فصل: في الصانعين والشريكين بعمل أيديهما يمرض أحدهما أو يغيب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في الجائحة في التين والخوخ والرمان وجميع الفاكهة

قال‏:‏ وكذلك الفاكهة التين والخوخ والرمان والتفاح وكل ما يكون بطنا بعد بطن إنما ينظر إلى أوله وآخره فيقوم فيعرف قيمته وقدر ثمرته ثم ينظر إلى الذي أصابته الجائحة فان كان ذلك ثلث الثمرة وكانت قيمة البطن الذي أصابته الجائحة هو نصف جميع الثمن أو ثلثيه طرح عن المشتري من الثمن نصفه أو ثلثاه فعلى هذا يكون هذا‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني يزيد بن عياض عن رجل حدثه عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ابتاع المرء الثمرة فأصابتها جائحة فذهبت بثلث الثمرة فقد وجب على صاحب المال الوضيعة‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني يزيد بن عياض عن عبد الرحمن بن القاسم وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبي الزناد عن القاسم بن محمد قال إذا أصيب المبتاع بثلث الثمرة فقد وجبت على البائع الوضيعة‏.‏

قال سحنون‏:‏ وأخبرني أنس بن عياض أن أبا إسحاق مقدم مولى أم الحكم بنت عبد الملك حدثه أن عمر بن عبد العزيز قضى في ثمر حائط باعته مولاته فأصاب الثمرة كلها جائحة إلا سبعة أوسق وكانت قد استثنت سبعة أوسق فقال لي عمر وخاصمت إليه في ذلك اقرأ على مولاتك السلام وقل لها قد أغناك الله في الحسب والمال عن أن تأكلي ما لا يحل لك لا تجوز الجائحة بين المسلمين وقضى باليمين على المبتاع أن لا يكتم شيئا وعليه ما أكل عماله قال مقدم فما صار لنا إلا سبعة أوسق وهي التي بقيت‏.‏

ابن وهب‏:‏ وأخبرني عبد الجبار بن عمر عن ربيعة وأبي الزناد أنهما قالا لا وضيعة في الجائحة فيمادون الثلث إذا أصيب ‏(‏وأخبرني‏)‏ عثمان بن الحكم عن يحيى بن سعيد أنه‏؟‏ قال لا جائحة فيما أصيب دون ثلث رأس المال قال يحيى وذلك في سنة المسلمين‏؟‏

قال‏:‏ وأخبرني عثمان بن الحكم عن بن جريج عن عطاء أنه قال الجوائح كل ظاهر مفسد من مطر أو برد أو جراد أو ريح أو حريق ‏(‏سحنون‏)‏ عن أنس بن عياض عن حنس بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده أن علي بن أبي طالب كان يقول الجائحة إذا بلغت الثلث‏.‏

قال سحنون‏:‏ وحدثني أنس بن عياض عن بن جريج المكي عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو بعت من أخيك تمرا ثم أصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ثم تأخذ مال أخيك بغير حق‏.‏

في جائحة البقول

قلت‏:‏ أرأيت البقول والكراث والسلق وما أشبه هذا والجزر والبصل والفجل إذا اشترى الرجل هذه الأشياء التي ذكرت لك وما أشبهها فأصابتها جائحة أقل من الثلث هل يوضع عن المشتري شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك أرى أن يوضع عن المشتري كل شيء أصابت الجائحة منها قل ذلك أو كثر ولا ينظر فيه إلى الثلث‏.‏

وقد ذكر علي بن زياد عن مالك أن البقل إذا بلغت جائحته الثلث وضع عن المشتري وإن لم تبلغ الثلث لم يوضع منه شيء ‏(‏سحنون‏)‏ وقد ذكره بن أشرس عن مالك‏.‏

في جائحة الخضر

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتري الفول الأخضر وما أشبهه من القطنية التي تؤكل خضراء واشترط أن يقطعها خضراء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الشراء جائز‏.‏

قلت‏:‏ فان أصابته جائحة‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن أصابت الجائحة الثلث وضع عنه ثلث الثمن لأن هذا ثمرة‏.‏

قلت‏:‏ فان اشترى الفول والقطنية التي تؤكل خضراء بعد ما طابت للأكل قبل أن تيبس فاشترط أن يترك ذلك حتى ييبس‏؟‏

قال‏:‏ لا يصلح ذلك عند مالك وهو مكروه‏.‏

جائحة الزيتون

قلت‏:‏ أرأيت الزيتون عند مالك أهو مما يخرص على أهله‏؟‏

قال‏:‏ ليس يخرص الزيتون عند مالك على أهله ولكن ما أصابت الجائحة منه يحمل محمل ما يخرص لأن مشتريه يقدر على أن يؤخره حتى يجنيه جميعا‏.‏

في جائحة القصب الحلو

قلت‏:‏ أرأيت القصب الحلو أليس هو مما يدخر وييبس إذا أصابته الجائحة‏؟‏

قال‏:‏ لا يوضع منه في الجائحة قليل ولا كثير وذلك أن بيعه إنما هو بعد أن يمكن قطعه وليس هو مما يأتي بطنا بعد بطن فهو عندي بمنزلة الزرع إذا يبس لا يجوز بيعه حتى يطيب ويؤكل ولقد سألت مالكا عن مساقاته فقال هو عندي مثل الزرع تجوز مساقاته إذا عجز عنه صاحبه‏.‏

وقد قال ابن القاسم توضع فيه الجوائح وهو أحسن‏.‏

في جائحة الثمار التي قد يبست

قال‏:‏ وقال مالك كل ما اشترى من النخل والعنب بعد ما ييبس ويصير زبيبا أو تمرا أو يستجد ويمكن قطافه فليس فيه جائحة وما بيع من الحب من القمح والشعير والفول والعدس والقطنية كلها والسمسم وحب الفجل للزيت وما أشبهه فليس فيه جائحة لأنه إنما يباع بعد ما ييبس فهو بمنزلة ما لو باعه في الأنادر فلا جائحة فيه وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ وما بيع من النخل والعنب أخضر بعد ما طاب فيبس ثم أصابته الجائحة بعد ذلك فلا جائحة فيه وهو بمنزلة ما اشترى وهو يابس‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريت ثمرة نخل قد حل بيعها فتركته حتى طاب للجداد وأمكن ثم أصابته جائحة تبلغ الثلث فصاعدا‏؟‏

قال‏:‏ لا يوضع عنه قليل ولا كثير عند مالك لأن الجداد قد أمكنه‏.‏

قلت‏:‏ ويصير هذا بمنزلة رجل اشترى ما في رؤس النخل وقد أمكنت للجداد‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك يصير بمنزلة الذي اشترى ثمرة قد أمكنت للجداد تيبس فلا جائحة في ذلك‏.‏

في الرجل يشتري أصول النخل وفيها ثمر فتصيبها جائحة

قال‏:‏ وقال مالك ما اشتري من الأصول وفيها ثمرة قد طابت مثل النخل والعنب وغير ذلك فاشترى بأصله فأصابته جائحة فلا جائحة في ثمره وإنما الجوائح إذا اشتريت الثمار وحدها بغير أصولها‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو أني اشتريت رقاب النخل وفيها ثمر لم يطب ولم يحل بيعه ولم يؤبر أو قد أبرت فاشترط المبتاع ثمرة ما قد أبر فأصابت هذه الثمرة جائحة أيوضع عنه في قول مالك لما أصابت الجائحة من الثمرة شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يوضع عنه شيء‏.‏

قلت‏:‏ فهذا قول مالك في الذي يشتري رقاب النخل وفيها ثمرة لم تؤبر فبلغت فأصابتها جائحة أنه لا يوضع عن المشترى شيء هذا قد علمناه أنه لا يوضع عنه شيء لأن الثمرة تبع للنخل لأنها للمشترى وإن لم يشترطها أرأيت كل ثمرة كانت تكون للبائع إذا اشتراها المشترى إلا أن يشترطها المشترى لم لا يكون لها حصة من الثمن ويلغى عنه ما أصابت الجائحة من الثمن إذا بلغ ما أصابت الجائحة ثلث الثمرة‏؟‏

قال‏:‏ لأن مالكا جعل كل ثمرة اشتريت مع الرقاب تبعا للرقاب فلا جائحة فيها‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك الرجل يكترى الدار ويشترط ثمرة نخلات فيها وفي النخل ثمرة لم تطب أو طلع فالكراء جائز وما أصابت الجائحة من ذلك الثمر وإن أصابته كله لم يوضع عن المتكاري قليل ولا كثير لأن الثمرة تبع للكراء ولا يقع على الثمرة حصة من الكراء ومما يبين ذلك أن الرجل يشتري العبد وله مال فيستثني ماله معه ولو لم يستثنه كان للبائع فيشتريه ويشترط ماله فيصاب مال العبد ثم يجد به عيبا أو يستحق فيرجع المشتري بالثمن كله فيأخذه ولا يوضع عن البائع شيء لمال هذا العبد الذي تلف وهو مما لو لم يستثنه كان للبائع وفيه زيادة في الثمن فلا يوضع عنه شيء فالثمرة بمنزلة مال العبد وكذلك سمعت مالكا يقول في الثمرة وفي مال العبد‏.‏

الرجل يشتري الزرع على أن يحصده ثم يشتري الأرض بعد ذلك

قلت‏:‏ أرأيت لو أني اشتريت زرعا لم يبد صلاحه على أن أحصده ثم اشتريت الأرض أيجوز لي أن أدع الزرع حتى يبلغ‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز عندي ولم أسمعه من مالك ولكن مالكا قال في الرجل يشتري النخل وفيه نخل قد أبر ولم يشترطه ثم اشتراه بعد ذلك في صفقة أخرى على حدة قبل أن يزهى ويحل بيعه أن اشتراءه جائز فهذا يدلك على مسئلتك أنه جائز له أن يترك الزرع لأن مالكا قال في الثمرة كل شيء كان يجوز لك أن تشتريه معه فلم تشتره في الصفقة معه ثم اشتريته بعد ذلك في صفقة على حدة فذلك جائز كما يجوز لك أولا أن تستثنيه‏.‏

قلت‏:‏ فان أصابت هذه الثمرة جائحة أيقضى فيها بشيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يقضى فيها بشيء لأن مالكا قال من اشترى النخل والثمرة في صفقة واحدة فأصابت الثمرة جائحة فلا شيء على البائع‏.‏

قلت‏:‏ وإن كانت بلحا أو بسرا أو رطبا أو تمرا يوم اشتراها مع النخل‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا جائحة فيها عند مالك لأنه اشترى الأصل معها فكانت تبعا للأصل فكذلك الذي اشترى الأصل ثم اشترى الثمرة فلا جائحة فيها‏.‏

قال سحنون‏:‏ الجواب صحيح إلا أن الحجة فيها أن البائع إذا باع الثمرة وقد بدا صلاحها في رؤس النخل أن عليه سقى النخل وإذا باع النخل بأصولها وباع منه بعد ذلك ثمرتها أنه لا سقى على البائع‏.‏

في الذي يشتري ثمرة نخلة واحدة فتصيبها جائحة

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريت ثمرة نخلة واحدة فأصابت الجائحة ثلث ما في هذه النخلة أيوضع عنى شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أرى أن يوضع عنك أن أصابت الجائحة ثلث ما في رأس النخلة من الثمرة‏.‏

في الذي يعري حائطه كله ثم يأخذه بخرصه فتصيبه جائحة

قلت‏:‏ أرأيت رجلا أعرى حائطا له رجلا فأخذ ذلك منه بخرصه فأصابته جائحة أيوضع عنه شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك يوضع عنه مثل ما يوضع عنه في الشراء سواء‏.‏

في السلف في حائط بعينه فتصيبه جائحة

قلت‏:‏ أرأيت أن أسلمت في ثمرة حائط بعينه في أبان ثمرة ذلك الحائط فأصابت الحائط جائحة أتت على ثلث الحائط أيلزم المشترى شيء أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يلزم المشترى شيء ويكون حقه فيما بقى من الحائط‏.‏

قلت‏:‏ ولا ينتقض من السلم ثلثه لأن ثمرة الحائط قد ذهبت الجائحة بثلثه‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا ينتقض من السلم شيء وسلمه فيما بقى من الحائط‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو قوله‏.‏

قلت‏:‏ ولو كنت اشتريت ثمرة هذا الحائط فأصابت الجائحة ثلثه أيوضع عنى الثلث في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وإذا أسلمت في ثمرة هذا الحائط أهو مخالف لشرائي ثمرة هذا الحائط في الجائحة‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قال سحنون‏:‏ لأن سلمك في الحائط إنما هو اشتراء مكيلة منه معلومة بمنزلة ما لو اشتريت أقساطا من خابية رجل‏.‏

في الذي اشترى ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها ثم تصيبها جائحة

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريت ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها على الترك فأصابتها جائحة كلها أو أقل من ثلثها بعد ما بدا صلاحها أيكون على المشترى شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا شيء على المشترى وهو من البائع وهذا قول مالك لأنه لم يقبضها وهي في رؤس النخل والبيع فاسد فهي من البائع ما لم يقبضها المبتاع‏.‏

في الرجل يشتري ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها على أن يجدها من يومه فتصيبها الجائحة

قلت‏:‏ أرأيت أن أشتريت ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها على أن أجدها من يومى أو من الغد فأصابتها الجائحة قبل أن أجدها أيوضع عنى للجائحة شيء أم لا‏؟‏ وهل تكون هذه بمنزلة البقول أو الفاكهة الخضراء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكنى أرى أن يوضع عنه أن أصابت الجائحة الثلث فصاعدا‏.‏

قلت‏:‏ ولا تراه بمنزلة البقول‏؟‏

قال‏:‏ لا أراه بمنزلة البقول ولكنى أراه بمنزلة الثمار‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن اشتري بلح الثمار كلها التين واللوز والجوز والجلوز والفستق على أن يجده قبل أن يطيب فأصابته الجائحة أيوضع عنه أن أصابت الجائحة الثلث فصاعدا وأن لم تصب الثلث لم يوضع عنه شيء‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في جائحة الجراد والريح والجيش والنار وغير ذلك

قلت‏:‏ أرأيت الجراد أهو جائحة في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ الجراد جائحة عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك النار في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك البرد والمطر والطير الغالب تأتي فتأكل الثمرة والدود وعفن الثمار في رؤس الشجر والسموم تصيب الثمرة والعطش يصيب الثمرة من انقطاع مائها أو السماء احتبست عن الثمرة حتى ماتت أترى هذا من الجوائح‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الماء إذا انقطع عن الثمرة ماء العيون وضع عن المشتري ما ذهب من الثمرة من قبل الماء قليلا كان أو كثيرا وما بقى فهو للمشتري مما يصيبه من الثمن لأن البائع حين باع الثمرة إنما باعها على الماء فكل ما أصيب من قبل الماء فإنما سببه من قبل البائع ولا يشبه الماء سواه من الجوائح‏.‏

قلت‏:‏ وماء السماء إذا انقطع عن الثمرة أهو عند مالك بمنزلة ماء العيون‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في ماء المطر شيئا إلا أنه قال ما كان من فساد الثمرة من قبل العطش من الماء وضع عن المشتري قليلا كان أو كثيرا فأرى ماء السماء وماء العيون سواء إذا كان إنما حياتها سقيها‏؟‏

قال‏:‏ وأما ما سألت عنه من عفن الثمرة والنار والبرد والغرق وما سألت عنه كله فان ذلك جائحة من الجوائح توضع عن المشتري أن أصاب الثلث فصاعدا‏؟‏

قال‏:‏ وهو رأيي في جميع ما سألت عنه‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الجيش يمرون بالنخل فيأخذون ثمرته‏؟‏

قال‏:‏ هو جائحة من الجوائح‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولو أن سارقا سرقها كانت جائحة أيضا في رأيي‏.‏

قال ابن نافع‏:‏ ليس السارق بجائحه‏.‏

في جائحة الحائط المساقى

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت نخلا إلى رجل مساقاة فلما عمل أصابت الثمرة جائحة برد أو جراد أو ريح فأسقطته ما تقول في ذلك وهل سمعت من مالك فيه شيئا‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن ذلك فقال أراه جائحة توضع عنه ‏(‏وذكر‏)‏ سعد بن عبد الله عن مالك قال إذا كان الذي أصابه أقل من الثلث لم يوضع عنه سقى شيء من الحائط ولزمه عمل الحائط كله وإذا أصاب الثلث فصاعدا كان بالخيار أن شاء ساقى الحائط كله وإن شاء وضع عنه سقى الحائط كله ولقد تكلم به مالك وأنا عنده قاعد فلم أحفظ تفسيره وكان سعد أقرب إليه مني فأخبرني به سعد‏.‏

الرجل يكترى الأرض وفيها النخل فتصيبها جائحة

قلت‏:‏ أرأيت أن اكتريت أرضا بيضاء وفيها سواد فاشترطت السواد أيكون ذلك جائزا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم إذا كان السواد الثلث فأدنى فاكترى الأرض واشترط السواد فأثمر السواد فأصابته جائحة أتت على جميع الثمرة أيوضع للمتكارى شيء أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يوضع عنه شيء للجائحة لأن السواد إنما كان ملغى وكان تبعا للأرض‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الدار أيضا يكتريها الرجل وفيها نخلات يسيرة فاشترطها المتكاري فأصابت الثمرة جائحة أنه لا يوضع للمتكارى شيء من الكراء للذي أصابته الجائحة من الثمرة‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما سألتك عنه من الرجل الذي اكترى الدار فاستثنى النخل وذلك جائز لأن النخل أقل من الثلث فأثمرت النخل فأصابت الثمرة جائحة أيوضع عنه لذلك شيء من الكراء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا يوضع عنه للجائحة من الكراء قليل ولا كثير‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا توضع عنه الجائحة وقد وقع الكراء على ثمرة النخل وعلى كراء الدار‏؟‏

قال‏:‏ لأن ثمرة النخل لم يقع عليها من الكراء شيء وإن اشترطت وإنما هي تبع للدار وهي تشترط وليس فيها ثمر فيجوز فهذا يدلك على أنها لغو‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اكتريت دارا وفيها نخل كثيرة وليس النخل تبعا للدار فاكتريت الدار واشترطت ما في رؤس النخل من الثمر‏؟‏

قال‏:‏ أن كان ما في رؤس النخل من الثمر قد طاب للبيع فذلك جائز وإن كان ما في رؤس النخل لم يحل بيعه فلا يجوز ذلك والكراء باطل‏.‏

قلت‏:‏ فان كان ما في رؤس النخل قد حل بيعه فاكتريت الدار واشترطت ما في رؤس النخل‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز‏.‏

قلت‏:‏ فان أصابت الثمرة التي في رؤس النخل جائحة وأصابت الجائحة ثلث ثمرة النخل فصاعدا‏؟‏

قال‏:‏ يوضع ذلك عن المتكاري الذي اشترط ثمرة النخل‏.‏

قلت‏:‏ وكيف يوضع ذلك عن المتكاري‏؟‏

قال‏:‏ ينظر إلى قيمة ثمرة النخل يوم اكتري الدار وإلى مثل كراء الدار ثم يقسم الثمن على ذلك فما أصاب الثمرة من ذلك فهو ثمن للثمرة فان أصابت الجائحة ثلث الثمرة وضع عنه ثلث الثمن من حصة ما أصاب الثمرة من جميع ما نقد المتكارى وإن أصابت الجائحة أقل من الثلث لم يوضع عنه من ذلك قليل ولا كثير‏.‏

كتاب الشركة

في الشركة بغير مال

قلت‏:‏ لعبد الرحمن بن القاسم هل تجوز الشركة في قول مالك بغير مال من واحد من الشريكين يقول أحدهما لصاحبه هلم نشترك نشتري ونبيع يتفاوضان في ذلك قد فوض هذا إلى هذا وهذا إلى هذا فما اشترى هذا فقد فوض هذا إليه وقبل شراءه وضمن معه أن اشترى وما اشترى هذا أيضا كذلك أتجوز هذه الشركة فيما بينهما‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز هذا عندي لأن مالكا قال في رجلين ليس لهما رأس مال أو لهما رأس مال قليل خرج أحدهما إلى بلد من البلدان وأقام الآخر فقال له صاحبه اشتر هنالك وبع فما اشتريت وبعت فأنا له ضامن معك وما اشتريت أنا وبعت فأنت له ضامن معي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تجوز هذه الشركة وأحدهما يجهز على صاحبه وكذلك مسئلتك لا تجوز وإن كانا مقيمين‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لأن هذا عندي يكره من هذا الوجه لأن هذا يقول له تحمل عني بنصف ما اشتريت على أن أتحمل عنك بنصف ما اشتريت فلا يجوز هذا وإنما الشركة على الأموال أو على الأعمال بالابدان إذا كانت الأعمال واحدة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتركا بغير مال على أن يشتريا الرقيق بوجوههما فما اشتريا فهو بينهما لهما ربحه وعليهما وضيعته‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا تعجبني هذه الشركة مثل ما قال مالك في الشريكين اللذين أخبرتك بهما يشتريان ويبيعان هذا في بلد وهذا في بلد ولا رأس مال لهما‏.‏

قلت‏:‏ فان اجتمعا في صفقة واحدة فاشتريا رقيقا بوجوههما وليس لهما رأس مال‏؟‏

قال‏:‏ هذا جائز والشركة في هذا الرقيق إذا اجتمعا في شرائهما في صفقة واحدة كانت الرقيق بينهما وهما شريكان في هذه الرقيق‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هذا قول مالك لأن الرجلين لو اشتريا رقيقا بنسيئة كان شراؤهما جائزا وكان الرقيق بينهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريا هذه الرقيق في صفقة واحدة بالدين على أن كل واحد منهما حميل بما على صاحبه أيجوز هذا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا بأس بذلك عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فما فرق ما بين هذين اللذين اجتمعا في شراء هذه الرقيق في صفقة واحدة وبين اللذين اشتركا في شراء الرقيق وبيعها على أنهما شريكان في كل ما اشترى كل واحد منهما من الرقيق وباع جوزت الشركة للذين اجتمعا في صفقة واحدة ولم تجوزها لهذين اللذين اشتركا وفوض بعضهما إلى بعض‏؟‏

قال‏:‏ لأن البائع ها هنا إنما وقعت عهدته عليهما جميعا إذا اشتريا في صفقة واحدة ثم رضى على أن كل واحد منهما حميل بما على صاحبه بعضهما عن بعض وأما اللذان فوض بعضهما إلى بعض فالبائع إنما باع أحدهما ولم يبع الآخر وإنما اشترك هذان اللذان تفاوضا بالذمم وليس تجوز الشركة بالذمم وإنما تجوز الشركة بالأموال أو بالأعمال بالأيدي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقعدت رجلا في حانوت وقلت له أتقبل عليك المتاع وتعمل أنت على أن ما رزق الله فبيننا نصفين‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز هذا عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الشركة بغير مال أتجوز‏؟‏

قال‏:‏ لذى سمعت من مالك إنما سمعت أن الشركة لا تجوز إلا على التكافؤ في الأموال وما سمعت منه في الذمم شيئا‏؟‏

قال‏:‏ وقد كره الشركة بالذمم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا تصلح الشركة إلا في المال والعين والعمل بالأيدي ولا تصلح الشركة بالذمم إلا أن يكون شراؤهما في سلعة حاضرة أو غائبة إذا حضرا جميعا الشراء وكان أحدهما حميلا بالآخر‏.‏

قلت‏:‏ فان اشتركا بغير مال اشتركا بوجوههما على أن يشتريا بالدين وبيعا فاشترى كل واحد منهما سلعة على حدة أيلزم كل واحد منهما نصف ما اشترى صاحبه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا تعجبني هذه الشركة‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظه الساعة وقد أخبرتك في أول مسائل الشركة بما حفظت عن مالك في هذا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عامر بن مرة الحيصبي عن عمرو بن الحرث عن ربيعة أنه قال في رجلين اشتركا في بيع بنقد أحدهما فقال ربيعة لا يصلح هذا وقال الليث مثله‏.‏

في الصناع يشتركون على أن يعملوا في حانوت واحد وبعضهم أعمل من صاحبه

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت الصباغين أو الخياطين إذا اشتركوا على أن يعملوا في حانوت واحد وبعضهم أفضل عملا من بعض أتجوز هذه الشركة بينهم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا اشتركوا على أن يعملوا في حانوت واحد فالشركة جائزة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والناس في الأعمال لا بد أن يكون بعضهم أفضل عملا من بعض‏.‏

في الصانعين يشتركان بعمل أيديهما

قلت‏:‏ أرأيت الحدادين والقصارين والخياطين والصواغين والخرازين والسراجين والفرانين وما أشبه هذه الأعمال هل يجوز لهم أن يشتركوا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا كانت الصناعة واحدة خياطين أو قصارين أو حدادين أو فرانين اشتركا جميعا على أن يعملا في حانوت واحد فذلك جائز ولا يجوز أن يشتركا فيعمل هذا في حانوت وهذا في حانوت أو هذا في قرية وهذا في قرية أخرى ولا يجوز أن يشتركا وأحدهما حداد والآخر قصار وإنما يجوز أن يكونا حدادين جميعا أو قصارين جميعا على ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتركا على عمل أيديهما وهما قصاران جميعا ولا يحتاجان إلى رأس مال واشتركا على أن على هذا من العمل الثلث وعلى هذا الثلثين على أن لصاحب الثلث من كل ما يصيبان الثلث ولصاحب الثلثين الثلثين وعلى أن على صاحب الثلث ثلث الصباغ وعلى صاحب الثلثين ثلثى الصباغ‏؟‏

قال‏:‏ لا بأس بذلك مثل الشركة في الدراهم لأنهما إذا اشتركا بعمل أيديهما جعل عمل أيديهما مكان الدراهم فما جاز في الدراهم جاز في عمل أيديهما‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن اشترك جماعة قصارون أو جماعة حدادون في حانوت واحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن احتاج الصباغون إلى رأس مال أو أهل الأعمال ممن سواهم كيف يشتركان‏؟‏

قال‏:‏ يخرجان رأس المال بينهما بالسوية فيشتركان في أعمالهما يعملان جميعا‏.‏

قلت‏:‏ فان أخرج أحدهما من رأس المال الثلثين وأخرج الآخر من رأس المال الثلث على أن يعملا جميعا فما أصابا فهو بينهما نصفين‏؟‏

قال‏:‏ لا تجوز هذه الشركة عند مالك وإن اشتركا فأخرج أحدهما الثلث من رأس المال وأخرج الآخر الثلثين فاشتركا على أن علي صاحب الثلثين من العمل الثلثين وعلى صاحب الثلث من العمل الثلث والربح بينهما على الثلث والثلثين لصاحب الثلث الثلث ولصاحب الثلثين الثلثان فذلك جائز عند مالك‏.‏

وقد قال مالك في الرجلين يشتركان على أن يخرج أحدهما الثلث من رأس المال ويخرج الآخر الثلثين على أن العمل عليهما نصفين والربح بينهما نصفين‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا خير في هذه الشركة‏؟‏

قال‏:‏ وإن اشتركا على أن يكون من عند أحدهما ثلثا رأس المال ومن الآخر الثلث على أن صاحب الثلثين ثلثى العمل وعلى صاحب الثلث ثلث العمل والربح بينهما على الثلث والثلثين لصاحب الثلثين الثلثان ولصاحب الثلث الثلث والوضعية بينهما على ذلك‏؟‏

قال‏:‏ مالك هذا جائز وكذلك الشريكان في القصارة والخياطة والصباغة وجميع أهل الأعمال الذين يعملون بأيديهم إذا احتاجوا إلى رأس مال يعملون به مع عملهم بأيديهم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ومن الأعمال أعمال لا يحتاجون فيها إلى رأس مال فلا بأس أن يشتركوا في عمل أيديهم‏.‏

في القصارين يشتركان على أن المدقة والقصارى من عند أحدهما والحانوت من عند الآخر على أن ما رزق الله بينهما نصفين

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن قصارين اشتركا على أن المدقة والقصارى ومتاع القصارة من عند أحدهما والحانوت من عند الآخر على أن ما رزق الله بينهما نصفين‏؟‏

قال‏:‏ لا يعجبني هذا ولم أسمعه من مالك إلا أني سمعت مالكا يقول في الرجل يأتي بالدابة والآخر بالرحا فيعملان كذلك اشتركا على أن ما رزق الله بينهما نصفين أن ذلك غير جائز فأرى مسئلتك مثل هذا أنه غير جائز إذا كانت اجارتهم مختلفة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشترك قصاران من عند أحدهما المدقة والقصارى وجميع الاداة تطاول بذلك على صاحبه على أن ما رزق الله بينهما نصفين أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا خير في هذه الشركة إذا كان للاداة قدر وقيمة كبيرة لأن مالكا قال في الرجلين يشتركان في الزرع وتكون الأرض لاحدهما لها قدر من الكراء فاشتركا على أن يلغى صاحب الأرض كراءها لصاحبه ويخرجا ما بعد ذلك من العمل والبذر بينهما بالسوية‏؟‏

قال‏:‏ لا خير في ذلك إلا أن يخرج الذي لا أرض له نصف كراء الأرض ويكون جميع العمل والبذر بينهما بالسوية فكذلك الشركة في العمل بالأيدي لا تصلح إلا أن تكون الاداة منهما جميعا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كانت أداة العمل من عند أحدهما فاستأجر شريكه الذي لا أداة عنده نصف تلك الاداة واشتركا على أن ما رزق الله بينهما نصفين‏؟‏

قال‏:‏ هذا جائز مثل الشريكين في الزرع والأرض من عند أحدهما على أن نصف كراء الأرض على شريكه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن تطاول عليه بالشيء القليل من أداة القصارة مثل المدقة والقصرية‏؟‏

قال‏:‏ أن كان شيئا تافها يسيرا لا قدر له في الكراء فلا أرى به بأسا لأن مالكا قال في الشريكين في الزرع يكون لأحدهما الأرض ولا خطب لها في الكراء فرب بلدان لا يكون للأرض عندهم كبير كراء مثل بعض أرض المغرب وما أشبهها تكون الأرض العظيمة كراؤها الشيء اليسير‏؟‏

قال‏:‏ مالك فلا أرى بأسا أن يلغى كراء تلك الأرض فلا يؤخذ لها كراء إذا كان كراؤها تافها يسيرا ويكون ما بقى بعد كراء هذه الأرض بينهما بالسوية‏.‏

في الرجال يأتي أحدهم بالبيت والآخر بالرحا والآخر بالبغل فيشتركون على أن ما رزق الله بينهم بالسوية

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت أن اشتركنا ثلاثة نفر لي بيت ولصاحبى الرحا ولصاحبي الآخر البغل على أن ما أصبنا من شيء فهو بيننا سواء وجهلنا أن يكون هذا غير جائز فعملنا على هذا فأصبنا مالا‏.‏

فقال‏:‏ يقسم المال بينهم أثلاثا أن كان كراء البيت والدابة والرحا معتدلا‏.‏

قلت‏:‏ فان كان مختلفا‏؟‏

قال‏:‏ يقسم المال بينهم أثلاثا لأن رؤس أموالهم عمل أيديهم فقد تكافؤا فيه ويرجع من له فضل كراء في متاعه على أصحابه‏.‏

قلت‏:‏ فان لم يصيبوا شيئا‏؟‏

قال‏:‏ يترادون ذلك فيما بينهم يرجع بذلك بعضهم على بعض أن لم يصيبوا شيئا بفضل الكراء وهذا عندي مثل ما قال مالك في الرجلين يشتركان يأتي أحدهما بمائة درهم والآخر بخمسين درهما على أن الربح بينهما نصفين قال مالك لا خير فيه ويقتسمان الربح على قدر رؤس أموالهما ويقام لصاحب الخمسين الزائدة عمله في خمسة وعشرين درهما لأن الخمسين الزائدة عملا فيها جميعا فعمل صاحب الخمسين الزائدة في خمسة وعشرين منها وعمل صاحبه في خمسة وعشرين من الخمسين الزائدة فله أجر مثله فيما عمل فان لم يربحا ووضعا كانت الوضيعة عليهما على قدر رؤس أموالهما ويكون لصاحب الخمسين أجر عمله في الخمسة والعشرين الزائدة التي عمل فيها‏؟‏

قال‏:‏ وسألنا مالكا عن الرجل يأتي بالرحا ويأتي الآخر بالدابة يعملان جميعا على أن ما اكتسبا فهو بينهما قال مالك لا خير في ذلك فلما قال مالك لاخير في ذلك فسرنا ما سألتنا عنه من المسألة التي كرهها مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتركوا على أن الرحا من أحدهم والبيت من آخر والدابة من آخر على أن على رب البغل العمل فعمل على هذا‏؟‏

قال‏:‏ العمل كله لصاحب الدابة الذي عمل وعليه أجر الرحا والبيت‏.‏

قلت‏:‏ وإن لم يصب شيئا‏؟‏

قال‏:‏ نعم وإن لم يصب شيئا‏.‏

قلت‏:‏ لم جعلت جميع العمل لهذا الذي اشترطوا عليه العمل ولم تجعل أصحابه معه شركاء في الرحا والبيت وقد أشركت بين الذين عملوا بأيديهم في المسألة الأولى‏؟‏

قال‏:‏ لأن أولئك لم يسلم بعضهم إلى بعض ما في يديه وكأن بعضهم آجر سلعة بعض على أن اشتركوا في العمل بأيديهم وإن هذا الذي سألت عنه الذي شرط عليه العمل وحده ولم يعمل أصحابه معه أسلم إليه الرحا والبيت فعمل بهما فهو كأنه أعطى رحا وبيتا وقيل له اعمل فيه على أن لك نصف ما تكسب ولنا النصف أو الثلث فإنما هو استأجر هذه الأشياء بثلث أو بنصف ما يكسب فيها فالاجارة فاسدة فعليه أجر مثلها‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يدفع إلى الرجل دابته أو سفينته يعمل عليها على نصف ما يكسب عليها‏؟‏

قال‏:‏ ما أصاب على الدابة أو السفينة فهو له ويعطى رب الدابة أجر مثلها فالرحا والبيت عندى مثل الدابة التي يعمل عليها على النصف عند مالك وإنما قسمت المال في هذه المسألة على الابدان وجعلت الابدان رؤس الأموال لأن ما أخرجوا من المتاع له أجرة فقد تكافؤا في عملهم بأيديهم فإذا كانت اجارة ما أخرجوا من المتاع معتدلة فقد أكرى كل واحد منهم متاعه بمتاع صاحبه وكانت الشركة صحيحة ألا ترى لو أن هؤلاء الثلاثة أرادوا أن يشتركوا والمتاع لأحدهم فاكتروا منه ثلثى ما في يديه لجازت شركتهم إذا اعتدلت هذه الأشياء بينهم فكذلك إذا كان لكل واحد منهم شيء على حدة وكراؤه معتدل أن كل واحد منهم كأنه أكرى متاعه بمتاع صاحبه وإن كان مختلفا أعطى من له فضل ما بقى من فضله ولم تكن الدواب رؤس الأموال مثل الدنانير والدراهم إذا اختلفت أن يخرج هذا مائتين وهذا مائة ويكون الربح بينهما بشطرين والوضيعة كذلك فيكون الربح لرأس المال لأنه مما لا يجوز أن يؤاجر والرجال يؤاجرون فيقسم الفضل على المال ويعطى الذين تجوز اجارتهم عمل مثلهم فيما أعانوا من له الفضل في رأس ماله كان في ذلك ربح أو وضيعة أو لا ترى لو أن صاحب المائتين شرط على صاحب المائة العمل لكان فاسدا فان وقع فضل أو كانت وضيعة فعلى المال أو للمال لأنه لا يؤاجر وهو رأس المال وأعطى العامل أجر مثله فيما عمل في مال صاحب المائتين أو لا ترى أن الذين اشتركوا بأبدانهم وأخرجوا الرحا والبيت والبغل لما شرطوا العمل على رب البغل كان الربح له والوضيعة عليه وكان عليه أجر الرحا والبيت لأن لهم أجره وصار عمله كأنه رأس المال وهذا يذهب أصل قول مالك والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

في الصانعين والشريكين بعمل أيديهما يمرض أحدهما أو يغيب

قلت‏:‏ أرأيت قصارين أو حدادين وأهل الصناعات كلها اشترك أهل نوع على أن ما رزق الله بينهما فمرض أحدهما وعمل الآخر‏؟‏

قال‏:‏ مالك إذا اشتركا وكانا في حانوت فمرض أحدهما وعمل الآخر فالعمل بينهما لأن هذا أمر جائز بين الشركاء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولكن أن مرض فتطاول به مرضه أو ما أشبهه أو غاب فتطاول ذلك فهذا يتفاحش فان عمل الحاضر والصحيح فأحب أن يجعل نصف العمل لشريكه الغائب أو المريض من غير شرط كان بينهما في أصل الشركة أنه من مرض مثل المرض الطويل أو غاب مثل الغيبة البعيدة فما عمل الآخر فهو بينهما فإذا لم يكن هذا الشرط وأراد العامل أن يعطى المريض أو الغائب نصف ما عمل فلا بأس بذلك وإن كان الشرط بينهما فالشركة فاسدة‏.‏

قلت‏:‏ اتحفظ هذا عن مالك في المرض الطويل والغيبة الطويلة‏؟‏

قال‏:‏ لا إلا أن مالكا قال لي يتعاون الشريكان في المرض والشغل فحملت أنا ذلك على المرض الخفيف والغيبة القريبة‏.‏

قلت‏:‏ فان كان هذا الشرط بينهما وأفسدت هذه الشركة كيف يصنع بما عملا‏؟‏

قال‏:‏ يكون ما عملا إلى يوم مرض أو غاب بينهما على قدر عملهما وما عمل الصحيح بعد المريض أو الحاضر بعد الغائب فذلك للعامل ولا يكون لصاحبه فيه شيء‏.‏

في الصانعين الشريكين بعمل أيديهما أيضمن أحدهما ما دفع إلى شريكه يعله

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قصارين اشتركا أو خياطين أيضمن كل واحد منهما ما يقبل صاحبه‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن مالكا قال شركتهما جائزة فأرى ضمان كل واحد منهما جائزا على صاحبه وصاحبه ضامن لما ضمن هذا فأرى أن على كل واحد منهما ضمان ما ضمن صاحبه من عملهم‏.‏

في الصانعين الشريكين بعمل أيديهما يدفع إلى أحدهما العمل يعمله فيغيب أو يفاصل شريكه أيلزم بما دفع إلى شريكه

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى خياط ثوبا ليخيطه فغاب الذي دفعت إليه الثوب وأصيب شريكه أيكون لي أن ألزمه بخياطة الثوب في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن افترقا فلقيت الذي لم أدفع إليه الثوب أيكون لي أن ألزمه بخياطة الثوب‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ لم وقد افترقا‏؟‏

قال‏:‏ لأن عهدتك وقعت عليهما قبل فرقتهما فلك أن تأخذ أيهما شئت بعملك لأن كل واحد منهما ضامن عن صاحبه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو أني بعت أحد الشريكين سلعة من السلع بدين إلى أجل ثم افترقا فلقيت الذي لم أبعه شيئا بعد فرقتهما أيكون لي أن آخذه بالدين‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن عهدتك وقعت عليهما قبل فرقتهما وكل واحد منهما ضامن لما على صاحبه‏.‏

في شركة الأطباء والمعلمين

قلت‏:‏ هل تجوز شركة الأطباء يشترك رجلان على أن يعملا في مكان واحد يعالجان ويعملان فما رزق الله بينهما نصفين‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن المعلمين يشتركان في تعليم الصبيان على أن ما رزق الله بينهما نصفين‏؟‏

قال‏:‏ أن كانا في مجلس واحد فلا بأس به‏؟‏

قال‏:‏ وإن تفرقا في مجلس فلا خير في ذلك‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك الأطباء عندي إذا كان ما يشتريانه من الأدوية أن كان له رأس مال يكون بينهما جميعا بالسوية‏.‏

في شركة الحمالين على رؤسهما أو دوابهما

قلت‏:‏ هل تجوز الشركة في قول مالك بين الجمالين والبغالين والحمالين على رؤسهم وجميع الاكرياء الذين يكرون الدواب‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك‏.‏

قلت‏:‏ لم لا يجوز ولم لا تجعل هذا بمنزلة الشركة في عمل الأيدي‏؟‏

قال‏:‏ ألا ترى أن مالكا لم يجوز الشركة في عمل الأيدي إلا أن يجتمعا في حانوت واحد ويكون عملهما نوعا واحدا سراجين أو خياطين أو دواب هذا تعمل في ناحية ودواب هذا تعمل في ناحية فهذا غير جائز إلا أن يعملا في موضع واحد لا يختلفان مثل أن يتقبلا الشيء يحملانه جميعا ويتعاونان فيه جميعا ألا ترى أيضا أن الشركة لا تجوز بين أهل الصناعات إذا كانت الأداة لأحدهما دون الآخر ولم تجز الشركة بينهما أيضا إذا كانت الأداة مختلفة بعضها من هذا وبعضها من هذا إذا كانت الأداة كثيرة لها قيمة مختلفة حتى يكونا شريكين في جميع الأداة فتكون الأداة التي يعملان بها بينهما جميعا فما ضاع أو تلف فمنهما جميعا وما سلم منهما فبينهما جميعا وإن كانت الأداة تافهة يسيرة فلا بأس أن يتطاول بها أحدهما على صاحبه‏.‏

فهذا أيضا يدلك على أن الشركة بالدواب غير جائزة ولو استأجر الذي لا أداة له من شريكه نصف الأداة واشتركا كان ذلك جائزا على مثل الشركة في الأرض وقد فسرت ذلك لك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد روي بن غانم في شركة الحرث عن مالك اختلافا فيما يخرجان من البقر والأداة بينهما فتكون المصيبة منهما جميعا‏.‏

وروى غيره وهو بن القاسم إذا كان ما يخرج هذا من البقر والأداة ويخرج الآخر من الممسك والأرض مستوية في كرائه أن ذلك جائز بعد أن يعتدلا في الزريعة‏.‏

قلت‏:‏ فما تقول في الدابة تكون لرجل فيأتيه رجل فيستأجر نصفها ثم يشتركان في العمل عليها فما أصاب فبينهما‏؟‏

قال‏:‏ لا بأس به وما سمعت في هذا شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان لي بغل ولصاحبى بغل فاشتركنا على الحمولة التي تحمل على البغلين‏؟‏

قال‏:‏ ما أرى بأسا إذا كانا يحملان جميعا فيحملان على دابتهما لأن هذين يصير عملهما في موضع واحد وهذا مثل أن يتقبلا الشيء يحملانه إلى موضع واحد وإن كان يعمل كل واحد منهما على حدته فلا خير فيه‏.‏

في الرجلين يشتركان على أن يحتشا أو يحتطبا على أنفسهما أو دوابهما

قلت‏:‏ هل يجوز للشريكين أن يشتركا على أن يحتطبا الحطب فما احتطبا من شيء فهو بينهما نصفين‏؟‏

قال‏:‏ أن كانا يعملان جميعا معا في موضع واحد فلا بأس بذلك وذلك جائز وإن كانا يحتطبان كل واحد منهما على حدة فما حطب هذا فهو بينهما وما حطب هذا فهو بينهما فهذا لا يجوز مثل قول مالك في الخياطين يعملان هذا في حانوت وهذا في حانوت‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن اشتركا على أن يحتشا الحشيش أو يجمعا بقل البرية أو ثمار البرية فيبيعانه فما باعا من شيء فهو بينهما أو اشتركا على أنهما إذا جمعا ذلك اقتسماه بينهما‏؟‏

قال‏:‏ إذا كانا يعملان ذلك معا فما احتشا اقتسما بينهما أو ما جمعا من الثمار أو ما باعا من ذلك فالثمن بينهما فلا بأس به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتركا على أن يحتطبا على دوابهما أو على غلمانهما أو يحتشا عليهم أو يلقطا الحطب أو الثمار أو يحملاه على الدواب إلى مصر فيبيعان ذلك أتجوز هذه الشركة في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ إذا كانا جميعا يعملان في عمل واحد لا يفترقان فذلك جائز وهذا بمنزلة ما لو عملا بأيديهما في شيء واحد وقد قال مالك في الزرع يشتركان فيه فيأتي كل واحد منهما بثوره أو بغلامه وما أشبه هذا من أداة الحرث‏؟‏

قال‏:‏ مالك ذلك جائز وهذا بمنزلته‏.‏

قلت‏:‏ فما تقول في الرجلين يخرجان دابتيهما على أن يكرياهما ويعملا جميعا معا فما رزق الله بينهما‏؟‏

قال‏:‏ لا يعجبني هذا لأن الكراء ربما أكرى أحدهما ولم يكر الآخر وليس هو أمرا يدوم العمل عليهما مثل الرجلين اللذين يعملان بأيديهما ذلك يعملان فيما قل أو كثر مما استعملا ولو أجزت لك هذا لأجزت لك أن يشترك الرجلان على أن يحملا على رقابهما فهذا لا يجوز على أن يكونا حمالين عندي لأن هذا يحمل ألى حارة بني فلان وهذا إلى حارة بني فلان فالعمل مفترق فلا تجوز الشركة فيه وكذلك الدواب هو عندي مفترق ولا أحفظ من مالك فيه شيئا أقوم لك عليه الساعة إلا أن يكونا مجتمعين في كل ما يعملان ولا يفترقان فلا بأس به وإن كان ذلك لا يقدر عليه ولا بد من افتراقهما فلا خير فيه‏.‏