فصل: الخيار في الكراء بعينه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في جعل الوكيل بالخصومة

قلت أكان مالك يكره أن يوكل الرجل بالوكالة على أن يخاصم فإن أدرك فله جعله وإلا فلا شيء له عليه‏؟‏ قال نعم كان يكره هذا ولا يراه من الجعل الجائزا‏.‏

قلت فإن عمل على هذا أيكون له على صاحبه أجر مثله‏؟‏ قال نعم قال سحنون وقد روى أنه جائز‏.‏

كتاب كراء الرواحل والدواب

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم‏.‏

في الشراء وكراء الراحلة بعينها معا

قلت أرأيت إن اشتريت عبدا واشترطت على بائعه ركوب راحلة بعينها إلى مكة أخذت العبد وكراء الراحلة جميعا صفقة واحدة بمائة دينار أيجوز هذا الشراء والكراء وإن لم أشترط إن ماتت الراحلة أبدلها لي قال الشراء جائز إذا لم يشترط إن ماتت الراحلة أبدلها وإن اشترط إن ماتت الراحلة أبدلها فالشراء فاسد عندي إلا أن يكون كراء مضمونا في أصل الصفقة ولا يكون في راحلة بعينها‏.‏

ألا ترى لو أن رجلا اكترى راحلة بعينها إلى مكة وشرط على ربها إن ماتت فعليه خلفها إن هذا مكروه إما أن يكون كراء مضمونا وإما أن يكون الكراء في الراحلة بعينها فإن ماتت الراحلة فسخ الكراء بينهما ومما يدلك على هذا لو أن رجلا اكترى راعيا يرعى له مائة شاة بأعيانها سنة فإنه إن لم يشترط إن ما ماتت من الغنم فعليه أن يأتي ببدلها يرعاها له الراعي فالكراء فاسد لأنه لا يدري أتسلم الغنم إلى رأس السنة أم لا‏؟‏ فإن اشترط إن مات الراعي فعليه في ماله خلف من الراعي فذلك فاسد‏.‏

وأصل هذا أن ينظر إلى الذي استؤجر أبدا فإذا مات انفسخت الإجارة بموته وإذا استؤجر لشيء يفعله مثل غنم يرعاها أو دواب يقوم عليها فماتت الغنم والدواب فإن الإجارة لا تنتقض ولا تنتقض الإجارة بموت الذي استؤجر له وهي الدواب والغنم وإنما تنتقض الإجارة بموت الذي استؤجر نفسه وهو الراعي فعلى هذا فقس كل ما ورد عليك‏.‏

في بيع الدابة واستثناء ركوبها

قلت أرأيت إن اشتريت دابة من رجل واستثنى على ركوبها يوما أو يومين قال البيع جائز عند مالك‏.‏

قلت فإن تلفت في اليومين قال قال مالك المصيبة من المشتري‏.‏

قال مالك وكذلك لو اشترط أن يسافر عليها اليوم ثم تلفت منه كان مصيبتها من المشتري‏.‏

قلت أرأيت إن اشترطت أن أسافر عليها أكثر من اليوم قال لم يكن مالك يحدد فيه حدا إلا أنه كان يقول لا أحب ما يتباعد من ذلك لأن الدابة تتغير فيه ولا يدري مشتريها كيف ترجع إليه فلا يعجبني‏.‏

قال مالك ولا أرى بأسا في اليوم واليومين والموضع القريب‏.‏

قال مالك وما تلفت الدابة فيه مما يجوز له أن يشترطه فهو من المشتري وما تلفت فيه مما لا يجوز له أن يشترطه فهو من البائع وما تلفت فيه وهو مما يجوز لهما اشتراطه مثل الموضع القريب فهو من المشتري‏.‏

النقد في الكراء بعينه

قلت أرأيت إن اكتريت راحلة بعينها إلى مكة أيصلح لي النقد في ذلك أم لا‏؟‏ قال إذا كان الركوب إلى اليوم واليومين أو الأمر القريب فلا بأس بذلك أن يعجل الكراء على أن يركبه إلى اليوم واليومين أو أمر قريب‏.‏

قال فإن تباعد ذلك فلا خير فيه لأنه يصير سلما في كراء راحلة بعينها فلا يجوز ذلك وهذا قول مالك‏.‏

قلت أرأيت إن اكتريت راحلة بعينها على أن أركبها بعد يوم أو يومين أيصلح ذلك على أن أنقده‏.‏

قال قال مالك إذا كان ذلك إلى يوم أو يومين فلا بأس بذلك وإن نقده‏.‏

قلت فهل يجوز أن أكتري راحلة بعينها وأشترط ركوبها بعد شهر أو شهرين في قول مالك‏؟‏ قال لا بأس بذلك ما لم ينقده‏.‏

الخيار في الكراء بعينه

قلت أرأيت إن اكتريت راحلة بعينها إلى مكة ونقدته على أني بالخيار يوما أو يومين‏؟‏ قال لا يصلح ذلك في قول مالك أن ينقد إذا كنت بالخيار في كراء أو بيع إلا أن تشترطا الخيار ما دمتما في مجلسكما ذلك قبل أن تتفرقا‏.‏

في الرجل يكتري الدابة ثم يبيعها صاحبها

قلت أرأيت إن تكاريت من رجل دابة بعينها إلى موضع كذا وكذا فباعها ربها أو وهبها أو تصدق بها قبل أن أركبها أتجوز هبته أو صدقته أو بيعه‏؟‏ قال لا يجوز من ذلك قليل ولا كثير من الهبة ولا من الصدقة ولا من البيع والكراء أولى من هبته صدقته وبيعه وهو قول مالك لأنه من تكارى دابة أو عبدا ودارا أو ابتاع طعاما بعينه فلم يكله حتى فلس صاحبه الذي أكراه أو مات فإن من تكارى أو استأجر أو ابتاع طعاما فهو أحق بذلك كله من الغرماء حتى يستوفوا حقوقهم‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت من رجل دواب بأعيانها إلى موضع من المواضع كذا فباعها فذهب بها المشتري فلم أقدر عليها وقدرت على المكري الذي أكرى أيكون لي أن أرجع عليه بشيء أم لا‏؟‏ قال لا يكون لك عليه شيء إلا الكراء الذي أديته إليه إن كنت أعطيته الكراء وإلا فلا شيء عليه‏.‏

قلت وهذا قول مالك قال سمعت مالكا يقول في الراحلة بعينها تكرى فتموت أنه ينفسخ الكراء بينهما فأرى مسئلتك إن فاتت الراحلة بهذه المنزلة‏.‏

قلت أرأيت إن قدرت على الدابة عند المشتري وقد غاب الذي أكرا أيكون بيني وبين الذي اشتراها خصومة أم لا‏؟‏ قال إن كانت لك بينة فأنت أولى بالدابة من المشتري لأن الكراء كان قبل الشراء وهذا قول مالك‏.‏

قلت أرأيت إن أكريت دابتي ثم بعتها قال الكراء في قول مالك أولى‏.‏

قلت أرأيت إن قال المشتري أنا أترك المكتري فيها حتى تنقضي إجارته ثم آخذها ولا ينتقض البيع بيننا أيكون ذلك له في قول مالك‏؟‏ قال نعم ذلك له في قول مالك إن كان أمرا قريبا يعني إذا كان الضمان من المشتري‏.‏

الشرط في كراء الراحلة بعينها إن ماتت أخلف مكانها

قلت ما قول مالك في الرجل يكتري الراحلة بعينها ولا يشترط أنها إن ماتت أخلف له غيرها قال قال مالك في الراحلة بعينها إذا اكتراها واشترط أنها إن ماتت أخلف له غيرها لم يجز ذلك فإن لم يشترط أنها إن ماتت أخلف له غيرها جاز ذلك‏.‏

قلت فما فرق بين الغنم وبين والراحلة في قول مالك قال فرق ما بينهما في قول مالك أن الراحلة وقع عليها الكراء بعينها وهي التي اكتريت وأما الغنم فلا تكرى وإنما وقعت الإجارة على الرجل فهذا فرق ما بينهما وهو إن اشترط إن مات هذا الأجير ففي ماله أن يؤتى بغيره فهذا لا يجوز فالرجل موضع الراحلة في هذه المسألة والغنم ليست بمنزلة الراحلة‏.‏

الكراء بالثوب أو بالطعام بعينه

قلت أرأيت إن استأجرت أجيرا يعمل لي شهرا أو اكتريت إلى مكة أو إلى بعض المواضع على حمولة أو على أن يحملني أنا نفسي بثوب بعينه فلما وقع الكراء على هذا أتاني ليقبض الثوب فقلت لا أدفع إليك الثوب حتى أستوفي حمولتي أو تعمل في إجارتك قال إن كان كراء الناس عندهم بالنقد أجبر على النقد وإن كان كراء الناس ليس عندهم بالنقد لم يصلح هذا الكراء ولا هذه الإجارة إلا أن يكون الثوب نقدا فإن لم يكن الثوب نقدا فالكراء باطل لأن مالكا قال من اشترى ثوبا بعينه على أنه إنما يعطيه الثوب بعد شهر لم يجز ذلك وكان البيع مفسوخا‏.‏

قلت وكذلك لو كانت شاة بعينها أو حيوانا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت وإن استأجرته بطعام بعينه أو اكتريت بطعام بعينه ليحمل لي حمولتي إلى مكة قال إن كان الكراء عندهم نقدا أجبر على النقد وإن لم يكن كذلك فلا يجوز فيه النقد إلا أن يكون الكراء وقع بالنقد فلا بأس ذلك لأن مالكا قال في الرجل يبيع طعاما في الموضع الغائب عنهما وقد رآه المبتاع قبل ذلك فيشترط إن أدرك الطعام كان للمشتري فإن ضاع قبل أن يدركه كان على البائع مثله‏.‏

قال مالك لا خير في هذا البيع لأنه لا يدري على أي الطعامين وقع بيعه فالكراء مثل البيع قلت والعروض والطعام عند في هذا سواء‏؟‏ قال نعم إلا أن تكون الصفقة على النقد فلا بأس بالكراء‏.‏

قلت فلو أنه أكرى منه إلى مكة على حمولة أو على نفسه أو اكترى منه إلى مكة أو لمستأجر من داره سنة بهذه الدراهم بعينها أو بهذه الدنانير بعينها فوقع الكراء على هذا فأبى أن ينقده تلك الدنانير أو الدراهم حتى يستوفي الذي له من كرائه أو من عمل الأجير ومن سكنى الدار‏.‏

قال إن كان الكراء عندهم بالنقد دفع الدنانير على ما أحب أو كره وإن كان الكراء عندهم على غير النقد فلا خير في هذا إلا أن يعجلها لأني سمعت مالكا وسئل عن الرجل يبتاع من الرجل السلعة يقبضها بدنانير له بالمدينة أو ببلد من البلدان عند قاض أو غيره فقال مالك إن كان اشترط في بيعه أن تلفت تلك الدنانير كان عليه أن يعطيه دنانير أخرى مثلها فلا بأس بذلك وإلا فلا خير في البيع ولا يجوز فأرى إن كان الكراء ليس ينقد في مثله فلا أرى الكراء جائزا إلا أن يشترط عليه أن تلفت الدنانير فعليه مثلها فإن اشترط هذا لم أر بذلك بأسا والطعام والعروض لا يصلح هذا الشرط فيها ولا يحل أن يشترط أن تلفت كان عليه أن يعطي مثلها لأن الطعام والعروض سلع في أيدي الناس ولأن مالكا قد كره أن يباع الطعام الغائب على أنه إن تلف أعطاه مثله والدابة والرأس مثل ذلك‏.‏

قال مالك في ذلك كله لا خير فيه إذا بيع بشرط أن تلف أعطاه مثله مكانه والدنانير إنما هي عين عند الناس ليست بسلع وهي في أيدي الناس أثمان للسلع فإن اشترط أنها إن هلكت كان عليه بدلها لم يكن بذلك بأس فإن لم يشترط فلا خير في ذلك لأنه لا يدري أتسلم الدنانير إلى ذلك الأجل أم لا‏؟‏ تسلم قال غيره في الدنانير هو جائز وإن تلفت فعليه الضمان‏.‏

فيمن اكترى إلى مكة بطعام بعينة أو بعروض بعينها أو بدنانير بعينها أو الكراء ليس بالنقد عند الناس

قلت أرأيت إن تكاريت منه إلى مكة بهذا الطعام بعينه أو بهذه العروض بعينها أو بهذه الدنانير بعينها والكراء في موضعنا ليس بالنقد عند الناس فقال الجمال وقع كراؤنا فاسدا لأنه وقع على شيء بعينه ولم يشترط فيه النقد وكراء الناس ليس عندنا بالنقد وقال المكتري أنا أعجل السلعة أو الدنانير أو الطعام ولا أفسد الكراء‏.‏

قال الكراء يفسخ بينهما وإن رضي المتكاري أن يعجل السلعة أو الدنانير أو الطعام لأن صفقته وقعت فاسدة في رأيي‏.‏

وقال غيره إلا في الدنانير فإنه جائز‏.‏

قلت أرأيت إن اكتريت بهذا الطعام بعينه أو بهذا العبد بعينه أو أو بهذه الدابة بعينها أو بهذه الثياب بعينها أو بهذه الدنانير بعينها واشترطت عليه أن لا أنقده إلا بعد يوم أو يومين أو ثلاثة‏.‏

‏؟‏ قال لا يعجبني ذلك إلا أن يكون لذلك وجه مثل الدابة يكون يركبها الرجل اليوم أو اليومين وما أشبهه قال فلا بأس بذلك وقد قال مالك لا بأس به والجارية تخدمه اليوم واليومين ونحو ذلك فلا بأس به وإن كان من ذلك شيء لا يحبس لركوب ولا لخدمة ولا للبس وإنما يحبسه لغير منفعة له فيه فما كان من ذلك إنما يحبسه على وجه الوثيقة حتى يشهد على الكراء أو يكتب عليه كتابا فلا أرى بذلك بأسا وإن لم يكن في حبسه منفعة إلا هذا فذلك جائز لأن الرجل قد يحبس سلعته حتى يستوثق‏.‏

قلت فإن كان لا يحبسه ليشهد لأنه قد أشهد ولا يحبسه للبس ولا لركوب ولا لخدمة قال فلا يعجبني أن يشترط حبسه ولا أفسد به البيع لأني سألت مالكا عن الرجل يشتري من الرجل بالدنانير الطعام من صبرة بعينها على أن يستوفيه إلى يومين فقال لا بأس بذلك‏.‏

قال لأن مالكا قال لي لو أن رجلا باع جارية أو سلعة إلى أيام على أنه إن لم يأت بالثمن فلا بيع بينهما فقال لي شرطهما باطل والبيع نافذ لازم لهما أتى به أو لم يأت ويلزم البائع دفعها والمشتري أخذها ويجبر على النقد فهذا يشبه الكراء إذا اشترط حبسه في اليومين والثلاثة لأنه قد يكون منافع لكل واحد منهما في حبس اليوم واليومين والثلاثة لأن المكري قد يحب أن يكفي مؤنتها اليوم واليومين وقد يحب المكري أن ينتفع بها اليوم واليومين يؤخر سلعته في يده ليركب أو يحضر حمولته فتكون وثيقة‏.‏

فإذا قرب هذا وما أشبهه فلا أرى أن يفسخ الكراء ولا أحب أن يعقد الكراء على هذا وكذلك قال مالك قلا أحب أن يعقد البيع على إن لم يأت بالثمن إلى أيام فلا بيع بيني وبينك فإن وقع البيع جاز بينهما وفسخ الشرط وأرى الثياب إن كانت مما تلبس إذا أراد صاحبها أن يحبسها حتى يستوثق لنفسه وهو مما يلبس فلا بأس بذلك وهو مثل ما فسرت لك في الدواب والجارية فأما الدنانير فلا يعجبني إلا أن يخرجها من يده فيضعها رهنا أو يكون ضامنا لها إن تلفت كان عليه بدلها وإلا لم يصلح الكراء على هذا‏.‏

