فصل: في الرجل يشترى سلعا كثيرة أو يصالح على سلع كثيرة ويأتي رجل فيستحق بعضها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


فيمن غصب ثوبا فصبغه أحمر

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا غصب ثوبا فصبغه أحمر ثم جاء رب الثوب فاستحقه‏؟‏

قال‏:‏ يقال له خذ ثوبك وادفع إليه قيمة الصبغ أو خذ قيمة ثوبك لأن الغاصب قد غيره عن حاله‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ ولا يكونان شريكين إذا أبى أن يأخذ الثوب ويدفع قيمة الصبغ وأبى أن يقبل قيمة الثوب‏؟‏

قال‏:‏ لا يكونان شريكين إذا أبى أن يأخذ الثوب وليس إلا واحد من هذين أما أن يأخذ وأما أن يعطى‏.‏

قلت‏:‏ فان كان عديمين لا يقدران على شيء الغاصب ورب الثوب‏؟‏

قال‏:‏ يقال لرب الثوب اختر أن شئت أخذت الثوب على أن تعطى الغاصب قيمة الصبغ أو خذ الثوب وبع وأعط الغاصب قيمة الصبغ وان أحببت أن تضمن الغاصب قيمة الثوب بع الثوب وأعط الغاصب قيمته فان لم يبع بقيمته يوم غصبته كان ما بقى دينا لك عليه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي إلا أن مالكا‏؟‏ قال لا يكونان شريكين في الغصب وإنما يكونان شريكين فيما كان على وجه شبهة‏.‏

كتاب الاستحقاق

قلت‏:‏ لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن استأجرت من رجل أرضه سنين على أن أسكن فيها وأبني وأغرس ففعلت فبنيت وغرست وزرعت ثم استحق الأرض رجل قبل انقضاء أجل الاجارة‏.‏

فقال‏:‏ لا شيء على الذي آجره أن كان الذي آجره الأرض إنما كان اشترى الأرض فالكراء له لأن الكراء له بالضمان إلى يوم استحق ما في يديه من السكنى وان كانت للزرع فاستحق وقد فات ابان الزرع فليس للمستحق من كراء تلك السنة شيء وهو مثل ما مضى وفات‏.‏

قلت‏:‏ وان كان قد مضى من السنين شيء وان كان إبان الزرع لم يفت فالمستحق أولى بكراء تلك السنة وان كانت من الأرض التي يعمل فيها السنة كلها فهي مثل السكنى إنما يكون له من يوم يستحق وما مضى فهو للأول ويكون المستحق بالخيار فيما بقى من السنين أن شاء أجاز الكراء إلى المدة وان شاء نقض فان أجاز إلى المدة فله أن شاء إذا انقضت المدة أن يأخذ النقض والغرس بقيمته مقلوعا وان شاء أمر صاحبه بقلعه وان أبى أن يخير وفسخ الكراء لم يكن له أن يقلع البناء ولا يأخذه بقيمته مقلوعا ولكنه بالخيار أن شاء أن يعطيه قيمته قائما وان أبى قيل للباني أو الغارس أعطه قيمة الأرض فان أبيا كانا شريكين وكذلك هذا الأصل في البنيان والغرس وأما الأرض التي تزرع مرة في السنة فليس له فسخ كراء تلك السنة التي استحق الأرض فيها لأنه قد وجب له كراؤها وان كانت أرضا تعمل السنة كلها فله من يوم يستحقها فان أراد الفسخ لزمه تمام البطن التي هو فيها على حساب السنة ويفسخ ما بقى لأن المكترى ليس بغاصب ولا متعد وإنما زرع على وجه الشبهة ومما يجوز له وان كان رجل ورث تلك الأرض فأتى رجل فاستحقها أو أدرك معه شركا فانه يتبع الذي أكراها بالكراء لأنه لم يكن ضامنا لشيء إنما أخذ شيئا ظن أنه له فأتى من هو أحق به منه مثل الأخ يرث الأرض فيكريها فيأتي أخ له لم يكن عالما به أو علم به فيرجع على أخيه بحصته من الكراء أن لم يكن حابى في الكراء فان حابى رجع بتمام الكراء على أخيه أن كان له مال فان لم يكن له مال رجع على المكترى ‏(‏وغير بن القاسم‏)‏ يقول يرجع على المكترى ولا يرجع على الأخ بالمحاباة كان للأخ مال أو لم يكن له مال إلا أن لا يكون للمكترى مال فيرجع على أخيه وهذا إذا علم بأن له أخا فان لم يعلم فانما يرجع بالمحاباة على المكترى‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وان كان إنما يسكنها ويزرعها لنفسه وهو لا يظن أن معه وارثا غيره فأتى من يستحق معه فلا كراء عليه فيها لأني سألت مالكا عن الأخ يرث الدار فيسكنها فيأتي أخ له بعد ذلك فقال أن كان علم أن له أخا أغرمته نصف كراء ما سكن وان كان لم يعلم فلا شيء وكذلك في السكنى ‏(‏وقد قال‏)‏ عبد عبد الرحمن بن القاسم وأما الكراء عندي فهو مخالف للسكنى له أن يأخذ منه نصف ما أكراها به علم أو لم يعلم لأنه لم يكن ضامنا لنصيب أخيه ونصيب أخيه في ضمان أخيه ليس في ضمانه وإنما أجيز له السكنى إذا لم يعلم على وجه الاستحسان لأنه لم يأخذ لأخيه مالا وعسى أنه لو علم لم يسكن نصيب الأخ ولكان في نصيبه من الدار ما يكفيه ‏(‏سحنون‏)‏ وقد روى علي بن زياد عن مالك أن له نصف كراء ما سكن‏.‏

في الرجل يكترى الأرض فيزرعها ثم يستحقها رجل في أيام الحرث وغير أيام الحرث

قلت‏:‏ أرأيت أن اكتريت من رجل أرضا سنة واحدة بعشرين دينارا لازرعها فلما فرغت من زراعتها وذلك في أيام الحرث بعد فأتى رجل فاستحقها أيكون له أن يقلع الزرع في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ليس له أن يقلع زرع هذا الزارع إذا كان الذي أكراه الأرض لم يكن غصبها وكان المكترى لم يعلم بالغصب لأنه زرعها بأمر كان يجوز له ولم يكن متعديا‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا يكون لهذا الذي استحق أن يقلع زرع هذا الزارع وقد صارت الأرض أرضه‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك لأن الزارع لم يزرع غاصبا وإنما زرع على وجه شبهة وقد قال مالك فيمن زرع على وجه شبهة أنه لا يقلع زرعه ويكون عليه الكراء‏.‏

قلت‏:‏ فلمن يكون هذا الكراء وقد استحقها هذا الذي استحقها في ابان الحرث وقد زرعها المتكارى‏؟‏

قال‏:‏ إذا استحقها في ابان الحرث فالكراء للذي استحقها كذلك قال لي مالك لأن مالكا قال من زرع أرضا بوجه شبهة فأتى صاحبها فاستحقها في بن الحرث لم يكن له أن يقلع الزرع وكان له كراء الأرض على الذي زرعها فان استحقها وقد فات ابان الزرع فلا كراء له فيها وكراؤها للذي اشتراها أو ورثها وهو بمنزلة ما استعمل قبل ذلك أو زرع أو سكن وان كان غصبها الزارع قلع زرعه إذا كان في ابان تدرك فيه الزراعة وانما يقلع من هذا ما كان على وجه الغصب فأما ما كان على وجه شبهة فليس له أن يقلعه وإنما يكون للذي استحق الكراء‏.‏

قلت‏:‏ فان مضى ابان الحرث وقد زرعها المكترى أو زرعها الذي اشترى الأرض فاستحقها رجل آخر أيكون له من الكراء شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون له من الكراء شيء لأن الحرث قد ذهب ابانه‏.‏

قلت‏:‏ وتجعل الكراء للذي أكراها‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم فيما بلغني إذا لم يكن غصبها‏؟‏

قال‏:‏ وهذا بمنزلة الدار يكريها فيأخذ غلتها ويسكن هذا المتكارى حتى ينقضى أجل السكنى ثم يستحقها مستحق بعد انقضاء السكنى فيكون الكراء للذي اشترى الدار وأكراها لأنه قد صار ضامنا للدار فالأرض إذا ذهب ابان الحرث بمنزلة ما وصفت لك في كراء الدار إذا انقضى أجل السكنى فاستحقها رجل كذا سمعت إذا لم يكن غاصبا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان هذا الذي أكرى لا يعرف أنه اشتراها فأكراها أو زرعها المتكارى فأتى رجل فاستحقها في ابان الحرث‏؟‏

قال‏:‏ هو بمنزلة ما لو أنه اشتراها حتى يعلم أنه غصبها لأن مالكا قال من زرع على وجه شبهة فليس لمن استحق الأرض أن يقلع زرعه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان إنما ورث الأرض عن أخيه فأتى رجل فادعى أنه بن أخيه وأثبت ذلك وذلك في ابان الحرث أيكون له أن يقلع الرزع ويكريه الكراء‏.‏

قلت‏:‏ فان كان قد مضى ابان الحرث فاستحق الأرض لمن يكون الكراء‏؟‏

قال‏:‏ أما في الموارثة فأرى الكراء للذي استحق الأرض كان في ابان الحرث أو غير ابان الحرث لأن ضمانها إنما كان من الذي استحق الأرض لأن الأرض لو غرقت أو كانت دارا فانهدمت أو احترقت لم يضمنها هذا الذي كانت في يديه وإنما كان ضمانها من الغائب الذي استحقها فلذلك كان له الكراء لأن ضمانها كان في ملكه وان الذي اشترى الدار أو ورثها من أبيه فاستحقها رجلا بغير وراثة دخل معه فانما له الكراء من يوم استحقها على ما وصفت لك ولا كراء له فيما مضي وإنما الذي يرجع على الورثة في الكراء والغلة الذي يدخل بسبب مع من كانت في يديه يكون هو وأبوهم ورثوا دارا فأما أن يستحقها بوراثة وقد كانت في يدى غيره بغير وراثة فانه لا حق له إلا من يوم استحق إلا أن يعلم أنه كان غاصبا وهو الذي سمعت واستحسنت وفسر لي‏.‏

في الرجل يكترى الأرض بالعبد أو بالثوب ثم يستحق العبد أو الثوب أو بحديد أو برصاص أو نحاس بعينه ثم يستحق ذلك

قلت‏:‏ أرأيت أن اكتريت أرضا بعبد أو بثوب فزرعت الأرض فاستحق العبد أو الثوب ما يكون علي في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ عليك قيمة كراء الأرض‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اكتريتها بحديد بعينه أو برصاص بعينه أو بنحاس بعينه فاستحق ذلك الحديد أو النحاس أو الرصاص وقد عرفنا وزنه أيكون علي مثل وزنه أو يكون مثل كراء الأرض‏؟‏

قال‏:‏ أن كان استحقاقه قبل أن يزرع الأرض أو يحرثها أو يكون له فيها عمل أو زرع انفسخ الكراء وان كان بعد ما أحدث فيها عملا أو زرع كان عليه مثل كراء تلك الأرض‏؟‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يبتاع من الرجل الطعام بعينه فيفارقه قبل أن يكتاله فيتعدى البائع على الطعام فيبيعه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك للمبتاع على البائع أن يأتيه بطعام مثله‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فان قال المشترى أما إذا بعت طعامي فاردد لي دنانيري‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس له ذلك أن يكون عليه بالخيار أن شاء طعامه وان شاء دنانيره وإنما عليه أن يأتيه بطعام مثله‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولكن لو أصابه أمر من أمر الله من نار أهلكت الطعام أو سارق أو سيل أو ما أشبه هذه الوجوه فهذا ينتقض البيع فيه بينهما ويرد عليه دنانيره وليس على البائع أن يأتيه بطعام مثله وليس للبائع أن يقول أنا آتيك بطعام مثله‏.‏

في الرجل يكرى داره سنة يسكنها المكترى ستة أشهر ولم يقبض منه الكراء ثم يستحقها رجل

قلت‏:‏ أرأيت أن أكريت الدار سنة بمائة دينار ولم أقبض الكراء حتى سكن المتكارى نصف سنة ثم استحق رجل الدار لمن يكون كراء الشهور الماضية في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ للمكرى الذي استحقت الدار من يديه وللذي استحق الدار أن يخرجه وينتقض الكراء فان أحب الذي استحق الدار أن يمضى الكراء أمضاه ولم يكن للمتكارى أن ينقض الكراء وان رضى امضاء ذلك الكراء مستحق الدار‏.‏

قلت‏:‏ ولم يكن للمتكارى أن ينقض الكراء وهو يقول إنما كانت عهدتي على الأول فلا أرضى أن تكون عهدتي عليك أيها المستحق‏؟‏

قال‏:‏ يقال له ليس ذلك لك ولا ضرر عليك في عهدتك اسكن فان انهدمت الدار وجاء أمر لا تستطيع السكنى معه من هدم الدار أو ما أشبهه فأد من الكراء بقدر ما سكنت واخرج‏.‏

قلت‏:‏ فان كان المتكارى قد نقد الكراء كله فاستحقها هذا الرجل بعد ما سكنها هذا المتكارى نصف سنة‏؟‏

قال‏:‏ يرد نصف النقد إلى المستحق وان كان غير مخوف عليه فان لم يكن وجد خوف أن يكون الرجل كثير الدين ونحو هذا دفع إليه بقية الكراء ولم يرد ما بقى من الكراء على سكنى الدار ولزمه الكراء وهذا إذا رضى بذلك مستحق الدار وهو رأيي‏.‏

في الرجل يكرى داره من رجل فيهدمها المتكارى تعديا أو المكرى ثم يستحقها رجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أني أكريت داري سنة من رجل فهدمها المتكارى تعديا وأخذ نقضه فاستحقها رجل‏؟‏

قال‏:‏ تكون الدار للمستحق ويكون قيمة ما هدم المتكارى للمستحق‏.‏

قلت‏:‏ فان كان المكرى قد ترك قيمة الهدم للمتكارى قبل أن يستحقها هذا المستحق‏؟‏

قال‏:‏ يرجع المستحق بقيمة الهدم على المتكارى الذي هدمها‏.‏

قلت‏:‏ فان كان معدما أيرجع على المكرى بالقيمة التي ترك له‏؟‏

قال‏:‏ لا إنما هو بمنزلة عبد اشتراه رجل في سوق المسلمين فسرق منه فترك قيمته للسارق ثم استحق فلا يكون لمستحقه على الذي وهبه شيء إنما يتبع الذي سرقه لأنه هو الذي أتلفه وإنما عمل هذا المشترى ما كان يجوز له ولم يتعد‏؟‏

قال‏:‏ ولو كان المكترى باع نقض الدار بعد هدمه إياها فان المستحق بالخيار أن شاء أخذ قيمة النقض من المكتري الذي هدم الدار وان شاء أخذ الثمن الذي باع به النقض هو في ذلك بالخيار‏.‏

قلت‏:‏ فان كان المكرى هو الذي هدم الدار ثم استحقها هذا المستحق‏؟‏

قال‏:‏ فلا شيء له على المكترى إلا أن يكون هو الذي باع نقضها فان كان باع نقضها أخذ منه ثمن ما باع به وان كان إنما هدم منها شيئا قائما عنده أخذه منه‏.‏

قلت‏:‏ والذي سألتك عنه من أمر المكرى الذي ترك الهدم للمتكارى أهو قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هو رأيي‏.‏

في الرجل يكرى الدار فيستحق الرجل بعضها أو بيتا منها

قلت‏:‏ أرأيت أن اكتريت دارا فاستحق بعضها أو بيت منها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في رجل ابتاع دارا فاستحق بيت منها أو بعضها‏؟‏

قال‏:‏ أن كان البيت الذي استحق منها هو أيسر الدار شأنا فأرى أن يلزم البيع ويرد من الثمن مبلغ قيمة ذلك البيت من الثمن‏؟‏

قال‏:‏ مالك ورب دار لا يضرها ذلك تكون دارا وفيها من البيوت بيوت كثيرة ومساكن رجال فلا يضرها ذلك والنخل كذلك يستحق منها الشيء اليسير النخلات فلا يفسخ ذلك البيع إذا كان النخل لها عدد وقدر وان كان الذي استحق منها نصفها أو جلها أو كان أقل من نصفها ما يكون ضررا على المشترى فان أحب أن يردها كلها ردها وأخذ الثمن كان ذلك له وان أحب أن يتماسك بما لم يستحق منها على قدر قيمته من الثمن أن كان الصنف رد إليه النصف من الثمن وان كان استحق الثلث فذلك له فأرى الدار إذا تكاراها رجل فاستحق منها شيء مثل قول مالك في البيوع ‏(‏وقال غيره‏)‏ لا يشبه الكراء البيوع في مثل هذا إذا كان الذي استحق النصف أو الجل لم يكن للمتكارى أن يتماسك بما بقى لأن ما بقى مجهول‏.‏

في الرجل يشترى الدار أو يرثها فيستغلها زمانا ثم يستحقها رجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اشترى دارا أو ورثها فاستغلها زمانا ثم استحقها رجل‏؟‏

قال‏:‏ الغلة للذي كانت الدار في يديه وليس للمستحق من الغلة شيء‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لأن الغلة بالضمان وإنما هذا ورث دارا أو غلمانا لا يدري بما كانوا لأبيه ولعله ابتاعهم فكان كراؤهم له بالضمان‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت الدار والغلمان إنما وهبوا لأبيه ثم يبتاعهم أبوه فورثهم عن أبيه ثم استحق جميع ذلك رجل أتكون عليه غلة الغلمان والكراء فيما مضى من يوم وهبوا لأبيه إلى يوم استحقه المستحق له‏؟‏

قال‏:‏ أن علم أن الواهب لأبيه هو غصب هذه الأشياء من هؤلاء الذي استحقوا هذه الدار هذه الغلة وهؤلاء الغلمان أو غصب هذه الأشياء من رجل هذا المستحق وارثه فجميع هذه الغلة والكراء للمستحق‏.‏

قلت‏:‏ ولم قلت في الواهب إذا كان لا يدري أغاصبا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لأني لا أدري لعل هذا الواهب اشترى هذه الأشياء من سوق المسلمين ألا ترى لو أن رجلا اشترى في سوق المسلمين دارا أو عبدا فاستعملهم ثم استحق ذلك رجل لم يكن له من الغلة شيء‏.‏

قلت‏:‏ فان كان الذي باعها في السوق هو الذي غصب هذه الأشياء أتكون الغلة للمشترى في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم إذا لم يعلم المشترى بالغصب‏.‏

قلت‏:‏ فان وهبها هذا الغاصب لرجل وهو لا يعلم بالغصب أو علم به فاغتل هذه الأشياء الموهوبة له أو أخذ كراءها ثم استحقها رجل‏.‏

فقال‏:‏ الكراء للذي استحقها أن كان الموهوب له علم بالغصب كانت الغلة التي اغتل مردودة إلى الذي استحقها وان كان لم يعلم بالواهب له أنه غصب هذه الأشياء نظر فان كان الغاصب الذي غصب هذه الأشياء مليا كان غرم ما اغتل هذا الموهوبة له هذه الأشياء على الغاصب إذا كان مليا وإذا لم يكن للواهب مال كان علي الموهوب له أن يرد جميع الغلة بمنزلة ما لو أن رجلا اغتصب ثوبا أو طعاما فوهبها لرجل فأكله أو لبس الثوب فأبلاه أو كانت دابة فباعها وأكل ثمنها ثم استحقت هذه الأشياء فان كان عند الواهب مال أغرم وأسلم للموهوب له هبته إذا لم يعلم بأن الواهب كان غاصبا وهذا إذا فاتت في يد الواهب وان لم يكن للواهب مال أغرم الموهوب له وهذا مثل الأول ألا ترى أن الغاصب نفسه لو اغتل هذا العبد أو أخذ كراء الدار كان لازما له أن يرد جميع الغلة والكراء إلى مستحق الدار فلما وهب هذه الأشياء فأخذها هذا الموهوب له بغير ثمن فكأنه هو الغاصب نفسه في غلتها وكرائها إذا لم يكن للواهب مال ألا ترى لو أن الغاصب مات فتركها ميراثا فاستغلها ولده كانت هذه الأشياء وغلتها للمستحق فكذلك الموهوبة له هذه الأشياء لا يكون أحسن حالا من الوارث فيها إذا لم يكن للغاصب الواهب مال أو لا ترى لو أن رجلا ابتاع قمحا أو ثيابا أو ماشية فأكل القمح ولبس الثياب فأبلاها وذبح الماشية فأكلها ثم استحقها رجل أنه يغرم المشترى ثمن ذلك كله ولا يوضع عنه لاشترائه في سوق المسلمين وإنما يوضع عنه ما كان من الحيوان مما هلك في يديه أو دارا احترقت أو انهدمت لأنه كان ضامنا لثمنها ومصيبتها منه وان كانت هذه الحنطة والثياب لم يأكلها ولم يبلها حتى أتت عليها جائحة من السماء فذهبت بها وله على ذلك البينة فلا شيء عليه فكما كان من اشترى في سوق المسلمين طعاما أو ثيابا أو ماشية فأكلها أو لبسها لم يضع الشراء عنه الضمان فكذلك الموهوب له حين وهب له ما ليس هو لمن وهبه له إنما اغتصبه فاستغلها الموهوب له لم يكن عليه ضمان لثمن أخرجه فيه كان عليه أن يؤدي ما استغل إذا لم يكن للغاصب الواهب مال لأنه أخذ هذه الأشياء بغير ثمن‏.‏

ومما يبين لك ذلك أن الغلة للذي استحق هذه الأشياء أن كان وهبها هذا الغاصب ولو أن عبدا نزل بلدا من البلدان فادعى أنه حر فاستعانه رجل فبنى له دارا أو بيتا أو وهب له مال فأتى سيده فاستحقه أنه يأخذ قيمة عمل غلامه في تلك الدار والبيت إذا كان الشيء له بال إلا أن يكون الشيء الذي لا بال له مثل سقى الدابة وما أشبهه ويأخذ جميع ماله الذي وهب له أن كان أكله الموهوب له أو باعه فأخذ ثمنه فعليه غرمه إلا أن تكون هذه الأشياء تلفت من يد الموهوب له من غير فعله قد علم ذلك فلا غرم عليه‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا يكون على الموهوب له هذه الأشياء إذا تلفت عنده وقد جعلت أنت الغلة للمستحق لأنك قلت الموهوب له في الغلة بمنزلة الغاصب إذا لم يكن للواهب مال لأن الغاصب لو اغتل هذه الأشياء أخذ الغلة المستحق منه لهذه الأشياء فجعلت الموهوبة له بمنزلة الغاصب في الغلة إذا لم يكن للواهب مال فلم لا يكون الموهوبة له هذه الأشياء بمنزلة الغاصب إذا لم يكن للغاصب مال في التلف لأنك تقول في الغاصب لو تلفت هذه الأشياء عنده يموت أو تلفت من غير فعله كان عليه الضمان فلم لا يكون ذلك على الموهوب له هذه الأشياء إذا لم يكن للغاصب مال‏؟‏

قال‏:‏ لأن الموهوبة له هذه الأشياء لم يتعد والغاصب قد تعدى حين غصبها إلا أن يكون الموهوبة له هذه الأشياء قد علم بالغصب فقبلها وهو يعلم بالغصب فتلفت عنده أنه يضمن لأنه مثل الغاصب أيضا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما شتريت من الدور والأرضين والحيوان والثياب وجميع ما يكرى وله الغلة أو نخل فأثمرت عندي فاستحق جميع ذلك مني رجل أقام البينة أن البائع غصبه ما قول مالك فيه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الغلة للمشترى بالضمان‏.‏

قلت‏:‏ وجعل مالك ثمر النخلة بمنزلة غلة الدور والعبيد جعل ذلك للمشترى‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان وهب الغاصب هذه الأشياء هبة فاغتلها هذا الموهوبة له أتكون غلتها للمستحق‏؟‏

قال‏:‏ نعم ولا تطيب الغلة له لأنه لم يؤد في ذلك ثمنا‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظه في الهبة الساعة ولا أشك أن الغلة للمستحق إذا كانت في يدي هذا بهبة من الغاصب بحال ما وصفت لك ويعطى هذا الموهوبة له هذه الأشياء قيمة عمله فيها وعلاجه‏.‏

قلت‏:‏ ما فرق ما بين الهبة وبين البيع‏؟‏

قال‏:‏ لأن في البيع تصير له الغلة إلى الضمان والهبة ليس فيها الضمان‏.‏

قلت‏:‏ وما معنى الضمان‏؟‏

قال‏:‏ معنى الضمان أن الذي اشترى هذه الأشياء وان اشتراها من غاصب إذا لم يعلم أنه غاصب أن هذه الأشياء إذا تلفت في يدى المشترى بشيء من أمر الله كانت مصيبتها من المشترى وتلف الثمن الذي أعطى فيها والموهوب له ليس بهذه المنزلة أن تلفت هذه الأشياء من يديه لم يتلف له فيها شيء من الثمن فانما جعلت الغلة للمشترى بالثمن الذي أدى في ذلك وكانت الغلة له بالضمان بما أدى منها والموهوب له لا تطيب له الغلة لأنه لم يؤد في ذلك شيئا إذا لم يكن للغاصب مال‏.‏

الرجل يبتاع السلعة بثمن إلى أجل فإذا حل الأجل أخذ مكان الدنانير دراهم ثم يستحق رجل تلك السلعة

قلت‏:‏ أرأيت أن بعت سلعة بدنانير إلى أجل فلما حل الأجل أخذت منه بالدنانير دراهم فاستحقت السلعة التي بعتها بم يرجع علي صاحبها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لي في الرجل يبيع السلعة بمائة دينار فيأخذ بثمنها دراهم ثم يجد بها عيبا فيردها بم يرجع على صاحبها‏؟‏

قال‏:‏ بالدراهم‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا له فان أخذ بها عرضا ماذا له عليه إذا ردها‏؟‏

قال‏:‏ له عليه مائة دينار‏؟‏

قال‏:‏ ورأيته يجعله إذا أخذ العين من العين الدنانير من الدراهم أو الدراهم من الدنانير لا يشبه عنده ما إذا أخذ من العين الذي وجب له عرضا فمسألتك التي سألت عنها مثلها سواء لأنه لما أخذ بمائة دينار كانت له عليه من ثمن سلعة ألف درهم فلما استحقت السلعة من يدى المشترى رجع على البائع بالذي دفع إليه وذلك ألف درهم لأن مالكا جعل العين بعضه من بعض فإذا كان إنما باعه سلعة بمائة دينار فأخذ منه بالمائة الدينار سلعة من السلع دابة أو غير ذلك ثم استحقت الدابة أو السلعة التي أخذ في ثمن الدنانير من يده رجع على صاحبه بمائة دينار لأنه إنما أخذ السلعة التي استحقت من يديه بمائة دينار كانت له على صاحبه ولم تكن هذه ثمنا للسلعة الأخرى وإنما هي عندي بمنزلة ما لو قبض الذهب ثم ابتاع بها من صاحبها سلعة أخرى فاستحقت السلعة من يده فانما يرجع عليه بالذهب‏.‏

الرجل يشتري الجارية ثم يستحقها رجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اشتري جارية في سوق المسلمين فوطئها فاستحقها رجل أنها أمة أو استحقت أنها حرة وقد وطئها السيد المشترى أيكون عليه للوطء شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من اشترى جارية فوطئها فافتضها أو كانت ثيبا فوطئها فاستحقت أنها حرة أو استحقها رجل أنها أمته‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء على الواطئ بكرا كانت أو ثيبا‏.‏

الرجل يشتري الجارية فتلد منه ولدا فيقتله رجل خطأ أو عمدا ثم يستحقها سيدها

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يشتري الجارية في سوق المسلمين فتلد منه ولدا عند السيد فيقتله رجل خطأ أو عمدا ثم يأتي رجل فيستحق الأمة وقد قضى على القاتل بالدية أو القصاص أو لم يقض عليه بعد بذلك‏؟‏

قال‏:‏ أما الدية فان مالكا قال في ديته أنها لأبيه كاملة لأنه حر ويكون على أبيه قيمته لسيد الأمة إلا أن تكون القيمة أكثر من الدية فلا يكون على الأب أكثر مما أخذ وأما في العمد فهو حر وفيه القصاص ولا يضع القصاص عن القاتل استحقاق هذه الأمة لأنه حر‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن جرح‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك أن جرح أو لم يجرح لأنه حر وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الأب إذا اقتص من قاتل ابنه هذا ثم أتى سيد الأمة هل يغرم له الأب شيئا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الولد إذا كان قائما عند والده أيكون لمستحق الأمة على والده قيمته بالغة ما بلغت وان كانت أكثر من ديته‏؟‏

قال‏:‏ كذلك قال لي مالك إنما يغرم قيمته أن لو كان عبدا يباع على حالته التي هو عليها يومئذ‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قطع يده خطأ وقيمة الولد أكثر من ألف دينار فأخذ الأب نصف دية ولده ثم استحق رجل أمه‏؟‏

قال‏:‏ يقوم والده قيمة الولد أقطع اليد يوم يحكم له فيه ويقال ما قيمته صحيحا وقيمته أقطع اليد يوم جنى عليه فينظركم بينهما فان كان بين قيمته صحيحا وقيمته أقطع اليد الخمسمائة التي أخذها الأب غرمها الأب وان كان أقل منها غرم الأب ما بين قيمته صحيحا وقيمته أقطع اليد وكان الفضل للأب وان كان فيما بين قيمته صحيحا وبين قيمته أقطع اليد أكثر مما أخذه الأب لم يكن على الأب أكثر مما أخذ وهو مثل القتل إذا قتل فأخذ أبوه الدية‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن الولد مات صحيحا أيكون على الوالد من قيمة شيء أم لا‏؟‏ في قولمالك‏؟‏

قال‏:‏ لا شيء على والدهم فيهم إذا ماتوا‏.‏

قلت‏:‏ فان ضرب رجل بطن هذه الأمة وفي بطنها جنين من سيدها فطرحته فاستحقها رجل وقد كان أخذ سيدها الغرة أو لم يأخذها بعد‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن الضارب يغرم غرة فتكون لأبيه ثم ينظر إلى قيمة أمه كم قيمتها يوم ضرب بطنها فينظر إلى ما أخذ الأب فان كان ما أخذ الأب أكثر من عشر قيمتها يوم جنى عليها غرم الأب عشر قيمتها وان كان أقل من عشر قيمتها لم يكن على الأب إلا ما أخذ لأن مالكا قال لي ذلك فيه إذا أخذ دية ابنه من القاتل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت مالكا هل كان يغرم سيدها لهذا الذي استحقها ما نقصتها الولادة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أرى أن يأخذ جاريته ولا يكون عليه فيما نقص الحمل منها لأنها لو ماتت لم يكن عليه قيمتها لأنه اشتراها في سوق المسلمين‏.‏

الرجل يشتري الجارية فتلد منه فيستحقها رجل

قلت‏:‏ أرأيت الرجل تكون عنده الجارية قد اشتراها فتلد منه فيأتي رجل فيقيم البينة أنها أمته‏؟‏

قال‏:‏ يأخذ المستحق الجارية وقيمة ولدها من والدهم وهذا قول مالك وهو أحب قوليه إلي والذي آخذ به وعليه جماعة الناس وقد كان مالك مرة يقوله ثم رجع عنه وقال يأخذ قيمة الجارية لأن في ذلك ضررا على المستكرى لأنها إذا ولدت منه فأخذت كان ذلك عارا على سيدها الذي ولدت منه وعلى ولدها وفي قوله الآخر أنه أن أخذها فإنه يأخذ معها قيمة الولد أيضا فهذا هو الضرر ويمنع من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فهل يرجع مشتري الجارية على البائع بقيمة الولد الذي غرم في قوله هذا‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا إلا أن مالكا قال في رجل باع من رجل عبدا سارقا دلس له فأدخله بيته فسرق العبد مال المشترى أنه لا يرجع بما سرق له على البائع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقام هذا المستحق البينة أن الذي ولدت منه الجارية غصبها له‏؟‏

قال‏:‏ يأخذها ويأخذ ولدها ويحد غاصبها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذي يشتري الجارية فتلد منه ثم يستحقها رجل فيقوم الأب قيمة الولد على ما أخبرني من أثق به من قول مالك في القول الأول أيرجع بما أدى من قيمة الولد على الذي باعه الجارية بتلك القيمة في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه رجوعا ولا غير ذلك ولا أرى ذلك له ولو كان له أن يرجع على البائع بقيمة الولد لسمعناه من مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا زوج أمته رجلا غره منها وزعم أنها حرة فاستحقها رجل وقد ولدت من الزوح‏؟‏

قال‏:‏ يأخذها السيد ويأخذ قيمة الولد من أبي الولد ويرجع الزوج على الذي غره بالصداق الذي دفعه إليها‏.‏

قلت‏:‏ ولا يرجع الزوج على الذي غره منها بقيمة الولد عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ فلم جعلته يرجع بالصداق ولا يرجع بقيمة الولد‏؟‏

قال‏:‏ لأنه غره منها فلذلك يرجع بالصداق ولو كانت هي التي غرته لم يرجع الزوج عليها بقليل ولا بكثير إلا أن يكون ما أعطاها أكثر من صداق مثلها فيرجع عليها بالفضل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن رجع بالصداق على الذي غره أيترك له قدر ما استحل به فرجها‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ إنما قال لنا مالك يرجع بالصداق على الذي غره ولم يقل لنا مالك يترك له شيئا وأصل قول مالك إنما يرجع بالصداق على الذي غره لأنه كأنه باعه بضعها فاستحق من يده البضع فيرجع بالثمن الذي دفعه في البضع وهو الصداق ولا يرجع بقيمة الولد لأنه لم يبعه الولد فهذا أصل قولهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريت عبدا فأعتقته أو أمة في سوق المسلمين فاتخذتها أم ولد فأتى رجل فاستحق رقابهما أيرد البيع ويفسخ عتق العبد وتصير الأمة أم ولد لهذا الرجل أو أمة لهذا المستحق‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أما في العبد فيفسخ عتقه ويرد رقيقا‏؟‏

قال‏:‏ مالك وأمات الجارية فأنها ترد ما لم تحمل فإذا حملت كان على سيدها الذي حملت منه قيمتها للذي استحقها‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقد قال لي قبل ذلك يأخذها ويأخذ قيمة ولدها من الأب قيمتهم يوم يحكم فيهم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وهذا أحب قوليه إلي‏.‏

الرجل يشتري الجارية فتلد منه ثم يستحقها رجل والسيد عديم والولد قائم موسر

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اشترى جارية في سوق المسلمين فولدت ولدا من السيد فاستحقها رجل والسيد المشترى عديم‏؟‏

قال‏:‏ يأخذ جاريته وتكون قيمة ولدها دينا على الأب عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان كان الأب موسرا فأدى قيمة الأبن أيكون له أن يرجع على الابن بقيمته التي أدى عنه في قول مالك يبيعه بها‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ فان كان موسرين أتؤخذ قيمة الابن من مال الأب أم من مال الابن‏؟‏

قال‏:‏ بل من مال الأب‏.‏

قلت‏:‏ فيرجع بها الأب في مال الولد إذا كان الولد موسرا أو بنقصه أو بشيء منه‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان كان الأب عديما والولد موسرا تؤخذ القيمة من مال الابن‏؟‏

قال‏:‏ نعم ‏(‏وقال غيره‏)‏ لا يكون على الابن شيء وذلك على الأب في اليسر والعدم‏.‏

قال سحنون‏:‏ وهذا أحسن‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أفيرجع به الابن على الأب‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أفتؤخذ قيمة الأم من مال الولد إذا كان الأب عديما والولد موسر‏؟‏

قال‏:‏ لا تؤخذ قيمة الأم من الولد على حال‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس عن بن شهاب أنه قال في رجل ابتاع وليدة مسروقة أو آبقة فتلد منه ثم يأتي سيد الجارية فيقبضها ويريد أخذ ولدها قال ابن شهاب نراها لسيدها الذي أبقت منه أو سرقت ونرى ولدها لابيهم الذي ابتاع أمهم بقيمة عدل يؤدي قيمتهم إلى سيد الجارية ‏(‏سحنون‏)‏ عن بن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال ما رأيت الناس يرون الا أن الرجل إذا أدرك وليدته وأقام البينة أنها مسروقة يأخذ وليدته ويكون الولد لوالدهم بالقيمة يؤدي الثمن إلى سيد الوليدة ولا نري عليه غير ذلك ولو أخذ السارق كان أهلا للعقوبة الموجعة والغرامة والناس لا يرون في الحيوان من الماشية إذا أخذت في الصحراء قطعا ولا في الرقيق قطعا‏.‏

الرجل يبنى داره مسجدا ثم يأتي رجل فيستحقها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا بنى داره مسجدا ثم يأتي رجل فيستحقها أيكون له أن يهدم المسجد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يعتق عبدا له فيأتي رجل فيستحق العبد أن العتق يرد وأنه يرجع رقيقا فكذلك المسجد له أن يهدمه مثل العتق له أن يرده‏.‏

في الرجل يشترى سلعا كثيرة أو يصالح على سلع كثيرة ويأتي رجل فيستحق بعضها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اشترى من رجل سلعا كثيرة أو صالحته من دعوى ادعيتها على سلع كثيرة فقبضت السلع أو لم أقبضها حتى استحق رجل بعضها‏؟‏

قال‏:‏ ينظر فان كان ما استحق منها ذلك الرجل وجه ذلك البيع كان له أن يرد جميع ذلك فان لم يكن وجه ذلك لزمه ما يفى بحصته من الثمن كذلك قال مالك وسواء أن كان قبض أو لم يقبض كذلك قال مالك في الاستحقاق والعيوب جميعا‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولو أن العيوب والاستحقاق وجدت في عيون ذلك فرضي البائع والمبتاع أن يسلما ما ليس فيه عيوب بما يصيبه من جملة الثمن كله لم يحل ذلك لواحد منهما وكان مكروها لأن الصفقة قد وجب ردها كلها فكأنه باعهم بثمن لا يدري ما يبلغ أثمانهم من الجملة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريت حنطة أو شعيرا أو عروضا كثيرة صفقة واحدة فاستحق بعض ذلك الشيء قبل أن أقبضه أو بعد ما قبضته فأردت أن أرد ما بقى أيجوز لي ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قول مالك أن كان ما استحق منه الشيء اليسير التافه أخذ ما بقي بحصته من الثمن‏؟‏

قال‏:‏ وان كان إنما استحق منه جل ذلك الشيء فله أن يرده ولا يأخذه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريت سلعا كثيرة صفقة واحدة متى يقع لكل سلعة منها حصتها من الثمن أحين وقعت الصفقة أم حين يقبض‏؟‏

قال‏:‏ حين وقعت الصفقة وقع لكل سلعة منها حصة من الثمن‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

الرجل يتزوج المرأة على جارية فيستحقها رجل

قلت‏:‏ أرأيت أن تزوجت امرأة على جارية فاستحقت الجارية أنها حرة أو أصابت المرأة بها عيبا‏؟‏

قال‏:‏ تردها وتأخذ قيمة الجارية من زوجها‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا تأخذ منه مهر مثلها إذا استحقت الجارية أنها حرة أو أصابت بها عيبا فردتها‏؟‏

قال‏:‏ لا وليس هذا الوجه يشبه البيوع في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ولو أن امرأة تزوجت بشقص من دار فأتى الشفيع ليأخذها بشفعته فقلت لمالك فأي شيء يكون للمرأة إذا أخذ الشفيع الدار بالشفعة أصداق مثلها أم قيمة الشقص‏؟‏

قال‏:‏ بل قيمة الشقص‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن خالعها زوجها على عبد دفعته إليه فأصاب به عيبا رده وأخذ قيمة العبد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

الرجل يشتري الصبر من القمح والشعير بالثمن الواحد فيستحق بعضها

قلت أرأيت لو أن رجلا اشترى صبرة شعير وصبرة قمح صفقة واحدة بمائة دينار على أن كل صبرة منهما بخمسين دينارا فنقد الثمن واكتال الشعير والحنطة ثم استحقت الحنطة أو الشعير بم يرجع على بائعه أيرجع عليه بخمسين ثمن صبرة الشعير إن كان الذي استحق الحنطة أو الشعير‏.‏

‏؟‏ قال لا ولكن يقسم الثمن على قيمة الحنطة وقيمة الشعير فيوضع عن المشترى من الثمن مقدار ما استحق من ذلك لأنها صفقة واحدة وكذلك لو اشترى رقيقا أو ثيابا صفقة واحدة على أن كل واحد من الرقيق وكل واحد من الثياب بدينار دينار فاستحق بعض ذلك أنه لا ينظر إلى ما سميا إن لكل ثوب دينارا ولكل عبد دينارا ولكن يقسم الثمن على جميع الصفقة فما أصاب الذي استحق من الصفقة من الثمن وضع عن المشتري‏.‏

قلت وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا اشترى صبرة شعير وصبرة حنطة صفقة واحدة كل قفيز بدرهم فنقد الثمن فاكتال القمح والشعير ثم استحقت الحنطة أو الشعير فبم يرجع على بائعه أيرجع بدرهم لكل قفيز كان الذي استحق شعيرا أو حنطة‏.‏

قال أصل هذا البيع لا يحل ولا يجوز‏.‏

قال ومن اشترى رقيقا وثيابا صفقة واحدة كل واحد من العبيد وكل واحد من الثياب بدينار دينار فاستحق بعض ذلك أنه لا ينظر إلى ما سميا من أن لكل عبد دينارا أو لكل ثوب دينارا ولكن يفض الثمن على جميع الصفقة فما أصاب الذي استحق من الثمن وضع عن المشتري وهو قول مالك‏.‏

قلت أرأيت إن اشتريت عبدين صفقة واحدة فلم أقبضهما أو قبضتهما فاستحق أحدهما أنه حر‏.‏

قال قال مالك ينظر إلى الحر المستحق فإن كان هو وجه العبدين ومن أجله اشتريا رد الباقي وإن كان ليس من أجله اشتريا ولا هو وجههما لزمه الباقي بحصته من الثمن‏.‏

قلت ويقوم هذا الحر المستحق قيمته أن لو كان عبدا في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت وكذلك إن كان المستحق مكاتبا أو مدبرا أو أم ولد في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

الرجلان يصطلحان على الاقرار أو على الانكار يستحق ما في يد أحدهما

قلت‏:‏ أرأيت أن اصطلحا على الاقرار فاستحق ما في يد المدعى أيرجع على صاحبه بالذي أقر له به‏؟‏

قال‏:‏ نعم أن كان قائما لم يفت وكان عرضا أو حيوانا فان فات بزيادة أو نقصان أو حوالة أسواق رجع عليه بقيمة ما أقر له به‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ إنما الصلح بيع عند مالك فهذا والبيع سواء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اصطلحا على الانكار فاستحق ما في يدى المدعى عليه أيرجع على المدعى بشيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يرجع عليه بقيمة ما دفع إليه أن كان ما دفع إليه عروضا أو حيوانا قد فاتت بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق وان كان قائما بعينه لم يفت رجع عليه فأخذه منه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم فصالحته على أن حططت عنه خمسمائة درهم على أن يعطيني بالخمسمائة الباقية عبده ميمونا أيجوز هذا في قول مالك وكيف أن استحق العبد بم يرجع عليه في قول مالك أبالخمسمائة أم بالألف كلها‏؟‏

قال‏:‏ شراء العبد جائز وفي الاستحقاق يرجع بالألف كلها ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال إذا باع الرجل سلعة بشيء من الأشياء على أن يعطى بتلك السلعة سلعة أخرى كانت السلعة الأخرى نقدا أو إلى أجل فانما وقع البيع بملك السلعة الأخرى كان ذلك ذهبا أو ورقا أو طعاما أو عرضا وكان الكلام الذي كان قبل ذلك حشوا‏؟‏

قال‏:‏ مالك إنما ينظر في ذلك إلى الفعل ولا ينظر إلى الكلام فإذا صح الفعل لم يضرهم قبح كلامهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يكون له على رجل دم عمد فيصالحه من الدم العمد على عبد أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان استحق العبد‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى له أن يرجع بقيمة العبد ولا سبيل له إلى القتل ألا ترى أن مالكا قال في رجل تزوج امرأة بعبد فاستحق العبد أنه في النكاح ترجع المرأة بقيمة العبد على الزوج ولا سبيل للمرأة على نفسها وهي زوجته على حالها وكذلك القتل العمد هو بهذه المنزلة مثل ما قال في النكاح‏.‏

قلت‏:‏ فالخلع هو بتلك المنزلة عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