فصل: في حبس المديان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في الرجلين يدعيان السلعة وهي في يد أحدهما ويقيمان جميعا البينة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن سلعة في يد رجل ادعى رجل أنها له وأقام البينة وادعى الذي هي في يديه أنها له وأقام البينة لمن هي‏؟‏

قال‏:‏ للذي هي في يديه عند مالك إذا تكافأت البينتان في العدالة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وعليه اليمين‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت السلعة في يد رجل يدعيها لنفسه وهي دار فأقمت البينة أنها لي وأقام رجل آخر البينة أنها له وتكافأت بينتي وبينته‏؟‏

قال‏:‏ لا تؤخذ الدار من الذي هي في يديه لأن بينة هذين قد أكذبت كل واحدة منهما صاحبتها وجرحتها فسقطتا ‏(‏وقال غيره‏)‏ ليس هذا تجريحا ولكنهما لما تكافأت البينة صارا كأنهما لم يأتيا بشيء وبقيا على الدعوى‏.‏

في الرجلين يدعيان السلعة ليست في يد واحد منهما ويقيمان البينة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن سلعة في يدي ادعى رجل أنها له وأقام البينة وادعيت أنا أنها لي وهي في يدي وأقمت البينة‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك هي للذي في يديه إذا تكافأت البينة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وعليه اليمين‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت السلعة ليست في يده واحد منهما فادعي رجل أنها له وقام البينة على ذلك وادعى رجل آخر أنها له وأقام البينة على ذلك‏؟‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه سئل عن الرجل يدعي الشيء ويأتي غيره يدعيه وليس هو في يد واحد منهما فيأتي هذا ببينة وهذا ببينة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ينظر إلى أعدل البينتين وإن قلوا فيقضى بالحق لصاحبهم فان كانوا سواء وكان الذي شهدوا فيه مما يرى الامام منعهم إياه منعهم حتى يأتوا ببينة أعدل منها‏؟‏

قال‏:‏ وإن كان مما لا ينبغي للامام أن يقره ويرى أنه لأحدهما قسمه بينهما بعد أيمانهما كالشيء الذي لم يكن لهما فيه شهادة فان كان ما ادعيا شيئا قد اختاره أحدهما دون صاحبه فهو له‏؟‏

قال‏:‏ وبلغني عن مالك في القوم يتنازعون عفوا من الأرض فيأتي هؤلاء ببينة ويأتي هؤلاء ببينة فانه ينظر في ذلك إلى الثقة بالبينة والعدالة الظاهرة ويحلف أصحابها مع شهادتهم وإن كانوا أقل عددا فان لم يكن إلا تكافيا وتكاثرا لم أرها شهادة وكانت الأرض كغيرها من عفو بلاد المسلمين حتى تستحق بأثبت من هذا‏.‏

قلت‏:‏ وما معنى قول مالك حتى تستحق بأثبت من هذا‏؟‏

قال‏:‏ حتى يأتي أحدهما ببينة هي أعدل من الأولى‏.‏

في التكافؤ في البينة هل هو عند مالك في العدد أو في العدالة

قلت‏:‏ أرأيت التكافؤ في البينة أهو في العدد عند مالك أم في العدالة‏؟‏

قال‏:‏ ذلك عند مالك في العدالة وليس في العدد‏.‏

قلت‏:‏ فرجلان عدلان في هذه الشهادة ومائة رجل سواء عند مالك إذا كانت عدالة الرجلين وعدالة المائة سواء‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان الثوري عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة الثعلبي قال اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعير فجاء هذا بشاهدين وجاء هذا بشاهدين فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ قال يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه إذا كان الشاهدان في العدالة سواء ليس لبعضهم على بعض فضل استحلفا جميعا على ما ادعيا ثم جعله بينهما‏.‏

وإنما قاله يحيى بن سعيد في رجلين أتيا جميعا يمسكان برأس دابة‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي الزناد أن رجلين ادعيا فرسا فأقام كل واحد منهما بينة ذوى عدل على أنها فرسه فقضى بها بينهما نصفين‏.‏

في تكافؤ البينتين

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أقام البينة على دور في يدى أو عروض أو عبيد أو دراهم أو دنانير أو غير ذلك من الأشياء أنها له وأقمت أنا البينة أنها لي من أولى بذلك في قول مالك قال قال مالك إذا تكافأت البينتان في العدالة بحال ما وصفت لك فالذي هي في يديه أولى بذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ولا ينظر مالك في ذلك إلى كثرة العدد إنما العدالة عنده أن يكون هؤلاء وهؤلاء عدولا وهم في العدالة عند الناس سواء وإن كانت بينة أحدهما اثنين والآخر مائة فكان هذان في العدالة وهؤلاء المائة سواء فقد تكافأت البينتان فهي للذي في يديه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أحدهما أقام رجلا وامرأتين وأقام الآخر مائة شاهد وكانت المرأتان والرجل في العدالة مثل المائة الرجل أليس قد تكافأتا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا والبينتان قد تكافأتا عندي إذا كانت الشهادة فيما تجوز فيه شهادة النساء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت البينة على دار في يد رجل أني اشتريتها من فلان وأنه كان يملكها يوم باعنيها وأقام الذي الدار في يديه البينة أنها داره لمن يقضى بها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أقام الذي في يديه الدار البينة أنها داره وأقام رجل آخر البينة أنها له فالذي في يديه الدار أولى بها فهذا يدلك على مسئلتك أن رب الدار أولى بها ألا ترى أن الذي أقام البينة عليه هذا المدعي أنه اشتراها منه وأنه كان يملكها يوم باعها أن لو كان هو المدعي وأقام البينة عليها كان رب الدار الذي هي في يديه أولى بها فهذا يدلك على مسئلتك أن رب الدار أولى بها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقام البينة أنه اشترى هذه الدار من فلان وأنه كان يملكها يوم باعها وكانا ممن تجوز شهادتهما أيضا على الذي باعها وقال الذي هي في يديه الدار هي داري ولم يقم البينة‏؟‏

قال‏:‏ يقضى بها للمدعي إلا أن يكون الذي في يديه الدار قد حازها وهذا حاضر فهذا يكون قطعا لحجة المدعي إذا كان قد حازها هذا الذي في يديه بمحضر من هذا المدعي بحال ما وصفت لك في الحيازة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمنا جميعا البينة على النتاج أنا والذي الدابة في يديه لمن تكون‏؟‏

قال‏:‏ للذي الدابة في يديه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت النسج أهو مثل النتاج عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أمة ليست في يد واحد منا أقمت البينة أنها سرقت مني وأنهم لا يعملون أنها خرجت من ملكي وأقام آخر البينة أنها أمته وأنها ولدت عنده لا يعلمون أنه باع ولا وهب‏؟‏

قال‏:‏ أقضى بها لصاحب الولادة‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع من مالك فيه شيئا ‏(‏وقال غيره‏)‏ إذا كانت بينة النتاج عدولا فان كان بينة الآخر أعدل فهي لصاحب النتاج وليس هذا من التهاتر وإنما ذلك بمنزلة الرجل يقيم البينة أنها له منذ سنة وأقام الآخر البينة أنها له منذ عشرة أشهر وبينة صاحب العشرة أشهر أعدل من بينة صاحب السنة إلا أن بينة صاحب السنة عدول أيضا فتكون لصاحب الوقت الأول وكذلك لو كانت في يدى صاحب الوقت الآخر إلا أن يكون الآخر يحوزها بمحضر من الأول بما تحاز به الحقوق من الوطء لها والاستخدام والادعاء لها بمحضر من الأول فينقطع حقه منها بالحيازة عليه‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال وأخبرني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه كان يقول في رجل نتجت عنده دابة فيما يقول فجاء مدع فادعاها فأقام الذي في يديه الدابة شاهدين على أنها دابته نتجت عنده وشاهداه من أهل الفضل وجاء الذي ادعاها بأربعة شهداء أو أكثر فشهدوا أنها دابته قال يحيى يرى أن يستحلف الذي في يديه الدابة لحيازته اياها مع شاهديه‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني رجال من أهل العلم عن شريح الكندي وطاوس اليماني أن الدابة للذي هي عنده وقال شريح النتاج أحق من العراف فأما شريح فذكر حديثه‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن مهدي عن المغيرة عن إبراهيم النخعي في فرس شهد شاهدان أن الفرس لفلان نتج عنده وشهد شاهد أن الفرس لفلان نتج عنده فقال هو للذي هو في يديه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدا أقمت أنا عليه البينة أنه عبدي وأقام رجل آخر البينة أنه عبده وتكافأت البينتان أيقسم العبد بينهما في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ إذا تكافأت البينتان ولم تكن السلعة في يد واحد منهما ورأى الامام أن يقسمها بينهما قسمها إذا رأى الامام ذلك وإنما معنى قوله أن رأى الامام ذلك إذا لم تكن لأحدهما حجة قد استنفد الامام حجتهما ولم تبق لهما حجة قسمها بينهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا ادعى زرعا في أرض وادعى الآخر ذلك الزرع وأقاما البينة ورب الأرض لا يدعى الزرع لمن تجعل هذا الزرع‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك بقول مالك في مثل هذا أنه لا يقضى بالزرع لواحد منهما حتى يشتري ذلك ولكن يسألهما يزيدانه بينة‏؟‏

قال‏:‏ والذي سمعت عنه أن كل ما تكافأت فيه البينتان وليس هو في يد واحد منهما أن ما كان من ذلك مما لا يخاف عليه مثل الدور والأرضين ترك حتى يأتي أحدهما بأعدل مما أتى به صاحبه فيقضى له به إلا أن يطول زمان ذلك ولا يأتي واحد منهما بشيء غير ما أتيا به أولا فيقسم بينهما‏.‏

وكذلك كل ما كان يخاف عليه مثل الحيوان والعروض والطعام فانه يستأنى به قليلا لعله أن يأتي أحدهما بأثبت مما أتى به صاحبه فيقضى له به فان لم يأت واحد منهما بشيء وخيف عليه قسمته بينهما وكذلك مسئلتك في الزرع ورأيي في الدور والأرضين على ما أخبرتك إذا لم يكن في يد واحد منهما شيء من ذلك ولم يأت واحد منهما بأثبت مما أتى به صاحبه فيقسم ذلك بينهما لأن ترك ذلك ووقفه يصير إلى ضرر‏.‏

قلت‏:‏ فلو كان رب الأرض يدعي الزرع أيترك الزرع في يد رب الأرض‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان كان الزرع في يد واحد منهما كان أولى بذلك إذا أقام البينة‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن دارا ليست في يدي ادعيت أنها دراي وأقمت البينة وادعى رجل آخر أنها داره وأقام البينة أنها داره أيقضى بها بيننا نصفين وهل يخرجها من يدى هذا الذي هي في يديه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يقضى بها لواحد منهما حتى يستبرأ ذلك لأن مالكا قال في الرجلين يدعيان السلعة وليست في يد واحد منهما وتكافأت بينتهما‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا أقضى بها لواحد منهما وآمرهما أن يزيدا بينة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ابنين أحدهما مسلم والآخر نصراني فادعى المسلم أن أباه مات مسلما وقال الكافر بل مات أبي كافرا القول قول من وكيف أن أقاما جميعا البينة على دعواهما وتكافأت البينتان‏؟‏

قال‏:‏ كل شيء لا يعرف لمن هو يدعيه رجلان فانه يقسم بينهما فأرى هذا كذلك إذا كانت بينة المسلم والنصراني مسلمين‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أو ليس هذا قد أقام البينة أن والده مات مسلما صلى عليه ودفن في مقبرة المسلمين فكيف لا يجعل الميراث لهذا المسلم‏؟‏

قال‏:‏ ليست الصلاة شهادة‏؟‏

قال‏:‏ وأما المال فأقسمه بينهما‏.‏

وأما إذا لم تكن لهما بينة وعرف أنه كان نصرانيافهو على النصرانية حتى يقيم المسلم البينة أنه مات على الإسلام لأن أباه نصراني يعرف الناس أن أباه كان نصرانيا فهو على النصرانية حتى يقيم بينة أنه مات على الإسلام لأنه مدع إلا أن يقيما جميعا البينة كما ذكرت لك وتتكافأ البينتان فهو بينهما ‏(‏وقال غيره‏)‏ يكون المال للمسلم بعد أن يحلف على دعوى النصراني لأن بينة المسلم زادت حين زعمت أنه مسلم‏.‏

في الشهادة على الحيازة

قلت‏:‏ أرأيت أن شهدوا على دار أنها في يد رجل منذ عشر سنين يحوزها ويمنعها ويكريها ويهدم ويبني وأقام آخر البينة أن الدار داره أيجعل مالك الذي أقام البينة على الحيازة وهي في يديه بمنزلة الذي يقيم البينة وهي في يديه أنها له فيكون أولى بها في قول مالك ويجعل مالك الحيازة إذا شهدوا له بها بمنزلة الملك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك بن أنس إذا كان حاضرا يراه يبني ويهدم ويكرى فلا حجة له وإن كان غائبا سئل الذي الدار في يديه فان أتى ببينة أو بسماع قد سمعوا أن أباه أو جده قد اشترى هذه الدار إذا كان أمرا قد تقادم فأراها له دون الذي أقام البينة أنها له‏؟‏

قال‏:‏ مالك لأن ها هنا دورا قد عرف لمن أولها قد بيعت وتداولتها المواريث وحيزت منذ زمان فلو سئل أهلها البينة على أصل الشراء لم يجدوا إلا السماع فإذا كان مثل ما وصفت لك في تطاول الزمان فأتى بالسماع مع الحيازة فأراها كذلك قال مالك وإن لم يأت بالسماع ولا بالشهادة وكان الذي يطلب الدار غائبا فقدم فأقام البينة أنها له رأيتها له‏؟‏

قال‏:‏ مالك وإن كان حاضرا إذا حازها هذا المشتري دونه فلا شيء للذي يدعيها‏.‏

قلت‏:‏ هل كان مالك يوقت في الحيازة عشر سنين‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت مالكا يحد عشر سنين ولا غير ذلك ولكن على قدر ما يرى أن هذا قد حازها دون الآخر فيما يكري ويهدم ويبني ويسكن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الدواب والثياب والعروض كلها والحيوان كله هل كان مالك يرى أنها إذا حازها رجل بمحضر من رجل فادعاها الذي حيزت عليه أنه لا حق له فيها لأن هذا قد حازها دونه وهل كان يقول في هذه الأشياء مثل ما يقول في الدور والحيازة‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن ذلك عندي مثل ما قال مالك في الدور إذا كانت الثياب تلبس وتمتهن والدواب تكرى وتركب‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من حاز شيئا عشر سنين فهو له‏.‏

قال عبد الجبار‏:‏ عن ربيعة أنه قال إذا كان الرجل حاضرا وماله في يد غيره فمضت عليه عشر سنين وهو على ذلك كان المال للذي هو في يديه لحيازته اياه عشر سنين إلا أن يأتي الآخر بالبينة على أنه أكرى أو أسكن أو أعار عارية أو صنع شيئا من هذا والا فلا شيء له‏.‏

قال ربيعة‏:‏ ولا حيازة على غائب‏.‏

ما جاء في الشهادة على المواريث

قلت‏:‏ أرأيت أن مات عندنا ميت فأتي رجل فأقام البينة بأنه بن الميت ولم يشهد الشهود أنهم لا يعلمون له وارثا غيره أتجيز شهادتهم وتعطى هذا الميراث أم لا‏؟‏ تعطيه من الميراث شيئا وهل تحفظ قول مالك في هذا‏؟‏

قال‏:‏ وجه الشهادة عند مالك في هذا أن يقولوا أنه ابنه وأنهم لا يعلمون له وارثا غيره فأرى أن تبطل الشهادة في ذلك ويسئل وينظر‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت البينة أن هذه الدار دار أبي أو جدي ولم يشهدوا أنه مات وتركها ميراثا لي أيقضى لي بها السلطان في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا حتى يشهدوا أنه مات وتركها ميراثا لا يعلمونه أنه أحدث فيها شيئا ولا خرجت من يده وجل الدور تعرف لمن كان أولها ثم قد تداولها أقوام بعد ذلك فهم أن شهدوا شهدوا بحق ولا علم لهم بما كان فيها فلا تجوز شهادتهم حتى يشهدوا أنه مات وتركها ميراثا لا يعلمون له وارثا غيره إذا شهدوا أن هذا وارث جده أو وارث أبيه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن شهدوا أن هذا وارث أبيه وجده ومعه ورثة أخرون‏؟‏

قال‏:‏ لا يعطى هذا إلا حظه‏.‏

قلت‏:‏ فحظوظ أخوته أتؤخذ من يد هذا الذي هي في يديه فيضعها السلطان على يدي عدل‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن لا يعطى منها لهذا الا مقدار حظه وما استحق من ذلك ويترك السلطان ما سوى ذلك في يدى المدعى عليه حتى يأتي من يستحقه ولا يخرجه من يديه‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد كان غيره يقول هذا ‏(‏وروى‏)‏ أشهب عن مالك أنه قال ينزع من يد المطلوب ويوقف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما شهدوا على أن هذه الدار دار جدي وأن هذا المولى مولى جدي ولم يحددوا المواريث لم يشهدوا أن جدي مات فورثه أبي وأن أبي مات فورثته أنا‏؟‏

قال‏:‏ سأل مالكا بعض أصحابنا وسمعته يسأل عن الرجل يقيم البينة أن هذه الدار دار جده ويكون فيها رجل قد حازها منذ سنين‏.‏

قال مالك أما إذا كان الرجل المدعى حاضرا فلا أرى له فيها حقا لأجل حيازته اياها إذا كان قد حازها سنين ذوات عدد وأما إذا كان المدعى غائبا وثبتت المواريث حتى صارت له فاني أرى أن يسئل الذي هي في يديه من أين صارت له فان أتى ببينة على شراء أو سماع على الاشتراء ولم يكن أحد يشهد على معاينة الشراء وليس من يشهد على البتات إلا على السماع فأرى الشهادة جائزة للذي هي في يديه بالسماع بالاشتراء وإن لم يكن في أصل الشهادة شهادة تقطع على البيع‏؟‏

قال‏:‏ مالك لأن ها هنا دورا يعرف لمن أولها قد بيعت ولا يوجد من يشهد على أصل الاشتراء إلا بالسماع ثم قال لنا مالك منها هذه الدار التي أنا فيها قد باعها أهلها وليس أحد يشهد على أصل الشراء إلا بالسماع‏.‏

فإذا أتى الذي في يديه الدار بأصل الشراء أو بقوم يشهدون على سماع الاشتراء فذلك‏.‏

قلت‏:‏ فان لم يأت الذي في يديه الدار بشيء من هذا لا بقوم يشهدون على الساع ولا بقوم يشهدون على الشراء أتجعلها للذي أقام البينة أنها لجده على ما ثبت في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم تكون للذي أقام البينة أنها لجده إذا كان غائبا‏.‏

قلت‏:‏ وشهادة السماع ها هنا إنما هي أن يشهدوا أنهم قد سمعوا أن هذا اشترى هذه الدار من جد هذا المدعى‏؟‏

قال‏:‏ إذا تقادم ذلك جازت شهادتهم على السماع وإن كان المشترى حيا لأن الرجل يشترى ويتقادم ذلك حتى يكون اشتراؤه هذا منذ أربعين سنة أو ستين سنة أو نحو ذلك ولم أوقف مالكا على أنه هو اشتراه بعينه إلا أن الذي ذكر لي مالك إنما هو في الشراء الذي يتقادم‏؟‏

قال‏:‏ وأما الذي في الولاء فان مالكا قال أقضى بالسماع إذا شهدت الشهود على السماع أنه مولاه بالمال ولا أقضى له بالولاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقام البينة أن الدار دار أبيه وقالت البينة لا نعرف كم الورثة أيقضى له بشيء من الدار في قول مالك وكيف أن قال الابن إنما أنا وأخي ليس معنا وارث غيرنا أو قال أنا وحدي الوارث ليس معي وارث غيري أيصدق أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولا أرى أن يقضى له السلطان بشيء حتى يقيم البينة على عدة الورثة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت البينة على دار أنها دار جدي ولم يشهد الشهود أن جدي مات وتركها ميراثا لأبي وأن أبي مات وتركها ميراثا للورثة ولم يحددوا المواريث بحال ما وصفت لك‏؟‏

قال‏:‏ سألنا مالكا عنها فقال ينظر في ذلك فان كان المدعى حاضرا بالبلد التي الدار فيها وقد حيزت دونه السنين يراهم يسكنون ويحوزون بما تحازبه الدور فلا حق له فيها وإن كان لم يكن بالبلد التي الدار بها وإنما قدم من بلد آخر فأقام البينة على أنها دار أبيه ودار جده وثبتت المواريث سئل الذي الدار في يديه فان أتى ببينة على أصل شراء أو الوجه الذي صارت به إليه أو أتى بالسماع من جيرانه أو من غير جيرانه أن والده أو جده كان اشترى هذه الدار أو هو بنفسه إذا طال الزمان فقالوا سمعنا أنه اشتراها وها هنا دور يعرف لمن أولها وقد تقادم الزمان وليس على أصل الشراء بينة وإنما هو سماع من الناس أن فلانا اشترى هذه الدار وإن لم يثبت لم يسئل الذي الدار في يديه عن شيء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أتى الذي الدار في يديه ببينة يشهدون أنهم سمعوا أن هذا الرجل الذي في يديه الدار اشترى هذه الدار أو اشتراها جده أو اشتراها والده إلا أنهم قالوا سمعنا أنه اشتراها ولكنا لم نسمع بالذي اشتراها منه من هو‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك حتى يشهدوا على سماع صحة أنه اشتراها من فلان أبى هذا المدعى أو جده‏.‏

في ايقاف المدعى عليه في الأرض عن العمل فيها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن دارا في يدي ورثتها عن أبي فأقام بن عمي البينة أنها دار جده وطلب مورثه‏؟‏

قال‏:‏ هذا من وجه الحيازة التي أخبرتك‏؟‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا واختصم إليه في أرض حفرت فيها عين فادعى فيها رجل دعوى فاختصموا إلى صاحب بعض تلك المياه فأوقفهم حتى يرتفعوا إلى المدينة فأتى صاحب العين الذي كان عملها فشكا ذلك إلى مالك فقال مالك قد أحسن حين أوقفها وأراه قد أصاب‏؟‏

قال‏:‏ فقال له صاحب تلك الأرض أترك عمالي يعملون فان استحق الأرض فليهدم عملي‏.‏

فقال‏:‏ مالك لا أرى ذلك وأرى أن يوقف فان استحق حقه والا بنيت‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم وهل يكون هذا بغير بنية وبغير شيء توقف هذه الأرض‏؟‏

قال‏:‏ لا توقف إلا أن يكون لدعوى هذا المدعي وجه‏.‏

في الرجل يدعي دارا في يد رجل ويقيم بينة غير قاطعة فيريد المدعى عليه أن يبيع أو يهب

قلت‏:‏ أرأيت رجلا ادعى دارا في يد رجل فانشب الخصومة فيما بينه وبينه وأقام البينة إلا أن بينته لم تقطع فأراد الذي الدار في يديه أن يبيع الدار أو يهبها أيمنع من ذلك في قول مالك للذي أوقع صاحبه عليه من البينة والذي أنشب من الخصومة‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن له أن يبيع أو يتصدق أو يهب ما لم يقض عليه بذلك لأن بيعه ليس مما يبطل حجة هذا ولا تبطل بينته التي أوقع فهذا رد المسألة الأولى في الوقف ‏(‏وقال غيره‏)‏ ليس له أن يبيع لأن البيع غرر وخطر‏.‏

في الرجل تقوم له البينة على متاعه أيحلف أنه ما باع ولا وهب

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ادعيت عبدا بيد رجل فأقمت عليه البينة أنه عبدي أيحلفني القاضي بالله أني ما بعت ولا وهبت ولا خرج من يدي بوجه من الوجوه مما يخرج به العبد من ملك السيد‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال لي مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت كل شيء ادعيته بيد رجل عبدا أو أمة أو حيوانا أو عروضا أو طعاما أو غير ذلك فأقمت البينة أنه لي أكان مالك يأمر القاضي أن يحلفه مع بينته بالله الذي لا إله إلا هو ما خرج هذا الشيء من يديه ببيع ولا بهبة ولا بوجه مما يسقط ملكه عنه‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا غير مرة يقول في الذي يدعي العبد أو الأمة أو الدابة أو الثوب أنها سرقت منه ويقيم عليها البينة أنه شيئه لا يعلمه باع ولا وهب‏؟‏

قال‏:‏ مالك فاذا شهد الشهود بهذا استوجب ما ادعي‏؟‏

قال‏:‏ فقيل لمالك فلو أن شهودا شهدوا على البتات أنه ما باع ولا وهب‏؟‏

قال‏:‏ مالك هؤلاء شهدوا على ما لا يعلمون فهذه الشهادة الغموس قال وأراهم قد شهدوا بباطل‏؟‏

قال‏:‏ مالك وأرى أن يحلف الامام الذي شهدوا له بالله الذي لا إله إلا هو ما باع ولا وهب ولا أخرجه من يديه بشيء مما يخرج به من ملكه فأرى كل ما سألت عنه مثل هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذي يعرف دابته عند رجل أيلزم الذي اعترفها أن يأتي ببينة يشهدون أنها دابته لا يعلمون أنه باع ولا وهب‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك قال مالك ولا يلزمه أن يأتي ببينة يشهدون على البتة أنه ما باع ولا وهب‏؟‏

قال‏:‏ مالك فان شهدت البينة على البتة فأراهم شهود زور‏؟‏

قال‏:‏ مالك ويحلف رب الدابة إذا قضى له بها بالله الذي لا إله إلا هو ما باع ولا وهب ولا أخرجها من يده بوجه من الوجوه يحلف على البتة‏.‏

قلت‏:‏ فان قال أعرتها أو استودعتها أيكون هذا خروجا من ملكه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون هذا خروجا من ملكه ويأخذ دابته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقام شاهدا واحدا في هذا أيحلف مع شاهده ويستحق دابته‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الرجل يقضى له القاضي بالقضية هل يأخذ منه كفيلا

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت البينة أو هذه الدار دار أبي أو جدي أو أن هذا المتاع متاع أبي مات وتركه ميراثا لا وارث له غيري فقضى لي القاضي به هل كان مالك يأمر القاضي أن يأخذ مني كفيلا إذا أراد أن يدفع إلي ذلك الشيء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أن الكفيل الذي يأخذه القضاء في هذا إنما هو جور وتعد وليس عليهم إذا استحقوا حقوقهم أن يأتوا بكفلاء‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم بل يعطون حقوقهم بغير كفالة‏.‏

في الاستحلاف على البتات

قلت‏:‏ أرأيت لو أني بعت من رجل سلعة فاقتضيت الثمن وجحدته الاقتضاء فادعيت قبله الثمن وأردت أن أستحلفه على أنه لم يشتر مني سلعة كذا وكذا بكذا وكذا وقال أنا أحلف لك أنه لا حق لك على‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عنها فقال لا تقبل منه اليمين حتى يبين أنه ما اشترى منه سلعة كذا وكذا بكذا وكذا لأن هذا يريد أن يورك فلا أرى ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ له ما معنى قول مالك يريد أن يورك‏؟‏

قال‏:‏ الألغاز فيما نوى‏.‏

في الشريكين يكون لهما الدين على الرجل فيجحده فيريد أحدهما أن يستحلفه فيحلف على الكل ثم يريد الشريك الآخر أن يستحلفه الثانية على مصابته

قلت‏:‏ أرأيت لو أن متفاوضين ادعي أحدهما قبل رجل دينا من شركتهما فجحده الرجل ذلك فأراد المفاوض أن يستحلفه فقال الرجل المستحلف أنا أحلف لك على حصتك ولا أحلف لك علي حصة صاحبك‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يحلف على حصته وحصة صاحبه لأنه في حصة صاحبه موكل بالقبض مفوض إليه أن يشتري ويبيع ويقبض الثمن في حصة صاحبه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن حلف لهذا ثم أتى صاحبه فأراد أن يستحلفه أيضا على حصته أيكون له ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون له ذلك لأنه قد حلف لشريكه فلا يكون للوالي أن يستحلفه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو وكلت وكيلا يقبض مالي على فلان فجحد فلان المال فقدمه وحلف له ثم لقيته بعد ذلك لم يكن لي أن أستحلفه لأن وكيلي قد استحلفه‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في استحلاف مدعى الحق إذا ادعى قبله القضاء

قلت‏:‏ أرأيت أن أقام رجل شاهدين على حق له فقال المشهود عليه أحلفه لي مع شاهديه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحلف وليس عليه يمين إذا أقام شاهدين إلا أن يدعي أنه قضاه فيما بينه وبينه فأرى أن يحلف الطالب على ذلك فان نكل أحلف المطلوب وبرئ‏.‏

في استحلاف المدعي عليه

قلت‏:‏ أرأيت القاضي كيف يحلف المدعى عليه أيحلفه بالله الذي لا إله إلا هو أم يزيد على هذا الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يستحلف بالله الذي لا إله إلا هو ولا يزيد على ذلك كذلك قال لنا مالك‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن سلام بن سليمان عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن بن عباس قال جاء خصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعى أحدهما على الآخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمدعي أقم بينتك على حقك فقال ليست لي بينة فقال النبي صلى الله عليه وسلم للآخر احلف بالله الذي لا إله إلا هو ماله عندك شيء فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ماله عندي شيء‏.‏

قلت‏:‏ فأين يحلف الذي يدعى قبله والذي يستحق بيمينه مع شاهده أين يستحلفهما في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك كل شيء له بال فانهما يستحلفان فيه هذان جميعا في المسجد الجامع‏.‏

فقيل‏:‏ لمالك أعند المنبر‏.‏

فقال‏:‏ مالك لا أعرف المنبر إلا منبر النبي صلى الله عليه وسلم وأما مساجد الآفاق فلا أعرف المنبر فيها ولكن للمساجد مواضع هي أعظم من بعض فأرى أن يستحلفه في المواضع التي هي أعظم‏؟‏

قال‏:‏ مالك وعندنا بالمدينة لا يستحلف عند المنبر إلا في ربع دينار فصاعدا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الحالف هل يستقبل به القبلة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك عليه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال الاستحلاف عند المنبر لم يزل يعمل به منذ بدا الإسلام وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف عند منبرى بيمين كاذبة فليتبوأ مقعده من النار‏؟‏

قال‏:‏ مالك وأن عمر بن الخطاب أمر أن يجلب إليه إلى الموسم الذي‏؟‏ قال لامرأته حبلك على غاربك فكل عظيم من الأمر يحلف في أعظم المواضع وأن عمر بن الخطاب كانت بينه وبين رجل خصومة فرتب عليه عثمان اليمين على المنبر فاتقاها فافتدى منها وقال أخاف أن أوافق قدرا وبلاء فيقال بيمينه‏؟‏

قال‏:‏ مالك وقد اتقاها زيد بن ثابت حين حكم عليه باليمين عند المنبر وجعل يحلف مكانه ‏(‏سحنون‏)‏ ولو أن زيدا كان الحلف عنده على المنبر من الباطل لقالها لمروان‏؟‏

قال‏:‏ مالك ألا ترى أنه دخل على مروان فقال أتحل بيع الربا يا مروان فقال مروان أعوذ بالله قال فالناس يتبايعون الصكوك قبل أن يقبضوها فبعث مروان حرسا يردونها فلو لم تكن اليمين على زيد بن ثابت في الموضع الذي قال له مروان لقال له ما هذا علي وقد قال له أشد من هذا ولقد اجتبذه أبو سعيد الخدري بردائه في صعوده المنبر قبل الصلاة في العيد ولقد قيل له وقد أراد أن يقطع سارقا في ثمر أو كثر فقال له كبير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قطع في ثمر ولا كثر فخلى عن السارق‏.‏

فما كانوا ليتركوا حقا يحضرونه إلا قالوا به أولا ترى أن العظيم من الأمر مثل اللعان أنه يكون بحضرة الناس وبعد الصلاة لاجتماع الناس وشهرة اليمين أولا ترى أن بن عباس أمر بن أبي مليكة بالطائف أن يحبس الجارية بعد العصر ثم يقرأ عليها أن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ففعل فاعترفت من حديث‏.‏

بن مهدي‏:‏‏.‏

في استحلاف النساء والعبيد في المسجد

قلت‏:‏ أرأيت النساء العواتق وغير العواتق والعبيد والاماء وأمهات الأولاد والمكاتبين والمدبرين أيحلفون في المساجد‏؟‏

قال‏:‏ إنما سألنا مالكا عن النساء أين يحلفن فقال أما كل شيء له بال فانهن يخرجن فيه إلى المساجد فان كانت امرأة تخرج بالنهار أخرجت بالنهار وأحلفت في المسجد وإن كانت ممن لا تخرج بالنهار أخرجت ليلا فأحلفت فيه‏؟‏

قال‏:‏ وإن كان الحق إنما هو شيء يسير لا بال له أحلفت في بيتها إذا كانت ممن لا تخرج وأرسل إليها القاضي من يستحلفها لصاحب الحق‏.‏

فأما ما سألت عنه من المكاتب والمدبر وأمهات الأولاد فسنتهم سنة الأحرار إلا أني أرى أن أمهات الأولاد بمنزلة الحرائر منهن من تخرج ومنهن من لا تخرج‏.‏

قلت‏:‏ هل يجزئ في هذه المرأة التي تستحلف في بيتها رسول واحد من القاضي يستحلفها‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيها شيئا وأرى أن يجزئ‏.‏

في استحلاف الصبيان

قلت‏:‏ أرأيت الصبيان هل عليهم يمين في شيء من الأشياء يحلفون إذا ادعى عليهم أو يحلفون إذا كان لهم شاهد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحلف الصبيان في شيء من الأشياء حتى يبلغوا‏.‏

في استحلاف الورثة على ذكر حق أبيهم إذا ادعى الغريم أنه قد قضى الميت

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يهلك ويدع أولادا صغارا فيوجد للميت ذكر حق فيه شهود فيدعى الذي عليه الحق أنه قد قضى الميت حقه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا ينفعه ذلك‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك أفتحلف الورثة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن كان فيهم من قد بلغ ممن يظن أنه قد علم بالقضاء أحلف والا فلا يمين عليهم‏.‏

قلت‏:‏ فان نكل هذا الذي يظن أنه قد علم بالقضاء عن اليمين أيسقط الدين كله في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يسقط الدين كله ولكن يسقط من الدين قدر حقه أن لو حلف عن الذي عليه الحق‏.‏

في استحلاف اليهودي والنصراني والمجوسي

قلت‏:‏ هل ذكر لكم مالك أن النصراني أو النصرانية يحلفان في شيء من أيمانهما في دعواهما أو إذا ادعى عليهم أو في لعانهم أنهم يحلفون بالله الذي أنزل الانجيل على عيسى‏؟‏

قال‏:‏ سمعته يقول لا يحلفون إلا بالله فقط‏.‏

قلت‏:‏ واليهود هل سمعته يقول يحلفون بالله الذي أنزل التوراة على موسى‏؟‏

قال‏:‏ اليهود والنصارى عند مالك سواء‏.‏

قلت‏:‏ فهل يحلف المجوس في بيت نارهم‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يحلفوا بالله حيث يعظمون‏.‏

قلت‏:‏ فأين يحلف اليهود والنصارى‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في كنائسهم حيث يعظمون ‏(‏وقال‏)‏ مالك لا يحلفون إلا بالله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عطاء بن دينار أن عمر بن عبد العزيز نهى أن يستحلف النصراني بغير الله‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني بعض أهل العلم عن رجال من أهل العلم بذلك‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن اسرائيل عن سماك بن حرب عن الشعبي أن أبا موسى الأشعري أحلف يهوديا بالله قال الشعبي لو أدخله الكنيسة لغلظ عليه‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن سفيان الثوري عن أيوب عن محمد بن سيرين أن كعب بن سوار كان يحلف بالله وكان يضع على رأسه الانجيل في المذبح‏.‏

قال سحنون‏:‏ وإن كنا لا نقول بوضع الانجيل على رأسه في المذبح ولكنه نزع من يزعم أنه لا يحلف إلا في أعظم مواضعه‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن سفيان الثوري عن جابر عن الشعبي عن مسروق أنه كان يحلف أهل الكتاب بالله ويقول أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم وأن أحكم بينهم بما أنزل الله وأنزل الله أن لا تشركوا به شيئا‏.‏

بن مهدي‏:‏ عن قيس بن الربيع عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن شريح أنه خاصم إليه رجل رجلا من أهل الكتاب فحلفه بالله حيث يكره‏.‏

في تعديل الشهود

قلت‏:‏ هل كان مالك يقول لا يقضى القاضي بشهادة الشهود حتى يسأل عنهم في السر‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فهل يقبل تزكية واحد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يقبل في التزكية أقل من رجلين‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ومن الناس من لا يسئل عنهم ولا يطلب منهم التزكية لعدالتهم عند القاضي‏.‏

قلت‏:‏ ويزكى الشاهد عند القاضي وهو غائب‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا زكوا في السر أو العلانية أيكتفى بذلك عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا زكاه رجلان أجزأه‏.‏

في تجريح الشاهد

قلت‏:‏ أرأيت الشاهد بم يجرح في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يجرح إذا أقاموا البينة عليه أنه شارب خمر أو آكل ربا أو صاحب قيان أو كذاب في غير شيء واحد ونحو هذا ولا يجرحه إلا اثنان عدلان‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال يونس بن يزيد وسألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن صفة الذي لا تجوز شهادته فقال ربيعة ترد شهادة الخصم الذي يجر إلى نفسه والظنين والمغموص عليه في خلائقه وشكله ومخالفته أمر العدول في سيرته وإن لم يوقفه على عمل يظهر به فساده وترد شهاد العدو الذي لا يؤمن على ما شهد عليه في كل أمر لا يبقى عليه فيه‏.‏

في شهادة الزور

قلت‏:‏ أرأيت القاضي إذا أخذ شاهد الزور كيف يصنع فيه وما يصنع به في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يضربه ويطوف به في المجالس‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ حسبت أنه يريد به في المجالس في المسجد الأعظم‏.‏

قلت‏:‏ وكم يضربه‏؟‏

قال‏:‏ على قدر ما يرى الامام‏؟‏

قال‏:‏ وبلغني عن مالك أنه قال ولا تقبل له شهادة أبدا وأن تاب وحسنت حاله‏.‏

ابن وهب‏:‏ وأخبرني رجال من أهل العلم عن مكحول والوليد بن أبي مالك أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله بالشام إذا أخذتم شاهد زور فاجلدوه أربعين وسخموا وجهه وطوفوا به حتى يعرفه الناس ويطال حبسه ويحلق رأسه وبعضهم يزيد الحرف ‏(‏وقال ابن شهاب‏)‏ أرى أن ينكل بعقوبة موجعة وأن يسمع به حتى يجعلوا أحاديث وينكل بهم ويهاب شهود الزور مثل الذي وقع بهم‏.‏

كتاب المديان

في حبس المديان

قلت‏:‏ لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت القاضي هل يحبس في الدين في قول مالك بن أنس‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يحبس الحر ولا العبد في الدين ولكن يستبرئ أمره فان اتهم أنه قد أخفى مالا وغيبه حبسه وإن لم يجد له شيئا ولم يخف شيئا لم يحبسه وخلى سبيله فان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة إلا أن يحبسه قدر ما يتلوم له من اختباره ومعرفة ما له وعليه أو يأخذ حميلا‏.‏

قلت‏:‏ فان عرفت له أموال قد غيبها أيحبسه السلطان أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يحبسه أبدا حتى يأتي بماله ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الدين هل يحبس فيه مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك بن أنس إذا تبين للقاضي الالداد من الغريم حبسه‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك في الالداد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا كان له مال فاتهمه السلطان أن يكون قد غيبه قال مالك أو مثل هؤلاء التجار الذين يأخذون أموال الناس فيقعدون عليها فيقولون قد ذهبت منا ولا يعرف ذلك إلا بقولهم وهم في مواضعهم لا يعلم أنه سرق مالهم ولا احترق بيتهم ولا مصيبة دخلت عليهم ولكنهم يقعدون على أموال الناس فهؤلاء الذين يحبسون حتى يوفوا الناس حقوقهم‏.‏

قلت‏:‏ هل لحبس هؤلاء عند مالك حد‏؟‏

قال‏:‏ لا ليس لحبس هؤلاء عند مالك حد ولكنه يحبسهم أبدا حتى يوفوا الناس حقوقهم أو يتبين للقاضي أنه لا مال لهم فإذا تبين له أنه لا مال لهم أخرجهم ولم يحبسهم‏.‏

قلت‏:‏ فإذا أخرجهم من بعد ما تبين للقاضي افلاسهم أيكون للطالب أن يلزمهم ويمنعهم من الخروج يبتغون من فضل الله ولا يفارقهم أو يوكل من يلزمهم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له عند مالك أن يلزمهم ولا يمنعهم من الخروج يبتغون من فضل الله ولا يوكل بهم من يلزمهم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر أن عمر بن عبد العزيز كان لا يسجن الحر في الدين يقول يذهب فيسعى في دينه خير من أن يحبس وإنما حقوقهم في مواضعها التي وضعوها فيها صادفت عدما أو ملاء‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن محمد بن عمرو عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب كانا يستحلفان المعسر الذي لا يعلم له مال ما أجد له قضاء في قرض ولا عرض ولئن وجدت له قضاء حيث لا نعلم لنقضينه‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال مالك الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أن الحر إذا أفلس لا يؤاجر لقول الله تبارك وتعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة‏.‏