فصل: فصل: (ما تجب فيه الزكاة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكافي في فقه الإمام أحمد ***


كتاب‏:‏ الزكاة

وهي أحد أركان الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏بني الإسلام على خمس‏:‏ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت‏]‏ متفق عليه وتجب على الفور فلا يجوز تأخيرها مع القدرة على أدائها لأنها حق يصرف إلى آدمي توجهت المطالبة به فلم يجز تأخيرها كالوديعة ومن جحد وجوبها لجهله ومثله يجهل ذلك كحديث العهد بالإسلام عرف ذلك ولم يحكم بكفره لأنه معذور وإن كان ممن لا يجهل مثله ذلك كفر وحكمه حكم المرتد لأن وجوب الزكاة معلوم ضرورة فمن أنكرها كذب الله ورسوله وإن منعها معتقدا وجوبها أخذها الإمام منه وعزره فإن قدر عليه دون ماله استتابه ثلاثا فإن تاب وأخرج وإلا قتل وأخذت من تركته وإن لم يمكن أخذها إلا بالقتال قاتله الإمام لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال‏:‏ لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها رواه البخاري وتابعه الصحابة على ذلك فكان إجماعا‏.‏

وإن كتم ماله حتى لا تؤخذ زكاته أخذت منه وعزر وفي جميع ذلك يأخذها الإمام من غير زيادة بدليل أن العرب منعت الزكاة فلم ينقل أنه أخذ منهم زيادة عليها‏.‏

وقال أبو بكر‏:‏ يأخذ معها شطر ماله بدليل ما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏في كل سائمة في كل أربعين بنت لبون من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ومن أبا فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا‏]‏ رواه أبو داود وقال أحمد رضي الله عنه‏:‏ هو عندي صالح‏.‏

وهل يكفر من قاتل الإمام على الزكاة‏؟‏ فيها روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ يكفر لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين‏}‏ دل هذا على أنه لا يكون أخانا في الدين إلا بأدائها ولأن الصديق رضي الله عنه قال لمانعي الزكاة‏:‏ لا حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار‏.‏

والثانية‏:‏ لا يكفر لأن الصحابة رضي الله عنهم امتنعوا عن قتالهم ابتداء فيدل على أنهم لم يعتقدوا كفرهم ثم اتفقوا على القتال وبقي الكفر على الأصل‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏شروط وجوب الزكاة‏]‏

ولا تجب إلا بشروط أربعة‏:‏

الإسلام فلا تجب على كافر أصلي ولا مرتد لأنها من فروع الإسلام فلا تجب على كافر كالصيام‏.‏

فصل‏:‏ والشرط الثاني

الحرية فلا تجب على عبد فإن ملكه سيده مالا وقلنا‏:‏ لا يملك فزكاته على سيده لأنه مالكه وإن قلنا‏:‏ يملك فلا زكاة في المال لأن سيده لا يملكه وملك العبد ضعيف لا يحتمل المواساة بدليل أنه لا يعتق عليه أقاربه إذا ملكهم ولا تجب عليه نفقة قريبه والزكاة إنما تجب بطرق المواساة فلا تجب على مكاتب لأنه عبد وملكه غير تام لما ذكرنا فإن عتق وبقي في يده نصابا استقبل به حولا وإن عجز استقبل سيده بماله حولا لأنه يملكه حينئذ وما قبض من نجوم مكاتبه استقبل به حولا لذلك وإن ملك المعتق بعضه بجزئه الحر نصابا لزمته زكاته لأنه يملك ذلك ملكا تاما فأشبه الحر‏.‏

فصل‏:‏ والشرط الثالث

تمام الملك فلا تجب الزكاة في الدين على المكاتب لنقصان الملك فيه فإن له أن يعجز نفسه ويمتنع عن أدائه ولا في السائمة الموقوف لأن الملك لا يثبت فيها في وجه في وجه يثبت ناقصا لا يتمكن من التصرف فيها بأنواع التصرفات‏.‏

وروى مهنا عن أحمد‏:‏ فيمن وقف أرضا أو غنما في السبيل لا زكاة عليه ولا عشر هذا في السبيل‏.‏

إنما يكون ذلك إذا جعله في قرابته وهذا يدل على إيجاب الزكاة فيه إذا كان لمعين لعموم قوله عليه السلام‏:‏ ‏[‏في كل أربعين شاة شاة‏]‏‏.‏

ولا تجب في حصة المضارب من الربح قبل القسمة لأنه لا يملكها على رواية وعلى روية يملكها ملكا ناقصا غير مستقر لأنها وقاية لرأس المال ولا يختص المضرب بنمائها‏.‏

واختار أبو الخطاب أنها جائزة في حول الزكاة لثبوت الملك فيها وفي المغصوب والضال والدين على من لا يمكن استيفاؤه منه لإعسار أو جحد أو مطل روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ لا زكاة فيه لأنه خارج عن يده وتصرفه أشبه دين الكتابة ولأنه غير تام أشبه الحلي‏.‏

والثانية‏:‏ فيه الزكاة لأن الملك فيه مستقر ويملك المطالبة به فوجبت الزكاة فيه كالدين على مليء ولا خلاف في وجوب الزكاة في الدين الممكن استيفاؤه ولا يلزمه الإخراج حتى يقبضه فيؤدي إلى ما مضى لأن الزكاة مواساة وليس في المواساة إخراج زكاة مال لم يقبضه وظاهر كلام أحمد رضي الله عنه أنه لا فرق بين الحال والمؤجل لأن المؤجل مملوك له تصح الحوالة به والبراءة منه‏.‏

ولو أجر داره سنين بأجرة ملكها من حين العقد وجرت في حول الزكاة وحكمها حكم الدين وحكم الصداق على الزوج حكم الدين على الموسر والمعسر لأنه دين وسواء في هذا قبل الدخول أو بعده لأنها مالكة له‏.‏

فأما إن أسر رب المال وحيل بينه وبين ماله أو نسي المودع لمن أودع ماله فعليه فيه الزكاة لأن تصرفه في ماله نافذ ولهذا لو باع الأسير ماله أو وهبه صح وإذا حصل الضال في يد ملتقط فهو في حول التعريف على ما ذكرناه وفيما بعد يملكه الملتقط فزكاته عليه دون ربه ويحتمل أن لا تلزمه زكاته ذكره ابن عقيل لأن ملكه غير مستقر إذ لمالكه انتزاعه منه عند مجيئه والأول أصح لأن الزكاة تجب في الصداق قبل الدخول وفي المال الموهوب للابن مع جواز الاسترجاع‏.‏

فإن أبرأت المرأة زوجها من صداقها عليه أو أبرأ الغريم غريمه من دينه ففيه روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ على المبرئ زكاة ما مضى لأنه تصرف فيه أشبه ما لو أحيل به أو قبضه‏.‏

والثانية‏:‏ زكاته على المدين لأنه ملك ما ملك عليه قبل قبضه منه فكأنه لم يزل ملكه عنه‏.‏

ويحتمل أن لا تجب الزكاة على واحد منهما لأن المبرئ لم يقبض شيئا ولا تجب الزكاة على رب الدين قبل قبضه والمدين لم يملك شيئا لأن من أسقط عنه شيئا لم يملكه بذلك فأما ما سقط من الصداق قبل قبضه بطلاق الزوج فلا زكاة فيه لأنها لم تقبضه ولم يسقط بتصرفها فيه بخلاف التي قبلها وإن سقط لفسخها النكاح احتمل أن يكون كذلك لأنها لم تتصرف فيه واحتمل أن يكون كالموهوب لأن سقوطه بسبب من جهتها‏.‏

فصل‏:‏ الشرط الرابع

الغني بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل‏:‏ ‏[‏أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم‏]‏ متفق عليه ولأن الزكاة تجب مواساة للفقراء فوجب أن يعتبر الغني ليتمكن من المواساة والغني المعتبر ملك نصاب خال عن دين فلا يجب على من لا يملك نصابا لما روى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا دون خمسة ذود صدقة ولا فيما دون خمسة أواق صدقة‏]‏ متفق عليه ومن ملك نصابا وعليه دين يستغرقه أو ينقصه فلا زكاة فيه إن كان من الأموال الباطنة وهي الناض وعروض التجارة رواية واحدة لأن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال بمحضر من الصحابة‏:‏ هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم رواه أبو عبيد في الأموال ولم ينكر فكان إجماعا ولأنه لا يستغني به ولا تجب الصدقة إلا عن ظهر غنى وإن كان من الأموال الظاهرة وهي المواشي والزروع والثمار ففيه ثلاث روايات‏:‏

