فصل: في المريض يؤخر غرماءه في مرضه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في حبس الوالدين في دين الولد والولد في دين والديه والزوجين كل واحد منهما في دين صاحبه والأجداد والحر والعبد

قلت‏:‏ أرأيت الوالد هل يحبس في دين الولد أو المرأة هل تحبس في دين الزوج أو الزوج في دين المرأة أو الولد في دين الوالد أو في دين الجد أو الجدة أو الجد في دين ولد الولد أو العبد هل يحبس في الدين‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الحر والعبد في الحبس في الدين سواء إذا تبين للقاضي الالداد فالولد أراه يحبس في دين الوالد لا أشك فيه ولا أقوم على حفظ قول مالك فيه وأما الوالد فلا أرى أن يحبس في دين الولد وأما الزوج والمرأة فانهما يحبسان بعضهما لبعض في الدين وكذلك من سوى الوالد والوالدة فانه يحبس بعضهم لبعض في الدين إذا تبين الالداد للسلطان من المطلوب‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا ينبغي للسلطان وإن لم يحبس الوالد والوالدة في دين الولد أن يظلم الولد لهما وإنما رأيت أن لا يسجنا له لأن مالكا قال فيما بلغني في الابن يريد أن يستحلف أباه في شيء‏؟‏ قال لا أرى أن يحلف له فإذا لم يحلف له فالحلف أيسر من السجن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أهل الذمة في الدين والتفليس مثل المسلمين سواء في الحبس‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ذلك في الحر والعبد سواء والنصراني عندي بتلك المنزلة‏.‏

في حبس النساء والعبيد في الدين وفي القصاص

قلت‏:‏ أرأيت النساء والرجال في ذلك سواء في قول مالك والعبيد والاماء والمكاتبين والمدبرين وأمهات الأولاد‏؟‏

قال‏:‏ نعم كلهم سواء عندنا مثل الأحرار وهو قول مالك في العبيد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت النساء هل يحبسن في القصاص والحدود في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

الحر يؤاجر في الدين

قلت‏:‏ أرأيت الحر هل يؤاجر في الدين إذا كان مفلسا أو يستعمل أو يشتغل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يؤاجر‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا يستعمل مثل قول مالك في الدين إذا كان مفلسا‏.‏

في حبس سيد المكاتب لمكاتبه في دين مكاتبه عليه

قلت‏:‏ أرأيت المكاتب إذا كان له على سيده دين أيحبس له السيد في دينه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك دين المكاتب إذا كان له على سيده دين من الديون قال عبد الرحمن بن القاسم فالمكاتب وغيره في هذا سواء‏؟‏

قال‏:‏ وأرى أن يحبس أن ألدبه‏.‏

في حبس المكاتب إذا عجز عن نجم من نجومه

قلت‏:‏ أرأيت المكاتب إذا عجز عن نجم من نجومه أيحبسه السلطان لمولاه في السجن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ إنما قال مالك في المكاتب يتلوم له ولم يقل يسجن‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا أرى أن يحبس ‏(‏سحنون‏)‏ لأن الكتابة ليست بدين في ذمته إنما الكتابة جنس من الغلة‏.‏

في الوصى أو الورثة يقضون بعض دين الميت دون بعض علموا بدين الميت أو لم يعلموا

قلت‏:‏ أرأيت رجلا هلك وترك مالا وترك ديونا للناس عليه وليس في ماله هذا الذي ترك وفاء لحق واحد من الغرماء فأخذ الوصي المال أو أخذته الورثة فقضوه رجلا واحدا وهم لا يعلمون بالذين لهم الدين أو كانوا يعلمون فقضوا واحدا من الغرماء دون بقيتهم‏؟‏

قال‏:‏ إذا لم يعلموا ببقية الغرماء ولم يكن الميت موصوفا بالدين فلا شيء على الوصي ولا على الورثة فان علموا أو كان موصوفا بالدين فعليهم ما يصيب هؤلاء إذا تحاصوا ويتبع الورثة أو الوصي الذي اقتضى المال بما غرموا لهؤلاء الغرماء وإن كانوا لم يعلموا فإنما يتبع الغرماء الذين استوفوا المال ولا يكون على الوصي ولا على الورثة شيء‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو قوله‏.‏

في الوصى يقضي بعض غرماء الميت وفي المال فضل ثم يتلف المال قبل أن يقبض من بقى دينهم

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ديونا للناس عليه وفي ماله وفاء بالدين فقضى الوصي بعض الغرماء ثم تلف ما بقى من المال‏؟‏

قال‏:‏ ليس لهؤلاء أن يتبعوا الذي اقتضى حقه بشيء مما اقتضى لأنه قد كان في المال فضل فيه وفاء لحقوق هؤلاء‏.‏

قلت‏:‏ فان كان في المال فضل ليس فيه وفاء لحقوق هؤلاء‏؟‏

قال‏:‏ ينظر إلى قدر ما بقى من حقوقهم بعد فضلة هذا المال فيتبعون الغرماء بذلك‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فهل ذكر مالك إذا كان هؤلاء الغرماء الذين لم يقبضوا حضورا أم غيبا‏؟‏

