فصل: في اقرار المريض في مرضه بالوديعة والقراض

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


القول قول العامل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قال رب المال لم أقتض منك رأس مالي وقال العامل قد دفعته إليك وهذا الذي معي ربح‏؟‏

قال‏:‏ أرى القول قول رب المال مادام في المال ربح حتى يستوفى رأس ماله وعلى العامل البينة‏.‏

قلت‏:‏ ولم وأنت تجعل القول قول العامل في الذي يدعى أنه عمل على الثلثين وخالفه رب المال فلم لا تجعل القول قول العامل في مسألتي أنه قد دفع المال وأن هذا الذي معه ربح‏؟‏

قال‏:‏ ليس من ها هنا أخذته لأن هذا المال هو رأس المال أبدا حتى يستيقن أنه قد دفع رأس المال لأن هذا كله مال واحد وهو مدعى عليه حين يقول قد دفعته إليك فلا يصدق إلا ببينة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فسافر به ثم قدم ومعه ربح ألف درهم إلا أنه قال أنفقت من مالي مائة درهم في سفري على أن آخذها من مال القراض أو جاء برأس المال وحده وقال لم أربح وقد أنفقت مائة درهم على أن أرجع بها في مال القراض‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن هذا كله فقال لي ذلك له وهو مصدق ويرجع بما قال أنفقته في مال القراض إذا كان يشبه ما قال نفقة مثله‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولو دفع ذلك إليه وقاسمه ثم جاء بعد ذلك يدعى ذلك لم يكن له شيء ولم يقبل قوله‏.‏

في المقارض يبدو له في أخذ ماله قبل العمل وبعده

قلت‏:‏ أرأيت ما لم يعمل المقارض بالمال أيكون لرب المال أن يأخذ ماله‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المال قراضا ثم يريد أن يأخذه منه قال إذا كان المال على حاله أخذه منه وإن كان المقارض قد اشترى بالمال أو تجهز بالمال يخرج به إلى سفر فليس لرب المال أن يرده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان قد مضى في بعض سفره فقال له رب المال ارجع ورد علي مالي وأنا أنفق عليك في رجعتك حتى تبلغ‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له لأنه قد خرج به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشترى العامل بالمال سلعة فنهيته عن العمل في القراض بعد ما اشترى فقلت له اردد علي مالي أيكون لي أن أجبره على بيع ما بقى في يديه من السلع وآخذ الثمن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك لك عند مالك ولكن ينظر فيما في يديه من السلع فان رأى السلطان وجه بيع باع فأوفاك رأس مالك وكان ما بقى من الربح على ما اشترطتما وإن لم ير السلطان وجه بيع أخر السلع حتى يرى وجه بيع‏.‏

قلت‏:‏ وما الذي تؤخر له السلع‏؟‏

قال‏:‏ السلع لها أسواق تشترى إليها في ابان شرائها وتحبس إلى ابان أسواقها فتباع في ذلك الابان بمنزلة الحبوب التي تشترى في ابان الحصاد فيرفعها المشتري إلى ابان النفاق ومثل الضحايا تشترى قرب أيام النحر فيرفعها إلى أيام النحر رجاء نفاقها وما أشبهه‏.‏

قلت‏:‏ فلو دفعت إلى رجل مالا قراضا فبعثت إليه قبل أن يشترى بالمال شيئا فقلت له لا تشتر بالمال شيئا ورده علي فتعدى فاشترى به سلعة فربح فيها‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا إلا أني أرى أن هذا ليس بفار من القراض وأراه ضامنا للمال والربح له وإنما هذا بمنزلة رجل عنده وديعة فتعدى فاشترى بها سلعة فربح فيها فالربح له وهو ضامن للوديعة وإنما يكون فارا من القراض إذا قال له لا تشتر كذا وكذا فذهب فاشتراه فهذا الذي فر من القراض إلى هذه السلعة التي نهاه عنها ليذهب بربح المال فجعل مالك الربح على قراضهما والوضيعة على العامل بتعديه‏.‏

في المقارض يبدو له في ترك القراض والمال على الرجال أو في السلع

قلت‏:‏ فان باع العامل واشترى وقد أذن له رب المال أن يبيع بالنقد وبالنسيئة فاشترى وباع حتى صار جميع مال القراض دينا على الناس وفيه وضيعة فقال العامل لرب المال أنا أحيلك عليهم ولا أقتضى ولا أعمل فيه‏؟‏

قال‏:‏ يجبر على ذلك ولا يكون له أن يقول لا أقتضى ولا أقبض إلا أن يرضى رب المال بالحوالة وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان كان فيه ربح وقد صار كله دينا فقال لا أقتضيه أيجبره السلطان على الاقتضاء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا أن يشاء أن يسلم جميع ذلك ويرضى بذلك رب المال‏.‏

قلت‏:‏ وإن كان المال دينا ببلد فجبرته على أن يقتضيه وقد خسر فيه أتجعل نفقته إذا سافر ليقتضيه في المال‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشترى سلعا بجميع المال يرجو بها الأسواق فقال رب المال للعامل أنا آخذ قيمة رأس مالي من هذه السلع وأقاسمك ما بقى على ما اشترطنا من الربح وأبى ذلك العامل‏؟‏

قال‏:‏ ذلك إلى العامل لأنه يقول أنا أرجو في هذه السلعة التي يأخذها رب المال بقيمتها اليوم أن أزداد فيها إذا جاءت أسواقها لأني سمعت مالكا يقول في العامل يريد بيع ما معه فيقول رب المال أنا آخذها بما تسوى‏؟‏

قال‏:‏ مالك هو وأجنبي من الناس سواء‏.‏

في المقارض يموت أو المقارض

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجلين مالا قراضا فهلك الرجلان وقد عملا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يدفع إليه المال قراضا فيعمل فيه فيموت المقارض‏؟‏

قال‏:‏ أن كان ورثته مأمونين قيل لهم تقاضوا هذا المال وبيعوا ما بقى في يدى صاحبكم من السلع وأنتم على الربح الذي كان لصاحبكم وإن كانوا غير مأمونين فأتوا بأمين ثقة كان ذلك لهم وإن لم يأتوا بأمين ثقة ولم يكونوا مأمونين أسلم المال الدين والعرض وجميع المال القراض إلى رب المال ولم يكن لورثة الميت من الربح قليل ولا كثير فالذي سألت عنه يقال لورثة الميت منهما ما قيل لورثة هذا‏.‏

قلت‏:‏ فان مات رب المال‏؟‏

قال‏:‏ فهؤلاء على قراضهم بحال ما كانوا أن أراد الورثة ذلك فان أراد الورثة أخذ مالهم كانوا بمنزلة ما وصفت لك في الرجل إذا قارض رجلا فاشترى سلعة ثم أراد أخذ ماله وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن مات رب المال والمال في يدى المقارض ولم يعمل به بعد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا ينبغي أن يعمل به ويؤخذ منه‏.‏

قلت‏:‏ فان لم يعلم العامل بموت رب المال حتى اشترى بالمال بعد موت رب المال‏؟‏

قال‏:‏ هو على القراض حتى يعلم بموته‏.‏

في المقارض يموت وعنده ودائع وعليه ديون

قال‏:‏ وقال مالك في رجل هلك وقد كان أخذ مالا قراضا وعنده ودائع للناس وعليه ديون ولم يوجد القراض ولا الودائع عنده بعينها ولم يوص بشيء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يتحاص أهل القراض وأهل الودائع وأهل الدين فيما ترك‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني محمد بن عمرو عن بن جريج أن عطاء بن أبي رباح قال له رجل كان عنده قراض لرجل فأفلس‏؟‏

قال‏:‏ للقراض هيئة ليست لما سواه لا يحاص الغرماء بقراضه ولكن يستوفيه أن كان الدين الذي عليه للناس قبل القراض أو معه أو بعده‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا لم يكن الدين في القراض وقاله الليث بن سعد‏.‏

في اقرار المريض في مرضه بالوديعة والقراض

قلت‏:‏ أرأيت أن أقر بدين في مرضه ثم أقر بوديعة أو بمال قراض بعينه بعد ما أقر بالدين‏؟‏

قال‏:‏ كل شيء من هذا أقر به بعينه فلا أبالي كان اقراره قبل الدين أو بعد الدين أصحابه أولى به لأنه لا يتهم في هذا وكل شيء من هذا أقر به بغير عينه فهو والدين سواء وهذا رأيي لأن مالكا قال إذا أقر بوديعة بعينها أو بمال قراض في مرضه وعليه دين في صحته ببينة أن اقراره جائز بما أقر به ويأخذ أهل الوديعة وديعتهم وأهل القراض قراضهم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث بن سعد ويحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل كان قبله قراض وعليه دين فأخذه غرماؤه‏.‏

قال يحيى‏:‏ صاحب القراض أن عرف ماله فهو أولى به‏؟‏

قال‏:‏ يحيى بن أيوب قال يحيى بن سعيد وإن لم يعرف ماله بعينه وتقوم عليه البينة فهو أسوة الغرماء‏.‏

كتاب الاقضية

قال سحنون‏:‏ قلت لابن القاسم ما قول مالك في الخصمين إذا أتيا إلى القاضي فتبين للقاضي الحق لأحدهما فأراد أن يحكم على الذي اتضح الحق عليه‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا وهو يقول من وجه الحكم في القضاء إذا أدلى الخصمان بحجتهما وفهم القاضي عنهما فأراد أن يحكم بينهما أن يقول لهما أبقيت لكما حجة فان قالا لا فصل بينهما وأوقع الحكم فان أتيا بعد ذلك يريدان نقض ذلك الحكم لم يقبل منهما إلا أن يأتيا بأمر يرى أن لذلك وجها‏.‏

قلت‏:‏ فما معنى قول مالك يرى أن لذلك وجها‏؟‏

قال‏:‏ معناه أنه أن أتى بشاهد عند من لا يرى الشاهد واليمين وقال الخصم لا أعلم لي شاهدا آخر فوجه القاضي عليه الحكم ثم قدر على شاهد آخر بعد ذلك أنه يقضي لهذا الآخر وما أشبه هذا مما قال مالك يعرف به وجه حجته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا هلك الرجل في السفر وليس معه من أهل الإسلام أحد أتجوز شهادة أهل الكفر الذين معه أن أوصى بوصية‏؟‏

قال‏:‏ لم يكن مالك يجيز شهادة أحد من أهل الكفر في حضر ولا سفر ولا أرى أن تجوز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن سمع رجل رجلا يقول لفلان على فلان كذا وكذا أو يقول رأيت فلانا قتل فلانا أو يقول سمعت فلانا قذف فلانا أو يقول سمعت فلانا طلق فلانة ولم يشهده إلا أنه مر به فسمعه وهو يقول هذه المقالة أيشهد بها وإنما مر فسمعه وهو يتكلم ولم يشهده‏؟‏

قال‏:‏ لا يشهد بها ولكن أن مر فسمع رجلا يقذف رجلا أو سمع رجلا يطلق امرأته ولم يشهداه‏؟‏

قال‏:‏ مالك فهذا الذي يشهد به وإن لم يشهداه‏؟‏

قال‏:‏ ويأتي من له الشهادة عنده فيعلمه أن له عنده شهادة‏؟‏

قال‏:‏ وسمعت هذا من مالك في الحدود أنه يشهد بما سمع من ذلك إذا كان معه غيره‏؟‏

قال‏:‏ فأما قوله الأول فاني سمعت مالكا وسئل عن الرجل يمر بالرجلين وهما يتكلمان في الشيء فلم يشهداه فيدعوه أحدهما إلى الشهادة أترى أن يشهد‏؟‏

قال‏:‏ لا قال ابن القاسم إلا أن يكون قد استوعب كلامهما لأنه أن لم يستوعب كلامهما لم يجز له أن يشهد إلا أن يكون قد استوعب كلامهما لأنه أن لم يستوعب كلامهما لم يجز له أن يشهد لأن الذي سمع لعله قد كان قبله كلام يبطله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت شهادة النساء في القتل الخطا أتجوز في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ادعيت قبل رجل القصاص أو أنه ضربني بالسوط أو ما أشبه هذا أتستحلفه لي أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا ولا يستحلف لك إلا أن تأتي بشاهد عدل فيستحلف لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ادعى رجل قبل رجل أنه قطع يده عمدا وأقام عليه شاهدا واحدا‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك يحلف مع شاهده يمينا واحدة وتقطع يد القاطع‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فان نكل المقطوعة يده عن اليمين استحلف له القاطع فان حلف والا حبس حتى يحلف‏.‏

قلت‏:‏ فان أقام عليه شاهدا واحدا أنه قتل وليه أيحلف مع شاهده هذا‏؟‏

قال‏:‏ إذا كان عدلا أقسم هو وبعض عصبة المقتول الذين هم ولاته خمسين يمينا ويقتل‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولم قلت يقسم هو وآخر‏؟‏

قال‏:‏ لأن القسامة في العمد لا تكون بأقل من اثنين‏.‏

قلت‏:‏ لم لا يكون له أن أقام شاهدا واحدا أن يحلف في العمد مع شاهده يمينا واحدة ويقتل كما يحلف في الحقوق وهل اليمين إلا موضع الشاهد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك مضت السنة أنه لا يقسم في القسامة في القتل وإن كان على القاتل شاهد واحد عدل إلا أن يقسم مع الشاهد رجلان فصاعدا يقسمان خمسين يمينا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والشاهد العدل في القسامة إنما هو لوث ليست شهادة لأنهما إذا كانا اثنين قد أقسما فإنما هما بموقع الشهادة التامة وبالقسامة تمت الشهادة وأما قبل ذلك فإنما هو لوث وكذلك إذا قال دمي عند فلان وأما في الحقوق فإنما جاءت السنة بشاهد ويمين فالشاهد في الحقوق قد تمت به الشهادة إلا أن معه يمين طالب الحق وجعل في القسامة لا يقسم أقل من اثنين لأنهما جعلا جميعا موقع الشهادة واللوث الذي كان قبل ذلك لم يكن شهادة فهذا فرق ما بين اليمين في القسامة وبين اليمين في الحقوق‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك لا يقسم في الدم إلا مع شاهد عدل أو أن يقول المقتول دمي عند فلان ولا يقسم بالشاهد إذا كان غير عدل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان المقتول أبي وليس له وارث غيري من يقسم معي‏؟‏

قال‏:‏ يقسم معك عمك أو بن عمك أو رجل من عصبته الذين يكونون ولاته لو لم يكن هو حيا أن لم يكن أحد من الأعمام أو بني الأعمام حضورا‏.‏

قلت‏:‏ فان كان الأعمام وبنو الأعمام حضورا معه فأبوا أن يحلفوا أيكون لي أن أحلف مع رجل من العشيرة‏؟‏

قال‏:‏ لا ولا يقسم معه في العمد إلا عصبة المقتول الذين يقومون بالدم ويكونون هم ولاته لو لم يكن هو حيا وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقام رجل شاهدين على حق له على رجل فقال المشهود عليه أحلفه لي مع شاهديه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحلف له وليس عليه يمين إذا أقام شاهدين إلا أن أن يدعى أنه قد قضاه فيما بينه وبينه فأرى أن يحلف الطالب على ذلك فان نكل حلف المطلوب وبرئ‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت القاضي كيف يستحلف المدعى عليه أيستحلفه بالله الذي لا اله إلا هو أم يزيد على هذا الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يستحلف بالله الذي لا اله إلا هو لا يزيد على ذلك وعلى هذا العمل وبه مضى أمر الناس‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الذي يأخذ بيمينه مع شاهده ويستحق حقه فإنما يحلف بالله الذي لا إله إلا هو في قول مالك‏؟‏ قال نعم كذلك قال لنا مالك قلت فأين يحلفان الذي ادعى قبله والذي يستحق بيمينه مع شاهده أين يستحلفهما في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك كل شيء له بال فانه يستحلف فيه هذان جميعا في المسجد الجامع‏.‏

فقيل‏:‏ لمالك عند المنبر‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا أعرف المنبر إلا منبر النبي عليه الصلاة والسلام فأما مساجد الآفاق فلا أعرف المنبر فيها ولكن للمساجد مواضع هي أعظم من بعض فأرى أن يستحلفوا في المواضع التي هي أعظم‏؟‏

قال‏:‏ مالك وعندنا بالمدينة لا يستخلف عند المنبر إلا في ربع دينار فصاعدا‏؟‏

قال‏:‏ فقلت له فالقسامة أين يستحلف فيها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في المساجد وعلى رؤس الناس وفي دبر الصلوات‏.‏

قلت‏:‏ واللعان‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في المسجد وعند الامام‏.‏

قلت‏:‏ ولم يذكر لكم مالك أنهما يلتعنان في دبر الصلاة‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعته يذكر أنهما يلتعنان في دبر صلاة وإنما سمعته يقول في المسجد وعند الامام‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فالنصرانية تكون تحت المسلم أين تلتعن‏؟‏

قال‏:‏ مالك في كنيستها وحيث تعظم وتحلف بالله فقط‏.‏

قلت‏:‏ فهل ذكر لكم مالك أن النصراني والنصرانية يحلفان في شيء من أيمانهما أو في دعواهما أو إذا ادعي عليهما أو في لعانهما بالله الذي أنزل الانجيل على عيسى‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعته يقول يحلفون إلا بالله فقط‏.‏

قلت‏:‏ واليهود هل سمعته يقول إنهم يحلفون بالله الذي أنزل التوراة على موسى‏؟‏

قال‏:‏ اليهود والنصارى عند مالك سواء‏.‏

قلت‏:‏ فهل يحلف المجوس في بيت نارهم‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن لا يحلفوا إلا بالله حيث يعظمون‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ سألت مالكا عن القسامة في أهل القرى أين يحلفون فقال أما أهل مكة والمدينة وبيت المقدس فأرى أن يجلبوا إليها فيقسموا فيها‏؟‏

قال‏:‏ وأما أهل الآفاق فاني أرى أن يستحلفوا في مواضعهم إلا أن تكون مواضعهم من المصر قريبا عشرة أميال أو نحو ذلك فأرى أن يجلبوا إلى المصر فيحلفوا في المسجد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما ذكر مالك من أنهم يجلبون إلى هذه المساجد الثلاثة مكة والمدينة وبيت المقدس في القسامة من أين يجلبون إلى هذا أو من مسيرة كم من يوم يجلبون أمن مسيرة عشرة أيام‏؟‏

قال‏:‏ لم أوقف عليه مالكا على هذا ولم أشك أن أهل عمل مكة حيثما كانوا يجلبون إلى مكة وأهل عمل المدينة حيثما كانوا يجلبون إلى المدينة وأهل عمل بيت المقدس حيثما كانوا يجلبون إلى بيت المقدس‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الحالف هل يستقبل به القبلة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت النساء العواتق وغير العواتق والعبيد والاماء وأمهات الأولاد والمكاتبين والمدبرين أيحلفون في المساجد‏؟‏

قال‏:‏ إنما سألت مالكا عن النساء أين يحلفن قال أما كل شيء له بال فانهن يخرجن فيه إلى المساجد فان كانت امرأة تخرج بالنهار أخرجت نهارا وأحلفت في المسجد وأن كانت ممن لا تخرج أخرجت ليلا فأحلفت فيه‏؟‏

قال‏:‏ وإن كان الحق إنما هو شيء يسير لا بال له أحلفت في بيتها إذا كانت ممن لا تخرج وأرسل القاضي إليها من يستحلفها لطالب الحق فأما ما سألت عنه من المكاتب والمدبر وأمهات الأولاد فسنتهم سنة الاحرار إلا أني أرى أن أمهات الأولاد بمنزلة الحرائر منهن من تخرج ومنهن من لا تخرج‏.‏

قلت‏:‏ فهل يجزئ في هذه المرأة التي تستحلف في بيتها رسول واحد من القاضي يستحلفها‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن يجزئ‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الصبيان هل عليهم يمين في شيء من الأشياء يحلفون إذا ادعى عليهم أو يحلفون إذا كان لهم شاهد واحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحلف الصبيان في شيء من الأشياء إذا ادعوا أو ادعى عليهم حتى يبلغوا‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يهلك ويترك أولادا صغارا فيوجد للميت ذكر حق فيه شهود فيدعى الحي أنه قد قضى الميت حقه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا ينفعه ذلك‏؟‏

قال‏:‏ فقيل لمالك أفيحلف الورثة‏؟‏

قال‏:‏ مالك أن كان فيهم من قد بلغ ممن يظن أنه قد علم بالقضاء أحلف والا فلا يمين عليهم‏.‏

قلت‏:‏ فان نكل هذا الذي يظن أنه قد علم بالقضاء عن اليمين أيسقط الدين كله في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يسقط الدين كله ولكن يسقط من الدين قدر حقه إذا حلف الذي عليه الحق أنه قد قضى الميت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الطلاق أيحلف فيه في قول مالك إذا ادعته المرأة على زوجها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحلف لها إلا أن تأتي بشاهد واحد فيحلف لها فان أبى قال مالك آخر ما قال يسجن حتى يحلف وثبت على هذا القول‏؟‏

قال‏:‏ وقد كان مرة يقول لنا يفرق بينهما إذا أبى أن يحلف‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى أن أبى أن يحلف وطال حبسه أن يخلى سبيله ويدين في ذلك‏؟‏

قال‏:‏ وقد بلغني ذلك عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا بيني وبينه خلطة ادعيت عليه حقا من الحقوق فاستحلفته‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن حلف بريء‏.‏

قلت‏:‏ فان أبى أن يحلف وقال أنا أرد اليمين عليك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أبى أن يحلف لم يقض للمدعى بالحق أبدا حتى يحلف المدعى على حقه ولا يقضى القاضي للمدعي بالحق إذا نكل المدعى عليه عن اليمين حتى يحلف المدعى فان لم يطلب المدعى عليه يمين الطالب فان القاضي لا يقضى للطالب بالحق إذا نكل المطلوب عن اليمين حتى يستحلف الطالب وإن لم يكن يدعى المطلوب يمين الطالب‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقال لي بن أبي حازم ليس كل الناس يعرف هذا أنه إذا نكل المطلوب عن اليمين أن اليمين على الطالب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن نكل المدعى عليه عن اليمين ونكل المدعى أيضا عن اليمين‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يبطل حقه إذا لم يحلف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ادعيت قبل رجل حقا فاستحلفته فحلف ثم أصبت عليه بينة بعد ذلك أيكون لي أن آخذ حقي منه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك نعم له أن يأخذ حقه منه إذا كان لم يعلم ببينته‏؟‏

قال‏:‏ وبلغني عن مالك أنه قال إذا استحلفه وهو يعلم ببينته تاركا لها فلا حق له‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت بينة الطالب غيبا ببلاد أخرى فأراد أن يستحلف المطلوب وهو يعلم أن له بينة في بلاد أخرى فاستحلفه ثم قدمت بينته أيقضى له بهذه البينة ويرد يمين المطلوب التي حلف بها أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أني أرى أنه إذا كان عارفا ببينته وإن كانت غائبة عنه فرضي باليمين من المطلوب تاركا لبينته لم أر له حقا وإن قدمت بينته‏.‏

قلت‏:‏ وما معنى قول مالك تاركا للبينة أرأيت أن قال لي بينة غائبة فأحلفه لي فان حلف فقدمت بينتي فأنا على حقي ولست بتارك لبينتي‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى للسلطان أن ينظر في ذلك فان ادعى بينة بعيدة وخاف على الغريم أن يذهب أو أن يتطاول ذلك رأيت أن يحلفه له ويكون على حقه إذا قدمت بينته‏.‏

قلت‏:‏ وإن كانت البينة ببلاد قريبة‏؟‏

قال‏:‏ فلا أرى أن يستحلف له إذا كانت بينته قريبة اليوم واليومين والثلاثة ويقال له قرب بينتك والا فاستحلفه على ترك البينة‏.‏

قلت‏:‏ فأين يستحلف النصراني واليهودي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في كنائسهم حيث يعظمون ‏(‏وقال‏)‏ مالك ولا يحلفوا إلا بالله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت شهادة الرجل هل تجوز للصديق الملاطف‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك شهادة الرجل تجوز لأخيه إذا كان عدلا ولمولاه فالصديق الملاطف بهذه المنزلة‏؟‏

قال‏:‏ مالك إلا يكون في عياله أحد من هؤلاء يمونه فلا تجوز شهادتهم له‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا تجوز شهادة السائل ولا الأجير لمن استأجره إلا أن يكون مبزرا في العدالة وإنما الذي لا تجوز فيه شهادة السؤال في الشيء الكثير مثل الأموال وما أشبهها وأما الشيء التافه اليسير فهو جائز إذا كان عدلا وأما الأجير فان كان في عياله فلا تجوز شهادته له وإن لم يكن في عياله جازت شهادته إذا كان عدلا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المحدود في القذف هل تجوز شهادته أن تاب في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت شهادة المغنية والمغني والنائحة أتقبل‏؟‏

قال‏:‏ سألنا مالكا عن الشاعر أتقبل شهادته قال أن كان ممن يؤذي الناس بلسانه ويهجوهم إذا لم يعطوه ويمدحهم إذا أعطوه فلا أرى أن تجوز شهادته‏؟‏

قال‏:‏ مالك وإن كان لا يهجو وهو أن اعطى شيئا أخذ وليس يؤذى أحدا بلسانه وإن لم يعط لم يهج فأرى أن تقبل شهادته إذا كان عدلا وأما النائحة والمغنية والمغني فما سمعت فيهم شيئا إلا أني أرى أن لا تجوز شهادتهم إذا كانوا معروفين بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الشاة إذا باعها الرجل أو البعير أو البققرة واستثنى منها ثلثا أو ربعا أو نصفا أو استثنى جلدها أو رأسها أو فخذها أو كبدها أو صوفها أو شعرها أو أكارعها أو استثنى بطونها كلها أو استثنى منها أرطالا مسماة قليلة أو كثيرة أيجوز هذا البيع كله في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أما إذا استثنى ثلثا أو ربعا أو نصفا فلا بأس بذلك عند مالك وأما إذا استثنى جلدها أو رأسها فانه أن كان مسافرا فلا بأس بذلك وأما أن كان حاضرا فلا خير في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ لم أجازه في السفر وكرهه في الحضر‏؟‏

قال‏:‏ السفر إذا استثنى فيه البائع الرأس والجلد فليس لذلك عند المشتري ثمن‏؟‏

قال‏:‏ مالك وأما في الحضر فلا يعجبني لأن المشتري إنما يطلب بشرائه اللحم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قال المشتري إذا اشترى في السفر واستثنى البائع رأسها وجلدها فقال المشتري لا أذبحها‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال في الرجل يبيع البعير الذي قد قام عليه بيعه من أهل المياه ويستثنى البائع جلده ويبيعهم أياه لينحروه فاستحيوه‏؟‏

قال‏:‏ مالك أرى لصاحب الجلد شروى جلده‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك أو قيمة الجلد‏؟‏

قال‏:‏ مالك أو قيمة الجلد كل ذلك واسع‏؟‏

قال‏:‏ قلت وما معنى شروى جلده عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ جلد مثله‏؟‏

قال‏:‏ فقيل لمالك أرأيت أن قال صاحب الجلد أنا أحب أن أكون شريكا في البعير بقدر الجلد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس ذلك له يبيعه على الموت ويريد أن يكون شريكا في الحياة ليس ذلك له وليس له إلا قيمة جلده أو شرواه فمسألتك في المسافر مثل هذا‏؟‏