وقال غيره لا يضره وإن لم يخرجها ويضعها رهنا‏.‏

ألا ترى لو اشترى سلعة بهذه الدنانير بأعيانها فاستحقت الدنانير أن البيع تام وعليه مثل الدنانير لأن الدنانير والدراهم عين وما سوى الدنانير والدراهم عروض وإن تلفت الثياب قبل أن يدفعها المكتري كان ضمانها منه وفسخ الكراء فيما بينهما لأنه من ابتاع ثوبا فحبسه البائع للثمن فهلك كان من بائعه ولأنه من ابتاع حيوانا فاحتبسه البائع للثمن فهلك كان من المشتري فالمتكاري إذا اشترط حبسه للوثيقة أو للمنفعة فهلك فهو من المتكارى لأنه أمر يعرف لهلاكه وليس مغيبه عليه معيبا ولأن الدنانير عين لا يصح أن يشترط تأخيرها إلا أن يضمنها إذا ضاعت ولا يجوز أن يشترط ضمان ما ضاع مما بيع إلى يوم أو يومين أو يتكارى به إلا في العين وحده وإنما فسخت الكراء في الثياب إن احتبسها للوثيقة فهلكت لأن الرجل إذا ابتاع الثوب بعينه فهلك قبل أن يدفعه البائع إلى المشتري كان ضمانه من البائع إن لم يقم بينة على تلفه ولم يقل له ائت بثوب مثله وخذ ثمنه ولأن من سلف حيوانا أو ثيابا في سلعة إلى أجل مما يجوز السلف فيه فاعترف الحيوان والثياب بطل السلم ولم يكن له عليه شيء قيمة ولا غيرها لأن مالكا قال في الحيوان غير مرة ورددت عليه فيمن باعه فاحتبسه البائع للثمن حتى يدفع إليه الثمن فضاع فهو من المشتري ولقد قال لي بن أبي حازم وهو القضاء عندنا ببلدنا لا يعرف غيره وقال غيره الحيوان والثياب وما كان شراؤه على غير كيل أو وزن فاشترط البائع على المشتري أنه يدفعه بعد يوم أو يومين أو نحو ذلك لركوب دابة أو لباس ثوب أو غير ذلك فلا بأس بأن ينقد الثمن في مثل هذا القرية وأنه وإن تلف فهو من المشتري لأنه كأنه قد قبضه وحازه وكان تلفه في يده فكذلك إن باع هذه الأشياء بكراء دابة أو دار وشرط حبسه كما وصفت لك‏.‏

ما جاء في الكراء بثوب غير موصوف

قلت أرأيت إن اكتريت من رجل دابة بثوب مروي إلى موضع كذا ولم اسم رقعته ولا طوله ولا جنسه ولا عرضه أيجوز هذا الكراء أم لا‏؟‏ قال لا يجوز هذا الكراء لأن مالكا‏؟‏ قال لا يجوز هذا في البيع ولا يجوز في ثمن الكراء إلا ما يجوز في البيع‏.‏

في الكراء على أن على المكتري الرحلة والعلف

قلت أرأيت إن اكتريت راحلة إلى مكة على أن المتكاري رحلتها‏؟‏ قال لا بأس بذلك‏.‏

قلت أرأيت إن استأجرت دابة إلى موضع من المواضع ذاهبا وراجعا بعلفها أيجوز هذا الكراء في قول مالك‏؟‏ قال نعم ذلك جائز لأن مالكا قال في الأجير بطعامه إنه لا بأس بذلك‏.‏

قلت أرأيت إن استأجرت إبلا من جمال إلى مكة بكذا وكذا على أن علي طعام الجمال وعلف الإبل قال قال مالك لا بأس بذلك‏.‏

في الكراء على أن على الجمال طعامه

قلت أرأيت إن اكتريت من جمال إلى مكة على أن على الجمال طعامي قال سمعت مالكا وسئل على الرجل يكتري من الرجل ذاهبا أو راجعا إلى الحج وإلى بلد من البلدان على أن على الجمال طعامه قال مالك لا أرى بذلك بأسا قيل له أفنصف النفقة في طعامه‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت أرأيت المرأة إذا تزوجت الرجل أيحد لها النفقة قال مالك ولا يكون بهذا كله قلت وكذلك العبد يستأجر السنة على أن على الذي استأجره نفقته‏.‏

قال وكذلك لو كان حرا‏.‏

قال فقلنا لمالك فإن اشترط الكسوة‏؟‏ قال لا بأس بذلك‏.‏

قال فقلنا لمالك فلو أنه استأجره بكسوة وصفها أو بطعام فقط وليس له من الإجارة غير ذلك قال مالك لا بأس بذلك وكذلك إن كان مع الكسوة أو الطعام دنانير أو دراهم أو عروض بعينها‏؟‏ قال لا بأس بذلك إذا كانت العروض معجلة لا تكون إلى الأجل لأن العروض إذا كانت بعينها لا تباع إلى أجل فكذلك لا يتكاراها على أنه لا يدفعها صاحبها إلا إلى أجل فإن كانت عروضا بغير عينها لم يكن بذلك بأس أن يكون ذلك مؤخرا إذا سمي له أجلا يريد كأجل السلم‏.‏

في الرجل يكتري الدابة يركبها شهرا أو يطحن عليها

قلت أرأيت إن تكاريت دابة شهرا على أن أركبها في حوائجي متى ما شئت من ليل أو نهار قال إن تكاراها شهرا يركبها في حوائجه كما تركب الدواب فلا بأس بذلك‏.‏

قلت وهذا قول مالك قال سألنا مالكا عن الرجل يتكارى الدابة شهرا‏؟‏ قال لا بأس بذلك‏.‏

قلت أرأيت إن استأجرت دابة أطحن عليها شهرا بعينه قمحا ولم اسم ما أطحن عليها كل يوم من القمح قال ذلك جائز وهذا يشبه كراء الرجل الدابة شهرا يركبها لأن وجه الطحين معروف‏.‏

قال وهو قول مالك‏.‏

في الرجل يكتري دواب كثيرة صفقة واحدة

قلت أرأيت إن استأجرت دواب كثيرة صفقة واحدة لأحمل عليها مائة إردب ولم اسم ما أحمل على كل دابة قال ذلك جائزا ويحمل على كل دابة بقدر ما تقوى إذا كانت الدواب لرجل واحد‏.‏

قلت فإن كانت الدواب لرجال شتى والدواب يختلف حملها‏؟‏ قال لا يعجبني ذلك لأن كل واحد منهما أكرى دابته بما لا يعلم وقد فسرت لك هذه المسألة في موضع آخر في البيوع والإجارات‏.‏

قلت وتحفظ عن مالك في الرجل يتكارى الدواب صفقة واحدة أن ذلك جائز إذا كان رب الدواب واحدا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال مالك ذلك جائز‏.‏

قلت أتحفظ عن مالك إذا كانت الدواب لأناس شتى أن ذلك غير جائز‏؟‏ قال لا‏.‏

ما جاء في الكراء الفاسد

قلت أرأيت إن تكاريت دابة أشيع عليها رجلا ولم أسم موضعا من المواضع قال الكراء فاسد إلا أن تسمي موضعا معروفا‏.‏

