فصل: كِتَابُ الصَّيْدِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.كِتَابُ الصَّيْدِ:

قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مُبَاح للمعاش حَالَة الإختبار وَمَنْدُوبٌ لِسَدِّ الْخَلَّةِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَوَاجِبٌ لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ نَفْسُ الصَّائِدِ أَوْ غَيْرِهِ وَمَكْرُوهٌ لِلَّهْوِ عِنْدَ مَالِكٍ مُبَاحٌ عِنْدَ ابْن عبد الحكم ومحرم بِغَيْرِ نِيَّةِ الذَّكَاةِ عَبَثًا لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَن تَعْذِيب الْحَيَوَان لغير مأكلة أوما أُدي لترك الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ وَيَتَهَذَّبُ فِقَهُ الْبَابِ بِالنَّظَرِ فِي الصَّائِدِ وَالْمَصِيدِ بِهِ وَالصَّيْدِ وَفِعْلِ الصَّائِدِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الصَّائِدِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْمُسْلِمُ الذَّكَرُ الْبَالِغُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْمُمَيِّزَ كَالْبَالِغِ وَكَرِهَهُ أَبُو مُصْعَبٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الذَّبَائِحِ وَفِي الْكِتَابِ أَقْوَالٌ:
ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَنْعِ الَّذِي فِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ وَبِالْإِبَاحَةِ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ مِنْ أهل الذَّكَاة حجَّة الْمَنْع قَوْله تَعَالَى {وليبلونكم اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} الْمَائِدَة 94 فَظَاهِرُ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَنْعُ اخْتِصَاصِ الْخِطَابِ بِالْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ أَصْلَ خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعُمُومِ فِي الْكُفَّارِ وَغَيْرِهِمْ سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قد قيل إِنَّهَا تَقْتَضِي الْمَنْع لِأَنَّهَا حطاب مَعَ الْمُحْرِمِينَ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ سَلَّمْنَا عَدَمَ ذَلِكَ لَكِنَّ قَوْله تَعَالَى {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الْمَائِدَة 4 عَامٌّ فِي الْخَلْقِ وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَالْمرَاد فِي ذَلِك ما مات بِالِاصْطِيَادِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} الْمَائِدَة 5 مَفْهُومُهُ تَحْرِيمُ طَعَامِ مَنْ لَا كتاب لَهُ وهم الجوس وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْسَلَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ كَلْبًا لمُسلم لم يُؤْكَل الصَّيْد أَو مُسْلِمٌ كَلْبَ مَجُوسِيٍّ أُكِلَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الصَّائِدُ دُونَ الْآلَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا رَمَى مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ سَهْمَيْهِمَا لَمْ يُؤْكَلْ إِلَّا أَنْ يُوقِنَ إِنْفَاذَ سَهْمِ الْمُسْلِمِ مَقَاتِلَهُ دُونَ سَهْمِ الْمَجُوسِيّ وَقَالَ ش وَقَالَ ابْن حبيب إِن انفذ سَهْمُ الْمُسْلِمِ الْمَقْتَلَ وَوَقَعَ سَهْمُ الْمَجُوسِيِّ فِي أَطْرَافِهِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فَإِنْ قَالَ الْمَجُوسِيُّ أَنَا لَا آكُلُ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ بِيعَ وَقُسِّمَ ثَمَنُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَا ثمن لَهُ فختص بِهِ الْمُسْلِمُ نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَالْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ السَّكْرَانِ وَلَا الْمَجْنُونِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَلَا ذَبِيحَةُ الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ الصَّلَاةَ كَالْمَجُوسِيِّ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ فَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمَجُوسِيِّ.

.الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمَصِيدِ بِهِ:

وَهُوَ كل حَيَوَان معلم وَقَالَهُ ش وح لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذكرت اسْم اللَّهِ عَلَيْهَا فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ وَإِنْ قَتَلْنَ وَإِنْ أَكَلْنَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَاشْترط التَّعْلِيم ليَكُون كالآلة للصائد لَيْلًا يُمْسِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَصِيرَ مَيْتَةً أَوْ سِلَاحٌ مَحْدُود رِفْقًا بِالْحَيَوَانِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ إِنْ أَصَابَهُ بِحَدِّهِ فَكُلْ وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ وَقَالَ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ مَا أَصَبْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ وَفِي الْكِتَابِ الْمُعَلَّمُ مِنَ الْحَيَوَانِ هُوَ الَّذِي إِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَإِذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَالسَّلَالِقَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي صِفَةِ التَّعْلِيمِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
مَا فِي الْكِتَابِ.
وَالثَّانِي: إِذَا دُعِيَ أَجَابَ مِنَ الْكِلَابِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّيْرِ الِانْزِجَارُ.
الثَّالِثُ: التَّسْوِيَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فِي اشْتِرَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأَوْصَافِ.
الرَّابِعُ: الِانْزِجَارُ لَيْسَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْرَكَ الصَّيْدَ يَنْهَشُ وَفَاتَ قَبْلَ ذَكَاتِهِ أَكَلَ قَالَ هَذِهِ حِكَايَةُ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَإِنَّمَا يُقَال كَا مَا يُمْكِنُ مِنَ التَّعْلِيمِ فَهُوَ مُشْتَرَطٌ وَالْمَقْصُودُ انْتِقَالُ الْجَارِحِ عَنْ طَبْعِهِ حَتَّى يَصِيرَ لِلصَّائِدِ كَالْآلَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ش إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ مِنَ الصَّيْدِ يُؤْكَلُ وَمَذْهَبُ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا لَا يُؤْكَلُ بِخِلَافِ الْبَازِيِّ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} الْمَائِدَة 4 وَهُوَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْجَوَاب عَنِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ إِنْ أَكَلَ فَكُلْ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِجَعْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا أَشَارَتْ إِلَى مَنْعِ الْأَكْلِ بِغَيْرِ إِرْسَالٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَدْ أُنْكِرَ عَلَى الْفُقَهَاءِ إِطْلَاقَهُمُ الْإِشْلَاءَ عَلَى الْإِرْسَالِ وَإِنَّمَا هُوَ الدُّعَاءُ وَلَعَلَّ الْفُقَهَاءَ اسْتَعْمَلُوهُ مَجَازًا لِأَنَّ الدُّعَاءَ قَبْلَ الْإِرْسَالِ وَسَبَبُهُ فَيَكُونُ مِنْ مَجَازِ إِطْلَاقِ التَّسَبُّبِ عَلَى السَّبَب وَلَا يكون الْحَيَوَان معلما بمطاوعته مَرَّةً وَلَا غَيْرَ مُعْلَّمٍ بِمَعْصِيَتِهِ مَرَّةً بَلْ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى شَهَادَةِ الْعَادَةِ دُونَ تَحْدِيدٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَحَدَّدَ ح بِتَرْكِ الْكَلْبِ لِلْأَكْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي مَوَارِدَ عِدَّةٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ فِي الْخِيَارِ وَالْهِجْرَانِ والإحراد وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا قَدْ لَا يُوجِبُ الْوُثُوقَ بِتَعْلِيمِ الْحَيَوَانِ وَاسْتَثْنَى ابْنُ حَنْبَلٍ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ وَخَصَّصَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الْحَيَوَانَ الْمَصِيدَ بِهِ بِالْكِلَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُكَلِّبِينَ} وَرَآهُ مأخوذا من الْكَلْب وَجَوَابه أَنه مَأْخُوذٌ مِنَ الْكَلَبِ بِتَحْرِيكِ اللَّامِ الَّذِي هُوَ الْحِرْصُ لِأَنَّ الْمُعَلَّمَ يَزْدَادُ حِرْصُهُ بِالزَّجْرِ وَقِيلَ التَّكْلِيبُ التَّسْلِيطُ وَقِيلَ التَّعْلِيمُ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مِنَ الْكَلْبِ لَكِنَّ السِّبَاعَ كِلَابٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَافْتَرَسَهُ الْأَسَدُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَهْدُ وَجَمِيعُ السِّبَاعِ إِذَا عُلِّمَتْ كَالْكَلْبِ إِلَّا النِّمْسَ لِأَنَّهُ لَا يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ الصَّيْدُ ذَكَاتُهُ بِتِسْعَةِ شُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ فِي الْجَارِحِ التَّعْلِيمُ وَالْإِرْسَالُ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ وَثَلَاثَةٍ فِي الْمَصِيدِ الْعَجْزُ عَنهُ ورؤية الْجَوَارِح لَهُ احْتِرَازًا من الغيضة أَو يَمُوت من الْجزع لَا من الصدوم وَثَلَاثَةٍ فِي الْمُرْسِلِ صِحَّةُ ذَكَاتِهِ وَإِسْلَامُهُ وَعَدَمُ رُجُوعِهِ عَنِ الطَّلَبِ.
فَائِدَةٌ:
الْجَوَارِحُ جَمْعُ جَارِحَةٍ وَقِيلَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْجُرْحِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَقِيلَ مِنَ الْجَرْحِ بِفَتْحِهَا وَهُوَ الْكَسْبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} الْأَنْعَام 60.
تَمْهِيدٌ:
الْمَطْلُوبُ فِي الْحَيَوَانِ الْقَصْدُ إِلَى اسْتِخْرَاجِ الدَّمِ الْحَرَامِ من اللَّحْم الْحَلَال بأسهل الطّرق عَلَيْهِ إِن أَمْكَنَ بِآلَةٍ تَصْلُحُ لِذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مُتَيَسِّرٌ فِي الْإِنْسِي ويتعذر فِي الْوَحْشِيِّ اسْتِخْرَاجُ الدَّمِ وَسُهُولَةُ الطَّرِيقِ وَبَقِيَ الْقَصْدُ وَالْآلَةُ وَنُزِّلَ السَّهْمُ مَنْزِلَةَ الْمُدْيَةِ لِضَرُورَةِ النِّفَارِ وَالتَّوَحُّشِ فَهُوَ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ وَيَلِيهِ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ الْجَارِحُ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا يبعد بِهِ عَن كَوْنه آلَةً لَكِنَّ عَدَمَ الْعَقْلِ فِيهِ مُخِلٌّ بِاخْتِيَارِهِ فَسقط اعْتِبَاره وَلذَلِك لَا يَصح أَنْ يَكُونَ الْمَجُوسِيُّ آلَةً لِعَقْلِهِ وَكَمَالِ اخْتِيَارِهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا شَارَكَ الْمُعَلَّمَ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ أَوْ كَلْبٌ غَيْرُ مُرْسَلٍ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ ذَكَاةُ الْمُعَلَّمِ أَوِ الْمُرْسَلِ دُونَ غَيْرِهِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ فَإِنْ أَرْسَلَ جَمَاعَةٌ كِلَابًا وَتَوَافَقَتْ جَمِيعًا أُكِلَ وَهُوَ لَهُمْ وَإِنِ اخْتُصَّ كَلْبُ أَحَدِهِمْ بِقَتْلِهِ اخْتُصَّ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا بَعْدَ كَلْبٍ فَقَتَلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أُكِلَ قَالَ أَصْبَغُ مَا لَمْ يَكُنْ إِرْسَالُ الثَّانِي بَعْدَ أَخْذِ الْأَوَّلِ لَهُ فَقَتَلَهُ الثَّانِي أَوْ شَارَكَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَو كَانَ لوَاحِد جارح وَللْآخر اثْنَان افتسما الصَّيْدَ نِصْفَيْنِ أَوْ جَارِحٌ وَاحِدٌ مِلْكُهُمَا فِيهِ مُخْتَلِفُ الْأَجْزَاءِ فَكَذَلِكَ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْأَجْزَاءِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْبَازِيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَأَنْكَرَ الْمَازِرِيُّ عَلَى اللَّخْمِيِّ أَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ الْقِسْمَةُ عَلَى عَدَدِ الْكِلَابِ بَلْ قَالَ الْمَذْهَبُ إِلْغَاءُ تَفَاوُتِ الْعَدَدِ وَالْأَجْزَاءِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ سِتَّةُ مَسَائِلَ تخْتَص بالرؤس دُونَ الْأَنْصِبَاءِ الصَّيْدُ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ كَثْرَةُ الْكلاب وَأُجْرَة الْقَاسِم وكنس المراحض وَحِرَاسَةُ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ وَبُيُوتُ الْغَلَّاتِ وَأُجْرَةُ السَّقْيِ عَلَى الْمَشْهُور وحراسة الدَّابَّة وَأَرْبَعَة مَسَائِلَ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَنْصِبَاءُ الشُّفْعَةُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَنِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّقْوِيمُ فِي الْعِتْقِ وَكَنْسُ السَّوَاقِي.
