فصل: كِتَابُ الْإِجَارَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.كِتَابُ الْإِجَارَةِ:

قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ هِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَيُقَالُ أَجَرَ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمُ الْمَدَّ وَهُوَ مَنْقُولٌ وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ الثَّوَابُ وَفِي الصِّحَاحِ الْأُجْرَةُ الْكِرَاءُ قُلْتُ وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ الثَّوَابَ عَلَى الْأَعْمَالِ وَهِيَ مَنَافِعُ خُصِّصَتِ الْإِجَارَةُ بِبَيْعَ الْمَنَافِعِ عَلَى قَاعِدَةِ الْعَرَبِ فِي تَخْصِيصِ كُلِّ نَوْعٍ تَحْتَ جِنْسٍ بِاسْمٍ لِتَحْصِيلِ التَّعَارُفِ عِنْدَ الْخِطَابِ كَمَا مَنَعَتْ فِي السّلم وَالصرْف وَغَيرهمَا مَعَ اندراجها تَحْتَ الْمُعَاوَضَةِ وَالْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ مَعَ انْدِرَاجِهِمَا تَحْتَ الْحَيَوَانِ وَقَدْ غَلَبَ وَضْعُ الْفِعَالَةِ بِالْكَسْرِ لِلصَّنَائِعِ نَحْوُ: الصِّنَاعَةُ وَالْخِيَاطَةُ وَالنِّجَارَةُ وَالْفَعَالَةِ بِالْفَتْحِ لِأَخْلَاقِ النُّفُوسِ الْجِبِلِّيَّةِ نَحْوُ: السَّمَاحَةُ وَالشَّجَاعَةُ وَالْفَصَاحَةُ وَالْفُعَالَةِ بِالضَّمِّ لِمَا يُطْرَحُ مِنَ الْمُحْتَقَرَاتِ نَحْوُ: الْكُنَاسَةُ وَالْقُلَامَةُ وَالنُّخَالَةُ وَالْفُضَالَةُ وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا: قَوْله تَعَالَى {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ ابْنَةِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَام: {قَالَت إِحْدَاهمَا يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ} فَقَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حجج} وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَمَنَعَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَسْلِيمِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ سَلَمًا فِي الذِّمَّةِ وَجَوَابُهُ: هَذِهِ النُّصُوصُ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الرِّقَابِ تَسْلِيمُ مَنَافِعِهَا وَقَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ وَفِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:

.الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهِ:

وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:

.الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي: الْمُتَعَاقِدَانِ:

وَيشْتَرط أَهْلِيَّة الْمُعَامَلَة وَفِي النواد: قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ: يَجُوزُ لَكَ إِجَارَةُ غَيْرِ الْبَالِغِ مِنْ نَفْسِهِ إِذَا عَقَلَ وَكَانَ نظرا وَيدْفَع لَا الْأُجْرَة وَيبرأ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ شَيْئٌا لَهُ بَالٌ فَإِنْ كَانَ مُحَابَاةً فَعَلَيْكَ تَمَامُهَا وَكَذَلِكَ قُلْنَا فِي الْمَبِيعِ وَوَافَقَنَا (ح) وَقَالَ (ش): لَيْسَ لِلصَّبِيِّ أَهْلِيَّةُ تَعَاطِي الْأَسْبَابِ الْقَوْلِيَّةِ وَلَا تَنْعَقِدُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْفِعْلِيَّةِ كَالِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ فَإِنْهُ يَمْلِكُ بِهَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقَوْلِيَّةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا إِلْزَامُ التَّسْلِيمِ وَهُوَ تَكْلِيفٌ يَأْبَاهُ طَوْرُهُ بِخِلَافِ الْفِعْلِيَّةِ.
قَاعِدَة:
الْأَحْكَامُ قِسْمَانِ: أَحْكَامُ تَكْلِيفٍ تَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ وَقُدْرَتِهِ وَبُلُوغِهِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَحْكَامُ وَضْعٍ وَهِيَ نَصْبُ الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ كَالتَّوْرِيثِ بِالْأَنْسَابِ وَالطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ والإضرار وترتيب الضَّمَان على إِتْلَاف المجانين والعاقلين وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ سَبَبَانِ فَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَة صحتهما مَعَ الصَّبِيِّ فِي ذِي الْبَالِ وَغَيْرِهِ غَيْرَ أَنَّ الشَّرْعَ رَاعَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةَ صَوْنِ الْأَمْوَالِ عَنِ الضَّيَاعِ بِسَبَبِ قُصُورِ النَّظَرِ فَيَكُونُ الْحَقُّ مَا قُلْنَاهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: كُرِهَ لِلْوَصِيِّ الشِّرَاءُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْ يُؤَاجِرُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِلتُّهْمَةِ فَإِنْ فَعَلَ أَمْضَى الْإِمَامُ الصَّوَابَ وَرَدَّ الضَّرَرَ وَكَذَلِكَ الْأَبُ فِي ابْنِهِ الصَّغِيرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَتْ إِجَارَةُ الْوَصِيِّ فِيهَا حَيْفٌ وَفَاتَتْ كَانَ لَهُ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِوُجُودِ السَّبَبَيْنِ فَإِنْ أَجَرَ يَتِيمَهُ مِنْ نَفْسِهِ مضى إِن كَانَ خيرا لَهُ والأرد فَإِنْ فَاتَ بِالْعَمَلِ فَلِلْيَتِيمِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى أَوِ الْمِثْلُ وَكَذَلِكَ إِجَارَةُ الْأَبِ نَفْسَهُ مِنْ وَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ فَقِيرًا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إِذَا كَانَ الْمُسَمَّى يَقْتَضِي لَهُ بِهِ فِي النَّفَقَةِ وَإِلَّا سَقَطَ الزَّائِدُ وَإِنْ أَجَرَ الْوَالِدُ الْوَلَدَ مِنْ نَفْسِهِ وَمِثْلُهُ لَا يُؤَاجَرُ فُسِخَتِ الْإِجَارَةُ لِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ وَلَهُ إِجَارَةُ الْوَلَدِ الْمُوسِرِ إِذَا كَانَ خَيْرًا لَهُ لِأَنَّهُ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ وَفِي الْكِتَابِ: إِنِ اشْتَرَى الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أُعِيدَ لِلسُّوقِ فَإِنْ زِيدَ عَلَيْهِ بَيْعٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا سَمَّى وَكَذَلِكَ كِرَاءُ الْبَهِيمَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ قَدْ فَاتَ فَيَسْأَلُ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ غَرِمَهُ وَإِلَّا فَمَا سَمَّى قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَعْنِي بِالسُّوقِ: قَبْلَ أَنْ يُحَوِّلَ وَإِلَّا أَن كَانَ الشِّرَاء بِالْقيمَةِ مضى وبأقل غَرِمَ الزَّائِدَ فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَا تُفيته حِوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَقَدْ زَادَ سُوقُهُ: فَالْأَشْبَهُ إِمْضَاؤُهُ وَلَا يُرَدُّ لِلسُّوقِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بِالْوَصِيِّ وَهُوَ لَمْ يَضُرَّ بِالْيَتِيمِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اسْتَأْجَرَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ امْتَنَعَ فَإِنْ وَقَعَ فَالْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِوُجُودِ السَّبَبَيْنِ كَالتَّعَدِّي فِي الدَّابَّةِ وَالْغَصْبِ فَإِنْ عَطِبَا فِي عَمَلٍ يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ: خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ لِوُجُودِ السَّبَبَيْنِ كَذَلِكَ وَفِي الصَّبِيِّ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى وَالْأُجْرَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَة وَإِذا أنكر السَّيِّد أُذُنه لعَبْدِهِ غب الْإِجَارَةَ لَمْ يَضْمَنْ مُسْتَعْمِلُهُ بِأَجْرٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنَ الضَّمَانِ إِلَّا أَنْ يُؤَاجِرَهُ فِي غرر كالبئر ذَات الحمأة تَحت الجدرات وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التَّغْرِيرِ بِنَفْسِهِ وَإِنْ سَافَرَ بِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدُهُ ضَمِنَهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: سَوَاءٌ هَاهُنَا وَفِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ بَيْنَ الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ وَالْآبِقِ إِذَا اسْتَعْمَلَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ ضَمِنَهُ فِي الْعَمَلِ الَّذِي لَا يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ كَالْغَاصِبِ وَإِذَا اسْتَعَانَهُ فِي الْخِيَاطَةِ فَعَطِبَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَفِي تَضْمِينِهِ قَوْلَانِ فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ يُهْلِكُ غَالِبًا ضَمِنَ اتِّفَاقًا إِذَا هَلَكَ بِسَبَبِهِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَيُضْمَنُ بِالسَّفَرِ اتِّفَاقًا هَلَكَ أَمْ لَا وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالْأُجْرَةِ وَلَهُ الْأُجْرَةُ إِلَى يَوْمِ السَّفَرِ وَلَا يُضْمَنُ فِي السَّفَرِ الْقَرِيبِ الَّذِي لَا يَحْبِسُهُ عَنْ أَسْوَاقِهِ وَعَنْ مَالِكٍ: يُضْمَنُ الْعَبْدُ فِيْ الِاسْتِعَانَةِ فِيمَا مِثْلِهِ الْإِجَارَةُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فِيهِ فَقِيلَ: هَذَا خلاف ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهُ لَا يضمن فِي الْإِجَازَة إِلَّا فِيمَا يعطب فِي مِثْلِهِ وَيُضْمَنُ فِي الِاسْتِعَانَةِ فِيمَا يُسْتَأْجَرُ عَلَى مِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْطَبْ فِيهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي هِبَةِ مَنَافِعِ نَفْسِهِ وَهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ يُضْمَنُ فِيمَا فِي مثله الْإِجَازَة وَإِنْ كَانَ لَا يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ وَقِيلَ إِنَّهُ وِفَاقٌ فِي الِاسْتِعَانَةِ وَقِيلَ لَا ضَمَانَ فِيهَا إِلَّا فِيمَا يُعْطَبُ فِي مِثْلِهِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ التُّونِسِيُّ مَذْهَبَ الْكِتَابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اسْتُؤْجِرَ الصَّبِيُّ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ أَمْضَاهُ وَلِيُّهُ إِنْ كَانَ نَظِرًا وَإِلَّا رَدَّهُ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا اسْتَعَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فِيمَا فِي مِثْلِهِ الْإِجَارَةُ ضَمِنَهُ وَمَا لَا إِجَارَةَ فِيهِ كَمُنَاوَلَةِ النَّعْلِ وَنَحْوِهِ فَلَا عَقْلَ فِيهِ فِي حُرٍّ وَلَا عَبْدٍ.
قَاعِدَة:
أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ: الْإِتْلَافُ كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ وَقَتْلِ الدَّابَّةِ وَالتَّسَبُّبِ لِلْإِتْلَافِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ لِيَقَعَ فِيهِ مَعْصُومُ الدَّمِ أَوِ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْغَرَرِ وَوَضْعِ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْمِنَةِ كَالْغَاصِبِ وَقَابِضِ الْمَبِيعِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَتَخَرَّجُ هَذِهِ الْفُرُوعُ الْمُتَقَدِّمَةُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَلَغَ الْيَتِيمُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لَا يَلْزَمُهُ الْبَاقِي وَقَالَهُ (ش) و (ح) لِأَن الْأَقَل عَدَمُ نُفُوذِ تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ وَكَالْأَمَةِ تَعْتِقُ تَحْتَ الْعَبْدِ إِلَّا فِي الْيَسِيرِ كَالشَّهْرِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَأَلْزَمَهُ أَحْمَدُ مُطْلَقًا لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ صَحِيحٌ وَالصَّحِيحُ لَا يَبْطُلُ وَجَوَابُهُ: إِنْ كَشَفَ الْغَيْبَ عَلَى أَنَّ الصِّحَّةَ مَخْصُوصَةٌ بِبَعْضِ الْمُدَّةِ فَإِنِ ادَّعَى الصِّحَّةَ مُطْلَقًا فَهِيَ مُصَادَرَةٌ وَلَا يُؤَاجِرُهُ وَصِيٌّ وَلَا أَبٌ بَعْدَ احْتِلَامِهِ لِزَوَالِ الحِجر وَأَمَّا كِرَاءُ رَبْعِهِ وَدَوَابِّهِ سِنِينَ فَاحْتَلَمَ بَعْدَ سَنَةٍ وَلَمْ يَظُنَّ بِهِ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْبَاقِي لِأَنَّ الْوَلِيَّ مَعْذُورٌ وَلَوْلَا ذَلِكَ لتزلزلت قَوَاعِد تصرفه وَقَالَ غَيره لايلزمه إِلَّا فِيمَا قَلَّ كَالنَّفْسِ وَإِنْ ظَنَّ بِهِ بعد الْبلُوغ قبل الْعُمْدَة لَمْ يَلْزَمْهُ فِي نَفْسِهِ وَلَا فِي مِلْكِهِ لعدم الْعذر فِي التَّصَرُّف وَأما السَّفِينَة الْبَالِغُ يَعْقِدُ عَلَيْهِ وَلَيُّهُ أَوِ السُّلْطَانُ رَبْعَهُ أَو رَقِيقه فتلتزمه الْعُمْدَة إذاانتقل حَالُهُ لِأَنَّ انْتِقَالَهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ بِخِلَافِ الْبُلُوغِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا يُؤَاجِرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ نَحْوَ السَّنَةِ لِأَنَّهُ غَالِبُ كِرَاءِ النَّاسِ وَلَهُ فَسْخُ مَا كَثُرَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي الْخُرُوجَ مِنَ الْإِيصَاءِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ فِي الْوَصِيِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَبِ وَالْمَشْهُورُ التَّسْوِيَةُ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لَكَ كِرَاءُ رَبْعِ امْرَأَتِكَ إِلَّا بِإِذْنِهَا لِأَنَّهَا مُطْلَقَةُ التَّصَرُّفِ.

.الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْأُجْرَةُ:

وَكُلُّ مَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبِيَاعَاتِ صَحَّ أُجْرَةً لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ مُكَايَسَةٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْكِتَابِ: يَصِحُّ طَحْنُ إِرْدَبٍّ بِدِرْهَمٍ وَقَفِيزٍ مِنْ دَقِيقِهِ وَمَنَعَهُ (ح) وَ (ش) لِأَنَّ الدَّقِيقَ مَعْدُومٌ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَعْدُومُ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ وَجَوَابُهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَعْدُومٌ بَلْ هُوَ أَجْزَاءُ هَذَا الْقَمْحِ تَفَرَّقَتْ وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ وَعَصْرُهُ بِنِصْفِهِ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلِجَوَازِ بَيْعِ نِصْفِهَا كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ امْتَنَعَ وَتَمْتَنِعُ الْإِجَارَةُ عَلَى سلَم الشَّاةِ بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ قَبْلَ السَّلْخِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنْ هَلَكَ الْقَمْحُ قَبْلَ الطَّحْنِ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ لنعذر طَحْنِهِ أَوْ بُعْدِهِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لِلطَّعَامِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْوَيْبَةِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ كَانَ الدِّرْهَمُ خُمْسَ الْأُجْرَةِ يَأْخُذُهُ أَوْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي الأَرْبَعَةِ ْأَخْمَاسِ وَعَنْ أَبِي الْحَسَنِ: إِذَا دَبَغَ جُلُودًا بِنِصْفِهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهَا كُلَّهَا فَإِنْ فَاتَتْ بِالدِّبَاغِ فَعَلَى الدَّبَّاغِ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِحُصُولِ الْعَمَلِ وَإِنْ دَبَغَهَا بِنِصْفِهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ فَدُبِغَتْ فَهِيَ كُلُّهَا لِرَبِّهَا لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِسَبَب الْجَهَالَة بحالا المدبوغ وللدبّاغ أُجْرَة مثله وَإِن فَاتَت لِأَنَّهَا يومئذٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْجُلُودِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ دَبَغَهَا عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَنَعَ مُحَمَّدٌ مَسْأَلَةَ الطِّحْنِ لِاخْتِلَافِ خُرُوجِ الدَّقِيقِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ضَيَاعُ الْقَمْحِ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ: فَهَلْ يَغْرَمُهُ وَيَطْحَنُهُ وَيَأْخُذُ وَيْبَتَهُ لِأَنَّهُ غَابَ عَلَيْهِ أَو يصدق مَعَ يمنيه أَوْ لَا يَطْحَنُ إِلَّا مَا قَابَلَ الدَّرَاهِمَ؟ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ طَحَنَهُ ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ غَرِمَهُ مَطْحُونًا وَاسْتَوْفَى وَيْبَتَهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِضَيَاعِهِ فَلَا ضَمَانَ وَلَا أُجْرَةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْعَمَلِ وَقِيلَ: يَأْتِي رَبَّهَ بِطَعَامٍ وَيَطْحَنُ مَا يَنُوبُ الدِّرْهَمَ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَوْجَبَ لَهُ الدِّرْهَمَ فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ وَقِيلَ: لَهُ الْأُجْرَةُ فَيَأْخُذُ الدِّرْهَمَ وَأُجْرَةَ الْمِثْلِ فِيمَا يَنُوبُ الْوَيْبَةَ وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ الْإِجَارَةُ عَلَى الذَّبْحِ أَوِ السَّلْخِ برطل لحم لِأَنَّهُ يجوز بَيْعُ ذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى الْحَبْسِ وَالْجَزْرِ لِصِفَةِ اللَّحْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ طَحْنَ الْقَمْحِ بِنِصْفِ دَقِيقِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَيْبَةِ: اخْتِلَافُ الرُّبُعِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ: إِنْ خِطْتُهُ الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ أَوْ غَدًا فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ خِيَاطَةً رُومِيَّةً فَبِدِرْهَمٍ أَوْ عَرَبِيَّةً فَنصف دِرْهَمٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ كَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَإِنْ خَاطَ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى إِلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ أَوْ تَنْتَقِصَ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ فَلَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَهُ تَعْجِيلُ الْخِيَاطَةِ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى أَنَّهُ تَعَجَّلَ وَإِنْ أَخَّرَهَا فَعَلَى أَنَّهُ مُؤَخَّرٌ وَعَنْ مَالِكٍ فِي أُجَرَاءَ يَخِيطُونَ مُشَاهَرَةً فَيُدْفَعُ لِأَحَدِهِمُ الثَّوْبُ عَلَى إَنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَلَهُ بَقِيَّةُ يَوْمِهِ وَإِلَّا عَلَيْهِ تَمَامُهُ فِي يَوْمٍ آخَرَ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ فِي الشَّهْرِ: يَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَوِ اجْتَهَدَ فِيهِ لَأَتَمَّهُ وَيَمْتَنِعُ فِي الْكَثِيرِ وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابِهِ إِلَى بَلَدِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْإِجَارَةِ: إِنْ بَلَّغْتَهُ فِي يَوْمِ كَذَا فَلَكَ زِيَادَةُ كَذَا فَكَرِهَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْخِيَاطَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ مَسْعَدَةَ: هُمَا سَوَاءٌ وَقَدْ أَجَازَهُمَا سَحْنُونٌ وَكَرِهَهُمَا غَيره.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ دَفْعُ الثَّوْبِ لِلْخَيَّاطِ وَتَرَاضِيهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَلَى الْأُجْرَةِ لِذَهَابِ الْغَبْنِ وَعَنْهُ: الْمَنْعُ فِي الْجُعَالَةِ وَالْإِجَارَةِ بِغَيْرِ تَسْمِيَتِهِ لِلْجَهَالَةِ عِنْدَ الْعَمَلِ بِمَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ بَعْدَهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا قُلْتَ: أَخِيطُهُ بِدِرْهَمٍ وَقَالَ: بِدِرْهَمَيْنِ فَخَاطَهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا دِرْهَمٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّكَ أَعْلَمْتَهُ بِمَا تَرْضَى بِهِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ قَوْلَ سَاكِنِ الدَّارِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَلْقَيْتَ مَتَاعَكَ بِفَلَاةٍ لِلْعَجْزِ فَحَمَلَهُ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ فَلَكَ أَخْذُهُ وَإِعْطَاءُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ لِرَبِّهَا أَخذهَا وَأَعْطَاهُ النَّفَقَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قِيَامِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَامَ لِنَفْسِهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الدَّابَّةِ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ رَحْلَهَا أَوْ نَقْلَهَا أَوْ عَلْفَهَا وَطَعَامَ رَبِّهَا أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ طَعَامَكَ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَإِنْ لَمْ تُوصَف النَّفَقَة لِأَنَّهُ مَعْلُوم عَادَة أَو كَذَلِك إِجَارَتُهُ بِكِسْوَتِهِ أَجَلًا مَعْلُومًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَوْ وَجَدَهُ أَكُولًا لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ عَيْبٌ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْأَجِيرُ بِالْوَسَطِ وَلَيْسَ لَكَ إِطْعَامُهُ الْوَسَطَ إِذَا لَمْ يَرْضَ لِأَنَّ ذَلِك مَهْلَكَةٌ وَقِيلَ: يُطْعِمُهُ الْوَسَطَ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ كَمَنْ أُجِرَ عَلَى حَمْلِ رَجلين فَأَتَاهُ بِقَارِحَيْنِ يَرُدُّهَا أَوْ يَحْمِلُ الْوَسَطَ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْمَحْمُولَ لَا يتَعَيَّن لِأَنَّهُ لومات لَمْ يُفْسَخِ الْكِرَاءُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا فَوَجَدَهَا أَكُولَةً لَمْ يُفْسَخِ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُرَدُّ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ من الْعُيُوب والكراء بِطَعَام مَضْمُون لايعين لَهُ أَجَلٌ وَلَا مَوْضِعُ قَبْضٍ وَلَا عَادَةٌ فَاسِدٌ وَمَنَعَ (ش) الْأُجْرَةَ بِالْمَؤُنَةِ وَالْكِسْوَةِ وَبِعِمَارَةِ الدَّارِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَجَوَّزَهُ أَحْمَدُ وَخَصَّ (ح) الْجَوَازَ بِالظِّئْرِ إِلْحَاقًا بِالزَّوْجَاتِ فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ الْكِرَاءُ بِمِثْلِ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ لِلْجَهَالَةِ فَلَعَلَّهُ لَوِ اطَّلَعَ لَمْ يَرْضَ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيّ: إِذا دفع خمسين قَالَ اللَّخْمِيّ: إِذا دفع خمسين جلدا لتدبغ بِخَمْسِينَ أُخْرَى جَازَ إِنْ شَرَطَ تَعْجِيلَهَا وَإِنْ شَرَطَ تَأْخِيرَهَا حَتَّى تُدْبَغَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَإِنْ سَكَتَ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: يَجُوزُ وَيَتَعَجَّلُ الْقَبْضُ نفيا للغرر ويحوز نِصْفُ هَذِهِ الْمِائَةِ بِنِصْفِهَا وَيَتَعَجَّلُ النِّصْفَ إِنْ كَانَتْ مُسْتَوِيَةً فِي الْقِيمَةِ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِلْجَهْلِ بِمَا يُدْفَعُ مِنَ الْعَدَدِ لَا لِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّ بَيْعَ نِصْفِهَا جَائِزٌ عَلَى الشِّيَاعِ فَإِنْ قَاسَمَهُ وَدَفَعَ جَمِيعَهَا فَلَهُ مَا أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ أَوْ دَبْغُ هَذِهِ الْمِائَةِ بِنِصْفِهَا يُمْنَعُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَدْبُغُ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَاجِرِ وَلَهُ النِّصْفُ بَعْدِ الدِّبَاغِ فَإِنْ شَرَعَ فِي الْعَمَلِ مَكَّنَ مِنَ التَّمَادِي فَإِنْ نَزعهَا مضرَّة وَكَذَلِكَ نَسْجُ الْبُرَدِ بِنِصْفِهِ فَإِنْ فَاتَتْ فِي يَدَيْهِ بَعْدَ الدِّبَاغِ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَمَا فَوْقَهُ وَقَدْ دُبِغَتْ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ فِيهَا: ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْفَرَاغِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا قَالَ: لَكَ نَصِفُهَا مِنَ الْيَوْمِ عَلَى أَنْ تَدْبُغَ جَمِيعَهَا فَشَرَعَ فِي الدِّبَاغِ: هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ فَوْتًا وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا أَوْ لَيْسَ بِفَوْتٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ ذَلِكَ النِّصْفِ لَمَّا أَلْزَمَهُ أَنْ يَدْبُغَهُ؟ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: أَكْرِ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَلَكَ نِصْفُ الْكِرَاءِ يَمْتَنِعُ لِلْجَهَالَةِ وَالْكِرَاءُ لَكَ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إِذَا عَمِلَ عَلَيْهَا وَمَا حَصَلَ بَيْنَنَا فَالْمُتَحَصِّلُ لَهُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ هَاهُنَا مُسْتَأْجِرٌ وَفِي الْأَوَّلِ أَجِيرٌ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: اعْمَلْ عَلَيْهَا فَمَا كَانَ بَيْنَنَا أَصْلُهُ: إِن كل مَا يَتَنَقَّلُ وَيَتَوَلَّى هُوَ النَّظَرُ فِيهِ فَكَمَا تقدم وَمَا لَا ينْتَقل وَينظر فِيهِ كالدباغ فَهُوَ أَجِيرٌ وَالْمَكْسَبُ لِرَبِّهِ وَيَسْتَوِي فِيهِ قَوْلُهُ: اعْمَلْ فِيهِ أَوْ آجِرْهُ فَإِنْ قَالَ: اعْمَلْ لِي عَلَيْهَا بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ: لِي: فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ: كَسْبُهَا لِلْعَامِلِ وَزِيَادَتُهَا كَعَدَمِهَا وَفِي الْجَلَّابِ: زِيَادَتُهَا تُوجِبُ الْكَسْبَ لِرَبِّهَا لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعَمَلَ لِنَفْسِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا قَالَ: اعْمَلْ عَلَيْهَا فَأَكْرَاهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْكَسْبُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلِصَاحِبِهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَفِي كِتَابِ الشُّفْعَة: الْكِرَاء لصَاحِبهَا لَا ضَمَانَ الْمَنَافِعِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنْ قَالَ: أكراها وَلَكَ نِصْفُ كِرَائِهَا فَأَكْرَاهَا لِلسَّفَرِ وَخَرَجَ مَعَهَا أَسْوَاقًا فَلَهُ حِصَّةُ السُّوقِ مَعَ الْكِرَاءِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي تَوَلِّي الْعَقْدِ إِنْ كَانَ تَوَلَّى حِفْظَهَا بَعْدَ انْفِصَالِ الْكِرَاءِ وَرَدَّهَا فَلَهُ أَجْرٌ آخَرُ وَقَوْلُهُ فِي الشُّفْعَةِ يَعْمَلُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ الْكِرَاءُ لِرَبِّهَا وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَوَلَّى الْفِعْلَ وَلَوْ سَافَرَ بِهَا بِمَتَاعِهِ فَاكْتَرَى لَهُ وَلِصَاحِبِهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَمَّا الْحَمَّامُ وَالْفُرْنُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا دَوَابُّ وَلَا آلَاتُ الطَّحْنِ فَالْأُجْرَةُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَا بِدَوَابِّهِمَا وَصَاحِبُهُمَا يَشْتَرِي الْحَطَبَ أَوْ هُمَا فَالْأُجْرَةُ لِصَاحِبِهَا وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ قَيِّمٌ فِيهِمَا وَكَذَلِكَ الْفُنْدُقُ هُوَ قَيِّمٌ فِيهِ وَقَوْلُهُ: أَكْرِهِ وَاعْمَلْ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا قَالَ: اعْمَلْ عَلَى الدَّابَّةِ وَمَا حَصَلَ بَيْنَنَا فَعَمِلَ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِاسْتِيفَائِهِ الْعَمَلَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ لَمْ يُسَلِّمِ الدَّابَّةَ لَهُ بَلْ عَمِلَ مَعَهُ فَالْكَسْبُ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مَعَهُ وَيَمْتَنِعُ: احْتَطِبْ عَلَى الدَّابَّةِ وَلِي نِصْفُ الْحَطَبِ بِخِلَافِ: لِي نَقْلَةٌ وَلَكَ نقلة لِأَن مِقْدَار النقلَة مَعْلُوم عاجة وَمِقْدَارَ الْحَطَبِ يَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ النَّقَلَاتِ وَقِلَّتِهَا وَأَجَازَهُمَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لِأَنَّ احْتِطَابَ الدَّابَّةِ فِي الْيَوْمِ مَعْلُومٌ عَادَةً وَجَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ: اعْمَلْ عَلَيْهَا الْيَوْم لي وَلَك غَدا فَإِن علم لِنَفْسِهِ الْيَوْمَ ثُمَّ تَعَقَّبَ قَبْلَ الْعَمَلِ لِرَبِّهَا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَإِنْ بَدَأَ بِالْعَمَلِ لِرَبِّهَا ثُمَّ تَعَقَّبَ دَفَعَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَقِيلَ: إِنْ بَدَأَ بِيَوْمِ الْأَجِيرِ أَتَاهُ بِدَابَّةٍ أُخْرَى تَوْفِيَةً لِلْعَقْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ بِخِلَافِ الشَّهْرِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَتَعَجَّلُ بِشَرْطِ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَيَجُوزُ: أَسْتَأْجِرُكَ أَوْ دَابَّتَكَ: الْيَوْمَ تَنْقُلُ كَذَا بِدَابَّتِي وَأَنْقُلُ لَكَ غَدًا بِخِلَافِ: أَعِنِّي بِكَسْبِ دَابَّتِكَ الْيَوْمَ وَأُعْطِيَكَ مَا تَكْسِبُ دَابَّتِي غَدًا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بَيْنَكُمَا أَوِ الْعَبْدِ قَالَ مَالِكٌ وَيَجُوزُ أَسْتَخْدِمُكَ أَنْتَ الْيَوْمَ وَأَنَا غَدًا أَوْ شَهْرًا بِشَهْرٍ وَمَنَعَ مُحَمَّدٌ إِلَّا فِي خَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ فِي الْمَعْنَى وَفِي النَّوَادِرِ: قَالَ مَالك: لايدفع دَابَّتَهُ بِنِصْفِ مَا يَحْطِبُ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُرِيدُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَأَمَّا الْحَطَبُ فَيَجُوزُ لِأَنَّ الْحَطَبَ يَنْضَبِطُ الْمُحَصَّلُ مِنْهُ عَادَةً وَالْأَسْعَارُ تَخْتَلِفُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكتب: احْمِلْ طعاماًَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَلَكَ نِصْفُهُ: يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ معينٍٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَجَازَهُ أَشْهَبُ حَتَّى يُشْتَرَطَ التَّأْخِيرُ لعدم تَعَيُّنِ الْفَسَادِ فَإِنْ نَزَلَ: قِيلَ: لِلْحَمَّالِ نَصِفُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْهُ وَله أُجْرَة الْمثل فِي النّصْف الآخر مابلغ وأعيب هَذَا لِأَنَّهُ يلْزم إذاهلك الطَّعَامُ أَنْ يَضْمَنَ نِصْفَهُ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ فِي ذِمَّتِهِ بَلِ الطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ قَالَ: وهو الصواب كَمَسْأَلَة الْجُلُود وَغَيرهَا الْجُلُود لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ فَإِنِ ادَّعَيْتَ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ وَقَعَتْ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ لِنَصِيبِهِ وَادَّعَى أَنَّهَا وَقَعَتْ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ صُدِّقْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ وَتَضْمَنُهُ مِثْلَ مَكِيلَةِ الْآخَرَ فِي مَوْضِعِ الْحَمْلِ وَلَا كِرَاءَ لَهُ لِأَنَّهُ الْبَلَاغُ فَإِنْ كَانَتْ عَادَةً صُدِّقَ مدَّعيها وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ إِجَارَتُكَ على بِنَاء دراك هَذِه والجص وَالْآخر مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْعَمَلِ وَالْمُؤَنِ مَعْلُومٌ عَادَةً وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ ذَلِكَ قُبَالَةً إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَمَلَ يَدَيْهِ وَيُقَدِّمُ النَّقْدَ حَذَرًا مِنَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هَذِهِ إِجَارَةٌ وَبَيْعُ الْآجُرِّ وَالْجِصِّ فِي عَقْدٍ وَقَوْلُ الْغَيْرِ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُجِيزُ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ شَرْعٌ فِي الْعَمَلِ وَقيل: إِنَّمَا يَصح قَول ابْن الْقَاسِمِ يُجِيزُ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ شَرْعٌ فِي الْعَمَلِ وَقِيلَ: إِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الْجِصَّ وَالْآجُرَّ بِيَدِهِ فَيَصِحُّ كَمَا يَأْخُذُ مِنَ الْخَبَّازِ وَالْجَزَّارِ كُلَّ يَوْمٍ مِقْدَارًا وَيُؤَخِّرُ الثَّمَنَ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُ النَّقْدِ وَتَأْخِيرُهُ إِذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ يَكُونُ الْمُعَجَّلُ مِنَ الْآجُرِّ وَالْجِصِّ يَسِيرًا وَيَتَأَخَّرُ الْأَكْثَرُ مِثْلُ أَجَلِ السَّلَمِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ فِي عَمَلِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَامْتَنَعَ تَأْخِيرُ إِجَارَتِهِ لِأَنَّهُ عَقَدَ مَعَ عَمَلِهِ سَلَمًا فَإِنْ تَأَخَّرَ عَمَلُهُ لِأَجْلِ سَلَمِ الْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَانْتَقَدَ الْأُجْرَةَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ رَجُلٌ بِعَيْنِهِ قَالَ ابْن حَبِيبك كُلُّ مَا اسْتُعْمِلَ فِيهِ الصُّنَّاعُ فَهُوَ عَمَلٌ مَضْمُونٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ عَمَلُ أَيْدِيهِمْ وَإِلَّا فَلَهُمُ اسْتِعْمَال غَيرهم إِلَّا مِنَ الْعَادَةِ قَصْدُهُ لِجَوْدَةِ عَمَلِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: تَجُوزُ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ إِذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَ الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ وَيَجُوزُ فِيهَا الثَّمَنُ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْئًا نَقَدَ مَا يَنُوبُ الْمُدَّةَ وَمَا يَنُوبُ الْعَمَلَ انْتَقَدَ مِنْهُ كُلَّ مَا مَضَى يَوْمٌ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فَإِنْ كَانَ الصَّانِعُ وَالْمُؤَنُ مَضْمُونَيْنِ جَازَ عَلَى أَحْكَامِ السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَيُقَدَّمُ رَأْسُ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ لِلْبِنَاءِ عِنْدَهُمْ زَمَنٌ مَعْلُومٌ حَمَلَا عَلَيْهِ إِنْ سَكَتَا وَإِنْ شَرَطَ الِابْتِدَاءَ بَعْدَ يَوْمٍ جَازَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُسْلَمِ إِلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْفَرَاغُ مِنَ الْعَمَلِ فِي الْيَوْمَيْنِ جَازَ تَأْخِيرُ رَأس المَال الأمد الْبعيد وَيكون الْمُعَجل دينا لِلْمُؤَجَّلِ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْبِنَاءُ الْمُدَّةَ الْبَعِيدَةَ وَجَبَ تَقْدِيم رَأس المَال الْأَجَل الْمَضْمُونَ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَرَاخِي الْبَنَّاءِ إِلَى أَجَلِ السَّلَمِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ الْمُؤَنَ أَوِ الْبِنَاءَ وَهَذَا كَانَ الْمُعَيَّنُ أَوِ الْمَضْمُونُ سَوَاءً أَوِ الْمَضْمُونُ الْأَكْثَرَ وَإِلَّا جَازَ تَأْخِيرُ جَمِيعِ الثَّمَنِ عِنْدَ أَشهب وَاخْتلف فِي المتساويين وَيشْتَرط تَقْدِيم مَا يَنُوب الْمَضْمُون وَتَأْخِير مَا ينونب الْمُعَيَّنَ هَلْ يَجُوزُ كَمَا لَوِ اشْتَرَطَا أَوْ يَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْ جَمِيعَ مَا يَنُوبُ الْمُؤَجَّلَ؟ وَكُلُّ هَذَا إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا وُصِفَ الْبِنَاءُ بِعَدَدِ الْمَسَاكِنِ وَسِعَتِهَا وَعَرْضِ الْحَوَائِطِ وَارْتِفَاعِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَصْنُوعُ مِنْهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وُصِفَ أَيْضًا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ إِجَارَةُ بَيْتِ الرَّحَا مِنْ رَجُلٍ والرَّحا مِنْ آخَرَ وَدَابَّتِهَا مِنْ آخَرَ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِلْجَهْلِ بِحِصَّتِهَا مِنَ الْأُجْرَةِ إِلَّا بالتقويم وَكَذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاق وَإِجَارَة غَيره كجمع الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي عَقْدٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنْ نَزَلَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أُجْرَةٌ مِثْلُهُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَقِيلَ: تقسم الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة على قدر أحد هَذِه الْأَشْيَاء.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ دَفَعَ لَهُ مَوْضِعًا يني فِيهِ رَحَا بِغَلَّةِ يَوْمٍ فِي الشَّهْرِ: الْغَلَّةُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ قَلْعِ الْبِنَاءِ وَإِعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْهَدْمَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: بَلْ قَائِمًا لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِإِذْنِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقِيلَ: لِلْبَانِي قِيمَةُ مَا دَخَلَ مِنْ خَشَبٍ وَآجُرٍّ وَجِصٍّ يَوْمَ وَضْعِهِ فِيهَا لِأَنَّ وَضْعَهُ كَتَسْلِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ لَهُ وَلَهُ أُجْرَة عمله فِي ذَلِك وَالْغلَّة لرب الأَصْل وَيَرُدُّ فِي الطَّعَامِ مِثْلَ كَيْلِهِ فَإِنْ جَهِلَ الْكَيْلَ فَقِيمَةَ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ دُونَ قَدْرِهِ حَذَرًا من الطَّعَام مُتَفَاضِلًا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ تَعْلِيمُ الْعَبْدِ الْكِتَابَةَ سَنَةً بِنِصْفِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ قَبْلَ السَّنَةِ وَقَدْ يَمُوتُ فَيَذْهَبُ الْعَمَلُ بَاطِلًا وَيَجُوزُ عَلَى تَعْلِيمِهِ الْخِيَاطَةَ بِمَا يَخِيطُهُ مُدَّةَ التَّعْلِيمِ لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ عَادَةً قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِذَا نَزَلَ الْأَوَّلُ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ إِنْ جَعَلَهُ لَهُ بِصِفَتِهِ بَعْدَ السَّنَةِ وَإِنْ جَعَلَهُ لَهُ الْآنَ امْتَنَعَ أَيْضًا وَإِنْ فَاتَ الْعَبْدُ مِنْهُمَا وَعَلَى الْمُعَلِّمِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِلْآخَرِ وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ قَالَ بعض الشُّيُوخ: إِذا دَفعه لَهُ يلعمله سَنَةً فَمَاتَ فِي نِصْفِ السَّنَةِ فَرُبَّمَا كَانَ أَجْرُ التَّعْلِيمِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ الثُّلُثَيْنِ لِأَنَّ تَعْلِيمَهُ أَشَقُّ وَأَجْرُ عَمَلِهِ الثُّلُث لِضَعْفِ صَنْعَتِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَفِي النِّصْفِ الثَّانِي الثُّلُثَيْنِ لِقُوَّتِهِمَا فَحِينَئِذٍ يُسْقِطُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ نَصِفَهَا وَيُكَمِّلُ لَهُ الثَّانِيَ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَعْمَلُ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ عَلَى حَمْلِ الطَّعَامِ إِلَى بَلَدٍ بِنِصْفِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَبْضَهُ الْآنَ وَلَا فِي الْبَلَدِ: فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ: هُوَ على الْفساد حَتَّى يَشْتَرِطَ الْقَبْضَ الْآنَ ويُجيزه غَيْرُهُ حَتَّى يَشْتَرِطَ تَأْخِيرَهُ لِلْبَلَدِ فَإِنْ شَرَطَ تَأْخِيرَهُ لِلْبَلَدِ وَحَمَلَ الطَّعَامَ: قِيلَ: يَكُونُ لِلْحَمَّالِ نِصْفُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْمَحْمُولِ مِنْهُ وَلَهُ كِرَاؤُهُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَقِيلَ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا لَوْ هَلَكَ الطَّعَامُ أَنْ يَضْمَنَ نِصْفَهُ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ حَصَلَ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَهُ لَهُ بَعْدَ الْوُصُولِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى: إِذَا عَثُرَ عَلَيْهِ بَعْدَ السَّنَةِ لَهُ أُجْرَةُ الْمثل فَإِن فَاتَ بيد الْمعلم بِعْ السَّنَةِ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى الْمُعَلِّمِ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ تَمَامِ السَّنَةِ مُعَلَّمًا وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَوْ شَرَطَ الْقَبْضَ الْآنَ فَفَاتَ بِيَدِ الْمُعَلِّمِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْآنَ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَجَازَ مَالِكٌ إِجَارَةَ شَهْرَيْنِ: شَهْرٌ بِخَمْسَةٍ وَشَهْرٌ بِثَلَاثَةٍ لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ بِأَرْبَعَةٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ لِكُلِّ شَهْرٍ مَا سَمَّى لِتَقَعَ عَلَيْهِ الْمُحَاسَبَةُ عِنْدَ الْمَرَضِ أَوِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي بَيْعِهِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَرَادَ الصُّناع أَوِ الْأُجْرَاءُ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ وَخَالَفْتَهُمْ حَمَلْتَهَا عَلَى الْعَادَةِ فَإِنْ فُقِدَتْ لَمْ يُقْضَ بِهَا إِلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ كَثَمَنِ الْبَيْعِ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَأَمَّا فِي الدَّارِ وَالرَّاحِلَةِ وَبَيْعِ السِّلَعِ فَيُقَدَّرُ مَا مَضَى لِأَنَّ الْمَدَدَ وَالرَّوَاحِلَ وَالسِّلَعَ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَلَيْسَ لِلْخَيَّاطِ بِقَدْرِ مَا خَاطَ مِنَ الْقَمِيصِ: لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا ضَاعَ بَعْدَ تَمَامِ الْخِيَاطَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أُجْرَةَ لَهُ فَعَلَى هَذَا لَا يَسْتَحِقُّ بِخِيَاطَةِ بَعْضِهِ شَيْئًا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ وَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ الْأُجْرَةُ فَيَكُونُ لَهُ من الْأَجْرِ بِقَدْرِ الْعَمَلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُقَاطَعَةً لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَرِهَ مَالِكٌ نَقْدَ الْكِرَاءِ فِي السُّفُنِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إِلَّا بَعْدَ الْبَلَاغِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَقَالَ: لَهُ مِنَ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ مَا بَلَغَ فَإِنْ عَطِبَ قَبْلَ الْإِقْلَاعِ وَادَّعَيْتَ النَّقْدَ صُدِّقَ عَلَيْكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَا يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ للتُّهمَةِ وَقيل: يجوز كَمَا فِي الطَّرِيقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا يَتَعَيَّنُ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ لَكَنْ بِالشَّرْطِ أَوِ الْعَادَةِ أَوْ يُقَارِنُ الْعَقْدَ مَا يُوجِبُ التَّقْدِيمَ أَوْ يَسْتَلْزِمُ التَّأْخِيرَ مَحْذُورًا فِي الْعَرْضِ الْمُعَيَّنِ وَالطَّعْمِ الرَّطْبِ وَنَحْوِهَا وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا بِالتَّمْكِينِ مِنَ اسْتِيفَاءِ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ الْجُزْءَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: كُلَّمَا اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ يَوْمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ وَوَافَقَنَا (ح) وَقَالَ (ش) وَأَحْمَدُ: تَمْلِكُ بِالْعقدِ لَا لثمن فِي الْمَبِيعِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْعِوَضَيْنِ وَالْأَصْل: ترَتّب المسيبات عَلَى أَسْبَابِهَا لَنَا: مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَنْفَعَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ كَذَلِكَ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ بَلْ يَنْقَلِب قياسهم فَتَقول: لم يسلم أحد لعوضين فَلَا يجب عَلَيْهِ تَسْلِيم الآخر كَالْبَيْعِ وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْمُدْرِكِ فَرْعَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَنْفَعَةَ هَلْ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْأَجِيرِ وَقَالَهُ (ح) وَهُوَ مُقْتَضَى أُصُولِنَا أَوْ عَلَى ملك الْآخِذ وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ وَثَانِيهُمَا كَمَا قَالَ (ح): أَنَّ الْأَجِيرَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إِلَّا بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الِاسْتِيفَاءُ أَوِ الشَّرْطُ أَوِ التَّعْجِيلُ قَالَ: إِذَا أَعْتَقَ رَبُّ الدَّارِ الْعَبْدَ الْمُسْتَأْجَرَ بِهِ لَمْ يُنَفَّذْ عِتْقُهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ بِالْعَقْدِ فَإِنْ عَجَّلَهُ لَهُ نُفذ الْعِتْقُ وَلَوْ لَمْ يقبض العَبْد حَتَّى سَكَنَ شَهْرًا مِنَ الْمُدَّةِ عُتِقَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ حِصَّةُ الشَّهْرِ وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ الْبَاقِي قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ: إِنِ اسْتَأْجَرَ بِعَرْضٍ مُعَيَّنٍ وَالْعُرْفُ التَّأْخِيرُ فَسَدَ الْعَقْدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّقْدِيمُ وَصَحَّ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ: لِأَنَّ الْعُرْفَ الْفَاسِدَ لَا يَعْتَبِرُهُ الشَّرْعُ وَهُوَ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَدَنِيِّينَ وَيَكْفِي فِي الِاسْتِيفَاءِ التَّمَكُّنُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ كَمَا لَوْ سَلَّمَ لَهُ الْمَبِيعَ فَتَلَفَ عِنْدَهُ.
فَرْعٌ:
وَفِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ النَّقْد فِي الْكِرَاء للرُّكُوب الْيَوْمَيْنِ وَنَحْوهمَا وَيمْتَنع فِي الشَّهْر لَيْلًا يَكُونَ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا وَمَنَعَ غَيْرُهُ كِرَاء كراؤها ذَلِك وَالْفرق وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ فِي الْبَيْعِ ضَمَانهَا من المُشْتَرِي فَهُوَ غرر فِي الْكِرَاءِ ضَمَانُهَا مِنَ الْمُكْرِي وَيَمْتَنِعُ النَّقْدُ فِي كِرَاءِ الْخِيَارِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ فِي مَجْلِسِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْبَتِّ وَيَصِيرُ فِي الْأَوَّلِ إِذَا اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ أُخِذَ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ كِرَاءُ رَاحِلَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ لِلْحَجِّ فِي غَيْرِ إِبَانَةٍ: لَا يُؤْخَذُ النَّقْدُ كُلُّهُ بَلْ يَنْقُدُ الدِّينَارَيْنِ وَنَحْوَهُمَا وَكَانَ يَقُولُ: يَنْقُدُ ثُلُثَيِ الْكِرَاءِ وَفِي الْمَضْمُونِ إِلَى أَجَلٍ: نَحْوِ هَذَا وَلَوْ كَانَ مَضْمُونًا لِغَيْرِ أَجَلٍ وَشَرَعَ فِي الْقَبْضِ جَازَ غَيْرُ هَذَا لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ بِالْجُمْلَةِ وَامْتَنَعَ فِي الْأَوَّلِ تَأْخِيرُ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ كَرَأْسِ مَالِ السّلم وَإِنَّمَا جَار تَأْخِير الْقَبْض لَيْلًا يَذْهَبَ الْأَكْرِيَاءُ بِأَمْوَالِ النَّاسِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَتِ الْأُجْرَةُ حَيَوَانًا فَتَشَاحَّا فِي النَّقْدِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا وَسُنَّةُ الْبَلَدِ: النَّقْدُ جَازَ قَبْضُهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مُعَيَّنٍ مِنَ الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّتُهُمُ النَّقْدَ امْتَنَعَ الْكِرَاءُ وَإِنْ تعجلت هَذِه الْأَشْيَاءُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا النَّقْدَ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَإِنْ كَانَتْ دَنَانِيرَ مُعَيَّنٍةً وَتَشَاحَّا فِي النَّقْدِ وَهُوَ الْعَادَةُ قُضِيَ بِهِ وَإِلَّا امْتَنَعَ الْكِرَاءُ إِلَّا أَنْ يُعجلها كَبَيْعِ سِلْعَةٍ بِدَنَانِيرَ بِبَلَدٍ آخَرَ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ إِنْ شَرَطَ ضَمَانَهَا إِنْ تَلِفَتْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ هَاهُنَا لَا يَجُوزُ إِلَّا إِنِ اشْتَرَطَ فِي الدَّنَانِيرِ إِنْ تَلَفَتْ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا وَيَمْنَعَ اشْتِرَاطَ هَذَا فِي الطَّعَامِ وَالْعَرْضِ فِي بَيْعٍ وَلَا كِرَاءَ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّ الصَّفْقَتَيْنِ ابْتَاعَ وَجَوَّزَهُ غَيْرُهُ فِي الدَّنَانِيرِ وَإِنْ تَلَفَتْ ضَمِنَهَا وَإِنْ أَكْرَيْتَهُ لِمَكَّةَ بِعَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ وَالْعَادَةُ التَّأْخِيرُ فَفَاتَ الْمَحَلُّ وَلَا فَسْخَ فَلَا بُدَّ مِنَ الْفَسْخِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَقَالَهُ غَيْرُهُ إِلَّا عَلَى الْجَائِزِ حَتَّى يُصَرِّحُوا بِالْفَسَادِ إِلَّا فِي الدَّنَانِيرِ لِأَنَّ تَعْيِينَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنْ شَرَطَ فِي الْمُعَيَّنَاتِ أَن لَا يَنْقُدَ إِلَّا بَعْدَ يَوْمَيْنِ لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا لِعُذْرٍ كَالتَّوَثُّقِ لِلْإِشْهَادِ وَنَحْوِهِ وَلَا يُفْسَخُ لِقَوْلِهِ على الْأَصْلِ فِي تَصَرُّفِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ لِقُرْبِ الْمُدَّةِ قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات: قَوْله بِالْفَسَادِ إِذا تعود وَالتَّأْخِير هُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي حَمْلِ السُّكُوتِ عَلَى الْعَادَةِ الْفَاسِدَةِ حَتَّى يُصَرِّحُوا بِالْجَائِزِ وَابْنُ حَبِيبٍ يَحْمِلُ عَلَى الْجَائِزِ حَتَّى يُصَرِّحُوا بِالْفَسَادِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي تَصَرُّفِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ فِي الْكِتَابِ: إِذَا طَلَبَ إِكْمَالَ الْكِرَاءِ قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بِسَيْرٍ قَرِيبٍ حَمَلْتَهَا عَلَى الْعَادَةِ فَإِنْ عَدِمْتَ فَكَالسُّكْنَى لَا يُعْطَى إِلَّا بِقَدْرِ مَا سَكَنَ وَإِنْ عَجَّلْتَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلَا رُجُوعَ لَكَ.
فرع:
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: يَمْتَنِعُ السَّلْخُ بِالْجِلْدِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ: لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهِ بَعْدَ السَّلْخِ هِيَ رَقِيقٌ أَمْ لَا؟ سَالِمٌ مِنَ الْقَطْعِ أَمْ لَا؟.
فَرْعٌ:
قَالَ: قَالَ ابْنُ حبيب: احصد زرعي كُله أَو طحن قَمْحِي كُلَّهُ وَلَكَ نِصْفُهُ يَمْتَنِعُ وَهُوَ كُلُّهُ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ تَلَفَ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُتْرَكَ مَتَى شَاءَ لِأَنَّهَا جُعَالَةٌ تَبْقَى لِلْجَاعِلِ بَعْدَ التَّرْكِ.
فَائِدَةٌ:
وَلَوْ قَالَ احْصُدْهُ أَوِ اطْحَنْهُ وَلَكَ نِصْفُهُ جَازَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اشْتَرَطَ الْجَمِيعَ وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ بِخِلَافِ الثَّانِي وَلَوْ قَالَ فَمَا خَرَجَ فَلَكَ نِصْفُهُ امْتَنَعَ لِلْجَهْلِ بِصِفَةِ الْخُرُوجِ وَالْأَوَّلُ مِلْكُهُ النِّصْفُ الْآنَ فَإِنِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى الطَّحْنِ بِصَاعٍ مِنَ الدَّقِيقِ فَأُجِيزَ كَبَيْعِهِ وَمَنَعَ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلِكُ بَعْدَ الْعَمَلِ فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ مَجَّانًا وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ طَحْنُ قَمْحِكَ هَذَا بفقيز مِنْهُ وَدِرْهَمٍ وَفِي النُّكَتِ: قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إِنْ هَلَكَ الْقَمْحُ قَبْلَ الطَّحْنِ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ قَبْضِ رَبِّهِ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَفِيزِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ عَلِمْنَا أَنَّ الدَّرَاهِم خُمُسُ الْأُجْرَةِ فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ الدِّرْهَمُ وَإِجَارَةُ مِثْلِهِ فِي طَحِينٍ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْقَمْحِ لِأَنَّ الْقَفِيزَ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ فَهَلَاكُهُ يُوجِبُ الْفَسْخَ فِيمَا يُقَابِلُهُ فَيَبْقَى بِغَيْرِ عقدٍ تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَفِي النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: احْصُدْ زَرْعِي وَلَكَ نِصْفُهُ فَيَحْصُدُهُ أَوْ بَعْضَهُ فَيَحْتَرِقُ فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا وعله حَصَادُ مِثْلِهِ أَوْ مَا بَقِيَ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ بِأُجْرَتِهِ وَعَنْهُ أَيْضًا: عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الزَّرْعِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَصَادُ نِصْفِهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَخْتَلِفُ وَلَوْ قَالَ: مَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَالْمَحْصُودُ مِنْهُمَا وَمَا لَمْ يَحْصُدْ مِنْ رَبِّهِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ إِيَّاهُ لِقَوْلِهِ: فَمَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَاحْصُدْهُ كُلَّهُ وَادْرُسْهُ وصفِّه وَلَكَ نِصْفُهُ فكله مِنْ رَبِّهِ وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُهُ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ: تُمْنَعُ الرَّضَاعَةُ بِجُزْءٍ مِنَ الرَّضِيعِ بَعْدَ الْفِطَامِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهِ حينئذٍ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ سُكْنَى دَارٍ بِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى وَكُلُّ مَا جَازَ إِجَارَتُهُ جَازَ أَجْرُهُ وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَ (ش) قِيَاسًا لِلْمَنَافِعِ عَلَى الْأَعْيَانِ وَجَوَّزَهُ (ح) فِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَالسُّكْنَى بِالْخِدْمَةِ وَمَنَعَهُ مَعَ اتِّحَادِهِ حَذَرًا مِنَ الدّين بِالدّينِ إِذا لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا مَعَ الِاتِّحَادِ وَجَوَابُهُ: لَا يَتَحَقَّقُ الدَّيْنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ ويتأخر وَهَذِه الْمَنَافِع فِي أَعْيَان أَو فِي للذمم وَقد شرع فِيمَا لَيست دَيْنًا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا كَانَتِ الْأُجْرَةُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِكَ لَهُ فَهُوَ مِنْكَ كَالْبَيْعِ وَيَلْزَمُكَ الْكِرَاءُ وَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ فَوَصَفَهُ لَكَ فَهُوَ مِنْهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ غَائِب على الصّفة وانتقص الْكِرَاءُ لِتَعَذُّرِ الْأُجْرَةِ وَلَكَ فِيمَا سَكَنَ أُجْرَةُ الْمثل وَكَذَلِكَ لَو اسْتحق أورد بِعَيْبٍ وَلَوِ اطَّلَعْتَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ هَلَاكِهِ رَجَعْتَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ وَانْتَقَصَ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِهَا قَالَ ابْن يُونُس: قَالَ أَبُو اسحق الْبَرْقِيُّ: أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا سَكَنَ وَمَا لَمْ يَسْكُنْ وَكَذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ خِدْمَتِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا يَضُرُّ بِالْمُشْتَرِي إِذَا رَجَعَ بِالسُّكْنَى خُيِّرَ بَيْنَ السُّكْنَى وَالرَّدِّ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ مَعِيبًا.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْأَرْضِ: الْمَأْمُونَةِ بِالْمَأْمُونَةِ كَانَ الْعَمَلُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا وَتَمْتَنِعُ الْمَأْمُونَةُ بِغَيْرِ الْمَأْمُونَةِ إِذَا قُدِّمَتِ الْمَأْمُونَةُ لِأَنَّهُ نَقْدٌ فِي غَيْرِ مَأْمُونٍ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ فَإِنْ سَلِمَ زَرْعُهَا تَمَّ وَإِلَّا بَقِيَتِ الْمَأْمُونَةُ لِرَبِّهَا وَيَمْتَنِعُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَتَيْنِ وَإِنْ عَمِلَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ فَقَدْ سَلِمَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مِنْ أَرْضِ الْمَطَرِ وَهُمَا مُتَقَارِبَتَانِ وَعَمِلَا فِي عَامٍ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى بِدَنَانِيرَ لَمْ يَصِفْهَا وَالنَّقْدُ مُخْتَلِفٌ: فَسَخَ لِلْجَهَالَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةً.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يُمْنَعُ كِرَاؤُهَا عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا شَجَرًا وَالثَّمَرَةُ لِلْمُكْتَرِي أَوِ الشَّجَرُ لَكَ لِلْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: جَوَّزَهُ أَشْهَبُ إِذَا سَمَّى مِقْدَارَهَا كَالْبُنْيَانِ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ يَتَغَيَّرُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الْبِنَاءِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ يَنْضَبِطُ فِي الْعَادَةِ أَكْثَرَ مِنَ الشَّجَرِ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ فِيهِمَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا تَشَاحَّا فِي النَّقْدِ فِي الْأَرْضِ وَثَمَّ عَادَةٌ قَضَى بِهَا وَإِلَّا فَإِن كَانَت تروى مُدَّة لُزُوم النَّقْدِ إِذَا رَوِيَتْ لِتَيَقُّنِ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ تُرْوَى بِالسَّقْيِ وَالْمَطَرِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَلَا يَنْقُدُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ لِتَوَقُّعِ التَّعَذُّرِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنْ أَمْكَنَ السَّقْيُ تَعَيَّنَ النَّقْدُ فَإِنْ كَانَتْ تُزْرَعُ بُطُونًا كَالْبُقُولِ نَقَدَ كُلَّ بَطْنٍ حِصَّتَهُ بَعْدَ سَلَامَةِ مَنْفَعَتِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَنْقُدُ أَوَّلَ بَطْنٍ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدُّورِ وَالرَّوَاحِلِ وَبَيْنَ الْأَرَضِينَ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ: أَنَّهُ لَيْسَ بِحِسَابِ مَا مَضَى فِي الْأَرْضِ إِذَا عَطِشَ الزَّرْعُ وَفِيهِمَا كُلُّ وَقْتٍ يَمْضِي يَجِبُ كِرَاؤُهُ وَتَحْصُلُ مَنْفَعَتُهُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُهُ كَانَ طَعَامًا أَمْ لَا كَالْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ تُنْبِتُهُ أَمْ لَا كَاللَّبَنِ وَالسَّمْنِ وَالصَّبْرِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْأَنْبِذَةِ وَجَوَّزَهُ (ش) وَ (ح) بِالطَّعَامِ قِيَاسًا عَلَى الدُّورِ وَغَيْرِهَا لَنَا: مَا فِي مُسلم من نَهْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُعَاوَمَةِ وَالْمُخَابَرَةِ فَائِدَةٌ: فِي الْكِتَابِ: الْمُحَاقَلَةُ شِرَاءُ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ وَهُوَ مِنَ الْحُقُولِ وَهِيَ الْمَزَارِعُ وَالْمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْ جِنْسِهِ وَالْمُعَاوَمَةُ بَيْعُ الثِّمَارِ أَعْوَامًا وَالْمُخَابَرَةُ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: كِرَاءُ الأَرْض بِمَا يخرج مِنْهَا وَفِي الْمُقدمَات: الْخبز حرث الأَرْض وَمِنْه المخابزة أَيْضًا وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا قلت: قد ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعَلِيمِ وَالْخَبِيرِ: أَنَّ الْخِبْرَةَ هِيَ إِدْرَاكُ الْأَشْيَاءِ الْخَفِيَّةِ وَالْعِلْمُ عَامٌّ فِي الْخَفِيَّةِ وَالْجَلِيَّةِ وَالْحَرْثُ إِظْهَارُ مَا خَفِيَ مِنَ الْأَرْضِ فَأَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ الْمُخَابَرَةُ وَالْخِبْرَةُ مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ إِمَّا بِالْحَقِيقَةِ أَوْ بِالِاسْتِعَارَةِ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ اشْتَهَرَتْ فِي الْحَرْثِ فَصَارَتْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً عَامَّةً قَالَ: وَكَمَا يَخَافُ بِكِرَائِهَا بِبَعْضِ مَا تَنْبُتُ مِنَ الطَّعَامِ طَعَامٌ بِمِثْلِهِ إِلَى أَجَلٍ يَخَافُ مِنْ طَعَامٍ لَا تُنْبِتُهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ قَالَ: وَيَمْتَنِعُ بِالْفُلْفُلِ وَزَيْتِ زَرِيعَةِ الْكَتَّانِ وَالزَّعْفَرَانِ أَوْ عُصْفُرٍ لَا تُنْبِتُهُ وَيَجُوزُ بِالْعُودِ وَالصَّنْدَلِ وَالْخَشَبِ وَالْعَيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: إِنَّمَا جَازَ الْعُودُ وَنَحْوُهُ لِأَنَّهَا أُمُورٌ يَطُولُ فِي الْأَرْضِ مُكْثُهَا وَقِيلَ: يَجُوزُ كِرَاؤُهَا شَهْرَيْنِ بِمَا لَا تنتبه إِلَّا فِي سَنَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْخَشَبِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: جَوَازُ كِرَائِهَا بِالْحَشِيشِ لِأَنَّهُ لَا يُزْرَعُ وَلِهَذَا التَّعْلِيل إِشَارَة إِلَى غلَّة أُخْرَى فِي الْعود وَنَحْوه وَهُوَ إِنَّمَا يَنْبُتُ مِنَ الْأَرْضِ بِالْعِلَاجِ يَمْتَنِعُ أَوْ بِغَيْرِ عِلَاجٍ غَالِبًا كَالْعُودِ يَجُوزُ وَأَجَازَ ابْنُ نَافِعٍ كِرَاءَهَا بِسَائِرِ الطَّعَامِ إِلَّا الْحِنْطَةَ وَعَنِ ابْنِ كِنَانَةَ: يَمْتَنِعُ بِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا أُعِيدَ فِيهَا يَنْبُتُ وَيَجُوزُ غَيْرُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ لِتَعَذُّرِ التَّعَامُلِ فِي الطَّعَامِ قَالَ سَحْنُونٌ: كِرَاؤُهَا بِجُزْءِ مَا يُخْرِجُ مِنْهَا جُرْحَةٌ كَانَ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ أَوْ قَلَّدَ فِيهِ غَيْرَهُ إِذَا عَلِمَ التَّجْرِيحَ لِتَظَافُرِ النُّصُوصِ بِالْمَنْعِ فِي ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ التَّقْلِيدُ وَإِنْ وَقَعَ فَكِرَاؤُهَا مِنَ الدَّرَاهِمِ وَحُكْمُ جَمِيعِ قُضَاةِ الْمَغْرِبِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْجُزْءِ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا قِيمَةَ لَهَا بِالْمَغْرِبِ مِنَ النَّقْدَيْنِ وَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالْمَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ طَعَامًا وَفِي النَّوَادِرِ: أَجَازَ ابْنُ نَافِعٍ بِالطَّعَامِ إِلَّا الْحِنْطَةَ وَأَخَوَاتِهَا إِذَا كَانَ مَا يُكْرَى بِهِ خِلَافَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِشَجَرٍ بِأُصُولِهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا يَوْمَئِذٍ ثَمَرٌ وَإِلَّا امْتَنَعَ كَمَا يَمْتَنِعُ شِرَاءُ شَجَرٍ فِيهَا ثَمَرٌ بِطَعَامٍ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ بِالطَّعَامِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ بِذَلِكَ كَمَا تبَاعُ بِذَلِكَ بِالطَّعَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ بِالْمَنْعِ: إِذَا كَانَ فِيهَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ وَلَوْ أُبِّرَ لَجَازَ لِأَنَّهَا تَبَعٌ.
فَرْعٌ:
يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ يَقْبِضُهَا قَابِلًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ وَلَيْسَ دَيْنًا بِدَيْنٍ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ فِي الذِّمَّة.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَكْرَى بِخَمْرٍ وَدَرَاهِمَ فِي صَفْقَةٍ فَسَدَ الْجَمِيعُ وَإِنْ رَضِيَ بِتَرْكِ الْخَمْرِ وَلَيْسَ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْخَمْرَ جُزْءُ الثَّمَنِ فَهُوَ رُكْنُ الْعَقْدِ فَيَكُونُ الْفَسَادُ مُتَمَكِّنًا وَالْفَسَادُ فِي السَّلَفِ انْتِفَاعُهُ وَقَدْ أَسْقَطَهُ فَبَطَلَتِ الْمَفْسَدَةُ.
فَرْعٌ:
إِذَا حَلَّ كِرَاؤُهَا لَا يَفْسَخُهُ فِي ثِيَابٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ.
فَرْعٌ:
يُمْنَعُ: إِذَا زَرَعْتَ شَعِيرًا فَبِكَذَا أَوْ قَمْحًا فَبِكَذَا أَوْ إِمَّا بِهَذَا الثَّوْبِ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا عَلَى اللُّزُومِ لِأَنَّهُ بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ وَيَجُوزُ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ لكل وَاحِد مِنْكُمَا لتجرد اللُّزُوم عِنْد التعين عَلَى مَعْلُومٍ حِينَئِذٍ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ كِرَاؤُهَا بِنِصْفِ مَا تُنْبِتُهُ مِنْ قَمْحٍ وَنَحْوِهِ لِلْجَهَالَةِ بِخِلَافِ: اغْرِسْهَا نَخْلًا أَوْ شَجَرًا فَإِذَا بَلَغَتْ كَذَا وَكَذَا سَعْفَةً أَوِ الشَّجَرُ قَدْرَ كَذَا فَالْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ عَلَى أَنَّ البُنيان وَالْأَرْضَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كِرَاءَ الْأَرْضِ بِذَلِكَ جَائِزٌ ابْتِدَاءً وَإِنْ قُلْتَ: فَالْأُصُولُ بَيْنَنَا فَقَطْ مَعَ مَوَاضِعِهَا مِنَ الْأَرْضِ جَازَ وَإِنِ اشْتَرَطَ الْمَوَاضِعَ وَشَرَطْتَ بَقَاءَهَا فِي أَرْضِكَ حَتَّى تَبْلُغَ امْتَنَعَ لِلْجَهَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اكتراها بِنصْف مَا يخرج مِنْهَا فالزرع للزَّرْع وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَالزَّرْعَ مِنْ عِنْدِهِ فَأَشْبَهَ الشَّرِكَةَ الْفَاسِدَةَ إِذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخِرُ الْبَذْرَ وَالْعَمَلَ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: نِصْفُ الزَّرْعِ أَفَاتَهُ الْعَامِلُ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ بِإِذْنِهِ فَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ نِصْفُ الْبَذْرِ وَأُجْرَةُ الْعَامِلِ فِيهِ وَيَتَرَقَّبُ نِصْفَ الْعَامِلِ الَّذِي زَرَعَ لِنَفْسِهِ إِنْ تَمَّ أَدَّى الْكِرَاء وَإِلَّا سقط عَنهُ مَا زَرَعَهُ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا إِجَارَتُهُ فِي نِصْفِ رَبِّ الْأَرْضِ فَثَابِتَةٌ تَمَّ الزَّرْعُ أَمْ لَا وَمُقْتَضى قَوْله: إِن الأَرْض بيني وَبَيْنك نِصْفَيْنِ: أَنْ يَكُونَ زَرَعَ نِصْفَ الزَّرِيعَةِ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَيَكُونَ عَلَيْهِ مِثْلُهَا لِأَنَّ أَرْضَهُ قَبْضَتُهُ وَلِلْعَامِلِ إِجَارَتُهُ فِي زَرْعِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَيُنْتَظَرُ الَّذِي زَرَعَهُ الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ إِنْ حَكَمَ بِالْفَسْخِ فِي إِبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَتَمَّ زَرْعُهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِالْفَسْخِ حَتَّى تَمَّ الزَّرْعُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْتَنِعُ دَفْعُ أَرْضِكَ لِيَزْرَعَ لَكَ فِيهَا حِنْطَةً مِنْ عِنْدِكَ بِبَعْضِ أَرْضِكَ يَزْرَعُهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ كِرَاؤُهَا بِمَا تُنْبِتُهُ بِخِلَافِ: تَزْرَعُهَا بِحَبِّكَ عَلَى أَنَّ لَهُ بَعْضًا مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى غَيْرِ مَزْرُوعَةٍ لِأَنَّ الْأَرْضَ قُبَالَةُ الْعَمَلِ دُونَ الْبَذْرِ كَمَا يَجُوزُ غَرْسُهُ لَكَ نَخْلًا بِأَرْضٍ أُخْرَى.
فَرْعٌ:
قَالَ الْأَبْهَرَيُّ: إِذَا تَكَارَى لِلْحَجِّ فِي غَيْرِ إِبَّانِهِ لَا يُؤَخَّرُ النَّقْدُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ: يَمْتَنِعُ حَمْلُ الزَّرْعِ عَلَى أَنَّ لَهُ فِي كُلِّ مِائَةِ إِرْدَبٍّ يخرج عشرَة أَرَادِبَّ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ إِرْدَبٍّ يَخْرُجُ وَيَجُوزُ بِالْقَتَّةِ لِأَنَّهَا تُحْرَزُ.