فصل: تفسير الآيات (46- 57):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (37- 45):

{فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ (44) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45)}
جواب إذا محذوف مقصود به الإبهام، كأنه يقول: {فإذا انشقت السماء} فما أعظم الهول، وانشقاق السماء انفطارها عند القيامة. وقال قتادة: السماء اليوم خضراء وهي يوم القيامة حمراء، فمعنى قوله: {وردة} أي محمرة كالوردة وهي النوار المعروف. وهذا قول الزجاج والرماني. وقال ابن عباس وأبو صالح والضحاك: هي من لون الفرس الورد، فأنث لكون {السماء} مؤنثة.
واختلف الناس في قوله: {كالدهان} فقال مجاهد والضحاك: هو جمع دهن، قالوا وذلك أن السماء يعتريها يوم القيامة ذوب وتميع من شدة الهول. وقال بعضهم: شبه لمعانها بلمعان الدهن. وقال جماعة من المتأولين الدهان: الجلد الأحمر، وبه شبهها، وأنشد منذر بن سعيد: [الطويل]
يبعن الدهان الحمر كل عشية ** بموسم بدر أو بسوق عكاظ

وقوله تعالى: {لا يسأل عن ذنبه} نفي للسؤال. وفي القرآن آيات تقتضي أن في القيامة سؤالاً، وآيات تقتضي نفيه كهذه وغيرها، فقال بعض الناس ذلك في مواطن دون مواطن، وهو قول قتادة وعكرمة وقال ابن عباس وهو الأظهر في ذلك أن السؤال متى أثبت فهو بمعنى التوبيخ والتقرير، ومتى نفي فهو بمعنى الاستخبار المحض والاستعلام، لأن الله تعالى عليم بكل شيء. وقال الحسن ومجاهد: لا يسأل الملائكة عنهم، لأنهم يعرفونهم بالسيما، والسيما التي يعرف بها {المجرمون} هي سواد الوجوه وزرق العيون في الكفرة، قاله الحسن. ويحتمل أن يكون غير هذا من التشويهات.
واختلف المتأولون في قوله تعالى: {فيؤخذ بالنواصي والأقدام}. فقال ابن عباس: يؤخذ كل كافر بناصيته وقدميه فيطوى يجمع كالحطب ويلقى كذلك في النار. وقال النقاش: روي أن هذا الطي على ناحية الصلب قعساً وقاله الضحاك. وقال آخرون: بل على ناحية الوجه، قالوا فهذا معنى: {فيؤخذ بالنواصي والأقدام}. وقال قوم في كتاب الثعلبي: إنما يسحب الكفرة سحباً، فبعضهم يجر بقدميه، وبعضهم بناصيته، فأخبر في هذه الآية أن الأخذ يكون {بالنواصي} ويكون ب {الأقدام}.
وقوله: {هذه جهنم} قبله محذوف تقديره: يقال لهم على جهة التقريع والتوبيخ وفي مصحف ابن مسعود: «هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان تصليانها لا تموتان فيها ولا تحييان».
وقرأ جمهور الناس: {يَطُوفون} بفتح الياء وضم الطاء وسكون الواو. وقرأ طلحة بن مصرف: {يُطَوّفون} بضم الياء وفتح الطاء وشد الواو. وقرأ أبو عبد الرحمن: {يطافون}، وهي قراءة علي بن أبي طالب. والمعنى في هذا كله أنهم يترددون بين نار جهنم وجمرها {وبين حميم} وهو ما غلي في جهنم من مائع عذابها. والحميم: الماء السخن. وقال قتادة: إن العذاب الذي هو الحميم يغلي منذ خلق الله جهنم. وأنى الشيء: حضر، وأنى اللحم أو ما يطبخ أو يغلى: نضج وتناهى حره والمراد منه. ويحتمل قوله: {آن} أن يكون من هذا ومن هذا. وكونه من الثاني أبين، ومنه قوله تعالى: {وغير ناظرين إناه} [الأحزاب: 53] ومن المعنى الآخر قول الشاعر [عمرو بن حسان الشيباني]: [الوافر]
أنى ولكل حاملة تمام ** ويشبه أن يكون الأمر في المعنيين قريباً بعضه من بعض، والأول أعم من الثاني.

.تفسير الآيات (46- 57):

{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57)}
من في قوله تعالى: {ولمن} يحتمل أن تقع على جميع المتصفين بالخوف الزاجر عن معاصي الله تعالى، ويحتمل أن تقع لواحد منهم وبحسب هذا قال بعض الناس في هذه الآية: إن كل خائف له {جنتان}. وقال بعضهم: جميع الخائفين لهم {جنتان}. والمقام هو وقوف العبد بين يدي ربه يفسره: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المطففين: 6] وأضاف المقام إلى الله من حيث هو بين يديه. قال الثعلبي وقيل: {مقام ربه} قيامه على العبد، بيانه: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} [الرعد: 33] وحكى الزهراوي هذا المعنى عن مجاهد. وفي هذه الإضافة تنبيه على صعوبة الموقف وتحريض على الخوف الذي هو أسرع المطايا إلى الله عز وجل. وقال قوم: أراد جنة واحدة، وثنى على نحو قوله: {ألقيا في جهنم} [ق: 24] وقول الحجاج: يا غلام اضربا عنقه.
وقال أبو محمد: هذا ضعيف، لأن معنى التثنية متوجه فلا وجه للفرار إلى هذه الشاذة، ويؤيد التثنية قوله: {ذواتا أفنان} وهي تثنية ذات على الأصل. لأن أصل ذات: ذوات.
والأفنان يحتمل أن يكون جمع فنن، وهو فنن الغصن، وهذا قول مجاهد، فكأنه مدحها بظلالها وتكاثف أغصانها ويحتمل أن يكون جمع فن، وهو قول ابن عباس، فكأنه مدحها بكثرة أنواع فواكهها ونعيمها.
و: {زوجان} معناه: نوعان. و: {متكئين} حال إما من محذوف تقديره يتنعمون {متكئين}. وإما من قوله: {ولمن خاف}. والاتكاء جلسة المتنعم المتمتع.
وقرأ جمهور الناس: {فرُش} بضم الراء. وقرأ أبو حيوة: {فرْش} بسكون الراء، وروي في الحديث أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه البطائن {من استبرق} فكيف الظواهر؟ قال: «هي من نور يتلألأ».
والاستبرق ما خشن وحسن من الديباج. والسندس: ما رق منه. وقد تقدم القول في لفظة الاستبرق. وقرأ ابن محيصن {من استبرق} على أنه فعل والألف وصل.
والضمير في قوله: {فيهن} للفرش، وقيل للجنات، إذ الجنتان جنات في المعنى. والجنى ما يجتنى من الثمار، ووصفه بالدنو، لأنه فيما روي في الحديث يتناوله المرء على أي حالة كان من قيام أو جلوس أو اضطجاع لأنه يدنو إلى مشتهيه. و: {قاصرات الطرف} هي الحور العين، قصرن ألحاظهن على أزواجهن.
وقرأ أبو عمرو عن الكسائي وحده وطلحة وعيسى وأصحاب علي وابن مسعود: {يطمُثهن} بضم الميم. وقرأ جمهور القراء: {يطمِثهن} بكسر الميم. والمعنى: لم يفتضهن لأن الطمث دم الفرج، فيقال لدم الحيض طمث، ولدم الافتضاض طمث، فإذا نفي الافتضاض، فقد نفي القرب منهن بجهة الوطء. قال الفراء: لا يقال طمث إلا إذا افتض.
قال غيره: طمث، معناه: جامع بكراً أو غيرها.
واختلف الناس في قوله: {ولا جان} فقال مجاهد: الجن قد تجامع نساء البشر مع أزواجهن، إذا لم يذكر الزوج الله تعالى، فتنفي هذه الآية جميع المجامعات. وقال ضمرة بن حبيب: الجن لهم {قاصرات الطرف} من الجن نوعهم، فنفى في هذه الآية الافتضاض عن البشريات والجنيات.
قال القاضي أبو محمد: ويحتمل اللفظ أن يكون مبالغة وتأكيداً، كأنه قال: {لم يطمثهن} شيء، أراد العموم التام، لكنه صرح من ذلك بالذي يعقل منه أن يطمث. وقال أبو عبيدة والطبري: إن من العرب من يقول: ما طمث هذا البعير حبل قط، أي ما مسه.
قال القاضي أبو محمد: فإن كان هذا المعنى ما أدماه حبل، فهو يقرب من الأول. وإلا فهو معنى آخر غير الذي قدمناه. وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد: {ولا جأن} بالهمز.

.تفسير الآيات (58- 69):

{كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69)}
{الياقوت والمرجان}: هي من الأشياء التي قد برع حسنها واستشعرت النفوس جلالتها، فوقع التشبيه بها لا في جميع الأوصاف لكن فيما يشبه ويحسن بهذه المشبهات، ف {الياقوت} في إملاسه وشفوفه، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في صفة المرأة من نساء أهل الجنة: «يرى مخ ساقها من وراء العظم» {والمرجان} في إملاسه وجمال منظره، وبهذا النحو من النظر سمت العرب النساء بهذه الأشياء كدرة بنت أبي لهب. ومرجانة أم سعيد وغير ذلك.
وقوله تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} آية، وعد وبسط لنفوس جميع المؤمنين لأنها عامة. قال ابن المنكدر وابن زيد وجماعة من أهل العلم: هي للبر والفاجر. والمعنى أن جزاء من أحسن بالطاعة أن يحسن إليه بالتنعيم. وحكى النقاش أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر هذه الآية: «هل جزاء التوحيد إلا الجنة».
وقوله تعالى: {ومن دونهما جنتان} اختلف الناس في معنى: {من دونهما}، فقال ابن زيد وغيره معناه: أن هذين دون تينك في المنزلة والقدرة، والأوليان جنتا السابقين، والأخريان جنتا أصحاب اليمين. قال الرماني قال ابن عباس: الجنات الأربع للخائف {مقام ربه} [الرحمن: 46]. وقال الحسن الأوليان للسابقين والأخريان للتابعين. وقال ابن عباس، المعنى: هما دونهما في القرب إلى المنعمين وهاتان المؤخرتان في الذكر أفضل من الأوليين، يدل على ذلك أنه وصف عيني هذه بالنضخ والأخريين بالجري فقط، وجعل هاتين مدهامتين من شدة النعمة، والأوليين ذواتي أفنان، وكل جنة ذات أفنان وإن لم تكن مدهامة.
قال القاضي أبو محمد: وأكثر الناس على التأويل الأول، وهذه استدلالات ليست بقواطع. وروي عن أبي موسى الأشعري أنه قال: جنتان للمقربين من ذهب، وجنتان لأهل اليمين من فضة مما دون الأولين.
و: {مدهامتان} معناه قد علا لونهما دهمة وسواد في النضرة والخضرة، كذا فسره ابن الزبير على المنبر، ومنه قوله تعالى: {الذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى} [الأعلى: 5]، والنضاخة الفوارة التي يهيج ماؤها. وقال ابن جبير المعنى: {نضاختان} بأنواع الفواكه، وهذا ضعيف. وكرر النخل والرمان لأنهما ليسا من الفواكه. وقال يونس بن حبيب وغيره: كررهما وهما من أفضل الفاكهة تشريفاً لهما وإشادة بهما كما قال تعالى: {وجبريل وميكال} [البقرة: 98].

.تفسير الآيات (70- 78):

{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)}
{خيرات} جمع خيرة، وهي أفضل النساء، ومنه قول الشاعر [أنشده الطبري]: [الكامل]
ربلات هند خيرة الملكات

وقالت أم سلمة: قلت يا رسول الله: أخبرني عن قوله تعالى: {خيرات حسان} قال: «{خيرات} الأخلاق {حسان} الوجوه».
وقرأ أبو بكر بن حبيب السهمي: {خيِّرات حسان} بشد الياء المكسورة. وقرأ أبو عمرو بفتح الياء.
وقوله: {مقصورات} أي محجوبات. وكانت العرب تمدح النساء بملازمة البيوت، ومنه قول الشاعر [أبو قيس بن الأسلت]: [الطويل]
وتعتل في إتيانهن فتعذر

يصف أن جارتها يزرنها ولا تزورهن. ويروى أن بيت الأعشى قد ذم وهو قوله: [البسيط]
كأن مشيتها من بين جارتها ** مر السحابة لا ريث ولا عجل

فقيل في ذمه: هذه جوالة خراجة ولاجة، ومن مدح القصر قول كثير: [الطويل]
وأنت التي حببت كل قصيرة ** إليّ ولم تشعر بذاك القصائر

أريد قصيرات الحجال ولم أرد ** قصار الخطى شر النساء البحاتر

قال الحسن: {مقصورات في الخيام} ليس بطوافات في الطرق، و{الخيام}: البيوت من الخشب والثمام وسائر الحشيش، وهي بيوت المرتحلين من العرب، وخيام الجنة بيوت اللؤلؤ. وقال عمر بن الخطاب: هي در مجوف. ورواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان بيت المسكين عند العرب من شعر فهو بيت، ولا يقال له خيمة، ومن هذا قول جرير: [الوافر]
متى كان الخيام بذي طلوح ** سقيت الغيث أيتها الخيام

ومنه قول امرئ القيس: [المتقارب]
أمرخ خيامهم أم عشر ** يستفهم هل هم منجدون أم غائرون لأن العشر مما لا ينبت إلا في تهامة، والمرخ مما لا ينبت إلا في نجد.

والرفرف: ما تدلى من الأسرة من غالي الثياب والبسط: وكذلك قال ابن عباس وغيره: إنها فضول المحابيس والبسط، وقال ابن جبير، الرفرف: رياض الجنة.
قال القاضي أبو محمد: والأول أصوب وأبين، ووجه قول ابن جبير: إنه من رف البيت، إذا تنعم وحسن، وما تدلى حول الخباء من الخرقة الهفافة يسمى رفرفاً، وكذلك يسميه الناس اليوم. وقال الحسن ابن أبي الحسن، الرفرف: المرافق، والعبقري: بسط حسان فيها صور وغير ذلك، تصنع بعبقر، وهو موضع يعمل فيه الوشي والديباج ونحوه قال ابن عباس: العبقري: الزرابي. وقال ابن زيد: هي الطنافس. وقال مجاهد: هي الديباج الغليظ.
وقرأ زهير الفرقبي: {رفارفَ} بالجمع وترك الصرف. وقرأ أبو طمعة المدني: وعاصم في بعض ما روي عنه {رفارفٍ} بالصرف، وكذلك قرأ عثمان بن عفان: {رفارفٍ وعباقرٍ} بالجمع والصرف، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم وغلط الزجاج والرماني هذه القراءة. وقرأ أيضاً عثمان في بعض ما روي عنه: {عبَاقَر}: بفتح القاف والباء، وهذا على أن اسم الموضع {عبَاقَر} بفتح القاف، والصحيح في اسم الموضع: عبقر، قال الشاعر [امرؤ القيس]: [الطويل]
كأن صليل المروحين تشذه ** صليل الزيوف بنتقدن بعبقرا

قال الخليل والأصمعي: إذا استحسنت شيئاً واستجادته قالت {عبقرى}.
قال القاضي أبو محمد: ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريه» وقال عبد الله بن عمر: العبقري سيد القوم وعينهم. وقال زهير: [الطويل]
بخيل عليها جنة عبقرية ** جديرون يوماً أن ينالوا فيستعلوا

ويقال عبقر: مسكن للجن. وقال ذو الرمة: [البسيط]
حتى كأن رياض القف ألبسها ** من وشي عبقر تجليل وتنجيد

وقرأ الأعرج: {خضُر} بضم الضاد. وقرأ جمهور الناس: {ذي الجلال} على اتباع الرب. وقرأ ابن عامر وأهل الشام. {ذو} على اتباع الاسم، وكذلك في الأول، وفي حرف أبيّ وابن مسعود، {ذي الجلال} في الموضعين، وهذا الموضع مما أريد فيه بالاسم مسماه.
والدعاء بهاتين الكلمتين حسن مرجو الإجابة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام».
نجز تفسير سورة الرحمن: وصلى الله على مولانا محمد سيد ولد عدنان.