فصل: في شركة المسلم النصراني والرجل المرأة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


الشركة في المفاوضة

قلت‏:‏ هل كان مالك يعرف شركة عنان‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعته من مالك ولا رأيت أحدا من أهل الحجاز يعرفه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وما اشتركا فيه أن كان في جميع الأشياء فقد تفاوضا وإن كانا إنما اشتركا في أن اشتريا نوعا واحدا من التجارات مثل الرقيق والدواب فقد تفاوضا في ذلك النوع فأما العنان فلا يعرف ولا نعرفه من قول مالك إلا ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتركا في شراء الرقيق وحدها أتراهما متفاوضين في شراء الرقيق‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن هذا جائز إذا اشتركا على أصل مال‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقام البينة أنه مفاوضة على الثلث أو على الثلثين أيجوز هذا في قول مالك ويكونان متفاوضين‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن هذا جائز أن يشتركا عليه عند مالك‏.‏

في مال المتفاوضين

قلت‏:‏ هل يكونان متفاوضين ولأحدهما مال دون صاحبه عرض أوناض‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولا تفسد المفاوضة بينهما إذا كان لأحدهما دراهم أو دنانير أو عرض دون صاحبه‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا يفسد ذلك المفاوضة بينهما‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أقام على رجل البينة أنه مفاوضه في جميع ماله أيكون جميع ما في يدي الذي قامت عليه البينة بينهما وجميع ما في يدي الذي أقام البينة بينهما إلا ما أقاما عليه البينة أنه ورثه أحدهما دون صاحبه أو وهب له أو تصدق به عليه أو كان له من قبل أن يتفاوضا وأنه لم يفاوض عليه عليه‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت هذا من مالك ولكن هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان لأحدهما فضل مال دنانير أو دراهم ورثه أو وهب له أو تصدق به عليه أتنقطع المفاوضة بينهما في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا تنقطع المفاوضة بينهما لذلك ويكون ما ورث أو وهب له أو تصدق به عليه له خاصة دون صاحبه‏.‏

في المتفاوضين يلزم كل واحد منهما ما لزم صاحبه من الشراء والبيع والمداينة

قلت‏:‏ أرأيت ما اشترى أحد المتفاوضين من البيع الفاسد أيلزم شريكه ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ذلك لازم لشريكه‏؟‏

قال‏:‏ وليس كل الناس فقهاء يعرفون ما يشترون وما يبيعون‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فذلك لازم لشريكه إذا فات كما كان يلزمه وحده لو لم يكن معه شريك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما اشترى أحد الشريكين من طعام أو كسوة لنفسه أو لعياله أيكون لبائع الطعام والكسوة أن يأخذ الثمن من أي الشريكين قدر عليه‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن مالكا قال لي ما اشتريا من طعام أو نفقة أنفقاها عليهما وعلى عيالهما كان ذلك في مال التجارة لأنه يلغى ذلك بينهما إذا كانا جميعا لهما عيال فلما قال مالك تلغى النفقة علمنا أن ما أنفقا إنما هو من مال التجارة والكسوة لهما ولعيالهما إنما هو أيضا من مال التجارة تلغى الكسوة لأن مالكا قال تلغى النفقة والكسوة من النفقة إلا أن تكون كسوة ليس يلتذ لها العيال وإنما هي كسوة مثل الفضى والشطوى والوشى وما أشبه ذلك فان مثل هذا لا يلغى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما اشترى أحد الشريكين أيكون للبائع أن يأخذ بالثمن الشريك الآخر الذي لم يشتر منه شيئا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا كانا متفاوضين لزم كل واحد منهما ما اشترى صاحبه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الدين يكون على الرجل لأحد المتفاوضين فيقبضه شريكه‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز عند مالك‏.‏

في مفاوضة الحر والعبد

قلت‏:‏ هل تجوز مفاوضة الحر والعبد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى به بأسا وذلك أن مالكا‏؟‏ قال لا بأس بأن يفاوض العبد الحر إذا كان العبد مأذونا له في التجارة فلا بأس أن يدفع ماله مفاوضة‏.‏

قلت‏:‏ وشركة العبيد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ جائزة في رأيي إذا أذن لهم في التجارة‏.‏

في شركة المسلم النصراني والرجل المرأة

قلت‏:‏ هل تصلح شركة النصراني المسلم واليهودي المسلم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا إلا أن يكون لا يغيب النصراني واليهودي على شيء في شراء ولا بيع ولا قبض ولا صرف ولا تقاضي دين إلا يحضره المسلم معه فإذا كان يفعل هذا الذي وصفت لك وإلا فلا‏.‏

قلت‏:‏ هل تجوز الشركة بين النساء والرجال في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما علمت من مالك في هذا كراهية ولا ظننت أن أحدا يشك في هذا ولا أرى به بأسا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك شركة النساء مع النساء‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال وأخبرني أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عباس وسأله رجل هل يشارك اليهود والنصراني‏؟‏ قال لا تفعل فانهم يربون والربا لا يحل لك‏.‏

ابن وهب‏:‏ وبلغنى عن عطاء بن أبي رباح مثله قال إلا أن يكون المسلم يشتري ويبيع ‏(‏وقال‏)‏ الليث مثله‏.‏

في الشريكين يتفاوضان على أن يتشريا ويبيعا ويتداينا

قلت‏:‏ أرأيت أن أخرج أحدهما مالا وأخرج الآخر مالا مثله ثم اشتركا وتفاوضا على أن يشتريا بهذا المال وبالدين أيضا ويبيعا بالدين فما رزقهما الله في ذلك فهو بينهما‏؟‏

قال‏:‏ لا يعجبني أن يتفاوضا على أن يشتريا بأكثر من رؤس أموالهما لأنه لا تجوز الشركة إلا على الأموال فان فعلا فاشتريا بالدين كان ما اشتريا بينهما أيضا وقد أخبرتك بهذه في رسم الشريكين اللذين لم يخلطا وهذه التي تحتها مثلها‏.‏

قلت‏:‏ فان اشترى هذا سلعة على حدة بالدين بأكثر من رؤس أموالهما واشترى صاحبه كذلك أيكون ما اشترى كل واحد منهما بينه وبين صاحبه أو يكون ما اشترى كل واحد منهما له خاصة لأن الشركة على أن يشتريا بالدين بأكثر من رؤس أموالهما لا يعجبك ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لا بل أرى كل ما اشترى كل واحد منهما بينه وبين صاحبه لأن صاحبه قد أمره أن يشتري عليه فأرى كل ما اشترى كل واحد منهما بينهما يصير نصفه على صاحبه ونصفه عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن تفاوض رجلان بمال أخرجاه على أن يشتريا الرقيق ويبيعا أو على أن يشتريا جميع السلع ويبيعا تفاوضا ولم يذكرا بيع الدين في أصل شركتهما فباع أحدهما بالدين فأنكر ذلك شريكه وقال لا أجيز لك أن تبيع علي بالدين أيجوز بيعه على شريكه بالدين أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا وأرى ذلك جائزا على شريكه‏.‏

في المتفاوضين يشتري أحدهما لنفسه جارية أو طعاما من الشركة

قلت‏:‏ فان تفاوضا في شراء التجارات كلها بمال اشتركا فيه وليس لأحدهما مال دون صاحبه فاشترى أحدهما جارية للوطء فقال شريكه هي بيني وبينك وقال المشتري إنما اشتريتها لنفسي دونك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ هي بينهما ولا يقبل قوله لأنه إنما اشتراها بما في أيديهما من المال الذي اشتركا فيه ولو أنه أشهد حين اشتراها أنه إنما يتشريها لنفسه ما جاز ذلك له ولكان شريكه عليه بالخيار لأنهما قد تفاوضا في جميع ما في أيديهما مما يملكان من أموالهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن تفاوضا ولأحدهما مال دون صاحبه ثم اشترى أحدهما جارية للوطء أو للخدمة بمال من شركتهما أتكون الجارية له أم تكون من مال الشركة لأنه اشتراها من مال الشركة‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا وسأله رجل من أهل المدينة من أصحابه في رجلين اشتركا متفاوضين كانا يشتريان الجوارى ويشتريان من مال الشركة فيشتري هذا الجارية فيطؤها فإذا باعها رد ثمنها في رأس المال ويفعل شريكه كذلك‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا خير في هذا‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك أنه قيل لهما لا خير في هذا فكيف يفعلان بما في أيديهما من الجواري مما قد اشتريا على هذا الشراء‏؟‏

قال‏:‏ مالك أرى أن يتقاوماها فيما بينهما فان اشتراها الذي هي عنده كانت عليه برأس مال قد عرفه والآخر مثل ذلك فيحل له حينئذ أن يطأها‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا يكون المشتري من هذين المتفاوضين حين اشترى الجارية من مال هو بينهما اشتراها للوطء أو للخدمة ألا يجعله مالك غاصبا للدنانير حين اشترى بها جارية لغير التجارة ويجعل الجارية جاريته ويجعل عليه مثل نصف تلك الدنانير وقد قال مالك في رجل غصب من رجل دنانير فاشترى بها جارية أن على الغاصب مثل تلك الدنانير ولا تكون الجارية للذي غصبت منه الدنانير وإن قال المغصوب أنا آخذ الجارية لأنها إنما اشتريت بدنانيري لم يكن له ذلك فما فرق ما بين هاتين المسألتين‏؟‏

قال‏:‏ فرق ما بينهما أن المفاوض مأمور لأنه كأنه رجل أبضع معه بضاعة أمر أن يشترى بها سلعة فخالف فرب المال مخير في أن يأخذ ما اشترى المبضع معه أو يسلمها ويأخذ رأس ماله فهذا إنما اشترى بمال الشركة يرى أن ذلك جائز له فشريكه مخير أن شاء أنفذها له بما اشتراها به المشترى وإن شاء قاومه اياها‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع من مالك أن شاء أنفذها له بالثمن ولكن هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فان قال الشريك لا أقاومه ولا أنفذها له ولكني أرد الجارية في الشركة‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له لأن مالكا قال يتقاومانها وقد قال غيره ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فهذا خلاف المبضع معه لأن المبضع معه رب المال مخير في قول مالك أن شاء أخذها وإن شاء ضمنه ماله‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو مخالف له وأما هذا المشترى المفاوض فقد وطىء جارية هي بينهما وقال مالك لو أن جارية بين رجلين وطئها أحدهما ولم تحمل منه أنها تقوم عليه يوم وطئها فهذا المفاوض لما وطىء لم يكن لهما بد من أن يتقاوماها لأنه إنما أخذ مالا بينهما فاشترى به وهو يرى أن ذلك له جائز وأن المبضع معه إنما اشترى لنفسه ليستأثر بالربح وليقطع عن صاحبه منفعة ما أبضع معه فيه وإنما قلت لك هذا لأن التعدي ليس كله واحدا ألا ترى لو أن رجلا استودع مالا ثم اشترى به جارية لم يكن لصاحب الوديعة من الجارية قليل ولا كثير فهذا أيضا في هذا الوجه مخالف للبضاعة والقراض وقد كانا جميعا أمينين فيما في أيديهما مصدقا قولهما فيما في أيديهما من ذلك فلكل متعد غاصب سنة يحمل عليها فمن غصب دنانير من رجل فاشترى بها سلعة لم يكن للمغصوب منه إلا مثل دنانيره‏.‏

ومن استودع دنانير فاشترى بها سلعة لم يكن لرب الدنانير إلا مثل دنانيره أيضا ومن أبضع معه أو قورض فخالف كان رب المال بالخيار وإنما حمل الشريكان على أن الجارية التي اشتراها للوطء من مال الشركة أنها بينهما فلذلك أمرهما مالك أن يتقاوماها‏.‏

