فصل: الرجل يريد نكاح المرأة فيقول له أبوه قد وطئتها فلا تطأها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


الدعوى في الصداق

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة فطلقها قبل البناء واختلفا في الصداق فقال الزوج تزوجتك بألف درهم وقالت المرأة بل تزوجتني بعشرة آلاف‏.‏

قال‏:‏ فالقول قول الزوج ويحلف فإن نكل حلفت المرأة وكان القول قولها لأن مالكا سئل عن الرجل يتزوج المرأة فهلكت قبل أن يدخل بها فجاء أولياؤها يطلبون الزوج بالصداق وقال الزوج لم أصدقها شيئا ولم تثبت البينة ما تزوجها عليه لا يدرون تزوجها بصداق أو بتفويض‏.‏

قال‏:‏ يحلف الزوج ويكون القول قوله وله الميراث ولعى أهل المرأة البينة على ما ادعوا من الصداق فأرى في مسألتك القول قول الزوج فيما ادعى ويحلف فإن نكل حلفت وكان القول قولها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اختلفا ولم يطلقها وذلك قبل البناء بها فقالت تزوجتني على ألفين وقال الزوج تزوجتك على ألف‏.‏

قال‏:‏ القول قول المرأة والزوج بالخيار إن شاء يعطي ما قالت المرأة وإلا تحالفا وفسخ النكاح ولا شيء على الزوج من الصداق وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن اختلفا بعد ما دخل بها ولم يطلقها فادعت ألفين وقال الزوج بل تزوجتك على ألف‏.‏

قال‏:‏ قال مالك القول قول الزوج‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لأنها قد أمكنته من نفسها‏.‏

قلت أرأيت إذا تزوج الرجل المرأة فدخل بها فادعت أنها لم تقبض من المهر شيئا وقال الزوج قد دفعت إليك جميع الصداق ‏(‏قال‏:‏ قال مالك القول قول الزوج‏.‏

قال مالك‏:‏ وليس يكتب الناس في الصداق البراآت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانوا شرطوا على الزوج في الصداق بعضه معجل وبعضه مؤجل فدخل بها الزوج فادعى أنه قد دفع إليها المعجل والمؤجل وقالت المرأة قبضت المعجل ولم أقبض المؤجل‏.‏

قال‏:‏ سئل مالك عن رجل تزوج امرأة بنقد مائة دينار وخادم إلى سنة فنقدها المائة فشغلت في جهازها وأبطأ الزوج عن دخولها فدخل عليها من بعد السنة من يوم تزوجها ثم ادعت المرأة بعد ذلك أن الزوج لم يعطها خادماف وقال الزوج قد أعطيتها الخادم‏.‏

قال مالك‏:‏ إن كان دخل بها بعد مضي السنة فالقول قول الزوج وإن كان دخل بها قبل مضي السنة فالقول قول المرأة فكذلك مسألتك في الصداق المعجل والمؤجل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن مات الزوج فادعت المرأة بعد موته إنها لم تقبض الصداق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء لها إذا كان قد دخل بها‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يكن دخل بها‏.‏

قال‏:‏ فالصداق لها والقول قولها‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ماتا جميعا الزوج والمرأة ولم يدخل الزوج بالمرأة فادعى ورثة الزوج أن الزوج قد دفع الصداق وقال ورثة المرأة لم تقبض منه شيئا‏.‏

قال‏:‏ أرى القول قول ورثة المرأة إن لم يكن دخل بها وإن كان قد دخل بها فالقول قول ورثة الزوج‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال ورثة الزوج قد دفع صداقها أو قالوا الاعلم لنا وقد كان الزوج دخل بالمرأة وقال ورثة المرأة لم تقبض صداقها‏.‏

قال‏:‏ لا شيء على ورثة الزوج فإن ادعى ورثة المرأة أن ورثة الزوج قد علموا أن الزوج لم يدفع الصداق أحلفوا على أنهم لا يعلمون أن الزوج لم يدفع الصداق وليس عليهم اليمين إلا في هذا الوجه الذي أخبرتك ومن كان منهم غائبا أو أحدا يعلم أنه لم يعلم ذلك لم يكن عليه يمين وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يبني بها فاختلفا في الصداق فقال الزوج فرضت لك ألف درهم وقالت المرأة بل فرضت لي ألفي درهم‏.‏

قال‏:‏ القول قول الزوج وعليه اليمين لأن مالكا قال إذا اختلف الزوج والمرأة في الصداق قبل أن يدخل بها ونسي الشهود تسمية الصداق قبل أن يدخل بها كان القول قول المرأة فإن أحب الزوج أن يدفع إليها ما قالت وإلا حلف وسقط عنه ما قالت وفسخ النكاح وإن كان قد بنى بها فاختلفا بعد البناء لم يكن لها إلا ما أقر به الزوج ويحلف الزوج على ما ادعت المرأة من ذلك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأما قبل البناء وبعد البناء إذا اختلفا في الصداق فالقول هو الذي فسرت لك وهو قول مالك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وأصل هذا كله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة فالقول قول البائع والمبتاع بالخيار وقال أيضا إذا اختلف البائع والمبتاع والسلعة قائمة فالقول قول البائع ويتحالفان‏.‏

فكذلك المرأة وزوجها إذا اختلفا قبل الدخول فالقول قول المرأة لأنها بائعة لنفسها والزوج المبتاع وإن فات أمرها بالدخول فالقول قول الزوج لأنه قد فات أمرها بقبضه لها فهي مدعية وهو مقر لها بدين فالقول قوله وإن طلقها قبل الدخول فاختلفا فهي الطالبة له فعليها البينة وهو المدعي عليه فالقول قوله فيما يقربه ويحلف‏.‏

النكاح الذي لا يجوز وصداقه وطلاقه وميراثه

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوجها على أن يشتري لها دار فلان أو تزوجها على دار فلان‏.‏

قال‏:‏ لا يعجبني هذا النكاح ولا أراه جائزا وأراه يفسخ إن لم يكن دخل بها فإن كان دخل بها فرض لها صداق مثلها وجاز النكاح وذلك أني سمعت مالكا وسئل عن المرأة تتزوج بالدار أو الأرض الغائبة أو العبد الغائب قال إن كان وصف لها ذلك فالنكاح جائز وإن كان لم يوصف ذلك فسخ النكاح إن لم يكن دخل بها فإن كان دخل بها أعطيت صداق مثلها ولم يفسخ النكاح فمسألتك عندي مثل هذا وأرى هذا أيضا بمنزلة من تزوج ببعير شارد وكذلك قال مالك في البعير الشارد‏.‏

والثمرة قبل أن يبدو صلاحها إن تزوج عليها فإن لم يكن دخل بها فالنكاح مفسوخ وإن كان قد دخل بها فالنكاح جائز ولها مهر مثلها فالدار التي سألتني عنها ومن الغرر لا يدري ما يبلغ ثمنها ولا يدري تباع منه أم لا‏؟‏ فقد وقعت العقدة على الغرر فيحمل محمل ما وصفت لك من قول مالك وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ونهى عن بيع ما ليس عندك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن وهب رجل ابنته لرجل وهي صغيرة أيجعله نكاحا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك الهبة لا تحل لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم فإن كانت هبته إياه ليس على نكاح وإنما وهبها له ليحضنها أو لكيفلها فلا أرى بذلك بأسا‏.‏

قال مالك‏:‏ ولا أرى لامها في ذلك قولا إذا كان إنما فعل ذلك على وجه النظر مثل الرجل الفقير المحتاج‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن وهب ابنته لرجل بصداق كذا وكذا أيبطل هذا أم تجعله نكاحا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولكنه إذا كان بصداق فهذا نكاح إذا كان إنما أراد بالهبة وجه النكاح وسموا الصداق‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث أن عبد الله بن يزيد مولى الاسود بن سفيان حديث أنه سأل بن المسيب عن رجل بشر بجارية فكرهها فقال رجل من القوم هبها لي فوهبها له‏.‏

قال‏:‏ سعيد لم تحل الهبة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو أصدقها حلت له‏.‏

قال‏:‏ وقد قال مالك في الذي يهب السلعة لرجل على أن يعطيه كذا وكذا قال مالك فهذا بيع فأرى الهبة بالصداق مثل البيع وإنما كره من ذلك الهبة بلا صداق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوجها على حكمه أو على حكمها أو على حكم فلان‏.‏

قال‏:‏ أرى أن يثبت النكاح فإن رضي بما حكمت أو رضيت بما حكم هو أو بما حكم فلان جاز النكاح وإلا فرق بينهما ولم يكن لها عليه شيء بمنزلة التفويض إذا لم يفرض لها صداق مثلها وأبت أن تقبله فرق بينهما ولم يكن لها عليه شيء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقد كنت أكرهه حتى سمعت من أثق به يذكره عن مالك فأخذت به وتركت رأيي فيه‏.‏

قلت‏:‏ أي شيء التفويض وأي شيء الحكم‏.‏

قال‏:‏ التفويض ما ذكر الله في كتابه ‏{‏لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة‏}‏ فهذا نكاح بغير صداق وهذا التفويض فيما قال لنا مالك‏.‏

قلت‏:‏ وإذا زوجوها بغير صداق أيكون للزوج أن يفرض لها أدنى من صداق مثلها‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ ولا ترى هذا تفويضا‏.‏

قال‏:‏ إنما التفويض عند مالك أن يقولوا قد أنكحناك ولا يسموا الصداق فيكون لها صداق مثلها إن ابتني بها إلا أن يتراضوا على غير ذلك فيكون صداقها ما تراضوا عليه بحال ما وصفت لك وأما على حكمخ أو حكمها أو حكم فلان فقد أخبرتك فيه برأيي وما بلغني عن مالك ولست أرى به بأسا‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال غيره ما قال عبد الرحمن أول قوله لا يجوز ويفسخ ما لم يفت بدخول لأنهما خرجا من حد التفويض والرضا من المرأة بما فوضت إلى الزوج وهو الذي جوزه القرآن لأن الزوج هو الناكح والمفوض إليه فإذذا زال عن الوجه الذي به أجيز صار إلى أنه عقد النكاح بالصداق الغرر فيفسخ قبل الدخول وإن فاتت بالدخول أعطيت صداق مثلها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوجها على حكمها فدخل بها أتقرهما على نكاحهما ويجعل لها صداق مثلها في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم أقرهما على نكاحهما ويكون لها صداق مثلها إذا كان بنى بها وإن لم يكن دخل بها فقد أخبرتك فيه برأيي وما بلغني عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوجها على حكم فلان أو على حكمها أو بمن رضي حكمه أو على حكم أبيها‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى هذا يجوز وثبت النكاح وتوقف المرأة فيما حكمت أو بمن رضي حكمه فإن رضي بذلك الزوج جاز النكاح وإن لم يرض فرق بينهما ولم يلزمه شيء من الصداق وهو بمنزلة المفوض إليه ألا ترى أن المفوض إليه إن لم يعط صداق مثلها لم يلزمها النكاح فهي مرة يلزمها إن أعطاها صداق مثلها ومرة لا يلزمها إن قصر عنه وهذا مثله عندي وقد سمعت بعض من أثق به باشر عن مالك أنه أجازه على ما فسرت لك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وهذا مما وصفت لك في أول الكتاب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت كل نكاح إذا كان المهر فيه غررا لا يصلح إن أدرك قبل أن يبني بها فرقت بينهما ولم يكن على الزوج من الصداق الذي سمي ولا من المتعة شيء وإن دخل بها جعلت النكاح ثابتا وجعلت لها مهر مثلها‏.‏

قال‏:‏ نعم وهو رأيي إذا كان إنما جاء الفساد من قبل الصداق الذي سموا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوجها على ما لا يحل مثل البعير الشارد ونحوه فإن طلقها قبل البناء بها أيقع الطلاق عليها في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن أدرك قبل أن يدخل بها فسخ النكاح‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى أن يقع الطلاق عليها دخل بها أم لم يدخل بها لأنه نكاح قد اختلف فيه الناس‏.‏

قال سحنون‏:‏ وهذا قد بينته في الكتاب الأول أن كل نكاح يفسخ بغلبة فهو فسخ بغير طلاق وميراث فيه‏.‏

قلت‏:‏ فإن طلقها قبل البناء بها أيكون عليه المتعة‏.‏

قال‏:‏ لا متعة عليه في رأيي لأنه نكاح يفسخ‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من تزوج بغير اذن الولي فمات أحدهما قبل أن يعلم الولي بذلك النكاح أيتوارثان في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظه الساعة إلا أن مالكا قد كان يتسحب أن لا يقام عليه حتى يبتدء النكاح جديدا ولم يكن يحقق فساده فأرى الميراث بينهما‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الذي يتزوج بثمر ولم يبد صلاحه إن ماتا قبل أن يدخل بها أيتوارثان‏.‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك لأنه إذا دخل بها ثبت نكاحهما بعقدة النكاح الذي تزوج بها لأنه نكاح حتى يفسخ وكذلك بلغني عمن أثق به من أهل العلم‏.‏

وكذلك أيضا لو طلقها ثلاثا قبل أن يفسخ نكاحه لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأحسن ما سمعت من مالك وبلغني عنه ممن أثق به أن أنظر كل نكاح إذا دخل بها فيه لم يفسخ فالميراث والطلاق فيه ولا ميراث بينهما دخل بها أو لم يدخل بها وكذلك سمعت‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يتزوج بثمرة لم يبد صلاحها إن دخل أعطيت صداق مثلها ولم يفسخ النكاح والتي تتزوج بغير ولي كان مالك يغمزه وإن دخل بها ويحب أن يبتدء فيه النكاح فإذا قيل له أترى أن يفرق بينهما إذا رضي الولي فيقف عن ذلك ويتحيز عنه ولا يمضي في فراقه فمن هناك رأيت لها الميراث ألا ترى أن التي لم يدخل بها إن أجازه الولي جاز النكاح وأن التي تزوجت بثمر لم يبد صلاحه وإنما رأيت لها الميراث من قبل أنه نكاح إن دخل بها ثبت وهو أمر قد اختلف فيه أهل العلم في الفسخ والثبات فأراه نكاحا أبدا يتوارثونه حتى يفسخ لما جاء فيه من الاختلاف وكل ما كان فيه اختلاف من هذا الوجه ومما اختلف الناس فيه فأراه نكاحا يتوارثان به حتى يفسخه من رأى فسخه ألا ترى لو أن قاضيا ممن يرى رأى أهل المشرق أجازه قبل أن يدخل بها وفرض عليه صداق مثلها ثم جاء قاض ممن يرى فسخه ولم يكن دخل بها لم يفسخه لما حكم فيه من يرى خلافه فلو كان حراما لجاز لمن جاء بعده فسخه فمن هناك رأيت الميراث بينهما وكذلك بلغني عمن أثق به عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوجت بثمر لم يبد صلاحه فاختلعت منه قبل البناء على مال أيجوز للزوج ما أخذ منها أم يكون مردودا‏.‏

قال‏:‏ أرى ذلك جائزا له ولا أرى أن يرد ما أخذ وقد أخبرتك أن كل نكاح اختلف الناس فيه إذا كان الميراث بينهما فيه والطلاق يلزم فيه فأرى الخلع جائزا ولو رأيت الخلع فيه غير جائز ما أجزت الطلاق فيه‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد كان قال لي كل نكاح كانا مغلوبين على فسخه فالخلع فيه مردود ويرد عليها ما أخذ منها لأنه لا يأخذ مالها إلا يجوز له إرساله من يديه وهو لم يرسل من يديه إلا ما هي أملك به منه‏.‏

صداق امرأة المكاتب والعبد يتزوج بغير اذن سيده

قلت‏:‏ أرأيت لو أن مكاتبا تزوج بغير اذن سيده فدخل بامرأته أيؤخذ المهر منها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في العبد يترك لامرأته قدر ما تستحل به إذا تزوجها بغير اذن سيده فكذلك المكاتب عندي‏.‏

قلت‏:‏ ويكون للسيد أن يفسخ نكاح المكاتب إذا تزوج بغير اذن سيده في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن أعتق المكاتب يوما ما أترجع المرأة عليه بذلك المهر أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى إن كان غرها أن تتبعه إذا عتق وإن كان لم يغرها وأخبرها أنه عبد فلا أرى لها شيئا وقد قيل إذا أبطله السيد عنه ثم عتق فلا تتبعه به‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يعلم السيد بتزويجه حتى أدى كتابته‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكني أرى أنه ليس له أن يفسخ نكاحه بمنزلة صدقته وهبته قال والعبد بهذه المنزلة في النكاح‏.‏

قال‏:‏ وبلغني عن مالك أنه سئل عن المكاتب يزوج أمته فقال إذا كان منه على وجه ابتغاء الفضل رأيت ذلك وإن كره السيد فإنما يجوز للمكاتب في تزويج إمائه ما كان على وجه الفضل والنظر لنفسه ويمنع من ذلك إذا كان ضررا عليه ويكون عاقدا لنكاح غيره ويعقده رجل بأمره‏.‏

كتاب النكاح الرابع

نكاح المريض والمريضة

قلت‏:‏ أرأيت المرأة تزوج وهي مريضة أيجوز تزويجها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يجوز تزويجها عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن تزوجها ودخل بها الزوج وهي مريضة‏.‏

قال‏:‏ إن ماتت كان لها الصداق إن كان مسها ولا ميراث بينهما منها‏.‏

قلت‏:‏ فإن صحت أيثبت النكاح‏.‏

قال‏:‏ قد اختلف فيه وأحب قوله إلي أن يقيم على نكاحه‏.‏

قال‏:‏ ولقد كان مالك مرة يقول يفسخ ثم عرضته عليه فقال امحه والذي آخذ به في نكاح المريض والمريضة أنهما إذا صحا أقرا على نكاحهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج في مرضه ودخل بها ففرقت بينهما أيجعل صداقها في جميع ماله أم في ثلثه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يكون صداقها في ثلثه مبدأ على الوصايا والعتق ولا ميراث لها وإن لم يدخل بها فلا صداق لها ولا ميراث‏.‏

قلت‏:‏ فإن صح قبل أن يدخل بها‏.‏

قال‏:‏ لا يفرق بينهما دخل أم لم يدخل ويكون عليه الصداق الذي سمي لهاوإن كانت المرأة مريضة فتزوجت في مرضها فإنه لا يجوز هذا النكاح قال وإن صحت فهو جائز دخل بها أو لم يدخل بها ولها الصداق الذي سمي لها‏.‏

قال‏:‏ وإن ماتت من مرضها لم يرثها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن أبي ذئب وغيره عن بن شهاب أنه قال في الرجل يتزوج المرأة قد يئس له من الحياة إن صداقها في الثلث ولا ميراث لها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس عن بن شهاب أنه‏؟‏ قال لا نرى لنكاحه جوازا من أجل أنه أدخل الصداق في حق الورثة وليس له إلا الثلث يوصي به ولا يدخل ميراث المرأة التي تزوجها في ميراث ورثته‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال ربيعة في صداقها إذا نكحها في مرضه إنه في ثلثه وليس لها ميراث لأنه قد وقف عن ماله فليس له من ماله إلا ما أخذ من ثلثه ولا يقع الميراث إلا بعد وفاته‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال نرى أن لا يجوز لمن تزوج في مرض صداق إلا في ثلث المال‏.‏

الرجل يريد نكاح المرأة فيقول له أبوه قد وطئتها فلا تطأها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا خطب امرأة فقال له والده قد كنت تزوجتها أو كانت عند ابنه جارية اشتراها فقال له والده لا تطأها فإني قد وطئتها بشراء أو أراد الابن شراءها فقال له الاب إني قد وطئتها بشراء فإن اشتريتها فلا تطأها أو لم يرد الابن شيئا من هذا إلا أنه قد سمع ذلك من أبيه وكذب الولد الوالد في جميع ذلك وقال لم تفعل شيئا من هذا وإنما أردت بقولك أن تحرمها علي فأراد تزويجها أو شراءها أو وطأها أيحول بينه وبين النكاح وبين أن يطأ الجارية في قول مالك إذا اشتراها‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال لي في الرضاع في شهادة المرأة الواحدة إن ذلك لا يجوز ولا يقطع شيئا إلا أن يكون قد فشا وعرف‏.‏

قال مالك‏:‏ وأحب إلي أن لا ينكح وأن يتورع‏.‏

وشهادة المرأتين في الرضاع لا تجوز أيضا إلا أن يكون شيئا قد فشا وعرف في الاهلين والمعارف والجيران فإذا كان كذلك رأيتها جائزة فشهادة الوالد في مسائلك التي ذكرت بمنزلة شهادة المرأة في الرضاع لا أراها جائزة على الولد إذا تزوج أو اشترى جارية إلا أن يكون شيئا قد فشا من قوله قبل ذلك وعرف وسمع وأرى له أن يتورع عن ذلك ولو فعل لم أقض به عليه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أمي إذا لم يزل يسمعونها تقول قد أرضعت فلانة فلما كبرت أردت تزويجها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تتزوجه‏.‏

الرجل ينكح المرأة فيدخل عليه غير امرأته

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة فأدخلت عليه غير امرأته فوطئها‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه قال في أختين تزوجيهما أخوان فأخطئ بهما فأدخل على هذا امرأة هذا وعلى هذا امرأة هذا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ترد هذه المرأة إلى زوجها وهذه إلى زوجها ولا يطأ واحدة منهما زوجها حتى ينقضي الاستبراء والاستبراء ثلاث حيض ويكون لكل واحدة منهما صداقها على الذي وطئها فكذلك مسئلتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة إذا تقاحمت وقد علمت أنه ليس بزوجها‏.‏

قال‏:‏ هذه يقام عليها الحد في رأيي ولا صداق لها إذا علمت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قالت لم أعلم وظننت أنكم قد زوجتموني منه‏.‏

قال‏:‏ لها الصداق على الرجل الواطيء ويكون ذلك للذي وطئها على الذي أدخلها عليه إن كان غره منها أحد‏.‏

الامة ينكحها الرجل فيريد أن يبوئها سيدها معه والرجل يزني بالمرأة أو يقذفها ثم يتزوجها

قلت‏:‏ أرأيت إذا تزوج الرجل الامة فقال الزوج بوئها معي بيتا وخل بيني وبينها وقال السيد لا أخليها معك ولا أبوئها معك بيتا أو جاء زوجها فقال أنا أريد الساعة جماعها وقال سيدها هي مشغولة الساعة في عملها أيكون للزوج أن يمنعها من عملها أو يخلي بينه وبين جماعها ساعته أو يحال بين الزوج وبين جماعها وتترك في عمل سيدها‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع مالكا يحد في هذا حدا إلا أن مالكا قال ليس لسيدها أن يمنعها من زوجها إذا أراد أن يصيبها وليس للزوج أن يبوئها بيتا إلا أن يرضى السيد ولكن تكون الامة عند أهلها في خدمتهم وما يحتاجون إليه وليس لهم أن يصروا به فيما يحتاج إليه من جماعها فأرى في هذا أنها تكون عند أهلها وإذا أحتاج إليها زوجها خلوا بينه وبين حاجته إليها وإذا أراد الزوج الضرر بهم دفع عن الضرر بهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن باعها السيد في موضع لا يقدر الزوج على جماعها أيكون للسيد الذي باعها من المهر شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى المهر للسيد على الزوج إلا أن يطلق فيكون عليه نصف المهر‏.‏

قلت‏:‏ أو لا ترى السيد قد منعه بضعها حين باعها في موضع لا يقدر الزوج على أخذ بضعها‏.‏

قال‏:‏ لا من قبل أن السيد لم يكن يمنع من بيعها فإذا باعها قلنا للزوج اطلبها في موضها فإن منعوك فخاصم فيها ولم أسمع من مالك فيه شيئا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس عن بن شهاب أنه قال في الرجل يتزوج أمة قوم فأراد أن يضمها إلى بيته قالوا لا تدعها وهي خادمنا‏.‏

قال‏:‏ هم أحق بأمتهم إلا أن يكون اشترط ذلك عليهم‏.‏

ما جاء في الخنثى

قلت‏:‏ أرأيت الخنثى ما قول مالك فيها أتنكح أم تنكح أم تصلي حاسرة عن رأسها أم تجهر بالتلبية أم ماذا حالها‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وما اجترأنا على شيء من هذا‏.‏

قلت‏:‏ فهل سمعته يقول في ميراثه شيئا‏.‏

قال‏:‏ لا ما سمعناه يقول في ميراثه شيئا وأحب إلي أن ينظر إلى مباله فإن كان يبول من ذكره فهو غلام وإن كان يبول من فرجه فهي جارية لأن النسل إنما يكون من موضع المبال وفيه الوطء فيكون ميراثه وشهادته وكل أمره على ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل إذا زنى بالمرأة أيصلح له أن يتزوجها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يتزوجها ولا يتزوجها حتى يستبرئ رحمها من مائه الفاسد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قذف رجل امرأة فضربته حد الفرية أو لم تضربه أيصلح له أن يتزوجها في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك هذا ولا أرى بأسا أن يتزوجها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن أبي ذئب عن شعبة مولى بن عباس أنه سمع رجلا يسأل بن عباس فقال كنت أتبع امرأة فأصبت منها ما حرم الله علي ثم رزق الله التوبة منها فأردت أن أتزوجها فقال الناس إن الزاني لا ينكح إلا زانية فقال ابن عباس ليس هذا موضع هذه الآية انكحها فما كان فيها من إثم فعلي‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني رجال من أهل العلم عن معاذ بن جبل وجابر بن عبد الله وبن المسيب ونافع وعبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز وحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب إنهم قالوا لا بأس أن يتزوجها قال ابن عباس كان أوله سفاحا وآخره نكاحا ومن تاب تاب الله عليه ‏(‏وقال‏)‏ جابر وبن المسيب كان أول أمرهما حراما وآخره حلالا ‏(‏وقال‏)‏ بن المسيب لا بأس به إذا هما تابا وأصلحا وكرها ما كان عليه وقرأ بن مسعود وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون وقال إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم فلم نر به بأسا ‏(‏وقال‏)‏ ذلك يزيد بن عبد الله بن قسيط‏.‏

الدعوى في النكاح

قلت‏:‏ أرأيت المرأة تدعي على الرجل النكاح أو الرجل يدعي على المرأة النكاح هل يحلف كل واحد منهما لصاحبه إذا أنكر‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى أن يحلفا على هذا أرأيت إن نكلت أو نكل أكنت ألزمهما النكاح من نكل منهما ليس ذلك كذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أقمت البينة على امرأة أنها امرأتي وأقام رجل البينة علي أنها امرأته ولا يعلم أيهما أول والمرأة مقرة بأحدهما أو مقرة بهما جميعا أو منكرة لهما جميعا‏.‏

قال‏:‏ اقرارها وانكارها عندي واحد ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن الشهود إن كانوا عدولا كلهم فسخت النكاحين جميعا ونكحت من أحبت من غيرهما أو منهما وكانت فرقتهما تطليقة وإن كانت احدى البينتين عادلة والأخرى غير عادلة جعلت النكاح لصاحب العادلة منهما‏.‏

قلت‏:‏ وإن كانت واحدة أعدل من الأخرى‏.‏

قال‏:‏ أفسخهما جميعا إذا كانوا عدولا كلهم لأنهم كلتيهما عادلتان ولا يشبه هذا عند البيوع‏.‏

قلت‏:‏ لم‏.‏

قال‏:‏ لأن السلع لو ادعى رجل أنه اشترى هذه السلعة من هذا الرجل وأقام البينة وادعى رجل آخر أنه اشتراها من ربها وأقام البينة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ينظر إلى أعدل البينتين فيكون الشراء شراءه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن صدق البائع احدى البينتين وأكذب البينة الأخرى‏.‏

قال‏:‏ لا ينظر إلى قول البائع في هذ‏.‏

ملك الرجل امرأته وملك المرأة زوجها

قلت‏:‏ أرأيت إذا ملكت المرأة من زوجها شقصا أو ملك الرجل ذلك من امرأته أيفسد النكاح فيما بينهما أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يفسد النكاح فيما بينهما إذا ملك أحدهما من صاحبه قليلا أو كثيرا وسواء إن ملك أحدهما صاحبه بميراث أو شراء أو صدقة أو هبة أو وصية كل ذلك يفسد ما بينهما من النكاح‏.‏

قلت‏:‏ ويكون هذا فسخا أو طلاقا‏.‏

قال‏:‏ ذلك فسخ في قول مالك ولا يكون طلاقا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد إذا اشترته امرأته وقد بنى بها كيف يمهرها وعلى من يكون مهرها‏.‏

قال‏:‏ على عبدها‏.‏

قلت‏:‏ ولا يبطل‏.‏

قال‏:‏ لا يبطل قال وهو رأيي لأن مالكا قال لي في امرأة داينت عبدا أو رجل داين عبدا ثم اشتراه وعليه دينه ذلك إن دينه لا يبط فكذلك مهر تلك المرأة إذا اشترت زوجها لم يبطل دينها وإن كان لم يدخل بها فلا مهر لها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يزيد بن عياض عن عبد الكريم عن علقمة بن قيس والاسود بن يزيد أن عبد الله بن مسعود قال إذا كانت الأمة عند رجل بنكاح ثم اشتراها إن اشتراءه إياها يهدم نكاحه ويطؤها بملكه‏.‏

قالاابن وهب‏:‏ قال يزيد وأخبرني أبو الزناد أنها السنة التي أدرك الناس عليها‏.‏

ابن وهب‏:‏ وأخبرني في رجال من أهل العلم عن بن المسيب ويحيى بن سعيد مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن أبي ذئب أنه سأل بن شهاب وعطاء بن أبي رباح عن الرجل تكون الأمة تحته فيبتاعها فقالا يفسخ البيع النكاح‏.‏

قال‏:‏ فقلت لعطاء أيبيعها‏؟‏ قال نعم‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال مخرمة عن أبيه وبن قسيط أنه قال يصلح له أن يبيعها أو يهبها ‏(‏وقال‏)‏ ذلك عبد الله بن أبي سلمة وقال ينتظر بها حتى يعلم أنها حامل أم لا‏؟‏ ابن وهب‏:‏ عن عثمان بن الحكم ويحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في الحر يتزوج الأمة ثم يشتري بعضها إنه لا يطؤها ما دام فيها شرك قال ربيعة وأبو الزناد إنها لا تحل له بنكاح ولا بتسرر‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن أبي ذئب عن عبد ربه بن سعيد أنه سأل طاوسا اليماني عن امرأة تملك زوجها‏.‏

قال‏:‏ حرمت عليه ساعتئذ وإن لم تملك منه إلا قدر ذباب‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن شمر بن نمير عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب بذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس أنه سأل بن شهاب عن ذلك فقال إذا ورثت في زوجها شقصا فرق بينه وبينها فإنها لا تحل له من أجل إن المرأة لا يحل لها أن تنكح عبدها وتعتد منه عدة الحرة ثلاثة قروء‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال يونس وقال ربيعة إذا ورثت زوجها أو بعضه فقد حرمت عليه وإن أعتقته فأحب أن ينكحها نكحها ولا تستقر عنده بالنكاح الأول وإن أعتقته‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مخرمة عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر ونافع أنهما قالا لا ينكح المرأة العبد ولها فيه شرك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن امرأة اشترت زوجها أيفسد النكاح أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك يفسد النكاح‏.‏

قلت‏:‏ ويكون مهرها دينا على العبد‏.‏

قال‏:‏ نعم إن كان دخل بها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت هذه الأمة غير مأذون لها في التجارة فاشترت زوجها بغير اذن سيدها فأبى سيدها أن يجيز شراءها ورد العبد أيكونان على نكاحهما أم يبطل نكاحهما في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أرى ذلك وأراها امرأته وذلك أن الجارية إنما اشترت طلاق زوجها فلما لم يطلقها الزوج صار ذلك صلحا منها للسيد على فراق الزوج فلا يجوز للسيد أن يطلق على عبده ولا للأمة أن تشتريه إلا برضا سيدها‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال ابن نافع وسئل مالك عن الرجل يزوج عبده أمته ثم يهبها له ليفسخ نكاحه‏.‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك له فإن تبين أنه صنع ذلك لينزعها منه وليحلها بذلك لنفسه ولغير زوجها أو ليحرمها بذلك على زوجها فلا أرى ذلك له جائزا ولا أرى أن يحرمها ذلك على زوجها ولا تنتزع منه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ملك من امرأته شقصا ثم آلى منها أو ظاهر أيكون عليه لذلك شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا شيء عليه من الظهار ولا يلزمه ذلك والايلاء له لازم إن نكحها يوما ما‏.‏

قلت‏:‏ لم‏.‏

قال‏:‏ لأنها ليست بزوجته ولا هي له بملك يمين كلها فيقع عليه الظهار ألا ترى أنه إنما ملك منها شقصا إلا أن يتزوجها يوما ما فيرجع عليه الايلاء ولا يرجع عليه الظهار‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد يتزوج المرأة باذن سيده على صداق يضمنه سيده ثم يدفع سيد العبد العبد إلى المرأة فيما ضمن من الصداق برضاها قبل أن يدخل بها‏.‏

قال‏:‏ النكاح مفسوخ ويرد العبد إلى سيده سحنون لأن الفساد دخل من قبلها لأنها أخذت العبد على أن يمسها فلما لم يتم لها رجع العبد إلى سيده ولو كان دخل بها كان لها عبدا من سماع عيسى قلت لابن القاسم فلو جرحها فأسلمه سيده بجرحها أتحرم عليه‏؟‏ قال لا وهو على نكاحه لأنه ليس مالا من مالها هو لسيدها مال من ماله وهذا إذا كانت زوجته مملوكة في‏.‏

الذي لا يقدر على مهر امرأته

قلت‏:‏ أرأيت النقد متى يجب للمرأة أن تأخذ الزوج به كله ويلزم الزوج أن يدفع ذلك كله إليها‏.‏

قال‏:‏ سألت مالكا عنه فقال يتلوم للزوج إن كان لا يقدر على ذلك تلوماف بعد تلوم على قدر ما يرى السلطان وليس الناس كلهم في ذلك سواء منهم من يرجى له مال ومنهم من لا يرجى له مال فإذا استأصل التلوم له ولم يقدر على نقدها فرق بينهما‏.‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك وإن كان يقدر على النفقة‏.‏

قال‏:‏ نعم وإن كان يقدر على النفقة ثم سألناه مرة بعد مرة فقال مثل قوله الذي أخبرتك‏.‏

قلت‏:‏ قبل البناء وبعد البناء سواء في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم إلا أن مالكا قال هذا قبل البناء وأما إذا دخل بها فلا يفرق بينهما وإنما يكون ذلك دينا على الزوج تتبعه به بعد البناء كذلك قال مالك إذا أجرى النفقة وأما ما ذكر مالك إنما ذلك قبل البناء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة أليس يكون لها أن تلزم الزوج بجميع المهر قبل البناء في قول مالك إذا عقد نكاحها‏.‏

قال‏:‏ نعم إن كان مثل نكاح الناس على النقد فأما ما كان من مهر مؤخر إلى موت أو فراق فهذا يفسخ عند مالك إن لم يدخل بها وإن دخل بها كان النكاح جائزا ‏(‏وقال مالك‏)‏ مرة يقوم المهر المؤخر بقيمة ما يسوي إذا بيع نقدا ويعطاه ‏(‏وقال‏)‏ مرة ترد إلى مهر مثلها مما لا تأخير فيه وهو أحب قوله إلي أن تعطي مهر مثلها ويحسب عليها فيه ما أخذت من العاجل ويسقط عنه الآجل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة ولم يقدر على نقدها أيفرق بينهما‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يتلوم له السلطان ويضرب له أجلا بعد أجل فإن قدر على نقدها وإلا فرق بينهما‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك وإن كان يجري لها نفقتها‏.‏

قال مالك‏:‏ وإن كان يجري لها نفقتها فإنه يفرق بينهم‏.‏

في نفقة الرجل على امرأته

قلت‏:‏ أرأيت الرجل إذا تزوج متى يؤخذ بالنفقة على امرأته أحين يعقد النكاح أم حتى يدخل‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا دعوه إلى الدخول فلم يدخل لزمته النفقة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت صغيرة لا يجامع مثلها لصغرها فقالوا له أدخل على أهلك أو أنفق عليها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا نفقة عليه ولا يلزمه أن يدفع الصداق حتى تبلغ حد الجماع‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك الصبي إذا تزوج المرأة البالغة فدعته إلى أن يدخل بها فلا نفقة لها عليه وليس لها أن تقبض الصداق حتى يبلغ الغلام حد الجماع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت لا تستطيع جماعها تكون رتقاء وتزوجها رجلا قد بلغ أيكون لها النفقة إذا دعته إلى الدخول ويكون لها أن تقبض المهر أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا وزوجها بالخيار إن شاء فرق بينهما ولا مهر لها إلا أن تعالج نفسها بأمر يصل الزوج إلى وطئها ولا تجبر على ذلك قال فإن فعلت فهو زوجها ويلزمه الصداق والنفقة إذا دعته إلى الدخول فإن أبت أن تعالج نفسها لم تكره على ذلك وكان زوجها بالخيار إن شاء فرق بينهما ولا مهر لها وإن شاء أقام عليها‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في المريضة إذا دعوه إلى الدخول بها وكان مرضها مرضا يقدر على الجماع فيه فإن النفقة له لازمة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت التي لم يدخل بها أيكون لها النفقة على زوجها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ما منعته الدخول فلا نفقة لها وإذا دعى إلى الدخول فكان المنع منه أنفق على ما أحب أو كره‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن مرضت مرضا لا يقدر الزوج فيه على جماعها فدعته إلى البناء بها وطلبت النفقة‏.‏

قال‏:‏ ذلك لها قال ولم أسمعه من مالك إلا أنه بلغني ذلك عن مالك ممن أثق به أنه قال ذلك لها وإن كانت مريضة فلا بد له من أن يضمها وينفق عليها وهو رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت صغيرة لا يجامع مثلها فدعته إلى الدخول بها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تلزمه النفقة ولايلزم أن يدفع الصداق حتى تبلغ حد الدخول بها وكذلك الصبي لا تلزمه النفقة لامرأته إذا كانت كبيرة ولا يلزمه دفع النقد حتى يبلغ حد الجماع وهو الاحتلام وكذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت صغيرة لا يجامع مثلها فأراد الزوج أن يبني بها وقال أولياء الصبية لا نمكنك منها لأنك لا تقدر على جماعها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في رجل تزوج امرأة وشرطوا عليه أن لا يبني بها سنة‏.‏

قال‏:‏ إن كانوا إنما شرطوا له ذلك له من صغر أو كان الزوج غريبا فهو يريد أن يظعن بها وهم يريدون أن يستمتعوا منها فذلك لهم والشرط لازم وإلا فالشرط باطل‏.‏

فهذا يدلك على مسألتك أن ذلك لهم أن يمنعوه حتى تبلغ‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال يقال أيما رجل تزوج جارية صغيرة فليس عليه من نفقتها شيء حتى تدرك وتطيق الرجال فإذا أدركت فعليه نفقتها إن شاء أهلها حتى يبتني بها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس عن بن شهاب قال ليس للمرأة الناكح عند أبويها نفقة إلا أن يكون وليها خاصم زوجها في الإبتناء بها فأمره بذلك السلطان وفرض لها نفقة فتكون من حينئذ ولا شيء قبل ذلك‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ قال يونس وقال ابن وهب لا نفقة لها إلا أن يطلبوا ذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال إذا تزوج الرجل المرأة فتركها عشر سنين أو أكثر لم يدعه أهلها إلى البناء بها أو النفقة عليها فلا نفقة لها حتى يدخل بها أو يدعي إلى النفقة عليها أو البناء بها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج صبي امرأة بالغة زوجه أبوه فلما بلغ حد الجماع وذلك قبل أن يحتلم دعته المرأة إلى الدخول بها والنفقة عليها‏.‏

قال‏:‏ لا شيء لها حتى يحتلم كذلك قال مالك‏.‏

قال مالك‏:‏ حتى يبلغ الدخول وبلوغ الدخول عند الإحتلام‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت عروض الزوج هل يباع ذلك في النفقة على المرأة في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يلزم الزوج النفقة فإذا كان ذلك يلزمه فلا بد من أن يباع فيها ماله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد إذا لم يقو على نفقة امرأته حرة كانت أو أمة‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك يلزمه نفقة امرأته حرة كانت أو أمة‏.‏

قال‏:‏ فقلنا له وإن كانت تبيت عند أهلها‏.‏

قال‏:‏ نعم هي من الأزواج ولها الصداق وعليها العدة ولها النفقة ‏(‏وقال‏)‏ لنا مالك وكل من لم يقو على نفقة امرأته فرق بينهما ولم يقل لنا مالك حرة ولا أمة‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في رجل تزوج وهو صحيح ثم مرض بعد ذلك فقالت المرأة أعطني نفقتي وادخل علي والزوج لا يقدر على الجماع لمرضه‏.‏

قال مالك‏:‏ ذلك للمرأة أن تأخذ نفقتها أو يدخل عليها ولا يشبه هذا الصبي ولا الصبية‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن تزوجها وهي صحيحة ثم مرضت مرضا لا تستطيع الجماع معه فقالت المرأة ادخل علي أو أعطني نفقتي فقال الزوج لا أقدر على الجماع‏.‏

قال‏:‏ ذلك لها ويلزم الزوج أن يعطيها نفقتها أو يدخل عليها في رأيي وإنما ينظر في هذا إلى الصحة إذا وقع النكاح وهما جميعا يقدران على الوطء إذا وقع النكاح فلست ألتفت إلى ما أصابها بعد ذلك إلا أن يكون ذلك مرضا قد وقعت المرأة منه في السياق فهذا الذي لا يدخل عليها ثم إن دعته لأن دخول هذا وغير دخوله سواء‏.‏

قلت‏:‏ والصداق في هذا بمنزلة النفقة لها أن تأخذ صداقها من زوجها في هذه المسائل التي سألتك عنها في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ الصداق أوجب من النفقة فلها أن تأخذ الصداق في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ والصداق قد يلزمه حين تزوجها دخل بها أولم يدخل ولها أن تمنعه نفسها لأن تأخذ الصداق منه ومرضها هذا الذي مرضته ليس يمنع بعد الصحة في رأيي ألا ترى أنها لو جذمت بعد تزويجه ثم دعته إلى الدخول وجذامها لا يستطاع معه الجماع أنه يقال له ادفع الصداق وأنفق وادخل أو طلق‏.‏