فصل: الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَقُولُ الْحَاكِمُ لِلْمَطْلُوبِ دُونَكَ فَجَرِّحْ لِأَنَّهُ يُوهِنُ الشُّهُودَ وَخَالَفَهُ ابْنُ نَافِعٍ لِأَنَّهُ بذل الْجهد وَلَيْسَت الْعَدَالَة قطيعة كوتم عَدَاوَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَقُولُ لَهُ شَهِدَ عَلَيْكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَإِنْ كَانَ عِنْدَكَ مِدْفَعٌ فَادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ وَإِلَّا حَكَمْتُ عَلَيْكَ وَيُعْلِمُهُ بِأَنَّ لَهُ التَّجْرِيحَ إِنْ كَانَ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ دُونَكَ فَجَرِّحْ فَإِنَّهُ إِغْرَاءٌ.

.الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:

قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا زَكَّى أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ صَاحِبَهُ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حييّ بِوَاحِد ثَبت لَا بِشَاهِدين قَالَ وَلَوْ زَكَّيَا جَمِيعًا شَاهِدًا وَشَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ آخَرَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ جَازَ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَ بِحَقٍّ وَجِئْتَ بِآخَرَيْنِ شَهِدَا بِمِثْلِ ذَلِكَ لَكَ وَزَكَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ الْأُخْرَى تَمَّتِ الشَّهَادَةُ وَالتَّزْكِيَةُ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ سَأَلَا مَحَالَةً وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ بِحَقٍّ غَيْرِ الْحَقِّ الْآخَرِ لِغَيْرِكَ امْتَنَعَتِ التَّزْكِيَةُ لِأَنَّهُ اشْهَدْ لِي وَأَشْهَدُ لَكَ وَكَانَ يَقُولُ يَجُوزُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالصَّوَابُ مَنْعُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ إِلَّا بِتَزْكِيَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَكَيْفَ يُزَكِّي مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى تَزْكِيَةٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا شَهِدَا بِحَقٍّ فَزَكَّى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْحَقَّ مَعَ المدلي لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إِلَّا الَّذِي زَكَّاهُ صَاحِبُهُ والاجنبي وَلَو شهد الْحَقَّيْنِ وَزَكَّى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ امْتَنَعَ وَلَوْ زَكَّى الْوَاحِدُ رَجُلًا آخَرَ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ وَزَكَّى الشَّاهِدُ الْآخَرُ وَرَجُلٌ آخَرُ مَعَهُ الشَّاهِدَ الَّذِي زَكَّاهُ أَوَّلًا فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ وَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَهِدَا فِي حَقٍّ وَعَدَّلَا رَجُلًا شَهِدَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ جَازَتْ تَزْكِيَتُهُمَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمَا عَدْلَانِ وَإِنْ شَهدا على شَهَادَة رجل وعدلا جَازَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ نَقْلُ الشَّهَادَةِ عَنْهُ بِتَعْدِيلٍ قَالَ أَشْهَبُ وَيَجُوزُ تَعْدِيلُ غَيْرِهِمَا لَهُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وُفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا شَهِدَا فِي حق وجرح مَنْ شَهِدَ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ الْحَقِّ جَازَ وَإِذَا نقلا عَن شَاهد لَا أَحدهمَا الآخر كَمَا لَا يعدل الشَّاهِدَيْنِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْحَقُّ بِالْمُزَكِّي وَحْدَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا شَهَادَةَ فِي حَقٍّ بِعِلْمِكَ وَتُنْقَلُ مَعَ آخَرَ عَنْ اخر لَان وَاحِدًا احيى الشَّهَادَةَ.

.الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ:

قَالَ قَالَ مَالِكٌ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ عَدَالَةَ شَخْصٍ أَنْ يُزَكِّيَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْحُقُوقِ إِلَّا أَنْ يَجِدَ غَيْرَهُ فَهُوَ فِي سَعَةٍ وَرَخَّصَ فِي ذَلِك ابْنُ نَافِعٍ إِذَا تَعَيَّنَتْ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَا يُقْطَعُ بِهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْحُقُوقِ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظْهَرُ لِأَنَّ مَدْرَكَ الْعَدَالَةِ الظَّنُّ لِتَعَذُّرِ الْعِلْمِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُجَرِّحِ أَنْ يُجَرِّحَ إِذَا خَافَ إِذَا سَكَتَ أَنْ يَحِقَّ بِشَهَادَةِ الْمَجْرُوحِ بَاطِلًا أَوْ يَمُوتَ حَقٌّ.

.الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:

قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَأَلْتَ بَعْدَ إِسْجَالِ الْحُكْمِ الْقَدْحَ فِي الْبَيِّنَةِ جَازَ إِذَا رَأَى الْقَاضِي لِذَلِكَ وَجْهًا كَقَوْلِكَ مَا سَكَتُّ إِلَّا جَهَالَة فَأَعْلمنِي بهم عدُول وَنَحْو وَكَذَلِكَ لَكَ بَعْدَ عَزْلِ الْقَاضِي أَوْ مَوْتِهِ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ لَا ينقص قَضَاءَ غَيْرِهِ وَقِيلَ يُمْكِنُهُ كَمَا يُمْكِنُهُ الْأَوَّلُ وَقِيلَ لَا يُمْكِنُهُ الْأَوَّلُ وَلَا الثَّانِي لِأَنَّهُ حكم وانفذ وَانْبَرَمَ فَيَحْصُلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُمْكِنُهُ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا هُوَ وَلَا مَنْ بَعْدَهُ يُمْكِنُهُ هُوَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُ وَهَذَا فِي الْمَطْلُوبِ وَفِي الطَّالِبِ رَابِعٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ عَجَزَ أَوَّلَ قِيَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ عمل وَبَين أَن لَا يَجِبَ وَهَذَا الْخِلَافُ كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا عَجَّزَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ وَأَمَّا إِذَا عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْإِعْذَارِ وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّ لَهُ حُجَّةً فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ حُجَّةٍ لِأَنَّ قَوْله قد ردمها نفود الْحُكَّامِ.

.الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ:

قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَأَلْتَ الْقَاضِيَ أَنْ يَكْتُبَ لَكَ لِتَثْبُتَ الْعَدَالَةُ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِغَيْرِهِ فِي تَعْدِيلِ الشُّهُودِ وَعَلَيْكَ أَنَّ شُهُودَكَ حَيْثُ شَهِدَتْ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ فِي النَّوَاحِي مَنْ يَثِقُ بِهِ يَسْأَلُهُ عَنِ الشُّهُودِ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ:
قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ بِأَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنَ الْبَيِّنَةِ فَتَغِيبُ الْأُصُولُ وَتُحْمَلُ الْفُرُوعُ لِلْحَاكِمِ فَيَقْبَلُهُمْ الْغَرِيبُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِأَنَّ الْبَدَوِيَّ لَا يَعْدِلُ الْحَضَرِيَّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ تَعَيُّنِ الشَّهَادَةِ كَمَا إِذَا شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَطَلَبَ تَعْدِيلَهُ وَالَّذِي يَعْلَمُ عَدَالَتَهُ مَرِيضٌ عَاجِزٌ عَنِ الْحُضُورِ فَيَبْعَثُ إِلَى الْقَاضِي بِمَا عِنْدَهُ مِنَ التَّعْدِيلِ رَجُلَيْنِ وَرَجَعَ سَحْنُونٌ عَمَّا قَالَهُ وَقَوْلُ مُطَرِّفٌ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى ذَلِكَ لَوْ جَازَتْ لَجَازَتْ شَهَادَةُ غَيْرِ الْعُدُولِ لَأَنَّ النَّاسَ قَدْ تَتَغَيَّرُ أَحْوَالُهُمْ بَعْدَ إِشْهَادِهِمْ عَلَى عَدَالَتِهِمْ وَكَذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا سَمِعْتَ عَدْلَيْنِ يَقُولَانِ فُلَانٌ عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ فَشَهِدَ فُلَانٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ لَكَ تَعْدِيلُهُ وَلَا تَجْرِيحُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ السَّمَاعِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَلَوْ لَمْ تُشْهِدْكَ الْأُصُولُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَأَمَّا إِنْ شَاعَ سَمَاعُكَ مِنَ الشُّهُودِ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ جَازَ لَكَ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَلَا تُسَمِّي مَنْ سَمِعْتَ مِنْهُ اتِّفَاقًا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى السماع بَاقِل من اربعة شُهُود وَتجوز الْعَدَالَة عَلَى الْعَدَالَةِ إِذَا كَانَ الشُّهُودُ عَلَى الْأَصْلِ غُرَبَاءَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ امْتَنَعَ حَتَّى يَأْتُوا بِتَعْدِيلِهِمْ أَنْفُسَهُمْ وَسَوَاءٌ كَانَ مُعَدِّلُ الْغَرِيبِ غَرِيبًا أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُعَدَّلُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَعَدَّلَهُمْ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَمْ يُعَرَفُوا حَتَّى يُجَدَّدَ عَلَى أُولَئِكَ تَعْدِيلٌ وَلَوْ كَانَ المعدلون الأولون غرباء فَلم يعرفوا معدلهم نَاسٌ مِنَ الْبَلَدِ فَلَمْ يُعْرَفُوا جَازَ لَهُمْ أَنَّ يَعْدِلَهُمْ غَيْرُهُمْ وَلَمْ يَجُزْ تَعْدِيلُهُمْ عَلَيْهِمْ هَذَا نَصُّ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ وَلَوْ كَانَ الْمُعَدَّلُونَ الْأَوَّلُونَ غُرَبَاءَ فَعَدَّلَهُمْ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَمْ يُعْرَفُوا جَازَ لَهُمْ أَنْ يُعَدِّلَهُمْ غَيْرُهُمْ ثُمَّ لَمْ يَجُزْ تَعْدِيلُهُمْ.

.الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ:

قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَشْهَدْتَ اثْنَيْنِ ثُمَّ اثْنَيْنِ عَلَى حَقٍّ وَاحِدٍ جَازَتْ تَزْكِيَةُ الْآخَرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي حَقَّيْنِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجُرَّا لِأَنْفُسِهِمَا نَفْعًا.

.الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ:

قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا تُجَرِّحْ مَنْ جَرَّحَ أَخَاكَ أَوْ عَمَّكَ الْعَلِيَّ الْقَدْرِ لِأَنَّكَ تَدْفَعُ الْعَيْبَ عَنْ نَفسك وَلَك ذَلِك فِي غَيرهَا خير وَلَكَ تَعْدِيلُ غَيْرِهِمْ وَلَا يَلْحَقُ ابْنُ الْأَخِ وَابْنُ الْعَمِّ بِأَبَوَيْهِمَا وَلَا يُشْتَمُ أَحَدٌ بِابْنِ أَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ غَالِبًا وَلَكَ تَجْرِيحُ مَنْ جَرَّحَ أَخَاكَ بِأَنَّهُ عَدُوُّكَ لِأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَيْك فِي عَدَاوَة ولاخيك الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَالَ وَقَوْلُهُ فِي الْعَدَاوَةِ صَحِيحٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُعَدِّلُ أَخَاهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَعْدِلُهُ فُلَانٌ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَدِّلَ عَمَّهُ وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي تَجْرِيحِ مُجَرِّحِهِ وَفَسَّرَ ابْنُ دَحُونَ قَوْلَ سَحْنُونٍ بِأَنَّكَ لَا تُجَرِّحُ مَنْ جرح اخاك أو عمك تفسق بتفسيقه بَلْ بِعَدَاوَةٍ وَإِنْ جَرَّحَهُمَا بِعَدَاوَةٍ جَازَ لَكَ تَجْرِيحُهُ بِالْفِسْقِ وَالْعَدَاوَةِ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الْمَعْنَى فَتَدَبَّرْهُ.

.الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ:

قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ عَدْلٍ لَا يَجُوزُ لَك تجريحه لَيْلًا يَضِيعَ الْحَقُّ الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا أَعْتَقْتُمَا عَبْدَيْنِ عِنْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ الْمَوْرُوثَ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ فُلَانَةً حَامِلٌ مِنْهُ وَوُلَدَتْ وَأَنْتُمَا تَرِثَانِ بِالتَّعْصِيبِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ تَجْوِيزَهَا فَتَشْهَدُ أَنَّكَ غَصَبْتَهُمَا مَائَةَ دِينَارٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي الْمَائَةِ لِعَدَمِ يَجُوزُ بَعْضُ الشَّهَادَةِ فِي بَعْضٍ كَمَا لَوْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَتَبَعَّضُ.

.الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ:

قَالَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَتَبَ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشَّاهِدِ وَلَمْ يَحْكُمْ حَتَّى قَتَلَ وَقَذَفَ أَوْ قَاتَلَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ لِقَبُولِهَا قَبْلَ الْجُرْحَةِ إِلَّا أَنْ يُحْدِثَ مَا يُسِرُّهُ النَّاسُ مِنَ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ فَتَبْطُلُ لِأَنَّهُ مِمَّا ظَهَرَ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِيهَا وَلَوْ حَكَمَ بِهِمْ فِي حَدٍّ وَلَمْ يُقِمْهُ حَتَّى فَسَقُوا نَفَّذَا الْحُكْمَ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْوَضْعِ الصَّحِيحِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ قَالَ أَشْهَبُ بَطَلَتْ كَالرُّجُوعِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ أَصْبَغُ أَمَّا فِي حَقِّ الْعِبَادِ فَكَذَلِكَ وَأَمَّا الْحَدُّ الَّذِي لِلَّهِ وَحْدَهُ فَلَا يُنَفَّذُ وَلَوْ شَهِدَ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَالَ أَصْبَغُ صَحَّتْ شَهَادَتُهُ بِخِلَافِ مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ وَارِثٍ فَصَارَ وَارِثًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ حَدَثَتِ التُّهْمَةُ فِيهَا بَعْدَ أَدَائِهَا وَالْوَصِيَّةُ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهَا يَوْمَ تَجِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمْ تَجِبْ حَتَّى صَارَ وَارِثًا فَتُرَدُّ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَدَثَتِ الْكَبِيرَةُ قَبْلَ التَّعْدِيلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ بِخِلَافِ بَعْدَ الْحُكْمِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ أُشْهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ عَلَيْكَ أَوْ سَمِعْتَ مِنْهُ ثُمَّ عَادَاكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ كَمَا لَوْ أَدَّاهَا قَبْلَ الْعَدَاوَةِ.

.الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ:

فِي النَّوَادِرِ إِذَا زَكَّيْتَ الْبَيِّنَة فعورضت بَينته قِيلَ إِنَّهَا مَعْرُوفَةُ الْعَدَالَةِ فِي مَوْضِعِهَا إِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِهَا مَنْ يَكْتُبُ إِلَيْهِ الْقَاضِي ساله عَنْهَا فَعَلَ إِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِهِ وَإِلَّا تَرَكَهُمْ وَلَا يَقْضِي فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَلَعَلَّهُمْ عُدُولٌ وَأَنْتَ تُسْأَلُ عَمَّا فَعَلْتَ لَا عَمَّا تَرَكْتَ قَالَ أَصْبَغُ ذَلِكَ حَسَنٌ إِذَا كَانَ فِي رفع فسيتاني بِهِ فَإِنْ كَانَ الْكَشْفُ وَلَمْ يَعْدِلُوا حَكَمَ بِالْمُعَدِّلِينَ وَلَا يَسْتَأْنِي فِي غَيْرِ الرَّفْعِ وَيَقْضِي بالمعدلين بعد تلوم يَسِيرا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَتَى عَجَزَ عَنْ تَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ وَهِيَ مِنَ الْكُورَةِ كَتَبَ قَاضِي الْحَضْرَةِ إِلَى قَاضِي بَلَدِهَا يُعَدِّلُ عِنْدَهُ فَيَكْتُبُ لَهُ بِمَا ثَبت عِنْده ان وثق بقاضي الكور وَبِاحْتِيَاطِهِ وَإِلَّا كَتَبَ إِلَى رِجَالٍ صَالِحِينَ هُنَالِكَ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُمْ وَيَكْتَفِي بِرَسُولِهِ فِي ذَلِكَ الَّذِي يَأْتِيهِ بِالْكِتَابِ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ الرَّسُولَ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا شَاهِدِينَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي أَوِ الْأُمَنَاءِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَإِنْ أَرَادَ الْخَصْمُ تَزْكِيَةَ الشَّاهِدِ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ لَمْ يَلْزَمِ الْقَاضِي ذَلِكَ.

.الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ:

قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ يُتَوَسَّمُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ والاسلام والمرؤة وَالْعَدْلُ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ وَالْأَمْوَالِ الْعَظِيمَةِ وَالْحُدُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعير الَّتِي أَقبلنَا فِيهَا} وَلَا يُمكن الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنَ التَّجْرِيحِ لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَلَى غَيْرِ الْعَدَالَةِ فَلَا يُجَرَّحُوا كَالصِّبْيَانِ فَإِنِ ارْتَابَ الْحَاكِمُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِقَطْعِ يَدٍ أَوْ جَلْدٍ يُوقَفُ فِي الْمُتَوَسَّمِ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ فَيَحْكُمُ وَإِنْ ذَهَبَتِ الرِّيبَةُ أَسْقَطَهُمْ وَإِنْ قِيلَ لَهُ هُمْ عَبِيدٌ وَمَسْخُوطُونَ قَبْلَ الْحُكْمِ كَشَفَ فَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ أَمْسَكَ عَنْ إِمْضَاءِ الْحُكْمِ وَإِلَّا حكم بهَا وان كَانَ قبل ذَلِك نفذ الحكم فَلَا يرد الحكم شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ أَنَّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا عَلَى صِفَةٍ تَمْنَعُ الشَّهَادَةَ.