قلت‏:‏ والذي ذكرت لي من أمر الغصب والوديعة والقراض والبضاعة إذا تعدوا أهو قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أحدهما اشترى طعاما ليأكله أو لبيته فطلب صاحبه أن يشاركه في ذلك الطعام‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى ذلك له ولا أرى هذا من ذلك لأن كل واحد منهما قد عرف حين اشتركا أن كل واحد منهما ينفق في منزله فليس كل من اشترى طعاما لمنزله ليأكله من قمح أو سمن أو لحم أو ما أشبه ذلك أو كسوة مما يعرف أنه إنما اشتراه لعياله ابتغى لصاحبه أن يشاركه ويدخل عليه في ذلك فليس له ذلك‏.‏

في أحد المتفاوضين يبع ويؤخر بالدين ويضع من ثمن السلع طلب الفضل والاستعذار

قلت‏:‏ أرأيت متفاوضين باع أحدهما سلعة بالدين إلى أجل فلما حل الأجل أخره الشريك الآخر أو أخره الشريك الذي باعه السلعة هل يجوز تأخير أحدهما على صاحبه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الوكيل يكون للرجل في بعض البلدان يبيع له متاعه ويقتضى له الثمن فباع بعض متاعه إلى أجل فلما حل الأجل أخر الوكيل المشتري بالثمن‏؟‏

قال‏:‏ إذا كان تأخيره اياه على وجه النظر لرب المتاع إنما أخره ليستألفه في الشراء منه ولم يؤخره لمعروف صنعه الوكيل به فذلك جائز لأن تأخير الوكيل هذا إنما هو نظر لرب المتاع وإنما هو من التجارة وإن أخره طلب معروف صنعه الوكيل بالمشترى فهذا لا يجوز لأنه لا يجوز للوكيل أن يصنع المعروف في مال رب المتاع إلا بأمره فكذلك الشريكان اللذان سألتني عنهما لا يجوز لأحدهما أن يصنع المعروف في مال صاحبه إلا بأمره وما كان من وجه التجارة فذلك جائز على صاحبه فإذا أخره ارادة استئلاف المشترى ليشتري منه فذلك جائز‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن وضع أحدهما للمشترى من رأس المال بعد ما وجب البيع‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الوكيل الذي وصفت لك أنه إذا وضع عن المشترى ارادة الاستعذار في المستقبل لرب المتاع واستئلاف المشترى فذلك جائز على رب المتاع فكذلك الشريكان المتفاوضان أيضا يجوز عليهما عندي ما جوز مالك على رب المتاع فيما وضع الوكيل عن المشترى‏.‏

في أحد المتفاوضين يضع من ثمن السلع ويؤخر بالدين ارادة المعروف

قلت‏:‏ أرأيت أن وضع الوكيل أو الشريك عن المشتري ارادة المعروف أن يصنعه‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الشريكين إذا وضع أحدهما عن المشترى على وجه المعروف أو أخر المشترى على وجه المعروف أيجوز ذلك في حصته أم لا‏؟‏ يجوز‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز في حصته‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظه الساعة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما صنع الوكيل على وجه المعروف من التأخير والوضيعة أيكون ذلك جائزا للمشترى‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز‏.‏

قلت‏:‏ ويرد المشترى ما صنع الوكيل به من ذلك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لرب المتاع أن يرد ما صنع الوكيل في ماله من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فان ضاع ما صنع الوكيل في مال رب المتاع أيضمن الوكيل ذلك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا الذي سألتك عنه من أمر الوكيل هو قول مالك كله‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في أحد الشريكين يبيع الجارية بثمن إلى أجل ثم يشتريها الآخر بثمن أقل قبل الأجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أن جارية بين شريكين باعها أحدهما بثمن إلى أجل أيصلح لشريكه أن يشتريها بأقل من ذلك الثمن قبل الأجل نقدا‏؟‏

قال‏:‏ لا يصلح له ذلك ولا يصلح له أن يشتريها إلا بما يصلح لبائعها أن يشتريها به‏.‏

في أحد المتفاوضين يبضع البضاعة ثم يموت أحدهما

قلت‏:‏ أرأيت أن أبضع أحد المتفاوضين مع رجل دنانير من مال الشركة يشتري بها سلعة من السلع فمات أحد الشريكين وعلم بذلك المبضع معه‏؟‏

