فصل: الْأَوَّلُ: الْعِلْمُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْأَوَّلُ: الْعِلْمُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ:

فَإِنَّ الْوَقْتَ سَبَبٌ وَالْعِلْمَ بِدُخُولِهِ شَرْطٌ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِي تَعْلِيق لَا يَجُوزُ لِعَالِمٍ وَلَا عَامِّيٍّ أَنْ يُقَلِّدَ فِي وَقت الظّهْر لِأَنَّهُ شَاهد بالحس فالوصول إِلَى الْيَقِين مُمْكِنٌ فَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ.

.الثَّانِي: طَهَارَةُ الْحَدَثِ:

وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا وَهِيَ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ فَلَوْ زَالَتْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَة بطلت الصَّلَاة.

.الثَّالِثُ: طَهَارَةُ الْخَبَثِ فِي الْجَسَدِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ:

وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ فُرُوعِهَا فِي الطَّهَارَةِ وَنَذْكُر هَهُنَا نُبْذَةً مِنْهَا أَمَّا الْجَسَدُ فَفِيهِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ وَفصل:
الْفَرْع الأول: فَفِي الْكتاب إِذا سَالَ أَو قطر فَيَغْسِلُهُ عَنْهُ ثُمَّ يَبْنِي وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إِنْ كَانَ يَسِيرًا فَتَلَهُ وَمَضَى قِيَاسًا على كَانَ كَثِيرًا فَقِيلَ يَقْطَعُ قَالَ وَهُوَ الْأَقْيَسُ وَقِيلَ يَغْسِلُهُ وَيَتَمَادَى عَلَى الرُّعَافِ.
الثَّانِي:
مَنِ انْكَسَرَ عَظْمُهُ فَجَبَرَ بِعَظْمِ مَيْتَةٍ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَسْرُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَكْسِرُ وَيَنْزِعُ إِذَا خَافَ الْمَشَقَّةَ دُونَ التَّلَفِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَقْلَعُهُ وَإِنْ أَدَّى إِلَى التَّلَفِ حُجَّتُنَا أَنَّهُ جُرِحَ فَيَسْقُطُ كَدَمِ الْجِرَاحِ وَلِأَنَّهُ صَارَ بَاطِنًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ مَيْتَةً.
الثَّالِثُ:
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا سَقَطَتِ السِّنُّ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ رَدُّهَا عَلَى قَوْلِنَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ قَالَ الظَّاهِرُ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ مَا أُبِينَ عَنِ الْحَيِّ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ ابْنِ وهب وَابْن الْمَوَّاز لِأَنَّهُ ينجس جملَته بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ بَعْضُهُ بِخِلَافِ الْأَنْعَامِ فَإِنَّ جُمْلَتَهَا تَنْجُسُ بِالْمَوْتِ فَيَنْجُسُ جُزْؤُهَا إِذَا انْفَصَلَ مِنْهَا وَهِيَ حَيَّةٌ.
الرَّابِع:
فِي الْجَوَاهِر لَو جعل فِي حزامه الْمَرْتَكَ الْمَعْمُولَ مِنْ عِظَامِ الْمَيْتَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ النَّجَاسَاتِ فَلَا يُصَلِّي بِهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَأَجَازَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الصَّلَاةَ بِهِ.

فَصْلٌ فِي الرعاف: فَفِيهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَرْعًا.
الْأَوَّلُ:
فِي اشْتِقَاقِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الرُّعَافِ الَّذِي هُوَ السَّبْقُ فَقَوْل الْعَرَبُ فَرَسٌ رَاعِفٌ إِذَا كَانَ يَتَقَدَّمُ الْخَيْلَ ورعف فلَان الْخَيل إِذا تقدمها وَقَالَ رعف يرعف بِفَتْح الْعين فِي الْمَاضِي وَضم الْمُسْتَقْبَلِ وَفَتْحِهِ وَالشَّاذُّ الضَّمُّ فِيهِمَا وَلَمَّا كَانَ الدَّمُ يَسْبِقُ إِلَى الْأَنْفِ سُمِّيَ رُعَافًا.
الثَّانِي:
قَالَ اللَّخْمِيُّ الدَّمُ فِي الرُّعَافِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ يَسِيرٌ يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ فَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْتَوِي فِيهِ الظَّنُّ وَالشَّكُّ فَإِنَّهُ يَفْتِلُهُ وَكَثِيرٌ لَا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ وَلَا يُرْجَى انْقِطَاعُهُ لِعَادَةٍ تَقَدَّمَتْ فَهَذَانِ لَا يَخْرُجُ لَهُمَا مِنَ الصَّلَاةِ يَفْتِلُ الْأَوَّلَ على رُؤُوس الْأَنَامِلِ وَيَكُفُّ الْآخَرَ مَا اسْتَطَاعَ وَكَثِيرٌ يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ لِثَخَانَتِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ فَكَانَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يمسحه بأصابعه حَتَّى تختضب فَيَغْمِسَهَا فِي حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ وَيَرُدُّهَا وَقَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ ذَلِكَ فَرَاعَى مَالِكٌ قَدْرَ النَّجَاسَةِ وَتَفَاحُشِهَا وَرَاعَى عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَوَاضِعَ دُونَ الْقَدْرِ وَكثير يذهبه الفتل فَهَذَا يَخْرُجُ لِغَسْلِهِ وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ بَعْدَ الْغَسْلِ إِنْ شَاءَ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَيَخْرُجَ مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا رُخْصَةٌ عَلَى خِلَافِ الْأُصُولِ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَإِذَا خَرَجَ فَلَهُ شُرُوطٌ سِتَّةٌ أَنْ يُمْسِكَ أَنْفَهُ وَأَنْ يَغْسِلَ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِع وَأَن لَا يمشي على نَجَاسَة وَأَن لَا يتَكَلَّم عمدا وَلَا سَهوا وَأَن لَا يتلطخ كثير من جسده أَو ثِيَابه وَأَن لَا يَبْعُدَ الْمَكَانُ جِدًّا وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَاحِبُ الطَّرَّازِ وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة تَبْطُلُ طَهَارَتُهُ وَيَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ النَّجِسَ يُبْطِلُ الْوُضُوءَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَنْهُ لَنَا مَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمُوَطَّأ أَيْضا مِثْلُ هَذَا فِي مُخَالَفَةِ الْأُصُولِ لَا يُقْدِمُ السَّلَفُ عَلَيْهِ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ ظَاهِرٍ فَإِنْ كَانَ تَكَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ حِينَ خُرُوجِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ تَبْطُلُ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا تَكَلَّمَ سَهْوًا فِي غَسْلِ الدَّمِ وَالْمُسْتَخْلَفُ لم يفرغ من صلَاته حمله عِنْد خَلِيفَته وَفِي كتاب ابْن سَحْنُون إِذا تَكَلَّمَ الرَّاعِفُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ حَمَلَهُ الْإِمَامُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ تَكَلَّمَ فِي ذَهَابه نَاسِيا بطلت وَإِنْ تَكَلَّمَ فِي رُجُوعِهِ لَمْ تَبْطُلْ وَجْهُ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا انْسِلَاخُهُ مِنْ هَيْئَةِ الْمُصَلِّينَ بِالرُّعَافِ وَالْكَلَام وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث إِن كَانَ مَطْعُونًا عَلَيْهِ مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ.
وَرَأَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ حَالَةَ الرُّجُوعِ إِقْبَالٌ عَلَى الصَّلَاةِ فَيَكُونُ الْكَلَامُ مُنَافِيًا لَهَا بِخِلَافِ الذَّهَابِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ سَهَا وَالْمَأْمُومُ رَاجِعٌ فَوَجَدَ الْإِمَامَ قَدْ سَلَّمَ لَمْ يَلْزَمْهُ سَهْوُهُ قَالَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ أَبْطَلَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ عَمْدًا حَالَةَ خُرُوجِ الْمَأْمُومِ بَطَلَتْ عَلَيْهِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَلَوْ مَشى على عشب يَابِس بطلت صلَاته عِنْد سَحْنُونٍ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدُوسٍ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَإِنْ كَانَ لَيْلًا فَلْيُدَلِّكْ نَعْلَهُ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَسْفَلِهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسَامَحَةِ فِي الرَّطْبِ إِذَا دُلِّكَ فضلا عَن العشب وَقد تقدم فِي الطَّهَارَة معنى العشب وَلم يفرق وَأَمَّا فِي الْجَوَاهِرِ فَقَدْ حُكِيَ فِي الْكَلَامِ سَهْوًا وَالْمَشْيُ عَلَى النَّجَاسَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَبْطُلُ مُطْلَقًا لَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الرُّجُوعِ فَتَبْطُلُ وَبَيْنَ الذَّهَابِ فَلَا تَبْطُلُ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَا إِمَامًا وَلَا غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ أَبُو الطَّاهِرِ.
تَفْرِيعٌ:
فَإِنْ آثَرَ الرَّاعِفُ ابْتِدَاءَ الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا فَلْيَأْتِ بِمَا يُنَافِيهَا لِئَلَّا يَكُونَ قَدْ زَادَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَإِنِ ابْتَدَأَهَا وَلَمْ يَقْطَعْهَا فَسَدَتْ وَإِنْ آثَرَ التَّمَادِيَ حَيْثُ قُلْنَا لَهُ الْخُرُوجُ فَإِنْ وَقَفَ الدَّمُ فَتَلَهُ عَلَى أَنَامِلِهِ فَإِنْ زَادَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَفْتِلُهُ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعٍ إِلَى الْأُنْمُلَةِ فَإِنْ وَصَلَ إِلَى الْوُسْطَى أَعَادَ صَلَاتَهُ احْتِيَاطًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا زَادَ عَلَى الْأَنَامِلِ الْأُوَلِ وَابْتَلَّتِ الْأَصَابِعُ كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا لَا يُبَاحُ لَهُ الْبِنَاءُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هَذَا التَّحْدِيدُ عَسِيرٌ بَلْ يُقَالُ مَا لَا يَزِيدُ على رُؤُوس الْأَنَامِلِ لَا يَجِبُ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْهُ لِأَنَّهَا حَالَةُ السَّلَفِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفْتِلَهُ بِإِبْهَامِهِ فَإِنْ عَسُرَ فَتْلُهُ وَجَبَ الِانْصِرَافُ فَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفْ فَسَدَتِ الصَّلَاةُ قَالَ وَهَذَا الْفَتْلُ إِنَّمَا شُرِعَ فِي مَسْجِدٍ مُحْصِبٍ غَيْرِ مَفْرُوشٍ حَتَّى ينزل المفتول فِي ذَلِك الْحَصْبَاءِ أَمَّا الْمَفْرُوشُ فَيَخْرُجُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَسِيلُ أَوْ يَقْطُرُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُ الْمَوْضِعَ وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَخْرُجُ لِكَوْنِ الدَّمُ لَا يَنْقَطِعُ بِغَسْلٍ وَلَا غَيْرِهِ فَأَضَرَّ بِهِ الدَّمُ قَالَ صَاحب الطّراز قَالَ ملك يُوصي بِالصَّلَاةِ وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ يَأْمُرُ بِذَلِكَ فِي هَذِه الْحَالة وَاخْتلف فِي تَفْسِيرِ الضَّرَرِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعْنَاهُ فِي جِسْمِهِ كَالْأَرْمَدِ إِذا سجد يتَضَرَّر رَأسه وَوَجهه وَكَذَلِكَ هَذَا وَلِأَنَّ الْمَوَادَّ تَنْصَبُّ إِلَى الْوَجْهِ وَالْأَنْفِ حَالَة الرُّكُوع وَالسُّجُود فتكثر الدِّمَاء فيضربه الاستفراغ وَقَالَ غَيره بل مَعْنَاهُ يتَضَرَّر بِالتَّلْوِيثِ كَمَا قُلْنَا فِي الطِّينِ الْخَضْخَاضِ يُصَلِّي فِيهِ إِيمَاءً لِيَسْلَمَ مِنَ التَّلْوِيثِ وَالدَّمُ أَقْبَحُ مِنَ الطِّينِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ فَإِنَّ الْعَجْزَ عَنْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ لَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَمَا قُلْنَا فِي الْعَجْزِ عَنِ السُّتْرَةِ فِي الْعُرَاةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّمِ وَالطِّينِ أَنَّ الطين يدْخل فِي الْعَينَيْنِ وَالْأَنْفِ فَيَشْغَلُ عَنِ الصَّلَاةَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِيمَاءِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُومِئ للرُّكُوع وَالسُّجُودِ وَيَقُومُ وَيَقْعُدُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ يُومِئُ لِلسُّجُودِ وَيَأْتِي بِالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ قَالَ وَهُوَ أطهر وَإِذا صلى بإيماء انْقَطع الدَّمُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَالَ أَعَادَ عِنْدَ أَشْهَبَ قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ.
الثَّالِثُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَعَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَذَهَبَ لِغَسْلِ الدَّمِ يُصَلِّي فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمَسْجِدِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الرُّعَافُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَيَقْتَصِرُ مِنْهُ عَلَى الضَّرُورَةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ لِأَجْلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي الْتَزَمَهَا فِي صَلَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ إِنْ رَجَا رَكْعَةً رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ نَافِلَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَيْهَا قَالَ فَلَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ لِفَضِيلَةِ الْبُقْعَةَ عِنْدَ مَالِكٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَرْجِعُ فَإِنْ قَدَّرَ انْصِرَافَ الْإِمَامِ فَأَتَمَّ مَكَانَهُ وَتبين خَطؤُهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم تجزيه لِأَنَّهُ عَمِلَ مَا يَجُوزُ لَهُ مِنَ الِاجْتِهَادِ وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ إِذَا قَدَّرَ بَقَاءَهُ فَأَخْطَأَ..
تَنْبِيهٌ:
تعَارض هَهُنَا مَحْذُورَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ بَعْدَ الْتِزَامِ الصَّلَاةِ مَعَهُ لَا تَجُوزُ وَالثَّانِي الْحَرَكَاتُ إِلَى الْأَمَامِ فِعْلٌ زَائِدٌ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ وَلَا بُد لِلرَّاعِفِ مِنْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ فَيَحْتَاجُ إِلَى الْخُرُوج فَالْمَشْهُورُ مُرَاعَاةُ الْأَوَّلِ وَوُجُوبُ الرُّجُوعِ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ وُجُوبَ الِاقْتِدَاءِ رَاجِحٌ بِالِاسْتِصْحَابِ لِثُبُوتِهِ قَبْلَ الرُّعَافِ بِخِلَافِ الْآخَرِ وَثَانِيهَا أَنَّ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا تَمْنَعُ وَتُفْسِدُ إِذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنَ الْقُرْبَةِ وَهَذِهِ وَسِيلَةٌ لِلْقُرْبَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ فَتَكُونُ قُرْبَةً وَثَالِثُهَا أَنَّ هَذِهِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ فَتُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْحَرَكَاتِ وَلَا تُؤَثِّرُ فِي تَرْكِ الِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ جَوَّزَتْهُ الزِّيَادَةُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ بِطُولِ الِانْتِظَارِ لِأَجْلِ الِاقْتِدَاءِ الَّذِي لَمْ يَجِبْ فَكَيْفَ إِذَا وَجَبَ وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْجَامِعِ وَلَوْ عَلِمَ انْصِرَافَ النَّاسِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ الْجَامِعَ مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِهَا فَلَا تَصِحُّ دُونَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ إِذَا انْصَرَفَ النَّاسُ أَتَمَّ الْجُمُعَةَ فِي أَدْنَى مَوْضِعٍ يُصَلِّي فِيهِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلِأَنَّ الْمَسْجِدَ إِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ الشُّرُوطِ وَقَدْ فَاتَتِ الْجَمَاعَةُ وَالْإِمَامُ فَلَا يَجِبُ الْجَامِعُ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ أَحَدٌ ثَمَّةَ رَكْعَةً وَهُوَ مَسْبُوقٌ لَأَتَمَّهَا ثَمَّةَ مُنْفَرِدًا وَكَذَلِكَ الرَّاعِفُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِقْلَالُ كُلِّ شَرْطٍ بِنَفْسِهِ وَأَنَّ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ عَنِ الْجَامِعِ إِنَّمَا تَصِحُّ لأجل اتِّصَاله بالصفوف فَهِيَ ضَرُورَة منفية هَهُنَا وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَيْلٌ يُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَهُوَ يَجْرِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهَا هِيَ فَيُضِيفُ إِلَيْهَا أُخْرَى مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ وَيُعِيدُ أَرْبَعًا لِعَدَمِ شَرْطِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ الْمَسْجِدُ فَإِنْ أَتَمَّ فِي الْجَامِعِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَتَيْ سَهْوٍ قَالَ مَالك اللَّتَان قَبْلَ السَّلَامِ لَا يَسْجُدْهُمَا إِلَّا فِي الْجَامِعِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ سَجَدَهُمَا فِي غَيْرِهِ لَمْ يُجْزِيَاهُ لِأَنَّهُمَا مِنْ نَفْسِ الْجُمُعَةِ.
الرَّابِعُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَعَفَ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ فَوجدَ الإِمَام جَالِسا جلس مَعَه وَسلم ثمَّ قضى لِأَنَّهُ مَأْمُوم بجب عَلَيْهِ الِاتِّبَاعُ وَالْقَضَاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ الْأُولَى بِسَجْدَتَيْهَا وَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ ابْتَدَأَ ظُهْرًا أَرْبَعًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِهَا جُمُعَةً لَصَلَّاهَا فَذًّا وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَإِذَا قُلْنَا يَبْتَدِئُ الظُّهْرَ فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ الْإِحْرَامَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَقْطَعُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِمَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَلَا يُدْخِلُهُ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يَقْطَعُ عِنْدَ سَحْنُونٍ مُطْلَقًا لِأَنَّ إِحْرَامَهُ قَدِ انْعَقَدَ عَلَى فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ مُدْرِكِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مَعَ الْإِمَامِ وَسَبَقَ فِي غَيْرِهِ لَا سِيَّمَا قَدْ يَكُونُ قَدْ حَضَرَ الْقِرَاءَةَ أَوِ الرُّكُوعَ وَهَذِهِ قُرُبَاتٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُهْمَلَ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ الْإِجْمَاعَ فِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إِذَا لَمْ يَطْمَعْ فِي إِدْرَاكِ جَمَاعَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا التَّشَهُّدُ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالدُّخُولِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَخَيَّرَهُ أَشْهَبُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ رَكْعَةٍ فِي الْجُمُعَةِ فَلَمَّا عَادَ نَسِيَ أُمَّ الْقُرْآنِ حَتَّى رَكَعَ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَتُجْزِئُهُ وَقِيلَ يَبْتَدِئُ الْقِرَاءَةَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ إِذَا ذَكَرَ بَعْدَ سَجْدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ سَجْدَتَا السَّهْوِ وَيُلْغِي تِلْكَ الرَّكْعَةَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَسَجْدَةٍ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ ظُهْرًا أَرْبَعًا لِوُصُولِ السَّهْوِ نِصْفَ الصَّلَاةِ فَيَسْجُدُ رَجَاءَ الْإِجْزَاءِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ وَيُعِيدُ ظُهْرًا لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ مِنَ الْفَذِّ.
الْخَامِسُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَبْنِي عَلَى أقل من رَكْعَة ويلغي مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا وَلَوْ سَجْدَةً كَانَتِ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا مُنْفَرِدًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُلْغَى أَقَلُّ مِنَ الرَّكْعَةِ مُطْلَقًا وَلَا يَلْغِي شَيْئًا مُطْلَقًا إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ الِابْتِدَاءُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ بَنَى أَجْزَأَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إِنْ رَأَى أَنَّ الْأَقَلَّ مِنَ الرَّكْعَةِ فِي الْأُولَى أَلْغَاهُ وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ بَنَى عَلَيْهِ وَجْهُ الْمَذْهَبِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَقِيَاسًا عَلَى أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ فِي أَوَاخِرِ الْأَوْقَاتِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الرُّعَافَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَيَبْنِي فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَامْتَنَعَ فِي الْجُمُعَةِ لِفَوَاتِ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامِ اللَّذَيْنِ هُمَا شَرْطٌ وَجْهُ التَّخْيِيرِ تَعَارَضُ الْأَدِلَّةِ وَجْهُ الْفَرْقِ الْقِيَاسُ عَلَى النَّاعِسِ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَبْنِي وَيَلْحَقُ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يُلْغِيهَا وَالْفَرْقُ الْمَشْهُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاعِسِ أَنَّ مُنَافَاةَ الرُّعَافِ لِلصَّلَاةِ أَشَدُّ مِنَ النُّعَاسِ فَإِنَّهُ فِيهِ مُفَارَقَةُ الْمَكَانِ وَالْهَيْئَةِ وَإِذَا قُلْنَا يَبْنِي عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَرَعَفَ وَهُوَ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ رَفَعَ وَخَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُجْزِئُهُ هَذَا الرَّفْعُ وَلَا يَعُودُ إِلَى رُكُوعِهِ وَلَا سُجُودِهِ.
قَاعِدَةٌ:
الْمُوَالَاةُ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ رَكَعَاتِهَا وَلَا بَيْنَ أَجْزَاءِ رَكَعَاتِهَا فَمَنْ لَاحَظَ أَنَّ الرُّعَافَ مُخِلٌّ بِهَا سَوَّى بَيْنَ الرَّكَعَاتِ وَأَجْزَائِهَا لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ وَمَنْ لَاحَظَ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ كَالْعِبَادَةِ الْمُسْتَقِلَّةِ وَالصَّلَاةِ الْمُنْفَرِدَةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدْ خَصَّصَهَا بِأَحْكَامٍ إِدْرَاكُ الْأَوْقَاتِ وَفَضِيلَةُ الْجَمَاعَاتِ وَالْجِهَاتِ وَتَحْصِيلُ الْأَدَاءِ بِإِدْرَاكِهَا دُونَ الْقَضَاءِ فَصَارَتْ أَوْلَى بِالْمُوَالَاةِ فِي نَفْسِهَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِهْمَالِ الْمُوَالَاةِ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ إِهْمَالُهَا فِي الرَّكْعَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
السَّادِسُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا فَارَقَ الْإِمَامُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ رَجَعَ وَوَجَدَ الْإِمَامَ انْصَرَفَ قَعَدَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَإِنْ رَعَفَ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الْإِمَامُ سلم وأجزت عَنْهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ مَعْنَاهُ يَرْجِعُ إِلَى طَمَعٍ فِي إِدْرَاكِ الْإِمَامِ وَالْخِلَافُ مَعَ ابْنِ شَعْبَانَ عَلَى مَا مَرَّ إِنْ كَانَ فِي جُمْعَةٍ أَوْ فِي الْحَرَمَيْنِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَا يُسَلِّمُ حَتَّى يَغْسِلَ الدَّمَ إِنْ كَانَ كَثِيرًا لِأَنَّ السَّلَامَ رُكْنٌ حُجَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ وُقُوعَ السَّلَامِ مَعَ الرُّعَافِ أَخَفُّ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ فِي الصَّلَاةِ لِإِزَالَةِ الدَّمِ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَلَوْ فَارَقَهُ بَعْدَ سَجْدَةٍ مِنَ الْأُولَى فَوَجَدَهُ فِي رُكُوعِ الثَّانِيَةِ لَا يُضِيفُ سَجْدَةً لِتِلْكَ السَّجْدَةِ وَيُلْغِيهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِيمَنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ مِنَ الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ بَعْدَ سَلَامِ الإِمَام أَنه نسي سَجْدَة أَنه يسْجد وتجزيه جُمْعَتُهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِالسَّجْدَةِ وَتُجْزِئُهُ الْأُولَى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّاعِفَ عَقَدَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ رَكْعَةً فَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ وَالنَّاعِسُ بِخِلَافِ السَّاهِي عَنْ سَجْدَةٍ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِنَّ السَّلَامَ عِنْدَ أَشْهَبَ لَيْسَ فِي حُكْمِ عَقْدِ رَكْعَةٍ وَوَافَقَهُ الْمَازِرِيُّ عَلَى الْإِنْكَارِ.
السَّابِع:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا فَارَقَهُ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنَ الظُّهْرِ وَعَادَ إِلَيْهِ فِي الرَّابِعَةِ يَتْبَعُهُ فِيهَا وَلَا يَقْضِي مَا فَاتَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُخَالَفَةِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ».
قَالَ صَاحب الطّراز: قَوْلُهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَضَاءٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا وَلَا يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأُولَى ثَالِثَةُ إِمَامِهِ وَيَكُونُ بَانِيًا فِي الْفِعْلِ قَاضِيًا فِي القَوْل فيجتمع الْقَضَاء وَالْبناء هَا هُنَا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إِحْدَاهَا تَفُوتُهُ الْأُولَى وَيُصَلِّي الثَّانِيَةَ وَتَفُوتُهُ بَقِيَّةُ الصَّلَاةِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالْبِنَاءِ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَجْعَلُهَا ثَانِيَةً ثُمَّ يَأْتِي بِأُخْرَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَجْلِسُ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ مَعَ إِمَامِهِ ثُمَّ رَكْعَةُ الْقَضَاءِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ يَبْدَأُ بِالْقَضَاءِ يَأْتِي بِالْأُولَى بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِالرَّابِعَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَقُومُ ثُمَّ بِرَكْعَةِ الْقَضَاءِ وَنَظِيرُهُ مُقِيمٌ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَهَكَذَا يَفْعَلُ عِنْدَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ تَصِيرُ صَلَاتُهُ كُلُّهَا جُلُوسًا وَالْبِنَاءُ أَرْجَحُ لِأَنَّ حُكْمَ الْأُولَى فِي الْمَسْبُوقِ أَنْ تُؤَخَّرَ إِلَى بَعْدِ الْفَرَاغِ وَثَانِيهَا تَفُوتُهُ الْأُولَى وَيُصَلِّي الْوُسْطَيَيْنِ وَمَنْ رَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ فَصَلَّى قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالرَّابِعَةِ وَتَكُونُ ثَالِثَةً وَيَجْلِسُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَقُومُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يَقْضِي الْأُولَى بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَثَالِثُهَا تَفُوتُهُ الْأُولَيَانِ وَيُصَلِّي الثَّالِثَةَ وَتَفُوتُهُ الرَّابِعَةُ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَهِيَ ثَانِيَةٌ لَهُ فَيَجْلِسُ وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ متواليتين بِالْحَمْد لِلَّهِ وَسُورَةٍ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ يَأْتِي بِالْأُولَيَيْنِ قَبْلَ الرَّابِعَةِ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا كَمَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مِنَ الْمَغْرِبِ.
الثَّامِنُ:
إِنْ فَاتَتْهُ الْأُولَى وَأَدْرَكَ الثَّانِيَةَ وَرَعَفَ فِي الثَّالِثَةِ وَأَدْرَكَ الرَّابِعَةَ قَالَ سَحْنُونٌ يَأْتِي بِالَّتِي سَبَقَهُ بِهَا ثُمَّ بِالَّتِي رَعَفَ فِيهَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْتَدِئُ بِالَّتِي رَعَفَ فِيهَا وَهَلْ يَجْلِسُ لَهُمَا يَأْتِي عَلَى حُكْمِ مَا تَقَدَّمَ.
التَّاسِعُ:
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ اخْتُلِفَ فِي الرَّاعِفِ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ وَالْعِيدِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَرْجِعُ بَعْدَ الْغَسْلِ إِلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ مِنْ سُنَنِهَا وَلَوْ أَتَمَّ فِي بَيْتِهِ أَجَزَأَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ خَافَ فَوَاتَهَا لَمْ يَنْصَرِفْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَبَّرَ عَلَى الْجِنَازَةِ شَيْئًا وَلَا صَلَّى رَكْعَةً مِنَ الْعِيدَيْنِ.
الْعَاشِرُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَاءَ عَامِدًا أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ الرُّعَافِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ الْقَيْءُ النَّجِسُ الْخَارِجُ عَنْ صِفَةِ الطَّعَامِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ وَالطَّاهِرُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُتَعَمَّدِ وَغَيْرِهِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِنْ تَقَيَّأَ بَلْغَمًا أَوْ قَلْسًا فَأَلْقَاهُ تَمَادَى وَإِنِ ابْتَلَعَ الْقَلَسَ بَعْدَ ظُهُورِهِ عَلَى لِسَانِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَإِنْ كَانَ سَهْوًا بَنَى وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْقَيْءُ النَّجِسُ هَلْ يَغْسِلُهُ عَنْهُ وَيَبْنِي فَعِنْدَ أَشْهَبَ يَبْنِي فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ وَعِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ يَبْنِي فِي الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَا عِنْدَهُ مُوجِبَيْنِ لِلْوُضُوءِ وَالْبِنَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرُّعَافِ وَالْقَيْءِ عِنْدَنَا أَنَّ الْقَيْءَ فِيهِ تَفْرِيطٌ بِسَبَبِ أَنَّ أَسْبَابَهُ تَتَقَدَّمُ بِحَسِّ الْغَثَيَانِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الرُّعَافِ.
الْحَادِيَ عَشَرَ:
إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ رَعَفَ فَخَرَجَ ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الرُّعَافِ فَعِنْدَ مَالِكٍ لَا يَبْنِي لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ يَبْنِي لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ قَالَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ.
الثَّانِيَ عَشَرَ:
قَالَ لَوِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ صَبَّ الْمَطَرَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ رَعَفَ غَسَلَ عَنْهُ الدَّمَ وَلَمْ يُبْطِلْ صَلَاتَهُ فَإِنْ أَحَبَّ قَطَعَ صَلَاتَهُ بِالرُّعَافِ فَتَكَلَّمَ وَلَوْ وَجَدَ مِنَ الْمَاءِ قَدْرَ مَا يَغْسِلُ بِهِ الدَّمَ فَقَطْ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ لَمْ يَبْطُلْ بِصَلَاتِهِ بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِ بِالْغَسْلِ أَوْ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اخْتِبَارُ الْمَاءِ هَلْ يَكْفِيهِ أَمْ لَا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالطَّلَبِ أَو لَا تبطل وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي.
الثَّالِثَ عَشَرَ:
قَالَ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْمَأْمُومَ يَبْنِي فِي الرُّعَافِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَذِّ فَأَجَازَ مَالِكٌ لَهُ الْبِنَاءَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ لِأَنَّهُ مَعْنَى لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُصَلُّونَ كَالسَّلَامِ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَلِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فَقَطْ وَأَمَّا الثَّوْبُ فَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَ طَرَفُ عِمَامَتِهِ عَلَى نَجَاسَةٍ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إِنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ فَهُوَ مُصَلٍّ بِالنَّجَاسَةِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي السُّلَيْمَانِيَّةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَتِ الْعِمَامَةُ طَوِيلَةً نَظَرًا لِلِاتِّصَالِ وَيَجِبُ صَوْنُ الثِّيَابِ وَمَا يُلَابِسُهَا عَنِ النَّجَاسَاتِ صَوْنًا لِلْعِبَادَاتِ عَنْ دَنِيءِ الْهَيْئَاتِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قُطِّرَ عَلَى الْإِمَامِ نَجَاسَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ الثَّوْبِ وَلَا مَعَهُ غَيْرُهُ تَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ خَرَجَ وَاسْتَخْلَفَ فَإِنْ كَانَ فَذًّا قَطَعَ وَابْتَدَأَ بِالثَّوْبِ الطَّاهِرِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِوَاهُ فَالْقِيَاسُ الِاسْتِخْلَافُ لِلْإِمَامِ وَالْقَطْعُ لِلْفَذِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْقَطْعَ أَحَبُّ إِلَيْهِ لِأَنَّ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ طَرَحَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي سَلَا الْجَزُورِ وَغَسَلَتْهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَرُوِيَ أَنَّهُ فَرْثٌ وَدَمٌ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَقَبْلَ تَحْرِيمِ ذَبَائِحِ الْمُشْرِكِينَ وَالسَّلَا وِعَاءُ الْوَلَدِ فَهُوَ كَلَحْمِ النَّاقَةِ الْمُذَكَّاةِ وَكَذَلِكَ الْفَرْثُ طَاهِرٌ عِنْدَنَا وَلَعَلَّ الدَّمَ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَسِيرٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِذَا قُلْنَا لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِالْعِمَامَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالنَّجَاسَةِ فَمَنْ صَلَّى وَمَعَهُ حَبْلٌ طَرَفُهُ مَرْبُوطٌ بِمَيْتَةٍ فَإِنْ كَانَ الْحَبْلُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْبِسَاطِ وَإِنْ كَانَ مَشْدُودًا بِهِ وَلم تُجْزِهِ وَهُوَ قَوْلُ (ش) وَلَوْ كَانَ مَرْبُوطًا فِي أُذُنِ دَنِّ خَمْرٍ وَالْأُذُنُ طَاهِرَةٌ لَمْ يَنْفَعهُ ذَلِك لِأَن الْأذن مُتَّصِل بِالنَّجَاسَةِ لَو كَانَ مَرْبُوطًا بِقَارِبٍ فِيهِ النَّجَاسَةُ أَوْ جِرَارُ خَمْرٍ أَوِ الْقَارِبُ فِي مَاءٍ نَجِسٍ فَإِنْ كَانَ الرِّبَاطُ فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِمَوْضِعٍ طَاهِرٍ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ مَشَى عَلَى جَنْبِ النَّهْرِ لَتَحَرَّكَ الْقَارِبُ بِمَا فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ كَدَنِّ الْخَمْرِ أَوِ الْمَيْتَةِ أَوْ يُقَالُ إِنَّمَا مَسَكَ الْقَارِبَ وَالنَّجَاسَةُ جَاوَرَتْهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ رَبَطَهُ فِي دَابَّة واقفة على شَيْء نجس وللشافعية هَهُنَا قَوْلَانِ فَإِنْ قُلْنَا فِي الدَّابَّةِ لَا تُجْزِيهِ وَكَانَ مَشْدُودًا فِي رَأْسِ دَابَّةٍ وَعَلَيْهَا رَحْلٌ نجس فَيظْهر هَهُنَا أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ لَهَا فِعْلٌ وَهِيَ الَّتِي تُعَدُّ حَامِلَةً لِلنَّجَاسَةِ بِخِلَافِ الْقَارِبِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعُودِ الْمُتَنَجِّسِ وَلِهَذَا تُؤَثِّرُ النَّجَاسَةُ الَّتِي تَقُومُ فِيهَا بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الَّتِي تَقِفُ عَلَيْهَا الدَّابَّةُ.
فَرْعٌ فِي الْكِتَابِ:
إِنْ صَلَّى وَمَعَهُ لَحْمُ مَيْتَةٍ أَوْ عَظْمُهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ جِلْدُهَا إِذَا دُبِغَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ وَتَوَقَّفَ فِي الْكَيْمَخْتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ صَلَّى بِلَحْمِهَا نَاسِيًا وَبِجِلْدِهَا الْمَدْبُوغِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَتَوَقَّفَ فِي الْكَيْمَخْتِ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي سُيُوفِ الصَّحَابَةِ وَهُمْ يُصَلُّونَ بِهَا.
فَائِدَةٌ:
فِي التَّنْبِيهَاتِ الْكَيْمَخْتِ بِفَتْحِ الْكَافِ بَعْدَهَا يَاءٌ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا سَاكِنَةٌ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ تَاءٌ بِاثْنَتَيْنِ فَوْقَهَا وَهُوَ جِلْدُ الْفَرَسِ وَشَبَهُهُ غَيْرُ مُذَكَّى فَارِسِيٌّ اسْتُعْمِلَ وَأَمَّا الْمَكَانُ فَلْيَكُنْ كُلُّ مَا يَمَاسُّهُ عِنْدَ الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ طَاهِرًا وَأَمَّا مَا لَا يُلَابِسُهُ فَلَا يَضُرُّهُ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى طرف حَصِير بطرفه الآخر نَجَاسَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذَا كَانَ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ طَاهِرًا صَحَّتِ الصَّلَاةُ وَلَوْ كَانَ مَوْضِعُ رُكْبَتَيْهِ نَجِسًا وَفِي الْجَبْهَةِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ لَا يَجِبُ السُّجُودُ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ تَطْهِيرِ مَا يَجِبُ السُّجُودُ عَلَيْهِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ الثَّوْبُ النَّجِسُ الزَّائِدُ الَّذِي لَا يَجِبُ لُبْسُهُ مَعَ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِهِ.
فَائِدَةٌ:
قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ الْجَسَدُ يَجِبُ تَطْهِيرُهُ وَأَمَّا الثَّوْبُ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ فَرْضٌ إِلَّا فِي تَرْكِ النَّجِسِ مِنْهُ أَوْ وُجُوبِ الْإِزَالَةِ إِنِ اخْتَارَهُ أَوْ وَجَبَ لُبْسُهُ يُرِيدُ أَنَّ الْجَسَدَ إِذَا كَانَ نَجِسًا تَوَجَّهَ الْخِطَابُ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ فِعْلِ الصَّلَاةِ بِدُونِهِ وَأَمَّا الثَّوْبُ فَلَا يَجِبُ تَطْهِيرُهُ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الشَّرْعِ بِالتَّرْكِ فَإِنِ اخْتَارَهُ الْمُكَلَّفُ لِسُتْرَتِهِ أَوْ وَجَبَ لُبْسُهُ لِعَدَمِ غَيْرِهِ صَارَ كَالْجَسَدِ تَجِبُ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَتَّجِهُ فِي الْمَكَانِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ صَلَّى عَلَى حَصِيرٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَنْتَقِلُ وَطَرَفُهُ مُتَّصِلٌ بِنَجَاسَةٍ فَفِي تَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْمُتَّصِلِ بِجَسَدِهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ وَاخْتَارَ عَبْدُ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يَتَنَزَّلُ وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْكِتَابِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالَّذِي رَأَيْتُهُ لِعَبْدِ الْحَقِّ خِلَافَ هَذَا وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ فِي الْحَصِيرِ وَبَيَّنَهَا قَالَ وَإِنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ فَالْمُخْتَارُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ شُيُوخِنَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَمِنْهُمْ مَنْ رَاعَى تَحْرِيكَ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقَوْلُنَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَةِ الْمُصَلِّي مُبَايِنٌ لِقَوْلِنَا هُوَ مِمَّا يَتَنَقَّلُ وَلَا يَحْسُنُ تَمْثِيلُهُ بِالْحَصِيرِ فَإِنَّهُ يَتَنَقَّلُ وَلَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَةِ الْمُصَلِّي.

وَيَلْحَقُ بِالْمَكَانِ النَّجِسِ مَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا:
أَحَدُهَا:
قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ وَأَمَامُهُ جِدَارُ مِرْحَاضٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ طَاهِرًا لَا رَشْحَ فِيهِ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً ابْتِدَاءً لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى أَحْسَنِ الْهَيْأَتِ مُسْتَقْبِلًا أَفْضَلَ الْجِهَاتِ لِأَنَّهُ يُنَاجِي اللَّهَ تَعَالَى وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا كَانَ أَمَامَهُ مَجْنُونٌ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ صَبِيٌّ أَوِ امْرَأَةٌ فَلْيَتَنَحَّ عَنْهُمْ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ فَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ يُرْشَحُ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ بِغَيْرِ إِعَادَةٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ تَعَمَّدَ الصَّلَاةَ إِلَى نَجَاسَةٍ أَمَامَهُ أَعَادَ إِلَّا أَنْ تَبْعُدَ جِدًّا وَيُوَارِيهَا عَنْهُ بِشَيْءٍ فَقَاسَ الْمُصَلَّى إِلَيْهِ عَلَى الْمُصَلَّى عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَقِيسُهَا عَلَى مَا عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ خَلْفِهِ.
وَثَانِيهَا: الثَّلْجُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الثَّلْجِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُكْرَهُ لِفَرْطِ بُرُودَتِهِ الْمَانِعَةِ مِنَ التَّمَكُّنِ مِنَ السُّجُود كالمكان الْحَرج.
وَثَالِثُهَا:
الْمَقْبَرَةُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ إِلَى الْقَبْرِ وَفِي الْمَقْبَرَةِ وَبَلَغَنِي أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَمَنَعَ ابْنُ حَنْبَلٍ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَى الْقَبْرِ وَفِي الْمَقْبَرَةِ وَالْمَقْبَرَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمِينَ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَإِمَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ نَبْشُهَا أَوْ عَدَمُهُ أَوْ يَشُكَّ فِي ذَلِكَ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ مَنَعَ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ جَمِيعَ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَمَرَّةٌ حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى التَّعَبُّدِ لَا عَلَى النَّجَاسَةِ فَحَكَمَ بِالصِّحَّةِ وَفَرَّقَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكين فَمنع من قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ وَقَالَ يُعِيدُ فِي الْعَامِرَةِ أَبَدًا فِي الْعَمْدِ وَالْجَهْلِ لِبَقَاءِ نَبْشِهَا النَّجِسِ وَلَا يُعِيدُ فِي الداثرة لذهاب نبشها وَبَين قُبُور الْمُسلمين فَلم يمْنَع كَانَت داثرة أَوْ عَامِرَةً قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ عَلَى أَنَّ الْمَقْبَرَةَ لَمْ تُنْبَشْ أَمَّا الْمَنْبُوشَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا صَدِيدُ الْأَمْوَاتِ وَمَا فِي أَمْعَائِهِمْ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ مَالِكٌ حجتنا أَن مَسْجده عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ مَقْبرَة للْمُشْرِكين فنبشها عَلَيْهِ السَّلَام وَجَعَلَ مَسْجِدَهُ مَوْضِعَهَا وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فَرَجَّحَ مَالِكٌ الْأَصْلَ وَغَيْرُهُ الْغَالِبَ حُجَّةُ الْمُخَالِفِ مَا فِي التِّرْمِذِيِّ نَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ فِي المزيلة وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَقْبَرَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَفِي الْحمام وَفَوق ظهر بَيت الله عز وَجل وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا».
رَابِعُهَا: الْحَمَّامُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ مَوْضِعُهُ طَاهِرًا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ مَعَ سَطْحِهِ وَجْهُ الْمَذْهَبِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسلم: «وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وترابها طَهُورًا» حُجَّةُ الْكَرَاهَةِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ النَّجَاسَاتِ وَكَشْفُ الْعَوْرَاتِ.
خَامِسُهَا: أَعْطَانُ الْإِبِلِ أَجَازَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَقَالَ لَا خَيْرَ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يُصَلَّى فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَلَوْ بَسَطَ عَلَيْهَا ثَوْبًا وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ أُصَلِّي فِي مرابض الْغنم قَالَ نَعَمْ فَقَالَ أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ قَالَ لَا وَفِي أبي دَاوُد «صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ وَلَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلَ فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ» وَاخْتُلِفَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةِ مَذَاهِبَ فَقيل لِأَنَّ أَهْلَهَا يَسْتَتِرُونَ بِهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَهُوَ مَذْهَب ابْن الْقَاسِم وَابْن وهب وَابْن حبيب وَقيل لنفارها وَقيل لِكَثْرَة ترابها ووسخها فتمنع من تَمام السُّجُود ومراح الْغنم نظيف وَقيل لِأَنَّهَا تَقْصِدُ السُّهُولَ فَتَجْتَمِعُ النَّجَاسَةُ فِيهَا وَالْغَنَمُ تَقْصِدُ الْأَرْضَ الصُّلْبَةَ وَقِيلَ لِسُوءِ رَائِحَتِهَا وَالصَّلَاةُ مَأْمُور فِيهَا بِحُسْنِ الرَّائِحَةِ وَلِذَلِكَ تُبَخَّرُ الْمَسَاجِدُ وَقِيلَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَالصَّلَاةُ يَبْعُدُ بِهَا عَنْ مَوَاضِعِهِمْ.
فَرْعٌ:
مَنْ صَلَّى فِيهَا قَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ ابْنُ حبيب يُعِيد أبدا فِي الْجَهْل والعمد وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ.
فَائِدَةٌ:
رَبَضُ الْبَطْنِ مَا يَلِي الْأَرْضَ مِنَ الْبَعِيرِ وَالشَّاةِ وَجَمْعُهُ أَرْبَاضٍ وَالْمَرْبِضُ مَوْضِعُ الرَّبْضِ وَجَمْعُهُ مَرَابِضُ وَالشَّاةُ فِي الْمَرْبِضِ تُسَمَّى رَبِيضًا وَالْعَطَنُ بِفَتْح الطَّاء والمعطن بِكَسْرِهَا وَاحِدُ الْأَعْطَانِ وَالْمَعَاطِنِ وَهِيَ مَبَارِكُ الْإِبِلِ عِنْدَ الْمَاءِ لِتَشْرَبَ عَلَلًا وَهُوَ الشُّرْبُ الثَّانِي بَعْدَ نَهَلٍ وَهُوَ الشُّرْبُ الْأَوَّلُ وَعَطِنَتِ الْإِبِلُ بِالْفَتْحِ تَعْطُنُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا عُطُونًا إِذَا رَوِيَتْ ثُمَّ بَرَكَتْ فَهِيَ إِبِلٌ عَاطِنَةٌ وَعَوَاطِنُ وَعَطَنُ الْجِلْدِ تَخْلِيَتُهُ فِي فَرْثٍ وَمِلْحٍ حَتَّى يَنْتَثِرَ صُوفُهُ وَفُلَانٌ وَاسِعُ الْعَطَنِ أَيْ رَحْبُ الذِّرَاعِ.
سَادِسُهَا:
الْكَنَائِسُ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ فِيهَا لنجاستها بأقدامهم وَمَا يدخلونه فِيهَا وللصور وَقَالَ الْحَسَنُ لِأَنَّهَا بُنِيَتْ عَلَى غَيْرِ التَّقْوَى وَقِيلَ لِأَنَّهَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَقَدْ خَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ من الْوَادي لِأَنَّ بِهِ شَيْطَانًا وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ وَلَا خَيْرَ فِي مَوْضِعٍ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنْ عَلَّلْنَا بِالصُّوَرِ لَمْ نَأْمُرْ بِالْإِعَادَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالنَّجَاسَةِ قَالَ سَحْنُون يُعِيد فِي الْوَقْت وعَلى قَول ابْنِ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا فِي الْجَهْلِ وَالْعَمْدِ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَنْفَكُّ من النَّجَاسَاتِ كَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ الدَّارِسَةُ الْعَافِيَةُ مِنْ آثَارِ أَهْلِهَا فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهَا وَإِلَّا فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ دُخُولَ الْكَنَائِسِ وَالصَّلَاةِ فِيهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تُعَادُ فِي وَقت وَلَا غَيْرِهِ.
سَابِعُهَا:
قَارِعَةُ الطَّرِيقِ كَرِهَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ لِأَرْوَاثِ الدَّوَابِّ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالطَّرِيقُ الْقَلِيلَةُ الْخَاطِرِ فِي الصَّحَارِي تُخَالِفُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ مَكَانٌ مُرْتَفِعٌ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ الدَّوَابُّ وَقَدْ قَالَ مَالك فِي النَّوَادِر فِي مَسَاجِد فِي الْأَفْنِيَةِ تَمْشِي عَلَيْهَا الْكِلَابُ وَالدَّجَاجُ وَغَيْرُهَا لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْتُ فَتًى شَابًّا عَزَبَا وَكَانَتِ الْكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا من ذَلِك.
ثامنها:
فِي الْجَوَاهِر المجزرة لنجاستها واستقذارها.
تاسعها:
فِي الْجَوَاهِرِ الْمَزْبَلَةُ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ الْقِمَامَاتِ وَمُشْتَمِلَةٌ على القاذورات.
عَاشرهَا:
فِي الْجَوَاهِرِ بَطْنُ الْوَادِي لِأَنَّ الْأَوْدِيَةَ مَأْوَى الشَّيَاطِين.
حادي عشرهَا:
الْقبْلَة تكون فِيهَا التَّمَاثِيلُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي كَرَاهِيَتِهَا اعْتِبَارًا بِالْأَصْنَامِ فَإِنْ كَانَتْ فِي ستر على جِدَار الْكَعْبَةِ فَأَصْلُ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا أَكْرَهُهُ لِمَا جَاءَ إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ وَكَرِهَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ بِالْخَاتَمِ فِيهِ تِمْثَال لِأَنَّهُ من زِيّ الْأَعَاجِم:
ثَانِي عَشَرَهَا:
كَرِهَ فِي الْكِتَابِ الصَّلَاةَ إِلَى حَجَرٍ مُنْفَرد فِي الطَّرِيق أَو غَيرهَا بِخِلَاف الْحِجَارَة الْكَثِيرَة لشبهه بالأصنام.
ثَالِث عَشَرَهَا:
قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَسْتَنِدُ الْمَرِيضُ لحائض وَلَا جنب قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَثْوَابَهُمَا نَجِسَةٌ نَظَرًا إِلَى الْغَالِبِ أَمَّا إِذَا كَانَتْ طَاهِرَةً فَلَا ينْهَى عَن ذَلِك وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَأَكْثَرُ شُيُوخِنَا عَلَى أَنَّهُ بَاشَرَ نَجَاسَةً فِي أَثْوَابِهِمَا فَكَانَ كَالْمُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَالَ بَعضهم بل هما معاونان بالاستناد إِلَيْهِمَا فبهما يدْخل فِي الصَّلَاة وهما لَا تصح مِنْهُمَا الصَّلَاةِ فَلَا يُعَيِّنَانِ فِيهَا وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنِدُ مُتَوَضِّئًا وَلَا قَائِلَ بِهِ وَرَأَيْتُ فِي حَاشِيَةٍ لِبَعْضِ الْكُتُبِ كَانَ الشَّيْخُ ابْنُ الْفَخَّارِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَيَقُولُ الْحَائِضُ لَا تَنْفَكُّ عَنِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَقَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ لأَجلهَا لَا لِأَجْلِهِ لِأَنَّهُمَا لَمَّا مَنَعَا مِنَ الصَّلَاةِ وَتَوَابِعِهَا مَنَعَا مِنْ مُلَابَسَةِ الْمُصَلِّينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَقْرَبُ الْجُنُبَ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى رَدَاءَةِ حَالِهِ وَالْحَائِضُ مُلَابِسَةٌ لِلْأَقْذَارِ فَنُهِيَ عَنْ مُلَابَسَتِهَا كَالْمَزْبَلَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَإِنْ فَرَشَ فِيهَا الطَّاهِرَ.
رَابِعَ عَشَرَهَا:
قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ لَا يَتَنَزَّهُ عَنِ النَّجَاسَةِ أَعَادَ أَبَدًا.