وقال غيره إن كان ذلك التشييع أمرا قد عرف بالبلد كيف هو فلا بأس به‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت دابتين بأعيانهما واحدة إلى برقة واخرى إلى إفريقية ولم أسم التي إلى برقة ولا التي إلى إفريقية‏؟‏ قال لا يجوز هذا الكراء حتى تسمي التي إلى برقة والتي إلى إفريقية‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت من رجل على إن أدخلني مكة في عشرة أيام فله ثلاثون دينارا وإن أدخلني في أكثر من عشرة أيام فله عشرة دنانير قال قال مالك هذا الكراء فاسد إن أدرك قبل أن يركب فسخ هذا الكراء بينهما فإن ركب يريد سفره كله أعطاه كراء مثله على سرعة السير وإبطائه ولا يلتفت إلى الكراء الأول‏.‏

قلت أرأيت من اكترى كراء فاسدا فاستوفى الركوب ما يكون عليه في قول مالك قال عليه قيمة الركوب‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت دابة إلى موضع من المواضع ولم أسم ما أحمل عليها أيكون الكراء فاسدا أم يكون جائزا وأحمل عليها مثل ما يحمل على مثلها قال الكراء فاسد إلا أن يكونوا قوما قد عرفوا ما يحملون فإذا كانوا قد عرفوا الحمولة فيما بينهم فإن الكراء لهم لازم على ما قد عرفوا من الحمولة قبل ذلك‏.‏

وقال غيره إذا كان قد سمى طعاما أو بزا أو عطرا فذلك جائز وله أن يحمل مثل ما تحمل تلك الدابة وإن قال أحمل عليها قدر حمل مثلها مما شئت مما تحمل فلا خير في ذلك لأن من الحمولة ما هو أضر بالدواب وأعطب لظهورها ومنها ما لا يضر فإن اختلفت لم يكن في ذلك خير وكذلك لو اكترى دابة يركبها شهرا إلى أي بلد شاء والبلدان منها الوعرة الشديدة ومنها السهلة وكذلك في الحوانيت والدور فكل ما اختلف حتى يتباعد تباعدا بينا فلا خير فيه لأن من ذلك ما هو أضر بالجدر ومنها ما لا يضر فإذا اختلف هكذا لم يكن فيه خير‏.‏

ألا ترى أن من الحمولة ما لو سمى لنقبه لظهر الدابة لم يرض رب الدابة فيه بدينار واحد وآخر لخفة مؤنته على ظهر الدابة يكون كراؤه أقل من ذلك بما يتفاحش ألا ترى أن الرجل يكري دابته تركب يوما في الحضر فيكون غير كرائها تركب يوما في السفر وتكون الأرض الوعرة القليلة الكلأ والأخرى سهلة كثيرة الكلأ فيكون الكراء في ذلك مختلفا وإن رب الدابة والحانوت والمسكن باعوا من منافع الدابة ومنافع المساكن ما لا يدرون ما باعوا لاختلاف ذلك وأن ذلك خارج من أكرية الناس‏.‏

ألا ترى أنه يكتري ليحمل حنطة فيحمل مكانها شعيرا مثله أو سمسما فلا يكون مخالفا ولا يضمن إن عطبت الدابة وكذلك لو اكتراه على أن يحمل له شطويا فحمل عليها بغداديا أو بصريا أو ما اشبهه في نحوه وخفته وثقله لم يضمن ولو حمل رصاصا أو حجارة بثقل ذلك فعطبت ضمن لاختلاف ما بين ذلك فخذ هذا وما أشبهه على هذا الأصل‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت من رجل إلى مكة بمثل ما يتكارى الناس أيجوز ذلك في قول مالك أم لا‏؟‏ قال قال مالك لا يجوز ذلك‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت إبلا إلى مكة بطعام مضمون ولم أذكر الموضع الذي أنقده فيه الطعام ولم أضرب لذلك أجلا وليس للناس في الكراء عندهم سنة يحملون عليها قال الكراء فاسد إذا كان بحال ما وصفت لك وكذلك لو أكراه بغلام مضمون أو بثوب مضمون وليس لهم سنة يحملون عليها فالكراء فاسد إلا أن يتراضيا فيما بينهما من ذي قبل على أمر حلال فينفذ فيما بينهما‏.‏

قلت أرأيت إن اكترى قوم مشاة إبلا إلى مكة ليحملوا عليها أزوادهم وشرطوا أن من مرض منهم حمله على الإبل قال هذا الكراء فاسد‏.‏

قلت أتحفظه عن مالك‏؟‏ قال لا ولكنه رأيي‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت دابة من رجل على أن يبلغني موضع كذا وكذا إلى يوم كذا وكذا وإلا فلا كراء له‏؟‏ قال لا خير في هذا عند مالك لأنه شرط شرطا لا يدري ما يكون له فيه من الكراء لأن هذا غرر لا يدري أيتم له الكراء أم يذهب رأسا فلا يكون له من الكراء شيء‏.‏

في إلزام الكراء

قلت أرأيت دابة تكاروها ليزفوا عليها عروسا لهم بعشرة دراهم فلم يزفوها ليلتهم تلك أيضمنون الكراء أم لا‏؟‏ قال عليهم الكراء‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت دابة أشيع عليها رجلا إلى موضع معلوم فلما قبضت الدابة أو لم أقبضها بدا لفلان في الخروج أيلزمني الكراء أم لا‏؟‏ قال قال مالك من اكترى دابة إلى موضع من المواضع ثم بدا له أن لا يخرج إلى ذلك الموضع فإن الكراء له لازم ويكري الدابة إلى ذلك الموضع إن أحب في مثل ما اكتراها فيه فكذلك مسئلتك التي سألتني عنها يكون الكراء عليه ويفعل في الدابة مثل ما وصفت لك‏.‏

قلت أرأيت لو أني اكتريت من رجل دابة يوما إلى الليل بدرهم فقال رب الدابة هذه الدابة فاقبضها واركبها فلم أقبضها ولم أركبها حتى مضى ذلك اليوم قال إذا أمكنه منها فلم يركبها فقد لزمه الكراء وهذا قول مالك‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا اكترى إلى مكة ليحج فسقط فاندقت عنقه أو انكسر صلبه أو كان اكترى إلى بيت المقدس أو إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فأصابه ما ذكرته لك أيكون هذا عذرا ويفسخ الكراء فيما بينهما في قول مالك‏؟‏ قال لا يفسخ الكراء فيما بينهما وإن مات أيضا لم يفسخ الكراء بينهما ويقال له أو لورثته اكروا هذا الكراء الذي وجب لكم واغرموا الكراء الذي عليكم‏.‏

قلت وكذلك إن اكتريت دابة إلى مكة فلما كنت في بعض المناهل عرض لي غريم لي فحبسني قال الكراء لك لازم ويقول لك اكر الدابة من مثلك إلى مكة‏.‏

قلت فإن كانت على الدابة حمولة اكتريتها لأحمل عليها إلى مكة فعرض لي غريم في بعض المناهل فأراد أخذ المتاع قال قال مالك المكري أولى بالمتاع الذي معه على حمولته حتى يقبضه حقه والغرماء أن يكروه في مثل ما حمل إلى الموضع الذي أكرى إليه‏.‏

بن وهب عن يونس عن بن شهاب في الرجل يكتري من الرجل داره عشر سنين ثم يموت الذي أكرى ويبقى المستكري قال إن توفي سيد المسكن فأراد أهله إخراج من استأجره منه أو بيعه فلا أرى أن يخرجوهم إلا برضا منهم ولكن إن شاؤوا باعوا مسكنهم ومن استأجره فهو فيه على حقه وشرطه في إجارته‏.‏

قال ابن شهاب وإن توفي المستأجر سكن ذلك المسكن أو لم يسكنه فأنا نرى أن تكون أجر ذلك المسكن فيما ترك من المال يؤديه الورثة بحصصهم‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني مسلمة بن علي أن عبد الله بن عمر قال في رجل سكن رجلا عشر سنين أو آجره ثم مات رب الدار قال الدار راجعة إلى الورثة والسكنى‏.‏

ما جاء في فسخ الكراء

قلت أرأيت إن استأجرت ثورا يطحن لي كل يوم إردبين بدرهم فوجدته لا يطحن إلا إردبا واحدا قال لك أن ترده‏.‏