قال‏:‏ أن كان قد علم أن المال الذي أبضع معه من شركتهما فلا يشتري به شيئا ويرده على الباقي وعلى الورثة‏.‏

قلت‏:‏ وسواء أن كان هذا الذي دفع البضاعة هو الميت أو هو الحي منها‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك سواء‏.‏

قلت‏:‏ ولم نهيته أن يشتري بها والذي أبضع ذلك معه هو حي‏؟‏

قال‏:‏ لأن الشركة قد انقطعت بين الحي والميت وصار المال للورثة‏.‏

قلت‏:‏ فان لم يكن مات واحد منهما ولكن افترقا وعلم بذلك المبضع معه‏؟‏

قال‏:‏ يشتري بما أبضع معه ولا يشبه افتراقهما في الشركة موت أحدهما لأنهما إذا افترقا فإنما يقع ما اشترى المبضع معه معه لهما وفي الموت إنما يقع للورثة والورثة لم يأمروه بذلك‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمعه من مالك ولكن هذا أحسن ما سمعت‏.‏

في أحد المتفاوضين يبضع أو يقارض أو يستودع من مال الشركة

قلت‏:‏ أرأيت المتفاوضين هل يجوز لهما أن يبضع أحدهما دون صاحبه أو يقارض دون صاحبه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا كانا تفاوضى كما وصفت لك قد فوض هذا إلى هذا وهذا إلى هذا وقال كل واحد منهما لصاحبه اعمل بالذي ترى‏.‏

قلت وجائز له أن يستودع ‏(‏قال‏:‏ إذا احتاج إلى أن يستودع جاز له ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هو رأيي وذلك أنا سألنا مالكا عن الرجل يستودع الرجل الوديعة فيستودعها غيره فتهلك هل عليه ضمان‏؟‏

قال‏:‏ أن كان رجلا أراد سفرا أو كان بيته معورا أو ما أشبه هذا من العذر فأرى أن لا ضمان عليه وإن كان ليس له عذر من هذا فأراه ضامنا‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك فالمسافر يدفع إليه الرجل البضاعة في سفره يدفعها له فيدفعها إلى غيره‏؟‏

قال‏:‏ مالك هو ضامن ولم يجعله مثل الحاضر لأن المسافر قد عرف ناحيته وأنه في سفر فالشريك الذي سألتني عنه إذا نزل البلد فخاف على ما معه فاستودعها رجلا لأن التجار منازلهم في الغربة ما علمت إنما هي الفنادق والمواضع التي يتخوفون فيها فلا ضمان عليه إذا كان بهذه الحالة وإن لم يكن على شيء من هذه الحال فاستودعها رأيته ضامنا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن دفع إلى أحد المتفاوضين وديعة من مال الشركة فرددتها على شريكه أيكون علي الضمان أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا ضمان عليك إذا صدقك بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أودعني أخد المتفاوضين وديعة من مال الشركة أو باعني فرددت الوديعة على شريكه أو دفعت الثمن إلى شريكه بغير أمره وبغير بينة فكذبني شريكه وقال لم تدفع إلي شيئا فقال أنت ضامن إلا أن يكون لك بينة على هذا الشريك أنه قد قبض منك ذلك الدين أو تلك الوديعة لأن مالكا قال في رجل دفع إلى رجل مالا وأمره أن يدفعه إلى وكيله بموضع كذا وكذا فقال هذا المبعوث معه المال قد دفعت المال إلى وكيلك وأنكر الوكيل ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك على الرسول البينة على أنه قد دفع المال إلى الوكيل والا ضمن‏.‏

قلت‏:‏ والمفاوض إذا قال لشريكه قد أخذت من فلان الوديعة التي أودعته أو ثمن السلعة التي بعتها منه كان فلان ذلك بريئا مما استودع ومما اشترى‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن استودع أحد المتفاوضين وديعة من تجارتهما عند رجل فقال الرجل المستودع قد دفعتها إليك وكذبه الذي أودعه أيضمن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا ضمان عليه عند مالك لأن مالكا قال القول قول المستودع إذا قال قد رددتها إلى الذي أودعني إلا أن يكون قد استودعه ببينة فلا يبرأ بقوله قد رددتها إلا ببينة إلا أن يقول قد هلكت فيكون القول قوله وإن كان قد دفعها إليه ببينة‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا استودع رجلا وله شريك مفاوض فاستودع ذلك الرجل ما استودع شريكه‏؟‏

قال‏:‏ هو ضامن إلا أن يكون له عذر كما وصفت لك من عورة بيت أو سفر أراده على مثل ما يجوز له في غير شريكه فان كان كذلك والا فهو ضامن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني أودعت أحد المتفاوضين وديعة وهما متفاوضان في جميع الأشياء ليس لأحدهما مال دون صاحبه أتكون الوديعة عندهما جميعا أو عند الذي أودعته‏؟‏

قال‏:‏ لا تكون إلا عند الذي استودعتها اياه‏.‏

قلت‏:‏ فان مات هذا الذي استودعتها اياه ولا تعرف بعينها‏؟‏

قال‏:‏ تكون دينا في مال هذا الميت المستودع وحده ولا يكون شيء من هذه الوديعة في مال شريكه المفاوض‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يستودع الوديعة فتهلك ولا تعرف بعينها عنده أنه ضامن لها في ماله فالشريك المستودع في قول مالك ضامن إذا لم تعرف بعينها وإنما جعلتها في ماله دون صاحبه لأن الوديعة ليست من التجارة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن استودعت رجلا وديعة أو أبضعت معه بضاعة أو قارضته بمال فمات ولا يعلم ما صنع بتلك الأشياء ويكون له مال أتكون هذا الأشياء دينا في ماله أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك ذلك كله دين في ماله وإن كان على الميت دين ضرب صاحب هذه الأشياء مع الغرماء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أحد المتفاوضين استودع وديعة فعمل فيها وتعدى وربح أيكون لشريكه من ذلك شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أن كان شريكه قد علم بما تعدى صاحبه في تلك الوديعة ورضى بأن يتجربها بينهما فالربح بينهما وهما ضامنان للوديعة وإن لم يعلم بذلك فلا ضمان على شريكه الذي لم يعلم بذلك ويكون الربح للمتعدي وعليه الضمان ولا يكون على شريكه ضمان‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا وهو رأيي‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال غيره إذا رضى الشريك وعمل معه فإنما له أجر مثله فيما أعانه وهو ضامن معه وإن رضى ولم يعمل معه شيئا فلا شيء له ولا ضمان عليه لأن رضاه إذا لم يقبضها ويغب عليها ويقلبها فليس رضاه بالذي يضمنه ولا يكون له بالرضا ربح ما لم يعمل ولا اجارة ما لم يعمل إلا من وجه أن الرجل إذا قال للرجل لك نصف ما أربح في هذه السلعة فطلع فيها ربح فله أن يقوم عليه فيأخذه ما لم يمت أو يفلس أو يذهب‏.‏

في أحد المتفاوضين يشارك رجلا أو يقارضه من مال الشركة أو يأخذ مالا قراضا

قلت‏:‏ أرأيت لو أن شريكين متفاوضين شارك أحدهما شريكا آخر فاوضه بغير أمر شريكه أيجوز ذلك على شريكه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أن كان إنما شاركه شركة ليست بشركة مفاوضة مثل السلعة يشتركان فيها أو ما أشبه ذلك فذلك جائز لأن ذلك تجارة من التجارات وإن كان إنما شاركه شركة مفاوضة حتى يكون شريكا لهم في أموالهم وتجاراتهم يقضى في ذلك فلا يجوز ذلك له إلا بإذن شريكه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المتفاوضين هل يجوز لهما أن يقارض أحدهما دون صاحبه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا كانا قد تفاوضا كما وصفت لك قد فوض هذا إلى هذا وهذا إلى هذا يعمل بالذي يرى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أحد المتفاوضين أن أخذ مالا قراضا أيكون لصاحبه في هذا المال شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أرى على صاحبه شيئا من ضمان هذه المقارضة أن تعدى أحدهما ولا أرى له من ربحها شيئا إلا أن يكون أحدهما مع صاحبه لأن المقارضة ليست من التجارة وإنما هو أجير آجر نفسه فيها فلا يكون لشريكه فيها شيء‏.‏

