فصل: وفود حسان بن ثابت على النعمان بن المنذر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقد الفريد **


  وفود حاجب بن زرارة على كسرى

العتبي عن أبيه‏:‏ إن حاجب بن زرارة وفد على كسرى لما منع تميماً من ريف العراق فاستأذن عليه فأوصل إليه‏:‏ أسيد العرب أنت قال‏:‏ لا قال‏:‏ فسيد مضر قال‏:‏ لا قال‏:‏ فسيد بني أبيك أنت قال‏:‏ لا‏.‏

ثم أذن له فلما دخل عليه قال له‏:‏ من أنت قال‏:‏ سيد العرب قال‏:‏ أليس قد أوصلت إليك أسيد العرب فقلت لا حتى اقتصرت بك على بني أبيك فقلت لا قال له‏:‏ أيها الملك لم أكن كذلك حتى دخلت عليك فلما دخلت عليك صرت سيد العرب قال كسرى‏:‏ آه املئوا فاه دراً‏.‏

ثم قال‏:‏ إنكم معشر العرب غدر فإن أذنت لكم أفسدتم البلاد وأغرتم على العباد وآذيتموني‏.‏

قال حاجب‏:‏ فإني ضامن للملك أن لا يفعلوا قال‏:‏ فمن لي بأن تفي أنت قال أرهنك قوسي‏.‏

فلما جاء بها ضحك من حوله وقالوا‏:‏ لهذه العصا يفي‏!‏ قال كسرى‏:‏ ما كان ليسلمها لي لشيء أبداً فقبضها منه وأذن لهم أن يدخلوا الريف‏.‏

ومات حاجب بن زرارة فارتحل عطارد بن حاجب إلى كسرى يطلب قوس أبيه فقال له‏:‏ فلما وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم عطارد بن حاجب وهو رئيس تميم وأسلم على يديه أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يقبلها فقالوا‏:‏ يا رسول الله هلك قومك وأكلتهم الضبع يريدون الجوع - والعرب يسمون السنة الضبع والذئب‏.‏

قال جرير‏:‏ من ساقه السنة الحصاء والذيب - فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم فأحيوا وقد كان دعا عليهم فقال‏:‏ اللهم اشدد وطأتك على مضر وابعث عليهم سنين كسني يوسف‏.‏

  وفود أبي سفيان إلى كسرى

الأصمعي قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن دينار عن عبد الله بن بكر المري قال‏:‏ قال أبو سفيان‏:‏ أهديت لكسرى خيلاً وأدماً فقبل الخيل ورد الأدم وأدخلت عليه فكان وجهه وجهين من عظمه فألقى إلي مخدة كانت عنده فقلت‏:‏ وا جوعاه‏!‏ أهذه حظي من كسرى بن هرمز قال‏:‏ فخرجت من عنده فما أمر على أحد من حشمة إلا أعظمها حتى دفعت إلى خازن له فأخذها وأعطاني ثمانمائة إناء من فضة وذهب‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ فحدثت بهذا الحديث النوشجان الفارسي فقال‏:‏ كانت وظيفة المخدة ألفاً أن الخازن اقتطع منها مائتين‏.‏

  وفود حسان بن ثابت على النعمان بن المنذر

قال‏:‏ وفد حسان بن ثابت على النعمان بن المنذر قال‏:‏ فلقيت رجلاً ببعض الطريق فقال لي‏:‏ أين تريد قلت‏:‏ هذا الملك قال‏:‏ فإنك إذا جئته متروك شهراً ثم تترك شهراً آخراً ثم عسى أن يأذن لك فإن أنت خلوت به وأعجبته فأنت مصيب منه خيراً وإن رأيت أبا أمامة النابغة فاظغن فإنه لا شيء لك‏.‏

قال‏:‏ فقدمت عليه ففعل بي ما قال‏:‏ ثم خلوت به وأصبت مالاً كثيراً ونادمته‏.‏

فبينما أنا معه إذا رجل يرتجز حول القبة ويقول‏:‏ أنام أم يسمح رب القبة يا أوهب الناس لعنس صلبه ضرابة بالمشفر الأذبة ذات نجاء في يديها جذبه فقال النعمان‏:‏ أبو أمامة‏!‏ ائذنوا له‏.‏

فدخل فحياه وشرب معه ووردت النعم السود ولم يكن لأحد من العرب بعير أسود غيره ولا يفتحل أحد فحلاً أسود‏.‏

فاستأذنه النابغة في الإنشاد فأذن له فأنشده قصيدته التي يقول فيها‏:‏ فأمر له بمائة ناقة من الإبل السود برعاتها‏.‏

فما حسدت أحداً قط حسدي له في شعره وجزيل عطائه‏.‏

  وفود قريش على سيف بن ذي يزن بعد قتله الحبشة

نعيم بن حماد قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري قال‏:‏ قال ابن عباس‏:‏ لما ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة وذلك بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها تهنئه وتمدحه وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثأر قومه‏.‏

فأتاه وفد قريش فيهم‏:‏ عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس وأسد بن عبد العزى وعبد الله بن جدعان فقدموا عليه وهو في قصر له يقال غمدان - وله يقول أبو الصلت والد أمية بن أبي الصلت‏:‏ ليطلب الثأر أمثال ابن ذي يزن لجج في البحر للأعداء أحوالا أني هرقل وقد شالت نعامته فلم يجد عنده القول الذي قالا ثم انثنى نحو كسرى بعد تاسعة من السنين لقد أبعدت إيغالا من مثل كسرى وبهرام الجنود له ومثل وهرز يوم الجيش إذ جالا لله درهم من عصبة خرجوا ما إن رأينا لهم في الناس أمثالا صيداً جحاجحة بيضاً خضارمة أسداً تربب في الغابات أشبالا أرسلت أسداً على سود الكلاب فقد غادرت أوجههم في الأرض أفلالا اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً في رأس غمدان داراً منك محلالا ثم اطل بالمسك إذ شالت نعامتهم وأسبل اليوم في برديك إسبالا تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا فطلبوا الإذن عليه فإذن لهم فدخلوا فوجدوه متضمخاً بالعنبر يلمع وبيص المسك في مفرق رأسه وعليه بردان أخضران قد ائتزر بأحدهما وارتدى بالآخر وسيفه بين يديه والملوك عن يمينه وشماله وأبناء الملوك والمقاول‏.‏

فدنا عبد المطلب فاستأذنه في الكلام فقال له‏:‏ قل فقال إن الله تعالى أيها الملك أحلك محلاً رفيعاً صعباً منيعاً باذجاً شامخاً وأنبتك منبتاً طابت أرومته وعزت جرثومته ونبل أصله وبسق فرعه في أكرم معدن وأطيب موطن فأنت - أبيت اللعن - رأس العرب وربيعها الذي به تخصب وملكها الذي له تنقاد وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي إليه يلجأ العباد سلفك خير سلف وأنت لنا بعدهم خير خلف ولن يهلك من أنت خلفه ولن يخمل من أنت سلفه‏.‏

نحن أيها الملك أهل حرم الله وذمته وسدنة بيته أشخصنا إليك الذي أنهجك لكشفك الكرب الذي فدحنا فنحن وفد التهنئة لا وفود المرزئة‏.‏

قال‏:‏ من أنت أيها المتكلم قال‏:‏ أنا عبد المطلب بن هاشم قال‏:‏ ابن أختنا قال‏:‏ نعم‏.‏

فأدناه وقربه ثم أقبل عليه وعلى القوم وقال‏:‏ مرحباً وأهلا وناقة ورحلا ومستناخاً سهلا وملكاً ربحلا يعطى عطاء جزلا فذهبت مثلا‏.‏

وكان أول ما تكلم به‏:‏ قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتكم فأهل الشرف والنباهة أنتم ولكم القربى ما أقمتم والحباء إذا ظعنتم‏.‏

قال‏:‏ ثم استنهضوا إلى دار الضيافة والوفود وأجريت عليهم الأنزال فأقاموا ببابه شهراً لا يصلون إليه ولا يأذن لهم في الانصراف‏.‏

ثم انتبه إليهم انتباهة فدعا بعبد المطلب من بينهم فخلا به وأدنى مجلسه وقال‏:‏ يا عبد المطلب إني مفوض إليك من سر علمي أمراً لو غيرك كان لم أبح له به ولكني رأيتك موضعه فأطلعتك عليه فليكن مصوناً حتى يأذن الله فيه فإن الله بالغ أمره‏:‏ إني أجد في العلم المخزون والكتاب المكنون الذي ادخرناه لأنفسنا واحتجبناه دون غيرنا خبراً عظيماً وخطراً جسيماً فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس كافة ولرهطك عامة ولنفسك خاصة‏.‏

قال عبد المطلب‏:‏ مثلك يا أيها الملك من بر وسر وبشر ما هو فداك أهل الوبر زمراً بعد قال ابن ذي يزن‏:‏ إذا ولد مولود بتهامة بين كتفيه شامة كانت له الإمامة إلى يوم القيامة‏.‏

قال عبد المطلب‏:‏ أبيت اللعن‏.‏

لقد أبت بخير ما آب به أحد فلولا إجلال الملك لسألته أن يزيدني في البشارة ما أزداد به سروراً‏.‏

قال ابن ذي يزن‏:‏ هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه قد ولدناه مراراً والله باعثه جهاراً وجاعل له منا أنصاراً يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه ويفتتح كرائم الأرض ويضرب بهم الناس عن عرض يخمد الأديان ويدحر الشيطان ويكسر الأوثان ويعبد الرحمن قوله حكم وفصل وأمره حزم وعدل يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله‏.‏

فقال عبد المطلب‏:‏ طال عمرك ودام جدك وعز فخرك فهل الملك يسرني بأن يوضح فيه بعض الإيضاح فقال ابن ذي يزن‏:‏ والبيت ذي الطنب والعلامات والنصب إنك يا عبد المطلب لجده من غير كذب‏.‏

فخر عبد المطلب ساجداً‏.‏

قال ابن ذي يزن‏:‏ ارفع رأسك ثلج صدرك وعلا أمرك فهل أحسست شيئاً مما ذكرت لك قال عبد المطلب‏:‏ أيها الملك كان لي ابن كنت له محباً وعليه حدباً مشفقاً فزوجته كريمة من كرائم قومه يقال لها آمنة بنت وهب بن عبد مناف فجاءت بغلام بين كتفيه شامة فيه كل ما ذكرت من علامة مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه‏.‏

قال ابن ذي يزن‏:‏ إن الذي قلت لك كما قلت فاحفظ ابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلاً اطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون لكم الرياسة فيبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل وهم فاعلون وأبناؤهم‏.‏

ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مهاجر‏.‏

فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب دار هجرته وبيت نصرته ولولا أني أتوقى عليه الآفات وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنة أمره وأوطأت أقدام العرب عقبه ولكني صارف ذلك إليك عن غير تقصير مني بمن معك‏.‏

ثم أمر لكل رجل منهم بعشرة أعبد وعشر إماء سود وخمسة أرطال فضة وحلتين من حلل اليمن وكرش مملوءة عنبراً‏.‏

وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك وقال‏:‏ إذا حال الحول فأنبئني بما يكون من أمره‏.‏

فما حول الحول حتى مات ابن ذي يزن فكان عبد المطلب بن هاشم يقول‏:‏ يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك فإنه إلى نفاذ ولكن يغبطني بما يبقى لي ذكره وفخره لعقبي فإذا قالوا له‏:‏ وما ذاك قال سيظهر بعد حين‏.‏

  وفود عبد المسيح على سطيح جرير بن حازم

عن عكرمة ابن عباس قال‏:‏ لما كان ليلة ولد النبي صلى الله عليه وسلم ارتج إيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شرفة فعظم ذلك على أهل مملكته فما كان أوشك أن كتب إليه صاحب اليمن يخبره أن بحيرة ساوة غاضت تلك الليلة وكتب إليه صاحب السماوة يخبره أن وادي السماوة انقطع تلك الليلة وكتب إليه صاحب طبرية أن الماء لم يجر تلك الليلة في بحيرة طبرية وكتب إليه صاحب فارس يخبره أن بيوت النيران خمدت تلك الليلة ولم تخمد قبل ذلك بألف سنة‏.‏

فلما تواترت الكتب أبرز سريره وظهر لأهل مملكته فأخبرهم الخبر فقال الموبذان‏:‏ أيها الملك إني رأيت تلك الليلة رؤيا هالتني قال له‏:‏ وما رأيت قال‏:‏ رأيت إبلاً صعاباً تقوم خيلاً عراباً قد اقتحمت دجلة وانتشرت في بلادنا قال‏:‏ رأيت عظيماً فما عهدك في تأويلها قال‏:‏ ما عندي فيها ولا في تأويلها شيء ولكن أرسل إلى عاملك بالحيرة يوجه إليك رجلاً من علمائهم فإنهم أصحاب علم بالحدثان فبعث إليه عبد المسيح بن نفيلة الغساني فلما قدم عليه أخبره كسرى الخبر فقال له‏:‏ أيها الملك والله ما عندي فيها ولا في تأويلها شيء ولكن جهز إلى خال لي بالشام يقال له سطيح قال‏:‏ جهزوه فلما قدم على سطيح وجده قد احتضر فناداه فلم يجبه وكلمه فلم يرد عليه فقال عبد المسيح‏:‏ أصم أم يسمع غطريف اليمن يا فاصل الخطة أعيت من ومن أتاك شيخ الحي من آل سنن أبيض فضفاض الرداء والبدن رسول قيل العجم يهوي للوثن لا يرعب الوعد ولا ريب الزمن فرفع إليه رأسه وقال‏:‏ عبد المسيح على جمل مشيح إلى سطيح وقد أوفى على الضريح بعثك ملك بني ساسان لارتجاج الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد اقتحمت في الواد وانتشرت في البلاد‏.‏

يا عبد المسيح إذا ظهرت التلاوة وفاض وادي السماوة وغاضت بحيرة ساوة وظهر صاحب الهراوة وخمدت نار فارس فليست بابل للفرس مقاماً ولا الشام لسطيح شاما يملك منهم ملوك وملكات عدد سقوط الشرفات وكل ما هو آت آت‏.‏

ثم قال‏:‏ إن كان ملك بني ساسان أفرطهم فإن ذا الدهر أطوار دهارير منهم بنوا الصرح بهرام وإخوته والهرمزان وسابور وسابور فربما أصبحوا منهم بمنزلة يهاب صولهم الأسد المهاصير والناس أولاد علات فمن علموا أن قد أقل فمحقور ومهجور والخير والشر مقرونان في قرن فالخير متبع والشر محذور ثم أتى كسرى فأخبره فغمه ذلك‏.‏

ثم تعزى فقال‏:‏ إلى من يملك منا أربعة عشر ملكاً يدور الزمان‏.‏

فهلكوا كلهم في أربعين سنة‏.‏

  الوفود على رسول الله

وفود همدان على النبي صلى الله عليه وسلم قدم مالك بن نمط في وفد همدان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقوه مقبلاً من تبوك فقال مالك بن نمط‏:‏ يا رسول الله نصية من همدان من كل حاضر وباد أتوك على قلض نواج متصلة بحبائل الإسلام لا تأخذهم في الله لومة لائم من مخلاف خارف ويام وشاكر‏.‏ عهدهم لا ينقض‏.‏ عن سنة ما حل ولا سوداء عنقفير ما أقام لعلع وما جرى اليعفور بصلع‏.‏

فكتب إليهم النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هذا كتاب من محمد رسول الله إلى مخلاف خارف وأهل جناب الهضب وحفاف الرمل مع وافدها ذي المشعار مالك بن نمط ومن أسلم من قومه أن لهم فراعها ووهاطها وعزازها ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة يأكلون علافها ويرعون عفاها لنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق والأمانة ولهم من الصدقة الثلب والناب والفصيل والفارض الداجن والكبش الحوري وعليهم الصالغ والقارح‏.‏

  وفود النخع على النبي

قدم أبو عمرو النخعي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله إني رأيت في طريقي هذه رؤيا رأيت أتاناً تركتها في الحي ولدت جدياً أسفع أحوى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل لك من أمة تركتها مصرة حملاً قال‏:‏ نعم تركت أمة لي أظنها قد حملت قال‏:‏ فقد ولدت غلاماً وهو ابنك قال‏:‏ فما له أسفع أحوى قال‏:‏ ادن مني فدنا منه‏.‏

فقال‏:‏ هل بك برص تكتمه قال‏:‏ نعم والذي بعثك بالحق نبياً ما رآه مخلوق ولا علم به قال‏:‏ فهو ذلك‏.‏

قال‏:‏ ورأيت النعمان بن المنذر عليه قرطان ودملجان ومسكتان قال‏:‏ ذلك ملك العرب عاد إلى أفضل زيه وبهجته‏.‏

قال‏:‏ ورأيت عجوزاً شمطاء تخرج من الأرض قال‏:‏ تلك بقية الدنيا‏.‏

قال‏:‏ ورأيت ناراً خرجت من الأرض فحالت بيني وبين ابن لي يقال له عمرو ورأيتها تقول‏:‏ لظى لظى بصير وأعمى أطعموني آكلكم آكلكم أهلككم وما لكم‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ تلك فتنة في آخر الزمان‏:‏ قال‏:‏ وما الفتنة يا رسول الله قال‏:‏ يقتل الناس إمامهم ثم يشتجرون اشتجار أطباق الرأس - وخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه - يحسب المسيء أنه محسن ودم المؤمن عند المؤمن أحلى من شرب الماء‏.‏

  وفود كلب على النبي صلى الله عليه وسلم

قدم قطن بن حارثة العليمي في وفد كلب على النبي صلى الله عليه وسلم فذكر كلاماً فكتب هذا كتاب من محمد رسول الله لعمائر طلب وأحلافها ومن ظأره الإسلام من غيرها مع قطن بن حارثة العليمي فإقامة الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة لحقها في شدة عقدها ووفاء عهدها بمحضر شهود من المسلمين‏:‏ سعد بن عبادة وعبد الله بن أنيس ودحية بن خليفة الكلبي‏.‏

عليهم في الحمولة الراعية البساط الظؤار في كل خمسين ناقة غير ذات عوار والحمولة المائرة لهم لاغية وفي الشوي الوري مسنة حامل أو حائل وفيما سقى الجدول من العين المعين العشر من ثمرها مما أخرجت أرضها وفي العذي شطره بقيمة الأمين فلا تزاد عليهم وظيفة ولا يفرق يشهد الله تعالى على ذلك ورسوله‏.‏

وكتب ثابت بن قيس بن شماس‏.‏

  وفود ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم

وفدت ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم فكتب لهم كتاباً حين أسلموا‏:‏ إن لهم ذمة الله وإن واديهم حرام عضاهه وصيده وظلم فيه وإن ما كان لهم من دين إلى أجل فبلغ أجله فإنه لياط مبرأ من الله ورسوله وإن ما كان لهم من دين في رهن وراء عكاظ فإنه يقضى إلى رأسه ويلاط بعكاظ ولا يؤخر‏.‏

صلى الله عليه وسلم وفد ظبيان بن حداد في سراة مذحج على النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ بعد السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والثناء على الله عز وجل بما هو أهله‏:‏ الحمد لله الذي صدع الأرض بالنبات وفتق السماء بالرجع‏.‏

ثم قال‏:‏ نحن قوم من سراة مذحج من يحابر بن مالك‏.‏

ثم قال‏:‏ فتوقلت بنا القلاص من أعالي الحوف ورؤوس الهضاب ترفعها عرر الربا وتخفضها بطنان الرفاق وتلحفها دياحي الدجى‏.‏

ثم قال‏:‏ وسروات الطائف كانت لبني مهلائيل بن قينان غرسوا وديانه وذللوا خشانه ورعوا قريانه‏.‏

ثم ذكر نوحاً حين خرج من السفينة بمن معه قال‏:‏ فكان أكثر بنيه بناتا وأسرعهم نباتا عاد وثمود فرماهم الله بالدمالق وهم الذي خطوا مشاربها وأتوا جداولها وأحيوا غراسها ورفعوا عريشها‏.‏

ثم قال‏:‏ وإن حمير ملكوا معاقل الأرض وقرارها وكهول الناس وأغمارها ورؤوس الملوك وغرارها فكان لهم البيضاء والسوداء وفارس الحمراء والجزية الصفراء فبطروا النعم واستحقوا النقم فضرب الله بعضهم ببعض‏.‏

ثم قال‏:‏ وإن قبائل من الأزد نزلوا على عهد عمرو بن عامر ففتحوا فيها الشرائع وبنوا فيها المصانع واتخذوا الدسائع ثم ترامت مذحج بأسنتها وتنزت بأعنتها فغلب العزيز أذلها وقتل الكثير أقلها‏.‏

ثم قال‏:‏ وكان بنو عمرو بن جذيمة يخبطون عضيدها ويأكلون حصيدها ويرشحون خضيدها‏.‏

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن نعيم الدنيا أفل وأصغر عند الله من خرء بعيضة ولو عدلت عند الله جناح ذباب لم يكن لكافر منها خلاق ولا لمسلم منها لحاق‏.‏

  وفود لقيط بن عامر بن المنتفق على النبي صلى الله عليه وسلم

وفد لقيط بن المنتفق على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه صاحب له يقال له نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق‏.‏

قال لقيط‏:‏ فخرجت أنا وصاحبي حتى قدمنا لانسلاخ رجب فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من صلاة الغداة فقام في الناس خطيباً فقال‏:‏ أيها الناس ألا إني قد خبأت لكم صوتي من أربعة أيام لتسمعوا الآن ألا فهل من امرئ قد بعثه قومه - فقالوا‏:‏ اعلم لنا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم - ألا ثم لعله أن يلهبه حديث نفسه أو حديث صاحبه أو يلهيه ضال ألا وإني مسئول هل بلغت ألا اسمعوا ألا اجلسوا‏.‏

فجلس الناس‏:‏ وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره قلت‏:‏ يا رسول الله ما عندك من علم الغيب فضحك لعمر الله وهز رأسه وعلم أني أبتغه سقطه فقال‏:‏ ضن ربك عز وجل بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله‏.‏

وأشار بيده‏.‏

قلت‏:‏ وما هي قال‏:‏ علم المنية قد علم متى منية أحدكم ولا تعلمونه وعلم ما في غد وما أنت طاعم غداً ولا تعلمه وعلم المني حين يكون في الرحم قد علمه ولا تعلمونه وعلم الغيث يشرف عليكم آزلين مسنتين فيظل يضحك قد علم أن عونكم قريب - قال لقيط‏:‏ قلت‏:‏ لن نعدم من رب يضحك خيراً - وعلم يوم الساعة قلت‏:‏ يا رسول الله إني أسألك عن حاجتي فلا تعجلني قال‏:‏ سل عما شئت قال قلت‏:‏ يا رسول الله علمنا مما لا يعلم الناس ومما تعلم فإنا من قبيل لا يصدقون تصديقنا أحداً من مذحج التي تدنو إليها وخشعم التي توالينا وعشيرتنا التي نحن منها‏.‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ تلبثون ما لبثتم ثم توفى نبيكم ثم تلبثون حتى تبعث الصيحة فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات والملائكة الذين عند ربك فيصبح ربك يطوف في الأرض وقد خلت عليه البلاد فيرسل ربك السماء بهضب من عند العرش فلعمر ألهك ما تدع ظهرها من مصرع قتيل ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنه حتى تخلقه من قبل رأسه يستوي اليوم‏!‏‏.‏

ولعهده بالحياة يحسبه حديث عهد بأهله‏.‏

فقلت‏:‏ يا رسول الله كيف يجمعنا بعد ما قد تفرقنا الرياح والبلى والسباع قال‏:‏ أنبئك بمثل ذلك في إل الله أشرفت على الأرض وهي مدبرة يابسة فقلت‏:‏ لا تحيا هذه أبداً ثم أرسل ربك عليها السماء فلم تلبث إلا أياماً حتى أشرفت عليها وهي شربة واحدة‏.‏

ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فتخرجون من الأصواء‏.‏

- قال ابن إسحاق‏:‏ الأصواء‏:‏ أعلام القبور‏.‏

ومن مصارعكم فتنظرون إليه ساعة وينظر إليكم‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظر إليه قال‏:‏ أنبئك بمثل ذلك في إل الله الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة‏.‏

ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله فما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه قال‏:‏ تعرضون عليه بادية له صفحاتكم لا تخفى منكم خافية فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء فينضح بها قلبكم فلعمر إلهك ما تخطئ وجه واحد منكم قطرة فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء وأما الكافر بتخطمه بمثل الحمم الأسود ثم ينصرف نبيكم ويتفرق على أثره الصالحون قال‏:‏ فتسلكون جسراً من النار فيطأ أحدكم الجمر فيقول‏:‏ حس فيقول ربك عز وجل‏:‏ أو إنه فتطلعون على حوض الرسول لا يظمأ والله ناهله فلعمر إلهك ما يبسط أحد منكم يده إلا وقع عليها قدح يظهره من الطوف والبول والأذى وتحبس الشمس والقمر فلا ترون منهما أحداً‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله فبم نبصر يومئذ قال‏:‏ بمثل بصر ساعتك هذه وذلك مع طلوع الشمس في يوم أشرقته الأرض وواجهته الجبال‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله فبم نجزى من سيآتنا وحسناتنا قال‏:‏ الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها أو يعفو‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله فما الجنة وما النار قال‏:‏ لعمر إلهك إن للنار سبعة أبواب ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماً وإن للجنة لثمانية أبواب ما منهما بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماً‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله فعلام نطلع من الجنة قال‏:‏ على أنها من عسل مصفى وأنها من كأس ما بها من صداع ولا ندامة وأنها من لبن لم يتغير طعمه وماء غير آسن وفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون وخير من مثله معه وأزواج مطهرة‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله أولنا فيها أزواج أو منهن صالحات قال‏:‏ الصالحات للصالحين تلذون بهن مثل لذاتكم في الدنيا ويلذذن بكم غير أن لا توالد‏.‏

قال لقيط‏:‏ قلت‏:‏ أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه‏.‏

فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله علام أبايعاك قال‏:‏ فبسط إلي يده وقال‏:‏ على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وزيال الشرك فلا تشرك بالله إلهاً غيره‏.‏

قال‏:‏ فقلت‏:‏ وإن لنا ما بين المشرق والمغرب فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده وظن أن أشترط عليه شيئاً لا يعطينيه قال‏:‏ قلت نحل منها حيث شئنا ولا يجزى عن امرئ إلا نفسه فبسط إلي يده وفود قيلة على النبي صلى الله عليه وسلم خرجت قيلة بنة مخرمة التميمية تبغي الصحبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عم بناتها وهو أثوب بن أزهر قد انتزع منها بناتها فبكت جويرية منهن حديباء قد أخذتها الفرصة عليها سبيج من صوف فرحمتها فذهبت بها‏.‏

فبينما هما ترتكان الجمل إذا انتفجت منه الأرنب‏.‏

فقال الحديباء‏:‏ الفصية والله لا يزال كعبك أعلى من كعب أثوب ثم سنح الثعب فسمته اسماً غير الثعلب نسيه ناقل الحديث‏.‏

ثم قالت فيه مثل ما قالت في الأرنب فبينما هما ترتكان الجمل إذ برك الجمل وأخذته رعدة‏.‏

فقالت الحديباء‏:‏ أخذتك - والأمانة إخذة أثوب‏.‏

قالت قيلة‏:‏ فقلت لها‏:‏ فما أصنع ويحك‏!‏ قالت‏:‏ قلبي ثيابك ظهورها لبطونها وادحرجي ظهرك لبطنك واقلبي أحلاس جملك ثم خلعت سبيجها فقلبته ثم ادحرجت ظهرها لبطنها فلما فعلت ما أمرتني به انتفض الجمل ثم قام فنأج وبال‏.‏

فقالت‏:‏ أعيدي عليه أداتك‏.‏

ففعلت ثم خرجنا نرتك فإذا أثوب يسعى وراءنا بالسيف صلتا فوألنا إلى حواء ضخم فداراه حتى ألقه الجمل إلى رواقه الأوسط وكان جملاً ذلولاً واقتحمت داخله وأدركني بالسيف فأصابت ظبته طائفة من قرون رأسيه ثم قال‏:‏ ألق إلي ابنة أخي يا دفار‏.‏

فألقيتها إليه فجعلها على منكبيه وذهب بها وكنت أعلم به من أهل البيت‏.‏

وخرجت إلى أخت لي ناكح في بني شيبان أبتغي الصحبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما أنا عندها تحسب أني نائمة إذ جاء زوجها من السامر فقال لها‏:‏ وأبيك لقد وجدت لقيلة صاحب صدق‏.‏

قالت أختي‏:‏ من هو قال‏:‏ حريث بن حسان الشيباني وافد بكر بن وائل عاوياً ذا صياح‏.‏

فقالت أختي‏:‏ الويل لي‏!‏ لا تخبرها فتتبع أخا بكر بن وائل بين سمع الأرض وبصرها ليس معها أحد من قومها قال‏:‏ لا ذكرته‏.‏

قالت‏:‏ وسمعت ما قالا فغدوت إلى جملي فشددت عليه ثم نشدت عنه فوجدته غير بعيد فسألته الصحبة فقال‏:‏ نعم وكرامة وركابه مناخ عنده‏.‏

قالت‏:‏ فسرت معه صاحب صدق حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس صلاة الغداة قد أقيمت حين شق الفجر والنجوم شابكة في السماء والرجال لا تكاد تعارف من ظلمة الليل فصففت مع الرجال وأنا امرأة قريبة عهد بجاهلية‏.‏

فقال الرجل الذي يليني من الصف‏:‏ امرأة أنت أم رجل فقلت‏:‏ لا بل امرأة فقال‏:‏ أنك كدت تفتنيني فصلي في النساء وراءك‏.‏

فإذا صف من نساء قد حدث عند الحجرات لم أكن رأيته إذا دخلت فكنت فيهن حتى إذا طلعت الشمس دنوت لجعلت إذا رأيت رجلاً ذا رواء وقشر طمح إليه بصري لأرى رسول الله فوق الناس حتى جاء رجل فقال‏:‏ السلام عليك يا رسول الله فقال‏:‏ وعليك السلام ورحمة الله وعليه - تعني النبي صلى الله عليه وسلم أسمال مليتين كانتا بزعفران قد نفضتا ومعه عسيب نخلة مقشو غير خوصتين من أعلاه وهو قاعد القرفصاء فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متخشعاً في الجلسة أرعدت من الفرق فقال جليسه‏:‏ يا رسول الله أرعدت المسكينة‏.‏

فقال رسول الله ولم ينظر إلي وأنا عند ظهره‏:‏ يا مسكينة عليك السكينة‏.‏

قالت‏:‏ فلما قالها صلى الله عليه وسلم أذهب الله ما كان دخل في قلبي من الرعب وتقدم صاحب أول رجل فبايعه على الإسلام عليه وعلى قومه ثم قال‏:‏ يا رسول الله اكتب بيننا وبين تميم كتاباً بالدهناء لا يجاوزها إلينا منهم إلا مسافر أو مجاوز‏.‏

قال‏:‏ يا غلام اكتب له بالدهناء‏.‏

قالت‏:‏ فلما رأيته أمر أن يكتب له شخص بي وهي وطني وداري فقلت‏:‏ يا رسول الله إنه لم يسألك السوية من الأرض إذ سألك إنما هذه الدهناء مقيد الجمل ومرعى الغنم ونساء بني تميم وأبناؤها وراء ذلك فقال‏:‏ أمسك يا غلام صدقت المسكينة‏:‏ المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر ويتعاونان على الفتان‏.‏

فلما رأى حريث أن قد حيل دون كتابه قال‏:‏ كنت أنا وأنت كما قال في المثل‏:‏ حتفها تحمل ضأن بأظلافها فقلت‏:‏ أما والله ما علمت إن كنت لدليلاً في الظلماء جواداً لدى الرحل عفيفاً عن الرفيقة حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن لا تلمني أن أسأل حظي إذ سألت حظك قال‏:‏ وأي حظ لك في الدهناء لا أبالك قلت‏:‏ مقيد جملي تريده لجمل امرأتك فقال‏:‏ لا جرم إني أشهد رسول الله أني لك أخ ما حييت إذ أثنيت علي عنده فقلت‏:‏ إذ بدأتها فلن أضيعها‏.‏

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أيلام ابن هذه أن يفضل الخطة وينتصر من وراء الحجزة فبكيت ثم قلت‏:‏ فقد والله ولدته يا رسول الله حراماً فقاتل معك يوم الربذة ثم ذهب يمتري خيبر فأصابته حماها ومات فقال‏:‏ لو لم تكوني مسكينة لجررناك على وجهك‏.‏

أيغلب أحيدكم على أن يصاحب صويحبه في الدنيا معروفاً فإذا حال بينة وبينه من هو أولى بن استرجع ثم قال‏:‏ رب آسني لما أمضيت وأعني على ما أبقيت‏.‏

فوالذي نفس محمد بيده إن أحدكم ليبكي فيستعير له صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم‏.‏

ثم كتب لها في قطعة أدم أحمر‏:‏ لقيلة والنسوة من بنات قيلة أن لا يظلمن حقاً ولا يكرهن على منكح وكل مؤمن ومسلم لهن نصير أحسن ولا تسئن‏.‏

كتاب رسول الله لأكيدر دومة صلى الله عليه وسلم لأكيدر دومة من محمد رسول الله لأكيدر دومة حين أجاب إلى الإسلام وخلع الأنداد والأصنام مع خالد بن الوليد سيف الله في دومة الجندل وأكنافها‏:‏ إن لنا الضاحية من الضحل والبور والمعامي وأغفال الأرض والحلقة والسلاح والحافر والحصن ولكم الضامنة من النخل والمعين من المعمور ولا تعدل سارحتكم ولا تعد فاردتكم ولا يحظر عليكم النبات تقيمون الصلاة لوقتها وتؤتون الزكاة بحقها عليكم بذلك عهد الله والميثاق ولكم به الصدق والوفاء شهد الله ومن حضر من المسلمين‏.‏

كتابه لوائل بن حجر الحضرمي صلى الله عليه وسلم لوائل بن حجر الحضرمي من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة والأرواع المشابيب من أهل حضرموت بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في التيعة شاة لا مقورة الألياط ولا ضناك وأنطوا الثبجة والتيمة لصاحبها وفي السيوب الخمس لا خلاط ولا وراط ولا شناق ولا شغار ومن أجبى فقد أربى وكل حديث جرير بن عبد الله البجلي قدم جرير بن عبد الله البجلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن منزله ببيشة فقال‏:‏ سهل ودكداك وسلم وأراك وحمض وعلاك إلى نخلة ونخلة ماؤها ينبوع وجنابها مريع وشتاؤها ربيع‏.‏

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن خير الماء الشبم وخير المال الغنم وخير المرعى الأراك والسلم إذا أخلف كان لجينا وإذا سقط كان درينا وإذا أكل كان لبينا‏.‏

وفي كلامه عليه السلام‏:‏ إن الله خلق الأرض السفلى من الزبد الجفاء والماء الكباء‏.‏

حديث عياش بن أبي ربيعة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عياش بن أبي ربيعة إلى بني عبد كلال وقال له‏:‏ خذ كتابي بيمينك وادفعه بيمينك في أيمانهم فهم قائلون لك اقرأ فاقرأ‏:‏ ‏"‏ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين ‏"‏ فإذا فرغت منها فقل‏:‏ آمن محمد وأنا أول المؤمنين فلن تأتيك حجة إلا وقد دحضت ولا كتاب زخرف إلا وذهب نوره ومح لونه وهم قارئون فإذا رطنوا فقد ترجموا فقل‏:‏ حسن آمنت بالله وبما أنزل من كتاب الله فإذا أسلموا فسلهم قضبهم الثلاثة التي إذا تخصروا بها سجد لهم‏:‏ وهي الأثل قضيب ملمع ببياض وقضيب ذو عجر كأنه من حديث راشد بن عبد ربه السلمي عبد الله بن الحكم الواسطي عن بعض أشياخ أهل الشام قال قال‏:‏ استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب على نجران فولاه الصلاة والحرب ووجه راشد بن عبد ربه أميراً على القضاء والمظالم‏.‏

فقال راشد بن عبد ربه‏:‏ صحا القلب عن سلمى وأقصر شأوه وردت عليه ما نفته تماضر وحكمه شيب القذال عن الصبا وللشيب عن بعض الغواية زاجر فأقصر جهلي اليوم وارتد باطلي عن الجهل لما آبيض مني الغدائر على أنه قد هاجه بعد صحوة بمعرض ذي الآجام عيس بواكر ولما دنت من جانب الغوط أخصبت وحلت ولاقاها سليم وعامر وخبرها الركبان أن ليس بينها وبين قرى بصرى ونجران كافر فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسافر وفود نابغة بني جعدة على النبي صلى الله عليه وسلم وفد أبو ليلى نابغة بني جعدة على النبي صلى الله عليه وسلم فأنشده شعره الذي يقول فيه‏:‏ بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا قال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إلى أين أبا ليلى قال‏:‏ إلى الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن شاء الله‏.‏

فلما انتهى إلى قوله‏:‏ ولا خير في حلم إذا لم تكن له بوادر تحمي صفوه أن يكدرا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا يفضض الله فاك فعاش مائة وثلاثين سنة لم تنفض له سن‏.‏

وبقي حتى وفد على عبد الله بن الزبير في أيامه بمكة وامتدحه فقال له‏:‏ يا أبا ليلى أن أدنى وسائلك عندنا الشعر لك في مال الله حقان‏:‏ حق برؤيتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحق بشركتك أهل الإسلام في فيئهم ثم أحسن صلته وأجازه‏.‏

  وفود طهفة بن أبي زهير على رسول الله صلى الله عليه وسلم

لما قدمت وفود العرب على النبي صلى الله عليه وسلم قام طهفة بن أبي زهير فقال‏:‏ يا رسول الله أتيناك من غوري تهامة بأكوار الميس ترمي بنا العيس نستحلب الصبير ونستخلب الخبير ونستعضد البرير ونستخيل الرهام ونستجيل الجهام من أرض غائلة النطاء غليظة الوطاء قد نشف المدهن ويبس الجعئن ومات العسلوج وسقط الأملوج وهلك الهدي ومات الودي‏.‏

برئنا يا رسول الله من الوثن والعنن وما يحدث الزمن لنا دعوة السلام وشريعة الإسلام ما طمى البحر وقام تعار ولنا نعم همل أغفال ما تبص ببلال ووقير كثير الرسل قليل الرسل أصابتها سنية حمراء مؤزلة ليس بها علل ولا نهل‏.‏

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اللهم بارك لهم في محضها ومحضها ومذقها وابعث راعيها في الدثر بيانع الثمر وافجر له الثمد وبارك له في المال والولد من أقام الصلاة كان مسلماً ومن أتى الزكاة كان محسناً ومن شهد أن لا إله إلا الله كان مخلصاً‏.‏

لكم يا بني نهد ودائع الشرك ووضائع الملك لا تلطط في الزكاة ولا تلحد في الحياة ولا تثاقل عن الصلاة‏.‏

وكتب معه كتاباً على بني نهد‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى بني نهد بن زيد‏:‏ السلام على من آمن بالله ورسوله لكم يا بني نهد في الوظيفة الفريضة ولكم الفارض والفريش وذو العنان الركوب والفلو الضبيس لا يمنع سرحكم ولا يعضد طلحكم ولا يحبس دركم ما لم تضمروا الإمآق وتأكلوا الرباق من أقر بما في هذه الكتاب فله من رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاء بالعهد والذمة ومن أبى عليه فعليه الربوة‏.‏

  الوفود على عمر بن الخطاب

وفود جبلة بن الأيهم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه العجلى قال‏:‏ حدثني أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن الأجدع الكوفي بهيت قال‏:‏ حدثني إبراهيم بن علي مولى بني هاشم قال‏:‏ حدثنا ثقات شيوخنا‏:‏ أن جبلة بن الأيهم بن أبي شمر الغساني لما أراد أن يسلم كتب إلى عمر بن الخطاب من الشام يعلمه بذلك يستأذنه في القدوم عليه فسر بذلك عمر والمسلمون فكتب إليه أن أقدم ولك ما لنا وعليك ما علينا‏:‏ فخرج جبلة في خمسمائة فارس من عك وجفنة فما دنا من المدينة ألبسهم ثياب الوشي المنسوج بالذهب والفضة ولبس يومئذ جبلة تاجه وفيه قرط مارية وهي جدته فلم يبق يومئذ بالمدينة أحد إلا خرج ينظر إليه حتى النساء والصبيان وفرح المسلمون بقدومه وإسلامه حتى حضر الموسم من عامه ذلك مع عمر بن الخطاب فبينما هو يطوف بالبيت إذ وطئ على إزاره رجل من بني فزارة فحله فالتفت إليه جبلة مغضباً فلطمه فهشم أنفه فاستعدى عليه الفزاري عمر بن الخطاب فبعث إليه فقال‏:‏ ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك هذا الفزاري فهشمت أنفه فقال‏:‏ إنه وطئ أزاري فحله ولولا حرمة هذا البيت لأخذت الذي في عيناه فقال له عمر‏:‏ أما أنت فقد أقررت إما أن ترضيه وإلا أقدته منك قال‏:‏ أتقيده مني وأنا ملك وهو سوقة قال‏:‏ يا جبلة إنه قد جمعك وإياه الإسلام فما تفضله بشيء إلا بالعافية قال‏:‏ والله لقد رجوت أن أكون في الإسلام أعز مني في الجاهلية قال عمر‏:‏ دع عنك ذلك قال‏:‏ إذن أتنصر قال‏:‏ إن تنصرت ضربت عنقك‏.‏

قال‏:‏ واجتمع قوم جبلة وبنو فزارة فكادت تكون فتنة فقال جبلة‏:‏ أخرني إلى غد يا أمير المؤمنين قال‏:‏ ذلك لك‏.‏

فلما كان جنح الليل خرج هو وأصحابه فلم يئن حتى دخل القسطنطينية على هرقل فتنصر وأقام عنده وأعظم هرقل قدوم جبلة وسر بذلك وأقطعه الأموال والأرضي والرباع‏.‏

فلما بعث عمر بن الخطاب رسولاً إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام أجابه إلى المصالحة على غير الإسلام فلما أراد أن يكتب جواب عمر قال للرسول‏:‏ ألقيت ابن عمك هذا الذي ببلدنا - يعني جبلة - الذي أتانا راغباً في ديننا قال‏:‏ ما لقيته قال‏:‏ آلقه ثم ائتني أعطك جواب كتابك‏.‏

وذهب الرسول إلى باب جبلة فإذا عليه من القهارمة والحجاب والبهجة وكثر الجمع مثل ما على باب هرقل‏.‏

قال الرسول‏:‏ فلم أزل أتلطف في الإذن حتى أذن لي فدخلت عليه فرأيت رجلاً أصهب اللحية ذا سبال وكان عهدي به أسمر أسود اللحية والرأس فنظرت إليه فأنكرته فإذا هو قد دعا بسحالة الذهب فذرها في لحيته حتى عاد أصهب وهو قاعد على سرير من قوارير قوائمه أربعة أسود من ذهب فلما عرفني رفعني معه في السرير فجعل يسائلني عن المسلمين فذكرت خيراً وقلت‏:‏ قد أضعفوا أضعافاً على ما تعرف فقال‏:‏ كيف تركت عمر ابن الخطاب قلت‏:‏ بخير فرأيت الغم قد تبين فيه لما ذكرت له من سلامة عمر قال‏:‏ فانحدرت عن السرير فقال‏:‏ لم تأبى الكرامة التي أكرمناك بها قلت‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا قال‏:‏ نعم صلى الله عليه وسلم ولكن نق قلبك من الدنس ولا تبال علام قعدت‏.‏

لما سمعته يقول‏:‏ صلى الله عليه وسلم طمعت فيه فقلت له‏:‏ ويحك يا جبلة‏!‏ ألا تسلم وقد عرفت الإسلام وفضلة قال‏:‏ أبعدها ما كان مني قلت‏:‏ نعم قد فعل رجل من بني فزارة أكثر مما فعلت ارتد عن الإسلام وضرب وجوه المسلمين بالسيف ثم رجع إلى الإسلام وقبل ذلك منه وخلفه بالمدينة مسلماً قال‏:‏ ذرني من هذا إن كنت تضمن لي أن يزوجني عمر ابنته ويوليني الأمر من بعده رجعت إلى الإسلام قال‏:‏ ضمنت لك التزوج ولم أضمن لك الإمرة قال‏:‏ فأومأ إلى خادم بين يديه فذهب مسرعاً فإذا خدم قد جاءوا يحملون الصناديق فيها الطعام فوضعت ونصبت موائد الذهب وصحاف الفضة وقال لي‏:‏ كل فقبضت يدي وقلت‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الأكل في آنية الذهب والفضة فقال نعم صلى الله عليه وسلم ولك نق قلبك وكل فيما أحببت قال‏:‏ فأكل في الذهب والفضة وأكلت في الخليج فلما رفع الطعام جيء بطساس الفضة وأباريق الذهب وأومأ إلى خادم بين يديه فمر مسرعاً فسمعت حساً فالتفت فإذا خدم معهن الكراسي مرصعة بالجواهر فوضعت عشرة عن يمينه وعشرة عن يساره ثم سمعت حساً فإذا عشر جوار قد أقبلن مطمومات الشعر متكسرات في الحلي عليهن ثياب الديباج فلم أر وجوها قط أحسن منهن فأقعدهن على الكراسي عن يمينه ثم سمعت حساً فإذا عشر جوار أخرى فأجلسهن على الكراسي عن يساره ثم سمعت حساً فإذا جارية كأنها الشمس حسناً وعلى رأسها تاج وعلى ذلك التاج طائر لم أر أحسن منه وفي يدها اليمنى جام فيه مسك وعنبر وفي يدها اليسرى جام فيه ماء ورد فأومأت إلى الطائر أو قال فصفرت بالطائر فوقع في جام ماء الورد فاضطرب فيه ثم أومأت إليه أو قال فصفرت به فطار حتى نزل على صليب في تاج جبلة فلم يزل يرفرف حتى نفض ما ريشه عليه وضحك جبلة من شدة السرور حتى بدت أنيابه ثم التفت إلى الجواري اللواتي عن يمينه فقال‏:‏ بالله أطربنني‏.‏

فاندفعن يتغنين يخفقن بعيدانهن ويقلن‏:‏ لله در عصابة نادمتهم يوماً بجلق في الزمان الأول يسقون من وريد البريص عليهم بردى يصفق بالرحيق السلسل يغشون حتى ما تهر كلابهم لا يسألون عن السواد المقبل بيض الوجوه كريمة أحسابهم شم الأنوف من الطراز الأول قال‏:‏ فضحك حتى بدت نواجذه ثم قال‏:‏ أتدري من قائل هذا قلت‏:‏ لا قال‏:‏ قائله حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التفت إلى الجواري اللاتي عن يساره فقال‏:‏ بالله أبكيننا فاندفعن يتغنين يخفقن بعيدانهن ويقلن‏:‏ لمن الدار أقفرت بمعان بين أعلى اليرموك فالخمان ذاك مغنى لآل جفنة في الدهر محلاً لحادث الأزمان قد أراني هناك دهراً مكيناً عند ذلك التاج مقعدي ومكاني ودنا الفصح فالولائد ينظمن سراعاً أكلة المرجان لم يعللن بالمغافير والصمغ ولا نقف حنظل الشريان قال‏:‏ فبكى حتى جعلت الدموع تسيل على لحيته ثم قال‏:‏ أتدري من قائل هذا قلت لا أدري قال‏:‏ حسان بن ثابت‏.‏

ثم أنشأ يقول‏:‏ تنصرت الأشراف من عار لطمة وما كان فيها لو صبرت لها ضرر تكنفني منها لجاج ونخوة وبعت لها العين الصحيحة بالعور ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة وكنت أسيراً في ربيعة أو مضر ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة أجالس قومي ذاهب السمع والبصر ثم سألني عن حسان‏:‏ أحي هو قلت‏:‏ نعم تركته حياً‏.‏

فأمر لي بكسوة ومال ونوق موقرة برا ثم قال لي‏:‏ إن وجدته حياً فادفع إليه الهدية وأقرئه سلامي وإن وجدته ميتاً فادفعها إلى أهله وانحر الجمال على قبره‏.‏

فلما قدمت على عمر أخبرته خبر جبلة وما دعوته إليه من الإسلام والشرط الذي شرطه وأني ضمنت له التزوج ولم أضمن له الإمرة‏.‏

فقال‏:‏ هلا ضمنت له الإمرة فإذا أفاء الله به الإسلام قضى عليه بحكمه عز وجل‏.‏

ثم ذكرت له الهدية التي أهداها إلى حسان بن ثابت‏.‏

فبعث إليه وقد كف بصره فأتي به وقائد يقوده فلما دخل قال‏:‏ يا أمير المؤمنين إني لأجد رياح آل جفنة عندك قال‏:‏ نعم هذا رجل أقبل من عنده قال‏:‏ هات يا بن أخي إنه كريم من كرام مدحتهم في الجاهلية فحلف أن لا يلقى أحداً يعرفني إلا أهدى إلي معه شيئاً‏.‏

فدفعت إليه الهدية‏:‏ المال والثياب وأخبرته بما كان أمر به في الإبل إن وجد ميتاً فقال‏:‏ وددت أني كنت ميتاً فنحرت على قبري‏.‏

قال الزبير‏:‏ وانصرف حسان وهو يقول‏:‏ إن ابن جفنة من بقية معشر لم يغذهم آباؤهم باللوم يعطى الجزيل ولا يراه عنده إلا كبعض عطية المذموم فقال له رجل كان في مجلس عمر‏:‏ أتذكر ملوكاً كفرة أبادهم الله وأفناهم قال‏:‏ ممن الرجل قال‏:‏ مزني قال‏:‏ أما والله لولا سوابق قومك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لطوقت طوق الحمامة‏.‏

قال‏:‏ ثم جهزني عمر إلى قيصر وأمرني أن أضمن لجبلة ما اشترط به فلما قدمت القسطنطينية وجدت الناس منصرفين من جنازته فعملت أن الشقاء غلب عليه في أم الكتاب‏.‏