قلت أرأيت إن كنت قد طحنت عليه إردبا أول يوم ما يكون له علي من الكراء قال نصف درهم لأنه إنما استأجره على طحين إردبين بدرهم‏.‏

قلت أرأيت إن استأجرت دابة بعينها أو بعيرا بعينه فإذا هو عضوض أو جموح أو لا يبصر بالليل أو دبر تحتي دبرة فاحشة يؤذيني ريحها أيكون هذا مما يفسخ به الكراء فيما بيننا أم لا‏؟‏ قال أما ما ذكرت من العضوض والجموح والذي لا يبصر بالليل إن كان ذلك مضرا بالراكب يؤذيه فله أن يقاسمه الكراء إن أحب‏.‏

قلت وهذا قول مالك قال هو مما يفسخ به الكراء عندنا لأنها عيوب لا يستقيم أن يلزمها الناس في كرائهم إلا أن يرضوا بذلك‏.‏

قلت أرأيت إن استأجرت عبدا للخدمة فمرض أو دابة اركبها إلى موضع كذا وكذا فاعتلت الدابة أيكون هذا عذرا وأناقضه الكراء‏؟‏ قال نعم إلا أن العبد إن صح في بقية من وقت الإجارة عمل لك ما صح فيه من ذلك وكان عليك كراء ما عمل لك ويسقط عنك كراء ما مرض فيه‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال مالك والدابة عندي ليست بهذه المنزلة لأن الدابة إذا اعتلت وقد تكاراها إلى إفريقية لم يتخلف عليها فهي وإن صحت قبل أن يبلغ صاحبها الذي تكاراها إلى إفريقية لم يلزمه الكراء لأن الذي اكترى لا يقدر على القيام عليها وهي وإن صحت بعده لم تلحقه وهي أيضا لو لحقته لعله أن يكون قد اكترى غيرها فإن لزمه هذا أيضا فقد دخل عليه في ذلك ضرر وذلك مخالف للخدمة‏.‏

قلت أرأيت إن قال المكتري أنا أقيم على الدابة حتى تفيق من علتها ثم أركبها وقال ربها لا أقيم عليها وأنا أريد بيعها إذا صارت لا تحمل ولا أقدر على المقام عليها والنفقة قال ينظر في ذلك فإن الأمراض مختلفة إن كان مرضا يرجى برؤه بعد يوم أو يومين والأمر القريب لا يكون فيه ضرر على المكري فهذا يحبس رب الدابة على دابته حتى ينظر إلى ما يصير إليه أمرها وإن كان مرضا لا يرجى برؤه إلا بعد زمان ويتطاول أمرها ويكون في ذلك ضرر على صاحبها في إقامته عليها في بلاد لعل السفر فيها يجحف بالمكري ويقطعه عن عياله فلا يصلح الضرر بينهما وإنما ينظر في هذا إلى ما لا ضرر فيه عليهما‏.‏

بن وهب عن بن لهيعة عن بن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قضى أيما رجل تكارى من رجل بعيرا بعينه فهلك البعير فليس للمتكاري على المكري أن يقيم له مكانه غيره وليس عليه في الكراء ضمان‏.‏

بن وهب عن شمر بن نمير عن حسين بن عبيد الله الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أنه قال من تكارى وشرط البلاغ ثم قصرت الدابة استكرى عليه بما قام وإن لم يشترط البلاغ فمن حيث قصرت الدابة حسب لصاحبها بقدره‏.‏

في المكاري يريد أن يردف خلف المكري أو يجعل متاعا

قلت أرأيت إن تكاريت دابة إلى موضع من المواضع فأراد ربها أن يحمل تحتي متاعا أو يحمل معي رديفا أيكون ذلك له أم لا‏؟‏ قال ليس ذلك له لأن الرجل يركب الدابة يتكاراها فتصير الدابة كلها له لأنه قد تكاراها كلها بعينها فقد اشترى ركوبها وكذلك السفينة يتكاراها الرجل فليس لصاحبها أن يحمل فيها شيئا لأن ذلك قد صار للمكتري‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت دابة بعينها إلى موضع كذا وكذا فحمل صاحبها في متاعي متاعا له بكراء أو بغير كراء أيكون لي كراء ما حمل في متاعي قال إن كان إنما أكراك الدابة فحمل عليها متاعا في متاعك فلك كراء المتاع الذي حمل في متاعك وإن كان إنما أكراك ليحمل لك أرطالا مسماة فحمل لك تلك الأرطال المسماة ثم زاد عليها لم يكن لك كراء تلك الزيادة‏.‏

وقال غيره إن كان أكراه ليحمله ببدنه أو يحمله ويحمل متاعا معه ثم حمله هو أو حمله وحمل متاعه ثم أدخل المكري متاعا مع متاعه بكراء أو بغير كراء هو لرب الدابة لأن رب الدابة قد وفاه شرطه وقد كان للمتكاري إذا تكارى الدابة ليركبها ببدنه أن يمنع رب الدابة من الزيادة عليها‏.‏

في المكرى يكري غيره

قلت أرأيت إن اكتريت دابة فحملت عليها غيري أأضمن أم لا‏؟‏ قال لا ضمان عليه إذا حمل عليها من هو مثله في الخفة والأمانة إلا أن يحمل عليها من هو أثقل منه أو غير مأمون فأراه ضامنا وهذا قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم إذا أعطبت الدابة فادعى غير المأمون تلفها ولا يعلم ذلك إلا بقوله فالذي اكتراها ضامن للمكتري الأول وليس على المكاري الثاني ضمان إلا أن يأتي من سببه أو يتبين كذبه قال في الرجل يكتري من الرجل على حمولة إلى بلد فيريد أن يصرفها إلى بلد غير البلد الذي اكترى إليه وهو مثل البلد الذي اكتراها إليه في المؤنة والشدة والصعوبة‏؟‏ قال لا يكون ذلك للمكتري إلا أن يشاء ذلك المكري‏.‏

وقال غيره وإن شاء ذلك المكري فليس ذلك بجائز وهذا فسخ الدين في الدين إلا أن يقيله من الكراء الأول إقالة صحيحة ثم يكري إن شاء إلى الموضع الذي أراد‏.‏

قلت أرأيت إن اكتريت راحلة لأركبها أنا نفسي فأتيت بمن هو مثلي فأردت أن أحمله مكاني أيكون لي ذلك أم لا‏؟‏ قال قال لي مالك لا يعجبني ذلك إذا اكترى دابة ليركبها أن يركب غيره وقد يكري الرجل لحاله وحسن ركوبه فأنت تجد آخر لعله أخف منه وهو أخرق في الركوب منه‏.‏

قال ابن القاسم ولكن إن فعل فحمل غيره فعطبت الدابة نظر في ذلك فإن كان مثله في الثقل والحال والركوب لم يضمن‏.‏

قلت وهذا قول مالك قال هذا رأيي‏.‏

قلت أرأيت إن مات هذا الذي اكترى الدابة أيكون الكراء لازما ويأتون بمثله فيحملونه ويكون ذلك لورثته‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت أراك قد أجزت أن يحمل غيره في الموت قال كذلك قال مالك ولا بأس بذلك في الدور والحمولة يكري تلك الإبل من غيره سحنون وقد قال مالك وفي الحياة أيضا له أن يكريها من غيره وهو قوله الذي يعرف وأما الذي‏؟‏ قال لا يعجبني لم يكن يقف عليه وقوله المعروف أن له أن يكريها من مثله في حاله وخفته وأمانته وقد كتبنا في الكتاب الأول قبل هذا ما يجوز من الربح في الأكرية أكرية الدواب والدور والأرضين وغير ذلك ومن أجازه ومن قاله‏.‏

في المكتري يردف خلفه

قلت أرأيت إن اكتريت دابة لأركبها فحملت معي عليها رديفا فعطبت الدابة قال قال مالك في الرجل يكتري البعير ليحمل عليه كذا وكذا رطلا فزاد عليه أكثر من ذلك قال مالك ينظر في تلك الزيادة فإن كانت تلك الزيادة مما يعطب بها إذا زادها خير رب الدابة فإن أحب فله كراؤه الأول وكراء ما زاد عليها وإن أحب فله قيمة البعير يوم تعدى عليه ولا كراء له وإن كانت الدابة لا تعطب في مثل ما حمل عليها فله الكراء الأول وكراء ما تعدى فيه ولا ضمان عليه فالذي سألت عنه من الرديف بهذه المنزلة إن كان رديفا تعطب الدابة في مثله إذا أردف فهو بهذه المنزلة وإن كان لا تعطب بمثله فهو على ما فسرت لك‏.‏

قال وسألت مالكا عن كراء الحاج يتكارى على خمسمائة رطل فيكون في زاملته أكثر مما تعطب في مثله قال مالك ليس الحاج كغيرهم لم يزل الحاج يكون لهم الزيادات من السفر والأطعمة لا ينظر في ذلك ولا يعرف المتكاري ما حمل فلا يكون عليهم في ذلك ضمان‏.‏

قال وقال مالك وذلك إذا كان المكري هو الذي حمله ورآه ورددتها عليه فثبت قوله على هذا‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت دابة من موضع من مصر إلى موضع آخر إلى رجل ألقاه أسلم عليه فأردف خلفي من يمسك على الدابة إذا دخلت أسلم عليه فعطبت الدابة أو لم تعطب أيكون علي كراء هذا الرديف في قول مالك قال قال مالك في الرجل يكتري الدابة من موضع إلى موضع فيعدل عن طريقه الميل ونحوه قال قال مالك أراه ضامنا بحال ما وصفت لك فكذلك هذا الذي أردف وإن كان ذلك إلى موضع قريب فأراه مثل ما وصفت لك في الضمان يكون رب الدابة مخيرا في الكراء أو الضمان بحال ما وصفت لك من الميل الذي عدل فيه عن طريقه إذا كان الرداف يعطب في مثله إذا علم أن الدابة إنما عطبت من الرديف‏.‏

باب في الرجل يتكارى الدابة فيتعدى فيحبسها

قال وقال مالك في الرجل يتكارى الدابة من الرجل فيحبسها عنه أنه إن شاء ضمنه قيمتها يوم تعدى عليها وإن شاء أخذ دابته وكراء ما تعدى إليه إلا أن يكون إنما تعدى شيئا يسيرا لم يحبسها فليس له إلا كراء دابته إذا لم تتغير وأتى بها على حالها فقلت فقيمتها يوم تعدى عليها أو قيمتها يوم ركبها قال بل قيمتها يوم تعدى كذلك قال مالك‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا اكترى دابة يوما فحبسها شهرا ماذا عليه قال عليه كراء يوم ورب الدابة مخير في التسعة وعشرين يوما إن شاء أخذ كراءها فيما حبسها فيه على قدر ما استعملها أو حبسه إياها بغير عمل وإن شاء أخذ قيمتها من بعد اليوم الذي كان عليه بالكراء‏.‏

وقال غيره إن كان معه بالمصر فهي عليه بالكراء الأول على حساب ما أكراه لأن رب الدابة حين انقضت وجيبته فلم يردها إليه وهو معه وهو يقدر على أخذها كأنه راض بالكراء الأول وإن كان ذلك في غير مصره فأتى بالدابة على حالها فربها مخير إن شاء أخذ الدابة وكراءها لليوم أو الأكثر من كراء مثلها فيما حبسها إن كان كراء مثلها فيما حبسها أكثر من حساب كراء اليوم كان ذلك لرب الدابة وإن كان كراء ما حبسها على حساب كراء اليوم الذي أكراها أقل كان لرب الدابة على حساب الكراء الأول عمل عليها أم لم يعمل عليها وإن شاء ضمنه قيمتها يوم حبسها ولا شيء له من كرائها إلا كراء اليوم الذي أكراها‏.‏

قلت لابن القاسم وإن لم تتغير الدابة قال وإن لم تتغير فهو مخير وهذا كله قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم إلا أن يكون حبسها اليوم ونحوه ثم يردها بحالها لم تتغير في بدنها فيكون عليه كراؤه ولا يضمن وذلك ان مالكا قال في الرجل يتكارى الدابة فيتعدى عليها الأميال أنه يردها ولا يضمنها ويكون عليها كراء تلك الأميال إذا ردها على حالها‏.‏

ما جاء في التعدي في الكراء

قلت أرأيت إن تكاريت بعيرا لأحمل عليه محملا فحملت عليه زاملة قال ينظر في ذلك فإن كانت الزاملة أثقل من المحمل وأكثر كراء فهو ضامن إن أعطب البعير ويكون عليه كراء ما زاد ورب البعير مخير في ذلك فإن كانت الزاملة دون المحمل فلا شيء عليه‏.‏

قلت وهذا قول مالك قال قال مالك في رجل تكارى بعيرا على أن يحمل عليه حمل كتان فحمل عليه حمل صوف فعطب‏.‏

قال ينظر فإن كان الذي حمل عليه هو أخف وأتعب وربما كان الشيئان وربهما واحد وأحدهما أتعب لجفائه أو لشدة ضمه على جنبي البعير مثل الرصاص والنحاس فإن كان الذي حمل عليه ليست فيه مضرة ولا تعب على الذي اشترط فلا ضمان عليه وإن كان هو أتعب وأضر به فهو ضامن‏.‏

قال ابن القاسم إلا أنه مخير في الضمان فإن أحب كان له كراء فضل ذلك الحمل على تعبه بما يسوى وإن أحب فله قيمة بعيره يوم حمله ولا كراء‏.‏

قلت وكذلك إن تكاريت بعيرا لأركبه أنا نفسي فحملت عليه غيري قال إن كان مثلك أو دونك فلا ضمان عليك‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم إذا كان هو يكريه في مثل ما اكتراه‏.‏

قلت أرأيت إن استأجرت رحا على أن لا أطحن فيها إلا الحنطة فجعلت أطحن فيها الشعير والعدس والفول والقطنية والذرة والدخن فانكسرت الرحا قال إن كان طحين الشعير والفول والعدس وما ذكرت ليس بأضر من الحنطة فلا أرى عليه ضمانا وإن كان ذلك أضر فهو ضامن‏.‏

قلت وهذا قول مالك قال هو رأيي مثل الذي قال مالك في الذي يكتري البعير على أن يحمل عليه خمسمائة رطل من بز فحمل عليه خمسمائة رطل من دهن أنه لم يكن الدهن أضر بالبعير من البز فلا ضمان على المكتري إن عطب البعير‏.‏

قلت أرأيت إن استأجرت دابة لأحمل عليها حنطة فحملت عليها شعيرا أو ثيابا أو دهنا قال إذا حمل عليها ما يكون مثل وزن الذي اكتراها عليه فذلك جائز ولا يضمن لأن مالكا قال له أن يكريها ممن يحمل عليها مثل ذلك وله أن يحمل عليها خلاف الذي سمى مثل أن يتكاراها يحمل عليها كتانا فلا بأس بذلك أن يحمل عليها من البز بوزن ذلك أو من القطن بوزن ذلك إلا أن يكون من ذلك شيء أضر على الدابة من الذي تكاراها له وإن كان بوزن ذلك لأنه قد يكون شيء أخف على الإبل والدواب أو أضغط لظهورها وإن كان الوزن واحدا مثل الرصاص والحديد ألا ترى أن الزوامل أثقل من جل المحامل في الوزن والزوامل أرفق بالإبل وإذا لم يكن في ذلك اختلاف ولا مضرة فلا بأس أن يحمل عليها خلاف ما سمى‏.‏

قلت أرأيت إن اكتريت دابة لأحمل عليها عشرة أقفزة من حنطة فحملت عليها أحد عشر قفيزا فعطبت الدابة أأضمن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏ قال لا ضمان عليك في قول مالك إذا كان القفيز إنما فيه الشيء اليسير الذي لا يفدح الدابة يعلم أن مثله لا تعطب فيه الدابة‏.‏