في أحد المتفاوضين يستعير العارية لتجارتهما فتتلف أيضمنانها جميعا أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أرأيت ما استعار أحد المتفاوضين من شيء ليحمل عليه شيئا من تجارتهما فيتلف أو لغير تجارتهما فتلف أيضمنان له جميعا أم يكون الضمان على الذي استعار وحده‏؟‏

قال‏:‏ الضمان على الذي استعار وحده ولا يكون على شريكه من ذلك شيء لأن شريكه يقول إنا لم آمرك بالعارية إنما يجوز لك أن تستأجر علي لأنك إذا استأجرت على لم أضمن فأما ما يدخل علي فيه الضرر فليس ذلك من التجارة وليس ذلك لك فيكون القول ما قال‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لأن الرجل يستعير الدابة قيمتها مائة دينار أو السفينة أيضا قيمتها كذلك ولو تكاراها كان كراؤها دينارا فهذا يدخل على صاحبه الضرر فلا يجوز ذلك على صاحبه‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظه الساعة ‏(‏وقد قال غيره‏)‏ وهذه الدواب عارية لا تضمن إلا أن يتعدى المستعير ولو استعاراها جميعا فتعدى أحدهما لم يضمن إلا المتعدى في مصابته ولا يضمن صاحبه لأن المتعدى جان وصاحبه لا يضمن جنايته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن استعار أحد المتفاوضين دابة ليحمل عليها طعاما من تجارتهما فخالفه شريكه فحمل عليها بغير أمره طعاما من تجارتهما فعطبت الدابة أيضمن في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولكن لا أرى عليه الضمان لأن هذا قد فعل ما كان يجوز لشريكه أن يفعل وإنما استعارها شريكه ليحمل عليها سلعة من تجارتهما فإنما حمل عليها هذا ما استعارها فيه صاحبه فلا شيء عليه ولا أحفظه عن مالك ولكنه رأيي ‏(‏سحنون‏)‏ ولأن أحدهما إذا استعار شيئا لمصلحة تجارتهما فعمله الآخر فكأنه وكيل له على أن يعمله له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن استعار رجل دابة ليحمل عليها غلاما له إلى موضع من المواضع فربطها في الدار فأتى انسان فحمل عليها ذلك الغلام الذي استعارها سيده له فعطبت الدابة‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأراه ضامنا لأنه حمل على دابة رجل بغير أمره وبغير وكالة من المستعير ‏(‏وقال أشهب‏)‏ لا ضمان عليه‏.‏

في أحد المتفاوضين يعير أو يهب من مال الشركة

قلت‏:‏ هل يجوز للشريك أن يعير شيئا من متاع الشركة‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك إلا أن يكون قد وسع له في ذلك شريكه أو يكون ذلك في الشيء الخفيف مثل الغلام يأمره أن يسقى الدابة لرجل فهذا أرجو أن لا يكون به بأس والعارية إنما هي معروف فلا يجوز لواحد منهما أن يفعل المعروف في مال الشركة إلا بإذن صاحبه إلا أن يكون أراد به استئلافا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المتفاوضين ما صنع أحدهما أو ما أعار أو وهب‏؟‏

