فصل: في زكاة الإبل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


فيمن لا يقسم عليه الرجل زكاته من أقاربه

 قلت‏:‏ أرأيت زكاة مال من لا ينبغي لي أن أعطيها إياه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا تعطها أحدا من أقاربك ممن تلزمك نفقته‏.‏

قال‏:‏ فقلت له فمن لا تلزمني نفقته من ذوي قرابتي وهو محتاج إليها‏.‏

فقال‏:‏ ما يعجبني أن يلي ذلك هو بالدفع إليهم وما يعجبني لأحد أن يلي قسمة صدقته لأن المحمدة تدخل فيه والثناء وعمل السر أفضل ولكني أرى أن ينظر رجلا ممن يثق به فيدفع إليه ذلك يقسمه عليه فإن رأى ذلك الرجل الذي من قرابته الذي لا يلزمه نفقته أهلا لها أعطاه كما يعطي غيره من غير أن يأمره بشيء من ذلك ولكن يكون الرجل الذي دفع ذلك إليه ليفرقه هو الناظر في ذلك على وجه الاجتهاد‏.‏

قلت‏:‏ من تلزمني نفقته في قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ الولد ولد الصلب دنيا تلزمك نفقته الذكور حتى يحتلموا فإذا احتلموا لم تلزمك نفقتهم والنساء حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن فإذا دخل بها زوجها فلا نفقة لها عليه فإن طلقها بعد البناء أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها‏.‏

قلت‏:‏ فإن هو طلقها قبل البناء بها‏.‏

فقال‏:‏ هي على نفقتها ألا ترى أن النفقة واجبة على الأب حتى يدخل بها لأن نكاحها في يد الأب ما لم يدخل بها زوجها‏.‏

قلت فولد الولد فقال لا نفقة لهم على جدهم وكذلك لا يلزمهم النفقة على جدهم‏:‏ ولا تلزم المرأة النفقة على ولدها وإنما يلزم الأب وحده النفقة على ولده وان لم يكن لولدها مال وهي موسرة لم تلزم النفقة على ولدها وتلزم النفقة على أبويها وان كانت ذات زوج وان كره ذلك زوجها كذلك قال مالك‏.‏

قال‏:‏ والزوج تلزمه نفقة امرأته وخادم واحدة لامرأته ولا يلزمه من نفقة خدمها أكثر من نفقة خادم واحدة ولا يلزمه نفقة أخ ولا ذي قرابة ولا ذي رحم محرم منه‏.‏

قلت‏:‏ فالذين لا يجوز له أن يعطيهم من زكاة ماله أهم هؤلاء الذين ذكرت الذين تلزمه نفقتهم‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ومن وراء هؤلاء من قرابته فهم في زكاته والاجنبيون سواء‏.‏

قال‏:‏ نعم على ما فسرت لك إذا رأى الذي دفع إليه زكاته أن يعطيهم أعطاهم‏.‏

قلت‏:‏ أتعطي المرأة زوجها من زكاتها‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏ قال لا وهذا أبين من أن أسأل مالكا عنه‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك لا يعطي أهل الذمة من الزكاة شيئا وأما قول مالك وعلى الوارث مثل ذلك فإن ذلك في الضرر على الوارث مثل ذلك أن لا يضار‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقد قال ذلك بن شهاب وقاله مالك وقد قال أشهب كان بن عباس وغيره من أهل العلم يرون ان إعطاء المرء قرابته من زكاته بوجه الصحة على وجه ما يعطي غيره من زكاة ماله مجزئ عنه وكان بن المسيب وطاوس يكرهان ذلك وكان مالك أكثر شأنه فيه الكراهية‏.‏

في العتق من الزكاة

قال‏:‏ وقال مالك من اشترى من زكاة ماله رقبة فأعتقها كما يعتق الوالي ان ذلك جائز ويجزئه من زكاته ويكون ولاؤه لجميع المسلمين‏.‏

قلت‏:‏ وكان مالك يقول يشتري الوالي من الزكاة رقابا فيعتقهم‏.‏

فقال‏:‏ نعم ويكون ولاؤهم لجميع المسلمين‏.‏

قال‏:‏ وحضرت مالكا يشير بذلك على من يقسم الصدقة‏.‏

قال مالك‏:‏ ويجوز للمرء أن يعمل في زكاة نفسه كما يجوز للوالي أن يعمل في زكاة المسلمين‏.‏