قلت أفيكون لرب الدابة أخذ كراء هذا القفيز الزائد‏؟‏ قال نعم في قول مالك‏.‏

قلت فكيف يكون أجره أتجعل أجره مثل قفيز من الأقفزة أم أجرة مثله بالغا ما بلغ قال ينبغي في قول مالك أن يكون له مثل أجر القفيز الزائد ولا يكون مثل قفيز من العشرة لأن مالكا قال إذا تكارى إلى موضع فتعدى عليه إلى أبعد منه كان عليه قيمة كراء ما تعدى وليس على قدر ما تكارى عليه أولا فالقفيز الزائد والتعدي سواء‏.‏

قال سحنون وقد بينا قول مالك وغيره مثل هذا في أول الكتاب‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت دابة إلى برقة ذاهبا وراجعا فلما بلغت برقة تعديت عليها إلى إفريقية ثم رددتها إلى مصر ما يكون لرب الدابة في قول مالك قال رب الدابة مخير بين أن يكون له كراء من مصر إلى برقة ذاهبا وراجعا ومثل كراء دابته من برقة إلى إفريقية ذاهبا وراجعا إلى برقة فيكون له من مصر إلى برقة ذاهبا وراجعا الكراء الذي سميا بينهما ويكون له من برقة إلى إفريقية ذاهبا وراجعا قيمة كرائها وإن أحب رب الدابة أن يأخذ نصف كراء دابته إلى برقة ذاهبا ويضمنه قيمتها ببرقة يوم تعدى عليها إلى إفريقية ولا يكون له في الكراء في ذهابه بدابته إلى إفريقية ذاهبا وراجعا إلى مصر قليل ولا كثير فذلك له‏.‏

قلت ولا يكون له الكراء فيما بين برقة إلى مصر في رجعته‏؟‏ قال نعم إذا رضي أن يضمنه قيمة دابته يوم تعدى لم يكن له من الكراء فيما بين برقة إلى مصر في رجعته قليل ولا كثير‏.‏

قلت أرأيت إن رد الدابة يوم تعدى عليها على مالها أو ردها وهي أسمن وأحسن حالا قال قال مالك رب الدابة بالخيار إن شاء ضمنه وإن شاء أخذ دابته وأخذ الكراء الذي ذكرت لك‏.‏

قال مالك لأن الأسواق قد تغيرت فسوق هذه الدابة قد تغير وقد حبسها المكتري عن أسواقها وعن منافع فيها‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت دابة لأحمل عليها خمسمائة رطل من دهن فحملت عليها خمسمائة رطل من رصاص فعطبت الدابة أأضمن أم لا‏؟‏ قال ينظر في ذلك فإن كان الرصاص هو أتعب عليها وأضر بها فهو ضامن وإلا فلا ضمان عليه وهذا قول مالك‏.‏

قال وقال مالك له أن يكريها في مثل ما اكتراها فيه ويحمل عليها غير ما اكتراها عليه إذا كان الذي يحمله عليها ليس فيه مضرة على الذي تكاراها عليه فإذا كان الرصاص في الوزن مثل وزن الدهن وليس هو أكثر من مضرة الدهن فلا شيء عليه‏.‏

قلت أرأيت إن استأجرت ثورا أطحن عليه كل يوم إردبا فطحنت عليه إردبين فعطب الثور قال رب الثور بالخيار إن شاء أخذ كراء إردب وضمن الطحان قيمة ثوره حين ربطه في طحين الإردب الثاني وإن شاء أخذ كراء الإردبين جميعا ولا شيء على الطحان من قيمة الثور‏.‏

وقال ابن القاسم وبن وهب قال مالك إذا تكارى دابته إلى مكان مسمى ذاهبا وراجعا ثم تعدى حين بلغ البلد الذي تكارى إليه فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول فتعدى المتعدي بالدابة ولم يجب عليه إلا نصف الكراء ولو أن الدابة هلكت حين بلغ البلد الذي تكارى إليه لم يكن على المستكري ضمان ولم يكن للمكري إلا نصف الكراء فإن تعدى المتكاري المكان الذي تكارى إليه فرب الدابة بالخيار إن أحب أن يضمن دابته المكتري يوم تعدى بها ضمنه إياها بقيمتها يوم تعدى بها وله الكراء إلى المكان الذي تعدى منه وإن أحب صاحب الدابة أن يأخذ كراء ما تعدى إليه المستكري ويأخذ دابته فذلك له وكذلك الأمر عندنا في أهل التعدي والخلاف لما أخذوا عليه الدابة قال ابن وهب وأخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه سأله عن رجل استكرى دابة فجاز بها الشرط أيضمن‏؟‏ قال نعم قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب ويحيى بن سعيد وربيعة وأبي الزناد وعطاء بن أبي رباح مثله‏.‏

ثم فسروا بنحو من تفسير مالك في الكراء الأول وكراء التعدي وضمان الدابة‏.‏

بن وهب عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عطاء قال له رجل زدت على المكان الذي استكريت إليه قليلا ميلا أو أقل فماتت قال تغرم‏.‏

قلت لعطاء فزدت على الحمل الذي اشترطت قليلا فماتت قال تغرم‏.‏

قلت فأكريته من غيري بغير أمر سيد الظهر فحمل عليه مثل شرطي ولم يتعد‏؟‏ قال لا يغرم وقال ذلك عمرو بن دينار‏.‏

سحنون عن بن نافع عن بن أبي الزناد عن أبيه عن سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه فضل وربما اختلفوا في الشيء فأخذ يقول أكثرهم وأفضلهم رأيا إنهم كانوا يقولون من استكرى دابة إلى بلد ثم جاوز ذلك البلد إلى بلد سواه فإن الدابة إن سلمت في ذلك كله أدى كراءها وكراء ما تعدى بها وإن تلفت في تعديه بها ضمنها وأدى كراءها الذي استكراها به‏.‏

الدابة في الدعوى في الكراء

قلت أرأيت إن تكاريت دابة إلى إفريقية فاختلفنا قبل الركوب أنا وصاحب الدابة فقال إنما أكريتك الدابة إلى برقة بمائة وقلت أنا إنما أكريت منك إلى إفريقية بمائة قال قال مالك يتحالفان ويتفاسخان نقد الكراء أو لم ينقد إذا كان قبل الركوب أو ركوب دور لا يكون فيه ضرر في رجوعهما‏.‏

وقال غيره إذا انتقد وكان يشبه ما قال فالقول قوله مثل ما لو بلغا إلى برقة فاختلفا فيها لأن النقد المقبوض فوت وصار القابض مقرى بما عليه والمكتري مدع للأكثر ألا ترى لو قال بعتك بهذه المائة التي قبضت منك مائة إردب إلى سنة وقال المشتري بل اشتريت منك مائتي إردب إلى سنة وكان ما قال البائع يشبه أن القول قوله لأنه مقر والمشتري مدع‏.‏

قلت لابن القاسم أرأيت إن بلغت برقة فقال رب الدابة اكتريتك إلى برقة بمائة درهم وقلت أنا اكتريني إلى إفريقية بمائة درهم قال قال مالك إن كان قد نقد المتكاري الكراء كان القول قول المكري إذا كان يشبه قوله أن يكون كراء الناس إلى برقة بمائة درهم مع يمينه‏.‏

قلت فإن كان لا يشبه أن يكون الكراء إلى برقة بمائة درهم ويشبه أن يكون إلى إفريقية بمائة درهم قال يتحالفان ويتفاسخان ويعطي رب الدابة قدر كرائه إلى برقة ولا يكون للمتكاري أن يلزمه الكراء إلى إفريقية بعد يمين رب الدابة‏.‏

قلت أرأيت إن كان المتكاري لم ينقد وكان يشبه الكراء ما قال المكري والمتكاري لأن ذلك مما يتغابن الناس فيه قال يتحالفان ويقسم الكراء على قدر الطريق من مصر إلى إفريقية فيكون لرب الدابة ما يصيب الطريق إلى برقة ولا يلزم رب الدابة الكراء إلى إفريقية بعد إيمانهما وأيهما نكل عن اليمين كان القول قول من حلف‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم هو قوله‏.‏

قلت أرأيت إن اختلفنا قبل الركوب بمصر فأقمنا البينة جميعا أنا ورب الدابة أو لما بلغنا برقة اختلفنا فأقمنا البينة أنا ورب الدابة قال البينة لأعدلهما إلا أن تتكافأ البينة في العدالة فإن تكافأت البينة في العدالة قبل الركوب تحالفا وتفاسخا لأن مالكا قال إذا اختلفا في الكراء قبل الركوب ولا بينة بينهما تحالفا وانفسخ الكراء بينهما‏.‏

وقال غيره إن أقاما بينة فالبينة بينة مدعي الفضل وليس هذا من التهاتر وكذلك قال عبد الرحمن في رجل باع من رجل سلعة فاختلفا قبل القبض فقال البائع بعتك بمائة وقال المشتري اشتريت منك بخمسين أنهما يتحالفان ويتفاسخان إلا أن تقوم لهما بينة فإن قامت بينة قضى ببينة البائع لأنه مدع للفضل ولأنها زادت على بينة المشتري فمسألة الكراء تشبه قوله هذا‏.‏

قلت أرأيت إن تكاريت دابة من مصر إلى مكة بمائة درهم فنقدته المائة أو لم أنقده ثم ركبت حتى إذا أتيت المدينة فقال رب الدابة إنما أكريتك إلى المدينة بمائتي درهم وقلت له أنا إنما تكاريتها إلى مكة بمائة درهم قال إن كان المكتري قد نقده المائة درهم فالقول قول رب الدابة في المائة الدرهم إلى المدينة إذا كان يشبه ما قال لأنه ائتمنه عليها حين دفعها إليه‏.‏

قال ابن القاسم وعلى المتكاري اليمين بالله في المائة الأخرى التي ادعاها رب الدابة ولم أسمع من مالك في هذه المائة الزائدة التي ادعاها رب الدابة في الكراء شيئا ولكن ذلك عندي مثل البيوع‏.‏

قال مالك وعلى رب الدابة اليمين بالله أنه لم يكرها منه إلى مكة بمائة درهم‏.‏

قلت فإن أقاما جميعا البينة على ما ادعيا من ذلك فتكافت البينتان فهما كمن لا بينة لهما وإن لم يتكأ البينات فالقول قول أعدلهما بينة‏؟‏ قال نعم مثل قول مالك في البيوع‏.‏

قلت فإن كان لم ينقده الكراء حتى بلغا المدينة فاختلفا كما وصفت لك قال القول قول رب الدابة عند مالك أنه لم يكره إلا إلى المدينة والقول قول المتكاري في غرم الكراء فتقسم المائة الدرهم على ما بين مصر إلى مكة فما أصاب ما بين مصر إلى المدينة كان لرب الدابة وما أصاب ما بين المدينة ومكة حط ذلك عن المتكاري مع أيمانهما جميعا وإن قامت لهما البينة جميعا فبحال ما وصفت لك‏.‏

وقال غيره وهو مثل قوله وذلك إذا كان ما قالا جميعا يشبه أو قال المتكاري وإن كان ما قال المكري أشبه ولا يشبه ما قال المكتري فالقول قول المكري مع يمينه على دعوى المكتري‏.‏

وقال غيره وإن أقاما جميعا بينة أخذت بينة كل واحد منهما إذا كانت عدلة لأن كل واحد منهما مدع لفضله أقام عليها بينة فأقضى للمكري بالمائتي درهم وأقضى للمكتري بالركوب إلى مكة وليس هذا من التهاتر وسواء انتقد أو لم ينتقد إذا قامت البينة وهذا أصل قولنا فخذ هذا الباب ونحوه على مثل هذا‏.‏

قلت أرأيت إن حمل لي المكاري حمولة حتى بلغها الموضع الذي شرطت عليه فاختلفنا فقال رب المتاع قد أديت إليك الكراء وقال الجمال لم آخذ منك شيئا قال قال مالك القول قول الجمال ما دام المتاع في يديه وإذا بلغ به الموضع فأسلمه إلى صاحبه ثم قال من بعد ذلك بيوم أو بيومين أو أمر قريب‏.‏

قال مالك رأيت القول قوله أيضا وعلى صاحب المتاع البينة أنه قد وفاه وإلا حلف الجمال أنه لم يقبض كراءه وغرم له رب المتاع الكراء‏.‏

قال لي مالك وكذلك الحاج حاج مصر إذا بلغوا أهليهم فقام الجمال بعد قدومهم بلادهم بالأمر القريب الذي لا يستنكر فقال لم أنتقد كان القول قول الجمال وعليه اليمين‏.‏

قال مالك وما تطاول من ذلك كله ولم يقم الجمال بحدثان قدومه ولم يطلبه حتى تطاول ذلك فأرى القول قول صاحب المتاع والحاج وعليهم اليمين بالله أنهم قد دفعوا إلا أن تكون للجمال بينة‏.‏

قال فقلت لمالك فالخياط والصباغ والصائع يدفعون ذلك إلى من استعملهم ثم يأتون يطلبون حقوقهم فقال هم كذلك إذا قاموا بحدثان ما دفعوا المتاع إلى أهله وإن قبضه أهله وتطاول ذلك فأرى القول قول ارباب المتاع وعليهم اليمين‏.‏

قلت ما قول مالك في رجل اكترى من رجل إبلا من مصر إلى مكة فلما بلغا أيلة اختلفا في الكراء قال قال مالك القول قول المتكاري إذا أتى بما يشبه‏.‏

قلت وسواء إن كان كراء هذا الرجل إلى مكة في راحلة بعينها أو مضمونا على الجمال لأن المضمون ليس في كراء راحلة بعينها فيكون قابضا للراحلة التي اكترى مثل ما قبض متكاري الدار التي اكترى والمضمون لم يضمن راحلة بعينها وجب له ركوبها بعينها قال لم أسمع من مالك في هذا شيئا بعينه وأراهما عندي سواء كان في راحلة بعينها أو مضمونا في غير راحلة بعينها لأن الجمال إذا حمله على بعير من إبله‏.‏

قال مالك فليس للجمال أن ينزع ذلك البعير من تحته إلا أن يشاء المتكاري ذلك‏.‏

قال مالك ولو أفلس الجمال كان كل واحد من هؤلاء أولى بما في يديه من الغرماء ومن أصحابه حتى يستوفي حقه وإن كان الكراء مضمونا لأنه لما قدم له بعيرا فركبه فكان كراءه وقع في هذا البعير بعينه فليس للجمال أن ينزعه إلا برضا المكتري فهذا يدلك على أن الكراء المضمون والذي في الدابة بعينها إذا اختلف المتكاري ورب الإبل في الكراء كان القول فيهما سواء بحال ما وصفت لك‏.‏

وقال غيره ليس الراحلة بعينها مثل المضمون‏.‏

قلت أرأيت إن دفعت إلى رجل كتابا من مصر يبلغه إلى إفريقية بكذا وكذا درهما فلقيني بعد ذلك فقال ادفع إلي الكراء فقد بلغت لك الكتاب فقلت له كذبت لم تبلغه أيكون له الكراء أم لا‏؟‏ قال مالك قد ائتمنه على أداء الكتاب فإذا قال قد أديته في مثل ما يعلم أنه قد يذهب إلى ذلك الموضع ويرجع فله كراؤه‏.‏

قلت وكذلك الحمولة والطعام والبز وغير ذلك‏؟‏ قال نعم وقال غيره على المكري البينة أنه قد وفاه حمولته وبلغه إلى منتهاه‏.‏