فصل: سنة تسع وتسعين وسبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك (نسخة منقحة)



.سنة تسع وتسعين وسبعمائة:

أهل المحرم يوم الخميس.
ففيه ركب. السلطان، وتصيد ببركة الحاج، وعاد من يومه.
وفي ثانيه: استقر تغري برمش السيفي في ولاية الشرقية، عوضاً عن علي بن غلبك ابن المكللة، بحكم انتقاله إلى ولاية منفلوط، عوضاً عن بهاء الدين الكردي.
وفي خامسه: ركب الأمير سودن طاز البريد لإحضار الأمير تنم الحسني نائب الشام.
وفي عاشره: توجه السلطان إلى سرحة سرياقوس، ونزل بالقصور على العادة في كل سنة، وخرج الأمراء وأهل الدولة، فأقام إلى سادس عشرينه وعاد إلى القلعة. واستقر محمد بن قرابغا الأنباقي في ولاية أكوم الرمان، وعزل أسنبغا السيفي. وحضر الأمير علاء الدين ألطبغا نائب الملك الظاهر مجد الدين عيسى صاحب ماردين، فأنعم عليه وعلى من معه، ورتب لهم اللحوم والجرايات. وكان سبب قدومه أن الظاهر عيسى لما قبض عليه تيمور لنك وأقام في أسره، قام ألطبغا بأمر ماردين ومنع تيمور لنك منها. وكان الظاهر قد أقام في مملكة ماردين الملك الصاع شهاب الدين أحمد بن إسكندر بن الملك الصالح صالح، وهو ابن أخيه وزوج ابنته، فقاتل أصحاب تيمور قتالاً شديداً، وقتل منهم جماعة، فشق هذا على تيمور، ثم أفرج عن الظاهر بعد أن أقام في أسره سنتين وسبعة أشهر، وحلفه على الطاعة له وإقامة- الخطبة باسمه، وضرب السكة له، والقبض على ألطنبغا وحمله. فعندما حضر إلى ماردين، فر منه ألطنبغا إلى مصر، فرتب له السلطان ما يليق به.
وقدمت رسل تيمور إلى دمشق، فعوقوا بها، وحملت كتبهم إلى السلطان فإذا فيها طلب أطلمش، فأمر أن يكتب إلى أطلمش بما هو فيه ورفيقه من إحسان السلطان، وكتب جوابه بأنه متى أرسل من عنده من أصحاب السلطان، خبر إليه أطلمش.
وفي يوم السبت أول صفر: حمل محمود الأستادار إلى عند السلطان، وانتصب له سعد الدين إبراهيم بن غراب ناظر الخاص، وفجر عليه، وبالذي في محاققته، والفحش في الكلام، حتى امتلأ السلطان على محمود غضباً، وأمر بعقوبته حتى يموت، فأنزل إلى بيت الحسام شاد الدواوين.
وفي ثالثه: قدم الأمير تنم نائب الشام، فخرج السلطان إلى لقائه بالريدانية وجلس له على مطعم الطور، وبعث الأمراء والقضاة إليه، فأتوه به، وسار معه إلى القلعة، وأنزل بالميدان الكبير على موردة الجبس، وبعث إليه السماط والنفقات، وحمس بقج قماش متصل، وأجرى له الرواتب التي تقوم به، وبمن معه، فحمل تنم تقدمته، وهى عشر كواهي، وعشرة مماليك صغار في غاية الحسن، وعشرة آلاف دينار، وثلاثمائة ألف درهم، ومصحف قرآن، وسيف بسقط ذهب مرصع، وعصابة نساوية من ذهب مرصع بجواهر نفيسة، وطراز من ذهب مرصع أيضاً، وأربعة كنابيش زركش، وأربعة سروج ذهب، وبدلة فرس فيها أربعمائة دينار ذهباً، وأجرة صياغتها ثلاثة آلاف درهم فضة، ومائة وخمسون بقجة فيها أنواع الفرو، ومائة وخمسون فرساً، وخمسون جملاً، وخمسة عشر حملاً من النصافي ونحوه، وثلاثون حملاً من فاكهة وحلوى، وغير ذلك مما يؤكل، واثنتي عشرة علبة من سكر النبات.
وفي سادسه: استقر أوناط السيفي في ولاية قوص، وعزل أقبغا الزيني.
وفي سابعه: على السلطان إلى بر الجيزة ومعه الأمير تنم، ونزل على شاطئ النيل تجاه القاهرة، وتصيد، ثم عاد في ثالث عشره.
وفيه استقر تاج الدين عبد الغني بن صورة في توقيع الدست، عوضاً عن ولي الدين أحمد بن تقي الدين ناظر الجيش.
وفي سابع عشره: جلس السلطان بدار العدل، وركب الأمير تنم في الموكب تحت القلعة بمنزلة النيابة، وطلع إلى دار العدل، وخلع عليه خلعة الاستمرار. وجرت له من الإصطبل ثمانية جنايب بكنابيش وسروج ذهب.
وفيه استقر شرف الدين محمد بن الدماميني في حسبة القاهرة، وصرف شمس الدين محمد المخانسي.
وفي تاسع عشره: استقر شمس الدين محمد بن أحمد بن محمود النابلسي في قضاء الحنابلة بدمشق، وكان قد حضر مع الأمير تنم. واستقر تاج الدين عبد الرزاق الملكي ناظر ديوان الأمير تنم- وقد حضر معه أيضا إلى القاهرة- في نظر الجيش بدمشق، عوضاً عن شمس الدين بن مشكور، وخلع عليهما.
وفيه خرج البريد بطلب الأمير جُلْبان من دمياط.
وفي عشرينه: لبس الأمير تنم قباء السفر، وتوجه في حادي عشرينه إلى نيابته بدمشق.
وفي خامس عشرينه: عدى السلطان إلى بر الجيزة، وعاد في سابع عشرينه.
وفيه قدم الأمير جلبان الكمشبغاوي من دمياط ومثل بحضرة السلطان، وقبل الأرض، فصفح عنه وألبسه خلعة الرضا، وأنعم عليه بإقطاع الأمير فخر الدين إياس الجرجاوي، وجعله أتابك العساكر بدمشق، وبعث إليه بثمانية أفراس، منها فرس بقماش ذهب.
وفيه سلم إياس الجرجاوي أتابك دمشق إلى ابن الطبلاوي ليخلص منه المال، فالتزم بخمسمائة ألف درهم، وبعث مملوكه لإحضار ماله من دمشق فخلى عنه وهو مريض، فمات بعد يومين.
وفي يوم الخميس رابع ربيع الأول: قبض على الوزير الصاحب سعد الدين نصر اللّه بن البقري، وولده تاج الدين، وسائر حواشيه، واستقر عوضه في الوزارة بدر الدين محمد بن محمد بن محمد بن الطوخي، واستقر عوضه في نظر الدولة سعد الدين الهيصم.
وفي ثامنه: استقر شرف الدين محمد بن الدماميني في نظر الجيش بعد موت جمال الدين محمود العجمي القيصري، على أربعمائة ألف درهم فضة، قام بها بعد ما حمل في ولاية الحسبة بالقاهرة مائتي ألف وخمسين ألف درهم فضة، سرق ذلك كله وأضعافه من مال الأمير محمود الأستادار، فإنه كان رفيقاً لسعد الدين إبراهيم بن غراب في مباشرته.
وفي تاسعه: استمر شمس الدين محمد بن أحمد بن أبى بكر الطرابلسي، في ضاء القضاة الحنفية، عوضاً عن الجمال محمود العجمي، وهذه ولائَه الثانية. وولي كليهما من غير بذل مال، ولا سعى، بل يطلب لذلك. واستقر البهاء محمد بن البرجي في حسبة القاهرة، عوضاً عن ابن الدماميني بمال قدام به. ولم يل قط إلا بمال، فتشاءم الناس بولايته من أجل أن القمح كان الأردب منه بنحو ثمانية وعشرين درهماً، والبطة الدقيق أحد عشر درهماً، والخبز ستة أرطال بدرهم، فأبيع القمح بستة وثلاثين الأردب، والبطة المقيق بأربعة عشر درهماً، والخبز دون الخمسة أرطال درهم.
وفي سادس عشره: استقر أنواط اليوسفي في نيابة الوجه القبلي، وعزل عمر بن إلياس، وخرج البريد بطلبه. واستقر محمد بن العادلي في ولاية قوص عوضاً عن أنواط.
وفي تاسع عشره: قدم الأمير طولو بن علي شاه من بلاد الروم، وقد توجه في الرسالة إلى خوندكار بن عثَمان، وأخبر بأنه واقع الأكروس، وظفر منهم بغنائم كثيرة، وقتل خلائق لا تحصى، وأن شمس الدين محمد بن الحزري لحق بابن عثمان، فبالغ في إكرامه، وجعل له في اليوم مائة وخمسين درهماً نقرة.
وكان خبره أنه لما فر من القاهرة ركب البحر من الإسكندرية إلى أنطاكية في ثلاثة أيام يريد اللحاق بابن عثمان، فإنه أقرأ بدمشق القراءات رجلاً من الروم يقال له حاجي مؤمن، صار من عظماء أصحاب ابن عثمان، فأكرمه متولي أنطاكية، وبعث به إلى برصا- دار ملك ابن عثمان- من بلاد الروم، فتلقاه أهل برصا، ودخل على ابن عثمان، فأكرمه وأجزى عليه المرتب المذكور، وقاد إليه تسعة أروس من الخيل وعدة مماليك وجواري، وصار يعد من العظماء.
وورد الخبر أيضاً بأن الوزير تاج الدين عبد الرحيم بن أبي شاكر فر من دمشق، وصار من بيروت إلى عند ابن عثمان، فأكرمه، وأجرى عليه في اليوم خمسين درهماً.
وفي حادي عشرينه: قدمت هدية الملك الأشرف ممهد الدين إسماعيل بن الأفضل عباس بن المجاهد على بن داود بن يوسف بن عمر بن رسول، متملك اليمن، صحبة برهان الدين إبراهيم المحلى للتاجي، والطواشي افتخار الدين فاخر، وهي عشرة خدام طواشية، وأربعة عبيد وست جواري، وسيف بحلية ذهب، مرصع بعقيق، وحياصة، بعواميد عقيق مكلل بلؤلؤ كبار، ووجه فرس مرآة هندية، محلاة بفضة قد رصعت بعقيق وبراشيم وحشية برسم الخيول عشرة، ورماح عدة مائتين، وشطرنج عقيق أبيض وأحمر، وأربع مراوح مطرطقة بذهب، ومسك ألف مثقال، وعنبر خام ألف مثقال، وزباد سبعون أوقية، ومائة مضرب غالية، ومائتي وستة عشر رطلاً من العود، وثلاثمائة واثنتين وأربعين رطلاً من اللبان الجاوي، وثلاثمائة وأربعة وستون رطلاً من الصندل، وأربع براني من الشند وسبعمائة رطل من الحرير الخام، ومن البهار والأنطاع والصيني، وغير ذلك من تحف اليمن والهند.
وفي ثاني عشرينه: عدى السلطان إلى بر الجيزة، وعاد في يوم الأربعاء ثاني ربيع الآخر، فصاح العوام، وشكوا من ابن البرجي المحتسب، وسألوا عزله.
وفي ثالثه: وقف أوباش العامة تحت القلعة، ورصدوا ابن البرجي حتى نزل، ورجموه بالحجارة حتى كاد يهلك، لولا امتنع ببيت بعض الأمراء. وكان ذلك بإغراء المخانسي وتفرقته مبلغ مائتي درهم في عدة من أوباش العامة ليرجموا ابن البرجي، ويسألوا عزله وعود المخانسي، فتم له ذلك واشتد صراخ العامة بعد رجم البرجي، وهو يسألون عزله وولاية المخانسي فاستدعى وخلع عليه من يومه.
وفي خامسه: استقر محمد بن عمر بن عبد العزيز أميراً على هوارة، بعد موت أبيه.
وفي ثامنه: ركب شرف الدين محمد بن الدماميني بفوقانية من صوف أخضر وعذبته مسبلة عليها من وراء ظهره. ولم يعهد قبله أحد من القضاة الذين يلبسون الجبة، ويلبسون العذبة، يلبس جبة ملونة، بل دائماً لا يلبسون شتاء ولا صيفا إلا الجبة البيضاء، ففي الصيف من القطن، وفي الشتاء من الصوف، وكذلك كان الوزراء وأكابر الفقهاء، وأعيان الكتاب، لا يلبسون في الخدمة السلطانية وأوقات الركوب وعند لقاء بعضهم بعضاً إلا البياض دائماً، فغير الناس ذلك، وصاروا يلبسون الملونات من الصوف بأمر السلطان لهم على لسان كاتب السر.
وفي ثالث عشره: أحضر طيبغا الزيني والي الفيوم، فسلم لابن الطبلاوي ليعاقبه واستقر ألطنبغا عوضه والي البهنسا، واستقر عوضه في البهنسا خليل بن الطوخي. وفيه ولدت امرأة أربعة أولاد في بطن، عاش منهم أحدهم.
وفيه تنكر السلطان على قاضي القضاة صدر الدين محمد المناوي، لحدهَ خُلقه.
وفي يوم الخميس ثاني جمادى الأولى توجه الحسام حسين شاد الدواويِن إلى مساحة البلاد السلطانية بالوجه القبلي. ونُقل الأمير محمود إلى خزانة شمايل في ليلة الجمعة ثالثه وهو مريض، فسجن بها.
وفيه أنعم على أمير خضر بن عمر بن أحمد بن بَكتنُر الساقي بإمرة عشرة.
وفي سادسه: عدى السلطان إلى بر الجيزة، وفرق الخيول على الأمراء، كما هي العادة في كل سنة، وعاد في عشرينه.
وفي يوم الخميس ثاني عشرينه: استدعى تقي الدين عبد الرحمن الزبيري، أحد الخلفاء الحكم، وفرض إليه قضاء القضاة، عوضاً عن الصدر محمد المناوي، ونزل معه الأمير قَلَمْطاي الدوادار، والأمير نوروز الحافظي رأس نوبة، والأمير فارس حاجب الحجاب في عدة من الأمراء، وكاتب السر، والقضاة، والأعيان، وعليه التشريف. ولم تخطر ولايته ببال أحد، بل طلبه السلطان على بغتة، فشق ذلك على المناوي، وعظم عليه أن عزل بنائبه.
وفي سادس عشر جمادى الآخرة: أنعم على بيسق الشيخي بإمرة طبلخاناه. وقدم سري الدين محمد بن المسلاتي من دمشق بعد عزله.
وفي هذا الشهر: اشتد الغلاء بدمشق، فخرج الناس يستسقون، وثاروا برجل يعرف بابن النشو، كان يحتكر الغلال، وقتلوه شر قتلة، وأحرقوه بالنار.
وفيه استقر ألطنبغا حاجب غزة في نيابة الكرك، وعزل ناصر الدين بن مبارك بن المهمندار.
وفي سابع عشرين رجب: استقر عماد الدين أحمد بن عيسى المقيري الكركي في خطابة القدس، بعد وفاة سري الدين محمد بن المسلاني. واستقر عوضه في تدريس الجامع الطولوني شيخ الحديث زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي وسراج الدين عمر بن الملقن عوضه في تدريس وقف الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بقبة الملك المنصور من المارستان. واستقر عوضه في نظر وقف الملك الصالح هذا شهاب الدين أحمد بن عبد اللّه النحريري المالكي، واستقر علاء الدين علي بن أبي البقاء في قضاء الشافعية بدمشق مرة ثانية، عوضاً عن سري الدين أبو الخطاب محمد بن محمد.
وفي ليلة الأحد ثامن شعبان- وحادي عشر بشنس-: أبرقت وأرعدت وجاء مطر بعد المغرب، قلما عهد مثله، وهذا من عجيب ما يقع بأرض مصر، ثم أمطرت، غير مرة من الليل.
وفي سادس عشره: استقر صَرْغَتْمش القزويني الخاصكي في نيابة الإسكندرية، وعزل قديد ونفي إلى القدس، ونفي أيضاً صلاح الدين محمد بن تنكز إلى الإسكندرية، وخرج البريد بارتجاع إقطاع أحمد بن يلبغا، وألجبغا الجمالي وخضر الكريمي، فأقاموا بطالين بالبلاد الشامية، وأنعم على شيخ المحمودي بإقطاع صرغتمش القزويني، وعلى طَغَثْجي نائب البيرة بإقطاع شيخ، وعلى يشبك العثماني بإقطاع صلاح الدين محمد ابن تنكز، وعلى شيخ السليماني بعشرة يشبك العثماني واستقر علاء الدين علي بن الطلاوي، عوضاً عن ابن تنكز في أستادارية الأملاك والأوقاف السلطانية، مضافاً لما بيده. واستقر سعد الدين الهيصم في صحابة الديوان المفرد. واستقر عوضه في الاستيفاء بالديران المفرد الأسعد البحلاق النصراني.
وفي تاسع عشره: خلع على الأمير حسام الدين حسن الكجكني عند فراغه من عمل الجسور بالبهنساوية، وأتقنها إتقاناً جيداً، ولم يقبل لأحد شيئاً من المأكول، فضلاً عن المال.
وفي ثاني عشرينه: استقر زين الدين شعبان بن محمد بن داود الآتاري في حسبة مصر، عوضاً عن نور الدين علي بن عبد الوارث البكري بمال التزم به.
وفي ثالث عشرينه: قدمت رسل ابن عثمان متملك الروم إلى ساحل بولاق فخرج إليهم الحاجب بالخيول السلطانية حتى ركبوها إلى حين أنزلوا بحار أعدت لهم.
وفي يوم الجمعة رابع رمضان: أقيمت الخطبة بالجامع الأقمر من القاهرة، وخطب فيه شهاب الديِن أحمد بن موسى بن إبراهيم الحلبي الحنفي- أحد نواب القضاة الحنفية- ولم يعهد فيه قط خطبة، لكن لما جدد الأمير يلبغا السالمي عمارته بنى على بابه مناراً يؤذن عليه، ولم يكن به منارة قبل ذلك، وجدد بوسطه بركة ماء، وبصدره- بحد المحراب- منبراً، فاستمر ذلك.
وفي سابعه: قدَّم رسل ابن عثمان هدية مرسلهم. وأحضر صلاح الدين محمد بن تنكز من الإسكندرية، ورسم بإقامته بدمشق، متحدثاً على أوقاف جده تنكز بغير إمرة. فسار إليها.
وفي حادي عشره: استقر عوض التركماني في ولاية بلبيس، وعزل تغري برمش، واستقر عمر بن إلياس في ولاية منفلوط، وعزل علي بن غَلْبَك بن المكللة، واستقر شاد دواليب الخاص بمنفلوط.
وفيه ترافع شهاب الدين أحمد بن عمر بن قطينه، وسعد الدين الهيصم، ناظر الدولة، فألزم الهيصم بحمل مائة ألف درهم.
وفيه أخذ قاع النيل، فكان خمسة أذرع، وخمسة وعشرين إصبعاً.
وفي ساس عشرينه: استقر الأمير يلبغا الأحمدي المجنون أستادار السلطان عوضاً عن الأمير قَطْلوبَك العلاي، واستقر قطلوبك على إمرته بعشرين فارساً فتحدث، المجنون في الأستادارية والكشف. وقبض على ناصر الدين محمد بن محمود الأستادار، وألزم بثلاثة آلاف دينار بعد موت أبيه، فعوقب عند ابن الطبلاوي عقوبة عظيمة.
وفيه استقر علاء الدين على البغدادي الشريف في ولاية دمياط، بعد موت أحمد الأرغوني.
وقدم الوزير تاج الدين عبد الرحيم بن أبي شاكر من بلاد الروم، بعد ما أسره الفرنج، فلزم داره.
وقدم البريد بوصول عساكر تيمور لنك إلى أزرنكان من بلاد الروم. وقتل كثير من التركمان، فتوجه الأمير تمربغا المنجكي على البريد لتجهيز عساكر الشام إلى أرزنكان، وندب شهاب الدين أحمد بن عمر بن قطينة، لتجهيز الشعير برسم الإقامات في منازل طريق الشام. وكان في أثناء هذه السنة قد قبض الأمير بَكْلَمِش العلاي أمير سلاح علي زين الدين مهنا- دواداره- بمرافعة موقعه وشاهد ديوانه، صفي الدين أحمد ابن محمد بن عثمان الدميري، وأخذ منه أربعمائة ألف وخمسين ألف درهم، ثم أفرج عنه، وقبض على الصفي الدميري وبالغ في عقوبته، وأخذ منه مائة ألف درهم.
وفيه استقر شمس الدين أينبغا التركماني الحنفي في مشيخة القوصونية، وعزل تاج اللين محمد بن الميموني.
وفي أول ذي القعدة: استقر ألطنبغا السيفي والي الفيوم في نيابة الوجه القبلي وعزل أوناط. واستقر قرابغا مُفرق إلى أطيفح في ولاية الفيوم وكشفها، واستقر أسندَمر الظاهري في ولاية أطفيح.
وفي يوم الجمعة ثامنه- وهو عاشر مسري-: أوفى النيل ستة عشر ذراعاً فركب السلطان إلى المقياس، وفتح الخليج على العادة.
وفي عاشره: استقر قطلوبغا التركماني الخليلي أمير آخور في ولاية البهنسا، عوضاً عن خليل بن الطوخي واستقر طيبغا الزيني في ولاية الجيزة، وعزل محمد بن حسن بن ليلى وضرب وصودر.
وفي عشرينه: قتل الأمير أو بكر بن الأحدب، أمير عرك من سيوط، فأقيم بدله في الإمرة أخوه عثمان بن الأحدب، واستقر محمد بن مسافر في ولاية قوص، وعزل إبراهيم بن محمد بن مقبل.
وفي أول ذي الحجة: توعك بدن السلطان إلى تاسعه، فنودي بالزينة، فزينت القاهرة ومصر، ودقت البشائر لعافية السلطان.
وفي يوم الثلاثاء عاشره: نزل السلطان إلى الميدان تحت القلعة، وصلى صلاة عيد النصر على العادة.
وفي سادس عشره: جلس بدار العدل.
وفي ثالث عشرينه: ركب إلى خارج القاهرة، وعبر من باب النصر، وعاد إلى القلعة من باب زويلة، فقلعت الزينة.
وفي سادس عشرينه: انتهت زيادة النيل إلى خمسة عشر إصبعاً من عشرين ذراعاً، وثبت إلى ثاني بابه، وانحط. ومع ذلك فالسعر في سائر الأشياء غال، والبطة الدقيق بأكثر من اثني عشر درهماً.
وفيه توجه السلطان إلى السرحة بناحية سرياقوس، ونزل بالقصور على العادة في كل سنة.
وفي ثامن عشرينه: قدم مبشرو الحاج بالأمن والرخاء.
وفيها ولي شرف الدين موسى بن محمد بن محمد بن جمعة الأنصاري، قضاء الشافعية بحلب، عوضاً عن شمس الدين محمد الأخناي.

.ومات في هذه السنة ممن له ذكر:

من الأعيان شهاب الدين أحمد الأرغوني متولي دمياط في شوال.
ومات إسماعيل بن الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، بقلعة الجبل، في خامس عشرين شوال. وكان قد تأمر في أيام الأشرف شعبان.
ومات أسنبغا التاجي، أحد أمراء العشراوات.
ومات إياس الجرجاوي نائب طرابلس، وأحد أمراء الألوف بالقاهرة.
ومات أبو بكر بن محمد بن واصل، المعروف بابن الأحدب، أمير عرك، في عشرين ذي القعدة قتيلاً.
ومات بيبرس التمان تمري أمير آخور، في رابع عشر جمادى الآخرة.
ومات عمر بن عبد العزيز أمير هوارة.
ومات الشيخ المعتقد حسن القشتمري، في تاسع عشر جمادى الأولى.
ومات شعبان بن الملك الظاهر برقوق، وهو طفل، في ثامن عشرين ربيع الأول.
ومات الشيخ المسند المعمر زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن مبارك بن حماد الغزي، المعروف بابن الشيخة الشافعي. ولد في سنة خمس عشرة وسبعماية تخميناً. وأخذ الفقه على مذهب الشافعي عن التقي السبكي. وحدث بصحيحي البخاري ومسلم، وسنن أبي داود، وموطأ مالك، وغير ذلك مما يطول شرحه، وتصدى للأسماع عدة سنين، حتى مات في تاسع عشرين ربيع الآخر خارج القاهرة، وكان شيخاً مباركاً.
ومات الشيخ نور الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد العزيز العقيلي- بفتح العين المكي، إمام المالكية بالمسجد الحرام، وأخو القاضي أبى الفضل المعروف بالفقيه على النوبري، في ثاني جمادى الأولى بمكة، وسمع وحدث.
ومات علي النًوَساني، شيخ ناحية صندفاً من الغربية، في ثالث عشر شوال، وكان له ثراء واسع.
ومات زين الدين قاسم بن محمد بن إبراهيم المغربي المالكي، في حادي عشر المحرم، درس الفقه زماناً باب مع الأزهر، وكتب على الفتوى، وكان متديناً خيراً.
ومات محب الدين محمد بن شمس الدين محمد الطُرَيْني أحد نواب القضاة الشافعية، خارج القاهرة، في ليلة الثلاثاء ثالث عشر المحرم.
ومات الشيخ محب الدين محمد بن الشيخ جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام النحوي، في ليلة الاثنين رابع عشرين رجب، وقد تصدر لإقراء النحو سنين. وكان خيراً ديناً.
ومات شمس الدين محمد بن علي بن حسب الله بن حسون الشافعي، في عاشر شعبان.
ومات ناصر الدين محمد بن فخر الدين أياز الدواداري، أحد أمراء الطبلخاناه.
ومات سري الدين أبو الخطاب محمد بن محمد بن عبد الرحيم بن علي بن عبد الملك، المعروف بابن المسلاني، قاضي القضاة الشافعية بدمشق. مات بالقاهرة في يوم الخميس سابع عشرين رجب.
ومات شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي بكر الطرابلسي، قاضي القضاة الحتفية بالقاهرة ومصر، في يوم السبت ثامن عشرين ذي الحجة، وكان من خيار من ولي القضاء عفة، وصرامة وشهامة.
ومات جمال الدين محمود بن محمد القيصري العجمي قاضي القضاة الحنفية وناظر الجيوش، وشيخ الشيخونية، في ليلة الأحد سابع ربيع الأول.
ومات الأمير جمال الدين محمود بن علي بن أصفر. عينه الأستادار، في يوم الأحد تاسع رجب، بخزانة شمايل، بعد ما نكب نكبة شنعة، ودفن بمدرسته خارج باب زويلة وجملة ما أخذ منه في مصادرته للسلطان ألف ألف دينار، أربعمائة ألف دينار ذهباً، وألف ألف درهم فضة، وبضائع وغلال، وغير ذلك بألف ألف درهم فضة، وتلف له وأخفي هو شيئاً كثيراً.
ومات الوزير الصاحب سعد الدين نصر الله بن البقري القطبي الأسلمي، في ليلة الاثنين رابع جمادى الآخرة، مخنوقاً بعد عقوبة شديدة.
ومات الشريف إبراهيم بن عبد الله الأخلاطي، في يوم الأربعاء تاسع عشرين جمادى الأولى.
ومات قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس أحمد بن إسماعيل بن محمد بن أبي العز بن صالح بن أبي العز وهيب بن عطا بن جبير بن جابر بن وهيب المعروف بابن أبي العز، قتيلاً بدمشق، في مستهل ذي الحجة. وقد باشر قضاء مصر، كما تقدم في سنة سبع وسبعين، واستعفى ومضى إلى دمشق، وولي بها قضاء القضاة الحنفية غير مرة، وصرف، فلزم بيته حتى مات، رحمه الله.