فصل: الباب التَّاسِعُ فِي الِاعْتِكَافِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب التَّاسِعُ فِي الِاعْتِكَافِ:

وَأَصْلُهُ الِاحْتِبَاسُ وَالْعَكْفُ الْحَبْس وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَالْهَدْي معكوفا} {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا} {وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد} وَعَكَفَ يَعْكُفُ بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ فِي الشَّرْعِ الِاحْتِبَاسُ فِي الْمَسَاجِدِ لِلْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي شُرُوطِهِ:

وَهِيَ ثَلَاثَةٌ:

.الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ:

خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَلَّا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدَ جِنَازَةً وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلَّا لِمَا بِذِمَّتِهِ وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْم وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَفِي الْكِتَابِ يَخْرُجُ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَا يَغْسِلُ ثَوْبَهُ إِذَا خَرَجَ وَيَخْرُجُ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَنْهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إِعْدَادُ ذَلِكَ وَالِاسْتِنَابَةُ فِيهِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا قُلْنَا يَخْرُجُ فَلَا يَتَحَدَّثُ مَعَ أَحَدٍ فَإِنْ فَعَلَ وَطَالَ قَطَعَ التَّتَابُعَ وَإِنْ تَحَدَّثَ مِنْ غَيْرِ وُقُوفٍ لَمْ يَضُرَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنْ خَرَجَ لِدَيْنٍ لَهُ أَوْ غَلَبَهُ أَحَدٌ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ مُلَازَمَةِ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ رَفِيقَة الِاعْتِكَافِ قَالَ سَنَدٌ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ إِنْ أَكْرَهَهُ الْقَاضِي أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ فَإِنْ بَنَى أَجْزَأَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِ الْإِكْرَاهِ كَقَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ قَالَ مَالِكٌ الْإِمَامُ أَطْلَقَهُ حَتَّى يخرج إِذا لم يعْتَكف فِرَارًا فَإِن نفذ صَبْرُ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ طَالَتِ الْمُدَّةُ أَحْضَرَهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَيُؤَخِّرُهُ فِي الْحَدِّ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ فَإِنْ أَخْرَجَهُ جَازَ لِوُجُوبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَيُؤَدِّي الشَّهَادَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَخْرُجُ وَفِي الْكِتَابِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ مَا يُغَيِّرُ سُنَّةَ الِاعْتِكَافِ وَلَا أَنَّهُ مَتَى شَاءَ خَرَجَ وَلَا تَعْتَكِفُ الْمَرْأَةُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل خلافًا ل (ح وش) مُحْتَجَّيْنِ بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَن يعْتَكف فِيهِ وجد أخببة خِبَاءَ عَائِشَةَ وَخِبَاءَ حَفْصَةَ وَخِبَاءَ زَيْنَبَ فَلَمَّا رَآهَا سَأَلَ عَنْهَا فَقِيلَ لَهُ هَذَا خِبَاءُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا مِنْ جِهَةِ فِعْلِهِنَّ لِذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ وَإِنْكَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَرَّحْ فِيهِ بِأَنَّهُ لِلْمَسْجِدِ بَلْ لِكَوْنِهِنَّ قصدن الْقرب مِنْهُ غيرَة عَلَيْهَا فَخَشِيَ عَلَيْهِنَّ ذَهَابَ الْأَجْرِ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلرِّجَالِ فَيَكُونُ لِلنِّسَاءِ كَالْجُمُعَةِ وَفِي الْكِتَابِ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ لَا يَعْتَكِفُ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَسْجِدٍ شَاءَ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَ (ح) لَا يَعْتَكِفُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ لِوُجُوبِهَا عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ وَتَرْكِ فَضِيلَتِهَا عِنْدَ (ح) لَنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْتُمْ عاكفون فِي الْمَسَاجِد} قَالَ سَنَدٌ فَإِنِ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ فَأَتَتِ الْجُمُعَةُ خَرَجَ اتِّفَاقًا وَيَبْطُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقَالَهُ (ش) وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الصِّحَّةُ وَقَالَهُ (ح) لِأَنَّ الْخُرُوجَ إِلَيْهَا مُسْتَثْنًى شَرْعًا كَمَا اسْتُثْنِيَ لِلْغَائِطِ طَبْعًا فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ يُخْتَلَفْ فِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ بِالْمَعْصِيَةِ الصَّغِيرَةِ أَوْ لَا يَبْطُلُ إِلَّا بِالْكَبِيرَةِ وَإِذَا خَرَجَ قَالَ مَالِكٌ يَتِمُّ اعْتِكَافُهُ بِالْجَامِعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَعُودُ إِلَى مَسْجِدِهِ لِتَعَيُّنِهِ بِاعْتِكَافِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ إِلَى الْبَوْلِ لَا يَدْخُلُ مَسْجِدًا هُوَ أَقْرَبُ مِنَ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَتِ الْأَيَّامُ لَا تَأْتِي فِيهَا الْجُمُعَةُ فَمَرِضَ فَخَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ لِتَكْمِيلِ الِاعْتِكَافِ فَأَتَتِ الْجُمُعَةُ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ لِذَهَابِ الْمُتَابَعَةِ وَفَرَّقَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَوْ كَانَتِ الْأَيَّامُ تَأْتِي فِيهَا الْجُمُعَةُ فَحَدَثَ لَهُ عُذْرٌ يُسْقِطُهَا صَحَّ اعْتِكَافُهُ وَفِي الْكِتَابِ يَعْتَكِفُ فِي عَجُزِ الْمَسْجِدِ وَرِحَابِهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي صُعُودِ الْمُؤَذِّنِ السَّطْحَ وَالْمَنَارَ بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ قَالَ سَنَدٌ الرَّحَبَةُ مَا كَانَ مُضَافًا إِلَى الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ خَارِجَهُ وَيَكُونُ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ مَعْنَاهُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَصِحُّ خَارِجَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ خِلَافُهُ وَأَجَازَ مَالِكٌ لِمَنِ اعْتَكَفَ بِمَكَّةَ دُخُولَ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهَا فِي حكم الْمَسْجِد.

.الشَّرْط الثَّانِي: الصَّوْم:

وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِ (ش) مُحْتَجًّا بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَّلَ مِنْ شَوَّالٍ وَيَوْمُ الْفِطْرِ لَا صَوْمَ فِيهِ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لَهُ «أَوْفِ بِنَذْرِكَ» وَاللَّيْلُ لَا صَوْمَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا فِي اعْتِكَافِ اللَّيْلِ فَلَا يَكُونُ بِالنَّهَارِ إِذْ لَا أَثْنَاءَ الْعِبَادَةِ وَلِأَنَّهُ لُبْثٌ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّوْمُ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أنَّ خُرُوجَ يَوْمِ الْفِطْرِ مِنَ الْعَشْرِ لَا يُعَدُّ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ الْعَشْرِ عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ رَوَى «أَوْفِ بِنَذْرِكَ وَصُمْ» أَوْ أنَّ الصَّوْمَ كَانَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ بِاللَّيْلِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ قَبْلَ نَسْخِهِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ كَالنِّيَّةِ الْفِعْلِيَّةِ وَعَنِ الرَّابِعِ قَلَّبَهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ لُبْثٌ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَنَا حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمُ وَأَجْمَعْنَا لَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ صَائِمًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا لَمَا لَزِمَ كَمَا لَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ مُتَصَدِّقًا لَأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا لَيْسَ قُرْبَةً بِالشَّرْعِ وَكُلُّ وَاحِدٍ قُرْبَةٌ عَلَى حِدَتِهِ وَأَمَّا نَذْرُهُ الْحَجَّ مَاشِيًا فَإِنَّ الْمَشْيَ مُكَمِّلٌ الْحَجَّ بِالتَّوَاضُعِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ لَا تَلْزَمُ فِي النُّذُورِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَسَوَاءً كَانَ الصَّوْمُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَالطَّهَارَةِ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ تُفْعَلُ لِغَيْرِهَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَكُلِّ صَوْمٍ وَاجِبٍ وَإِنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فَلَا يَعْتَكِفْهُ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ لِإِيجَابِ النَّذْرِ الصَّوْمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي صِيَامِ النَّذْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ أَوْ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ جَازَ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي أَيِّ صَوْمٍ شَاءَ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى أَجَازَ مَالِكٌ جَعْلَهُ فِي أَيِّ صَوْمٍ شَاءَ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَطَهَّرَ لَهَا بَلْ يَكْتَفِي بِطَهَارَةِ غَيْرِهَا وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا انْتَقَضَ اعْتِكَافُهُ أَوْ نَاسِيًا اعْتَكَفَ يَوْمًا مَكَانَهُ وَوَصَلَهُ بِاعْتِكَافٍ فَإِنْ لَمْ يَصِلْهُ ابْتَدَأَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ فِي النَّذْرِ أَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا قَضَاءَ مَعَ النِّسْيَانِ قَالَ يُحْتَمَلُ أْنَ يَكُونَ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ أَوْ وِفَاقًا وَحَكَاهُ سَنَدٌ خِلَافًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ وَالْفَرْقُ لِمَالِكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ بِالصَّوْمِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِنِيَّةِ الدُّخُولِ كَمَا يَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ خَرَجَ فَإِذَا صَحَّ بَنَى فَإِنْ فَرَّطَ فِي الْبِنَاءِ ابْتَدَأَ فَإِن صَحَّ فِي بعض النَّهَار وَقَوي عَن الصَّوْمِ دَخَلَ حِينَئِذٍ وَلَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ رَجَعَتْ حِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ فِي مُدَّةِ اعْتِكَافِهِ وَصَحَّ قَبْلَهُ بِيَوْمٍ يَرْجِعُ وَلَا يَبِيتُ لَيْلَةَ يَوْمِ الْفِطْرِ فِي مُعْتَكَفِهِ فَإِذَا قَضَى يَوْمَ الْفِطْرِ عَادَ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ يَرْجِعُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مَرَضُهُ لَا يُلْزِمُهُ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَجَبَتِ الْإِقَامَةُ لِيَأْتِيَ مِنَ الْعِبَادَةِ بِالْمُمْكِنِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يَخْرُجُ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الصَّوْمِ فَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَقَدْ خَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إِذَا صَحَّ أَوْ طَهُرَتْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَا يَرْجِعَانِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ طُرُوَّ الْعُذْرِ مُمْكِنُ الدَّوَامِ فَيَبْقَى مُدَّةً مُعْتَكِفًا بِغَيْرِ صَوْمٍ بِخِلَافِ ارْتِفَاعِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَقَّبُهُ الصَّوْمُ مِنَ الْغَدِ فَلَا يُمْنَعُ كَمَا لَوْ زَالَ الْعُذْرُ بِاللَّيْلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ لَيْلِ الْفِطْرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ سَائِرَ اللَّيَالِي وَقْتٌ لِابْتِدَاءِ الِاعْتِكَافِ فَيَكُونُ وَقْتًا لِاسْتِدَامَتِهِ وَأَنَّ سَائِرَ اللَّيَالِي قَابِلٌ لِنِيَّةِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْفِطْرِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَخْرُجُ لَيْلَةَ الْعِيدِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ فَقَدْ خَالَفَ سَحْنُونٌ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيمَنِ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ فَمَرِضَ إنَّهُ يَقْضِي أَيَّامَ الْمَرَضِ بعد الْعِيد أَن الِاعْتِكَاف الْمعِين بِخِلَاف الصّيام الْمُعَيَّنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاعْتِكَافَ أَشْبَهُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَسْجِدِ وَبَقَائِهِ مَعَ الْمَرَضِ كَبَقَاءِ الْإِحْرَامِ مَعَ فَوَاتِ الْحَجِّ وَفَسَادِهِ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مُتَابَعَتُهُ بِالنِّيَّةِ كَمَا يَلْزَمُ بِالْبَدَنِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ يَقْضِي اعْتِكَافَ رَمَضَانَ لِوُجُوبِ قَضَاءِ صَوْمِهِ وَصَيْرُورَةِ الِاعْتِكَافِ مَعَهُ كَالْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَوِ اسْتَغْرَقَ الْمَرَضُ أَوِ الْحَيْضُ جَمِيعَ الْعَشْرِ الَّذِي نَوَاهُ أَوْ نَذَرَهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ سَحْنُونٍ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ إِذَا نَذَرَهُمَا فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَمَرِضَ لَا يَقْضِيهِمَا وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدُوسٍ يَقْضِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَوْفِيَةً بِالسَّبَبِ وَعَلَى أَصْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِنْ قَصَدَ بِنَذْرِ الْأَيَّامِ أَمْرًا يَخْتَصُّ بِهَا لَمْ يَقْضِ وَإِلَّا قَضَى قَالَ الْبَاجِيُّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يَقْضِي فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَإِذَا رَجَعَتِ الْحَائِضُ وَالْمَرِيضُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ الْيَوْمِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ فَإِنْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ اغْتَسَلَتْ وَنَوَتْ وَدَخَلَتِ الْمُعْتَكَفَ حِينَ تُصْبِحُ وَيُجْزِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُجْزِيهَا حَتَّى تَدَخُلَ أَوَّلَ اللَّيْلِ كَابْتِدَاءِ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الِابْتِدَاءِ فَعِنْدَ سَحْنُونٍ لَا يُجْزِيهِ إِلَّا مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ يُجْزِيهِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَفَرَّطَتْ اسْتَأْنَفَتِ الِاعْتِكَافَ.