قلت‏:‏ فإن اشتراه من زكاة ماله فأعتقه عن نفسه‏.‏

قال‏:‏ لا يجزئه ولم أسمع هذا من مالك ولكنه لا يجوز وعليه الزكاة ثانية لأن الولاء له فكانها زكاة لم يخرجها وإنما إخراجها أن يكون ولاؤها لهم‏.‏

في اعطاء المكاتب وبن السبيل من الزكاة

 قال‏:‏ وقال مالك لا يعجبني أن يعان بها المكاتبون قال وما علمت أنه كان بهذا البلد أحد أقتدى به في ديني يفعله أو قال نراه ولا بلغني أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان فعلوا ذلك‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك يعطي من الزكاة بن السبيل وان كان غنيا في بلده إذا احتاج وإنما مثل ذلك مثل الغازي في سبيل الله يعطي منها وان كان غنيا‏.‏

قلت‏:‏ فالحاج المنقطع به‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك هو بن السبيل يعطى من الزكاة‏.‏

قلت‏:‏ والحاج عند مالك بن السبيل وان كان غنيا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال أشهب‏:‏ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لغني الا لخمسة لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل له جار مسكين فيصدق على المسكين فأهدى المسكين إلى الغني‏.‏

في تكفين الميت واعطاء اليهودي والنصراني والعبد من الزكاة

 قال‏:‏ وقال مالك بن أنس لا يجزئه أن يعطي من زكاته في كفن ميت لأن الصدقة إنما هي للفقراء والمساكين ومن سمى الله وليس للأموات ولا لبنيان المساجد شيء‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك لا يعطي من الزكاة مجوسي ولا نصراني ولا يهودي ولا عبد وكما لا يعتق في الكفارات غير المؤمنين فكذلك لا يطعم منها غير المؤمنين وكما لا يعتق في الزكاة غير المؤمنين فكذلك لا يعطي منها غير المؤمنين وقد‏؟‏ قال لا يعتق في الكفارات إلا مؤمنة ‏(‏ربيعة وعطاء‏)‏ مؤمنة صحيحة ‏(‏وقال‏)‏ نافع وربيعة لا يطعم من الزكاة نصراني ولا يهودي ولا عبد الا أن نافعا لم يذكر اليهودي ولا العبد‏.‏

فيمن يعطي مكان زكاة الذهب والورق عرضا

 قلت‏:‏ أرأيت ان أعطي زكاة ماله وقد وجبت عليه وهي ألف درهم كانت عنده حال عليها الحول فأعطى مكان زكاتها حنطة أو شعيرا أو عرضا من العروض قيمته ربع عشر هذه الألف‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك لا يعطي عروضا ولكن يعطي ورقا أو قيمة ذلك ذهبا وقد كره غير واحد اشتراء صدقة ماله عمر بن الخطاب وبن عمر وجابر بن عبد الله وقال يحيى من الناس من يكره اشتراء صدقته‏.‏

في الرجل له الدين على الرجل فيتصدق به عليه ينوي بذلك زكاة ماله

 قلت‏:‏ أرأيت الرجل يكون لي عليه الدين فتجب علي الزكاة فأتصدق عليه بذلك الدين وهو من الفقراء أنوي به أنه من زكاة مالي‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك فيما بلغني لا يعجبني ذلك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال غيره لأنه ناو إذا كان على فقير ولا يجزئه أن يعطي ناويا وهو عليه ولو جاز هذا لجاز للرجل أن يعطي في زكاة ماله أقل من القيمة مما وجب عليه لأن ما على الفقير لا قيمة له وان كانت له قيمة فقيمته دون‏.‏

في قسم خمس الركاز

 قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أصاب ركازا وكان له أقارب فقراء منهم من يضمنه الحاكم نفقته ومنهم من لا يضمنه الحاكم نفقته أيجعل خمس هذا الركاز فيهم أم لا‏؟‏ فقال‏:‏ لا يخصهم بذلك ولكن يعطيهم كما يعطي غيرهم من الفقراء فقراء موضعه وذلك أن مالكا كره أن يعطي الرجل زكاته أقاربه الذين لا بد من نفقتهم لمكان محمدتهم إياه وقضاء مذمة إن كانت عليه ودفع صلات بهذا إن كانوا يرجونها منه فلو صح ذلك عنده لم ير بذلك بأسا‏.‏

قال‏:‏ وإنما كان يقول لنا مالك إنما أخاف بذكر هذه الأشياء أن يحمدوه عليها‏.‏

قال عبد الرحمن بن القاسم‏:‏ فهذا الخمس لمن كان لا يدفع به شيئا مما وصفت لك من مذمة ولا يجزئه محمدة إلا على وجه الاجتهاد لهم كاجتهاده في غيرهم فلا أرى بذلك بأسا‏.‏

فأما ولد أو والد فلا يعجبني ذلك لأن نفقتهم تلزمه فهو إذا أعطاهم دفع عن نفسه بعطيتهم نفقتهم وإن كانوا أغنياء فغيرهم أحق بذلك منهم‏.‏

وقد قال غيره إذا أعطاهم كما يعطي غيرهم من الإباعد على غير إيثار جاز لأن الخمس فيء وليس هو مثل الزكاة التي لا تحل لغني والفيء يحل للغني والفقير إلا أن الفقير يؤثر على الغني‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت هذا الخمس لم لا يعطيه ولده ووالده الذين يضمن نفقتهم فيغنيهم بذلك ويدفع عنه نفقتهم وهذا الخمس عندك إنما هو فيء وهؤلاء فقراء‏.‏

فقال‏:‏ ينبغي له أن ينظر إلى من هو أفقر من هؤلاء الذين يضمن هو نفقتهم فهم أولى بذلك لأن الوالدين لو كانا فقيرين أحدهما له من ينفق عليه والآخر ليس له من ينفق عليه فكذلك هذا الرجل ‏(‏وسئل‏)‏ مالك وأنا قاعد عن رجل محتاج له أب موسر أترى أن يعطى من القسم شيئا‏.‏

فقال‏:‏ إن كان لا يناله معروف أبيه فلا أرى بذلك بأسا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فإن كان يناله معروف أبيه فغيره من أهل الحاجة ممن لا يناله معروف أحد أولى بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أي شيء هذا القسم‏.‏

فقال‏:‏ هو الزكاة‏.‏

ما جاء في الفيء

 قلت‏:‏ لابن القاسم ما قول مالك في هذا الفيء أيسوى بين الناس فيه أو يفضل بعضهم على بعض‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يفضل بعضهم على بعض ويبدأ بأهل الحاجة حتى يغنوا منه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت جزية جماجم أهل الذمة وخراج الأرضين ما كان منها عنوة ووفاء صالح أهلها عليه ما يصنع بهذا الخراج‏.‏

قال‏:‏ قال مالك هذا جزية‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والجزية عند مالك فيما نعلم من قوله فيء كله‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فيمن يعطى هذا الفيء وفيمن يوضع‏.‏

قال‏:‏ قال مالك على أهل كل بلد فتحوها عنوة أو صالحوا عليها هم أحق به يقسم عليهم يبدأ بفقرائهم حتى يغنوا ولا يخرج منهم إلى غيرهم إلا أن تنزل بقوم حاجة فينقل إليهم منه بعد أن يعطي أهلها منه‏.‏

يريد ما يغنيهم على وجه النظر والاجتهاد‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكذلك كتب عمر بن الخطاب لا يخرج فيء قوم منهم عنهم إلى غيرهم‏.‏

قال‏:‏ ورأيت مالكا يأخذ بالحديث الذي كتب به عمر بن الخطاب إلى عمار بن ياسر وصاحبيه إذ ولاهم العراق وحين قسم لأحدهم نصف شاة وللآخرين ربعا ربعا فكان في كتاب عمر بن الخطاب إنما مثلي ومثلكم في هذا المال كما قال الله تبارك وتعالى في مال اليتيم ‏{‏ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف‏}‏‏.‏

قال‏:‏ وسألناه عن الرجل يوصي بالنفقة في سبيل الله قال يبدأ بأهل الحاجة الذين في سبيل الله قال وكلمته في غير شيء فرأيت قوله أنه يبدأ في جميع ذلك بالفقراء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقال مالك يبدأ بالفقراء في هذا الفيء فإن بقي شيء كان بين الناس كلهم بالسوية إلا أن يرى الوالي أن يحسبه لنوائب تنزل به من نوائب أهل الإسلام فإن كان ذلك رأيت ذلك له‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والناس كلهم سواء عربيهم ومولاهم وذلك أن مالكا حدثني أن عمر بن الخطاب خطب الناس ثم قال أيها الناس إني عملت عملا وإن صاحبي عمل عملا فإن بقيت إلى قابل لألحقن أسفل الناس بأعلاهم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك بلغني أن عمر بن الخطاب قال ما من أحد من المسلمين إلا وله في هذا المال حق أعطيه أو منعه حتى لو كان راعيا أو راعية بعدن‏.‏

قال‏:‏ ورأيت مالكا يعجبه هذا الحديث‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وسمعت مالكا يقول قد يعطي الوالي الرجل يجيزه للأمر يراه فيه على وجه الدين أي وجه الدين من الوالي يجيزه لقضاء دينه بجائزة أو لأمر يراه قد استحق الجائزة فلا بأس على الوالي بجائزة مثل هذا ولا بأس أن يأخذها هذا الرجل‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أيعطي المنفوس من هذا المال‏.‏

قال‏:‏ نعم وقد أخبرني مالك أن عمر بن الخطاب مر ليلة فسمع صبيا يبكي فقال لأهله ما لكم لا ترضعونه قال فقال أهله إن عمر بن الخطاب لا يفرض للمنفوس حتى يفطم وانا فطمناه قال فولى عمر بن الخطاب وهو يقول كدت والذي نفسي بيده أن أقتله ففرض للمنفوس من ذلك اليوم مائة درهم‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فإن كان المنفوس والده غنيا أيبدأ بكل منفوس والده فقير‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ له أفكان يعطى النساء من هذا المال فيما سمعت من مالك‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول كان عمر بن الخطاب يقسم للنساء حتى أن كان ليعطيهن المسك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم ويبدأ بالفقيرة منهن قبل الغنية‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ له أرأيت قول مالك يسوى بين الناس في هذا الفيء الصغير والكبير والمرأة والرجل فيه سواء‏.‏

قال‏:‏ تفسيره أنه يعطي كل إنسان قدر ما يغنيه الصغير قدر ما يغنيه والكبير قدر ما يغنيه والمرأة قدر ما يغنيها هذا تفسير قوله عندي يسوى بين الناس في هذا المال‏.‏

قلت‏:‏ له فإن فضل الآن بعد ما استغنى أهل الإسلام من هذا المال فضل‏.‏

قال‏:‏ ذلك على اجتهاد الإمام إن رأى أن يحبس ما بقي لنوائب أهل الإسلام حبسه وإن رأى أن يفرقه على أغنيائهم فرقه وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فهذا الفيء حلال للأغنياء‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ ولقد حدثني مالك بن أنس أنه أتى بمال عظيم من بعض النواحي في زمان عمر بن الخطاب فصب في المسجد فبات عليه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنهم فلما أصبح كشف عنه أنطاع ومسوح كانت عليه فلما مسته الشمس أئتلق وكان فيه تيجان قال فبكى عمر بن الخطاب فقال له عبد الرحمن بن عوف يا أمير المؤمنين ليس هذا حين بكاء إنما هذا حين شكر فقال إني أقول إنه ما فتح الله بهذا على قوم قط إلا سفكوا دماءهم وقطعوا أرحامهم ثم‏؟‏ قال لابن الأرقم أكتب لي الناس قال قد كتبتهم ثم جاءه بالكتاب قال فقال له هل كتبت الناس‏؟‏ قال نعم قد كتبت المهاجرين والانصار والمهاجرين من العرب والمحررين يعني المعتقين قال ارجع فاكتب فلعلك قد تركت رجلا لم تعرفه ارادة أن لا يترك أحدا‏.‏

فهذا يدلك على أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر في زمان الرمادة فقلنا لمالك وما زمان الرمادة أكانت سنة أو سنتين قال ابن القاسم بلغني أنها كانت ست سنين قال فكتب إليه واغوثاه واغوثاه قال فكتب إليه عمرو بن العاص لبيك لبيك لبيك قال فكان يبعث إليه العير عليها الدقيق في العباء فكان يقسمها عمر فيدفع الجمل كما هو إلى أهل البيت فيقول لهم كلوا دقيقه والتحفوا العباء وانتحروا البعير وأتدموا بشحمه وكلوا لحمه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ سمعت مالكا وهو يذكر أن رجلا رأى فيما يرى النائم في خلافة أبي بكر أن القيامة قد قامت وأن الناس حشروا قال فكأنه ينظر إلى عمر بن الخطاب قد فرع الناس بسطة قال فقلت في منامي بم فضل عمر بن الخطاب الناس قال فقيل لي بالخلافة والشهادة وأنه لا يخاف في الله لومة لائم قال فأتى الرجل حين أصبح فإذا أبو بكر وعمر قاعدان جميعا فقص عليهما الرؤيا فلما فرغ منها انتهره عمر ثم قال له قم أحلام نائم فقام الرجل فلما توفي أبو بكر وولى عمر أرسل إليه ثم قال له أعد علي الرؤيا التي رأيتها قال أو ما كنت رددتها علي قال له أو ما كنت تستحي أن تذكر فضيلتي في مجلس أبي بكر وهو فيه قاعد قال فقصها الرجل عليه فقال بالخلافة قال عمر هذه أولتهن يريد قد نلتها ثم قال والشهادة فقال عمر أنى ذلك لي والعرب حولي فقال بلى وإن الله على ذلك لقدير قال وأنه لا يخاف في الله لومة لائم قال عمر والله ما أبالي إذا قعد الخصمان بين يدي على من دار الحق فأديره‏.‏

قال عبد الرحمن بن القاسم‏:‏ سمعت مالكا يقول اختصم قوم في أرض قرب المدينة فرفعوا ذلك إلى عثمان بن عفان قال فركب معهم عثمان بن عفان لينظر فيما بينهم قال فلما ركب وسار فقال له رجل من القوم يا أمير المؤمنين أتركب في أمر قد قضى فيه عمر بن الخطاب قال فرد عثمان دابته وقال ما كنت لأنظر في أمر قد قضى فيه عمر‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم هل يجبر الإمام أحدا على أخذ هذا المال إذا أبي أخذه‏؟‏ قال لا‏.‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا يذكر أن عمر بن الخطاب كان يدعو حكيم بن حزام فيعطيه عطاءه قال فيأبي ذلك حكيم ويقول قد تركته على عهد من هو خير منك يريد النبي عليه الصلاة والسلام فيقول عمر إني أشهدكم عليه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فلم يجبر عمر هذا على أخذ المال‏.‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا يقول إنما تركه حكيم لحديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث الذي جاء إن خيرا لأحدكم أن لا يأخذ من أحد شيئا قالوا ولا منك يا رسول الله قال ولا مني‏.‏

كتاب الزكاة الثاني من المدونة الكبرى

في زكاة الإبل

‏(‏حدثنا‏)‏ زيادة الله بن أحمد قال حدثنا يزيد بن أيوب وسليمان بن سالم عن سحنون عن عبد الرحمن بن القاسم قال وقال مالك بن أنس في الساعي إذا أتى الرجل فأصاب له خمسا وعشرين من الإبل ولم يجد فيها بنت مخاض ولا بن لبون ذكر إن رب الإبل يشتري للساعي بنت مخاض على ما أحب أو كره إلا أن يشاء رب الإبل أن يدفع منها ما هو خير من بنت مخاض فليس للمصدق أن يرد ذلك إذا طابت بذلك نفس صاحب الإبل قال وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أراد رب المال أن يدفع بن لبون ذكر إذا لم يوجد في المال بنت مخاض ولا بن لبون‏.‏

قال‏:‏ ذلك إلى الساعي إن أراد أخذه أخذه وإلا ألزمه بنت مخاض وليس له أن يمتنع من ذلك‏.‏

قال مالك في الإبل مثل أن يكون للرجل المائتا بعير فيكون فيها خمس بنات لبون أو أربع حقاق فقال لي مالك إذا كان السنان في الإبل كان المصدق مخيرا في أي السنين شاء أن يأخذ أخذ إن شاء خمس بنات لبون وإن شاء أخذ أربع حقاق فإذا لم يكن إلا سن واحدة لم يكن للساعي غيرها ولم يجبر رب المال على أن يشتري له السن الأخرى‏.‏

قال مالك‏:‏ وإذا لم يكن في المال السنان جميعا فالساعي مخير أي ذلك شاء كان على رب المال أن يأتيه به على ما أحب رب الإبل أو كره ويجبر على ذلك قال والساعي في ذلك مخير إن شاء أخذ أربع حقاق وإن شاء خمس بنات لبون وكذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ هل كان مالك يأمر بأن يعاد في الغنم بعد عشرين ومائة من الإبل إذا أخذ منه حقتين فزادت‏.‏

فقال‏:‏ لم يكن مالك يقول يرجع إلى الغنم إذا صارت الفريضة في الإبل لم يرجع في الغنم‏.‏

قال سحنون‏:‏ إلا أن ترجع الإبل إلى أقل من فريضة الإبل فترجع إلى الغنم ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فما زاد على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة والنبي عليه الصلاة والسلام ابتدأ الفرض من خمس‏.‏

قال أشهب‏:‏ وقاله عمر قال عمر في أربع وعشرين من الإبل فدونها الغنم في كل خمس شاة فإنما قال فدونها ثم قال وفيما فوق ذلك إلى خمس وثلاثين بنت مخاض فإن لم تكن فيها بنت مخاض فابن لبون ذكر وفيما فوق ذلك إلى خمس وأربعين بنت لبون حتى انتهى إلى عشرين ومائة في تسمية اسنان الزكاة فقال فما زاد على عشرين ومائة من الإبل ففي كل أربعين انبة لبون وفي كل خمسين حقة ولم يقل فيما زاد على ذلك ففي كل خمس شاة إلى أربع وعشرين كما ابتدأ به الصدقة وقاله النبي عليه الصلاة والسلام وهو الذي ابتدأ تبيين الفريضة وسنتها‏.‏

قلت‏:‏ أليس إنما يأخذ مالك في صدقة الإبل بما في كتاب عمر بن الخطاب الذي زعم مالك أنه قرأه فقال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت قولهم في عشرين ومائة حقتان فما زاد ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة إنما يعني بالزيادة ما زاد على عشرين ومائة والحقتان في الإبل كما هما‏.‏

فقال‏:‏ لا ولكن تسقط الحقتان ويرجع إلى أصل الإبل وتلغى الفريضة الأولى الحقتان اللتان وجبتا فيها إذا زادت على عشرين ومائة واحدة فصاعدا ويرجع إلى الأصل فيؤخذ من كل أربعين بنت لون ويؤخذ من كل خمسين حقة‏.‏

قلت‏:‏ فإن زادت على عشرين ومائة واحدة‏.‏

فقال‏:‏ المصدق مخير إن شاء أخذ ثلاث بنات لبون وإن شاء أخذ حقتين‏.‏

قلت‏:‏ له وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكان بن شهاب يخالف مالكا في هذه المسألة يقول إذا زادت واحدة على عشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون إلى أن تبلغ ثلاثين ومائة وفي ثلاثين ومائة حقة وابنتا لبون وفي ثلاثين ومائة يتفق قول بن شهاب ومالك ويختلفان فيما بين أحد وعشرين ومائة إلى تسع وعشرين ومائة لأن مالكا يجعل المصدق مخيرا إن شاء أخذ حقتين وإن شاء أخذ ثلاث بنات لبون وبن شهاب كان يقول ليس المصدق مخيرا ولكنه يأخذ ثلاث بنات لبون لأن فريضة الحقتين قد انقطعت‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ورأيي على قول بن شهاب لأن ذلك ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن عمر إذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة فأراهم ثلاث بنات لبون على كل حال كانت ثلاث بنات لبون في الإبل أو لم تكن كانت فيها السنان جميعا أو لم تكن إلا احداهما أو لم يكونا فيها جميعا فذلك كله عندي سواء وعلى رب الإبل أن يأتيه بثلاث بنات لبون على ما أحب أو كره وليس للساعي أن يأخذ إلا ثلاث بنات لبون وإن أراد أخذ الحقاق فليس ذلك له‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا كانت الإبل ثلاثين ومائة ففيها حقة وابنتا لبون في الخمسين منها حقة وفي الثمانين منها ابنتا لبون فإذا كانت أربعين ومائة فابنة لبون وحقتان في الأربعين بنت لبون وفي المائة حقتان فإذا كانت خمسين ومائة ففيها ثلاث حقاق في كل خمسين حقة فإذا كانت ستين ومائة ففيها أربع بنات لبون في كل أربعين بنت لبون فإذا كانت سبعين ومائة فحقة وثلاث بنات لبون فإذا كانت ثمانين ومائة فحقتان لبون فإذا كانت سبعين ومائة فحقة وثلاث بنات لبون فإذا كانت ثمانين ومائة فحقتان وابنتا لبون فإذا كانت تسعين ومائة فثلاث حقاق وبنت لبون في كل خمسين حقة وفي الأربعين بنت لبون فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون فلما اجتمع فيها السنان كان المصدق الآن بالخيار إن شاء أخذ الحقاق وإن شاء أخذ بنات لبون إذا كانت في الإبل فإن لم يجد إلا حقاقا أخذها وإن لم يجد إلا بنات لبون أخذها وإن لم يجد واحدا من السنين كان الساعي مخيرا أي ذلك شاء كان على رب المال أن يأتيه به على ما أحب أو كره‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن لم يجد المصدق في الإبل السن التي وجبت فيها أيأخذ دونها ويأخذ من رب المال زيادة دراهم أو غير ذلك تمام السن التي وجبت له فقال لا‏.‏

قلت‏:‏ له فهل يأخذ أفضل منها ويرد على صاحب المال دراهم قدر ما زاد على السن التي وجبت له فيها‏.‏

فقال‏:‏ لا ألا ترى إن المصدق اشترى التي أخذ بالتي وجبت له وبالدراهم التي زاد‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقال مالك في الرجل يشتري من الساعي شيئا من الصدقة إن ذلك لا يصلح وإن سمى له شيئا من الاسنان لأنه لا يدري ما نحوها وصفتها قال وذلك قبل أن يخرج الساعي وإذا اشترى الرجل الصدقة التي عليه بدين إلى أجل لم يصلح لأنه دين بدين‏.‏

قال أشهب‏:‏ وقد قال ابن أبي الزناد إن أباه حدثه أن عمر بن عبد العزيز كان يكتب في عهود عماله على الساعي خصال كانت تكتب في عهود العمال قبله قال أبو الزناد كنا نحدث أن أصلها كان من عمر بن الخطاب فكان منها أن ينهاهم أن يبيعوا من أحد فريضة أو شاة تحل عليه بدين قليل أو كثير‏.‏

قلت‏:‏ له هذا قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ نعم هو قوله وذلك أنه نهى عن أن يأخذ المصدق فيها دراهم من ربها أو يشتريها ربها من المصدق وان رسول الله عليه الصلاة والسلام قال العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الله بن لهيعة عن عمارة بن غزية الانصاري عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم الأنصاري أخبره أن هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم فريضة الإبل ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة فإذا بلغت خمسا ففيها شاة إلى تسع فإذا بلغت عشرا ففيها شاتان إلى أربع عشرة فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياة إلى تسع عشرة فإذا بلغت عشرين ففيها أربع شياة إلى أربع وعشرين فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض فإن لم توجد بنت مخاض فابن لبون ذكر فما زاد إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون فما زاد إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل فما زاد إلى خمس وسبعين ففيها جذعة وما زاد إلى تسعين ففيها ابنتا لبون فما زاد إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل فما زاد على ذلك ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وأخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب قال نسخة كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي كتب في الصدقة وهي عند آل عمر بن الخطاب أقرأينها سالم بن عبد الله بن عمر فوعيتها على وجهها وهي التي نسخ عمر بن عبد العزيز من سالم وعبيد الله ابني بن عمر حين أمر على المدينة فأمر عماله بالعمل بها ثم ذكر نحو هذا الحديث‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمن قال نهى عمر بن الخطاب أن يشتري الرجل فريضته من الإبل أو صدقته‏.‏

قالاابن وهب‏:‏ وقاله عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله‏.‏

قال أشهب‏:‏ وقاله‏.‏‏.‏