قال‏:‏ لم أسأله عن ذلك وإنما قال لنا ذلك مبهما ولم يفسر لنا حاضرا من غائب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا هلك وترك عليه ديونا للناس فباع الورثة ماله وقضوا أهل دينه وفضلت في يد الورثة فضله من تركته فاقتسموها فقدم رجل فأقام البينة على الميت بدين له عليه وقد توى ما أخذ الورثة من تركته وأصاب الورثة عدما أيكون له أن يتبع الغرماء الذين أخذوا دينهم من الورثة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس له أن يتبع الغرماء ولكن يتبع الورثة إذا كان الذي بقى من تركة الميت في يد الورثة كفافا لدينه وإن كان دينه أكثر مما بقى في يدى الورثة رجع على الغرماء بما يصير له عندهم أن لو كان حاضرا فحاصهم‏.‏

وتفسير ذلك أن يكون على الميت دين ثلاثمائة دينار لثلاثة رجال وتركة الميت مائتان وخمسون دينارا فقضى الورثة غريمين مائتين ولم يعلم بالآخر وبقيت في يد الورثة خمسون فهو يحاص الغرماء بجميع دينه فيصير لكل واحد من الغرماء ثلاثة وثمانون وثلث فالخمسون التي في يد الورثة هي للغريم الذي أحيا دينه يتبع الورثة بها ويتبع اللذين اقتضيا مائة مائة يتبع كل واحد بسبعة عشر إلا ثلثا فذلك ثلاثة وثلاثون وثلث فيصير له ثلاثة وثمانون وثلث بالخمسين التي في يد الورثة ويصير لكل واحد من الغرماء ثلاثة وثمانون وثلث لأنه رجع على كل واحد بسبعة عشر إلا ثلثا‏.‏

قلت‏:‏ فان لم يترك إلا مقدار الدين الذي أخذته الغرماء من تركة الميت الذي دفعه إليهم الورثة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يرجع على الغرماء فيحاصهم بمقدار دينه‏.‏

قلت‏:‏ ولا يرجع على الورثة بشيء من ذلك أن أصاب الغرماء عدما‏؟‏

قال‏:‏ إذا قضت الورثة الغرماء دينهم وهم لا يعلمون بدين هذا الرجل الذي طرأ عليهم فليس عليهم شيء وإن كانوا يعلمون بدينه فان أصاب الغرماء عدما لا مال عندهم كان له أن يرجع على الورثة بحصته من الدين ويتبع الورثة الغرماء الأولين بمقدار ما غرموا لهذا الغريم الذي طرأ‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي لأنهم أتلفوا حقه وهم يعلمون بذلك‏.‏

في الورثة يتبعون تركة الميت فيستهلكونها ثم يأتي الغرماء

قلت‏:‏ أرأيت أن باع الورثة تركة الميت فأكلوها واستهلكوها ثم قدم قوم فأقاموا البينة على دين لهم على الميت‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن كان الرجل الميت معروفا بالدين فبادر الورثة الغرماء فأخذوا ماله فباعوه واقتسموه وأكلوه كان للغرماء أن يأخذوا مال الميت حيثما وجدوه ولا يجوز بيع الورثة واتبع الذين اشتروا الورثة وإن كان الرجل الميت لا يعرف بالدين فباعوا على مثل ما يبيع الناس تركة ميتهم اتبع الغرماء الورثة ولم يكن لهم على من اشترى منهم سبيل ولا يأخذون من الذين اشتروا ما في أيديهم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ أخبرني بهذا عن مالك غير واحد من أصحابنا وهو رأيي ‏(‏سحنون‏)‏ عن بن وهب قال مالك في الرجل يهلك وهو مديان أو غير مديان معروف كلاهما في حالة ثم يبيع الورثة أمواله فيقسمونها ثم يأتي دين على هذا الميت فيوجد المال بأيدي الناس الذين اشتروا‏؟‏

قال‏:‏ أما الذي يعرف بالدين ولا يجهل أمره فان الغرماء يأخذون ما وجدوا بأيدي الناس الذين اشتروا ويتبع الذين اشتروا الورثة بأموالهم وأما الذي لا يعرف بالدين ولا يظن به الدين فانما يتبع غرماؤه الورثة بثمن ما باعوا كان فيه وفاؤهم أو لم يكن‏.‏

في المريض يقضى بعض غرمائه دون بعض

قلت‏:‏ أرأيت إذا مرض الرجل أيكون له أن يقضي بعض غرمائه دون بعض‏؟‏

قال‏:‏ لا لأن قضاءه الساعة إنما هو على وجه التوليج وكذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قضى بعض غرمائه دون بعض في مرضه أيجوز ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك له إذا كان الدين يغترق ماله لأن ذلك في وجه التوليج‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال غيره المريض لم تحجر عليه في التجارة وهو كالصحيح في تجارته وفي اقراره بالدين لمن لا يتهم عليه‏.‏

في المديان يرهن بعض غرمائه

قلت‏:‏ أرأيت من رهن رهنا وعليه دين يحيط بماله إلا أن الغرماء لم يقوموا عليه أيجوز ما رهن‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن الرجل يتاجر الناس فيكون عليه الدين فيقوم رجل عند حلول الأجل بحقه فيلزمه بحقه فيرهنه في ذلك رهنا أتراه له دون الغرماء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم ما لم يفلسوه‏؟‏

قال‏:‏ وقد كان روى مرة عن مالك خلاف هذا أنهم يدخلون معه وليس هذا بشيء والقول الأول الذي سمعت منه وقال لي هو الذي عليه جماعة الناس وهو أحق به فانما الرهن بمنزلة القضاء أن لو قضى أحدا منهم قبل أن يقوموا عليه ويفلسوه فقضاؤه جائز ولا أبالي بحدثان ذلك قاموا عليه أو غيره إذا كان قائما يبيع ويتاجر الناس فقضاؤه وبيعه جائز‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقال الليث مثل قول مالك‏.‏

في الدين يكون للرجلين على الرجل فيؤخره أحدهما بحصته

قلت‏:‏ أرأيت لو أن لرجلين على رجل دينا أخره أحدهما بحصته أيجوز هذا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن توى ما على الغريم من حصة هذا الذي أخره وقد اقتضى صاحبه أيكون له فيما اقتضى صاحبه شيء في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

في الدين يكون للرجلين فيقبض أحدهما حصته بإذن شريكه أو بغير إذنه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن دينا لي ولرجل آخر على رجل بأفريقية فخرجت في اقتضاء نصيبي وأقام شريكي أيكون لشريكي أن يتبعني بشيء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم وإنما لا يكون له فيما اقتضيت أنت شيء إذا كنت قد عرضت على شريكك الخروج فأبى‏.‏

القضاء في الدين

قلت‏:‏ أرأيت لو أن والدنا هلك وعليه دين مائة دينار فعزلنا المائة دينار من ميراثه واقتسمنا ما بقى فضاعت المائة ممن ضياعها‏؟‏

قال‏:‏ ضياعها عليكم والدين بحاله‏.‏

قلت‏:‏ أسمعته من مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏؟‏

قال‏:‏ وإن كان السلطان قبضها للغائب وقسم ما بقى من ميراث الميت فضاعت فهي في مال الغريم وهو قول مالك‏.‏

الرجلان يكون لهما الدين فيبيع أحدهما نصيبه من المديان فيريد شريكه في الدين أن يتبعه بنصيبه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن دينا لي ولرجل آخر بكتاب واحد على رجل بعت نصيبي من ذلك الدين للذي عليه الدين بعرض أيكون لشريكي أن يتبعني بشيء أم لا‏؟‏ ‏؟‏ قال نعم أرى أن يرجع عليك فيأخذ نصف ما بعت به فإذا استوفى حقه رجعت فأخذت منه مقدار ما أخذ منك ومضى الصلح عليك وذلك أنه يأخذ منه مما اقتضى نصف قيمة العرض الذي أخذ منه يوم أخذ ذلك من الذي عليه الدين وإنما ذلك عندي بمنزلة ما لو أن أحد الشريكين اقتضى خمسة وكان حقهما عشرين دينارا لكل واحد عشرة فاقتضى أحدهما خمسة وترك خمسة فأنه يأخذ الشريك الذي لم يدع شيئا من الذي أخذ الخمسة دينارين ونصف دينار ثم إذا اقتضى صاحبه العشرة رجع عليه بالدينارين ونصف فأخذهما منه ولو كان إذا أخذ منه نصف ما اقتضى وجب له بذلك نصف حق صاحبه الذي بقى لكان إذا اقتضى صاحبه منه العشرة أخذ منه خمسة وإنما دفع إليه دينارين ونصفا فهذا لا يستقيم ‏(‏قال سحنون‏:‏ وقد قيل أنه إذا أخذ أحد الغريمين في نصيبه عرضا أن الشريك بالخيار أن شاء جوز له ما أخذ واتبع الغريم بجميع حقه وأن شاء شارك صاحبه فيما أخذ فكان له نصفه بنصف حقه واتبعا جميعا الغريم بما بقى لهما وهو نصف جميع الحق فاقتسماه إذا اقتضياه والذي صالح على خمسة دنانير أن صاحبه يرجع عليه ويأخذ منه دينارين ونصفا ويتبعان الغريم جميعا ثم يتبعه المصالح عن عشرة بخمسة بدينارين ونصف الذي أخذ منه شريكه ويتبع الشريك الذي لم يصالح بسبعة دنانير ونصف‏.‏

في الرجل يموت وبينه وبين رجل خلطة فيدعى بعض ورثته أن له على الخليط دينا

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا هلك وقد كانت بينه وبين رجل خلطة فادعى ولد الهالك أن لأبيهم على هذا الرجل الذي كانت بينه وبين أبيهم خلطة دينا فأقر أو أنكر فصالحه أحدهم على حقه فدفع إليه دراهم أو دنانير أو دفع إلى أحدهم عرضا من العروض على إنكار من الذي يدعى قبله أو على اقرار أيكون لأخويه أن يدخلوا معه في الذي أخذ من هذا الرجل‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك كل ذكر حق كان لقوم بكتاب واحد فاقتضى بعضهم دون بعض فان شركاءهم يدخلون معهم فيما اقتضوا وإن كان كتب كل إنسان منهم ذكر حقه على حدة وإن كانت صفقة واحدة فان من اقتضى من حقه شيئا لا يدخل معه الآخرون بشيء‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وإن كان لقوم ذكر حق واحد على رجل وهو غائب فأراد بعضهم أن يخرج إليه في حقه فأبى الآخر‏؟‏

قال‏:‏ يعرض الذي أراد الخروج على المقيم الخروج فان وكل معه وكيلا أو خرج كانوا شركاء فيما اقتضوا وإن أبى أشهد عليه وخرج وكان ما اقتضى له دون شريكه فهذا يدلك على مسألتك التي سألت عنها‏.‏

قلت‏:‏ فان كان لي ولصاحبي دين على رجل في ذكر حق واحد فأخذت أنا بذكر حقي عرضا من العروض أيكون لشريكي أن يدخل معي في هذا العرض والدين إنما كان دراهم‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى ذلك له أن أراد‏.‏

في المريض يؤخر غرماءه في مرضه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا مريضا وكان ماله كله دينا على رجل فأوصى المريض أن يؤخروا ذلك الدين عنه إلى أجل مسمى فمات فقالت الورثة لا نجيز إلا الثلث فانا نؤخر الثلث عنك إلى ذلك الأجل وأما الثلثان فعجله لنا وقال الموصى له بالتأخير بل أخروني بجميع المال أو ابرؤا إلي بجميع ثلث المال‏؟‏

قال‏:‏ أن لم يفعلوا ويؤخروه بجميع المال برئوا إليه من ثلث مال الميت بتلا في قول مالك لأن مالكا سئل عن الرجل يوصى للرجل بمائة دينار ولا يملك غيرها يعمل بها سنة فيقول الورثة لا نجيز‏؟‏

قال‏:‏ أما أمضوا ذلك له وأما قطعوا له بثلثها بتلا‏.‏

في المريض يقرأنه قبض دينه من غريمه

قلت‏:‏ أرأيت أن أقر في مرضه أنه قد قبض دينه الذي كان له على فلان أيجوز أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أن كان وارثا وكان ممن يتهم أن يكون إنما أراد أن يولج ذلك إليه لم يقبل قوله وإن كان من الأجنبيين الذين لا يتهم عليهم جاز ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان الصداق على الزوج ببينة أنه مؤخر عنه فأقرت المرأة في مرضها أنها قد قبضت صداقها‏؟‏

قال‏:‏ لا يقبل قولها‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ بلغني ذلك عنه‏.‏

في اقرار المريض لوارث بدين

قلت‏:‏ أرأيت أن أقر لوارث بدين في مرضه الذي مات فيه أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجوز ذلك إلا ببينة‏؟‏

قال‏:‏ فقيل له فالرجل يقر لامرأته في مرضه بالمهر يكون عليه أو بالدين‏؟‏

قال‏:‏ ينظر في ذلك فان كان لا يعرف منها إليه ناحية ولا انقطاع وله ولد من غيرها جاز ذلك وإن كان يعرف منه انقطاع إليها ومودة وقد كان الذي بينه وبين ولده متفاقما ولعل لها الولد الصغير قال مالك فلا أرى أن يجوز ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الورثة أهم بهذه المنزلة على ما وصفت لي من أمر المرأة يكون بعضهم له إليه الانقطاع والمودة وآخر قد كان يعرف منه إليه البغضاء أيكونون بحال ما وصفت لي في المرأة‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يجوز ذلك وإنما رأى ذلك مالك في المرأة وقال لا يتهم إذا لم يكن له منها ولد ولا ناحية مودة يعرف أنه يقر بماله من ولده إلى غيرهم فأما الولد أو الأخوة كلهم إذا كانوا هم ورثته فلا أرى ذلك ولو كان يترك ابنته ويترك عصبة يرثونه بولاء أو قرابة يلقونه فأقر لهم بمال لم يتهم أن يقر إلى العصبة دون ابنته ويترك عصبة يرثونه بولاء أو قرابة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأصل ما سمعت من مالك بن أنس إنما يريد بذلك التهمة فإذا لم تقع التهمة لقرار يقر به إليه دون من يرثه معه لم يتهم وجاز فهذا يجزيك من ذلك كله ‏(‏سحنون‏)‏ عن بن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال ايما امرئ قال لفلان في مالي كذا وكذا مال يسميه دينا عليه قال أن كان وارثا بطل ‏(‏وقال‏)‏ يحيى بن سعيد من ذكر عند الموت أنه تصدق بصدقة من ماله ولو كان عدلا أو غير عدل لم يجز ذلك إلا أن يجيزه الورثة فان شاؤوا ردوها وإن شاؤوا أجازوها ‏(‏وقال‏)‏ شريح الكندي لا يجوز اقرار الميت بدين لوارث‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقال إبراهيم النخعي لا يجوز إلا ببينة‏.‏

في المديان يقر في مرضه بدين لوارث

قلت‏:‏ أرأيت أن هلك رجل وعليه دين لرجل ببينة فأقر في مرضه بدين لصديق ملاطف أو لامرأته والدين الذي عليه ببينة يغترق ماله‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يقبل قوله‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن رجل كان عليه دين وأقر لاخت له بدين عليه قال مالك لا يجوز ذلك إلا أن يكون لها بينة على الدين‏.‏

فقيل‏:‏ لمالك أنها قد كانت تقتضيه منه في حياته‏؟‏

قال‏:‏ أن كانت لها بينة أنها كانت تقتضي ‏(‏سحنون‏)‏ معنى قول مالك أن ذلك لها ويلزمه الاقرار لها بالدين‏.‏

في اقرار الوارث بدين على الميت

قلت‏:‏ أرأيت أن هلك أبي وترك ألفي درهم وتركني وأخا لي فأقر أحدنا أن لهذا الرجل على أبينا ألف درهم وأنكر الأخ الآخر‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يحلف مع هذا الذي أقر له ويستحق حقه إذا كان الذي أقر له عدلا ويكون الميراث فيما بقى بعد حقه‏؟‏

قال‏:‏ مالك وأن أبى أن يحلف أخذ من حق هذا الذي أقر له نصف دينه وهو خمسمائة درهم لأن الذي أقر بما أقر إنما إقر أن دينه في حقه وحق أخيه‏.‏

في اقرار الرجل للرجل عليه ببضعة دراهم

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لفلان على بضعة عشر درهما كم البضع عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما بين الثلاث إلى التسع‏؟‏

قال‏:‏ مالك فان اختلفوا في البضع لم يعط إلا ثلاثة دراهم إذا زعم ذلك المقر له بها‏.‏

في الشهادة على الميت بدين

قلت‏:‏ أرأيت أن شهد وارثان بدين على الميت أو شهد واحد أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم وإن كان إنما شهد له شاهد واحد حلف مع شاهده واستحق حقه إذا كان عدلا وإن نكل أن يحلف معه أخذ من شاهده قدر الذي يصيبه من الدين فان كان سفيها لم تجز شهادته ولم يرتجع عليه في حظه بقليل ولا كثير‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقام رجل على رجل شاهدين بدين له عليه وأقمت أنا عليه شاهدا واحدا بدين لي عليه فحلفت مع شاهدي أيثبت حقي كما يثبت حق صاحب الشاهدين ونتحاص في مال هذا الغريم بمقدار ديني ومقدار دينه‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الرجل يأمر الرجل بأن يدفع عنه مالا إلى رجل صلة من الآمر للمأمور له ثم يموت الآمر قبل أن يدفع وليس له قبل المأمور بالدفع دين

قلت‏:‏ أرأيت أن قال رجل لرجل ادفع إلى فلان مائة درهم صلة مني له فقال نعم وليس للذي وصل قبل الذي أمره بأن يدفع دين فمات الذي أمر قبل أن يدفع المأمور الصلة إلى المأمور له بالصلة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يبعث بالهدية إلى الرجل فيموت الباعث قبل أن تصل الهدية إلى المبعوث إليه قال مالك أن كان الذي بعث بها أشهد عليها حين بعث بها إليه فهي للذي بعث بها إليه وإن مات الذي بعث بها قبل أن تصل إلى المبعوث إليه‏؟‏

قال‏:‏ وقال لي مالك في الرجل يتصدق على الرجل بالدين يكون له على رجل ويشهد له بذلك ثم يموت الذي تصدق قبل أن يقبض الذي تصدق به عليه قال مالك هي للمتصدق عليه وإن مات الذي تصدق بها قبل أن يقبضها فهي للمتصدق بها عليه‏.‏

وهذا في مسألتك أن كان قد أشهد على هذه الصلة ورضي بأن تكون سلفا عليه من قبل المأمور بالدفع وأشهد بذلك فهي حيازة جائزة من الذي وصل بها وما قبل هذا يدلك على هذا‏.‏

ومن ذلك أيضا أن مالكا قال في الرجل يزوج الرجل ويصدق عنه فيموت الذي أصدق عنه قبل أن تقبض المرأة صداقها أن ذلك في رأس ماله دينا عليه وإن لم تقبض المرأة مهرها حتى مات فهو دين في جميع ماله ‏(‏سحنون‏)‏ وقال غيره إذا مات الذي وصل قبل أن يقبضها الذي وصل بها فتصير دينا على الذي وصل بها فليس للذي وصل بها شيء‏.‏

الرجل يستقرض الرجل دراهم فيأمر رجلا له عليه دراهم أن يدفعها إليه قرضا منه له فيعطيه مكان الدراهم دنانير بم يرجع عليه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن لي على رجل دراهم فأتاني رجل فقال أقرضني دراهم فأمرت الذي لي عليه الدراهم أن يدفعها إليه قرضا مني فأعطاه مكان الدراهم التي كانت لي عليه دنانير أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فبم يرجع عليه الذي اقرض رب الدين‏؟‏

قال‏:‏ اختلف قول مالك في هذا وأحب ما فيه إلي أن يأخذ منه الدراهم لأنه إنما أقرضه دراهم فباعها قبل أن يقبضها بدنانير ولو أراد المقرض أن يمنعه أن يبيع تلك الدراهم التي أقرضه من الذي أمره أن يدفعها إليه لم يكن ذلك للمقرض بعد أن أسلفها اياه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو أنه أخذ بها بيعا‏؟‏

قال‏:‏ نعم وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أتاني فقال لي أقرضني خمسة دنانير فأمرت رجلا لي عليه خمسة دنانير أن يدفعها إلى هذا المستقرض مني ولهذا الرجل الذي أمرته أن يدفع الخمسة الدنانير على هذا المستقرض مني مائة درهم فقال له الذي أمرته أن يدفع إليه الخمسة الدنانير أقاصك بالمائة الدرهم التي لي عليك أيصلح هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا جائز إذا كانت المائة التي على المستقرض الدنانير قد حلت للذي أمر أن يعطيه الدنانير‏.‏

في الرجل يأمر الرجل أن ينقد عنه غريمه دراهم فيبيعه بها جارية فيريد أن يرجع عليه بم يرجع عليه

قلت‏:‏ أرأيت لو أني أمرت رجلا أن ينقد عنى فلانا ألف درهم فباعه بها جارية أو عرضا من العروض أو شيئا مما يكال أو يوزن غير الورق والدنانير فأراد أن يرجع علي بم يرجع علي‏؟‏

قال‏:‏ ليس له إلا مثل ما أمرته به في جميع ذلك كان الذي دفع إلى المأمور ورقا أو كان ذهبا أو عرضا أو غير ذلك لأنه قد اسلفه الذي أمر بالدفع سلفا منه للذي أمره ‏(‏سحنون‏)‏ وقد ذكر عن مالك فيه اختلاف أنه لا يربح في السلف‏.‏

قال سحنون‏:‏ وهو بيع حادث لو شاء الذي أمرته أن لا يأخذ إلا الدنانير أخذها على ما أحب أو كره‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال لي بن القاسم وهذا أحسن ما سمعت‏.‏

الرجل يأمر الرجل أن ينقد عنه غريمة دينا ثم يموت القائل قبل أن يأخذ الغريم دينه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لرجل انقد عني فلانا ألف درهم فمات القائل قبل أن يأخذ فلان المال‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يقول للرجل ادفع إلى فلان عنى مائة دينار فأنعم له بذلك‏؟‏

قال‏:‏ أن كان أهل الدين اقتعدوا على موعد من الذي قال له الميت ادفع عنى قرضى بدلك ورضوا به وانصرفوا على موعد منه لزمه الغرم لهم فكذلك مسألتك ‏(‏سحنون‏)‏ وهذه حمالة‏.‏

الرجل يعجل دينه قبل محله

قلت‏:‏ أرأيت لو أن لرجل على رجل دينا من دراهم أو دنانير أو عرضا من العروض إلى أجل من الآجال من قرض أو من ثمن بيع فأراد الذي عليه الدين أن يعجله قبل محل أجله وقال الذي له الدين لا أقبله حتى يحل الأجل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا كان الدين عينا فانه يجبر الذي له الدين على أخذه وإن لم يحل أجله من قرض كان الدين أو من بيع‏؟‏

قال‏:‏ مالك وإن كان الدين عرضا من قرض طعاما أو حيوانا أجبر على أخذه قبل الأجل وإن كان الدين من بيع ابتاعه وهو عرض أو طعام أو حيوان إلى أجل لم يجبر الذي له الدين على أن يأخذه قبل محل الأجل‏؟‏

قال‏:‏ وهذا الذي ذكرت إذا كان عرضا من قرض أو طعاما أو حيوانا فأداه قبل محل الأجل فانه لا يجبر على أخذه وهو أيضا قول مالك وإنما بلغني عن مالك‏.‏

في الرجل يموت وعليه دين فيأتي رجل فيضمن دينه ثم يريد أن يرجع به فيما ترك أو يبدو له فيما ضمن

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا مات وعليه دين وله مال أو لا مال له فقال رجل أنا ضامن لدينه أيكون له أن يرجع في مال الميت إذا أدى دين الميت وكيف أن لم يكن للميت مال فقال لا أدفع ما ضمنت أيلزمه ذلك في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أما إذا كان للميت مال فله أن يرجع في مال الميت إذا قال إنما أديت لأرجع في ماله فان لم يكن له مال فان ذلك لازم له وليس له أن يأبى الاداء‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هذا قول مالك إذا كان له مال‏؟‏

قال‏:‏ ولو ضمن ذلك عن الميت ولا مال للميت وهو عالم بذلك ثم بان للميت مال بعد ذلك لم يرجع فيه بشيء ورأيته غرما غرمه على وجه الحسبة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا مات وعليه دين فقال رجل أنا ضامن لدينه ثم قال بعد ذلك قد بدا لي أيلزمه ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك لازم عند مالك ألا ترى أن المعروف إذا أشهد به الرجل على نفسه عند مالك لازم له ‏(‏سحنون‏)‏ عن بن وهب وسمعت عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج يحدث أنه بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الحميل غارم‏.‏

الرجل يقول للرجل أنا أقضيك دينك الذي لك على فلان فقضاه ولم يكن المديان أمره فيريد أن يرجع به على المديان

قلت‏:‏ أرأيت لو أتى رجل إلي رجل فقال أنا أؤدى إليك دينك الذي لك على فلان فأدى له عن فلان ولم يكن فلان الذي عليه الدين أمره بذلك فأراد أن يرجع على الذي كان عليه الدين بما أدى عنه أيجوز له ذلك في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سمعت مالكا وسئل عن رجل ابتاع دينا على رجل وقد كان بين المشترى وبين الذي عليه الدين عداوة‏؟‏

قال‏:‏ أن علم أنه إنما أراد بذلك ضرره وتعبه وعنته في ذلك فلا أرى أن يمكن من ذلك فهذا يشبهه عندي أن علم أنه إنما أداه عنه من غير أمره يريد بذلك ضرره وعنته وسجنه وانه لا شيء عنده منع من ذلك وإن كان ذلك منه على وجه المرفق بالذي عليه الدين فذلك جائز‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ إذا علم أنه إنما أراد ضرره لم يجز ذلك البيع ورد‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن قال رجل لامرأة أنا أؤدى المهر الذي لك على زوجك وقد دخل بها أو لم يدخل بها أهو مثل هذا‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو عندي مثله لا يجوز ذلك إذا عرف أنه يريد عنته‏.‏

في الرجل يوكل وكيلا يقبض دينه فيدعي أن قد قبض الدين وضاع منه

قلت‏:‏ أرأيت أن وكلت رجلا يقبض مالا لي على فلان فقال قد قبضته وضاع مني وقال الذي عليه الدين قد دفعته‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقيم الذي عليه الدين البينة والاغرم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن وكلت رجلا يقبض مالي على فلان فقال الوكيل قد قبضت المال أو قال قد بريء إلى من المال أيبرأ الذي عليه الأصل بقول الوكيل في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يبرأ إلا أن تقوم بينة أن الذي عليه الأصل قد دفع المال إليه أو يأتي الوكيل بالمال‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك بن أنس لا يبرأ إلا أن يكون وكيلا يشتري ويبيع ويقبض ذلك مفوض إليه فهو مصدق وإنما الذي لا يصدق أن يوكله يقتضى مالا له على أحد فقط‏.‏

الوصى يدعى أنه قد قبض دين الميت

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أوصى إلى رجل وللميت على الناس دين فقال الوصى للغرماء قد برئتم إلي من المال وقد قبضت المال ثم كبر اليتامي فقالوا للغرماء هلم ما دفعتم من المال أيبرأ الغرماء من الدين بقول الوصي‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأخبرني بن أبي حازم عن بن هرمز أنه سئل عن رجل أوصى إليه رجل وله ديون على الناس فتقاضى الوصي من الغرماء فقالوا قد دفعناها إليك وأنكر فأراد الغرماء أن يحلفوه‏؟‏

قال‏:‏ لهم أن يحلفوه فان نكل عن اليمين ضمن المال وذلك رأيي فان أقر الوصي بالقبض سقط الدين عن الغرماء‏؟‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عنها فقال لي أن كان الشيء اليسير فالوصى ضامن أن نكل عن اليمين فأما إذا كثر المال قال مالك لا أدري‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ورأيي مثل قول بن هرمز كل ذلك عندي سواء قل أو كثر فان لم يحلف ضمن‏.‏

قلت‏:‏ لم هرب مالك فقال لا أدري إذا كثر المال‏؟‏

قال‏:‏ خوفا من أن يبطل أموال اليتامى قال وخوفا من أن يضمن الوصي لأنه أمين لهم فوقف عنها وقال لا أدري‏.‏

قلت‏:‏ ففي مسألتي إذا قال قد قبضت فسقط الدين عن الغرماء بقوله أرأيت أن قال مع ذلك قد قبضته من الغرماء وضاع أيصدق‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الوصى يدفع إلى غرماء الميت ديونهم بغير بينة

قلت‏:‏ أرأيت أن أوصى رجل إلى رجل وعليه للناس ديون فباع الوصي تركته وأوفى الغرماء مالهم على الميت بغير بينة فجحدوه ما قبضوا وطلبوا دينهم والوصي يقول قد قبضت أيضمن الوصي لأنه قد دفع بغير بينة‏؟‏

قال‏:‏ أن لم يقم الوصي البينة غرم لأنه أتلف أموالهم حين لم يشهد‏؟‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الوصي يقتضي من غرماء الميت دينا للميت عليهم فيزعمون أنهم قد دفعوا إليه وينكر الوصي فيقولون له احلف فيأبى أن يحلف أترى أن يضمن‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أما الشيء الكثير فاني لا أدري ما هو ووقف عنه قال وإن كان الشيء اليسير فأراه ضامنا أن لم يحلف‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأخبرني بن أبي حازم عن بن هرمز أنه قال يضمن ذلك كله القليل والكثير أن لم يحلف‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأرى أن يضمن القليل والكثير وهو رأيي‏.‏

اليتيم يحتلم ولم يؤنس منه الرشد يبيع ويشتري أو يهب أو يتصدق أو يعتق

قلت‏:‏ أرأيت قول الله تبارك وتعالى وابتلوا اليتامي حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم أرأيت أن احتلم الغلام أو حاضت الجارية ولم يؤنس منهما الرشد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لو خضب بالحناء ولم يؤنس منه الرشد لم يدفع إليه ماله ولا يجوز له في ماله بيع ولا شراء ولا هبة ولا صدقة ولا عتق حتى يؤنس منه الرشد وما وهب أو تصدق أو أعتق قبل أن يؤنس منه الرشد ثم أنس منه الرشد فدفع إليه ماله قال مالك لا يلزمه ذلك العتق ولا تلك الصدقة ولا تلك الهبة بقضاء ولكنه أن فعل ذلك ممن قبل نفسه فأجاز ما كان صنع فذلك جائز‏؟‏

قال‏:‏ وأنا أرى أن الصدقة والهبة لغير الثواب بمنزلة العتق في هذا أستحب له أن يمضيه ولا أجيره في القضاء على ذلك ‏(‏سحنون‏)‏ عن بن وهب أنه سأل ربيعة بن أبي عبد الرحمن ما صفة السفيه وما يجوز عليه من نكاح أو غيره‏؟‏

قال‏:‏ الذي لا يثمر ماله في بيعه ولا ابتياعه ولا يمنع نفسه لذتها وإن كانت سرفا لا يبلغه قوامه يسقط في المال سقوط من لا يعد المال شيئا وهو الذي لا يرى له عقل في مال‏.‏

قال يونس‏:‏ قال ابن شهاب يجوز طلاقه ولا يجوز نكاحه إلا بإذن وليه ‏(‏وأخبرني‏)‏ بن أبي ذئب أن سفيها طلق امرأته وأراد أن يأخذ ماله وكان القاسم بن محمد وليه فأجاز القاسم عليه الطلاق ومنعه ماله‏.‏

قال يونس‏:‏ عن ربيعة أما العتاقة فلا تجوز إلا أن تكون ولدت منه السرية وذلك أن السفيه يولى عليه ماله ومن ولى عليه ماله فلا عتاقة له ولا بيع ولا هبة وأما كل شيء ليس للسفيه منه إلا المتعة من زوجة أو أم ولد فرأى السفيه فيه جائز طلاقه جائز وعتقه أم ولده جائز‏.‏

لابن وهب‏.‏

مال المحجور عليه ما وهب له وما استفاد يحجر عليه

قلت‏:‏ أرأيت ما وهب للمحجور عليه من مال أيدخل ذلك المال في المال المحجور عليه فيه‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن مالكا قال لو أن سفيها تجر فأصاب مالا يحجر عليه فيه ولقد سألنا مالكا عن المولى عليه يدفع إليه وليه المال ليتجر به يختبره ويخلى بينه وبين التجارة فيركبه الدين أنه لا يلزمه من ذلك الدين شيء لا فيما في يديه ولا في غيره مما يحجب عنه‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك أنه قد خلى بينه وبين التجارة‏؟‏

قال‏:‏ هو مولى عليه ولا يجوز عليه شيء من ذلك الدين‏.‏

في اشتراء المحجور عليه طعامه وما يصلحه

قلت‏:‏ أرأيت المحجور عليه أيجوز أن يشتري اللحم بالدرهم والبقل والخبز لبنيه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا لأنه يشتري هذا ومثله لأنه يسير وهو يدفع إليه نفقته فيشتري بها ما يصلحه‏.‏

استئجار العبد بغير إذن مولاه وأم الولد والمرأة بغير إذن زوجها

قلت‏:‏ أرأيت أم الولد إذا أرادت أن تتجر فمنعها السيد من ذلك أيكون ذلك للسيد أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ذلك للسيد عند مالك لأن مالكا قال للسيد أن ينزع مال أم ولده فلما كان له أن ينزع مالها كان له أن يمنعها من التجارة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت امرأة رجل أرادت أن تتجر فأراد زوجها أن يمنعها من ذلك‏؟‏

قال‏:‏ مالك ليس له أن يمنعها من التجارة ولكن له أن يمنعها من الخروج‏.‏

في مداينة المولى عليه واستخباره

قال‏:‏ وسألنا مالكا عن الوصي يحتلم الغلام الذي قد أوصى به إليه ويرى منه بعض ما يريد أن يختبر في حالاته فيدفع إليه الخمسين الدينار أو الستين الدينار ليتجر بها فيرهقه في ذلك الدين أترى أن يكون ذلك الدين عليه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا أرى أن يتبع المولى عليه بشيء من ذلك الدين الذي لحقه لا مما في يديه من الستين الدينار التي أعطاه وصيه يتجربها ولا في ماله الذي في يدي الوصي‏؟‏

قال‏:‏ فقيل له يا أبا عبد الله أنه قد أمكنه وصيه من بعض ماله ودفعه إليه وأمره أن يتجر وأذن له أن يتاجر الناس بها‏؟‏

قال‏:‏ مالك هو مولى عليه حيث لم يدفع إليه ماله وليس ذلك الاذن باذن‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والعبد مخالف لهذا لو أن السيد دفع إليه مالا ليتجر به كان مأذونا له ولا يشبه الوصي ‏(‏سحنون‏)‏ وقال غيره في اليتيم أنه يلحق الدين المال الذي في يديه الذي أعطاه وليه يختبره به‏.‏

في الوصى يأذن للصبي بالتجارة إذا كان يعقل التجارة

قلت‏:‏ أرأيت الصبي إذا كان يعقل التجارة فأذن له أبوه أو وصية في التجارة أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أرى ذلك جائزا لأن الصبي مولى عليه فإذا كان مولى عليه فلا أرى الاذن له في التجارة ادنا‏.‏

قلت‏:‏ لم لا يجوز عليه الشراء والبيع إذ أذن له وليه والعبد المحجور مولى عليه فإذا أذن له سيده جاز ذلك عليه‏؟‏

قال‏:‏ لأن العبد ليس بسفيه إلا أن ملكه بيد غيره فانما منع التجارة لأن ملكه بيد غيره كما منع النكاح وغير ذلك من الأشياء فإذا أذن له سيده جاز ذلك عليه والصبي ليس ملكه بيد أحد ولقد سئل مالك عن يتيم قد بلغ واحتلم لا يعلم منه وليه إلا خيرا فأعطاه ذهبا بعد احتلامه ليختبره بها وأذن له في التجارة ليختبره بذلك أو ليعرف حاله فداين الناس فرهقه دين‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا أرى أن يعدى عليه في شيء من ماله لا فيما في يده ولا في غير ذلك‏؟‏

قال‏:‏ فقيل لمالك أنه قد أمكنه وأذن له في التجارة أفلا يكون ذلك على ما في يديه‏؟‏

قال‏:‏ لا لم يدفع إليه ماله المال المحجور عليه وإن كان دفعه إليه ليختبره به فهو محجور عليه فالصبي إذا أذن له في التجارة عندي أضعف شأنا من هذا‏.‏

فيمن دفع إلى عبد محجور عليه أو إلى يتيم محجور عليه مالا ليتجر به للرجل الدافع

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى عبد رجل أجنبي محجور عليه مالا وأمرته أن يتجر لي به أو إلى يتيم محجور عليه ففعل ثم لحق العبد دين أو اليتيم أيكون ذلك في ذمتهما‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أنه لا يكون ذلك في ذمتهما‏.‏

قلت‏:‏ ويكون ذلك في المال الذي دفع إليهما‏؟‏

قال‏:‏ نعم يكون ذلك في المال الذي دفع إليهما يتجران به ولا يكون إلا في ذلك المال فما زاد على ذلك المال فهو باطل لا يكون في ذمتهما ولا يكون في مال من دفع إليهما المال ولا ذمة من دفع إليهما المال وأمرهما أن يتجرا به إلا أن يكون مال لليتيم دفعه إليه وصيه ليختبره به فرهقه دين فلا يكون على اليتيم فيما في يديه مما دفع إليه يختبره به ولا فيما في يدي وصيه من ذلك الدين قليل ولا كثير‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك أنه قد دفعه إليه ليختبره وليتجر به‏؟‏

قال‏:‏ لم يؤمن على ماله وهو مولى عليه فلا أرى ذلك يلزمه فيما في يديه مما اختبره به ولا في ماله الذي في يدى وصية ولا في ذمته‏؟‏

قال‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