فصل: الأول: بآداب قَضَاءِ الْحَاجَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الأول: بآداب قَضَاءِ الْحَاجَةِ:

وَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَدَبًا:
الْأَوَّلُ:
مِنَ الْجَوَاهِرِ طَلَبُ مَكَانٍ بَعِيدٍ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا ذَهَبَ أَبْعَدَ.
الثَّانِي:
قَالَ يَسْتَصْحِبُ مَا يَزِيلُ بِهِ الْأَذَى.
الثَّالِثُ:
قَالَ أَنْ يَتَّقِيَ الْمَلَاعِنَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا اللَّاعِنَانِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ» وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَجَالِسُهُمْ وَالشَّجَرُ لِصِيَانَةِ الثَّمَرِ وَالْأَنْهَارُ لِصِيَانَةِ الْمَوَارِدِ.
وَسُمِّيَتْ هَذِهِ مَلَاعِنَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَكَانِ بِمَا يَقَعُ فِيهِ كَتَسْمِيَةِ الْحَرَمِ حَرَامًا وَالْبَلَدِ آمِنًا لِمَا حَلَّ فِيهِمَا مِنْ تَحْرِيمِ الصَّيْدِ وَأَمْنِهِ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمَوَاضِعُ يَقَعُ فِيهَا لَعْنُ الْفَاعِلِ الْغَائِطِ مِنَ النَّاسِ سُمِّيَتْ مَلَاعِنَ.
الرَّابِعُ:
قَالَ يَجْتَنِبُ الْمَوْضِعَ الصُّلْبَ حَذَرًا مِنَ الرَّشَاشِ.
الْخَامِسُ:
قَالَ يَجْتَنِبُ الْمِيَاهَ الدَّائِمَةَ الْمَحْبُوسَةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلَ مِنْهُ» وَمَحْمَلُهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا عَلَى سَدِّ الذَّرِيعَةِ عَنْ فَسَادِهِ لِئَلَّا يَتَوَالَى ذَلِكَ فَيَفْسُدَ الْمَاءُ عَلَى النَّاسِ.
السَّادِسُ:
قَالَ تَقْدِيمُ الذِّكْرِ قَبْلَ دُخُولِ مَحَلِّ الْخَلَاءِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ: «إِنَّ هَذِه الحشوش مختصرة فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَ الْخُبْثَ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَالصَّوَابُ ضَمُّهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاض والحشوش بِالْحَاء المهلمة الْمَضْمُومَةِ وَشِينَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ الْمَرَاحِيضُ وَاحِدُهَا الْحُشُّ وَهُوَ النَّخْلُ الْمُجْتَمِعُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا وَكَانُوا يَسْتَتِرُونَ بِهَا قَبْلَ اتِّخَاذِ الْكُنُفِ وَأَصْلُهَا مِنَ الْحَشِّ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الزَّبْرُ يَكْتَنِفُ الْكَنَفَ أَوْ يَبْرُزُ مِنْهُ فِيهَا وَمَعْنَى مُحْتَضَرَةٍ أَيْ تَحْضُرُهَا الشَّيَاطِينُ قَالَ غَيْرُهُ الْخُبْثُ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ فَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ ذُكُورِ الْجِنِّ وَإِنَاثِهَا قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَالْخُبْثُ بِالضَّمِّ لُغَةً الْمَكْرُوهُ يَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِهِ إِلَى مَوْضِعِ الْحَدَثِ أَوْ بَعْدَ وُصُولِهِ إِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ غَيْرَ مُعَدٍّ لِلْحَدَثِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لَهُ كَمَا جَرَى الْخِلَافُ فِي جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْخَاتَمِ مَكْتُوبًا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ جَوَّزَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ وَمَعَهُ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَجَوَّزَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْخَاتَمِ وَفِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ لَمْ يَكُنْ مَنْ مَضَى يَتَحَرَّزُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَسْتَنْجِي بِهِ وَفِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهَذَا مَحْمُولٌ مِنَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْسُرُ قَلْعُهُ وَإِلَّا فَاللَّائِقُ بِوَرَعِهِ غَيْرُ هَذَا وَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا أَحْسَنُ لِكَرَاهَةِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى لِنَجَاسَتِهِمْ وَفِي التِّرْمِذِيِّ «كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ» وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ النَّهْيُ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيُمْنَى وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ.
السَّابِعُ:
قَالَ يُدِيمُ السَّتْرَ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الْأَرْضِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «كَانَ إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ لَا يَرْفَعُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الْأَرْضِ» وَيُرْوَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا تَنْظُرَ الْأَرْضُ عَوْرَتَكَ فَافْعَلْ فَاتَّخَذَ السَّرَاوِيلَ.
الثَّامِنُ:
قَالَ يَبُولُ جَالِسًا إِنْ كَانَ الْمَكَانُ طَاهِرًا لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا» وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنِ التَّنْجِيسِ فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ رَخْوًا نَجِسًا فَلَهُ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا لِمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ وَالسُّبَاطَةُ مَوْضِعُ الزُّبَالَةِ وَرَمْيِ الْقَاذُورَاتِ فَلِذَلِكَ بَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمًا.
التَّاسِعُ:
الصَّمْتُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ «لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَلَّا يُشَمِّتَ عَاطِسًا وَلَا يَحْمَدَ إِنْ عَطِسَ وَلَا يُحَاكِيَ مُؤذنًا.
الْعَاشِر:
قَالَ يجْتَنب الْبَوْل فِي الْحجر لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ «نَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَن يبال فِي الْحجر» قِيلَ لِأَنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ وَقِيلَ خَشْيَةَ أَذِيَّةِ الْهَوَامِّ الْخَارِجَةِ مِنْهَا إِمَّا بِسُمِّهَا وَإِمَّا بِتَنْفِيرِهَا إِيَّاهُ فَيَتَنَجَّسُ.
الْحَادِي عَشَرَ:
قَالَ يَجْتَنِبُ الْمُسْتَحَمَّ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ فِيهِ أَوْ يَغْتَسِلَ مِنْهُ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ»
الثَّانِي عَشَرَ:
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي وَرُبَّمَا قَالَ غُفْرَانَكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ قِيلَ اسْتِغْفَارُهُ لِتَرْكِ الذِّكْرِ حَالَةَ الْحَاجَةِ وَعَادَتُهُ الذِّكْرُ دَائِمًا وَقِيلَ إِظْهَارًا لِلْعَجْزِ عَنْ شُكْرِ النِّعَمِ وَقِيلَ لِأَنَّ عَادَتَهُ الِاسْتِغْفَارُ حَتَّى كَانَ يُحْفَظُ عَنْهُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةُ مَرَّةٍ فَجَرَى عَلَى عَادَتِهِ وَوَرَدَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ تَرْكَ الذِّكْرِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ طَاعَةٌ تَأْبَى الِاسْتِغْفَارَ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ النِّعَمَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَعْجُوزٌ عَنْ شُكْرِهَا فَمَا وَجْهُ الِاخْتِصَاصِ وَالصَّحِيحُ الثَّالِثُ.
الثَّالِثَ عَشَرَ:
فِي الْجَوَاهِرِ يَجْتَنِبُ الْقِبْلَةَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَا سَاتِرَ فِيهِ وَلَا مَرَاحِيضَ فَلَا يَجُوزُ اسْتِقْبَالُهَا وَلَا اسْتِدْبَارُهَا وَإِنْ وُجِدَ السَّاتِرُ وَالْمَرَاحِيضُ جَازَ ذَلِكَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَآهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَدْبِرًا الْكَعْبَةَ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَإِنْ وُجِدَ المرحاض بِغَيْر ستْرَة كَمِرْحَاضِ السُّطُوحِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحَاجَةِ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَمْ تُعْنَ هَذِهِ الْمَرَاحِيضُ بِالْحَدِيثِ وَيُسَمَّى مِرْحَاضُ السُّطُوحِ كِرْيَاسًا وَمَا كَانَ فِي الْأَرْضِ كَنِيفًا وَإِنْ وُجِدَ السَّاتِرُ بِغَيْرِ مِرْحَاضٍ جَازَ أَيْضًا لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا فَقَالَ لَا إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُ فَلَا بَأْسَ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَالْخِلَافُ يُخَرَّجُ عَلَى عِلَّةِ هَذَا الْحُكْمِ فَقيل إجلالا لجِهَة الْكَعْبَة لما روى البرَاز عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَنْ جَلَسَ يَبُولُ قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ فَذَكَرَ فَيَنْحَرِفُ عَنْهَا إِجْلَالًا لَهَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ» وَقَالَ الشَّعْبِيُّ ذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْمُصَلِّينَ وَالْحُشُوشُ لَا يُصَلَّى فِيهَا وَهَذَا أَوْلَى لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ كَشْفٌ إِبَاحَةُ اسْتِقْبَالِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ بِالْبَوْلِ مَخْصُوصٌ بِبِلَادِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَكُلِّ مَا هُوَ شَمَالَ الْبَيْتِ أَوْ جَنُوبَهُ فَإِنَّ الشَّامَ شَمَالُهُ وَالْيَمَنَ جَنُوبُهُ فَيَكُونُ الْبَائِلُ حِينَئِذٍ يُقَابِلُ الْبَيْتَ وَالْمُصَلِّينَ بِجَنْبِهِ لَا بِعَوْرَتِهِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ أَمَّا مَنْ كَانَ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ قَبِلْتَهُ فَيُنْهَى عَنِ اسْتِقْبَالِهِمَا وَاسْتِدْبَارِهِمَا وَيُبَاحُ الْجَنُوبُ وَالشَّمَالُ صَوْنًا لِمَا أَشَارَ الشَّرْعُ لِصَوْنِهِ مِنَ الْكَعْبَةِ أَوِ الْمُصَلِّينَ وَمَنْ قِبْلَتُهُ النَّكْبَاءُ الَّتِي بَيْنَ الْجَنُوبِ وَالصَّبَا كَبِلَادِ مِصْرَ يَسْتَقْبِلُ النَّكْبَاءَ الَّتِي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْجَنُوبِ أَوْ يَسْتَدْبِرُهَا وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ سَائِرَ الْجِهَاتِ وَصَمِّمْ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ خَاصٌّ مُنَبِّهٌ وَلَيْسَ عَامًّا لِلْأَقْطَارِ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَاطَبَ بِهِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّمَالِ فَكَانَ الْحَدِيثُ مُوَافِقًا لَهُمْ تَتْمِيمٌ الرِّيَاحُ ثَمَانِيَةٌ الصَّبَا وَهِيَ الشَّرْقِيَّةُ وَالدَّبُّورُ وَهِيَ الْغَرْبِيَّةُ وَالْجَنُوبُ وَهِيَ الْقِبْلِيَّةُ وَتُسَمَّى الْيَمَانِيَّةَ وَالشَّمَالِيَّةُ وَهِيَ الَّتِي تُقَابِلُهَا وَتُسَمَّى بِمِصْرَ الْبَحْرِيَّةَ لِكَوْنِهَا تَأْتِي مِنْ جِهَةِ بَحْرِ الرُّومِ وَتُسَمَّى الْجَنُوبِيَّةُ الْمِرِّيسِيَّةَ لِكَوْنِهَا تَمُرُّ عَلَى مِرِّيسَةَ مِنْ بِلَادِ السُّودَانِ وَكُلُّ رِيحٍ بَيْنَ رِيحَيْنِ فَهِيَ نَكْبَاءُ لِكَوْنِهَا نَكْبَتْ عَنْ مجْرى جاريتها فَالْأُصُولُ أَرْبَعَةٌ وَالنَّوَاكِبُ أَرْبَعَةٌ وَتَأْتِي تَتِمَّةُ ذَلِكَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَرْعَانِ:
الْأَوَّلُ: قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِأَنَّه لَيْسَ قبْلَة.
الثَّانِي: قَالَ اللَّخْمِيّ الْجِمَاع كالبول يُجَامع كشف الْعَوْرَة وَقيل يجوز فِي الفلوات لعدم الفصلة وَهِيَ جُزْءُ الْعِلَّةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَا مَكْشُوفَيْنِ مُنِعَ فِي الصَّحَارِي وَيَخْتَلِفُ فِي الْبُيُوتِ وَإِنْ كَانَا مَسْتُورَيْنِ جَازَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

.الطَّرَفُ الثَّانِي: فِيمَا يُسْتَنْجَى مِنْهُ:

وَالِاسْتِنْجَاءُ طَلَبُ إِزَالَةِ النَّجْوِ وَقِيلَ إِزَالَةُ الشَّيْءِ عَنْ مَوْضِعِهِ وَتَخْلِيصُهُ مِنْهُ استنجت الرطب ونجوته وأجنيته وَالنَّجْوُ الْفَضْلَةُ الْمُسْتَقْذَرَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّجْوَ جَمْعُ نَجْوَةٍ وَهِيَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ فَلَمَّا كَانَ النَّاسُ يَسْتَتِرُونَ بِهَا غَالِبًا سُمِّيَتْ بِهَا لِتَلَازُمِهَا وَقِيلَ مِنْ نَجَوْتُ الْعُودَ أَيْ قَشَرْتُهُ وَقِيلَ مِنَ النِّجَاءِ وَهُوَ الْخَلَاصُ مِنَ الشَّيْءِ وَكَذَلِكَ سُمِّيَتْ غَائِطًا لِأَنَّ الْغَائِطَ هُوَ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ وَالْغَالِب إلقاؤها فِيهِ فَلَمَّا لَا زمها سُمِّيَ بِهَا وَكَذَلِكَ سُمِّيَ بَرَازًا بِفَتْحِ الْبَاءِ لِأَنَّ الْبَرَازَ هُوَ الْمُتَّسَعُ مِنَ الْأَرْضِ كَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَسُمِّيَتْ بِهِ لِذَلِكَ وَسُمِّيَ خَلَاءً لِأَنَّه يُذْهَبُ بِسَبَبِهَا إِلَى الْمَكَانِ الْخَالِي وَالِاسْتِجْمَارُ طَلَبُ اسْتِعْمَالِ الْجِمَارِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ جَمْعُ جَمْرَةٍ وَهِيَ الْحَصَاةُ وَمِنْهُ الْجِمَارُ فِي الْحَجِّ وَقِيلَ مِنَ الِاسْتِجْمَارِ بِالْبَخُورِ وَالْحَجَرُ يُطَيِّبُ الْمَوْضِعَ كَمَا يُطَيِّبُهُ الْبَخُورُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ اسْتِطَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْيِيبِ الْمَوْضِعِ وَالِاسْتِبْرَاءُ طَلَبُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْحَدَثِ لِأَنَّ الِاسْتِفْعَالَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ غَالِبًا لِطَلَبِ الْفِعْلِ كَالِاسْتِسْقَاءِ لِطَلَبِ السَّقْيِ وَالِاسْتِفْهَامِ لِطَلَبِ الْفَهْمِ إِذَا تَقَرَّرَتْ مَعَانِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَفِي الْجَوَاهِرِ الِاسْتِنْجَاءُ يَكُونُ عَمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ مُعْتَادًا سِوَى الرِّيحِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ إِزَالَةُ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَهِيَ زَائِلَةٌ فِي الرِّيحِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنِ اسْتَنْجَى مِنَ الرِّيحِ» وَيَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ فِيمَا عَدَا الْمَنِيِّ وَكَذَلِكَ الْمَذْيِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهن فَإِنَّهَا تجزىء عَنهُ».
قَالَ الشَّيْخ أَبُو بكر وَغَيره ويجزىء أَيْضًا فِي النَّادِرِ كَالْحَصَى وَالدَّمِ وَالدُّودِ وَأَمَّا الْمَنِيُّ وَالْمَذْيُ فَلَا يَسْتَنْجِي مِنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنَ التَّخَيُّطِ الَّذِي يُوجِبُ نَشْرَهُمَا بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ فِيمَا يُذْهَبُ فِيهِ إِلَى الْغَائِطِ وَهَذَانِ لَا يُذْهَبُ فِيهِمَا إِلَى الْغَائِطِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ جَوَّزَ الْقَاضِي الِاسْتِجْمَارَ مِنَ الدَّمِ وَالْقَيْحِ وَشِبْهِهِ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَةِ الْغَسْلُ وَتُرِكَ ذَلِكَ فِي الْبَوْل وَالْغَائِط للضَّرُورَة وَلَا ضَرُورَة هَا هُنَا وَأَمَّا الْحَصَى وَالدُّودُ يَخْرُجَانِ جَافَّيْنِ فَعِنْدَ الْبَاجِيِّ هُوَ طَاهِرٌ كَالرِّيحِ لَا يَسْتَنْجِي مِنْهُ وَلِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إِنَّمَا شُرِعَ لِإِزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَلَيْسَ هَا هُنَا عَيْنٌ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ أَدْنَى بِلَّةٍ عُفِيَ عَنْهَا كَأَثَرِ الِاسْتِجْمَارِ وَإِنْ كَانَتِ الْبِلَّةُ كَثِيرَةً اسْتَجْمَرَ مِنْهَا لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يُسْتَجْمَرُ مِنْهُ بِخِلَافِ الدَّمِ فَرْعَانِ لَهُ أَيْضًا الْأَوَّلُ الْمَرْأَةُ لَا يُجْزِيهَا الْمَسْحُ بِالْحَجَرِ مِنَ الْبَوْلِ لِتَعَدِّيةِ مَخْرَجِهِ إِلَى جِهَةِ الْمَقْعَدَةَ وَكَذَلِكَ الْخَصِيُّ الثَّانِي يَجِبُ عَلَى الثَّيِّبِ أَنْ تَغْسِلَ مِنْ فَرْجِهَا مَا تَغْسِلُ الْبِكْرُ لِأَنَّ مَخْرَجَ الْبَوْلِ قبل مخرج الْبكارَة والثوبة وَإِنَّمَا تَخْتَلِفَانِ فِي الْغَسْلِ مِنَ الْحَيْضِ فَتَغْسِلُ الثَّيِّبُ كُلَّ شَيْءٍ ظَهَرَ مِنْ فَرْجِهَا حَالَةَ جُلُوسِهَا وَالْبِكْرُ مَا دُونَ الْعُذْرَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْبَوْلَ يَجْرِي عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ فَيُغْسَلُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ مِنْ حُكْمِ الْبَاطِن بِدَلِيل أَنه لَا يستجيب غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ كَالْفَمِ وَالْأَنْفِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَيَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ كُلِّهِ مِنَ الْمَذْيِ خِلَافًا ح وش لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ الْمِقْدَادَ سَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الرَّجُلِ يَدْنُو مِنْ أَهْلِهِ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَذْيُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» والفرج ظَاهر فِي جملَة الذّكر وَقَالَ السيخ أَبُو بكر ابْن الْمُنْتَابِ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْأَذَى خَاصًّا قِيَاسًا عَلَى الْبَوْلِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَجِبُ النِّيَّةُ فِي الْغَسْلِ لِأَنَّه عِبَادَةٌ لتعدية الْغسْل مَحل الْأَذَى وَقيل لَا تحب لِأَنَّه مِنْ بَابِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَتَعْدِيَةُ مَحَلِّهِ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ أَصْلِ الْمَذْيِ وَالْمَذْيُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ السَّاكِنَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَالذَّالِ الْمُتَحَرِّكَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ.

.الطّرف الثَّالِث فِيمَا يستنجى بِهِ:

وَفِي الْجَوَاهِر هُوَ المَاء والأحجار وَجَمعهَا أَفْضَلُ لِإِزَالَةِ الْعَيْنِ وَالْأَثَرِ وَلِأَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْأَحْجَارِ فَمَدَحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المتطهرين} وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَحْجَار والاقتصار على الْأَحْجَار مجزىء لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي الحَدِيث السَّابِق: «تجزىء عَنْهُ».
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُكْرَهُ الْمَاءُ لِأَنَّهُ مطعوم وَقَالَ ابْن حبيب لَا يجزىء مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ وَخَصَّصَ الْأَحَادِيثَ بِالسَّفَرِ وَعَدَمِ الْمَاءِ وَيَقُومُ مَقَامَ الْأَحْجَارِ كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ مُنْقٍ لَيْسَ بِمَطْعُومٍ وَلَا ذِي حُرْمَةٍ وَلَا شَرَفٍ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ نَوْعِ الْأَرْضِ كَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهِ أَوْ غَيْرِ نَوْعِهَا كَالْخَزَفِ وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِمَا خِلَافًا لِأَصْبَغَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبُخَارِيِّ: «ائْتِنِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَلَا تَأْتِيَنِّي بِعَظْمٍ وَلَا رَوَثٍ» وَاسْتِثْنَاءُ هَذَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْأَحْجَارَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَلِأَصْبَغَ إِنَّ طَهَارَة الْحَدث والخبث اشتراكا فِي التَّطْهِيرِ بِالْمَاءِ وَالْجَمَادِ فَكَمَا لَا يُعْدَلُ بِغَيْرِ الْمَاءِ مِنَ الْمَائِعِ فَلَا يُعْدَلُ بِغَيْرِ جِنْسِ الْأَرْضِ مِنَ الْجَمَادِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالِاسْتِنْجَاءِ أَنَّ مَقْصُودَ الِاسْتِنْجَاءِ إِزَالَةُ الْعَيْنِ فَكُلُّ مَا أَزَالَهَا حَصَّلَ الْمَقْصُودَ وَالتَّيَمُّمُ تَعَبُّدٌ فَلَا يَتَعَدَّى مَحَلَّ النَّصِّ وَاشْتَرَطْنَا الطَّهَارَةَ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ وَالطَّهَارَةُ لَا تُحَصَّلُ بِالنَّجَاسَةِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا تَقَدَّمَ: «لَا تَأْتِيَنِّي بِعَظْمٍ وَلَا رَوَثٍ» وَاشْتَرَطْنَا أَلَّا يَكُونَ مَطْعُومًا صَوْنًا لَهُ عَنِ الْقَذَرِ وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الرَّوَثِ لِأَنَّه طَعَامٌ لِلْجَانِّ فَأَوْلَى طَعَامُنَا وَاشْتَرَطْنَا أَلَّا يَكُونَ ذَا حُرْمَةٍ حَذَرًا مِنْ أَوْرَاقِ الْعِلْمِ وَحِيطَانِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْو ذَلِك وَاشْتَرَطْنَا عَدَمَ الشَّرَفِ احْتِرَازًا مِنَ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَاشْتَرَطْنَا الْمُنَقَّى احْتِرَازًا مِنَ الزُّجَاجِ وَالْبِلَّوْرِ وَنَحْوِهِمَا لِنَشْرِهِ النَّجَاسَةَ مِنْ غَيْرِ إِزَالَةٍ فَرْعٌ قَالَ فَإِنِ اسْتَنْجَى بِعَظْمٍ أَوْ رَوَثٍ أَوْ طَعَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ خِلَافًا ش لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ إِزَالَةُ الْعَيْنِ وَفِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ خِلَافٌ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ.
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ:
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ عَلِقَتْ بِهِ رُطُوبَةُ الْمَيْتَةِ أَوْ تَعَلَّقَتِ الرَّوْثَةُ عَلَى الْمَحَلِّ تَعَيَّنَ الْغَسْلُ.
فُرُوعٌ:
الْأَوَّلُ: قَالَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُ الِاسْتِجْمَارِ بِالْحُمَمِ لِأَنَّه لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي اسْتِثْنَائِهِ وَمَنْعُهُ مَرَّةً لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ قَدِمَ وَفْدُ الْجِنِّ عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ اِنهَ أُمَّتَكَ أَنْ يَسْتَجْمِرُوا بِعَظْمٍ أَوْ رَوَثٍ أَوْ حُمَمَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَنَا فِيهَا رِزْقًا فَنَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ ذَلِكَ.
الثَّانِي: لَوِ اسْتَجْمَرَ بِأَصَابِعِهِ أَوْ ذَنَبِ دَابَّةٍ أَوْ شَيْءٍ مُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ وَأَنْقَى أَجْزَأَ خِلَافًا ش فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْأَحْجَارِ إِنْ كَانَ تَعَبُّدًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ الصُّوفُ وَالْخِرَقُ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْإِزَالَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ بِالْجَمِيعِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَلْعِ صُوفٍ مِنْ ذَنَبِ دَابَّةٍ فَيَسْتَنْجِي بِهِ أَوْ يَسْتَنْجِي بِهِ مُتَّصِلًا فَلَا هُوَ أَعْطَى التَّعْمِيمَ حُكْمَهُ وَلَا هُوَ أَعْطَى التَّخْصِيصَ حُكْمَهُ.
الثَّالِثُ: إِذَا انْفَتَحَ مَخْرَجٌ لِلْحَدَثِ وَصَارَ مُعْتَادًا اسْتَجْمَرَ مِنْهُ وَلَا يَلْحَقُ بِالْجَسَدِ وَمَا قَارَبَ الْمَخْرَجَ مِمَّا لَا انْفِكَاكَ عَنْهُ غَالِبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَخْرَجِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ مَعَ اخْتِلَافِ حَالَاتِهِمْ وَلَا يَسْتَعْمِلُونَ الْمَاءَ وَالْغَالِبُ وُقُوعُ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَخَالَفَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَةِ الْغَسْلُ.