فصل: الْقِسْمُ الْخَامِسُ مِنَ الْكِتَابِ فِي تَأْجِيلِ الْعَقْدِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَحَلِّ الْجَائِحَةِ:

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ لِلْبَقَاءِ كَالْعِنَبِ وَالْبِطِّيخِ وَالْفُولِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْجُلْبَانِ وَالْبُقُولِ وَالْبَصَلِ وَالْجَوْزِ والقصيل قَالَ اللَّخْمِيّ: بيع الثِّمَار بعد الإزهار فِيهَا الْجَائِحَةُ احْتَاجَتْ إِلَى السَّقْيِ أَمْ لَا لِأَنَّهَا تَتَأَخَّرُ لِتَصِيرَ ثَمَرًا فَفِيهَا حَقُّ تَوْفِيَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبِيعٌ لَمْ يُقبض فَيَكُونُ الضَّمَانُ مِنَ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ تَبْقَ حَالَةٌ يَنْتَقِلُ إِلَيْهَا بل يستكمل جفافها لَيْلًا تفْسد إِن جُذت فَهَل الْجَائِحَة لما بَقِي من البَائِع أَو من المُشْتَرِي لكَمَال العيم الْمَبِيعَةِ؟ خِلَافٌ فَإِنْ تَمَّ الْجَفَافُ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْجِذَاذُ وَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْبَائِعِ وَهِيَ مَحْبُوسَةٌ بِالثَّمَنِ فَخِلَافٌ لِبَقَاءِ الْجِذَاذِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ لِلْحَبْسِ فِي الثَّمَنِ فَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ مِنَ الثَّمَرَةِ أَوْ نَقُولُ: هِيَ كَالرَّهْنِ ضَمَانُهَا مِنَ الْمَالِكِ وَالْعِنَبُ إِنْ أُجِيحَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ عِنَبَتِهِ فَمِنَ الْبَائِعِ وَإِنِ اسْتَكْمَلَ وَكَانَ بَقَاؤُهُ ليَأْخُذ على قدر حَاجته لَيْلًا يَفْسَدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ بَقَاءَهُ لِمِثْلِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَمِنَ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ إِنْ أُصيب قَبْلَ أَنْ يَكْمُلَ زَيْتُهُ فَمِنَ الْبَائِعِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: لَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ طِيبِهِ وَلَيْسَ بِبُطُونٍ وَهُوَ قَبْلَ طِيبِهِ كَالتَّمْرِ قَبْلَ زَهْوِهِ وَإِذَا بَدَتْ حَلَاوَتُهُ فَهُوَ زَمَانُ قَطْعِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ سَحْنُونٌ: هُوَ كَالْبُقُولِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالرَّيْحَانِ تُوضَعُ وَإِنْ قَلَّتْ لِأَنَّهُ بَقْلٌ كَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَقِيلَ: تُوضَعُ إِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ كَالتَّمْرِ قَالَ: وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى السَّقْيِ وَيُجْمَعُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَتَكْمُلُ حَلَاوَتُهُ كَالثِّمَارِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَزِيدُ حَلَاوَةً وَإِنَّمَا يُؤَخَّرُ لِيُجْمَعَ شَيْئًا فَشَيْئًا فَكَالْبُقُولِ وَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهُ لِشَغْلِ الْمُشْتَرِي عَنْهُ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ النُّكَت: الْفَرْقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي: مَا أَزْهَى مِنَ الثِّمَارِ لَا جَائِحَةَ فِيهِ كَانَ تَبَعًا لِلْأَصْلِ أَمْ لَا وَبَيْنَ الْمُكْتَرَى يُشْتَرَطُ ثَمَرَةُ الدَّارِ فِيهَا الْجَائِحَةُ إِنْ كَانَتْ غير تبع للكراء وَقد طابت حِين اعقد: أَنَّ الثَّمَرَةَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنَ الشَّجَرِ فَيَبِيعُهَا بِخِلَافِ الْكِرَاءِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ابْتَاعَ قُطْنِيَّةً خَضْرَاءَ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهَا خَضْرَاءَ تُوضَعُ فِيهَا الْجَائِحَةُ إِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ تَأْخِيرِهَا لِلْيُبْسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَلَوْ فَعَلَ كَانَتْ مِنَ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يقبض وَكَذَلِكَ الثِّمَار و إِن كَانَتِ الْجَائِحَةُ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّ الثُّلُثَ مُخْتَصٌّ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ فِي الْمُزْهِي مِنَ الثِّمَارِ وَبَلَحِهَا لِأَنَّ الْبَلَحَ والبُسر وَنَحْوَهُمَا إِنَّمَا يُجذ شَيْئا فَشَيْئًا لَيْلًا يَفْسَدَ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَى عَرِيَّةً بِخَرْصِهَا: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُوضَعُ الْجَائِحَةُ لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ وَمَنَعَ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَا سقِِي فِيهِ على البَائِع قَالَ: إِذَا تَزَوَّجَتْ بِثَمَرَةٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْمُصِيبَةُ مِنْهَا لِأَنَّهُ بَابُ مُحَاسَنَةٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مِنَ الزَّوْجِ وَلِأَنَّهُ بَائِعٌ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الْجَائِحَةُ فِي وَرَقِ التُّوتِ الَّذِي يُبَاعُ لِيُجْمَعَ أَخْضَرَ لَدُودِ الْحَرِيرِ كَجَائِحَةِ الْبَلَحِ: الثُّلُثُ فَصَاعِدًا وَلَيْسَ كَالْبَقْلِ لِأَنَّهُ مِنَ الشَّجَرِ كَالثِّمَارِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْبَقْلِ تُوضَعُ وَإِنْ قَلَّتْ لِشَبَهِهِ بِالْبَقْلِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى حِينَ الزَّهْوِ وَأُجِيحَ بَعْدَ إِمْكَانِ الْجِذَاذِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ لِانْتِفَاءِ جَائِحَةِ الْبَقَاءِ وَالتَّفْرِيطُ مِنَ الْمَالِكِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: لَا جَائِحَةَ فِيمَا يُباع بِأَصْلِهِ وَلَا فِيمَا اشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْ مَأْبُورِ الثِّمَارِ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ بِجُمْلَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْبَائِعِ حَقٌّ مِنْ سَقْيٍ وَلَا غَيْرِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا اشْتَرَى قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ حِينِهِ فَأُجِيحَ وُضِعَتِ الْجَائِحَةُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ سَحْنُونٌ: مَعْنَاهُ: يَجُذُّهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَلَوْ دَعَاهُ البَائِع لأَخذه مرّة لم يجب لَيْلًا يَفْسَدَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: يَجُذُّهُ مِنْ حِينِهِ أَيْ يجذ بعضه.
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى نَخْلًا مَأْبُورَةً فَلَهُ شِرَاءُ تَمْرِهَا قَبْلَ الزَّهْوِ وَلَا جَائِحَةَ فِيهَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِالْبَائِعِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ وَقَدْ طَابَتْ ثُمَّ اشْتَرَى فِيهَا الْجَائِحَةُ لِوُجُوبِهَا قَبْلَ شِرَاءِ الْأَصْلِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنِ اشْتَرَى الْأَصْلَ ثُمَّ الثَّمَرَةَ إِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُزْهِيَةٍ فَلَا جَائِحَةَ وَإِلَّا فَفِيهَا الْجَائِحَةُ لِأَنَّ السَّقْيَ بَاقٍ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ أُجِيحَتْ وَقَدْ طَابَتْ وَهِيَ عَظِيمَةٌ فَفِيهَا الْجَائِحَةُ لِأَنَّهَا تشبه الثِّمَار أَولا قَدْرَ لَهَا فَهِيَ تَبَعٌ لَا جَائِحَةَ فِيهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَى عَشْرَةَ أَوْسُقٍ من حَائِط فأجيح بعضه بدى مِنَ الْبَاقِي بِالْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ جَائِحَةٍ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَقْدِ فَإِنْ كَانَا مُشْتَرِيَيْنِ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلثَّانِي لِتَقَرُّرِ حَقِّ الْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي.