.الباب السَّابِعُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ:

قَاعِدَةٌ:
الشَّهَادَات لما كَانَت اخبار عَنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهُوَ مَظَنَّةُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاهِدِ وَلَوْ عَلَى وَجْهٍ يُخْفِي إِسْقَاطَهَا صَاحِبُ الشَّهَادَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ إِخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ يُتَّهَمُ أَحَدٌ فِي مُعَادَاةِ الْخَلْقِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ فَاكْتَفَى بِعَدَاوَةِ الشَّخْصِ وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الْبَدَنِيَّةُ عَنْ عِلْمِهِ وَمِنْ ذَلِكَ التَّرْجَمَةُ لِقَوْلِ الْخَصْمِ يُجَوِّزُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْوَاحِدَ الْعَدْلَ وَالْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ إِذَا كَانَ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ تَرْجَمَةَ النِّسَاءِ وَالْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْبَلُ الطَّبِيبُ الْوَاحِدُ فِي عُيُوبِ الرَّقِيقِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ عِلْمٌ يُؤْخَذُ عَمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ مَرْضِيٍّ أَوْ غَيْرِ مَرْضِيٍّ مَا كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا فَإِنْ غَابَ أَوْ مَاتَ انْتَقَلَ إِلَى بَابِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ قُبِلَ فِيهِ قَول امْرَأَة فَإِن غَابَتْ الْأمة أَو فَاتَت لم تقبل فِيهِ إِلَّا امْرَأَتَانِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ فِي الْقَافَةِ مِنَ الْعَدَالَةِ وَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْعَدَالَةَ مَعَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْوَاحِدِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ الْقَائِفَ عِنْدَهُ عِلْمٌ يُخْبَرُ بِهِ فَهُوَ كَالطَّبِيبِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَعَنْ مَالِكٍ يُقْبَلُ الْقَائِفُ الْوَاحِد غير الْعدْل.
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ:
فِي الْبَيَانِ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتَوْدَعَ صَبِيَّةً مَمْلُوكَةً فَمَاتَ الَّذِي هِيَ عِنْدَهُ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِصَبِيَّةٍ وَدِيعَةً لَكَ وَعِنْدَهُ ثَلَاثُ صَبَايَا وَلَمْ تُعَيِّنِ الْبَيِّنَةُ الْمُقَرَّ بِهَا قَالَ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَلَمْ يُحْكَمْ فِيهَا بِالْقَافَةِ كَمَا حُكِمَ فِيمَا إِذَا وَضَعَتِ امْرَأَتُكَ مَعَ حَوَامِلَ وَاخْتَلَطَ الصِّبْيَانُ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ الْفَرْقُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أن الثَّانِيَة نسب فَدخلت الْقَافة والأول مَالٌ وَالْقَافَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْأَمْوَالِ لِأَنَّكَ لَو ادعيت ولد أمة فَقَالَ زوجتنيها فَولدت هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي وَادَّعَيْتَ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ زِنًى لَمْ يُحْكَمْ بِهِ لِمُدَّعِيهِ بِالْقَافَةِ.
تَنْبِيهٌ:
وَافَقْنَا عَلَى الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ ش وَابْنَ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْحُكْمُ بَاطِلٌ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إِنَّمَا يُجِيزُهُ مَالِكٌ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ يَطَؤُهَا رَجُلَانِ فِي طُهْرٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِهِ وَأَجَازَهُ ش فيهمَا لِقَوْلِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبرق اسارير وَجهه فَقَالَ الم تَرَ أنَّ مُجَزَّزًا الْمُدْلِجِيَّ نَظَرَ إِلَى أُسَامَةَ وَزَيْدٍ عَلَيْهِمَا قطيفة قد غطيا رؤوسهما وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَبَنَّى زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَكَانَ أَبْيَضَ وَابْنُهُ أُسَامَةُ أَسْوَدَ فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِهِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمكانهما مِنْهُ فَلَمَّا قَالَ محزز ذَلِكَ سُرَّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْحَدْسِ الْبَاطِلِ شَرْعًا لَمَا سُرَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُسَرُّ بِالْبَاطِلِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ إِقْرَارَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مَا أَقَرَّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَقَرَّ مُجَزَّزًا عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ حَقًّا مَشْرُوعًا لَا يُقَالُ النِّزَاعُ إِنَّمَا هُوَ فِي إِلْحَاقِ الْوَلَدِ وَهَذَا كَانَ مُلْحَقًا بِأَبِيهِ بِالْفِرَاشِ فَمَا تَعَيَّنَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَأَيْضًا سُرُورُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَكْذِيبِ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ صِحَّةَ الْقِيَافَةِ فَتَكْذِيبُ الْمُنَافِقِ سَارٌّ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ فَقَدْ يُفْضِي الْبَاطِلُ لِلْحَسَنِ وَالْمَصْلَحَةِ وَأَمَّا عدم إِنْكَاره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِأَنَّ مُجَزَّزًا لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْقِيَافَةِ فَلَعَلَّهُ أَخْبَرَ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْفراش لِأَنَّهُ يكون برقهما قَالَ اصبغ لَو اعتقت عَبْدَيْنِ مرادنا هَاهُنَا لَيْسَ أَنَّهُ ثَبَتَ النَّسَبُ بِمُجَزَّزٍ إِنَّمَا مَقْصُودُنَا ان الشّبَه الْخَاص واما سروره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتكذيب الْمُنَافِقين فَكيف يَسْتَقِيم السرُور مَعَ عِنْدَ التَّكْذِيبِ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ عَنْ كَذِبِهِمْ رَجُلٌ كَذَّابٌ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ كَذِبُهُمْ إِذَا كَانَ الْمُسْتَنَدُ حَقًّا فَيَكُونُ الشَّبَهُ حَقًّا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ قَوْلُكُمْ إِنَّ الْبَاطِلَ قَدْ يَأْتِي بِالْحَسَنِ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ مَا أَتَى بِشَيْءٍ وَأَمَّا قَوْلُكُمْ أَخْبَرَ بِهِ لِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لِأَجْلِ الْفِرَاشِ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ يُشَارِكُونَهُ فِي ذَلِكَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ بِاخْتِصَاصِ السُّرُورِ بِقَوْلِهِ لَوْلَا لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِشَيْءٍ غَيْرِ الَّذِي كَانَ طَعْنُ الْمُشْرِكِينَ ثَابِتًا مَعَهُ وَلَا كَانَ لِذِكْرِ الْأَقْدَامِ فَائِدَةٌ وَحَدِيثُ الْعَجْلَانِيِّ قَالَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ التَّلَاعُنِ إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا وَكَذَا فَمَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا وَإِنْ أَتَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا فَهُوَ لِشَرِيكٍ فَلَمَّا أَتَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوه قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ فَصَرَّحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَان وجود صِفَات أحدهمما فِي الْآخَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا نَسَبٌ وَاحِدٌ وَلَا يُقَالُ إِنَّ إِخْبَارَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْوَحْيِ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ لَيْسَتْ فِي بَنِي هَاشِمٍ إِنَّمَا هِيَ فِي بَنِي مُدْلِجٍ وَلَا قَالَ أَحَدٌ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَائِفًا وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ لِشَرِيكٍ وَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ الْحُكْمَ بِالشَّبَهِ وَأَيْضًا لَمْ يَحُدَّ الْمَرْأَةَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّبَهِ لِأَنَّا نَقُولُ إِنْ جَاءَ الْوَحْيُ فَإِنَّ الْوَلَدَ لَمْ يُشْبِهْهُ فَهُوَ مُؤَسِّسٌ لِمَا يَقُولُهُ وَصَارَ الْحُكْمُ بِالشَّبَهِ أَوْلَى من الحكم بالقرائن لِأَنَّ الْفِرَاشَ يَدُلُّ مِنْ جِهَةِ ظَاهِرِ الْحَالِ وَالشَّبَهَ يَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَأَمَّا كَوْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْطَ عِلْمَ الْقِيَافَةِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُعْطِيَ عُلُومَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ أَخْبَرَ عَن ضَابِط القيافين أَنَّ الشَّبَهَ مَتَى كَانَ كَذَا فَهُمْ يَحْكُمُونَ بِكَذَا لَا أَنَّهُ ادَّعَى عِلْمَ الْقِيَافَةِ كَمَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ الْأَطِبَّاءُ يُدَاوُونَ الْمَحْمُومِينَ بِكَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَبِيبًا وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْوَلَدِ لَشَرِيكٍ لِأَنَّهُ زَانٍ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِالْوَلَدِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ بِمِلْكٍ كَمَا إِذَا وَطِئَهَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي طُهْرٍ وَأَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ فَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ جِهَتِهَا شُبْهَةً أَوْ مُكْرَهَة أو لَان التعين يُسْقِطُ الْحَدَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ} الْآيَةَ أَوْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لايحكم بِعِلْمِهِ وَلَنَا أَيْضًا أَنَّ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا مَوْلُودًا فَاخْتَصَمَا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاسْتَدْعَى لَهُ الْقَافَةَ فَأَلْحَقُوهُ بِهِمَا فَعَلَاهُمَا بِالدِّرَّةِ وَاسْتَدْعَى حَرَائِرَ مِنْ قُرَيْشٍ فَقُلْنَ خُلِقَ مِنْ مَاءِ الْأَوَّلِ وَحَاضَتْ عَلَى الْحَمْلِ فَاسْتَحْشَفَ الْحَمْلُ فَلَمَّا وَطِئَهَا الثَّانِي انْتَعَشَ بِمَائِهِ فَأَخَذَ شَبَهًا بِهِمَا فَقَالَ عُمَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ وَلِأَنَّهُ عِلْمٌ عِنْدَ الْقَافَةِ مِنْ بَابِ الِاجْتِهَادِ فَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ كَالتَّقْوِيمِ فِي الْمُتْلَفَاتِ وَتَقْدِيرِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَخَرْصِ الثِّمَارِ فِي الزَّكَاةِ وَتَحْدِيدِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَوَاتِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ فَكُلُّ ذَلِكَ تَخْمِينٌ وَتَقْرِيبٌ وَلَمَّا قَالَ ح الشَّبَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ قَالَ يلْحق الْوَلَد بِجَمِيعِ المنازعين خِلَافًا لَنَا وَلِ ش وَيَدُلُّ لَنَا قَوْله تعإلى {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَلِأَنَّهُ الْعَادة وَقَوله تَعَالَى {وَورثه أَبَوَاهُ} يَقْتَضِي جَمِيع ذَلِك ان لَا يَكُونَ لَهُ آبَاءٌ وَقَوْلُهُ تَعَالَى {أَنِ اشْكُرْ لي ولوالديك} احْتَجُّوا بِمَا فِي الصِّحَاحِ أَنَّ رَجُلًا حَضَرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَادَّعَى أَنَّ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ وَلَدًا أَسْوَدَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هَلْ فِي إِبِلِكَ مِنْ أَوْرَقَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ وَمَا أَلْوَانُهَا فَقَالَ سُودٌ ثُمَّ قَالَ لَهُ فَمَا السَّبَبُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّ عرقا نزع» فَلَمْ يَعْتَبِرْ حُكْمَ الشَّبَهِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلِأَنَّ خَلْقَ الْوَلَدِ مَغِيبٌ عَنَّا فَجَازَ أَنْ يُخْلَقَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَقد نَص عَلَيْهِ سقراط فِي كتاب الْحَمْلَ عَلَى الْحَمْلِ وَلِأَنَّ الشَّبَهَ لَوْ كَانَ مُعْتَبرا لبطلت مَشْرُوعِيَّة اللّعان وَاكْتفى بِهِ وَلَا زيدا حُكِمَ لَهُ مَعَ الْفِرَاشِ فَلَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا عِنْد عَدمه كَغَيْرِهِ ولان القيافة لَو كَانَ علما لامكن اكتسابه كَسَائِرِ الْعُلُومِ وَالصَّنَائِعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَة لَيست صُورَة نزاع لِأَنَّهُ كَانَ صَاحب فرَاش انما سَأَلَهُ عَنِ اخْتِلَافِ اللَّوْنِ فَعَرَّفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّبَبَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَادَةِ فِي أَنَّ الْوَلَدَ لِفِرَاشٍ وَاحِدٍ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ وَظَوَاهِرُ النُّصُوصِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَأْبَاهُ وَعَن الرَّابِع ان الحكم لَيْسَ مصافا إِلَى شَاهد من شبه الانسان يجمع مِنَ النَّاسِ إِنَّمَا يُضَافُ لِخَاصِّيَّةٍ أُخْرَى يَعْرِفُهَا أهل الْقَافة.
وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الْقِيَافَةَ إِنَّمَا تَكُونُ حَيْثُ يَسْتَوِي الْفِرَاشَانِ وَاللِّعَانُ يَكُونُ لِمَا شَاهَدَهُ الزَّوْجُ فَهُمَا بَابَانِ مُتَبَايِنَانِ لَا يَسُدُّ أَحَدُهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ وَعَنِ السَّادِسِ الْفَرْقُ أَنَّ وُجُودَ الْفِرَاشِ وَحْدَهُ سَالِمٌ عَنِ الْمَعَارِضِ يَقْتَضِي اسْتِقْلَالَهُ بِخِلَافِ تَعَارُضِ الْفِرَاشَيْنِ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّهُ قُوَّةٌ فِي النَّفْسِ وَقُوَى النَّفْسِ وَخَوَاصُّهَا لَا يُمْكِنُ اكْتِسَابُهَا واما على قَوْلِ ش إِنَّ الْأَمَةَ يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَهَا جَمَاعَةٌ مِلْكًا صَحِيحًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَطَأَهَا جَمِيعُهُمْ بِالشُّبْهَةِ فَقْدِ اسْتَوَوْا فَاحْتَاجُوا إِلَى الْمُرَجِّحِ وَالنِّكَاحُ لَا يَثْبُتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِاثْنَيْنِ فِي وَقْتٍ وَلِأَنَّ وَلَدَ الزَّوْجَةِ لَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ الا بِاللّعانِ فَهُوَ اقوى فَلَا تنْدَفع بِالْقَافَةِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ لَا يُشْرَعُ فِيهِ اللِّعَانُ احْتَجُّوا بَان عمر ر ضي اللَّهُ عَنْهُ أَجَازَ الْقَافَةَ فِي وَلَدِ الزَّوْجَاتِ ولان الشّبَه مُرَجّح فَإِذا تعادلت الاسباب رَجَعَ بِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِك فِي اولاد الْحَرَائِر من الزِّنَى فِي الْجَاهِلِيَّة وَعَن الثَّانِي أَنه لابد أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَقْوَى بِخِلَافِ الْمِلْكِ.
قَاعِدَةٌ:
قَوْلُ الْعُلَمَاءِ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ بَاب الرِّوَايَة فِي غَايَة الاشكال فِي الخفى وطلبته نَحْو ثَمَانِيَة سِنِين فَلم أَجِدْهُ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْتُ الْمَازَرِيَّ بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ قَوْلَنَا هَلْ هَذَا مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ أَوْ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَرْعُ تَصَوُّرِ حَقِيقَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَضَابِطِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَنَا الْعَبْدُ مُتَرَدِّدٌ بَين الْمَالِيَّة والآدمية فرع تصورهما فَمَا ضابطه مَا وَبَعْضهمْ يُجِيبُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي فِيهَا الْعَدَدُ وَالْحُرِّيَّةَ لَا تَفْتَقِرُ لِذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْعدَد والذكورية فرع كَونهمَا شَهَادَة أو رِوَايَة فتعريفهما بِذَلِكَ دَوْرٌ وَالَّذِي قَالَهُ الْمَازَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُتَعَلَّقُ الْخَبَرِ إِنْ كَانَ خَاصًّا مُطْلَقًا فَهُوَ شَهَادَةٌ اتِّفَاقًا كَإِثْبَاتِ الْحُكْمِ عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو أَوْ عَامًّا مُطْلَقًا فَهِيَ رِوَايَةٌ إِجْمَاعًا نَحْو الاعمال بِالنِّيَّاتِ فَإِنَّهُ يَشْمَل الانصار وَالْأَعْصَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَتَقَعُ صُورَةٌ عَامَّةٌ مِنْ وَجْهٍ خَاصَّةٌ مِنْ وَجْهٍ يَخْتَلِفُ فِيهَا وُجُودُ الشَّائِبَتَيْنِ فَمَنْ غَلَّبَ إِحْدَاهُمَا أَلْحَقَ تِلْكَ الصُّورَةَ بِبَابِ تِلْكَ الشَّائِبَةِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى هِلَالِ رَمَضَان لِأَنَّهُ لَا يتَعَدَّى تِلْكَ السّنة عَام لِأَنَّهُ يَشْمَل جملَة الاقليم وكالقائف والمقدم وَالتُّرْجُمَانِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَاكِمَ نَصَّبَهُمْ لِلنَّاسِ جِهَةَ عُمُومٍ لَا يَخُصُّ النَّصْبُ أَحَدًا دُونَ أَحَدٍ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ قَضَاءَهُمْ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مُعَيَّنٍ هُوَ جِهَةُ خُصُوصٍ فَصَارَ الْعُمُوم هُوَ ضَابِط الخبرا وَالْخُصُوصُ ضَابِطَ الشَّهَادَةِ وَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ لِتَوَقُّعِ التُّهْمَةِ بِالْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْعَدْلِ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْخَاص فاستظهر باخر مَعَه وَمَعَ العَبْد لتوقع مِنْهُ الانفقة لنفاستها والنسا غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِحِفْظِهِنَّ لِضَعْفِ عَقْلِهِنَّ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}.
وَفِي الْبَابِ فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ تَقَعُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ مَعَ رَجُلٍ أَمْ لَا وَإِنَّمَا تَجُوزُ حَيْثُ ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي الدَّيْنِ وَمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ لِلضَّرُورَةِ وَيَحْلِفُ الطَّالِبُ مَعَ امْرَأَتَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ وَيُقْضَى لَهُ وَتَجُوزُ فِي الْمَوَارِيثِ فِي الْأَمْوَالِ إِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِغَيْرِهِنَّ وَقَتْلِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ مَالٌ قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا أُجِزْنَ فِي الْخَطَأِ وَالْأَمْوَالِ لِلضَّرُورَةِ فِي فَوَاتِهَا فَأَمَّا الْجَسَدُ فَهُوَ يَبْقَى فَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رُؤْيَة جَسَد الْقَتِيل والجنين والا لم تجب شهادتين شَهَادَتهم فِي النُّكَتِ قِيلَ مَعْنَى شَهَادَتِهِنَّ فِي الْمَوَارِيثِ أَنْ يَتْرُكَ الْمَيِّتُ أَخَوَيْنِ فَيَخْتَلِفَانِ فِي أَقْعَدِهِمَا بِالْمَيِّتِ فَيشْهد أَنه أَقْعَدَ بِأَنْ يَكُونَ نَسَبُ الْوَارِثِ ثَابِتًا فَشَهِدْنَ بِحَضْرَةِ الْوَرَثَةِ فَيَجُوزُ مَعَ يَمِينِ الْوَارِثِ أَوِ الْوَرَثَةِ وَيَجُوزُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَعَ رَجُلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ سَحْنُونٍ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَتِ الْمَرْأَتَانِ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ وَعَلَى أَنَّهُ صَبِيٌّ تَجُوزُ مَعَ الْيَمين وَعنهُ الْقيَاس ان لَا تَجُوزَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ نَسَبًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مَالًا فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَرِثُ وَيُوَرَّثُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَبْقَى إِذَا أُخِّرَ دَفْنُهُ إِلَى أَنْ يُوجَدَ الرِّجَالُ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَلِدُ ثُمَّ تَمُوتُ هِيَ وَوَلدهَا فِي سَاعَة يحلف ابو الْوَصِيّ أَوِ الْوَرَثَةِ مَعَ شَهَادَةِ النِّسَاءِ أَنَّ الْأُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ أَوْ مَاتَ قَبْلَهَا فَيَسْتَحِقُّونَ الْمِيرَاثَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَالٌ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ وَأَشْهَبُ وَمُحَمَّدٌ ذَلِك لَان الْجَسَد يَفُوتُ وَالِاسْتِهْلَالَ يَفُوتُ إِنَّمَا يَرِثُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي وَصَايَا الْمُدَوَّنَةِ إِذَا مَاتَ رَجُلٌ فَشَهِدَ عَلَى مَوْتِهِ امْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ زَوْجَةٌ وَلَا أَوْصَى بِعِتْقٍ وَلَا لَهُ مُدَبَّرٌ وَلَيْسَ إِلَّا مَالٌ يُقَسَّمُ جَازَتِ الشَّهَادَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَتُمْنَعُ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ رَجُلٍ عَلَى الْعَفْوِ عَنِ الدَّمِ كَمَا تُمْنَعُ فِي دَمِ الْعَمْدِ وَتَجُوزُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَجِرَاحِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَإِنْ شَهِدْنَ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مُنَقَّلَةٍ عمدا أو مامونة عَمْدًا جَازَتْ شَهَادَتُهُنَّ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِيهِمَا إِنَّمَا هُوَ مَالٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي شَهَادَتِهِنَّ فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَثَبَتَ عَلَى الْمَنْعِ قَالَ وَأَصْلُنَا جَوَازُهَا فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ قِيلَ لِسَحْنُونٍ فَأَنْتَ تُجِيزُ الشَّاهِدَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ مَعَ الْقَسَامَةِ وَلَا تُجِيزُ فِيهِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنَ الْقَسَامَةِ فَقَالَ لَا يُشْبِهُ هَذِهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَالْقَسَامَةُ خَمْسُونَ يَمِينًا وُفِي الْمَوَّازِيَّةِ تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ وَحْدَهَمَا عَلَى الْجَرْحِ مَعَ يَمِينِ الْمَجْرُوحِ وَعَلَى الْقَتْلِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَكَوْنِهِ فِيهِ الْقَسَامَةُ فِيمَنْ ظَهَرَ مَوْتُهُ وَلَا تَجِبُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْقَتْلِ قَسَامَةٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا جَازَ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ جَازَ فِيهِ امْرَأَتَانِ مَعَ يَمِينٍ قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيمَا يُؤَدِّي إِلَى طَلَاق وَعتق وَيَقْتَضِي عتق وَاحِد كشهادتهم بِشِرَاءِ الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ فَيَحْلِفُ وَتَصِيرُ مِلْكًا لَهُ فَيَجِبُ بِذَلِكَ الْفِرَاقُ أَوْ عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَيتم الْعتْق وكشهاتهن مَعَ يَمِينٍ بِدَيْنٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْعِتْقِ فَيُرَدُّ الْعِتْقُ وَكَشَهَادَتِهِنَّ مَعَ رَجُلٍ أَنَّ الْمَقْذُوفَ عَبْدٌ فيزول الْحَد.
الْفَرْع الثَّانِي:
فِي الْكتاب تَجُوزُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ فِي الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَتُقْبَلُ حِينَئِذٍ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ لَا يُقْبَلُ فِيهِ أَقَلُّ مِنِ امْرَأَتَيْنِ وَتَمْتَنِعُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وحدهن أو مَعَ وَصِيٍّ إِنْ كَانَ فِي الْوَصِيَّةِ عِتْقٌ أَوْ أَبْضَاعُ النِّسَاءِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا قَالَ سَحْنُونٌ الْوَصِيَّةُ وَالْوِكَالَةُ لَيْسَتَا مَالًا وَلَا يَحْلِفُ وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ مَعَ شَاهِدِ رَبِّ الْمَالِ أَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِمَا وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى لَهُ بِكَذَا مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ مَائَةَ امْرَأَةٍ يحلف مَعَهُنَّ وَلَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا نِصْفُ رَجُلٍ وَإِنْ شَهِدْنَ لِعَبْدٍ أو أمراة أو الذِّمِّيّ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ وَلَا يَحْلِفُ الْوَصِيُّ حَتَّى يَسْمَعَ لِعَدَمِ الْوَازِعِ الشَّرْعِيِّ فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ أَكَابِرُ حَلَفُوا وَأَخَذُوا مِقْدَارَ حَقِّهِمْ فَإِنْ نَكَّلُوا وَبَلَغَ الصِّغَارُ حَلَفُوا وَاسْتَحَقُّوا حَقَّهُمْ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ ضَمِنَ الْمَالَ وَلَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الطَّالِبُ وَضَمِنَ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ وَلَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّ عَبْدَ فُلَانٍ قَتَلَ عَبْدًا عمدا أو خطئا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّ العَبْد وَلَا يقبل فِي الْعمد فِي التَّنْبِيهَات فِي الْمُوازِية تمتّع شَهَادَتُهُنَّ فِي الْوِكَالَاتِ عَلَى الْمَالِ وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِم تعلمهن الشَّهَادَة وَاسْتدلَّ يذلك عَلَى جَوَازِ نَقْلِ الرَّجُلِ الشَّهَادَةَ عَمَّنْ لَا يعدلنه لِأَنَّ تَعْدِيلَ النِّسَاءِ لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَنْعَ تَعْدِيلِهِنَّ إِنَّمَا هُوَ السُّنَّةُ إِذْ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مَعْرُوفَ الْعَدَالَةِ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ تعرف عَدَالَتُهُ وَقَدْ قِيلَ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ الْفَرْعُ الْأَصْلَ فَهِيَ رِيبَةٌ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ وَقَوْلُهُ يَمْتَنِعُ فِي الْوَصِيَّةِ فِيهَا عِتْقٌ ظَاهِرُهُ مَنْعُهَا فِي الْجَمِيعِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ شُيُوخُنَا وَهُوَ خِلَافُ أَصْلِهِ فِي الشَّهَادَةِ إِذَا رُدَّتْ لِلسُّنَّةِ لَا لِلتُّهْمَةِ أَنَّهَا تجوز فِيمَا لَا يرد فِيهِ كَقَوْلِهِ فِي السَّرِقَةِ يُضْمَنُ الْمَالُ دُونَ الْقطع وَقَوله فِي شَهَادَة رجل فِي وَصيته فيهمَا عِتْقٌ وَوَصَايَا بِمَالٍ تَجُوزُ فِي الْمَالِ دُونَ الْعِتْقِ وَأَبْضَاعُ الْفُرُوجِ الْبُضْعُ بِضَمِّ الْبَاءِ الْفَرْجُ يُرِيدُ الْوَصِيَّةَ بِإِنْكَاحِهِمْ فِي النُّكَتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا شَهِدَتَا عَلَى الِاسْتِهْلَالِ وَأَنَّ الْمَوْلُودَ ذَكَرٌ جَازَ وَتَكُونُ مَعَ شَهَادَتِهِنَّ الْيَمِينُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْوَصَايَا إِذَا شَهِدَ النِّسَاءُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مَوْتِ مَيِّتٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا قَسْمُ الْمَالِ جَازَ وَهَذَا الْبَدَنُ غَيْرُ حَاضر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي شَهَادَة عَلَى الْوَلَاءِ يُؤْخَذُ بِهِ الْمَالُ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْوَلَاءُ أَوْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَدْ مَاتَتْ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَقَالَ أَشْهَبُ فِي جَمِيعِ هَذَا وَقَوْلُهُ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الْوَصِيَّةِ فِيهَا عِتْقٌ هَذَا عَلَى وَجْهِ إِنْ كَانَ لِلْمُوصِي مَدبَّرُونَ أَوْ مُكَاتَبُونَ أَوْ أَمُّ وَلَدٍ أَوْ زَوْجَاتٌ لَا يَضُرُّهُنَّ لِأَنَّ هَذِهِ مَعْلُومَةٌ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا حُكِمَ لِلْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ وَإِنْ كَانَ فِيهَا عِتْقٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ امْتَنَعَتْ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَلَى الْعِتْقِ وَالْوَصِيُّ إِذَا اشْتَرَى رَقَبَةً يُخَيَّرُ بَيْنَ عِتْقِهَا وَعِتْقِ غَيْرِهَا فَصَارَتْ شَهَادَةً عَلَى الْعِتْقِ أَوْ بِعَيْنِهَا جَازَتِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ لَا حُكِمَ لِلْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَنَاتٌ ثُيَّبٌ فَلَا وَصِيَّةَ عَلَيْهِنَّ وَفِي الْأَبْكَارِ النَّظَرُ لِلسُّلْطَانِ وَيَبْقَى نَظَرُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ وَلَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ كُلُّهَا وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ مَعَ رَجُلٍ عَلَى مَوْتِ رَجُلٍ لَهُ مُدَبَّرٌ أَوْ أَمُّ وَلَدٍ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ قَسْمُ الْمَالِ جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ التُّونِسِيُّ كَلُّ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ حُكْمُ امْرَأَتَيْنِ فِيهِ حُكْمُ الرَّجُلَيْنِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى يَمِينٍ كَعَيْبٍ بِالْفَرْجِ وَالسَّقْطِ وَعُيُوبِ النِّسَاءِ وَالرَّضَاعِ وَزَوَالِ الْبَكَارَةِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يطلع عَلَيْهِ الْمَشْهُودُ لَهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجَاءِ السَّتْرِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَقَالَ وَجَدْتُهَا ثَيِّبًا أَنَّ افْتِضَاضَهَا قَرِيبٌ حَلَفَ الْبَائِعُ مَعَ شَهَادَتِهِمَا وَرَدَّهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقَائِمَ يَدَّعِي عِلْمَ مَا شَهِدْنَ لَهُ بِهِ فَالْوَاجِبُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَحْلِفَ وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَامْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ حَلَفَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي هَذَا كَالرَّجُلِ وَلَوْ شهِدت أمرتان بِالْوِلَادَةِ كَانَتْ عَلَى أُمِّ وَلَدٍ وَاخْتُلِفَ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ هَلْ تَنْقِلُ عَنِ الْمَرْأَةِ امْرَأَتَانِ أَجَازَهُ أَصْبَغُ كَالرِّجَالِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي النَّقْلِ وَلَمْ يَجُزْنَ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلٍ مَعَهُنَّ فِي النَّقْلِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ النَّقْلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَتَمْتَنِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ شَهَادَتُهُنَّ فِي جراح الْعمد مَعَ تجويزه فيهمَا لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَجَوَّزَهُنَّ سَحْنُونٌ فِي كُلِّ مَا يَجُوزُ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ وَجَوَّزَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَسَامَةَ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَمَنْعَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ شَهِدَتَا مَعَ رَجُلٍ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ عَمْدًا قَالَ لابد مِنَ الْقَسَامَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُلْحَقُ بِعُيُوبِ الْفَرْجِ مَعْرِفَةُ الْحَيْضِ وَحَبْسُ الْحَمْلِ وَلَمْ يُجْعَلْ لِلْوَاحِدَةِ أَصْلٌ فِي مَالٍ وَلَا غَيْرِهِ فَلَوْ سَلَكَ بِالْمَرْأَتَيْنِ مَسْلَكَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَالِ فَتَكُونُ فِيهِ الْيَمِينُ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وأمراة على الاستهلال لم تجز شَهَادَتهمَا لارْتِفَاع الضَّرُورَة بِحُضُور الرِّجَال بمسقطة شَهَادَة المراة وَبَقِي الرجل وَحده وَجوزهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا أَجَازُوا شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا فَكَيْفَ بِهَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الْإِحْصَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخْتَلَفُ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ وَقَبُولِهِنَّ وَحْدَهُنَّ وَالْيَمِينِ وَغَيْرِهَا بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ فِيهِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ قِسْمًا:
الْأَوَّلُ:
الْأَمْوَالُ كَالْبَيْعِ وَالْقِرَاضِ وَالْقَرْضِ وَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وِدِيَةِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ.
الثَّانِي:
الشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِحْصَانِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْمَوْتِ.
الثَّالِثُ:
مَا هُوَ مَالٌ وَيُؤَدِّي إِلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَبْدَانِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَعَلَى دَفْعِ الْكِتَابَةِ وَعَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوْ أَمَةٍ مِنْ زَوْجِهَا.
الرَّابِعُ:
مَا لَيْسَ بِمَال وَيُؤَدِّي إِلَى مَال كالو كاله بِمَالٍ وَالنَّقْلِ عَمَّنْ شَهِدَ لَكَ بِمَالٍ وَكِتَابِ الْقَاضِي الْمُتَضَمِّنِ بِمَالٍ وَالنِّكَاحِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ أَوْ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ أَوْ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ أَخُوهُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ثَابِتَ النَّسَبِ.
الْخَامِسُ:
التَّارِيخُ بِمَا يَتَضَمَّنُ مَالًا وَيُؤَدِّي إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بالأبدان كتاريخ الْحَالِف بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ لَيَقْضِيَنَ فَلَانًا رَأْسَ الشَّهْرِ فَشهد بِأَنَّهُ قَضَى قَبْلَهُ أَوْ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا وَقَدْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلِمَنْ وَطِئَ أَمَةً أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ سَيِّدِهَا قَبْلَ ذَلِكَ.
السَّادِسُ: قَتْلُ الْعَمْدِ.
السَّابِعُ: جِرَاحُ الْعَمْدِ.
الثَّامِنُ: الزِّنَى.
التَّاسِعُ:
الْإِقْرَارُ بِالزِّنَى وَعَلَى كِتَابِ الْقَاضِي بِالزِّنَى وَأَنَّ الْقَاضِيَ حَدَّ فُلَانًا أَوْ عَلَى مُعْتَقٍ أَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ تَبَرَّأَ مِنْ زِنَاهُ فِي حِينِ بَيْعِهِ.
الْعَاشِرُ:
مَا لَا يَحْضُرُهُ غَيْرُ النِّسَاءِ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَالْحَيْضِ وَنَحْوِهُ.
الْحَادِي عَشَرَ:
النَّقْلُ عَمَّنْ شَهِدَ مِنْهُنَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
الثَّانِي عَشَرَ:
مَا يَقَعُ بَيْنَهُنَّ فِيمَا يَجْتَمِعْنَ لَهُ كَالصَّنِيعِ وَالْمَأْتَمِ وَالْحَمَّامِ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ.
الرَّابِعَ عَشَرَ:
التُّرْجُمَانُ وَالْقَائِفُ وَالطَّبِيبُ وَمُقَوِّمُ الْعَيْبِ وَالْقَاضِي وَمُكَشِّفُهُ يسال عَن الرِّجَال عَن التَّعْدِيل والتجريج لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ.
الْخَامِسَ عَشَرَ: الِاسْتِفَاضَةُ يشْهد عَلَيْهَا.
السَّادِسَ عَشَرَ:
الشَّهَادَةُ عَلَى السَّمَاعِ بِالْأَمْوَالِ تُسْتَحَقُّ باربعة اوجه رجلَيْنِ وَرجل وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٍ وَالْيَمِينِ وَامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ رَجُلَيْنِ بِهِ الْمَالُ وَلَا بُدَّ فِي الْقَطْعِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَمَا يُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ الْمَالِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ وَصِيٌّ بِخَمْسِينَ بَشَرًا رَقَبَةٌ لِلْعِتْقِ مَنَعَ عِتْقَهَا إِلَّا بِشَهَادَةِ رجلَيْنِ وَالْعَبْد الْمعِين يجوز واجازه مَالك كَمَا لَوْ فَلَانًا رَقَبَةً لِلْعِتْقِ وَغَيْرُ الْمَالِ يُؤَدِّي إِلَيْهِ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ النِّسَاءِ نَظَرًا وَاخْتُلِفَ فِي التَّارِيخِ كَذَلِكَ فَنَفَّذَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ غَيْرُهُمَا لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ كَالنِّكَاحِ وَفِي جُرْحِ الْعَمْدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مَنْعُ الْقَطْعِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَالْقَتْلِ وَقَالَ فِي كتاب الشَّهَادَات كل جرح لاقصاص فِيهِ كالجائفة يجوز فِيهِ الشَّاهِد وَالْيَمِين لِأَنَّهُ مَالٌ وَقِيلَ يَجُوزُ فِيمَا ظَهَرَ مِنَ الْجراح دون واكثر الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فَيَلْحَقُ بِالْحُدُودِ وَقِيلَ فِيمَا كَانَ مِنَ الشَّتْمِ دُونَ الْقَذْفِ يَجُوزُ فِيهِ الشَّاهِدُ الْيَمين وَيُعَاقَبُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِمَا كَانَ فِي الْحُرْمَةِ دون الْقَذْف وَقيل لابد مِنْ رَجُلَيْنِ لِأَنَّهُ بَدَنِيٌّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يقبض بِشَاهِد وَيَمِين بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ وَأَمَّا الزِّنَى إِنْ كَانَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ عَلَى أَيِّهِمَا كرها فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْحَدِّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَعَلَى الْمُعَايَنَةِ وعَلى الآخر يجزىء رَجُلَانِ وَتَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ الصَّدَاقَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَالْمُقِرُّ بِالزِّنَى إِذَا رَجَعَ وَلَمْ يَأْتِ بِعُذْرٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ فِي حَدِّهِ وَيُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِكِتَاب القَاضِي مهما وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ ثَبَتَ عِنْدَ الْأَوَّلِ بِأَرْبَعَةٍ وَيُحَدُّ الشَّاهِدَانِ وَإِذَا قَالَ قَاذِفٌ إِنَّ فَلَانًا الْوَالِيَ عَرَفَ الْمَقْذُوفَ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى فِعْلِ الْقَاضِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وُفِي الْوَاضِحَةِ يُحَدُّ الْقَاذِفُ دُونَ الشَّاهِدَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا عَلَى رُؤْيَةٍ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ وَلَا الْقَاذِفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَثْبَتَ مَا ادَّعَاهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِحَدِّ الْمُقِرِّ هَاهُنَا يُحَدُّ إِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وأنكر واعترف بِالْوَطْءِ أو بِعِتْق فَأَنْكَرَ وَاعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحَدِّ لَا يُحَدُّ هَؤُلَاءِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الْأَصْلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى السَّيِّدِ لِإِمْكَانِ نِسْيَانِ الْعِتْقِ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالطَّلَاقِ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ حُدَّ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُحَدُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ أَنَّ الْوَلَدَ ذَكَرٌ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الطَّالِبُ وَيَسْتَحِقُّ فجعلهما لرجل لِأَنَّ الذُّكُورِيَّةَ مِمَّا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهِ وَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ يُسْتَحَقُّ بِهِ مَال وابطلها اشهب لِأَنَّهَا لَيست مَا لَا على اصله وَقَالَ اصبغ ان مَاتَ بِالدَّيْنِ وَطَالَ أَمْرُهُ وَالْمُسْتَحِقُّ بَيْتُ الْمَالِ أَوِ الْقَرَابَةُ الْبَعِيدَةُ جَازَ أَوْ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ بعض امْتنع لفوته واذا كَانَ الْعَيْب لغير الْفرج اخْتلف هَل يبْقى الثَّوْبَ عَنْهُ لِيَرَاهُ الرِّجَالُ أَوْ يَكْفِي النِّسَاءُ هَذَا فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فِي عَيْبِ الْفرج وَالْأمة فَاتَت أَوْ غَابَتْ أَوِ الْقَائِمُ بِالْعَيْبِ هُوَ الَّذِي اتى بِالنسَاء يشهدن فلابد مِنِ امْرَأَتَيْنِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَوِ الْحَاكِمُ الْكَاشِفُ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ تُقْبَلُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنِ امْرَأَتَيْنِ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَعْلَمُهُ الرِّجَالُ كَالْبَكَارَةِ يَقُولُ وَجَدْتُهَا ثَيِّبًا وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَتَوَلَّ الْحَاكِمُ كَشْفَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنِ امْرَأَتَيْنِ وَاخْتُلِفَ فِي الدَّيْنِ وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِيمَا يَقَعُ بَينهُنَّ فِي المآتم وَنَحْوهَا فَقَوْلَانِ الْجَوَاز على الصّبيان وان لم يَكُونَا وَالْمَنْعُ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ قَالَ وَأَرَى إِنَّ ثَبَتَ فَخَرَجَتْ وَيَقْتَصُّ وَإِنْ عَدَلَ مِنْهُنَّ اثْنَانِ اقْتَصَّ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ عَيْبُ الْفَرْجِ شَيْء قَلِيل هَاهُنَا وَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالنسَاء مَعَ الْيَمين وان شهد حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ ش وَابْن حَنْبَل فِي أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ وَقَالَ ح يُقْبَلُ فِي أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ إِلَّا فِي الْحُدُود الْقود فِي النَّفْسِ أَوِ الْأَطْرَافِ لَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْمُدَايَنَاتِ رَجُلَيْنِ {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ} فَكَانَ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مِثْلَهُ وَقَالَ تَعَالَى فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُم} وَهُوَ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ فَكَانَتِ الْأَحْكَامُ الْبَدَنِيَّةُ كُلُّهَا كَذَلِك الا مَوضِع لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لم يَكُونَا رجلَيْنِ} الاية فاقيم الرجل والمراتان مقَام الرجل انما عِنْدَ عَدَمِ الشَّاهِدِينَ وَهُوَ بَاطِلٌ لِجَوَازِهِمَا مَعَ وجود الشَّاهِدين اجماعا فَتعين أَنه تَعَالَى اقامها فِي التَّسْمِيَةِ فَيَكُونَانِ مُرَادَيْنِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ لِوُجُودِ الِاسْمِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {فَرجل وَامْرَأَتَانِ} وَمَا خَصَّ مَوْضِعًا وَلِأَنَّهَا أُمُورٌ لَا تَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ فَقُبِلَ فِيهَا النِّسَاءُ كَالْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ وَالرَّجْعَةَ عَقْدُ مَنَافِعٍ فَيُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ كَالْإِجَارَةِ وَلِأَنَّ الْخِيَارَ وَالْآجَالَ لَيْسَتْ أَمْوَالًا وَيُقْبَلُ فِيهَا النِّسَاءُ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ رَافِعٌ لِعَقْدٍ سَابِقٍ فَأَشْبَهَ الْإِقَالَةَ وَلِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمٌ فَيُقْبَلْنَ فِيهِ كالرضاع وَكَذَلِكَ الْعتْق كازالة مِلْكٍ كَالْبَيْعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمَا يَقُومَانِ مَقَامَ الرَّجُلَيْنِ فِي الْحُكْمِ بِدَلِيلِ الرَّفْعِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرْتُمْ لَقَالَ فَرَجُلًا وَامْرَأَةً بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ خَبَرُ كَانَ وَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الشَّاهِدَانِ رَجُلَيْنِ فَيَكُونَانِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ كَانَ تَقْدِيرُهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ يَقُومَانِ مَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ فَحذف الْخَبَر.
وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ آخِرَ الْآيَةِ مُرْتَبِطٌ بِأَوَّلِهَا وَقَالَ تَعَالَى فِي أَوَّلِهَا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} ثمَّ قَالَ {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} على ان الْعُمُوم لَو سلمناه لخصصناه بِالْقصاصِ عَلَى جِرَاحِ الْقَوَدِ بِجَامِعِ عَدَمِ قَبُولِهِمْ مُنْفَرِدَاتٍ وَلِأَنَّ الْحُدُودَ أَعْلَاهَا الزِّنَى وَأَدْنَاهَا السَّرِقَةُ وَمَا قبل فِي أَحدهمَا يُقْبَلُ فِي الْآخَرِ فَكَذَلِكَ الْأَبْدَانُ أَعْلَى مِنَ الْأَمْوَالِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا مَا يُقْبَلُ فِي الْأَمْوَالِ وَلِأَنَّ الْقَتْلَ وَحَدَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ وحد الْخمر لَيْسَ بِثَابِت ولانا بِالْقِيَاسِ على الزِّنَى لَا عدم اشْتِرَاطِ أَرْبَعَةٍ فِيهِ وَلَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمْوَالِ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ فَتَعَيَّنَ قِيَاسُهَا عَلَى الطَّلَاقِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ أَحْكَامَ الْأَبْدَانِ أَعْظَمُ رُتْبَةً وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ لَا يُقْبَلْنَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ فَلَا يُقْبَلْنَ فِيهِ كَالْقِصَاصِ وَلِأَنَّا وَجَدْنَا النِّكَاحَ آكَدَ مِنَ الْأَمْوَالِ لِاشْتِرَاطِ الْوِلَايَةِ فِيهِ وَلَمْ يَدْخُلْهُ الْأَجَلُ وَالْخِيَارُ وَالْهِبَةُ وَعَنِ الرَّابِع ان الْمَقْصُود من الاجازة الْمَالُ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ مَقْصُودَهُ أَيْضًا الْمَالُ بدلي أَنَّ الْأَجَلَ وَالْخِيَارَ لَا يَثْبُتَانِ إِلَّا فِي مَوضِع فِيهِ المَال وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّهُ حَلُّ عَقْدٍ لَا يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْإِقَالَةُ حَلُّ عَقْدٍ يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ وَالنُّكُولِ أَيْضًا مَقْصُودُ الطَّلَاقِ غَيْرُ الْمَالِ وَمَقْصُودُ الْإِقَالَةِ الْمَالُ وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ الرَّضَاعَ يثبت الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ إِزَالَةٌ إِلَى غَيْرِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ البيع.
تَنْبِيهٌ:
تُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ فِي الدَّيْنِ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّهُمَا قَدْ أُقِيمَتَا مَقَامَ رَجُلٍ وَالرجل يحلف مَعَه وَلِأَنَّهُمَا قَدِ انْضَمَّ إِلَيْهِمَا غَيْرُ جِنْسِهِمَا احْتِرَازًا مِنْ كَثْرَتِهِنَّ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ كَالرَّجُلِ مَعَ الْيَمِينِ احْتَجُّوا بِأَنَّ شَهَادَةَ الرَّجُلِ مَعَهُنَّ مِمَّا يَزِيدُ صِدْقَهُنَّ فَإِذَا انْفَرَدَتَا أُسْقِطَتْ لِانْتِفَاءِ الْمُقَوِّي وَجَوَابُهُمْ أَنَّكُمْ تَقْبَلُونَ أَرْبَعَةً فِي الْأَمْوَالِ مَعَ عَدَمِ الرجل فَدلَّ على عدم اعْتِبَاره وَخَالَفنَا ش فِي قبولهن مُفْرَدَات فِي الرَّضَاعِ لِكَوْنِهِ مَعْنًى لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا فَيَجُوزُ ذَلِكَ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَخَالَفَنَا ش فِي قبولهن منفردات فَقَالَ لابد مِنْ أَرْبَعٍ وَقَالَ ح إِنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ مَا بَين السوءة وَالرُّكْبَةِ قَبِلَ فِيهَا وَاحِدَةً وَقَبِلَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْوَاحِدَةَ مُطْلَقًا فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ لَنَا أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي شَيْءٍ عَلَى انْفِرَادٍ كَفَى مِنْهُ شَخْصَانِ كَالرِّجَالِ وَلَا يَكْفِي مِنْهُ وَاحِدَةٌ كَالرِّجَالِ وَكَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الرِّجَالِ أَقْوَى وَأَكْثَرُ وَلَمْ يَكْفِ وَاحِدٌ فَالنِّسَاءُ أَوْلَى احْتَجُّوا بِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي لَهَبٍ فَأَتَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ أَرْضَعْتُكُمَا فاتيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقلت يارسول اللَّهِ إِنَّهَا كَاذِبَةٌ قَالَ كَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا فِي الِاسْتِهْلَالِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ تجزي وَقِيَاسًا عَلَى الْآيَةِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ رَجُلٍ فِي الْموضع الَّذِي تشهد فِيهِ مَعَ رجل الرجل.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ لَوْ كَفَتْ لَأَمَرَهُ بِالتَّفْرِيقِ كَمَا لَو شهد عَدْلَانِ بِحكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُكَّامِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ لَا سِيَّمَا فِي اسْتِبَاحَةِ الْفُرُوجِ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَةَ كَافِيَةٌ فِي الْحُكْمِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَحْرِيمُ شَيْءٍ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ كَانَ ذَلِكَ الطَّرِيقُ يَقْضِي بِهِ الْحَاكِمُ أَمْ لَا فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طُلُوعُ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ أَوْ أَنَّ الطَّعَامَ نَجَسٌ حَرُمَ عَلَيْهِ أَكْلُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَإِخْبَارُ الْوَاحِدَةِ يُفِيدُ الظَّنَّ فَأَمَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرِيقِ الْفُتْيَا لَا بِطْرِيقِ الْحُكْمِ وَالْإِلْزَامِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَدِلَّتِنَا الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْفُتْيَا وَعَنِ الثَّالِثِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَعَنِ الرَّابِع الْفرق ان الرِّوَايَة ثبتَتْ حُكْمًا عَامًّا فِي الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ فَلَيْسَتْ مَظَنَّةَ الْعَدَاوَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَدُ وَالرَّجُلُ الْوَاحِدُ لَا يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ اتِّفَاقًا وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ أَيْ إِذَا لَمْ يَكُونَا مَعَ رَجُلٍ لَا يَكُونَانِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ بَلْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ كَرَجُلٍ وَهَذَا لَنَا عَلَيْكُم.
فرع مرتب:
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِذَا لَمْ يُقْبَلْنَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَإِنَّ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ تُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَالسَّيِّدِ أَنَّهُ مَا أَعْتَقَ لِأَنَّهَا شُبْهَةٌ كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى اخْتُلِفَ فِي الْقَائِفِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ بَابِ الْخَبَر قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَكْفِي الْوَاحِدُ لِأَنَّهُ شَهَادَة وَعَن ابْن الْقَاسِم يَكْفِي الْوَاحِد خبر وَيلْزم على هَذَا قبُول قَول العَبْد قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ إِذَا سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ لحقارة الْعُبُودِيَّة وَلَا يلْزم دور ويتضح التَّخْرِيج ونصو بِحَقَائِقَ مَعْلُومَةٍ وَمَعَ الْجَهْلِ بِهَذِهِ الضَّوَابِطِ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ لَيْسَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ كَمَا أَنَّ مَنْ جَهِلَ الْمَالِيَّةَ وَالْآدَمِيَّةَ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَمْنَعُ قَتْلَ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ لِتَرَدُّدِ الْوَالِدِ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَالْآدَمِيَّةِ وَبِالْجُمْلَةِ الْإِحَاطَةُ بِهَذَا أَمْرٌ مُهِمٌّ فَتَعَيَّنَ عَلَى الْفَقِيهِ تَحْصِيلُهُ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا يَعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْحَقَائِقِ إِلَّا آثَارَهَا الَّتِي هِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَيْهَا فَعِلْمُهَا مِنْ قَبْلِهَا دَوْرٌ وَفَسَادُ فَقِهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْخَبَرِ سبع الْقَائِفُ وَالتُّرْجُمَانُ وَالْكَاشِفُ عَنِ الْبَيِّنَاتِ وَقَائِسُ الْجُرْحِ وَالنَّاظِرُ فِي الْعُيُوبِ كَالْبَيْطَارِ وَالطَّبِيبِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ كَانَ الْبَيْطَارُ فَاسِقًا لِأَنَّهُ عِلْمٌ وَضَعَهُ اللَّهُ فِيهِ وَالْمُسْتَنْكِةُ لِلسَّكْرَانِ إِذَا أَمَرَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الشُّرْبِ فَلَا بُد فِيهِ من اثْنَيْنِ كالتقويم لسلع وَالْعُيُوبِ وَالرَّقَبَةِ وَالصَّيْدِ فِي الْحَجِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْحكمَيْنِ فيقيل اثْنَيْنِ وَقِيلَ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ.