فصل: في العبد يدعي أن مولاه أعتقه ويقيم شاهدا واحدا أيحلف له أم لا؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


شهادة الرجل والمرأتين على السرقة

قلت‏:‏ أرأيت إذا شهد رجل وامرأتان على السرقة أتضمنه المال ولا تقطعه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو قول مالك أن يضمن المال ولا يقطع لأن مالكا قال في العبد يقتل العبد عمدا أو خطأ ويأتي سيده بشاهد واحد أنه يحلف يمينا واحدة ويستحق العبد ولا يقتله وإن كان عمدا لأنه لا يقتل بشاهد واحد وأرى في الرجل يشهد وحده بالسرقة على الرجل أنه لا يقطع بشهادة الشاهد الواحد ويحلف المسروق منه المتاع مع شاهده ويستحق متاعه ولا يقطع وكل جرح لا يكون فيه قصاص فإنما هو مال فلذلك جازت فيه اليمين مع الشاهد مثل جرح الجائفة والمأمومة ومثلهما مما لا قود فيه مما هو مخوف ومتلف‏.‏

قال سحنون‏:‏ وكل جرح فيه قصاص فشهادة رجل ويمين الطالب يقتص بهما لأن الجراح لا قسامة فيها وفي النفس القسامة فلما كانت النفس تقتل بشاهد واحد مع القسامة فلذلك اقتص المجروح بشهادة رجل مع يمينه إذا كان عدلا وليس في السنة في الجراح قسامة‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقد قال عمر بن عبد العزيز وقضى باليمين مع الشاهد الواحد في الجراح في العمد والخطأ ذكر ذلك أبو الزناد‏.‏

الشاهدان يختلفان يشهد أحدهما على مائة والآخر على خمسين

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت شاهدا على مائة وآخر على خمسين‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن أردت أن تحلف مع شاهدك الذي يشهد لك بمائة وتستحق المائة فذلك لك وأن أبيت أن تحلف وأردت أن تأخذ الخمسين بغير يمين فذلك لك ‏(‏سحنون‏)‏ عن بن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن غير واحد من أهل العلم أنهم كانوا يقولون كلهم في الرجلين يختلفان في الشهادة على الحق فشهد هذا بمائة دينار وشهد هذا بخمسين دينارا أنه يقضى له بخمسين لأن شهادتهما قد اجتمعت على الذي هو أدنى‏.‏

في الرجلين يشهدان لأنفسهما ولرجل معهما بمال في وصية أو غير وصية

قلت‏:‏ أرأيت أن شهدا أن فلانا تكفل لأبيهما ولفلان لرجل أجنبي بألف درهم أتجوز شهادتهما في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا تجوز شهادتهما عندي لأن الشهادة كلها باطل‏.‏

قال سحنون‏:‏ ولأن فيها جرا إلى أبيهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن شهد رجلان أن لهما ولفلان معهما على فلان ألف درهم أتجوز شهادتهما لفلان بحصته من الدين في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏؟‏

قال‏:‏ وبلغني عن مالك أنه قال في الرجل إذا شهد لرجل في ذكر حق له فيه شيء لم تجز شهادته لا له ولا لغيره وهذا مخالف للوصية لو شهد رجل على وصية قد أوصى له فيها بشيء فان كان الذي أوصى له به شيئا تافها يسيرا لا يتهم عليه جازت شهادته له ولغيره وذلك أنه لا ينبغي أن يجاز بعض الشهادة ويرد بعضها بالتهمة ولو أن رجلا شهد على وصية رجل وفيها عتق ووصايا لقوم لم تجز شهادته في العتق وحده للشبهة وجازت في الوصايا للقوم مع أيمانهم وإنما ترد شهادته إذا شهد له ولغيره في كتاب ذكر حق وله فيه حق فهذا الذي ترد شهادته له ولغيره وهذا أحسن ما سمعت‏.‏

قلت‏:‏ فان أحلفتهم مع الشاهد في الوصية وفيها العتق والثلث لا يحمل ذلك‏؟‏

قال‏:‏ فانما يكون لهم بأيمانهم ما فضل عن العتق‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في رجل هلك فشهد له رجل أنه أوصى لقوم بوصايا وأوصى للشاهد منها بوصية وأوصى إلى الشاهد وهو يشهد على جميع ذلك فسمعت مالكا يقول إذا كان الذي يشهد به لنفسه أمرا تافها لا يتهم على مثله رأيت شهادته جائزة‏؟‏

قال‏:‏ وأخبرني بعض من أثق به أن مالكا‏؟‏ قال لا تجوز شهادته هذه له ولا لغيره إذا كان يتهم لأنه إذا ردت شهادته في بعض حتى يكون فيها متهما ردت في كلها‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد روي في هذا الأصل اختلاف عن مالك وغيره وسأذكره‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقال يحيى بن سعيد في رجل شهد في وصية رجل وقد أوصى له ببعض الوصية قال أن كان وحده ليس معه شاهد في الوصية غيره لم تجز شهادته لنفسه وإن كان معه شاهد آخر يشهد له جازت شهادته لنفسه ولغيره وإن كان وحده جازت شهادته لمن شهد له وردت شهادته عن نفسه‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وسألت عنها مالكا فقال لا تجوز شهادته لنفسه ولا تجوز شهادة الموصى له ولا لغيره‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه سئل عن رجال كانوا من قبائل شتى كانوا في سفر فتوفى أحدهم فأوصى لقوم بوصية من ماله ليس لهم من يشهد على ما أوصى إليهم به إلا بعضهم لبعض فقال أنه لا تجوز شهادة بعضهم لبعض إلا أن يشهد لهم من ليس له في الوصية حق أو يشهدوا غيرهم‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال مالك لا تجوز شهادة الموصى له وإن كان طالب الحق غيره ولا الموصى إليه لصاحبه لأن شهادته جر إلى نفسه ولو جازت شهادته لجاء رجلان قد شهدا على الوصية فشهدا أنه قد أوصى لهما فيثبت حق كل واحد منهما بشهادة صاحبه مع يمينه ففي هذا بيان من هذا وغيره‏.‏

في المال يكون بيد الرجل فيشهد أن صاحبه قد تصدق به على رجل حاضر أو غائب

قلت‏:‏ أرأيت لو أني أقررت أن فلانا دفع إلي ألف درهم وأنها لفلان لرجل آخر‏؟‏

قال‏:‏ يحلف هذا الذي زعمت أنها له ويستحق حقه لأن اقرارك هذا له إنما هي شهادة إذا كان المقر له حاضرا فان كان غائبا لم تجز شهادتك له لأنك تقر بشيء يبقي في يديك فتتهم‏؟‏

قال‏:‏ وبلغني عن مالك أنه قال في الرجل يشهد في الشيء قد جعل على يديه المال أو غيره أن فلانا الذي وضعه على يديه قد تصدق به على فلان ورب المال ينكر‏؟‏

قال‏:‏ مالك أن كان الذي يشهد له حاضرا فأرى شهادته جائزة وأن كان غائبا لم أر أن تجوز شهادته لأنه يتهم ها هنا لأن المال يبقى في يديه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وذلك إذا كان المشهود له غائبا إنما هي الغيبة التي ينتفع فيها بالمال‏.‏

في شهادة السماع في القذف والقتل والطلاق

قلت‏:‏ أرأيت أن سمع رجل رجلا يقول لفلان على فلان كذا وكذا أو يقول رأيت فلانا قتل فلانا أو يقول سمعت فلانا يقذف فلانا أو يقول سمعت فلانا طلق فلانة ولم يشهده إلا أنه مر فسمعه وهو يقول هذه المقالة أيشهد بها وإنما مر فسمعه يتكلم بها ولم يشهده‏؟‏

قال‏:‏ لا يشهد بها ولكن أن كان مر فسمع رجلا يقذف رجلا أو سمع رجلا يطلق امرأته ولم يشهداه قال مالك فهذا الذي يشهد به وإن لم يشهداه قال ويأتي من له الشهادة عنده فيعلمه أن له عنده شهادة‏؟‏

قال‏:‏ وسمعت هذا من مالك في الحدود أنه يشهد بما سمع من ذلك وأما قول مالك الأول فانما سمعت مالكا وسئل عن الرجل يمر بالرجلين وهما يتكلمان في الشيء ولم يستشهداه فيدعوه بعضهما إلى الشهادة أترى أن يشهد‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ إلا أن يكون استوعب كلامهما لأنه أن لم يستوعبه لم يجز له أن يشهد لأن الذي سمع لعله قد كان قبله كلام يبطله أو بعده‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقد قال أن السماع شهادة إبراهيم النخعي والشعبي وبن مهدي‏.‏

قال سفيان‏:‏ وقال ابن أبي ليلى إذا قال سمعت فلانا يقول لفلان علي كذا وكذا أخذته له منه وإذا قال سمعت فلانا يقول لفلان على فلان كذا وكذا لم أقبله وبه يأخذ سفيان وكان رأي سفيان أن السماع شهادة‏.‏

في شهادة السماع في الولاء

قلت‏:‏ أرأيت أن شهدا على أنهما سمعا أن هذا الميت مولى فلان هذا لا يعلمون له وارثا غير هذا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا شهد شاهدان على السماع أو شهد شاهد واحد على أنه مولاه أعتقه ولم يكن إلا ذلك من البينة فان الامام لا يعجل في ذلك حتى يتثبت أن جاء أحد يستحق ذلك والا قضى له بالشاهد الواحد مع يمينه‏؟‏

قال‏:‏ وقال لنا مالك وقد نزل هذا ببلدنا وقضى به قال مالك وكذلك لو لم يكن الا قوم يشهدون على السماع فانه يقضى له بالمال مع يمين الطالب ولا يجر بذلك الولاء‏.‏

قلت‏:‏ فان كان شاهدا واحدا على السماع أيحلف ويستحق المال في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أنه لا يحلف مع الشاهد الواحد على السماع ولا يستحق به من المال شيئا لأن الشهادة على السماع إنما هي شهادة على شهادة فلا تجوز شهادة رجل واحد على شهادة غيره‏.‏

في الشاهدين يشهدان على الولاء ولا يشهدان على العتق

قلت‏:‏ أرأيت أن مات رجل فشهد رجلان على أن هذا الميت مولى هذا الرجل لا يعلمان للميت وارثا غير مولاه هذا ولا يشهدان على عتقه اياه‏؟‏

قال‏:‏ لا تجوز هذه الشهادة على الولاء حتى يشهدا أن هذا الرجل أعتق الميت أو يشهدا أنه أعتق أبا هذا الميت وأنهما لا يعلمان للميت وارثا غير هذا أو يشهدان أن الميت أقر أن هذا مولاه أو يشهدان على شهادة آخر أن هذا مولاه فأما أن يقولا هو مولاه ولا يشهدا على عتقه اياه ولا على اقراره ولا على شهادة أحد فلا أرى ذلك شيئا ولا تجوز هذه الشهادة‏.‏

في شهادة ابني العم لابن عمهما في الولاء

قلت‏:‏ أرأيت أن شهد بنو أعمامي على رجل مات أنه مولى أبي وأن أبي أعتقه‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا وسئل عن ابني عم شهدا على عتق لابن عمهما فقال مالك أن كانا ممن يتهمان على قرابتهما أن يجرا بذلك الولاء فلا أرى ذلك يجوز وإن كانا من الأباعد ممن لا يتهمان أن يجرا بذلك ولاء مواليه ولعل ذلك يرجع إليهما يوما ما ولا يتهمان عليه اليوم قال مالك فشهادتهما جائزة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ففي مسئلتك أن كان إنما هو مال يرثه وقد مات مولاه ولا ولد لمولاه ولا موالى فشهادتهما جائزة لأنهما لا يجران بشهادتهما إلى أنفسهما شيئا يتهمان عليه فان كان للمولى الميت ولد وموال يجر هؤلاء الشهود بذلك إلى أنفسهم شيئا يتهمون عليه لقعددهم لمن يشهدو له لم أر شهادتهم تجوز في الولاء‏.‏

في شهادة السماع في الاحباس والمواريث

قلت‏:‏ أرأيت أن شهد شاهد واحد على السماع شهد أن هذا الميت مولى فلان لا يعلم له وارثا غيره أيحلف ويستحق المال في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أنه لا يحلف مع الشاهد الواحد على السماع ولا يستحق به من المال شيئا لأن الشهادة على السماع إنما هي شهادة على شهادة فلا تجوز شهادة شاهد واحد على شهادة غيره‏؟‏

قال‏:‏ مالك والاحباس يكون من شهد عليها قوما قد ماتوا ويأتي قوم من بعدهم يشهدون على السماع بأنهم لم يزالوا يسمعون أنها حبس وإنها كانت تحاز بما تحاز به الاحباس فتنفذ في الحبس ويمضي وإن لم يكن الذين شهدوا على الحبس أحياء‏؟‏

قال‏:‏ مالك وليس عندنا أحد ممن شهد على أحباس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على السماع‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ونزلت بالمدينة وأنا عند مالك فقضى بها‏.‏

قلت‏:‏ وسواء عند مالك إذا شهدوا على السماع فقالوا سمعنا أنها حبس ولم يشهدوا على قوم أشهدوهم ولا على قوم بأعيانهم إلا أنهم قالوا بلغنا ذلك أنها حبس‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز قال والذي سألنا مالكا عنه إنما سألناه عن السماع ولم نسأله عن شهادة قوم على قوم بأعيانهم إلا أنهم قالوا بلغنا أنها حبس فقال مالك ذلك جائز ولو كانت شهادة على شهادة قوم عدول أشهدوهم لم يكن ذلك سماعا وكانت شهادة ‏(‏وسئل مالك‏)‏ عن دار لم يزالوا يسمعون أنها حبس ولم يزل الناس يعرفون أن الرجل من ولده يهلك ولا ترث امرأته من الدار شيئا وتهلك ابنته ولها زوج وولد فلا يرث ولدها ولا زوجها من الدار شيئا ولا يشهدون على أصل الحبس بعينه إلا على السماع أنا لم نزل نسمع أنها حبس ويشهدون على الذي كان من ترك الميت في نسائهم وولد بناتهم وأزواج البنات‏؟‏

قال‏:‏ مالك أراها حبسا ثابتا وأن لم يشهدوا على أصل الحبس‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن شهدوا على السماع ولم يشهدوا على شيء مما وصفت لي مما ذكرت من المواريث أيكون حبسا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا قال شهادة السماع شهادة جائزة في الاحباس مثل ما وصفت لك من أحباس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنها قد حيزت عن نسائهم وعمن لا حق له في الحبس فإذا جاء من ذلك من السماع ما يستدل به جازت شهادة السماع في ذلك‏.‏

في شهادة السماع في الدور المتقادم حيازتها

قلت‏:‏ أرأيت أن كانت الدار في يد رجل قد أنسئ له في العمر أقام فيها خمسين سنة أو ستين سنة ثم قدم رجل فادعاها وأثبت الأصل فقال الذي في يده الدار اشتريتها من قوم قد انقرضوا وانقرضت البينة وجاء بقوم يشهدون على السماع أنه اشتراها‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول إذا جاء بقوم يشهدون على السماع أنه اشترى ولم يقل لي مالك من صاحبها الذي ادعاها كان أو من غيره وقد أخبرتك بالذي سمعت منه وليس وجه السماع الذي يجوز على المدعي والذي حملنا عن مالك إلا أن يشهدوا على سماع شراء من أهل هذا المدعى الذي يدعى الدار بسببهم فيكون في ذلك قطع لدعوى هذا المدعى بمنزلة سماع الاحباس فيما فسر لنا مالك‏؟‏

قال‏:‏ ومعنى قول مالك حتى يشهدوا على سماع يكون فيه قطع لدعوى هذا المدعى إنما هو أن يشهدوا أنا سمعنا أن هذا الذي الدار في يديه أو أباه أو جده اشترى هذه الدار من هذا المدعى أو من أبيه أو من جده أو من رجل يدعى هذا المدعى أنه ورث هذه الدار من قبله‏؟‏

قال‏:‏ نعم أو اشترى ممن اشترى من جد هذا المدعى وقد بينت لك ذلك من قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ها هنا دور تعرف لمن أولها بالمدينة قد تداولها قوم بعد قوم في الاشتراء وهي اليوم لغير أهلها فإذا كان على مثل هذا فالسماع جائز على ما وصفت لك وإن لم تكن شهادة قاطعة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكان مالك يرى الشهادة على السماع أمرا قويا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أتى الذي الدار في يديه ببينة يشهدون أنهم سمعوا أن هذا الرجل الذي الدار في يديه اشترى هذه الدار أو اشتراها جده أو اشتراها والده إلا أنهم قالوا سمعنا أنه اشتراها ولكنا لم نسمع بالذي اشتراها منه من هو‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك يجوز حتى يشهدوا على سماع صحة أنه اشتراها من فلان أبى هذا المدعى أو جده‏.‏

في الشهادة على السماع في الدور القريب حيازتها

قلت‏:‏ أرأيت أن أتى رجل فادعى دارا في يد رجل وثبت ذلك فقال الذي الدار في يديه أنا آتى بقوم يشهدون على السماع أن أبى اشتراها منذ خمس سنين أو ما أشبه ذلك أتقبل البينة في تقارب مثل هذا على السماع‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن ينفع السماع في مثل هذا ولا تنفع شهادة السماع إلا أن تقوم بينة تقطع على الشراء وإنما تكون شهادة السماع جائزة فيما كثر من السنين وتطاول من الزمان ‏(‏ولقد‏)‏ قال مالك في الرجل يقر لقوم أن أباهم كان أسلفه مالا وأنه قد قضاه والدهم قال مالك أن كان الذي ادعى من ذلك أمرا حديثا من الزمان والسنين لم يتطاول ذلك لم ينفعه قوله قد قضيت إلا ببينة قاطعة على القضاء وإن كان قد تطاول زمان ذلك أحلف المقر وكان القول قوله فهذا يدلك أيضا على تطاول الزمان في شهادة السماع أنها جائزة وما قرب من الزمان أنها ليست على الغائب بقاطعة لأنه غائب لم يجز عليه شيء دونه فتكون الحيازة دونه إلا أن مالكا قال في الذي يقر بالدين فيما بلغني عنه ولم أسمعه منه لو كان اقراره ذلك على وجه الشكر مثل ما يقول الرجل للرجل جزى الله فلانا خيرا قد جئته مرة فأسلفني وقضيته فالله يجزيه خيرا على نشر الجميل والشكر له لم أر أن يلزمه في هذا شيء مما أقر به قرب زمان ذلك أم بعد‏.‏

في الرجل يقيم شاهدا واحدا على الرجل بكفالة

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت شاهدا واحدا على أن فلانا تكفل لي بمالي على فلان أحلف مع شاهدي واستحق الكفالة قبله في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن الكفالة بالمال إنما هي مثل الجرح الذي لا قصاص فيه إنما هو المال‏.‏

في الرجل يقيم شاهدا واحدا على رجل بدين

قلت‏:‏ أرأيت أن أقام رجل على رجل شاهدين بدين له عليه وأقمت أنا عليه شاهدا واحدا بدين لي عليه فحلفت مع شاهدي أيثبت حقي كما يثبت حق صاحب الشاهدين ونتخلص في مال هذا الغريم بمقدار ديني ومقدار دينه‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الرجل تجب عليه اليمين مع الشاهد فيردها على المدعى عليه فينكل

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت شاهدا واحدا على حق لي وأبيت أن أحلف ورددت اليمين على الذي عليه الحق فأبى أن يحلف‏؟‏

قال‏:‏ يغرم‏.‏

قلت‏:‏ وتغرمه ولا ترد اليمين علي‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا أبيت أن تحلف مع شاهدك ورددت اليمين عليه فأبى أن يحلف غرم ولم ترجع اليمين عليك وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ وهذا مخالف للذي لم يأت بشاهد لأن اليمين إنما كانت مع الشاهد للمدعي فإذا لم يحلف رددت اليمين على المدعى عليه فان حلف والا غرم ولأن اليمين في الذي لا شاهد له إنما كانت على المدعى عليه فان حلف والا رددت اليمين على المدعى فان حلف والا فلا شيء له وهذا قول مالك‏.‏

في الرجل يدعى قبل الرجل حقا نعير شاهد فتجب اليمين على المدعى عليه فيأباها ويردها على المدعى فينكل

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا بيني وبينه خلطة ادعيت عليه حقا من الحقوق فاستحلفته‏؟‏

قال‏:‏ مالك أن حلف بريء‏.‏

قلت‏:‏ فان أبى أن يحلف وقال أنا أرد اليمين عليك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أبى أن يحلف لم يقض على المدعى عليه بالحق أبدا حتى يحلف المدعى على حقه وإن لم يطلب المدعى عليه يمين الطالب فان القاضي لا يقضي للطالب بالحق إذا نكل المطلوب حتى يستحلف الطالب وإن لم يطلب المدعى عليه يمين الطالب‏.‏

قال عبد الرحمن بن القاسم‏:‏ وقال ابن أبي حازم وليس كل الناس يعرف هذا أنه إذا نكل عن اليمين أن اليمين ترد على الطالب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا نكل المدعى عليه ونكل المدعي أيضا عن اليمين‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يبطل حقه إذا أبى أن يحلف ‏(‏سحنون‏)‏ قال ابن وهب وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم برد اليمين على المدعي وإن شريحا رد اليمين على المدعى والشعبي‏.‏

من حديث بن مهدي‏.‏

في المدعى عليه يحلف ثم تقوم عليه البينة

قلت‏:‏ أرأيت أن ادعيت قبل رجل حقا فاستحلفته فحلف ثم أصبت البينة عليه بعد ذلك أيكون لي أن آخذ حقي في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم له أن يأخذ حقه منه إذا كان لم يعلم ببينته‏؟‏

قال‏:‏ وبلغني عن مالك أنه قال إذا استحلفه وهو يعلم ببينته تاركا لها فلا حق له‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت بينة الطالب غائبة ببلد آخر فأراد أن يستحلف المطلوب وهو يعلم أن له بينة ببلد آخر فاستحلفه ثم قدمت بينته أيقضى له بهذه البينة وترد يمين المطلوب التي حلف بها أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أني أرى إذا كان عارفا ببينته وإن كانت غائبة عنه فرضي باليمين من المطلوب تاركا لبينته لم أر له حقا وإن قدمت بينته‏.‏

قلت‏:‏ وما معنى قول مالك تاركا لبينته أرأيت أإن قال لي بينة غائبة فأحلفه لي فان حلف فقدمت بينتي فأنا على حقي ولست بتارك لبينتي‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى للسلطان أن ينظر في ذلك فان ادعى بينة بعيدة وخيف على الغريم أن يذهب أو يتطاول ذلك رأيت أن يحلفه له ويكون على حقه إذا قدمت بينته فان كانت البينة ببلد قريب فلا أرى أن يستحلف له إذا كانت بينة قريبة اليوم اليومين والثلاثة ويقال له قرب بينتك والا فاستحلفه على ترك البينة‏.‏

بن مهدي‏:‏ قال سفيان الثوري وكان بن أبي ليلى يقول إذا أحلفته فليس لك شيء‏.‏

في الرجل يدعى قبل الرجل كفالة ولا خلطة بينهما أتجب عليه اليمين أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يدعي قبل الرجل الكفالة ولا خلطة بينهما أتكون له عليه اليمين في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ سئل مالك عن رجلين ابتاعا من رجل سلعة فقضاه أحدهما نصف الحق ثم لقى الآخر فقال له اقض ما عليك وأراد سفرا فقال قد دفعته إلى فلان لصاحبه الذي اشترى معه السلعة ثم مضى الرجل إلى سفره ثم لقى الطالب صاحبه الذي اشترى مع الذاهب فقال له ادفع إلي ما دفع إليك فلان فقال ما دفع إلي شيئا قال فاحلف لي فأتوا إلى مالك فسألوه عن ذلك فقال لا أرى هذه خلطة ولا أرى عليه اليمين فأرى الكفالة عندي على هذا الوجه لا يمين عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ادعيت قبل رجل دينا أو استهلاك متاع أو غصبا أيأخذ لي السلطان منه كفيلا أم يحلفه لي‏؟‏

قال‏:‏ إنما ينظر السلطان في هذا إلى الذي ادعي عليه فان كان يعرف بمخالطة في دين أو تهمة فيما ادعي قبله نظر السلطان في ذلك فأما أحلفه وأما أخذ له كفيلا حتى يأتي ببينة وأما في الدين فان كانت بينهما خلطة والا لم يعرض له السلطان‏؟‏

قال‏:‏ ولقد قال لي مالك في المرأة تدعي أن رجلا استكرهها بأنه أن كان ممن لا يشار إليه بالفسق جلدت الحد وإن كان ممن يشار إليه بالفسق نظر السلطان في ذلك وإن عمر بن عبد العزيز لم يكن يحلف من ادعي عليه إلا أن تكون خلطة ‏(‏وذكر‏)‏ بن أبي الزناد عن أبيه عن السبعة مع مشيخة سواهم من نظرائهم وربما اختلفوا في شيء فأخذ بقول أكثرهم أنهم كانوا يقولون لا يعلق اليمين إلا أن تكون خلطة وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار‏.‏

في الرجل يدعى قبل الرجل أنه اكترى منه دابة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أتى إلى رجل ادعى أنه اكترى منه دابته وأنكر رب الدابة أتحلفه‏؟‏

قال‏:‏ لهذا وجوه أن كان رب الدابة مكاريا يكرى دابته من الناس رأيت عليه اليمين وإن كان ليس بمكار ولا مثله يكرى لم أر عليه اليمين وإن كان هو المكارى ادعى أنه أكرى دابته من رجل وأنكر المدعى عليه ذلك فلا يمين للمكارى عليه لأن هذه الوجوه لا يشاء رجل فيها أن يستحلف رجلا بغير حق إلا استحلفه‏.‏

كتاب الدعوى

في المرأة تدعي أن زوجها طلقها فتقيم على ذلك امرأتين أو رجلا

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت المرأة تدعي طلاق زوجها فتقيم عليه بينة امرأتين أيحلف لها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك أن كانتا ممن تجوز شهادتهما عليه أي في الحقوق رأيت أن يحلف الزوج والا لم يحلف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقامت شاهدا واحدا على الطلاق‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يحال بينها وبينه حتى يحلف‏.‏

قلت‏:‏ فان أتت بشاهد واحد فأبى أن يحلف أتطلق عليه‏؟‏

قال‏:‏ لا ولكن أرى أن يسجن حتى يحلف أو يطلق‏.‏

فقلنا‏:‏ لمالك فان أبى أن يحلف‏؟‏

قال‏:‏ فأرى أن يحبس حتى يحلف أو يطلق ورددناها عليه في أن يمضي عليه الطلاق فأبى‏؟‏

قال‏:‏ وقد بلغني عنه أنه قال إذا طال ذلك من حبسه خلى بينه وبينها وهو رأيي وإن لم يحلف‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وإذا شهد رجل لعبد أن سيده أعتقه أو لامرأة أن زوجها طلقها أحلف السيد أو الزوج أن شاآ وإن أبيا فان لم يحلفا سجنا حتى يحلفا وقد كان مالك يقول في أول قوله أن أبى أن يحلف طلق عليه وعتق عليه ثم رجع فقال لنا يسجن حتى يحلف وقوله الآخر أحب إلي وأنا أرى أن طال حبسه أن يخلى سبيله ويدين ولا يعتق عليه ولا يطلق عليه‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن سفيان عن عطاء بن السائب قال أتينا إبراهيم في رجل شهد عليه نسوة ورجل في طلاق فلم يجز شهادتهم واستحلفه ما طلق‏.‏

في المرأة تدعي أن زوجها طلقها ولا بينة لها

قلت‏:‏ أرأيت أن ادعت المرأة أن زوجها طلقها وقالت استحلفه لي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحلف لها إلا أن تقيم المرأة شاهدا واحدا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن لم يكن لها شاهد أتخليها واياه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الرجل يدعي على الرجل أنه والده أو ولده أيحلف أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ادعيت على رجل أنه والدي أو ولدي فأنكر أيكون عليه اليمين‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى عليه يمينا‏.‏

في الرجل يدعى قبل المرأة النكاح ولا يقيم شاهدا أو يقيم شاهدا واحدا أتحلف له المرأة أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ادعى رجل قبل امرأة النكاح وأنكرت المرأة أيكون له عليها اليمين وأن أبت اليمين جعلته زوجها‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى إباءها اليمين مما يوجب له النكاح عليها ولا يكون النكاح إلا ببينة لأن مالكا قال في المرأة تدعى على زوجها أنه قد طلقها‏؟‏ قال لا أرى أن يحلف إلا أن تأتي بشاهد واحد فلما أبى مالك أن يحلف الزوج إذا ادعت المرأة قبله الطلاق إلا أن تأتي المرأة بشاهد واحد فكذلك النكاح عندي إذا ادعى قبلها نكاحا لم أر له عليها اليمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقام الزوج على المرأة شاهدا واحدا أنها امرأته وأنكرت المرأة ذلك أيستحلفها له مالك ويحبسها كما يصنع بالزوج في الطلاق‏؟‏

قال‏:‏ لا أحفظه عن مالك ولا أرى أن تحبس ولا أرى أباءها اليمين وأن أقام الزوج شاهدا واحدا أنه يوجب النكاح عليها إلا بشاهدين والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

في العبد يدعي أن مولاه أعتقه ويقيم شاهدا واحدا أيحلف له أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد أن ادعى أن مولاه أعتقه أيحلفه له مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا إلا أن يأتي العبد بشاهد‏؟‏

قال‏:‏ ولو جاز هذا للنساء والعبيد لم يشأ عبد ولا امرأة إلا أوقفت زوجها وأوقف العبد سيده كل يوم فأحلفه‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك فان شهدت امرأتان في الطلاق أترى أن يستحلف الزوج‏؟‏

قال‏:‏ أن كانتا ممن تجوز شهادتهما عليه رأيت أن يحلف يريد بذلك أن لا يكونا من أمهاتها أو بناتها أو اخواتها أو جداتها أو ممن هن منها بظنة‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك هذا في العتق‏؟‏

قال‏:‏ نعم مثل ما قال لي مالك في الطلاق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدا ادعى أن مولاه كاتبه أو دبره أيكون على السيد اليمين إذا أنكر‏؟‏

قال‏:‏ لا لأنه لو ادعى العتاقة عند مالك لم يستحلف له السيد إلا أن يقيم شاهدا وكذلك الكتابة والتدبير‏.‏

في الأمة تدعى أنها ولدت من سيدها وينكر السيد ذلك أيحلف لها أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قالت أمة لسيدها قد ولدت منك وأنكر السيد اتحلفه لها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أحلفه لها لأن مالكا لم يحلفه في العتق فكذلك هذه لا شيء لها إلا أن تقيم رجلين على اقرار السيد بالوطء ثم تقيم امرأتين على الولادة فهذه إذا أقامت صارت له أم ولد وثبت نسب ولدها أن كان معها ولد إلا أن يدعى السيد استبراء بعد الوطء فيكون ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ فان أقامت شاهدا واحدا على اقرار السيد بالوطء أو امرأتين‏؟‏

قال‏:‏ رأيت أن يحلف السيد كما يحلف في العتاق‏.‏

قلت‏:‏ فان أقامت شاهدين على اقرار السيد بالوطء وأقامت امرأة واحدة على الولادة أيحلف السيد‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن يحلف لأنها لو أقامت امرأتين ثبتت الشهادة على الولادة فهي إذا أقامت امرأة واحدة على الولادة رأيت اليمين على السيد‏.‏

في الرجل يدعى عبدا أنه له ويقيم شاهدا واحدا

قلت‏:‏ أرأيت أن ادعيت أن هذا الرجل عبدي فأردت أن استحلفه أيكون لي ذلك‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك لك‏.‏

قلت‏:‏ فان أقمت شاهدا واحدا أحلف مع شاهدي ويكون عبدي في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قد قال في كتبه في الرجل يعتق العبد فيأتي الرجل بشاهد يشهد بحق له على الرجل الذي أعتقه أن صاحب الحق يحلف ويثبت حقه ويرد عتق العبد فإذا كان هذا عند مالك هكذا رأيته يسترقه باليمين مع الشاهد‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال غيره إذا كان معروفا بالرق‏.‏

في الرجلين يشهدان على رجل أنه أمرهما أن يزوجاه ففعلا فأنكر التزويج وأقر بالوكالة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلين شهدا أن هذا الرجل أمرهما أن يزوجاه فلانة وأنهما قد زوجاه فلانة وهو يجحد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تجوز شهادتهما لأنهما خصمان‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن شهدا أنه أمرهما أن يبتاعا له بيعا وأنهما قد فعلا والرجل ينكر ذلك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا تجوز شهادتهما عليه في قول مالك لأنهما خصمان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قال قد أمرتهما أن يبتاعا لي عبد فلان وأنهما لم يفعلا وقالا قد فعلنا قد ابتعناه لك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا والقول قولهما أنهما قد ابتاعا له العبد لأنه قد أقر أنه أمرهما بذلك فالقول قولهما‏.‏

في القوم يشهدون على الرجل أنه أعتق عبده والعبد والسيد جميعا ينكران

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما شهدوا على رجل أنه أعتق عبده هذا والعبد ينكر والسيد ينكر‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا وهو حر لأنه ليس له أن يرق نفسه‏.‏

في الشاهدين يشهدان على الرجل أنه أعتق عبده فيرد القاضي شهادتهما فيشتريه أحدهما

قال‏:‏ وقال مالك إذا شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبده فرد القاضي شهادتهما عنه ثم اشتراه أحدهما بعد ذلك أنه يعتق عليه حين اشتراه‏.‏

في الرجل يدعى على الرجل أنه قذفه ويدعى بينة قريبة

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يدعي قبل رجل حدا من الحدود فيقدمه إلى القاضي ويقول بينتي حاضرة أجيئك بها غدا أو العشية أيحبس السلطان هذا أم لا‏؟‏ يحبسه‏؟‏

قال‏:‏ أن كان ذلك قريبا أوقفه ولم يحبسه إذا رأى السلطان لذلك وجها وكان امرا قريبا إلا أن يقيم الطالب عليه شاهدا واحدا فيحبسه له ولا يأخذ به كفيلا وكذلك القصاص في الجراحات وفيما يكون في الأبدان لا يؤخذ به كفيل‏.‏

في الرجل يدعي عبدا قد مات بيد رجل ويقيم البينة أنه عبده

قلت‏:‏ أرأيت لو أقمت البينة على عبد في يد رجل وقد مات في يديه أنه عبدي أيقضى لي بشيء عليه في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا شيء على الذي مات العبد في يديه إلا أن يقيم المدعي بينة أنه غصبه لأنه يقول اشتريته من سوق المسلمين فمات في يدي فلا شيء عليه‏.‏

في الرجل يدعى عبدا غائبا ويقيم البينة أنه عبده

قلت‏:‏ أرأيت العبد يكون في يد الرجل فيسافر العبد أو يغيب فيدعيه رجل والعبد غائب فيقيم البينة على ذلك العبد أنه عبده أيقبل القاضي بينته على العبد وهو غائب وكيف هذا في المتاع والحيوان إذا كان بعينه أيقبل القاضي البينة على ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يقبل البينة إذا وصفوه وعرفوه ويقضي له بذلك‏.‏

في اليمين مع الشاهد الواحد على الاقرار

قال ابن القاسم‏:‏ لو أن رجلا شهد على رجل أنه أقر أن لفلان عليه كذا وكذا ثم جحد كان للذي أقر له بذلك أن يحلف مع الشاهد على الاقرار ويستحق حقه وهذا مخالف عندي للدم الخطأ أو العمد وهو رأيي‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد قضى باليمين مع الشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى بذلك علي بن أبي طالب وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل من عند الله يأمرني بالقضاء باليمين مع الشاهد‏.‏

وقضى بذلك عمر بن عبد العزيز وكتب بذلك إلى عماله أن يقضى باليمين مع الشاهد وكان السلف يقولون ذلك ويرون القضاء باليمين مع الشاهد العدل في الأموال والحقوق وكانوا يقولون لا يكون اليمين في الفرية مع الشاهد ولا في الطلاق ولا في العتاق ولا في أشباه ذلك وهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار‏.‏

في الرجل يدعى العبد في يدى رجل ويقيم شاهدا واحدا أو لا يقيم شاهدا

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ادعيت قبل رجل عبدا وأقمت شاهدا واحدا فأردت أن آخذ بالعبد كفيلا حتى آتى بشاهد آخر‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أقام شاهدا واحدا عدلا دفع إليه العبد إذا وضع قيمته يذهب به إلى موضع بينته أن أراد وأخذ من يدي الذي هو في يديه‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فان لم يقم شاهدا وادعى بينة قريبة بمنزلة اليوم واليومين والثلاثة فقال ادفعوا إلي العبد حتى أذهب به إلى بيتي وأنا أضع قيمته‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا أرى ذلك له ولكن أن أتى بشاهد أو بسماع رأيت أن يدفع إليه العبد بعد أن يضع قيمته ويذهب بالعبد حيث يشهد عليه بينته‏؟‏

قال‏:‏ فقلت عند من تشهد تلك البينة‏؟‏

قال‏:‏ عند السلطان الذي يكون في ذلك الموضع‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولو جاز ذلك للناس بغير بينة أو سماع اعترضوا أموال الناس ورقيقهم ودوابهم‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولكن أن أقام شاهدا واحدا وأتى بسماع قوم يشهدون أنهم قد سمعوا به أنه قد سرق له مثل ما يدعي فانه يدفع إليه إذا وضع قيمته وأن لم يكن شهادة قاطعة كذلك قال مالك‏؟‏

قال‏:‏ مالك وأن لم يأت بسماع ولا بشهادة لم يدفع إليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قال أوقفوا العبد حتى آتى ببينتي‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له إلا أن يقول للقاضي أن بينتي حضور أو سماع يثبت له به دعوى فان القاضي يوكل بالعبد ويوقفه حتى يأتيه بالبينة أو بما يثبت له به دعوى فيما قرب من يومه وما أشبهه فان أتى على ذلك برجل أو بسماع ثم سأل أن يوقف له العبد حتى يأتي ببينته فان ادعى بينة بعيدة وفي ايقافه مضرة على المدعى عليه استحلف المدعى عليه وخلى سبيله ولا يؤخذ عليه كفيل وأن ادعى شهودا حضورا على حقه رأيت أن يوقف له ما بينه وبين الخمسة ألى الجمعة وهذا التحديد في الوقف ليس لابن القاسم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ثم يوقف له لأن مالكا حين قال يدفع إليه رأيت الوقف له إذا قال الطالب أنا آتي ببينتي إذا كان قد أثبت بسماع قد سمعوا أو جاء بشاهد‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فان أوقفته فعلى من النفقة أعلى الذي هو في يديه أم على الطالب‏؟‏

قال‏:‏ على الذي يقضى له به ‏(‏وقال غيره‏)‏ إنما توقف هذه الاشياء لأنها تحول وتزول وإنما يشهد على عينها وكذلك هذا في كل ما ادعى بعينه من الرقيق والحيوان والعروض‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت أن كانت دورا أو أرضين أو نخلا وما يكون له الغلة لمن الغلة التي تغتل منها في قول مالك وهل توقف هذه الأشياء‏؟‏

قال‏:‏ الغلة للتي كانت في يديه حتى يقضى بها للطالب لأنها لو هلكت كان ضمانها من المطلوب‏.‏

قال سحنون‏:‏ وهذا إذا كان المطلوب مشتريا أو صارت إليه من مشتر‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وإنما الوقف فيما يزول فأما الرباع التي لا تزول ولا تحول فليست مثل ما يزول ولكن توقف وقفا يمنع من الأحداث فيها ‏(‏سحنون‏)‏ وقال غيره إذا كلف المدعى عليه ما ينتفع به بما يثبت المدعى وقفت هذه الأشياء حتى يقضي بها أولا يقضي بها ‏(‏وقال غيره‏)‏ فان ادعى عليه دينا أو شيئا مستهلكا وسأل القاضي أن يأخذ له منه كفيلا فان القاضي يسأل الطالب هل له بينة على مخالطة أو حق أو معاملة أو ظنة فان‏؟‏ قال نعم رأيت أن يسأله أحضور هم أم غيب فان قال هم حضور فان كانوا على المخالطة والمعاملة والظنة رأيت أن يوكل بالرجل حتى يأتيه بالبينة على ما استحق به اللطخ فيما قرب من يومه وما أشبهه فان أتى بهم وغيبة شهوده على الحق غيبة تبعد رأيت أن يستحلف القاضي المدعى عليه ولا يأخذ عليه كفيلا فان ادعى شهودا حضورا على حق رأيت أن يأخذ له به كفيلا بنفسه ما بينه وبين الخمسة أيام والسبعة إلى الجمعة فان قال المدعى للقاضي خذ لي منه حميلا بالمال أن قضيت لي به عليه لم يأخذ منه كفيلا بذلك المال إنما يأخذ الكفيل ويوقف بالحيوان والعروض لأنه يحتاج إلى حضوره ليشهد عليه الشهود بعينه فلذلك أخذ منه كفيلا كما يأخذ كفيلا بنفسه ليحضر فشهد عليه الشهود فأما ما لم يحتج الشهود إلى حضوره ليشهدوا عليه فان القاضي لا يأخذ منه كفيلا وإن كان الذي ادعى المدعي ما لا يبقى ويسرع إليه الفساد مثل الفاكهة الرطبة واللحم وأقام لطخا لم يوجب به ايقافه أو بينة لم يعرفها القاضي واحتاج إلى المسألة عنهم فقال الجاحد للقاضي وهو البائع أو المشتري وهو المدعي أنا أخاف فساده وأن لم يقولاه أن ترك حتى يزكى البينة فان كان إنما يشهد للمدعى شاهد واحد وأثبت لطخا وقال لي بينة حاضرة فان القاضي يؤجل المدعى باحضار شاهده إذا قال عندي شاهد فلا أحلف أو بينة ما لم يخف الفساد على ذلك الذي ادعى به عليه أو اشترى فان أحضر ما ينتفع به والا خلى بين المدعى عليه وبين متاعه أن كان هو البائع ونهي المشتري أن يعرض له وإن كان أقام شاهدين فكان القاضي ينظر في تعديلهما وخاف عليه الفساد أمر أمينا فباعه وقبض ثمنه ووضع الثمن على يدى عدل فان زكيت بينته قضى للمشترى بالثمن أن كان هو المدعي وأخذ من المشترى الثمن الذي شهدت له به الشهود فدفع إلى البائع كان أقل أو أكثر ويقال للبائع أنت أعلم بما زاد ثمن المشتري الذي جحدته البيع على ثمن سلعتك التي بعت فان لم تزك البينة على الشراء أخذ القاضي الثمن فدفعه إلى البائع لأن بيع القاضي إنما كان نظرا منه فطاب للبائع وأن ضاع الثمن قبل أن يقضى به لواحد منهما فهو لمن يقضي له به ومنه مصيبته كان تلفه قبل الحكم أو بعد الحكم‏.‏

في الوكيل والرسول بالقبض والاقتضاء يقولان قد اقتضينا أو قبضنا وينكر ذلك المعطى

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا بعثت به معه إلى رجل بعينه فقال قد دفعته إليه وكذبه المبعوث إليه المال أو بعثت به معه صدقة أو هبة إلى رجل بعينه فقال المبعوث معه المال قد دفعت المال وكذبه المتصدق عليه بالمال‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك على الرسول البينة في الوجهين جميعا والا غرم‏.‏

قلت‏:‏ له فان قال له تصدق به على المساكين فقال قد فعلت وكذبه رب المال‏؟‏

قال‏:‏ القول قول المأمور في هذا الوجه إذا قال له تصدق به على المساكين‏.‏

قلت‏:‏ له وما فرق ما بين هاذ وبين ما قبله في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لأن المساكين أمر لا يشهد عليهم فيما يتصدق به عليهم وقد رضى بأمانته في الصدقة على المساكين وأما إذا بعث بالمال إلى قوم بأعيانهم صدقة لهم أو هبة لهم فهذا المبعوث معه هذه الأشياء عليه البينة أنه قد دفع ذلك والا غرم له لأنه لم يأمره بأن يتلف ماله وفي الصدقة على المساكين قد أمره بتفرقتها فلا غرم عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان لي على رجل دين فأمرته أن يدفع ذلك الدين إلى رجل بعينه فقال المأمور قد دفعت ذلك الدين إلى الذي إمرتني وكذبه الذي أمره أن يدفعه إليه‏؟‏

قال‏:‏ عليه الغرم عند مالك إلا أن تكون له بينة‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ولو أقر بالقبض الذي أمر أن يدفع إليه المال وقال قد قبضت وضاع مني لم يصدق الذي كان له عليه إلا أن تكون له بينة أنه قد دفعه إليه والا غرم المال‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن وكلت رجلا يقبض مالا لي على فلان فقال قد قبضته وضاع مني وقال الذي عليه المال قد دفعته‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقيم الذي عليه المال البينة والا غرم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن وكلت وكيلا يقبض مالا لي على فلان فقال الوكيل قد قبضت المال أو قال قد بريء إلي من المال أيبرىء الذي عليه الحق بقول الوكيل في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يبرأ إلا أن تقوم بينة أن الذي عليه الأصل قد دفع المال إليه أو يأتي الوكيل بالمال‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إلا أن يكون وكيلا يشتري له ويبيع ويقبض ذلك مفوض إليه‏.‏

أو وصيا فهو مصدق وإنما الذي لا يصدق أن يوكله على أن يقبض له مالا على أحد فقط‏.‏