إحداهن‏:‏ لا تجب فيها الزكاة لذلك‏.‏

والثانية‏:‏ فيها الزكاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث سعاته فيأخذون الزكاة من رءوس الأموال الظاهرة من غير سؤال عن دين صاحبه بخلاف الباطن‏.‏

الثالثة‏:‏ أن ما استدانه على زرعة لمؤنته حسبه وما استدان لأهله لم يحسبه لأنه ليس من مؤنة الزرع فلا يحسبه على الفقراء فإن كان له مالان من جنسين وعليه دين يقابله أحدهما جعله في مقابلة ما يقضي منه وإن كانا من جنس جعله في مقابلة ما الحظ للمسكين في جعله في مقابلته تحصيلا بحظهم‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الزكاة على مال الصبي والمجنون‏]‏

وتجب الزكاة على مال الصبي والمجنون لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏ابتغوا في أموال اليتامى كيلا تأكلها الزكاة‏]‏ أخرجه الترمذي في إسناده مقال وروي موقوفا على عمر رضي الله عنه ولأن الزكاة تجب مواساة وهما من أهلها ولهذا تجب عليهما نفقة القريب ويعتق عليهما ذو الرحم وتخرج عنهما زكاة الفطر والعشر فأشبها البالغ العاقل‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يعتبر في وجوبها‏]‏

ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏]‏ بدل بمفهومه على وجوبها فيه عند تمام الحول ولأنه لو أتلف النصاب بعد الحول ضمنها ولو لم تجب لم يلزمه ضمانها كقبل الحول فإن تلف النصاب بعد الحول لم تسقط الزكاة سواء فرط أو لم يفرط لأنه مال وجب في الذمة فلم يسقط بتلف النصاب كالدين وروى عن التميمي وابن منذر أنه إن تلف قبل التمكن سقطت الزكاة لأنها عبادة تتعلق بالمال فتسقط بتلفه قبل إمكان الأداء كالحج ولأنه حق تعلق بالعين فسقط بتلفها من غير تفريط كالوديعة والجاني فإن تلف بعض النصاب قبل التمكن سقط من الزكاة بقدره وإن تلف الزائد عن النصاب لم يسقط شيء لأنها تتعلق بالنصاب دون العفو ولا تسقط الزكاة بموت من وجبت عليه لأنه حق واجب تصح الوصية به فلم يسقط بالموت كدين الآدمي‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏محل الزكاة‏]‏

وفي محل الزكاة روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ أنها تجب في الذمة لأنه يجوز إخراجها من غير النصاب ولا يمنع التصرف فيه فأشبهت الدين‏.‏

والثانية‏:‏ يتعلق بالعين لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين في أموالهم حق معلوم‏.‏ للسائل والمحروم‏}‏ وفي للظرفية فإن ملك نصابا مضت عليه أحوال لم تؤد زكاته وقلنا‏:‏ هي في الذمة لزمته الزكاة لما مضى من الأحوال لأن النصاب لم ينقص وإن قلنا‏:‏ تتعلق بالعين لم يلزمه إلا زكاة واحدة لأن الزكاة الأولى تعلقت بقدر الفرض فينقص النصاب في الحول الثاني وهذا ظاهر المذهب نقله الجماعة عن أحمد فإن كان المال زائدا عن نصاب نقص منه كل حول بقدر الفرض ووجبت الزكاة فيما بقي فإن ملك خمسا من الإبل لزمه لكل حول شاة لأن الفرض يجب من غيها فلا يمكن تعلقه بعينها وإن ملك خمسا وعشرين من الإبل فعليه للحول الأول ابنة مخاض وفيما بعد ذلك لكل حول أربع شياه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما تجب فيه الزكاة‏]‏

وتجب الزكاة في خمسة أنواع‏:‏

أحدها‏:‏ المواشي ولها ثلاثة شروط‏:‏

أحدها‏:‏ أن تكون من بهيمة الأنعام لأن الخبر ورد فيها وغيرها لا يساويها في كثرة نمائها ونفعها ودرها ونسلها واحتملت المواساة منها دون غيرها ولا زكاة في الخيل والبغال والحمير والرقيق لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة‏]‏ متفق عليه ولأنه لا يطلب درها ولا تقتنى في الغالب إلا للزينة والاستعمال ولا للنماء ولا زكاة على الوحوش لذلك وعنه في بقر الوحش الزكاة لدخولها في اسم البقر والأول أولى لأنها لا تدخل في إطلاق اسم البقر ولا تجوز التضحية بها ولا تقتنى لنماء ولا در فأشبهت الظباء‏.‏

وما تولد بين الوحشي والأهلي فقال أصحابنا‏:‏ فيه الزكاة تغليبا للإيجاب والأولى أن لا تجب لأنها لا تقتنى للنماء والدر أشبهت الوحشية ولأنها لا تدخل في إطلاق اسم البقر والغنم‏.‏

فصل‏:‏ الشرط الثاني

الحول لأن ابن عمر رضي الله عنهما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏]‏ رواه الترمذي وابن ماجه وأبو داود ولأن الزكاة إنما تجب في مال تام فيعتبر له حول يكمل النماء فيه وتحصل الفائدة منه فيواسي من نمائه فإن هلك النصاب أو واحدة منه في الحول أو باعها انقطع ثم إن نتجت له أخرى مكانها أو رجع إليه باع استأنف الحول سواء ردت إليه ببيع أو إقالة أو باعها بالخيار فردت به لأن الملك يزول بالبيع والرد تجديد ملك وإن قصد بشيء من ذلك الفرار من الزكاة لم تسقط لأنه قصد إسقاط نصيب من انعقد سبب استحقاقه فلم يسقط كالطلاق في مرض الموت وإن نتجت واحدة ثم هلكت واحدة لم ينقطع الحول لأنه لم ينقص وإن خرج بعضها ثم هلكت أخرى قبل خروج بقيتها انقطع الحول لأنها لا يثبت لها حكم الوجود في الزكاة حتى يخرج جميعها وإن أبدل نصبا بجنسه لم ينقطع الحول لأنه لم يزل في ملكه نصاب من الجنس زاد في حول الزكاة فأشبه ما لو نتج النصاب نصابا ثم ماتت الأمهات وإن باع عينا بورق انبنى على ضم أحدهما إلى لآخر فإن قلنا‏:‏ يضم لم ينقطع الحول لأنهما كالجنس الواحد وإن قلنا‏:‏ لا يضم انقطع الحول لأنهما جنسان وما نتج من النصاب فحوله حول النصاب لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال‏:‏ اعتد عليهم بالسلخة يروح بها الراعي على يديه ولأنه من نماء النصاب فلم يفرد عنه بحول كربح التجارة وإن ماتت الأمهات فتم الحول على السخال وهي نصاب وجبت فيها الزكاة لأنها جملة جارية في الحول لم تنقص عن النصاب أشبه ما لو بقي من الأمهات نصاب وإن ملك دون النصاب وكمل بالسخال احتسب الحول من حين كمال النصاب‏.‏

وعنه‏:‏ يستحب من حين ملك الأمهات والأول المذهب لأن النصاب هو السبب فاعتبر مضي الحول على جميعه وأما المستفاد بإرث أو عقد فله حكم نفسه لأن مال ملكه أصلا فيعتبر له الحول شرطا كالمستفاد من غير الجنس ولا يبني الوارث حوله على حول الموروث لأنه ملك جديد فإن كان عنده ثلاثون من البقر فاستفاد عشر في أثناء الحول فعليه من الثلاثين إذا تم حولها تبيع لكمال حولها فإذا تم حول العشرة فيها ربع مسنة لأنه تم نصاب المسنة ولم يمكن إيجابها لانفراد الثلاثين بحكمها فوجبت في العشرة بقسطها منها‏.‏

وإن ملك أربعين من الغنم في المحرم وأربعين في صفر وأربعين في ربيع فتم حول الأولى فعليه شاة لأنها نصاب كامل مضى عليه حول لم يثبت له حكم الخلطة في جميعه فوجب فيه شاة كما لو لم يملك غيرها فإن تم حول الثاني ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ لا شيء فيه ولا في الثالث لأنه لو ملكه مع الأول لم يجب فيه شيء فكذلك إذا ملكه بعده لأنه يحصل وقص بين نصابين‏.‏

والثاني‏:‏ فيه الزكاة لأنه نصاب منفرد بحول فوجبت زكاته كالأول وفي قدرها وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ شاة لذلك‏.‏

