فصل: في الورثة يعزلون ما على أبيهم من الدين ويقتسمون ما بقى فيضيع ما عزلوا وفي الراهن يستعير من المرتهن الرهن وفي رهن الرجل مال ولده الصغار

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


فيمن ارتهن شجرا هل تكون ثمرتها رهنا معها أو دارا هل تكون غلتها رهنا معها

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت نخلا وفيها ثمر يوم ارتهنتها قد أزهى أو لم يزه أو أبر أو لم يؤبر أتكون الثمرة رهنا مع النخل أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا تكون الثمرة رهنا مع النخل إلا أن يشترط ذلك المرتهن‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك كل ثمرة تخرج في الرهن بعد ذلك فليست برهن إلا أن يشترطها المرتهن فان اشترط ذلك المرتهن فان الثمرة تكون رهنا مع النخل كانت في رؤس النخل أو لم تكن أو خرجت بعد ذلك‏؟‏

قال‏:‏ نعم وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ لم قال مالك في الثمرة لا تكون رهنا مع النخل وهو يقول في الولادة أنها رهن مع الام فما فرق ما بينهما‏؟‏

قال‏:‏ لأنه من باع جارية حاملا في بطنها ولد فهو لمن اشترى الجارية ومن باع نخلا فيها ثمر قد أبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع فهذا فرق ما بينهما‏.‏

قلت‏:‏ والثمرة وكراء الدور في الرهن بمنزلة واحدة في قول مالك وكذلك اجارة العبيد كل ذلك للراهن ولا يكون في الرهن إلا أن يشترطه المرتهن‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الكفالة واعطاء الكفيل رهنا بغير أمر المكفول به أو باذنه

قلت‏:‏ أرأيت أن تكفلت لرجل بكفالة وأعطيته بذلك رهنا أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم ذلك جائز عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان كنت قد رهنته بغير أمر الذي عليه الدين أو بأمره والرهن أكثر قيمة من الدين فضاع الرهن وهو مما يغيب عليه المرتهن‏؟‏

قال‏:‏ إذا ضاع عند المرتهن وكنت قد رهنته بأمر الذي عليه الدين فلك أن ترجع بقيمة رهنك كله على الذي عليه الدين وان شئت اتبعت المرتهن بفضل قيمة رهنك على الدين ورجعت على الذي كان عليه الدين بالدين ويكون الخيار في ذلك إليك وتتبع بفضل قيمة رهنك على الدين أيهما شئت وأما مبلغ الدين من رهنك فانما ترجع به على الذي أمرك بذلك وتبطل حق المرتهن فان أنت رجعت بفضل قيمة رهنك على الذي أمرك رجع الذي أمرك بذلك على المرتهن فأخذه منه لأن المرتهن كان ضامنا لجميع الرهن حين قبضه ولم يكن في دينه وفاء لجميع قيمة الرهن فلما هلك الرهن عنده قص له من الرهن مقدار دينه وغرم البقية وان كان رهنه بغير أمر الذي عليه الدين وقيمته أكثر من الدين فضاع الرهن عند المرتهن فان الذي رهن بغير أمر الذي عليه الدين له أن يرجع بالدين على الذي عليه الدين ويرجع بفضل قيمة رهنه على المرتهن الذي له الدين وليس له أن يرجع بالفضل من قيمة رهنه على الذي عليه الدين لأنه لم يأمره بذلك وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان رهن الكفيل قد ضاع عند المرتهن‏؟‏

قال‏:‏ إذا كانت قيمة الرهن والدين سواء وكان مما يغيب عليه المرتهن فقد استوفى المرتهن حقه لأن الضياع منه إذا كانت الصفة كما وصفت لك ويكون للكفيل أن يرجع على الذي عليه الحق بقيمة رهنه لأن قيمة الرهن والدين سواء‏.‏

قلت‏:‏ فان كنت إنما تكفلت بهذا الحق بغير أمر الذي عليه الحق وأعطيته الرهن بغير أمره فضاع الرهن وهو مما يغيب عليه المرتهن وكان قيمة الرهن والدين سواء أيكون لي أن أرجع على الذي عليه الدين بالدين الذي عليه‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي وهذا مخالف للمسألة التي فوقها في القضاء لأنه لا يرجع ها هنا على الراهن ويرجع بها على المرتهن لأن رهنه قد تلف عنده‏.‏

في الكفالة بالدم الخطا والرهن فيه وفي العارية

قلت‏:‏ أرأيت الدم الخطأ أتجوز فيه الكفالة‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا وسأله رجل عنه وقد كان تكفل لرجل بدم خطا فأعطاه بعض الدية ثم سأل عن ذلك مالكا فقال لا تلزمه الكفالة ويتبعون به العاقلة‏.‏

قلت‏:‏ فهل يجوز الرهن في القتل الخطا‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز عند مالك أن كان رهنه وهو يظن أن الدية لازمة له وحده وان كان إنما رهنه عن قتيله وهو يعلم أن الدية تجب على القتيل فالرهن جائز عندي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن استعرت دابة ورهنته بها رهنا أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك من استعار دابة فمصيبتها من ربها فأرى الرهن فيها لا يجوز‏.‏

قلت‏:‏ أيجوز أن يستعير الرجل الدابة على أنها مضمونة عليه أيجوز هذا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أرى أنه لا يضمن لأن مالكا قال في الرجل يرتهن من رجل رهنا مما يغيب عليه ويشترط أنه مصدق فيه فلا ضمان عليه فيه فيقول بعد ذلك قد ضاع مني‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك شرطه باطل وهو ضامن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المتاع أستعيره وأعطيه به رهنا أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يجوز ذلك عند مالك لأنه ضامن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن استأجرت عند رجل وأعطيته بالاجارة رهنا أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم عند مالك‏.‏

فيمن أعار دابة وارتهن بها رهنا فضاع الرهن

قلت‏:‏ أرأيت أن أعرته دابتي وأخذت بها منه رهنا مما أغيب عليه فضاع الرهن عندي‏؟‏

قال‏:‏ أراك ضامنا للرهن لأن أصل ما أخذته عليه على الضمان ولم تأخذه على وجه الأمانة‏.‏

في رجل ادعى قبل رجل بألف درهم فأخذ منه رهنا فضاع الرهن وقد أقر المدعى أنه لا حق له فيما كان ادعى قبله

قلت‏:‏ وكذلك لو ادعيت قبل رجل بألف درهم فرهنني بها رهنا مما أغيب عليه فضاع الرهن عندي فتصادقنا أن الدين الذي ادعيت قبله كان باطلا وكنت قد اقتضيته ولم أعلم بذلك‏؟‏

قال‏:‏ أنت ضامن لقيمة الرهن لأنك لم تأخذه على وجه الأمانة‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن رجل كان يسأل رجلا دنانير فتعلق به فيدفع إليه دراهم حتى يصارفه بها فأتاه فقال قد ضاعت الدراهم مني‏؟‏

قال‏:‏ مالك هو ضامن لها لأنه لم يعطها اياه على وجه الائتمان له‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يدفع إلى الرجل الصائغ الخاتم يعالج له فصه أو شيئا يصلحه له فيه أو القلادة يصلح فيها الشيء بغير حق على وجه المعروف‏؟‏

قال‏:‏ مالك هو ضامن وان لم يأخذ عليها أجرا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك جميع الصناع كلهم في قول مالك الخياطين والصباغين وغيرهم من أهل الصناعات ما دفع إليهم بغير أجر فقالوا قد ضاع أيضمنون‏؟‏

قال‏:‏ نعم يضمنون ذلك عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو دفع إلى خياط قميصا ليرفعه له فضاع القميص عند الخياط‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو ضامن له كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل رهنا فقلت له هذا لك رهنا بكل ما أقرضت فلانا من شيء أيجوز هذا‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

فيما ولدت الأمة المرهونة وفي أصواف الغنم وألبانها وأولادها وسمونها إذا رهنت

قلت‏:‏ أرأيت الأمة إذا ارتهنها رجل وهي حامل فولدت ثم ولدت بعد ذلك أيضا أتكون أولادها رهنا معها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم ما ولدت من ولد بعد الرهن فولدها رهن معها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أصواف الغنم وألبانها وسمونها وأولادها أيكون ذلك رهنا معها‏؟‏

قال‏:‏ أما أولادها فهم رهن مع الأمهات عند مالك وأما الأصواف والألبان والسمون فلا تكون رهنا معها عند مالك إلا أن يكون صوفا كان عليها يوم ارتهنها فأراه رهنا معها إذا كان يومئذ قد تم ألا ترى لو أن رجلا ارتهن دارا أن غلتها لا تكون رهنا معها أو ارتهن غلاما أن خراجه لا يكون رهنا معه ولو اشتراهما كانت غلتهما له فالرهن لا يشبه البيوع‏.‏

في الرهن يجعل على يدى عدل أو يكون على يدي المرتهن فإذا حل الأجل باعه العدل أو المرتهن بغير أمر السلطان

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت رهنا فجعلناه على يدى عدل أو على يدى المرتهن إلى أجل كذا وكذا فان جاء الراهن بحقه إلى ذلك الأجل والا فالذي على يديه الرهن مسلط على بيعه ويأخذ المرتهن من ذلك حقه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يباع الرهن وان اشترط ذلك كان على يدى المرتهن أو على يدى عدل إلا بأمر السلطان‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك وان لم يشترط أنه يبيعه إذا حل الأجل فانه إذا حل الحق رفعه المرتهن إلى السلطان فان أوفاه حقه والا باع له الرهن فأوفاه حقه‏.‏

فيمن ارتهن رهنا فأرسل وكيله يقبض له الرهن فقبضه فضاع الرهن من الرسول ممن ضياعه

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت رهنا فبعثت وكيلا لي يقبض الرهن فضاع الرهن وهو مما يغيب عليه المرتهن أيكون الضياع من الراهن لأن الوكيل قبضه وتجعله بمنزلة الرهن إذا كان على يدى عدل أو تجعل ضياعه من المرتهن لأن وكيله قبضه فقبض الوكيل كقبض المرتهن‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن قبض الوكيل إذا وكله المرتهن فانما هو كقبض المرتهن فضياعه من المرتهن وانما يكون العدل الذي يتراضيان به جميعا المرتهن والراهن أن يجعلا الرهن على يديه فهذا الذي يكون عدلا ويكون ضياع الرهن فيه من الراهن فأما رسول المرتهن فليس يكون بمنزلة العدل في هذا‏.‏

فيمن رهن عبدا على من نفقته أو كفنه ودفنه إذا مات

قلت‏:‏ أرأيت أن رهنت عبدا عند رجل فمات عند المرتهن على من كفنه ودفنه‏؟‏

قال‏:‏ على الراهن عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ مالك ونفقته وكفنه ودفنه على الراهن‏.‏

في الرهن يجعل على يدى عدل فيدفعه العدل إلى الراهن أو المرتهن

قلت‏:‏ أرأيت الرهن إذا كان على يدى عدل فدفعه العدل إلى الراهن أو إلى المرتهن فضاع وهو مما يغيب عليه أيضمن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يضمن أن دفعه إلى الراهن ضمن للمرتهن وإن دفعه إلى المرتهن ضمن ذلك للراهن لأن الراهن لم يرض أن يكون رهنه عند المرتهن فان كان الرهن كفافا لحق المرتهن سقط بذلك حق المرتهن إذا تلف الرهن في يديه وان كان في قيمته فضل غرم ذلك العدل للراهن لأن الراهن لم يرض أن يكون رهنه عند المرتهن‏.‏

في الرهن يجعل على يدى عدل فيموت العدل فيوصى إلى رجل هل يكون الرهن على يديه وفي المرتهن يرفع الرهن إلى السلطان فيأمر السلطان رجلا ببيعه فيضيع الثمن من المأمور

قلت‏:‏ أرأيت إذا مات العدل والرهن على يديه وأوصى إلى رجل أيكون الرهن على يدى الوصي‏؟‏

قال‏:‏ لا ولكن يتراضيان الراهن والمرتهن بينهما كيفما أحبا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي لأن هذا ليس له أن يوصي فيه لأن أربابه أحياء قيام وهم أملك لشيئهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن المرتهن رفع رهنه إلى السلطان وقد حل الأجل فأمر السلطان رجلا يبيع الرهن حتى يدفع إلى المرتهن حقه فباع ذلك الرجل الذي أمره السلطان ببيع الرهن فضاع الثمن من يد المأمور الذي أمره السلطان ممن يكون ضياعه وهل يكون على المأمور شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا ضمان على المأمور عند مالك والقول في الضياع قوله فان اتهم كانت عليه اليمين‏.‏

في المفلس يأمر السلطان ببيع ماله للغرماء فيضيع الثمن ممن ضياعه

قال‏:‏ وقال مالك في المفلس أنه إذا باع السلطان للغرماء ماله فضاع الثمن بعد ما باع السلطان ماله أن الضياع من الغرماء وكذلك مسألتك في الرهن أن ضياع الثمن من المرتهن لأنه قد باعه السلطان للمرتهن فلما وقع البيع كان الثمن للمرتهن فضمانه منه أن ضاع قبل أن يقبضه‏.‏

قال أشهب‏:‏ عن مالك مصيبة الثمن من الراهن حتى يصل إلى المرتهن وكذلك التفليس‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن الذي أمره السلطان بالبيع وأن يدفع إلى المرتهن حقه باع الرهن فقال قد دفعت إلى المرتهن حقه وكذبه المرتهن وقال لم آخذه‏؟‏

قال‏:‏ القول قول المرتهن لأن مالكا يقول في رجل دفع إلى رجل مالا ليدفعه إلى غيره فقال قد دفعته إليه لم يصدق إلا ببينة فكذلك هذ‏.‏

فيمن ارتهن رهنا فلما حل الأجل دفعه إلى السلطان فباعه وقضاه حقه ثم استحق الرهن رجل وقد فات من يد المشترى

قلت‏:‏ أرأيت الرجل إذا ارتهن رهنا فلما حل الأجل دفع ذلك إلى السلطان فباعه له وأوفاه حقه ثم أتاه رجل فاستحق الرهن وقد فات عند المشترى وغاب المشتري ولا يدري أين هو‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن هذا الذي استحق الرهن أن أجاز البيع أخذ الثمن من المرتهن ورجع المرتهن على الراهن بحقه لأنه ثمن شيئه وكذلك قال مالك في البيوع إذا باع رجل سلعة فاستحقها صاحبها وقد دارت في أيدي رجال أنه يأخذ الثمن من أيهم شاء‏.‏

في الرهن إذا كان على يدى عدل فقال بعته بمائة وقضيتك اياها أيها المرتهن وقال المرتهن بل بعت بخمسين وقضيتني خمسين

قلت‏:‏ أرأيت العدل إذا باع بأمر السلطان الرهن فقال بعته بمائة وقضيتك أياها أيها المرتهن وقال المرتهن بل بعت بخمسين وقضيتني خمسين‏.‏

فقال‏:‏ أرى أن العدل ضامن للخمسين لأنه قد أقر أنه باع بمائة وهذه الخمسون منها قد تبين موضعها وخمسون منها هو ضامن لها لأنه لا يعلم لها موضع ألا ترى لو أن رجلا دفع إلى رجل مائة دينار يدفعها إلى رجل من حق له عليه فقال قد دفعتها إليه وقال الذي أمر بأن يدفعها إليه لم تدفع إلي إلا خمسين دينارا أنه ضامن للخمسين وهذا قول مالك وكذلك مسألتك‏.‏

في اختلاف الراهن والمرتهن في الأجل

قلت‏:‏ أرأيت أن قال المرتهن قد حل أجل المال وقال الراهن لم يحل أجل المال‏؟‏

قال‏:‏ القول قول الراهن لأن المرتهن قد أقر أن الحق إلى أجل وهذا إذا أتى الراهن بأمر لا يستنكر ادعى أجلا يشبه أن يكون القول قوله لا يدعى أجلا بعيدا يستنكر فان ادعى من ذلك ما لا يشبه لم يصدق‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أخبرني بعض من أثق به أنه سأل مالكا عن الرجل يبيع من الرجل السلعة فتفوت عنده السلعة فيقتضيه ثمنها فيقول الذي عليه الحق ثمنها إنما هو إلى أجل كذا وكذا ويقول الذي له الحق دينى حال‏؟‏

قال‏:‏ مالك أن ادعى الذي عليه الحق أجلا قريبا لا يستنكر رأيته مصدقا وان ادعى أجلا بعيدا لم يقبل قوله‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى أن لا يصدق المبتاع في الأجل ويؤخذ بما أقر به من المال حالا إلا أن يكون أقر بأكثر مما ادعى البائع فلا يكون للبائع الا ما ادعى فهذا لم يزعم أنه باع إلى أجل فقد جعل مالك القول قول مدعى الأجل إذا أتى بأمر لا يستنكر ففي مسألتك أحرى أن يكون القول قول من ادعى الأجل‏.‏

قال سحنون‏:‏ إنما معنى قول مالك أن ادعى أجلا قريبا يريد بذلك ما يرى أن تلك السلعة قد تباع بذلك إلى ذلك من الأجل الذي ادعى ومعنى قوله أن ادعى أجلا بعيدا لم يقبل قوله إنما يريد بذلك أن ادعى أنه ابتاع إلى أجل يرى أن تلك السلعة لا تباع إلى ذلك من الأجل فهذا لا يقبل قوله لأنه قد ادعى ما لا يمكن بمنزلة ما يدعى الرجل في السلعة فيقول اشتريتها بخمسة دراهم ومثلها لا يبتاع بخمسة دراهم وهي ثمن عشرة دنانير أو خمسة عشر فهذا لا يقبل قوله فهكذا هذه المسألة التي وصفت لك‏.‏

في تعدى المأمور وبيعه السلعة بما لا تباع به

قلت‏:‏ أرأيت أن أمر الامام رجلا أن يبيع رهن هذا الراهن ويوفيه حقه فباع المأمور الرهن بحنطة أو شعير أو عرض من العروض أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك في رأيي ألا ترى أن الرجل يوكل الرجل ببيع السلعة فيبيعها بعرض أو حيوان فيتلف ما باع به فينكر صاحب السلعة فان البائع ضامن ولو باعها بدنانير فتلفت لم يكن عليه ضمان فهذا يشبه مسألتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أمرت رجلا يبيع لي سلعة بنقد فباعها بنسيئة أيجوز أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يجوز ذلك عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أفيرد البيع أم لا‏؟‏ قال‏:‏ يرد البيع أن أدرك وان لم يدرك بيع الدين أن كان مما يباع قبل أن يستوفى فان كان فيه ما سمى أن كان سمى له ثمنا أو قيمته أن كان فوض إليه أو أكثر أسلم ذلك إلى صاحبها وان كان أقل من ذلك ضمن ما أمره به كما سمى وغرم قيمتها وان كان مما لا يباع حتى يستوفى ترك وأخذ من المأمور ما أمره به من الثمن أو قيمتها أن كان فوض إليه فدفع إلى صاحبها ثم استؤنى بالطعام فإذا حل استوفاه ثم ببيع فان كان فيه فضل عما سماه له أو عن قيمتها أن كان فوض إليه دفع إلى صاحبها وان كان نقصانا كان على البائع بما تعدى وهذا قول مالك‏.‏

في الرهن يرجع إلى الراهن بوديعة أو باجارة

قلت‏:‏ أيجوز للرجل أن يرتهن رهنا فيقبضه ثم يجعله على يدى الراهن‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك عند مالك لأنه إذا رده إليه بوديعة أو أجرة من الراهن أو بوجه من الوجوه حتى يكون الراهن هو الحائز له فقد خرج من الرهن‏.‏

في الرجل يرتهن رهنا فلا يقبضه حتى يموت الراهن

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهن الرجل رهنا فلم يقبضه حتى مات الراهن أيكون أسوة الغرماء في الرهن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان الحق إلى أجل فأخذ به رهنا فمات الراهن قبل حلول أجل المال‏؟‏

قال‏:‏ يباع الرهن ويقضي المرتهن حقه لأنه إذا مات الذي عليه الدين فقد حل المال وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني رهنت ثوبا بألف وقيمته ألف فلقيني المرتهن فوهب لي دينه ذلك ثم رجع ليدفع إلي الثوب فضاع الثوب‏؟‏

قال‏:‏ هو ضامن لقيمة الثوب‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا رهن امرأته رهنا قبل البناء بها بجميع الصداق أيجوز أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا عقد النكاح فقد وجب لها الصداق كله إلا أن يطلقها قبل البناء بها فهذه إنما أخذت الرهن بمال جميعه لها عند مالك وهو جائز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن طلقها الزوج قبل البناء بها فأراد أن يرجع عليها فيأخذ منها نصف الرهن أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يأخذ منها من الرهن شيئا حتى يوفيها نصف الصداق وقد صار جميع الرهن رهنا بنصف الصداق في رأيي ألا ترى لو أن رجلا رهن رجلا رهنا بألف درهم فقضاه خمسمائة منها أو وهبها له ثم أراد أن يرجع فيأخذ نصف الرهن لم يكن ذلك له حتى يوفيه جميع حقه وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ضاع الرهن كم يضمن‏؟‏

قال‏:‏ قيمته كله أن كان مما يغيب عليه عند مالك‏.‏

فيمن رهن رهنا وعليه دين يحيط بماله

قلت‏:‏ أرأيت من رهن رهنا وعليه دين يحيط بماله إلا أن الغرماء لم يقوموا عليه أيجوز ما رهن‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن الرجل يتاجر الناس فيكون عليه الدين فيقوم رجل عند حلول الأجل بحقه فيلزمه بحقه فيرهنه في ذلك رهنا أتراه له دون الغرماء‏؟‏

قال‏:‏ نعم ما لم يفلسوه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقد كان روى مرة عن مالك خلاف هذا أنهم يدخلون معه وليس هذا بشيء والقول الذي سمعت منه وقال لي هو الذي عليه جماعة الناس وهو أحق به وإنما الرهن بمنزلة القضاء أن لو قضى أحدا منهم قبل أن يقوموا عليه ويفلس فقضاؤه جائز ولا أبالي كان بحدثان ذلك قاموا عليه أو غيره إذا كان قائما يبيع ويتاجر الناس فقضاؤه وبيعه جائز‏.‏

فيمن كان له قبل رجل مائتا دينار فارتهن منه بمائة منها رهنا ثم قضاه مائة دينارا ثم أدعى أن الرهن إنما كان بالمائة التي قضى وادعى المرتهن أن الرهن إنما هو عن المائة التي بقيت

قلت‏:‏ أرأيت لو أن لي على رجل مائتي دينار فرهنني بمائة منها رهنا وبقيت عليه مائة أخرى لا رهن فيها فقضاني مائة دينار ثم قام عليه الغرماء بعد ذلك أو لم يقوموا فقال لي أعطني الرهن فان المائة التي قضيتك إنما هي المائة التي فيها الرهن وقال المرتهن بل المائة التي قضيتني إنما هي المائة التي كانت لي عليك بغير رهن القول قول من‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك تقسم المائة التي قضاه بين المائة التي فيها الرهن وبين المائة التي لا رهن فيها فيكون نصفها قضاء عن هذه ونصفها قضاء عن هذه‏.‏

قال سحنون‏:‏ القول قول المرتهن لأن الراهن قد ائتمنه على قبضها حين دفعها ولم يشهد والراهن مدع وهو قول أشهب‏.‏

فيمن أسلم سلما وأخذ بذلك رهنا

قلت‏:‏ أرأيت أن أسلمت إلى رجل في طعام إلى أجل وأخذت منه بذلك رهنا فلما حل الأجل تقايلنا أو قبل حلول الأجل تقايلنا أو بعد حلوله والرهن في يدي المرتهن أتجوز الاقالة من غير أن يقبض رأس المال لمكان الرهن الذي في يد الذي أسلم في الطعام‏؟‏

قال‏:‏ لا تجوز الاقالة إلا أن يعطيه رأس المال مكانه قبل أن يتفرقا والا فهذا بيع الطعام قبل أن يستوفى‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أسلمت إلى رجل في طعام أيصلح لي أن أبيعه قبل أن أقبضه‏؟‏

قال‏:‏ لا يصلح عند مالك أن تبيعه قبل أن تقبضه إلا أنه لا بأس بأن توليه أو تقيل صاحب الطعام أو تشرك فيه وتقبض رأس المال قبل أن تفارق الذي وليته أو أقلته أو أشركته في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فإذا جوزت لي التولية والشركة والاقالة في ذلك فلا بأس أن أؤخره برأس المال‏؟‏

قال‏:‏ لأنك إذا أخرته برأس المال دخله بيع الطعام قبل استيفائه لأنه قد صار في التأخير معروفا فإذا دخله المعروف فليس هذا بتولية ولا اقالة ولا شرك وإنما التولية والاقالة والشرك أن يأخذ منه مثل رأس ماله بغير معروف يصطنعه ويدخله أيضا عند مالك بيع الطعام قبل أن يستوفى لأنه إذا أخره برأس المال وقبض المشترى الطعام فهذا بيع الطعام قبل أن يستوفى‏.‏

في الرهن في الصرف واختلاف الراهن والمرتهن

قلت‏:‏ أرأيت أن صرفت عند رجل دراهم بدنانير فقبضت الدراهم وأعطيته بالدنانير رهنا فضاع الرهن عنده بعد ما افترقنا وهو مما يغاب عليه وجهلنا السنة في ذلك أيكون عليه ضمان الرهن‏؟‏

قال‏:‏ نعم في رأيي ألا ترى أن من اشترى بيعا فاسدا ضمن ذلك أن ضاع عنده عند مالك فكذلك الرهن والرهن أيضا لم يقبضه الا على الضمان فعليه غرمه‏.‏

قلت‏:‏ وأي شيء يكون غرم هذا الرهن الدنانير التي وجبت عليه في الدراهم التي أخذ أو قيمة الرهن وترد الدراهم‏؟‏

قال‏:‏ أن كان قيمة الرهن والدراهم سواء فلا شيء عليه وان كان في الدراهم فضل أو في قيمة الرهن ترادا الفضل بينهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن لي على رجل دينا فأخذت به منه رهنا فأوفاني حقي فضاع الرهن عندي بعد ما أوفاني حقي ممن الضياع‏؟‏

قال‏:‏ أنت ضامن للرهن عند مالك حتى ترده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرهن في قول مالك أهو بما فيه‏؟‏

قال‏:‏ لا ولكن المرتهن ضامن لجميع قيمة الرهن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن رهنت رهنا قيمته مائة دينار فقال المرتهن ارتهنته بمائة دينار وقال الراهن بل رهنتكه بخمسين دينارا‏؟‏

قال‏:‏ مالك القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمة الرهن‏.‏

قلت‏:‏ فان ادعى أكثر من قيمة الرهن‏؟‏

قال‏:‏ لا يصدق المرتهن وعلى الراهن اليمين فان حلف بريء مما زاد على قيمة الرهن وأدى قيمة رهنه وأخذ رهنه أن أحب والا فلا سبيل له إلى رهنه‏.‏

قلت‏:‏ فان ضاع الرهن عند المرتهن فاختلفا في قيمة الرهن‏؟‏

قال‏:‏ يتواصفانه ويكون القول في الصفة قول المرتهن مع يمينه ثم يدعى لتلك الصفة المقومون فيكون القول فيما رهن به الرهن قول المرتهن إلى مبلغ قيمة هذه الصفة وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ادعيت أن هذه السلعة التي في يدى رهن وقال ربها بل أعرتكها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك القول قول رب السلعة‏.‏

في العبد المرتهن يجنى جناية

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ارتهنت عبدا لحق لي على رجل فجنى العبد جناية على رجل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقال لرب العبد افتد عبدك فان افتداه كان على رهنه كما هو وان أبى أن يفتديه قيل للمرتهن افتده لأن حقك فيه فان افتداه فأراد سيده أخذه لم يكن له أخذه حتى يدفع ما افتداه به من الجناية مع دينه فان أبى سيده أن يأخذه بيع فبدىء بما فداه به المرتهن من الجناية فان قصر ثمنه عن الذي أدى فيه المرتهن من الجناية لم يكن للمرتهن على السيد في ذلك شيء الا الدين الذي ارتهنه به وحده لأنه افتداه بغير أمره وان زاد ثمنه على ما افتداه به من الجناية قضى بالزيادة في الدين عن الراهن وهذا قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا يباع حتى يحل أجل الدين ولم أسمع من مالك في الأجل شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قالا جميعا الراهن والمرتهن نحن نسلمه فأسلماه أيكون دين المرتهن بحالة في قول مالك كما هو‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أبى الراهن أن يفتديه وقال للمرتهن افتده لي‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك إذا أمره أن يفتديه اتبعه المرتهن بالجناية وبالدين جميعا‏؟‏

قال‏:‏ مالك وان أسلماه جميعا وله مال كان ماله مع رقبته في جنايته وان افتكه المرتهن لم يكن ماله مع رقبته فيما افتكه به ولا يزاد على ما كان في يديه من رهن رقبة العبد إذا لم يكن مال العبد رهنا معه أولا‏.‏

في ارتهان فضلة الرهن وازدياد الراهن على الرهن

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت من رجل رهنا بدين لي عليه ولقيته بعد ذلك فقال أقرضني مائة درهم أخرى على الرهن الذي لي عندك ففعلت أيكون هذه المائة التي أقرضته في الرهن أيضا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في رجل ارتهن عبدا قيمته مائة دينار بخمسين دينارا فأتى رب العبد إلى رجل من الناس فقال أقرضني خمسين دينارا أو أكثر من ذلك أو أقل فقال له الرجل لا أقرضك إلا على أن ترهنني فضل العبد الرهن الذي في يدى فلان‏؟‏

قال‏:‏ مالك أن رضى فلان الذي في يديه العبد بذلك فان ذلك جائز وان لم يرض لم يجز ويكون الفضل الذي في العبد عن رهن الأول رهنا للمقرض الثاني فكذلك مسألتك إذا جاز هذا ها هنا فهو في مسألتك أجوز‏.‏

قلت‏:‏ ويكون المرتهن الأول حائزا للمرتهن الثاني‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا رضى بذلك وكذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان ضاع الرهن عند المرتهن الأول بعد ما ارتهن المرتهن الثاني فضلة الرهن والرهن مما يغيب عليه المرتهن وليس هو عبدا كيف يكون ضياع الرهن وممن يكون‏؟‏

قال‏:‏ يضمن الأول من الرهن قيمة مبلغ حقه ويكون فيما بقى مؤتمنا لأنه كان لغيره رهنا ويرجع المرتهن الآخر بدينه على صاحبه لأن فضله الرهن هي على يدي عدل والعدل ها هنا هو المرتهن الأول‏.‏

في النفقة على الرهن باذن الراهن أو بغير اذنه

قلت‏:‏ أرأيت ما أنفق المرتهن على الرهن باذن الراهن أو بغير اذنه أتكون تلك النفقة في الرهن في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك النفقة على الراهن قال ابن القاسم فان كان أنفق المرتهن بأمر الراهن فانما هو سلف ولا أراه في الرهن إلا أن يكون قال له أنفق على أن نفقتك في الرهن فان قال له ذلك رأيتها له في الرهن وله أن يحتبسه بنفقته وبما رهنه فيه إلا أن يكون له غرماء فلا أراه بأحق بفضلها عن دينه لأجل نفقته أذن له في ذلك أو لم يأذن له إلا أن يكون اشترط أن النفقة التي ينفقها الرهن به أيضا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الضالة أليس له ما أنفق عليها وليس لصاحبها أن يأخذها حتى يعطيه نفقتها في قول مالك ويكون أولى بها من الغرماء حتى يقبض نفقته وقد أنفق بغير أمر ربها فلم قال مالك في الضالة هو أولى بها وفي نفقة الراهن لم لا يكون أولى بها أيضا‏؟‏

قال‏:‏ لأن الضالة لا يقدر على صاحبها ولا بد له من أن ينفق على الضالة ونفقة الرهن ليس هي على المرتهن فلو شاء طلب صاحبه فان لم يكن صاحبه حاضرا رفع ذلك إلى السلطان‏.‏

في الوصى يرهن مال اليتيم أو يعمل به قراضا أو يعطيه غيره

قلت‏:‏ أرأيت الوصي أيجوز له أن يرهن رهنا من متاع اليتيم لليتيم في كسوة اشتراها لليتيم أو في طعام اشتراه لليتيم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يستلف الوصي لليتيم حتى يبيع له بعض متاعه فيقضيه فذلك جائز على اليتيم وكذلك الرهن عندي‏.‏

قلت‏:‏ فهل يجوز للوصي أن يعمل بمال اليتيم مضاربة هو نفسه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا إحفظ قول مالك فيه ولا يعجبني ذلك إلا أن يتجر لليتيم فيه ويقارض له من غيره فيتجر له‏.‏

قلت‏:‏ أفيعطى مال اليتيم مضاربة‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أيجوز للرجل أن يعطى مالا مضاربة ويأخذ به رهنا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا خير في هذا عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ضاع هذا الرهن‏؟‏

قال‏:‏ أراه ضامنا لأنه لم يأخذه على وجه الأمانة‏.‏

فيما رهن الوصي لليتيم

قلت‏:‏ أرأيت الوصي أيجوز له أن يرتهن مالا لليتيم بدين يقرضه اليتيم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الوصي يجوز له أن يسلف اليتيم مالا ينفقه عليه أو يجعله في مصلحة له إذا كان لليتيم عروض ثم يبيع ويستوفى فان لم يكن لليتيم مال فقال أنا أسلفه وأنفق عليه فان أفاد اليتيم مالا اقتضيت منه فما أنفق عليه إذا لم يكن لليتيم عروض وأموال فنفقته عليه على وجه الحسنة ولا يتبعه بشيء منه فان أفاد اليتيم بعد ذلك مالا لم يلزمه ما أسلفه على هذا الشرط إلا أن يكون له مال حين أسلفه وأما ما سألت عنه من الرهن أن الوصي يرتهن لنفسه عروض اليتيم فليس ذلك له إلا أن يكون تسلف مالا لليتيم من غيره أنفقه عليه ولا يكون أحق بالرهن من الغرماء لأنه لا يحوز لنفسه من نفسه دون الغرماء وهو والغرماء ها هنا فيه سواء‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال غيره ليس ذلك له وليس للوصي أن يقبض من نفسه لنفسه‏.‏

نذر صيام

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لله علي أن أصوم شهرا متتابعا فصام أول يوم أيجزئه البيات بعد ذلك ولا يحتاج إلى أن يبيت كل ليلة الصوم‏؟‏

قال‏:‏ نعم يجزئه ولقد سئل مالك عن رجل شأنه صيام الاثنين والخميس فمر به وهو لا يعلم حتى يطلع عليه الفجر أيجزئه صيامه‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأنه قد كان على بيات من صومه هذا قبل الليلة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الوصيين أيجوز لأحدهما أن يرتهن متاعا لليتيم دون صاحبه في قول مالك أو يبيع أحدهما متاعا لليتيم دون صاحبه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجوز انكاح أحد الوصيين الا باجتماع منهما فان اختلفا في ذلك نظر السلطان في ذلك فأرى البيع والرهن بهذه المنزلة‏.‏

في الورثة يعزلون ما على أبيهم من الدين ويقتسمون ما بقى فيضيع ما عزلوا وفي الراهن يستعير من المرتهن الرهن وفي رهن الرجل مال ولده الصغار

قلت‏:‏ أرأيت لو أن والدنا هلك وعليه مائة دينار دينا فعزلنا مائة دينار من ميراثه واقتسمنا ما بقى فضاعت المائة ممن ضياعها‏؟‏

قال‏:‏ ضياعها عليكم والدين بحالة‏.‏

قلت‏:‏ سمعت هذا من مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم علي حفظه وهذا رأيي‏؟‏

قال‏:‏ وان كان السلطان قبضها للغائب وقسم ما بقي من ميراث الميت فضاعت فهي من مال الغريم وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن زوجت أمتي من رجل فأخذت جميع مهرها قبل أن يبني بها زوجها فأعتقتها ثم طلقها زوجها قبل البناء بها وقد كان السيد استهلك المهر ولا مال للسيد غير الأمة‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يرد عتقها لأن السيد يوم أعتقها لم يكن عليه دين وإنما وجب الدين عليه حين طلق الزوج امرأته‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وليس للسيد أن يأخذ مهر أمته ويدعها بلا جهاز ولكن يجهزها به مثل الحرة ألا ترى أن مهرها في جهازها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن رهنت رهنا فاستعرته من المرتهن أتراه خارجا من الرهن‏؟‏

قال‏:‏ هو خارج من الرهن عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أفيكون له أن يرده بعد ذلك وللمرتهن أن يقوم على الرهن فيأخذه منه ويرده في الرهن‏؟‏

قال‏:‏ لا إلا أن يكون أعاره على ذلك فان أعاره على ذلك فاستحدث دينا أو مات قبل أن يقوم عليه كان أسوة الغرماء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن استدنت دينا فرهنت به متاعا لولد لي صغار ولم أستدن الدين على ولدى أيجوز عليهم ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أراه جائزا‏.‏

قلت‏:‏ لم أليس بيعه جائزا عليه‏؟‏

قال‏:‏ إنما يجوز بيعه عليهم على وجه النظر لهم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الوصى‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظه الساعة عن مالك ولكنه رأيي لأن مالكا قال ما أخذ الوالد من مال ولده على غير حاجة فلا يجوز ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا اشترى الرجل من مال ابنه وهو صغير لابن له صغير أيجوز هذا الشراء‏؟‏

قال‏:‏ نعم ولا أقوم على حفظه عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الوصي أهو بهذه المنزلة‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في اشتراط المرتهن الانتفاع بالرهن واجارة الرجل نفسه فيما لا يحل

قلت‏:‏ أرأيت المرتهن هل يجوز له أن يشترط شيئا من منفعة الرهن‏؟‏

قال‏:‏ أن كان من بيع فذلك جائز وان كان الدين من قرض فلا يجوز ذلك لأنه يصير سلفا جر منفعة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا أن مالكا قال لي إذا باعه وارتهن رهنا فاشترط منفعة الرهن إلى أجل فلا أرى به بأسا في الدور والأرضين‏؟‏

قال‏:‏ مالك وأكرهه في الحيوان والثياب‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا بأس به في الحيوان وغيره إذا ضرب لذلك أجلا‏.‏

قلت‏:‏ لم كرهه مالك في الحيوان والثياب‏؟‏

قال‏:‏ لأنه يقول لا أدري كيف ترجع إليه الدابة والثوب‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وليس هذا بشيء لا بأس به في الحيوان والثياب وغير ذلك إذا ضرب لذلك أجلا ألا ترى أنه يجوز له أن يستأجره إلى أجل ولا أدري كيف يرجع وإنما باع سلعته بثمن قد سماه وبعمل هذه الدابة أو لباس هذا الثوب إلى أجل فاجتمع بيع وكراء فلا بأس به‏.‏

في المرتهن يبيع الرهن وفي المرتهن يؤاجر الرهن أو يعيره بأمر الراهن

قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك فيمن ارتهن رهنا فباعه أو رهنه فانه يرده حيث وجده فيأخذه ربه ويدفع ما عليه فيه ويتبع الذي اشتراه الذي غره فيلزمه بحقه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن المرتهن أجر الرهن بأمر الراهن إلا أن المرتهن هو الذي ولى الاجارة أيكون الرهن خارجا من المرتهن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون خارجا في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو أعاره بأمر الراهن إلا أن الذي ولى العارية إنما هو المرتهن‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو في الرهن على حالة لأن الذي ولى ذلك هو المرتهن‏.‏

قلت‏:‏ فان ضاع عند المستأجر هذا الرهن وهو مما يغيب عليه‏؟‏

قال‏:‏ الضياع من الراهن لأن ضياعه عند الذي استأجره إذا كان بأمر الراهن بمنزلة الرهن على يدي عدل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل أيحل له أن يؤاجر نفسه في عمل كنيسة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز له لأن مالكا‏؟‏ قال لا يؤاجر الرجل نفسه في شيء مما حرم الله عز وجل‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولا يكرى داره ولا يبيعها ممن يتخذها كنيسة‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولا يكرى دابته ممن يركبها إلى الكنائس‏.‏