فَرْعٌ:
قَالَ: فَإِنْ بَاعَ حَائِطًا جِزَافًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ مَكِيلَةَ الثُّلُثِ فأُجيح بُدِئَ بِالْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنِيَ كَالْمُشْتَرِي وَتَخْتَصُّ الْجَائِحَةُ بِمَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَ الْبَاقِي سَقَطَ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ: تُقَسَّمُ الْجَائِحَةُ عَلَى البَائِع وَالْمُشْتَرِي لِأَن كل وَاحِد مِنْهَا بَائِعٌ لِصَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ ثَلَاثِينَ وَسْقًا وَاسْتُثْنِيَ عَشْرَةٌ وَأُجِيحَ تِسْعَةٌ كَانَ حِصَّةُ الْمَبِيعِ سِتَّةً دُونَ الثُّلُثِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَإِنْ أُجِيحَ عَشْرَةٌ كَانَتِ الْحِصَّةُ سَبْعَةً إِلَّا ثلثاُ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَبِيعِ فَيَسْقُطُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا اشْتَرَى نِصْفَ حَائِطِهِ أَوْ ثُلُثَهُ فَالْجَائِحَةُ عَلَيْهِمَا إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ وَلَا يَرْجِعُ مِنَ الثَّمَنِ بِشَيْءٍ وَإِنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ سَقَطَ ثُلُثُ الثَّمَنِ أَوِ النِّصْفُ فَنَصِفُهُ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ الْجَائِحَةُ عَلَيْهَا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ لِأَنَّ الْجَوَائِحَ مِنْ سَنَةِ الثِّمَارِ فَإِنْ بَاعَ الْحَائِطَ بَعْدَ يُبْسِهِ وَاسْتَثْنَى كَيْلَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ فأُجيحت: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُوضَعُ مِنَ الثَّمَنِ شَيْءٌ كَالصُّبْرَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا اكْتَرَى أَرْضًا ثُلُثُهَا سَوَادٌ فَأَدْنَى وَاشْتَرَطَهُ جَازَ ذَلِكَ فَإِنْ أَثْمَرَ وَأُجِيحَ كُلُّهُ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ تَبَعًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَبَعًا وَاشْتَرَطَ ثَمَرَتَهُ وَلَمْ يَزْهَ فَسَدَ الْعَقْدُ كُلُّهُ وَإِنْ أَزْهَى صَحَّ لِجَوَازِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حِينَئِذٍ فَإِنْ أُجِيحَ قُسِّمَ الْكِرَاءُ عَلَى الثَّمَرَةِ وَالْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ ثُلُثَ حِصَّةِ الثَّمَرَةِ وَضَعَ ثُلُثَ حِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ.

.الْقِسْمُ الْخَامِسُ مِنَ الْكِتَابِ فِي تَأْجِيلِ الْعَقْدِ:

وَهُوَ السَّلَمُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ دُونَ عِوَضِهِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ سَلَفًا وَمِنْهُ الصَّحَابَةُ سَلَفٌ صَالِحٌ لِتَقَدُّمِهِمْ قَالَ سَنَدٌ وَيُقَالُ سَلَفَ وَسَلَمَ وَأَسْلَمَ وَأَصْلُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَمَّا الْكِتَابُ فَعُمُومُ قَوْله تَعَالَى {وَأحل لكم البيع} وَخُصُوصُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فَالْأَمْرُ بِكِتَابَتِهِ.
فَرْعُ:
مَشْرُوعِيَّتِهِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ السَّلَمُ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي مُسْلِمٍ قَدِمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَدَيْنَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم» ونهى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَأَرْخَصَ فِي السَّلَمِ وَاجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى جَوَازِهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ فِي الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ الْمُثَمَّنُ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ النَّاسَ يَحْتَاجُونَ لِأَخْذِ مَا يُنْفِقُونَهُ عَلَى ثِمَارِهِمْ قَبْلَ طِيبِهَا فَيُبَاحُ لَهُمُ الْبَيْعُ وَلِتَنْمِيَةِ أَمْوَالِهِمْ بِشِرَاءِ مَا يَتَأَخَّرُ فَيُبَاحُ لَهُمُ الشِّرَاءُ قَاعِدَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْمَصَالِحَ الشَّرْعِيَّةَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ ضَرُورِيَّةٌ كَنَفَقَةِ الْإِنْسَانِ وَحَاجِيَّةٌ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَتَمَامِيَّةٌ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالرُّتْبَةُ الْأُولَى مُقَدَّمَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى الثَّالِثَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَكَذَلِكَ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ النُّفُوسِ وَالْمَشَقَّةِ مَصْلَحَةٌ وَلَوْ أَفْضَتْ إِلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ وَذَلِكَ ضَرُورِيٌّ مُؤَثِّرٌ فِي الرُّخَصِ كَالْبَلَدِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْعُدُولُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَمْثَلِهِمْ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ فِي الْقُضَاةِ وَسَائِرِ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَحَاجِيَّةٌ فِي الْأَوْصِيَاءِ وَسَائِرِ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَحَاجِيَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْأَيْتَامِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَبْضَاعِ إِنَّمَا تَحْسُنُ لِمَنْ تَثْبُتُ أَمَانَتُهُ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ وَتَمَامِيَّةٌ فِي السَّلَمِ وَالْمُسَاقَاةِ وَبَيْعِ الْغَائِبِ فِي أَنَّ فِي مَنْعِهَا مَشَقَّةً عَلَى النَّاسِ وَهِيَ مِنْ تَمَامِ مَعَاشِهِمْ وَهَذَا الْقِسْمُ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَابَيْنِ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي السَّلَمِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَرْضِ.

.الباب الْأَوَّلُ فِي السَّلَمِ:

وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَنْظَارٍ:

.النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِهِ:

وَهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَرْطًا:

.الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: تَسْلِيمُ جَمِيعِ رَأْسِ الْمَالِ:

لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ قَاعِدَة مَقْصُود صَاحب الشَّرْع صَالح ذَاتِ الْبَيْنِ وَحَسْمُ مَادَّةِ الْفِتَنِ حَتَّى بَالَغَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَحَابُّوا» وَإِذَا اشْتَمَلَتِ الْمُعَامَلَةُ عَلَى شَغْلِ الذِّمَّتَيْنِ تَوَجَّهَتِ الْمُطَالَبَةُ مِنَ الْجِهَتَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ وَالْعَدَاوَاتِ فَمَنَعَ الشَّرْعُ مَا يُفْضِي لِذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا زِيَادَة عذر لِوُقُوعِهِ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ مَعًا فَائِدَةٌ الْكَالِئُ مِنَ الْكِلَاءَةِ وَهِيَ الْحِرَاسَةُ وَالْحِفْظُ فَهُوَ اسْمُ فَاعل إِمَّا البَائِع أَو المُشْتَرِي لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يَحْفَظُ صَاحِبَهُ وَيُرَاقِبُهُ لِمَا لَهُ عِنْدَهُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ نَهْيٌ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْكَالِئِ بِمَالِ الْكَالِئِ لِأَنَّ الرَّجُلَيْنِ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَتَعَيَّنَ الْحَذْفُ فَإِمَّا لِلِاثْنَيْنِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يَحْفَظُ الْآخَرَ عَنِ الضَّيَاعِ عِنْدَ التَّفْلِيسِ وَغَيْرِهِ وَيُسْتَغْنَى عَنِ الْحَذف لقبولهما الْمَبِيع أَوْ يَكُونُ اسْمُ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ كَالْمَاءِ الدَّافِقِ بِمَعْنَى الْمَدْفُوقِ مَجَازًا وَيُسْتَغْنَى عَنِ الْحَذْفِ أَيْضًا وَعَلَى التَّقَادِيرِ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مَجَازٌ لِأَنَّهُ إِطْلَاقٌ بِاعْتِبَارِ مَا سَيَكُونُ فَإِنَّ النَّهْيَ وَارِدٌ قَبْلَ الْوُقُوعِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذْتَ نِصْفَ الثَّمَنِ بِطَلَ الْجَمِيعُ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّرَ نَحْوَ الشَّهْرِ بِشَرْطٍ فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ لِهَرَبِ أَحَدِهِمَا نَفَذَ مَعَ كَرَاهَةٍ قَالَ سَنَدٌ إِذَا هَرَبَ الدَّافِعُ رَفَعَ الْآخَرُ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ فَسَلَمَ لَهُ أَوِ الْآخِذُ سَلَمَهُ الْحَاكِمُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ مَاطَلَهُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرِّضَا وَالْفَسْخِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِالثَّمَنِ فِي الْأَجَلِ وَهِي حِكْمَة السّلم مقَال اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ تَأْخِيرِ الْيَسِيرِ مِنَ الثّمن الْمدَّة الْبَعِيدَة هَل يفْسد الْجَمِيع قَالَ بِقَدْرِ مَا يَتَأَخَّرُ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَ أَجَلُ السَّلَمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ امْتَنَعَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ أَجَزْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَإِذَا تَأَخَّرَ نَحْوَ النِّصْفِ قِيلَ يَمْضِي الْمُعَجَّلُ وَقِيلَ إِنْ سَمَّى لِكُلِّ قَفِيزٍ ثَمَنًا صَحَّ الْمُعَجَّلُ وَإِلَّا فَسَدَ الْجَمِيعُ كَالصَّرْفِ وَفِيهِ أَيْضًا زِيَادَةُ غَرَرٍ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ مَعًا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا فَأَحْرَقَهُ رَجُلٌ فِي يَدِكَ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ تَرَكَهُ وَدِيعَةً فِي يَدَيْكَ فَقَدْ قَبَضَهُ فَهُوَ مِنْهُ وَيَتْبَعُ الْجَانِيَ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَإِلَّا فَمِنْكَ وَانْفَسَخَ السَّلَمُ لِبُطْلَانِ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ دَارًا اتَّبَعَ الْجَانِيَ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِي فَسْخِ السَّلَمِ قَالَ سَنَد: وَعَن ابْن الْقَاسِم: إِذا لم يُقم الْبَيِّنَةُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ يَفُوتُ السَّلَمُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَسْخِ: قَالَ التُّونُسِيُّ: فَذَلِكَ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْمُسْلِمِ عَلَى التَّلَفِ لِاتِّهَامِهِ فِي الْكِتْمَانِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَت: إِذَا أَحْرَقَهُ رَجُلٌ امْتَنَعَتْ شَهَادَةُ الْمُشْتَرِي إِنْ كَانَ معدماً لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِهِ فِي الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَتْ شَهَادَتُهُ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: فِي شَهَادَتِهِ أَقْوَالٌ: ثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ مُعْسِرًا رُدَّتْ وَإِلَّا فَلَا وَأَصْلُهَا تَبَيُّنُ التُّهْمَةِ وَعَدَمُهَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَجَدَ رَأْسَ الْمَالِ زُيوفاً أَوْ رَصَاصًا بَعْدَ شَهْرٍ فَلَهُ الْبَدَلُ إِلَّا أَنْ يَعْمَلَا على ذَلِك فتعيين ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إِلَيْهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ: إِذَا وَجَدَ من رَأس المَال درهما زائفاً انتفض مِنَ السَّلَمِ بِقَدْرِهِ كَالصَّرْفِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ صَحَّ كَالصَّرْفِ وَقَدْ يَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِي الصَّرْفِ هَاهُنَا وَلَوْ تَرَاضَيَا بِتَأْخِيرِ الْبَدَلِ مُدَّةً طَوِيلَةً امْتَنَعَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَنْتَقِضُ السَّلَمُ كُلُّهُ وَقِيلَ: يَنْتَقِضُ بِقَدْرِ الزَّائِفِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْتَقِضَ شَيْءٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَوَّلًا قَالَ الْمَازِرِيُّ: فَإِنْ عَثَرَ عَلَيْهَا بِقُرْبِ يَوْمَيْنِ فَسَخَ الْبَاقِيَ وَامْتَنَعَ الْبَدَلُ أَو بعد الطول: فَقَالَ أَبُو بكر عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كُلُّهُ كَأَنَّهُمَا عَقَدَا عَلَى تَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَقِيلَ: يَنْتَقِضُ بِقَدْرِ الزَّائِفِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْفَسَادِ وَقِيلَ: لَا يفْسد من السّلم شَيْء بعد التُّهْمَةِ وَيُلَاحَظُ هَاهُنَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ هَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْعَقْدِ أَمْ لَا؟ فَيَكُونُ عَقْدًا ثَانِيًا فَيَمْضِي الْأَوَّلُ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ بَقِيَ مِنْ أَجَلِ السَّلَمِ نَحْوَ الْيَوْمَيْنِ جَازَ اشْتِرَاطُ تَأْخِيرِ الْبَدَلِ الْمُدَّةَ الْبَعِيدَةَ وَيَصِيرُ الَّذِي يُقْبَضُ بَعْدَ الْيَوْمَيْنِ هُوَ رَأس المَال لمُدَّة بعيدَة مالم يَكُنْ رَأْسُ الْمَالِ وَدِيعَةً عِنْدَ الْبَائِعِ وَادَّعَى تَلَفَهُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامٌ يُفْسَخُ الْعَقْدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلتُّهْمَةِ فِي التَّأْخِيرِ وَخَيَّرَ مُحَمَّدٌ الْمُسْلَمَ إِلَيْهِ فِي الْفَسْخِ وَأَخْذِ قِيمَةِ التَّالِفِ وَتَصْدُقُ فِي أَنَّكَ مَا دَفَعْتَ إِلَّا جَيِّدًا لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الْغُرْمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَخذهَا ليدها فَيصدق مَعَ يميينه.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا ظَهَرَ الثَّمَنُ مَعِيبًا وَهُوَ مُعَيَّنٌ انْتَقَضَ السَّلَمُ لِبُطْلَانِ الثَّمَنِ فَإِنْ لم يكن معيبا فَعَلَى الْقَوْلِ بِإِجَازَةِ السَّلَمِ الْحَالِّ فِي الْمَوْصُوفِ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَإِذَا انْتَقَضَ السَّلَمُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَحَوَالَةِ سُوقِهِ أَوْ تَغَيُّرِهِ أَوْ خُرُوجِهِ عَنِ الْيَدِ وَهُوَ غَيْرُ مِثْلِيٍّ رُدَّ مِثْلُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْيَدَ مُضَمَّنَةٌ لِلْحَدِيثِ أَوْ مِثْلِيًّا أَخَذَهُ إِنْ كَانَ بِيَدِهِ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يَفُوتُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ أَوْ مِثْلِهِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ: إِنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ تُفِيتُهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يمْتَنع أَن تُؤْكَل غَرِيمَكَ فِي سَلَمٍ خَشْيَةَ أَنْ يُعْطِيَكَ مِنْ عِنْدِهِ فَيَكُونُ دَيْنًا بِدَيْنٍ حَتَّى تَقْبِضَ الدَّيْنَ ثُمَّ تَدْفَعَهُ لَهُ قَالَ سَنَدٌ: وَحَيْثُ مَنَعْنَا فَأَتَى بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لَزِمَهُ أَخْذُهُ وَدَفْعُ الدَّيْنِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لِلْمُوكَّلِ حَالَةَ الْوَكَالَةِ فَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَقْدُ عَنِ الْوَكَالَةِ مُنِعَ لِلتُّهْمَةِ فِي أَنَّهُ أَخَّرَهُ لِمَنْفَعَةِ السَّلَمِ فَإِنْ وَكَّلَهُ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ وَثَبَتَ أَنَّهُ أَسْلَمَ لَمْ يَضُرَّ التَّأْخِيرُ عَنْ حَالَةِ الْوَكَالَةِ إِلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ حَالَةَ الْحُلُولِ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْبَيْعِ نَفَذَ الْبَيْعُ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا حَاضِرَيْنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: إِنْ كَانَ الْمُوَكَّلُ غَائِبًا امْتَنَعَ أَوْ حَاضِرًا لِذَلِكَ الْعَقْدِ أَوْ لِذَلِكَ دُونَ الْعَقْدِ فَالْجَوَازُ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ نَقْدًا وَمَنَعَ سَحْنُونٌ حِمَايَةً لِلذَّرِيعَةِ الْبَعِيدَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْجَلَّابِ: يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ إِذَا شَرَعَ فِي أَخْذِ الْمُثَمَّنِ كَالسَّلَمِ فِي الْخُبْزِ وَالْفَوَاكِهِ تَنْزِيلًا لِقَبْضِ الْبَعْضِ مَنْزِلَةَ قَبْضِ الْكُلِّ فَلَيْسَ دَيْنًا بِدَيْنٍ نَظِيرُهُ: قَبْضُ أَوَائِلِ الْمَنَافِعِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الدُّيُونِ وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ الْإِجَارَاتِ.
