فصل: الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يُصَلِّي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يُصَلِّي:

وَفِي الْجَوَاهِرِ أَوْلَى النَّاسِ بِالصَّلَاةِ الْوَصِيُّ إِنْ قُصِدَ بِهِ الرَّغْبَةُ فِي صَلَاحِهِ ثُمَّ وَالِي الْمِصْرِ وَصَاحِبُ الشُّرْطِ وَالْقَاضِي إِنْ كَانَ يَلِيهَا لِأَنَّ التَّقَدُّمَ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُور يخلي بِأُبَّهَتِهِمْ عِنْدَ الرَّعِيَّةِ فَتُقَدَّمُ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ عَلَى الْخَاصَّةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْوَالِي الَّذِي تُؤَدَّى إِلَيْهِ الطَّاعَةُ دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِم يَقُولُ هِيَ لِمَنْ كَانَتِ الْخُطْبَةُ لَهُ وَيَتَقَدَّمُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ الْعَصَبَةُ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْأَخ للْأَب ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ للْأَب ثمَّ الْجد ثُمَّ الْعَمُّ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ مَوَالِي النِّعْمَةِ قِيَاسًا عَلَى الْمَوَارِيثِ وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّة الْمَطْلُوب هَهُنَا مَنْ هُوَ أَبْلَغُ فِي الدُّعَاءِ فَيُقَدَّمُ الْوَلِيُّ عَلَى الْوَالِي وَالْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَالْجَدُّ عَلَى الْأَخِ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ قَدَّمَ الْحُسَيْن سعيد بن العَاصِي أَمِيرَ الْمَدِينَةِ فَدَفَعَ فِي قَفَاهُ وَقَالَ لَوْلَا السُّنَّةُ مَا قَدَّمْتُكَ ثُمَّ صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْفَقِيهُ أَوْلَى مِنَ الْمُسِنِّ لِأَنَّهُ أَقْوَمُ بِمَصَالِحِ الصَّلَاةِ قَالَ سَنَد إِذا اخْتلف الْأَوْلِيَاء فِي الايمة قدم أفضل الأيمة وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقَدَّمُ أَوْلِيَاءُ الرَّجُلِ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ لِفَضْلِ الرَّجُلِ.

.الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي الْمُصَلَّى عَلَيْهِ:

وَيُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَيِّتٍ مُسْلِمٍ حَاضِرٍ تَقَدَّمَ اسْتِقْرَارُ حَيَاتِهِ لَيْسَ بِشَهِيدٍ وَلَا صُلِّي عَلَيْهِ وَلَا فُقِدَ أَكْثَرُهُ.
فُرُوعٌ اثْنَا عَشَرَ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَمن حَده الْقَتْل فَقتله الإِمَام أَو اقْتُصَّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ يُصَلِّي عَلَيْهِ النَّاسُ دُونَ الْإِمَامِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ قَالَ وَمَنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ فَمَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِمَامَ أَمَرَ بِزُهُوقِ رُوحِ الْأَوَّلِ وَهِيَ عُقُوبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالرُّوحِ وَالصَّلَاةُ رَحْمَةٌ تَتَعَلَّقُ بِزُهُوقِ الرُّوحِ فَلَا يَسْعَى فِي رَحْمَتِهَا مَنْ سَعَى فِي عُقُوبَتِهَا لِتَنَاقُضِ الْمُنَاسَبَةِ وَأَمَرَ فِي الثَّانِي بِعُقُوبَةِ جِسْمِهِ فَلَا تنَاقض.
الثَّانِي:
قَالَ وَمَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنَ الْمغنم صبي يَعْقِلُ أَوْ أَجَابَ بِمَا ظَهَرَ مِنْهُ مَا يُعْرَفُ بِمِثْلِهِ الْإِسْلَامُ صَلَّى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ فَهُوَ عَلَى دِينِهِمَا حَتَّى يَكْبَرَ وَلَوْ كَانَا فِي مِلْكَيْنِ وَإِلَّا فَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَهُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ وَالْمِيرَاثِ وَالْعِتْقِ وَالْقَوَدِ وَالْمُعَاقَلَةِ بِمُجَرَّدِ السَّبْيِ تَنْزِيلًا لِلسِّيَادَةِ مَنْزِلَةَ الْأُبُوَّةِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِنْ طَالَتِ التَّرْبِيَةُ وَإِلَّا فَلَا وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِم فِي صغَار الْمَجُوس.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ لَا يُجْبِرُ السَّيِّدُ وَلَدَ عَبده من امته على الْإِسْلَام إِذا كَانَا كَافِرين لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَامُ: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبَوَاهُ هُمَا اللَّذَانِ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ» وَالْفَرْقُ بَينه وَبَين الأول حُرْمَة الْأَبَوَيْنِ وَالسَّبْيُ كَالصَّيْدِ مَنْ حَازَهُ تَصَرَّفَ فِيهِ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ فِي التَّبْصِرَةِ يَتْبَعُ السَّيِّدَ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلَّى عَلَى الصَّبِيِّ وَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُحَنَّطُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَقَالَهُ (ح وش) وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِطَهَارَتِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى وَلَدِهِ إِبْرَاهِيمَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام أغْنى عَن الصَّبِي من الصَّلَاةِ وَقَدْ صَلَّى عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ رُوِيَ أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى وَالْإِثْبَاتُ أَوْلَى مِنَ النَّفْيِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُوَرَّثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا» قَالَ سَنَدٌ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ مَالِكٍ الرَّضَاعُ وَلَا الْعُطَاسُ وَلَا الْحَرَكَةُ أَلْبَتَّةَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ أَقَامَ يَوْمًا يَتَحَرَّكُ وَيَتَنَفَّسُ وَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ حَتَّى يُسْمَعَ صَوْتُهُ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا لِأَنَّ الْحَرَكَةَ تَكُونُ عَنِ الرِّيَاحِ وَالْمَيِّتُ يَتَحَرَّك طَويلا وَخَالف (ح وش) فِي الْحَرَكَةِ وَالِاخْتِلَاجِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُصَلَّى عَلَى ابْنِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ حِينَئِذٍ.
تَمْهِيدٌ:
لَا خِلَافَ أَنَّ الْجَنِينَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ حَيٌّ بَعْدَ الأَرْبَعَةِ أَشْهُر وَيَدُلُّ على ذَلِك اعْتِقَاده وَنَمَاؤُهُ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الْوَارِدُ فِي نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَإِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ وَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةً فَإِن الشَّرْع لم يَعْتَبِرْهَا حَتَّى يَسْتَقِرَّ بَعْدُ الْوَضْعُ قُلْنَا حَيَاةٌ شَرْعِيَّةٌ بَعْدَ الْوَضْعِ وَحَقِيقِيَّةٌ قَبْلَهُ وَأَمَّا تَرْكُ غُسْلِهِ فَلِأَنَّهُ إِنَّمَا شُرِعَ لِلصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ قَالَ مَالك وَيغسل عِنْد الدَّمِ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ دَفْنَهُ فِي الدَّارِ لِئَلَّا يُنْبَشَ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لدفنه عَلَيْهِ السَّلَام فِي منزله.
الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ مَنِ ارْتَدَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ قَالَ سَنَد مُعظم أَصْحَابنَا اعْتِبَار ردته فِي سَائِر الْأَحْكَام إِلَّا فِي الْقَتْلَ وَقَالَ (ش) لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَلَا إِسْلَامُهُ وَوَافَقَهُ (ح) فِي رِدَّتِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِسْلَامَ يُغَلَّبُ فِي الشَّرْعِ لِتَبَعِ الْوَلَدِ أَبَاهُ فِي الْإِسْلَامِ دُونَ الرِّدَّةِ لَنَا أَنَّ الْكُفْرَ سَبَبُ الْأَحْكَامِ فِي الشَّرْعِ وَالْأَصْلُ تَرْتِيبُ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَأَمَّا الْقَتْلُ فَلَا يَكُونُ إِلَّا الْمُكَلف لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا إِذَا بَلَغَ عَلَى رِدَّتِهِ فَقِيلَ يُقْتَلُ لِأَنَّهَا حَالَةٌ يَجِبُ فِيهَا الرُّجُوعُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ لم يرجع عَن إِسْلَام بعد الْبلُوغ.
السَّادِسُ:
فِي الْكِتَابِ يُصَلَّى عَلَى أَكْثَرِ الْجَسَدِ بِخِلَافِ الرَّأْسِ وَالْيَدِ إِلْحَاقًا لِلْأَقَلِّ بِالْأَكْثَرِ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ وَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ فَإِنَّهَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ الْبَعْضُ مَجْهُولًا يُفَرَّعُ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَجْهُولِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مُسْلِمٍ يُعْلَمُ مَوْتُهُ تَجِبُ الصَّلَاةُ فَإِنْ كَانَ أَيْسَرَهُ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ حَبِيبٍ يُنْوَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ الْجُمْلَةَ وَإِنْ غَابَتِ الْجُمْلَةُ صُلِّيَ عَلَيْهَا لِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى النَّجَاشِيِّ سَوَاءً كَانَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي طَرَفِ الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى عَلَى عِظَامٍ بِالشَّامِ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَوْ صُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ وُجِدَ الْأَكْثَرُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وِفَاقًا وَإِنْ كَانَ الْمَوْجُودُ أَكْثَرَهُ مُجَمَّعًا أَوْ مُقَطَّعًا صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ نِصْفَهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ وُجِدَتِ الْأَطْرَافُ كُلُّهَا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) لِتَبَعِيَّتِهَا لِلْجَسَدِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُصَلَّى عَلَى النِّصْفِ وَلَا الْأَكْثَرِ المقطع لتعذر غسله.
السَّابِعُ:
قَالَ سَنَدٌ إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَجْهُولًا فَإِنْ كَانَ بِمَكَانٍ لَا يَدْخُلُهُ الْكُفَّارُ غَالِبًا كَمَدِينَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَدَائِنِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ صَغِيرٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَوْ وُجِدَ فِي كَنِيسَةٍ وَعَلَيْهِ زِيُّ النَّصَارَى إِذَا كَانَ فِي نَادِي الْمُسْلِمِينَ وَجَمَاعَتِهِمْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الصَّغِيرِ الْمَنْبُوذِ وَفِي الْبَلَدِ أَهْلِ كِتَابٍ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَالْحُرْمَة وَالْعَقْلِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَخْتُونًا وَعَلَيْهِ زِيُّ الْإِسْلَامِ حَتَّى يُعْلَمَ إِسْلَامُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمَنْبُوذَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إِذَا كَبِرَ وَإِنْ وَجَدَهُ كِتَابِيٌّ لَا يُقِرُّ بِيَدِهِ قَالَ وَيُوَارَى وَلَا يُسْتَقْبَلُ بِهِ قِبْلَتُنَا وَلَا قِبْلَة غَيرهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْجَهْلِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَقَالَ سَحْنُون و (ح) وَالْحَنَفِيَّة ان كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْإِسْلَامِ صُلِّيَ عَلَيْهِ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ وُجِدَ فِي فَلَوَاتِ الْمُسلمين أَو غَالب الْمُسَافِر فِيهِ الْمُسلمُونَ صُلِّيَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ فَلَوَاتِ الْكُفَّارِ فَلَوْ كَانَ لقظه فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْإِسْلَامِ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا فَلَوِ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِالْكُفَّارِ فَإِنْ كَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرَ أَوْ تَسَاوَوْا صلى عَلَيْهِم ويروى عندنَا وَعند (ش وح) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قَالَ سَحْنُونٌ وَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُصَلَّى وَيُنْوَى الْإِسْلَامُ وَقَالَهُ (ح) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُسْلِمُ وَلَيْسَ تَبَعًا لغيره بِخِلَاف بعض الْجَسَد.
الثَّامِنُ:
فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ (ح) قِيَاسًا لِلصَّلَاةِ عَلَى الْغسْل والحنوط والكفن فَإِنَّهَا لَا تُعَاد وَلذَلِك لَمْ تُعَدِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَلَّى عَلَيْهَا وَاحِدٌ فَتُعَادُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِلَى شَهْرٍ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ مِسْكِينَةً مَرضت فَأخْبر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِمَرَضِهَا وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعُودُ الْمَسَاكِينَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي بِهَا فَخَرَجُوا بِجِنَازَتِهَا لَيْلًا فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا أَصْبَحَ أُخْبِرَ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهَا فَقَالَ أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي فَقَالُوا كَرِهْنَا أَنْ نُخْرِجَكَ لَيْلًا وَنُوقِظَكَ فَخَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ وَصَلَّى عَلَى الْبَرَاءِ بَعْدَ شَهْرٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ عَمَلَ الْمَدِينَةِ أَرْجَحُ مِنَ الْخَبَر على مَا علم أَو ذَلِك لفضله عَلَيْهِ السَّلَام أَو ان حَقَّ الْمَيِّتِ فِي زَمَانِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْلِهِ: «لَا يَمُوتَنَّ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَّا آذَنْتُمُونِي» أَوْ لَعَلَّهَا دُفِنَتْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا صُلِّيَ عَلَيْهَا وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَامَ خَطِيبًا وزجر أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنهم إِذا دفنُوا لَيْلًا لَا يصلونَ التَّاسِعُ قَالَ سَنَدٌ جُمْهُورُنَا وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِ مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ تَوْفِيَةً لَحَقِّهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُصَلَّى سَدًّا لِذَرِيعَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقُبُورِ وَهَذَا إِذَا فَاتَ إِخْرَاجُهُ بِالتَّغَيُّرِ عِنْدَ مَالِكٍ أَوْ بِوَضْعِ اللَّبَنِ قَبْلَ التُّرَابِ عِنْدَ أَشْهَبَ أَوِ التُّرَابِ عِنْدَ سَحْنُونٍ لِلَعْنِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَبَّاشَ الْقُبُورِ وَلِأَنَّ جَمَاعَةً وجدوا بَعضهم حول عَن الْقبْلَة وَبَعْضهمْ تجرد مِنَ الْكَفَنِ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَإِذَا قُلْنَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ فَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ تَمَزُّقُهُ وَذَهَابُهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَإِذا صلى عَلَيْهِ إِلَى غير الْقِبْلَةِ ثُمَّ ذَكَرُوا بَعْدَ دَفْنِهِ لَمْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِنَا فَإِنْ ذكرُوا قبل الدّفن اسْتحبَّ ابْن الْقَاسِم والإعادة بِخِلَافِ سَحْنُونٍ وَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعُوا رَأْسَهُ مَوْضِعَ رجلَيْهِ.
الْعَاشِرُ:
فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا كَانَتِ الْجَنَائِزُ جِنْسًا وَاحِدًا خُيِّرَ بَيْنَ جَعْلِهِمْ صَفًّا وَاحِدًا أَفْضَلُهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَلِيهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مَنْ يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ وَبَيْنَ جَعْلِهِمْ كَمُخْتَلِفِي الْأَجْنَاسِ فَإِنِ اخْتَلَفُوا فَالرَّجُلُ مِمَّا يَلِيهِ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْعَبْدُ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ ثُمَّ الصَّغِيرُ ثُمَّ الْأَمَةُ وَأَفْضَلُ الرِّجَالِ مِمَّا يَلِيهِ وَالتَّقَدُّمُ بِالْخِصَالِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي تُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنِ اسْتَوَوْا قُدِّمَ بِالسِّنِّ فَإِنِ اسْتَوَوْا فَالْقُرْعَةُ أَو التَّرَاضِي. الْحَادِيَ عَشَرَ:
فِي الْكِتَابِ لَا يُصَلَّى عَلَى موتى الْقَدَرِيَّة والإباضية وَلَا تتبع جنائزهم وَلَا تُعَادُ مَرْضَاهُمْ وَأَوْلَى إِذَا قُتِلُوا قَالَ سَنَدٌ إِنْ تَوَلَّاهُمْ أَهْلُ مَذْهَبِهِمْ تَرَكَهُمُ النَّاسُ زَجْرًا لَهُمْ وَإِلَّا فَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ مُبَاشَرَتَهُمْ وَأَوْجَبَهَا سَحْنُونٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ حَمْلُ كَلَامِ مَالِكٍ عَلَى ظَاهِرِهِ مُمْكِنٌ وَقَدْ أَفْتَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِكُفْرِهِمْ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى كُفْرِهِمْ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ قَاتَلُونَا فَقَتَلَهُمُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ قَالَ مَالِكٌ وَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَقَالَ (ح) لَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ لِقُوَّةِ شَبَهِهِمْ بِأَهْلِ الْحَرْبِ.
الثَّانِيَ عَشَرَ:
فِي الْكِتَابِ لَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ فِي الْمُعْتَرَكِ وَلَا يُكَفَّنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ويدفن فِي ثِيَابه وخفافه وقلنسوته وَقَالَهُ (ش) وَابْن حَنْبَل و (ح) وَقَالَ لَا يغسل وَيصلى عَلَيْهِم مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ تِسْعَةٍ وَحَمْزَةُ عَاشِرُهُمْ وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَمْوَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَيُؤَكِّدُ الْبُطْلَانَ أَنَّهُ رُوِيَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ مَرَّةً وَهَذَا مِنْ حِسَابِ سَبْعِمِائَةٍ وَلَمْ يَكُونُوا سِوَى سَبْعِينَ وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ حَمَلْنَاهُ عَلَى الدُّعَاءِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الشَّهِيدَ مَطْلُوبُ التَّمْيِيزِ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الشَّفَاعَةِ ترغيبا فِي الشَّهَادَة ولانه إِذا حضر إِلَى السَّيِّد عَبده مَحْمُولا بدمائه وهيآت جراحه وهيئة الَّتِي لَاقَى بِهَا أَعْدَاءَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ السَّيِّدُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ كَانَ أَبْلَغَ فِي عَطْفِهِ عَلَيْهِ وَمَيْلِهِ إِلَيْهِ وَمُغْنِيًا لَهُ عَنْ شَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ عِنْدَهُ وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَفِي أَبِي دَاوُدَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى بَدْرٍ قَالَ سَنَدٌ فَلَوِ اسْتُشْهِدَ جُنُبًا فَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَقَالَ سَحْنُون يغسل وَأما الروث وَشبهه فيزال عَنْهُ بِخِلَافِ دَمِهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ أَشْهَبُ و (ح وش) تُنْزَعُ عَنْهُ الْجُلُودُ وَالْفِرَاءُ وَالْمَحْشُوُّ لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَبِي دَاوُدَ أَنْ يُنْزَعَ عَنْ قَتْلَى أحد الْحَدِيد والجلود وَأَن يدفنوا بدمائهم وَثِيَابِهِمْ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا يَخْتَصُّ بِالْقِتَالِ من الخود وَقرب السِّلَاح وَلذَلِك خصّه بالحديد والجلود وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ يُنْزَعُ السَّيْفُ وَالدِّرْعُ وَإِنْ كَانَ لَابِسًا لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ لَا يُنْزَعُ الثَّوْبُ الْجَدِيدُ الَّذِي يَلْبَسُهُ الشَّابُّ وَهُوَ سُنَّةُ الصَّحَابَةِ فِي الدِّرْعِ وَقَدْ وُجِدُوا بِمِصْرَ كَذَلِك مدفونين قَالَ مطرف وَلَا ينْزع الْمِنْطَقَةُ وَلَا الْخَاتَمُ إِلَّا أَنْ يَكْثُرَ ثَمَنُهَا وَلَيْسَ لِلْوَالِي أَنْ يَنْزِعَ ثِيَابَهُ وَيُكَفِّنَهُ فِي غَيرهَا وَقَالَهُ (ح وش) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَغَيْرُ الْبَالِغِ كَالْبَالِغِ خلافًا (ح) مُحْتَجًّا بِأَنَّ تَرْكَ الْغُسْلِ إِظْهَارٌ لِلطَّهَارَةِ مِنَ الذُّنُوبِ وَلَا ذُنُوبَ وَعِنْدَنَا تَرْكُ الْغُسْلِ عَلَمٌ عَلَى الشَّهَادَةِ وَبَذْلِ النَّفْسِ فِي طَاعَةِ الرب وَهُوَ مَوْجُود فِي الصَّبِي وَإِذا لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّهِيدِ مَا يُوَارِيهِ وَوُرِيَ بِثَوْب فَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَفِي الْجَوَاهِرِ الشَّهِيدُ مَنْ مَاتَ بِسَبَبِ الْقِتَالِ مَعَ الْكُفَّارِ حَالَةَ الْقِتَالِ فَإِنْ رُفِعَ حَيًّا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَمْرَةِ الْمَوْتِ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَرَاعَى (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ زَمَانَ الْمُعْتَرَكِ فَقَطْ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُقْتَلُ قَاتِلُهُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ فَهُوَ كَحَالَةِ الْمُعْتَرَكِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَشْهَبُ يَسْتَوِي فِي الْحُكْمِ غَزْوُ الْمُسْلِمِينَ وَخَصَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْأَوَّلِ وَالْمُشْرِكُونَ غَزَوُا الْمُسْلِمِينَ غَزْوَةَ أُحُدٍ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ أَوْ يُقَالُ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ خَرَجُوا إِلَيْهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَلَقَوْهُمْ فَهُمُ الْغَازُونَ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ شَهِيدًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ سَنَدٌ وَسَوَاءٌ قُتِلَ بِسَبَبِ الْمُشْرِكِينَ أَوْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ مِنْ فَرَسِهِ أَوْ رَجْعِ سَيْفه أَوْ سَهْمه وَلَوْ وُجِدَ فِي الْمُعْتَرَكِ رَجُلٌ مَيِّتٌ لَيْسَ فِيهِ أَثَرُ الْقَتْلِ فَكَذَلِكَ إِذْ لَعَلَّه ركله فرس وَقَالَ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْأَثَرِ الدَّالِّ عَلَى الشَّهَادَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَقْتُولُ ظُلْمًا أَوْ قِصَاصًا وَالْمَبْطُونُ وَسَائِرُ الشُّهَدَاءِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالْمُحَارِبُ إِذَا قُتِلُوا يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ح) مَنْ قُتِلَ عَمْدًا مَظْلُومًا بِحَدِيدَةٍ لَمْ يُغَسَّلْ أَوْ بِمِثْقَلٍ غُسِّلَ وَلَا يُغَسَّلُ مَنْ قَتَلَتْهُ الْبُغَاةُ لِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُغَسِّلْ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ وَلِأَنَّهُمْ فِي نُصْرَةِ الدِّينِ كَقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ (ش) وَابْنِ حَنْبَلٍ وَجَوَابُنَا إِجْمَاعُنَا عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَكَمَا لَمْ يُنْقَلِ الْغُسْلُ لَمْ تُنْقَلِ الصَّلَاةُ فَجَوَابُهُمْ جَوَابُنَا وَقَالَ (ح) لَا يُصَلَّى عَلَى الْمُحَارِبِ لِأَنَّ قَتْلَهُ خِزْيٌ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِلرَّحْمَةِ لَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» وَلَا يُصَلَّى عَلَى الْكَافِرِ وَيُدْفَنُ الذِّمِّيُّ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ إِنْ خُشِيَ عَلَيْهِ الضَّيَاعُ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَإِن كَانَ لَهُ قريب مُسلم حيل بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُكَفِّنُهُ كُفِّنَ فِي شَيْءٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ يَلْزَمُهُ أَمْرُهُ مِثْلَ الْأُمِّ وَالْأَبِ وَالْأَخِ فَيَلِي كَفَنَهُ وَيَتَوَلَّاهُ أَهْلُ دِينِهِ وَإِنْ دَفَنُوهُ فَلَا يَتْبَعُهُ وَإِلَّا تَقَدَّمَ أَمَامَ جِنَازَتِهِ فَسَبَقَ إِلَى قَبْرِهِ.
فَوَائِدُ:
شَهِدَ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى عَلِمَ وَمِنْهُ {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيد} وَبِمَعْنَى أَخْبَرَ وَمِنْهُ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَبِمَعْنَى حَضَرَ وَمِنْهُ شَهِدَ بَدْرًا وَشَهِدَ صَلَاةَ الْعِيدِ وَشَهِيدٌ وَزْنُهُ فَعِيلٌ وَيَكُونُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ نَحْوَ عَلِيمٍ بِمَعْنَى عَالِمٍ وَبِمَعْنَى مَفْعُولٍ نَحْوَ قَتِيلٍ بِمَعْنَى مَقْتُولٍ وَالشَّهِيدُ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ إِمَّا فَاعِلٍ فَقِيلَ هُوَ يَشْهَدُ حَضِيرَةَ الْقُدْسِ بِمَعْنَى يَحْضُرُهَا وَإِمَّا مَفْعُولٍ فَلِأَنَّهُ أُخْبِرَ عَنِ اسْتِحْقَاقِهِ الْجَنَّةَ فَهُوَ مَشْهُودٌ لَهُ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُم الْجنَّة} وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجَاهِدِينَ مِنَ الْمَبْطُونِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ السَّبْعَةِ وَيُرْوَى مَا تَرَكَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ ذَنْبٍ لَا سِيَّمَا مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ وَلَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ وَصَبٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا تَعَبٌ حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا إِلَّا كُفِّرَ بِهَا مِنْ ذُنُوبِهِ وَإِذَا كُفِّرَتِ السَّيِّئَاتُ دخل الْجنَّة فَيكون مِنْ بَابِ فَعِيلٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ مَشْهُودٍ لَهُم.