فرع:
قَالَ الْمَازِرِيُّ فَلَوْ غَصَبَ كَلْبًا أَوْ بَازِيًّا فَصَادَ بِهِمَا فَقِيلَ الصَّيْدُ لِلْغَاصِبِ لِأَنَّ الْكَلْبَ لَوِ انْفَرَدَ بِهِ لَكَانَ مَيْتَةً فَالْمُعْتَبَرُ إِنَّمَا هُوَ الصَّائِدُ لِقَصْدِهِ وَتَسْمِيَتِهِ فَيَكُونُ لَهُ وَقيل لصَاحب الْجَارِح لِأَنَّهُ الْمُبَاشر لِلْمُمْسِكِ بِقَصْدِهِ وَقُوَّتِهِ وَالصَّائِدُ مُتَسَبِّبٌ فَيُقَدَّمُ الْمُبَاشِرُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ كَمَا فِي الْقِصَاصِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ فَيَكُونُ لِرَبِّهِ وَلَوْ غَصَبَ سِلَاحًا فَلِلْغَاصِبِ لِأَنَّ السِّلَاحَ لَا قَصْدَ لَهُ وَفِي الْكِتَابِ الْمَصِيدُ بِحَجَرٍ أَوْ بُنْدُقٍ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ بَلَغَ مَقَاتِلَهُ لِأَنَّهُ رَضٌّ وَكَذَلِكَ الْمِعْرَاضُ إِذا أصَاب بعرضه وَقَالَهُ ح وش وَكُلُّ مَا جَرَحَ بِحَدِّهِ أُكِلَ كَانَ عُودًا أَوْ عَصًا أَوْ رُمْحًا وَالْمِعْرَاضُ خَشَبَةٌ فِي رَأْسِهَا زَجٌّ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَقِيلَ سَهْمٌ طَوِيلٌ لَهُ أَرْبَعُ قُذَذٍ رِقَاقٍ إِذَا رُمِيَ بِهِ اعْتَرَضَ وَقَالَ الْخَلِيلُ هُوَ سَهْمٌ دُونَ رِيشٍ وَقِيلَ عُودٌ رَقِيقُ الطَّرَفَيْنِ غَلِيظُ الْوَسَطِ وَالْخَذَفُ لَا يُبَاحُ الرَّمْيُ بِهِ لِأَنَّ مَصِيدَهُ وَقِيذٌ كَالْبُنْدُقِيَّةِ وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا يُؤْكَلُ مَا أصَاب الْمِعْرَاضُ بِعَرَضِهِ خِلَافًا لِأَهْلِ الشَّامِ وَلَا مَصْيَدُ الْبُنْدُقِيَّةِ خِلَافًا لِ ش وَجَمَاعَةٍ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ ابْتِدَاءً وَإِنْ ذُكِّيَ مَرْمِيُّهِ وَبِهِ قَالَ ش خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَلَا يَنْبَغِي خِلَافٌ فِي إِبَاحَةِ الرَّمْيِ بِهِ السِّبَاعَ الصَّوَائِلَ وَالْعَدُوَّ الْمُحَارِبَ وَفِي الْكِتَابِ مَا قَتَلَتِ الْحِبَالَةُ وَهِيَ الشَّرَكُ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا مَا ذكي وَلَو كَانَت فِيهِ جَدِيدَة أَنْفَذَتْ مَقَاتِلَهُ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْقَتْلِ وَقَالَهُ ش خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُؤْكَلُ مَصِيدُ السَّهْمِ الْمَسْمُومِ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَدْ يَكُونُ بِالسُّمِّ دُونَ السَّهْمِ وَلِأَنَّ آكلَهُ قَدْ يهْلِكُ.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ مَوْضِعُ نَابِ الْكَلْبِ يُؤْكَلُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَقَالَ ش فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَابْنُ حَنْبَلٍ يُغْسَلُ سَبْعًا لنجاسة وَيقطع مَوضِع اللعاب.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ اتِّخَاذُ أَبْرِجَةِ الْحَمَامِ وَإِنْ عُمِّرَتْ مِنْ حَمَامِ النَّاسِ قَالَ وَهَذَا إِذَا لَمْ يُحَدَثِ الثَّانِي بِقُرْبِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ قَالَ وَإِذَا دَخَلَ حَمَامُ بُرْجٍ عَلَى آخَرَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إِنْ عُرِفَ وَقُدِرَ عَلَى رَدِّهِ رُدَّ وَإِنْ عُرِفَ وَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى رَدِّهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم هُوَ للثَّانِي قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَلْ تُرَدُّ فِرَاخُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَوْ عُرِفَ وَلَمْ يُعْرَفْ عَيْنُهُ فَلِلثَّانِي لِأَن الْأَوَّلَ إِنَّمَا مَلَكَهُ بِسَبَبِ الْحِيَازَةِ وَقَدْ ذَهَبَتْ لَا أَنه ملك مُحَقّق فَإِن أَوَى إِلَّا دَارِ رَجُلٍ وَلَمْ يُعْلَمْ صَاحِبُهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ بَرِيء فَلهُ ملكه وإن عرف بِوَجْه رَدَّهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ حمام الْبيُوت رده وَلم يتَعَرَّض لحبسه فَهُوَ لُقَطَةٌ وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ بَيْعِهِ لِلصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ وَبَيْنَ حَبْسِهِ وَالصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ فَإِنْ حَبَسَهُ وَلم يتَصَدَّق بِشَيْء فواسع لسيارته وَالْأَجْبَاحُ يَجْرِي نَصْبُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَبْرَاجِ فَلَا تُنْصَبُ فِي الْقُرْبِ فَإِنْ فُعِلَ وَلَيْسَ ثمَّ الأنحل مَرْبُوبٌ فَهُوَ فِيمَا دَخَلَ إِلَيْهِ أُسْوَةٌ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نَحْلٌ كَثُرَ غَيْرُ مَرْبُوبٍ فِيمَا دخل إِلَيْهِ فلينصب وَمَا دخل إبيه فَهُوَ لَهُ فَإِن دخل فرخ جبج آخَرَ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ لِمَنْ دَخَلَ إِلَيْهِ كَالْحَمَامِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرُدُّهُ إِنْ عَرِفَ مَوْضِعَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ رَدَّ فِرَاخَهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ بِرَدِّ ذَلِكَ الْعَسَلِ وَانْتِقَالُ الْمِلْكِ فِي النَّحْلِ أَقْوَى مِنَ الْحَمَامِ لِأَنَّهُ يُصَادُ وَالنَّحْلُ لَا يُصَادُ بَلْ يَأْوِي بِنَفْسِهِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ صَادَ حَمَامَ بُرْجٍ رَدَّهُ إِنْ قَدِرَ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ وَضَعَ جَبَحًا فَلَهُ مَا دَخَلَ مِنَ النَّحْلِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذا تزوجت جمَاعَة مِنَ الْبُيُوتِ مَعَ ذَكَرٍ لَهُ رَدَّهَا لَهُ مَعَ نصف الْفِرَاخ فَإِن الْأَب وَالأُم يستركان فِي الْفَرْخِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يُتَّخَذُ النَّحْلُ وَالْحَمَامُ حَيْثُ يُؤْذِيَانِ فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ وَجَوَّزَهُ أَصْبَغُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ مِنْ قَتَلَ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ ضَرْعٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَوْ مِنْ كِلَابِ الدُّورِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تُقْتَلُ وَلَا تُتْرَكُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كَلْبٍ سُوقِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَتْلُ الْكِلَابِ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ لِلصَّيْدِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَعِنْدِي أَنَّ الْجَمْعَ بَين الْأَحَادِيث الِاقْتِصَار بالفتل عَلَى الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ.

.الْفَصْل الثَّالِث فِي المصيد:

وَفِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ حَيَوَانٍ مَأْكُولِ اللَّحْمِ مَعْجُوزٍ عَنْهُ فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ احْتِرَازًا مِنَ النَّادِّ مِنَ الْأَنْعَامِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ مُرَاعَاةً لِلْأَصْلِ وَلِأَنَّ الذَّكَاةَ بِالْعَقْرِ عَلَى خِلَافِ الأَصْل أَيْضا وحجتهم أَن الْمُوجب لزكاة الْعقر هُوَ الْعَجز وَهُوَ مَوْجُود فَنحْن نقصنا هَذِهِ الْعِلَّةَ وَهُمْ طَرَدُوهَا وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ فِي الْبَقَرِ خَاصَّةً لِأَنَّ لَهَا أَصْلًا فِي التَّوَحُّشِ وَفِي الْكِتَابِ مَا دَجَنَ مِنَ الْوَحْش ثمَّ تَوَّحَشَ أُكِلَ بِالْعَقْرِ لِاجْتِمَاعِ الْأَصْلِ فِي الْعِلَّةِ وَفِي مُسلم أصبْنَا نهب إبل وغنم فندمنها بِغَيْر فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِن لهَذِهِ الْإِبِل أَو ابد كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا وَجَوَابُهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ السَّهْمَ قَتَلَهُ بَلْ حَبَسَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَيُسْتَدَلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَذْكِيَةِ الْمُتَرَدِّي فِي مَهْوَاةٍ مِنَ الْأَنْعَامِ فَائِدَةٌ أَبَدَتِ الدِّيَارُ وَالْحَيَوَانَاتُ تَأَبُّدًا إِذَا تَوَحَّشَتْ وَأَتَى بِآبِدَةٍ أَيْ بِكَلِمَةٍ مُتَوَحِّشَةٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْحَيَّةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ كَالصَّيْدِ فَإِنْ قُدِرَ عَلَيْهَا فَكَالْأَنْعَامِ تَنْبِيه الْحَيَّة مَتى أكلت بالعقر قتل آكلهَا بَلْ لَا يُمْكِنُ أَكْلُهَا إِلَّا بِذَكَاةٍ مَخْصُوصَةٍ تَقَدَّمَتْ فِي الْأَطْعِمَةِ.

.الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي فعل الصَّائِد:

وَالصَّيْدُ ابْتِدَاءً إِرْسَالُ الْجَارِحِ أَوِالسِّلَاحِ الْمُحَدَّدِ نَاوِيًا بِذَلِكَ الصَّيْدَ وَالذَّكَاةَ مُسَمِّيًا لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَاشْتَرَطَ ش رُؤْيَةَ الْمَنَوِيِّ وَفِي الْكِتَابِ لَا بُدَّ مِنَ التَّسْمِيَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ فَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَو تُؤْكَل وَقَالَهُ ح وَابْن خنبل خِلَافًا لِ ش أَوْ غَيْرَ عَمْدٍ أُكِلَ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا لَا يَضُرُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَمُتَهَاوِنًا لَمْ تُؤْكَلْ أَوْ عَامِدًا فَقَوْلَانِ نَظَائِر أَربع مسَائِل أسقط مَالك فِيهَا الْوُجُوبَ مَعَ النِّسْيَانِ التَّسْمِيَةُ وَالْمُوَالَاةُ فِي الطَّهَارَةِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَتَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ مِنَ الصَّلَوَاتِ لضعف دَلِيل الْوُجُوب بِسَبَب تعَارض المدارك فتقوي الْإِسْقَاطُ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَصِيدُ أَرْبَعَةٌ حَلَالٌ كَالْغِزْلَانِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْوَحْشِ وَالطير غير ذِي الْمِخْلَبِ فَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ بِتَذْكِيَةٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَحَرَامٌ كَالْخِنْزِيرِ يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام لينزلن فِيكُم عِيسَى بن مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ إِلَّا أَن يضْطَر أحد إِلَى أكله فَيُسْتَحَب لَهُ تَذْكِيَتُهُ وَمَكْرُوهٌ كَسِبَاعِ الْوَحْشِ يُخَيَّرُ بَيْنَ نِيَّةِ الذَّكَاةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ نِيَّةِ الْقَتْلِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ فَكَالْخِنْزِيرِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَالثَّعْلَبِ وَالضَّبْعِ إِنْ أَرَادَ الْأَكْلَ نَوَى وَمَا كَانَ ذَا مخلب مؤذ كالغراب خير بَين ميه بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ أَوِ الْقَتْلِ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذِيَ.
تَفْرِيعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا تَوَارَى الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ ثمَّ وجد مَيِّتًا فِيهِ أَثَرُ كَلْبِهِ أَوْ بَازِيِّهِ أَوْ سَهْمه أكله فَإِن بَات لم يَأْكُلهُ وَإِن نفذت مقاتله أَوْ وَجَدَ فِيهِ سَهْمَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَلِبُ عَلَى السَّهْمِ فَيُنَفِذُ مَقَاتِلَهُ بِغَيْرِ فِعْلِ الصَّائِدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا غَابَ الصَّيْدُ مِنْ غَيْرِ بَيَاتٍ فَلَهُ أَرْبَعُ حَالَاتٍ يُؤْكَلُ فِي حَالَتَيْنِ إِذَا عَرَفَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَازِيُّهُ وَلَا فِيهِ سَهْمُهُ أَوْ فِيهِ سَهْمُهُ وَمَعَهُ بازيه أَو كَلْبه وَلَا يُؤْكَل فِي حَالين إِذَا لَمْ يَعْرِفُهُ وَلَا فِيهِ سَهْمٌ وَلَا مَعَه جارح وبقربه صَيْدٌ يُشَكِّكُهُ فِيهِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي إِبَاحَتِهِ إِذَا فَاتَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ وَالْإِصْمَاءُ مَا حَضَرَ مَوْتُهُ وَالْإِنْمَاءُ مَا غَابَ عَنْهُ مَوْتُهُ وَثَانِيهَا الْإِبَاحَةُ وَقَالَهُ ح عَمَلًا بِالْغَالِبِ وَثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ السَّهْمِ فَيَحِلُّ لِأَنَّ أَثَرَهُ لَا يَخْتَلِطُ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْجَارِحِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِالْكَرَاهَةِ وَفِي الْكِتَابِ وَلَوْ تَوَارَى فَرَجَعَ فَوَجَدَهُ مَيتا من يَوْمه لم يَأْكُلهُ إِذا لَعَلَّهُ لَوْ بَقِيَ أَدْرَكَ ذَكَاتُهُ وَهُوَ مُفَرِّطٌ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَمَتَى أَدْرَكَ الصَّيْدَ لَمْ تُنْفَذْ مَقَاتِلُهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى قَتَلَهُ الْجَارِحُ لَمْ يُؤْكَلْ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَغَلَ بِإِخْرَاجِ السِّكِّينِ أَوِ انْتِظَارِ عَبْدِهِ حَتَّى قَتَلَهُ الْجَارِحُ وَقَالَهُ ش فَإِنْ أَدْرَكَهُ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ يَضْطَرِبُ فَحَسَنٌ أَنْ يَفْرِيَ أَوْدَاجَهُ إيحاء لِلْمَوْتِ فَإِنْ تَرَكَهُ أُكِلَ لِأَنَّهُ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنَ الْجَارِحِ لَمْ يُؤْكَلْ إِلَّا بِالذَّكَاةِ وَإِنْ غَلَبَ أُكِلَ إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَذْكِيَتِهِ فِي أَفْوَاهِهَا وَلَوْ ذَكَّاهُ فِي أَفْوَاهِهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ لم يُؤْكَل إِذا شكّ أذكاته قتلته أَو نَهْشًا فَإِنْ تَيَقَّنَ ذَكَاتَهُ أَكَلَ وَإِنْ أَدْرَكَهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ حَتَّى أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ لَمْ يُؤْكَلْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَصْبَغُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّيْدِ الْبَائِتِ عَنْهُ خَطَأٌ عَنْ بَلَاغٍ ضَعِيفٍ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِذَا انفذالهم مَقَاتِلَهُ ثُمَّ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ أُكِلَ قَالَ ابْن الْقَاسِم فِي العتيبة إِذَا اشْتَغَلَ بِإِخْرَاجِ الْمُدْيَةِ مِنْ حِزَامِهِ حَتَّى مَاتَ أُكِلَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ بِخِلَافِ إِخْرَاجِهَا مِنْ جُرْحِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَهَا.
فرع:
قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ مَرَّ بِهِ غَيْرُ صَاحِبِهِ فَلَمْ يُخَلِّصْهُ مِنَ الْجَارِحِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ لَمْ يُؤْكَلْ وَعَلَيْهِ قِيمَةٌ مَجْرُوحًا قَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إِذَا كَانَ مَعَهُ مَا يُذَكِّيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أُكِلَ وَاخْتُلِفَ فِي تَغْرِيمِهِ الْقِيمَةَ قَالَ وَعَدَمُ الْغُرْمِ أَحْسَنُ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ ذَكَاتَهُ وَلَوْ مَرَّ بِشَاةٍ فَخَشِيَ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَلَمْ يُذَكِّهَا لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّهُ يَخَافُ عَدَمَ التَّصْدِيقِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يُغَرَّمُ الْمَارُّ مُطْلَقًا وَخَرَّجَ ابْنُ مُحْرِزٍ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّرْكِ هَلْ هُوَ فِعْلٌ فَيَضْمَنُ أَمْ لَا وَيَخْرُجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَنْ رَأَى إِنْسَانًا يَسْتَهْلِكُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى خَلَاصِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ وَالَّذِي لَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ حَتَّى يُتْلِفَ الْحَقَّ أَوْ يَحْبِسُ الْوَثِيقَةَ عِنْدَهُ حَتَّى يُتْلِفَ الْحَقَّ وَالتَّارِكُ لِلْمُوَاسَاةِ الْقَادِرُ عَلَيْهَا حَتَّى يَهْلَكَ الْمُحْتَاجُ وَالْمَانِعُ مَا يخاط بِهِ الجرج حَتَّى يَهْلَكَ وَالْمَانِعُ فَضْلَ الْمَاءِ حَتَّى يَهْلَكَ الزَّرْع وَالْمَانِع مَا يُقَامُ بِهِ حَائِطٌ حَتَّى يَقَعَ وَالْمُقَطِّعُ لِوَثِيقَةٍ فَيَضِيعُ مَا فِيهَا أَوْ يَقْتُلُ شُهُودَهُ وَلَوْ أَضْعَفُ مِنَ التَّقْطِيعِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ عَلَى سَبَبِ الشَّهَادَةِ وَالْأَوَّلُ مُتَعَدٍّ عَلَى نَفْسِهَا.
فرع:
فِي الْكتاب قَالَ وَالرسل كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَيَأْخُذُ غَيْرُهُ لَا يُؤْكَلُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ خِلَافًا لِ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ وَيَنْوِي أَيَّ شَيْءٍ أَخَذَ مِنْهَا أَوْ عَلَى جَمَاعَتَيْنِ أَكَلَ لِحُصُولِ النِّيَّةِ وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ وَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدًا فَأَصَابَ غَيْرُهُ لَمْ يُؤْكَلْ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يُؤْكَلُ نَظَرًا لِأَصْلِ النِّيَّةِ وَإِنْ رَأَى جَمَاعَةً فَنَوَاهَا وَنَوَى أَنْ يُجَاوِزَهَا لِغَيْرِهَا فَكَذَلِكَ أَيْضًا يُؤْكَلُ مَا صِيدَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَأْكُلُ مَا صَادَهُ مِنْ غَيرهَا وَلَا مَا أرسل عَلَيْهِ فِي غَيْضَةٍ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهَا إِذَا كَانَ الْمَكَانُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ صَيْدٌ بَعْدَ الْإِرْسَالِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ لِنَدُورِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْحَاصِلِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُبِيحُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْإِرْسَالَ إِلَّا عَلَى الْمَوْضِعِ الْمَحْصُورِ وَأَشْهَبُ لَا يُجِيزُهُ إِلَّا عَلَى الْمَرْئِيِّ كالذبيحة لَا يَنْوِي إِلَّا معينا وأصيغ يُبِيحُ الْمُعَيَّنَ بِالْجِهَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ نَوَى وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَأَصَابَ اثْنَيْنِ أَكَلَ الْأَوَّلَ فَقَطْ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ ذَكِيٍّ فَإِنْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يُؤْكَلْ وَإِنْ نَوَى اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ أُكِلَ الْجَمِيعُ فِي السَّهْمِ وَالْجَوَارِحِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَخَالَفَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي الْجَوَارِحِ دُونَ السَّهْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّهْمَ يَقْتُلُ الْجَمِيعَ عَلَى الْفَوْرِ بِخِلَافِ الْجَوَارِحِ.
فرع:
فِي الْكتاب إِذا أثار صيدا واشللى كَلْبه وَهُوَ مُطلق من غير إرْسَال من يَده أكل لِوُجُودِ الْإِشْلَاءِ ثُمَّ قَالَ لَا يُؤْكَلُ حَتَّى يُرْسِلَهُ مِنْ يَدِهِ لِتَكُونَ حَرَكَةُ الْجَارِحِ مِنْ يَدِهِ كَالْمُدْيَةِ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا لَو ابْتَدَأَ الْكَلْب طلبه وأفلت مِنْ يَدِهِ ثُمَّ أَشْلَاهُ بَعْدُ لَمْ يُؤْكَلْ لِقُوَّةِ إِضَافَتِهِ لِلْجَارِحِ لَا لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَجَازَ أَصْبَغُ أَكْلَ مَا يَبْتَدِئُ الْكَلْبُ طلبه إِذا أتبعه الانشلاء وَالتَّسْمِيَة لِأَن الْجَارِح لابد من مشاركته للصائد يطبعه قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا رَأَى جَارِحَهُ يَحُدُّ النَّظَرَ وَيَنْقَلِبُ فَأَرْسَلَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَرَهُ الصَّائِدُ أَكَلَ مَا أَخَذَهُ كَالْإِرْسَالِ فِي الْغِيَاضِ وَقَالَهُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ أَكْلَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ أُرْسِلَ عَلَى مَظْنُونِ الْوُجُودِ فَلَعَلَّ الْمُمْسَكَ غَيْرُ المرئي أَو لَا لِلْجَارِحِ إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَهُ وَلَوِ اضْطَرَبَ الْجَارِحُ فَوَقَعَ الصَّيْدُ فِي حُفْرَةٍ لَا مَخْرَجَ لَهُ مِنْهَا أَوِ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ فَتَمَادَى عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ الْمُرْسِلُ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ ثُمَّ يَرْجِعُ ثُمَّ يَعُودُ إِنْ كَانَ رُجُوعُهُ مُرَاوَغَةً أُكِلَ وَإِنْ كَانَ إِعْرَاضًا لِجِيفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يُؤْكَلْ لِبُطْلَانِ الْإِرْسَالِ وَهُوَ شَرط.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا قُطِعَ رَأْسُ صَيْدٍ أُكِلَ إِنْ نَوَى اصْطِيَادَهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قُطِعَ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ أَوْ مَا يَعِيشُ بَعْدَهُ أُكِلَ بَقِيَّتُهُ دُونَ الْمُبَايِنِ لِمَا يُرْوَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يَجُزُّونَ أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ وَأَلْيَاتِ الْغَنَمِ فَقَالَ مَا أُبِينَ مِنَ الْحَيِّ فَهُوَ مَيْتَةٌ فَإِنْ كَانَ يَعُودُ الْتِحَامُ مَا قُطِعَ أُكِلَ جَمِيعُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَوَافَقَنَا ش فِي أَكْلِ النِّصْفَيْنِ وَمَنَعَ ح إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا يَلِي الرَّأْسَ أَقَلَّ فَإِنَّهُ مِنْ مَعْنَى التَّذْكِيَةِ وَأَجَازَ ش أَكْلَ الْعُضْوِ الْمُبَانِ مُطْلَقًا إِذَا مَاتَ الصَّيْدُ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَنْ عَنْ حَيٍّ إِلَّا إِذَا تَعَدَّدَ الضَّرْبُ فَقَدْ أُبِينَ عَنْ حَيٍّ وَالتَّذْكِيَةُ إِنَّمَا حَصَلَتْ بِالثَّانِيَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَان لَا خلاف أَنه لَا يُؤْكَل المبان إِذَا كَانَ الْفَخْذَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَأَنَّهُ يُؤْكَلُ الْجَمِيعُ إِذَا قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ فَإِنْ أَبَانَ وِرْكَيْهِ مَعَ فَخْذَيْهِ وَلَمْ تَبْلُغِ الضَّرْبَةُ إِلَى الْجَوْفِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُؤْكَلُ الْمُبَانُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كَذَلِكَ إِنْ أُبِينَ الْعَجُزُ مَعَ ذَلِكَ وَالصَّوَابُ أَكْلُ الْجَمِيعِ وَإِنْ بَقِيَ الْعَجُزُ لِأَنَّهُ لَا يعِيش بعد الفخذين فَلَو قُطِعَ خَطْمُهُ لَمْ يُؤْكَلِ الْخَطْمُ وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الرَّعْيُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْتَلٍ فَقَدْ يُصَبُّ المَاء فِي حلقه.
فرع:
فِي الْكتاب إِذا شَحَّتِ الصَّيْدُ فَمَاتَ مِنْ الِانْبِهَارِ دُونَ جُرْحٍ يُؤْكَل وَقَالَهُ ش وح خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَأَشْهَبَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ أصل الذَّكَاة إِخْرَاج الدِّمَاء بجملتها اقْتُصِرَ عَلَى الْجُرْحِ فِي الْوَحْشِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَهُوَ مَيْتَةٌ أَوْ يُنْظَرُ إِلَى ظَاهر قَوْله {مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم} وَهَذَا مُمْسِكٌ عَلَيْنَا.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ رَمَى صَيْدًا فِي الْهَوَاءِ فَسَقَطَ فِي الْمَاءِ أَوْ فِي جَبَلٍ فَتَرَدَّى فَمَاتَ لَمْ يُؤْكَل إِذْ لَعَلَّ سَبَبَ مَوْتِهِ الْغَرَقُ أَوِ التَّرَدِّي دُونَ الرَّمْيِ إِلَّا أَنْ يُنْفِذَ مَقَاتِلَهُ وَقَالَهُ ش وح.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا رَمَى غَزَالًا يَظُنُّهُ بَقَرَ وَحْشٍ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ نوى الصَّيْد وَقَالَ أصيغ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ خُصُوصَهُ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا إِذَا نَوَى ذَكَاةَ كَبْشٍ فَظَهَرَ أَنه نعجة.
فرع:
قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا أَرْسَلَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ كَلْبَيْهِمَا وَلَمْ يُعْلَمِ اسْتِقْلَالُ كَلْبِ الْمُسْلِمِ لَمْ يُؤْكَلْ وَإِنْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ وَحْدَهُ كَلْبَهُ فَرَدَّ كلب الْمَجُوسِيّ على كلب مُسلم الصَّيْدَ أَجَازَهُ ش وَمَنَعَهُ ح قَالَ وَهُوَ مُقْتَضَى أُصُولِنَا لِأَنَّا نَقْتُلُ الْمُمْسِكَ لِلْقَتْلِ وَإِنْ لم يقتل مَعَ أَن ش وح لَا يقتلاه فَبَقِيَ ش عَلَى أَصْلِهِ وَغَلَّبَ ح حُكْمَ التَّحْرِيم هَا هُنَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى ح أَنَّ كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ لَو قرب الصَّيْد سهم الْمُسْلِمِ أُكِلَ اتِّفَاقًا وَإِذَا أَمْسَكَ مَجُوسِيٌّ كَبْشًا لِمُسْلِمٍ حَتَّى ذَكَّاهُ أُكِلَ اتِّفَاقًا مَعَ وُجُودِ الْإِعَانَةِ قَالَ وَعِنْدِي فِي السَّهْمِ نَظَرٌ وَلَوْ أثار كَلْبَهُ فَأَغْرَاهُ مَجُوسِيٌّ أُكِلَ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَقَالَهُ ح لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِرْسَالُ وَإِذَا شَارَكَ الْمُعَلَّمُ غَيْرَ معلم إِنْ تَيقَّنَ الْمُعَلَّمَ أُكِلَ أَوْ غَيْرَ الْمُعَلَّمِ لم يُؤْكَل أوشك لَمْ يُؤْكَلْ أَوْ ظَنَّ فَقَوْلَانِ.
فُرُوعٌ:
فِي الْكِتَابِ مَنْ طَرَدَ صَيْدًا فَدَخَلَ دَارَ إِنْسَانٍ لِأَنَّهُ اضْطَرَّهُ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَضْطَرُّهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الدَّارِ وَمَا وَقَعَ فِي الْحِبَالَةِ فَأَخَذَهُ أَجْنَبِي هُوَ لِرَبِّهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَنِ اضْطَرَّ صَيْدًا إِلَى حِبَالَةٍ بِإِلْجَائِهِ فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَلِرَبِّهَا وَإِنْ تَعَمَّدَ وُقُوعَهُ فِيهَا فَلَهُمَا بِقَدْرِ مَا يَرَى ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ لِلطَّارِدِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الِانْتِفَاعِ بِالْحِبَالَةِ كَمَنْ صَادَ بِكَلْبِ رَجُلٍ أَوْ سَهْمِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ لِطَالِبِهِ سَوَاءٌ تَعَمَّدَ أَوْ أَلْجَأَ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَلَو كَانَ الصَّيْدُ غَيْرَ مُلْجِئٍ فَلِصَاحِبِ الْحِبَالَةِ لِأَنَّهَا كَيْدُهُ بِسَبَبِ نَصْبِهَا لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الصَّيْدُ بِكَلْبِ رَجُلٍ لَهُ الْأُجْرَةُ وَالصَّيْدُ لِرَبِّ الْكَلْبِ كَمَا لَوْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ فَبَعَثَهُ يَصِيدُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي عَلَى الْفَرَسِ الصَّيْدُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ الْفَرَسَ لَيْسَ مُمْسِكًا.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا نَدَّ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ بِصَيْدٍ أَوْ بِشِرَاءٍ ثُمَّ صِيدَ بِقُرْبٍ وَلَمْ يَتَوَحَّشْ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلِمَنْ صَادَهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْأَئِمَّةُ هُوَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ طَالَ تَوَحُّشُهُ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ لَا تَبْطُلُ بِالْغَيْبَةِ عَنِ الْمَالِكِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ دُونَ يَدِهِ مَلَكَهُ وَإِنِ انْفَلَتَ فَلِمَنْ أَخَذَهُ بِخِلَافِ يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَأَنَّسْ عِنْدَ الأول قَالَ ابْن عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا هُوَ لِلْأَوَّلِ وَقِيلَ لِلثَّانِي بِخِلَافِ نُدُودِهِ بَعْدَ تَأَنُّسِهِ وَاتَّفَقُوا عَلَى الْحَرْبِيِّ يُؤْسَرُ ثُمَّ يُبْقَ إِلَى بَلَدِ الْحَرْبَ ثُمَّ يُؤْسَرُ فَإِنَّهُ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ شَدِيدُ الشَّبَهِ بِالْمَصِيدِ وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَهُ مَنْ يَمْنَعُهُ وَالصَّيْدُ بَقِيَ دُونَ مَانِعٍ كَمَوَاتِ الْأَرْضِ إِذَا أُحْيِيَ ثُمَّ خُرِّبَ وَالرِّوَايَاتُ عَلَى التَّسْوِيَة بَين مَالك الْأَوَّلِ بِصَيْدٍ أَوْ شِرَاءٍ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ إِنْ كَانَتْ بِشِرَاءٍ فَلِلْأَوَّلِ أَوْ بِصَيْدٍ فَلِلثَّانِي كَمَا قُلْنَا فِي إِحْيَاءِ الْأَرْضِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا حِيزَ مِنْ نَهْرٍ ثُمَّ انصب فِيهِ إِن الْملك يسْقط وَنقل عَن الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ فِي الْمَاءِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ مَنْ صَادَ ظَبْيًا فِي أُذُنه قرطان عرفهما وَإِن كَانَ هُرُوبُهُ هُرُوبَ انْقِطَاعٍ فَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ وَمَا عَلَيْهِ فَلِرَبِّهِ فَإِنْ قَالَ رَبُّهُ نَدَّ مِنْ يَوْمَيْنِ وَقَالَ الصَّائِدُ لَا عِلْمَ لِي فعلى ربه البنية لِأَنَّهُ مُدَّعٍ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَرْبُوطًا بِخَيْطٍ أَوْ فِي شَجَرَةٍ فَلِلْأَوَّلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْبَيِّنَةُ على الصَّائِد أَنه مُدع زَوَال مِلْكِ الْأَوَّلِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَش وح هُوَ لِلْأَوَّلِ طَالَ زَمَانُهُ أَوْ قَصُرَ اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْكِ السَّابِقِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى صَيْدِ الْمَاءِ وَهَذِهِ الْفُرُوعُ تَنْزِعُ إِلَى قَاعِدَةِ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَأَنَّهُ إِذَا ذَهَبَ إِحْيَاؤُهُ عَادَ مَوَاتًا وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّرْعَ أَصْدَرَ ذَلِكَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ فَقَالَ من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَيَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الشَّرْط انْتِفَاء الْمَشْرُوط وَهَا هُنَا بِصِيغَةِ الْإِذْنِ وَالتَّمْلِيكِ كَالْمَعَادِنِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} الْمَائِدَة 2 وَلِأَنَّ الْمَوَاتَ إِذَا خرب بترك مَجِيئه لَهُ كَانَ ذَلِكَ إِعْرَاضًا عَنْ مِلْكِهِ وَإِسْقَاطًا لَهُ وَالصَّيْدُ فَرَّ بِنَفْسِهِ نَظِيرُهُ غَصْبُ الْمَوَاتِ المحيى فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْمِلْكَ فِيهِ.