إِلَى أَجَلٍ وَأَمَّا الْكِرَاءُ الْمُعَيَّنُ إِذَا زَاد الْمكْرِي نفي جَوَازُهُ قَوْلَانِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ فَيَجُوزُ أَوْ يُشَبَّهُ بِالْمَضْمُونِ لِمَا كَانَ فِي ضَمَانِ الْمُكْرِي قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْإِقَالَةُ فِي الْمَضْمُونِ كَالْإِقَالَةِ فِي الْعُرُوضِ الْمُسْلَمِ فِيهَا تَفْسُدُ إِمَّا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مَا لَا يَجُوزُ أَوْ بِضَمِّهَا إِلَى الصَّفْقَةِ الْأُولَى فَيُتَّهَمَانِ وَالْإِقَالَةُ فِي الْمُعَيَّنِ: قِيلَ: كَالسَّلَمِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ وَقِيلَ: كَالْإِقَالَةِ مِنَ الْعُرُوضِ الْمُعَيَّنَةِ لَا تعْتَبر فِيهَا لِانْعِقَادِهَا فِي نَفْسِهَا عَلَى الْمُحَرَّمِ فَإِنِ اسْتَقَالَ الْمُكْرِي فِي الْمَضْمُونِ قَبْلَ النَّقْدِ بِزِيَادَةٍ مُؤَجَّلَةٍ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ تَحَوُّلٌ مِمَّا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي إِلَى الرُّكُوبِ الَّذِي عَلَيْهِ وَإِلَى الزِّيَادَةِ الْمُؤَجَّلَةِ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ عُرُوضًا وَإِنْ كَانَتْ دَنَانِيرَ: دَخَلَهُ عَرْضٌ وَذَهَبٌ بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ دَخَلَهُ الصَّرْفُ الْمُسْتَأْخِرُ فَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ دَرَاهِمَ مُعَجَّلَةً وَالْكِرَاءُ دَنَانِيرَ:
امْتَنَعَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَقِيلَ: يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَهُوَ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ تَمْتَنِعُ الْإِقَالَةُ فِي الْمَضْمُونِ مُطْلَقًا قَبْلَ النَّقْدِ كَالْإِقَالَةِ مِنَ السِّلْعَةِ الْغَائِبَةِ قَبْلَ النَّقْدِ وَإِنِ اسْتَقَالَهُ بِزِيَادَةٍ بَعْدَ النَّقْدِ بَعْدَ أَنْ تَغِيبَ عَلَيْهِ وَالزِّيَادَة دِرْهَم بِالثَّلَاثَةِ الْأَقْوَالُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَوْ عُرُوضًا جَازَ التَّعْجِيلُ وَالتَّأْجِيلُ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ بَاعَ الرُّكُوبَ الَّذِي وَجَبَ لَهُ وَالْعُرُوضَ بِالْكِرَاءِ الَّذِي يَسْتَرْجِعُهُ وَإِنِ اسْتَقَالَ الْمُكْتَرِي بِزِيَادَةٍ وَلَمْ يَنْقُدْ أَوْ نَقَدَ وَلَمْ يَغِبْ عَلَى النَّقْدِ: فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الزِّيَادَةِ الْمُعَجَّلَةِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضًا لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ بَاعَ الرُّكُوبَ بِالزِّيَادَةِ الْمُعَجَّلَةِ وَالْكِرَاءِ الْمُسْتَرْجِعِ فَلَا مَكْرُوهَ مَعَ النَّقْدِ حِينَئِذٍ وَتَمْتَنِعُ اسْتِقَالَةُ الْمُكْرِي بَعْدَ النَّقْدِ وَالْغَيْبَةُ عَلَيْهِ بِزِيَادَةٍ كَيْفَ كَانَتْ خشيَة السّلف بِزِيَادَة إِلَّا أَنِّي يَسِيرَ مِنَ الطَّرِيقِ مَا يَرْفَعُ التُّهْمَةَ فَيَجُوزُ فِي الزِّيَادَةِ الْمُعَجَّلَةِ فَهَذَا تَقْدِيرُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي إِقَالَةِ الْمُكْرِي وَهِيَ: أَنَّ الزِّيَادَةَ إِمَّا قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَعْدَهُ إِمَّا قَبْلَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهَا ثُمَّ هِيَ إِمَّا ذَهَبٌ أَوْ وَرِقٌ أَوْ عُرُوضٌ وَإِمَّا مُعَجَّلَةٌ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ مَسَائِلُ الْمُكْتَرِي اثْنَتَا عَشْرَةَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كُلُّهَا فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ وَفِي الْمُعَيَّنِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً أَيْضًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنِ اسْتَقَالَ الْمُكْرِي بِزِيَادَةٍ نَقْدا عرضا جَازَ وَيمْتَنع الْمُؤَجل وتمنع الزِّيَادَةُ ذَهَبًا وَالْكِرَاءُ ذَهَبًا إِلَّا إِلَى مَحَلِّ أَجَلِ الْكِرَاءِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَتَمْتَنِعُ نَقْدًا لِأَنَّهُ: ضع وتعجل وَإِلَى أجل غير أَجَلٍ الْكِرَاءِ امْتَنَعَ أَيْضًا وَزِيَادَةُ الدَّرَاهِمِ تَمْتَنِعُ مُطلقًا لنه صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يَرَى انْحِلَالَ الذِّمَمِ بِخِلَافِ انْعِقَادِهَا وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الَّذِي يَرَى انْحِلَالَ الذِّمَمِ كَانْعِقَادِهَا غَيْرَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحَوُّلُ مِنَ الدَّيْنِ فِي كِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَعَلَى مَنْ يرى رَأْي أَشهب وَيمْتَنع التَّحَوُّل من الَّذين فِي الرُّكُوبِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْمُكْرِيَ تَحَوَّلَ مِنَ الْكِرَاءِ الْوَاجِبِ لَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي رُكُوبٍ لَا يُنْتَجَزُ قَبْضُهُ فَهُوَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَإِنِ اسْتَقَالَ بِزِيَادَةِ عَرْضٍ مُعَجَّلٍ جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ وَيُلَاحَظُ هَاهُنَا التَّخْرِيجُ عَلَى الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ هَذَا إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ مُؤَجَّلًا فَإِنْ كَانَ نَقْدًا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ: فَإِمَّا أَنْ يَنْقُدَ أَمْ لَا وَإِذَا نَقَدَ: فَإِمَّا أَنْ يُغَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَتُقَسَّمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَة إِلَى الْأَرْبَعَة وَالْعِشْرين مَسْأَلَةً الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمَضْمُونِ ثَمَّتَ فِي الْمَضْمُونِ يُفْسَخُ الْكِرَاءُ فِي زِيَادَةٍ مُؤَجَّلَةٍ يَزِيدُهَا الْمُكْتَرِي هَاهُنَا وَمَا امْتَنَعَ يَفْسَخُ الرُّكُوبَ الْمَضْمُونَ... مِنَ الْمُكْرِي امْتَنَعَ فِي الْمُعَيَّنَةِ فَتَتَخَرَّجُ هَذِهِ عَلَى تِلْكَ وَالْإِقَالَةُ فِي الدُّورِ كَالرَّوَاحِلِ الْمُعَيَّنَةِ إِلَّا فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة وَهِي أَن يمْضِي بَعْضَ الْمُدَّةِ لَا أَثَرَ لَهُ بِخِلَافِ سَيْرِ بَعْضِ الْمَسَافَةِ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ فِي الْمَسَافَةِ وَالْإِقَالَةُ فِي الْأَرَضِينَ كَالدُّورِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ مِنَ الْمُكْرِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْإِقَالَةُ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْهُ لم يجز أَن تنقد الزِّيَادَة وَتَكون مَوْقُوفَة لاحْتِمَال عدم الرّيّ فيسفخ الْكِرَاءُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَاهَا عَشْرَ سِنِينَ لِيَزْرَعَهَا فَغَرَسَهَا شَجَرًا: امْتَنَعَ إِنْ كَانَ أَضَرَّ بِهَا وَإِلَّا جَازَ فَإِنِ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وفيهَا الشّجر جَازَ كراؤها سِنِين أُخْرَى لسقي الشّجر وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الشّجر لمن أرَاهُ الْمُكْتَرِي فَإِنْ أَرْضَاكَ الْغَارِسُ وَإِلَّا قَلَعَ غَرْسَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ حَتَّى يَتَعَامَلَ الْغَارِسُ وَرَبُّ الْأَرْضِ ثُمَّ يُكْرِي أَرْضَهُ إِنْ شَاءَ إِلَّا أَنْ يَكْرِيَ عَلَى أَنْ يَقْلَعَ عَنْكَ الشَّجَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ كَانَ الْبَاقِي زَرْعًا أَخْضَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ مَا دَامَ زرعُك فِيهَا لِأَنَّ الزَّرْعَ إِذَا انْقَضَتْ إِجَارَتُهُ لم يكن لَهُ قلعه لِأَن لَهُ غَايَة بِخِلَافِ الشَّجَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِي الْأَرْضِ مَا أَكْرَى لَهُ فَأَدْنَى لِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الأعلى لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ لَهُ فَلَوْ رَضِيَ رَبُّهَا بِذَلِكَ فَهَلْ يُؤْثِرُ رِضَاهُ أَو يمْتَنع كَمَنْ أَكْرَى إِلَى طَرِيقٍ فَأَرَادَ سُلُوكَ خِلَافِهَا لِأَنَّهُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ نظر وَمنع الْغَيْر الْفَارِسَ الثَّانِيَ إِلَّا مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ لِرَبِّ الأَرْض دفع قيمَة غرسه مقلوعا فَإِذَا اكْتَرَى مِنَ الْأَوَّلِ قَبْلَ قَبْلَ مُحَاكَمَةِ رَبِّهَا فَكَأَنَّهُ أَكْرَاهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الْغَرْسِ قَضَاءً عَنْ رَبِّ الْأَرْضِ ثُمَّ يُعْطِيَهُ رَبَّ الْأَرْضِ إِذَا انْقَضَى الْكَرْيُ فَكَأَنَّهُ سَلَفٌ أَسْلَفَهُ إِيَّاهُ عَلَى أَنْ يُكْرِيَهُ وَهَذَا يَقْتَضَى مَنْعَ كِرَاءِ الْأَوَّلِ إِنْ كَانَ الْغَرْسُ لَهُ قَبْلَ الْمُحَاكَمَةِ فِي الْغَرْسِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا انْقَضَتِ السِّنُونُ وَفِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ حَرُمَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ شِرَاؤُهُ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مَعَ الْأَرْضِ فِي صَفْقَةٍ وَكَذَلِكَ الْأُصُولُ بِثَمَرِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّ الزَّرْعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ رَبِّ الْأَرْضِ وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّهْيُ حَيْثُ هُوَ مِنَ الْبَائِعِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: تَمْتَنِعُ مُصَالَحَتُكَ رَبَّ الْأَرْضِ عَلَى الشَّجَرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ بِنِصْفِهَا عشر سِنِين لِأَن الْأُجْرَة معِين يتأجر قَبْضُهُ عَشْرَ سِنِينَ وَلَوْ قِيلَ: لَهُ الْآنَ نِصْفُهَا جَازَ وَمَنَعَ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ إِعْطَاءُ قيمَة مَقْلُوعًا فَأَخَذَ نِصْفَ الشَّجَرِ عَنِ الْقِيمَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يسمَّ عَدَدٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ التَّرْكُ إِلَّا أَنْ يَزْرَعَ فَتَلْزَمُهَا تِلْكَ السَّنَةُ خَاصَّةً وَوَافَقَنَا (ح) وَأَحْمَدُ وَمَنَعَ (ش) لِلْجَهَالَةِ بِالنِّهَايَةِ لَنَا: أَنَّ الْأُجْرَةَ مُقَسَّطَةٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَكُلَّمَا انْقَضَى جُزْءٌ مِنَ الْمَنْفَعَةِ اسْتَحَقَّ مِثْلَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ فَلَا غَرَرَ وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ وَدَفْعُ حِصَّةِ مَا مَضَى لِأَنَّهُ لَمَّا زَرَعَ رَضِيَ بِذَلِكَ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَاهَا سَنَةً فَحَصَدَ زَرْعَهُ فَهِيَ سَنَةُ أَرْضِ الْمَطَرِ لَا يُزَادُ عَلَى الْحَصَادِ وَسَنَةُ السَّقْيِ سَنَةٌ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا الْعَادَةُ فَإِنْ تَمَّتْ وَفِيهَا زَرْعٌ صَغِيرٌ فَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بَقَاؤُهُ إِلَى تَمَامِهِ بِكِرَاءِ مثله على نِسْبَة الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ قَالَ غَيْرُهُ: إِنْ بَقِيَ بَعْدَ الْحَصَادِ مَا لَا يَتِمُّ فِيهِ زَرْعٌ لَا يَزْرَعُ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ أَوْ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ: يَجِبُ كِرَاءُ الْمِثْلِ إِنْ بَقِيَ الزَّرْعُ بِغَيْر تَقْصِير وَإِلَّا فَلهُ فَلَعَلَّهُ لِلتَّعَدِّي قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: مَعْنَى كِرَاءِ الْمِثْلِ على نِسْبَة الْكِرَاء الأول: أَن قَالَ: كَمْ كِرَاؤُهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ؟ فَإِنْ كَانَ أَمَدُ الْبَقَاءِ الرُّبُعَ: فَلَهُ رُبُعُ الْمُسَمَّى قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُقَوَّمُ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ فَإِنْ كَانَتْ رُبُعَ السَّنَةِ ضُمَّ لِكِرَاءِ السَّنَةِ كَمَا لَوْ تَعَطَّلَ مِنَ السَّنَةِ بَعْضَهَا بِغَرَقٍ فَشُبِّهَتِ الزِّيَادَةُ بِالنَّقْصِ وَلَمَّا دَخَلَ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى تَوَقُّعِ تَأْخِيرِ الزَّرْعِ وَتَقْدِيمِهِ لِحَرِّ الْأَرْضِ وَبَرْدِهَا: لَمْ يَجْعَلِ ابْنُ الْقَاسِمِ: الزراع مُتَعَدِّيًا وَلِذَلِكَ اعْتُبِرَ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ: لَوْ عَلِمَ بِهِ رَبُّ الْأَرْضِ لَمَا زَرَعَ مَا لَا يَحْصُدُ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ فَلَهُ بِحِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ وَقَالَ الْغَيْر فِي الدأبة يكتيريها مُدَّةً فَيَتَجَاوَزُهَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا نَحْوُ الشَّهْرَيْنِ وَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الزَّرْعِ امْتَنَعَ إِحْدَاثُ الزَّرْعِ إِلَّا بِالْإِجَارَةِ وَلَا يُحَطُّ شَيْءٌ وَرَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا وَلَا يَمْنَعُهُ لِأَنَّهُ مَضَارٌّ بِالْمَنْعِ فَإِنْ جَدَّدَ زَرْعًا عَالِمًا بِبَقَائِهِ الْمُدَّةَ الْكَثِيرَةَ خُيِّرْتَ بَيْنَ إِفْسَاد زرعه لِأَنَّهُ مُعْتَمد وَإِقْرَارُهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ أَوِ الْكِرَاءِ الْمُتَقَدِّمِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَكْرَيْتَ أَرْضَكَ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ فَحَلَّتْ فَلَا تَأْخُذْ بهَا طَعَام إِلَّا مَا يَجُوزُ أَنْ يَبْدَأَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ.
فرع:
قَالَ: يَجُوزُ الْكِرَاءُ بِالْخِيَارِ لِأَحَدِكُمَا وَلَكُمَا كَالْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يُؤَجِّلَاهُ جَازَ وَأَجَّلَهُ الْإِمَامُ إِلَّا أَنْ يَمْضِيَ مِقْدَارُهُ فَيُوقِفُ الْآنَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَمَنَعَ (ش) خِيَارَ الشَّرْطِ وَأَوْجَبَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَنَا: الْقِيَاسُ على البيع فَإِن كتما بِالْخِيَارِ وَاخْتَلَفْتُمَا فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّدِّ كَالْبَيْعِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْخِيَارِ أَمَّا اللُّزُومُ: فَمِنَ الْعَقْدِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاؤُهَا عَلَى أَنْ يَكْرِيَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَزْرَعَهَا فِي الرَّابِعَة وعَلى أَن تزبلها إِن كَانَ التزبيل متعارفا وَعَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا لَكَ رَبُّهَا فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: تَكْرِيبٌ آخِرُهُ بَاءٌ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تحتهَا تطيبها وأنزرتها لِلْحَرْثِ وَالزِّرَاعَةِ وَهُوَ الْكَرَابُ بِفَتْحِ الْكَافِ لِلْمَصْدَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا فِي الرَّابِعَةِ إِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً لِأَنَّ الْحَرْثَ وَالتَّكْرِيبَ مَنْفَعَةٌ تَبْقَى إِنْ لَمْ يَتِمَّ الزَّرْعُ فَهُوَ اشْتِرَاطُ نقدٍ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ وَإِنْ زَرَعَ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ بِشَرْطِ أَنْ يَحْرُثَ ثَلَاثَ مَرَّات.
فرع:
فِي الْكتاب: إِذا افتشر مِنَ الْمُكْتَرِي حَب مِنْ حَصَادِهِ فِي الْأَرْضِ فَنَبَتَ فَهُوَ لِرَبِّهَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَعْرَضَ عَنْهُ عَادَةً وَكَذَلِكَ مَنْ حَمَلَ السَّيْلُ زَرْعَهُ إِلَى أَرْضِ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ فِي جَرِّ السَّيْلِ هُوَ لِلْبَاذِرِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ لِأَنَّ السَّيْلَ كَالْمُكْرِهِ لَهُ وَالْإِكْرَاهُ لَا يُسْقِطُ الْأَمْلَاكَ قَالَ سَحْنُونٌ: إِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ مُكْتَرِيًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ فِي الْأُولَى بِالْعَقْدِ وَالثَّانِيَةِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَعَنْ سَحْنُونٍ: إِذَا جَرَّهُ السَّيْلُ بَعْدَ نَبَاتِهِ فَهُوَ لِرَبِّهِ وَعَنْهُ: هُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا كَمَا جَرَّهُ السَّيْلُ وَلَوْ كَانَ شَجَرًا فَنَبَتَ فِي الْأَرْضِ الثَّانِيَةِ وَأَمْكَنَ رَدُّهُ لِلْأُولَى رَدَّهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ حَطَبٌ فَقَلْعُه مُضَارَّةٌ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ أَمْرِهِ بِقَلْعِهِ أَوْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَلَوْ نَقَلَ السَّيْلُ تُرَابَ أَرْضٍ إِلَى أُخْرَى فَلِرَبِّهِ تَحْوِيلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعَ عَلَى أَشْجَارِ جَارِهِ فَأَضَرَّ بِهَا وَلَوْ زَرَعَ كَمُّونًا فَأَيِسَ مِنْ نَبَاتِهِ فَأَكْرَى الْأَرْضَ لِلْمَقَاثِي فَنَبَتَ الْكَمُّونُ مَعَهُ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَالَهُ أَصْبَغُ لِأَنَّهُ كَضَالٍّ أَيِسَ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ وَيُسْقِطُ مِنَ الْكِرَاءِ حِصَّةَ الْمُؤَنِ وَإِنْ أَضَرَّ بِالْمَقْثَاةِ فَلَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ لَكَنْ يُنْقِصُ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَتِ الْمَقْثَاةُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْطَلَهَا رَجَعَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ وَمُصِيبَةُ الْمَقْثَاةِ مِنْهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْبُتْ وَفِي النَّوَادِرِ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا انْقَطَعَتِ الْمَقْثَاةُ مِنْهُ ثُمَّ أَخْلَفَتْ فَلِلْمُكْتَرِي دُونَ رَبِّ الْأَرْضِ مَا دَامَ لَهَا أَصْلٌ قَائِمٌ فَإِنْ ذَهَبَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَبَقِيَتِ الْمَقْثَاةُ وَفِيهَا طَمَعٌ خُيِّرَ الْمُكْتَرِي بَيْنَ أَخْذِهَا وَدَفْعِ الْكِرَاءِ مَا دَامَتِ الْمَقْثَاةُ وَإِن كَانَ قبل وَقت انقطاعها للمعروف وَقد أسلمها إياساً مِنْهَا لموتها ثمَّ حييت بَعْدَ ذَلِكَ بِالسَّقْيِ لِانْقِطَاعِ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ وَلَوْ أعَار أرضه لزراعة الْقطن فَبَقيت أُصُوله فرمت فِي عَامٍ قَابِلٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ كَانَتْ تُزْرَعُ كُلَّ عَامٍ كَالزَّرْعِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَهَبْهُ إِلَّا سَنَةً وَاحِدَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَنه للزراع وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا شَغَلَ الْأَرْضَ لِأَنَّهُ مِنْ غير مِلْكِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ أَكْثَرَ مِنَ الْقُطْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ تَنْبُتُ كَثِيرَةً كَمَا تَنْبُتُ فِي السَّوَاحِلِ فَلِرَبِّهِ وَلَا يُخْرِجُهُ إِلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَعَارَهُ سَنَةً وَاحِدَةً.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَكْرَيْتَ بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ أَوْ عَبْدٍ فَاسْتَحَقَّ بَعْدَ الْحَرْثِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِبُطْلَانِ مَا سَمَّى وَكَذَلِكَ بِحَدِيدٍ وَرَصَاصٍ بِعَيْنِهِ وَقَدْ عُرِفَ وَزْنُهُ قَالَ ابْن يُونُس: قيل للْمُسْتَحقّ الْعَبْدِ إِجَازَةُ بَيْعِهِ بِالْكِرَاءِ فَإِنْ حَرَثَ الْأَرْضَ دَفَعَ أُجْرَةَ الْحَرْثِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِنِ امْتَنَعَ دَفَعَ لَهُ الْمُكْتَرِي كِرَاءَ سَنَةٍ فَإِنِ امْتَنَعَ أَسْلَمَهَا بِحَرْثِهَا فَإِنِ اسْتَحَقَّ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَفْلَسَ الْمُكْتَرِي أَوْ مَاتَ بَعْدَ الزَّرْعِ أَوْ قَبْلَ النَّقْدِ فَرَبُّهَا أَحَقُّ بِالزَّرْعِ فِي الْفَلَسِ دُونَ الْمَوْتِ وَفِي الدَّارِ: أَحَقُّ بِالسُّكْنَى إِنْ لَمْ يُسْكَنْ وَإِنْ فَلَسَ الْجَمَّالُ فَالْمُكْتَرِي أَحَقُّ بِالْإِبِلِ حَتَّى يَتِمَّ حَمْلُهُ إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ الْغُرَمَاءُ الْحَمْلَةَ: تَنْزِيلًا للمنافع فِي جَمِيع هَذِه الصُّور منزلَة السعل فِي التَّفْلِيس وَقَالَ غَيره: لَا يضمنوا إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ غَيْرَ مَضْمُونٍ لِأَنَّ الْحِمَالَةَ بِالْمُعَيَّنِ لَا تَجُوزُ وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِضَرُورَةِ الْفَلَسِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قِيلَ: الْخِلَافُ فِي الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا الْمَضْمُونُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَقِيلَ: إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمَضْمُونِ لِلِاخْتِلَافِ: هَلْ هُوَ أَحَق بِهِ؟ وَأما الْمَضْمُون فَلَا يختف أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقِيلَ: هُوَ أَحَقُّ بِالزَّرْعِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ جَعْلًا لِأَرْضِهِ مَنْزِلَةَ يَدِهِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا فَلَسَ الْمُكْتَرِي فَالْجَمَّالُ أَوْلَى بِالْمَتَاعِ حَتَّى يَقْبِضَ كِرَءَاهُ وَيَكْرِي الْغُرَمَاءُ الْإِبِلَ فِي مِثْلِ كِرَائِهِ وَجَمِيعُ الصُّنَّاعِ أَحَقُّ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ فِي الْمَوْتِ والفلس.
فرع:
فِي الْكتاب: أبتاع عبدا واكترى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا فِي صَفْقَةٍ جَازَ إِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ خَلَفَ الرَّاحِلَةِ إِنْ هَلَكَتْ وَإِلَّا امْتَنَعَ إِلَّا أَن يكون الْكِرَاء مَضْمُون قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَفْسَخُ الْكِرَاءُ بِمَوْتِ الْمُعَيَّنَةِ وَلَيْسَ كراءية الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ لِأَنَّهَا مُسْتَأْجَرٌ عَلَيْهَا وَالدَّابَّةُ هَاهُنَا كَالرَّاعِي لَا يَجُوزُ اشْتِرَاط خَلَفِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُمْنَعُ ضَمَانُ عَمَلِ الْمُعَيَّنَاتِ: مِنْ رَاعٍ وَرَاحِلَةٍ وَمَرْكَبٍ وَمَسْكَنٍ وَغَيْرِهَا وَلَا فِي طَعَامٍ وَلَا فِي عَرْضٍ فَإِنَّ شَأْنَ الْمُعَيَّنِ تَعَلُّقُ الرِّضَا بِعَيْنِهِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ بِخِلَافِ مَا اسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلِهِ أَوْ حَمْلِهِ أَوْ رِعَايَتِهِ لَا بُدَّ مِنَ الِاشْتِرَاطِ حَتَّى لَا يَحْجُرَ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي بَيْعِهِ وَالْإِتْيَانِ بِغَيْرِهِ وَإِذَا هَلَكَتِ الرَّاحِلَةُ الْمُعَيَّنَةُ وَهِيَ وَجْهُ الصَّفْقَة انْفَسَخ العقد , إِلَّا لزممه الْعَبْدُ بِحِصَّتِهِ وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدًا بِكِرَاءِ رَاحِلَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَدِينَارٍ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ يَسِيرٍ مِنْهُ وَهِيَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ رَدُّ الدِّينَارِ وَقِيمَةِ رُكُوبِهِ وَأَخَذَ عَبْدَهُ إِنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ وَكَرَاهَا جُمْلَةَ الطَّرِيقِ إِنْ لَمْ يركب أَو بقيتها إِن ركب ثلثا الصَّفْقَةِ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ لَا فِي عينه قَالَ: وَالصَّوَاب: إِن لَا يُرَاعَى فَوَاتُ الْعَبْدِ وَيَنْفَسِخُ إِنْ كَانَتْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ مَعَهَا دَنَانِيرَ لَا فَوْتَ فِيهَا فَلَوْ كَانَ عَرْضًا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ رُوعِيَ فَوَاتُ الْعَبْدِ إِنْ هَلَكَتْ وَقَدْ سَارَ أَكْثَرَ الطَّرِيقِ أَوْ لَمْ يَسِرْ شَيْئًا وَلَيْسَتْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَالْعَبْدُ لَمْ يَفُتْ رَجَعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ فِي حِصَّةِ الْعَبْدِ لَا فِي عَيْنِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَرْجِعُ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقِيلَ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ اشْتَرَطَ نَقْدَ الْمِائَةِ أَوْ سُنَّتُهُمُ النَّقْدَ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا وَلَا سُنَّةَ لَهُمْ حَتَّى لَا يَلْزَمَ مِنَ النَّقْدِ إِلَّا بِقدر مَا سَار فَتكون رخصَة الْعَبْدِ مِنَ النَّقْدِ لَا تُعْلَمُ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا عِنْد من يُجِيز جمع السلعين لِرَجُلَيْنِ وَهَذَا أَشَدُّ لِأَنَّ فِيهِ نَقْدًا وَمُؤَخَّرًا مَجْهُولَيْنِ.
فَرْعٌ:
فِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: اكْتَرَى دَارًا بِثَوْبٍ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا يَفْسَخُ الْكِرَاءَ وَفِيمَا سَكَنَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ فَاتَ بِبَيْعٍ لَا يرجع بِشَيْء أَو يلبس أَوْ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَقِيمَةُ الْعَيْبِ فِي السُّكْنَى إِن كَانَ الْعين الخُمس فَيُشَارِكُهُ رَبُّ الدَّارِ بِخُمُسِ السُّكْنَى وَلَهُمَا الْقِسْمَة بِالتَّرَاضِي أَو المقاومة وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا يَضُرُّ الرُّجُوعَ بِهِ بِالْمُكْتَرِي فِي السُّكْنَى خُيِّرَ بَيْنَ السُّكْنَى عَلَى ذَلِك أوردهُ وَالرُّجُوع بِقِيمَة ثَوْبه معينا وَإِنْ قَامَ بِذَلِكَ بَعْدَ سُكْنَى نِصْفِ السَّنَةِ وَالْمَعِيبِ الخُمس: رَجَعَ بخُمس مَا بَقِيَ مِنَ السُّكْنَى وَخُمُسِ كِرَاءِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا خُيِّرَ بَيْنَ السُّكْنَى فِيمَا بَقِيَ مَعَ الْمُكْتَرِي أَوْ يَرُدُّ عَلَى الْمُكْرِي لِلسَّاكِنِ قيمَة ثَوْبه معيبا يَوْم قَبضه وبأخذ كِرَاءِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ وَإِنِ اطَّلَعَ بَعْدَ الْمُدَّةِ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ وَأَخَذَ قِيمَةَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ قِيمَةِ سُكْنَى الدَّارِ قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ كُلُّهُ حَسَنٌ إِلَّا قَوْلُهُ: إِذَا سَكَنَ نِصْفَ السَّنَةِ وَالْعَيْبُ يَضُرُّ بِكَثْرَتِهِ فَقَوْلُهُ: إِنِ اخْتَارَ رَدَّ بِقِيمَةِ السُّكْنَى أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَةَ مَا وَقَعَ لِنِصْفِ الْعَيْبِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: هَلَاكُ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ يُوجِبُ الْفَسْخَ كَشِرَاءِ الْمُعَيَّنِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ كَشِرَاءِ الْمُعَيَّنِ وَلَهُ الْخَلَفُ فِي الْكِرَاءِ عَلَى الْبَلَاغِ وَهُوَ الْمَضْمُونُ كَاسْتِحْقَاقِ مَا يُعْطِيهِ فِي السَّلَمِ وَإِنَّمَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: إِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى خِيَاطَتِهِ كَانَ لَهُ إِبْدَالُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِيفَاءِ لَا يَتَعَيَّنُ وَإِنْ عُيِّنَ فَذَلِكَ الْوَصْفُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: هَذِهِ الدَّابَّةُ أَوْ دَابَّتُكَ الْفُلَانِيَّةُ تَعَيَّنَ وَدَابَّةٌ أَوْ دَابَّتُكَ مَضْمُونٌ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ أَعَمُّ مِنَ التَّعْيِينِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي التَّعْيِينِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا إِن لم يقبض لِأَن كل مِنْهُمَا مدعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يُصَدَّقُ مُدَّعِي التَّعْيِينِ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ مَاتَتِ الدَّابَّةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ لِغَيْرِ هَذِهِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَلَا مَعْنَى لِدَعْوَى التَّعْيِينِ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: تَمْتَنِعُ هِبَةُ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَبَيْعِهَا لِأَنَّ الْمُكْتَرِي أَحَق بهَا فِي الْمَوْت والفلس وَبَقِيَّة الْمُدَّةِ وَلَوْ هَرَبَ مُشْتَرِيهَا بِهَا فَلَمْ تُوجَدْ فُسخت الْإِجَارَةُ وَإِنْ وَجَدْتَهَا فَلَكَ فَسْخُ الْبَيْعِ وَلِلْمُبْتَاعِ الرِّضَا بِالتَّأْخِيرِ إِلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ إِنْ قَرُبَتْ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ الْمُدَّةَ الْكَثِيرَةَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: وَلَوْ لَمْ يَفْطَنْ لَهَا إِلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ وَكَانَتْ كَثِيرَةً فَالْأَشْبَهُ: رُجُوعُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ حَبْسِهَا تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَا يَنْقُضُ الْبَيْعَ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا شَرَطَ حَبْسَ الْعَرْضِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي اكْتَرَى بِهِ لِلتَّوَثُّقِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ فَكَأَنَّهُ مِنَ الْمُكْرِي لِأَنَّهُ يَعْرِفُ هَلَاكَهُ وَلَوْ حَبَسَهُ الْمُكْتَرِي لِلتَّوَثُّقِ ضَمِنَهُ إِنْ لَمْ يَعْرِفْ هَلَاكَهُ وَانْتَقَضَ الْكِرَاءَ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَحَقَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَيَحْلِفُ عَلَى هَلَاكِهِ وَتَلَفِهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ قِيمَتَهُ وَيَثْبُتُ الْكِرَاءُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى فَسْخِهِ وَلَيْسَ فِيهِ رَدُّ يَمِينٍ لِأَنَّهُ مِنْ أَيْمَانِ التُّهَمِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ ضَمَانِ مَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ لِيَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ إِلَّا فِي الْعَيْنِ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَجَوَّزَهُ غَيْرُهُ فِي الْجَمِيعِ إِذَا حُبس لِرُكُوبٍ أَوْ خِدْمَةٍ لِقُرْبِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ الرُّكُوبَ فَهُوَ كَالْمُكْتَرِي لِذَلِكَ وَمُقْتَضَى هَذَا: الْجَوَازُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ غَيْرَ أَنَّ التُّهْمَةَ يَقْوَى الْقَصْدُ إِلَيْهَا فِي الْبَعِيدِ فِي الضَّمَانِ بجُعل قَاعِدَةٌ: الْمُعَيَّنُ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ يَمْتَنِعُ لِتَوَقُّعِ الْغَرَرِ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومَ الْحُصُولِ فَلَا يَحْرُمُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرٌ فَهُوَ كَبَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَأَيْضًا اشْتِرَاطُ التَّأْخِيرِ يُشعر بِأَنَّ الْعِوَضَ بَدَلُ الضَّمَانِ قَاعِدَةٌ: الْأَعْيَانُ وَالْمَنَافِعُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَقْبَلُ الْعِوَض كالبر وَكِرَاءِ الدَّارِ وَمِنْهَا مَا لَا يَقْبَلُهَا إِمَّا لِمَنْعِ الشَّرْعِ كَالْخَمْرِ وَالْغِنَاءِ أَوْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوَّمٍ عَادَةً كَالْبُرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَمُنَاوِلَةِ النَّعْلِ أَوْ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهِ عَلَى مَقْصُودٍ الْبَتَّةَ كَالذَّرَّةِ مِنَ التُّرَاب وتحريك الْأَصْبَغ وَمِنْهَا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ أَو لَا؟ كَالْأَزْبَالِ وَالْفِصَادِ وَالْحِجَامَةِ فَمَالِكٌ يُجِيزُهَا وَ (ح) يمْنَع الآخرين لِأَنَّهُمَا عِنْده لِأَنَّهُمَا مُجَرّد آلام بغَيْرهَا فَائِدَةٌ لِأَنَّ خُرُوجَ الدَّمِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْأَجِيرِ بَلْ مِنْ طَبِيعَةِ الدَّمِ وَمِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي: الضَّمَانُ فَإِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا لِلْعُقَلَاءِ لَكَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوَّمٍ عَادَةً فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَابل الأغواض وَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ امْرَأَةً غَصْبًا شَيْءٌ بِخِلَافِ الْوَطْءِ لِأَنَّ الْوَطْءَ تُقَدَّرُ قِيمَتُهُ فِي بَذْلِ الصَّدُقَاتِ بِخِلَافِ القُبل وَنَحْوهَا قَاعِدَة: لَا يَعْتَبِرُ الشَّرْعُ مِنَ الْمَقَاصِدِ إِلَّا مَا تَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ محصِّل لِمَصْلَحَةٍ أَوْ دَارِئٌ لِمُفْسِدَةٍ وَكَذَلِكَ لَا يَسْمَعُ الْحَاكِمُ الدَّعْوَى فِي الْأَشْيَاء التافهة الْحَقِيرَةِ وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ وَغَيْرِهِ فِي قلع الْبناء وَالْأَشْجَار الَّتِي لَا قيمَة لَهَا بَعْدَ الْقَلْعِ وَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةَ الْمَالِيَّةِ بَعْدَهُ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الْعُرُوضَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ وَالطَّعَامُ لِأَنَّ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْأَوْصَافِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَغْرَاضُ الصَّحِيحَةُ وَتَمِيلُ إِلَيْهِ الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ وَالنُّفُوسُ السَّلِيمَةُ لِمَا فِي تِلْكَ التَّعْيِينَاتِ مِنَ الملاذ الْخَاصَّة بِتِلْكَ الْأَعْيَان وَمُقْتَضى هَذَا الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ إِذَا عُيِّنَ صَاعًا مِنْ صُبرة وَبَاعَهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ الصَّحِيحَةَ مُسْتَوِيَةٌ فِي أَجْزَاءِ الصُبرة غَيْرَ أَنِّي لَا أعلم أحدا قَالَ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَاخْتَلَفُوا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ إِذَا عُيِّنَتْ هَل تتَعَيَّن أم لَا؟ على أَقْوَال: ثالثهما: أَن عينهَا لدافع تَعَيَّنَتْ وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِتَعْيِينِهِ الْقَابِضَ فَإِنِ اخْتُصَّتْ بِصِفَةِ حُرْمَةٍ أَوْ حِلٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا تَعَيَّنَتْ عَلَى مَا لَا يُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ اتِّفَاقًا وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ عِنْدَنَا وَبِالتَّعْيِينِ قَالَ (ش) وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً لِغَرَضٍ فَتَعَذَّرَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِهَلَاكِ الْمَنْفَعَةِ تَحْتَ يَدِهِ كَالْمَبِيعِ إِذَا قُبِضَ وَهَلَكَ وَلَهُ كِرَاؤُهَا فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَى لِمُلْكِهِ الْمَنْفَعَةُ بِالْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا الْحِجَارَةَ لِأَنَّهَا مُضَارَّةٌ لَيْسَ فِيهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَاعِدَةِ إِلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ بِتِلْكَ الْحِجَارَةِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ: إِنْ مَاتَتْ قَاصَّهُ بِمَا رَكِبَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَنَاقِضٌ لِلْعَقْدِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا تَكَارَى إِلَى مَوْضِعٍ فَبَلَغَهُ مَا يمنعهُ من دُخُولِهِ: انْفَسَخَ الْكِرَاءُ لِتَعَذُّرِ الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ أَنْ يَعُوقَهُ ضَيَاعُ الْمَتَاعِ أَوْ لُصُوصٌ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ: إِذَا اكْتَرَى دَابَّةً إِلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ وَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ لَوْ أَرَادَ الِانْتِفَاعَ بِهَا أَمْكَنَهُ اسْتَقَرَّتِ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ لِوُجُودِ التَّمْكِينِ كَمَا لَوْ مَشَى وَهُوَ يَقُودُهَا فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ اتِّفَاقًا وَقَالَ (ح): لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ لِعَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِذَا أَصَابَ الْمَرْأَةَ طلقٌ لَمْ يُجبر الْكَرِيُّ عَلَى الْإِقَامَةِ مَعَهَا فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَتُقِيمُ إِنْ أَحَبَّتْ وَتُكْرِي وَيُجْبَرُ فِي الْحَجِّ كَأَنَّ الْمُكْتَرِيَ دَخَلَ إِلَى تَمَامِ حَجِّهَا فِي الْعَادَةِ.
فرع:
قَالَ: إِذَا سَارَ الْمُتَكَارِيَانِ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَبَلَغَهُمَا انْغِلَاقُ الطَّرِيقِ انْغِلَاقًا لَا يَنْكَشِفُ إِلَّا فِي أَيَّام يتَضَرَّر فها أَحَدُهُمَا فَلَهُ فَسْخُ الْكِرَاءِ وَإِذَا كَانَ فِي مَوضِع غير مستعتب ودّاه إِلَى مُسْتَعْتَبٍ خَلْفَهُ أَوْ أَمَامَهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَبِحِسَابِهِ قَالَهُ أَصْبَغُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكتاب: إِذا اكتريت ثوراً يطحن لَك إِرْدَبَّيْنِ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَوَجَدْتَهُ لَا يَطْحَنُ إِلَّا إِرْدَبًّا فَلَكَ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ كَالْبَيْعِ وَعَلَيْكَ فِي الْإِرْدَبِّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَتُرَدُّ الدَّابَّةُ الْمُعَيَّنَةُ الجحاح والدبرة الْفَاحِشَة قَالَ ابْن الْقَاسِم: يُمْنَعُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى دَابَّةٍ أَوْطَأَ مِنْ دَابَّتِهِ زَادَ شَيْئًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِيمَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَكِرَاءُ الْأُولَى بَاقٍ وَيجوز عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ أَخْذَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ كِرَاءُ دَارٍ بِعَيْنِهَا قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ هَلَكَتِ الْمَكْرِيَّةُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ لَا يَأْخُذُ دَابَّةً أُخْرَى فِيمَا بَقِيَ لَهُ لِأَنَّهُ كَفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمُنْقَطِعَةٍ فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَعْتَبِ كَانَ الثَّانِي مَضْمُونًا أَوْ مُعَيَّنًا إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ مُعَيَّنًا وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَهُ فِي أصل العقد قَالَه ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَجُوزُ التَّحَوُّلُ مِنَ الْمَحْمَلِ إِلَى الزَّامِلَةِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لِأَنَّهُ تَحَوُّلٌ مِنْ صِفَةِ رُكُوبٍ لَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَى أُخْرَى وَلَا يَزِيدُهُ الْجَمَّالُ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ لِتُهْمَةِ السَّلَفِ وَتَجُوزُ زِيَادَةُ الرَّاكِبِ رَكِبَ أَمْ لَا وَإِنْ تَكَارَى عَلَى الْحَمْلِ امْتَنَعَ التَّحَوُّلُ إِلَى مَحْمَلٍ بِزِيَادَةٍ لِتَبَاعُدِهِمَا بِخِلَافِ الزَّامِلَةِ وَالْمَحْمَلِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى مِنْ مِصْرَ إِلَى الْحَجِّ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَمَرَّ عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَرَادَ = ذَلِكَ خُيِّرَ الْكَرِيُّ إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الْحَجِّ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَيْتَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً فَلَيْسَ لَكَ الْإِرْدَافُ خَلْفَكَ وَلَا حَمْلُ مَتَاعِهِ مَعَكَ لِأَنَّكَ مَلَكْتَ ظَهْرَهَا وَكَذَلِكَ السَّفِينَةُ فَإِنْ فَعَلَ فَلَكَ كِرَاؤُهُ إِلَّا أَنْ يُكَارِيَكَ عَلَى حَمْلِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ مَعْلُومٍ فَلَهُ الْحَمْلُ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ قَالَ أَشْهَبُ: إِنِ اكْتَرَاهُ لِيَحْمِلَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَتَاعِهِ: فَكِرَاءُ الزِّيَادَةِ لِلْمُكْرِي لِأَنَّهُ عَلَى دَابَّتِهِ حُمِلَ وَقَدْ كَانَ لَكَ مَنْعُهُ مِنَ الزِّيَادَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ أَشْهَبَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لَكَ الذَّهَابُ إِلَى غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي اكْتَرَيْتَ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي السَّهُولَةِ وَالْمَسَافَةِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَكَ كَاخْتِيَارِكَ صُبرة أُخْرَى تَكْتَالُ مِنْهَا وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ أُذِنَ لَكَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إِلَّا بَعْدَ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَكَ الذَّهَابُ إِلَى مثل الْبَلَد كحلمك غَيْرِ مَا اكْتَرَيْتَ عَلَيْهِ مِثْلَهُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ نقدها وكراء النَّاس مُؤَخرا وَغير مؤجر وَشَرَطْتَ التَّأْخِيرَ امْتَنَعَ إِعْطَاؤُكَ عِوَضَهَا دَنَانِيرَ نَقْدًا حَتَّى تَحِلَّ الدَّرَاهِمُ بِبَلَاغِ الْغَايَةِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَمِ الْحُلُولَ فَلَوْ شرطتما النَّقْد وَهُوَ الْعرف جَازَ كَانَ الكرء مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا فَإِنْ هَلَكَتْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ رَجَعْتَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِمَّا نَقَدْتَ وَلَوْ دَفَعْتَ عَنِ الدَّرَاهِمِ عَرْضًا لَرَجَعْتَ بِالدَّرَاهِمِ فِيمَا عَقَدْتَ عَلَيْهِ نَفْيًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ تَعْجِيلَ الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ وَأَبَى الْجَمَّالُ وَفِي الزَّمَانِ بَقِيَّةٌ لَمْ يُجْبَرْ حَتَّى يَخْرُجَ النَّاسُ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا نَقَضَتْ زَامِلَةُ الْحَاجِّ فَأَرَادَ إِتْمَامَهَا حَمْلًا عَلَى الْعُرْفِ: قَالَ غَيْرُهُ فَإِنْ فُقِدَ الْعُرْفُ فَلَكَ الْوَزْنُ لِلْمُشْتَرِطِ إِلَى آخِرِ الْمسَافَة لَا أَنه مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا اكْتَرَيْتَ لِبَلَدٍ فلك النُّزُول بنزلك لِأَنَّهُ الْعَادَةُ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا وَلَدَتِ الْمُكْتَرَيَةُ جُبر على حمل وَلَدهَا لِأَنَّهُ الْعَادة قَالَ: إِذَا هَرَبَ فَأَنْفَقْتَ عَلَى دَابَّتِهِ أَوِ اكْتَرَيْتَ مَنْ يُرَحِّلُهَا فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِأَنَّكَ قُمْتَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ وَلَوْ هَرَبَ بِالدَّابَّةِ اكْتَرَى لَكَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ وَرَجَعْتَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ كَالشَّرْطِ وَإِنْ تَغَيَّبَ يَوْمَ خُرُوجِكَ ثُمَّ لَقِيتَهُ فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا الرُّكُوبُ أَوِ الْحَمْلُ فِي كُلِّ كِرَاءٍ مَضْمُونٍ لِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ إِلَّا الْحَجَّ يَفْسَخُ لِأَنَّ إِبَّانَهُ كَالشَّرْطِ قَالَ غَيْرُهُ: وَلَوْ رفع غَيْرَ الْحَجِّ الْإِمَامُ فَسَخَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا هَرَبَ بِدَابَّتِهِ إِنَّمَا يَكْرِي عَلَيْهِ الْإِمَامُ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَفِي الْكِتَابِ: إِنْ هَرَبْتَ أَنْتَ أَكْرَى لَكَ الْإِمَامُ وَأَخَذَ الْجَمَّالُ مِنْ ذَلِكَ أُجْرَتَهُ وَإِلَّا اتَّبَعَكَ بِالْكِرَاءِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَكْرَى عَلَى مَتَاعِ عَبْدِ وَكِيلِكَ بِبَلَدٍ وَلَمْ يَجِدِ الْوَكِيلَ انْتَظَرَ بِغَيْرِ ضَرَرٍ فَإِنْ جَاءَ وَإِلَّا أَكْرَى الدَّابَّةَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْكِرَاءُ لِأَنَّ التَّعَذُّرَ مِنْ قِبَلِكَ فَإِنْ رَجَعَ وَلَمْ يَرْفَعْ ذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ وَفِي الْبَلَدِ سُلْطَانٌ رَجَعَ ثَانِيَةً لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ سُلْطَانٌ انْتَظَرَ أَيَّامًا وَأَشْهَدَ فَإِنْ وُجِدَ الْكِرَاءُ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَكْرِ وَلَمْ يَرْفَعْ لِلْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إِذَا كَانَ الْكِرَاءُ مُمْكِنًا إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي أَكْرَى إِلَيْهِ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْكِرَاءُ وَجَهِلَ إِعْلَامَ الْإِمَامِ لَا يَبْطُلُ عَمَلُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يُقْبَلُ عَدَمُ الْكِرَاءِ ثَمَّتَ إِلَّا بِسَبَبٍ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ أَكْرَاهَا بِغَيْرِ إِعْلَامِ الْإِمَامِ وَرَضِيتَ بِذَلِكَ وَقَدْ نَقَدْتَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ لَمْ ينقده جَازَ وَإِن لم يرض إِلَّا بِالْكِرَاءِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَكْرَاهَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ لِلْإِمَامِ وَثَمَّ إِمَامٌ فَلَكَ أَخْذُ الْفَضْلِ.
فَرْعٌ:
إِذَا أَقْبَضَكَ فِي الْمَضْمُونِ دَابَّةً لَيْسَ لَهُ نزعُها إِلَّا بِإِذْنِكَ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالْقَبْضِ وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْفَلَسِ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَالْمُعَيَّنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ الْغَيْرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان فِي المغين فِي بَقِيَّةِ الْمَسَافَةِ وَقِيلَ: الْمَضْمُونُ يَتَحَالَفَانِ فِيهِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي كَسِلْعَةٍ لَمْ تُقْبَضْ وَإِذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَحَقُّهُ فِيهَا وَقَدْ حَازَهَا وَفَاتَ بَعْضُهَا كَفَوَاتِ بَعْضِ السِّلْعَةِ فَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي زِيَادَةِ الثَّمَنِ وَلَوْ هَلَكَتِ الْمَضْمُونَةُ عَلَى هَذَا اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْغَيْرُ فِي التَّحَالُفِ وَالتَّفَاسُخِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا أَرَادَ الْجَمَّالُ إِدَارَةَ الْجِمَالِ بَيْنكُم أَو الجامل منع إِلَّا برضاكم لِأَن التَّعْيِين ضَرَر.
قَالَ: يُمْنَعُ كِرَاءُ السُّفُنِ فِي وَقْتِ الْخَطَرِ وَيُفْسَخُ لِلْغَرَرِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ التَّأْخِيرِ إِلَى وَقْتِ السَّلَامَةِ إِذَا لَمْ يَنْقُدُ إِلَّا فِي الْقَرِيبِ نَحْوِ الشَّهْرِ فَيَجُوزُ النَّقْدُ وَلَوْ كَانَ الْكِرَاءُ مَضْمُونًا جَازَ النَّقْدُ وَلَوْ بَعُدَ لِكَوْنِهِ مَأْمُونًا بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ فَإِنِ اكْتَرَيْتَ فِي وَقْتِ السَّلَامَةِ ثُمَّ تَعَذَّرَ حَتَّى جَاءَ وَقْتُ الْخَطَرِ بالشتاء: فلك وَله الْفَسْخ لضَرَر التَّأْخِير وَكَذَلِكَ لَو حدث لصوص بِخِلَاف الرِّبْح.
فَرْعٌ:
قَالَ: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كِرَاءُ السُّفُنِ عَلَى الْبَلَاغِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إِذَا غَرِقَ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُقْصَدُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَهُ بِحِسَابِهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْأَنْدَلُسِيُّ: إِنْ كَانَ لِتَعْدِيَةِ الْبَحْرِ فَعَلَى الْبَلَاغِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَصْلَحَةِ دُونَ تِلْكَ الْغَايَةِ وَإِلَّا فَبِحِسَابِ مَا مَضَى لِأَنَّ الْبَعْضَ يَنْقُصُ كِرَاءَ الْمَسَافَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ لَمْ يَزَلْ مُلَجِّجًا حَتَّى عَطِبَ لَمْ يُدْرِكَ مَكَانًا يُمْكِنُهُ النُّزُولُ فِيهِ أَمْنًَََا عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَيُمْكِنُهُ التَّقَدُّمُ مِنْهُ إِلَى مَوْضِعِ الْكِرَاءِ فَعَلَى الْبَلَاغِ وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ: إِذَا وَصَلَتِ السَّفِينَةُ وَامْتَنَعَ التَّفْرِيغُ لِلْهَوْلِ وَذَهَبَ مَا فِيهَا سَقَطَ الْكِرَاءُ لِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ أَمْكَنَكَ التَّفْرِيغُ فَفَرَّطْتَ حَتَّى جَاءَ الْهَوْلُ لَزِمَكَ الْكِرَاءُ فَإِنْ فَرُغَ بَعْضُهُمْ وَتَعَذَّرَ عَلَى الْآخَرِينَ لِلْهَوْلِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَوْ ظَنَّ أَنَّ الْحُمُولَةَ تَلْزَمُهُ بَعْدَ عَطَبِ السَّفِينَةِ فَحَمَلَ الْمَتَاعَ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَاشَيْءَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْعَطَبِ يُخْشَى عَلَى الْمَتَاعِ فِيهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا انْبَلَّ بَعْضُ الْحُمُولَةِ قُوِّمَ غَيْرَ مَبْلُولٍ وَمَبْلُولًا وَيُطْرَحُ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ نَقْصِ الْقِيمَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَإِن كَانَ البلل بتعزير أَوْ تَفْرِيطٍ مِنْ صَاحِبِ الْمَرْكِبِ ضَمِنَ وَالنَّدَاوَةُ الْقَلِيلَةُ لَا تَنْقُصُ الْكِرَاءَ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا طَرَحَ بَعْضَ الْحِمْلِ لِلْهَوْلِ شَارَكَ أَهْلُ الْمَطْرُوحِ مَنْ لَمْ يَطْرَحْ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِمْ كَانَ مَا طَرَحَ وَسُلِّمَ لِجَمِيعِهِمْ فِي نَمَائِهِ وَنَقْصِهِ بِثَمَنِهِ بِمَوْضِعِ الشِّرَاءِ وَإِنِ اشْتَرَوْا مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ لِأَنَّهُمْ صَوَّنُوا بِالْمَطْرُوحِ مَالَهُمْ وَالْعَدْلُ: عَدَمُ اخْتِصَاصِ أَحَدِهِمْ بِالْمَطْرُوحِ إِذْ لَيْسَ أَحَدُهُمْ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَاشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فَإِنِ اشْتَرَوْا مِنْ مَوَاضِعَ أَوِ اشْتَرَى بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ أَوْ طَالَ زَمَنُ الشِّرَاءِ حَتَّى حَالَ السُّوقُ اشْتَرَكُوا بِالْقِيَمِ يَوْمَ الرُّكُوبِ دُونَ يَوْمِ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاخْتِلَاطِ وَسَوَاءٌ طَرَحَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ أَوْ مَتَاعَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أم لَا ولملك فِي التَّقْوِيمِ بِمَوْضِعِ الْحَمْلِ أَوْ مَوْضِعِ الْمَحْمُولِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْحَمْلِ أَوْ مَوْضِعِ الطَّرْحِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْإِتْلَافِ: ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: وَلَا يُشَارِكَ مَنْ لَمْ يَرْمِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَطْرَأْ سَبَبٌ يُوجِبُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَطْرُوحِ لَهُ مَعَ غَيْرِهِ فَإِنْ رَمَى لَهُ نِصْفَ مَتَاعِهِ أَخَذَهُ مِمَّنْ لَمْ يُرْمَ نِصْفُ مَتَاعِهِ وَيَكُونُ شَرِيكًا لِمَنْ لَمْ يُطْرَحْ لَهُ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ بِقِيمَةِ مَتَاعِهِ وَيَكُونُ شَرِيكًا لِمَنْ لَمْ يُطْرَحْ لَهُ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ بِقِيمَةِ مَتَاعِهِ مِنْ قِيمَةِ مَتَاعِهِمْ وَلَوْ رَمَي جَمِيعَ مَتَاعِهِ ثُمَّ أُخرج بَعْدَ ذَهَابِ نِصْفِ قِيمَتِهِ شَارَكَهُمْ فِي نِصْفِ مَتَاعِهِمْ كَمَا لَوْ رُمِيَ نِصْفُ مَتَاعِهِ وَعَلَيْهِ مِنْ كِرَاءِ السَّالِمِ بِقَدْرِ مَا صَارَ إِلَيْهِ وَإِذَا أخرج نِصْفَ مَتَاعِهِ نَاقِصًا فَكِرَاءُ حِصَّةِ مَا نَقَصَ عَلَى ثَمَنِ نَقْصِهِ وَأَخْرَجَهُ عَلَيْهِ وَإِذَا رُمِيَ مَتَاعُهُ وَابْتَلَّ مَتَاعُهُمْ بللا ينقص الثّمن شاركهم بِقِيمَة مَتَاعهمْ وَمَتَاعُهُمْ سَالِمًا بِمَوْضِعِ الْحَمْلِ فَإِنْ حَدَثَ بِمَتَاعِهِمْ عَيْبٌ قَبْلَ الْحَاجَةِ لِلطَّرْحِ: فَقِيمَتُهُ مَعِيبًا بِمَوْضِعِ الْحَمْلِ وَيُحْسَبُ الْمَطْرُوحُ عَلَى كُلِّ مَا يُرَادُ بِهِ التِّجَارَة وَإِن خف حمله كالجوهر قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْمَرْكِبِ وَلَا عَلَى النَّوَاتِيَّةِ كَانُوا أَحْرَارًا أَوْ عَبِيدًا إِلَّا أَنْ يَكُونُوا لِلتِّجَارَةِ فَتُحْسَبُ قِيمَتُهُمْ وَلَا عَلَى مَنْ لَا مَتَاعَ لَهُ لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا وَسَائِلُ وَالْمَقْصُودُ بِرُكُوبِ الْبَحْرِ إِنَّمَا هُوَ مَال التِّجَارَةِ وَيُرْجَعُ بِالْمَقَاصِدِ فِي الْمَقَاصِدِ وَمَنْ مَعَهُ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ يُرِيدُ بِهَا التِّجَارَةَ فَكَالتِّجَارَةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَمَا لَا يُرَادُ بِهِ التِّجَارَةُ كَمَا تقدم وَقَالَ ابْن ميسر: لَا يَلْزَمُ فِي الْعَيْنِ شَيْءٌ مِنَ الْمَطْرُوحِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَدْخُلُ الْمَرْكِبُ فِي قِيمَةِ الْمَطْرُوحِ لِأَنَّهُ مِمَّا سَلِمَ بِسَبَبِ الطَّرْحِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِنْ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَصْدِمَ قَاعَ الْبَحْرِ فَرُمِيَ لِذَلِكَ دَخَلَ فِي الْقِيمَةِ وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: يُحْسَبُ الْمَرْكِبُ وَمَا فِيهِ للقُنية أَوْ لِلتِّجَارَةِ مِنْ عَبِيدٍ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ سَلِمَ بِسَبَبِ الطَّرْحِ وَجَوَابُهُمْ: أَنَّ الْمَرْكِبَ شَأْنُهُ أَنْ يَصِلَ بِرِجَالِهِ سَالِمًا إِلَى الْبَرِّ وَإِنَّمَا يُغْرِقُهُ مَا فِيهِ مِنَ التِّجَارَةِ وَإِزَالَةُ السَّبَبِ المُهلك لَا تُوجِبُ شَرِكَةً بَلْ فِعْلُ السَّبَبِ الْمُنْجِي وَهُوَ فَرْقٌ حَسَنٌ فَتَأَمَّلْهُ قَالَ: وَلَا يَخْتَلِفُ قَول مَالك وَأَصْحَابه أَن مَا للقُينة كَالْعَبِيدِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْمَصَاحِفِ لَا تَدْخُلُ فِي حِسَابِ مَا طُرِحَ وَمَا طُرِحَ مِنْهُ فَمِنْ صَاحِبِهِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيُصَدَّقُ صَاحِبُ الْمَطْرُوحِ فِي ثَمَنِهِ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ يُستكر لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْبَلُ بِغَيْرِ يَمِينٍ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ طُرِحَ لَهُ أَمْتِعَةٌ كَثِيرَةٌ وَأَنْكَرَ الرَّايِسُ ذَلِكَ رَجَعَ إِلَى الشَّرْطِ لِجَرْيِ أَمْوَالِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا دخل الشَّرّ بيل مَعَ يَمِينِهِ إِذَا أَشْبَهَ أَنْ يَهْلِكَ مِثْلُهُ وَإِذَا ادَّعَى قِيمَتَهُ وَنَازَعُوهُ فِي الصِّفَةِ صُدقوا مَعَ أَيْمَانِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمُ الشَّرِكَةُ فَإِنْ جَهِلُوهَا صُدق مَعَ يَمِينِهِ فَإِنِ ادَّعَى صَاحِبُ الْمَرْكِبِ أَنَّ الْهَوْلَ رَمَى بَعْضَ شِحْنَتَهُ وَلَمْ يَكُونُوا مَعَهُ وَكَذَّبُوهُ صُدِّقَ فِي الْعُرُوضِ دُونَ الطَّعَام عِنْد ابْن الْقَاسِم التهامه عَلَى أَكْلِ الطَّعَامِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِذَا صَالَحُوا صَاحِبَ الْمَطْرُوحِ بِدَنَانِيرَ وَلَا يُشَارِكُهُمْ جَازَ إِذا عرفُوا بِمَا يَلْزَمُهُمْ فِي الْقَضَاءِ فَإِنْ طَرَحَ خَرَجَ بَعْدَ الطرح من الْبَحْر سالما فَهُوَ لَهُ ونزول الشَّرِكَةُ أَوْ خَرَجَ وَقَدْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ انْتَقَصَ نِصْفَ الصُّلْحِ وَيَرُدُّ نِصْفَ مَا أَخَذَ وَيَكُونُ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْكِرَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ سُؤَالٌ: إِذَا وُجدت الدَّابَّةُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهَا فِي التَّعَدِّي أَوِ الْعَارِيَّةُ تَكُونُ لِمَنْ صَالَحَ عَلَيْهَا فَمَا الْفَرْقُ؟ جَوَابُهُ: أَنَّ التَّعَدِّيَ يَنْقُلُ الذِّمَّةَ وَالْبَحْرُ شَيْءٌ تُوجِبُهُ الضَّرُورَةُ فَلَا يُجْعَلُ الصُّلْح فِيهِ تبعا لَا نيتقض قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّفِينَةِ غَيْرُ الْآدَمِيِّينَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُ أَحَدِهِمْ لِطَلَبِ نَجَاةِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا وَيَبْدَأُ بِطَرْحِ الْأَمْتِعَةِ ثُمَّ الْبَهَائِمِ وَهَذَا الطَّرْحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَاجِبٌ وَلَا يَجْرِي فِي هَذِه بِطَرْحِ الْأَمْتِعَةِ ثُمَّ الْبَهَائِمِ وَهَذَا الطَّرْحُ عِنْدَ الْحَاجة وَلَا يَجْرِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَةِ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ لِلْعُلَمَاءِ فِي دَرْءِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ الْبَيْتَ لِطَلَبِ النَّفْسِ أَوِ الْمَالِ وَلَا مَنِ اضْطُرَّ إِلَى الْمَيْتَةِ أَحَدُهُمَا: يَجِبُ الدَفْعُ وَالْأَكْلُ لِلْخَلَاصِ مِنَ الْهَلَكَةِ وَثَانِيهِمَا: لَا يَجِبُ لِخَبَرِ ابْنِ آدَمَ وَلقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ» وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي تَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ التَّارِكَ لِلْقَتْلِ وَالْأَكْلِ ثَمَّتَ تَارِك لَيْلًا يَفْعَلَ مُحَرَّمًا وَهَاهُنَا لِبَقَاءِ الْمَالِ وَاقْتِنَاؤُهُ لَيْسَ وَاجِبًا وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ وَسَفْكُ الدَّمِ مُحَرَّمٌ وَمَا وَضْعُ الْمَالِ إِلَّا وَسِيلَةً لِبَقَاءِ النَّفْسِ وَلَمْ يُوضَعْ قَتْلُ الْغَيْرِ وَالْمَيْتَةِ وَسِيلَةً لِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمْ بِدَيْنٍ فَطَرَحَ حَسَبَ ثَمَنِهِ عَلَى النَّقْدِ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَإِنْ حُوبي أُلْحِقَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حُمِلَ مِنْهُ وَلَا يَضْمَنُ الطَّارِحُ مَا طَرَحَ اتِّفَاقًا وَلِمَالِكٍ فِي أَكْلِ طَعَامِ الْغَيْرِ لِلْجَمَاعَةِ قَوْلَانِ وَلَا يَضْمَنُ بِدَفْعِ الْفَحْلِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْقَتْلِ الْقَتْلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ قَتْلُهُ صَوْنًا لِلنَّفْسِ فَقَامَ عَنْ صَاحِبِهِ بِوَاجِبٍ وَقَالَ (ح) وَ (ش): لَا يَضْمَنُ مِنْهُمْ إِلَّا الطَّارِحَ إِنْ طَرَحَ مَالَ غَيْرِهِ وَإِنْ طَرَحَ نَفْسَهُ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوِ اسْتَدْعَى غَيْرُهُ مِنْهُ ذَلِكَ وَوَافَقُونَا إِذَا قَالَ: اقْضِ عَنِّي دَيْنِي فَقَضَاهُ وَفِي اقْتِرَاضِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ وَاقْتِرَاضِ الْوَصِيِّ لِلْيَتِيمِ فَإِنْهُ يَأْخُذُ مِنْ مَالٍ يَطْرَأُ لَهُ لَنَا: الْقِيَاسُ عَلَى هَذِهِ الصُّوَرِ بِجَامِعِ السَّعْيِ فِي الْقِيَامِ عَنِ الْغَيْرِ بِوَاجِبٍ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَمَنْ بَادَرَ مِنْهُمْ قَامَ بِذَلِكَ الْوَاجِبِ احْتَجُّوا بِأَنَّ السَّلَامَةَ بِالطَّرْحِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ بِخِلَافِ الصَّيَّادِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْآدَمِيِّينَ وَأَمْوَالِ القُنية لَا يَتَعَلَّقُ بهَا الْمَطْرُوح وَالْجَوَاب على الْأَوَّلِ: أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ فَإِنْهُ يَضْمَنُ مَعَ احْتِمَالِ هَلَاكِهِ بِالْأَكْلِ بَلْ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ الْعَادَةَ وَقَدْ شَهِدَتْ بِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلسَّلَامَةِ فِيهَا مَعَ احْتِمَالِ النَّقِيضِ وَعَنِ الثَّانِي: مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْفَرْقِ وَقَالَ الطُّرْطُوشِيُّ: الْقِيَاسُ: التَّسْوِيَةُ بَيْنَ التِّجَارَةِ والقُنية لِأَنَّ الْعِلَّةَ صَوْنُ الْأَمْوَالِ وَالْكُلُّ يُثْقِلُ السَّفِينَة وَلذَلِك قَالَ ابْن بشير: لاشيء فِي الْعَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُثْقِلُهَا وَلَا تخِفُّ بطرحه ماعدا الْآدَمِيّ وَفِي الْجَوَاهِر: يطْرَح ماعدا الْآدَمِيَّ وَيَبْدَأُ بِمَا ثَقُلَ وَزْنُهُ وَقُلَّ ثَمَنُهُ وَيقوم إِمَّا وَقت التّلف كالمثلفات أَوْ أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَى الْبِرِّ الَّذِي يَقْدَمُ إِلَيْهِ لعدم الْقيمَة مَوضِع الطرح أوفي الْمَكَانِ الَّذِي يُحْمَلُ إِلَيْهِ أَوِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتُرِيَ بِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا حَمَلُوا أَطْعِمَتَهَمْ مَخْلُوطَةً لَا يُمَكَّنُ أَحَدُهُمْ مِنْ بَيْعِ حِصَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ إِلَّا بِرِضَا أَصْحَابِهِ لِأَنَّ أَسْفَل السَّفِينَة يفْسد الطَّعَام فيقتسمون الْجيد والردئ فَإِن رَضوا أَن لَا يُبَاعَ لَهُمْ إِنْ وَجَدُوا فَسَادًا وَإِذَا فَسَدَ بعضهما وَهِيَ بِحَوَاجِزَ غَيْرِ مُشْتَرَكَةٍ ثُمَّ زَالَتِ الْحَوَاجِزُ واختلطت اشْترك الْجمع فِي الْجَمِيع وَإِذ مَرَّ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ بِمَنْزِلِهِ فَلَهُ أَخْذُ مَكِيلَةِ طَعَامِهِ لِيُنْزِلَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَيْهِ إِذَا غرقت السَّفِينَة أذنو لَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُمْ ثُمَّ يَرْجِعَ لِمَنْزِلِهِ إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ الْكَيْلُ فَيَرْجِعُوا عَلَيْهِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ إِنِ ابْتَلَّ قَبْلَ نُزُولِهِ عَنْهُمْ وَلِلْوَاصِلِ إِلَى مَوْضِعِهِ أَخْذُ رَحْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَحْتَ رحالهم ويضربهم فَلَهُمْ مَنْعُهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُمْ بَعْدَ وَسْقِ الطَّعَامِ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنَ الْوَسْقِ فَأَنْزَلُوا بَعْضَهُ فَأَخَذَهُ بَعْضُهُمْ فِي حِصَّته وَبَعْضهمْ غَائِب مُشَارِكٌ لِلآخِذِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْقِسْمَةِ فَإِنْ بَاعَ الْآخِذُ فَلِلْغَائِبِ إِجَازَةُ الْبَيْعِ فَإِن أَوْسَقُوا أَمْتِعَةً وَظَهَرَ أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنَ الْوَسْقِ فَتَنَازَعُوا أَيُّهُمْ يَنْزِلُ فَإِنْ عُلِمَ أَيُّهُمُ الْآخَرُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَسْقِ أُنْزِلَ لِكَوْنِهِ أَوْسَقَ مَا لَا يَجُوزُ وَإِلَّا أُنْزِلَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَخُصُّهُ.
فرع:
قَالَ: قَالَ سَحْنُونٌ فِي شَرِيكَيْنِ فِي سَفِينَةٍ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْحَمْلَ فِي نَصِيبِهِ وَمَنَعَهُ الْآخَرُ إِلَّا بِالْكِرَاءِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِكِرَاءٍ وَعَمِلَ الْآخَرُ مِثْلَهُ أَوْ يُبَاعُ الْمَرْكِبُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ الْكِرَاءِ فَإِنْ أَصْلَحَ الْمَرْكِبَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ فَلَهُ أَخْذُ نِصْفِ مَا أَنْفَقَ أَوْ يُعْطَى نِصْفَ قِيمَتِهِ خَرَابًا فَإِنْ أَبَيَا مِنْ ذَلِكَ فَلَهُ فِي الْمَرْكِبِ بِقَدْرِ مَا زَادَتْ نَفَقَتُهُ مَعَ حِصَّتِهِ الْأُولَى.
فَرْعٌ:
قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إِذَا تَعَدَّتِ الْمَرْكَبُ بِالرِّيحِ عَنِ الْمَوْضِعِ فَلَكَ إِنْزَالُ مَتَاعِكَ ثُمَّ لَكَ الرُّجُوعُ إِلَى بَلَدِ الشَّرْطِ بِغَيْرِ زِيَادَةِ كِرَاءٍ.
فرع:
فِي الْكتاب إِذا كَانَ الدَّارِ وَالْأَرْضِ شَجَرٌ وَنَخْلٌ لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ ثَمَرَةٌ لَمْ تُؤْبَرْ فَالثَّمَرَةُ لِلْمَالِكِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُكْتَرِي لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْأَعْيَانَ وَإِذَا كَانَ قِيمَةُ مَا تُطْعِمُهُ كل سنة بعد طرح الْمُؤْنَة والهمل ثُلُثَ قِيمَةِ الْكِرَاءِ فَحِينَئِذٍ تُشْتَرَطُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَبَعٌ فَإِنِ اشْتَرَطَهَا وَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ امْتَنَعَ وَالثَّمَرَةُ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ السَّقْيِ وَلَهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَإِنْ أَزْهَتْ جَازَ اشْتِرَاطُهَا وَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ لِجَوَازِ بَيْعِهَا حِينَئِذٍ مُفْرَدَةً وَإِذَا كَانَتْ تَبَعًا امْتَنَعَ اشْتِرَاطُ نِصْفِهَا لِبَقَاءِ الضَّرَرِ بِسَبَبِ تَصَرُّفِ الْأَجِيرِ وَبَقِيَّةِ سَبَبِ التَّرَخُّصِ فِي بيع الْجَمِيعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ يَجُوزُ الِاشْتِرَاطُ قَبْلَ الْإِزْهَاءِ فِي الثُّلُثِ إِذَا كَانَت تطيب قبل مُدَّة الْكِرَاء لَيْلًا تَكُونَ صَفْقَةً مُسْتَقِلَّةً وَإِلَّا فَلَا وَالْقِيمَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ إِنَّمَا هِيَ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ لَمْ يَخْلُقْ أَمَّا الْمَأْبُورُ فَيُقَوَّمُ يَوْمَ عَقْدِ الْكِرَاءِ إِذَا طَابَتْ مِنْ إِسْقَاطِ الْمُؤْنَةِ وَجَازَ هَذَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْمُشْتَرِي بِدُخُولِ الْآخَرِ عَلَيْهِ لِلْإِصْلَاحِ كَمَا فِي الْعَرِيَّةِ فَإِنْ أَكْرَى الدَّارَ سِنِينَ وَالثَّمَرَة فِي بَعْضهَا تبع وَفِي تعضها لَيْسَتْ تَبَعًا امْتَنَعَ وَلَوِ اكْتَرَى دُورًا فِي عَقْدٍ اعْتُبِرَتْ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِيَالِهَا فَلَوْ كَانَ الْمَجْمُوعُ تَبَعًا وَفِي الْمَجْمُوعِ مَا هُوَ غَيْرُ تَبَعٍ امْتَنَعَ لِلْخُرُوجِ عَنْ سُنَّةِ الْعَرِيَّةِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي نَظَائِرِهِ مَنِ اكْتَرَى دَارًا فِيهَا شَجَرَةٌ طَابَتْ فَذَلِكَ جَائِزٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ أَوْ لَمْ تَطِبْ جَازَ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ ثُلُثَ الْكِرَاءِ فَأَقل وَأَن يشْتَرط جُمْلَتهَا نفيا للغرر وَأَنْ يَكُونَ طِيبُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ حَتَّى لَا تكون مستغلة وَأَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ بِاشْتِرَاطِهَا رَفْعُ الضَّرَرِ فِي التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الزَّرْعِ الْقَلِيلِ إِذَا لَمْ يَطِبْ وَلَمْ يَبْلُغِ الثُّلُثَ لِقِلَّةِ الضَّرَرِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَكْرَى دَارًا سَنَةً وَاشْتَرَطَ نَخْلَةً دُونَ الثُّلُث قَالَ يحيى ابْن عُمَرَ إِذَا انْهَدَمَتْ فِي نِصْفِ السَّنَةِ وَقَدْ طَابَتِ الثَّمَرَةُ وَقِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ مِنْ قِيمَةِ مَا سكن الثُّلُث أدنى فَهِيَ لَهُ أَوْ أَكْثَرُ فَلِرَبِّ الدَّارِ وَفَسَدَ فِيهَا البيع وَإِن وجدهَا رُطَبًا رَدَّ قِيمَتَهَا أَوْ تَمْرًا رَدَّ مِثْلَهَا وَإِنِ انْهَدَمَتْ قَبْلَ الطِّيبِ فَلِرَبِّهَا كَانَتْ تَبَعًا أَمْ لَا تَبَعًا لِلدَّارِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرُدُّهَا بحصتها وَإِن طَالَتْ تَبَعًا لِلدَّارِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوِ اسْتَحَقَّتِ الدَّارُ مَوْضِعَ الشَّجَرَةِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رَجَعَتِ الثَّمَرَةُ لِلْمُكْتَرِي طَابَتْ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنَ الثَّمَنِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ التَّرْمِيمِ مِنَ الْكِرَاءِ وَيَمْتَنِعُ مَا زَادَ عَلَى الْكِرَاءِ مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّهُ شَرْطُ سَلَفٍ فِي الْإِجَارَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ كَنْسِ الْمِرْحَاضِ وَالتُّرَابِ وَغَيْرِهِمَا فِيمَا يكون بعد العقد لِأَنَّهُ أَمر مَعْرُوف وأماما هُوَ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا لِعَدَمِ الْعَادَةِ فِيهِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ كَنْسُ الْمِرْحَاضِ وَإِصْلَاحُ الْوَاهِي حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَإِنِ اخْتَلَفْتُمَا فِي قُدُورِ الْحَمَّامِ فَلَكَ كَالْبُنْيَانِ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ إِصْلَاحَ الْبُيُوتِ كُلَّمَا احْتَاجَتْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ اشْتِرَاطُ كَنْسِ الْمَرَاحِيضِ عَلَى الْمَالِكِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ: فَكَيْفَ يَحْتَاجُ لِلشَّرْطِ؟ قِيلَ: ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ هَلْ يَكُونُ عَلَى الْمَالِكِ لِلتَّمْكِينِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ عَلَى السَّاكِنِ لِأَنَّهُ أَحْدَثَهُ وَقِيلَ: لَيْسَ بِخِلَافٍ بَلِ الشَّرْطُ فِيمَا حَدَثَ بعد العقد لِأَنَّهُ على السَّاكِن الَّذِي عَلَيْهِ: مَا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ قَالَ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْحَادِثَ عَلَى السَّاكِنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفٌ كَمَا فِي الْفَنَادِقِ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ إِصْلَاحُ الْوَاهِي مَعْنَاهُ: لَا يُجْبَرُ بَلْ إِنْ أَصْلَحَ وَإِلَّا فَسَخَ وَقِيلَ: يُجْبَرُ تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَقَالَ: سَحْنُونٌ: يُجْبَرُ عَلَى الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ (ش) وَ (ح) وَقَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُنَاسَةُ الدَّارِ وَالْمِرْحَاضِ عَلَى السَّاكِنِ إِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ يُحْمَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْأَئِمَّةُ.
فرع:
فِي الْكتاب: إِذا أكرى بَيْتًا شَهْرًا عَلَى أَنَّهُ إِنْ سَكَنَ يَوْمًا لَزِمَهُ الْكِرَاءُ جَازَ إِنْ كَانَ يَسْكُنُ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى فِي رَأْسِ الْهِلَالِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَلَهُ كِرَاؤُهُ كَامِلًا لِأَنَّهُ شهر فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَيْتَ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا: فَلَهُ إِخْرَاجُكَ مَتَى شَاءَ وَيَلْزَمُكَ فِيمَا سَكَنْتَ حِصَّتُهُ مِنَ الْكِرَاءِ وَكِرَاءُ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا لَيْسَ لِأَحَدِكُمَا الْفَسْخُ إِلَّا بِرِضَا الْآخَرِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ اتِّفَاقًا: هَذِهِ السَّنَةُ أَوْ سَنَةُ كَذَا وَيُسَمِّي عَدَدًا أَوْ إِلَى شَهْرِ كَذَا أَوْ بَعْدَهُ فِي شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ وَضَابِطُ الْجَمِيعِ: التَّعْيِينُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَاخْتُلِفَ فِي ثَلَاثٍ أَكْرِي مِنْكَ سَنَةً بِدِرْهَمٍ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ عَلَى أَنَّهَا مِثْلُ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: لَهُ إِخْرَاجُكَ مَتَى شَاءَ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَكُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَقِيلَ: يَلْزَمُ لِلسَّنَةِ الْأُولَى خِلَافُ مَا فِي الْكِتَابِ وَأَكْرَيْتُكَ السَّنَةَ بِدِرْهَمٍ قِيلَ: مَذْهَبُ الْكِتَابِ هُوَ مِثْلُ: كُلَّ سَنَةٍ بِدِرْهَمٍ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ وَقِيلَ: أَوَّلَ السَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا لَا يلْزم مِنْهُ شَيْء لِأَنَّهُ لم يُلزم شَيْئا إِلَّا يَنْقُدُ كِرَاءَ شَهْرٍ فَيَلْزَمُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَلْزَمُهُ شَهْرٌ وَمَا زَادَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّرْكُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَدَمَ التَّرْكِ أَوْ يَنْقُدَ جُمْلَةَ الْكِرَاءِ فَيَلْزَمُ جُمْلَةَ الْمَدَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا قَالَ: أَوَّلَ شَهْرٍ: أَجَرْتُكَ هَذَا الشَّهْرَ: لَا يُزَادُ عَلَيْهِ إِنْ نَقَصَ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لِتَعْيِينِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ أَوْ فِي وَسَطِهِ: تَكْمِلُهُ ثَلَاثِينَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ: إِذَا تَعَارَضَتِ الْإِشَارَةُ وَالْعَادَةُ قُدمت الْعَادَةُ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَكَذَلِكَ السّنة وَهُوَ وَقَول ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ فِي إِلْغَاءِ بَعْضِ الْيَوْمِ فِي الْعَدَدِ وَالْأَيْمَانِ وَيَتَخَرَّجُ الْكِرَاءُ عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْكِرَاءِ دُونَ إِيجَابِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ نَحْوِ: أَكْرِي مِنْكَ هَذَا الشَّهْرَ بِكَذَا أَوِ السَّنَةَ بِكَذَا أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مَتَى شَاءَ وَقِيلَ: يَلْزَمُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ مَالِكٍ: يَلْزَمُ الشَّهْرُ الَّذِي سَكَنَ بَعْضَهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالُ فِي السَّنَةِ قُلْتُ: انْظُرْ كَيْفَ سَوَّى بَيْنَ: هَذَا الشَّهْرِ وَبَيْنَ كُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا مَعَ أَنَّ هَذَا الشَّهْرَ مُقْتَضَاهُ: إِيجَابُ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَزِمَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَقَالَ (ح): يَنْفَسِخُ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنَ الْمَيِّتِ وَانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ لِلْوَرَثَةِ وَهُمْ لَمْ يُؤَجِّرُوا وَقِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْوَارِثَ مَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ إِلَّا مَا لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِ الْمَوْرُوثِ وَهَذِهِ الْمَنَافِعُ انْتَقَلَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ لَوْ بَقِيَ بَعْدَ الْمَوْت أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لَعَظُمَ الضَّرَرُ بِالِامْتِنَاعِ مِنَ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ مُجَرَّدَةً وَلَوْ لَمْ يَبْقَ لِلْوَارِثِ حَقٌّ الْبَتَّةَ إِلَى أَبَدِ الدَّهْرِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ كَمَا فِي وَقْفِ الدَّارِ أَمَدَ الدَّهْرِ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ قَالَ: لِلْوَارِثِ بَيْعُهَا لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلرَّقَبَةِ وَلَكَ سُكْنَاكَ عَمَلًا بِمُوجَبِ الْعَقْدِ وَإِنْ مَاتَ فَالْكِرَاءُ فِي التَّرِكَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا مَاتَ الْمُكْرِي لَمْ يَحِلَّ الْكِرَاءُ بِخِلَافِ الْمُكْتَرِي لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ بِالْمَوْتِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكتاب: إِذا اكتريت سِنِين وَلنْ تُسم مَتَّى تَسْكُنُ: سَكَنْتَ مَتَى شِئْتَ مَا لَمْ يَضُرَّ رَبَّ الدَّارِ وَقَالَهُ أَحْمَدُ قِيَاسًا عَلَى: بِعْتُكَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي وَصِيعَانًا مِنْ صُبرتي مَعْدُودَة وَقَالَ (ش) وَ (ح): يَحْمِلُ مَا يَلِي الْعَقْدَ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَقَوْلِهِمَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَيْتَهَا سَنَةً بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ حَسَبْتَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَكَمَّلْتَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْعَدَدِ وَصَوْمِ النَّذْرِ وَالْأَيْمَانِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ح): إِنِ اسْتَأْجَرَ أَوَّلَ الشَّهْرِ حَسَبَ الْجَمِيعِ بِالْأَهِلَّةِ أَوْ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ حَسَبْتَ ثَلَاثِمِائَةً وَسِتِّينَ يَوْمًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُكَمِّلُ ثَلَاثِينَ فَيَكُونُ الثَّانِي نَاقِصًا فَيُكَمَّلُ فَيَلْزَمُ تَكْمِيلُ الْجَمِيعِ وَجَوَابُهُ: قَوْله تَعَالَى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} فَنَصُّ الشَّرْعِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْأَهِلَّةُ أَجْمَعْنَا عَلَى مُخَالَفَةِ النَّصِّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ النَّقْصِ فِيمَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى النَّصِّ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَيْتَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَمَنَعَكَ من السُّكْنَى سنة فَخَاصَمته يقْضى لَك بِسنتَيْنِ وَعَلَيْكَ أُجْرَتُهُمَا فَقَطْ كَالْعَبْدِ يَمْرَضُ أَوْ يَأْبَقُ فَلَوْ بَقِيَ فِي بَعْضِهَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا وَأَنْتَ فِي بَعْضِهَا لَزِمَكَ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا سَكَنْتَ وَقَالَهُ (ح) لِأَنَّ هَذِهِ فِي حكم الْعُقُود المنفرقة يَتَجَدَّدُ الْعَقْدُ عِنْدَ تَجَدُّدِ الْمَنَافِعِ وَقَالَ (ش): فَوَاتُ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ يُوجِبُ الْفَسْخَ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ لِلصَّفْقَةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: يَنْبَغِي إِذَا غَابَ رَبُّ الدَّارِ وَمَنَعَكَ مِنْ قَبْضِهَا لَكَ تغريمك كِرَاء مثل الدَّار تِلْكَ السّنة الَّتِي حسبها لِوُجُوبِهَا لَكَ بِالْعَقْدِ فَهُوَ كَالتَّعَدِّي عَلَيْهَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكتاب: لَك كِرَاء الدَّار والحانوت والحانوت من مثلك إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَضَرَّ بِالْبُنْيَانِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَقَالَ (ح): لَا تَجُوزُ إِجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إِلَّا بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ وَتَمْتَنِعُ بِأَكْثَرَ لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضمن وَالْمَنْفَعَةُ لَيْسَتْ فِي ضَمَانِهِ وَجَوَابُهُ: الْقِيَاسُ عَلَى بَيْعِ الْعُرُوضِ قَبْلَ قَبْضِهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اكْتَرَيْتَ دَارًا سَنَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فَعَجَّلْتَ دِينَارًا وَسَكَنْتَ شَهْرًا فَطَلَبَ كِرَاءَهُ وَتَأْخِيرَ الدِّينَارِ إِلَى آخِرِ السَّنَةِ وَطَلَبْتَ تَعْجِيلَهُ: قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَسَّطُ عَلَى شُهُورِ السَّنَةِ عَدْلًا بَيْنَكُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَدْتَ أَكْثَرَ وَلَوْ شَرَطَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ اختلفتُما بَعْدَ حُلُولِهَا فَهِيَ لِمَا سَكَنْتَ وَلَوْ شَرَطَ أَرْبَعَةً أَوَّلَ السّنة وَأَرْبَعَة بعد أَرْبَعَة أشهر فتقدته الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ اخْتَلَفْتُمَا: قُسِّمَتِ الْأُولَى عَلَى السَّنَةِ ثُمَّ يَتِمُّ مِنَ الثَّانِيَةِ كِرَاءُ الأَرْبَعَةِ أَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ إِلَّا ثُلُثًا وَيَبْقَى دِينَارٌ وَثُلُثٌ يُقَسَّمُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَشْهُرِ الْبَاقِيَةِ فَيَقَعُ لِكُلِّ شَهْرٍ سُدُسٌ مَعَ ثُلُثٍ مُتَقَدِّمٍ فَذَلِكَ نِصْفٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَيُؤَدِّي فِي كُلِّ شَهْرٍ نِصْفَ دِينَارٍ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: مَنْ أَكْرَى دَارًا فَلَهُ وَضْعُ مَا شَاءَ فِيهَا مِنَ أَكْرَى دَارًا فَلَهُ وَضْعُ مَا شَاءَ فِيهَا مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَرْحِيَةِ وَغَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا عَلَى الدَّارِ وَلَهُ كِرَاؤُهَا لِمِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَنْفَعَتَهَا فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا ويُملكها لِغَيْرِهِ كَالْمَبِيعِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ ابْن يُونُس: إِن اشْترط ان لَا يَسْكُنَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَتَزَوَّجَ فَلَهُ مَنْعُهُ إِنْ أَضَرَّ وَإِلَّا فَلَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الشَّرْطِ وَبَين أَن يشْتَرط عَلَيْهِ فِي البيع أَن لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَمْلِكَهَا عَدُوُّهُ فَهُوَ مُنَاقِضٌ لِلْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَهَاهُنَا قَدْ تَضْعُفُ الْبِنْيَةُ أَوِ الْخَشَبُ عَنِ الْكَثْرَةِ وَإِنْ أَكْرَيْتَ مِنْهُ فَإِذَا هُوَ حَدَّادٌ فَكَرِهْتَ ذَلِكَ لَيْلًا يُقَذِّرَ الْحَانُوتُ فَلَكَ مَنْعُهُ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْبُنْيَانِ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ ابْنُ الْقسم إِذا أكراها فَسَكَنَ شَهْرًا ثُمَّ انْهَدَمَتْ فَبَنَاهَا بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِرَاءِ ثُمَّ قَدِمَ صَاحِبُهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَلَهُ كِرَاءُ مَا سَكَنَ قَبْلَ الْهَدْمِ وَكِرَاءُ العصة بعد الْهدم ويتقض الْمُكْتَرِي بِنَاءَهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا إِذَا بَنَاهَا بِنَقْضٍ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَلَوْ بَنَاهَا عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا: خُيّر بَيْنَ الرِّضَا وَيُعْطِيهِ مَا أَنْفَقَ وَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْكِرَاءِ عَلَى أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ وَبَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَتَهُ منقوضاً بعد انْقِضَاء الْكِرَاء وَيكون لَهُ قِيمَةُ الْقَاعَةِ وَإِنْ بَنَاهَا بِنَقْضِهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُ قِيمَةِ كِرَائِهَا قَدِيمَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ الْبِنَاءَ وَلَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ النَّقْضِ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْكِرَاءَ لَمَّا كَانَ مُتَوَقِّفًا عَلَى هَذَا التَّلْفِيقِ كَانَ كَالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ زَادَ فِي الدَّارِ بِنَاءً مِنْ غَيْرِ هدم يُغير إِذْنِ رَبِّهَا: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كِرَاءُ مَا زَادَ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ إِيَّاهُ فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ خُير رَبُّهَا بَيْنَ إِعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا أَوْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ فَإِنْ بَنَاهُ بِإِذْنِهِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِقِيمَتِهِ قَائِمًا لِأَجْلِ الْإِذْنِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبِنَاءِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْأَجَلِ: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ: لَهُ الْإِقَامَةُ حَتَّى يُعْطِيَهُ ذَلِكَ فَإِنْ بَنَى فِي إِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ بِإِذْنِهِ: فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِ الدَّارِ عَلَى حَالِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ ذَلِكَ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ظَهَرَ مِنَ الْمُكْتَرِي دَعَارَةٌ وَشُرْبُ خَمْرٍ: لَمْ يُنْقَضِ الْكِرَاءُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَيَمْنَعُهُ الْإِمَامُ لِنَفْيِ الضَّرَرِ وَإِنْ رَأَى إِخْرَاجَهُ وَكَرَاهَا عَلَيْهِ فَعَلَ قَالَ ابْنُ يُونُس: وَقَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي دَارِ نَفْسِهِ يُعَاقِبُهُ الْإِمَامُ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ بَاعَهَا عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَرَى إِخْرَاجَهُ إِنْ لَمْ يَنْتَهِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ حَتَّى خَرَجَ الشَّهْرُ الَّذِي اكْتَرَاهُ لَمْ يَسْقُطِ الْكِرَاءُ عَنْهُ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: اثْنَانِ اكْتَرَيَا حَانُوتًا أَوْ بَيْتًا فَتَنَازَعَا أَيُّهُمَا يَكُونُ فِي مقدمه وَلم يبين ذَلِك فِي الْكِرَاء: قسم بيعهَا إِنِ انْقَسَمَ وَإِلَّا أَكْرَى عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ ضَرَرٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَرَى إِنْ كَانَا حَائِكًا وَخَيَّاطًا وَالْعَادَةُ: أَنَّ الْحَائِكَ دَاخِلَهُ وَالْخَيَّاطَ خَارِجَهُ قُضِيَ بِذَلِكَ.
فَرْعٌ:
فِي النَّوَادِرِ: اسْتَأْجَرَهُ لِيَأْتِيَهُ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ مِنْ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ فَخَالَفَهُ الْعَبْدُ فِي الطَّرِيقِ لِسَيِّدِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْبَلَدَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ الْأُجْرَةُ وَيُرْسِلَهُ فِي مِثْلِ مَا مَضَى فِيهِ مِنَ الطَّرِيقِ وَلَوْ وَجَدَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فِي مِثْلِ مَا بَقِيَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عِقْدٌ لَازِمٌ وَوَظِيفُةُ سَعْيِّ الطَّرِيقِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا دَفَعَ الصَّانِعُ لِصَانِعٍ آخَرَ: فَلَكَ أَخْذُ سِلْعَتِكَ بِغَيْرِ أَجْرِ الثَّانِي لِأَنَّكَ إِنَّمَا عَامَلْتَ الْأَوَّلَ وَيُتَّبَعُ الْأَوَّلُ وَيَتَّبِعُ الثَّانِي الْأَوَّلَ بِأَجْرِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: إِذَا سَكَنَ بَعْضَ السَّنَةِ فَقَالَ لَهُ: اتْرُكْ لِي بَقِيَّتَهَا وَأُعَوِّضُكَ سُكنى مَكَانَهَا: يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَخْتَلِفُ فِي الْأَوْقَاتِ.
فرع:
اعْتَزَلَ أَبُو يُوسُفَ حَلَقَةَ أَبِي حَنِيفَةَ لِإِقْرَاءِ النَّاسِ فَكَرِهَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبعث إِلَيْهِ رجلا قَالَ لَهُ: قُلْ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي قَصَّارٍ جَحَدَ الثَّوْبَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَى قِصَارَتِهِ ثُمَّ اعْتَرَفَ وَدَفَعَهُ مَقْصُورًا هَلْ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا؟ فَإِن قَالَ لَكَ: يَسْتَحِقُّ فَقُلْ: أَخْطَأْتَ وَإِنْ قَالَ لَكَ: لَا يَسْتَحِقُّ فَقُلْ لَهُ: أَخْطَأْتَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ: يسْتَحق فقله لَهُ: أَخْطَأْتَ فَسَكَتَ سَاعَةً وَقَالَ لَا يَسْتَحِقُّ فَقَالَ لَهُ: أَخْطَأْتَ فَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى أبي حنيفَة فَقَالَ لَهُ: لَعَلَّك جائتك مَسْأَلَةُ الْقَصَّارِ فَقَالَ لَهُ: نَعَم: فَقَالَ لَهُ: يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفْصِلَ فَتَقُولَ: إِنْ قَصَّرَهُ بَعْدَ الْجَحْدِ لَا يَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ قَصَّرَ لِنَفْسِهِ أَوْ قَبْلَ الْجَحَدِ اسْتَحَقَّ لِأَنَّهُ قَصَّرَ لِرَبِّهِ وَقَالَهُ (ش) وَمُقْتَضَى أُصُولِنَا: أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْغَاصِبَ عِنْدَنَا إِذَا صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ فَعَلَ مَا يَزِيدُ الْعَيْنَ خُير رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّوْبِ وَيُعْطَى قِيمَةَ مَا زَادَ مِنَ الصَّنْعَةِ وَهَاهُنَا الصَّنْعَةُ مَأْذُونٌ فِيهَا بِالْعَقْدِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ قَالَ: إِذَا أَخْطَأَ الدَّلِيلُ الطَّرِيقَ: لَهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ عَلَيْهِ اجْتِهَادَهُ وَقَدِ اجْتَهَدَ إِنْ كَانَ عَالِمًا وَإِلَّا فَلَا أَجْرَ لَهُ لِتَغْرِيرِهِ بِغَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ:
غَرِيبٌ: إِذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ فَحَفَرَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ اسْتَحَقَّ ثَمَنَ الْأُجْرَةِ وَيَظْهَرُ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْفِقْهَ وَالْحِسَابَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ نِصْفُ الْعَشَرَةِ وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَمَلِ صُنْدُوقٍ عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ فَعَمِلَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ اسْتَحَقَّ رُبُعَ الْأُجْرَةِ وَفِقْهُ الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَنَّ الْبِئْرَ كُلَّ مَا نَزَلَ فِيهِ ذِرَاعًا فَقَدَ شَالَ مِنَ التُّرَابِ بِسَاطًا مِسَاحَتُهُ عَشَرَةٌ فِي عَشْرَةٍ وَذَلِكَ مِائَةٌ فَكُلُّ ذِرَاعٍ يَنْزِلُهُ فِي الْبِئْرِ حِينَئِذٍ مِائَةٌ وَالْأَذْرُعُ عَشَرَةٌ وَعَشَرَةٌ فِي مِائَةٍ بِأَلْفِ ذِرَاعٍ فَالْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ أَلْفُ ذِرَاعٍ فَلَمَّا حفر خَمْسَةٍ شَالَ فِي الذِّرَاعِ الْأَوَّلِ بِسَاطَ تُرَابٍ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَكُلُّ ذِرَاعٍ مِنْ هَذَا الْمَعْمُولِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْأَذْرُعُ الْمَعْمُولَةُ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْمَعْمُولِ ذَلِكَ وَنِسْبَتُهُ إِلَى أَلْفٍ نِسْبَةَ الثَّمَنِ فَيَسْتَحِقُّ ثَمَنَ الْأُجْرَةِ وَأَمَّا الصُّنْدُوقُ: فَلَيْسَ يُنْقَرُ وَإِلَّا اسْتَوَتِ الْمَسْأَلَتَانِ بَلِ أَلْوَاحٌ يُلَفِّقُهَا فَهُوَ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى سِتَّةِ أَلْوَاحٍ كُلٌّ مِنْهَا عَشَرَةٌ وَذَلِكَ دَائِرُهُ أَرْبَعَةٌ وَقَعْرُهُ وَغِطَاؤُهُ اثْنَانِ فَكُلُّ لَوْحٍ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ مِائَةٌ فَالْأَلْوَاحُ سِتُّمِائَةٍ عَمِلَ سِتَّةَ أَلْوَاحٍ كُلُّ لَوْحٍ خَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَجَمِيعُهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ رُبُعُ السِّتِّمِائَةِ فَاسْتَحَقَّ الرُّبْعَ مِنَ الْأُجْرَةِ وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ مِنْ أَنْوَاعِ مَا يُلْقَى فِي الْمُطَارَحَاتِ عَلَى الْفُقَهَاءِ وَكَمْ يَخْفَى عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالْحُكَّامِ الْحَقُّ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ بِسَبَبِ الْجَهْلِ بِالْحِسَابِ والطب والهندسة فَيَنْبَغِي لِذَوي الْهم الْعَلِيَّةِ أَنْ لَا يَتْرُكُوا الِاطِّلَاعَ عَلَى الْعُلُومِ مَا أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ:
فَلَمْ أرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ عَيْبًا ** كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