والثاني‏:‏ نصف شاة لأنه لم ينفك عن خلطة في جميع الحول وفي الثالث ثلث شاة لأنه لم ينفك عن خلطة لثمانين فكان عليه بالقسط وهو ثلث شاة‏.‏

وإن سلك عشرين من الإبل في المحرم وخمسا في صفر وخمسا في ربيع فعليه في العشرين عند دخولها أربع شياه وفي الخمس الأولى عند حولها خمس بنات مخاض وفي الخمس الثانية ثلاثة أوجه‏:‏

أحدها‏:‏ لا شيء فيها‏.‏

والثاني‏:‏ عليه سدس بنت مخاض‏.‏

والثالث‏:‏ عليه شاة‏.‏

فصل‏:‏ الشرط الثالث

السوم وهو أن تكون راعية ولا زكاة في المعلوفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏في الإبل السائمة في كل أربعين بنت لبون وفي سائمة الغنم في كل أربعين شاة‏]‏ فيدل على نفي الزكاة عن غير السائمة ولأن المعلوفة لا تقتنى للنماء فلم يجب فيها شيء كثياب البذلة ويعتبر السوم في معظم الحول لأنها لا تخلو من علف في بعضه فاعتباره في الحول كله يمنع الوجوب بالكلية فاعتبر في معظمه وإن كان غصبها غاصب فعلفها معظم الحول فلا زكاة فيها لعدم السوم المشترط وإن غضب معلوفة فأسامها ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ لا زكاة فيها لأن مالكها لم يسمها فلم يلزمه زكاتها كما لو علفها‏.‏

والثاني‏:‏ تجب زكاتها لأن الشرط تحقق فأشبه ما لو كمل النصاب في يد الغاصب‏.‏

باب‏:‏ زكاة الإبل

وهي مقدرة بما قدره به رسول الله صلى الله عليه وسلم فروى البخاري بإسناده عن أنس أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له حين وجهه إلى البحرين‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن سألها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سأل فوقها فلا يعطه‏.‏

في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض فإن لم يكن بنت مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى فإذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل فإن زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها فإذا بلغت خمسا من الإبل ففيها شاة أوجب دون خمس وعشرين غنما لأنه لا يمكن المواساة من جنس المال لأن واحدة منها كثيرة وإخراج جزء تشقيص يضر بالمالك والفقير والإسقاط غير ممكن فعدل إلى إيجاب الشياه جمعا بين الحقوق وصارت الشياه أصلا لو أخرج مكانها إبلا لم يجزئه لأنه عدل عن المنصوص عنه إلى غير جنسه فلم يجزئه كما لو أخرجها عن الشياه الواجبة في الغنم ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن والثني من المعز لأنها الشاة التي تعلق بها حكم الشرع في سائر موارده المطلقة ويعتبر كونها في صفة الإبل ففي السمان الكرام شاة سمينة كريمة وفي اللئام والهزال لئيمة هزيلة لأنها سببها فإن كانت مراضا لم يجز إخراج مريضة لأن المخرج من غير جنسها ويخرج شاة صحيحة على قدر المال ينقص من قيمتها على قدر نقيصة الإبل ولا يعتبر كونها من جنس غنمه ولا غنم البلد لأنها ليست سببا لوجوبها فلم يعتبر كونها من جنسها كالأضحية ولا يجزئ فيها الذكر كالمخرجة عن الغنم ويحتمل أن يجزئ لأنها شاة مطلقة فيدخل فيها الذكر كالأضحية فإن عدم الغنم لزمه شراء شاة وقال أبو بكر‏:‏ يجزئه عشر دراهم لأنها بدل الشاة للجبران ولا يصح لأن هذا إخراج قيمة فلم يجز كما في الشاة المخرجة عن الغنم وليست الدراهم في الجبران بدلا بدليل إجزائها مع وجود الشاة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يجب في الإبل إذا بلغت خمسا وعشرين‏]‏

فإذا بلغت خمسا وعشرين أمكنت المواساة من جنسها فوجبت فيها بنت مخاض وهي التي لها سنة ودخلت في الثانية سميت بذلك لأن أمها ماخض أي‏:‏ حامل بغيرها قد حان ولادتها فإن عدمها أخرج بن لبون ذكرا وهو الذي له سنتان ودخل في الثالثة سمي بذلك لأن أمه لبون أي ذات لبن وصار نقص الذكورية مجبورا بزيادة السن فإن عدمه أيضا لزمه شراء بنت مخاض لأنهما استويا في العدم فأشبه ما لو استويا في الوجود ولأن تجويز ابن لبون للرفق به إغناء له عن كلفة الشراء ولم يحصل الإغناء عنها ههنا فرجع إلى الأصل ومن لم يجد إلى بنت مخاض معيبة فهو كالعادم لأنه لا يمكن إخراجها وإن وجدها أعلى من صفة الواجب أجزأته فإن أخرج ابن لبون لم يجزئه لأن ذلك مشروط بعدم ابنة مخاض مجزئة وإن اشترى بنت مخاض على صفة الواجب جاز ولا يجبر نقص الذكورية بزيادة السن في غير هذا الموضع وقال القاضي‏:‏ يجوز أن يخرج عن بنت لبون حقا وعن الحقة جذعا مع عدمهما لأنه أعلى وأفضل فيثبت الحجم فيه بالتنبيه ولا يصح لأنه نص فيهما وقياسهما على ابن اللبون ممتنع لأن زيادة سنة يمتنع بها من صغار السباع ويرعى الشجر بنفسه ويرد الماء ولا يوجد هذا في غيره‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يجب في الإبل إذا بلغت ستا وثلاثين‏]‏

فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون وفي ست وأربعين حقة وهي التي لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة سميت بذلك لأنها استحقت أن يطرقها الفحل وتركب ولهذا قال في الحديث‏:‏ طروقة الفحل‏.‏

وفي إحدى وستين جذعة وهي التي ألقت سنا ولها أربع سنين ودخلت الخامسة وهي أعلى سن يأخذ في الزكاة وفي ست وسبعين ابنتا لبون‏.‏

وفي إحدى وتسعين حقتان إلى عشرين ومائة وإذا زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون‏.‏

وعنه‏:‏ لا يعتبر الفرض حتى تبلغ ثلاثين ومائة فيكون فيها حقة وبنتا لبون والصحيح الأول لأن في حديث الصدقات الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عند آل عمر بن الخطاب ‏[‏فإذا كان إحدى وعشرين مائة ففيها ثلاث بنات لبون‏]‏ وهذا نص وهو حديث حسن ولو ملك زادت جزءا من بعير لم يتغير الفرض به لذلك ولأن سائر الفروض لا تتغير بزيادة جزء ثم في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة لحديث الصحيح‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يجب في الإبل إذا بلغت مائتين‏]‏

فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان أربع حقاق أو خمس بنات لبون أيهما أخرج أجزأه فإن كان الآخر أفضل منه والمنصوص عنه في أربع حقائق وهذا محمول على أن ذلك فيها بصفة التخيير لأن في كتاب الصدقات الذي عند آل عمر رضي الله عنه فإذا كان مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أي السنين وجدت عنده أخذت منه ولأنه اتفق الفرضان في الزكاة فكانت الخيرة لرب المال كالخيرة في الجبران وإن كان المال ليتمم لم يخرج عنه إلا أدنى السنين لتحريم التبرع بمال اليتيم فإن أراد إخرج الفرض من السنين على وجه يحتاج إلى التشقيص كزكاة لمائتين لم يجز وإن لم يحتج إليه كزكاة ثلاثمائة يخرج عنها حقتين وخمس بنات لبون جاز وإن وجدت إحدى الفريضتين دون الأخرى أو كانت الأخرى ناقصة تعين إخراج الكاملة لأن الجبران بدل لا يصار إليه مع وجود الفرض الأصلي وإن احتاجت كل فريضة إلى جبران أخرج ما شاء منها فإذا كانت عنده ثلاث حقاق وأربع بنات لبون فله إخراج الحقاق وبنت لبون مع الجبران أو بنات اللبون وحقة ويأخذ الجبران وإن أعطى حقة وثلاث بنات لبون مع الجبران لم يجزئه لأنه يعدل عن الفرض مع وجوده إلى الجبران ويحتمل الجواز فإن كان الفرضان معدومين أو معيبين فله العدول إلى غيرها مع الجبران فيعطي أربع جذعات ويأخذ ثماني شياه أو يخرج خمس بنات مخاض وعشر شياه وإن اختار أن ينتقل من الحقاق إلى بنات المخاض مع الجبران أو من بنات اللبون إلى الجذعات مع الجبران لم يجز لأن الحقاق وبنات اللبون منصوص عليهن فلا تصعد إلى الحقاق بجبران ولا ينزل لبنات اللبون بجبران‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏حكم أداء الأدنى عن الأعلى‏]‏

ومن وجبت عليه فريضة أعلى منها بسنة ويؤخذ شاتين أو عشرين درهما أو فريضة أدنى منها بسنة ومعها شاتان أو عشرون درهما لما روى أنس في كتاب الصدقات الذي كتبه أبو بكر رضي الله عنه قال‏:‏ من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطى شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما فأما من وجبت عليه جذعة فأعطى مكانها ثنية بغير جبران جاز وإن طلب جبرانا لم يعط لأن زيادة سن الثنية غير معتبر في الزكاة وإن عدم بنت المخاض لم يقبل منه فصيل بجبران ولا غيره لأنه ليس بفرض ولا أعلى منه والخيرة في النزول والصعود والشياه والدراهم إلى رب المال للخبر فإن أراد أعطى شاة وعشرة دراهم أو أخذ ذلك جاز ذكره القاضي لأن الشاة مقام عشرة دراهم وقد كانت الخيرة إليه فيهما مع غيرهما فكانت الخيرة إليه فيهما مفردين ويحتمل المنع لأن الشارع جعل له الخيرة في شيئين وتجويز هذا يجعل له الخيرة في ثلاثة أشياء وإن كان النصاب مريضا لم يجز له الصعود إلى الفرض الأعلى بجبران لأن الشاتين جعلتا جبرانا لما بين صحيحين فيكون أكثر ما بين المريضين وإن أراد النزول ويدفع الجبران جاز لأنه متطوع بالزيادة ومن وجب عليه فرض فلم يجد إلا أعلى منه بسنتين فقال القاضي‏:‏ يجوز أن يصعد إلى الأعلى ويأخذ أربع شياه أو أربعين درهما أو ينزل إلى الأنزل ويخرج معه أربع شياه أو أربعين درهما لأن الشارع جوز له الانتقال إلى الذي يليه وجوز الانتقال من العدول إلى ما يليه ‏[‏إذا كان هو الفرض وهنا لو كان موجودا فإذا عدم جاز العدول إلى ما يليه‏]‏ وقال أبو الخطاب‏:‏ لا يجوز لأن النص إنما ورد بالانتقال إلى ما يليه فأما من وجد سنا يليه لم يجز له الانتقال إلى الأبعد لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الأقرب مقام الفرض ولو وجد الفرض لم ينتقل عنه فكذلك إذا وجد الأقرب لم ينتقل عنه وإن أراد أن يخرج مكان الأربع شياه شاتين وعشرين درهما جاز لأنهما جبران فيهما كالكفارتين ولا مدخل للجبران في غير الإبل لأن النص فيها ورد وليس غيرها في معناها‏.‏

باب‏:‏ صدقة البقر

روى الإمام أحمد رضي الله عنه عن يحيى بن الحكم أن معاذا قال‏:‏ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعا ومن الثمانين مسنتين ومن التسعين ثلاث أتباع ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرة ومائة مسنتين وتبيعا ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربعة أتباع وأمرني أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن تبلغ مسنة أو جذعا فأول نصابها ثلاثون وفيها تبيع أو تبيعة وهو الذي له سنة ودخل في الثانية وفي الأربعين مسنة وهي التي لها سنتان ودخلت في الثالثة ويتفق الفرضان في مائة وعشرين فيخرج رب المال أيهما شاء للخبر ولما ذكرنا في الإبل‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏يؤخذ من الصدقة الأنثى‏]‏

ولا يؤخذ من الصدقة إلا الأنثى لورود النص بها وفضلها بدرها ونسلها إلا الأتبعة في البقر حيث وجبت وابن لبون مكان بنت مخاض إذا عدمت فإن كانت ماشيته كلها ذكورا جاز إخراج الذكر في الغنم وجها واحدا لأن الزكاة وجبت مواساة والمواساة إنما تكون بجنس المال ويجوز إخراجه في البقر في أصح الوجهين لذلك وفي الإبل وجهان‏:‏

إحداهما‏:‏ يجوز لذلك‏.‏

والآخر‏:‏ لا يجوز لإفضائه إلى إخراج ابن لبون عن خمس وعشرين وست وثلاثين وفيه تسوية بين النصابين فعلى هذا يخرج أنثى ناقصة بقدر قيمة الذكر وعلى الوجه الأول يخرج ابن لبون عن النصابين ويكون التعديل بالقيمة ويحتمل أن يخرج بن مخاض عن خمس وعشرين فيقوم الذكر مقام الأنثى التي في سنه كسائر النصب ‏[‏ويحتمل أن لا يخرج الذكر فعلى هذا يخرج أنثى ناقصة بقدر قيمة الذكر وعلى الوجه الأول يخرج ابن لبون عن نصابين ويكون التعديل بالقيمة‏]‏‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا اختلفت أنواع الحيوان وأثمانه‏]‏

والجواميس نوع من البقر والبخاتي نوع من الإبل والضأن والمعز جنس واحد فإذا كان نصاب نوعين أو كان فيه سمان ومهازيل وكرام ولئام أخرج الفرض من أيهما شاء على قدر المالين فإذا كان نصفين وقيمة الفرض من أحدهما عشرة ومن الآخر عشرين أخذه من أيهما شاء قيمته خمسة عشر إلا أن يرضى رب المال بإخراج الأجود‏.‏

باب‏:‏ صدقة الغنم

وأول نصابها أربعون‏:‏ وفيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه ثم في كل مائة شاة شاة لما روى أنس في كتاب الصدقات‏:‏ وفي سائمة الغنم إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت على عشرين ومائة ففيها شاة فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه‏:‏ فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن شاء ربها‏.‏

وعن أحمد‏:‏ أن في ثلاثمائة وواحدة أربع شياه ثم في كل مائة شاة شاة اختارها أبو بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الثلاثمائة غاية فيجب تغير الفرض بالزيادة عليها والأول أصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل حكمها إذا زادت على الثلاثمائة في كل مائة شاة فإيجاب أربع فيما دون الأربعمائة يخالف الخبر وإنما جعل الثلاثمائة حدا لاستقرار الفرض‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يجزئ من الغنم‏]‏

ولا يجزئ من الغنم إلا الجذع من الضأن وهو الذي له ستة أشهر والثني في المعز وهو الذي له سنة لما روى سعر بن ديسم قال‏:‏ أتاني رجلان على بعير فقالا‏:‏ إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤدي صدقة غنمك قلت‏:‏ فأي شيء تأخذان‏؟‏ قالا‏:‏ عناقا جذعة أو ثنية رواه أبو داود لأن هذا السن هو المجزئ في الأضحية دون غيره كذلك في الزكاة فإن كان في ماشيته كبار وصغار لم يجب فيها إلا المنصوص ويؤخذ الفرض بقدر قيمة المالين ولذلك قال عمر رضي الله عنه‏:‏ اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه ولا تأخذها منهم فإن كانت كلها صغارا جاز إخراج الصغير لقول الصديق رضي الله عنه‏:‏ لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها ولا تؤدى العناق إلا عن صغار ولأن الزكاة تجب مواساة فيجب أن تكون من جنس المال‏.‏

وقال أبو بكر‏:‏ لا تجزئ إلا الكبيرة للخبر فإن كانت ماشيته الصغار إبلا أو بقرا ففيها وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ تجزئه الصغيرة لما ذكرناه في الغنم وتكون الصغيرة الواجبة في ست وأربعين زائدة على الواجبة في ست وثلاثين بقدر تفاوت ما بين الحقة وبنت اللبون وهكذا في سائر النصب تعدل بالقيمة‏.‏

والثاني‏:‏ لا يجزئ إلا كبيرة لأن الفرض يتغير بنهاية السن فيؤدي إخراج الصغيرة إلى التسوية بين النصابين فعلى هذا يخرج كبيرة ناقصة القيمة بقدر نقص الصغار عن الكبار وعنه أيضا‏:‏ لا ينعقد عليها الحول حتى تبلغ سنا يجزئ في الزكاة لئلا يلزم هذا المحذور‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما لا يجزئ في الصدقة‏]‏