فَرْعٌ:
قَالَ الْمَازِرِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ جِزَافًا خِلَافًا لِ (ش) و (ح) لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ فَجَازَ ثَمَنًا قِيَاسا على الْمُقدر وَالْجَوَاب عَن قياسمها عَلَى الْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ وَعَنْ تَوَقُّعِ عَدَمِ حُصُولِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَتَعَذَّرُ مَعْرِفَةُ مَا يَرْجِعُ بِهِ أَنَّ الْقِرَاضَ وَالْقَرْضَ يَرِدُ فِيهِمَا الْمِثْلُ وَهُوَ مُتَعَذر فِي الْجزَاف الْمَرْدُود فِي السّلم غَيْرُهُ وَهُوَ مَضْبُوطٌ بِالصِّفَةِ وَالْغَالِبُ: الْوَفَاءُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: مَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْجِزَافَ.
فَرْعٌ:
وَفِي الْجَوَاهِرِ: وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَفْسَدُ الْعَقْدُ بِتَأْخِيرِهِ بِالشَّرْطِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مُسْتَثْنَاةٌ من الْمحرم فِي الْهِجْرَة والمهاجرة بالإقالة بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَنَعَ الْإِحْدَادَ لِغَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَقِيلَ: بِفَسَادِ السَّلَمِ إِذَا افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَالصَّرْفِ وَقَالَهُ (ش) و (ح) وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: هَلْ يُسَمَّى هَذَا التَّأْخِيرُ دَيْنًا أَمْ لَا؟ وَأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ هَلْ يُعْطَى حُكْمُهُ أَمْ لَا؟ وَالزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ بِالشَّرْطِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَبِغَيْرِ شَرْطٍ فَفِي الْفَسَادِ قَوْلَانِ فِي الْعين وَلَا يفْسد بِتَأْخِير الْعرض لِتَعَذُّرِ كَوْنِهِ دَيْنًا إِذِ الدَّيْنُ مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ وَالْمُعَيَّنُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ يُكْرَهُ إِذا كَانَ مِمَّا يعاب عَلَيْهِ لِشَبَهٍ كَالطَّعَامِ وَالثَّوْبِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إِذَا كَانَ الطَّعَامُ لَمْ يُكْتَلْ وَالثَّوْبُ غَائِبٌ عَنِ الْمَجْلِسِ وَإِلَّا تَبْقَى الْكَرَاهَةُ لِعَدَمِ بَقَاءِ حَقِّ التَّوْفِيَةِ كَمَا أَجَازُوا أَخْذَ سِلْعَةٍ حَاضِرَةٍ مِنْ دَيْنٍ يَتْرُكُهَا مُشْتَرِيهَا اخْتِيَارًا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهَا وَيَسْتَوِي فِي فَسَادِ الْعَقْدِ تَأْخِيرُ الْكُلِّ أَوِ الْبَعْضِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ الثَّمَنُ تِبْرًا وَنِقَارًا وَذَهَبًا جِزَافًا لَا يُعْلَمُ وَزْنُهُ كَالسِّلْعَةِ وَيَمْنَعُ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ مَجْهُولَةَ الْوَزْنِ مَعْرُوفَةَ الْعَدَدِ لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ وَلِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ جِزَافًا قَالَ أَشْهَبُ: مَنَعَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْجِزَافَ مُطلقًا لَيْلًا يَنْفَسِخَ السَّلَمُ فَلَا يُعْلَمُ مَا يَرْجِعُ بِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ تَطَرُّقَ الْفَسْخِ لِأَنَّ عِنْدَهُ إِذَا خَرَجَ الْإِبَّانُ صَبَرَ لِعَامٍ آخَرَ وَيَلْزَمُ الْقَاضِيَ مَنْعُ الْحَوْلَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا تَضْبُطُهُ الصِّفَةُ وَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَمَنَعَ (ح) فِي جِزَافِ الْمَوْزُونِ وَيَمْتَنِعُ الْجُزَافُ فِي الثِّيَابِ وَالرَّقِيقِ فِي السَّلَمِ لِمَنْعِ بَيْعِهَا جِزَافًا.