فصل: الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي اشْتِقَاقِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.اللَّفْظُ السَّادِسَ عَشَرَ لفظ الموَالِي:

وَفِي الْجَوَاهِر تَشْمَل الذكران الْإِنَاث وَرُوِيَ يَدْخُلُ فِيهِمْ مَوَالِي أَبِيهِ وَمَوَالِي ابْنِهِ وَمَوَالِي الْمَوَالِي وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ وَأَبْنَاءُ الْمَوَالِي يَدْخُلُونَ مَعَ آبَائِهِمْ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ لَهُمْ أَوْلَادٌ وَلَهُ مَوَالٍ لِبَعْضِ أَقَارِبِهِ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَاؤُهُمْ وَلَا يَكُونُ الْحَبْسُ إِلَّا لِمَوَالِيهِ الَّذِينَ أُعْتِقُوا وَأَوْلَادُهُمْ يَدْخُلُونَ مَعَ آبَائِهِمْ فِي الْحَبْسِ إِلَّا أَنْ يَخُصَّهُمْ بِتَسْمِيَةٍ وَقَالَ مَالِكٌ بَعْدَ ذَلِكَ مَوَالِي الْأَبِ وَالِابْنِ يَدْخُلُونَ مَعَ مَوَالِيهِ لِأَنَّهُ يَرِثُهُمْ بِالْوَلَاءِ وَبُدِئَ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ إِلَّا أَن يكون الأباعد أحوجوفي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ أَبْنَاؤُهُمْ مَعَ أَبْنَائِهِمْ وَفِي دُخُولِ مَوَالِي الْأَبِ وَالِابْنِ خِلَافٌ وَالدُّخُولُ أَحْسَنُ وَإِذَا قُلْنَا يَدْخُلُونَ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ يَدْخُلُ مَوَالِي وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأُمِّ وَالْجَدَّةِ وَالْإِخْوَةِ دُونَ مَوَالِي بَنِي الْإِخْوَةِ وَالْعُمُومَةِ وَلَوْ دَخَلُوا دَخَلَ مَوَالِي الْقَبِيلَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِدُخُولِ هَؤُلَاءِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ الْمَجْمُوعَةِ يَبْدَأُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُؤْثَرُ عَلَى الْأَبْعَدِ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ غَنِيًّا أُوثِرَ الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ عَلَيْهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي مَوَالِي الْأَبِ وَالِابْنِ أَيْضًا وَقَالَ (ش) يَدْخُلُ الْأَعْلَى إِنْ فُقِدَ الْأَسْفَلُ أَوِ الْأَسْفَلُ إِنْ فُقِدَ الْأَعْلَى وَهُمَا إِنِ اجْتَمَعَا.

.اللَّفْظُ السَّابِعَ عَشَرَ لَفْظُ السَّبِيلِ:

وَفِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ فَرَسًا أَوْ مَتَاعًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لِلْغَزْوِ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ لِأَنَّ الطَّاعَاتِ كُلَّهَا سُبُلٌ وَطُرُقٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ أَن الْغَزْو أشهر عرفا فنعين وَيَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ فِي مَوَاجِيزِ الرِّبَاطِ كَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَنَحْوِهَا وَسَوَاحِلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَتُونِسَ بِالْمَغْرِبِ دُونَ جُدَّةَ لِأَنَّ نُزُولَ الْعَدُوِّ بِهَا كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا وَكَذَلِكَ دَهْلَكُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مَوَاجِيزُ الْإِسْلَامِ رِبَاطَاتُهُ وَدَهْلَكُ بِفَتْحِ الدَّالِّ قِيلَ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ السُّودَانِ سُمِّيَتِ الْبَلْدَةُ بِهِ وَهِيَ جَزِيرَةٌ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ قَالَ أَبُو عمر إِن دَهْلَكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ يَدْخُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَمِيعُ سُبُلِ الْخَيْرِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَالْأَحْسَنُ الْغَزْوُ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مَنْ حَبَسَ دَارَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا يَسْكُنْهَا إِلَّا الْمُجَاهِدُونَ وَالْمُرَابِطُونَ وَمَنْ مَاتَ فِيهَا فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا امْرَأَتُهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَيَخْرُجُ مِنْهَا صِغَارُ وَلَدِهِ مَنْ لَيْسَ بِمُجَاهِدٍ وَلَا مُرَابِطٍ وَمَنْ حَبَسَ نَاقَتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا إِلَّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَنْتَفِعُ بِلَبَنِهَا لِقِيَامِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ عَبْدٌ خَدَمَ الْغُزَاةَ وَيَعْمَلُ فِي طعامهم تمّ بِحَمْد الله تَعَالَى.

.كِتَابُ الْوَصَايَا:

وَفِيهِ مُقَدِّمَتَانِ وَقِسْمَانِ:


.الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي اشْتِقَاقِهَا:

وَلَفْظِهَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَوْصَيْتُ لَهُ إِذا جعلته وصيك وأوصيت لَهُ بِشَيْء وَالِاسْم والوصاية بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا وَالْوَصَاةُ أَيْضًا وَوَصَّيْتُ وَأَوْصَيْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَوَصَيْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أصيه إِذا أوصيته بِهِ وَأَرْضٌ وَاصِيَةٌ أَيْ مُتَّصِلَةُ النَّبَاتِ قَالَ صَاحب القبس الْوَصِيَّة قَول يلقيه أحد كَمَا لبر آخر لِيَعْمَلَ بِهِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ لِتَنْفِيذِ مَقَاصِدِهِمَا بِالْوَصِيَّةِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْوَصِيَّةُ مِنْ وَصَيْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ كَمَا تَقَدَّمَ كَأَنَّ الْمُوصِي وَصَلَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَا قَبْلَهُ فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ.

.الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا:

