فصل: في ارخاء الستور

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في وطء المسبية في دار الحرب

قلت‏:‏ أرأيت إذا قسم المغنم في دار الحرب فصار لرجل في سهمانه جارية فاستبرأها في دار الحرب بحيضة أيطؤها أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قوله ولا أرى به بأسا‏.‏

قال‏:‏ ومن الناس من يكرهه خوفا من أن تفر منه ولا أرى به بأسا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ في حديث أبي سعيد الخدري ما يدلك حين استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في سبي العرب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يكون عنده ثلاث نسوة في دار الإسلام فخرج إلى دار الحرب تاجرا فتزوج امرأة فخرج وتركها في دار الحرب فأراد أن يتزوج في دار الإسلام الخامسة‏.‏

قال‏:‏ لا يتزوج الخامسة لأنه وإن خرج وتركها لم تنقطع العصمة فيما بينهما‏.‏

في وطء السبية والاستبراء

قلت‏:‏ أرأيت السبي إذا كانوا من غير أهل الكتاب أيكون للرجل أن يطأ الجارية منهن إذا استبرأها قبل أن تجيبه إلى الإسلام إذا صارت في سهمانه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يطؤها إلا بعد الاستبراء وبعد أن تجيب إلى الإسلام‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حاضت ثم أجابت إلى الإسلام بعد الحيضة أيجزىء تلك الحيضة السيد من الاستبراء في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمعه من مالك وذلك يجزئ لأن مالكا قال لو أن رجلا ابتاع جارية وهو فيها بالخيار أو اشتريت فوضعت على يديه فحاضت على يديه حيضة قبل أن تختار أو حاضت عند هذا الذي وضعت على يديه فتولاها ممن اشتراها منه بغير تولية وهي في يديه وقد حاضت قبل ذلك إن تلك الحيضة تجزئه من الاستبراء‏.‏

فهذا يدلك على ما أخبرتك وتلك أثبت في الاستبراء لأنها قد حاضت في ملكه إلا أنه يمنعه من الوطء دينها الذي هي عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اشترى صبية مثلها يجامع أو لا يجامع مثلها وهي في هذا كله لم تحض وهي من غير أهل الكتاب أو صارت في سهمانه أيطؤها قبل أن تجيب إلى الإسلام‏.‏

قال‏:‏ أما من عرفت الإسلام منهن فإني أرى أن يطأها حتى يجبرها على الإسلام وتدخل فيه إذا كانت قد عقلت ما يقال لها‏.‏

قلت‏:‏ وكيف إسلامها الذي إذا أجابت إليه حل وطؤها والصلاة عليها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله أو صلت فقد أجابت أو أجابت بأمر يعرف به أيضا أنها قد أجابت ودخلت في الإسلام‏.‏

في عبد المسلم وأمته النصرانيين يزوج أحدهما صاحبه

قلت‏:‏ أرأيت العبد والأمة يكونان للرجل المسلم وهما نصرانيان أو يهوديان فزوج السيد الأمة من العبد أيجوز هذا النكاح في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يجوز‏.‏

قلت‏:‏ فإن أسلم العبد وامرأته نصرانية أو يهودية وهي أمة للسيد أو لغير السيد‏.‏

قال‏:‏ تحرم على العبد في رأيي كانت يهودية أو نصرانية إلا أن تسلم مكانها مثل المجوسية يسلم زوجها إنها إذا أسلمت مكانه كانت على النكاح لأنه لا ينبغي للعبد المسلم أن ينكح أمة يهودية ولا نصرانية وكذلك الحر المسلم إنه لا ينبغي له أن ينكح أمة يهودية ولا نصرانية‏.‏

قلت‏:‏ فإن أسلمت الأمة وزوجها عبد كافر‏.‏

قال‏:‏ هو أحق بها إن أسلم وهي في عدتها‏.‏

في الإرتداد

قلت‏:‏ أرأيت المرتد أتنقطع العصمة فيما بينهما إذا ارتد مكانه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك تنقطع العصمة فيما بينهما ساعة ارتد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة إذا ارتدت‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى إذا ارتدت المرأة أيضا أن تنقطع العصمة فيما بينهما ساعة ارتدت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا ارتد الزوج أيجعله مالك طلاقا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك إذا ارتد الزوج كانت تطليقة بائنة لا يكون للزوج عليها رجعة إن أسلم في عدتها‏.‏

قلت‏:‏ لم قال مالك في هذا إنها بائنة وهو لا يعرف البائنة‏.‏

قال لأنه قد تركها حين ارتد ولم يكن يقدر في حال ارتداده على رجعتها ‏(‏يونس‏:‏ عن بن شهاب أنه قال في الأسير إن بلغهم أنه تنصر ولم تقم بينة على أنه أكره فنرى أن تعتد امرأته ولا نرى له عليها رجعة ونرى أن يرجأ ماله وسريته ما لم يتبين فإن أسلم قبل أن يموت كان المال له وإن مات قبل أن يسلم كان في ماله حكم الإمام المجتهد وإن قامت بينة على أنه أكره فلا نرى أن يفرق بينه وبين امرأته ولا نرى إن حدث به حدث وهو بتلك المنزلة إلا أن يورث وراثة الإسلام فإن الله تبارك وتعالى قال ‏{‏إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان‏}‏ وقال عز وجل ‏{‏إلا أن تتقوا منهم تقاة‏}‏‏.‏

قال يونس‏:‏ وقال ربيعة في رجل أسر فتنصر إن ماله موقوف على أهله إذا بلغهم أنه تنصر ويفارق امرأته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرتد إذا تزوج يهودية أو نصرانية وهو مرتد ثم رجع إلى الإسلام أيقيم على ذلك النكاح أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك إذا ارتد فقد وقعت الفرقة بينه وبين أزواجه إذا كن مسلمات‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وتقع الفرقة بينه وبين أزواجه إذا كن من أهل الكتاب‏.‏

فهذا يدلك على أن نكاحه إياهن في حال ارتداده لا يجوز رجع إلى الإسلام أو لم يرجع ألا ترى أنه لا يقر على امرأته اليهودية أو النصرانية حين ارتد وكذلك لا يجوز نكاحه إياهن في حال ارتداده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المسلم تكون تحته اليهودية فيرتد المسلم إلى اليهودية أيفسد نكاحه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال في المرتد تحرم عليه امرأته فأنا أرى في هذا أن تحرم عليه امرأته يهودية كانت أو نصرانية أو ما كانت‏.‏

في حدود المرتد والمرتدة وفرائضهما

قلت‏:‏ أرأيت من ارتد عن الإسلام أيسقط عنه ما كان قد وجب عليه من النذور وما ضيع من الفرائض الواجبة التي وجب عليه قضاؤها أو مرض في رمضان فوجب عليه قضاؤه أو الحدود التي هي لله أو للناس إذا رجع إلى الإسلام أيسقط عنه شيء من هذه الأشياء‏.‏

قال‏:‏ يسقط عنه كل ما وجب لله عليه إلا الحدود والفرية والسرقة وحقوق الناس وما لو كان عمله كافر في حال كفره ثم أسلم لم يوضع عنه‏.‏

ومما يبين لك ذلك أنه يوضع عنه ما ضيع من الفرائض التي هي لله أنه لو حج حجة الإسلام قبل ارتداده ثم ارتد ثم رجع إلى الإسلام أن عليه أن يحج بعد رجوعه إلى الإسلام حجة أخرى حجة الإسلام قال مالك لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ‏{‏لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ‏{‏ فحجه من عمله وعليه حجة أخرى فهذا يخبرك أن كل ما فعل من الفرائض قبل ارتداده لم ينفعه فكذلك ما ضيع قبل ارتداده ولا يكون عليه شيء وهو ساقط عنه‏.‏

قلت‏:‏ فإن ثبت على ارتداده أيأتي القتل على جميع حدوده التي عليه إلا الفرية فإنه يجلد على الفرية ثم يقتل‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ ويأتي القتل على القصاص الذي هو للناس‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وتحفظ هذا عن مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المسلم يتزوج من بعد الردة أيرجم أم لا‏؟‏ يرجم‏.‏

قال‏:‏ لا أرى أن يرجم ولم أسمعه من مالك ولكن مالكا سئل عنه إذا ارتد وقد حج ثم رجع إلى الإسلام أيجزئه ذلك الحج‏.‏

قال‏:‏ لا حتى يحج حجة مستأنفة فإذا كان عليه حجة الإسلام حتى يكون إسلامه ذلك كأنه مبتدأ مثل من أسلم كان ما كان من زنا قبله موضوعا عنه وما كان لله وإنما يؤخذ في ذلك بما كان للناس من الفرية أو السرقة مما لو عمله وهو كافر كان ذلك عليه وكل ما كان لله مما تركه قبل ارتداده من صلاة تركها أو صيام أفطره من رمضان أو زكاة تركها أو زنا زناه فذلك كله موضوع ويستأنف بعد أن يرجع إلى الإسلام ما كان يستأنفه الكافر إذا أسلم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وهذا أحسن ما سمعت وهو رأيي‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والمرتد إذا ارتد وعليه أيمان بالعتق أو عليه ظهار أو عليه أيمان بالله قد حلف بها إن الردة تسقط ذلك عنه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يوصي بوصايا ثم يرتد فيقتل على ردته أيكون لأهل الوصايا شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يرثه ورثته فأرى أنه لا شيء لأهل الوصايا أيضا ولا تجوز وصية رجل إلا في ماله وهذا المال ليس هو للمرتد وقد صار لجماعة المسلمين ووصاياه قبل الردة بمنزلة وصيته بعد الردة ألا ترى أنه لو أوصى بعد الردة بوصية لم تجز وصيته وماله محجوب عنه إذا ارتد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن مرض فارتد فقتل على ردته فقامت امرأته فقالت فر بميراثه مني‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه‏؟‏ قال لا يتهم ها هنا أحد أن يرتد عن الإسلام في مرضه لئلا يرثه ورثته قال وميراثه للمسلمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرتد إذا مات له بن على الإسلام وهو على حال ارتداده أيكون له في ميراث ابنه شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سمعت مالكا يقول في النصراني أو العبد إذا أمات ابنهما حرا مسلما إنهما لا يرثانه ولا يحجبان فإن أسلم النصراني بعد موت ابنه أو عتق العبد بعد ما مات ابنه وإن كان ذلك قبل أن يقسم ميراث الابن فلا شيء لهما من الميراث وإنما الميراث لمن وجب له يوم مات الميت وكذلك المرتد عندي‏.‏

كتاب الايمان بالطلاق وطلاق المريض

الأيمان بالطلاق

قلت‏:‏ لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إن طلق رجل امرأته فقال له رجل ما صنعت فقال هي طالق هل ينوي ان قال إنما أردت أن أخبره أنها طالق بالتطليقة التي كنت طلقتها‏.‏

قال‏:‏ نعم ينوي ويكون القول قوله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال رجل لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق أو ان أكلت أو شربت أو لبست أو ركبت أو قمت أو قعدت فأنت طالق ونحو هذه الأشياء أتكون هذه أيمانا كلها‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها إذا حضت أو أن حضت فأنت طالق‏.‏

قال‏:‏ ليس هذا بيمين لأن هذا يلزم الطلاق الزوج مكان حين تكلم بما تكلم به من ذلك كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق إذا شئت‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن المشيئة لها وإن قامت من مجلسها ذلك حتى توقف فتقضى أو تترك فإن هي تركته فجامعها قبل أن توقف أو تقضي فلا شيء لها وقد بطل ما كان في يديها من ذلك قال ابن القاسم وإنما قلت لك في الرجل الذي يقول لامرأته أنت طالق إن شئت إن ذلك بيدها حتى توقف وإن تفرقا من مجلسهما لأن مالكا قد ترك قوله الأول في التمليك ورجع إلى أن قال ذلك بيدها حتى توقف فهو أشكل من التمليك لأن مالكا قد كان يقول مرة إذا قال الرجل لغلامه أنت حر إذا قدم أبي أو أنت حر إن قدم أبي كان يقول هما مفترقان قوله إذا قدم أبي أشد وأقوى عندي من قوله ان قدم أبي ثم رجع فقال هما سواء إذا وإن فعلي هذا رأيت قوله إذا شئت فأنت طالق وإن شئت فأنت طالق على قوله إذا قدم أبي فأنت حر وإن قدم أبي فأنت حر‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قبلته أيكون هذا تركا لما كان جعل لها من ذلك‏.‏

قال‏:‏ نعم وهذا رأيي ولم أسمعه من مالك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلت إن قال أمرك بيدك فهو مثل هذا‏.‏

قال‏:‏ نعم وإنما الذي سمعت من مالك في أمرك بيدك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته إذا دخلت الدار فأنت طالق ثم قال لها بعد ذلك إذا دخلت الدار فأنت طالق والدار التي حلف عليها هي دار واحدة فدخلت الدار كم يقع عليها‏.‏

قال‏:‏ يقع عليها تطليقتان إلا أن يكون نوى بقوله في المرة الثانية إذا دخلت الدار فأنت طالق يرد به الكلام الأول ولم يرد به تطليقة ثانية لأن مالكا قال لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته إن كلمت فلانا فأنت طالق ثم قال بعد ذلك إن كلمت فلانا فأنت طالق أنه أن كان أراد بالكلام الثاني اليمين الأولى فكلمه فإنما يلزمه تطليقة وإن كان لم يرد بالكلام الثاني اليمين الأولى فكلمه فهما تطليقتان ولا يشبه هذا عند مالك الإيمان بالله الذي يقول والله لا أفعل كذا وكذا ثم يقول بعد ذلك والله لا أفعل كذا وكذا لذلك الشيء بعينه أنه إنما يجب عليه كفارة واحدة ولا يشبه هذا الطلاق في قول مالك قال ابن القاسم وفرق ما بين ذلك لو أن رجلا قال والله والله والله لا أكلم فلانا فكلمه أنه إنما يجب عليه كفارة واحدة وإذا قال أنت طابق أنت طالق أنت طالق إن كلمت فلانا أنها طالق ثلاثا إن كلمه إلا أن يكون نوى بقوله أنت طالق أنت طالق أنت طالق إن كلمت فلانا أنها طالق ثلاثا إن كلمه إلا أن يكون نوى بقوله أنت طالق أنت طالق أنت طالق واحدة وإنما أراد بالبقية أن يسمعها فهذا فرق ما بينهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال رجل لامرأته أنت طالق إن كنت تحبيني أو قال أنت طالق إن كنت تبغضيني‏.‏

قال‏:‏ قال مالك وسأله رجل عن امرأة وقع بينها وبين زوجها كلام فقالت فارقني فقال الزوج إن كنت تحبي فراقي فأنت طالق ثلاثا فقالت المرأة فإني أحب فراقك ثم قالت بعد ذلك ما كنت إلا لاعبة وما أحب فراقك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أرى أن يفارقها ويعتزلها ولا يقيم عليها يصدقها مرة ويكذبها مرة هذا لا يكون ولا يقيم عليها‏.‏

قلت‏:‏ ليس هذه مسئلتي إنما مسئلتي أنه قال إن كنت تبغضيني فأنت طالق فقالت لا أبغضك وأنا أحبك قال ابن القاسم أنه لا يجبر على فراقها ويؤمر فيما بينه وبين الله أن يفارقها لأنه لا يدري أصدقته أم لا‏؟‏ فأحسن ذلك أن لا يقيم على امرأة لا يدري كيف هي تحته أحلال أم حرام وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجلين يقول أحدهما لصاحبه امرأته طالق إن لم تكن قلت لي كذا وكذا ويقول الآخر امرأتي طالق إن كنت قلت لك كذا وكذا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يدينان جميعا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق إذا حاضت فلانة لامرأة له أخرى أو أجنبية إذا كانت ممن تحيض‏.‏

قال‏:‏ أرى أنها طالق ساعة تكلم بذلك لأن هذا أجل من الآجال في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته إذا حضت فأنت طالق فأوقعت عليه الطلاق في قول مالك مكانه فاعتدت المرأة فلم تر حيضا في عدتها فاعتدت إثني عشر شهرا ثم تزوجها بعد انقضاء عدتها زوجها الحالف فخاضت عنده أيقع عليها بهذه الحيضة طلاق أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يقع عليها في قول مالك بهذه الحيضة طلاق لأن الطلاق الذي أوقعه مالك عليها حين حلف إنما هو لهذه الحيضة وقد أحنثته في يمينه بهذه الحيضة ولا تحنثه بها مرة أخرى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها أنت طالق إن لم أطلقك‏.‏

قال‏:‏ يقع الطلاق مكانه حين تكلم بذلك وقد‏؟‏ قال لا تطلق إلا أن ترفعه إلى السلطان وتوقفه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته ان أكلت هذا الرغيف فأنت طالق فطلقها واحدة وانقضت عدتها فتزوجت زوجا غيره فأكلت نصف الرغيف في ملك الزوج الثاني ثم طلقها الزوج الثاني فانقضت عدتها فتزوجها الزوج الأول الحالف فأكلت نصف الرغيف عنده أيقع عليها الطلاق في قول مالك إذا أكلت من ذلك الرغيف الذي حلف عليه قليلا أو كثيرا‏.‏

قال‏:‏ نعم ما بقي من طلاق ذلك الملك الذي حلف فيه شيء فإذا انقضى طلاق ذلك الملك الذي حلف فيه لم يقع عليها ان أكلت الرغيف في ملك الحالف أو بعض الرغيف طلاق لأنه إنما كان حالفا بطلاق ذلك الملك فإذا ذهب طلاقه فقد ذهب الذي كان به حالفا فصار بمنزلة من لا يمين عليه‏.‏

قال‏:‏ وسئل مالك عن رجل كان بينه وبين رجل شر وكان لأحد الرجلين أخ فلقي أخوه الذي نازع أخاه فقال قد بلغني الذي كان بينك وبين أخي أمس وامرأته طالق البتة ان لم يكن لو كنت حاضرا لفقأت عينيك قال مالك أراه حانثا لأنه حلف على شيء لا يبر فيه ولا في مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال أنت طالق إذا قدم فلان أو ان قدم فلان‏.‏

قال‏:‏ لا تطلق عليه حتى يقدم فلان فيما أخبرتك من قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ لم لا تطلقون عليه وأنتم لا تدرون لعل فلانا يقدم فيكون هذا قد طلق امرأته وقد وطئها بعد الطلاق وأنتم تطلقون بالشك‏.‏

قال‏:‏ ليس هذا من الشك وليس هذا وقتا هو آت على كل حال وإنما هو يطلق المرأة على الرجل الذي يشك في يمينه فلا يدري أبر فيها أم حنث وهذا لم يحنث بعد إنما يحنث بقدوم فلان وإنما مثل ذلك لو أن رجلا قال امرأته طالق ان كان كلم فلان بن فلان ثم شك بعد ذلك فلا يدري أكلمه أم لا‏؟‏ فهذا الذي تطلق عليه امرأته عند مالك لأنه لما شك في يمينه التي حلف بها فلا يدري لعله في يمينه حانث فلما وقع الشك طلقت عليه امرأته لأن يمينه قد خرجت منه وهو لا يتيقن أنه فيها بار فكل يمين لا يعلم صاحبها أنه فيها بار ويمينه بالطلاق فهو حانث وهذا الآخر لا يشبه الذي قال أنت طالق ان قدم فلان لأنه على بر وهو يتيقن أنه لم يحنث بعد وإنما يكون حنثه بقدوم فلان ولم يطلق إلى أجل من الآجال‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو قال رجل لامرأته إذا حبلت فأنت طالق‏.‏

قال‏:‏ لا يمنع من وطئها فإذا وطئها مرة واحدة فأرى أن الطلاق قد وقع عليها لأنها بعد وطئه أول مرة قد صارت بمنزلة امرأة قال لها زوجها ان كنت حاملا فأنت طالق ولا يدري أنها حامل أم لا‏؟‏ وقد قال مالك في مثل هذه أنها طالق لأنه لا يدري أحامل هي أم لا‏؟‏ وكذلك قال مالك في امرأة قال لها زوجها إن لم تكوني حاملا فأنت طالق ثلاثا أنها تطلق مكانها لأنه لا يدري أحامل هي أم لا‏؟‏ فأرى مسئلتك على مثل هذا من قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قالها أنت طالق بعد قدوم فلان بشهر‏.‏

قال‏:‏ إذا قدم فلان وقع الطلاق عليها مكانه ولا ينتظر بها الاجل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل إذا‏؟‏ قال لامرأته وهي غير حامل إذ حملت فوضعت فأنت طالق‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأنا أرى ان كان وطئها في ذلك الطهر أنها طالق مكانها ولا ينتظر بها أن تضع ولا أن تحمل‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك ولا تحبس ألف امرأة لامرأة واحدة يكون أمرها في الحمل غير أمرهن ولأني سمعت مالكا يقول في الرجل يقول لامرأته ان لم يكن بك حمل فأنت طالق‏.‏

قال‏:‏ فإن مالك هي طالق حين تكلم ولا يستأبى بها النظر والذي يقول لامرأته إذا وضعت فأنت طالق بمنزلتها ولا يستأبى بها لينظر أنها حامل أم لا‏؟‏ لأنها لو هلكت قبل أن يستبين أن بها حملا أو ليس بها حمل لم ينبغ له أن يرثها وكذلك حجة مالك في الذي يقول لامرأته ان لم يكن بك حمل فأنت طالق فقال له بن أبي حازم أو غيره يا أبا عبد الله لم لا يستأبى بها حتى يعلم أحامل هي أم لا‏؟‏ فقال له أرأيت لو استؤنى به فماتت قبل أن يتبين أيرثها قالوا لا قال فكيف أوقف امرأة على زوج لو ما تعلم يرثها فالذي سألت عنه عندي مثل هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته إذا مت فأنت طالق قال مالك لا تطلق عليه لأنه إنما طلقها بعد موته‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال إذا مت فأنت طالق قال مالك لا تطلق عليه لأنه إنما طلقها بعد موته‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال إذا مات فلان فأنت طالق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك تطلق عليه حين تكلم بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق كلما حضت حيضة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في الذي يقول لامرإته إذا حضت حيضة فأنت طالق أنها تطلق تلك الساعة فأرى في مسئلتك أنها طالق الساعة ثلاث تطليقات‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أنت طالق كلما جاء يوم أو كلما جاء شهر أو كلما جاءت سنة‏.‏

قال‏:‏ أرى أنها طالق ثلاثا ساعة تكلم بذلك لأن مالكا قال من طلق امرأته إلى أجل هو آت فهي طالق حين تكلم به‏.‏

قلت‏:‏ رأيت إن طلقتها عليه ثلاثا بهذا القول ثم تزوجها بعد زوج أيقع عليها من يمينه تلك شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا شيء عليه من يمينه تلك عند مالك لأن يمينه التي كانت بالطلاق في ذلك الملك قد ذهب ذلك الملك فذهب طلاقه كله وإنما كان حالفا بطلاق ذلك الملك الذي قد ذهب وذهب طلاقه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها أنت طالق قبل موتك بشهر متى يقع الطلاق‏.‏

قال‏:‏ يقع الطلاق مكانه حين تكلم بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت رجلا‏؟‏ قال لامرأته وهي حامل إذا وضعت فأنت طالق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أراها طالقا حين تكلم به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأة أجنبية أنت طالق غدا ثم تزوجها قبل غد أيقع عليها الطلاق أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يقع الطلاق عليها إلا أن يكون أراد بقوله ذلك ان تزوجتها فهي طالق غدا فإن أراد بقوله ذلك فتزوجها فهي طالق مكانها وقال ابن القاسم قلت لمالك فرجل‏؟‏ قال لامرأته ونزلت هذه المسألة بالمدينة وكان بين رجل وامرأته منازعة فسألته الطلاق فقال إن لم يكن بك حمل فأنت طالق أفترى أن يستأبى بها حتى يتبين أنها حامل أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك بل أراها طالقا حين تكلم بذلك ولا يستأبى بها قال ابن القاسم وأخبرني بعض جلساء مالك أنه قيل له لم طلقت عليه حين تكلم قبل أن يعلم أنها حامل أم لا‏؟‏ قال أرأيت لو استأنيت بها حتى أعلم أنها حامل فماتت أكان لزوج أن يرثها فقيل له لا فقال فكيف يترك رجل مع امرأة ان ماتت لم يرثها ‏(‏وأخبرني‏)‏ محمد بن دينار أن مالكا سئل عن رجل‏؟‏ قال لامرأته وكانت تلد له الجواري فحملت فقال لها إن لم يكن في بطنك غلام فأنت طالق البتة فإنك قد أكثرت من ولادة الجواري فقال أراها طالقا الساعة ولا ينتظر بها أن تضع‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فإن ولدت غلاما هل ترد إليه‏.‏

قال‏:‏ لا لأن الطلاق قد وقع وإنم ذلك عند مالك بمنزلة قوله إن لم تمطر السماء في شهر كذا وكذا في يوم كذا وكذا فأنت طالق البتة قال مالك تطلق عليه الساعة ولا ينتظر به لأن هذا من الغيب فإن مطر في ذلك اليوم الذي قال وسمي لم ترد إليه قال مالك ولا يضرب له في ذلك أجل إلى ذلك اليوم لينظر أيكون فيه المطر أم لا‏؟‏ قال ابن القاسم وأخبرني بعض جلسائه أنه قيل لمالك ماذا تقول في الرجل يقول إن لم يقدم أبي إلى يوم كذا وكذا فامرأتي طالق البتة قال مالك هذا لا يشبه المطر لأن هذا يدعى أن الخبر قد جاءه والكتاب بأن ولده سيقدم ولي هذا كمن حلف على الغيب ولم أسمعه من مالك ولكنه قد أخبرني به أوثق من أعرف من أصحابه الذين بالمدينة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها أنت طالق إن لم أدخل هذه الدار وان لم أعتق عبدي فلانا أيقع الطلاق عليها ساعة تكلم بذلك‏.‏

قال‏:‏ لا يقع عليها في قول مالك الطلاق حين تكلم بذلك ولكن يحال بينه وبين وطئها ويقال له افعل ما حلفت عليه فإن لم يفعل ورفعت أمرها إلى السلطان ضرب لها السلطان أجلا أربعة أشهر من يوم يرفع ذلك إلى السلطان ولا ينظر إلى ما مضى من الشهور أو السنين من يوم حلف ما لم ترفعه إلى السلطان وليس يضرب لها السلطان أجل الايلاء في قول مالك إلا في هذا الوجه وحده لأن كل ايلاء وقع في غير هذا الوجه من غير أن يقول ان لم أفعل كذا وكذا حلف بالله أن لا يطأها أو يمشي أو ينذر صياما أو عتاقة أو طلاق امرأة له أخرى أو يعتق رقبة عبده أو حلف لغريم له أن لا يطأ امرأته حتى يقضيه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك فهذا كله وما أشبهه هو مول منها من يوم حلف وليس من يوم ترفعه إلى السلطان ولا يحتاج في هذا إلى أن ترفعه إلى السلطان لأن هذا إذا وطىء قبل أن يرفعه إلى السلطان فلا ايلاء عليه وقد بر والوجه الأول هو وإن وطيء فيه قبل أن ترفعه إلى السلطان فإن ذلك لا يسقط عنه اليمين التي عليه إذا كان لم يفعلها فهذا فرق ما بينهما‏.‏

قلت‏:‏ وما حجتك حين قلت في الرجل الذي‏؟‏ قال لامرأته ان لم أطلقك فأنت طالق أنها طالق ساعتئذ وقد قلت عن مالك في الذي يقول لامرأته انلم أدخل هذه الدار فأنت طالق أنه يحال بينه وبينها ويضرب له أجل الايلاء من يوم ترفعه إلى السلطان فلم لا تجعل الذي قال ان لم أطلقك فأنت طالق مثل هذا الذي قال ان لم أدخل الدار فأنت طالق وما فرق ما بينهما‏.‏

قال‏:‏ لأن الذي حلف على دخول الداران دخل سقط عنه الطلاق ولان الذي حلف بالطلاق ليطلقن ليس برة إلا في أن يطلق في كل وجه يصرفه إليه فلا بد من أن يطلق عليه مكانه حين تكلم بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال ان كلمت فلانا فأنت طالق ثم قال ان كلمت فلانا لآخر فأنت طالق فكلمهما جميعا كم يقع عليه من الطلاق أواحدة أم اثنتان‏.‏

قال‏:‏ يقع عليها اثنتان ولا ينوي وإنما ينوي في قول مالك لو أنه قال ان كلمت فلانا فأنت طالق ثم قال ان كلمت فلانا فأنت طالق لفلان ذلك لعينه ومسئلتك لا تشبه هذا‏.‏

قلت‏:‏ أريت جوابك هذا أهو قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم هو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لوأن رجلا نظر إلى امرأة فقال لها ان تزوجتك فأنت طالق ثم قال كل امرأة أتزوجها من هذه القرية فهي طالق وتلك المرأة المحلوف عليها في تلك القرية فتزوجها كم يقع عليها أواحدة ام اثنتان‏.‏

قال‏:‏ أرى أنها يقع عليها تطليقتان ولا ينوى لأنه قال كل امرأة أتزوجها من هذه القرية فلم يقصد قصدها بعينها فلذلك لا ينوي وإنما هي بمنزلة أن لو‏؟‏ قال لامرأة ان تزوجتك فأنت طالق ثم قال لها ولنساء معها ان تزوجتكن فأنتن طوالق فتزوجها بعد ذلك أنها تطلق عليه تطليقتين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال الرجل إذا تزوجت فلانة فهي طالق طالق طالق أو قال يا فلانة انت طالق طالق طالق ان تزوجتك فهذا في قول مالك سواء ان قدم قوله ان تزوجتك قبل الطلاق أو قدم الطلاق قبله‏.‏

قال‏:‏ نعم هذا سواء في قول مالك والقول فيه ما قد وصفته لك من قوله انت طالق أنت طالق أنت طالق أنت طالق أنت طالق أنه يدين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال لها قبل أن يتزوجها أنت طالق أنت طالق أنت طالق يوم أتزوجك فتزوجها‏.‏

قال‏:‏ انها طالق ثلاثا إلا ان يكون أراد بقوله أنت طالق المرتين الاخيرتين التطليقة الاولى فتكون له نيته ولا تطلق عليه إلا تطليقة واحدة فإن لم تكن له نية فهي ثلاث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال لها أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق يوم أتزوجك فتزوجها‏.‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن رجل‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق فوقف عنها مالك وكأن الذي رأيته يريد بقوله أنه لا ينويه في ذلك وأنها ثلاث وهو وأبي بن وهب عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعائشة وبن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن هم قالوا إذا طلق الرجل البكر ثلاثا البتة قبل أن يدخل بها لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره وقاله أبو هريرة وبن عباس فقال الرجل فإنما كان طلاقي إياها واحدة فقال ابن عباس أنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل ذكره مالك عن بن عباس‏.‏

قال مالك‏:‏ وقال أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص طلاق البكر الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره قال ربيعة إذاقال لامرأته قبل أن يدخل بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق وكان كلاما نسقا متتابعا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال لها أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق‏.‏

قال‏:‏ سألت ملكا عنها فقال فيها اشكال وأرى أنها طالق ثلاثا‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فإن قال لها أنت طالق ثم أنت طالق ثم نت طالق‏.‏

قال‏:‏ هذه بينة لا ينوي وهي ثلاث البتة وأنا أرى أنه إذا قال أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق أنه لا ينوي ويكون ثلاث تطليقات‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق ان كنت أحب طلاقك وهو يحب طلاقها بقلبه‏.‏

قال‏:‏ هي طالق‏.‏

قلت‏:‏ هذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ هذا رأيي لأن من حلف على شيء أنه لا يحبه وهو يحبه فإنما ينظر إلى ما في قلبه‏.‏

قلت‏:‏ رأيت لو ن رجلا‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق ثلاثا ان دخلت هذه الدار فطلقها ثلاثا فتزوجت زوجا بعده ثم مات عنها فتزوجها زوجها الاول ثم دخلت الدار وهي في ملكه وهو الحالف‏.‏

قال‏:‏ لا يحنث كذلك قال لي مالك لأنه إنما كان حالفا بطلاق ذلك الملك الذي طلقها فيه ثلاثا وقد ذهب الطلاق الذي كان حلف به كله فهي إذا دخلت الدار من ذي قبل وهي في ملكه فلا طلاق عليها لان الملك الذي حلف به قد ذهب وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان إنما حلف بالثلاث ان دخلت الدار فطلقها واحدة ثم تزوجه بعد زوج أو بعد انقضاء عدتها وقد دخلت الدار وهي في مالك الزوج الثاني أو دخلت الدار حين انقضت عدتها قبل أن تتزوج فتزوجها زوجها الحالف بعد زوج أو بعد انقضاء عدتها إلا أنها قد دخلت الدار وليست في ملكه ثم دخلت بعد ما تزوجها أيحنث أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم يحنث عند مالك بالتطليقتين الباقيتين من طلاق الملك الذي حلف به لأنه قد بقي من طلاق ذلك الملك تطليقتان ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره لأنه حين تزوجها وان كان تزويجه اياها بعد زوج فإنما رجعت إليه على التطليقتين الباقيتين في قول مالك ولم ترحع إليه على الثلاث لأنه قد بقي من طلاق ذلك الملك تطليقتان وكل ملك بقي من طلاقه شيء فتزوجها زوجها بعد زوج أو قبل زوج فإنها ترجع إلى زوجها على بقية طلاق ذلك الملك وإنما ترجع عند مالك على الطلاق ثلاثا ابتداء إذا ذهب طلاق ذلك الملك كله فتزوجها بعد زوج فهذه ترجع على طلاق مبتدأ عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ ولم جعلته يحنث إذا دخلت الدار وهي في ملكه بعد نكاحه المرة الثانية وهي قد دخلت الدار إذ بانت منه‏.‏

قال‏:‏ لأنها لما دخلت الدار إذ كانت بائنة منه لم يحنث بذلك الدخول عند ملك ألا ترى أن الزوج لا يلزمه بذلك الدخول شيء فإذا رجعت إليه فدخلت الدار حنث الآن‏.‏

وكذلك قال مالك في العبد يشتريه الرجل فيحلف بحريته ان فعل كذا وكذا فباع العبد ثم فعل ذلك الشيء الذي حلف عليه ثم اشتراه ثم فعل ذلك الشيء الذي حلف عليه والعبد في ملكه أنه حانث ولا تسقط عنه اليمين حين فعل والعبد في غير ملكه قال مالك ولو أن رجلا حلف بعتق غلام له ان لا يكلم رجلا فباعه فكلم الرجل ثم اشتراه أو وهب له وتصدق به عليه فقبله انه ان كلم الرجل حنث لان اليمين لازمه له لم تسقط عنه حين كلم الرجل والعبد في غير ملكه قال مالك ولو ورثه هذا الحالف ثم كلم الرجل الذي حلف بعتق هذا العبد أن لا يكلمه لم أرعليه حنثا لأنه لم يدخله على نفسه وإنما جره إليه الميراث‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فلو فلس هذا الحالف فباعه السلطان عليه ثم كلم فلانا ثم أيسر يوما فاشتراه قال مالك ان كلمه حنث ورى بيع السلطان العبد في التفليس بمنزلة بيع السيد اياه طائعا ‏(‏وسئل‏)‏ مالك عن امرأة من آل الزبير حلفت بعتق جارية لها أن لا تكلم فلانا فبلغت جاريتها تلك وكلمت فلانا ثم ان الجارية وقعت إلى أيها ثم مات أبوها فورثتها الحالفة واخوة لها فباعوا الجارية فاشترتها في حصتها أترى أن تكلم فلانا ولا تحنث‏.‏

قال‏:‏ أرى ان كانت الجارية هي قدر ميراثها من أبيها أو الجارية أقل من ذلك فلا أرى عليها حنثا واشتراؤها إياها عندي في هذا الموضع بمنزلة مقاسمتها اخوتها وان كانت الجارية أكبر من ميراثها فانها ان كلمته حنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال رجل لامرأته انت طالق ان دخلت هذه الدار فطلقها تطليقتين ثم تزوجت زوجا غيره ثم مات عنها فرجعت إلى زوجها الحالف فدخلت الدار كم تطلق أواحدة أم ثلاثا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك تطلق واحدة ولا تحل له الا بعد زوج لأنها رجعت إليه على بقية طلاق ذلك الملك واما كان حالفا بالتطليقتين اللتين كان طلق وبهذه التي بقيت له فيها يحنث ولا يحنث بغيرها وليس عليه شيء مما يحنث به في يمينه إلا هذه التطليقة الباقية‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا قال الرجل لامرأته إذا حضت فأنت طالق‏.‏

قال‏:‏ هي طالق الساعة ويجبر على رجعتها وتعتد بطهرها الذي هي فيه من عدتها وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال لها وهي حائض إذا طهرت فأنت طالق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هي طالق الساعة ويجبر على رجعتها قال مالك وإذا قال لها وهي حامل إذا وضعت فأنت طالق فهي طالق الساعة‏.‏

قلت‏:‏ أريت ان‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق يوم أدخل دار فلان فدخلها ليلا أيقع عليها الطلاق في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ أرى أن الطلاق واقع عليها ان دخلها ليلا أو نهارا إلا أن يكون أراد بقوله يوم أدخل النهار دون الليل فإن كان أراد النهار دون الليل فالقول قوله وينوي في ذلك لان النهار من الليل والليل من النهار في هذا النحو من قول مالك إذا لم يكن له نية‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك ان قال ليلة أدخل دار فلان فأنت طالق فدخلها نهارا‏.‏

قال‏:‏ هذا مثل ما وصفت لك إلا أن يكون أراد الليل دون النهار‏.‏

قال‏:‏ وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه والفجر وليال عشر فقد جعل الله الأيام مع الليالي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال امرأته طالق ان دخل دار فلان ودار فلان فدخل احدى الدارين أتطلق عليه امرأته أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ تطلق عليه امرأته إذا دخل إحدى الدارين‏.‏

قلت‏:‏ فإن دخل الدار الأخرى بعد ذلك أتطلق عليه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا تطلق عليه في قول مالك لأنه قد حنث في يمينه التي حلف بها فلا يقع عليه شيء بعد ذلك‏.‏

ما جاء في الشك في الطلاق

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته فلم يدر كم طلقها أواحدة أم اثنتين أم ثلاثا كم يكون هذا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره قال ابن القاسم وأرى ان ذكر وهي في العدة أنه لم يطلق إلا واحدة واثنتين أنه يكون أملك له فإن نقضت عدتها قبل أن يذكر فلا سبيل له إليها وان ذكر بعد انقضاء العدة أنه إنما كانت تطليقة أو تطليقتين فهذا خاطب من الخطاب وهو مصدق في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان لم يذكر كم طلقها ففرقت بينهم ثم تزوجها رجل بعد انقضاء عدتها ثم طلقها هذا الزوج الثاني أو مات عنها أتحل لزوج الذي لم يدركم طلقها‏.‏

قال‏:‏ تحل له بعد هذا الزوج لأنه ان كان إنما طلقها واحدة رجعت عنده على اثنتين وان كان إنما طلقها اثنتين رجعت إليه على واحدة وان كان انما طلقها ثلاثا فقد أحلها هذا الزوج فن طلقها هذا الزوج أيضا تطليقة واحدة فانقضت عدتها أو لم تنقض عدتها لم يحل له أن ينكحها إلا بعد زوج لانه لا يدري لعل طلاقه إياها انما كان تطليقتين فقد طلق أخرى فهذا لا يدري لعل الثلاث انما وقعت بهذه التطليقة التي طلق فإن تزوجت بعد ذلك زوجا آخر فمات أو طلقها فانقضت عدتها فتزوجها الزوج الاول فطلقها أيضا تطليقة انه لا يحل له أن ينكحها إلا بعد زوج أيضا لانه لا يدري لعل الطلاق الاول انما كان تطليقة واحدة والطلاق الثاني انما كان تطليقة ثانية وان هذه الثالثة فهو لا يدري لعل هذه التطليقة الثالثة فلا يصلح له أن ينكحها حتى تنكح زوجا غيره‏.‏

قلت‏:‏ فإن نكحت زوجا غيره ثم طلقها أو مات عنها هذا الزوج الثالث ثم تزوجها هذا الزوج الاول أيضا‏.‏

قال‏:‏ ترجع إليه على تطليقة أيضا بعد الثلاثة الأزواج إلا أن يبت طلاقها وهي تحته في أي نكح كان‏.‏

قال‏:‏ فإن بت طلاقها فيه ثم تزوجت بعده زوجا ثم رجعت إليه رجعت على طلاق مبتدأ‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا قال الرجل لامرأته ان دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فقالت المرأة قد دخلت الدار وكذبها الزوج‏.‏

قال‏:‏ أما في القضاء فلا يقضي عليه بطلاقها ويستحب للزوج أن لا يقيم عليها لانه لا يدري لعلها قد دخلت الدار‏.‏

قال‏:‏ وكذلك قال لي مالك في رجل لامرأته وسألها عن شيء فقال إن لم تصدقني وان كتمتي فأنت طالق البتة فأخبرته‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أرى أن يفارقها ولا يقيم عليها قال مالك وما يدريه أصدقته أم لا‏؟‏ قال ابن القاسم وسمعت الليث يقول مثل قول مالك فيها‏.‏

قلت‏:‏ أرايت ان قالت قد دخلت الدار فصدقها الزوج ثم قالت المرأة بعد ذلك كنت كاذبة‏.‏

قال‏:‏ إذا صدقها الزوج فقد لزمه ذلك في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن لم يصدقها وقالت قد دخلت ثم قالت بعد ذلك كنت كاذبة‏.‏

قال‏:‏ أرى أنه ينبغي له أن يجتنبها ويخليها فيما بينه وبين الله تعالى ولا يقيم عليها وأما في القضاء فلا يلزمه ذلك‏.‏

ما جاء في الشك في الطلاق

قلت‏:‏ أرأيت إذا شك الرجل في يمينه فلا يدري بطلاق حلف أم بعتق أم بصدقة أو بمشي كان يبلغنا عن مالك أنه قال في رجل حلف فحنث فلا يدري بأي ذلك كانت بيمينه أبصدقة أم بطلاق أم بعتق أم بمشي إلى بيت الله‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أنه يطلق امرأته ويعتق عبيده ويتصدق بثلث ماله ويمشي إلى بيت الله‏.‏

قلت‏:‏ ويجبر على الطلاق والعتق والصدقة في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يجبر على شيء من هذا لا على الطلاق ولا على العتق ولا على الصدقة ولا المشي ولا شيء من هذه الأشياء إنما يؤمر به فيما بينه وبين الله تعالى في الفتيا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو حلف بطلاق امرأته فلا يدري أحنث أم لم يحنث أكان مالك يأمره أن يفارقها‏.‏

قال‏:‏ نعم كان يأمره أن يفارقها‏.‏

قلت‏:‏ رأيت إن كان هذا الرجل موسوسا في هذا الوجه قال ابن القاسم لا أرى عليه شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته قد طلقتك قبل أن أتزوجك أيقع عليه شيء من الطلاق أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أرى أنه لا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو قال قد طلقتك وأنا مجنون أو وأنا صبي‏.‏

قال‏:‏ ان كان يعرف بالجنون فلا شيء عليه وكذلك قوله قد طلقتك وأنا صبي أنه لا يقع عليه به الطلاق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طلق بالعجمية وهو فصيح بالعربية أتطلق عليه امرأته أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في الطلاق بالعجمية شيئا وأرى أن ذلك يلزمه إذا شهد عليه العدول ممن يعرف العجمية أنه طلاق بالعجمية‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال رجل لامرأته يدك طالق أو رجلك طالق أو اصبعك طالق‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في ذلك شيئا وأرى أنه إذا طلق يدا أو رجلا أو ما أشبه ذلك فهي طالق كلها وكذلك الحرية‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق بعض تطليقة‏.‏

قال‏:‏ لم أسمعه من مالك وأرى أن يجبر على تطليقة فتكون تطليقة كاملة فتكون قد لزمته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لأربع نسوة له بينكن تطليقة أو تطليقتان أو ثلاث أو أربع‏.‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيا ولكن أرى أنه إذا قال بينكن أربع تطليقات أو دون الأربع أنها تطليقة تطليقة على كل واحدة منهن وإن قال بينكن خمس تطليقات إلى أن تبلغ ثماني فهي اثنتان فإن قال تسع تطليقات فقد لزم كل امرأة منهن ثلاث تطليقات‏.‏

قال‏:‏ ولم أسمع هذا من مالك قال ابن القاسم وهو رأيي بن وهب عن يونس أنه سأل بن شهاب عن الرجل‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق سدس من تطليقة‏.‏

قال‏:‏ نرى أن يوجع من قال ذلك جلدا وجيعا ويكون تطليقة تامة وهو أملك بها قال يونس قال ربيعة من‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق بعض تطليقة تامة وأن سليمان بن حبيب المحاربي أخبر أن عمر بن عبد العزيز قال له لا تقل السفهاء سفههم إذا قال السفيه لامرأته أنت طالق نصف تطليقة فاجعلها واحدة وان قال واحدة ونصفا فاجعلها اثنتين وان قال اثنتين ونصفا فاجعلها البتة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال إحدى امرأتي طالق ثلاثا ولم ينو واحدة منهما بعينها أيكون له أن يوقع الطلاق على أيتهما شاء‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا لم ينو حين تكلم بالطلاق واحدة بعينها طلقتا عليه جميعا وذلك أن ملكا قال في رجل له امرأتان أو أكثر من ذلك فقال امرأة من نسائي طالق ثلاثا ان فعلت كذا وكذا ففعله‏.‏

قال‏:‏ ان كان نوى واحدة منهن بعينها حين حلف طلقت تلك عليه وإلا طلقن جميعا بما حلف به وإن كان نوى واحدة منهن بعينها فنسيها طلقن عليه جميعا‏.‏

قلت‏:‏ وما حجة مالك في هذا‏.‏

قال‏:‏ لأن الطلاق ليس يختار فيه في قول مالك ‏(‏وقال ابن القاسم‏)‏ حدثنا يحيي بن عبد الله بن سالم بن عبد الله وعمر بن الخطاب أن عمر بن عبد العزيز قضى به في رجل من أهل البادية كان يسقي على ماء له فأقبلت ناقة له فنظر إليها من بعيد فقال امرأته طالق البتة وله امرأتان إن لم تكن فلانة لناقة له فأقبلت ناقة غير تلك الناقة فقدم الاعرابي المدينة فدخل على أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وهو عامل لعمر بن عبد العزيز على المدينة وعمر يومئذ خليفة فقص عليه قصته فأشكل عليه القضاء فيها فكتب إلى عمر في ذلك فكتب إليه عمر ان كان نوى واحدة منهما حين حلف فهو ما نوى وإلا طلقتا جميعا عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال إحداكما طالق وقال قد نويت هذه بعينها وعليه بنية حين حلف فيهما أيصدق ف قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طلق إحدى امرأتيه ثلاثا فنسيها أيلزمه الطلاق فيهما جميعا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يلزمه الطلاق فيهما جميعا‏.‏

قلت‏:‏ فهل يقال له طلق من ذي قبل التي لم تطلق أو يقال له طلقهما جميعا من ذي قبل‏.‏

قال‏:‏ ما سألنا مالكا عن هذا ولكن مالكا قال يطلقان عليه جميعا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال إحداهما طالق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يطلقان عليه جميعا إذا لم ينو واحدة منهما‏.‏

ما جاء في الاستثناء في الطلاق

قلت‏:‏ أرأيت الاستثناء في الطلاق فيقول مالك‏.‏

قال‏:‏ ذلك باطل والطلاق لازم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال فلانة طالق إن شاء فلان أيكون ذلك استثناء ويوقع الطلاق عليها مكانه ولا يلتفت إلى مشيئة فلان في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ليس قوله أنت طالق إن شاء فلان مثل قوله أنت طالق ان شاء الله وإنما الاستثناء في قول مالك أنت طالق إن شاء الله فالطلاق فيه لازم وأما إذا قال إن شاء فلان فلا تطلق حتى يعرف أيشاء فلان أم لا‏؟‏ يشاء‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال أنت طالق إن شاء فلان وفلان ميت أيقع الطلاق الساعة عليها في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أراها تطلق لأنا نعرف أن الميت لا يشاء فقد انقطعت مشيئته ولا يشاء أبدا‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال أنت طالق إن شاء فلان فمات فلان قبل أن يشاء وقد علم بذلك أو لم يعلم حتى هلك أتطلق مكانها حين مات الذي جعلت إليه المشيئة في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ هو عندي بمنزلة من قال ذلك للميت الذي قد انقطعت مشيئته إذا لم يشأ حتى مات فلا طلاق عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها أنت طالق إن شاء الله أتطلق مكانها في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك لي لا ثنيا في الطلاق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها أنت طالق إن شاء هذا الشيء لشيء لا يشاء شيئا مثل الحجر والحائط‏.‏

قال‏:‏ أرى أنه لا شيء عليه لأنه جعل المشيئة لمن لا تعلم له مشيئة ولا يستطيع الناس علم مشيئته فجعل المشيئة إليه فلا طلاق عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأة كلما تزوجتك فأنت طالق ثلاثا فتزوجها فطلقت ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج أتطلق ثلاثا أيضا في قول مالك‏؟‏ قال نعم قال مالك إذا قال كلما فاليمين له لازمة كلما تزوجها بعد زوج‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا قال إذا تزوجتك ومتى ما تزوجتك وإن تزوجتك أهذه بمنزلة كلما في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك إن تزوجتك أبدا وإذا تزوجتك فلا يكون إلا على مرة واحدة ومتى ما تزوجتك فلا يكون إلا على مرة واحدة إلا أن يريد بذلك مثل قوله كلما تزوجتك فإن أراد بقوله متى ما كلما فهو كما نوى وإن لم ينو شيئا فهو على أول مرة ولا شيء عليه غيره وهذا كله قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأة ليست له بامرأة أنت طالق يوم أكلمك أو يوم تدخلين الدار أو يوم أطؤك أيقع الطلاق إذا تزوجها فكلمها أو وطئها أو دخلت الدار‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يقع عليه الطلاق إلا أن يكون أراد بقوله ذلك إن تزوجتها ففعلت هذا فهي طالق إذا كان أراد بقوله ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء عليه وليتزوج أربعا قال مالك وكذلك لو كان هذا في يمين أيضا قال إن دخلت الدار فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فدخل الدار فليتزوج ما شاء من النساء ولا يقع الطلاق عليه لأنه قد عم فقال كل امرأة قال مالك وكذلك لو كان عنده ثلاث نسوة أو امرأتان كان له أن يتزوج اثنتين تمام الاربع فإن طلق منهن شيئا فله أن يتزوج إن شاء وهذا كمن لم يحلف‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك لو كانت تحته امرأتان فقال ان دخلت هذه الدار فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فدخل الدار كان له أن يتزوج ولا يكون عليه في المرأتين اللتين يتزوج شيء وهو كمن لم يحلف قال مالك وكذلك لو قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق أو قال ان دخلت الدار فكل امرأة تزوجها فهي طالق فدخل الدار أنهما سواء لا يكون عليه شيء وهو كمن لم يحلف قال مالك فإن قال كل امرأت أتزوجها إن دخلت هذه الدار فهي طالق فتزوج امرأة ثم دخل الدار أنه لا شيء عليه في امرأته التي تزوج وليتزوج فيما يستقبل ولا شيء عليه لأنه كمن لم يحلف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال كل امرأة أتزوجها إلا من أهل الفسطاط فهي طالق‏.‏

قال‏:‏ يلزمه الطلاق فيقول مالك إن تزوج من غير الفسطاط‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق إلا من قرية كذا وكذا وذكر قرية صغيرة‏.‏

قال‏:‏ أرى ذلك لا يلزمه إذا كانت تلك القرية ليس فيها ما يتزوج‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق إلا فلانة وسمى امرأة بعينها ذات زوج أو لا زوج لها‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه‏؟‏ قال لا أرى عليه شيئا قال وهو بمنزلة رجل قال ان لم أتزوج فلانة فكل امرأة أتزوجها فهي طالق وهو رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال إن لم أتزوج من الفسطاط فكل امرأة أتزوجها فهي طالق لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أنه لا يتزوج إلا من الفسطاط ولا لزمه الحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال كل امرأة أتزوجها إلى أربعين سنة أو ثلاثين سنة فهي طالق‏.‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن غلام بن عشرين سنة أو نحو ذلك حلف في سنة ستين ومائة أن كل امرأة يتزوجها إلى سنة مئتين فهي طالق قال مالك ذلك عليه أن تزوج طلقت عليه قال ابن القاسم وهذا قد حلف على أقل من أربعين سنة وأرى والذي بلغني عن ملك أنه لا يتزوج إلا أن يخاف على نفسه العنت وذلك أن يكون لا يقدر على مال فيتسرر منه فيخاف على نفسه العنت فيتزوج‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال وهو شيخ كبير إن تزوجت إلى خمسين سنة فكل امرأة أتزوجها فهي طالق وقد علم أنه لا يعيش إلى ذلك الأجل‏.‏

قال‏:‏ ما سمعته من مالك ولكن سمعت من أثق به يحكي عن مالك أنه قال إذا ضرب من الآجال أجلا يعلم أنه لا يعيش إلى ذلك الأجل فهو كمن عم النساء فقال كل امرأة أتزوجها فهي طالق ولم يضرب أجلا فلا تكون يمينه هذه بشيء ولا يلزمه من يمينه طلاق ولهذا أن يتزوج ‏(‏وقال‏)‏ في الذي يحلف فيقول كل امرأة أتزوجها إلى مائتي سنة طالق فيمينه باطل وله أن يتزوج متى ما شاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال كل امرأة أتزوجها من الفسطاط أو قال كل امرأة أتزوجها من همدان أو من مراد أو من بني زهرة أو من الموالي فهي طالق فتزوج امرأة من الفسطاط أو من مراد أو من همدان‏.‏

قال‏:‏ تطلق عليه في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوجها بعد ما طلقت عليه‏.‏

قال‏:‏ يرجع عليه اليمين ويقع الطلاق ان تزوجها ثانية‏.‏

قلت‏:‏ فإن تزوجها ثلاث مرات فبانت منه بثلاث تطليقات ثم تزوجها بعد زوج أيقع الطلاق عليه أيضا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم يقع الطلاق عليها كلما تزوجها وإن بعد ثلاث تطليقات وكذلك قال مالك ولقد سئل مالك عن رجل من العرب كانت تحته امرأة من الموالي فعاتبه بنو عمه في تزويج الموالي فقال كل امرأة أتزوجها من الموالي فهي طالق ثلاثا فقضى أنه طلق المرأة التي كانت تحته ثم أراد أن يتزوجها فسأل عن ذلك مالكا فقال مالك لا تتزوجها وأراها قد دخلت في اليمين وإن كانت تحته يوم حلف لأنها من الموالي فلا يتزوجها‏.‏

قلت‏:‏ ولا شيء عليه ما لم يطلقها في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم لا شيء عليه ما لم يطلقها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال كل امرأة أتزوجها ما عاشت فلانة فهي طالق وهذه التي حلف في حياتها هي امرأته‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن كانت له نية أنه إنما راد بها ما عاشت فلانة أي ما كانت عندي فكل امرأة أتزوجها فهي طالق أنه يدين في ذلك ويكون له نيته وليس له أن يتزوج ما كانت تحته فإذا فارقها كان له أن يتزوج فإن لم يكن له نية فلا يتزوج حتى تموت امرأته التي حلف أن لا يتزوج ما عاشت طلقها أو كانت تحته وهذا من وجه ما فسرت لك أنه ليس له أن يتزوج إلا أن يخاف العنت فإن خاف العنت تزوج‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق فطلق امرأته واحدة أو ثلاثا ثم تزوج امرأة ثم تزوج امرأته التي حلف لها أن لا يتزوج عليها فتزوجها بعد زوج أو قبل زوج إن كان الطلاق تطليقة أيقع على الاجنبية التي تزوج من الطلاق شيء أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا طلق امرأته التي حلف أن لا يتزوج عليها ثلاثا ثم تزوج امرأة ثم تزوج امرأته التي حلف أن لا يتزوج عليها أنه لا شيء عليه في التي يتزوج ولا في امرأته التي حلف لها وإن كان طلاقه إياها واحدة فانقضت عدتها ثم تزوج امرأة ثم تزوجها عليها قال مالك فإنها تطلق أيتهن كانت فيها اليمين ما بقي من ملك ذلك الطلاق شيء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق فطلقها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج ثم تزوج عليها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يلزمه اليمين‏.‏

قلت‏:‏ لم‏.‏

قال‏:‏ لان طلاق الملك الذي كان حلف فيه قد ذهب كله ألا ترى أنه قال كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق فلما ذهب ملك المرأة التي تحته فلا يمين عليه وكذلك المسألة الاولى‏.‏

قلت‏:‏ فإذا هو طلقها تطليقة ثم تزوجها ثم تزوج عليها‏.‏

قال‏:‏ تطلق التي تزوج عليها في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن طلقها تطليقة ثم تزوج أجنبية ثم تزوج امرأته‏.‏

قال‏:‏ قال مالك تطلق عليه الاجنبية‏.‏

قلت‏:‏ لم وإنما قال كل امرأة أتزوجها عليك فهو إنما تزوج أجنبية ثم تزوجها على الأجنبية‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يلزمه الطلاق تزوجها قبل الاجنبية أو تزوج الاجنبية قبلها ما بقي من طلاق امرأته التي كانت في ملكه شيء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت نيته حين حلف أن لا يتزوج عليها كانت نيته أن لا يتزوج عليها ولكن أراد أن يتزوجها هي على غيرها لئلا يكون عليه يمين‏.‏

قال‏:‏ لم أر مالكا ينويه في شيء من هذا‏.‏

قال‏:‏ وقال لي مالك ما بقي من طلاق ذلك الملك شيء فهو سواء أن تزوجها على الاجنبية أو تزوج الاجنبية عليها عند مالك ما بقي من طلاق تلك المرأة شيء فإنما أراد أن لا يجمع بينهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال كل امرأة أتزوجها عليك فأمرها بيدك فطلقها واحدة ثم تزوجها بعد انقضاء عدتها ثم تزوج عليها في هذا الملك الثاني‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا تزوج عليها في الملك الثاني فأمر التي تزوج عليها في يدها ما بقي من طلاق ذلك الملك الذي حلف فيه شيء‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك ان تزوج أجنبية بعد ما طلق التي قال لها كل امرأة أتزوجها عليك فأمرها بيدك ثم تزوج هذه التي جعل لها ما جعل أيكون أمر الاجنبية في يدها أم لا‏؟‏ وإنما تزوجها على الاجنبية ولم يتزوج الاجنبية عليها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن هو تزوجها على الاجنبية أو تزوج الاجنبية عليها فذلك سواء وذلك في يدها ما بقي من طلاق ذلك الملك الذي قال لها فيه أمر كل امرأة أتزوجها عليك في يدك شيء‏.‏

قلت‏:‏ وسواء إن شرطوا ذلك عليه في عقدة النكاح أو كان هو الذي تبرع بذلك فجعله لها بعد عقدة النكاح أهو سواء في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم هو سواء في قول مالك ‏(‏مالك بن أنس‏)‏ ويونس بن يزيد عن بن شهاب عن بن المسيب وحميد بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار أخبروه كلهم عنأبي هريرة أنه قال استفتيتعمر بن الخطاب عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة أو تطليقتين ثم يتركها حتى تحل ثم تنكح زوجا غيره فيموت عنها أو يطلقها فيخطبها زوجها الأول الذي طلقها فينكحها على كم تكون عنده قال عمر تكون عنده على ما بقي من طلاقها وقال يونس في الحديث فإذا طلقها ثلاث تطليقات لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ثم ان نكحها بعد استقبل الطلاق كاملا من أجل أنه لم يبق له من الطلاق شيء مسلمة بن علي عن رجل عن عمرو بن شعيب أن أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص قالوا هي عنده على ما بقي من الطلاق إذا طلقها واحدة أو اثنتين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن امرأة اشترطت على زوجها أن لا يتزوج عليها فإن فعل فأمر نفسها بيدها فتزوج عليها فطلق امرأته نفسها ثلاثا أيكون ذلك لها ان أنكر الزوج الثلاث‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في هذه المسألة بعينها ان ذلك لها ولا ينفع الزوج انكاره‏.‏

قلت‏:‏ وسواء ان كان قد دخل بها أو لم يدخل بها حتى تزوج عليها‏.‏

قال‏:‏ الذي حملنا عن مالك أن ذلك شرط لها دخل بها أو لم يدخل بها لأنها حين شرطت إنما شرطت ثلاثا فلا يبالي دخل بها حين تزوج عليها أو لم يدخل بهالها أن تطلق نفسها ثلاثا فإن طلقت نفسها ثلاثا بانت منه وإن طلقت واحدة فإن كانت مدخولا بها كان الزوج أملك بها وإن كانت غير مدخول بها كانت بائنا بها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طلقت نفسها واحدة أيكون لها أن تطلق نفسهاأخرى بعد ذلك‏.‏

قال‏:‏ إذا وقفت فطلقت نفسها واحدة لم يكن لها أن تطلق نفسها أخرى بعد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فإن طلقت نفسها واحدة ولم توقف أيكون لها أن تطلق نفسها بعد الواحدة أخرى أو تمام الطلاق في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ إذا طلقت نفسها واحدة بعد ما تزوج عليها وأن لم توقف على حقها فليس لها أن تطلق بعد ذلك غيرها لأنها قد تركت ما بعد الواحدة وقضت في الذي كان لها بالطلاق الذي طلقت به نفسها وإنما توقف حتى تقضي أو ترد إذا لم تفعل شيئا فأما إذا فعلت وطلقت نفسها واحدة فهي بمنزلة من وقفت فطلقت نفسها واحدة فليسلها بعد ذلك أن تطلق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج عليها امرأة فلم تقض ثم تزوج عليها أخرى بعد ذلك أيكون لها أن تطلق نفسهاأم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لها أن تطلق نفسها ثلاثا إن أحبت أو واحدة أو اثنتين وتحلف بالله ما كانت تركت الذي كان لها من ذلك حين تزوج عليها وأنها إنما رضيت بنكاحه تلك الواحدة ولم ترض أن يتزوج عليها أخرى قال مالك ويكون لها أن تقول إنما تركته أن يتزوج هذه الواحدة ولم أقض لعله يعتب فيما بقي فلذلك لم أقض‏.‏

قال‏:‏ فيكون لها إذا حلفت على ذلك أن تقضي إذا تزوج عليها ثانية‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان تزوج عليها فلم تقض ثم طلق التي تزوج عليها ثم تزوجها بعينها فقضت امرأته بالطلاق على نفسها أيكون ذلك لها والزوج يقول إنما تزوجت عليك من قد رضيت بها مرة‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه قال ذلك لها أن تطلق نفسها لأنها وإن كانت رضيت بها أول مرة فلم ترض بها بعد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته إن لم أتزوج عليك اليوم فأنت طالق ثلاثا فتزوج عليها نكاحا فاسدا‏.‏

قال‏:‏ أرى أن تطلق عليه امرأته لأن مالكا قال في جارية قال لها سيدها ان لم أبعك فأنت حرة لوجه الله فباعها فإذا هي حامل منه قال مالك تعتق لأنه لا بيع له فيها حين كانت حاملا فهذا يشبه مسئلتك في النكاح‏.‏

قلت‏:‏ فإن تزوج عليها أمة‏.‏

قال‏:‏ آخر ما فراقنا عليه مالكا أنه قال نكاح الأمة على الحرة جائز إلا أن للحرة الخيار إذا تزوج عليها الأمة إن اختارت أن تقيم معه أقامت وان اختارت مفارقته فارقته ونزلت هذه بالمدينة فقال فيها مالك مثل ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ وتكون الفرقة تطليقة‏.‏

قال‏:‏ نعم قال وقال مالك وإن رضيت أن تقيم فالمبيت بينهما بالسوية يساوي بينهما بالقسم ولا يكون للحرة الثلثان وللأمة الثلث‏.‏

قلت‏:‏ أريت إن قال كل امرأة أتزوجها من أهل الفسطاط فهي طالق ثلاثا فتزوج امرأة من أهل الفسطاط فبنى بها أيكون عليه مهر ونصف أم مهر واحد‏.‏

قال‏:‏ عليه مهر واحد في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ وما حجة مالك حين لم يجعل لها إلا مهرا واحدا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هي عندي بمنزلة رجل حنث في الطلاق فلم يعلم فوطىء أهله بعد حنثه ثم علم إنه لا شيء عليه إلا المهر الأول الذي سمى لها‏.‏

قلت‏:‏ أيكون عليها عدة الوفاة إن دخل بهاثم مات عنها في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا وإنما عليها ثلاث حيض‏.‏

قلت‏:‏ رأيت لو أن رجلا قال كل امرأة أتزوجها من أهل الفسطاط طالق فوكل رجلا يزوجه فزوجه امرأة من أهل الفسطاط أتطلق عليه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ تطلق عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن وكله أن يزوجه بعد يمينه ولم يسم له موضعا فزوجه من الفسطاط فقال الزوج إني قد كنت حلفت في كل امرأة أتزوجها من أهل الفسطاط بالطلاق وأنا إنما وكلتك أن تزوجني من لا تطلق علي‏.‏

قال‏:‏ لا ينظر في ذلك إلى قول الزوج والنكاح له لازم إلا أن يكون قد نهاه عن نساء أهل الفسطاط‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يحلف أن لا يبيع سلعة كذا وكذا فيوكل غيره ببيعها أنه حانث قال ابن القاسم فهذا عندي مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت رجلا قال لرجل أخبر امرأتي بطلاقها متى يقع الطلاق يوم يخبرها أو يوم قال له أخبرها‏.‏

قال‏:‏ يقع الطلاق في قول مالك يوم قال له أخبرها‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يخبرها‏.‏

قال‏:‏ فالطلاق واقع في قول مالك وإن لم يخبرها لأن مالكا قال في رجل أرسل رسولا إلى امرأته يخبرها أنه قد طلقها فكتمها الرسول ذلك‏.‏

قال‏:‏ لا ينفعه وقد وجب عليه الطلاق‏.‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا وسئل عن رجل يكتب إلى امرأته بطلاقها فيبدو له فيحبس الكتاب بعد ما كتب قال مالك إن كان كتب حين كتب ليستشير وينظر ويختار فذلك له والطلاق ساقط عنه وإن كان كتب حين كتب مجمعا على الطلاق فقد وقع عليه الحنث وإن لم يبعث بالكتاب‏.‏

قال‏:‏ فكذلك الرسول حين بعثه بالطلاق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان حين كتب الكتاب غير عازم على الطلاق فاخرج الكتاب من يده أتجعله عازما على الطلاق بخروج الكتاب من يده أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظ من مالك في هذا شيئا وأراه حين أخرج الكتاب من يده أنها طالق إلا أن يكون إنما أخرج الكتاب من يده إلى الرسول وهو غير عازم فذلك له أن يردها أحب ما لم يبلغها الكتاب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الأخرس هل يجوز طلاقه ونكاحه وشراؤه وبيعه ونحده إذا قذف ويحد قاذفه ويقتص له في الجراحات ويقتص منه‏.‏

قال‏:‏ نعم هذا جائز فيما سمعت وبلغني عن مالك إذا كان هذا كله يعرف من الأخرس بالإشارة أو بالكتاب يستيقن منه فذلك لازم للاخرس‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الأخرس إذا أعتق أو طلق أيجوز ذلك في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ أرى ما وقف على ذلك وأشير به إليه فعرفه أن ذلك لازم له يقضي به عليه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن كتب بيده الطلاق والحرية‏.‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن ذلك يلزمه في الإشارة فكيف لا يلزمه في الكتاب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المبرسم أو المحموم الذي يهذي إذا طلق امرأته أيجوز طلاقه‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا وسئل عن مبرسم طلق امرأته بالمدينة فقال مالك إن لم يكن معه عقله حين طلق فلا يلزمه من ذلك شيء‏.‏

قلت‏:‏ أيجوز طلاق السكران‏.‏

قال‏:‏ نعم قال مالك طلاق السكران جائز‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم ومخالطة السكران جائزة‏.‏

قال‏:‏ نعم ومخالعته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت طلاق المكره ومخالعته‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجوز طلاق المكره ومخالعته مثل ذلك عندي‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك نكاح المكره وعتق المكره لا يجوز في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المجنون هل يجوز طلاقه‏.‏

قال‏:‏ إذا طلق في حين يخنق فيه فطلاقه غير جائز وإذا طلق إذا انكشفت عنه فطلاقه جائز وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ رأيت المعتوه هل يجوز طلاق المعتدة في قول مالك على مال قال لأن المعتدة إنما هو مطبق عليه ذاهب العقل‏.‏

قلت‏:‏ فالمجنون عند مالك الذي يخنق أحيانا ويفيق أحيانا ويخنق مرة وينكشف عنه مرة‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ والمعتوه المجنون المطبق عليه في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ والسفيه‏.‏

قال‏:‏ السفيه الضعيف العقل في مصلحة نفسه البطال في دينه فهذا السفيه‏.‏

قلت‏:‏ فهل يجوز طلاق السفيه في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أيجوز طلاق الصبي في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك لا يجوز طلاق الصبي حتى يحتلم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن نصرانية تحت نصراني أسلمت المرأة فطلقها زوجها بعد ما أسلمت وهي في عدتها وزوجها على النصرانية أيقع طلاقه عليها في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يقع طلاقه عليها في قول مالك ولا يقع طلاق المشرك على امرأته في قول مالك‏.‏

قال مالك‏:‏ وطلاق المشرك ليس بشيء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت طلاق المشركين هل يكون طلاقا إذا أسلموا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ليس ذلك بطلاق‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد أنه سأل بن شهاب عن رجل قال هذا فلان فقال رجل ليس به فقال امرأته طالق ثلاثا إن لم يكن فلانا وقال إن كلم فلانا فامرأته طالق ثلاثا فكلمه ناسيا‏.‏ فقال‏:‏ رأى أن يقع عليه الطلاق‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس أنه سأل ربيعة عن رجل ابتاع سلعة فسأله رجل بكم أخذتها فأخبره فقال لم تصدقني فطلق امرأته البتة إن لم يخبره فقال بكم أخذتها فقال بدينار ودرهمين ثم أنه ذكر فقال أخذتها بدينار وثلاثة دراهم فقال ربيعة أرى أن خطأه بما نقص أو زاد سواء قد طلق امرأته البتة وحديث عمر بن عبد العزيز في البدوي الذي حلف على ناقة له فأقبلت أخرى وله امرأتان إن عمر قال له إن لم يكن نوى واحدة فهما طالقتان ‏(‏وقال‏)‏ جابر بن زيد في رجل قال إن كان هذا الشيء كذا وكذا وهو علمه أنه كذلك فكان على غير ما قال قال جابر يلزمه ذلك في الطلاق إن كان حلف بالطلاق بن وهب عن يونس بن يزيد أنه سأل بن شهاب عن رجل اؤتمن امرأته على مال ثم سألها المال فجحدته فقال إن لم أكن دفعت إليك المال فأنت طالق البتة‏.‏

قال‏:‏ نرى هذا حلف على سريرة لم يطلع عليها أحد من الناس غيره وغيرها فقال أرى أن يوكلا إلى الله ويحملا ما يحملا ‏(‏وقال‏)‏ ربيعة ويحيي بن سعيد مثل ذلك ‏(‏وأخبرني‏)‏ محمد بن عمرو عنابن جريج عنعطاء أنه قال إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن شاء الله فلذلك عليه‏.‏

قال‏:‏ وقال سعيد بن المسيب مثله ‏(‏وقال الليث‏)‏ لا استثناء في طلاق بن وهب عن بن لهيعة عن عبد ربه بن عيد عن إياس بن معاوية المزني أنه قال في الرجل يقول لامرأته أنت طالق أو لعبده أنت حر إن فعلت كذا وكذا فبدأ بالطلاق أو بالعتق‏.‏

قال‏:‏ هي يمين إن بر فيها بر وإن لم يفعل فلا شيء عليه ولا نرى ذلك إلا على ما أضمر بن وهب عن السري بن يحيي عنالحسن البصري بذلك قالابن وهب عن يحيي بن أيوب أنه سأل ربيعة عن رجل قال لجارية امرأته إن ضربتها فأنت طالق البتة ثم رماها بحجر فشجها‏.‏

قال ربيعة‏:‏ أما أنا فأراها قد طلقت ‏(‏وقال‏)‏ يحيى بن سعيد مثله ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب عن يونس أنه سأل ربيعة عن الذي يقول إن لم أضرب فلانا فعلي كذا وكذا وأنت طالق البتة قال ربيعة ينزل بمنزلة الايلاء إلا أن يكون حلف بطلاقها البتة ليضربن رجلا مسلما وليس له على ذلك الرجل وتر ولا أدب وإن ضربه إياه لو ضربه خديعة من ظلم فإن حلف على ضرب رجل هو بهذه المنزلة فرق بينه وبين امرته لا ينتظر به ولا نعمة عين قال ربيعة ولو حلف بالبتة ليشربن خمرا أو بعض ما حرم الله عليه ثم رفع ذلك إلى الامام رأيت ن يفرق بينهما بن وهب عن يونس عن بن شهاب أنه قال في رجل قال إن لم أفعل كذا وكذا فامرأته طالق ثلاثا قال ابن شهاب إن سمى أجلا أراده أو عقد عليه قلبه حمل ذلك في دينه وأمنته واستحلف ان اتهم وان لم يجعل ليمينه أجلا ضرب له أجل فإن أنفذ ما حلف عليه فبسبيل ذلك وإن لم ينفذ ما حلف عليه فرق بينه وبين امرأته صاغرا قميئا فإنه فتح ذلك على نفسه في اليمين الخاطئة التي كانت من نزغ الشيطان ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب عن الليث عن ربيعة أنه قال في رجل‏؟‏ قال لامرأته إن لم خرج إلى افريقية فأنت طالق ثلاثا قال ربيعة يكف عن امرأته ولا يكون منها بسبيل فإن مرت به أربعة أشهر نزل بمنزلة المولى وعسى أن لا يزال موليا حتى يأبى افريقية ويفي في أربعة أشهر بن وهب وقال ربيعة في الذي يحلف بطلاق امرأته البتة ليتزوجن عليها أنه يوقف عنها حتى لا يطأها ويضرب له أجل المولى أربعة أشهر ‏(‏وقال‏)‏ الليث ونحن نرى ذلك أيضا بن وهب وأخبرني من أثق به عنعطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق ثلاثا إن لم أنكح عليك‏.‏

قال‏:‏ إن لم ينكح عليها حتى يموت أو تموت توارثا‏.‏

قال‏:‏ وأحب إلي أن يبر في يمينه قبل ذلك بن وهب عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال إن مات لم ينقطع عنها ميراثه بن وهب‏)‏ عن يحيى بن عبد الله بن سالم عنعمر بن الخطاب قال من طلق امرأة إن هو نكحها أو سمى قبيلة أو فخذا أو قرية أو امرأة بعينها فهي طالق إذا نكحها‏.‏

ابن وهب‏:‏ وأخبرني مالك بن أنس قال بلغني عن عبد الله بن عمر أنه كان يرى أن الرجل إذا حلف بطلاق امرأة قبل أن ينكحها ان ذلك عليه إذا نكحها بن وهب قال مالك وبلغني أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وبن مسعود وسليمان بن يسار وسالما والقاسم بن محمد وبن شهاب كانوا يقولون إذا حلف الرجل بطلاق المرأة قبل أن ينكحها ثم أثم فإن ذلك لازم له ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب عن رجال من أهل العلم عن عمر بن عبد العزيز وسليمان بن حبيب المحاربي وربيعة بن أبي عبد الرحمن ومكحول ويزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد وعطاء بن أبي رباح وأبي بكر بن حزم مثله وأن بن حزم فرق بين رجل وامرأة قال مثل ذلك قال مالك وبلغني أنعبد الله بن مسعود كان يقول إذا نص القبيلة بعينها أو المرأة بعينها فذلك عليه وإذا عم فليس عليه شيء بن وهب أخبرني عيسى بن أبي عيسى الحناط أنه سمع عامرا الشعبي يقول ليس بشيء هذه يمين لا مخرج فيها إلا أن يسمى امرأة بعينها أو يضرب أجلا بن وهب وأخبرني يونس بن يزيد عن ربيعة بنحو ذلك في الطلاق والعتاقة قال ربيعة وإن ناسا ليرون ذلك بمنزلة التحريم إذا جمع تحريم النساء والارقاء ولم يجعل إليه الطلاق إلا رحمة ولا العتاقة إلا أجرا فكان في هذا هلكة لمن أخذ به بن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن عروة بن الزبير وعبد الله بن خارجة بن زيد وربيعة أنه لا بأس أن ينكح إذا قال كل امرأة أنكحها فهي طالق قال ربيعة إنما ذلك تحريم لما أحل الله بن وهب أخبرني الليث بن سعد وغيره عن يحيى بن عيد أن رجلا من آل عمر بن الخطاب كانت عنده امرأة فتزوج عليها وشرط للمرأة التي تزوج على امرأته أن امرأته طالق إلى أجل سماه لها وأنهم استفتوا سعيد بن المسيب فقال لهم هي طالق حين تكلم به وتعتد من يومها ذلك ولا تنتظر الاجل الذي سمى طلاقها عنده ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب عن رجال من أهل العلم عن بن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة بذلك قالابن شهاب وليس بينهما ميراث وليس لها نفقة إلا أن تكون حاملا ولا تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن بن شهاب وربيعة عن بن المسيب بنحو ذلك ‏(‏وحدثني‏)‏ بن وهب عن عطاء بن خالد المخزومي عن أبيه أنه سأل بن المسيب عن ذلك فقال له هذا القول وقال لو مس امرأته بعد أن تزوج ثم أتيت به وكان إلي من الأمر شيء لرجمته بالحجارة ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول أنه قال في رجل‏؟‏ قال لامرأته إن نكحت عليك امرأة فهي طالق‏.‏

قال‏:‏ فكلما تزوج عليها امرأة فهي طالق قبل أن يدخل بها فإن ماتت امرأته أو طلقها خطب من طلق منهن مع الخطاب ‏(‏وأخبرني‏)‏ شبيب بن سعيد التميمي عن يحيى بن أبي أنيسة الجزري يحدث عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن عبد الرحمن بن جابر عن جابر بن عبد الله عن عمر بن الخطاب وجاءه رجل من بني جشم بن معاوية فقال له يا أمير المؤمنين إني طلقت امرأتي في الجاهلية اثنتين ثم طلقتها منذ أسلمت تطليقة فماذا ترى قال عمر ما سمعت في ذلك شيئا وسيدخل عليك رجلان فسلهما فدخل عليه عبد الرحمن بن عوف فقال عمر قص عليه قصتك فقص عليه فقال عبد الرحمن هدم الإسلام ما كان قبله في الجاهلية هي عندك على تطليقتين ثم دخل علي بن أبي طالب فقال له عمر قص عليه قصتك ففعل فقال علي بن أبي طالب هدم الإسلام ما كان في الجاهلية وهي عندك على تطليقتين بقيتا‏.‏

ما جاء في طلاق النصرانية والمكره والسكران

قال‏:‏ بن وهب وبلغني عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سئل عن نصراني طلق امرأته وفي حكمهم أن الطلاق بتات ثم أسلما فأراد أن ينكحها قال ربيعة نعم ان أراد أن ينكحها فذلك لهما ويرجع على طلاق ثلاث لأن نكاح الإسلام مبتدأ بن وهب وقال لي مالك في طلاق المشركين نساءهم ثم يتناكحون بعد إسلامهم‏؟‏ قال لا يعد طلاقهم شيئا ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب عن رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وبن عباس وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن عبيد بن عمير ومجاهد وطاوس وغيرهم من أهل العلم أنهم كانوا لا يرون طلاق المكره شيئا وقال ذلك عبد الرحمن بن القاسم ويزيد بن قسيط قال عطاء قال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏إلا أن تتقوا منهم تقاة‏}‏ ‏(‏وقال‏)‏ بن عبيد الله بن عمير الليثي أنهم قوم فتانون ‏(‏وأخبرني‏)‏ عن بن وهب عن حيوة بن شريح عن محمد بن العجلان أن عبد الله بن مسعود قال ما من كلام كان يدرأ عني سوطين من سلطان إلا كنت متكلما به ‏(‏وقال‏)‏ عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز في طلاق المكره أنه لا يجوز‏.‏

قال‏:‏ بن وهب قال مالك وبلغني عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أنهما سئلا عن السكران إذا طلق امرأته أو قتل فقالا إن قتل قتل وإن طلق جاز طلاقه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت عبد الله بن مقسم يقول سمعت سليمان بن يسار يقول طلق رجل من آل أبي البختري امرأته‏.‏

قال‏:‏ حسبت أنه قال عبد الرحمن وقد قيل لي أنه هو المطلب بن أبي البختري طلق امرأته وهو سكران فجلده عمر بن الخطاب الحد وأجاز طلاقه‏.‏

قال‏:‏ وأخبرني بن وهب عن رجال من أهل العلم عن القاسم بن محمد وسالم وبن شهاب وعطاء بن أبي رباح ومكحول ونافع وغير واحد من التابعين مثل ذلك يجيزون طلاق السكران قال بعضهم وعتقه‏.‏

قال‏:‏ وأخبرني بن وهب عن يونس بن يزيد عنابن شهاب أنه‏؟‏ قال لا نرى طلاق الصبي يجوز قبل أن يحتلم قال وإنطلق امرأته قبل أن يدخل بها فإنه قد بلغنا أن في السنة أن لا تقام الحدود إلا على من احتلم وبلغ الحلم والطلاق حد من حدود الله تبارك وتعالى قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فلا تعتدوها‏}‏ فلا نرى أمرا أوثق من الاعتصام بالسنن بن وهب عن رجال من أهل العلم عنعبد الله بن عباس وربيعة مثله وإن عقبه بن عامر الجهني كان يقول لا يجوز طلاق الموسوس ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وبن شهاب وربيعة ومكحول أنه لا يجوز طلاق المجنون ولا عتاقته قال ابن شهاب إذ كان لا يعقل فلا يجوز طلاق المجنون والمعتوه قال ربيعة المجنون الملتبس بعقله الذي لا يكون له إفاقة يعمل فيها برأي ‏(‏وقال‏)‏ يحيى بن سعيد ما نعلم على مجنون طلاقا في جنونه ولا مريض مغمور لا يعقل إلا أن المجنون إذا كان يصحو من ذلك ويرد إليه عقله فإنه إذا عقل وصح جاز عليه أمره كله مثل ما يجوز على الصحيح وقال ذلك مكحول في المجنون‏.‏

ما جاء في خيار الأمة تعتق وهي تحت زوج حر أو عبد

قلت‏:‏ لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أن أمة أعتقت وهي تحت مملوك أو حر‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ذا أعتقت تحت حر فلا خيار لها وإذا أعتقت تحت عبد فلها الخيار بن وهب عن بن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن محمد أنعائشة أخبرته أن بريرة كانت تحت عبد مملوك فلما عتقت قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت أملك بنفسك إن شئت أقمت مع زوجك وإن شئت فارقته ما لم يمسك بن وهب عنابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الفضل بن الحسن الضمري قال سمعت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أعتقت الأمة وهي تحت العبد فأمرها يدها فإن هي قرت حتى يطأها فهي امرأته لا تستيطع فراقه بن وهب وقال ربيعة ويحيى بن سعيد وإن مسها ولم تعلم بعتقها فلها الخيار حتى يبلغها‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فإن اختارت نفسها أيكون فسخا أو طلاقا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يكون طلاقا ‏(‏وقال‏)‏ بن القاسم وقال مالك إن طلقت نفسها واحدة فهي واحدة بائنة وإن طلقت نفسها اثنتين فهي اثنتان باثنتان وهي في التطليقتين تحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره لأن ذلك جميع طلاق العبد‏.‏

قال‏:‏ وذكر مالك عن بن شهاب إن زبرا طلقت نفسها ثلاثا‏.‏

قلت‏:‏ ولم جعل مالك خيارها تطليقة بائنة وهو لا يعرف تطليقة بائنة‏.‏

قال‏:‏ لأن كل فرقة من قبل السلطان فهي تطليقة بائنة عند مالك وإن لم يؤخذ عليها مال ألا ترى أن الزوج إذا لم يستطع أن يمس امرأته فضرب له السلطان أجل سنة ففرق بينهما أنها تطليقة بائنة بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال إن خيرت فقالت أبي قد فارقته أو طلقته فهي أملك بأمرها وقد بانت منه بن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن ربيعة ويحيى بن سعيد وعطاء بن أبي رباح مثله‏.‏

قال‏:‏ يحيى وعطاء وإن عتق زوجها قبل أن يحل أجلها لم يكن له عليها رجعة إلا أن تشاء المرأة ويخطبها مع الخطاب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قالت هذه الأمة حين أعتقت قد اخترت نفسي أيجعل هذا الخيار واحدة أم اثنتين أم ثلاثا‏.‏

قال‏:‏ إذا لم يكن لها نية فهي واحدة بائنة لأن مالكا كان مرة يقول ليس لها أن تطلق نفسها أكثر من واحدة وكان يقول خيارها واحدة ثم رجع إلى القول الذي أخبرتك به فأرى إذا لم يكن لها نية أنها واحدة بائنة إلا أن تنوي اثنتين أو ثلاثا فيكون ذلك لها قال ابن القاسم وقد سألنا مالكا عن الأمة يطلقها العبد تطليقة ثم تعتق فتختار نفسها‏.‏

قال‏:‏ هما تطليقتان ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره‏.‏

في الأمة تعتق فتختار نفسها عند غير السلطان

قلت‏:‏ أرأيت الأمة إذا عتقت وهي تحت عبد فاختارت فراقه عند غير السلطان أيجوز ذلك لها أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ويكون فراقها تطليقة‏.‏

قال‏:‏ ذلك إلى الجارية إن فارقته بالبتات فذلك لها وإن فارقته بتطليقة فذلك لها‏.‏

قلت‏:‏ لم قال مالك لها أن تفارقه بالبتات‏.‏

قال‏:‏ لحديث زنرا حين أعتقت وهي تحت عبد فقالت لها حفصة ان لك الخيار ففارقته ثلاثا‏.‏

في الأمة تعتق تحت العبد فلم تختر نفسها حتى عتق زوجها

قلت‏:‏ أرأيت الأمة إذا أعتقت وهي تحت عبد فلم تختر حتى عتق زوجها أيكون لها الخيار في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا خيار لها إذا عتق زوجها قبل أن تختار بن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الأمة تكون تحت العبد فيعتقان جميعا‏.‏

قال‏:‏ لا نرى لها شيئا من أمرها وقاله مجاهد في العبد والأمة مثله ‏(‏وقال‏)‏ عن يونس عن بن شهاب في المكاتب والمكاتبة يعتقان جميعا معا بكلمة قال ليس لها خيار ان اعتقهما كلمة واحدة بن وهب قال أخبرنييحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال ما نعلم الأمة تخير وهي تحت الحر إنما تخير الأمة فيما علمنا إذا كانت تحت عبد ما لم يمسها ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح والإوزاعي وغيرهم من أهل العلم مثله‏.‏

في الأمة تعتق وهي حائض أو لا يبلغها إلا بعد زمان أيكون لها خيار نفسها

قلت‏:‏ أرأيت الأمة إذا أعتقت وهي حائض فاختارت نفسها أيكره ذلك لها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك فيها وأكره لها ذلك إلا أن تختار نفسها فيجوز ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الأمة تكون تحت العبد فأعتقت فلم تعلم يعتقها إلا بعد زمان وقد كان العبد يطؤها بعد العتق ولم يعلم بالعتق أيكون لها الخيار في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ والخيار لها إنما هو في مجلسها الذي علمت فيه بالعتق في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم ذلك لها ولها الخيار ما لم يطأها من بعد ما علمت بالعتق‏.‏

قلت‏:‏ وإن مضى يوم أو يومان أو شهر أو شهران فلها الخيار في هذا كله إذا لم يطأها بعد العلم في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم إذا وقفت في هذا الذي ذكرت لك وقوفا لتختار فيه فمنعته نفسها وكذلك قال مالك قال ابن القاسم وإن كان وقوفها ذلك وقوف رضا بالزوج كانت قد رضيت به فلا خيار لها بعد ى ن تقول قد رضيت بالزوج‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن وقفت سنة فلم تقل قد رضيت ولم تقل لم أرض ولم تقل إنما وقفت للخيار ولم يطأها الزوج في هذا كله أيكون لها أن تختار نفسها‏.‏

قال‏:‏ تسئل عن وقوفها لماذا وقفت فإن قالت وقفت لاختار كان القول قولها وإن قالت وقفت وقوف رضا بالزوج فلا خيار لها‏.‏

قلت‏:‏ وتحلف أنها لم تقف لرضاها بزوجها‏.‏

قال‏:‏ لا لأن مالكا قال لي في النساء لا يحلفن في التمليك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت أمة جاهلة لم تعلم أن لها الخيار إذا أعتقت فأعتقت وهي تحت عبد فكان يطؤها وقد علمت بالعتق إلا أنها تجهل أن لها الخيار إذا أعتقت أيكون لها أن تختار في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا خيار لها إذا علمت فوطئها بعد علمها بالعتق جاهلة كانت أو عالمة‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال مالك في الأمة تحت العبد يعتق بعضها أنه لا خيار لها ‏(‏وقال أبو الزناد‏)‏ في الأمة تكون تحت العبد فيعتق بعضها أنه لا خيار لها بن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم وبن قسيط أنهما قالا لو أن أمة أعتقت تحت عبد فلم تشعر بعتقها حتى عتق العبد لم تستطع أن تفارقه ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب عنيونس أنه سأل بن شهاب عن الأمة تعتق تحت العبد قبل أن يدخل بها وقد فرض لها فتختار نفسها‏.‏

قال‏:‏ لا نرى لها الصداق والله أعلم من أجل أنها تركته ولم يتركها وإنما قال الله عز وجل وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فليس هو فارق ولكن هي فارقته بحق لحق فاختارت نفسها عليه فليست عليها عدة ولا نرى لها شيئا من الصداق ولا نرى لها متاعا وكان الأمر إليها في السنة ‏(‏وقال‏)‏ ربيعة ويحيى بن سعيد مثل‏.‏

ما جاء في طلاق المريض

قلت‏:‏ أرأيت إن طلق رجل امرأته وهو مريض قبل البناء بها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لها نصف الصداق ولها الميراث إن مات من مرضه ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فهل يكون على هذه عدة الوفاة أو عدة الطلاق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا عدة عليها لا عدة وفاة ولا عدة طلاق قال مالك وإن طلقها طلاقا بائنا وهو مريض وقد دخل بها كان عليها عدة الطلاق ولها الميراث‏.‏

وإن كان طلاقا يملك رجعتها فمات وهي في عدتها من الطلاق انتقلت إلى عدة الوفاة وإن انقضت عدتها من الطلاق قبل أن يهلك فهلك بعد ذلك فلها الميراث ولا عدة عليها من الوفاة‏.‏

قلت‏:‏ فهل ترث المرأة أزواجا كلهم يطلقها في مرضه ثم تتزوج زوجا والذين طلقوها كلهم أحياء ثم ماتوا من قبل أن يصحوا من مرضهم ذلك وهي تحت زوج أتورثها من جمعيهم أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لها الميراث من جميعهم قال مالك وكذلك لو طلقها واحدة البتة وهو مريض وتزوجت أزواجا بعد ذلك كلهم يطلقها ورثت الأول إذا مات من مرضه ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته وهو مريض ثلاثا أو واحدة يملك فيها رجعتها ثم برأ وصح من مرضه ذلك ثم مرض بعد ذلك فمات من هذا المرض الثاني‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ان كان طلقها واحدة ورثته ان مات وهي في عدتها وإن كان طلاقه إياها البتة لم ترثه وإن مات في عدتها إذا صح فيما بين ذلك صحة بينة معروفة‏.‏

قال‏:‏ وإن طلقها واحدة وهو مريض ثم صح ثم مرض ثم طلقها وهو مريض في مرضه الثاني تطليقة أخرى أو البتة لم ترثه إلا أن يموت وهي في عدتها من الطلاق الأول قال مالك لأنه في الطلاق الثاني ليس بفار قال مالك إلا أن يرتجعها ثم يطلقها وهو مريض فترثه وإن انقضت عدتها لأنه قد صار بالطلاق الآخر فارا من الميراث لأنه حين ارتجعها صارت بمنزلة سائر أزواجه اللائي لم يطلق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طلقها في مرضه ثلاثا ثم ماتت المرأة والزوج مريض يحالة ثم مات الزوج بعد موت المرأة من مرضه ذلك أيكون للمرأة شيء من الميراث أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا شيء للمرأة من الميراث في قول مالك لأنها هلكت قبله ولا ميراث للأموات من الأحياء ولا يرثها إن كان طلقها البتة أو واحدة فانقضت عدتها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته وهو صحيح أنت طالق إذا قدم فلان فقدم فلان والزوج مريض فمات من مرضه ذلك أترثه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ترثه لأني سألت مالكا عن الرجل يحلف بطلاق امرأته إن دخلت بيتا فتدخله هي وهو مريض فتطلق عليه ثم يموت من مرضه ذلك أثرته‏.‏

قال‏:‏ قال مالك نعم ترثه‏.‏

قلت‏:‏ أنها هي التي دخلت‏.‏

قال‏:‏ وإن دخلت لأن كل طلاق يقع والزوج مريض فيموت من مرضه ذلك أنها ترثه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن مرض رجل فقال قد كنت طلقت امرأتي في صحتي‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أنها ترثه وهو فار وعليها العدة عدة الطلاق من يوم أقر بالطلاق إذا أقر بطلاق بائن وإن أقر بطلاق يملك فيه الرجعة فمات قبل انقضاء العدة انتقلت إلى عدة الوفاة وورثته وإن انقضت عدتها من يوم أقر بما أقر به فلها الميراث ولا عدة عليها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا قرب لضرب الحدود أو لقطع يد أو رجل أو لجلد الفرية أو لجلد في حد الزنى فطلق امرأته فضرب أو قطعت يده أو رجله فمات من ذلك أترثه أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن مالكا قال في الرجل يحضر الزحف أو يحبس للقتل إن ما صنع في تلك الحالة في ماله أنه بمنزلة المريض‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأما ما سألت عنه من قطع اليد أو الرجل أو ضرب الحدود فلم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أنه ما كان من ذلك يخاف منه الموت على الرجل كما خيف على الذي حضر القتال فأراه بمنزلة المريض‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن طلق رجل امرأته وهو في سفينة في لج البحر أو في النيل أو في الفرات أو الدجلة أو بطائح البصرة‏.‏

قال‏:‏ سئل مالك عن أهل البحر إذا عدوا فيصيبهم النوء أو الريح الشديدة فيخافون الغرق فيعتق أحدهم على تلك الحال امرأة في الثلث قال مالك ما أرى هذا يشبه الخوف ولا أراه في الثلث وأراه من رأس المال وكذلك قال مالك وغيره قال سحنون وقد روى عن مالك أن أمر راكب البحر في الثلث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طلقها وهو مقعد أو مفلوج أو أجذم أو أبرص أو مسلول أو محموم حمى ربع أو به قروح أو جراحة‏.‏

قال‏:‏ سئل مالك عن أهل البلايا مثل المفلوج أو المجذوم أو الأبرص أو ما أشبه هؤلاء في أموالهم إذا أعطوها أو تصدقوا بها في حالاتهم قال مالك ما كان من ذلك أمرا يخاف على صاحب منه فلا يجوز له إلا في ثلث ماله وما كان من ذلك لا يخاف على صاحبه منه فرب مفلوج يعيش زمانا ويدخل ويخرج ويركب ويسافر ورب مجذوم يكون ذلك منه جذاما يابسا يسافر ويقبل ويدبر فهؤلاء وما أشبههم يجوز قضاؤهم في أموالهم من جميع المال ومنهم من يكون ذلك منه قد أضناه فيكون مرضا من الأمراض قد ألزمه البيت والفراش يخاف عليه منه فهذا لا يجوز قضاؤه إلا في ثلثه وفسر مالك هذا التفسير شبيها بما فسرت فكل من لا يجوز قضاؤه إلا في ثلثه وفسر ماك هذا التفسير شبيها بما فسرت فكل من لا يجوز قضاؤه في جمع ماله فطلق في حالته تلك فلامرأته الميراث منه إن مات من مرضه ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته في مرضه فتزوجت أزواجا وهو مريض فلما حضرته الوفاة أوصى لها بوصايا أيكون لها الميراث والوصية جميعا‏.‏

قال‏:‏ أرى لها الميراث ولا وصية لها لأنه لا وصية لوارث في قول مالك وهذه وارثة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته في مرضه فقتلته امرأته خطأ أو عمدا‏.‏

قال‏:‏ أرى إن قتلته خطأ إن لها الميراث في ماله ولا ميراث لها من الدية والدية على عاقلتها وإن قتلته عمدا فلا ميراث لها من ماله وعليها القصاص إلا أن يعفو عنها الورثة فإن عفا عنها الورثة على مال أخذوه منها فلا ميراث لها أيضا منه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا نكح امرأة في مرضه ثم مات من مرضه ذلك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يقر على نكاحه ولا ميراث لها وإن لم يطلقها فلا صداق لها إلا أن يكون دخل بها فلها الصداق في ثلث ماله مبدأ على الوصايا ولا ميراث لها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان سمى لها من الصداق أكثر من صداق مثلها أيكون لها الذي سمى لها في قول مالك أم صداق مثلها‏.‏

قال‏:‏ يكون لها صداق مثلها ويكون مهرها هذا مبدأ على الوصايا وعلى العتق‏.‏

قال‏:‏ ويبدأ صداقها على المدبر في الصحة أيضا‏.‏

قلت‏:‏ أفتضرب به مع الغرماء‏.‏

قال‏:‏ جعله مالك في الثلث فكل شيء يكون في الثلث فالدين مبدأ عليه في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن مريضا ارتد في مرضه عن الإسلام فقتل في ردته أترثه امرأته وورثته أم لا‏؟‏ قال ابن القاسم لا يرثه ورثته المسلمون قال مالك ولا يتهم أحد عند الموت أنه يفر بميراثه عن ورثته بالشرك بالله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قذفها من مرضه فلاعن السلطان بينهما فوقعت الفرقة فمات من مرضه ذلك أترثه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمعه من مالك وأرى أنها ترثه‏.‏

ما جاء في طلاق المريض أيضا قبل البناء

قلت‏:‏ أرأيت المريض إذا طلق امرأته في مرضه قبل البناء بها ثم تزوجها في مرضه ذلك‏.‏

قال‏:‏ لا أرى له نكاحا إلا أن يدخل بها فيكون بمنزلة من نكح وهو مريض ودخل‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال حدثني طلحة بن عبد الله بن عوف أن عبد الرحمن بن عوف عاش حتى حلت تماضر وهو حي ثم ورثها عثمان بن عفان من عبد الرحمن بعد ما حلت للأزواج قالابن شهاب وحدثني طلحة أنه قيل لعثمان لم ورثتها من عبد الرحمن بن عوف وقد عرفت أن عبد الرحمن لم يطلقها ضرارا ولا فرارا من كتاب الله قال عثمان أردت أن يكون سنة تهاب الناس الفرار من كتاب الله قال ابن شهاب وبلغنا أن عثمان بن عفان أمير المؤمنين كان قد ورث أم حكيم ابنة قارط من عبد الله بن مكمل وطلقها في وجعه ثم توفي بعد ما حلت بن وهب عن مالك عن بن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف وكان أعلمهم بذلك ‏(‏وعن‏)‏ أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن طلق امرأته وهو مريض فورثها عثمان بعد انقضاء عدتها ‏(‏مالك‏)‏ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنها كانت آخر ما بقي له من الطلاق ‏(‏عمرو بن الحرث‏)‏ عن يحيى بن سعيد بذلك‏.‏

قال‏:‏ فقيل لعثمان أتتهم أبا محمد‏؟‏ قال لا ولكن أخاف أن يستن به ‏(‏رجال من أهل العلم‏)‏ عن علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وربيعة وبن شهاب بذلك قال ربيعة وإن نكحت بعده عشرة أزواج ورثتهم جميعا وورثته جميعا وورثته أيضا بن وهب عن سفيان بن سعيد عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم بن يزيد أن عمر بن الخطاب قال في الرجل يطلق امرأته وهو مريض قال ترثه ولا يرثها ‏(‏وقال‏)‏ ربيعة مثله ‏(‏وقال‏)‏ الليث أيضا مثله بن وهب عنيزيد بن عياض عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن مجاهد بن جبير أنه كان يقول إذا طلق الرجل امرأته وهو مريض قبل أن يدخل بها فلها ميراثها منه وليس لها إلا نصف الصداق مخرمة بن بكير عن أبيه قال يقال إذا طلق الرجل امرأته ثلاث تطليقات قبل أن يمسها وقد فرض لها فطلقها وهو وجع أنها تأخذ نصف صداقها وترثه قال يونس قال ربيعة إذا طلق وهو مريض ثم صح صحة يشك فيها قال إن صح حتى تملك ماله انقطع ميراثها وأن تماثل ونكس من مرضه ورثته امرأته ‏(‏يونس بن يزيد‏)‏ أنه سأل بن شهاب عن رجل يكون به مرض لا يعاد منه رمد أو جرب أو ربح أو لقوة أو فتق أيجوز طلاقه قال ابن شهاب ان أبت فيما ذكرت من الوجع فإنها لا ترثه قال يونس وقالربيعة إنما يتوارثان إذا كان مرض موت يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في رجل أمر امرأته أن تعتد وهو صحيح ثم مرض وهي في عدتها ثم مات قبل أن يصح وقد انقضت عدتها قبل أن يموت وكيف ان احدث لها طلاقا في مرضه أو لم يحدث أترثه وتعتد منه‏.‏

قال‏:‏ لا ميراث لها إلا أن يكون راجعها ثم طلقها فإن كان راجعها ثم طلقها في مرضه فلها الميراث وإن انقضت عدتها إذا مات من ذلك المرض فليس عليها إلا عدة ما حلت منه من الطلاق وقال عبد الرحمن بن القاسم بلغني عن بعض أهل العلم في رجل تزوج امرأة فدخل بها ثم تزوج أخرى فلم يدخل بها فطلق إحداهما تطليقة فشك لرجل فلم يدر أيتهما طلق ثم هلك الرجل قبل أن تنقضي عدتها ولم يعلم أيتهما طلق المدخول بها أو التي لم يدخل بها‏.‏

قال‏:‏ أما التي قد دخل بها فصداقها لها كاملا ولها ثلاثة أرباع الميراث وأما التي لم يدخل بها فلها ثلاثة أرباع الصداق وربع الميراث لأنه إن كانت التي لم يدخل بها هي المطلقة فلها نصف الصداق ثم تقاسم الورثة نصف الصداق الآخر بالشك لأنها تقول صاحبتي هي المطلقة وتقول الورثة بل أنت المطلقة فيتنازعان النصف الباقي فلا بد من أن يقتسماه بينهما وأما الميراث فإن التي قد دخل بها تقول لصاحبتها أرأيت لو كنت أنا المطلقة حقا واحدة ألم يكن لي نصف الميراث فأسلميه إلي فتسلم إليها ثم يكون النصف الباقي بينهما نصفين لأنه لا يدري أيتهما طلق ولأنهما يتنازعانه بينهما فلا بد من أن يقسم بينهما وإن كان طلقها البتة فإنه يكون للتي قد دخل بها الصداق كاملا ونصف الميراث ويكون للأخرى التي لم يدخل بها ثلاثة أرباه الصداق ونصف الميراث لأن الميراث لما وقع بالطلق البتة قالت كل واحدة منهن هو ولي وأنت المطلقة ولم يكن للورثة حجة عليهما لأن الميراث أيتهما خلت به فهو لها كله وكانت أحق به من الورثة فلا بد من أن يقسم بينهما وأما الصداق فأما التي قد دخل بها فقد استوجبت صداقها كله وأما التي لم يدخل بها فلها النصف إن كانت هي المطلقة لا شك فيه وتقاسم الورثة النصف الباقي بالشك فكل ما يرد عليك من هذا الوجه فقسه على هذا وهو كله رأيي وإن طلقها واحدة فانقضت عدة التي دخل بها قبل أن يموت ثم هلك بعد ذلك فهو مثل ما وصفت لك في البتة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن تزوج الرجل امرأة وأمها في عقد مفترقة ولا يعلم أيتهما أول وقد دخل بهما أو لم يدخل بهما حتى مات ولم يعلم أيتهما الأولى‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إن كان قد دخل بهما فلا بد من الصداق الذي سمى لكل واحدة منهما ولا ميراث لهما منه وإن كان لم يدخل بهما فلا بد من صداق واحدة فيما بينهما يتوزعانه بينهما والميراث فيما بينهما وإن كان صداقهما الذي سمى مختلفا صداق واحدة أكثر من صداق الأخرى لم تعط النساء أقل الصداقين ولا أكثر الصداقين ولكن النصف من صداق كل واحدة الذي سمى لها يكون لها لأن المنازعة في الأقل من الصداقين أو الأكثر من الصداقين صارت بين النساء وبين الورثة‏.‏

قلت‏:‏ فلو ادعت كل واحدة منهما أكثر من الصداقين أنه لها دون صاحبتها‏.‏

قال‏:‏ يكون لهما نصف الصداق يقتسمانه بينهما نصفين‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن مات وترك خمس نسوة ولا يعلم أيتهن الخامسة‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

ما جاء في اختلاف الشهداء في الشهادات في الطلاق

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن رجلين شهداء على رجل أنه طلق إحدى نسائه هؤلاء الاربع وقالا نسيناها‏.‏

قال‏:‏ أرى شهادتهم لا تجوز إذا كان منكرا يحلف بالله ما طلق واحدة منهن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قالوا نشهد أنه قال إحدى نسائي طالق‏.‏

قال‏:‏ يقال للزوج إن كنت نويت واحدة بعينها فذلك لك وإلا طلقن عليك كلهن‏.‏

قال‏:‏ ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن شهد شاهد على رجل بتطليقة وشهد آخر على ثلاث‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يحلف وكان مرة يقول إذا لم يحلف طلقت عليه البتة وسمته منه ثم رجع إلى أن قال يحبس حتى يحلف‏.‏

قلت‏:‏ أهي واحدة لازمة في قول مالك إن حلف وأن لم يحلف‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن شهد أحدهما على رجل أنه‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق إن دخلت الدار وأنه قد دخل الدار وشهد الآخر أنه‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق إن كلمت فلانا وأنه قد كلمه أيطلق عليه أم لا‏؟‏ قال مالك لا تطلق عليه وفي قول مالك الآخر يلزم الزوج اليمين أنه لم يطلق ويكون بحال ما وصفت لك أن أبي اليمين سجن وفي قوله الأول أن أبي اليمين طلقت عليه قال مالك وكذلك هذا في الحرية مثل ما وصفت لك في الطلاق وأباؤه اليمين في الحرية وفي الطلاق سواء يحبس قال مالك وإن شهد عليه واحد أنه طلقها يوم الخميس بمصر في رمضان وشهد الآخر أنه طلقها يوم الجمعة بمكة في ذي الحجة أنها طالق واحدة وكذلك هذا في الحرية‏.‏

قال‏:‏ وإذا شهد أحدهما أنه قال في رمضان ان دخلت دار عمرو بن العاص فامرأتي طالق وشهد الآخر أنه قال في ذي الحجة ان دخلت دار عمرو بن العاص فامرأتي طالق وشهد الآخر أنه قال في ذي الحجة إن دخلت دار عمرو بن العاص فامرأتي طالق وشهد عليه آخران أنه قد دخلها من بعد ذي الحجة فهي طالق ولا تبطل شهادتهما لاختلاف المواضع التي شهدا فيها على يمينه وتطلق عليه امرأته إذا شهدا عليه بالدخول أوشهد عليه غيرهما بالدخول إذا كان دخوله بعد ذي الحجة لأن اليمين إنما لزمته بشهادتهما جميعا‏.‏

قلت‏:‏ فإن شهدا عليه جميعا في مجلس واحد أنه قال إن دخلت دار عمرو بن العاص فامرأتي طالق فشهد أحدهما أنه دخلها في رمضان وشهد الآخر أنه دخلها في ذي الحجة‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع في هذا شيئا من مالك وأرى أن يطلق عليه ولأنهما قد شهدا على دخوله وإنما حنثته بدخوله فقد شهدا على الدخول فهو حانث وإنما مثل ذلك عندي مثلما لو أن رجلا خلف بطلاق امرأته أن لا يكلم إنسانا فاستأذنت عليه امرأته فزعمت أنه كلم ذلك الرجل فأقامت عليه شاهدين فشهد أحدهما أنه رآه يكلمه في السوق وشهد الآخر أنه رآه يكلمه في المسجد فشهادتهما جائزة عليه وكذلك هذا في العتاقة وإنما الطلاق حق من الحقوق وليس هو حدا من الحدود‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن شهد عليه أحدهما أنه‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق البتة وشهد الآخر أنه‏؟‏ قال لامرأته أنت علي حرام‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى شهادتهما جائزة وأراها طالقا لأنهما جميعا شهدا على الزوج بكلام هو طلاق كله وإنما مثل ذلك مثل رجل شهد فقال أشهد أنه قال امرأته طالق ثلاثا وقال الشاهد الآخر أشهد أنه قال امرأته طالق البتة فذلك لازم للزوج وشهادتهما جائزة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن شهد أحدهما عليه بخلية وشهد الآخر ببرية أو ببائن‏.‏

قال‏:‏ ذلك جائز على الزوج وتطلق عليه‏.‏

قال‏:‏ وقال لي مالك وقد تختلف الشهادة في اللفظ ويكون المعنى واحدا فإذا كان المعنى واحدا رأيتهما شهادة واحدة جائزة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن شاهدا شهد فقال أشهد أنه طلقها ثلاثا البتة وقال الآخر أشهد أنه قال ان دخلت الدار فأنت طالق وأنه قد دخلها وشهد معه على الدخول رجل آخر‏.‏ فقال‏:‏ لا تطلق هذه لأن هذا شاهد على فعل وهذا على إقرار بن وهب عن بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل سليمان بن يسار عن رجل شهد عليه رجل أنه طلق امرأته بافريقية ثلاثا وشهد آخر أنه طلقها بمصر ثلاثا وشهد آخر أنه طلقها بالمدينة ثلاثا لا يشهد رجل مهم على شهادة صاحبه هل يفعل بهم شيء‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ هل تنتزع منه امرأته‏؟‏ قال نعم بن وهب عن يونس عنربيعة أنه قال في نفر ثلاثة شهدوا علي رجل بثلاث تطليقات شهد كل رجل منهم على واحدة ليس معه صاحبه فأمر الرجل أن يحلف أو يفارق فأبى أن يحلف وقال إن كانت شهادة يقطع بها حق فأبعدها‏.‏

قال‏:‏ أرى أن يفرق بينه وبين امرأته وأن تعتد عدتها من يوم يفرق بينهما وذلك لأني لا أدري أي شهادات النفر نكل فعدتها من اليوم الذي نكل فيه بن وهب عن يونس عن بن شهاب عن أبي الزناد في رجل شهد عليه رجال مفترقون على طلاق واحد بثلاث وآخر باثنين وآخر بواحدة ذهبت منه بتطليقتين‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أتجوز الشهادة على الشهادة في الطلاق في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وتجوز شهادة الشاهد على الشاهد في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يجوز إلا شاهدان على شاهد‏.‏

قلت‏:‏ ولا يجوز أن يشهد شاهد على شهادة شاهد واحد ويحلف المدعي مع هذا الشاهد على شهادة ذلك الشاهد الذي أشهده‏.‏

قال‏:‏ لا يحلف في قول مالك لأنها ليست بشهادة رجل تامة وإنما هي بعض شهادة فلا يحلف معها المدعي‏.‏

قلت‏:‏ وتجوز الشهادة على الشهادة في قول مالك في الحدود والفرية‏.‏

قال‏:‏ قال لي مالك الشهادة على الشهادة جائزة في الحدود والطلاق والفرية وفي كل شيء من الأشياء الشهادة على الشهادة جائزة في قول مالك وكذلك قال لي مالك‏.‏

قلت‏:‏ فهل تجوز شهادة الأعمى في الطلاق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك نعم إذا عرف الصوت قال ابن القاسم فقلت لمالك فالرجل يسمع جاره من وراء حائط ولا يراه يسمعه يطلق امرأته فيشهد عليه وقد عرف صوته‏.‏

قال‏:‏ قال مالك شهادته جائزة وقال ذلك علي بن أبي طالب والقاسم بن محمد وشريح الكندي والشعبي وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد وربيعة وإبراهيم النخعي ومالك والليث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المحدود في القذف أتجوز شهادته إذا ظهرت توبته في الطلاق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك نعم تجوز شهادته إذا حسنت حالته‏.‏

قال‏:‏ وأخبرني بعض إخواننا أنه قيل لمالك فالرجل الصالح الذي هو من أهل الخير قبل ذلك‏.‏

قال‏:‏ إذا ازداد درجة إلى درجته التي كان فيها‏.‏

قال‏:‏ ولقد كان عمر بن عبد العزيز عندنا ها هنا رجلا صالحا عدلا فلما ولي الخلافة ازداد وارتفع وزهد في الدنيا وارتفع إلى فوق ما كان فيه فكذلك هذا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال أجاز عمر بن الخطاب شهادة من كان من الذين جلدوا في المغيرة بن شعبة وأجازها عبد الله بن عبيد وعمر بن عبد العزيز والشعبي وسليمان بن يسار وبن قسيط وبن شهاب وربيعة ويحيى بن سعيد وسعيد بن المسيب وشريح وعطاء بن أبي رباح‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أهل الذمة هل تجوز شهادة بعضهم على بعض في شيء من الاشياء في قول مالك‏؟‏ قال لا ‏(‏وقال‏)‏ عبد الله بن عمرو بن العاص وعطاء بن أبي رباح وعامر الشعبي لا تجوز شهادة ملة على ملة ‏(‏وقال‏)‏ عبد الله بن عمر لا تجوز شهادة أهل المال بعضهم على بعض وتجوز شهادات المسلمين عليهم‏.‏

قلت‏:‏ هل تجوز شهادة نساء أهل الذمة في الولادة في قول مالك‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلين شهدا على رجل أنه أمرهما أن يزوجاه فلانة وأنهما قد زوجاه وهو يجحد‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تجوز شهادتهما لأنهما خصمان‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن شهدا أنه أمرهما أن يبيعا له بيعا وأنهما قد فعلا والرجل ينكر ذلك‏.‏

قال‏:‏ نعم لا تجوز شهادتهما عليه في قول مالك ولأنهما خصمان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال قد أمرتهما أن يبتاعا لي عبد فلان وأنهما لم يفعلا وقالا قد فعلنا وقد ابتعناه لك‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى القول قولهما أنهما قد ابتاعا له العبد لأنه قد أقر أنه أمرهما بذلك فالقول قولهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن شهد أحدهما أنه قالت له امرأته طلقني على ألف درهم وأنه قد طلقها وشهد الآخر أنها قالت له طلقني على عبدي فلان وأنه قد طلقها‏.‏

قال‏:‏ قد اختلفا فلا تجوز شهادتهما في قول مالك وعليه اليمين‏.‏

قال‏:‏ سحنون إن كان منكرا للخلع والمرأة منكرة لذلك فالقول ما قال ابن القاسم وإن ادعى زوجها أنه خالعها على عبدها وأقام شاهدا على ذلك وقالت هي بل خالني على داري هذه وأقامت شاهدا فإن الزوج يحلف مع شاهده ويأخذ العبد ويجوز الخلع‏.‏

قلت‏:‏ هل تجوز شهادة النساء في الطلاق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تجوز شهادة النساء في شيء من الأشياء إلا في حقوق الناس الديون والأموال كلها حيث كانت وفي القامة إذا كانت خطأ لأنها مال وفي الوصايا إذا كن إنما يشهدن على وصية بمال‏.‏

قال‏:‏ ولا يجوز في العتق ولا على شيء إلا ما ذكرت لك مما هو مال وما يغيب عليه النساء من الولادة والاستهلال والعيوب وآثار هذا مكتوبة في كتاب الشهادات‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الاستهلال أتجوز شهادة النساء أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك شهادة امرأتين في الاستهلال جائزة‏.‏

قلت‏:‏ كم يقبل في الشهادة على الولادة من النساء‏.‏

قال‏:‏ قال مالك شهادة امرأتين‏.‏

قلت‏:‏ ولا تقبل شهادة المرأة الواحدة على الولادة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تقبل شهادة امرأة واحدة في شيء من الأشياء مما يجوز فيه شهادة النساء وحدهن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما شهدوا على رجل أنه أعتق عبده هذا والعبد ينكر والسيد ينكر‏.‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا وأرى أنه حر لأنه ليس له أن يرق نفسه‏.‏

ما جاء في السيد يشهد على عبده بطلاق امرأته

قلت‏:‏ لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت الرجل يشهد على عبده أنه طلق امرأته أتجوز شهادة سيده والعبد ينكر‏.‏

قال‏:‏ لا تجوز شهادته لأنه يفرغ عبده ويزيد في ثمنه فهو متهم‏.‏

قلت‏:‏ أسمعته من مالك‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ وسواء إن كانت الأمة للسيد أو لغير السيد‏.‏

قال‏:‏ سواء‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في رجل شهد على عبده أنه طلق امرأته هو ورجل آخر والعبد ينكران شهادته لا تجوز لأنه يزيد في ثمنه فهو متهم فلا تجوز شهادته ولم أسمعه من مالك‏.‏

قال‏:‏ وسواء كانت الأمة له أو لغيره أو كانت حرة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته أنت طالق إن كنت دخلت دار فلان ثم أقر بعد ذلك عند شهود أنه قد دخل دار فلان ثم قال كنت كاذبا فشهد عند القاضي عليه الشهود بذلك‏.‏

قال‏:‏ يطلقها عليه بذلك السلطان‏.‏

قلت‏:‏ ولا ينفعه إنكاره بعد الاقرار‏.‏

قال‏:‏ نعم لا ينفعه إنكاره بعد الإقرار‏.‏

قال‏:‏ وقال لي مالك لو أن رجلا أقر بأنه قد فعل شيئا أو فعل به ثم حلف بعد ذلك بطلاق امرأته البتة أنه ما فعل ذلك ولا فعل بما ثم قال كنت كاذبا وما أقررت بشيء فعلته صدق وأحلف ولم يكن عليه شيء ولو أقر بعد ما شهد عليه الشهود أنه فعله لزمه الحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن لم يشهد عليه الشهود وكفوا عن الشهادة عليه أيسعه فيما بينه وبين الله عز وجل أن تقيم معه امرأته وقد كان كاذبا في مقالته قد دخلت دار فلان‏.‏

قال‏:‏ نعم يسعه أن يقيم عليها فيما بينه وبين خالقه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا كله قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن لم يسمع منه هذا الإقرار أحد إلا امرأته ثم قال لها كنت كاذبا أيسعها أن تقيم معه‏.‏

قال‏:‏ لا أرى أن تقيم معه إلا أن لا تجد بينة ولا سلطانا يفرق بينهما وهي بمنزلة امرأة قال زوجها لها أنت طالق ثلاثا وليس لها عليه شاهد فجحدها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها زوجها أنت طالق ثلاثا فجحدها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تزين له ولا يرى لها وجها ولا شعرا ولا صدرا إن قدرت على ذلك ولا يأتيها إلا وهي كارهة ولا تطاوعه‏.‏

قلت‏:‏ فهل ترفه إلى السلطان‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا لم يكن لها بينة ما ينفعها أن ترفعه إلى السلطان‏.‏

قلت‏:‏ لا ينفعها أن ترفعه إلى السلطان أفليس لها أن تستحلفه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يستحلف الرجل إذا ادعت عليه امرأته الطلاق إلا أن تقيم عليه شاهدا واحدا فإذا أقامت شاهدا واحدا أحلف الزوج على دعواها وكانت امرأته‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال مالك في الرجل يطلق امرأته في السفر فشهد عليه بذلك رجال ثم يقدم قبل قدوم القوم فيدخل على امرأته ثم يصيبها ثم يقدم الشهود فيسألون عنه فيخبرون بقدومه ودخوله على امرأته فيرفعون ذلك إلى السلطان ويشهدون عليه فينكر ذلك وهم عدول ويقر بالوطء بعد قدومه قال مالك يفرق بينهما ولا شيء عليه بن وهب عن الليث عن يحيى بن سعيد مثله قال يحيى ولا يضرب بن وهب عن جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم الازدي عن شريح الكندي مثله ولم أحدهمايونس عن ربيعة مثله‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم ولم لم يحلفه مالك إذا لم يكن لها شاهد‏.‏

قال‏:‏ لأن ذلك لو جاز لنساء على أزواجهن لم تشأ امرأة أن تتعلق بزوجها فتشهره في الناس إلا فعلت ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فإذا أقامت شاهدا واحدا لم تحلف المرأة مع شاهدها وتكون طالقا في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تحلف المرأة مع شاهدها في الطلاق قال مالك لا يحلف من له شاهد فيستحق بيمينه مع الشاهد في الطلاق ولا في الحدود ولا في النكاح ولا في الحرية ولكن في حقوق الناس يحلف مع شاهده وكذلك في الجراحات كلها خطئها وعمدها يحلف يمينا واحدة فيستحق ذلك إن كان عمدا اقتص وإن كان خطأ أخذ الدية وفي النفس تكون القامة مع شاهده خطأ كان القتل أو عمدا ويستحق مع ذلك القتل أو الدية ولا يقسم في العمد إلا إثنان فصاعدا من الرجال يونس عن بن شهاب أنه قال في رجل طلق امرأته البتة عند رجلين وامرأته حاضرة ثم أقبلا فوجداه عندها فأتيا السلطان فأخبراه وهما عدلان فأنكر الرجل وامرأته ما قالا‏.‏

قال‏:‏ بن شهاب نرى أن يفرق بينهما بشهادة الرجلين ثم تعتد حتى تحل ثم لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره بن وهب عن عقبة عن نافع قال سئل يحيى بن سعيد عن الرجل يطلق امرأته ويشهد على طلاقها ثم يكتم هو والشهداء ذلك حتى تنقضي عدتها ثم يحضره الموت فيذكر الشهداء طلاقه إياها‏.‏

قال‏:‏ يعاقبون ولا تجوز شهادتهم إذا كانوا حضورا ولامرأته الميراث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ادعى رجل قبل امرأة النكاح وأنكرت المرأة أيكون له عليها اليمين وإن أبت اليمين جعلته زوجها‏.‏

قال‏:‏ لا أرى أباءها اليمين مما يوجب له النكاح عليها ولا يكون النكاح إلا بينة لأن مالكا قال في المرأة تدعى على زوجها أنه قد طلقها‏؟‏ قال لا أرى أن يحلف إلا أن تأتي بشاهد واحد‏.‏

قلت‏:‏ فإن أتت بشاهد واحد فأبى أن يحلف أتطلق عليه‏.‏

قال‏:‏ لا ولكن أرى أن يسجن حتى يحلف أو يطلق فرددناها عليه في أن يمضي عليه الطلاق فأبى قال ابن القاسم وقد بلغني عنه أنه إذا طال ذلك من سجنه خلى بينه وبينها وهو رأيي وإن لم يحلف فلما أبى مالك أن يحلف الزوج إذا دعت المرأة قبله الطلاق إلا أن تأتي المرأة بشاهد واحد فكذلك النكاح عندي إذا ادعى قبلها نكاحا لم أر له عليها اليمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أقام الزوج على المرأة شاهدا واحدا أنها امرأته وأنكرت المرأة ذلك أيستحلفها له مالك ويحبسها كما صنع بالزوج في الطلاق‏.‏

قال‏:‏ لا أحفظها عن مالك ولا أرى أن تحبس ولا أرى اباءها اليمين وإن أقام الزوج شاهدا واحدا أنه يوجب له النكاح عليها ولا يوجب له النكاح عليها إلا شاهدان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ادعت المرأة على زوجها أنه طلقها وقالت استحلفه لي‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحلفه لها إلا أن تقيم المرأة شاهدا واحدا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن لم يكن لها شاهد أتخليها وإياه في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت امرأة تدعى الطلاق على زوجها فتقيم عليه امرأتين أتحلف لها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك إن كانتا ممن تجوز شهادتهما عليه أي في الحقوق رأيت أن يحلف الزوج وإلا لم يحلف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أقامت شاهدا واحدا على الطلاق‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يحال بينه وبينها حتى يحلف‏.‏

قلت‏:‏ فالذي وجب عليه اليمين في الطلاق يحال بينه وبين امرأته حتى يحلف في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يحال بينه وبين امرأته في قول مالك‏.‏

كتاب ارخاء الستور

في ارخاء الستور

قلت‏:‏ لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إن تزوج امرأة وخلا بها وأرخى الستر ثم طلقها فقال لم أمسها وصدقته المرأة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لها نصف الصداق لأنها قد صدقته على أنه لم يمسها وعليها العدة كاملة ولا يملك زوجها رجعتها لأنه قد أقر أنه لم يمسها‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال قد جردتها وقبلتها ولم أجامعها وصدقته المرأة‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون عليه إلا نصف الصداق إلا أن يكون قد طال مكثه معها يتلذذ بها فيكون عليه الصداق كاملا‏.‏

قال مالك‏:‏ وهذا رأيي وقد خالفني فيه ناس فقالوا وإن تطاول فليس لها إلا نصف الصداق‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك الذي لا يقدر على أهله فيضرب له أجل سنة أرى أن عليه الصداق كاملا إذا فرق بينهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال قد جامعتها بين فخذيها ولم أجامعها في الفرج وصدقته المرأة‏.‏

قال‏:‏ لا يكون لها إلا نصف الصداق إلا أن يطول مكثه معها كما قال مالك في الوطء ألا ترى أن مالكا قال إلا أن تطول إقامته معها والذي لم تطل إقامته معها قد ضاجع وتلذذ منها وطلب ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال الزوج بعد ما دخل بها وأرخى الستر لم أجامعها وقالت المرأة قد جامعني أيكون عليه المهر كاملا أو نصف المهر في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك عليه المهر كاملا والقول قولها‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان اجتلاها في بيت أهلها وخلا بها فطلقها قبل البناء فقال الزوج لم أمسها وقالت المرأة قد مسني‏.‏

قال مالك‏:‏ القول قول الزوج أنه لم يمسها إلا أن يكون قد دخل عليها في بيت أهلها دخول اهتداء والإهتداء هو البناء‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان قد دخل عليها في بيت أهلها غير دخول البناء فطلقها وقال لم أمسها وقالت المرأة قد مسني فجعلت القول قوله في قول مالك أتكون على المرأة العدة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ عليها العدة إن كان قد خلا بها وليس معها أحد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن دخل بها في بيت أهلها غير دخول البناء فقال الزوج قد جامعتها وقالت المرأة ما جامعني قال إن كان خلا بها وأمكن منها وإن لم تكن تلك الخلوة خلوة بناء رأيت عليها العدة وعليه الصداق كاملا فإن شاءت المرأة أخذته كاملا وإن شاءت أخذت نصف الصداق وأما إذا دخل عليها ومعها النساء فيقعد فيقبل ثم ينصرف فإنه لا عدة عليها ولها نصف الصداق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن وجبت عليها العدة بهذه الخلوة وهي تكذب الزوج ف يالجماع والزوج يدعي الجماع أيجعل له عليها الرجعة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا رجعة له عليها عند مالك وإن جعلت عليها العدة لأنه لم يبن بهاإنما خلا بها في بيت أهلها وهي أيضا إن خلا بها في بيت أهلها هذه الخلوة التي وصفت لك إذا لم يكن معها أحد فتناكرا الجماع الزوج والمرأة جعلت عليها العدة ولم أصدقها على إبطال العدة وكان لها نصف الصداق إذا أمكن منها وخلا بها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن عقد نكاحها فلم يخل بها ولم يجتلها حتى طلقها فقال الزوج قد وطئتها من بعد عقدة النكاح وقالت المرأة ما وطئني أيكون عليها العدة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا عدة عليها‏.‏

قلت‏:‏ ويكون لها عليه الصداق كاملا‏.‏

قال‏:‏ قد أقر لها بالصداق فإن شاءت أخذت وإن شاءت تركت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن خلا بها ومعها نسوة فطلقها وقال قد جامعتها وقالت المرأة كذب ما جامعني‏.‏

قال‏:‏ القول قولها ولا عدة عليها‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ما قول مالك في الرجل يتزوج المرأة وهي صائمة في رمضان أو صيام تطوع أو صيام نذر أوجبته على نفسها أو صيام كفارة فبنى بها زوجها نهارا في صيامها هذا ثم طلقها من يومه أو خلا بها وهي محرمة أو حائض فطلقها قبل أن تحل من إحرامها أو قبل أن تغتسل من حيضتها فادعت المرأة في هذا كله أنه قد مسها وأنكر الزوج ذلك وطلبت المرأة الصداق كله وقال الزوج إنما علي نصف الصداق‏.‏

قال‏:‏ سئل مالك عن الرجل يدخل بامرأته وهي حائض فتدعي المرأة أنه قد مسها وينكر الزوج ذلك إن القول قولها ويغرم الزوج الصداق إذا أرخيت عليهما الستور فكل من خلا بامرأة لا ينبغي له أن يجامعها في تلك الحال فإدعت أنه قد مسها فيه كان القول قولها إذا كانت خلوة بناء‏.‏

قلت‏:‏ ولم قال مالك القول قول المرأة‏.‏

قال‏:‏ لأنه قد خلا بها وأمكن منها وخلى بينه وبينها فالقول في الجماع قولها‏.‏

قال‏:‏ وكذلك قال مالك في الرجل يغتصب المرأة نفسها فيحملها فيدخلها بيتا والشهود ينظرون إليه ثم خرجت المرأة فقالت قد غصبني نفسي وأنكر الرجل ذلك إن الصداق لازم للرجل‏.‏

قلت‏:‏ ويكون عليه الحد‏.‏

قال‏:‏ لا يكون عليه الحد‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يتزوج المرأة فيدخل بها ثم يطلقها فيقول ما جامعتها وتقول المرأة قد جامعني‏.‏

قال‏:‏ القول قول المرأة في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فإن طلقها واحدة‏.‏

قال‏:‏ القول قول المرأة في الصداق وعليها العدة ولا يملك الرجعة وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ وبلغني أن مالكا قيل له أفتنكح بهذا زوجا كان طلقها البتة إذا طلقها زوجها فقال الزوج لم أطأها وقالت المرأة قد وطئني‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا أرى ذلك إلا بإجتماع منهما جميعا على الوطء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأرى أن يدين في ذلك ويخلي بينها وبين نكاحه وأخاف أن يكون هذا من الذي طلقها ضررا منه في نكاحها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يتزوج المرأة المطلقة ثلاثا فيدخل بها فيلبث معها ثم يموت من الغد فتقول المرأة قد جامعني أيحل لزوجها الأول أن يتزوجها ويصدقها في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أرى أن المرأة تدين في ذلك فإن أحب أن يتزوجها فهو أعلم ولا يحال بينه وبين ذلك واليوم في ذلك وما زاد على اليوم سواء إذا كان رجلا يطأ فالقول قول المرأة إذا مات الزوج ولا يعلم منه إنكار لوطئها ولقد استحسن مالك الذي أخبرتك إذا قال لم أطأها وقالت قد وطئني إن ذلك لا يحلها لزوجها إلا باجتماع منهما على الوطء وهذا لا يشبه مسألتك لأن الزوج ها هنا قد أنكر الوطء وفي مسألتك لم ينكر الوطء حتى مات والذي استحسن من ذلك مالك ليس يحمل القياس ولو لا أن مالكا قاله لكان غيره أعجب إلي منه ورأيي على ما أخبرتك قبل هذا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن شريحا الكندي قضي في امرأة بني بها زوجها ثم أصبح فطلقها وقالت ما مسنى وقال ما مسستها فقضي عليه شريح بنصف الصداق وقال هو حقك وأمرها أن تعتد منه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن ربيعة مثله ‏(‏وقال‏)‏ ربيعة والستر شاهد بينهما على ما يدعيان وله عليها الرجعة إن قال قد وطئتها‏.‏

ابن وهب‏:‏ وذكر عن يونس عن ربيعة أنه كان يقول إن دخل عليها عند أهلها فقال الزوج لم أمسها وقالت ذلك المرأة لم يكن لها إلا نصف الصداق ولم يكن له عليها الرجعة وإن قال لم أدخل بها وقالت قد دخل بي صدقت عليه وكان لها الصداق كاملا واعتدت عدة المطلقة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عمرو بن دينار عن سليمان بن يسار أن امرأة في إمرة مروان بن الحكم أو أمير قبله أغلق عليها زوجها‏؟‏ قال لا أراه قال إلا في بيت أهلها ثم طلقها وقال لم أمسها وقالت المرأة بل قد أصابني ثلاث مرات وولم يصدق عليها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن أبي الزناد عن أبيه قال أخبرني سليمان بن يسار أن الحارث بن الحكم تزوج امرأة اعرابية فدخل عليها فإذا هي حضرية فكرهها فلم يكشفها كما يقول واستحيا أن يخرج مكانه فقال عندها مجلياتها ثم خرج فطلقها وقال لها نصف الصداق لم أكشفها وهي ترد ذلك عليه فرفع ذلك إلى مروان بن الحكم فأرسل إلى زيد بن ثابت فقال يا أبا سعيد رجل صالح كان من شأنه كذا وكذا وهو عدل هل عليه إلا نصف الصداق فقال له زيد بن ثابت أرأيت لو أن المرأة الآن حبلت فقالت هو منه أكنت مقيما عليها الحد فقال مروان لا فقال زيد بل لها صداقها كاملا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأنس بن مالك وسعيد بن المسيب وربيعة وبن شهاب إن لها الصداق عليه وعليها العدة ولا رجعة له عليها ‏(‏وقال مالك‏)‏ كان سعيد بن المسيب يقول إذا دخل الرجل على المرأة في بيتها صدق عليها وإذا دخلت عليه في بيته صدقت عليه قال مالك وذلك في المسيس‏.‏

الرجعة

قلت‏:‏ أرأيت إن طلق رجل امرأته تطليقة يملك بها الرجعة ثم قبلها في عدتها لشهوة أو لمسها لشهوة أو جامعها في الفرج أو فيما دون الفرج أو جردها فجعل ينظر إليها وإلى فرجها هل يكون ذلك رجعة في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك إذا وطئها في العدة وهو يريد بذلك الرجعة وجهل أن يشهد فهي رجعة وإلا فليست برجعة وقاله عبد العزيز بن أبي سلمة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من قال لإمرأته قد راجعتك ولم يشهد إلا أنه قد تكلم بالرجعة‏.‏

قال‏:‏ فهي رجعة وليشهد وهذا قول مالك وقد قال مالك في امرأة طلقها زوجها ثم راجعها ولم يشهد فأراد أن يدخل بها فقالت المرأة لا تدخل بي حتى تشهد على رجعتي‏.‏

قال‏:‏ قال مالك قد أحسنت وأصابت حين منعته نفسها حتى يشهد على رجعتها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال قد ارتجعتك ثم قال بعد ذلك لم أرد رجعتك بذلك القول إنما كنت لاعبا بقولي قد راجعتك وعليه بذلك بينة على قوله قد راجعتك أو لا بينة عليه والمرأة والزوج يتصادقان على قوله قد راجعتك وادعى الزوج أنه لم يرد بقوله ذلك مراجعتها قال الرجعة عليه ثابتة إذا كان قبل انقضاء عدتها وإن انقضت العدة فلا يكون قولهما رجعة إلا أن تقوم على ذلك بينة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال قد كنت راجعتك أمس وهي في العدة بعد أيصدق الزوج أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم هو مصدق‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال كنت راجعتك أمس وقد انقضت عدتها أيصدق أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يصدق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال قد كنت راجعتك في عدتك وهذا بعد انقضاء العدة وأكذبته المرأة فقالت ما راجعتني أيكون له عليها اليمين في قول مالك‏.‏ فقال‏:‏ قال مالك إنه لا يصدق عليها إلا ببينة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولو أبت اليمين أو أقرت لم تصدق ولم يكن للزوج عليها رجعة إلا أن يكون كان يبيت عندها ويدخل عليها في العدة فيصدق على قوله انه قد راجعها وإن كان ذلك بعد انقضاء العدة وإن أكذبته فالقول قوله على كل حال إذا كان هو معها في البيت فالقول قوله بعد مضى العدة أنه قد راجعها في العدة ‏(‏وقال أشهب‏)‏ إذا قال رجل لامرأته وهي في عدة منه إذا كان غدا فقد راجعتك لم تكن هذه رجعة وقاله مالك ولكن لو قال قد كنت راجعتك أمس كان مصدقا إن كانت في عدة منه وإن أكذبته المرأة لأن ذلك يعد مراجعة الساعة ‏(‏أشهب‏)‏ وإذا قال الرجل لامرأته بعد انقضاء العدة قد كنت راجعتك في العدة فليس ذلك له وإن صدقته المرأة لانها قد بانت منه في الظاهر وادعى عليها ما لا يثبت له إلا ببينة وتتهم في اقرارها له بالمراجعة على تزويجه بلا صداق ولا ولي وذلك ما لا يجوز لها ولا له أن يتزوجها بلا ولي ولا صداق‏.‏

قلت‏:‏ لأشهب فإن أقام بينة على إقراره قبل انقضاء العدة أنه قد جامعها قبل انقضاء العدة وكان مجيئه بالشهود بعد انقضاء العدة‏.‏

قال‏:‏ كانت هذه رجعة وكان مثل قوله قد راجعتها إذا ادعى إن وطأه إياها أراد به الرجعة‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته وهي أمة لقوم فقال الزوج قد كنت راجعتها في العدة وصدقه السيد وأكذبته الأمة‏.‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا يقبل قول السيد في هذا ولا يقبل قوله في هذا قد راجعتك إلا بشاهدين سوى السيد لان مالكا‏؟‏ قال لا يجوز شهادة السيد على نكاح أمته فكذلك رجعتها عندي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ارتجع ولم يشهد أتكون رجعته رجعة ويشهد فيما يستقبل في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم قال مالك إذا كان إنما ارتجع في العدة وأشهد في العدة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان ارتجع في العدة وأشهد بعد انقضاء العدة وصدقته المرأة‏.‏

قال‏:‏ لا يقبل قوله إلا أن يكون كان يخلو بها ويبيت معها ‏(‏أشهب‏)‏ عن القاسم بن عبد الله أن عبد الله بن دينار حدثه أن بن عمر لما طلق صفية بنت أبي عبيد أشهد رجلين فلما أراد أن يرتجعها أشهد رجلين قبل أن يدخل عليها ‏(‏أشهب‏)‏ وقال قال ربيعة من طلق امرأته فليشهد على الطلاق وعلى الرجعة ‏(‏أشهب‏)‏ عن يحيى بن سليم أن هشام بن حسان حدثه أن بن سيرين أخبره عن عمران بن الحصين أنه سئل عن رجل طلق امرأته ولم يشهد وارتجع ولم يشهد فقال طلق في غير عدة وارتجع في غير عدة بئس ما صنع وليشهد على ما فعل ‏(‏أشهب‏)‏ عن القاسم بن عبد الله عن يحيى بن سعيد عن بن شهاب عن بن المسيب أنه قال من طلق فليشهد على الطلاق وعلى الرجعة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الحامل إذا وضعت ولدا وبقي في بطنها آخر أيكون الزوج أحق برجعتها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك زوجها أحق برجعتها حتى تضع آخر ولد في بطنها وقاله بن شهاب وربيعة وعبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وأبو الزناد وبن قسيط من حديث بن وهب ‏(‏وقال أشهب‏)‏ إذا طلق الرجل امرأته واحدة أو اثنتين فالرجعة له عليها ما لم تحض الحيضة الثالثة فقد مضت الثلاثة الأقراء التي قال الله لأن الاقراء انما هي الاطهار وليست بالحيض قال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء‏}‏ ولم يقل ثلاث حيض فإذا طلقها وهي طاهرة فقد طلقها في قرء تعتد فيه فإذا حاضت حيضة فقد تم قرؤها فإذا طهرت فهو قرء ثان فإذا حاضت الحيضة الثانية فقد تم قرؤها الثاني فإذا طهرت فهو قرء ثالث ولزوجها عليها الرجعة حتى ترى أول قطرة من الحيضة الثالثة فقد تم قرؤها الثالث وانقضى آخره وانقضت الرجعة عنها وحلت للأزواج‏.‏

قال أشهب‏:‏ غير أني استحسنت أن لا تعجل بالتزويج حتى يتبين أن الدم الذي رأت في آخر الحيض دم حيضة يتمادى بها فيها لأنه ربما رأت المرأة الدم الساعة والساعتين واليوم ثم ينقطع ذلك عنها فتعلم أن ذلك ليس بحيض فإن رأت امرأة هذا في الحيضة الثالثة فإن لزوجها عليها الرجعة وعليها الرجوع إلى بيتها الذي طلقت فيه حتى تعود إليها الحيضة صحيحة مستقيمة وقد ذكر بن أبي ذئب عن بن شهاب قال قضى زيد بن ثابت أن تنكح في دمها‏.‏

قال ابن شهاب‏:‏ وأخبرني بذلك عروة بن الزبير عن عائشة قال ربيعة وعدتهن من الاقراء الطهر فإذا مرت بها ثلاثة اقراء فقد حلت وانما الحيض علم للاطهار فإذا استكملت الاطهار فقد حلت ‏(‏مالك بن أنس‏)‏ وسليمان بن بلال أن زيد بن أسلم حدثهما عن سليمان بن يسار وأن الليث بن سعد ومالكا ذكرا عن نافع عن سليمان بن يسار أن بن الأحوص هلك بالشام حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة وقد كان طلقها طلقة أو تطليقتين فكتب معاوية إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك فكتب إليه زيد انها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها ولا ترثه ولا يرثها ‏(‏مالك‏)‏ عن بن شهاب عن عروة بن الزبير أن عائشة انتقلت حفصة حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقال ابن شهاب فذكرت ذلك لعمرة فقالت صدق عروة وقد جادلها فيه ناس فقالوا إن الله يقول ‏{‏ثلاثة قروء‏}‏ فقالت صدقتم وتدرون ما الاقراء إنما الاقراء الأطهار‏.‏

قال ابن شهاب‏:‏ وسمعت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث يقول ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا يريد قول عائشة‏.‏

قال مالك‏:‏ وحدثني الفضل بن أبي عبد الله مولى المهريين أنه سأل القاسم وسالما عن المرأة إذا طلقت فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقالا قد بانت منه وحلت‏.‏

قال مالك‏:‏ وقاله سليمان بن يسار وأبو بكر بن عبد الرحمن وقالوا كلهم ولا ميراث بينهما ولا رجعة له عليها‏.‏

قال مالك‏:‏ وقاله بن شهاب‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة أن بن أبي جعفر حدثه عن نافع عن بن عمر وزيد بن ثابت مثله ‏(‏أشهب‏)‏ عن بن الدراوردي أن ثور بن زيد الديلي حدثه عن بن عباس أنه كان يقول إذا حاضت المطلقة الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها ‏(‏أشهب‏)‏ عن القاسم بن عبد الله أن عبد الله بن دينار حدثه عن عائشة وبن عمر وزيد بن ثابت أنهم كانوا يقولون إذا طلق الرجل امرأته وقد حاضت الحيضة الثالثة لم يكن له عليها رجعة ولا يتوارثان ولم يكن بينهما شيء‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن قال الزوج لامرأته وقد كان طلقها قد راجعتك فقالت مجيبة له قد انقضت عدتي وأكذبها الزوج‏.‏

قال‏:‏ ينظر في ذلك فإن كان قد مضى لها من الزمان ما تنقضي في مثله العدة صدقت وكان القول قولها‏.‏

قلت‏:‏ فإن سكتت حتى أشهد على رجعتها ثم قالت بعد ذلك بيوم أو أقل من ذلك إنك أشهدت على رجعتي وإن عدتي قد كانت انقضت قبل أن تشهد على رجعتي‏.‏

قال‏:‏ لا تصدق‏.‏

قلت‏:‏ ولم صدقتها في القول الأول‏.‏

قال‏:‏ لأنها في القول الأول مجيبة له فردت عليه المراجعة وأخبرته أن مراجعته إياها ليست بشء وفي مسألتك الآخرة قد سكتت وأمكنته من رجعتها ثم أنكرت بعد ذلك فلا تصدق على الزوج لأن الرجعة قد ثبتت للزوج بسكوتها‏.‏

قال‏:‏ لأن مالكا قال لي في المرأة تطلق فتزعم أنها قد حاضت ثلاث حيض في شهر أو تزعم أنها قد أسقطت‏.‏

قال‏:‏ أما الحيض فيسئل النساء فإن كن يحضن لذلك صدقت وأما السقط فإن الشأن فيه أنهن مؤتمنات على ذلك ولا تكاد المرأة تسقط إلا علم بذلك الجيران ولكن الشأن في ذلك أن تصدق ويكون القول قولها وكذلك قال مالك‏.‏

دعوى المرأة انقضاء عدتها

قلت‏:‏ أرأيت رجلا طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم قال لها وهي في العدة قد راجعتك فقالت مجيبة له قد انقضت عدتي‏.‏ فقال‏:‏ هي مصدقة فيما قالت إذا كان ذلك من كلامها سبقا بكلامه وكان قد مضى من عدد الأيام من يوم طلقها إلى اليوم الذي قالت فيه قد انقضت عدتي ما تنقضي في مثله عدة بعض النساء إذا كان ادعاؤها ذلك من حيض وأما إن كان من سقط فهو لها جائز وإن كان من بعد طلاقه إياها بيوم أو أقل أو أكثر ودل على ذلك أن ذلك إليهن قول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن‏}‏ ففسر أهل العلم أن الذي خلق الله في أرحامهن لا يحل لهن أن يكتمنه الحيضة والحبل فجعل العدة إليهن بما حرم الله عليهن من كتمانها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في قول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن‏}‏‏.‏

قال‏:‏ بلغنا أنه الحمل وبلغنا أنها الحيضة ولا يحل لهن أن يكتمن ذلك لتنقضي العدة فلا يملك الزوج الرجعة إذا كانت له وقاله محمد بن كعب القرظي وعطاء ومجاهد‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن قباس بن زرير اللخمي عن علي بن رباح قال كانت تحت عمر بن الخطاب امرأة من قريش فطلقها تطليقة أو تطليقتين وكانت حاملا فلما أحست بالولد أغلقت الأبواب حتى وضعت فأخبر بذلك عمر فأقبل مغضبا حتى دخل المسجد فإذا هو بشيخ فقال اقرأ علي ما بعد المائتين من سورة البقرة فذهب يقرأ فإذا في قراءته ضعف فقال يا أمير المؤمنين ها هنا غلام حسن القراءة فإن شئت دعوته‏؟‏ قال نعم فدعاه فقرأ ‏{‏والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل‏.‏