.الشَّرْطُ الثَّالِثُ: الِاقْتِصَارُ عَلَى الْعِبَادَةِ اللَّائِقَةِ بِالِاعْتِكَافِ:

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَمَذْهَبُ ابْنِ وَهْبٍ جُمْلَةُ الْأَعْمَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْآخِرَةِ كَمُدَارَسَةِ الْعِلْمِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إِذا انْتهى إِلَيْهَا الزِّحَامُ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ سُؤَالٌ مَنَعَهُ فِي الْكِتَابِ مِنَ الْجِنَازَةِ وَجَوَّزَ لِلْمُتَنَفِّلِ فِي الصَّلَاةِ الرَّدَّ عَلَى الْمُؤَذِّنِ كِلَاهُمَا أَدْخَلَ فِي الْعِبَادَةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا جَوَابُهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَمْ يُوضَعْ لِلْجِنَازَةِ وَالصَّلَاةُ وَضِعَتْ لِلذِّكْرِ وَالرَّدُّ عَلَى الْمُؤَذِّنِ ذِكْرٌ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ وَإِنِ انْتَهَى إِلَيْهِ الْمُصَلُّونَ وَلَا يَعُودُ مَرِيضًا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يُعَزِّي وَلَا يُهَنِّئُ وَلَا يَعْقِدُ نِكَاحًا فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ يَغْشَاهُ فِي مَجْلِسِهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ يَقْتَضِي عِبَادَةً مَخْصُوصَةً فَلَا يُدْخِلُ فِيهِ غَيْرَهَا قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِمَصْلَحَتِهِ ومصلحة أَهله وَيبِيع مَاله إِذَا كَانَ خَفِيفًا وَيُكْرَهُ خُرُوجُهُ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَيَتَّخِذُ مَوْضِعًا بِقُرْبِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا خَرَجَ لِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَادٍ أَوْ حَقٍّ أَوْ دَيْنٍ أَوْ إِكْرَاه فَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ قَوْلَانِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ خَرَجَ لِلْجِنَازَةِ أَوْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ كُرِهَ وَلَا يَبْطُلُ كَمَا لَوْ دَعَا لِأَحَدٍ أَوْ تَحَدَّثَ مَعَهُ فَإِنْ مَاتَ مَعَهُ أَحَدٌ فِي الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ مَعَهُ مَنْ يُجَهِّزُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ وَيَتَخَرَّجُ بُطْلَانُ اعْتِكَافِهِ عَلَى مَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ فَخَرَجَ لِلْجِهَادِ رَجَعَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ يَبْنِي بَعْدَ قَوْلِهِ يَبْتَدِئُ قَالَ مَالِكٌ وَيَجُوزُ ذَهَابُ بَعْضِ الْمُعْتَكِفِينَ إِلَى بَعْضٍ لِلْعَشَاءِ وَنَحْوِهِ وَيَشْتَرِي لَهُ طَعَامَهُ إِذَا اشْتَرَى طَعَامَ نَفْسِهِ وَإِذَا مَنَعْنَا عِيَادَةَ الْمَرْضَى فَمَرِضَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْرُجُ لِعِيَادَتِهِ لِوُجُوبِ بِرِّهِ وَيَبْتَدِئُ اعْتِكَافَهُ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَخْرُجُ مَعَ جِنَازَتِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ عَدَمَ الْعِيَادَةِ يُسْخِطُهُمَا بِخِلَافِ التَّشْيِيعِ وَفِي الْكِتَابِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَتَطَيَّبَ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْعَقْدِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهُمَا طُولُ زَمَانِ الْحَجِّ فَيُخْشَى مِنَ الْعَقْدِ الْوَطْءُ.
الثَّانِي أَنَّ إِفْسَادَهُ أَعْظَمُ حَرَجًا.
الثَّالِثُ أَنَّهُ مُنِعَ فِي الْحَجِّ مِنَ الطِّيبِ وَالنَّظَافَةِ وَالزِّينَةِ فَمُنِعَ مِنَ الْعَقْدِ لِفَرْطِ التَّشْدِيدِ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَجْلِسُ مَجَالِسَ الْعِلْمِ وَلَا يَكْتُبُ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِلَّا الشَّيْءَ الْخَفِيفَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ شُرِعَ لَهَا الْمَسْجِدُ فَلَا يُشْرَعُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ وَإِنْ جَمَعَهُ أَلْقَاهُ لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ فَعَلَ لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجِزٌ عَنِ النَّاسِ فَقَدْ خَفَّفَ لَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ لِذَلِكَ وَإِذَا خَرَجَ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ فَلَهُ فِي بَيْتِهِ نَتْفُ الْإِبْطِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ لِلْجُمُعَةِ وَلَا تَجُوزُ لَهُ الْحِجَامَةُ وَالْفِصَادَةُ وَالْبَوْلُ وَالْغَائِطُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ فَعَلَ يُخْتَلَفُ فِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ نَظَرًا لِكَوْنِهِ كَبِيرَةً أَمْ لَا وَيُكْرَهُ لَهُ السِّوَاكُ مِنْ أَجْلِ مَا يُلْقِيهِ مِنْ فِيهِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلْمُؤَذِّنِ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ فِعْلِ الِاعْتِكَافِ.

.الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي الْمُعْتَكِفِ:

وَهُوَ كُلُّ مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ الْعِبَادَةُ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَذِنَ لِرَقِيقِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فِي الِاعْتِكَافِ فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ فَإِنْ نَذَرَهُ الْعَبْدُ فَمَنَعَهُ سَيِّدُهُ فَهُوَ عَلَيْهِ إِذَا أُعْتِقَ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْمَشْيُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ نَذَرَهُ الْمُكَاتَبُ وَهُوَ يَسِيرٌ لَا يَضُرُّ لَا يَمْنَعُهُ وَإِنْ أَضَرَّ بِالسَّعْيِ مَنَعَهُ قَالَ سَنَدٌ إِنْ لَمْ يَأْذَنْ لِلرَّقِيقِ فَهُوَ مُجْبَرٌ فِي قَطْعِهِ وَإِنْ أَذِنَ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ فَلَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنْ نَذَرَ مُعَيَّنًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَمَنَعَهُ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَقْضِيهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَإِنْ نَذَرَ الْأَيَّامَ لِمَعْنًى فِيهَا لَمْ يَقْضِ وَإِلَّا قَضَى وَأَسْقَطَهُ سَحْنُونٌ مُطْلَقًا وَالزَّوْجَةُ كَالْعَبْدِ وَإِذَا أَذِنَ لِلْمُكَاتَبِ فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَالْعَجْزِ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ.

.الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي حُكْمِهِ:

وَفِي الْكِتَابِ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُ اعْتَكَفَ إِلَّا أَبَا بَكْرِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَإِنَّمَا تَرَكُوهُ لِشِدَّتِهِ لِاسْتِوَاءِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ تَرَكُوهُ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِمْ لِأَنَّهُ كَالْوِصَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الِاعْتِكَافُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَسَأَلْتُهُ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ أَقَلُّهُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّ أَقَلَّ مِنَ الْعَشَرَةِ لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَحْسَنُ وَالْعَشَرَةُ هِيَ عَادَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَنْبَغِي مُجَاوَزَتُهَا لِلسُّنَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَامَ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عِشْرِينَ يَوْمًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَفِي الْجُلَّابِ أَقَلُّهُ يَوْمٌ وَالِاخْتِيَارُ عَشَرَةٌ وَفِي الْكِتَابِ مَنِ اعْتَكَفَ أَوَاخِرَ رَمَضَانَ دَخَلَ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَلَا يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ حَتَّى يَشْهَدَ الْعِيدَ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِنِ اعْتَكَفَ وَسَطَهُ رَجَعَ إِلَيْهِمْ آخِرَ أَيَّامِ الِاعْتِكَافِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ خَرَجَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ أَوْ فَعَلَ فِيهَا مَا يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ بَطَلَ اعْتِكَافه لَا تصالها بِهِ كَرَكْعَتَيِ الطَّوَافِ بِالطَّوَافِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ سَحْنُونٌ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ قَالَ سَنَدٌ الدُّخُولُ مِنَ الْغُرُوبِ لِمَالِكٍ وَ (ش) وَ (ح) خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ أَوَّلُ الْيَوْمِ فَيَدْخُلُ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ جُمْلَةِ اللَّيْلَةِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى الْفَجْرِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِنْ كَانَ نَذْرًا لِأَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالنَّهَارِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَحْتَسِبُ بِهِ وَيَسْتَأْنِفُ عَشَرَةً بَعْدَهُ لِاسْتِوَاءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الِاعْتِكَافِ وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ فِي اعْتِكَافِهِ خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ إِلَى أَهْلِهِ وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ وَعَادَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَخْرُجُ وَيَكُونُ يَوْمُهُ كَلَيْلِ أَيَّامِ الِاعْتِكَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَعْتَكِفُ أَهْلُ الثُّغُورِ إِلَّا مَعَ الْأَمْنِ لِأَنَّ حِفْظَ الْمُسْلِمِينَ أَوْلَى فَإِنِ اعْتَكَفَ وَنَزَلَ خَوْفٌ خَرَجَ فَإِنْ أَمِنَ ابْتَدَأَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَّا أَنَّهُ يَبْنِي كَالْمَرِيضِ وَالْجِوَارُ كَالِاعْتِكَافِ إِلَّا مَنْ جَاوَرَ نَهَارًا بِمَكَّةَ دُونَ اللَّيْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ وَلَا يُلْزَمُ بِالدُّخُولِ وَالنِّيَّةِ إِلَّا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَالْجِوَارُ بِمَكَّةَ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ قُرْبَةٌ تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ لَيْلًا وَنَهَارًا عِدَّةَ أَيَّامٍ فَهُوَ اعْتِكَافٌ بِلَفْظِ الْجِوَارِ وَلَوْ نَوَى جِوَارَ يَوْمٍ كَانَ لَهُ التَّرْكُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ لِأَنَّ جِوَارَهُ عِبَادَةٌ وَلَيْسَ فِيهِ صَوْمٌ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا طُلِّقَتْ أَوْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ أَتَمَّتِ اعْتِكَافَهَا وَقَالَ (ش) تَخْرُجُ لَيْلَتَهَا لَنَا أَنَّهَا عِبَادَةٌ سَبَقَتْ فَلَا تُقْطَعُ بِالْعِدَّةِ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ خَرَجَتْ بَطَلَ اعْتِكَافُهَا وَإِنْ تَقَدَّمَتِ الْعِدَّةَ وَتَرَكَتْ بَيْتَهَا وَاعْتَكَفَتْ صَحَّ اعْتِكَافُهَا كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَمَنْ أَبْطَلَ الِاعْتِكَافَ بِكُلِّ ذَنْبٍ أَبْطَلَهُ هَهُنَا وَلَوِ اعْتَكَفَتْ فَحَاضَتْ فَخَرَجَتْ وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الرُّجُوعِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ تَرْجِعُ فَتَعْتَدُّ فِي الْمَسْجِدِ لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْعِبَادَةِ وَفِي الْكِتَابِ يَجِبُ الِاعْتِكَافُ بِدُخُولِ الْمُعْتَكف الْمُعْتَكِفِ بِنِيَّةٍ فَيَلْزَمُهُ الْمَنْوِيُّ مِنَ الْأَيَّامِ خِلَافًا لِ (ش) أَوْ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ جِهَةِ تَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ وَاشْتِرَاطِ الْمَسْجِدِ وَاللُّبْثِ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَيَجِبُ بِالشُّرُوعِ قِيَاسًا عَلَيْهَا وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مَعْنَاهُ لُغَةً الْمُلَازَمَةُ وَاللَّازِمُ هُوَ الَّذِي لَا يُفَارِقُ فَمَنْ نَوَى الِاعْتِكَافَ فَقَدْ نَوَى مَا لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ فَيَكُونُ مُتَتَابِعًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ تَرَكَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ النِّيَّةِ جَازَ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَإِنْ نَوَى عِدَّةً مُنْقَطِعَةً لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا الَّذِي شَرَعَ فِيهِ.