فصل: في اعتصار الأم له

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في حوز الأب لابنه العبد

قلت‏:‏ أرأيت ان كان ابني عبدا لرجل وهو غائب صغير فوهبت له هبة وأشهدت له أتكون حيازتي له حيازة أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا لأن الصبي له من يحوز له دونك لأن سيده يحوز له ماله دون والده ولأني سمعت مالكا يقول في رجل تصدق على صغير بصدقة ان حيازته ليست بحيازة إلا أن يكون وصيا أو أحدا يحوز له ولا تكون صدقة مقبوضة إلا أن تزول من يد صاحبها إلا أن يكون والدا أو وصيا لمن يلي‏.‏

قلت‏:‏ فإن أخرج الهبة والد الصبي العبد إلى رجل غير مولي الصبي فجعلها على يديه يحوزها لصبي أتجوز الهبة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم رضي بذلك سيده أو لم يرض وقد قال مالك من وهب هبة لغائب فأخرجها من يديه فجعلها على يدي رجل يحوزها له فهي حيازة لهذا الغائب وكل من حبس حبسا على كبار أو صغار أو وهب هبة لغائب إذا كان كبيرا أو وهب هبة لصغير والصغير ليس هو والده ولا وصية فجعل ذلك كله على يدي غيره حتى يكبر الصغير فيعطيه الذي جعل له أو يقدم الغائب فيأخذه‏.‏

أو كبار حضور تجري عليهم غلة الحبس فإن ذلك جائز عندي فيما حملت عن مالك فأما أن يهب رجل لرجل هبة والموهوب له حاضر مرضي ليس بسفيه ولا صغير ويأمره أن لا يدفعه إليه فلا أرى هذا حيازة لأنه قد قبلها الموهوب له والموهوب له حاضر مرضي ولم يسلمها إليه إنما يحوز مثل هذا إذا كان قد حبس الأصل وجعل الغلة له واستخلف من يجري ذلك عليه‏.‏

في حوز الزوج

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا تزوج جارية بكرا قد طمثت أو لم تطمث وهي في بيت أبيها فتصدق الزوج عليها بصدقة أو وهب لها هبة وأشهد عليها إلا أنه لم يخرجها من يده أيكون حائزا لها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون حائزا لها إلا أن يخرجها من يده فيضعها له على يدي من يحوزها له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كان دخل بها وهي سفيهة أو مجنونة جنونا مطبقا فابتني بها زوجها ثم تصدق عليها زوجها بصدقة أو وهب لها زوجها هبة وأشهد لها بذلك أيكون هو الحائز لها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه لا يكون هو الحائز لها لما تصدق به عليها‏.‏

قلت‏:‏ لم قلت ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لأن من تصدق بصدقة على غيره أو وهب هبة لا يكون هو الواهب وهو الحائز إلا أن يكون والدا أو وصيا أو ممن يجوز أمره عليه في قول مالك وقد فسرت لك ذلك ولا أرى الزوج ها هنا ممن يجوز أمره عليها ألا ترى أنه لو باع مال امرأته لم يجز بيعه ولا أراه يجوز أمره عليها ولا يكون حائزا لها ما تصدق هو عليها به وأبوها الحائز لها وإن دخلت بيت زوجها ما دامت سفيهة وفي حال لا يجوز لها أمر ولا يكون زوجها الحائز لها ما وهب لها إلا أن يضع لها ذلك على يدي أجنبي يقبضه لها فأما صدقته هو أو هبته لها فل‏.‏

في اعتصار الأم له

قلت‏:‏ أرأيت ما وهبت الام لولدها أيجوز لها أن تعتصر منه شيئا أم لا‏؟‏ إذا كانت هي الوصي والولد صغار في حجرها‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك إذا وهبت الأم لولدها أو نحلتهم ولهم أب فإن الام تعتصر ذلك كما يعتصر الاب ما لم يستحدثوا دينا أو ينكحوا وما نحلت أو وهبت الام لولدها الصغار ولا أب لهم فإنها لا تعتصر ذلك وليس يعتصر ما يوهب لليتامى ولا ما ينحلون‏؟‏

قال‏:‏ لي مالك إنما ذلك عندي بمنزلة الصدقة وما نحل الاب أو وهب لولده الصغار فإنه يعتصر ذلك ولو لم تكن لهم أم لأن اليتم إنما هو من قبل الأب إلا أن ينكحوا أو يحدثوا دينا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت الام لولدها وهم كبار هبة أيجوز لها أن تعتصرها قبل أن يحدثوا فيها شيئا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يجوز لها أن تعتصرها في قول مالك لأن مالكا قال لي في الأب له أن يعتصر والام مثله‏؟‏

قال‏:‏ وإنما منع مالك الام أن تعتصر إذا كان الولد يتامى وإذا لم يكونوا يتامى فلها أن تقتصر ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنت ومالك لأبيك فدرىء عن أبيه الحد في مال ابنه إذا سرقه وبذلك الحديث درىء عن الأم في مال ابنها إذا سرقته الحد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن وهبت الأم لولدها هبة وهم صغار لا والد لهم فبلغوا رجالا ولم يحدثوا في الهبة شيئا أيكون للأم أن تعتصر الهبة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ليس لها أن تعتصر الهبة لأنها وقعت يوم وقعت لهم وهم يتامى وهي بمنزلة الصدقة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الصغير إذا كان له والد مجنون جنونا مطبقا وله والدة فوهبت الام له هبة أهذا بمنزلة اليتيم أم لا‏؟‏ يكون بمنزلة اليتيم ويجوز لها أن تعتصره‏؟‏

قال‏:‏ لا أراه بمنزلة اليتيم ولم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى لها أن تعتصر هبتها إن شاءت‏.‏

في اعتصار الأب

قلت‏:‏ أرأيت إن وهب لهم الاب وهم صغار فبلغوا رجالا ولم يبلغوا دينا ولم ينكحوا فأراد الأب أن يعتصر هبته أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يهب لولده الكبار هبة ثم يريد ان يعتصرها ان ذلك له ما لم يستحدثوا دينا أو ينكحوا فكذلك إذا وهب لهم وهم صغار ثم بلغوا فله أن يعتصر هبته ما لم يحدثوا دينا أو ينكحوا أو تتغير عن حالها قال مالك ولو أن رجلا نحل ابنا له جارية فوطئها ابنه لم يكن له اعتصارها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما وهب للصبي إذا وهب له رجل أجنبي أيجوز للأب أن يعتصره‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز له ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وهو قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ألا ترى أنه مال من مال الصبي لا يجوز له أن يعتصره وإنما يجوز له أن يعتصر ما وهبه هو بحال ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ فإن تصدق والد على ولده وهم صغار أو كبار بصدقة أيجوز له أن يعتصرها قال مالك الصدقة مبهمة ليس يجوز لأحد فيها اعتصار لا والد ولا والدة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العطية والعمري والنحل إذا فعله الرجل بابنه أيجوز له أن يعتصره كما يجوز له في الهبة أم يجعله بمنزلة الصدقة‏؟‏

قال‏:‏ العطية بمنزلة الهبة والنحل بمنزلة الهبة قال مالك ليس له أن يعتصر في الصدقة وحدها‏.‏

قلت‏:‏ فالحبس أيكون له أن يعتصره في قول مالك قال إن كان الحبس غلى وجه الصدقة فليس له أن يعتصره وإن كان على غير وجه الصدقة فله أن يعتصره‏.‏

قلت‏:‏ ويكون حبسا أو عمري على غير وجه الصدقة‏؟‏

قال‏:‏ نعم يحبس الدار على ولده الصغار أو يعمره شهرا أو شهرين ثم مرجعها إليه فإن هذا ليس على وجه الصدقة وهذا سكنى‏.‏

قلت‏:‏ مرجعها إليه في قول مالك مال من ماله‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال ابن وهب قال ابن جريج عن طاوس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال لا يحل لأحد أن يهب هبة ثم يعود فيها إلا الوالد قال طاوس وبلغني أنه قال صلى الله عليه وسلم إنما مثل الذي يهب الهبة ثم يعود فبها كالكلب يعود في قيئه قال ابن وهب عن سفيان الثوري عن أبيه عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الذي يعود في هبته كالعائد في قيئه ليس لنا المثل السوء‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن عمر بن عبد العزيز أنه قال أيما رجل نحل ولدا له كان في حجره فهو حائز له وإن كان له أهل فلا يجوز إلا أن يحوز وان نحل ابنه أو ابنته قبل أن ينكحا ثم نكحا على ذلك فليس له أن يرجع فيه وان كان نحله بعد أن نكح فإن الأب يرجع فيما أعطى ابنه‏.‏

بن لهيعة‏:‏ عن يزيد بن أبي حبيب أن موسى بن سعد حدثه أن سعد مولى آل الزبير نحل ابنته جارية له فلما تزوجت أراد ارتجاعها فقضى عمر أن الوالد يعتصر ما دام يرى ماله ما لم يمت صاحبها فتقع فيه المواريث أو تكون امرأة فتنكح قال يزيد وكتب عمر بن عبد العزيز أن الوالد يعتصر ما وهب لابنه ما لم يداين الناس أو ينكح أو يموت ابنه فنقع فيه المواريث وقال في ابنته مثله إذا هي نكحت أو ماتت ‏(‏مخرمة بن بكير‏)‏ عن أبيه قال سمعت سليمان بن يسار يقول يعتصر الوالد من ولده ما دام حيا وما رأى عطيته بعينها وما لم يستهلكها وما لم يكن فيها ميراث ‏(‏محمد بن عمرو‏)‏ عن بن جريح عن عطاء بمثل قضاء عمر بن عبد العزيز ‏(‏الليث بن سعد‏)‏ أن نافعا مولى بن عمر أخبره أن عمر بن الخطاب قال الصدقة لا يرتد فيها صاحبها ‏(‏وقال‏)‏ عمر بن عبد العزيز وربيعة وأبو الزناد وعبد الرحمن بن القاسم ونافع مولى بن عمر ويزيد بن قسيط مثله‏.‏

بن لهيعة‏:‏ عن يزيد بن أبي حبيب عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أيوب بن شرحبيل أن الصدقة عزمة بتة بمنزلة العتاقة لا رجع فيها ولا مثنوية‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن أبي الزناد أنه قال في رجل تصدق على ولده ثم عقه أله أن يرجع في ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لا يرجع في صدقته وقال ربيعة لا يعتصر الرجل صدقته على ابنه وان عقه وقاله مالك‏.‏

في اعتصار ذوي القربى

قلت‏:‏ هل يجوز لأحد من الناس أن يعتصر هبته في قول مالك جد أو جدة أو خال أو خالة أو عم أو عمة أو غيرهم أيجوز لهم أن يعتصروا‏؟‏

قال‏:‏ لا أعرف الاعتصار يجوز في قول مالك لأحد من الناس إلا والدا أو والدة ولا أرى ذلك لأحد غيرهما ‏(‏يونس بن يزيد‏)‏ عن بن شهاب قال كان رجال من أهل العلم يقولون ليس للولد أن يعتصر من والديه شيئا من أجل فضيلة حق والديه على فضيلة حقه قال يونس وقال ربيعة لا يعتصر الولد من الوالد‏.‏

في الهبة للثواب

قلت‏:‏ أرأيت إن وهبت هبة لرجل فقبضها بغير أمري أيجوز قبضه‏؟‏

قال‏:‏ نعم في قول مالك لأنك لو منعته ثم قام عليك كان له أن يقبضها منك إذا كانت لغير ثواب‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت للثواب فله أن يمنعه هبته حتى يثيبه منها‏؟‏

قال‏:‏ نعم وهذا مثل البيع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن وهب لي سلعة للثواب فقبضتها قبل أن أثيبه أيكون علي أن أردها إليه حتى أثيبه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يوقف الموهوب له فأما أثابه وأما أن يرد سلعته إليه ويتلوم في ذلك لهما جميعا مما لا يكون عليهما في ذلك ضرر ‏(‏عبد الجبار بن عمر‏)‏ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال الهبة للثواب عندنا مثل البيع يأخذها صاحبها إذا قام عليها فإن نمت عند الذي وهبت له فليس للواهب إلا القيمة قيمتها يوم وهبها‏.‏

في الثواب في هبة الذهب والورق

قلت‏:‏ أرأيت الدراهم والدنانير إذا وهبها فقير لغني أيكون فيها الثواب في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس في الدنانير والدراهم ثواب‏.‏

قلت‏:‏ وإن وهبها وهو يرى أنه وهبها للثواب‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا وهب دنانير أو دراهم ثم ادعى أنه وهبها للثواب قال مالك لا يقبل قوله ولا ثواب له‏.‏

قلت‏:‏ فإن وهب له دنانير أو دراهم فاشترط الثواب‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك وأرى له فيه الثواب إذا اشترطه عرضا أو طعاما‏؟‏

قال‏:‏ وسئل مالك عن هبة الحلي للثواب‏؟‏

قال‏:‏ مالك أرى للواهب قيمة الحلي من العروض في الثواب ولا يأخذه دنانير ولا دراهم‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان وهب حلي فضة فلا يأخذ في الثواب دنانير‏؟‏

قال‏:‏ نعم عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا يقول في الرجل الغني يقدم من سفره فيهدي له جاره الفقير الهدية الرطب والفاكهة وما أشبههما حين يقدم فيقول بعد ذلك ما أهديت إليك إلا رجاء لثوابي أن تكسوني أو تصنع بي خيرا‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا شيء له‏.‏

قلت‏:‏ له فإن كانت هديته‏؟‏

قال‏:‏ قائمة فلا شيء له وان كانت قائمة بعينها ألا ترى أنه لا ثواب له فيها قال مالك وان طلب الفقير ثوابها فلا أرى له ثوابا فيها ولا يقضي له فيها شيء قال ابن وهب وكان ربيعة وغيره من أهل العلم يقولون إذا كانت الهبة على وجه الاثابة ابتغاء العوض فصاحبها أحق بها ما لم يعوض منها فأما الرجل يقدم من السفر مستعرضا أو الرجل تدخل عليه الفائدة وهو مقيم لم يشخص فيعرض له صاحبه الثوب أو الثوبين أو يحمله على الدابة أو نحو ذلك فهذا لا يرجع فيها‏.‏

في الثواب فيما بين القرابة وبين المرأة وزوجها

قلت‏:‏ أرأيت من وهب لذي رحم هبة أيكون له أن يرجع فيها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس بين الرجل وامرأته ثواب في الهبة إلا أن يكون يعلم أنها أرادت بذلك ثوابا مثل أن يكون الرجل الموسر والمرأة لها الجارية فيطلبها منها فتعطيه إياها تريد بذلك استقرار صلته وعطيته والرجل مثل ذلك يهب الهبة لامرأته والابن لابيه يرى أنه إنما أراد بذلك استقرار ما عند أبيه فإذا كان مثل ذلك مما يرى الناس انه وجه ما طلب بهبته تلك رأيت بينهما الثواب فإن أثابه وإلا رجع كل واحد منهما في هبته وان لم يكن وجه ما ذكر ذلك فلا ثواب بينهم فعلى هذا فقس ما يرد عليك من هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لعمتي أو لعمي أو لجدي أو لجدتي أو أختي أو بن عمي هبة أو وهبت لقرابتي ممن ليس بيني وبينهم محرم أيكون لي أن أرجع في هبتي‏؟‏

قال‏:‏ أما وهبت من هبة يعلم أنك أردت بها وجه الثواب فإن أثابوك وإلا رجعت في هبتك وما وهبت من هبة يعلم أنك لم ترد بها وجه الثواب فلا ثواب لك مثل أن تكون غنيا فتصل بعض قرابتك فتزعم أنك أردت به الثواب فهذا لا تصدق على ذلك ولا ثواب لك ولا رجعة لك في هبتك‏؟‏

قال‏:‏ وهذا كله قول مالك ‏(‏يونس بن يزيد‏)‏ عن ربيعة أنه قال ليس بين الرجل وامرأته فيما كان من أحدهما إلى صاحبه من عطاء أو صدقة بت ليس بينهما في ذلك ثواب وليس لأحدهما أن يرتجع ما أعطى صاحبه وذلك لأنه من الرجل إذا أعطى امرأته حسن صحبة فيما ولاه الله من أمرها وأوجب عليه من نفقتها وأفضائه من المعروف إليها ولأنه من المرأة إلى زوجها مواساة ومعونة له على صنيعته وصنيعتها فليس بينهما ثواب فيما أعطى أحدهما صاحبه ولا عوض إلا أن يشترط أحدهما على صاحبه شرطا ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن وهب عن رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وغير واحد من أهل العلم مثله ‏(‏وقد‏)‏ قال مالك والليث مثله‏.‏

في الثواب بين الغني والفقير والغنيين

قلت‏:‏ لابن القاسم وكذلك هذا في الاجنبيين في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لو وهب لاجنبي هبة والواهب غني والموهوب له فقير ثم قال بعد ذلك الواهب إنما وهبتها له للثواب لم يصدق على ذلك ولم يكن له أن يرجع في هبته‏؟‏

قال‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ وإن كان فقيرا وهب لغني فقال إنما وهبتها للثواب قال هذا يصدق ويكون القول قوله فإن أثابه وإلا رد إليه هبته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانا غنيين أو فقيرين وهب أحدهما لصاحبه هبة ولم يذكر الثواب حين وهب له ثم قال بعد ذلك إنما وهبتها للثواب فكذبه الآخر أيكون القول قول الواهب أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظه في هذا ولكني لا أرى لمن وهب لفقير ثوابا وإن كان الواهب فقيرا إذا لم يشترط في أصل الهبة ثوابا وأما غني وهب لغني فقال إنما وهبت للثواب فالقول قول الواهب أن أثيب من هبته وإلا رجع في هبته قال مالك وقال عمر بن الخطاب من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه الصدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها ان لم يرض منها قال ابن وهب وسمعت حنظلة بن أبي سفيان الجمحي يقول سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول عن أبيه عن عمر بن الخطاب مثل ذلك قال ابن وهب وحدثني عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن عمر بن الخطاب بذلك ‏(‏وأخبرني‏)‏ غيرهم عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وغيره عن عمر بن الخطاب بذلك وقال عمر وإن هلكت أعطاه شرواها بعد أن يحلف بالله ما هبها إلا رجاء أن يثيبه عليها‏.‏

بن لهيعة‏:‏ عن يزيد بن أبي حبيب أن علي بن أبي طالب قال المواهب ثلاثة موهبة يراد بها وجه الله وموهبة يراد بها وجه الناس وموهبة يراد بها الثواب فموهبة الثواب يرجع فيها صاحبها إذا لم يثب‏.‏

الرجوع في الهبة

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لرجل هبة فعوضني منها أيكون لواحد منا أن يرجع في شيء مما أعطاه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا وهب لرجلين عبدا فعوضه أحدهما عوضا من حصته أيكون له أن يرجع في حصة الآخر‏؟‏

قال‏:‏ نعم له أن يرجع في حصة الآخر وما سمعت ذلك من مالك ولكنه مثل البيوع من قول مالك إذا باع العبد من رجلين صفقة واحدة فنقده أحدهما وأفلس الآخر كان له أن يأخذ نصيب الآخر ويكون أولى به من الغرماء وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا وهب لرجل هبة فعوضه رجل أجنبي عن الموهوب له عن تلك الهبة عوضا فأراد المعوض أن يرجع في عوضه أيكون ذلك له أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون له ذلك ولكن ينظر فإن كان المعوض إنما أراد بالعوض حين عوض الواهب عن الموهوب له أراد بذلك العوض هبة للموهوب له يرى أنه إنما أراد بها الثواب فأرى له أن يرجع على الموهوب له بقيمة العوض إلا أن يكون العوض دنانير أو دراهم فليس له أن يرجع عليه بشيء وإن كان إنما أراد بعوضه السلف فله أن يتبع الموهوب له‏.‏

قلت‏:‏ وإن كان بغير أمر الموهوب له‏؟‏

قال‏:‏ نعم وإن كان بغير أمره‏؟‏

قال‏:‏ وإن كان أراد بعوضه هبة عن الموهوب له يرى أنه لم يرد بها وجه الثواب ولا وجه يرى أنه إنما عوضها ليكون سلفا على الموهوب له فليس له أن يرجع على الموهوب بشيء قلت أرأيت الهبة أذا تغيرت بزيادة بدن أو نقصان بدن فليس أن يرجع فيها فيها‏؟‏

قال‏:‏ لا ليس أن يرجع فيها وإن نقصت ولا للموهوب له أن يردها وإن زادت وقد لزمته القيمة فيها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا وهبت هبة فحالت أسواقها أيكون لي أن أرجع فيها‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا أن يعوضك قال ابن وهب قال مالك ان شاء أن يمسكها وإن شاء أن يردها قال ابن وهب قال أخبرني من أثق به عن بن شهاب أن عمر بن الخطاب أتى برجل وهب جارية فولدت أولادا صغارا فرجع فيها‏؟‏

قال‏:‏ يرجع في قيمتها يوم وهبها ونماؤها لدى وهبت له‏؟‏

قال‏:‏ إسماعيل بن أمية وقضى عمر بن عبد العزيز في رجل وهب غلاما فزاد عند صاحبه وشب‏؟‏

قال‏:‏ له قيمته يوم وهبه‏.‏

في الثواب بأقل من قيمة الهبة أو أكثر وقد نقصت الهبة أو زادت أو حالت أسواقها

قلت‏:‏ أرأيت هذا الذي وهب هبة للثواب إذا اشترط الثواب أو يرى أنه إنما أراد الثواب فأثابه الموهوب له أقل من قيمة الهبة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ان رضي بذلك وإلا أخذ هبته‏.‏

قلت‏:‏ فإن أثابه قيمة هبته فأبى أن يرضي والهبة قائمة بعينها عند الموهوب له‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أثابه قيمة الهبة أو أكثر من ذلك فليس للواهب على الهبة سبيل‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت الهبة قد تغيرت في يد الموهوب له بزيادة أو نقصان فأثابه الموهوب له بأقل من قيمة الهبة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا تغيرت في يد الموهوب له بزيادة أو نقصان فالهبة لازمة‏.‏

قلت‏:‏ فإن أراد أن يأخذ هبته ناقصة وقال لا أريد القيمة‏؟‏

قال‏:‏ ليس له ذلك أن يأخذها إذا نقصت إنما تكون له القيمة على الذي وهب له إلا أن يشاء الموهوب له ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فإن أبى أن يثيبه ورضي بأن يدفعها إليه‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك للموهوب له إلا أن يشاء الواهب ‏(‏عمر بن قيس‏)‏ عن عدي بن عدي الكندي قال كتب إلي عمر بن عبد العزيز من وهب هبة فهو بالخيار حتى يثاب منها ما يرضي فإن رضي منها بدرهم واحد فليس له إلا ما رضي به‏؟‏

قال‏:‏ وسمعت عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري يحدث أن عمر بن عبد العزيز كتب ايما رجل وهب هبة ثم لم يثب منها فأراد أن يرجع في هبته فإن أدركها بعينها عند من وهبها له لم يتلفها أو تتلف عنده فليرجع فيها علانية غير سر ثم ترد عليه إلا أن يكون وهب شيئا مثيبا فحبس عند الموهوب له فليقض له شرواها يوم وهبها له إلا من وهب لذي رحم فإنه لا يرجع فيها أو الزوجين أيهما أعطي لصاحبه شيئا طيبة به نفسه فلا رجعة له في شيء منها وإن لم يثب منها وإن عطاء بن أبي رباح سئل عمن وهب لرجل مهرا فنما عنده ثم عاد فيه الواهب فقال عطاء تقام قيمته يوم وهبه وقال سليمان بن عيسى فعل ذلك رجل بالشام فكتب عمر بن عبد العزيز أن اقضه قيمته يوم وهبه أو شروى المهر يوم وهبه فليدفعه الموهوب له إليه‏.‏

من حديث بن وهب‏.‏

في الموهوب له يموت أو الواهب قبل أن يثاب من هبته

قلت‏:‏ فإن مات الموهوب له قبل أن يثيب الواهب من هبته فورثته مكانه في قول مالك يكون لهم من ذلك في هذه الهبة ما كان للموهوب له وعليهم من الثواب ما كان على الموهوب له‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ هذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك ان مات الواهب قبل أن يقبض الموهوب له هبته والهبة فيها شرط للثواب أولا شرط فيها ولكن يرى أنه إنما وهبها للثواب أتنتقض الهبة وتكون الهبة لورثة الواهب أم لا‏؟‏ تنتقض الهبة لأنها للثواب ويكون محملها محمل الهبة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ محملها محمل البيع لأنها إذا كانت للثواب فإنما هي بمنزلة البيع قال ابن القاسم فإذا وهب هبة للثواب فلم تتغير في بدنه لا يكون لصاحبها إلا سلعته إذا لم يثبه الذي قبضها قدر قيمتها لأن عمر بن الخطاب قال ان لم يرض هبته فهو على هبته يرجع فيها ان لم يرض منها وهذا قول مالك فالهبة في هذا الموضع مخالفة للبيع ‏(‏يونس بن يزيد‏)‏ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال كل من وهب هبة للثواب فالثواب واجب له على الذي وهب له ان عاش أو مات وإن وهب رجل هبة على غير الثواب فليس له ثواب ان عاش الذي وهبت له أو مات فليس له أن ينزع ان عمر الموهوب له وان لم يعمر وليس لورثة الواهب الميت أن يتعقبوا عطاءه‏.‏

كتاب الوديعة

في الرجل يستودع الرجل المال فيدفعه إلى امرأته أو أجيره أو جاريته أو أم ولده

قلت‏:‏ لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت الرجل إذا استودع الرجل مالا فوضعه في بيته أو في صندوقه أو عند زوجته أو عند عبده أو خادمه أو أم ولده أو أجيره أو من هو في عياله أو وضعه عند من يثق به ممن ليس في عياله فضاع منه أيضمن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في الرجل يستودع الوديعة فيستودعها غيره قال ان كان أراد سفرا فخاف عليها فاستودعها ثقة فلا ضمان عليه وان كان لغير هذا الذي يعذر به فهو ضامن فكل ما علم أنه إنما كان من عورة يخافها على منزله أو ما أشبه ذلك فلا ضمان عليه‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن رجل استودع رجلا مالا في السفر فاستودعه غيره في السفر فهلك المال فرآه ضامنا ورأى أن السفر ليس مثل البيوت لأنه حين دفعه إليه في السفر إنما دفعه إليه ليكون معه وفي البيوت إنما تدفع الوديعة إلى الرجل ليحرزها في البيت فأرى على هذا القول أنه إن استودع امرأته أو خادمه ليرفعاها في بيته فإن هذا لا بد للرجل منه ومن يرفع للرجل إلا امرأته أو خادمه وما أشبههما إذا رفعوها له على وجه ما وصفت لك فلا ضمان عليه ألا ترى أن مالكا قد جعل له إذا خاف فاستودعها غيره أنه لا يضمن فكذلك امرأته وخادمه اللتان يرفعان له أنه لا ضمان عليه إذا دفعها إليهما ليرفعاها له في بيته‏؟‏