لا يجزئ في الصدقة هرمة ولا معيبة ولا تيس لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون‏}‏ وروى أنس في كتاب الصدقات‏:‏ ‏(‏لا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس‏)‏ وروى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان‏:‏ من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا هو وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة عليه كل عام ولم يعط الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة لكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره‏]‏ الشرط‏:‏ رذالة المال والدرنة‏:‏ الجرباء فإن كان بعض النصاب مريضا وبعضه صحيحا لم يأخذ إلا صحيحة على قدر المالين وإن كان كله مريضا أخذت مريضة منه وقال أبو بكر‏:‏ لا يؤخذ إلا صحيحة بقيمة المريضة والقول في هذا كالقول في الصغار‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما لا يؤخذ في الصدقة‏]‏

ولا يؤخذ في الصدقة الربى وهي التي تربي ولدها ولا المخاض وهي الحامل ولا التي طرقها الفحل لأن الغالب أنها حامل ولا الأكولة وهي السمينة ولا فحل الماشية المعد لضرابها ولا حزرات المال وهو خياره تحزره العين الحسنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ‏:‏ ‏[‏إياك وكرائم أموالهم‏]‏ متفق عليه وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏إن الله لا يسألكم خيره‏]‏ وقال عمر رضي الله عنه لساعيه‏:‏ لا تأخذ الربى ولا المخاض ولا الأكولة ولا فحل الغنم قال الزهري‏:‏ إذا جاء المصدق قسم الشاء‏:‏ أثلاثا ثلثا خيارا وثلثا شرارا وثلثا وسطا ويأخذ المصدق من الوسط فإن تبرع المالك بدفع شيء من هذا أو أخرج عن الواجب أعلى منه من جنسه جاز لأن المنع من أخذه لحقه فجاز برضاه كما لو دفع فرضين مكان فرض فإن دفع حقة من بنت لبون أو تبيعين مكان الجذعة جاز لذلك ولأن التبيعين يجزئان عن الأربعين مع غيرها فلأن يجزئان عنها مفردة أولى وقد روى أبو داود عن أبي بن كعب أن رجلا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي فزعم أن ما علي فيه بنت مخاض فعرضت عليه ناقة فتية سمينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ذاك الذي وجب عليك فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك‏]‏ فقال‏:‏ ها هي ذه يا رسول الله فأمر رسول الله بقبضها ودعها له بالبركة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏إخراج القيمة في الزكاة‏]‏

ولا تجزئ القيمة في شيء من الزكاة وعنه‏:‏ يجزئ لأن المقصود غنى الفقير بقدر المال والأول المذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الأعيان المنصوص عليها بينا لما فرضه تعالى فإخراج غيرها ترك للمفروض وقوله‏:‏ فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر يمنع إخراج ابن اللبون مع وجود ابنة المخاض ويدل على أنه أراد العين دون المالية فإن خمسا وعشرون لا تخلوا عن مالية ابنة المخاض وإخراج القيمة يخالف ذلك ويفضي على إخراج الفريضة مكان الأخرى من غير جبران وهو خلاف النص واتباع السنة أولى وقد روي عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال‏:‏ ‏[‏خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقرة من البقر‏]‏ رواه أبو داود‏.‏

باب‏:‏ حكم الخلطة

وهي ضربان‏:‏

خلطة أعيان‏:‏ بأن يملكا مالا مشاعا يرثانه أو يشتريانه أو غير ذلك‏.‏

وخلطة أوصاف‏:‏ وهو أن يكون مال كل منهما متميزا فخلطاه ولم يتميزا في أوصاف نذكرها وكلاهما يؤثر في جعل مالهما كمال الواحد في شيئين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن الواجب فيهما كالواجب في مال واحد فإن بلغا معا نصابا ففيهما الزكاة وإن زاد على النصاب لم يتغير الفرض حتى يبلغا فريضة ثانية فلو كان لكل واحد منهما عشرون كان عليهما شاة وإن كان لكل واحد منهما ستون لم يجب أكثر من شاة وإن كان لهما مال غير مختلط تبع المختلط في الحكم فلو كان لكل واحد منهما ستون فاختلط في أربعين لم يلزمهما إلا شاة في مالهما كله لأن مال الواحد يضم بعضه إلى بعض في الملك فتضم الأربعين المنفردة إلى العشرين المختلطة فيلزم انضمامها إلى العشرين التي لخليطه فيصير الجميع كمال واحد ولو كان لرجل ستون كل عشرين منها مختلطة بعشرين لآخر فالواجب شاة واحدة نصفها على صاحب الستين ونصفها على الخلطاء على كل واحد سدس شاة لما ذكرناه فإن كان لأحدهم شاة مفردة لزمهم شاتان‏.‏

والثاني‏:‏ أن الساعي أخذ الفرض من مال أيهما شاء سواء دعت إليه حاجة لكون الفرض واحدا أو لم تدع إليه حاجة بأن يجد فرض كل واحد منهما في ماله لأن مالهما صار كالمال الواحد في الإيجاب فكذلك في الإخراج ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏وما كان من خليطين فإنها يتراجعان بينهما بالسوية‏]‏ رواه البخاري يعني‏:‏ إذا أخذ الفرض من مال أحدهما والأصل في الخلطة ما روى أنس في حديث الصدقات‏:‏ ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ولأن المالين صارا كالمال الواحد في المؤن فكذلك في الزكاة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏شروط الخلطة‏]‏

ويعتبر في الخلطة شروط خمس‏:‏

أحدها‏:‏ أن تكون في السائمة ولا تؤثر الخلطة في غيرها‏.‏

وعنه‏:‏ تؤثر فيها خلطة الأعيان لعموم الخبر ولأنه مال تجب فيه الزكاة فأثرت الخلطة فيه كالسائمة ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏والخليطان ما اجتمعا على الحوض والراعي والفحل‏]‏ رواه الدارقطني وهذا تفسير للخلطة المعتبرة شرعا فيجب تقديمه ولأن الخلطة في السائمة أثرت في الضرر لتأثيرها في النفع وفي غيرها لا تؤثر في النفع لعدم الوقص فيها وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا يجمع بين متفرق خشية الصدقة‏]‏ دليل على اختصاص ذلك بالسائمة التي تقل الصدقة بجمعها لأجل أوقاصها بخلاف غيرها‏.‏

الثاني‏:‏ أن يكون الخليطان من أهل الزكاة فإن كان أحدهما مكاتبا أو ذميا فلا أثر لخلطته لأنه لا زكاة في ماله فلم يكمل النصاب به‏.‏

الشرط الثالث‏:‏ أن يختلطا في نصاب فإن اختلطا فيما دونه مثل أن يختلطا في ثلاثين شاة لم تؤثر الخلطة سواء كان لهما مال سواه أو لم يكن لأن المجتمع دون النصاب فلم تجب الزكاة فيه‏.‏

الشرط الرابع‏:‏ أن يختلطا في ستة أشياء لا يتميز أحدهما عن صاحبه فيها وهي‏:‏ المسرح والمشرب والمحلب والمراح والراعي والفحل لما روى الدارقطني بإسناده عن سعد بن أبي وقاص قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏[‏لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والراعي‏]‏ نص على هذه الثلاثة فنبه على سائرها ولأنه إذا تميز كل مال بشيء مما ذكرناه لم يصيرا كالمال الواحد في المؤن ولا يشترط حلب المالين في إناء واحد لأن ذلك ليس بمرفق بل ضرر لاحتياجهما إلى قسمته‏.‏

الشرط الخامس‏:‏ أن يختلطا في جميع الحول فإن ثبت لهما حكم الانفراد في بعضه زكيا زكاة المنفردين فيه لأن الخلطة معنى يتعلق به إيجاب الزكاة فاعتبرت فيه جميع الحول كالنصاب فإن كان مال كل واحد منهما منفردا فخلطاه زكياه في الحول الأول زكاة الانفراد وفيما بعد زكاة الخلطة فإن اتفق حولاهما مثل أن يملك كل واحد منهما أربعين في أول المحرم وخلطاها في صفر فإذا تم حولهما الأول أخرجا شاتين فإذا تم الثاني فعليهما شاة واحدة وإن اختلف حولاهما فملك أحدهما أربعين في المحرم والآخر أربعين في صفر فخلطاها في ربيع أخرجا شاتين للحول الأول فإذا تم حول الأول والثاني فعليه نصف شاة فإن أخرجا من غير النصاب فعلى الثاني عند تمام حوله نصف شاة وإن أخرجها من النصاب فعلى الثاني من الشاة بقدر ماله من جميع المالين فإذا كان ماله أربعين ومال صاحب أربعون إلا نصف شاة فعليه أربعون جزءا من تسع وسبعين جزءا ونصف من شاة وإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد دون صاحبه‏:‏ نحو أن يملكا نصابين فخلطاهما ثم باع أحدهما ماله أجنبيا فعلى الأول شاة عند تمام حوله لأنه ثبت له حكم الانفراد فإذا تم حول الثاني فعليه زكاة الخلطة لأنه لم يزل مخلطا في جميع الحول‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏اختلاط الأنصبة‏]‏

فإن كان بينهما نصابان مختلطان فباع أحدهما غنمه بغنم صاحبه وأبقياه على الخلطة لم ينقطع حولهما ولم تزل خلطتهما وكذلك إن باع البعض بالبعض من غير إفراد قل البيع أو كثر فأما إن أفرادها ثم تبايعا ثم خلطاها وطال زمان الإفراد بطل حكم الخلطة وإن لم يطل ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ لا ينقطع حكم الخلطة لأن هذا زمن يسير فعفي عنه‏.‏

والثاني‏:‏ يبطل حكم الخلطة لأنه قد وجد الانفراد في بعض الحول فيجب تغليبه كالكثير وإن أفردا بعض النصاب وتبايعاه وكان الباقي على الخلطة نصابا لم تنقطع الخلطة لأنها باقية في نصاب وإن بقي أقل من نصاب فحكمه حكم إفراد جميع المال‏.‏

وذكر القاضي‏:‏ أن حكم الخلطة ينقطع في جميع هذه المسائل ولا يصح لأن الخلطة لم تزل في جميع الحول والبيع لا يقطع حكم الحول في الزكاة فكذلك في الخلطة ولو كان لكل واحد أربعون مخالطة لمال آخر فتبايعاها مختلطة لم يبطل حكم الخلطة وإن اشترى بالمخالطة مفردة أو بالمفردة مختلطة انقطعت الخلطة وزكى زكاة المنفردة لأن زكاة المشتري تجب ببنائه على حول المبيع وقد ثبت لأحدهما حكم الانفراد في بعض الحول فيجب تغليبه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏إذا كان لرجل نصاب فباع نصفه مشاعا في الحول‏]‏

فقال أبو بكر‏:‏ ينقطع حول الجميع لأنه قد انقطع في النصف المبيع فكأنه لم يجر في حول الزكاة أصلا فلزم انقطاعه في الباقي‏.‏

وقال ابن حامد‏:‏ لا ينقطع الحول فيما لم يبع لأنه لم يزل مخلطا لمال جار في حول الزكاة وحدوث الخلطة لا يمنع ابتداء الحول فلا يمنع استدامته وهكذا لو كان النصاب لرجلين فباع أحدهما نصيبه أجنبيا فعلى هذا إذا تم حول ما لم يبع ففيه حصته من الزكاة فإن أخرجت منه نقص النصاب فلم يلزم المشتري زكاة عن أخرجت من غيره وقلنا الزكاة تتعلق بالعين فلا شيء على المشتري أيضا لأن تعلق الزكاة بالعين يمنع وجوب الزكاة‏.‏

وقال القاضي‏:‏ لا يمنع فعلى قوله‏:‏ على المشتري زكاة حصته إذا تم حوله وإن قلنا تتعلق بالذمة لم يمنع وجوب الزكاة على المشتري لأن النصاب لم ينقص فأما إن أفرد بعض النصاب وباعه ثم خلط المشتري بمال البائع فقال ابن حامد ينقطع حولهما لثبوت حكم الانفراد لهما وقال القاضي‏:‏ يحتمل أن لا ينقطع حكم حول البائع لأن هذا زمن يسير‏.‏

ولو كان لرجلين نصاب خلطة فاشترى أحدهما نصيب صاحبه أو ورثه أو اتهبه في أثناء الحول فهذه عكس المسألة الأولى صورة ومثلها معنى لأنه في الأولى كان خليط نفسه ثم صار خليط أجنبي وههنا كان خليط أجنبي فصار خليط نفسه والحكم فيها كالحكم في الأولى لاشتراكهما في المعنى‏.‏

ولو استأجر أجيرا يرعى غنمه بشاة منها فحال الحول لم يفردها فهما خليطان ولو أفردها فنقص النصاب فلا زكاة فيها لنقصانها وإن استأجره بشاة موصوفة صح وجرت مجرى الدين في منعها من الزكاة على ما مضى من الخلاف فيه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏نية الخلطة‏]‏

وذكر القاضي شرطا سادسا وهو نية الخلطة لأنه معنى يتغير به الفرض فافتقر إلى النية كالسوم والصحيح أنه لا يشترط لأن النية لا تؤثر في الخلطة فلا تؤثر في حكمها لأن المقصود بها الارتفاق بخفة المؤنة وذلك يحصل في عدم النية‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا أخذ الساعي الفرض من مال أحدهما‏]‏

إذا أخذ الساعي الفرض من مال أحدهما رجع على خليطه بقدر حصته من المال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينها في السوية‏]‏ فإذا كان لأحدهما الثلث فأخذ الفرض من ماله رجع على خليطه بقيمة ثلثيه وإن أخذه من صاحبه رجع صاحبه عليه بقيمة ثلثه فإن اختلفا في القيمة فالقول قول المرجوع عليه إذا عدمت النية لأنه غارم فالقول كالغاصب وإن أخذ الساعي أكثر من الواجب بغير تأويل فأخذ مكان الشاة اثنتين لم يرجع على صاحبه إلا بقدر الواجب لأن الزيادة ظلم فلا يرجع بها على غير ظالمه وإن أخذه بتأويل فأخذ صحيحة كبيرة عن مراض صغار رجع على صاحبه لأن ذلك إلى اجتهاد الإمام فإذا أداه اجتهاده إلى أخذه وجب دفعه إليه وكان بمنزلة الواجب وإن أخذ القيمة رجع بالحصة منها لأنه مجتهد فيها‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن كانت سائمة الرجل في بلدين لا يقصر بينهما الصلاة‏]‏

فإن كانت سائمة الرجل في بلدين لا يقصر بينهما الصلاة فهي كالمجتمعة وإن كان بينهما مسافة القصر فكذلك اختاره أبو الخطاب لأنه مال واحد يضم إلى بعض كغير السائمة وكما لو تقارب البلدان والمشهور عن أحمد‏:‏ أن لكل مال حكم نفسه لظاهر قوله عليه السلام‏:‏ ‏[‏لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة‏]‏ ولا يختلف المذهب في سائر الأموال أنه يضم مال الواحد بعضه إلى بعض تقاربت البلدان أو تباعدت لعدم تأثير الخلطة فيها‏.‏

باب‏:‏ زكاة الزرع والثمار

وهي واجبة‏:‏ بقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض‏}‏ وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وما سقي بالنضح نصف العشر‏]‏ أخرجه البخاري وبالإجماع ولا تجب إلا بخمسة شروط‏:‏

أحدها‏:‏ أن يكون حبا أو ثمرا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏لا زكاة في حب أو ثمر حتى تبلغ خمسة أوسق‏]‏ رواه مسلم وهذا يدل على وجوب الزكاة في الحب والثمر وانتفائها من غيرهما‏.‏

الشرط الثاني‏:‏ أن يكون مكيلا لتقديره بالأوسق وهي مكاييل فيدل ذلك على اعتبارها‏.‏

الشرط الثالث‏:‏ أن يكون مما يدخر لأن جميع ما اتفق على زكاته مدخر ولأن غير المدخر لا تكمل ماليته لعدم التمكن من الانتفاع به في المال فتجب الزكاة في جميع الحبوب المكيلة المقتات منها والقطاني والأبازير والبزور والقرطم وحب القطن ونحوها وفي التمر والزبيب واللوز والفستق والعناب لاجتماع هذه الأوصاف الثلاثة ‏[‏وقال ابن حامد لا زكاة في الأبازير والبزور ونحوها‏]‏ ولا تجب في الخضر كالقثاء والبطيخ والباذنجان لعدم هذه الأوصاف فيها وقد روى موسى بن طلحة أن معاذا لم يأخذ من الخضر صدقة‏:‏ ولا تجب في سائر الفواكه كالجوز والتفاح والأجاص والكمثرى والتين لعدم الكيل فيها وعدم الادخار في بعضها وقد روى الأثرم بإسناده أن عامل عمر رضي الله عنه كتب إليه في كروم فيها من الفرسك ما هو أكثر غلة من الكرم أضعافا مضاعفة فكتب إليه عمر‏:‏ ليس عليها عشر هي من العضاه والفرسك‏:‏ الخوخ ولا زكاة في الزيتون لأنه لا يدخر وعنه‏:‏ فيه الزكاة لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده‏}‏‏.‏

وقيل‏:‏ لم يرد بهذه الآية الزكاة لأنها مكية نزلت قبل وجوب الزكاة ولهذا لم تجب الزكاة في الرمان ولا زكاة في تين ولا ورق ولا زهر لأنه ليس بحب ولا ثمر ولا مكيل‏.‏

وعنه في القطن والزعفران‏:‏ زكاة لكثرته وفي الورس والعصفر وجهان بناء على الزعفران‏.‏

وقال أبو الخطاب‏:‏ تجب الزكاة في الصعتر والأشنان لأنه مكيل مدخر والأول أولى لأنه ليس بمنصوص عليه ولا في معنى المنصوص‏.‏

فصل‏:‏ الشرط الرابع

أن ينبت بإنبات الآدمي في أرضه فأما النابت بنفسه كبزر قطونا والبطم وحب الأشنان والثمام فلا زكاة فيه ذكره ابن حامد لأنه إنما يملك بحيازته والزكاة إنما تجب ببدو الصلاح ولم يكن ملكا له حينئذ فلم تجب زكاته كما لو اتهبه وقال ‏[‏القاضي‏]‏‏:‏ فيه الزكاة لاجتماع الأوصاف الأول فيه وما يلتقطه اللقاطون من السنبل لا زكاة فيه نص عليه أحمد رضي الله عنه وقال‏:‏ هو بمنزلة المباحات ليس فيه صدقة وما يأخذه الإنسان أجرة لحصاده أو يوهب له لا زكاة عليه فيه لما ذكرنا ومن استأجر أرضا أو استعارها فالزكاة عليها فيما زرع لأن الزرع ونفع الأرض له دون المالك ومن زرع في أرض موقوفة عليه فعليه العشر لأن الزرع طلق غير موقوف فإن كان الوقف للمساكين فلا عشر فيه لأنه ليس لواحد معين إنما يملك المسكين ما يعطاه منه فلم يلزم عشره كما لو أخذ عشر الزرع غيره‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏في نصاب الزروع‏]‏

الشرط الخامس‏:‏ أن يبلغ نصابا قدر خمسة أوسق لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏ليس فيها دون خمسة أوسق صدقة‏]‏ متفق عليه والوسق‏:‏ ستون صاعا لما روى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏الوسق ستون صاعا‏]‏ رواه أبو داود والصاع خمس أرطال وثلث والمجموع ثلاثمائة صاع وهي ألف وستمائة رطل بالعراقي والرطل مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع وهو بالرطل الدمشقي المقدر بستمائة درهم ثلاثمائة رطل واحد وأربعون رطلا وستة أسباع رطل والأوساق مكيلة وإنما نقل إلى الوزن ليحفظ وينقل قال أحمد‏:‏ وزنته يعني الصاع فوجدته خمسة أرطال وثلثا حنطة وهذا يدل على أن قدره ذلك من الحبوب الثقيلة فإن كان ما وجبت فيه الزكاة موزونا كالقطن والزعفران اعتبر بالوزن لأنه موزون ذكره القاضي وحكي عنه أنه قال‏:‏ إذا بلغت قيمته قيمة خمسة أوسق من أدنى ما تخرجه الأرض ففيه الزكاة فإن كان الحب ‏[‏قيمته قيمة خمسة أوسق‏]‏ مما يدخر في قشره كالأرز فإنه علم أنه يخرج عن النصف فنصابه عشرة أوسق مع قشره وإن لم يعلم ذلك أو شك في بلوغ النصاب خير بين أن يستنظر ويخرج عشره قبل قشره وبين قشره واعتباره بنفسه والعلس‏:‏ نوع من الحنطة يزعم أهله أنه إذا خرج من قشره لا يبقى بقاء الحنطة ويزعمون أنه يخرج عن النصف فنصابه عشرة أوسق مع قشره ويعتبر أنه يبلغ النصاب من الحب مصفى ومن الثمار يابسا‏.‏

وعنه‏:‏ يعتبر النصاب في الثمرة رطبا ثم يخرج منه قدر عشر رطبه ثمرا ولا يصح لأنه إيجاب لزيادة على العشر والنص يرد ذلك‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏حكم ضم أنواع الجنس الواحد بعضها إلى بعض‏]‏

وتضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض ليكمل النصاب كما ذكرنا في الماشية فيضم العلس إلى الحنطة والسلت إلى الشعير لأنهما نوعا جنس واحد ويضم زرع العام الواحد بعضه إلى بعض سواء اتفق وقت إطلاعه وإدراكه أو اختلف فيقدم بعضه على بعض ويضم الصيفي إلى الربيعي ولو حصدت الذرة ثم نبتت مرة أخرى يضم أحدهما إلى الآخر لأنه زرع عام واحد فضم بعضه إلى بعض كالمتقارب ويضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض لذلك فإن كان له نخل يحمل حملين في العام ضم أحدهما إلى الآخر كالزرع وقال القاضي في موضع‏:‏ لا يضم الحمل الثاني إلى شيء والأول أولى‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏حكم ضم جنس إلى غيره‏]‏

ولا يضم جنس إلى غيره لأنهما جنسان مختلفان فلم يضم أحدهما إلى الآخر كالماشية‏.‏

وعنه‏:‏ تضم كل الحبوب بعضها إلى بعض اختارها أبو بكر لأنها تتفق مع قدر النصاب والمخرج والمنبت والحصاد أشبهت أنواع الجنس‏.‏

وعنه‏:‏ تضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها إلى بعض اختاره الخرقي والقاضي لأنها تتقارب في المنفعة فأشبهت نوعي الجنس وهذا ينتقض بالتمر والزبيب لا يضم أحدهما إلى الآخر مع ما ذكروه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏مقدار الزكاة‏]‏

وقدر الزكاة‏:‏ العشر فيما سقي بغير كلفة كماء السماء والعيون والأنهار ونصف العشر بما سقي بكلفة كالدوالي والنواضح ونحوها للحديث الذي في أول الباب ولأن للكلفة تأثيرا في تقليل النماء فيؤثر على الزكاة كالعلف في الماشية فإن سقي نصف السنة بكلفة ونصفها بما لا كلفة فيه ففيه ثلاث أرباع العشر وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر بالأكثر لأن اعتبار السقي في عدد مراته وقدر ما يشرب في كل مرة يشق ويتعذر فاعتبر بالأكثر كالسوم وقال ابن حامد‏:‏ يجب بالقسط لأن ما وجب فيه بالقسط عند التماثل ويجب عند التفاضل كزكاة الفطر عن العبد المشترك وإن جهل المقدار غلبنا إيجاب العشر نص عليه لأنه الأصل وإن اختلف الساعي ورب المال في قدر شربه فالقول قول رب المال من غير يمين لأن الناس لا يستحلفون على صدقاتهم فإن كان له حائطان فسقى أحدهما بمؤنة والآخر بغير مؤنة والآخر بغير مؤنة ضم أحدهما إلى الآخر في كمال النصاب وأخذ من كل واحدة فرضه ويجب فيما زاد على النصاب بحسابه قل أو كثر لأنه يتجزأ فوجب فيه بحسابه كالأثمان‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏متى تجب الزكاة في الثمار‏]‏

وإذا بدا الصلاح في الثمار واشتد الحب وجبت الزكاة لأنه حينئذ يقصد للأكل والاقتيات به فأشبه اليابس وقيل‏:‏ لا يقصد لذلك فهو كالرطبة فإن تلف قبل ذلك أو أتلفه فلا شيء فيه لأنه تلف قبل الوجوب فأشبه ما لو أتلف السائمة قبل الحول إلا أن يقصد بإتلافها الفرار من زكاتها فتجب عليه لما ذكرنا وإن تلف بعد وجوبها وقبل حفظها في بيدرها وجرينها بغير تفريط فلا ضمان عليه سواء خرصت أو لم تخرص لأنها في حكم ما لم تثبت اليد عليه ولو تلف بجائحة رجع بها المشتري على البائع وإن أتلفها أو فرط فيها ضمن نصيب الفقراء بالخرص أو بمثل نصيبهم وإن أتلفها أجنبي ضمن نصيب الفقراء بالقيمة لأن رب المال عليه تخفيف هذا بخلاف الأجنبي والقول في تلفها وقدرها والتفريط فيها قول رب المال لأنه خالص حق الله تعالى فلا يستحلف فيه كالحد وإن تلف بعد جعلها في الجرين فحكمها حكم تلف السائمة بعد الحول‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏حكم بعث الإمام من يخرص الثمار حين بدو صلاحها‏]‏

ويستحب الإمام أن يبعث من يخرص الثمار حين بدو الصلاح لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه رواه أبو داود وعن عتاب بن أسيد قال‏:‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرص العنب كما نخرص النخل فيؤخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ زكاة النخل تمرا رواه أبو داود ويجزئ خارص واحد لحديث عائشة ولأنه يفعل ما يؤديه إليه اجتهاده فجاز أن يكون واحدا كالحاكم‏.‏

ويعتبر أن يكون مسلما أمينا غير متهم ذا خبرة فإن كانت الثمرة أنواعا خرص كل نوع على حدته لأن الأنواع تختلف منها ما يكثر رطبه ويقل يابسه ومنها خلاف ذلك فإن كانت نوعا واحدا خير بين خرص كل شجرة منفردة وبين خرص الجميع دفعة واحدة ثم يعرف المالك قدر الزكاة ويخيره بين حفظها إلى الجذاذ وبين التصرف فيها وضمان حق الفقراء فإن اختار حفظها فعليه زكاة ما يؤخذون منها قل أو كثر لأن الفقراء شركاؤه فليس عليه أكثر من حقهم منها وإن اختار التصرف ضمن حصة الفقراء بالخرص فإن ادعى غلط الساعي في الخرص دعوى محتملة فالقول قوله بغير يمين وإن ادعى غلطا كثيرا لا يحتمل مثله لم يلتفت إليه لأنه يعلم كذبه فإن اختار التصرف فلم يتصرف أو تلفت فهو كما لو لم يخير لأن الزكاة أمانة فلا تصير مضمونة في الشرط كالوديعة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏خرص الرطب والعنب‏]‏

ويخرص الرطب والعنب لحديث عتاب ولأن الحاجة داعية إلى أكلهما رطبين وخرصهما ممكن لظهور ثمرتهما واجتماعها في أفنانها وعناقيدها ولم يسمع بالخرص من غيرهما ولا هو في معناهما لأن الزيتون ونحوه حبه متفرق في شجره مستتر بورقه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما على الخارص أن يتركه لرب المال‏]‏

وعلى الخارص أن يترك في الخرص الثلث أو الربع توسعة على رب المال لحاجته إلى الأكل منها والإطعام ولأنها قد يتساقط منها وينتابها الطير والمارة وقد روى سهل بن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا أو تجدوا الثلث فدعوا الربع‏]‏ رواه أبو داود وعن مكحول قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث الخراص قال‏:‏ ‏[‏خففوا عن الناس فإن في المال العرية والواطئة والأكلة‏]‏ رواه أبو عبيد فالعرية‏:‏ النخلات يهب رب المال ثمرتها لإنسان والواطئة‏:‏ السابلة والأكلة‏:‏ أرباب الأموال ومن تعلق بهم فإن لم يترك الخارص شيئا فلهم الأكل بقدر ذلك ولا يحتسب عليهم وإن لم يخرص عليهم فأخرج رب المال خارصا فخرص وترك قدر ذلك جاز ولهم أكل الفريك من الزرع ونحوه مما جرت العادة بمثله ولا يحتسب عليهم‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏قطع الثمرة قبل كمالها‏]‏

وإذا احتيج إلى قطع الثمرة قبل كمالها لخوف العطش أو غيره أو لتحسين بقية الثمرة جاز قطعها لأن العشر وجب مواساة فلا يكلف منه ما يهلك أصل المال ولأن حفظ الأصل أحظ للفقراء من حفظ ‏[‏الثمرة لتكرر حقهم فيها كما هو أحظ للمالك فإن كفى التجفيف لم يجز قطعها‏]‏ فإن لم يكف جاز قطعها كلها وإن كانت الثمرة عنبا لا يجيء منه زبيب أو زبيبه رديء كالخمري أو رطب لا يجيء منه تمر جاز كالبربنا قطعه‏.‏

قال أبو بكر‏:‏ وعليه قدر الزكاة في جميع ذلك يابسا وذكر أن أحمد نص عليه‏.‏

وقال القاضي‏:‏ لا يلزمه ذلك لأن الفقراء شركاؤه فلم يلزمه مواساتهم بغير جنس ماله ويتخير الساعي بين مقاسمة رب المال الثمرة قبل الجذاذ بالخرص ويأخذ نصيبهم شجرات منفردة وبين مقاسمة الثمرة بعد جذها بالكيل ويقسم الثمرة في الفقراء وبين بيعها للمالك أو لغيره قبل الجذاذ وبعده ويقسم ثمنها في الفقراء فإن أتلفها رب المال فعليه قيمتها لأنه لا يلزمه تخفيفها فأشبه الأجنبي‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏إخراج الواجب من الثمرة‏]‏

وماعدا ذلك لا يجوز إخراج الواجب من ثمرته إلا يابسا ومن الحبوب إلا مصفى لأنه وقت الكمال وحالة الادخار فإن كان نوعا واحدا أخرج عشره منه جيدا كان أو رديئا لأن الفقراء بمنزلة الشركاء فيه وإن كان أنواعا أخرج من كل نوع حصته كذلك ولا يجوز إخراج الرديء عن الجيد ولا يلزم إخراج الجيد عن الرديء لما ذكرنا ولا مشقة في هذا لأنه لا يحتاج إلى تشقيص‏.‏

وقال أبو الخطاب‏:‏ إن شق ذلك لكثرة الأنواع واختلافها أخذ من الوسط وإن أخرج رب المال الجيد عن الرديء جاز وله ثواب الفضل لما ذكرنا في السائمة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏زكاة الزيتون‏]‏

فأما الزيتون فإن لم يكن ذا زيت أخرج عشر حبه وإن كان ذا زيت فأخرج من حبه جاز كسائر الحبوب وإن أخرج زيتا كان أفضل لأنه يكفي الفقراء مؤنته ويخرجه في حال الكمال والادخار‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏حكم بيع شيء من الثمر بعد وجوب زكاته‏]‏

ويجوز لرب المال بيعه بعد وجوب زكاته لأن الزكاة إذا كانت في ذمته لم يمنع التصرف في ماله كالدين وإن تعلقت بالمال لكنه تعلق ثبت بغير اختياره فلم يمنع التصرف فيه كأرش الجنابة فإن باعه فزكاته عليه دون المشتري ويلزمه إخراجها كما تلزمه لو لم يبعه فصل‏:‏

ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة الخراج في رقبتها والعشر في غلتها لأن الخراج مؤنة الأرض فهو كالأجرة في الإجارة ولأنهما حقان يحيان لمستحقين فيجتمعان كالكفارة والقيمة في الصيد المملوك على المحرم‏.‏

وقال الخرقي‏:‏ يؤدي الخراج ثم يزكي ما بقي لأن الخراج دين من مؤنة الأرض فأشبه ما استدانه لينفقه على زرعه وقد ذكرنا فيما استدانه رواية أخرى‏:‏ أنه لا يحتسب به فكذلك يخرج ههنا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏هل يجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية‏؟‏‏]‏

ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية ولا عشر عليهم في الخارج منها لأنهم من غير أهل الزكاة فأشبه ما لو اشتروا سائمة ويكره بيعها لهم لئلا يفضي إلى إسقاط الزكاة‏.‏

وعنه‏:‏ يمنعون شراءها لذلك اختاره الخلال وصاحبه فعلى هذا إن اشتروها ضوعف العشر عليهم كما لو اتجروا إلى غير بلدانهم ضوعف عليهم ما يؤخذ من المسلمين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏زكاة العسل‏]‏

وفي العسل العشر لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ من زمانه من قرب العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها رواه أبو عبيد وعن ابن عمر قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏في العسل في كل عشر قرب قربة‏]‏ رواه أبو داود والترمذي وقال الترمذي‏:‏ في إسناده مقال ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم كبير شيء ومقتضى هذا أن يكون نصابه عشر قرب والقربة مائة رطل كذلك ذكره العلماء في تقرير القرب التي قدروا بها في القلتين وقال أصحابنا‏:‏ نصابه عشر أفراق لأن الزهري قال‏:‏ في عشرة أفراق فرق ثم اختلفوا فقال ابن حامد والقاضي في المجرد‏:‏ الفرق ستون رطلا وحكي عن القاضي أنه قال‏:‏ الفرق ستة وثلاثون رطلا والمشهور عند أهل العربية الفرق الذي هو ثلاث آصع هو ستة عشر رطلا‏.‏