قال‏:‏ وأما إذا استثنى فخذها فلا خير ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك في الفخذ‏؟‏

قال‏:‏ نعم فأما إذا استثنى كبدها‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا خير في البطون والكبد من البطون وأما إذا استثنى صوفها أو شعرها فان هذا ليس فيه اختلاف أنه جائز‏؟‏

قال‏:‏ وأما الأرطال إذا استثناها فان مالكا قال أن كان الشيء الخفيف الثلاثة الأرطال أو الأربعة فذلك جائز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن استثنى أرطالا مما يجوز فقال المشتري لا أذبح‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يذبح على ما أحب أو كره‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدي شهد لي على شهادة وهو عبد ثم أعتقته فشهد لي بها أتجوز‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك شهادة المولى لمولاه جائزة إذا كان عدلا فأرى شهادته جائزة للذي قال مالك من شهادة المولى لمولاه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت شهادة رجل وامرأتين أتجوز على شهادة رجل في القصاص‏؟‏

قال‏:‏ لا تجوز لأن مالكا‏؟‏ قال لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القصاص ولا في الطلاق ولا في النكاح ولا تجوز شهادتهن فيه على شهادة عندي في شيء من هذه الوجوه وتجوز شهادتهن على شهادة إذا كان معهن رجل في الأموال وفي الوكالات على الأموال وكذلك قال لي مالك ولا تجوز شهادتهن وإن كثرن على شهادة امرأة ولا رجل إذا لم يكن معهن رجل كذلك قال مالك وإنما تجوز من النساء إذا شهدت امرأتان على مال مع يمين صاحب الحق فإذا كانت الشهادتان على شهادة كانتا بمنزلة الرجل يشهد على شهادة رجل فلا تجوز إلا ومعه غيره فكذلك هما لا يجوزان إلا ومعهما رجل وشهادة امرأتين على شهادة رجل وما كثر منهن بمنزلة واحدة لا تجوز إلا ومعهن رجل إلا أن يشهدن هن أنفسهن على حق فيكن بمنزلة الرجل مع اليمين وهذا كله قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما لا تراه الرجال هل تجوز فيه شهادة امرأة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجوز في شيء من الشهادات أقل من شهادة امرأتين لا تجوز شهادة امرأة واحدة في شيء من الأشياء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت استهلال هلال رمضان هل تجوز فيه شهادة رجل واحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تجوز فيه شهادة رجل واحد وإن كان عدلا‏.‏

قلت‏:‏ فشهادة رجلين‏؟‏

قال‏:‏ جائزة في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هلال شوال‏؟‏

قال‏:‏ كذلك أيضا لا يجوز فيه أقل من شهادة شاهدين وتجوز شهادة الشاهدين إذا كانا عدلين كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبيد والاماء والمكاتبين وأمهات الأولاد هل تجوز شهادتهم في هلال رمضان أو شوال‏؟‏

قال‏:‏ ما وقفنا مالكا على هذا وهذا مما لا يشك فيه أن العبيد لا تجوز شهادتهم في الحقوق ففي هذا أبعد أن لا تجوز فيه‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الذين قالوا أنه يصام بشهادة رجل واحد قال مالك أرأيت أن اغمى عليهم هلال شوال كيف يصنعون أيفطرون أم يصومون أحدا وثلاثين فان أفطروا خافوا أن يكون ذلك اليوم من رمضان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هلال ذي الحجة‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول في الموسم أنه يقام بشهادة رجلين إذا كانا عدلين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت القاضي إذا أخذ شاهد زور كيف يصنع به وما يصنع به‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يضربه ويطوف به في لمجلس قال ابن القاسم حسبت أنه قال يريد به المجالس في المسجد الأعظم‏.‏

قلت‏:‏ له وكم يضربه‏؟‏

قال‏:‏ قدر ما يرى‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وبلغني عن مالك أنه قال ولا تقبل له شهادة أبدا وإن تاب وحسنت حاله وهو رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت شاهدا على مائة وآخر على خمسين‏؟‏

قال‏:‏ أن أردت أن تحلف مع شاهدك الذي شهد لك بمائة وتستحق المائة فذلك لك وأن أبيت أن تحلف وإردت أن تأخذ خمسين فذلك لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت شاهدا واحدا على حق لي وأبيت أن أحلف ورددت اليمين على الذي لي عليه الحق فأبى أن يحلف‏؟‏

قال‏:‏ يغرم عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ وتغرمه ولا ترد اليمين علي‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا أبيت أن تحلف مع شاهدك ورددت اليمين عليه فان أبى أن يحلف غرم ولم يرجع اليمين عليك وهو قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ وهذا مخالف للذي لم يأت بشاهد لأن اليمين إنما كانت مع الشاهد للمدعى فإذا لم يحلف ردت على المدعى عليه فان حلف والا غرم ولأن اليمين في الذي لا شاهد له إنما كانت على المدعى عليه فان حلف والا ردت اليمين على المدعي فان حلف والا فلا شيء له قال وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الأجير هل تجوز شهادته لمن استأجره‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تجوز شهادة من في عيال الرجل للرجل فأرى الأجير بهذه المنزلة إلا أن يكون أجيرا لا يكون في عياله ولا في مؤنته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن شهد رجلان أن لهما ولفلان معهما على فلان ألف درهم أتجوز شهادتهما لفلان بحصته من الدين‏؟‏

قال‏:‏ لا تجوز‏؟‏

قال‏:‏ وبلغني عن مالك أنه قال في رجل إذا شهد لرجل في ذكر حق له فيه شيء لم تجز شهادته له ولا لغيره وهذا مخالف للوصية ولا أعلمه إلا من قول مالك لو شهد رجل على وصية قد أوصى له فيها فان كان الذي أوصى له به شيئا تافها لا يتهم عليه جازت له ولغيره وإن كان شيئا كثيرا يتهم عليه لم تجز له ولا لغيره والحقوق ليست كذلك إذا ردت شهادته في حقه وإن قل لم تجز لغيره وذلك أنه لا ينبغي أن يجاز بعض الشهادة ويرد بعضها ولو أن رجلا شهد على وصية رجل وفيها عتق ووصايا لقوم لم تجز شهادته في العتق وجازت للقوم مع أيمانهم وإنما ترد شهادته إذا شهد لغيره إذا كان يشهد لنفسه ولذلك الرجل في حق فهذا الذي ترد شهادته له ولغيره وهذا أحسن ما سمعت‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فان أحلفتهم مع الشاهد في الوصية وفيها العتق والثلث لا يحمل‏؟‏

قال‏:‏ إنما يكون لهم بأيمانهم ما فضل عن العتق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن مات عندنا ميت فأتى رجل فأقام البينة بأنه بن الميت ولم تشهد الشهود بأنهم لا يعلمون له وارثا غيره أتجيز شهادتهم وتعطى هذا الميراث أم لا‏؟‏ تعطيه من الميراث شيئا وهل تحفظ قول مالك في هذا‏؟‏

قال‏:‏ وجه الشهادة عند مالك في هذا أن يقولوا أنه ابنه لا يعلمون له وارثا غيره‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فإذا لم تشهد الشهود أنهم لا يعلمون له وارثا غيره فأرى أن ينظر السلطان في ذلك ويسأل وينظر‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت البينة على دار أنها دار أنها دار جدي ولم تشهد الشهود أن جدي مات وتركها ميراثا لأبي وإن أبي مات وتركها ميراثا لورثته لم يحددوا المواريث بحال ما وصفت لك‏؟‏

قال‏:‏ سألنا مالكا عنها فقال ينظر في ذلك فان كان المدعى حاضرا بالبلد التي الدار بها وقد حيزت دونه السنين يراهم يسكنون ويحوزون بما تحاز به الدور فلا حق له فيها وإن كان لم يكن بالبلد الذي الدار به وإنما قدم من بلاد أخرى فأقام البينة على أنها دار أبيه ودار جده‏.‏

قال سحنون‏:‏ وحددوا المواريث حتى صار ذلك إليه قال ابن القاسم قال مالك يسئل من الدار في يديه فان أتى ببينة على أصل شراء أو الوجه الذي صارت به إليه والا فسماع من جيرانه أو من غير جيرانه أن جده أو والده كان اشترى هذه الدار أو هو نفسه إذا طال الزمان فقالوا سمعنا أنه اشتراها فها هنا عندنا دور يعرف لمزاولها تقادم الزمان وليس على أصل الشراء بينة وإنما هو سماع من الناس أن فلانا اشترى هذه الدار‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أتى الذي الدار في يديه ببينة يشهدون أنهم سمعوا أن هذا الرجل الذي في يديه الدار اشترى هذه الدار أو اشتراها والده أو اشتراها جده إلا أنهم قالوا سمعنا أنه اشتراها ولكنا لم نسمع بالذي اشتراها منه من هو‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى ذلك حتى يشهدوا على سماع صحة أنه اشتراها من فلان أبي هذا المدعى أو جده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الحيازة هل وقت فيها مالك سنين مسماة عشرا أو أقل أو أكثر‏؟‏

قال‏:‏ لا لم يوقت لنا مالك في الحيازة أكثر من أن قال على قدر ما يعلم أنها حيازة إذا حازها السنين‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا طرأ الرجل على قوم من بلاد ولا يعرفونه به فقال أنا رجل من العرب فأقام بينهم أمرا قريبا فقال له رجل لست من العرب‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يضرب هذا الذي قال له لست من العرب الحد إلا أن يتطاول زمانه مقيما بين أظهرهم الزمان الطويل يزعم أنه من العرب فيولد له أولاد وتكتب شهادته ويجوز نسبة ثم يقول له بعد ذلك رجل إنك لست من العرب‏؟‏

قال‏:‏ فهذا الذي يضرب من قال له لست من العرب الحد لأنه قد جاز نسبه هذا الزمان كله ولا يعرف إلا به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت كل من التقى هو وعصبته إلى حد جاهلي أيتوارثون بذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في كل بلاد افتتحت عنوة وكانت دارهم في الجاهلية ثم سكنها أهل الإسلام ثم أسلم أهل الدار أنهم يتوارثون بأنسابهم التي كانت في الجاهلية وهم على أنسابهم التي كانوا عليها يريد بذلك كما كانت العرب حين أسلمت‏؟‏

قال‏:‏ وأما قوم تحملوا فان كان لهم عدد كثير توارثوا به وكذلك الحصن يفتح فأنهم يتوارثون بأنسابهم وأما النفر اليسير يتحملون مثل العشرة ونحو ذلك فلا يتوارثون بذلك إلا أن تقوم لهم بينة عادلة على الأصل مثل الاسارى من المسلمين يكونون عندهم فيخرجون فيشهدون لهم فأنهم يتوارثون‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ قال لي مالك في شهادة السماع في الولاء أنه جائز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن دارا في يدي ورثتها من أبي فأقام بن عمي البينة أنها دار جدي وطلب مورثه‏؟‏

قال‏:‏ هذا من وجه الحيازة التي أخبرتك‏؟‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا واختصم إليه في أرض احتفر فيها رجل عينا فادعى فيها رجل دعوى فاختصموا إلى صاحب بعض تلك المياه فأوقفهم حتى يرتفعوا إلى المدينة فأتى صاحب العين الذي كان عملها فشكا ذلك إلى مالك فقال مالك قد أحسن حين أوقفها ورآه قد أصاب‏؟‏

قال‏:‏ فقال له صاحب الأرض اترك عمالي يعملون فان استحق الأرض فليهدم عملي‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى ذلك وأرى أن يوقفها فان استحق حقه والا ثبتت‏.‏

قلت‏:‏ فهل يكون هذا بغير بينة وبغير شيء توقف هذه الأرض‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لا أرى أن توقف إلا أن يكون لقول المدعى وجه فتوقف عليه الأرض‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن شهدا على نسب ثم رجعا عن شهادتهما أتثبت النسب أم ترده‏؟‏

قال‏:‏ كل شيء قضى به القاضي ثم رجعا عن شهادتهما فيه فالقضاء نافذ ولا يرد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الشاهد بما يجرح في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يجرح إذا أقاموا البينة أنه شارب خمر أو آكل ربا أو صاحب قيان أو كذاب في غير شيء واحد أو نحو هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اختلط دينار لي بمائة دينار لك‏؟‏

قال‏:‏ سمعت أن مالكا قال يكون شريكا له أن ضاع شيء فهما شريكان هذا بجزء من مائة جزء وجزء وصاحب المائة بمائة جزء وكذلك بلغني عن مالك وأنا أرى أن لصاحب المائة تسعة وتسعين دينارا ويقسم صاحب المائة وصاحب الدينار الدينار الباقي نصفين لأنه لا يشك أحد أن تسعة وتسعين منها لصاحب المائة فكيف يدخل صاحب الدينار فيما يستيقن أنه لا شيء له فيه وكذلك بلغني عن عبد العزيز بن أبي سلمة‏.‏

كتاب القضاء

قلت‏:‏ لابن القاسم هل كان مالك يرى للقاضي إذا قضى بقضية ثم تبين له أن غير ما قضى به أصوب مما قضى به أن يرد قضيته ويقضى بما رأى بعد ذلك وإن كانت قضيته الأولى مما قد اختلف فيها العلماء‏؟‏

قال‏:‏ إنما قال مالك إذا تبين له أن الحق في غير ما قضى به رجع فيه وإنما الذي لا يرجع فيما قضت به القضاة مما اختلف الناس فيه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم هل كان مالك يكره للقاضي إذا دخله هم أو ضجر أو نعاس أن يقضى وقد دخله شيء من هذه الأشياء‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول لا ينبغي للقاضي أن يكثر جدا اذن تخلط يريد بهذا أن لا يحمل على نفسه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم هل سمعت مالكا يقول أين يقضى القاضي أفي داره أم في المسجد‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول القضاء في المسجد من الحق وهو الأمر القديم‏؟‏

قال‏:‏ وقد كان بن خلدة وقاضي عمر بن عبد العزيز يقضيان في المسجد ‏(‏وقال‏)‏ مالك هو إذا كان في المسجد رضي بالدون من المجلس ووصل إليه الضعيف والمرأة وإذا احتجب لم يصل إليه الناس‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك أفيضرب القاضي في المسجد‏؟‏

قال‏:‏ أما الأسواط اليسيرة مثل الأدب فلا بأس وأما الحدود وما أشبهها فلا‏.‏

قلت‏:‏ هل سمعت مالكا يقول يضرب القاضي الخصم على اللدد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يضربه إذا تبين أنه قد ألد وأنه ظالم‏.‏

قلت‏:‏ هل كان مالك يقول لا يقضى القاضي بشهادة الشهود حتى يسأل عنهم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يسأل عنهم في السر‏.‏

قلت‏:‏ فهل يقبل تزكية واحد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يقبل في التزكية أقل من رجلين‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ومن الناس من لا يسأل عنهم وما يطلب منهم التزكية لعدالتهم في الناس وعند القضاة‏.‏

قلت‏:‏ ويزكي الشاهد وهو غائب‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا زكوا في السر أو في العلانية أيكتفي بذلك مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا زكاه رجلان أجزأه‏.‏

قلت‏:‏ هل كان مالك يقيل الشاهد إذا جاء يستقيل شهادته‏؟‏

قال‏:‏ أما إذا كان بعد أن يحكم بشهادته فلا يقيله إلا أنه كان يقول لا تجوز شهادته فيما يستقبل وأما إذا استقال قبل أن يقضي بشهادته فاني لم أسمع أحدا يشك في أنه يقال ولا يفسد ذلك شهادته إذا ادعى الوهم والشبهة إلا أن يعرف منه كذب في شهادته فيرد شهادته في هذه وفيما يستقبل أبدا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا رأى خطة في كتاب وعرف أنه خطه وفيه شهادته بخطه نفسه فعرف خطه نفسه ولا يذكر شهادته تلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يشهد بها حتى يستيقن الشهادة ويذكرها‏.‏

قلت‏:‏ فان ذكر أنه هو خط الكتاب ولم يذكر الشهادة‏؟‏

قال‏:‏ هكذا سألت مالكا أنه يذكر الكتاب ويعرفه ولا يذكر الشهادة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك فلا يشهد بها ولكن يؤديها هكذا كما علم‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك أتنفعه هذه الشهادة إذا أداها هكذا‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا عزل القاضي أو مات وقد شهد الشهود عند المعزول أو الميت وأثبت ذلك في ديوانه أينظر هذا الذي ولى القضاء في شيء من ذلك ويجيزه‏؟‏

قال‏:‏ لا يجيز شيئا من ذلك إلا أن تقوم عليه البينة فان لم تقم عليه بينة لم يجز شيء من ذلك وأمرهم هذا القاضي المحدث أن يعيدوا شهودهم‏.‏

قلت‏:‏ فان قال القاضي المعزول كل شيء في ديواني قد شهدت به الشهود عندي‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يقبل قوله ولا أراه شاهدا وكذلك بلغني أن مالكا قاله‏.‏

قلت‏:‏ أفيكون له على المشهود عليه اليمين بالله الذي لا إله إلا هو ما هذه الشهادة التي في ديوان القاضي مما شهدت به الشهود عليك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يلزمه اليمين فان نكل عن اليمين أمضيت عليه تلك الشهادات‏؟‏

قال‏:‏ وإذا نكل عن اليمين أحلف المشهود له الطالب وثبت له الشاهدان وينظر فيه القاضي المحدث بحال ما كان المعزول ينظر فيه‏؟‏

قال‏:‏ وما سمعت هذا من مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت كل حكم يدعى القاضي المعزول أنه قد حكم به أيكون شاهدا ويحلف المحكوم له مع القاضي أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا تقبل شهادته في هذا لأنه هو الحاكم بهذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت القاضي أيكره له مالك أن يتخذ كاتبا من أهل الذمة‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول لا يستكتب أهل الذمة في شيء من أمور المسلمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا كتب قاض إلى قاض فمات الذي كتب قبل أن يصل الكتاب إلى القاضي المكتوب إليه أو عزل‏.‏

أو مات المكتوب إليه أو عزل وولى القضاء غيره أيقبل هذا الكتاب في قول مالك أم لا‏؟‏ وإنما كتب بالكتاب إلى غيره‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول ذلك جائز ولا أدري موت أيهما ذكر موت الذي كتب أو موت المكتوب إليه وهذا كله جائز عند مالك من عزل منهما أو مات فالكتاب جائز ينفذه هذا الذي ولى وإن كان الكتاب إنما كتب إلى غيره‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت كتب القضاة أتجوز في قول مالك في الحدود والقصاص‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك شهادة الشهود على الحدود وغيرها جائزة ففي هذا ما يدلك أن كتب القضاة في ذلك جائزة في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت البينة بحق لي على رجل غائب فقدم بعد ما أوقعت البينة عليه وهو غائب ثم قدم أيأمرني القاضي باعادة بينتي أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال قال مالك يقضى القاضي على الغائب فلما قال لنا مالك يقضى القاضي على الغائب رأيت أن لا يعيد البينة وهذا رأيي أن لا يعيد البينة ولكنه يعلم الخصم أنه قد شهد عليه فلان وفلان فان كانت عنده حجة والا حكم عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت مثل والى الاسكندرية أن استقضى قاضيا فقضى بقضاء أو قضى والى الاسكندرية نفسه بقضاء أيجوز ذلك في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ كانوا يأتون إلى مالك يسألونه عن أشياء قد قضت بها ولاة المياه فرأى مالك أن يجوز ذلك إلا أن يكون جوارا بينا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما حكم به الوالى والى الفسطاط أمير الصلاة أيجوز وينفذ كما تجوز أحكام القضاة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ألا أن يكون جوارا بينا فيرده القاضي‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن رجلين حكما بينهما رجلا فحكم بينهما‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أرى للقاضي أن يمضى قضاءه بينهما ولا يرده إلا أن يكون جوارا بينا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما ذكرت لي من قول مالك في الذي يشتري الدابة فتعترف في يديه فأراد أن يطلب حقه‏؟‏

قال‏:‏ تخرج قيمتها فتوضع قيمتها على يدى عدل ويدفع إليه الدابة بطلب حقه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن رددت الدابة وقد حالت أسواقها أو تغيرت بزيادة أو نقصان بين أيكون له أن يردها ويأخذ القيمة التي وضعها على يدى عدل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن أصابها نقصان فهو لها ضامن يريد بذلك مثل العور والكسر والعجف وأما حوالة الأسواق فله أن يردها عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا هل هو في الاماء والعبيد مثله في الدابة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم إلا أني سمعت مالكا يقول في الامة أن كان الرجل أمينا وقعت إليه الجارية والا فعليه أن يستأجر لها رجلا أمينا يخرج بها‏؟‏

قال‏:‏ مالك ويطبع في أعناقهم‏؟‏

قال‏:‏ فقلت ذلك ولم قلت ويطبع في أعناقهم‏؟‏

قال‏:‏ لم يزل ذلك من أمر الناس القديم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كانت ثيابا أو عروضا أيمكنه منها ويأخذ القيمة‏؟‏

قال‏:‏ نعم في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أجر القسام على عدد الانصباء أم على عدد الرؤس‏؟‏

قال‏:‏ كان مالك يكرهه وأنا أرى أن وقع ذلك أن يكون ذلك على عدد الرؤس أن لم يشترطوا بينهم شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت القسام إذا شهدوا أنهم قسموا هذه الدار بينهم‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت فيه شيئا ولا أرى أن يجوز ذلك وإنما ذلك بمنزلة شهادة القاضي لأنهم يشهدون على فعل أنفسهم ليجيزوه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قسموا فادعى بعضهم الغلط في القسمة أيقبل قوله في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك فيمن باع ثوبا فادعى الغلط يقول أخطأت به أو باعه مرابحة فيقول أخطأت أنه لا يقبل قوله إلا ببينة أو أمر يستدل به على قوله أن ثوبه ذلك لا يؤخذ بذلك الثمن فأرى القسمة بهذه المنزلة لأن القسمة بمنزلة البيوع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن القاضي دفع مالا إلى رجل وأمره أن يدفعه إلى فلان فقال المبعوث معه المال قد دفعته إلى الذي أمرني به القاضي وأنكر الذي أمر القاضي أن يدفع إليه أنكر أن يكون قبض المال‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن هذا ضامن إلا أن يقيم البينة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت القاضي أينبغي له أن يتخذ قاسما من أهل الذمة أو عبدا أو مكاتبا‏؟‏

قال‏:‏ لا ينبغي له ذلك لأن مالكا قال في كتاب أهل الذمة ما قد أعلمتك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا ينبغي له أن يتخذ من المسلمين إلا العدول المرضيين وهذا رأيي‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك كان خارجة بن زيد ومجاهد يقسمان في زمانهما ولا يأخذان على ذلك أجرا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت القاضي إذا رأى رجلا يزني أو يسرق أو يشرب الخمر أيقيم عليه الحد أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا وجد السلطان أحدا من الناس على حد من حدود الله رفع ذلك إلى الذي هو فوقه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن رآه السلطان إلا على الذي ليس فوقه سلطان‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن يرفعه إلى القاضي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت مثل أمير مصر أن رأى أحدا على حد من حدود الله أيرفعه إلى القاضي أم إلى أمير المؤمنين‏؟‏

قال‏:‏ يرفعه إلى القاضي ويكون الأمير شاهدا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن سمع القاضي رجلا يقذف رجلا أيقيم عليه حد الفرية أم لا‏؟‏ قال‏:‏ بلغني أن مالكا قال أن سمع السلطان رجلا يقذف رجلا فانه لا يجوز فيه العفو‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وذلك إذا كان مع السلطان شهود غيره فانه لا يجوز فيه العفو إلا أن يكون المقذوف يريد سترا يخاف أن لم يجز عفوه عن القاذف أن يأتي القاذف بالبينة أنه كذلك‏.‏

فقيل‏:‏ لمالك فكيف يعرف ذلك‏؟‏

قال‏:‏ يسأل الامام في السر ويستحسن فإذا أخبر أن ذلك أمر قد سمع أجاز عفوه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن رأى القاضي بعد ما ولى القضاء رجلا يأخذ مال رجل أو يغصبه سلعة من السلع أيقضى بذلك وليس عليه شاهد غيره‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يقضى به إلا ببينة تثبت أن أنكر من فعل ذلك لأن مالكا سئل عن الخصمين يختصمان إلى القاضي وليس عنده أحد فيقر أحدهما بالشيء ثم يأتيان بعد ذلك فيجحد وقد أقر عنده قبل ذلك أترى أن يقضى بما أقر به‏؟‏

قال‏:‏ مالك هو عندي مثل الحد يطلع عليه فلا أرى أن يقضى به إلا ببينة تثبت سواه عنده أو يرفعه إلى من هو فوقه فيكون شاهدا وذلك أن أهل العراق فرقوا بين ما أقر به عند القاضي قبل أن يستقضى وبعد ما يستقضى فسئل مالك عن ذلك فرآه واحدا ورأى أن لا يقضي به ورآه مثل الحد الذي يطلع عليه أو الفرية إلا أن يرفعه إلى من هو فوقه فيكون شاهدا ‏(‏وأخبرني‏)‏ بهذه عن مالك من أثق به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت القاضي إذا باع مال اليتامى أو باع مال رجل مفلس في الدين أو باع مال ميت ورثته غياب على من العهدة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الوصى أنه لا عهدة عليه فكذلك القاضي لا عهدة عليه‏.‏

قلت‏:‏ فعلى من عهدة المشتري إذا باع الوصي تركة الميت‏؟‏

قال‏:‏ في مال اليتامى‏.‏

قلت‏:‏ فان ضاع الثمن وضاع مال اليتامى ولا مال لليتامي غير ذلك واستحقت السلعة التي باع‏؟‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه‏؟‏ قال لا شيء عليهم‏؟‏

قال‏:‏ وأخبرني بذلك عن مالك من أثق به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا عزل القاضي عن القضاء وقد حكم على الناس بأحكام فادعوا أنه قد جار عليهم في تلك الأحكام‏؟‏

قال‏:‏ لا ينظر فيما قالوا وما حكم به القاضي جائز عليهم فليس بينهم وبين القاضي خصومة ولا غير ذلك إلا أن يرى القاضي الذي بعده من قضائه جورا بينا فيرده ولا شيء على القاضي الأول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا ولى الرجل القضاء أينظر في قضاء القضاة قبله‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يعرض لقضاء القضاة قبله إلا أن يكون جورا بينا‏.‏

قلت‏:‏ فهل كان مالك يكره أن يلى القضاء من ليس بفقيه‏؟‏

قال‏:‏ ذلك كان رأيه لأنه ذكر لنا مالك ما قال عمر بن عبد العزيز وكان يعجبه فيما رأيت منه قال قال عمر بن عبد العزيز لا ينبغي للرجل أن يلى القضاء حتى يكون عارفا بآثار من مضى مستشيرا لذوى الرأى‏.‏

قلت‏:‏ هل كان مالك يكره للرجل أن يفتى حتى يستبحر في العلم‏؟‏

قال‏:‏ بلغني أنه قال لعبد الرحيم أنه لا ينبغي لمن طلب العلم أن يفتى الناس حتى يراه الناس أهلا للفتيا فإذا رآه الناس أهلا للفتيا فليفت‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولقد أتى رجل فقال لأبن هرمز أن هذا السلطان قد استشارني أفترى أن أفعل‏؟‏

قال‏:‏ فقال له بن هرمز أن رأيت نفسك أهلا لذلك ورآك الناس أهلا لذلك فافعل‏.‏