قال‏:‏ وأما العبد والاجير فهما على ما أخبرتك وقد بلغني أن مالكا سئل عن رجل استودع مالا فدفعه إلى امرأته ترفعه له فضاع فلم ير عليه ضمانا وأما الصندوق والبيت فإني أرى أن رفعه فيه أو في مثله فلا ضمان عليه في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ ويصدق في أنه دفعه إليها أو أنه استودعه ان ذكر أنه استودعه على هذه الوجوه التي ذكرت أنه لا يضمن فيها أيصدق في ذلك وان لم يقم على ما ذكر من ذلك بينة‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ ويصدق أنه خاف عليها أو أراد سفرا فخشي عورة فاستودعها لذلك‏؟‏

قال‏:‏ لا إلا أن يكون سافر أو عرف من منزله عورة فيصدق كذلك قال مالك وإلا فلا‏.‏

فيمن استودع وديعة فخرج بها معه في سفره

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن امرأة هلكت بالاسكندرية وكان ورثتها بالمدينة فأوصت إلى رجل فكتب الرجل وصى المرأة إلى ورثتها فلم يأته منهم جواب وطلب فلم يأته منهم أحد ولا خبر فخرج الرجل حاجا وخرج بالنفقة معه ليطلب ورثتها ليدفعها إليهم فضاعت منه في الطريق‏؟‏

قال‏:‏ مالك أراه ضامنا حين أخرجها بغير أمر أربابها قالوا أنه خرج بها ليطلبهم فيدفعها إليهم‏؟‏

قال‏:‏ مالك هو عرضها للتلف ولو شاء لم يخرجها إلا بأمرهم‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا استودعني وديعة فحضر مسيري إلى بعض البلدان فخفت عليها فحملتها معي فضاعت أأضمن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكيف أصنع بها‏؟‏

قال‏:‏ تستودعها في قول مالك ولا تعرضها للتلف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت رجلا استودع رجلا ألف درهم فخلطها المستودع بدراهمه فضاعت الدراهم كلها أيكون عليه ضمان أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا ضمان عليه في رأيي لأن وديعته قد ضاعت‏؟‏

قال‏:‏ ولو أن رجلا خلط دنانير كانت عنده وديعة في دنانير عنده فضاعت الدنانير كلها فإنه لا يضمن‏.‏

فيمن استودع حنطة فخلطها بشعير

قلت‏:‏ فلو استودعت رجلا حنطة فخلطها بشعير له فضاع جميع ذلك أيكون ضامنا للحنطة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأنه خلط الحنطة بالشعير فقد ضمن لك حنطتك حين خلطها‏.‏

قلت‏:‏ ولا يشبه هذا الدراهم إذا خلطها‏؟‏

قال‏:‏ لا لأن الحنطة التي خلطها بالشعير لا يقدر على أن يتخلصها من الشعير والدراهم التي خلطها إنما هي دراهم ودراهم فلهذا منها بقدر دراهمه ولهذا منها بقدر دراهمه قال أشهب هذا إذا كانت معتدلة في الجودة والحال‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان استودعت رجلا حنطة فخلطها بحنطة مثلها فضاعت الحنطة كلها أيضمن أم لا‏؟‏ في قول مالك وهل هذا مثل الدراهم‏؟‏

قال‏:‏ إذا كانت الحنطة واحدة يشبه بعضها بعضا وخلطها على وجه الرفع والحرز فلا أرى عليه في قول مالك ضمانا‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت الحنطة لا تشبه حنطته‏؟‏

قال‏:‏ أراه ضامنا في قول مالك لأنه قد أتلفها حين خلطها بما لا يشبهها لأنها قد تلفت بمنزلة الحنطة في الشعير‏.‏

فيمن خلط دراهم فضاعت

قلت‏:‏ أرأيت الدراهم إذا خلطها فضاع بعضها أيكون الضياع منهما جميعا ويكونان فيما بقي لهما شريكين بقدر ما لهذا فيها وبقدر ما لهذا فيها‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا كان لا يقدر على أن يتخلص دراهم هذا من دراهم هذا‏؟‏

قال‏:‏ وإن كانت دراهم هذا تعرف من دراهم هذا فمصيبة كل واحد منهما منه لان دراهم كل واحد منهما معروفة‏.‏

فيمن استودع رجلا حنطة فخلطها صبي بشعير

قلت‏:‏ أرأيت ان استودعت رجلا حنطة فخلطها صبي بشعير للمستودع أيضمن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في الصبي ان ما استهلك الصبي من متاع أو أفسده فهو ضامن فإن كان له مال أخذ من ماله وإن لم يكن له مال فهو في ذمته دينا يتبع به فالجواب في مسألتك أن الصبي ضامن لشعير مثل شعير المستودع وضامن لحنطة مثل حنطة المودع إلا أن يشاآ أن يتركا الصبي ويكونا في الحنطة والشعير شريكين هذا بقيمة حنطته وهذا بقيمة شعيره‏.‏

قلت‏:‏ أبقيمة حنطته بالغة ما بلغت‏؟‏

قال‏:‏ لا ولكن ينظر إلى كيل حنطة هذا فتقوم وإلى وكيل شعير هذا فيقوم فيكونان شريكين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال أحدهما لصاحبه أنا أغرم لك مثل شعيرك هذا أو مثل حنطتك وآخذ هذا كله أيكون ذلك له أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون ذلك له ولا يحل هذا إلا أن يكون هو الذي خلطه فيكون ذلك له ويكون ضامنا لمثل الحنطة التي خلطها‏.‏

قلت‏:‏ ولم أحللته ها هنا إذا كنت أنا الذي خلطته ولم تحله في الوجه الآخر‏؟‏

قال‏:‏ لان هذا قد قضاه حنطة وجبت عليه وفي الوجه الآخر إنما هو بيع فلا يحل‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏.‏

فيمن استودع دراهم وحنطة فأنفقها ثم تلفت وقد رد مثل ما أنفق أو لم يرد

قلت‏:‏ أرأيت لو أني استودعت عند رجل دراهم وحنطة فأنفق بعض الدراهم أو أكل بعض الحنطة أيكون ضامنا لجميع الحنطة وجميع الدراهم أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون ضامنا إلا لما أكل أو لما أنفق وما سوى ذلك لا يكون ضامنا له‏.‏

قلت‏:‏ فإن رد مثل الحنطة التي أكلها في الوديعة ومثل الدراهم التي أنفقها في الوديعة أيسقط عنه الضمان أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يسقط عنه الضمان في الدراهم والحنطة عندي بمنزلتها‏.‏

قلت‏:‏ أفيكون القول قوله في أنه قد رد ذلك في الوديعة‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ ولم جعل مالك القول قوله ألا ترى أنه لو قال لم آخذ منها قليلا ولا كثيرا أو قال قد تلفت كان القول قوله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كان قد تسلف الوديعة كلها فرد مثلها مكانها أيبرأ من الضمان في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال لي مالك في الدراهم فالودائع كلها مثل هذا إذا رد مثلها إذا كان يقدر على مثلها مثل الكيل أو الوزن في رأيي‏.‏

فيمن استودع ثيابا فلبسها أو أتلفها ثم رد مثلها في موضعها فضاعت

قلت‏:‏ أرأيت ان استودعني ثيابا فلبستها فأبليتها أو بعتها أو أتلفتها بوجه من الوجوه ثم اشتريت ثيابا مثل صفتها ورفعتها وطولها فرددتها إلى موضع الوديعة أيبرئني ذلك من الضمان أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يبرئك ذلك من الضمان‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي لأن رجلا لو استهلك لرجل ثوبا فإنما عليه قيمته فلما ضمن هذا المستودع باستهلاكه القيمة لم يجز أن يخرج ثيابا مكان القيمة ولا يبرأ بذلك‏.‏

في رجل استودع رجلا وديعة أو قارضه فزعم أنه ردها إليه أو قال ضاعت مني

قلت‏:‏ أرأيت ان استودعت رجلا وديعة أو قارضته فلما جئت أطلبها منه قال قد دفعتها إليك أيصدق ويكون القول قوله أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يستودع الرجل وديعة أو يقارضه قال ان كان إنما دفع إليه المال ببينة فإنه لا يبرئه من المال إذا قال قد دفعته إلا أن تكون له بينة وان كان رب المال إنما دفع إليه المال بغير بينة فالقول قول المستودع والمقارض إذا قال قد دفعته إليك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان دفعت إليه المال قراضا أو استودعته ببينة فقال قد ضاع المال مني أيكون مصدقا في ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك هو مصدق في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك ان قال قد سرق مني‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

فيمن دفع إلى رجل مالا ليدفعه إلى آخر

قال‏:‏ ولقد سألنا مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المال ليدفعه لرجل ببعض البلدان فيقدم الذي بعث معه المال فيقول له صاحب المال ما فعلت بالمال فيقول قد دفعته إلى الذي أمرتني وينكر الذي بعث بالمال إليه أن يكون هذا دفع إليه شيئا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ان لم يكن للمأمور بالدفع بينة أنه قد دفع إليه المال غرم‏.‏

قلت‏:‏ ببينة دفع إليه أو بغير بينة أهو سواء عند مالك في هذا‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال ابن القاسم فقلت لمالك أرأيت ان كان حين أخذه منه قال له أنا أدفعه إليه بغير بينة وأنا أستحي أن أشهد عليه ثم زعم أنه قد دفعه إليه وأنكر الآخر‏؟‏

قال‏:‏ ان صدقه رب المال على هذه المقالة أو كانت له بينة على رب المال بهذه المقالة فالقول قوله ولا ضمان عليه‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك أرأيت ان قال المأمور قد رجعت بها ودفعتها إليك ولم أجد صاحبك الذي بعثت بها معي إليه وأنكر رب المال أن يكون ردها إليه‏؟‏

قال‏:‏ القول قول المأمور مع يمينه ولا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان قبضها منه بغير بينة أو كان قبضها منه ببينة أهو سواء في هذا‏؟‏

قال‏:‏ ان كان قبضها من ربها ببينة فإنه لا يبرأ إلا أن تكون له بينة على أنه قد ردها إلى ربها وإلا غرم وإن لم يكن قبضها من ربها ببينة فالقول قوله وهذا رأيي قال ابن الماجشون الورثة ضامنون ويلزمهم ما كان يلزم أباهم من بينة تقوم أو تصديق المبعوث إليه‏.‏

في الرجل يبعث بمال لرجل فيهلك الرسول قبل أن يبلغ أو بعد ما بلغ

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن رجل بعث إلى رجل بمال إلى بلد فقدم البلد فهلك الرسول بذلك البلد بعد ما قدمه ثم ان صاحب البضاعة كتب إلى الرجل يسأله هل قبضتها فكتب إليه أنه لم يدفع إلي شيئا‏؟‏

قال‏:‏ يحلف ورثة الرسول ان كان فيهم كبير بالله ما يعرف له سببا ولا شيء لرب المال في مال الرسول‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك أرأيت ان هلك الرسول في الطريق ولم يوجد له أثر‏.‏

فقال‏:‏ مالك ما أحراه أن يكون في ماله ثم كلمته بعد ذلك في الرسول إذا مات في الطريق‏؟‏

قال‏:‏ أراه في ماله وضمانه عليه إذا هلك قبل أن يبلغ البلد الذي فيه المبعوث إليه بالمال‏.‏

في الرجل يهلك وقبله ودائع وقراض ودين فيقول في مرضه هذه ودائع فلان وهذا مال فلان

قال‏:‏ وقال مالك ولو أن رجلا هلك ببلد وقبله قرض دنانير وقراض وودائع فلم يوجد للودائع ولا للقراض سبب ولم يوص بشيء من ذلك‏؟‏

قال‏:‏ أهل القراض وأهل الودائع والقرض يتحاصون في جميع ماله على قدر أموالهم‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك فإن ذكر فيما قبله عند موته ان هذا مال فلان الذي قارضني به وهذه وديعة لفلان ‏(‏قال ان كان ممن لا يتهم فالقول قوله في ذلك وذلك للذي سمي له‏.‏

الرجل يبعث معه بالمال صلة لرجل أو صدقة فقال قد دفعته

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن الرجل يبعث بالمال مع رجل صلة لرجل ليدفعه إليه فيقول قد دفعته إليه ويقول المبعوث إليه لم يدفعه إلي‏؟‏

قال‏:‏ ان لم يكن للرسول بينة على دفعه غرم‏؟‏

قال‏:‏ والصدقة إذا بعث بها إلى رجل أو بعث معه بمال إلى رجل ليدفعه إليه وليس بصدقة فهو سواء لا يبرأ يقوله أنه قد دفع إلا أن يكون له بينة إلا أن يكون أمره أن يفرقها على وجه الصدقة يقسمها لم يأمره أن يدفعها إلى رجل بعينه فالقول قوله أنه قد فرقها ويحلف وإنما سألت مالكا عن ذلك لأن بعض الناس ذكروا أن الصدقة وان كانت مبعوثة إلى رجل فهي مخالفة للقضاء والقرض والشراء والبيع وما أشبهه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الصدقة إذا كانت إنما بعثت إلى رجل والقرض والاشتراء والبيع كله سواء إلا أن يكون أمره أن يفرقها في غير قوم بأعيانهم فيكون القول قول الرسول مع يمينه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان بعثت معه بمال صدقة وأمرته أن يدفعه إلى عشرة رجال بأعيانهم فأنكروا‏؟‏

قال‏:‏ الواحد والعشرة إذا كانوا بأعيانهم سواء في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان صدقه بعضهم وكذبه بعضهم‏؟‏

قال‏:‏ يبرأ في قول مالك من حظ من صدقه ويضمن حظ من كذبه‏.‏

فيمن دفع إلى رجل مالا قراضا أو وديعة ببينة أو بغير بينة

قلت‏:‏ أرأيت ما ذكرت عن مالك أنه قال إذا دفع إليه المال وديعة أو قراضا ببينة فقال الذي أخذ المال بعد ذلك قد رددته أنه لا يبرأ بقوله أني قد رددته إلا أن يكون له بينة‏.‏

قلت‏:‏ لم قال مالك ذلك أليس أصل أخذه هذا المال أمانة فلم لا يبرأ بقوله أني قد دفعته وقد قلت قد قال مالك إذا قال قد ضاع مني أنه مصدق وإن كانت عليه بينة فلم لا يصدق إذا قال قد رددته‏؟‏

قال‏:‏ لأنه حين دفع إليه المال قد استوثق منه الدافع فلا يبرأ حتى يستوثق هو أيضا إذا هو دفع وإن كان أصل المال أمانة فإنه لا يبرأ إلا بالوثيقة‏.‏

قلت‏:‏ فلم قال مالك إذا بعث بالمال معه ليدفعه إلى رجل فقال قد دفعته إلى من أمرني أنه لا يصدق إلا ببينة أنه قد دفعه وان كان رب المال حين بعث بالمال معه دفعه إلى الرسول ببينة أو بغير بينة فهو سواء لا يبرأ الرسول حتى يدفع المال إلى المبعوث إليه ببينة لم قال مالك هذا أو ليس هذا المبعوث معه المال أمينا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس له أن يتلف ماله إلا ببينة تقوم له أنه قد دفعه ألا ترى أن المبعوث إليه بالمال ان كان ذلك المال دينا له على الذي أرسله إليه أن هذا الرسول ان لم يشهد عليه حين دفعه إليه فقد أتلفه وكذلك لو كان أرسل إليه بهذا المال ليشتري له به سلعة فأعطاه الرسول المال من غير أن يشهد فقد أتلفه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال المقارض أو المستودع قد بعثت إليك بالمال مع رسولي أيضمن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يضمن في قول مالك إلا أن يكون رب المال أمره بذلك‏.‏

فيمن استودع رجلا مالا فاستودعه غيره فضاع عنده

قلت‏:‏ أرأيت ان استودعت رجلا مالا فاستودعه غيره ثم أخذه منه فضاع عنده أيضمن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أنفق منها ثم رد ما أنفق في الوديعة أنه لا ضمان عليه فكذلك هذا في مسألتك لا يضمن‏.‏