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين الْأَقْرَبين} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} فتقدميها عَلَى الْمِيرَاثِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ تَنْفِيذِهَا وَصِحَّتِهَا وَاخْتُلِفَ فِي الْأُولَى فَقِيلَ الْمُرَادُ مَنْ لَا يَرِثُ مِنَ الْأَقْرَبِينَ كَالْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ أَوْ مُسْلِمٌ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ وَلَمْ تُنْسَخْ وَقِيلَ مَنْسُوخَةٌ فِي الْوَالِدين دون الْأَقَارِبِ وَقِيلَ مَنْسُوخَةٌ فِي الْجَمِيعِ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ وَرجع الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ لِأَنَّ عَدَمَ النَّسْخِ أَوْلَى مَهْمَا أَمْكَنَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْمَشْهُورُ النَّسْخُ قَالَه مَالك بِآيَة الْمَوَارِيثِ لِكَوْنِهَا بَعْدَهَا وَرُوِيَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْوَصِيَّةِ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمَوَارِيثِ وَهَذَا لَا يُعْلَمُ إِلَّا تَوْقِيفًا إِذْ لَيْسَ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ مَا يَقْتَضِي النَّسْخَ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ وَيُمْكِنُ التَّمَسُّكُ فِي النَّسْخِ بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» فَنَافَى بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْفَرْض وَقيل النَّاسِخ قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ نسخ الْقرَان بِالسنةِ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْمُرَادُ بِالْخَيْرِ الْمَالُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَرَثَةِ فِيهِ.
وَأَمَّا السّنة قَالَ صَاحب القبس أحاديثهما كَثِيرَةٌ وَأُصُولُهَا أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ مَا فِي مُسْلِمٍ قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا قُلْتُ فَكَيْفَ كَتَبَ الْوَصِيَّةَ أَوْ أَمَرَ بِالْوَصِيَّةِ قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ الثَّانِي فِيهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا ووصيته عِنْده مَكْتُوبَة» زَاد مُسلم «أَو ثَلَاث» قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَيُرْوَى: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مَالٌ يُوصِي فِيهِ تَأْتِي عَلَيْهِ لَيْلَتَانِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ» وَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَالَهُ ش وَأَوْجَبَهَا أَهْلُ الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْحَقُّ هُوَ الثَّابِتُ فَصرحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّه لَا يثبت للْمُسلمِ إِلَّا بِالْوَصِيَّةِ وَالنَّفْيُ كَالنَّهْيِ وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ وَإِذَا حَرُمَ التَّرْكُ وَجَبَ الْفِعْلُ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْله تَعَالَى فِي آيَةِ الْوَصِيَّةِ {بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} وَالْمَعْرُوفُ يَخْتَصُّ بِالْمَنْدُوبِ وَالْوَاجِبُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُتَّقِينَ ولكونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوصِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ جَمِيعَ تَرِكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةٌ فَهُوَ يَكْفِي فِي الْوَصِيَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَالِ الَّذِي تَنْدُبُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ أَوْ تَجِبُ عَلَى الْخِلَافِ فَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَتَرْكُ الْيَسِيرِ لِلْوَرَثَةِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَا يُوصِي فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْلَادٍ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إِجْمَاعًا لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَهُوَ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَلِأَنَّهَا لَوْ جَازَتْ لَانْتَقَصَتْ قِسْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَوَارِيثِ فَإِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ ردهَا طأووس عَلَى قَرَابَتِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ خَتَمَ عَمَلَهُ بِمَعْصِيَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ إِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ دُفِعَ لِقَرَابَتِهِ ثُلُثُ الثُّلُثِ وَيُمْضَى لِمَنْ أَوْصَى لَهُ وَقَالَ الْأَئِمَّة إِذَا تَرَكَ قَرَابَتَهُ مُحْتَاجِينَ وَأَوْصَى لِغَيْرِهِمْ بِئْسَ مَا فعل ويمضي لِأَنَّهُ مَاله وَيفْعل فِيهِ مَا شَاءَ لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ فِي مُسْلِمٍ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَادَنِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِي مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ لَا قَالَ أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ لَا قُلْتُ فَالثُّلُثُ قَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ وَتَفْوِيضُ ذَلِكَ إِلَى إِرَادَتِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَ الْوُجُوبَ بِمَا لَهُ بَالٌ وَجَرَتِ الْعَادَةُ بِالْوَصِيَّةِ فِيهِ لِأَنَّ تَكْلِيفَ الْوَصِيَّةِ كُلَّ يَوْمٍ شَطَطٌ وَخَصَّصَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَرَضِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَيْ مَشْهُودٌ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا تُمْضَى إِلَّا أَنْ يَكْتُبَهَا بِخَطِّهِ وَقَالَ إِذَا مِتُّ نَفِّذُوهَا فَتَنْفُذُ إِذَا عُرِفَ أَنَّهُ خطه قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ بَقَيْتُ مَوْعُوكًا قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ وَالْمَرِيضِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ قَدْ يَمُوتُ فَجْأَةً وَهِيَ فِي الْمَرِيضِ آكَدُ وَمَتَى كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا فَتَرْكُ الْوَصِيَّةِ وَإِبْقَاؤُهُ لِلْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْوَصِيَّةُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ:
وَاجِبَةٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ فَرَّطَ فِيهَا أَمْ لَا وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّ كَالدَّيْنِ وَالْوَدِيعَةِ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمِ الْإِشْهَادُ بِهَا وَكَذَلِكَ الْغُصُوبُ وَالتَّعَدِّي وَمَنْدُوبَةٌ وَهُوَ فِيهِ مَا فِيهِ قُرْبَةٌ وَلَا يَضُرُّ الْوَارِثَ لِكَثْرَةِ الْمَالِ وَيُظَنُّ فِيهَا مِنَ الثَّوَابِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ التَّرْكِ لِلْوَارِثِ وَمَكْرُوهَةٌ وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ الثَّوَابُ فِي التَّرْكِ أَكْثَرَ وَمُبَاحَةٌ وَهِيَ إِذَا اسْتَوَيَا وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهَا طَاعَةٌ وَلَا مَعْصِيَةٌ وَمُحَرَّمَةٌ وَهِيَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا مَعْصِيَةٌ وَتَنْقَسِمُ بِوَجْهٍ آخَرَ إِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُوسِرًا فَهِيَ مُبَاحَةٌ أَوْ مُعْسِرًا فَمُسْتَحَبَّةٌ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَقَرِيبَ الْمُوصِي كَذَلِكَ اسْتُحِبَّتْ لِلْقَرِيبِ وَكُرِهَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهَا فِي الْقَرِيبِ صِلَةٌ وَصَدَقَةٌ فَإِنِ اسْتَوَتِ الْقُرَابَاتُ دَرَجَةً وَإِعْسَارًا قُدِّمَ الْأَقْرَب وَالصَّغِير أولى من الْكَبِير لتوخر حَاجَةِ الصَّغِيرِ وَعَجْزِهِ وَمَتَى كَانَ قِبَلَ الصَّحِيحِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَجَبَ إِيصَالُهُ الْآنَ لِمُسْتَحَقِّهِ وَلَا يَجْعَلْهُ وَصِيَّةً وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ قِرَاضٌ تَقَدَّمَ الْإِشْهَادُ فِيهِ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَاسْتِحْبَابِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ للْوُجُوب أم لَا ثُمَّ الْوَصِيَّةُ تَنْقَسِمُ إِلَى مَا يُفِيدُ الْأَمْرَ بِتَنْفِيذِ تَصَرُّفِ الْمُوصِي وَمَقَاصِدِهِ وَإِلَى مَا يُفِيدُ وِلَايَةً لِلْغَيْرِ فِي إِنْشَاءِ مَقَاصِدِ الْمُوصِي فِي مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ.

.الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَمْرُ بِتَنْفِيذِ تَصَرُّفٍ وَاقِعٍ قَبْلَ الْمَوْتِ:

وَفِيهِ بَابَانِ:

.الباب الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ:

وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:

.الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُوصِي:

وَفِي الْجَوَاهِرِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُمَيِّزٍ مَالِكٍ فَتَبْطُلُ وَصِيَّةُ الْعَبْدِ لِأَنَّ مَالَهُ لِلسَّيِّدِ وَالْحُرُّ جُعِلَ لَهُ ثُلُثُ مَالِهِ يُوصِي بِهِ وَتَبْطُلُ مِنَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ لِأَنَّهُمَا مَسْلُوبَا الْعِبَارَةِ وَأَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ قِيَاسًا عَلَى الْبَهَائِمِ وَتَصِحُّ مِنَ السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ إِذَا عَقَلَ وَجْهَ الْفَرْقِ وَأَصَابَ الْوَصِيَّةَ بِأَن لَا يَكُونَ فِيهَا تَخْلِيطٌ وَتَنْفُذُ وَصِيَّةُ الْكَافِرِ كَمَا تَنْفُذُ صَدَقَتُهُ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لِمُسْلِمٍ لِعَدَمِ قَبُولِ ذَلِكَ لِلْمِلْكِ وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّةُ الْمُرْتَدِّ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ رِدَّتُهُ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ زَمَنَ التَّمْلِيكِ وَهُوَ زَمَنُ الْمَوْتِ وَقَالَهُ ش فِي الْجَمِيعِ.
قَاعِدَةٌ:
تَنْفِيذ تصريفات الْمُكَلَّفِينَ إِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِبَقَاءِ نُفُوسِهِمْ فَإِنَّ بَقَاءَ الْعَيْنِ مَعَ تَعَذُّرِ كُلِّ الْمَقَاصِدِ مُحَالٌ وَالْمُرْتَدُّ أَسْقَطَ الشَّرْعُ حُرْمَةَ نَفْسِهِ وَدَمِهِ فَتَصَرُّفَاتُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
قَاعِدَةٌ:
تُعْرَفُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ بِجَمْعِ الْفَرْقِ وَهُوَ أَنْ يَقْتَضِيَ الْمَعْنَى الْوَاحِدُ حُكْمَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ كَالسَّفَهِ يُوجِبُ رَدَّ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهِ وَالصَّبِيِّ صَوْنًا لِمَالِهِمَا عَلَى مَصَالِحِهِمَا وَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُمَا صَوْنًا لِمَالِهِمَا عَلَى مَصَالِحِهِمَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تُثْمِرُ خَيْرًا لَهما فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَلَوْ رُدَّتْ لَأَخَذَ الْمَالَ الْوَارِثُ فَصَوْنُ الْمَالِ عَلَى الْمَصَالِحِ اقْتَضَى تَنْفِيذَ التَّصَرُّفِ وَرَدَّهُ وَهُمَا حُكْمَانِ مُتَنَاقِضَانِ وَفِي الْكِتَابِ تَنْفُذُ وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِيلَ لَهُ عَنْ صَبِيٍّ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ غَرِيبٍ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَهُ ابْنة عَمه وَله مَاله وَلَا وَارِثَ لَهُ فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يُوصِيَ لِابْنَةِ عَمِّهِ فَأَوْصَى لَهَا بِبِئْرِ جُشَمَ فَبِيعَتْ بِثَلَاثِينَ أَلْفًا فَأَجَازَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ تَجُوزُ مِنِ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا كَانَ مُرَاهِقًا وَمَالَ إِلَى التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
فرع:
قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا ادَّانَ الْمُولَى عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَلْزَمْ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَقَدْ بَلَغَ مَالَ الْوَصِيَّةِ فَتَجُوزُ فِي ثُلُثِهِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ لَمْ يُسَمِّ إِلَّا ذَلِكَ الدَّيْنَ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ رَدُّ الدُّيُونِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَهُ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَيُقَدَّمُ على الْوَصَايَا قَالَ أبن كنَانَة إِن أوصى بِهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ لَمْ تَمْضِ لِعُدُولِهِ بِهِ عَنِ الْوَصَايَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلسَّفِيهِ تَدْبِيرُ عَبْدِهِ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ صَحَّ بَطَلَ كَالْوَصِيَّةِ والتبرع وأبطله أشعب مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ وَصِيَّةً بَلْ بَتْلًا وَتَبَتُّلُ السَّفِيهِ بَاطِلٌ وَجَوَّزَهُ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ قَلَّ الثَّمَنُ وَإِلَّا فَلَا.
فرع:
قَالَ قَالَ لَوْ أَوْصَى الصَّبِيُّ إِلَى غَيْرِ وَصِيَّهِ بِتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ مُنِعَ ذَلِكَ وَيَتَوَلَّى الْوَصِيُّ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَزْلِهِ.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لِلنَّصْرَانِيِّ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى جُمْجُمَتِهِ شَيْءٌ يُؤَدِّيهُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُؤْخَذُ غَنِيُّهُمْ بِمُعْدِمِهِمْ أَنْ يُوصِيَ إِلَّا بِثُلُثِهِ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ وَرَثَتُهُ بِخِلَافِ الْمُصَالَحِينَ عَلَى أَنَّ عَلَى جُمْلَتِهِمْ شَيْءٌ مَعْلُومٌ لَا يَنْقُصُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمْ وَلَا بِعَدَمِهِ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ لِأَهْلِ خَرَاجِهِ يَسْتَعِينُونَ بِهِ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِلْكَنِيسَةِ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ دُفِعَ لِلْأَسَاقِفَةِ الثُّلُثُ يَجْعَلُونَهُ حَيْثُ أَوْصَى وَالثُّلُثَانِ لِلْمُسْلِمِينَ أَمَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ الَّذِينَ الْمَالُ عَلَى جُمْلَتِهِمْ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِمَوْتِ مَنْ مَاتَ وَلَا إِعْدَامِ مَنِ افْتَقَرَ فَلَهُ الْوَصِيَّةُ بِمَالِهِ كُلِّهِ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ لَهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَقَدْ قِيلَ فِي أَهْلِ الْعَنْوَةِ مَالُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُمْ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِ الْعَبِيدِ الْمَأْذُونِ لَهُمْ فِي التِّجَارَةِ نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ أَرْبَعَةٌ تَجُوزُ وَصَايَاهُمْ دُونَ تَصَرُّفَاتِهِمْ الصَّبِيُّ وَالصِّبْيَةُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَالْأَحْمَقُ وَالْمُصَابُ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَقَالَ ح وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ غَيْرُ نَافِذَةٍ قِيَاسًا عَلَى تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْحَيَاة وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَالْفَرْقُ يُعْرُفُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَخَالَفَنَا فِي الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ عِنْده.

.الرُّكْن الثَّانِي الْمُوصى لَهُ:

وَفِي الْجَوَاهِر يَصح لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ لَهُ الْمِلْكُ وَيُتَصَوَّرُ فَلَوْ أُوصِيَ لِحَمْلِ امْرَأَةٍ فَانْفَصَلَ حَيًّا صَحَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ مَصَالِحَ الْمَالِ يُمْكِنُ حُصُولُهَا مِنَ الْحَمْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا جُوِّزَ شِرَاءُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَالِ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ مَقْصُودُ الْمِلْكِ بَلْ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ وَلَوْ أَسْقَطَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ لِانْكِشَافِ الْغَيْبِ عَنْ بُطْلَانِ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَلَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ سَيَكُونُ صَحَّ لِتَوَقُّعِ الِانْتِفَاعِ كَبَيْعِ الرَّضِيعِ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ لِعَبْدِهِ وَعَبْدِ وَارِثِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ لِأَنَّهُ لَهُ انْتِزَاعُهُ فَلَيْسَ فِيهِ إِزْوَاءٌ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَصَايَا حَاصَّ بِوَصِيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَصَايَا جَازَتْ فِيمَا قَلَّ نَحْوِ الثَّوْبِ وَالشَّيْءِ الْخَفِيفِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَبِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَالْقَضَاءُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ الشَّيْءُ الْيَسِير لِأَنَّهُ لَا يتهم فِي الْوَصِيَّة لِسَيِّدِهِ الْوَارِثِ حِينَئِذٍ وَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ لِمُدَبَّرِهِ وَوَلَدِهِ وَأم وَلَده باليسير وللمكاتب بِالْكَثِيرِ لِكَوْنِهِ أَحْرَزَ مَالَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ كِتَابَتِهِ مِنْ غَيْرِ الْوَصِيَّةِ قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَّا مِنَ الْوَصِيَّةِ وَالْأَدَاءُ أَفْضَلُ لِسَيِّدِهِ امْتَنَعَ أَوِ الْعَجْزُ أفضل جَازَت لعدم التهمه قَالَ وأروى الْجَوَازَ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْقَصْدَ الْخُرُوجُ مِنَ الرِّقِّ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فِي مَرَضِهِ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ فَقِيلَ الضَّمَانُ جَائِزٌ وَهِيَ وَصِيَّةٌ لِلزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ تَصِيرُ لِلِابْنَةِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ وَقَالَ ش الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ الْوَارِثِ وَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ عِبْدَهُ فَتَمْتَنِعُ وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّة لعبد نَفسه لِأَن وَقْتَ نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ لِعَبْدِ الْغَيْرِ وَصِيَّةٌ لِلسَّيِّدِ وَيَقْبَلُ الْعَبْدُ دُونَ إِذْنِ سَيِّدِهِ قِيَاسًا عَلَى تَمَلُّكِهِ بِالْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ كَالصَّيْدِ وَالِاحْتِطَابِ قَالَ اللَّخْمِيّ وَإِذا أوصى لعَبْدِهِ أَوْ لِعَبْدِ وَارِثِهِ لَا يَنْتَزِعُ الْوَرَثَةُ وَلَا سَيِّدُ الْعَبْدِ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى بُطْلَانِهَا وَإِنْ يَبِعْ بِيعَ بِمَالِهِ وَلِلْمُشْتَرِي الِانْتِزَاعُ لِعَدَمِ مُنَافَاة الْوَصِيَّة وَقَالَ أَشهب بتفريد الْعَبْدِ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِهَا وَيَطُولَ زَمَانُ ذَلِكَ وَلَا يَنْتَزِعُونَهَا إِنْ بَاعُوهُ قَبْلَ الطُّولِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ عَدَمُ الِانْتِزَاعِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَصْدُ الْمُوصِي قَالَ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَيْعَ عَلَى أَنْ يَنْتَزِعَ كَانْتِزَاعِ الْوَارِثِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أُوصِيَ لِعَبْدٍ أَجْنَبِيٍّ أَنْ يَنْتَزِعَ سَيِّدُهُ قَالَ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِانْتِزَاعِ لِمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَفْتَقِرُ فِي الْقَبُولِ إِلَى إِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ صَحِيح الْعبارَة وَإِنَّمَا حجر على السَّيِّدُ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُمْلَكَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمُسْلِمِينَ لِحُصُولِ تِلْكَ الْمَصَالِحِ لَهُمْ.
فرع:
قَالَ تَصِحُّ لِلذِّمِّيِّ كَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ قَالَ وَكَرِهَهَا أَبُو الْحَسَنِ لِلْحَرْبِيِّ وَمَنَعَهَا ش لِلْحَرْبِيِّ وَلِكُلِّ مَا لَا قربه فِيهِ لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ فِي آخِرِ أَعمالكُم زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ وَمَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ لَا حَسَنَةَ فِيهِ وَجَوَابُهُ لَهُ الصَّرْفُ لِلْحَرْبِيِّ وَفِي الْمُبَاحِ حَالَةَ الْحَيَاةِ وَلَوْ وَهَبَ الْحَرْبِيُّ ثُلُثَ مِلْكِهِ إِجْمَاعًا فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْوَفَاةِ عَمَلًا بِالْقِيَاسِ وَالِاسْتِصْحَابِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ وَقِيلَ تَمْتَنِعُ وَقَالَهُ ح.
فرع:
قَالَ التُّونُسِيُّ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَارِثِهِ فَوُلِدَ لَهُ ثَبَتَتِ الْوَصِيَّةُ لِصَيْرُورَتِهِ مَحْجُوبًا غَيْرَ وَارِثٍ وَكَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ لَهُ حَمْلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّمَا ثَبَتَتِ الْوَصِيَّةُ إِذَا عَلِمَ بِالْوَلَدِ حَتَّى يَكُونَ مَجِيزًا لَهَا وَأَمَّا إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَصَارَ وَارِثًا يَلْزَمُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْهَا فَكَأَنَّهُ أَنْشَأَهَا بَعْدَ أَنْ صَارَ وَارِثًا وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ حَمَالَتُهُ فِي مَرَضِهِ عَنْ وَارِثِهِ جَائِزَةٌ صَحَّ أَمْ لَا وَوُلِدَ لَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَوْ مَاتَ ذَلِكَ الْوَلَدُ فَعَادَ وَارِثًا عَلَى حَالِهِ ثَبَتَتِ الْحَمَالَةُ قَالَهُ أَشْهَبُ وَمَشْهُورُ ش أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَنْ هُوَ وَارِثٌ عِنْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ وَرُوِيَ عَنْهُ الْوَصِيَّةُ للْوَارِث بَاطِلَة لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَعِنْدَ الصِّحَّةِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تجوز لوَارث وَصِيَّة إِلَّا أَن يَشَأْ الْوَرَثَةُ وَوَافَقَنَا فِي جَوَازِ الْبَيْعِ مِنَ الْوَارِثِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ كَالْأَجْنَبِيِّ وَمَنَعَ ح لِأَنَّهُ يَخُصُّهُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ وَالْوَرَثَةُ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ تَمْتَنِعُ الْوَصِيَّة لَهُ بِالثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ صَرْفَهُ لِلْأَجَانِبِ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ لَا نُسَلِّمُ اسْتِحْقَاقَ الْوَرَثَةِ لِلْعَيْنِ بَلْ لَهُمُ الثُّلُثَانِ شَائِعَانِ فَقَطْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ بِالثُّلُثِ بِغَيْرِ الْفَرْضِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى لِوَارِثٍ وأجنبي تحاصا وَحط الْوَارِث موروثاً إِلَّا أَن يُجِيزَ الْوَرَثَةُ فَإِنْ لَمْ يَبْتَدِ إِلَّا هَذَا الْوَارِثُ لَمْ يُحَاصَصْ فِي ضِيقِ الثُّلُثِ وَبُدَّى الْأَجْنَبِيُّ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي السَّبِيلِ فَإِنْ أَرَادَ وَارِثُهُ الْغَزْوَ بِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ غَيْرُهُ يُرِيدُونَ الْغَزْوَ غَزَوْا فِيهِ بِالْحِصَصِ لَيْلًا يخْتَص بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِشَيْءٍ مِنَ التَّرِكَةِ فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ غَيْرُهُ أَنْفَقَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ قَالَ رَبِيعَةُ لَوْ أَوْصَتْ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ بِوَصِيَّةٍ وَفِي السَّبِيلِ بِوَصِيَّةٍ أُخْرَى فَأَجَازَ الزَّوْجُ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَجَزْتُهُ رَجَاءَ أَنْ يُعْطُونِي فِي وَصِيَّةِ السَّبِيل لِأَنَّهُ غاز لَيْسَ ذَلِك لَهُ وَبَعْدَمَا أَجَازَهُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي قَوْلِ سَعِيدٍ يَغْزُونَ بِالْحِصَصِ أَيْ بِقِدْرِ كِفَايَتِهِمْ فَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ تَحَاصُّوا بِمَقَادِيرِ الْكِفَايَةِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ أَوْصَى لِجَمِيعِ وَرَثَتِهِ وَأَجْنَبِيٍّ وَأَنْصِبَاؤُهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ سَوَاءٌ فَالْأَجْنَبِيُّ مُقَدَّمٌ لِتَقَدُّمِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْمِيرَاثِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ خَصَّ الْإِنَاثَ بِزِيَادَةٍ عَلَى مِيرَاثِهِمْ فَيُحَاصَصُ الْأَجْنَبِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي صُورَتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِأَبِيهِ وَلِابْنَتِهِ وَأَجْنَبِيٍّ كُلَّ وَاحِدٍ بِمَائَةٍ تُحَاصَصُ الِابْنَةُ بِخَمْسِينَ لِأَنَّهَا الزِّيَادَةُ عَلَى مِيرَاثِهَا لَمَّا أُعْطِيَ الذَّكَرُ مِائَةً وَقَالَ غَيْرُهُ تُحَاصَصُ بِثُلُثِ الْمِائَةِ لِأَنَّ أَصْلَ مِيرَاثِهَا مِنْ مِائَتَيْنِ لِثَلَاثِمِائَةٍ فتحاصص بِالزَّائِدِ قَالَ بن وَهْبٍ إِنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِإِخْوَتِهِ وَهُمْ شَقِيقَانِ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخَوَانِ لِأَبٍ وَلَمْ يَدَعْ غَيْرَهُمْ قَسَّمَ الثُّلُثَ سِتَّةً فَحِصَّةُ أَخَوَيِ الْأَبِ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَرِثَانِ وَيُضَمُّ الْبَاقِي إِلَى ثُلُثَيِ الْمَالِ مِيرَاثًا وَلَوْ أَوْصَى لَهُمْ بِذَلِكَ وَلَهُ ابْنٌ فَمَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْجَوَابُ سَوَاءٌ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَوْصَتْ لِبَعْضِ وَرَثَتِهَا فَقَالَ الزَّوْجُ بِئْسَتِ الْوَصِيَّةُ وَمَا عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ يَحْلِفُ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ تَرَكَ وَارِثًا وَاحِدًا وَأوصى بِثُلثِهِ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَالَ ثُلُثِي لِوَارِثِي أَوْ عَكَسَ إِنْ تَأَخَّرَ الْأَجْنَبِيُّ فَلَهُ الثُّلُثُ أَوِ الْوَارِثُ فَلَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ فَجَعَلَ الثُّلُثَ كَالْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ يُوصَى بِهِ مَرَّتَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِذَا أَوْصَى لِوَارِثِهِ وَأَجْنَبِيٍّ فِيهِ تَفْصِيلٌ إِنْ كَانَ مَعَ الْوَارِث وَارِث آخر فَعَن مَالك يحاصص الْأَجْنَبِيُّ فِي الثُّلُثِ فَمَا صَارَ لَهُ أَخَذَهُ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَمِيرَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ يَعْلَمُ إِرَادَةَ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَقَدِ اسْتَوَوْا فِي الْوَصِيَّةِ وَسِهَامِ الْمِيرَاثِ فَلَا مُحَاصَّةَ.
فرع:
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَوْصَى لِوَارِثٍ فَبَاعَ الْوَارِثُ الْعَيْنَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلِلْوَرَثَةِ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ إِذَا لَمْ يُحَابِ لِأَنَّهُ بَاعَ بشبهه فَإِنْ حَابَى فَلِكُلِّ وَارِثٍ رَدُّ مَا يَخُصُّهُ وَإِنْ فَاتَ لَزِمَ الْبَائِعَ فِي مَالِهِ فَلَوِ ابْتَاعَ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِعِشْرِينَ مِنْ وَارِثِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ فُسِخَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لَهُ إِتْمَامُ الْفَضْلِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عُدِلَ بِهِ عَنِ الْبَيْعِ إِلَى وَصِيَّةٍ لِوَارِثٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَنْعَ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ الْفَضْلِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ إِذَا لَمْ يَرِثْ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وَوَلَدَ غَيْرُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَذَلِكَ كَقَوْلِهِ لِأَخْوَالِي وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ بَنِي أَخِي أَوْ لِبَنِي فُلَانٍ فَهُوَ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ وَلَا يُحْسَبُ مَنْ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَا يُحْرَمُ الْمَوْلُودُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا وَكَذَلِكَ لِمَوَالِي فُلَانٍ فَيَمُوتُ الْبَعْضُ وَيُولَدُ الْبَعْضُ وَيُعْتَقُ آخَرُونَ وَإِنْ قَالَ لِهَؤُلَاءِ وَهُمْ عِشْرُونَ فَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ لِأَجْلِ التَّعْيِينِ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ قَالَ ثُلُثِي لِوَلَدِ فُلَانٍ وَهُمْ عَشَرَةٌ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَوْصَى بِحَبْسِ دَارِهِ أَوْ ثَمَرَةِ حَائِطِهِ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ يُؤَثَرُ الْمُحْتَاجُونَ وَلَمْ أَسْمَعَ مِنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ شَيْئًا وَأَرَاهُمَا سَوَاءً قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ أَوْصَى لِأَخْوَالِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ مِثْلَ رِوَايَة أبن الْقَاسِم وَلَيْسَ الْوَصِيَّةُ لِأَخْوَالِهِ بِشَيْءٍ نَاجِزٍ كَوَصِيَّتِهِ بِغَلَّةٍ مَوْقُوفَةٍ تُقَسَّمُ إِذَا حَضَرَتْ كُلَّ عَامٍ وَوَصِيَّتِهِ لِأَخْوَالِهِ وَوَلَدِ فُلَانٍ بِمَالٍ نَاجِزٍ وَهُمْ مَعْرُوفُونَ لِقِلَّتِهِمْ وَيَعْلَمُ عَدَدَهُمْ كَالْوَصِيَّةِ لِلْمُعَيَّنِينَ بِخِلَافِ الْحَبْسِ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ أَوِ الْمَسَاكِينِ فَهُوَ لِمَنْ حَضَرَ الْقِسْمَةَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ تَأَوَّلَ سَحْنُونٌ أَنَّهُ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا إِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ أَدْرَكَ الْقَسْمَ فَجَعَلَهُمْ كَالْمَجْهُولِينَ وَلِقَوْلِهِ أَخِيرًا هُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَنَّهُ جَعَلَهُمْ كالمعنيين المعروفين وَالْخلاف فِيهِ مَعْلُوم وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَحْمِلُ عَلَى التَّعْيِينِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْقِيبَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِبَنِي تَمِيمٍ وَلِأَشْهَبَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا مِثْلُ هَذَا وَالْآخَرُ يُحْمَلُ عَلَى الْجَهَالَةِ وَيُقَسَّمُ عَلَى مَنْ حَضَرَ دُونَ مَنْ مَاتَ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يُسَمِّيَهُمْ أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَصَدَ أَعْيَانَهُمْ وَقَالَ غَيْرُ سَحْنُونٍ مَا فِي الْكِتَابِ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ على صِفَةِ اخْتِلَافِ الْقَسْمِ بَيْنَ الْوَصَايَا وَالْحَبْسِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إِنْ لَمْ يَنْضَبِطُوا لِكَثْرَتِهِمْ فَلِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ اتِّفَاقًا أَوْ مَعْرُوفِينَ فَنَصِيبُ الْمَيِّتِ بَاقٍ اتِّفَاقًا وَيُقَسَّمُ بِالسَّوَاءِ بَيْنَهُمْ أَوْ يَنْحَصِرُوا بَعْدَ مَشَقَّةٍ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ قَالَ التُّونُسِيُّ لَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوقِفَ ذَلِكَ حَتَّى يَكْبُرَ وَيَنْتَفِعَ وَيُوقِفَ لِغَيْرِهِ حَتَّى يَنْتَفِعُوا لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ عَدَمَ الْوَلَدِ فَقَدْ قَصَدَ نَفْعَ الذُّرِّيَّة بجملتهم فَلَا يخْتَص بِالِانْتِفَاعِ بَعضهم حَتَّى يَنْقَرِضُوا فَيَكُونُ لِوَرَثَتِهِمْ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ لِأَوَّلِ وَلَدٍ بَتْلًا.
فرع:
قَالَ التُّونُسِيُّ إِنْ أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ أَوْ لِأَهْلِهِ قِيلَ هُمْ عَصَبَتُهُ دُونَ أَخْوَالِهِ وَأُخْته وأبن أُخْته إِلَّا إِن تكون لَهُ قَرَابَةٌ إِلَّا مِنْ جِهَةِ النِّسَاءِ فَذَلِكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى إِرَادَتِهِمْ وَقَالَ أَشْهَبُ يَدْخُلُ مَنْ تَقَدَّمَ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَشْهَبُ لَا يَدْخُلُ قَرَابَتُهُ الْوَارِثُونَ وَيَدْخُلُ النَّصَارَى لِأَنَّهُ عُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ.
فرع:
قَالَ إِنْ أَوْصَى لِمَوَالِيهِ حَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْأَسْفَلِينَ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ عِنْدَهُ وَقَسَّمَهُ أَشْهَبُ بَيْنَ الْأَعْلَيْنَ وَالْأَسْفَلِينَ نِصْفَيْنِ إِنْ كَانَ الْأَعْلَوْنَ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةً وَالْآخَرُ عَشَرَةً وَقِسْمَتُهُ إِنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ الشَّكِّ بِأَنْ تَكُونَ لِهَؤُلَاءِ وَتَارَةً تَكُونُ لِهَؤُلَاءِ فَهُوَ كَمَال تداعياه الْجَمِيعُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةً وَالْآخَرُ أَقَلَّ فَهُوَ لِلثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُسَمَّى مُوَالٍ وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَوْ وَاحِدًا وَاحِدًا فَهُوَ لِجُمْلَتِهِمْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عَدَمِ صِدْقِ الِاسْمِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ جُمْلَتَهُمْ فَإِنْ كَانَ لَهُ إنصاف موَالِي أُعْطُوا نِصْفَ مَا يُعْطَى الْمَوْلَى الْحُرُّ كُلُّهُ وَقَالَ لَعَلَّه يُرِيدُ أَنَّهُ أَعْتَقَ نِصْفًا وَأَعْتَقَ غَيْرُهُ نِصْفًا وَإِذَا اجْتَمَعَ مَوَالٍ مِنْ قَبْلِ الْأَبِ وَمَوَالٍ مِنْ قَبْلِ الْأُمِّ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ موَالِيه ويعي الْآخَرُونَ مِنْهُ إِنْ كَانَ فِي الْمَالِ سِعَةٌ وَيُؤَثَرُ الْأَحْوَجُ وَإِنْ بَعُدَ وَقِيلَ يَدْخُلُ فِيهِ مَوَالِي الْمَوَالِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُ فِي مَوَالِيهِ أُمُّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرُهُ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ إِذَا عَتَقُوا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنَ الثُّلُثِ بِخِلَافِ الْمُعْتَقِ إِلَى أَجَلٍ وَالْمُكَاتَبِ إِنْ سَبَقَهُمُ الْقَسْمُ فَإِنْ أُدِّيتِ الْكِتَابَةُ وَحَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ الْقَسْمِ دَخَلُوا لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُمْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَدْخُلَانِ وَتُوقَفُ لَهُمَا فَإِنْ عَتَقَا أَخَذَاهُ وَإِلَّا رَجَعَ إِلَى بَقِيَّةِ الْمَوَالِي وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا لَمْ يَحِلَّ أَجَلُ الْمُعْتَقِ لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْلًى عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ غَلَّةً تَتَكَرَّرُ نَحْوَ الثَّمَرَةِ فَيَأْخُذُ مَا وَافَقَ الْعِتْقَ لِتَحَقُّقِ الْوَصْفِ حِينَئِذٍ قَالَ مَالِكٌ وَيَدْخُلُ مَوَالِي الْمُوَالِي مَعَ الْمَوَالِي وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ قَالَ عَلَى مَوَالِي عِتَاقِي اخْتُصَّ بِمَنْ بَاشَرَ عتقه أَو قَالَ لموَالِي وَهُوَ يحرصون لقتلهم فَكَذَلِك وَإِلَّا وإندرج الْجَمِيعُ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَدْرَجَ مَالِكٌ فِي لَفْظِ الْمَوَالِي مَوَالِيَ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْإِخْوَةِ دُونَ مَوَالِي بَنِي الْإِخْوَةِ وَالْعُمُومَةِ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِك يخْتَص بمعتقيه وَأَوْلَادِهِمْ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ قَرِينَةِ حَالٍ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَوْصَى لِبَنِي فلَان وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يُعْلَمُ عَدَدُهُمْ أَمْ لَا فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَوَلَدَ آخَرُونَ فَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ بَقِيَ دُونَ الْمَوْلُودِ وَالْمَيِّتِ وَلَوْ سَمَّاهُمْ لَحُرِمَ الْمَوْلُود وَآخر وَارِثٌ الْمَيِّتُ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ تَعْيِينٌ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذا كَانُوا مَعْنيين وَعُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ لَا يُحْرَمُ الْمَيِّتُ دُونَ الْمَوْلُودِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ.
فرع:
قَالَ إِذَا أَوْصَى لِتَمِيمٍ لَا يَدْخُلُ الْمَوَالِي عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا تَتَنَاوَلُهُمْ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ لِأَن الْعَادَةُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِبَنِي تَمِيمٍ فَهَذَا يَخْتَصُّ لِأَنَّ مَوَالِيَهُمْ لَيْسُوا مِنْ بَنِيهِمْ وَسَوَّى عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الدُّخُولِ وَقَالَ قَدْ تَكُونُ قَبَائِلَ لَا يَحْسُنُ فِيهَا لَفْظُ بَنِي نَحْوَ قَيْسٍ وَرَبِيعَةَ وَمُزَيْنَةَ وَخُزَاعَةَ.
فرع:
قَالَ قَالَ أَشْهَبُ وَلَدُ عَبْدِ اللَّهِ يخْتَص بالذكور وَبني فلَان تعم الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِوَلَدِ فُلَانٍ وَهُمْ عَشَرَةُ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ هُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَلَفْظُ الِابْنِ يخْتَص بالذكور وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادكُم} وَلم يقل فِي أَبْنَائِكُم لتعم وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِذَا قَالَ لِبَنِي فُلَانٍ فَإِذَا هُمْ بَنَاتٌ كُلُّهُنَّ فَهُوَ بَينهُنَّ وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ ذكورهن قبل بعد الْوَصِيَّة قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأُنْثَى يَتَنَاوَلُهَا لَفْظُ الْبَنِينَ وَلَا يَنْدَرِجُ الذُّكُورُ فِي لَفْظِ الْإِنَاثِ وَيَنْدَرِجُ بَنَاتُ الْبَنِينَ دُونَ أَبْنَائِهِمْ كَمَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْوَلَدِ مَعَ الْوَلَدِ.
فرع:
قَالَ وَلَا يَنْدَرِجُ وَلَدُ الصُّلْبِ فِي لَفْظِ الْأَقَارِبِ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ وَلَدِ الْبَنَاتِ وَوَلَدِ الْخَالَاتِ أُعْطُوا قَالَ أَشْهَبُ يَدْخُلُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْحَبْسِ وَذَوِي رَحِمِي وَقَرَابَتِي سَوَاءٌ يَدْخُلُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء كَانَ محرما أم لَا وَلَا يفضلوا بِالْقُرْبِ بَلْ بِالْحَاجَةِ وَلَا يَدْخُلُ الْوَارِثُونَ لِقَرِينَةِ حِرْمَانِ الشَّرْعِ لَهُمْ وَيَدْخُلُ قَرَابَتُهُ النَّصَارَى وَيَنْدَرِجُ الْمَوَالِي فِي لَفْظِ الْأَقْرَبِ وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وإلاخ اقْربْ من الْجد لِأَنَّهُ يُدْلِي بِالنُّبُوَّةِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَمَتَى سَمَّاهَا صَدَقَةً فَلَا يُعْطِي إِلَّا الْمُحْتَاجَ وَيَدْخُلُ فِي لَفْظِ الْأَهْلِ وَالْقَرَابَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ أَوِ الْأَقْرَبِينَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَوَلَدُ الْخَالَاتِ وَرَوَى غَيْرُهُ يَدْخُلُ جَمِيعُ قَرَابَتِهِ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَدْخُلُ الْقَرَابَةُ من قبل الْأُم وَلَا بنوا الْبَنَات قَالَ القَاضِي أَبُو الْحسن أبتي عِنْدَ مَالِكٍ لِوَلَدِي وَوَلِدِ وَلَدِي لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ يَدْخُلُونَ وَقَالَ ح يَدْخُلُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ إِلَّا الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَابْنَ الْعَمِّ وَقَالَ ش يَدْخُلُ قَرَابَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَقَالَ أَحْمَدُ يَدْخُلُ قُرَابَةُ الْأَبِ دُونَ الْأُمِّ وَلَا يَتَجَاوَزُ الْأَبَ الثَّالِثَ وَيَخْتَصُّ الْمُسْلِمُ بِهِ دُونَ الْكَافِرِ لَنَا عَلَى الْحَنَفِيَّةِ لَمَّا نزل قَوْله تَعَالَى {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} نَادَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَبَّاسُ يَا فَاطِمَةُ لَا أُغْنِي عَنْكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا فَدَلَّ عَلَى انْدِرَاجِ الْعَمِّ وَالْوَلَدِ فِي الْأَقْرَبِينَ وَلِأَنَّ عَمُودَ النَّسَبِ أَصْلُ الْقَرَابَةِ وَالْأَصْلُ أَوْلَى بِالِانْدِرَاجِ وَوَافَقَنَا ش عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَمِنَ فِي الْحَرْبِ الْقَرَابَةُ انْدَرَجُوا وَاحْتج بقوله تَعَالَى {الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين} فَأَفْرَدَهُمَا مِنَ الْأَقْرَبِينَ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ لَا يُفْهَمَانِ مِنْ لَفْظِ الْقَرَابَةِ فِي الْعُرْفِ فَلَا يُصْرَفُ إِلَيْهِمَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَسْتَحِقُّ بِالْقَرَابَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ ابْنُ الْعَمِّ قِيَاسًا عَلَى النَّفَقَةِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا أَصْلُ الْقُرْبِ والقرابة فَكَيْفَ لَا يَنْدَرِجَانِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُمَا لِعِظَمِهِمَا كَمَا أُفْرِدَ جِبْرِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَلَائِكَته وجِبْرِيلَ} وَكَمَا أُفْرِدَ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَكَقَوْلِه وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.
وَعَنِ الثَّانِي لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ دَلَالَةِ الْعُرْفِ عَلَيْهِمَا خُرُوجُهُمَا لِدَلَالَةِ اللُّغَةِ عَلَيْهِمَا كَمَا أَنَّ الْأَخَ لَا يُفْهَمُ مِنَ الْقَرَابَةِ فِي لَفْظِ الْعُرْفِ وَهُوَ يَنْدَرِجُ وَلَوْ صَحَّ قَوْلُكُمْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْأَمَانِ وَابْنُ الْعَمِّ يَدْخُلُ فِي الْقَرَابَةِ عَادَةً وَلُغَةً فَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِاسْمِ الْقَرَابَةِ.
وَعَنِ الثَّالِثِ إِنَّ الْإِخْوَةَ لَا نَفَقَةَ لَهُمْ مَعَ اخْتِلَاف الدّين وَمَعَ الْغِنَا وَيَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ ثُمَّ الْمُعَارَضَةُ بِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَحَقٌّ بِالْقَرَابَةِ فَيَدْخُلُ ابْنُ الْعَمِّ كَالْمِيرَاثِ وَهَذَا الْقِيَاسُ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَوْتَ شَرْطٌ فِي الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ.
فرع:
فِي الْبَيَانِ إِذَا أَوْصَى لِابْنِ السَّبِيلِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْدَرِجُ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَقْصِدُونَ بوصاياهم الْكفَّار وَالْوَصِيَّة للْكفَّار مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْلَى مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا فَلَا تُحْمَلُ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ.
فرع:
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَلَهُ أَقَارِبُ فَقُرَاءُ لَا يَنْدَرِجُونَ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُمْ لَعَيَّنَهُمْ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَفْظُ الْجِيرَانِ لِمَنْ يُوَاجِهُهُ وَيَلْصَقُ بِمَنْزِلِهِ مِنْ وَرَائِهِ وَجَنْبِهِ دُونَ مَنْ بَيْنَهُمَا السُّوقُ الْمُتَّسِعُ وَيُقْتَصِرُ فِي الدَّارِ الْعَظِيمَةِ الْكَثِيرَةِ الْمَنَازِلِ إِذَا أَوْصَى بَعْضُ سُكَّانِهَا عَلَيْهَا فَإِنْ شَغَلَ الْمُوصِي أَكْثَرَهَا وَسَكَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ خَارِجَهَا لَا لِمَنْ فِيهَا وَإِنْ سَكَنَ أَقَلَّهَا اخْتَصَّتْ بِمَنْ فِيهَا قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ جِوَارُ الْبَادِيَةِ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا وَقَدْ يَكُونُ الْجَارُ عَلَى أَمْيَالٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ غَيْرُهُ إِذَا جَمَعَهُمُ الْمَأْوَى وَالْمَسْرَحُ وَقَالَ سَحْنُونٌ كُلُّ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لَيْسَ لَهَا اتِّصَالٌ بِالْحَارَاتِ فَهُمْ جِيرَانٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِذَا أَوْصَى لِجِيرَانِهِ إِنَّمَا يُعْطَى الْجَارُ الَّذِي لَهُ الْمَسْكَنُ وَالزَّوْجَةُ وَوَلَدُهُ الْكَبِيرُ الْبَائِنُ عَنْهُ بِنَفَقَتِهِ وَلَا يُعْطَى الصَّغِيرُ وَالْبِنْتُ الْبِكْرُ وَلَا خَدَمُهُ وَلَا ضَيْفٌ يَنْزِلُ بِهِ وَيُعْطَى الْجَارُ الْمَمْلُوكُ إِذَا سَكَنَ بَيْتًا عَلَى حِدَةٍ كَانَ سَيِّدُهُ جَارًا أَمْ لَا وَقَالَ سَحْنُونٌ يُعْطَى الْوَلَدُ الصَّغِيرُ وَالْبِكْرُ بِالِاجْتِهَادِ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ إِلَّا حَمْلٌ حُمِلَتِ الْوَصِيَّةُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَسْقَطَتْهُ أَوْ وُلِدَ مَيِّتًا سَقَطَتِ الْوَصِيَّةُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ يُولَدُ بَعْدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ وَالْمُوصِي يَظُنُّ أَنَّ لَهُ وَلَدًا بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا حُمِلَتْ عَلَى مَنْ يُولَدُ بَعْدُ فَإِنْ كَثُرُوا فَمَنْ وُلِدَ تُجِرَ لَهُ بِذَلِكَ الْمَالِ وَإِنْ وُلِدَ آخَرُ تُجِرَ لَهُ مَعَ الْأَوَّلِ وَمَنْ بَلَغَ تَجَرَ لِنَفْسِهِ فَإِن حسن أوضاع مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى التَّجْرِبَةُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الْمَيِّتَ رَضِيَ بِالْوَصِيَّةِ مَعَ تَوَقُّعِ ذَلِكَ وَالصَّغِيرُ لَمْ يَضْمَنْ ذَلِكَ فَإِذَا بَلَغَ وَتَجَرَ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ الْخَسَارَةَ وَالسَّلَفَ لِأَجْلِ وَضْعِ يَدِهِ.
فرع:
قَالَ وَلَوْ أَوْصَى لِمَيِّتٍ لَا يَعْلَمُ بِمَوْتِهِ بطلت الْوَصِيَّة لعدم الْمحل أَو يعلم وَصِيّ وَفِي بهَا دينه ورثته عَنْهُ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْصِدُ الْمُوصِي وَيُقَدَّرُ تَقَدُّمُ مِلْكِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا يُقَدَّرُ ذَلِكَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ فَإِنَّهَا تُوَرَّثُ وَلَا يَمْلِكُهُ فِي الْحَيَاةِ لِبَقَاءِ الرُّوحِ وَعَنْهُ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ مَنْ يَصْلُحُ لِلْمِلْكِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْجِهَادِ.
فرع:
قَالَ إِذَا قَالَ لِآبَائِي دَخَلَتِ الْأَجْدَادُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْجَدَّاتُ كَمَا يُقَالُ لِلنَّاسِ أَوْلَادُ آدَمَ وَحَوَّاءَ فَإِنْ لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ لِلْآبَاءِ حُوصِصَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ بِمَا يَنُوبُهُمْ وَكَانَ نَصِيبُهُمْ مِيرَاثًا وتندرج فِي الْأَعْمَام والعمات مِنْ كُلِّ جِهَةٍ كَالْأُمِّ مَعَ الْأَبِ لِأَنَّ هَذِه مجازات عالية وَالْأَلْفَاظُ تُحْمَلُ عَلَى الْعَوَائِدِ وَتَنْدَرِجُ فِي عَصَبَتَيْ نَسَبِ الْأَبِ الذُّكُورِ وَإِنْ بَعُدُوا دُونَ الْإِنَاثِ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ مِنَ الْمُعَاوَضَةِ وَالتَّقْوِيَةِ وَمِنْهُ عَصَبُ الْحَيَوَانِ وَذَلِكَ مُخْتَصٌّ عَادَةً بِهَؤُلَاءِ دُونَ مَنْ هُوَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ.
فرع:
قَالَ وَالْأَهْلُ وَالْآلُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ بَدَلٌ مِنَ الْهَاءِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {هَا ؤم اقرؤا كِتَابيه} أَيْ هَاكُمْ فَهُمُ الْعُصْبَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَمَّاتُ دُونَ الْخَالَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَجَعَلَهُ لِمَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ دُونَ مَنْ هُوَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَدْخُلُ الْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَبَنُوهُمُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَبَنُو الْبَنَاتِ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ.
فرع:
قَالَ وَقَوْلُهُ إِخْوَتِي يَتَنَاوَلُ الْأَشِقَّاءَ وَالْأَبَ وَالْأُمَّ لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ هِيَ الْمُسَاوَاةُ فِي صِفَةٍ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {كُلَّمَا دَخَلَتْ أمة لعنت أُخْتهَا} أَيِ الْمُسَاوِيَةَ لَهَا فِي صِفَةِ الْكُفْرِ وقَوْله تَعَالَى {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} لِاسْتِوَائِهِمَا فِي صفة الدّلَالَة وَتقول هَذِهِ النَّخْلُ أُخْتُ هَذِهِ وَالْأُخُوَّةُ مُسْتَوِيَةٌ إِمَّا فِي صِفَةِ الْخُرُوجِ مِنَ الظَّهْرِ أَوْ مِنَ الرَّحِمِ أَوْ مِنْهُمَا وَهُمُ الْأَشِقَّاءُ فَلَفْظُ الْأُخُوَّةِ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ لِوَلَدِ فُلَانٍ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ يَنْتَظِرُ أَيُولَدُ لَهُ أم لَا ويساوى فِيهِ بَين الذُّكُور والآناث لِعَدَمِ اخْتِصَاصِ اللَّفْظِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ مَنْ يَمْلِكُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا مَاتَ الْمُوصِي وَلَا وَلَدَ لِلْمُوصَى لِوَلَدِهِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ عَلِمَ بِأَنَّ لَهُ ولدا أم لَا وَإِن ولد لَهُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ لَهُ حَمْلٌ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي لِأَنَّهُ مَاتَ وَلم يحرم بِنَقْلِ مَالِهِ لِأَحَدٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُمْ وَلَدٌ رَجَعَتْ مِيرَاثًا لِعَدَمِ الْمَحَلِّ وَالْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ شَيْءٍ بَاطِلَةٌ إِجْمَاعًا وَعَنْهُ إِذَا أَوْصَى لِفُقَرَاءِ بَنِي عَمِّهِ فَوُجِدُوا أَغْنِيَاءَ فَلْيُوقَفْ عَلَيْهِمْ فَمَنِ افْتَقَرَ دُفِعَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْتَقِرْ أَحَدٌ رَجَعَتْ مِيرَاثا.
فرع:
قَالَ صَاحب البيإن الْفَخْذ أعلم مِنَ الْفَصِيلَةِ وَأَخَصُّ مِنَ الْبَطْنِ وَالْقَبِيلَةُ وَالْبَطْنُ أَخَصُّ مِنَ الْقَبِيلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَعَامُلُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَالْخِلَافُ فِيهَا فِي الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةُ تَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَوْصَى لِحَمْلِ فُلَانَةَ فَوَلَدَتِ اثْنَيْنِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ وَإِن اخْتلفَا بالذكورة الْأُنُوثَة كمن أَوْصَى لِأَوْلَادِهَا الْمَوْجُودِينَ وَلَوْ قَالَ إِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ اسْتَحَقَّ دُونَ الْجَارِيَةِ وَلَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ دَخَلَ الْمَسَاكِينُ وَبِالْعَكْسِ لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ عَلَيْهِمَا وَلقَوْله تَعَالَى {فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا} وَتَجُوزُ لِلْفُقَرَاءِ إِجْمَاعًا وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ بَلْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فِي حَالِهِ لِأَنَّهُ لَوْ حَطَّتِ الشَّرِكَةُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّ عَدَدَ الْفُقَرَاءِ غَيْرُ مُتَنَاهٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ أُسْوَةُ أَحَدِ الْفُقَرَاءِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَا يَمِينَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ عَلَى وَجْهِ التَّوْلِيجِ وَوجه ذَلِك إِنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَإِذَا صَرَفَ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ جَازَ لِلْوَارِثِ أَخْذُهَا لِأَنَّهَا هِبَةٌ مِنْهُ قَالَهُ أَصْبَغُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَنِيًّا يَظُنُّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمَسُّهُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ.
فرع:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ صَحَّ وَلَا تَكُونُ وَصِيَّةً لِوَلَدِهِ وَقَصْدًا مِنْهُ لِغِنَاهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ فَيَرِثُهُ وَكَذَلِكَ إِذَا أَوْصَتْ لِابْنِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِهَا وَلَا يَرُدُّ الْوَصَايَا سُوءُ الظَّنِّ وَقَالَ أَصْبَغُ وَكَذَلِكَ وَصِيَّتُهُ لوَلَده ولد وَأَبُوهُ حَيٌّ وَارِثٌ وَلَا يَحْلِفُ مَا وَصَّى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِلْوَارِثِ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ وَيجْرِي فِيهَا الْخلاف فِي عين التُّهَمِ وَلَوْ حَقَّقَ وَارِثٌ عَلَيْهِ الدَّعْوَى حَلَفَ قَوْلًا وَاحِدًا.
فرع:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَوْصَتْ لِزَوْجِهَا وَقَدْ طَلَّقَهَا إِنْ عَلِمَتْ بذلك جَازَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا ظنت إِنَّه وارثها أجازها أَشْهَبُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِظَاهِرِ الْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ النُّفُوذُ وَهُوَ الْأَصْلُ مِنَ الْعُقَلَاءِ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَوْصَى لِوَارِثٍ فَحَجَبَ عَنْ مِيرَاثِهِ أَوْ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَصَارَ وَارِثًا فَالِاعْتِبَارُ بِالْمَآلِ إِنْ كَانَ الْمُوصِي عَالِمًا بِتَغَيُّرِ حَالِ الْوَارِثِ لِأَن الْوَصَايَا إِنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ صَحَّتْ عِنْدَ أَشْهَبَ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
فرع:
قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إِذَا أَوْصَى لِقَاتِلٍ بَعْدَ جَرْحِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَعَلِمَ أَنَّهُ الْجَانِي أَمْ لَا يَصِحُّ فِي الْخَطَأِ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ وَفِي الْعَمْدِ فِي الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ لِأَنَّهَا فِي الْعَمْدِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ تخْتَص بالمعلوم فَلَو تَأَخَّرَتِ الْجِنَايَةُ الْعَمْدُ عَنِ الْوَصِيَّةِ بَطَلَتْ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ مُعَاقَبَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَإِنْ تاخرت الْجِنَايَة الْخَطَأُ فَالْوَصِيَّةُ فِي الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ وَقَالَ ح لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ عَمْدًا وَلَا خَطَأً وَعِنْدَ ش قَوْلَانِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذين يبدلونه} وَإِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ تَبْدِيلٌ وَقِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ وَنَقْلُ مِلْكٍ فَيَنْعَقِدُ سَبَبُهُ لِلْقَاتِلِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَاحْتَجُّوا بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَصِيَّة لقَاتل لِأَن الْوَصِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِالْمَوْتِ فَيَمْنَعُهَا الْقَتْلُ كَالْمِيرَاثِ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَعَلَّقَانِ بِالْمَوْتِ وَلِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ لِأَنَّهُمَا نَصِيبُهُمَا يَزِيدَانِ بِزِيَادَةِ الْمَالِ وَيَنْقُصَانِ بِنُقْصَانِهِ فَيَكُونُ كَالْمِيرَاثِ فِي مَنْعِ الْقَتْلِ إِيَّاهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ سلمنَا صِحَّته لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ الْمِيرَاثُ وَهُوَ يُسَمَّى وَصِيَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادكُم} صَوْنًا لِلْآيَةِ عَنِ التَّخْصِيصِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بَين الْقَتْل والعمد وَالْمِيرَاث أما الْخَطَأ فَلَا يمْنَع عِنْده أَنَّ الْكُفْرَ وَالرِّقَّ يَمْنَعَانِ الْمِيرَاثَ دُونَ الْوَصِيَّةِ فَالْمِيرَاثُ أَقْوَى وَلِأَنَّهُ بِالْقَتْلِ مُسْتَعْجِلٌ لِلْمِيرَاثِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَعُوقِبَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَلِأَنَّ الْمِيرَاثَ مِلْكٌ ضَرُورِيٌّ فَلَوْ أَثْبَتْنَاهُ لِلْقَاتِلِ صَارَ مُكْتَسَبًا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ نَظَائِرُ قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ خَمْسَةٌ تُبْطِلُ مَا وُصِّيَ لَهُمْ بِهِ الْوَارِثُ وَقَاتِلُ الْعَمْدِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمَقْتُولُ بِذَلِكَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَالْقَاتِلُ خَطَأً تُبْطَلُ وَصِيَّتُهُ مِنَ الدِّيَةِ دُونَ الْمَالِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُوصِي بِذَلِكَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ فَتَجُوزُ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ وَالْمُوصَى لَهُ يَمُوتُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ يُرِيد فِي حَيَاةِ الْمُوصِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ.