فصل: الرجل يحلف أن لا يفارق غريمه حتى يقضيه فيفر منه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


ما جاء في الرجل يحلف أن لا يكلم فلانا فسلم عليه في صلاة أو غير صلاة وهو يعلم أو لا يعلم

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فصلى الحالف بقوم والمحلوف عليه فيهم فسلم من صلاته عليهم أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يحنث قال وقد بلغني ذلك عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو صلى الحالف خلف المحلوف عليه وقد علم أنه امامهم فرد عليه السلام حين سلم من صلاته‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا حنث عليه وليس مثل هذا كلاما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يكلم فلانا فمر على قوم وهو فيهم فسلم عليهم وقد علم أنه فيهم أو لم يعلم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هو حانث إلا أن يحاشيه‏.‏

قلت‏:‏ علم أو لم يعلم‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فسلم على قوم وهو فيهم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يحنث إلا أن يكون حاشاه‏.‏

قال مالك‏:‏ وإن مر في جوف الليل فسلم عليه وهو لا يعرفه حنث‏.‏

في الرجل يحلف أن لا يكلم فلانا فيرسل إليه رسولا أو يكتب إليه كتابا

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فأرسل إليه رسولاأو كتب إليه كتابا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن كتب إليه كتابا حنث وإن أرسل إليه رسولا حنث إلا أن تكون له نية على مشافهته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت له في الكتاب نية على المشافهة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في هذا مرة إن كان نوى فله نيته ثم رجع بعد ذلك فقال لا أرى أن أنويه في الكتاب وأراه في الكتاب حاشا‏.‏

قال مالك‏:‏ وإن كتب إليه فأخذ الكتاب قبل أن يصل إلى المحلوف عليه فلا أرى عليه حنثا وهو آخر قوله‏.‏

في الرجل يحلف أن لا يساكن رجلا

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يحلف أن لا يساكن فلانا فسكنا في دار فيها مقاصير فسكن هذا في مقصورة وهذا في مقصورة أخرى أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ إن كانا في دار واحدة وكل واحد منهما في منزلة والدار تجمعهما فأراه حانثا في مسألتك وكذلك سمعت مالكا يقول‏.‏

وإن كانا في بيت واحد رفيقين فحلف أن لا يساكنه فانتقل عنه إلى منزل في الدار يكون مدخله ومخرجه ومرافقه في حوائجه ومنافعه على حدة فلا حنث عليه إلا أن يكون نوى الخروج من الدار لأني سمعت مالكا يقول وسأله رجل عن امرأة له وأخت له كانتا ساكنتين في منزل واحد وحجرة واحدة فوقع بينهما ما يقع بين النساء من الشر فحلف الرجل بطلاق امرأته أن لا تساكن احداهما صاحبتها فتكاري منزلا سفلا وعلوا وكل منزل منهما مرفقه على حدة مرحاضه ومفسله ومطبخه ومدخله ومخرجه على حدة إلا أن سلم العلو في الدار يجمعهما باب الدار يدخلان منه ويخرجان منه‏.‏

قال‏:‏ مالك لا أرى عليه حنثا إذا كانتا معتزلين هكذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال والله لا أساكنك فسكنا في قرية أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أراه يحنث إلا إن كان معه في دار‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو ساكنه في مدينة من المدائن‏.‏

قال‏:‏ نعم لا حنث عليه إلا أن يساكنه في دار‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يساكنه فزاره‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ليست الزيارة سكنى‏.‏

قال مالك‏:‏ وينظر في ذلك إلى ما كانت عليه أول يمينه فإن كان إنما ذلك لما يدخل بين العيال والصبيان والنساء فذلك عندي أخف وإن كان إنما أرد التنحي عنه فهو عندي أشد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يحلف أن لا يساكن فلانا في دار قد سماها أو لم يسمها فقسمت الدار فضربا بينهما حائطا وجعل مخرج كل نصيب على حدته فسكن في أحد النصفين هذا الحالف أتراه حانثا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سئل مالك وأنا أسمع عن رجل حلف أن لا يساكن إبنا له أو أخا له وكانا في دار واحدة فأراد أن يضربا في سوط الدار حائطا ويقستماها ويفتح هذا بابه إلى السكة وهذا بابه إلى السكة الأخرى قال مالك ما يعجبني وكرهه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا لا أرى به بأسا ولا أرى عليه شيئا وكذلك مسألتك‏.‏

في الرجل يحلف أن لا يسكن دار رجل

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يسكن هذه الدار وهو فيها ساكن متى يؤمر بالخروج في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يخرج ساعة يحلف‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت يمينه في جوف الليل‏.‏

قال‏:‏ قال مالك فأرى أن يخرج تلك الساعة فراجعه إبن كنانة فيها فقال له ألا ترى له أن يمكث حتى يصبح‏.‏

قال مالك إن كان نوى ذلك وإلا انتقل تلك الساعة فرأيته حين راجعه بن كنانة وراجعه مرارا فيها فلم يزده على هذا ولم نسأله وإن أقام حتى يصبح فرأيته يراه إن أقام حتى يصبح إذا لم تكن له نية أنه حانث وذلك رأيي‏.‏

فقلت‏:‏ لمالك فإن كانت له نية حتى يصبح أيقيم حتى يلتمس مسكنا بعد ما أصبح‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يعجل ما استطاع‏.‏

قيل له إنه لا يجد مسكنا قال هو يجده ولكنه لعله أن لا يجده إلا بالغلاء أو الموضع الذي لا يوافقه فلينتقل ولا يقم وإن كان إلى مثل هذا الموضع فلينتقل إليه حتى يجد على مهل فإن لم ينتقل رأيته حانثا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ارتحل بعياله وولده وترك متاعه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يترك متاعه‏.‏

قلت‏:‏ فإن ترك متاعه أيحنث أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ والرحلة عند مالك أن ينتقل بكل شيء له‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يسكن في دار فلان هذه فباعها فلان أيحنث إن سكن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أرى أن لا يسكن هذه الدار إذا سماها بعينها وإن خرجت من ملك واحد بعد واحد إلا أن يكون أراد ما دامت في ملك فلان المحلوف عليه فإن سكن حنث فهذا حين حلف أن لا يسكن دار فلان هذه فإن كان أراد أن لا يسكن هذه الدار فلا يسكنها أبدا فإن سكنها حنث وإن كان إنما أراد ما دامت لفلان فإن خرجت من ملك فلان فلا بأس عليه في سكناها‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال والله لا أسكن دار فلان فباعها فلان‏.‏

قال‏:‏ أرى أنه لا يحنث إن سكنها إلا أن يكون نوى أن لا يسكنها وإن خرجت من ملكه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يسكن دار فلان فسكن دارا بين فلان ورجل آخر أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يحنث لأني سمعت مالكا يقول في رجل قال لإمرأته أنت طالق إن كسوتك هذين الثوبين ونيته أن لا يكسوها إياهما جميعا فكساها أحدهما إنها قد طلقت عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لإمرأته إن سكنت هذه الدار وهي فيها ساكنة فأنت طالق‏.‏

قال‏:‏ تخرج فإن تمادت في سكناها يحنث‏.‏

فكذلك اللباس والركوب إذا كانت راكبة أو لابسة فإن هي ثبتت على الدابة أو لم تنزع اللباس مكانها من فورها فهي طالق‏.‏

الرجل يحلف أن لا يدخل بيتا أو لا يسكن بيتا

قلت‏:‏ أرأيت إن قال والله لا أسكن بيتا ولا نية له وهو من أهل القرى أو من أهل الحاضرة فسكن بيتا من بيوت الشعر أتراه حانثا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه إن لم تكن له نية فهو حانث لأن الله تبارك وتعالى يقول ‏{‏ بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم‏}‏ فقد سماها الله بيوتا‏.‏

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن الرجل يحلف بطلاق امرأته ما له مال ولا مال له يعلمه فيكون قد وقع له ميراث بأرض قبل يمينه‏.‏

قال‏:‏ مالك إن كان لم ينو حين حلف أنه ما له مال يعلمه فأرى أنه قد حنث وإن كان نوى حين نوى أنه ما له مال يعني ما لا يعلمه لم يحنث‏.‏

الرجل يحلف أن لا يدخل على رجل بيتا

قلت‏:‏ أرأيت رجلا حلف أن لا يدخل على رجل بيتا فدخل عليه في المسجد أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يحنث‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه‏؟‏ قال لا حنث على هذا وليس على هذا حلف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يدخل على فلان بيتا فدخل الحالف على جار له بيته فإذا فلان المحلوف عليه في بيت جاره ذلك أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يدخل على فلان بيتا فدخل بيتا فدخل عليه فلان ذلك البيت‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في هذا بعينه لا يعجبني‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأرى إن دخل عليه فلان ذلك البيت أن لا يكون حانثا إلا أن يكون نوى أن لا يجامعه في بيت قال فإن كان نوى ذلك فقد حنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت قول مالك في هذه المسألة لا يعجبني أخاف مالك الحنث في ذلك‏؟‏ قال نعم خاف الحنث‏.‏

في رجل حلف أن لا يدخل دارا بعينها أو بغير عينها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يدخل هذه الدار فتهدمت حتى صارت طريقا أو خربة من الخرائب يذهب الناس فيها يخرقونها ذاهبين وجائين‏.‏

قال‏:‏ أرى إذا تهدمت وخربت حتى تصير طريقا فدخلها لم يحنث‏.‏

قلت‏:‏ فلو بنيت بعد ذلك دارا‏.‏

قال‏:‏ لا يدخلها لأنها حين بنيت بعد فقد صارت دارا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل بيت فلان المحلوف عليه وإنما فلان ساكن في ذلك البيت بكراء أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أرى أن المنزل منزل الرجل بكراء كان فيه أو بغير كراء ويحنث هذا الحالف إن دخل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يدخل دار فلان فقام على ظهر بيت منها أيحنث أم لا‏؟‏ قال يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال والله لا أدخل من باب هذه الدار فحول بابها فدخل من بابها هذا المحدث أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏.‏

قال‏:‏ لا وهو رأيي إلا أن يكون كره الدخول من ذلك الباب لضيق أو لسوء ممر أو ممر على أحد ولم يكره دخول الدار بعينها فإن هذا إذا حول الباب ودخل لم يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال والله لا أدخل من هذا الباب فأغلق ذلك الباب وفتح له باب آخر فدخل من ذلك الباب الذي فتح أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ يحنث إلا أن يكون نوى أن لا يدخل من هذا الباب وإنما أراد ذلك الباب بعينه ولم يرد دخول الدار فإن لم تكن هذه نيته فهو حانث لأن نيته ها هنا إنما وقعت على أن لا يدخل هذه الدار‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يدخل دار فلان فاحتمله إنسان فأدخله أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك وغيره من أهل العلم أنه لا يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال احتملوني فأدخلوني ففعلوا أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ هذا يحنث لا شك فيه‏.‏

في الرجل يحلف أن لا يأكل طعام رجل

قلت‏:‏ أرأيت إن قال والله لا أكلت من طعام فلان فباع فلان طعامه ثم أكل من ذلك الطعام‏.‏

قال‏:‏ فإنه لا يحنث إلا أن يحلف لا أكلت من هذا الطعام بعينه فإنه لا يأكل منه وإن خرج من ملك فلان ذلك الرجل فإن أكل منه حنث وإن انتقل من ملك رجل إلى ملك رجل إلا أن يكون نوى ما دام في يده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال والله لا آكل من طعام فلان ولا ألبس من ثياب فلان ولا أدخل دار فلان فاشترى هذا الحالف هذه الأشياء من فلان فأكلها أو لبسها أو دخلها بعد الاشتراء‏.‏

قال‏:‏ ليس عليه شيء إلا أن يكون نواه بعينه أن لا يأكله‏.‏

قلت‏:‏ فإن وهب هذا المحلوف عليه هذه الأشياء للحالف أو تصدق بها عليه فقبلها فأكلها أو لبس أو دخل الدار أيحنث أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ما يعجبني هذا وما سمعت من مالك فيه شيئا ولكني إنما كرهته لك لأن هذا إنما يكره لوجه المن ألا ترى أنه إذا وهب له الهبة من بها الواهب عليه وإن اشتراها منه فلا منة للبائع عليه ولا يعجبني ذلك وأراه حانثا إن كان إنما كره منه إن فعل‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وبلغني عن مالك أنه سئل عن رجل حلف أن لا يأكل لرجل طعاما فدخل بن الحالف على المحلوف عليه فأطعمه خبزا ثم خرج به الصبي إلى منزل أبيه فتناوله أبوه منه فأكل منه وهو لا يعلم فسئل مالك عن ذلك فقال أراه حانثا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يأكل من طعام يشتريه فلان فأكل من طعام اشتراه فلان وآخر معه أيحنث أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ أراه حانثا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يأكل هذا الرغيف فأكره عليه فأكله‏.‏

قال‏:‏ لا يحنث في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فإن أكره فحلف أن لا يأكل كذا وكذا فأجبر على أكله فأكله أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يحنث عند مالك والمكره عند مالك على اليمين ليس يمينه بشيء‏.‏

الرجل يحلف أن لا تخرج امرأته إلا بإذنه أو لا يأذن لإمرأته أن تخرج

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف رجل أن لا تخرج إمرأته من الدار إلا بإذنه فأذن لها حيث لا تسمع فخرجت بعد الإذن أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه سئل عن رجل حلف أن لا تخرج إمرأته إلا بإذنه فسافر فخاف أن تخرج بعده فقال اشهدوا أني قد أذنت لها إن خرجت فهي على إذني فخرجت قبل أن يأتيها الخبر قال مالك ما أراه إلا قد حنث قال مالك وليس هذا الذي أراد‏.‏

ولم أسمعه أنا من مالك ولكن بلغني ذلك عنه وهو رأيي وكذلك مسألتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف رجل أن لا يأذن لإمرأته أن تخرج إلا في عيادة مريض فأذن لها فخرجت في عيادة مريض ثم عرضت لها حاجة غير العيادة وهي عند المريض فذهبت فيها أيحنث الزوج أم لا‏؟‏ قال لا يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يأذن لإمرأته أن تخرج إلا في عيادة مريض فخرجت من غير أن يأذن لها إلى الحمام أو إلى غير ذلك أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يحنث في رأيي لأن الزوج لم يأذن لها إلى حيث خرجت إلا أن يعلم بذلك فيتركها فإن هو حين يعلم بذلك لم يتركها فإنه لا يحنث‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يعلم حتى فرغت من ذلك ورجعت‏.‏

قال‏:‏ لا حنث عليه في رأيي‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد ذكر عن ربيعة شيء مثل هذا أنه حانث في غير العيادة إذا أقرها لأنه قد كان يقدر على ردها فلما تركها فإنه أذن لها في خروجها‏.‏

الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه غدا أو ليأكلن طعاما غدا فيقضيه أو يأكله قبل غد

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لرجل والله لأقضينك حقك غدا فعجل له حقه اليوم أيحنث أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحنث إن عجل له حقه قبل الأجل وإنما يحنث إذا أخر حقه بعد الأجل‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال والله لآكلن هذا الطعام غدا فأكله اليوم أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم هذا يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ لم أحنثته في هذا ولم تحنثه في الأول‏.‏

قال‏:‏ لأن هذا حلف على الفعل في ذلك اليوم والأول إنما أراد القضاء ولم يرد ذلك اليوم بعينه وإنما أراد أن لا يتأخر عن ذلك اليوم وكذلك قال مالك فيه‏.‏

الرجل يحلف أن لا يشتري ثوبا فاشترى ثوب وشي

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يشتري ثوبا فاشترى ثوبا من الوشي أو غيره‏.‏

قال‏:‏ إن كانت له نية فله نيته فيما بينه وبين الله وإن كانت عليه بينة واشترى ثوبا حنث إن كان حلف بالطلاق أو بالعتاق أو بشيء مما يقضي عليه القاضي به‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولو أن رجلا حلف أن لا يدخل دارا سماها فدخلها بعد ذلك وقال إنما نويت شهرا قال إن كانت عليه بينة لم يقبل قوله وإن كان فيما بينه وبين الله وجاء مستفتيا فله نيته فمسألتك مثل هذه‏.‏

في الرجل يحلف أن لا يلبس ثوبا

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه فيتركه عليه بعد اليمين‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال في الرجل يحلف أن لا يركب هذه الدابة وهو عليها قال قال مالك إن نزل عنها مكانه وإلا فهو حانث فمسألتك مثل هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوبا غزلته فلانة وأخرى معها‏.‏

قال‏:‏ أراه حانثا في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يلبس هذا الثوب فقطعه قباء أو قميصا أو سراويل أو جبة‏.‏

قال‏:‏ هو حانث إلا أن يكون إنما حلف لضيق به كره أن يلبسه على ذلك الحال أو لسوء عمله فكره لبسه لذلك فحوله فهذا له نيته فإن لم تكن له نية حنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو قميص أو قباء أو ملحفة فاتزر به أو لف رأسه به أو طرحه على منكبيه أيكون حانثا في قول مالك وهل يكون هذا لبسا عند مالك‏.‏

قال‏:‏ سأل رجل مالكا عن رجل حلف بطلاق امرأته البتة أن لا يلبس لها ثوبا فأصابته من الليل هراقة الماء فقام من الليل فتناول ثوبا عند رأسه فإذا هو ثوب امرأته وهو لا يعلم فوضعه بيديه على مقدم فرجه فقال مالك لا أرى هذا لبسا‏.‏

قال‏:‏ فقيل لمالك فلو أداره عليه فقال مالك لو أداره عليه لرأيته لبسا فأما مسألتك فأراه لبسا وأراه حانثا وما سمعت من مالك فيها شيئا‏.‏

في الرجل يحلف أن لا يركب دابة رجل فركب دابة عبده

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يركب دابة رجل فركب دابة لعبده أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سمعت مالكا يقول في العبد يشتري رقيقا لو اشتراهم سيده عتقوا عليه‏.‏

قال مالك‏:‏ يعتقون على السيد وإن كان العبد هو الذي اشتراهم لنفسه فإنهم أحرار على السيد إذا كانوا ممن يعتقون على السيد فمسألتك مثل هذا عندي إنه حانث إلا أن تكون للحالف نية لأن ما في يد العبد لسيده ألا ترى أن ما في يديه من الرقيق الذين يعتقون على السيد أنهم أحرار قبل أن يأخذهم منه السيد ‏(‏وقال أشهب‏)‏ لا حنث عليه في دابة عبده ألا ترى لو أنه ركب دابة لابنه كان يجوز له اعتصارها لم يحنث فكذلك هذا‏.‏

ما جاء في الرجل يحلف ما له مال وله دين وعروض

قلت‏:‏ أرأيت رجلا حلف ما له مال وله دين على الناس وعروض وغير ذلك ولا شيء له غير ذلك الدين أيحنث أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ يحنث عند مالك لأني سمعت مالكا وسئل عن رجل استعاره رجل ثوبا فحلف بطلاق امرأته أنه ما يملك إلا ثوبه وله ثوبان مرهونان أترى عليه حنثا قال إن كان في ثوبيه المرهونين كفاف لدينه فلا أرى عليه حنثا وكانت تلك نيته مثل أن يقول ما أملك ما أقدر عليه يريد بقوله ما أملك أي ما أقدر على ثوبي هذين فإن لم تكن له نية هكذا أو كان في الثوبين فضل رأيت أن يحنث في مسألتك مثل هذا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وإن لم تكن له نية وليس في الثوبين وفاء فأرى أنه يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف بالله ما له مال وليست له دنانير ولا دراهم ولا شيء من الأموال التي تجب فيها الصدقة وله شوار بيته أو خادم أو فرس أيحنث أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا وما أشك أنه حانث لأني لا أحصى ما سمعت مالكا يقول من قال مالي مال وله عروض ولا فرض له أنه يحنث فهذا يدلك على أنه قد جعل العروض كلها أموالا إلا أن تكون للحالف نية فتكون له نيته ألا ترى أن في الحديث الذي ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين إن فيه لم يغنم ذهبا ولا ورقا إلا الأموال المتاع والخرثي‏.‏

الرجل يحلف أن لا يكلم رجلا أياما فيكلمه فيحنث ثم يكلمه أيضا قبل أن ينقضي الأجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف لرجل والله لا أكلمك عشرة أيام فكلمه في هذه العشرة الأيام فأحنثته ثم كلمه بعد ذلك مرة أخرى‏.‏

قال‏:‏ لا حنث عليه عند مالك بعد الحنث الأول وإن كلمه في العشرة الأيام‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن كان كلمه في هذه العشرة الأيام قبل أن يكفر مرارا لم يكن عليه إلا كفارة واحدة في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

في الرجل يحلف للرجل إن علم أمرا ليخبرنه فعلماه جميعا

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف لرجل إن علم أمر كذا وكذا ليخبرنه ذلك أو ليعلمنه ذلك فعلماه جميعا أترى الحالف إن لم يخبره المحلوف له أو يعلمه أنه حانث في قول مالك أو يقول إذا علم المحلوف له فلا شيء على الحالف‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا بعينه وأنا أرى أن علمهما لا يخرجه من يمينه حتى يخبره أو يعلمه ولقد سئل مالك عن رجل أسر إليه رجل سرا فاستحلفه على ذلك ليكتمنه ولا يخبرنه أحدا فأخبر المحلوف له رجلا بذلك السر فانطلق ذلك الرجل فأخبر الحالف فقال إن فلانا أخبرني بكذا وكذا فقال الحالف ما كنت أظنه أخبر بهذا غيري ولقد أخبرني به فظن الحالف أن يمينه لا شيء عليه فيها أن أخبر هذا لأن هذا قد علم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أراه حانثا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف إن علم بكذا وكذا ليعلمن فلانا أو ليخبرنه فعلم بذلك فكتب إليه بذلك أو أرسل إليه بذلك رسولا أيبر أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأراه بارا‏.‏

الرجل يحلف أن لا يتكفل بمال أو برجل

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يتكفل بمال أحد أبدا فتكفل بنفس رجل أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ الكفالة عند مالك بالنفس هي الكفالة بالمال إلا أن يكون قد اشترط وجهه بلا مال فلا يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلفت أن لا أتكفل لرجل بكفالة أبدا فتكلفت لوكيل له بكفالة عن رجل ولم أعلم أنه وكيل للذي حلفت له‏.‏

قال‏:‏ إذا لم تعلم بذلك ولم يكن هذا الذي تكفلت له من سبب الذي حلفت له مثل ما وصفت لك قبل في صدر الكتاب فلا حنث عليه‏.‏

في الرجل يحلف ليضربن عبده مائة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف ليضربن عبده مائة سوط فجمعها فضربه بها واحدة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجزئه ذلك ولا يخرجه من يمينه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال والله ليضربن عبده مائة ضربة فضربه ضربا خفيفا‏.‏

قال‏:‏ ليس الضرب إلا الضرب الذي يؤلم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا الذي حلف ليضربن عبده مائة جلدة إن أخذ سوطا له رأسان أو أخذ سوطين فجعل يضربه بهما فضربه خمسين بهذا السوط الذي له رأسان أو بهذين السوطين أيجزئه من يمينه‏.‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن الرجل الذي يجمع سوطين فيضرب بهما قال قال مالك لا يجزئه ذلك الرجل يحلف أن لا يشتري عبدا أو لا يضربه أو لا يبيع شلعة فأمر غيره بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يشتري عبدا فأمر غيره فاشترى له عبدا أيحنث أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم يحنث عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يضرب عبده فأمر غيره فضربه أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ هذا حانث إلا أن تكون له نية حين حلف أن لا يضربه هو نفسه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك قال هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف ليضربن عبده فأمر غيره فضربه‏.‏

قال‏:‏ هذا بار إلا أن تكون نيته أن يضربه هو نفسه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو حلف أن لا يبيع سلعة فأمر غيره فباعها له أنه يحنث في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولا تدينه في شيء من هذا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت مالكا يدينه ولا أرى ذلك له‏.‏

في الرجل يحلف أن لا يبيع سلعة رجل فأعطاه إياها غير الرجل فباعها له وهو لا يعلم

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يبيع لفلان سلعة وأن المحلوف عليه دفع إلى رجل سلعة ليبيعها فدفعها هذا الرجل إلى الحالف ليبيعها له ولم يعلم الحالف أنها المحلوف عليها فباعها أيحنث أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ إن كان الذي دفع السلعة إلى الحالف من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فإني أرى أنه قد حنث وإلا فلا حنث عليه لأني سمعت مالكا يقول في الرجل يحلف أن لا يبيع سلعة من رجل فباعها من غيره فإذا هذا المشتري إنما اشتراها للمحلوف عليه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن كان المشتري من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فأراه حانثا وإلا فلا حنث عليه‏.‏

قال‏:‏ فقيل لمالك إنه قد تقدم إليه وقال له الحالف إن علي يمينا أن لا أبيع من فلان فقال المشتري إني إنما اشتريت لنفسي فباعه على ذلك فلما وجب البيع قال المشتري أدفع السلعة إلى فلان المحلوف عليه فإني إنما اشتريتها له‏.‏

قال‏:‏ قال مالك قد لزمه البيع‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال الحالف إني قد تقدمت إليه في ذلك‏.‏

قال‏:‏ لا ينفعه ذلك‏.‏

قال‏:‏ فقيل لمالك أترى عليه الحنث‏.‏

قال‏:‏ مالك إن كان المشتري من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فقد حنث ولم ير ما تقدم إليه ينفعه‏.‏

قال‏:‏ فقلت لابن القاسم ما يعني بقوله من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته‏.‏

قال‏:‏ الصديق الملاطف أو من هو في عياله أو من هو من ناحيته ولم يفسره لنا مالك هكذا ولكنا علمنا أنه هو هذا‏.‏

في الرجل يحلف لغريمه ليقضينه حقه فيقضيه نقصا

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يحلف ليدفعن إلى فلان حقه وهي دراهم فقضاه نقصا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لو كان فيها درهم واحد ناقص لكان حانثا‏.‏

قال فإن كان فيها شيء بار لا يجوز فإنه حانث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف رجل لغريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي منه حقه فأخذ منه حقه فلما افترقا أصاب بعضها نحاسا أو رصاصا أو ناقصا بينا نقصانها أيحنث في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ هو حانث لأني سألت مالكا عن الرجل يحلف بطلاق إمرأته ليقضينه حقه إلى أجل فيقضيه حقه ثم يذهب صاحب الحق بالذهب فيجد فيها زائفا أو ناقصا بينا نقصانه فيأتي به بعد ذلك وقد ذهب الأجل قال مالك أراه حانثا لأنه لم يقضه حقه حين وجد فيما اقتضى ناقصا أو زائفا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن أستحقها مستحق‏.‏

قال‏:‏ نعم يحنث في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أخذ بحقه عرضا من العروض‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن كان عرضه ذلك يساوي ما أعطاه به وهو قيمته لو أراد أن يبيعه باعه لم أر عليه شيئا ثم استثقله بعد ذلك وقوله الأول أعجب إلي إذا كان يساوي دراهمه‏.‏

الرجل يحلف أن لا يفارق غريمه حتى يقضيه فيفر منه

قلت‏:‏ أرأيت إن حلفت أن لا أفارق غريمي حتى استوفي حقي ففر مني أو أفلت أأحنث في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك إن كان إنما غلبه غريمه وإنما نوى أن لا يفارقه مثل أن يقول لا أخلي سبيله ولا أتركه إلا أن يفر مني فلا شيء عليه‏.‏

قال وسمعت مالكا يقول في رجل قال لإمرأته أنت طالق إن قبلتك فقبلته من خلفه وهو لا يدري ‏(‏قال‏:‏ لا شيء عليه إن كانت غلبته ولم يكن منه في ذلك استرخاء‏.‏

فكلم مالك في ذلك فقال ومثل ذلك أن يقول الرجل لإمرأته إن ضاجعتك فأنت طالق فينام فتضاجعه وهو نائم إنه لا شيء عليه‏.‏

قال‏:‏ ولو قال إن ضاجعتني أو قبلتني فهذا كله خلاف للقول الأول وهو حانث والذي حلف لغريمه أن لا يفارقه فغصب نفسه فربط فهذا يحنث إلا أن يقول نويت إلا أن أغلب عليه أو أغصب عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذي حلف لغريمه أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه منه فأحاله على غريم له‏.‏

قال‏:‏ لا أراه يبر في ذلك‏.‏

الرجل يحلف لغريمه ليقضينه حقه رأس الهلال

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف لأقضين فلانا ماله رأس الهلال أو عند رأس الهلال‏.‏

قال‏:‏ قال مالك له ليلة ويوم من رأس الهلال‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك وإلى رمضان‏.‏

قال‏:‏ إذا انسلخ شعبان ولم يقضه حنث لأنه إنما جعل القضاء فيما بينه وبين رمضان‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك عند رأس الهلال أو إذا استهل الشهر بمنزلة واحدة له ليلة ويوم من أول الشهر وإلى الشهر وإلى استهلال الشهر مثل قوله إلى رمضان إن لم يقضه حقه ما بينه وبين استهلال الشهر حنث‏.‏

في الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه فيهبه له أو يتصدق به عليه

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف ليقضين فلانا حقه رأس الهلال فوهب له فلان دينه ذلك أو تصدق به عليه أو اشترى صاحب الدين به من الحالف سلعة من السلع‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في هذه المسألة بعينها إن كانت تلك السلعة هي قيمة ذلك الدين لو أخرجت إلى السوق أصاب بها ذلك الثمن فقد بر ولا شيء عليه ثم سمعته بعد ذلك يكرهه ويقول لا ولكن ليقضينه دنانيره ‏(‏وقال مالك‏)‏ إن كانت السلعة تساوي ذلك فلم لا يعطيه دنانيره‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقوله الأول أعجب إلي‏.‏

قال‏:‏ وإنما رأيت مالكا كرهه من خوف الذريعة‏.‏

قال‏:‏ والهبة والصدقة لا تخرج الحالف ذلك من يمينه ولا وضيعة الذي له الدين إن وضع ذلك عن الذي عليه الدين لم يخرجه ذلك عن يمينه‏.‏

قال‏:‏ وإن حلف ليقضينه دنانيره أو ليقضينه حقه فإن ذلك سواء ويخرجه من يمينه أن يدفع فيه عرضا إذا كان ذلك العرض يساوي تلك الدنانير إذا كانت نيته على وجه القضاء ولم تكن على الدنانير بأعيانها فإذا كانت يمينه على الدنانير بأعيانها فهو حانث إلا أن يدفع إليه الدنانير بأعيانها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن مات المحلوف عليه كيف يصنع الحالف‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يدفع ذلك إلى ورثته ويبر في يمينه أو إلى وصيه أو إلى من يلي ذلك منه أو إلى السلطان ولا شيء عليه إذا أدى ذلك إلى أحد من هؤلاء‏.‏

في الرجل يحلف أن لا يهب لرجل شيئا فيعيره أو يتصدق عليه

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف رجل أن لا يهب لفلان هبة فتصدق عليه بصدقة أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في كل ما ينفع به الحالف المحلوف عليه أنه يحنث كذلك قال مالك وكل هبة كانت لغير الثواب فهي على وجه الصدقة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلفت أن لا أهب لفلان هبة فأعرته دابة أأحنث في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم في رأيي إلا أن يكون ذلك نيتك لأن أصل يمينك ها هنا على المنفعة‏.‏

في الرجل يحلف أن لا يكسو امرأته أو رجلا فوهب لهما

قلت‏:‏ أرأيت لو إن رجلا حلف أن لا يكسو فلانة إمرأته فأعطاها دراهم فاشترت بها ثوبا أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يحنث عند مالك وقد بلغني عن مالك أنه سئل عن رجل حلف أن لا يكسو إمرأته فافتك لها ثيابا كانت رهنا قال مالك أراه حانثا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقد عرضت هذه المسألة على مالك فأنكرها وقال أمحها وأبى أن يجيب فيها بشيء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ورأيي فيها أنه ينوي فإن كانت له نية أن لا يهب لها ثوبا ولا يبتاعه لها فلا أرى عليه شيئا وإن لم تكن له نية رأيته حانثا وأصل هذا عند مالك إنما هو على وجه المنافع والمن‏.‏

قال‏:‏ ولقد قال مالك في الرجل يحلف أن لا يهب لفلان دينارا لرجل أجنبي فكساه ثوبا قال مالك أرى هذا حانثا لأنه حين كساه فقد وهب له الدينار‏.‏

فقيل‏:‏ لمالك أرأيت إن كانت له نية‏.‏ فقال‏:‏ مالك لا أنويه في هذا ولا أقبل منه نيته‏.‏

فقيل‏:‏ لمالك فلو حلف أن لا يهب لإمرأته دنانير فكساها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك كنت أنويه فإن قال إنما أردت الدنانير بأعيانها رأيت ذلك له وإن لم تكن له نية حنث‏.‏

قال‏:‏ ورأيت محمل ذلك عنده حين كلم في ذلك لأن الرجل قد يكره أن يهب لإمرأته الدنانير وهو يكسوها ولعله إنما كره أن يعطيها إياها من أجل الفساد أو الخدع فيها فهذا يدلك على أن محمل هذه الأشياء عند مالك على وجه النفع والمن‏.‏

قلت‏:‏ وهذا الذي يحلف أن لا يعطي فلانا دنانير إن أعطاه فرسا أو عرضا من العروض أهو بمنزلة الكسوة عند مالك يحنثه في ذلك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت محمل هذه الإيمان عند مالك على المن والنفع كيف تأويل المن‏.‏

قال‏:‏ لو أن رجلا وهب لرجل شاة وقال له الواهب ألم أفعل بك كذا وكذا فقال إياي تريد إمرأته طالق البتة إن أكلت من لحمها أو شربت من لبنها‏.‏ فقال‏:‏ قال لي مالك إن باعها فاشترى بثمنها شاة أخرى أو طعاما كائنا ما كان فأكله فإنه يحنث‏.‏

قلت‏:‏ فإن اشترى بثمن تلك الشاة كسوة أيحنث أيضا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم يحنث لأن هذا على وجه المن فلا ينبغي له أن ينتفع من ثمن الشاة بقليل ولا كثير لأن يمينه إنما وقعت جوابا لما قال صاحبه فصارت على جميع الشاة ولم يرد اللبن وحده لأن يمينه على أن لا ينتفع منها بشيء لأن يمينه إنما جرها من صاحبها عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن أعطاه شاة أخرى أو عرضا من العروض من غير ثمن تلك الشاة‏.‏

قال‏:‏ لا بأس به إذا لم يكن ثمنها يبدلها به فلا بأس بذلك إلا أن يكون نوى أن لا ينتفع منه بشيء أبدا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف أن لا يكسو فلانا ثوبا فأعطاه دينارا أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قد أخبرتك بقول مالك أنه إذا حلف أن لا يعطي فلانا دينارا فكساه إياه إنه حانث فالذي حلف أن لا يكسو فلانا ثوبا فأعطاه دينارا أبين أنه حانث وأقرب في الحنث وقد بلغني ذلك عن مالك‏.‏

في الرجل يحلف أن لا يفعل أمرا حتى يأذن فلان فيموت المحلوف عليه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف بالله أن لا يدخل دار فلان لرجل سماه إلا أن يأذن له فلان لرجل سماه آخر أو حلف بالعتق أو بالطلاق فيموت فلان المحلوف عليه بالاستثناء فيدخل الحالف دار فلان المحلوف عليه أيحنث أم لا‏؟‏ قال يحنث‏.‏

قلت‏:‏ أينتفع بإذن الورثة إن أذنوا له‏.‏

قال‏:‏ لا لأن هذا ليس بحق يورث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يعطي فلانا حقه إلا أن يأذن له فلان فمات المحلوف عليه بالإذن أيورث هذا الإذن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يورث‏.‏

قلت‏:‏ أفتراه حانثا إن قضاه‏.‏

قال‏:‏ إن قضاه فهو حانث‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏.‏

قال‏:‏ لا إنما الذي سمعت من مالك أنه يورث ما كان حقا للميت وحلف له فهذا يورث لأنه كان حقا للميت‏.‏

الرجل يحلف للسلطان أن لا يرى أمرا إلا رفعه إليه فيعزل السلطان أو يموت

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف لأمير من الأمراء أنه لا يرى كذا وكذا إلا رفعه إليه تطوع له باليمين فعزل ذلك الأمير أو مات كيف يصنع في يمينه‏.‏

قال‏:‏ سئل مالك عن الوالي يأخذ على القوم أيمانا أن لا يخرجوا إلا بإذنه فيعزل‏.‏

قال‏:‏ أرى لهم أن لا يخرجوا حتى يستأذنوا هذا الوالي الذي بعده فما كان من هذه الوجوه من الوالي علي وجه النظر ولم يكن من الوالي على وجه الظلم فذلك عليهم أن يرفعوا ذلك إلى من كان بعده إذا عزل‏.‏

الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه إلى أجل فيموت المحلوف له أو الحالف قبل الأجل أو يغيب

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف لأقضين فلانا حقه رأس الشهر فغاب فلان عنه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يقضي وكيله أو السلطان فيكون ذلك مخرجا له من يمينه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك وربما أتى السلطان فلم يجده أن تحجب عنه أو يكون بقرية ليس فيها سلطان فإن خرج إلى السلطان سبقه ذلك الأجل‏.‏

قال‏:‏ مالك فإذا جاء مثل هذا فأرى إن كان أمرا بينا يعذر به فأتى بذهبه إلى رجال عدول فأشهدهم على ذلك والتمسه فعلموا ذلك واجتهد في طلبه فلم يجده تغيب عنه أو غاب عنه أو سافر عنه وقد بعد عنه السلطان أو حجب عنه فإذا شهد له الشهود على حقه أنه جاءه به بعينه على شرطه لم أر عليه شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف ليوفين فلانا حقه إلى أجل كذا وكذا فحل الأجل وغاب فلان ولفلان المحلوف عليه وكيل في ضيعته ولم يوكله المحلوف له بقبض دينه فقضاه هذا الحالف أترى ذلك يخرجه من يمينه‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك ذلك يخرجه من يمينه وإن لم يكن مستخلفا على قبض الدين إلا أنه وكيل المحلوف له فذلك يخرجه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولقد سألت مالكا عن الرجل يحلف للرجل بالطلاق أو بالعتاق في حق عليه ليقضينه إلى أجل يسميه له إلا أن يشاء أن يؤخره فيموت صاحب الحق قبل أن يحل الأجل فيريد الورثة أن يؤخروه بذلك أترى ذلك له مخرجا‏؟‏ قال نعم ونزلت هذه بالمدينة فقال فيها مالك مثل ما قلت لك‏.‏

قال مالك‏:‏ ولو كان له ولد صغار لم يبلغ أحد منهم فأوصى بهم إلى وصي وليس عليه دين فأخره الوصي‏.‏

قال‏:‏ ذلك جائز‏.‏

قال مالك‏:‏ فإذا كان عليه دين أو كان له ولد كبار لم أر ذلك للوصي لأنه حينئذ إنما يؤخره في مال ليس يجوز قضاؤه فيه‏.‏

قلت‏:‏ أيجوز أن يؤخره الغرماء ولا يحنث‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن ذلك جائز إذا كان دينهم لا يسعه مال الميت وأبرؤا ذمة الميت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف ليأكلن هذا الطعام غدا أو ليلبسن هذه الثياب أو ليركبن هذه الدواب غدا فماتت الدواب وسرق الطعام والثياب قبل غد‏.‏

قال‏:‏ لا يحنث لأن مالكا قال لي لو أن رجلا حلف بطلاق إمرأته ليضربن غلامه إلى أجل سماه فمات الغلام قبل الأجل لم يكن عليه في إمرأته طلاق لأنه مات وهو على بر فكذلك مسألتك في الموت وأما السرقة فهو حانث إلا أن يكون نوى الا أن يسرق أو لا أجده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف ليقضين فلانا حقه غدا وقد مات فلان وهو لا يعرف أيحنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يحنث لأن هذا إنما وقعت يمينه على الوفاء‏.‏

قال‏:‏ وقال لي مالك بن أنس في الذي يحلف ليوفين فلانا حقه فيموت إنه يعطي ذلك ورثته‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا يكون هذا على بر وإن مضى الأجل ولم يوف الورثة فلم لا يكون على بر كما قلت عن مالك في الذي يحلف بالطلاق ليضربن عبده إلى أجل يسميه فيموت العبد قبل الأجل قلت هو على بر ولا شيء عليه من يمينه فلم لا يكون هذا الذي حلف ليوفين فلانا حقه بهذه المنزلة‏.‏

قال‏:‏ لأن هذا أصل يمينه على الوفاء والورثة ها هنا في الوفاء مقام الميت ألا ترى أنه إذا كان وكل وكيلا بقبض المال وغاب عنه الذي له الحق فدفع ذلك إلى السلطان إن ذلك مخرج له والذي حلف ليضربن غلامه لا يجوز له أن يضرب غير عبده‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأخبرني بن دينار أن رجلا كان له يتيم وكان يلعب بالحمامات وإن وليه حلف بالطلاق ليذبحن حماماته وهو في المسجد أو في موضع من المواضع فقام مكانه حين حلف ومعه جماعة إلى موضع الحمامات ليذبحها فوجدها ميتة كلها كان الغلام قد سجنها فماتت وظن وليه حين حلف انها حية فأخبرني أنه لم يبق عالم بالمدينة إلا رأى أنه لا حنث عليه لأنه لم يفرط وإنما حلف على وجه أن أدركها حية ورأى أهل المدينة أن ذلك وجه ما حلف عليه‏.‏

قال‏:‏ بن القاسم وهو رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف ليضربن فلانا بعتق رقيقه فحبست عليه الرقيق ومنعته من البيع ليبر أو يحنث فمات المحلوف عليه والحالف صحيح‏.‏

قال‏:‏ إن لم يضرب لذلك أجلا فالرقيق أحرار في قول لذلك حين مات المحلوف عليه من رأس المال إذا كان المحلوف عليه قد حيى قدر ما لو أراد أن يضربه ضربه‏.‏

قلت‏:‏ فإن مات المحلوف عليه وقد كان حي قدر ما لو أراد أن يضربه ضربه فمات المحلوف عليه والحالف مريض فمات الحالف من مرضه ذلك‏.‏

قال‏:‏ أرى انهم يعتقون في الثلث لأن الحنث وقع والحالف مريض وكل حنث وقع في مرض فهو من الثلث إن مات الحالف من ذلك المرض وكل حنث وقع في الصحة عند مالك هو من رأس المال‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا مات الحالف قبل الأجل فلا حنث عليه لأنه كان على بر‏.‏

قال‏:‏ لي مالك وإن حلف رجل بعتق رقيقه أو بطلاق نسائه ليقضين فلانا حقه إلى رمضان فمات في رجب أو في شعبان الحالف‏.‏

قال‏:‏ مالك فلا حنث عليه في رقيقه ولا في نسائه لأنه مات على بر‏.‏

قال‏:‏ وقد أخبرني من أثق به وهو سعد بن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي سلمة أنه قال مثله‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يقض ورثة الميت ذلك الحق إلا بعد الأجل أيكون الميت حانثا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يحنث وهو حين مات حل أجل الدين‏.‏

قال‏:‏ وإنما اليمين ها هنا على التقاضي عجل ذلك أو أخره فقد سقط الأجل وليس على الورثة يمين ولا حنث في يمين صاحبهم‏.‏

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن الرجل يقول لإمرأته غلامي حر لوجه الله إن لم أضربك إلى سنة فتموت إمرأته قبل أن توفى السنة هل عليه في غلامه حنث أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا لأنه على بر إذا ماتت المرأة قبل أن توفى الأجل‏.‏

قال‏:‏ قلت ويبيع الغلام وأن مضى الأجل وهو عنده لم يعتق في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