فصل: كتاب الرهون:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب الثَّالِث فِي التَّنَازُع:

وَهُوَ إِمَّا بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَ أَجْنَبِيٍّ وَبَيْنَهُمَا فَهَذِهِ فَصْلَانِ:

.الفصل الْأَوَّلُ فِي التَّنَازُعِ بَيْنَهُمَا:

وَفِيهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَرْعًا:
الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ: أَصْلُ الْمُتَفَاوِضَيْنَ أَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمَا عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنَ الْأَجْزَاءِ فَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ جُزْءًا حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ.
الثَّانِي: فِي الْجَوَاهِرِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ وَالِابْتِيَاعُ مَا لَمْ يَحْظُرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ.
الثَّالِثُ: مَا بِيَدِهِ مَتَاعٌ مِنْ مَتَاعِ التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ مِنْ مَتَاعِهَا وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي ثُمَّ قَالَ حَدَثَتْ لِي هَذِهِ الدَّارُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِدُونِهَا وَإِنْ قَالَ فِي كُلِّ التِّجَارَةِ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ فِيمَا فِي يَدِيكَ دُونَ مَا فِي يَدِي صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اخْتِصَاصُهُ بِمِلْكِ مَا فِي يَدَيْهِ وَإِنْ قَالَ فِي حَانُوتٍ فِي يَدَيْهِ فُلَانٌ شَرِيكِي فِيمَا فِيهِ ثُمَّ أَدْخَلَ فِيهِ عَدْلَيْنِ وَقَالَ لَيْسَا مِنَ الشَّرِكَةِ وَقَالَ الْآخَرُ قَدْ كَانَا فِي الْحَانُوتِ يَوْمَ إِقْرَارَهِ صُدِّقَ هَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُسْتَصْحَبٌ عَلَى مَا فِي الْحَانُوتِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ وَعَنْ أَشْهَبَ يُصَدَّقُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَنَاوُلِ الْإِقْرَارِ لَهُ.
الرَّابِع فِي الْكتاب: إِن ادَّعَى شِرَاءَ سِلْعَةٍ ثُمَّ ضَيَاعَهَا صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَمِين.
الْخَامِس قَالَ: إِذا جحد أحد المفاوضين الْمَالَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً فَهَلَكَ الْمَالُ بِيَدِ الْجَاحِدِ فِي الْخُصُومَةِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِمَنْعِهِ.
السَّادِسُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قَدَّمَ شَرِيكٌ بِيَدِهِ أَمْوَالٌ يَقُولُ هِيَ وَدَائِعُ أَوْ هِيَ عُرُوضٌ فَقَالَ دُفِعَتْ لِي لِأَبِيعَهَا فَقُلْتُ لَهُ اذْكُرِ اسْمَ أَرْبَابِهَا فَإِنْ سَمَّاهُمْ وَحَلَفُوا أَخَذُوا وَإِنْ نَكَلُوا أخذُوا نصيب الْمقر وَحده مواخذة لَهُ بِإِقْرَار وَإِن لم يسم فَذَلِك بَيْنكُمَا قَالَ بغض الْقَرَوِيِّينَ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى عَدَالَةِ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَاهِدًا وَيَنْبَغِي قَبُولُ إِقْرَارِهِ لمن لَا يتهم عَلَيْهِ وَيحْتَمل التَّحْلِيف اسْتِبْرَاء وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا قَالَ عِنْدَ الْمُحَاسَبَةِ جَعَلْتُ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ مَالًا يَحْلِفُ شَرِيكُهُ عَلَى الْبَتّ مَاله فِيهِ شَيْءٌ وَلَا جَعَلَ فِيهِ شَيْئًا وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى جَمِيعِ مَا بِيَدِهِ.
السَّابِعُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعَى الْمُفَاضَلَةَ فَقَالَ لَكَ الثُّلُثُ وَلِي الثُّلُثَانِ وَقُلْتَ النِّصْفَ وَلَيْسَ الْمَالُ بِيَدِ أَحَدِكُمَا دُونَ الْآخَرِ لَهُ النِّصْفُ لِأَنَّكَ سَلَّمْتَهُ وَلَكَ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ وَتَقْتَسِمَانِ السُّدُسَ نِصْفَيْنِ لِوُقُوعِ التَّنَازُعِ فِيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُفَاوَضَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَة فَادّعى الثَّالِث الثُّلُث يقسم بَينهم المَال أَثْلَاثًا عِنْدَهُ لِتَسَاوِيهِمْ فِي الْحِيَازَةِ وَالْأَيْمَانِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الدَّعَاوِي قَالَ مُحَمَّدٌ: فَلَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمُ الثُّلُثَيْنِ وَقَالَ لَكُمَا الثُّلُثُ وَقَالَ الْآخَرُ لِي النِّصْفُ وَلَكُمَا النِّصْفُ وَقَالَ الْآخَرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ منا الثُّلُث يضْرب كل وَاحِدٍ بِحِصَّةِ دَعْوَاهُ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى تِسْعَةٍ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ اثْنَانِ وَالَّذِي يَجْرِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُسَلِّمَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ السُّدُسَ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ لِعَدَمِ الْمُنَازَعَةِ فِيهِ وَتَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ ادَّعَى صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةَ أَسْدَاسٍ وَصَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَدَّعِيَانِ الْجَمِيعَ فَتُقَسَّمُ هَذِه الْخَمْسَة الأسداس نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ سَهْمَانِ وَنِصْفُ سُدُسٍ وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَبْقَى مِنَ الْمَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا يَدَّعِي صَاحِبُ النِّصْفِ أَنَّ لَهُ مِنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ الَّتِي هِيَ نِصْفُ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ السَّهْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ لَا شَيْءَ فِيهِمَا لَهُ فَيُدْفَعَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَيَدَّعِي صَاحِبُ الثُّلُثِ أَنَّ لَهُ مِنَ الْأَرْبَعَةِ عَشَرَ ثَمَانِيَةٍ الَّتِي هِيَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ السِّتَّةَ الْبَاقِيَةَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا فَتُدْفَعُ السِّتَّةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ فَتَبْقَى سِتَّةٌ يَدَّعِيهَا صَاحِبُ الثُّلُثِ مَعَ الِاثْنَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ وَيَدَّعِيهَا صَاحِبُ النِّصْفِ مَعَ السِّتَّةِ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي هَذِهِ السِّتَّةُ فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ يَحْصُلُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا فَلَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ وَالْآخَرُ النِّصْفَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُسَلِّمُ مُدَّعِي الثُّلُثِ وَمُدَّعِي النِّصْفِ السُّدُسَ لِصَاحِبِ الْكُلِّ ثُمَّ صَارَ الْكُلُّ يَدَّعِي الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ وَالْآخَرَانِ يَدَّعِيَانِهَا فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ وَلِلْآخَرَيْنِ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ لَا يَدَّعِي فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ إِلَّا ثَمَانِيَةً فَسَلَّمَ اثْنَيْنِ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثُمَّ تُقَسَّمُ الثَّمَانِيَةُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِي دَعْوَاهُمَا وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ سَلَّمَ مُدَّعِي الثُّلُثِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ نَازَعَ الْآخَرُ فِي الثُّلُثِ فَيُقَسَّمُ بَينهمَا نِصْفَيْنِ ثمَّ يَقُول صَاحب النِّصْفِ سَلِّمْ لِي مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَهُوَ الثُّلُث لأخذ السُّدُسِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ أَقَرَّا بِتَسْلِيمِ النِّصْفِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ وَأَقَرَّ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِتَسْلِيمِ السُّدُسِ فَيِتَدَاعَيَاهُ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ سَبْعَةٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمٌ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بِالسَّوِيَّةِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ وَثُلُثٌ فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمَانِ وَثُلُثٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ سَهْمٌ وَثُلُثُ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي مَخْرَجِ الثُّلُثِ لِتَسْلَمَ السِّهَامُ فَتَكُونَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَطَرِيقُ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ وَمُدَّعِيَ الثُّلُثِ لَا يُسَلِّمَانِ لِمُدَّعِي الْكُلِّ إِلَّا السُّدُسَ وَقَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ: لِصَاحِبِ الْكُلِّ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمَانِ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ عَلَى عَوْلِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا كَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالِهِ وَلِآخَرَ بِبَعْضِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا بِاتِّفَاقٍ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا.
الثَّامِنُ قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي وَلَمْ يَقُلْ فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَلَا مُفَاوِضٌ فَإِنْ خَصَّصَ مَالًا فِي الْإِقْرَارِ وَكَانَ كَلَامًا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ أُتْبِعَ ذَلِكَ وَإِلَّا شَرِكَهُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي.
التَّاسِعُ قَالَ إِذا قَالَ شركك فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَمْ يُسَمِّ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْخَسَارَةِ فَالْمُشْتَرِي مُدَّعٍ وَيُصَدَّقُ الْآخَرُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَعًى عَلَيْهِ الْخَسَارَةُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يَعْرِفُ وَإِنْ رَبِحَا فِيهَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَشْرَكْتُكَ بِالسُّدُسِ وَقَالَ الْآخَرُ بِالنِّصْفِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْآخَرَ مُدَّعٍ نَقْلَ مَالِ الْآخَرِ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ قَالَا لَمْ نَنْوِ شَيْئًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَنِصْفَانِ فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِيمَا يَدَّعِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم انْتِقَال ملكه وَفِي الْوَاضِحَة: عَن سَأَلَهُ مَنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُشْرِكَهُ صُدِّقَ مُدَّعِي النِّصْفِ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ فَائِتَةً بِزِيَادَةٍ أَوْ خُسْرَانٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ إِشْرَاكُهُ فَكَمَا تَقَدَّمَ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْأَقَلِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعُهْدَةَ فِي الْأُولَى عَلَى الْبَائِعِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي.
الْعَاشِرُ قَالَ: إِذَا أَرَادَ شِرَاءَ سِلْعَةٍ لِلتِّجَارَةِ فَوَقَفَ آخَرٌ سَاكِتًا فَلَمَّا وَجَبَ الْبَيْعُ طَلَبَ الدُّخُولَ مَعَهُ فَأَبَى قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: إِنْ كَانَ شِرَاؤُهُ لِلْبَعْضِ أُجْبِرَ عَلَى الشَّرِكَةِ بِخِلَافِ مَنِ اشْتَرَى بِمَنْزِلِهِ أَو ليخرج بهَا إِلَى بلد آخر لَيْلًا يَفْسُدَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِذَا لَمْ يقْض بِهَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنَّمَا قَالَ مَالك فِي تجار أهل تِلْكَ السعلة وَأَهْلِ سُوقِهَا كَانَ مُشْتَرِيهَا مَنْ أَهَلِ التِّجَارَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ إِذَا اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَقَدْ قَضَى عُمَرٌ بِذَلِكَ.
الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ: إِذَا سُئِلَ الشَّرِكَةَ عِنْدَ الْبَيْعِ وَسَكَتَ لَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِسُكُوتِهِ وَيُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُ فَسَكَتُوا وَقَالُوا أَرَدْنَا بِسُكُوتِنَا تَخْفِيضَ السِّعْرِ لَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ قَالَ أَصْبَغُ: وَمَتَى يُسْتَدَلُّ عَلَى كذبه بِكَثْرَة تِلْكَ السعلة وَأَنَّ مِثْلَهَا تُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ قُبِلَ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى أَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ دُونَ الْقِنْيَةِ.
الثَّانِيَ عَشَرَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ: لَكُمَا سَفِينَةٌ تُرِيدُ حَمْلَ مَتَاعِكَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِكَ مَا يَحْمِلُهُ فَلَكَ الْحَمْلُ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِكِرَاءٍ وَلَوْ طَلَبَهُ بَلْ يَحْمِلُ مِثْلَ مَا حَمَلْتَهُ وَإِلَّا بِيعَ الْمَرْكَبُ عَلَيْكُمَا لِأَنَّ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ الِانْتِفَاعُ بِالْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا لُزُومُ كِرَاءٍ.
الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ ضَاعَ الْمَالُ مِنِّي ثَمَّ قَالَ دَفَعْتُهُ لِلشَّرِيكِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مَا دَفَعْتُهُ مِنْ مَالِي بَعْدَ الضَّيَاعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ وَأَرَاهُ ضَامِنًا لِأَنَّ اضْطِرَابَهُ تُهْمَةٌ وَلَوْ قَالَ لَهُ شركاؤه أَعْطَانَا ثَمَنَ مَا بِعْتَ فَقَالَ هُوَ فِي كُمِّي فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قُطِعَ مِنْ كُمِّي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ إِذَا سَأَلُوهُ فَلَمْ يُعْطِهِمْ لِأَنَّهُ فَرَّطَ.

.الفصل الثَّانِي: فِي الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ:

وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ:
الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِر: مهما قضى أَحدهمَا الْغَرِيم بَرِيء وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الَّذِي عَامَلَهُ لِأَنَّ يَدَهُمَا كَيَدِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ إِذَا رَدَّ لَهُ مَا أَوْدَعَهُ شَرِيكُهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَلِلْبَائِعِ اتِّبَاعُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فِي فَوْتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِنِ افْتَرَقَا قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ دَيْنِهِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ قَضَى أَحَدُهُمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَالِمًا بِهِ لَمْ يَبْرَأْ من حِصَّة الآخر أَو غير عَالم بَرِيء مِنْهُمَا جَمِيعًا.
الثَّانِي فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فَأَقَرَّ الْحَيُّ أَنَّهُمَا رَهَنَا مَتَاعًا مِنَ الشَّرِكَةِ عِنْدَ فُلَانٍ وَقَالَ وَرَثَةُ الْهَالِكِ بَلْ أَوْدَعْتَهُ أَنْتَ إِيَّاهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ الْحَيِّ فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ حِصَّةُ الْمُقِرِّ رَهْنًا كَمَا إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنَ الْمَقَرِّ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّيْنِ مُوَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُصَدَّقُ الشَّرِيكُ وَكَذَلِكَ إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَيَلْزَمُهُمَا فِي أَمْوَالِهِمَا لِأَنَّهُمَا كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَقَوْلُ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُ الْمُقِرُّ حِصَّتَهُ يُرِيدُ إِذَا لَمْ يَحْلِفِ الْمَشْهُودُ لَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَأَجَازَهَا هَاهُنَا مَعَ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لَغُرِّمَ جَمِيعَ الْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّ الْمَتَاع رَهْنٌ فِيهِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ وَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَقْدِرُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَيْتًا جَازَتْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَلَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَقُولُ لَا يَلْزَمُنِي أَنْ أَحْلِفَ لِأَنَّنِي يُمْكِنُنِي أَخْذُ حَقِّي بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقِيلَ إِقْرَارُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ جَائِزٌ عَلَى الشَّرِيكِ.
الثَّالِثُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَ بِيَدِهِمَا دَارٌ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِثَالِثٍ بِنِصْفِهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَقَالَ هِيَ بَيْننَا نِصْفَانِ أولى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلَكَ الرُّبُعُ أَوْ جَمِيعُهَا لِي فَإِن قَالَ نصفهَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ نِصْفُهَا لَهُ وَنِصْفُهَا لِلْمُقِرِّ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ قَالَ لَكَ رُبُعُهَا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِي حَلَفَ الْمُقِرُّ وَلَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَدَ لَهُ عَلَيْهِ فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ إِذَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ؛ وَإِنْ قَالَ جَمِيعُهَا لِي دُونَكُمَا فَلِلْمُقرِّ حَظُّ الْمُقَرِّ لَهُ وَهُوَ النِّصْفُ ثُمَّ يُقَسِّمُ الشَّرِيكَانِ النِّصْفَ الْآخَرَ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَفِي صِفَةِ الْقِسْمَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى أَثْلَاثًا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرْبَاعًا لِلْمُنْكِرِ نصف النّصْف بِإِقْرَار شَرِيكه لَهُ ثمَّ يقسمان النِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ لِتَسَاوِي دَعْوَاهُمَا فَلِلْمُقِرِّ ثَمَنُ جَمِيعِ الدَّارِ وَالْبَاقِي لِلْمُنْكِرِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَإِنْ قَالَ النِّصْفُ لِي وَالنِّصْفُ لِفُلَانٍ وَيَدَكَ مَعِي عَارِيَةٌ مِنْهُ أَوْ بِإِجَارَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ لَا شَيْء لفُلَان وَهِي بَيْننَا نِصْفَانِ أولي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا أَوْ هِيَ لِي دُونَكُمَا صُدِّقَ الْمُنْكِرُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي جَمِيع هَذِه الأسولة كَذَا شَيْءٌ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَده بَلْ بِمَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ ثُمَّ يَعُودُ الْمَقَالُ فِيمَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنْ قَالَ الْمُنْكِرُ بَلِ الدَّارُ بَيْنَنَا نِصْفَانِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقِرِّ نِصْفَيْنِ وَإِنْ قَالَ إِنَّمَا لَك ربعهَا حلف يمينين يَمِينا للْمقر أَلا سيء لَهُ فِيهَا وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الْمُقِرِّ لَهُ وَيكون ربعهَا للْآخر لَا تقاقهما أَنَّهُ لَهُ وَيَبْقَى رُبُعٌ يَتَحَالَفَانِ وَيُقَسِّمَانِهِ فَإِنْ قَالَ الْمُنْكِرُ بَلْ جَمِيعُهَا لِي حَلَفَ أَيْضًا يَمِينًا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُهُ ثُمَّ يَتَحَالَفَانِ فِي نِصْفٍ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمَتَى كَانَ الْمَقِرُّ عَدْلًا جَازَتْ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ.

.كتاب الرهون:

فِي التَّنْبِيهَاتِ: الرَّهْنُ اللُّزُومُ وَكُلُّ شَيْءٍ مَلْزُومٌ فَهُوَ رَهْنٌ وَهَذَا رَهْنٌ أَيْ مَحْبُوسٌ دَائِمٌ لَكَ وَكُلُّ شَيْءٍ ثَبَتَ وَدَامَ فَقَدْ رُهِنَ وَيُسَمَّى آخِذُ الرَّهْنِ مُرْتَهِنًا - بِكَسْرِ الْهَاءِ - وَيَنْطَلِقُ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ سَبِيلُ الرَّهْنِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَجُوزُ رَهَنْتُهُ وَأَرْهَنْتُهُ رَهْنًا وَجَمْعُهُ رِهَانٌ كَحَبْلٍ وحبال وَيُقَال رهن - بضَمهَا - جَمْعًا لِرِهَانٍ مِثْلَ فِرَاشٍ وَفُرُشٍ وَرَهَنَ مَعْنَاهُ دَامَ وَثَبت والراهن الثَّابِت والراهن الْمَعْزُول مِنَ الْإِبِلِ وَالنَّاسِ وَأَرْهَنْتُ فِي السِّلْعَةِ غَالَيْتُ فِيهَا وَأَرْهَنْتُ فِيهَا أَيْ أَسْلَفْتُ فِيهَا وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجدوا كَانَتَا فرهان مَقْبُوضَة} وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الْحَضَرِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْتَرَى طَعَامًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَ فِيهِ دِرْعَهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ سَفَرًا وَحَضَرًا إِلَّا مُجَاهِدٌ مَنَعَهُ فِي الْحَضَرِ بِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُم على سفر} فَشَرَطَ السَّفَرَ وَجَوَابُهُ إِنَّمَا خَصَّصَ السَّفَرَ لِغَلَبَةِ فِقْدَانِ الْكَاتِبِ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ فِيهِ تَنْبِيهٌ إِنَّمَا رَهَنَ عِنْدَ الْيَهُودِيِّ حَذَرًا مِنْ مُسَامَحَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ إِبْرَائِهِمْ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الدُّيُونِ وَعَلَى جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ لَا تَخْلُو عَنْ ثَمَنِ الْخُمُورِ وَالرِّبَا قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ: لَمْ يَصِحَّ إِلَّا حَدِيثَانِ: هَذَا وَفِي البُخَارِيّ الرَّهْن محلوب ومركوب ويركب بِنَفَقَتِهِ وَيُحْلَبُ بِنَفَقَتِهِ وَآخَرُ أَرْسَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى الْأَخْذِ بِهِ وَزَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهِ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ ويعارض حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ جَعَلَهُ مَحْلُوبًا وَمَرْكُوبًا بِنَفَقَتِهِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الرَّاهِنِ وَقَالَ (ح) هِيَ عُطْلٌ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَالرَّهْنِ وَعَدَمِ مِلْكِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا تَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيرد عَلَيْهِ حَدِيث البُخَارِيّ: لَهُ غُنْمُهُ الْحَدِيثَ وَنَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ مَالِكٌ إِجْمَاعًا فَهُوَ أَحَقُّ بِمَنَافِعِ مِلْكِهِ وَقَالَ (ش) يَسْتَوْفِيهِمَا الرَّاهِنُ عِنْد نَفسه وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام يركب بنفقتها وَيُحْلَبُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عَادَتَهُمْ أَوْ برضى المتراهنين وَمعنى لَا يغلق الرَّهْن لَا يَذْهَبُ هَدَرًا لِقَوْلِ الشَّاعِرِ وَهُوَ زُهَيْرٌ:
وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ ** يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا

أَيْ ذَهَبَ بِغَيْرِ جَبْرٍ وَفِي ذَلِكَ أَحْوَالٌ: أَحَدُهَا تَفْسِيرُ مَالِكٍ هَذَا وَثَانِيهَا يَهْلِكُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَهَلْ يَضْمَنُ بِقِيمَتِه؟ قَالَ (ح) أَوْ لَا؟ قَالَهُ (ش) أَوْ يُفَرَّقُ بَين مَا يغيب عله وَغَيْرِهِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ: مُرْسَلُ الْمُوَطَّأ مُتَّصِل من طرق ثَابِتَة وَرِوَايَته يضم الْقَافِ عَلَى الْخَبَرِ أَيْ لَا يَذْهَبُ بَاطِلًا فَيَقُولُ إِنْ لَمْ آتِكَ بِالدَّيْنِ فَالرَّهْنُ لَكَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لَا تُجِيزُ الْعَرَبُ غَلِقَ ضَاعَ بَلْ إِذَا اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ فَذَهَبَ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ أَحْمَدُ: لِلْمُرْتَهِنِ حَلْبُ الرَّهْنِ وَرُكُوبُهُ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ لَمْ يُنْفِقِ الْمُرْتَهِنُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ نَفَقَتُهُ وَقَالَ (ش) الْمَنَافِعُ لِلرَّاهِنِ اتَّفَقَ أَمْ لَا وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ عَارِيَةَ الرَّهْنِ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ لِصِحَّتِهِ أَوْلًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَيْسَ شَرْطًا.
فَائِدَةٌ:
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَغْلَقُ الرَّهْنُ - بِفَتْحِ اللَّامِ - فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي وَغَلَقًا بِفَتْحِ اللَّامِ فِي الْمَصْدَرِ قَالَ الْخَطَابِيُّ أَيْ لَا يَنْغَلِقُ وَيَعْقِدُ حَتَّى لَا يَقْبَلَ الْفَكَّ بَلْ مَتَى أَدَّى الْحَقَّ انْفَكَّ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ لَا يَرْجِعُ أَصْلًا تَنْبِيهٌ يَجُوزُ الرَّهْنُ وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَته} وَلِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلَ الشَّهَادَةِ وَهِيَ لَا تَجِبُ فَلَا يَجِبُ وَفِي الْكِتَابِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ.