فصل: ما ينبغي للكاتب أن يأخذ به نفسه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقد الفريد **


  صفة الكتاب

قال إبراهيم بن محمد الشَيباني‏:‏ من صِفة الكاتب اعتدالُ القامة وصِغَر الهامة وخِفَّة اللَهازم

وكَثَافة اللِّحية وصِدْق الحِسّ ولُطْف المَذْهب وحًلاوة الشمائل وحُسْن الإشارة ومَلَاحة

الزِّي حتى قال بعضُ المَهالبة لولده‏:‏ تَزَيَّوا بزِيّ الكُتِّاب فإن فيهم أدبَ الملوك وتواضعَ السُّوقة‏.‏

وقال إبراهيم بن محمد الكاتب‏:‏ من كمال آل الكِتابة أن يكون الكتاب‏:‏ نَقِيّ المَلْبس نَظيف

المَجْلس ظاهر المُروءة عَطِر الرّائحة دَقيق الذِّهب صادق الحِسّ حَسَن البيان رَقيق

حواشي اللسان حُلْو الإشارة مَليح الاستعارة لطيفَ المسالك مُسْتَقِرّ التّركيب ولا يكون مع

ذلك فَضفَاض الجثّة مُتفاوت الأجزاء طويل اللِّحية عظيم الهامة فإنهم زَعموا أنّ هذه الصورة

لا يليق بصاحبها الذَّكاءُ والفِطْنة‏.‏

وأنشد سعيد بن حُميد في إبراهيم بن العباس‏:‏

رأيتُ لهازمَ الكُتّاب خَفَّت ولهزْمتاك شأنُهما الفَدَامة

وكُتّاب الملوك لهم بَيانٌ كمِثْل الدُّر قد رَصَفوا نِظَامَ

وأنت إذا نطقتَ كأنّ عَيْراً يَلُوك بما يَفُوه به لِجامه

وقال آخر‏:‏

عليكَ بكَاتب لَبِقٍ رَشِيقٍ زَكِيِّ في شَمائله حرارَه

تُناجِيه بطَرْفًك مِن بَعيد فيفهمُ رَجْع لَحْظك بالإشارة

ونظر أحمد بن الخَصِيب إلى رجل من الكتاب‏:‏ فَدْم المنظر مُضْطرر الخَلْق طويل العُثْنون

فقال‏:‏ لأن يكون هذا فِنْطاسٌ مُرَكب أشبهَ من أن يكون كاتباً‏.‏

فإذا اجتمعت للكاتب هذه الخلال وانتظمت فيه هذه الخِصال فهو الكافِ البليغ والأديب

النِّحْرِير وإن قَصَّرت به آلة من هذه الآلات وقَعدت به أداةٌ كل هذه الأدوات فهو مَنقوص

 ما ينبغي للكاتب أن يأخذ به نفسه

قال إبراهيم الشِّيباني‏:‏ أولَ ذلك حُسْن الخط الذي هو لِسان اليد وبَهجة الضَّمير وسِفير العقل

ووَحْي الفِكْرة وسِلاح المَعْرفة وأنس الإخوان عند الفرقة ومحادثتهم على بُعد المسافة

ومُسْتودَع السرّ وديوان الأمور‏.‏

ولستُ أجد لحُسن الحظ حدًا أقف عليه أكثرَ من قول عليّ بن

رَبَن النصراني الكاتب فإني سألته واستوصفتُه الخَطّ فقال‏:‏ أعلّمك الخطِّ في كلمة واحدة

فقلت له‏:‏ تَفَضَل بذلك فقال‏:‏ لا تكتبْ حَرْفاً حتى تَسْتَفرغَ مجهودَك في كتابة الحَرْف وتَجْعَل في

نفسك إنك تَكْتب غيرَه حتى تَعْجِزَ عنه ثم تنتقل إلى ما بعده‏.‏

وإياك والنَقْط والشَّكْل في

كتابك إلا أن تمر بالحَرْف المُعضِل الذي تعلم أنّ المكتوبَ إليه يَعْجِز عن استخراجه فإني سمعتُ

سعيدَ بن حُميد بن عبد الحميد الكاتب يقول‏:‏ لأن يُشْكِل الحرفُ عن القارىء أحبُّ إليَ من أن

يُعابَ الكتاب بالشَكل‏.‏

وكان المأمونُ يقول‏:‏ إيَّاكم والشُّونِيز في كُتبكم - يعني النَّقْط والإعجام‏.‏

ومن ذلك أن يُصْلِحَ الكاتبُ آلتَه التي لا بُدَّ منها وأداتَه التي لا تَتم صناعتُه إلا بها مثلِ دَواته

فلْيُنْعِمْ ربَّها وإصلاحَها ولْيتخيَّر من أنابيب القَصب أقلَّه عُقداً وأكثرَه لَحْماً وأصلَبه قِشْراً

وأعدلَه استواء ويجعلَ لقِرْطاسه سِكِّينَاً حاداً لتكون عَوْناً له على بَرْي أقلامه ويَبريها من ناحية

قال العتّابيّ‏:‏ سألني الأصمعي يوماً في دار الرّشيد‏:‏ أيُّ الأنابيب للكتابة أصلَح وعليها أصْبر

فقلتُ له‏:‏ ما نشِفَ بالهَجير ماؤه وسَتره عن تلويحه غشاؤه من التِّبْريّة القُشور الدّرّية الظًّهور

الفِضَية الكُسور‏.‏

قال‏:‏ فأيّ نوع من البَرْي أصْوبُ وأكْتب فقلت‏:‏ البَرْية المُستوية القَطَّة التي

عن يمين سِنّها قُرْنة تأمن معها المَجَّة عند المَدة والمَطّة للهواء في شَقّها فَتُيق والرِّيح في جَوْفها

خَريق والمدادُ في خُرطُومها رقيق‏.‏

قال العتّابي‏:‏ فبقي الأصمعي شاخصاً إليّ ضاحكاً لا يُحير

مسألةً ولا جواباً‏.‏

ولا يكون الكاتب كاتباً حتى لا يَسْتطيع أحدٌ تأخيرَ أوّل كتابه وتقديمَ آخره‏.‏

وأفضل الكُتّاب

ما كان في أوَّل كِتابته دليلٌ على حاجته كما أنّ أفضلَ الأبيات ما دلَّ أولً البيت على قافيته‏.‏

فلا تُطيلنّ صَدْرَ كِتابك إطالةً تُخرجه عن حدّه ولا تُقَصِّر به دون حدِّه فإنَّهم قد كَرِهوا في

الجُمْلة أن تَزيدَ صًدور كُتب المُلوك على سَطْرين أو ثلاثة أو ما قارب ذلك‏.‏

وقيل للشَّعْبيّ‏:‏ أيّ شيء تَعرف به عقلَ الرجُل قال‏:‏ إذا كَتب فأجاد‏.‏

وقال الحسنُ بن وَهْب‏:‏

الكاتبُ نفسٌ واحدة تجزّأت في أبدان مُتفرِّقة‏.‏

فأما الكاتب المُستحقّ اسم الكِتابة والبليغُ المَحْكوم له بالبلاغة مَن إذا حاول صِيغَة كتاب

سالت عن قلمه عُيونُ الكلام من ينابيعها وظَهرت من معادنها وبدرت من مواطنهَاَ من غير

بلغني أنّ صَديقاً لكُلثوم العتّابي أتاه يوماً فقال له‏:‏ اصنع ليِ رسالةً فاستعدّ مدّة ثم علّق القلم

فقال له صاحبه‏:‏ ما أرى بلاغَتك إلا شاردةً عنك‏.‏

فقال له العتِّابيّ‏:‏ إني لما تناولتُ القلم

تداعتْ عليّ المعاني من كل جهة فأحببتُ أن أترك كل معنَى حتى يرجع إلى موضعه ثم أَجتني

لك أحسنَها‏.‏

قال أحمدُ بن محمد‏:‏ كنتُ عند يزيد بن عبد اللّه أخي ذُبْيان وهو يُمْلي على

كاتب له فأعجَل الكاتبَ ودَارَك في الإملاء عليه فتَلجلج لسانُ قَلَم الكاتب عن تَقْييد إملائه

فقال له‏:‏ اكتُب يا حمار‏.‏

فقال له الكاتبُ‏:‏ أَصْلَحَ اللهّ الأمير إنه لما هَطلت شآبيبُ الكلام

وتَدافعت سُيولُه على حَرْف القَلَم كَلَّ القَلمُ عن إدراك ما وَجب عليه تقييدُه‏.‏

فكان حُضور

جواب الكاتب أبلغَ من بلاغة يزيد‏.‏

وقال له يوماً وقد مَطَّ حرْفاً في غير مَوْضعه‏:‏ ما هذا قال‏:‏

طُغْيان في القَلَم‏.‏

فإنْ كان لا بُدّ لك من طَلَب أدوات الكِتابَة فتَصفّح من رسائل المُتقدّمين ما

يُعتمد عليه ومن رسائل المُتأخّرين ما يُرْجَع إليه ومن نوادر الكلام ما تَستعين به ومن

الأشعار والأخبار والسِّير والأسمار ما يَتَّسع به مَنْطِقُك ويطولُ به قَلَمك وانظر في كتب

المقامات والخُطب ومُجاوبة العَرَب ومعاني العجم وحُدود المَنْطق وأمْثال الفُرس ورسائلهم

وعُهودهم وسَيرهم ووقائعهم ومَكايدهم في حُروبهم والوَثائق والصُّور وكُتب السجلاّت

والأمانات وقَرْض الشِّعر الجَيِّد وعِلْم العروض بعد أن تكون مُتوسِّطاً في علم النَّحو والغَريب

لتكون ماهراً تنتزعُ آيَ القًرآن في مواضعها والأمثالَ في أماكنها فإنّ تَضْمين المَثل السائر والبَيْت

الغابر البارع مما يزين كتابك ما لم تُخاطب خليفةً أو مَلِكاً جليلَ القَدْر فإنّ اجتلاب الشِّعر في

كتب الخلفاء عيبٌ إلا أن يكون الكاتب هو القارض للشِّعر والصانع له فإنّ ذلك يَزيد في

أبّهته‏.‏

خبر حائك الكلام

أبو جعفر البغداديّ قال‏:‏ حَدثنا عثمانُ بن سَعيد قال‏:‏ لما رَجع المُعتصم من الثّغْر وصار

بناحية الرَّقّة قال لعمرو بن مَسْعدة‏:‏ ما زلْتَ تسألني في الرُّخجيّ حتى وَلَّيتُه الأهواز فَقَعَد في

سرُة الدُّنيا يأكلها خَضما وقَضْما ولم يُوجِّه إلينا بدِرهم واحد‏.‏

اخرُج إليه من ساعتك‏.‏

فقلتُ

في نفسي‏:‏ أبعدَ الوزارة أصيرُ مُحستَحَثا على عامل خراج‏!‏ ولكنْ لم أجدْ بدًّا من طاعة أمير

المؤمنين فقلت‏:‏ أَخرج إليه يا أمير المؤمنين‏.‏

فقال‏:‏ حلف لي أنك لا تقيم ببغداد إلا يوماً واحداً‏.‏

فحلفتُ له ثم انحدرت إلى بغداد فأمرتُ ففُرِش لي زَوْرق بالطبريّ وغُشيِّ بالسِّلْخ وطُرح

عليه الكُرّ‏.‏

ثم خرجتُ فلما صرْتُ بين دَيْر هِزْقل ودَيْر العاقول إذا رجل يصيح‏:‏ يا ملّاح رجلٌ

منقطع‏.‏

فقلتُ للملاّح‏:‏ قَرَّب إلى الشّطّ‏.‏

فقال‏:‏ يا سيدي هذا شَحّاذ فإنْ قَعد معك آذاك‏.‏

فلم ألتفتْ إلى قوله وأمرتُ الغِلمان فأدْخلوه فَقَعد في كَوْثل الزَّوْرق‏.‏

فلما حَضر وقتُ الغِداء

عزمتُ أن أدعُوه إلى طَعامي فدعوتُه فجعل يأكل أكلَ جائع بنَهَامة إلاّ أنه نظيف الأكل‏.‏

فلما

رُفع الطعامُ أردتُ أن يَستعمل معي ما يَتسعمل العوامُّ مع الخواص‏:‏ أن يقومَ فيغسل يدَه في ناحية

فلم يَفعل فغَمزه الغِلْمان فلم يَقُم فتشاغلتُ عنه ثم قلت يا هذا ما صناعتُك قال‏:‏ حائك‏:‏

فقلتُ في نفسي‏:‏ هذه شر من الأولى‏.‏

فقال لي‏:‏ جُعِلت فِداك قد سألتَني عن صِناعتي

فأخبرتُك فما صناعتُك أنت قال‏:‏ فقلت في نفسي‏:‏ هذه أعظمُ من الأولى وكرهتُ أن أذكر

له الوزارة فقلتُ‏:‏ اقتصر له على الكتابة فقلت‏:‏ كاتب‏.‏

قال‏:‏ جُعلت فداك الكُتّاب على

خمسة أصناف‏:‏ فكاتبُ رسائل يحتاج إلى أن يعرف الفَصل من الوصل والصُّدور والتَّهاني و

التَّعازي والتَرغيب والتَّرهيب والمقصور والمَمْدود وجُملًا من العربيّة وكاتب خرَاج يحتاج إلى

أن يَعْرف الزَّرْع والمِساحة

والأشْوال والطسُوق والتّقسيط والحساب وكاتب جُند يحتاج إلى أن يَعرف مع الحساب

الأطماعَ وشِيات الدواب وحُلَى الناس وكاتب قاضٍ يحتاج إلى أن يكون عالماً بالشّروط

والأحكام والفُروع والناسخ والمَنسوخ والحلال والحرام والمواريث وكاتب شُرطة يحتاج إلى أن

يكون عالماً بالجُروح والقِصاص والعقول والدَيات‏.‏

فأيهم أنت أعزّك اللهّ قال‏:‏ قلت‏:‏ كاتب

رسائل‏.‏

قال‏:‏ فأخبرني إذا كان لك صديق تكتب إليه في المحبوب والمكروه وجميع الأسباب

فتزوجتْ أمهُ فكيف تكتب له أتهنِّيه أم تُعزِّيه قلت‏:‏ والله ما أقفُ على ما تقول‏.‏

قال‏:‏

فلستَ بكاتب رسائل فأيهمِ أنت قلت‏:‏ كاتب خراج‏.‏

قال‏:‏ فما تقول أصلحك اللهّ وقد ولاك

السلطان عملاَ فَبَثَثْتَ عُمّالك فيه فجاءك قوم يتظلّمون من بعض عُمّالك فأردتَ أن تَنْظر في

أمورهم وتًنصفهم إذا كنت تُحبّ العدل والبِرّ وتُؤثر حُسن الأحدوثة وطيب الذِّكر وكان

لأحدهم قَرَاح كيف كنت تمسحه قال‏:‏ كنت أضرب العُطوف في العَمُود وأنظر كم مقدار

ذلك‏.‏

قال‏:‏ إذن تظلَم الرجل‏.‏

قلتُ‏:‏ فامسح العَمود على حِدَة‏.‏

قال‏:‏ إذا تظلَم السلطان‏.‏

قلت‏:‏

والله ما أدري‏.‏

قال‏:‏ فلستَ بكاتب خراج فأيهم أنت قلت‏:‏ كاتب جُنْد‏.‏

قال‏:‏ فما تقول في

رجلين اسم كل واحد منهما أحمد أحدهما مَقْطوع الشفة العليا والآخرً مقطوع الشَّفة السُّفلى

كيف كنت تكتب حِلّيتهما قال‏:‏ كنت أكتب أحمدُ الأعلم وأحمد الأعلم‏.‏

قال‏:‏ كيف يكون

هذا ورِزْقُ هذا مائتا درهم ورزق هذا ألفُ درهم فيقبض هذا على دَعْوة هذا فتظلِم

صاحب الألف‏!‏ قلت‏:‏ واللهّ ما أدري‏.‏

قال‏:‏ فلستَ بكاتب جُند فأيهم أنت قلتُ‏:‏ كاتب

قاض‏.‏

فمال‏:‏ فما تقول أصلحك اللّه في رجل تُوفي وخَلَّف زوجة وسُرِّيّة وكان للزوجة بنت

وللسُرّيَّة ابن فلما كان في تلك الليلة أخذت الحُرّة ابن السُرّية فادَّعَته وجعلتْ ابنتها مكانه

فتنازعا فيه فقالت هذه‏:‏ هذا ابني وقالت هذه‏:‏ هذا ابني كيف تحكم بينهما وأنت خليفةُ

القاضي قلت‏:‏ واللّه لمست أدري‏.‏

قال‏:‏ فلستَ بكاتب قاض فأيّهم أنت قلت‏:‏ كاتب

شرطة‏.‏

قال‏:‏ فما تقول‏:‏ أصلحك الله في رجل وَثب على رجل فشجَّه شَجة مُوضحة فوثب

عليه المَشجوج فشجه شجّة مَأْمُومة قلتُ‏:‏ ما أعلم‏.‏

ثم قلت‏:‏ أصلحك اللّه قد سألتَ ففسِّر

لي ما ذكرتَ‏.‏

قال‏:‏ أما الذي تزوّجت أمّه فتكتبُ إليه‏:‏ أما بعد فإن أحكامَ اللّه تَجْري بغير

مَحابّ المَخْلوقين واللّه يختار للعباد فخار اللّه لك في قَبْضها إليه فإن القبرَ أكرمُ لها والسلام

وأما القَراح فتضرب واحداً في مساحة العُطوف فمن ثَمَّ بابُه وأما أحمد وأحمد فتكتب حِلْية

المَقْطوع الشّفة العُليا‏:‏ أحمد الأعلم والمَقْطوع الشفة السفلى أحمد الأشرم وأما المرأتان فيُوزن

لبن هذه ولبن هذه فأيّهما كان أخف فهي صاحبة البنت وأما الشّجّة فإن في المُوضحة خمساً

مني الإبل وفي المأمومة ثلاثاً وِثلاثين وثُلثاً فيَرُدّ صاحبُ المأمومة ثمانيةً وعشرين وثُلثاً‏.‏

قلت‏:‏

أصلحك اللهّ فلا نزع بك إلى هنا قال ابنُ عمّ لي كان عاملاً على ناحية فخرجتُ إليه

فألفيتُه مَعْزولاً فقُطع بي فأنا خارج أضطرب في المعاش‏.‏

قلتُ‏:‏ ألستَ ذكرتَ أنك حائك

قاٍل‏:‏ أنا أحُوك الكلام ولستُ بحائك الثياب‏.‏

قال‏:‏ فدعوتُ المُزَيِّن فأخذ من شَعَره وأدْخِل

الحمّام فطَرحْتُ عليه شيئاً من ثيابي‏.‏

فلما صرتُ إلى الأهواز كلمت الرخّجيّ فأعطاه خمسةَ

آلاف درهم ورَجع معي فلما صرتُ إلى أمير المؤمنين قال‏:‏ ما كان من خَبرك في طريقك

فأخبرتُه خبري حتى حدَّثتُه حديث الرجل‏.‏

فقال لي‏:‏ هذا لا يُستغنى عنه فلأيّ شيء يصلُح

قلت‏:‏ هذا أعلم الناس بالمساحة والهندسة‏.‏

قال‏:‏ فولاه أميرُ المؤمنين البناء والمَرمَّة‏.‏

فكنتُ واللّه

ألقاه في المَوكب النبيل فينحطّ عن دابته فأحلِف عليه فيقول‏:‏ سُبحان اللّه‏!‏ إنما هذه نِعْمتك

وبك أفدتُها‏.‏

فضائل الكتابة

قالت أبو عثمان الجاحظ‏:‏ ما رأيتُ قوماً أنفذ طريقةً في الأدب من هؤلاء الكتّاب فإنهم

التمسوا من الألفاظ ما لم يكن متوعِّراً وَحشيّا ولا ساقطاً سُوقيا‏.‏

وقال بعضُ المهالبة لبنيه‏:‏

تزيّوا بزِيّ الكُتّاب فإنهم جَمعوا أدب الملوك وتواضُع السوقة‏.‏

وعَتب أبو جعفر المنصور على قوم

من الكُتاب فأمر بحَبْسهم فرفعوا إليه رُقعة ليس فيها إلا هذا البيت‏:‏

ونحنُ الكاتبون وقد أسأنا فَهَبْنا للكرام الكاتِبينَا

فعفا عنهم وأمر بتَخْلية سبيلهم‏.‏

وقال المؤيد‏:‏ كُتّاب المُلوك عُيونهم الناظرة وآذانهم الواعية وألسنتُهم الناطقة‏.‏

والكتابةُ أشرفُ

مراتب الدُّنيا بعد المحلافة وهي صناعةٌ جليلة تَحتاج إلى آلات كثيرة‏.‏

وقال سهلُ بن هَارون‏:‏

الكتابة أولُ زِينة الدُنيا التي إليها يتناهَى الفضلُ وعندها تَقِف الرَّغبة‏.‏

ما يجوز في الكتابة وما لا يجوز فيها

قال إبراهيم بن محمد الشَيباني‏:‏ إذا احتجت إلى مُخاطبة المُلوك والوُزراء والعُلماء والكُتّاب

والخُطباء والأدباء والشُّعراء وأوساط الناس وسُوقتهم فخاطبْ كُلاً على قَدْر أبهته وجلالته

وعُلوَه وارتفاعه وفِطْنته وانتباهه‏.‏

واجعل طبقات الكلام على ثمانية أقسام منها‏:‏ الطبقات

العَلِية أربع والطبقات الآخرً وهي دونها أربع لكل طبقة منها درجة ولكلّ قَسْمها لا ينبغي

للكاتب البليغ أن يقصّر بأهلها عنها ويَقْلب معناها إلى غيرها‏.‏

فالحدّ الأوّل‏:‏ الطبقات العُليا

وغايتها القُصوى الخِلافة التي أجل اللّه قدرَها وأعلَى شأنها عن مُساواتها بأحد من أبناء الدُّنيا

في التعظيم والتوقير والطبقة الثانية لوزرائها وكتّابها الذين يُخاطبون الخلفاء بعقُولهم وألسنتهم

ويَرْتِقُون الفُتوق بآرائهم والطبقة الثالثة أمراء ثُغورهم وقُوّاد جُنودهم فإنه تجب مُخاطبة كل

أحد مِنهم على قدره ومَوْضِعه وحظّه وغَنائه وإجزائه واضطلاعه بما حَمل من أعباء أمورهم

وجلائل أعمالهم والرابعة القضاة فإنهم وإن كان لهم تواضع العُلماء وحِلْية الفضلاء فمعهم

أبهة السَّلطنة وهَيْبة الأمراء‏.‏

وأما الطبقات الأربع الآخرً فهم‏:‏ الملوك الذين أوجبت نعمُهم

تعظيمَهم في الكَتْب إليهم وأفضالُهم تَفضيلَهم فيها والثانية وزراؤهم وكتَّابهم وأتباعهم الذين

بهم تُقرع أبوابهم وبعناياتهم تُستماح أموالهم والثالثة هم العلماء الذين يجب توقيرهم في الكَتب

بشرف العِلم وعلوّ درجة أهله والطبقة الرابعة لأهل القدر والجلالة والحلاوة والطلاوة والظرف

والأدب فإنهم يضطرونك بحدّة أذهانهم وشدّة تمييزهم وانتقادهم وأدبهم وتصفّحهم إلى

الاستقصاء على نفسك في مُكاتبتهم‏.‏

واستغنينا عن الترتيب للسّوقة والعوامّ والتجّار

باستغنائهم بمهناتهم عن هذه الآلات واشتغالهم بمهماتهم عن هذه الأدوات‏.‏

ولكل طبقة من

هذه الطبقات معان ومذاهب يجب عليك أن ترعاها في مراسلتك إياهم في كتبك فتزن كلامك

في مُخاطبتهم بميزانه وتعطيه قَسمه وتُوفّيه نصيبه فإنك متىِ أهملت ذلك وأضعتَه لم آمن

عليك أن تَعدل بهم عن طريقهم وتسلك بهم غير َمسلكهم ويَجرىَ شُعاع بلاغتك في غير

مجراه وتَنْظَمِ جوهر كلامك في غير سِلكه‏.‏

فلا تعتدّ بالمعنى الجَزْل ما لم تُلْبسه لفظاً لاثقاً لمن

كاتبته ومُلتئماً بمن راسلته فإنّ إلباسَك المَعنى وإن صَحّ وشَرُف لفظاً مُتخلّفاً عن قَدْر

المكتوب إليه لم تَجْر به عاداتهم تهجينٌ للمعنى وإحلال بقَدْره وظُلم بحق المَكتوب إليه ونَقْص

مما يجب له كما أن في إتباع تعارفهم وما انتشرت به عادتهم وجَرت به سُنتهم قطعاً

لعُذرهم وخُروجاً من حقوقهم وبُلوغاً إلى غاية مُرادهم وإسقاطاً لحُجة أدبهم‏.‏

فمن الألفاظ

المَرغوب عنها والصُّدور المستوحش منها في كتب السادات والمُلوك والأمراء على اْتفاق

المعاني مثل‏:‏ أبقاك الله طويلًا وعَمَّرك مَلِيّا‏.‏

وإن كنّا نعلم أنه لا فرق بين قولهم‏:‏ أطال اللّه بقاك

وبين قولهم‏:‏ أبقاك اللّه طويلًا‏.‏

ولكنهم جعلوا هذا أرجَح وَزْناً وأنبه قدراً في المُخاطبة‏.‏

كما

أنّهم جعلوا‏:‏ أكرمك اللّه وأبقاك أحسن منزلاً في كُتب الفُضلاء والأدباء من‏:‏ جُعلت فداك

على اشتراك معناه واحتمال أن يكون فداءَه من الخير كما يحتمل أن يكون فداءَه من الشر

ولولا أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال لسعد بنٍ أبي وقّاص‏:‏ ارْم فداك أبي وأمي

لكرِهنا أن يَكْتب بها أحد‏.‏

على أن كُتّاب العَسكر وعوامّهم قد وَلعوَا بهذه اللَفظة حتى

استعملوها في جميع مُحاوراتهم وعلوها هِجِّيراهم في مخاطبة الشريف والوَضيع والكبير

والصغير‏.‏

وذلك قال محمود الورَّاق‏:‏

كُلّ مَنْ حَلّ سُرّ مَنْ نرى مِن الناس ومَن قد يُداخل الأملاكا

لو رأى الكَلْب ماثلاً بطريق قال للكَلْب يا جُعِلت فِدَاكا

وكذلك لم يجيزوا أن يكتبوا بمثل أبقاك اللّه وأمتع بك إلا في الابن والخادم المنقطع إليك وأما في

كتب الإخوان فغير جائز بل مَذموم مَرغوب عنه‏.‏

ولذلك كتب عبدُ اللّه بن طاهر إلى محمد بن

عبد الملك الزيات‏:‏

أحُلْتَ عما عَهدْتُ من أدبكْ أم نِلْتَ مُلْكاً فتِهْتَ في كُتبكْ

أم قد تَرى أنًّ في مُلاطفة الْ إخوان نَقْصاً عليك في أدبك

أكان حقّا كتابُ ذي مِقَة يكون في صَدْره‏:‏ وأمْتَع بك

أتعبت كفَّيك في مُكاتبتي حسبُك ما قد لقيتَ في تَعبك

فكتب إليه محمد بن عبد الملك الزيات‏:‏

أنكرتَ شيئاً فلستُ فاعلَه ولن تُراه يُخَطِّ في كتبك

إنْ يك جهلٌ أتاك مِن قِبلي فعُد ْبفَضْلٍ عَليّ من حَسبك

فاعفُ فدَتْك النُّفوس عن رجلٍ يَعيش حتى المماتِ في أدبك

ولكلّ مَكْتوب إليه قدرٌ ووَزنْ يَنبغي للكاتب ألاّ يَتجاوز به عنه ولا يُقصّر به دونه‏.‏

وقد

رأيتهم عابُوا الأحوص حين خاطب المُلوك خطاب العوامّ في قوله‏:‏

وأراك تَفعل ما تقُول وبعضًهم مَذِق الحديث يقول ما لا يَفْعلُ

وهذا معنى صحيح في المدح ولكنهم أجلّوا قدر الملوك أن يُمدحوا بما تُمدح به العوامّ لأن

صِدْق الحديث وإنجاز الوعد وإن كان من المدح فهو واجب على العامّة والمُلوكُ لا يُمدحون

بالفرائض الواجبة إنما يَحسن مدحُهم بالنّوافل لأنّ المادح لو قال لبعض المُلوك‏:‏ إنك لا تَزْني بحليلة

جارك وإنك لا تخون ما استودعْت وإنك لتصدًق في وَعدك وتَفي بعهدك فكأنه قد أثنى بما

يجب ولو قَصد بثنائه إلى مَقصده كان أشبهَ في الملوك‏.‏

ونحن نعلم أنَّ كل أمير يتولَّى من أمر المؤمنين شيئاً فهو أميرُ المؤمنين غير أنهم لم يُطلقوا هذه

اللفظة إلا على الخُلفاء خاصة‏.‏

ونحنِ نعلم أن الكَيّس هو العاقل لكن لو وصفتَ رجلاً فقلت‏:‏

إنه لعاقل كنت مدحته عند الناس وإن قلت‏:‏ إنه لكيّس كنت قد قَصَّرْت به عن وَصْفه

وصَغَّرت من قدره إلا عند أهل العلم باللغة لأنَّ العامَّة لا تلتفت إلى معنى الكلمة ولكن إلى

ما جرت به العادة من استعمالها في الظاهر إذ كان استعمال العامَّة لهذه الكلمة مع الحَداثة

والغِرّة وخَساسة القدر وصِغَر السن‏.‏

وقد روينا عن عليّ كرم اللّه وجهه أنه تسمّى بالكيّس

حين بَنى سِجن الكوفة فقال في ذلك‏:‏

أما تُراني كَيِّساً مُكَيسَا بنيتُ بعد نافع مُخَيَّسَا

حِصْناً حصيناً وأميناً كيسا

وقال الشاعر‏:‏

ما يَصْنع الأحمقُ المرْزوق بالكَيْس

وكذلك نعلم أن الصلاة رحمة غير أنهم كرهوا الصلاة إلا على الأنبياء كذلك روينا عن ابن

عباس‏.‏

وسمع سعدُ بن أبي وقّاص ابن أخ له يلبّي ويقول في تَلْبيته‏:‏ لَبَّيك يا ذا المعارج فقال‏:‏

نحن نعلم أنه ذو المعارج ولكن ليس كذا كنَّا نلبّي على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم

إنما كنِّا نقول‏:‏ لبَّيك اللهم لبيك‏.‏

وكان أبو إبراهيم المُزني يقول في بعض ما خاطب به داود ابن

خَلَف الأصبهاني‏:‏ فإِن قال كذا فقد خرج عن الملّة والحمد لله‏.‏

فنقض ذلك عليه داودُ وقال

فيما ردّ عليه‏:‏ تَحمد اللّه على أن تُخرج امرأ مُسلماً من الإسلام وهذا موضع استرجاع

فامتثِل هذه المذاهب واجر على هذه القواعد وتحفّظ في صُدور كُتبك وفًصولها وخواتمها

وضَع كل معنى في موضع يليق به وتخير لكل لفظة معنى يشاكلها وليكن ما تختم به فُصولك في

موضع ذكر البَلْوى بمثل‏:‏ نسأل اللّه دَفْعَ المَحْذور وصَرف المكروه وأشباه هذا وفي موضعِ

ذكر المُصيبة‏:‏ إنا للّه وإنا إليه راجعون وفي موضع ذكر النِّعمة‏:‏ الحمد لله خالصاَ والشكر لله

واجباً‏.‏

فإن هذه المواضع يجب على الكاتب أن يتفقَدها ويتحفظ فيها فإن الكاتب إنما يصير

كاتباً بأن يَضع كل معنى في موضعه ويعلق كل لفظة على طبقتها من المعنى‏.‏

واعلم أنه لا يجوز

في الرسائل استعمالُ ما أتت به أيُ القرآن من الاقتصار والحذف ومخاطبة الخاصّ بالعام والعام

بالخاصّ لأنَّ الله جل ثناؤه خاطَب بالقرآن قوماً فُصحاء فَهِموا عنه جلّ ثناؤه أمرَه ونَهيه ومُراده

والرسائل إنما يُخاطب بها أقوامٌ دخلاء على اللغة لا علم لهم بلسان العرب‏.‏

وكذلك ينبغي

للكاتب أن يَجتنب اللفظ المشترك والمعنى المًلْتبس فإنه إذن ذهب يُكاتب على مثل معنى قول

الله تعالى‏:‏ ‏"‏ واسأل القَرْية التي كُنّا فيها والعِيَر التي أقبلنا فيها ‏"‏ وكقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ بل مكر الليل

والنهار ‏"‏ أحتاج الكاتب أن يُبين معناه‏:‏ بل مكرهم بالليل والنهار ومثل هذا كثير لا يتسع

الكتاب لذكره‏.‏

وكذلك لا يجوز أيضاًً في الرسائل والبلاغات المشهورة ما يجوز في الأشعار

المَوزونة لأنّ الشاعر مُضطر والشِّعرَ مَقْصور مقيَّد بالوزن والقوافي فلذلك أجازوا لهم صَرْفَ

ما لا ينصرف من الأسماء وحذفَ ما لا يُحذف منها واغتفروا فيه سوء النظم وأجازوا فيه

التَّقديم والتأخير والإضمار في موضع الإظهار وذلك كله غير مُستساغ في الرسائل ولا جائز في

البلاغات‏.‏

فمما أجيز في الشعر من الحذف مثل قول الشاعر‏:‏

قواطناً مَكةَ من وُرْق الحَمَى يعني الحمام

وقول الآخر‏:‏

صِفر الوشاحين صَموت الخَلْخل يريد‏:‏ الخلخال

وكقول الآخر‏:‏

دار لسَلْمَى إذ مِن هَواكا يريد‏:‏ إذ هي

وكقول الحُطيئة‏:‏

فيها الرماحُ وفيها كلُّ سابغة جَدْلاء مَسْرودة من صُنع سلّاَم

يريد‏:‏ سليمان‏.‏

وكقول الآخرً‏:‏

من نَسْج داود أبي سلاَّم والشيخ عُثمان أبي عفّان

أراد‏:‏ عثمان بن عفان‏.‏

وكما قال الآخرً‏:‏

وسائلةٍ بثَعلبةَ بنِ سَير وقد عَلِقت بثَعلبةَ العَلوقُ

ولستُ بآتيه ولا أسُتطيعه ولاكِ اسقني إن كان ماؤك ذا فَضْل

أراد‏:‏ ولكن‏.‏

وكذلك لا ينبغي في الرسائل أن يُصغَّر الاسم في موضع التَّعظيم وإن كان

ذلك جائزاً مثل قولهم‏:‏ دُويهية تصغير داهية‏.‏

وجُذلِل تصغير جِذْل‏.‏

وعُذيق تصغير

عَذق‏.‏

وقال الشاعر هو لَبيد‏:‏

وكُل أناس سوف تَدْخل بينهم دُويهيةٌ تَصْفرّ منها الأناملُ

وقال الحُباب بن المُنذر يومَ سَقيفة بني ساعدة‏:‏ أنا عُذَيقها المُرجّب وجُذيلها المُحكّك‏.‏

وقد

شرحه أبو عبيد‏.‏

ومما لا يجوز في الرّسائل وكَرهوه في الكلام أيضاً مثلُ قولهم‏:‏ كلّمتُ إياك

وأعني إيّاك وهو جائز في الشعر‏.‏

وقال الّشاعر‏:‏

وأحْسِنْ وَأَجْمِلْ في أسيرك إنّه ضعيفٌ ولم يأسِر كإياك آسرُ

وقال الراجز‏:‏

إياك حتى بلَغت إياك

فتخَيَّر من الألفاظ أرجحَها لفظاً وأجزَلها معنى وأشرفَها جوهراً وأكرِمَها حسباً وأليقها في

مكانها وأشكلها في موضعها فإن حاولت صَنعة رسالة فزِن اللَّفظة قبل أن تُخرجها بميزانِ

التِّصريف إذا عَرضت وعاير الكلمة بمعيارها إذا سنَحت فإنه ربما مَرّ بك موضعٌ يكون مخرج

الكلام إذا كتبتَ‏:‏ أنا فاعل أحسنَ من أن تكتب‏:‏ أنا أفعل وموضع آخرً يكون فيه‏:‏ استفعلت

أحلى من‏:‏ فعلت‏.‏

فأدِر الكلام على أماكنه وقلِّبه على جميع وُجوهه فأيّ لَفظة رأيتَها أخف

في المكان

الذي ندبتها إليه وأنزعَ إلى اٍلموضع الذي راودتًها عليه فأوْقعها فيه ولا تجعل اللَفظة قَلِقة في

موضعها نافرةً عن مكانها فإنك متى فعلت هجّنت الموضع الذي حاولت تَحسينه وأفسدتَ

المكان الذيِ أردت إصلاحه فإنَ وضع الألفاظ في غير أماكنها وقَصْدَك بها إلى غير مًصابها

وإنما هو كتَرْقيع الثوب الذي لم تتشابه رقاعه ولم تتقارب أجزاؤه فخرج من حَدّ الجدّة وتغيّر

حُسْنه كما قال الشاعر‏:‏

إنّ الجديدَ إذا ما زيد في خَلَقٍ تَبَن الناسُ أنّ الثوبَ مَرْقوعُ

وكذلك كلما احلولى الكلامُ وعَذُب وراق وسَهُلت مخارجه كان أسهلَ وُلوجاً في الأسماع

وأشدّ اتصالاً بالقُلوب وأخفّ على الأفواه لا سيّما إذا كان المعنى البديع مُترجَما بلفظ مِونِق

شريف ومُعايَراً بكلامٍ عَذْب لم يَسِمْه التكليف بميسمه ولم يُفسده التّعقيد باستغلاقه‏.‏

وكتب عيسى بن لَهيعة إلى أخيه أبي الحسن وزَوَر كلامه وجاوز المِقدار في التنطّع فوقع في

أسفل كتابه‏:‏

أنيَّ يكون بليغاً من اسمه كان عِيْا

وثالثُ الحرف منه أذًى كفيت ميسًّا

قال‏:‏ وبلغني أن بعض الكتَّاب عاد بعضَ الملوك فوجده يئن مَن علّة فخرج عنه ومرّ بباب

الطاق فإذا بطيْر يدعى الشَفانين فاشتراه وبعث به إليه وكتب كتابَاً وتنطّع في بلاغته‏:‏ وتذكرْ

أنه يقال له شَفانين أرجو أن يكون شفاءً من أنين‏.‏

فرفع في أسفل الكتاب‏:‏ والله لو عطستَ

ضَبًّا ما كنت عندنا إلا نبطيا فاقصر عن تنًطّعك وسَهِّل كلامك‏.‏

قوله‏:‏ لو عَطست ضبّا يريد أن الضباب من طعام الأعراب وفي بلدهم

فقال‏:‏ لو عَطستَ فنثرت ضباً من عُطاسك لم تُلحَق بالأعراب ولم تكن إلا نَبطيّاً‏.‏

وقد جاء في

بعض الحديث‏:‏ إن القِطّ من نثرة عَطْسة الأسد وإن الفأر من نثرة عَطسة الْخِنزير‏.‏

فقال هذا‏:‏

لو أن الضبّ من نَثرتك لم تكن إلا نبطياً‏.‏

وفي هذا المعنى قال مخلد الموصليّ يهجو حَبيبا‏:‏

أنت عندي عربيّ ليس في ذاك كلامْ

شَعْر ساقيك وفَخْذي ك خُزامَى وثُمام

وضُلوع الصدر من شل وكَ نَبْع وبَشَام

لو تحرّكت كذا ان جَفلت منك نَعَام

وظباءٌ راتعا ت وَيرابيع عِظام

وحَمام يتغنّى حبذا ذاك الْحَمام

أنا ما ذنبي لأنْ كذِّبني فيك الأنام

وفتًى يحلف ما إن عَرَّقتْ فيه الكرام

ثمِ قالوا جاسميّ من بني الأنباط حام

كَذبوا ما أنت إلا عربيّ والسّلام

وقد رأيتُهم شبّهوا المعنى الخفيّ بالروح الخفي واللفظ الظاهر بالجًثمان الظاهر وإذا لم ينهضِ

بالمعنى الشريف الْجَزْل لفظٌ شريف جزل لم تكن العبارة واضحة ولا النظام مُتّسقاً وتضاؤُل

المعنى الحَسن تحت اللفظ القبيح كتضاؤل الْحَسناء في الأطمار الرثة‏.‏

وإنما يدل على المعنِى أربعة أصناف‏:‏ لفظ وإشارة وعَقد وخط‏.‏

وقد ذكر له أرسطا طاليس

صِنفاً خامساَ في كتاب المنطق وهو الذي يسمى النَصيبة‏.‏

والنَّصيبة‏:‏ الحال الدالّة التي تقوم مقام

تلك الأصناف الأربعة وهي الناطقة بغير لفظ ومُشير إليك بغير يد‏.‏

وذلك ظاهر في خَلْق

السموات والأرض وكل صامت وناطق‏.‏

وجميع هذه الأصناف الخمسة كاشفة عن أعيان

المَعاني وسافرة عن وُجوهها‏.‏

وأوضح هذه الدلائل وأفصح هذه الأصناف صِنْفان هما‏:‏

القلم واللسان وكلاهما للقلب تَرجمان‏.‏

فأما اللسان فهو الآلة التي يخرج الإنسان بها عن حدّ

الاستبهام إلى حدّ الِإنسانية بالكلام ولذلك قال صاحب المنطق‏:‏ حدُ الإنسان الحيّ الناطق‏.‏

وقالت هشام بن عبد الملك‏:‏ إن اللّه رفع درجة اللَّسان فانطقه بين الجوارح‏.‏

وقال عليّ بن

عبيده‏:‏ إنما يُبين عن الإنسان اللسان وعن المودّة العينان‏.‏

وقال آخرً‏:‏ الرجل مخبوء تحت لسانه‏.‏

وقالوا‏:‏ المرء بأصغريه‏:‏ قلبه ولسانه‏.‏

وقال الشاعر‏:‏

وما المرء إلا الأصغران لسانُه ومَعْقولُه والجسمُ خَلْق مُصَوَّرُ

فإنْ طُرّة راقتْك يوماً فربما أمر مَذاقُ العُود والعُود أخضر

وللخط صورة معروفة وحِلْية موصوفة وفضيلة بارعة ليست لهذه الأصناف لأنه يقوم

مَقامها الإيضاح عند المَشهد ويَفْضُلها في المَغيب لأن الكتب تُقرأ في الأماكن المُتباينة والبُلدان

المتفرّقة وتُدرس في كل عصر وزمان وبكل لسان والّلسان وإن كان ذَلْقا فَصيحاً لا يعدو

سامعَه ولا يُجاوزه إلى غيره‏.‏

البلاغة

قال سهل بن هارون‏:‏ سياسةُ البلاغة أشدُّ من البلاغة‏.‏

وقيل لجعفر بن يحيى بن خالد‏:‏ ما

البلاغة قال‏:‏ التقرُب من المَعنى البعيد والدَلالة بالقليل على الكثير‏.‏

وقيل لابن المُقفَّع‏:‏ ما

البلاغة قال‏:‏ قِلة الْحَصَر والْجُرأة على البَشر قيل له‏:‏ فما العِي قال‏:‏ الإطْراق من غير فِكْرة

والتًنحنح من غير غلة‏.‏

وقيل لآخرً‏:‏ ما البلاغة قال‏:‏ تَطْوِيلُ القَصِير وتَقْصير الطويل‏.‏

وقيل

لأعرابي‏:‏ ما البلاغة فقال‏:‏ حَذْف الفُضول وتَقْريب البعيد‏.‏

وقيل لأرسطاطاليس‏:‏ ما

البلاغة فقال‏:‏ حُسْن الاستعارة‏.‏

قيل لجالينوس‏:‏ ما البلاغة فقال‏:‏ إيضاح المُعْضِل وفَك

المُشكل‏.‏

وقيل للخليل بن أحمد‏:‏ ما البلاغة فقال‏:‏ ما قَرُب طَرَفاه وبعُدَ مُنتهاه‏.‏

وقيل لخالد

بن صَفْوان‏:‏ ما البلاغة قال‏:‏ إِصابةُ المعنى والقَصْد للحُجًة‏.‏

وقيل لآخرً‏:‏ ما البلاعة

قال‏:‏ تَصْوير الحقّ في صُورة الباطل والباطل في صورة الحق‏.‏

وقيل لإبراهيم الإمام‏:‏ ما البلاغة

فقال‏:‏ الجزالة والإصابة‏.‏

تضمين الأسرار في الكتب

وأما تَضْمين الأسرار في الكُتب حتى لا يقرؤها غيرُ المكتوب إليه ففيه أدبٌ تجب معرفتُه‏.‏

وقد تعلّقت العامّةُ بكتاب القُمّيّ والأصبهانيّ‏.‏

وكان أبو حاتم سهل بن محمد قد وصف لي

منهما أشياءَ جليلة من تبديل الحروف وذلك مُمكن لكل إنسان‏.‏

غير أنّ اللطيف من ذلك‏:‏ أن

تأخذ لَبَنا حليبا فتكتب به في القِرْطاس فَيَذرّ المكتوبُ له عليه رَماداً سُخْنا من رَماد

القراطيس فيظهرُ ما كتبتَ به إن شاء الله‏.‏

وإن شئتَ كتبتَ بماء الزَّاج الأبيض فإذا وصل إلى

المكتوب إليه أمر عليه شيئاً من غُبار الزَّاج وإن أحببتَ أن لا يُقرأ الكتاب بالنهار وُيقرأ بالليل

فاكتُبه بمرارة السُّلحفاة

قولهم في الأقلام

قالوا‏:‏ القلم أحدُ اللَسانين وهو المخاطب للعًيون بسرائر القلوب على لغات مختلفة من معان

مَعْقودة بحروف مَعْلومة مؤلفة متباينات الصور مختلفات الجهات لقاحُها التفكير ونتاجها

التَّدبير تَخْرس مُنفردات وتَنْطق مُزْدوجات بلا أصوات مسموعة ولا ألْسن مَحدودة ولا

حركات ظاهرة خلا قلمٍ حَرف باريه قطّته ليتعلّق المِداد به وأرهف جانبيه ليُرَد ما انتشر عنه

إليه وشَقَّ رأسه ليحتبس المِدادُ عليه فهنالك استمد القلم بشقّه ونثر في القرطاس بخَطه

حروفاً أحكمها التفكّر وجرى على أسلته الكلام الذي سَدّاه العقل وألحمه اللسان ونَهسته

اللهوات وقطّعته الأسنان ولفظته الشّفاه ووعته الأسماع عن أنحاء شتى من صفات وأسماء‏.‏

وقالت الشاعر وهو أبو الحسن محمد بن عبد الملك بن صالح الهاشمي‏:‏

وأسمرَ طاوِي الكَشْح أخْرَسَ ناطقٍ له ذَمَلان في بُطون المَهارِقِ

إذا استعجلْته الكفُّ أمطرَ وبْلهَ بلا صوت إِرعاد ولا ضَوْء بارق

إذا ما حدَا غرَّ القوافي رأيتَها مُجلية تمضي أمام السوابق

كأن عليه من دجى الليل حلةً إذا ما استهلت مًزْنه بالصواعق

كأنَ اللآلي والزَبَرْجدُ نُطْقَهُ ونَوْرُ الخُزامى في عُيون الحدائق

وقال العلويُ في صِفة القلم‏:‏

وعُرْيانَ من خِلْعةٍ مُكْتَسٍ يميس من الوَشيْ في يَلْمَقِ

تَحدّرُ من رأسه ريقة تَسيل على ذِرْوة المَفْرِق

فكم من أسيرٍ له مُطْلَق وكم من طَليق له مُوثَق

يُقيم ويُوطن غربَ البلاد ويَنهي ويأمر بالمَشرْق

قليلٌ كثيرُ ضُروب الخُطوط وأخرس مُسْتَمع المَنْطق

يَسير بَركْبِ ثلاث عِجالٍ إذا ما حدا الفكرُ فِي مُهْرق

لك القَلم المُطيعك غير أنَا وَجدنا رسْمه خيرَ المُطاع

له ذَوْقان من أريٍ هَنِيٍ ومن شَرْيٍ وَبّي ذي امتناع

أحذُ اللَفظ يُنْطق عن سِواه فيًسمع وهو ليسً بذي استماع

إذا استسقى بلاغتك استهلَت عليه سماءُ فِكْرك باندفاع

وبيتٍ بعَلْيَاء العَلاة بنيته بأسمرَ مَشقوق الخَياشيم يُرْعَفُ

كأنَّ عليه مَلْبساً جلدَ حيّة مُقيم فما يَمضي وما يتخلف

جليلُ شُؤون الخَطْب ما كان راكباً يسيرُ وإنْ أرجلتَه فمضعّف

وقال حبيبُ بن أوس وهو من أحسن ما قيل فيه‏:‏

لك القلمُ الأعلى الذي بشَباته يُصاب من الأَمر الكُلَى والمفاصلُ

لُعاب الأفاعِي القاتلاتِ لُعابُه وأرْي الجَنَى اشتارتْه أيدٍ عواسِل

له ريقةٌ طَل ولكن وَقْعَها بآثاره في الشَرق والغَرب وابل

فصيح إذا استنطقته وهو راكب وأعجمُ إن خاطبتَه وهو راجل

وقد رَفَدته الخِنْصران وسَدّدت ثلاِثَ نواحيه الثلاثُ الأنامل

رأيتَ جليلَاً شأنهُ وهو مُرْهَفٌ ضَنَىً وسَميناً خَطْبهُ وهو ناحل

ولما قال حبيب هذا الشعرَ حَسده الخَثْعميّ فقال لابن الزيّات‏:‏

ما خُطبة القلم التي أنبيتُها وردت عليك لشاعر مَجدودِ

وأنشد البُحتريّ لنفسه يَصف قلم الحسن بن وهْب‏:‏

وإذا تألّق في النَديّ كلامُه الْ مصقول خِلْتَ لسانَه مِن عَضْبِه

وإذا دَجت أقلامُه ثم انتحت بَرَقت مَصابيح الدُّجى في كُتْبه

باللَفظ يَقْربُ فَهْمُه في بُعده منّا وَيبْعد نَيلُه في قُرْبِه

حِكَم فسائحُها خِلالَ بَنانه مَتدفّق وقَليبُها في قَلبه

وكأنها والسمعُ مَعْقُودٌ بها شَخْص الحبيب بدا لعين مُحبّه

وأنشد أحمد بن أبي طاهر في بَعض الكُتَاب ويصف القلم‏:‏

قَلم الكتابة في يَمينك آمِن ممّا يَعود عليه فيما يَكْتُبُ

قلم به ظُفْرُ العدوِ مُقلم وهو الأمانُ لما يُخاف وُيرْهَب

بكفّه ساحرُ البيان إذا أداره في صَحيفة سَحَرَا

يَنْطِق في عُجمة بلَفْظته نُصَمُّ عنها وتسمع البَصرا

نوادرٌ يَقْرع القُلوبَ بها إنْ تَسْتَبنها وجدتَها صُورا

نظام دُرّ الكلام ضمنه سِلْكاً لخطّ الكِتاب مُسْتَطَرا

إذا امتطى الخِنْصرين أذكرَ مِن سَحْبان فيما أطال واختصرا

يُخاطب الغائب البعيد بما يُخاطب الشاهدَ الذي حَضرا

تَرى المَقادير تَستدفّ له وتُنْفِذ الحادثاتً ما أمرا

شَخْت ضئيلٌ لفِعْله خَطَر أعظِم به في مُلمة خَطرا

تَمُجّ فكّاه ريقةً صَغرت وخَطْبها في القُلوب قد كَبُرا

تُواقع النفسُ منه ما حَذِرت وربما جنبت به الحَذرا

مُهَفهف تَزْدهي به صُحف كأنما حُلًيت به دُررا

كأنما تَرتع العيونُ بها خلالٍَ رَوْض مُكلَّل زَهَرا

كأن أنوف الطَّير في عَرَصاتها خراطيمُ أقلام تَخُط وتُعْجِمُ

ومثلُه قول عديّ بن الرِّقاع في ولد البقرة‏:‏

تُزْجى أغنَ كأن إبرة رَوْقه قلم أصاب من الدَّواة مِدادَها

ومن قولنا‏:‏

يَخرُجْن من فُرجات النّقع داميةً كأنّ آذانها أطرافُ أقلام

ومنه قول المأمون‏:‏

كأنما قابلَ القرطاسُ إذ مُشقت منها ثلاثةَ أقلام على قلم

ومثله قولنا

إذا أدارت بنانُه قَلماً لم تَدْر للشِّبْه أيّها القلمُ

ومن قولنا في الأقلام‏:‏

ومَعشر تنطق أقلامُهم بحكمة تَلقنها الأعينُ

تَلفِظَها في الصكّ أفلامُهم كأنما أقلامهم ألسنُ

ومن قوِلنا في الأقلام‏:‏

يا كاتباً نقشت أناملُ كفّه سحرَ البيان بلا لسانٍ يَنْطِقُ

فإذا تكلّم رغبةً أو رَهْبَةً في مَغرب أصغَى إليه المَشرْق

يَجرى بريقةِ أريه أو شَرْيه يَبكي ويَضحك من سُراه المُهرق

ولعبد اللهّ بن المعتز كلامٌ يصف فيه القلم‏:‏ القلم يَخدُم الإرادةَ ولا يملّ الأستزادة يسكت واقفاً

وينطق ساكتاً على أرض بياضها مظلم وسوادها مضيء‏.‏

وقال سليمان بنُ وَهْب وزير

المهديّ‏:‏ كل قلم تطيل جِلْفته فإن الخط يخرج به أوقص‏.‏

وكتب جعفر بن يحيى إلى محمد بن الليث يستوصفه الخط فكتب إليه‏:‏ أما بعد فليكن قلمك

بحْرياً لا سمينا ولا رقيقاً ما بين الرقّة والغِلَظ ضيّق النًقْب‏.‏

فابرِه بَرْيا مُستوِيا كمِنْقار الحمامة

اعطِف قطّته ورقّق شَفْرته‏.‏

وليكن مدادُك صافيا خفيفاً إذا استمددت منه فانقعه ليلة ثم

صفه في الدواة‏.‏

وليكن قِرْطاسك رقيقاً مستوي النَسج تخرج السِّحاة مُستوية من أحد الطرفين

إلى الآخر فليست تستقيم السطور إلا فمِما كان كذلك‏.‏

وليكن أكثر تَمْطيطك في طرف

القرطاس الذي في يَسارك وأقلًّه في الوسط ولا تمط في الطرف الآخر ولا تمطّ كلمة ثلاثة أحرف

ولا أربعة ولا تترك الأخرى بغير مطّ فإنك إذا فرّقت القليل كان قبيحاً وإذا جمعتَ الكثير كان

سَمِجا‏.‏

ثم ابتدىء الألف برأس القلم كله وإخطُطه بعوضه واختمه بأسفله‏.‏

وأكتب الباء والتاء

والسين والشين والمطًّة العليا من الصاد والضاد والطاء والظاء والكاف والعين والغين ورأس كلِّ

مُرسل برأس القلم‏.‏

واكتُب الجيم والحاء والخاء والدال والذال والراء والمطَّة السفلى من الصاد

والضاد والطاء والظاء والكاف والعين والغين بالسنّ السّفلى من القلم وامطُط بعرض القلم‏.‏

والمطّ نِصف الخط ولا يقوى عليه إلا العاقل ولا أحسب العاقل يقوى عليه أيضاً إلا بالنَظر إلى

اليد في استعمالها الحركة والسلام‏.‏

وقال ابنُ طاهر لكاتبه‏:‏ ألقِ دَوَاتك وأطل سِنّ قلمك وفَرج بين السطور وقَرْمط بين الحروف‏.‏

وقال إبراهيم بن جَبلة‏:‏ مَرّ بي عبدُ الحميد وأنا أخط خطا رديئاً فقال لي‏:‏ أتحب أن يجود

خطّك قلت‏:‏ بلى‏.‏

قالت‏:‏ أطِل جِلْفة القلم وأسمِنها وحَرف قَطًتك وأيمنها‏.‏

ففعلت فجاد

خطي‏:‏ وقال العتِّابي‏:‏ ببُكاء القلم تبتسم الكُتب‏.‏

وقال بعض الحكماء‏:‏ أمرُ الدّيِن والدنيا تحت

شباة السيف والقلم‏.‏

وقال حبيب الطائي‏:‏

لولا مُناشدةُ القربى لغادركم حَصائدَ المُرْهَفَين‏:‏ السيفِ والقلم

وقال أرسطاطاليس‏:‏ عقول الرجال تحت سنِّ أقلامهم وقال أبو حَكِيمة‏:‏ كنتُ أكتب

المصاحف فمر بي علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فقال‏:‏ أجلل قلمك‏.‏

فقصمتُ من قلمي

قُصمة‏.‏

فقال‏:‏ هكذا نوًره كما نَوًره الله‏.‏

وكان ابن سيرين يكره أن يُكتب القرآن مَشْقا وقال‏:‏

أجود الخط أبينه‏.‏

وقال سليمان بن وهب‏:‏ زينوا خطوطكم بإسبال ذوائبها‏.‏

وقال عمرو بن مسعدة‏:‏ الخط صورة

ضئيلة لها معان جليلة وربما ضاق على العيون وقد ملأ أقطار الظنون‏.‏

وذكر على بن عُبيدة

القلم فقال‏:‏ أصم يسمع النَّجوى أعيا من باقل وأبلغ من سَحبان وائل يُجهل الشاهد ويخبر

الغائب ويجعل الكتب بين الإخوان ألسُنا ناطقة وأعيُنا لاحظة وربما ضَمّنها من ودائع القلوب

ما لا تَبوح به الألسن عند المشاهدة‏.‏

وقال أحمد بن يوسف الكاتب‏:‏ ما عبراتُ الغواني في

خُدودهنّ بأحسن من عبرات الأقلام في خُدود الكتب‏.‏

وقال العتّابي‏:‏ الأقلام مطايا الفِطن‏.‏

وتَخاير غلامان في بعض الدواوين فقاما إلى أستاذهما يَعْرضان عليه خُطوطهما فكَره أن يُفضَل

أحدهما على الآخرً فقال لأحدهما‏:‏ أما خطُّك أنت فَوَشي مَحوك‏.‏

وقال للآخرً‏:‏ وأما خطّك

أنت فذَهب مَسْبوك تكافيتُما في غاية وتوافيتما في نهاية‏.‏

وقال آخرً‏:‏ دخلتُ الديوان فنظرت

إلى غلام بيده قلم كأنه قضيبُ عِقْيان وعليه مكتوب‏:‏

وا بأبي وا بأبي من كفّ من يكتب بِي

وقال أبو هِفّان يصف القلم‏:‏

وإذا أمرّ على المَهارق كفّه بأنامل يحملن شَخْتاً مُرْهفَا

ومقصِّراً ومُطولاً ومقطعاً ومُوصِّلا ومشتتا ومؤَلِّفا

يهفو بها قلمٌ يمُجّ لُعابَه فيعود سيفاً صارماً ومُثففا

وقال آخر في وصف الدواة‏:‏

ومُسودّة الأرجاء قد خُضت حالَها وروَيت من قَعرٍ لها غير مُنْبَط

خميصَ الحشي يَرْوَى على كل شرب أميناً على سرّ الأمين المُسلَط

وقال بعض الكتّاب‏:‏

وما رَوض الربيع وقد زهاه ندَى الأسحار يَأرَج بالغَداةِ

بأضْوعَ أو بأسطعَ من نسيمٍ تؤديه الأفاوه من دواة

وقال آخرً في وصف محبرة‏:‏

ولُجّةِ بحرِ أجَم العبا ب بادٍ وأمواجُه تَزْخَرُ

إذا غاص فيَه أخو غَوْصة سريعُ السباحة ما يَفْتر

فأنفِس بذلك من غائص بديعُ الكلام له جَوهر

وأكْرم ببحرٍ له لجة جواهرُها حكَمٌ تُنثر

وقال ثُمامةُ بن أشرس‏:‏ ما أثْرته الأقلام لم تَطمع في دَرْسه الأيام‏.‏

ونظر المأمون إلى جارية من

أصمُ سميع ساكنٌ متحرّك ينال جَسيمات المُنى وهو أعْجَف

وقال بعض الكُتّاب‏:‏

إذا ما التقينا وانتضينا صَوارما يكاد يُصمّ السامعين صَريرُها

تساقطُ في القِرْطاس منها بدائع كمِثْل اللآلى نَظْمُها ونثيرُها

قال بِشْر بن المُعتمر‏:‏ القلب مَعدن والحِلْم جوهر واللسان مُستنبط والقلم صائغ والخطّ

صيغة‏.‏

وقال سهل بن هارون‏:‏ القلم لسان الضَمير إذا رَعَف أعلن أسراره وأبان آثاره‏.‏

وقالوا‏:‏ حُسن الخط يُناضل عن صاحبه ويُوضح الحُجة وُيمكن له دَرَك البُغية‏.‏

وقال آخرً‏:‏

الخطّ الردىء زَمانةُ الأديب‏.‏

وقال الحسن بن وهب‏:‏ يحتاج الكاتب إلى خلال منها‏:‏ جَوْدة بَرْي

القلم وإطالة جِلْفته وتحريف قَطَّته وحُسن التأتي لإمطاء الأنامل وإرسالُ المَدّة بقدر اتساع

الحروف والتحرز عند فراغها من الكسوف وتركُ الشكل على الخطأ والإعجام على

التًصحيف واستواء الرسوم وحلاوة المقاطع‏.‏

وقال سعيد بن حُميد‏:‏ من أدب الكاتب أن يأخذ قلمَه في أحسن أجزائه وأبعد ما يتمكَّن المداد

فيه ويُعطيه من القرطاس حقًه‏.‏

وقال عبد الله بن عباس‏:‏ كل كتاب غير مختوم فهو غُفْل‏.‏

وفي

تفسير قول الله تعالى‏:‏ ‏"‏ إنِّي ألْقِي إلي كتاب كريم ‏"‏ قال‏:‏ مختوم‏.‏

ورفع إلى عبد الله بن طاهر قصة

وقال أبو عبيدة‏:‏ لا يقال‏:‏ كأس إلا إذا كان فيها شراب وإلا فهي زجاجة ولا مائدة إلا إذا

كان عليها طعام وإلا فهي خِوان ولا قلم إلا إذا بُريَ وإلا فهو قصبة‏.‏

وقاك آخرً‏:‏ جلوس

الأدباء عند الورّاقين وجلوس المخمنين عند النخَّاسين وجلوس الطُّفيليين عند الطبَّاخين‏.‏

وكتب علِىّ بن الأزهر إلى صديق له يسأله أقلاماً يبعث بها إليه‏:‏ أما بعد فإنِّا على طول

المُمارسة لهذه الكتابة التي غلبت على الاسم ولزمت لزوم الوَسم فحلَّت محل الأنساب

وجَرت مَجْرى الألقاب وجدنا الأقلام الصُحرية أسرع في الكَواغد وأمرَّ في الجلود كما أنَّ

البحرية منها أسلسَ في القراطيس وألين في المعاطف وأشدَّ لتصريف الخطّ فيها‏.‏

ونحن في بلد

قليل القَصب رديئه وقد أحببتُ أن تتقدّم في اختيار أقلام بَحْريّة وتتأنَّق في انتقائها قِبَلك

وتَطلبها في مظانّها ومنابتها من شُطوط الأنهار وأرجاء الكروم وأن تتيمم باختيارك منها

الشديدة المُحْص الصّلبة المَعضّ النقيّة الخدود القليلة الشُّحوم المكتنزة اللحوم الضيقة

الأجواف الرَّزينة المَحْمَل فإنها أبقى على الكتابة وأبعدُ من الحَفاء وأن تقصد بانتقائك الرقاق

القضبان المقومات المعون المُلس المعاقد الصافية القُشور الطويلة الأنابيب البعيدة ما بين

الكُعوب الكريمة الجواهر المعتدلة القَوام المُستحكمة يُبساً وهي قائمة على أصولها لم تُعْجَل

عن إبان يَنْعها ولم تؤخر إلى الأوقات المَخوفة عليها من خَصَر الشتاء وعَفن الأنداء فإذا

استجمعَتْ عندك أمرت بقَطعها ذراعا ذراعا قَطعاً رقيقاً ثم عبأت منها حزَما فيما يصونها

من الأوعية ووجهتَها مع مَن يؤدي الأمانة في حِراستها وحِفْظها وإيصالها وكتبتَ معه رقعة

بعدّتها وأصنافها بغير تأخير ولا توان إن شاء الله تعالى‏.‏

قولهم في الحبر

قال بعض الكتاب‏:‏ عطَروا دفاتر آدابكم بجيد الحِبْر فإن الأدب غَواني والحِبر غوالي‏.‏

ونظر

جعفر بن محمد إلى فتى على ثيابه أثرُ المداد وهو يستره فقال له‏:‏

لا تجزعنّ من المِداد فإنه عِطْرُ الرِّجال وحِلْية الكُتابِ

وأَتى وكيعَ بن الجرّاح رجلٌ يمت إليه بحُرمة فقال له‏:‏ وما حُرمتك وْقال له‏:‏ كنتَ تكتب من

مِحبرتي عند الأعمش فوثب وكيع ودخل منزله تم أخرج له بضعة دنانير وقال له‏:‏ أعذُر فما

أملك غيرها‏.‏

الأقلام

أهدى ابنً الحَرون إلى رجل من إخوانه من الكُتّاب أقلاماً وكتب إليه‏:‏ إنه لما كانت الكتابة

أبقاك اللّه أعظمَ الأمور وقِوامَ الخلافة وعمودَ المملكة خصصتُك من آلتها بما يَخف مَحْمله

وتَثْقل قيمته ويَعْظُم نَفْعه ويجل خَطَره وهي أقلام من القَصب النابت في الصُحْر الذي نَشِف

في حَر الهجير ماؤه وسَتره من تلويحه غشاؤه فهي كاللالىء المَكْنونة في الصَدف والأنوار

المَحجوب في السُّدَف تِبْريَّة القُشور دُرّية الظّهور فِضِّية الكًسور قد كستها الطبيعة جواهرَ

قولهم في الصحف

نعم الأنيسُ إذا خلوتَ كتابُ تَلْهو به إنْ مَلّك الأحباب‏!‏

لا مُفْشِياً سرًّا إذا استودعتَه وتُفاد منه حِكْمَةٌ وصَواب

وقال آخر‏:‏

ولكُل صاحبِ لذةٍ متنزه أبداً ونُزْهة عالم في كُتْبِهِ

وقال حبيب

مدادٌ مثلُ خافيةِ الغراب وقِرطاس كرَقْراق السَّرابِ

وألفاط كألفاظ المَثاني وخط مثلُ وَشم يد الكَعاب

كتبتُ ولو قدرت هَوًى وشَوْقاً إليك لكنتُ سطراً في الكتاب

وقال في صحيفة جاءته من عند الحسن بن وَهْب‏:‏

لقد جَلى كتابك كلَّ بَثٍّ جَوٍ وأصاب شاكلَة الرًمِيِّ

فضضتُ ختامَه فتبلَّجتْ لي غرائبُه عن الخَبر الجَليّ

وكان أغضَّ في عيني وأندَى على كبدي من الزَّهر الجنَيّ

قولهم في الصحف

نعم الأنيسُ إذا خلوتَ كتابُ تَلْهو به إنْ مَلّك الأحباب‏!‏

لا مُفْشِياً سرًّا إذا استودعتَه وتُفاد منه حِكْمَةٌ وصَواب

وقال آخر‏:‏

ولكُل صاحبِ لذةٍ متنزه أبداً ونُزْهة عالم في كُتْبِهِ

وقال حبيب

مدادٌ مثلُ خافيةِ الغراب وقِرطاس كرَقْراق السَّرابِ

وألفاط كألفاظ المَثاني وخط مثلُ وَشم يد الكَعاب

كتبتُ ولو قدرت هَوًى وشَوْقاً إليك لكنتُ سطراً في الكتاب

وقال في صحيفة جاءته من عند الحسن بن وَهْب‏:‏

لقد جَلى كتابك كلَّ بَثٍّ جَوٍ وأصاب شاكلَة الرًمِيِّ

فضضتُ ختامَه فتبلَّجتْ لي غرائبُه عن الخَبر الجَليّ

وكان أغضَّ في عيني وأندَى على كبدي من الزَّهر الجنَيّ

قولهم في الصحف

نعم الأنيسُ إذا خلوتَ كتابُ تَلْهو به إنْ مَلّك الأحباب‏!‏

لا مُفْشِياً سرًّا إذا استودعتَه وتُفاد منه حِكْمَةٌ وصَواب

وقال آخر‏:‏

ولكُل صاحبِ لذةٍ متنزه أبداً ونُزْهة عالم في كُتْبِهِ

وقال حبيب

مدادٌ مثلُ خافيةِ الغراب وقِرطاس كرَقْراق السَّرابِ

وألفاط كألفاظ المَثاني وخط مثلُ وَشم يد الكَعاب

كتبتُ ولو قدرت هَوًى وشَوْقاً إليك لكنتُ سطراً في الكتاب

وقال في صحيفة جاءته من عند الحسن بن وَهْب‏:‏

لقد جَلى كتابك كلَّ بَثٍّ جَوٍ وأصاب شاكلَة الرًمِيِّ

فضضتُ ختامَه فتبلَّجتْ لي غرائبُه عن الخَبر الجَليّ

وكان أغضَّ في عيني وأندَى على كبدي من الزَّهر الجنَيّ

قولهم في الصحف

نعم الأنيسُ إذا خلوتَ كتابُ تَلْهو به إنْ مَلّك الأحباب‏!‏

لا مُفْشِياً سرًّا إذا استودعتَه وتُفاد منه حِكْمَةٌ وصَواب

وقال آخر‏:‏

ولكُل صاحبِ لذةٍ متنزه أبداً ونُزْهة عالم في كُتْبِهِ

وقال حبيب

مدادٌ مثلُ خافيةِ الغراب وقِرطاس كرَقْراق السَّرابِ

وألفاط كألفاظ المَثاني وخط مثلُ وَشم يد الكَعاب

كتبتُ ولو قدرت هَوًى وشَوْقاً إليك لكنتُ سطراً في الكتاب

وقال في صحيفة جاءته من عند الحسن بن وَهْب‏:‏

لقد جَلى كتابك كلَّ بَثٍّ جَوٍ وأصاب شاكلَة الرًمِيِّ

فضضتُ ختامَه فتبلَّجتْ لي غرائبُه عن الخَبر الجَليّ

وكان أغضَّ في عيني وأندَى على كبدي من الزَّهر الجنَيّ

وضمَن صدرُه ما لم تِضمَن صدورُ الغانيات من الحُليّ

فكائن فيه من مَعنَى خطير وكائن فيه من لَفْظ بهي

فيا ثَلَج الفًؤاد وكان رَضْفاً ويا شِبَعي بروْنقه وريِّي

فكم أفصحتَ عن برٍّ جليل به ووأيتَ من وَأْيٍ سَني

كتبتَ به بلا لَفْظ كريهٍ على أذن ولا خَط قَمِيّ

رسالةَ من تمتّع منذ حين ومَتعنا من الأدب الرَّضيّ

لئن غربتها في الأرض بِكراً لقد زُفت إلى قلب وفيّ

وإنْ يكُ من هَداياك الصَفايا فربّ هديةٍ لك كالهَديّ

وقال ابن أبي طاهر في ابن ثوابة‏:‏

في كل يَوم صدورُ الكُتْب صادرةُ من رأيه وندَى كَفَيه عن مثُل

عن خطّ أقلامه خَطٌ القَضاءُ على ال أعداء بالموت بين البِيض والأسَل

لُعابها عِلَلٌ في الصَّدر تَنفثه وِربما كان فيه النَفع للعِلَل

في نظام من البلاغة ما شكّ امرؤ أنَه نظامٌ فريد

وبَديع كأنه الزًهَر الضا حك في رَوْنق الرَّبيع الجديد

ما أعيرت منه بُطون القراطي س وما حُمِّلت ظُهورُ البريد

حُجج تُخرِس الألدَّ بألفا ظٍ فُرادى كالْجَوْهر المَعْدود

حُزْنَ مُستعمل الكلام اختيارا وتَجنَّبن ظُلْمة التعقيد

كالعَذارى غَدَوْن في الحُلل البي ض إذا رُحْن في الخُطوط السُّود

وقال عليّ بن الجهم في رقعة جاءتْه بخطّ جيّد‏:‏

ما رُقعة جاءتك مَثْنيّةً كأنها خدًّ على خَدِّ

نَثْر سواد في بياضٍ كما ذرّ فتيت المِسْك في الوَرْد

ساهمةُ الأسْطُر مصروفة عن جهة الهَزْل إلى الجدّ

يا كاتباً أسلمني عَتْبُه إليكَ حَسْبي منك ما عندي

وقال محمد بن إبراهيم بن محمد الشيباني‏:‏ رفع أبان بن عبد الحميد اللاحقي إلى الفضل بن يحيى

بن خالد رقعة بأبيات له يصف فيها قامته وكَثافة لحيته وحلاوة شمائله وبراعة أدبه وبلاغة

كاتبٌ حاسبٌ أديبٌ لبيبٌ ناصحٌ زائد على النُّصاح

شاعرٌ مُفلق أخفّ من الري شة مما تكون تحت الجناح

ليَ في النَّحو فِطنةٌ ونَفاذ أنا فيه قِلادة بوِشَاح

لو رَمى بي الأميرُ أصلحه الله رِماحاً صدمتُ حدَّ الرماح

ثم أروَى من ابن سيرين في الفِق ه بقول مُنوّر الإفصاح

لستُ بالضَخم في رُوائي ولا الفَدْ م ولا بالمُجعد الدَّحْداح

لحية كَثّة وأنص طويل واتقاد كشعلة المصباح

وكثير الحديث من مُلح النا س بصير بخافياتٍ مِلاَح

كم وكم قد خبأتُ عندي حديثاً هو عند الأمير كالتّفاح

أيمنُ الناس طائراً يومَ صَيْدٍ في غُدوٍّ أو بُكرة أو رَواح

أعلم الناس بالْجَوارح والصي د وبالخُرّد الحِسانِ المِلاح

كلُ هذا جمعتُ والحمد لل ه على أنني ظريفُ المِزاح

قال‏:‏ فدعاه‏.‏

فلما دخل عليه أتاه كتاب من إرْمِينيَة فرمى به إليه وقال له‏:‏ أجِبْ‏.‏

فأجاب بما

في غرضه وأحسن‏.‏

فأمر له بألف ألف درهم وكنا نراه أول داخل وآخر خارج وكان إذا

ركب فركابه مع ركابه‏.‏

قال محمد بن يزيد‏:‏ فبلغ هذا الشعر أبا نواس فقال‏:‏

أنت أولى بقِلّة الحظّ منّي يا مُسمَّى بالبُلبل الصدّاح

قِبُلوا منه حين عزَّ لديهم أخرسَ القَول غير ذي إفصاح

ثم بالريش شبه النَّفس في الخِف ه مما يكون تحت الجناح

إذا الشم من شماريخِ رَضْوى خِفّة عنده نوى المِسْباح

لم يكُن فيك غيرُ شيئين مما قلتَ في نَعت خَلْقك الدَّحْداح

ِلحْية جَعْدة وأنفٌ طويلٌ وسِوَى ذاك ذاهبٌ في الرِّياح

فيك ما يحمل الملوك على السخ فِ ويُزْرِي بالماجد الجَحْجاح

بارِد الطرف مُظلم اللُب تيا ه مُعيد الحديث سَمْج المِزاح

قال‏:‏ فبعث إليه أبان بأن لا تُذيعها وخُذ الألفَ ألفِ دِرهم‏.‏

فبعث إليه أبو نُواس‏:‏ لو أعطيتَني

مائةَ ألفِ ألفِ دِرْهم لم أجد بدُّا من إذاعتها‏.‏

فيقال‏:‏ إنً الفضل بن يحيى لما سمع شعرَ أبي

نُواس قال‏:‏ لا حاجةَ لي في أبان لقد رُمي بخَمس في بيتٍ لا يقبل على واحدة منهن إلا جاهل

فقيل له‏:‏ كذب عليه‏.‏

فقال‏:‏ قد قبل ذلك فأقصاه‏.‏

وإنما أغرى أبا نُواس بهذا الكاتب أبانِ بن

عبد الحميد اللاحقي أن الفضل بن يحيى أعطاه مالًا يُفرقه في الشعراء ويُعطى كل واحدٍ على

قَدْره فبعث إلى أبي نواس بدِرْهم زائف ناقص وقال‏:‏ إني أعطيتُ كل شاعر على مقدار

شعره وكان

هذا أوفرَ نصيبك عندي‏.‏

فهجاه لذلك‏.‏

توقيعات الخلفاء

عمر بن الخطاب

رضي اللّه عنه

كتب إليه سعدُ بن أبي وقّاص في بُنيان يَبنيه فوقَع في أسفل كتابه‏:‏ ابن ما يُكِنَّك من الهواجر

وأَذى المَطر‏.‏

ووقَع إلى عمرو بن العاص‏:‏ كُن لرعيَّتك كما تُحب أن يكونَ لك أميرُك‏.‏

عثمان بن عفان

رضي اللّه عنه

وقع في قِصَّة قوم تظلّموا من مَروان بنِ الحَكَم وذكروا أنَه أمر بوَجْءِ أعناقهم‏:‏ فإنْ عَصوْك فقُل إنّي

بريء مما تَعملون‏.‏

ووقع في قصَّة رجل شكا عَيْلةً‏:‏ قد أَمرنا لك بما يُقيمك وليس من مال اللّه

فَضْل للمُسرف‏.‏

علي بن أبي طالب

كرم اللّه وجهه

وقَّع إلى طلحة بن عُبيد اللّه‏:‏ في بيته يُؤتىَ الحَكَم‏.‏

ووقِّع في كتاب جاءه من الحسن بن عليّ

رضي اللهّ عنهما‏:‏ رأْيُ الشَّيخ خير من مَشهد الغلام‏.‏

ووقَّع في كتاب لسَلْمان الفارسيّ وكان

سأله كيف يُحاسَب الناسُ يوم القيامة‏:‏ يًحاسَبون كما يُرْزَقون‏.‏

ووقَّع في كتاب الحُصين بن المُنذر

إله يذكر أنّ السيف قد أكثر في ربيعة‏:‏ بقيّة السِّيف أنمى عددا‏.‏

وفي كتاب جاءه من الأشتر

النَّخَعي فيه بعضً ما يَكره‏:‏ مَن لك بأخيك كله وفي كتاب صَعصعة ابن صَوْحان يسأله في

شيء‏:‏ قيمةُ كلّ امرىء ما يُحسن‏.‏

معاوية بن أبي سفيان

كتب إليه عبدُ اللّه بن عامر في أمر عاتَبه فيه فوقَع في أسفل كتابه‏:‏ بَيتُ أميَّة في الجاهليّة

أشرف من بيت حَبيب‏.‏

فأما في الإسلام فأنت تراه‏.‏

وفي كتاب عبد اللّه بن عامر يسأله أنْ

يُقطعه مالاً بالطائف‏:‏ عِشْ رَجَباً تَرى عجبا‏:‏ وفي كتاب زياد يُخبره بطَعن عبد اللّه بن عبَّاس في

خلافته‏:‏ إنّ أبا سفيان وأبا الفضل كانا في الجاهليَّة في مِسْلاخ واحد وذلك حِلْف لا يَحُلّه سُوءُ

أدبك‏.‏

وكتب إليه ربيعةُ بن عِسْل اليَربوعيّ يسأله أن يُعينه في بناء داره بالبَصرة باثنى عشر ألف

جِذع‏:‏ أدارُك في البَصرة أم البَصرةُ في دارك

وقَّع في كتاب عبد اللّه بن جعفر إليه يستميحه لرجال من خاصَّته‏:‏ احكُم لهم بآمالهم إلى منتهى

آجالهم‏.‏

فحَكم بتسعمائة ألف فأجازها‏.‏

وكتب إليه مُسلم ابن عُقبة المُرِّي بالذي صَنع أهلُ

الحرة فوقع في أسفل كتابه‏:‏ فلا تَأْس على القوم الفاسقين‏.‏

وفي كتاب مُسلم بن زياد عامله على

خُراسان وقد استبطأه في الخراج‏:‏ قليلُ العِتاب يُحْكم مَرائر الأسباب وكثيرُه يَقطع أواخي

الإنتساب‏.‏

ووقَّع إلى عبد الرحمن بن زياد وهو عامله على خُراسان‏:‏ القرابة واشجة والأفعال

مُتباينة فخُذ لرَحمك مِن فِعلك‏.‏

وإلى عُبيد اللّه بن زياد‏:‏ أنت أحدُ أعضاء ابن عمّك فأحرص

أن تكون كُلَّها‏.‏

عبد الملك بن مروان

وقَّع في كتاب أتاه من الحجّاج‏:‏ جَنَبني دماء بني عبد المُطلب فليس فيها شفاء

من الطَّلب‏.‏

وكتب إليه الحجاج يخبره بسوء طاعة أهل العراق وما يُقاسي منهم ويستأذنه في

قتل أشرافهم فوقّع له‏:‏ إنّ من يُمن السائس أنْ يتألّف به المختلفون ومن شُؤمه أن يَختلف به

المُؤتلفون‏.‏

وفي كتاب الحجاج يُخبره بقوّة ابن الأشعث‏:‏ بضَعْفك قَوي وبخُرقك طَلع‏.‏

ووقَّع في

كتاب ابن الأشعث‏:‏

ووقع أيضاً في كتاب‏:‏

كيف يرْجون سِقاطي بعدما شَمل الرأْسَ مَشيبٌ وصَلَعْ

الوليد بن عبد الملك

كتب إليه الحجاج لا بلغه أنه خَرق فيما خَلّف له عبد الملك يُنكر ذلك عليه ويُعرِّفه أنه على

غير صواب فوقَّع في كتابه‏:‏ لأجمعن المال جَمْع مَن يعيش أبداً ولا فرقنَّه تفريق مَن يموت غدا‏.‏

ووقع إلى عمر بن عبد العزيز‏:‏ قد رَأب الله بك الداء وأوْذم بك السقاء‏.‏

سليمان بن عبد الملك

كتب قتيبة بن مُسلم إلى سليمان يتهدده بالخَلع فوقَع في كتابه‏:‏

زَعم الفرزدقُ أنْ سيَقْتل مَرْبَعِا أبشِرْ بطُول سلامةٍ يا مَرْبَعُ

ووقّع في كتابه أيضاً‏:‏ العاقبةُ للمتقين‏.‏

وإلى قُتيبة أيضاً جوابَ وَعيده‏:‏ وإنْ تَصْبروا وتتّقوا لا

يَضُرُّكم كيدُهم شيئاً‏.‏

عمر بن عبد العزيز

كتب بعض العُمال إليه يستأذنه في مرمّة مَدينته فوقَّع أسفلَ كتابه‏:‏ ابنها بالعَدْل ونَقِّ طُرقها من

الظلم‏.‏

وإلى بعض عُمَّاله في مِثل ذلك‏:‏ حَصَنها ونَفْسك بتَقْوى اللهّ‏.‏

وإلى رجل ولّاه الصَّدقات

وكان دميما فعدل وأحسن‏:‏ ولا أقولُ للذين تَزْدَري أعيُنكم لن يُؤْتِيَهم اللهّ خيراً‏.‏

وكتب إليه

صاحبُ العراق يُخبره عن سُوء طاعة أهلها فوقَّع له‏:‏ ارْضَ لهم ما تَرْضى لنفسك وخُذهم

بجرائمهمٍ بعد ذلك‏.‏

وإلى عديّ بن أرطاة في أمر عاتَبه عليه‏:‏ إنّ آخر آية أنزلت‏:‏ ‏"‏ واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ‏"‏‏.‏

وإلى عامله على الكوفة وكتب إليه أنَّه فَعل في أمر كما فعل عمر بن

الخطَّاب‏:‏ أولئك الذينِ هَدَى اللّه فبهداهم اقتدِ‏.‏

وإلى الوليد بن عبد الملك وعمر عامله على

المدينة فوقع في كتابه‏:‏ اللّه أعلم أنك لستَ أوّل خليفة تموت‏.‏

وأتاه كتاب عديّ يُخبره بسوء

طاعة أهل الكُوفة فوقع في كتابه‏:‏ لا تَطلب طاعة مَن خَذل عليّا وكان إمامًا مَرْضيّا‏.‏

وإلى

عامله بالمدينة وسأله أن يُعطيه موضعاً يَبْنيه فوقَّع‏:‏ كُنْ من الموت على حذر وفي قصه متظلم‏:‏

العدل إمامك‏:‏ وفي رقعه محبوس‏:‏ تب تطلق وفي رقعت رجل قتل‏:‏ كتاب الله بيني وبينك وفي

رقعه متنصح‏:‏ لو ذكرت الموت شغلك عن نصيحتك وفي رقعته رجل شكا أهل بيته‏:‏ أنتما في

الحق سيان‏.‏

وفي رقعه امرأة حبس زوجها‏:‏

الحق َحبسه‏.‏

وفي رُقعة رجل تظلّم من ابنه‏:‏ إن لم أنصفك منه فأنا ظلمتك

وقَع إلى صاحب خراسان‏:‏ لا يَغرنّك حُسن رأي فإنما تفسده عثرة وإلى صاحب المدينة عثر

فاستقل وفي قصة متظلم شكا بعض أهل بيته‏:‏ ما كان عليك لو صفحت عنه واستوصلتني

هشام بن عبد الملك

في قصه متظلم‏:‏ أتاك الغوث إن كنت صادقاً وحل بك النكال إن كنت كاذباً فتقدم أو تأخرً‏.‏

في قصه قوم متظلم شكوا أميرهم‏:‏ إن صح ما أدعيتم عليه عزلناه وعاقبناه‏.‏

وإلى صاحب

خراسان حين أمره بمحاربة الترك‏:‏ أحذر ليالي البيات‏.‏

وإلى صاحب المدينة وكتب يخبره بوثوب

أبناء الأنصار‏:‏ احفظ فيهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم وهَبْهم له ووقَّع في رُقعة محبوس لَزِمه الحد‏:‏ نزل بحدك

الكتاب‏.‏

ووقع في قصة رجل شكا إليه الحاجةَ وكَثرة العِيال وذَكر أنَ له حُرمة‏:‏ لعِيالك في بيت

مال المسلمين سهم ولك بحرمتك مِنَّا مثلاه وإلى عامله على العراق في أمر الخوارج‏:‏ ضَع سَيفك

في كلاب النّار وتقرب إلى اللّه بقَتل الكفار‏.‏

وإلى جماعة يشكون تعدي عاملهم عليهم لنفوّضكم

دونكم‏.‏

وفي كتاب عامله يُخوه قيه بقلة الأمطار في بلده‏:‏ مرهم بالاستغفار وإلى لسَهل ابن

سَيَار‏:‏ خَف اللهَ وإمامك فإنه يأخذه عند أول زلهّ

وقَع إلى مروان‏:‏ أراك تقدّم وِجْلاً وتؤخّر أخرى فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيّهما

شئت‏.‏

وإلى صاحب خُراسان في المُسودة‏:‏ نَجم أمرٌ أنت عنه نائم وما أراك منه أو مني سالم‏.‏

مروان بن محمد

كتب إلى نَصر بن سيّار في أمر أبي مسلم‏:‏ تحوّل الظاهر يدلّ على ضعف الباطن واللّه

المُستعان‏.‏

ووقّع إلى ابن هُبيرة أمير خُراسان‏:‏ الأمر مُضطَرب وأنت نائم وأنا ساهر‏.‏

وإلى حوثرة

بن سُهيل حين وجَّهه إلى قَحْطبة‏:‏ كُن من بَيات المارقة على حَذر‏.‏

ووقَّع حين أتاه غرق قَحْطبة

وانهزام ابن هُبيرة‏:‏ هذا والله الإدبار وإلا فمن رأى مَيْتا هَزم حيّا‏.‏

وفي جواب أبيات نصر بن

سيّار إذ كتب إليه‏:‏

أرى خَلَلَ الرَّماد وَمِيضَ جَمْرٍ ويُوشك أن يكونَ له ضِرَامُ

الحاضر يَرى ما لا يَرى الغائب فاحسم الثّؤْلول‏.‏

فكتب نصر‏:‏ الثُّؤْلول قد اْمتدت أغصانه

وعظُمت نِكايته‏.‏

فوقَع إليه‏:‏ يداك أوكَتَا وفُوكَ نَفَخ‏.‏

توقيعات بني العباس

السفاح

كتب إليه جماعه من أهل الأنبار يذكرون أنّ منازلهم أخذت منهم وأدخلت في البناء الذي أمر

به ولم يُعطوا أثمانها فوقع‏:‏ هذا بناء أسس على غير تَقْوى ثم أَمر بدَفع قيم منازلهم إليهم‏.‏

ووقّع

في كتاب أبي جَعفر وهو يحارب ابن هبيرة بعد أن أرجعه فيه غير مرة‏:‏ لست منك ولستَ منَي

إن لم تقتله‏.‏

وجاءه كتاب من أبي مُسلم يستأذنه في الحجّ وفي زيارته فوقّع إليه‏:‏ لا أَحول بينك

وبين زيارة بيت اللّه الحرام أو خَليفته وإذنك لك‏.‏

ووقّع في كتاب جماعة من بطانته يشكون

احتّباس أرزاقهم‏:‏ مَن صَبَر في الشدّة شارك في النّعمة ثم أَمر بأرزاقهم‏.‏

وإلى عامل تُظلّم منه‏:‏

وما كنتُ متّخذَ المضلّين عَضُداً‏.‏

وفي قومٍ شَكَوا غرق ضياعهم في ناحية الكوفة‏:‏ وقيل بُعْداً

للقَوم الظالمين‏.‏

أبو جعفر

وقِّع في كتابه إلى عبد الله بن عليّ عمَه‏:‏ لا تَجعل للأيام وفي وفيك نصيباً من حوادثها‏.‏

ووقّع

إليه أيضاً‏:‏ ادْفَع بالّتي هي أَحسن إلى قوله‏:‏ وما يلقاه إلا ذُو حَظ عظيم‏.‏

فاجعل الحظّ لي دونك

يكن لك كله‏.‏

ووقّع إلى عبد الحميد صاحب خُراسان‏:‏ شكوتَ فأشْكيناك وعتبتَ فأعْتبناك

ثم خرجتَ عن العامة فتأهّب لفراق السلامة‏.‏

وإلى أهل الكوفة وشَكَوْا عاملَهم‏:‏ كما تكونون

يُؤمر عليكم‏.‏

وإلى قوم تظلّموا من عاملهم‏:‏ لا ينال عهدي الظالمين‏.‏

وفي قصَّة رجل شكا عَيْلة‏:‏

سَل اللّه مِن رِزْقه‏.‏

وفي قصَة رجل سأله أن يَبني بقربه مسجداً فإنّ مُصلّاه على بُعد‏:‏ ذلك

أعظم لثوابك‏.‏

وفي قصَّة رجل قُطعت عنه أرزاقهُ‏:‏ ‏"‏ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ‏"‏ الآية‏.‏

وفي قصّة رجل شكا الدين‏:‏ إن كان دَيْنك في مَرضاة اللّه قَضاه‏.‏

وإلى صارورةٍ سأله

أنْ يَحًج‏:‏ ‏"‏ للّه عَلَى النَّاس حِجُّ البَيْتِ مَن استطاع إليه سَبيلاً ‏"‏‏.‏

وإلى صاحب مصر حين كتب

يذكر نُقصان النِّيل‏:‏ طَهِّر عسكرك من الفساد يُعْطك النِّيلُ القِياد‏.‏

وإلى عامله على حِمْص

وجاءه منه كتابٌ فيه خطأ‏:‏ استبدل بكاتبك وإلا استُبدل بك‏.‏

وإلى صاحب أرمينية‏:‏ إنّ لي في

قَفاك عيناً وبين عَيْنيك عينا ولهما أربع آذان‏.‏

وإلى رجل استوصله‏:‏ لا مانعَ لما أعطاه الله‏.‏

وفي كتاب أتاه من صاحب الهِند يُخبره أنّ جُنْداً شَغِبوا عليه وكَسروا أقفال بيت المال فأخذوا

أرزاقهم منه‏:‏ لو عدلتَ لم يَشْغبوا ولو وفيت لم يَنهبوا‏.‏

المهدي

وقّع في قصّة متظلّمين شكَوْا بعض عُمّاله‏:‏ لو كان عيسى عاملَكم قُدناه إلى الحق

كما يُقاد الجمل المَخشوش - يريد عيسى ولدَه‏.‏

ووقّع إلى صاحب إرمينية وكتب إليه يشكو

سًوء طاعة رعاياه‏:‏ خُذِ العَفْوَ وأمُرْ بالعُرْفِ وأعْرض عن الجاهلين‏.‏

وإلى صاحب خُراسان في

أمر جاءه‏:‏ أنا ساهر وأنت نائم‏.‏

وفي قصة قوم أصابهم قَحْط‏:‏ يُقدّر لهم قُوت سنةَ القَحط

والسَّنة التي تليها‏.‏

وإلى شاعر أظنه مروان بن أبي حفصة‏:‏ أسرفتَ في مديحك فقَصرنا في

حِبائك‏.‏

وفي قصة رجل من الغارمين‏:‏ خُذ من بيت مال المسلمين ما تَقْضي به دينَك وتُقرُّ به

عَينَك‏.‏

وفي قصّة رجل شكا الحاجة‏:‏ أتاك الغوثً‏.‏

وإلى رجل مِن بطانته استوصله‏:‏ ليت

إسراعَنا إليك يقوم بإبطائنا عنك‏.‏

وفي قصة قوم تظلَموا من عاملهم وسألوه إشخاصه إلى بابه‏:‏

قد أنصف القارةَ مَن راماها‏.‏

وفي قصّة رجل حُبس في دم‏:‏ ولكم في القصاص حياة يا أولي

الألباب‏.‏

وإلى صاحب خُراسان وكتب إليه يخبِره بغلاء الأسعار‏:‏ خُذْهم بالعدل في المِكيال

والميزان‏.‏

وإلى يوسف البَرَم حين خرج بخراسان‏:‏ لك أماني ومُؤكَّد أيمانِي‏.‏

موسى الهادي

كتب إلى الحسن بن قَحطبة في أَمر راجعه فيه‏:‏ قد أنكرناك منذُ لزمتَ أبا حنيفة كفاناه اللّه‏.‏

وإلى صاحب إفريقية في أمر فَرط منه‏:‏ يا بن اللًخناء أنيَّ تَتمرَّس‏.‏

هارون الرشيد

وقَّع إلى صاحب خراسان‏:‏ داوِ جرْحك لا يَتّسع‏.‏

وإلى عامله على مصر‏:‏ احذر أنْ تُخرِّب

خِزانتي وخِزانة أخي يوسف فيأتيَك منّي ما لا قِبَل لك به ومن اللّه أكثر منه‏.‏

وقيع في قصة

رجل من البرامكة‏:‏ أنبتَتْه الطاعةُ وحَصدته المعصية وإلى عامله على فارس‏:‏ كن منّي على مِثل

ليلة البَيات‏.‏

والى عامل خراسان‏:‏ إنّ المُلوك يُؤْثَر عنهم الحَزْم‏.‏

وإلى خزيمة بن خازم إذ كتب إليه

أنه وضع فيهم السيفَ حين دخل أرض أرمينية‏:‏ لا أم لك‏!‏ تقتل بالذَنب مَن لا ذَنب له‏.‏

وفي

قصَّة محبوس‏:‏ مَن لجأ إلى اللّه نجا‏.‏

وفي قصة متظلم‏:‏ لا يُجاوَز بك العدل لا يُقصرَّ بك دون

الإنصاف‏.‏

وإلى صاحب السِّند إذ ظهرت العصبية كل من دعا إلى الجاهلية تَعجلَيَ إلى

المنية‏.‏

وإلى عامله على خراسان‏:‏ كُل من رفعِ رأسه فأنزله عن بدنه وفي رُقعة متظلّم من عامله

على الأهواز وكان بالمتظلم عارفاً قد وليناك موضعه فتنكَّب سيرته‏.‏

وفي كتاب بكّار الزًّبيريّ

وفي كتاب بكّر الزبيري إليه يخبره بسّر من أسرار الطالبين‏:‏ جزى اللهّ الفضلَ خيرَ الجزاء فاختياره

إياك وقد أثابك أمير المؤمنين مائة ألف بحسن نيِّتك‏.‏

وإلى محفوظ صاحب خراج مِصر‏:‏ يا

محفوظ اجعل خَرج مصر خرجاً وأحداً وأنت أنت‏.‏

وإلى صاحب المدينة‏.‏

ضع رجليك على

رقاب أهل هذا البَطن فإنهمِ قد أطالوا ليلي بالسُّهاد ونَفوا عن عيني لذيذَ الرقاد‏.‏

ووقِّع إلى

السِّنْديِّ بن شاهك‏:‏ خفِ اللّه وإمامَك فهما نجاتُك‏.‏

وإلى سُليمان بن أبي جعفر في كتاب وَرد

عليه منه يذكر فيه وُثوب أهل دِمشق‏.‏

استحييتُ لشيخٍ وَلده المَنصور أن يَهْرُب عمّن وَلَدته

كِنَدة وطيء فهلا قابلتهِم بوجهك وأبديتَ لهم صَفحتك وكنتَ كمروان ابن عمك إذ خرج

مُصلتاً سيفه متمثلًا ببيت الجحّاف بن حُكيم‏:‏

مُتقلِّدين صَفائحاً هِنْديةً يَتْركن مَن ضربوا كمن لم يولد

فجلَد به حتى قُتل للّه أم ولدته وأبٌ انهضه‏!‏ وكتب متملكُ الروم إلى هارون الرشيد‏:‏ إني

متوجّه نحوك بكل صليب في مملكتي وكُل بَطل في جندي فوقع في كتابه‏:‏ سيَعلم الكافر لمن عُقْبى

الدَّار‏.‏

وكتب إليه يحيى بن خالد من الحبس حين أحسَّ بالموت‏:‏ قد تقدَّم الخَصم‏!‏ إلى موقف

الفَصل وأنت بالأثر واللهّ الحكم العادل

وستُقدَم فَتعلم فوقّع فيه الرشيد‏:‏ الحَكَم الذي رَضيتَه في الآخرًة لك هو الذي أعدى الخَصم في

الدنيا عليك وهو مَن لا يُرد حُكمه ولا يُصرف قضاؤه‏.‏

المأمون

وقّع إلى علي بن هشام في أَمر تظلَّم فيه منه‏:‏ مِن علامة الشَّريف أن يَظلم مَن فوقه ويَظلمه مَن

دونه فأيّ الرجلين أنت وإلى هشام‏:‏ لا أدْنيك ولك ببابي خَصم‏.‏

وإلى الرُّستمي في قصة من

تظلّم منه‏:‏ ليس من المروءة أن تكون آنيتُك من ذهب وفضّة وغريمُك خاوٍ وجارك طاو‏.‏

وفي

قَصّة متظلم من عمرو بن مسعدة‏:‏ يا عمرو اعمر نِعْمَتك بالعدل فإنّ الجَور يَهْدمها‏.‏

وفي قصة

متظلِّم من أبي عيّاد‏:‏ يا ثابت ليس بين الحق والباطل قرابة‏.‏

وفي قصة متظلم من أبي عيسى

أخيه‏:‏ فإذا نُفخ في الصُور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون‏.‏

وفي قصة متظلّم من حُميد

الطوسيّ‏:‏ يا أبا غانم لا تَغترَّ بموضعك من إمامك فإنك وأخسُّ عَبيده في الحق سيِّان‏.‏

وإلى

طاهر صاحب خراسان‏:‏ أحمد اللهّ أبا الطيّب إذا أحلّك من خليفته محل نفسه فما لك مَوضع

تسمو إليه نفسُك إلا وأنت فوقه عنده‏.‏

وفي كتاب بِشْر بن داود‏:‏ هذا أمان عاقدتُ اللّه عليه في

مُناجاتي إياه‏.‏

وفي كتاب إبراهيم بن جعفر في فَدَك حين أمره بردّها‏:‏ قد أرضيتَ خليفة الله في

فَدك كما أرضى اللهّ رسولَه فيها‏.‏

وفي قصة متظلّم من محمد بن الفَضل الطُّوسي‏:‏ قد احتملنا

بَذاءك وشَكاسة خُلقك فأمَّا ظُلمك للرعيّة فإنا لا نَحتمله‏.‏

ووقّع إلى بعض عمّاله‏:‏ طالعْ كل

ناحية من نواحيك وقاصية من أقاصيك بما فيه استصلاحُها‏.‏

وكتب إليه إبراهيم بن المهديّ

في كلام له‏:‏ إن غَفرت فبفَضلك وإن أخذت فبحقّك‏.‏

فوقع

في كتابه‏:‏ القُدرة تُذهب الحَفيظة والنَّدم جُزء من التوبة وبينهما عفوُ الله‏.‏

ووقع في رُقعة مولى

طلب كُسوة‏:‏ لو أردت الكُسوة للزمتَ الخدمة ولكنك آثرت الرُّقاد فحظك الرًّؤيا‏.‏

ووقع في يوم

عاشوراء

لبعض أصحابه وقد وافته الأموال‏:‏ يُؤمر له بخمسمائة ألف لطول هِمّته‏.‏

ولثُمامة بن أشرس

بثلثمائة ألف لتركة ما لا يَعنيه‏.‏

ولأبي محمد اليَزيدي‏:‏ يُؤمر له بخمسمائة ألف لكِبَره‏.‏

وللمعلَّى

بخمسمائة ألف لصحيح نيّته‏.‏

ولإسحاق بن إبراهيم بخمسمائة ألفٍ لِصدْق لَهجته‏.‏

وللعبّاس

بخمسمائة ألف لفصاحة مَنطقه‏.‏

ولأحمد بن أبي خالد بأَلف ألف لمُخالفة شهوته‏.‏

ولإبراهيم بن

بُويه كذلك لسرعة دَمعته‏.‏

وللمريسي بثلثمائة ألف لإسباغ وَضوئه‏.‏

ولعبد اللهّ بن بِشْر بمثلها

لحُسن وجهه‏.‏

توقيعات الأمراء والكبراء

زياد وقّع إلى بعض عمّاله

قد كنتَ على الدُّعّار وأخالك داعراً‏.‏

وكتبتْ إليه عائشةُ في وَصاة برجلِ فوقَّع في كتابها‏:‏

هو بَينْ أبويه‏.‏

وإلى صاحب خُراسان في أمرِ خالفه فيه‏:‏ اشتَر بعض دينك ببعض وإلّا ذهب كله‏.‏

وإلى عامله بالكوفة‏:‏ أمط الحُدَود عن ذوي المُروآت‏.‏

وفي قصة متظلّم‏:‏ أنا معك‏.‏

وفي قصة قوم

رفعوا على عامل رفيعةً مَن أماله الباطل قَوَّمه الحق‏.‏

وفي قصة مُستمنح‏:‏ لك المُواساة‏.‏

وإلى

عامله في خوارج خرجوا بالبصرة‏:‏ النِّساء تُحاربهم دونك‏.‏

وفي قصة سارق‏:‏ القَطْع جزاؤك‏.‏

وفي قصة امرأة حُبس زوجُها‏:‏ حُكْمه إلى اللّه‏.‏

وفي قصة قوم نَقبوا‏:‏ تُنْقب ظُهورهِمِ‏.‏

وفي قصة

نبّاش‏:‏ يُدفن حيًّا في قبره‏.‏

وفي قصة متظلّم‏.‏

الحق يَسعك‏.‏

وفي قصة مًتنصِّح‏:‏

مهلاً فقد أبلغتَ إسماعي

وفي قصة متظلّم‏:‏ كُفِيت‏.‏

وفي قصة رجل شكا إليه عُقوق ابنه‏:‏ ربما كان عُقوق الولد من سُوء

تأديب الوالد‏.‏

وقي قصة رجل شكا الحاجة‏:‏ لك في مال اللّه نَصيب أنت آخذه‏.‏

وفي قصة

رجل جارح‏:‏ الُجْروح قصاص‏.‏

وفي قصّة محبوس‏:‏ التائب من الذَّنب كمن لا ذنبَ له‏.‏

وفي قصة

قوم شكوا غَرق ضِياعهم‏:‏ لا نَعوض فيما تفرد اللهّ به‏.‏

وفي قصة قوم اشتكوا اجتياح الجراد

لزروعهم‏:‏ لا حُكم فيما استأثر اللّه به‏.‏

الحجاج بن يوسف

وقَّع في كتاب أتاه من قُتيبة بن مُسلم يشكو كَثرة الجراد وذَهاب الغَلات وما حل بالناس من

القَحط‏:‏ إذا أزف خراجُك فانظر لرعيّتك في مصالحها فبيتُ المال أشدّ اضطلاعاً بذلك من

الأرْمَلة واليتيم وذي العَيْلة‏.‏

وفي كتاب قُتيبة إليه أنه على عُبور النَّهر ومُحاربة الترك‏:‏ لا تُخاطر

بالمُسلمين حتى تعرفَ موضعَ قدمك ومَرمى سهامك‏.‏

وفي كتاب صاحب الكوفة يُخبره بسوء

طاعتهم وما يقاسي من مُداراتهم‏:‏ ما ظَنَّك بقوم قَتلوا مَن كانوا يَعْبدونه‏.‏

وفي قصة مَحبوس

ذكروا أنه تاب‏:‏ ما على المُحسنين من سبيل‏.‏

وإلى قُتيبة‏:‏ خُذ عسكرك بتلاوة القرآن فإنه أمنع

من حُصونك‏.‏

وفي كتابه إلى بعض عُماله‏:‏ إيّاك والملاهيَ حتى تستنظف خراجَك‏.‏

وفي كتابه إلى

ابن أخيه‏:‏ ما رَكِب يهوديٌّ قبلكَ مِنْبراً‏.‏

وفي كتابه إلى يزيد بن أبي مُسلم‏:‏ أنت أبو عبيدة هذا

القَرْن‏.‏

أبو مسلم

وقّع يا كتاب سليمان بن كَثير الخُزاعيّ‏:‏ لِكل نَبأ مُسْتقر وسَوْف تَعْلَمون‏.‏

وإلى أبي العبّاس في

يزيد بن عمر بن هُبيرة‏:‏ قَلّ طريق سَهل تُلقى فيه الحجارة إلا عاد وَعْراً واللّه لا يَصْلًح طريقٌ فيه

ابن هبيرة أبداً‏.‏

وإلى ابن قحطبة‏:‏ لا تَنْسَ نَصيبك من الدنيا‏.‏

وإليه‏:‏ ادع إلى سبيل ربّك بالحِكمة

والمَوعظة الحسنة‏.‏

وإليه‏:‏ لا تَركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النار‏.‏

وإلى محمد بن صُول وكتب

إليه بسلامة أطرافه‏:‏ وأمّا بنعمة ربّك فحدِّث‏.‏

وكتب إليه قَحطبة‏:‏ إِن بعض قُوّاده خَرج إلى

عسكر ابن ضُبارة راغباً فوقّع في كتابه‏:‏ ‏"‏ ألم تَر إلى الذين بَدّلوا نِعْمة اللّه كفرا ‏"‏ الآية‏.‏

وإلى عامله

ببَلْخ‏:‏ لا تُؤخّر عمل اليوم لغد‏.‏

وإلى أبي سَلَمة الْخَلّال حين أنكر نيّته‏:‏ وإذا لَقُوا الذين آمنوا قالوا

آمنا وإذا خلَوْا إلى شياطِينِهم قالوا إنِّا معكم‏.‏

جعفر بن يحيى

وقّع في قصّة محبوس‏:‏ لكلّ أجل كتاب‏.‏

وفي مِثْله‏:‏ العَدْل يُوبقه والتوبة تطلقه‏.‏

وفي قصه

متنصح‏:‏ بعض الصدق قَبيح‏.‏

وإلى بعض عُمَّاله‏:‏ قد كثر شاكوك وقَل شاكروك فإما عدلت

وإما اعتزلت‏.‏

وفي قصة رجل شكا بعضَ خَدمه‏:‏ خُذ بأذنه ورأسه فهو مالك وإلى عامل

فارس في رجل كتب إليه بالوَصاة‏:‏ كُن له كأبيه لو كان مكانك وإلى عامل مصر رجل من بطانته

يُوصيه‏.‏

إنه رغب إلى شعبك‏.‏

فاْرغب في اصطناعه‏.‏

وفي قصه متظلَم من بعض عماله‏:‏ أني

ظلمتك دونه وفي قصة عبوس‏:‏ الجناية حسبه والتوبة تطلقه وإلى قوم عين الخليفة تكلؤكم وفي

رقعه صارورة استأذنه في الحج‏:‏ من سافر إلى الله أنجح وفي قصه رجل شكا عزوبه‏:‏ الصوم

لك وجاء وفي رقعه رجل سأل ولاية‏:‏ لا أولى بعض الظالمين بعضاً وفي قصه رجل سأله أن يقفل

ابنه فقد طالت غَيبته عنه‏:‏ غَيبة يوسف صلى الله عليه وسلم كانت أطول رجل تظلّم من بعض

عُماله‏:‏ أنا لمثله حتى بنصفك وفي قصة قوم شكوا سوء جوار بعض قرابته‏:‏ يرحل عنكم وفي

قصه مستمنح قد كان وصله مراراً‏:‏ دع الضرع يدر لغيرك كما در لك‏.‏

وإلى الفضل بن الربيع

وجاءه منه كتاب غمه وأكربه‏:‏ كثرة ملاحاة الرجال ربما أراقت الدماء‏.‏

وإلى منصور بن زياد في

أمر عاتبه فيه‏:‏ لم نزرعك لنحصدك‏.‏

وإلى بعض عماله اجعل وسيلتك إلينا ما يزيدك عندنا وإلى

بعض ندمائه‏:‏ لا تبعد عمن ضمك ووقع إلى منتصل من ذنب‏:‏ حكم الفلتات خلاف حكم

الإصرار‏.‏

الفضل بن سهيل

كتب إلى أخيه الحسن‏:‏ أحمد اللّه يا أخي فما يَبيتُ خليفة اللّه إلا على ذِكْرك‏.‏

وإلى طاهر‏:‏

لِخَيْرِ ما اتّضَعت‏.‏

وإليه‏:‏ لشرّ ما سموتَ‏.‏

وإلى هرثمة وأشار عليه برأي‏:‏ لا يُحَل مَا عَقدت‏.‏

وفي قصة متظالم‏:‏ كَفى بالله للمَظلوم ناصراً‏.‏

ويا قصة رجل نَقب بيت المال‏:‏ يدرأ عنه الحد إن

كان له فيه سهم‏.‏

ووقع إلى حاجبه‏:‏ تَمهَّل وتَسهل‏.‏

وإلى صاحب الشرطة‏:‏ تَرفَّق توفق‏.‏

وإلى

رجل شكا غَلبة الدين‏.‏

قد أَمرنا لك بثلاثين ألفاً وسنَشفعهما بمثلها ليرغب المستمنحون وفي

قصه متظلم‏:‏ طب نفساً فإن الله مع المظلوم وإلى رجل شكا إليه الدين‏:‏ الدين سوء يَهيض

الأعناق وقد

أمرنا بقضائه‏.‏

وفي قصة قوم قَطعوا الطريق إنما جَزاءُ الذين يحاربون اللّه ورسوله ويَسْعون في

الأرض فساداً الآية‏.‏

وفي امرىء قاتل شهد عليه العدول فشفع فيه‏:‏ كتاب الله أحق أن يتبع‏.‏

وفي

قصه رجل شهد عليه أنه شتم أبا بكر وعمر‏:‏ يضرب دون الحد ويشهر ضربه‏.‏

الحسن بن سهل ذو الرياستين

وقع في قصة متظلم‏:‏ ينظر فيما رفع‏:‏ فإن الحق منيع وإلا فشفاء السقيم دواء السقيم‏.‏

وفي

قصة قوم تظلموا من واليهم‏:‏ الحق أولى بنا والعدل بغيتنا وإن صح ما أدعيتم عليه صرفناه

وعاقبناه‏.‏

وفي قصة امرأة حبس زوجها‏:‏ الحق يحبسه والإنصاف يطلقه‏.‏

وفي رقعة رائد قد

أمرنا لك بشيء وهو دون قدرك في الأستحقاق وفوق الكفاية مع الاقتصاد‏.‏

وكتب إليه رجل

من الشعراء يقول له‏:‏

رأيت في النوم إني راكب فرساً ولي وصيف وفي كفي دنانير

فقال قوم لهم فهم ومعرفة رأيت خيراً وللأحلام تعبير

رؤياك فسر غداً عند الأمير تجد في الحلم خيراً وفي النوم التباشير

فوقع في أسفل كتابه‏:‏ أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين‏.‏

وأطلق له ما التمسه‏.‏

ودخل بعض الشعراء على عبد الملك بن بشر بن مروان فأنشده‏:‏

أغفيت عند الصبح نوم مسهد في ساعة ما كنت قبل أنامها

فرأيت إنك رعتني بوليدةٍ رعبوبةٍ حسن علي قيامها

وببدرة حملت إلي وبغلة دهماء مُشرفة يصل لجامها

فدعوت ربي أن يثيبك جنة عوضاً يصيبك بردها وسلامها

ليت المنابر يا بن مروان الندى أضحت وأنت خطيبها وإمامها

فقال له عبد الملك بن بشر‏:‏ في كُل شيء أصبتَ إلا البغلة فإني لا أملك إلا شَهباء‏.‏

فقال له‏:‏

امرأتي طالق أن كنت رأيتُها إلا شهباء إلا أنّي غَلِطت‏.‏

وقَّع في كتاب رجل تظلم من أصحاب نَصْر بن شَبِيب‏:‏ طلبتَ الحق في دار الباطل‏.‏

وفي قصة

رجل طلب قَبالة بعض أعماله‏:‏ القَبالة مفتاح الفساد ولو كانت صلاحاً ما كنتَ لها موضعاً‏.‏

وإلى السندي بن شاهك وجاءه منه كتاب يستعطفه وفيه‏:‏ عِشْ ما لم أرك‏.‏

وإلى خُزيمة بن

خازم‏:‏ الأعمال بخواتيمها والصَّنيعة باستدامتها وإلى الغاية ما جرى الجواد فحُمد السابق

وذُمَ الساقط‏.‏

وإلى العباس بن موسى الهادي واْستبطأه قي خراج ناحيته‏:‏

وليس أخو الحاجات مَن بات نائماً ولكنْ أخوها مَن يبيت على رَحْل

وفي رُقعة مُتنصّح‏:‏ سننظر أصدقتَ أم كُنت من الكاذبين‏.‏

وفي قصة محبوس‏:‏ يُطلق وُيعتق‏.‏

وفي رقعة مُستوصل‏:‏ يُقام أوَده‏.‏

وكتب أبو جعفر إلى عمرو بن عُبيد‏:‏ أبا عثمان أعِنّي

بأصحابك فإنهم أهلُ العدل وأصحابُ الصادق والمُؤثرون له فوقَّع في كتابه‏:‏ ارفع علمَ الحق

يَتْبعك أهله‏.‏

توقيعات العجم

وقّع أرْدشير في أَزْمة عمّت المملكة‏:‏ مِن العدل أن لا يفرح الملك ورعيتُه مَحزونون‏.‏

ثم أَمر

ففرَّق في الكُور جميعَ ما في بُيوت الأموال‏.‏

وِرَفع رجل إلى كِسرى بن قُباذ رُقعة يُخبره فيها أنّ

جماعة مِن بطانته قد فسدت نياتهم وخبُثت ضمائرهم منهم فلان وفلان‏.‏

فوقَّع في أسفل كتابه‏:‏

إنما أملك ظاهرَ الأجسام لا النيات وأحكم

بالعدل لا بالهوى وأفحص عن الأعمال لا عن السرائر‏.‏

ووقع كسرى في رقعة مَدْح‏:‏ طُوبى

للممدوح إذا كان للمَور مُستحقّا وللداعي إذا كان للإجابة أهلاً‏.‏

وكتب إليه مُتنصِّح‏:‏ إن قوماً

من بطانته اجتمعوا للمُنادمة فعابوه وثَلموه‏.‏

فوقّع‏:‏ لئن كانوا نَطقوا بألسنة شتَّى لقد اجتمعت

مساويهم على لسانك فجُرْحك أرغب وِلسانك أَكذب‏.‏

ورفع إليه جماعةٌ من بطانته رُقعةً

يَشكون فيها سًوء حالهم‏.‏

فوقع‏:‏ ما أنصفكم من إلى الشَّكيَّة أحوَجكم ثم فَرّق بينهم ما

وسعهم وأغناهم‏.‏

ووقع أنوشروان إلى صاحب خراجه‏:‏ ما استُغزر الخراج بمثل العَدْل ولا

استُنزر بمثل الجَوْر‏.‏

ووقّع في قصة رجل تَظلّم منه‏:‏ لا يَنبغي للملك الظلم ومِن عنده يُلتمس

العَدل ولا البُخلُ ومن عنده يُتوقَع الجُود ثم أمر بإحضار الرّجل وقَعد منه بين يدي المُوبَذ‏.‏

ووقّع في قصّة محبوسِ‏:‏ مَن ركب ما نُهي عنه حيل بينه وبين ما يَشتهي‏.‏

ورَفع إليه بعضُ خَدمه

رقعةَ يُخبره فيها بكثرة عِياله وسُوء حاله فَعرف كذبه فوقَّع‏:‏ إنّ اللهّ خَفّف ظَهرك فثقّلته

وأحسن إليك فكَفرته فتُب إلى الله يَتُبْ عليك‏.‏

ووقع في قصّة رجل سَعى إليه بباطل‏:‏ باللسان

احفَظ رأسَك‏.‏

ووقّع في قصة رجل ذَكر أنّ بعض قرابة المَلك ظَلَمه وأخذ مالَه‏:‏ لا تَصلح العامّة

إلا ببَعض الحَيْف على الخاصة فإن كنتَ صادقاً أبحتُك جميع ما يَملكه‏.‏

فلم يتظلّم بعدها أحدُ

من قرابته‏.‏