فصل: الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْكِتَابِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْكِتَابِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ:

وَالْخِيَارُ يَتَنَوَّعُ إِلَى خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ النَّقِيصَةِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:

.النَّوْعُ الْأَوَّلُ: خِيَارُ الْمَجْلِسِ:

وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ اللُّزُومُ لِأَنَّ الْعُقُودَ أَسْبَابٌ لِتَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَصْلُ تَرْتِيبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ عِنْدَنَا بَاطِلٌ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ تَفَرَّقَا أَمْ لَا وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَل بعد اللُّزُوم وَخيَار الْمجْلس مَتى يَتَفَرَّقَا أَوْ يَخْتَارَا الْإِمْضَاءَ وَحَكَاهُ أَبُو الطَّاهِرِ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ وَالصَّرْفُ وَالسَّلَمُ وَالصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الْحَقِّ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَعَلَى جِنْسِ الْحَقِّ حَطِيطَةٌ لَا بَيْعٌ وَالْقِسْمَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُتَعَاقِدَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ وَعَنْهُ عَشَرَةُ أَجْوِبَةٍ:
الْأَوَّلُ:
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يُحْمَلُ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى الْمُتَشَاغِلَيْنِ بِالْبَيْعِ فَإِنَّ بَابَ الْمُفَاعَلَةِ شَأْنُهَا اتِّحَادُ الزَّمَانِ كَالْمُضَارَبَةِ وَنَحْوِهَا وَيَكُونُ الِافْتِرَاقُ بِالْأَقْوَالِ فَكَمَا أَنَّ الْمُتَضَارِبَيْنِ يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا حَالَةَ الْمُبَاشَرَةِ اللَّفْظ حَقِيقَة فكذالك الْمُتَبَايِعَانِ وَيَكُونُ الِافْتِرَاقُ مَجَازًا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنَ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ لِي عِلِّيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ وَصْفُ الْمُفَاعَلَةِ هُوَ عِلِّيَّةُ الْخِيَارِ فَإِذَا انْقَضَتْ بَطَلَ الْخِيَارُ لِبُطْلَانِ سَبَبِهِ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ.
الثَّانِي:
أَنَّ أَحَدَ الْمَجَازَيْنِ لَازِمٌ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّا إِنْ حَمَلْنَا الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى حِلَّةِ الْمُبَايَعَةِ كَانَ حَقِيقَةً وَيكون الْمجَازِي الِافْتِرَاقَ فَإِنَّ أَصْلَهُ فِي الْأَجْسَامِ نَحْوَ افْتِرَاقِ الْخَشَبَة وَفَوق الْبَحْرِ وَيُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي الْأَقْوَالِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سعته} وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي الْحَدِيثَ أَيْ بِالْأَقْوَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ وَإِنَّ حَمَلْنَا الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ كَانَ مَجَازًا كَتَسْمِيَةِ الْخُبْزِ بُرًّا وَالْإِنْسَانِ نُطْفَةً ثُمَّ فِي هَذَا الْمَقَامِ يُمْكِنُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ وَنَقُولُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مُحْتَمَلًا يَسْقُطُ بِهِ الِاسْتِدْلَالُ وَلَنَا تَرَجُّحُ الْمجَاز الأول بِكَوْنِهِ مَقْصُودا بِالْقِيَاسِ وَالْقَوَاعِدِ.
الثَّالِثُ:
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ فِي أَبِي دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيِّ الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَفْقَةَ الْخِيَارِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ فَلَوْ كَانَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ مَشْرُوعًا لَمْ يَحْتَجِ الْإِقَالَةَ.
الرَّابِعُ:
الْمُعَارَضَةُ لنَهْيه عَلَيْهِ السَّلَام عَن يَبِيع الْغَرَرِ وَهَذَا مِنَ الْغَرَرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَدْرِي مَا يَحْصُلُ لَهُ هَلِ الثَّمَنُ أَمِ الْمُثَمَّنُ.
الْخَامِسُ:
قَوْله تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ الْمُنَافِي لِلْخِيَارِ.
السَّادِسُ:
لَوْ صَحَّ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لَتَعَذَّرَ تَوَلِّي طَرَفَيِ الْعَقْدِ كَشِرَاءِ الْأَب لإبنه الصَّغِير وَالْوَصِيّ وَالْحَاكِم لاكن ذَلِك مُجْتَمع عَلَيْهِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ تَرْكَ الْعَمَلِ بِالدَّلِيلِ عَلَى قَوْلِنَا لَا يلْزم وكذالك يَلْزَمُ فِيمَا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ كالهرايس والكناسل.
السَّابِعُ:
خِيَارٌ مَجْهُولُ الْعَاقِبَةِ فَيُبْطِلُ الْخِيَارُ الشَّرْطَ.
الثَّامِنُ:
عَقْدٌ وَقَعَ الرِّضَا بِهِ فَبَطَلَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِيهِ كَمَا بَعُدَ الْإِمْضَاءُ.
التَّاسِعُ:
قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْنِي فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ بِعْتُكَ لَهُ الْخِيَارُ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ وَهَذِهِ صُورَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا الْحَنَفِيَّةُ فَلَا بُدَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَهُمْ اشْتَرَيْتُ وَإِنْ كَانَ اسْتِدْعَاءً لِلْبَيْعِ وَحَمَلُوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبُخَارِيِّ أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ أَيْ اخْتَرِ الرُّجُوعَ على الْإِيجَاب أو الاسترعاء وَنَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى اخْتِيَارِ شَرْطِ الْخِيَارِ فَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا فَلَا خِيَارَ أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ فَلَا تَنْفَع الْفرْقَة وَلذَلِك لم يرَوا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ.
الْعَاشِرُ:
عَمَلُ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ فَإِنْ تَكَرَّرَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمْ مَعَ الْأَنْفَاسِ فَعَدَمُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ يَدُلُّ على مَشْرُوعِيَّة دَلَالَةً قَاطِعَةً وَالْقَطْعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الظَّنِّ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوَاعِدَ وَالْقِيَاسَ مَعَنَا كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ تَعَارَضَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس فَلَمَّا كَانَ شَأْن الجنفية تَقْدِيم الْقيَاس قدموه هَا هُنَا وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ مَالِكٍ فِي تَقْدِيمِ الْقِيَاسِ على خبر الْوَاحِد فَنقل عبد الْوَهَّاب عِنْد تَقْدِيمَهُ وَنَقَلَ عَنْهُ غَيْرُهُ عَدَمَ تَقْدِيمِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ طَرَدَ أَصْلَهُ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلَى الثَّانِي يكون الْقيَاس هَا هُنَا مَعْضُودًا بِعَمَلِ الْمَدِينَةِ وَبِهَذِهِ الْمَبَاحِثِ يَظْهَرُ لَكَ نَفْيُ التَّشْنِيعِ عَلَيْهِ فِي كَوْنِهِ رَوَى خَبَرًا صَحِيحًا وَمَا عَمِلَ بِهِ فَمَا مِنْ عَالِمٍ إِلَّا وَتَرَكَ جُمْلَةً مِنْ أَدِلَّةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ عِنْدَهُ وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

.النَّوْعُ الثَّانِي: خِيَارُ الشَّرْطِ:

وَيَتَمَهَّدُ بِالنَّظَرِ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَمَا يَقْطَعُهُ وَمَا يَحْدُثُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مِنْ عِلَّةٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ نَحْوِهَا.

.النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الْخِيَارِ:

وَأَصْلُهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ لِقَوْلِهِ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ سُؤَالٌ إِذَا بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ أَوْ أَحَدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِالْآخَرِ كَيْفَ يُمْكِنُ كَيْفَ يَكُونُ الْقَوْلُ بِمَشْرُوعِيَّةِ خِيَارِ الشَّرْطِ أَوِ الْمَجْلِسِ إِنْ قِيلَ بِهِ وَالْخِيَارُ إِنَّمَا شُرِعَ لِتَبْيِينِ الْأَفْضَلِ فَيُؤْخَذُ أَوِ الْمَفْضُولِ فَيُتْرَكُ وَالْعَاقِبَةُ فِي الْمُعَاوضَة وَالْكل مُنْتَفٍ هَا هُنَا فَقَطَعْنَا بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ نَقْطَعَ بِانْتِفَاءِ الْمَعْلُولِ وَفِي الْكِتَابِ بَيْعُ الْخِيَارِ جَائِزٌ فِي الثَّوْبِ نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ وَفِي الْجَارِيَةِ نَحْوَ الْجُمُعَةِ لاختيارها وَالدَّابَّةِ نَحْوَ الْيَوْمِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ سَيْرِ الْبَرِيدِ وَنَحْوِهِ لِلِاخْتِبَارِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْبَرِيدَيْنِ وَفِي الدَّارِ نَحْوَ الشَّهْرِ وَيُمْنَعُ الْبَعِيدُ مِنْ أَجْلِ الْخِيَارِ لِلْغَرَرِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَكُونُ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَقَدْ يَزِيدُ فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِ الضَّمَانِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ وَرُوِيَ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَوْلُ ابْن الْقَاسِم الْبَرِيد وَقَول أَشهب الْبَرِيد ان قبل للذهاب وَالرُّجُوع يحْتَمل التَّوْفِيق بَين الْقَوْلَيْنِ بِأَن يكون الريدان لِلذَّهَابِ وَلِلرُّجُوعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ فِي الدَّارِ الشَّهْرَانِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ لِسَبْرِ الْحِيطَانِ وَالْأَسَاسَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ سِنِينَ فَبَنَى وَغَرَسَ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَلَيْسَ فَوْتًا وَتَكُونُ فِيهِ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا وَإِنْ بَنَى بَعْدَ أَجَلِ الْخِيَارِ فَهُوَ فَوْتٌ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الدَّارِ يَوْمَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَيْضًا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي يَوْمَ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ الْأَرَضِينَ وَهِيَ مَعَ الدُّورِ سَوَاءٌ يَجُوزُ فِيهَا خِيَارُ الشَّهْرَيْنِ وَلَا وَجه لتفرقة من فَوق وَلَا لِمَنْ قَالَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فِي التَّنْزِيلِ الْكُلُّ سَوَاءٌ فَهَذَا تَحْرِيرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخِيَارَ يُشْتَرَطُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فِي كُلِّ مَبِيعٍ عَلَى حَسَبِهِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَيِّ مُدَّةٍ أَرَادُوا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَمَنَعَهُ الشَّافِعِي وح فِي الزَّائِدِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ وَكَانَ قَدْ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فِي رَأْسِهِ فَكَانَ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَشَكَا أَهْلُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُ فَقَالَ لَا أَصْبِرُ فَقَالَ: «إِذَا بِعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ وَلَكَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةً» وَيَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ حَاجَتَهُ لِلْخِيَارِ شَدِيدَةٌ لِأَنَّهُ كَانَ يُغْبَنُ فَلَوْ جَازَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ لَجَوُّزَهُ لَهُ وَثَانِيهَا التَّحْذِيرُ الشَّرْعِيُّ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ كَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ شَهْرًا غَرَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ وَلَا مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْمُثَمَّنِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمُصَرَّاةِ الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَتْرُوكٌ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَعَلَ لَهُ خِيَارَ الثَّلَاثِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَوْ قَالَ آخُذُهُ أَنَا الْيَوْمَ لَا خِلَابَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارُ شَرْطٍ وَلِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَتَّجِرُ فِي الرَّقِيقِ فَجُعِلَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَحَلَّ النِّزَاعِ فِي الدُّورِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا التَّحْدِيدُ فَيَلْزَمُ إِذَا جَهِلَ مَعْنَاهُ أَمَّا إِذَا عَقِلَ فَلَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَحِيضِينَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعًا وَلَيْسَ حَدًّا إِجْمَاعًا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ عُذْرٌ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ كَخِيَارِ الثَّلَاثِ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ وَهَذَا مُنْضَبِطٌ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُصْلِحَةَ تحصل بِالثلَاثِ لتبيين التَّدْلِيس بِخِلَاف هَا هُنَا ثُمَّ سِرَّ الشَّرِيعَةِ مَعَنَا لِأَنَّا أَجْمَعْنَا أَنَّ مَشْرُوعِيَّةِ الْخِيَارِ إِنَّمَا كَانَتْ لِاسْتِدْرَاكِ الْمَصْلِحَةِ فَوَجَبَ أَنْ يُشَرَّعَ مِنْهُ مَا يُحَصِّلُهَا كَيْفَ كَانَتْ تَحْصِيلًا لِمَقْصُودِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّهُ أَجَلٌّ مِنْ مَقْصُودِ الْعَقْدِ فَلَا يَتَجَرَّدُ كَالْأَجَلِ فِي السِّلَعِ أَوِ الثَّمَنِ تَفْرِيعٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْخِيَارُ يَكُونُ فِي الثّمن هَل فِيهِ عين أم لَا وَلِاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ وَلِتَبْيِينِ الْمَصْلَحَةِ فِي الشِّرَاءِ وَإِنْ عَلِمَهَا فَفِي الْأَوَّلَيْنِ لَهُ قَبَضُ الْمَبِيعِ لإختبار دُونَ الثَّالِثِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ دُونَ الْقَبْضِ فَإِنْ أشكل الْأَمر حمل على الثَّلَاث لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ فَإِنْ أَطْلَقَ الْخِيَارَ حُمِلَ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَمْلُ تَصَرُّفِ الْعُقَلَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ وَقَالَ ش وح يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ نَصَّا عَلَى عَدَمِ التَّقْيِيدِ وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَإِنْ زَادَ يَسِيرًا كَرِهَ أَوْ كَثِيرًا جِدًّا فُسِخَ عِنْدَ مَالِكٍ لِاتِّهَامِهِمَا فِي إِظْهَارِ الْخِيَارِ وَإِبْطَالِ الْبَتِّ لِيَكُونَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِجَعْلٍ وَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا تقدم فِي بُيُوع الْآجَال هَل الْمَنْع لِأَنَّهُ عَادَةٌ فِي التَّعَمُّدِ لِلْفَسَادِ فَيُفْسَخُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَادَةً مَضَى بِالثَّمَنِ وَيَنْبَغِي فِي الثَّوْبِ إِذَا كَانَ يُرِيدُ مَعْرِفَةَ ذَرْعِهِ فَبِالْحَضْرَةِ وَتَجُوزُ الْغَيْبَة للاحياج بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَهْلِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَعَنْ مَالِكٍ شَهْرٌ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يَكْتُمُ عَيْبَهُ إِنْ أَحَبَّ مُشْتَرِيهِ أَو بتكاسل إِن أحب بَائِعه فَيظْهر باطه فِي ذَلِك إِن كَانَ مصري الدَّارِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لِمَنْ يُمْكِنُ مِنْ سكناهَا يُعلمهُ بأحوال الْحَيَوَان وَإِلَّا يكن وَالِارْتِوَاءُ يَكْثُرُ بِكَثْرَتِهِ أَوْ يَقِلُّ بِقِلَّتِهِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَار لإختبار الثّمن وَهِي بعهدة ولاختبار الْمَبِيع وَهِي قربَة نُظِرَ لِأَبْعَدِهِمَا فَإِذَا انْقَضَى الْأَقْرَبُ رُدَّ لِلْبَائِعِ وَبَقِيَ الْخِيَارُ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْعِوَضُ عَنِ الِانْتِفَاعِ فِي الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ تَسَاقَطَ إِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ أَوْ بِكِرَاءٍ وَلم يحله لأجل الاختبار وَإِنْ خَلَاءً أَوْ كِرَاءً لَمْ يَسْقُطْ وَإِنْ كَانَ اختبار الدَّابَّة فِيمَا لَا يسْتَأْجر لَهُ سقط والاقط وَالْعَبْدُ إِنْ كَانَ عَبْدَ خِدْمَةٍ سَقَطَ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا يُسْتَأْجَرُ لِمِثْلِ هَذَا أَوْ عَبْدَ صِنَاعَةٍ يَقْدِرُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ فِيهَا عِنْدَ الْبَائِعِ فعل وَإِلَّا فَفِيهِ أُجْرَة صَنعته إِلَّا ان يعْمل مَالا أجر لَهُ أَوْ عَبْدَ خَرَاجٍ فَبَعَثَهُ الْمُشْتَرِي لِيَكْتَسِبَ لَهُ طَلَعَ عَلَى قَدْرِ كَسْبِهِ فَكَسْبُهُ لِلْبَائِعِ وَإِنْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي امْتَنَعَ لِلْجَهْلِ بِهِ فَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْأَمَدِ فَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ وَالْأُجْرَةُ أَوْ قَبِلَ الِانْتِفَاعَ سَقَطَتِ الْأُجْرَةُ أَو بعد ذهَاب بعض الْأَمر فأجرة الْمَاضِي فقد لِلْبَائِعِ وَأَجَلُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ مِثْلَ أَجَلِهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يضْرب لَهُ أجل الِاخْتِيَار لَعَلَّه بِملكه فَإِن فعل حمل على أَنه استثاؤها جَازَ وَإِلَّا فَلَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَدٌ تغير فِيهِ الْأَسْوَاقُ فَيَمْتَنِعُ الْخِيَارُ إِلَيْهِ.
فرع:
فِي الْكتاب لَا يلبس الثَّوْب للاختبار لعدم توقف الاختبار عَلَيْهِ بِخِلَافِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِن لبس وَنقص فقيمة نَقصه عَلَيْهِ وَقيل لَا شَيْء عَلَيْهِ كلاغلات.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً كَقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ وِلَادَةِ وَلَدِهِ أَوْ إِلَى أَنْ يَنْفُقَ سُوقُ السِّلْعَةِ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ لِتَمَكُّنِ الْغَرَرِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ وَإِنْ شَرَطَ أَكْثَرَ مِمَّا يَجُوزُ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْط لِأَن مُقْتَضى الشَّرْط اختبار الْإِمْضَاء فَهُوَ فِيهِ تخريجا من مَسْأَلَة من أسلم فِي ثفر سَلَمًا فَاسِدًا فَلَمَّا فَسَخَ أَرَادَ أَخْذَ تَمْرٍ بِرَأْس مَاله قبل الْمَنْعُ لِتَتْمِيمِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَقِيلَ يَجُوزُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إِذَا اشْتَرَطَ خِيَارًا بَعْدَ الْغَيْبَة أَو أَََجَلًا مَجْهُولا فسد وان سقط الشَّرْطَ وَقَالَهُ ش وَيُفْسِدُهُ ح مَعَ الْإِسْقَاطِ فِيهِمَا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَجْنَبِيَّةً وَأُخْتَهُ.
فرع:
يمْتَنع اشْتِرَاط النَّقْد فِي بيع الْخِيَار لَيْلًا يَكُونَ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا وَيَجُوزُ بِغَيْرِ شَرْطٍ لِأَنَّ السَّلَفَ بِغَيْرِ شَرْطٍ يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي بِغَيْرِ شَرْطٍ فِي عَلَى الْجَوَارِي لِأَنَّهُ إِذَا قَبِلَ يكون أَخذه فِي دينه جَارِيَة لتواضع للاستبراء فيشتبه الدَّيْنَ فِي الدَّيْنِ وَلَا يُفْسَخُ إِذَا وَقَعَ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَجُوزُ النَّقْدُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَيَمْتَنِعُ مَعَ الشَّرْطِ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ الْخِيَارِ وَعُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَالْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ الْبَعِيدِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ وَيَمْتَنِعُ النَّقْدُ مُطْلَقًا فِي ثَلَاثَةٍ الْخِيَارِ فِي الْمُوَاضَعَةِ وَالْخِيَارِ فِي السِّلْعَةِ الْغَائِبَةِ وَالْخِيَارِ فِي الْكِرَاءِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا جعلا الْخِيَار بعد تَمام العقد لربهما إِذَا كَانَ يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ الْخِيَارُ وَهُوَ بَيْعٌ مُؤْتَنِفٌ وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ هُوَ مِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُبْتَاعَ سَلَّمَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ ثُمَّ جَعَلَ لِلْبَائِعِ فِيهَا الْخِيَارَ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَلَا كَمَنْ بَاعَ بِالْخِيَارِ بِشَرْطِ النَّقْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْجَاهِلُ لِلْخِيَارِ هُوَ الْبَائِعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ الضَّمَانُ مِنَ الْمُشْتَرِي كَانَ الْجَاعِلُ لِلْخِيَارِ هُوَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعُ وَكَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُشْتَرِي إِنْ شِئْتَ بِعْهَا وَلَكَ الْخِيَارُ فَالْمُشْتَرِي بَائِعٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ إِنْ جَعَلَهُ الْبَائِعُ فَالضَّمَانُ مِنْهُ لِأَنَّهُ خِيَارٌ ألحقهُ بعقده وَإِلَّا فَمِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ تَابِعٌ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ اشْتِرَاطُ الْبَائِعِ رِضَا فُلَانٍ يَجُوزُ وَأَيُّهُمَا رَضِيَ جَازَ لِأَنَّ فُلَانًا وَكَيْلٌ فَاخْتِيَارُ الْبَائِعِ عَزْلٌ وَإِنِ اشْتَرَى لِفُلَانٍ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ فُلَانٌ أَوْ لِنَفْسِهِ عَلَى رِضَا فُلَانٍ أَوْ عَلَى خِيَارِ فُلَانٍ لَيْسَ لَهُ إِجَازَةٌ وَلَا رَدٌّ دُونَ خِيَارِ من اشْترط خِيَاره قَالَ ابْن يُونُس تَبْيِين ان للْبَائِع خلاف من اشْترط خِيَاره هَا هُنَا وَبَينه فِي المُشْتَرِي مُجمل أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي على ظَاهر للفظ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلْبَائِعِ الْمُخَالَفَةُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ فِي صِحَّةِ الْمُخَالَفَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ إِنَّ لِلْبَائِعِ الْمُخَالَفَةَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ فِي الْمُشْتَرِي وَوَجْهُ التَّسْوِيَةِ أَنَّهُ فَرْعٌ عَنْهُمَا فَهُمَا أَوْلَى مِنْهُ وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ ضَعْفُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبُولِ وَمِلْكُ الْبَائِعِ متأصل ووافقنا ح فِي اشْتِرَاط خِيَار الْأَجْنَبِيّ قِيَاسًا عَلَى الْوَكَالَةِ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَخَالَفْنَا الشَّافِعِي وَابْنَ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْخِيَارَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْإِنْسَانُ أَعْلَمُ بِمَصْلَحَتِهِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ رِضَا فُلَانٍ شَرْطًا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عَزْلُهُ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْعَزْلِ أَوِ الْقَبُولِ أَوِ الرَّدِّ جَازَ وَإِنِ اخْتَلَفَا بَقِيَ عَلَى مَا بِيَدِهِ قَالَ وَأَرَى إِذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنَ الْبَائِعِ وَحْدَهُ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي التَّقْيِيدَ فَقَالَ الْبَائِعُ حَتَّى يَخْتَارَ فُلَانٌ أَنَّ لِلْبَائِعِ التَّقْيِيدَ دُونَ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَرَغِبَ الْبَائِعُ فِي بَتِّ الْبَيْعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِيَ حَتَّى يَخْتَارَ فُلَانٌ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْبَيْعَ دُونَ رَدِّهِ قَبْلَ فُلَانٍ وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ دُونَ فُلَانٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الَّذِي عَلَيْهِ الحذاق فِي شُرِطَ رِضَا فُلَانٍ لَهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ رُجُوعٌ وَلَا عَزْلٌ دُونَ صَاحِبِهِ وَإِنْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لَهُ مُخَالَفَةُ فُلَانٍ دُونَ الْآخَرِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُمْ إِنَّ لِمُشْتَرِطِ الْمَشُورَةِ تَرَكَهَا الا تَأْوِيل لِأَبِي إِسْحَاقَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ إِنَّ اشْتِرَاطَ رِضَا فُلَانٍ جَائِزٌ وَعَنِ ابْن الْقَاسِم أَنه مخاطرة وَالْخيَار لأحد المتبائعين رُخْصَةٌ فَلَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا اشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِطِ دون المشرط لَهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْمُشْتَرَطُ لَهُ وَالْخِيَارُ حَقٌّ لَهُمَا فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ إِمْضَاءَ الْمَبِيعِ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعَ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ الَّذِي جَعَلَ البَائِع الْخِيَارَ لَهُ وَإِنْ أَرَادَ الَّذِي جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لَهُ الْإِمْضَاءَ مَضَى وَإِنْ ذَكَرَهُ الْبَائِعُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ الْمُبْتَاعُ الْبَائِعَ عَلَى الرَّدِّ كَذَلِكَ الْمُبْتَاعُ مَعَ مَنِ اشْتَرَطَ خِيَارَهُ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْبَائِعُ أَو الْمُبْتَاع مَعَ من اشْترط وَعَلَى ذَلِكَ تَأَوَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَالتُّونُسِيُّ وَابْنُ لُبَابَةَ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي التَّأْوِيلِ إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْبَائِعُ فَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ يَلْزَمُ الْبَيْعُ الْمُبْتَاعَ بِرِضَا الْبَائِعِ وَيَلْزَمُ بِرِضَا الْمُشْتَرِطِ خِيَارَهُ وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ التُّونُسِيُّ إِنَّ ذَلِكَ كَالْوَكَالَةِ وَاخْتَلَفَ فِيمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ هَلْ هُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ فِي الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ وَقِيلَ لَيْسَ بِخِلَافٍ بَلْ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْمَشُورَةِ أَنَّ لِمُشْتَرِطِهَا تَرْكَهَا إِلَّا مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّهُمَا كَالْخِيَارِ وَأَنَّهُ إِذَا سَبَقَ وَأَشَارَ لَزِمَ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ مُشْتَرِطَ الْمَشُورَةِ اشْتَرَطَ بقوى بِهِ نَظَرُهُ لَا أَنَّهُ طَرَحَ نَظَرَهُ وَمُشْتَرِطُ الْخِيَارِ لِغَيْرِهِ مُعْرِضٌ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لِمُشْتَرِطِ الْمَشُورَةِ الِاسْتِقْلَالُ فِي مُشْتَرِطِ الرِّضَا إِنْ كَانَ بَالِغًا اسْتَقَلَّ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي بَقَاءِ التَّفْرِقَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ رَأْيُ الْأَكْثَرِينَ أَوِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَحَمَلَ افْتِرَاقَ الْأَجْوِبَةِ عَلَى افْتِرَاقِ الْأَسْئِلَةِ وَهُوَ رَأْيُ الشَّيْخِ أَبِيِ مُحَمَّدٍ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَنْظُرُ إِنِ اشْتَرَطَا الرِّضَا جَمِيعًا وَلَهُمَا فِيهِ غَرَضٌ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ لَهُمَا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ وَإِنِ اشْتِرَاطه أَحدهمَا فَلهُ لإستقلال وَقِيلَ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَلَكِنْ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ أَحَدُ الْقَصْدَيْنِ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ الِاسْتِقْلَالُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَقِيلَ هَذَا فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي أَمَّا الْبَائِعُ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ مِلْكِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالِانْتِقَالِ وَهَذَا سَبَبُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْكِتَابِ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَن أبي سعيد بن أَخِي هِشَامٍ إِذَا اشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ رِضَا فُلَانٍ فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ الْبَيْعُ إِلَّا بِرِضَاهُ وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ الْمُخَالَفَةُ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَلَا.
فرع:
قَالَ إِذَا اشْتَرَطَ الْوَكِيلُ خِيَارَ الْمُوَكِّلِ فَضَاعَ الْمَبِيعُ قَالَ مَالِكٌ ضَمَانُهُ مِنَ الْمُوكَّلِ لَهُ لَيْسَ الْوَكِيلُ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْوَكِيلِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَمِنَ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِاشْتِرَاطِ خِيَارِهِ وَلَوْ أَمَرَهُ كَانَ هَلَاكُهُ مِنْهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي اشْتِرَاطُ مَشُورَةِ فُلَانٍ الْقَرِيبِ وَلَهُ مُخَالَفَتُهُ فَإِنْ فَسَدَ الْعَقْدُ كَالْخِيَارِ الطَّوِيلِ وَلَيْسَ لَهُ إِجَازَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ الْمَشُورَةُ كَالْخِيَارِ الطَّوِيلِ لَا يُسْتَعْمَلُ مُشْتَرَطُهَا دُونَ الْمُشْتَرِطِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْخِيَارُ كَالْمَشُورَةِ فِي الِاسْتِقْلَالِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِمُشْتَرِطِ الْمُشَاوَرَةِ تَرْكُهَا إِلَّا أَنْ يَدْخُلَا عَلَى الْتِزَامِهَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يَمْتَنِعُ الْخِيَارُ فِي الصَّرْفِ لِضِيقِهِ بِاشْتِرَاطِ الْمُنَاجَزَةِ عَقِيبَ الْعَقْدِ وَيَجُوزُ فِي السّلم الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةُ لِلْحَاجَةِ لِلسُّؤَالِ وَيَمْتَنِعُ الْبَعِيدُ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَعُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ دُونَ كَثِيرِهِ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَالْعَقْدُ لَيْسَ بِنَاقِلٍ حَتَّى يَتَّصِلَ بِهِ الْإِمْضَاءُ وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي قَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَالْعقد ناقل وَاخْتِيَار الفسح رَدٌّ وَقَالَ ح إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَولهمَا فَلِلْبَائِعِ لِبَقَاءِ عُلْقَتِهِ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي وَيَبْقَى الْمِلْكُ مُعَلَّقًا حَتَّى يَنْقَضِيَ الْخِيَارُ لَنَا الِاسْتِصْحَابُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ إِنَّمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ بِالرِّضَا مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَلَمْ يَحْصُلِ الرِّضَا حَتَّى يَحْصُلَ الْإِمْضَاءُ فَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ وَبِهِ يَظْهَرُ اعْتِمَادُ الْخَصْمِ عَلَى صُورَةِ الْعَقْدِ فَإِنَّا لَا تساعد عَلَى صُورَةٍ لِلْعَقْدِ كَافِيَةٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَوِ انْتَقَلَ لَمَا رَجَعَ الْأَبْعَدُ لِأَنَّهُ السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ وَالرَّدُّ لَيْسَ بِعَقْدٍ وَلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ لِنَقْلِ مِلْكٍ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ فِيهَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَى الصُّبْرَةَ كل فَقير بِدِرْهَمٍ لَيْسَ لَهُ تَرْكُ الْبَعْضِ إِلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ وَالثِّيَابُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ مَنَعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِلْجَهْلِ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَيُشْتَرَطُ فِي الْغَنَمِ وَالثِّيَابِ أَنْ يُعْلَمَ عَدَدُهَا بِخِلَافِ الطَّعَامِ لِأَنَّهَا لَا تبَاع جزَافا واستحقه ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ تَفْصِيلَ الثَّمَنِ مَعْلُومٌ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا اخْتَلَفَا لِمَنِ الْخِيَارُ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَتَحَالَفَانِ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى رَدٍّ أَوْ إِجَازَةٍ فَلَا يَحْلِفَانِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَإِلَّا صُدِّقَ مُرِيدُ الْإِمْضَاءِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَحْلِفُ الْآخَرُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ يُحْكَمُ لَهُ وَهَذَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِتَسَاوِيهِمَا وَعَنْهُ الْبَيْعُ لَازِمٌ وَالْخِيَارُ سَاقِطٌ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ قَالَ أَصْبَغُ وَيَحْلِفَانِ وَلَا أُبَالِي مَنْ بَدَأْتُ بِالْيَمِينِ وَالْأَحْسَنُ التَّبْدِئَةُ بِالْمُبْتَاعِ لِأَنَّهُ آكِدُ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ صُدِّقَ الْحَالِفُ فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْخِيَارِ وَاخْتَلَفَا فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ فَفِي التَّلْقِينِ يُقَدَّمُ الرَّادُّ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْخِيَار وَأما الْإِمْضَاء فَالْعقد كَاف مِنْهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ بِخِيَارِهِ أَوْ خَمْسِينَ مِنْ مِائَةٍ إِنْ كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ ذَكَرَ صِفَتَهَا وَطُولَهَا وَعَرْضَهَا وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْقِيمَةُ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا مَرْوِيَّةً أَوْ هَرَوِيَّةً فَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْأَجْنَاسُ امْتَنَعَ لِلْخَطَرِ حَتَّى يُسَمِّيَ مَا يَخْتَارُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَكَذَلِكَ إِنِ اجْتَمَعَ حَرِيرٌ وَصُوفٌ وَإِبِلٌ وَبَقَرٌ لَمْ يَجُزْ إِلَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَمْتَنِعُ فِي الطَّعَامِ اخْتِيَارُ صُبْرَةٍ مِنْ صُبَرٍ أَوْ نَخْلَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ مِنْ نَخِيلٍ أَوْ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ اتَّفَقَ الْجِنْسُ أَوِ اخْتَلَفَ أَوْ كَذَا وَكَذَا عِزْقًا مِنْ نَخْلَةٍ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ فِي الطَّعَامِ مَعَ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إِنْ كَانَ عَلَى الْكَيْلِ لِأَنَّ الْخِيَار بعد مُنْتَقِلًا عَمَّا تَرَكَهُ وَكَذَلِكَ عَشَرَةُ آصُعٍ مَحْمُولَةٍ بِدِينَارٍ أَوْ تِسْعَةٌ سَمْرَاءُ عَلَى الِالْتِزَامِ وَكَذَلِكَ أَرْبَعُ نَخَلَاتٍ يَخْتَارُهَا وَأُصُولُهَا مِنْ غَيْرِ تَمْرٍ يَجُوزُ كَالْعَرْضِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ يَسْتَثْنِي أَرْبَعَ نَخَلَاتٍ أَوْ خَمْسًا أَجَازَهُ مَالِكٌ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَجَعَلَهُ كَمَنْ بَاعَ غَنَمَهُ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْهَا خَمْسًا وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ إِنْ وَقَعَ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقَى عَلَى الْمِلْكِ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُخْتَارَ لَا يعد منتقلا تجوز مَسْأَلَة المحمولة أَو السمراء أَوْ يَبْطُلُ التَّعْلِيلُ بِالتَّفَاضُلِ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ كَتَّانًا أَوْ صُوفًا فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ إِنْ كَانَ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَأْخُذَ أَيَّ تِلْكَ الْأَصْنَافِ شَاءَ امْتَنَعَ اسْتَوَى الثَّمَنُ أَوِ اخْتَلَفَ وَإِنْ قَالَ آخُذُ عَشَرَةً مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَهَا وَيَتْرُكَ الْجَمِيعَ جَازَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ وَإِنْ كَانَ الْخِيَار للْبَائِع مِنْهُ حَيْثُ يُمْنَعُ الْمُشْتَرِي وَيَجُوزُ حَيْثُ يَجُوزُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ ذَلِكَ الصِّنْفِ أَوْ أَقَلَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا انْعَقَدَ الْبَيْعُ عَلَى أَحَدِ مُثَمَّنَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ وَهُمَا لَا يَجُوزُ تَحْوِيلُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا مَعَ ظُهُورِ التُّهْمَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَّهِمَا جَازَ مِثْلَ أَنْ يَخْتَلِفَ الْمَبِيعَانِ فِيمَا عَدَا الطَّعَامَ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ مَعَ النَّقْدِ أَو التَّسَاوِي فِي الْأَجَل فَإِنْ جَازَ تَحْوِيلُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ امْتَنَعَ إِلَّا على قَول عبد الْعَزِيز ابْن أَبِي سَلَمَةَ وَكَذَلِكَ الصِّنْفُ الْوَاحِدُ إِذَا اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ حَتَّى يَجُوزَ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ فَإِنِ اخْتَلَفَتِ الصِّفَةُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ فَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَا صِنْفًا وَاحِدًا وَتَفَاضَلَا فِي الْجَوْدَةِ جَازَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَامْتنع عِنْد ابْن حبيب وَإِن واستون الصّفة جَازَ اتِّفَاقًا خلاف لِ (ش) و (ح) لِأَنَّ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ كَبِير مِمَّن صَبر.