قال‏:‏ فذلك أيضا لا يجوز عندي إلا أن يكون إنما يصنع ذلك ليجتر به في الاشتراء والاستعذار في سلعته التي يبيع فلا بأس بذلك ولا يكون عليه الضمان فيما وضع لأن هذا يصير من تجارتهما وأما أن وضع ذلك لغير التجارة وإنما صنعه معروفا منه فلا يجوز ذلك على شريكه ويضمن حصة شريكه من ذلك عند مالك إلا ما اجتر به في تجارته منفعة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن باع أحد الشريكين جارية من شركتهما ثم وهب الثمن أيجوز ذلك في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يجوز ذلك إلا في حصته‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال غيره لا يجوز له أن يعطى شيئا من المال لا من حصته ولا من غير ذلك لأنه ينقص من المال ويدخل على شريكه الضرر لأنه إذا وهب لرجل من حصته ثم وضع لآخر في البيع فقد أضر بصاحبه وأدخل عليه الضعف في رأس المال فلا أرى ذلك يجوز فعله وتبقى الشركة ولكن فعله جائز عليه فيما وهب أو وضع وتفسخ الشركة بينهما‏.‏

في أحد المتفاوضين يكاتب العبدين من تجارتهما أو يأذن له في التجارة

قلت‏:‏ أرأيت عبدا بيني وبين رجل من شركتنا ونحن متفاوضان أذن له أحدنا في التجارة أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ذلك غير جائز‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا وهو رأيي أنه لا يجوز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كاتب أحد المتفاوضين عبدا من تجارتهما أيجوز ذلك على شريكه‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى ذلك جائزا لأنه لا يجوز له أن يعتقه على مال يأخذه منه مما في يد العبد فكذلك الكتابة عندي ولو أن رجلا دفع إليه مالا على أن يعتقه ولم يكن ذلك أقل من قيمته لرأيت ذلك جائزا لأنه لو باعه اياه بذلك الثمن ولم يكن في ذلك الثمن وضيعة عن قيمته لكان ذلك جائزا والعتق لم يزد فيه إلا خيرا وإنما هو بيع من البيوع‏.‏

في كفالة أحد المتفاوضين وغصبه وجنايته أتلزم شريكه أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أتلزم كفالة أحد المتفاوضين شريكه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يلزم ذلك شريكه لأن هذا معروف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما أغتصب أحد المتفاوضين أو عقر دابة أو أحرق ثوبا أو تزوج امرأة أو آجر نفسه فعمل الطين والطوب أو حمل على رأسه أو نحو هذه الأشياء أو جنى جناية أيلزم من ذلك شريكه شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا شيء على شريكه في شيء من هذا ولا يكون له فيما أصاب شيء‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا ولكن هذا رأيي‏.‏

في أحد الشريكين يبيع الجارية فيجد بها المشتري عيبا فيريد أن يردها على الشريك الآخر

قلت‏:‏ أرأيت أن باع أحد الشريكين جارية من شركتهما فأصاب المشترى بها عيبا أيكون للمشترى أن يردها على الشريك الذي لم يبعه‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا أن يكون صاحبه معه مقيما أو غاب غيبة قريبة فينتظر حتى يأتى لعل له حجة إذا كان إنما غيبته اليوم ونحوه وإن كان بعيدا فأقام المشترى البينة أنه اشترى بيع الإسلام وعهدة الإسلام نظر في العيب فان كان عيبا قديما لا يحدث مثله ردها وإن كان يحدث مثله قيل له أقم البينة أن العيب كان بها عند البائع وإلا حلف شريك البائع بالله ما علمت أن هذا العيب كان بها عندنا ويبرأ وإن نكل عن اليمين قيل للمشترى احلف ما حدث هذا عندك ثم ردها عليه‏.‏

في المتفاوضين يبيعان السلعة من تجارتهما إلى أجل ثم يفترقان فيقضى المشترى أحدهما الثمن أو يكون لهما الدين فيتقاضاه أحدهما

قلت‏:‏ أرأيت لو أن شريكين متفاوضين باع أحدهما عبدا من تجارتهما بدين إلى أجل ثم افترقا فعلم المشتري بافتراقهما فقضى الثمن الذي باعه العبد أيضمن للشريك الآخر شيئا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم هو ضامن لما استحق الشريك الذي لم يبعه العبد من الثمن‏.‏

قلت‏:‏ فان لم يعلم بافتراقهما فقضى الذي لم يبعه العبد‏؟‏

قال‏:‏ فلا ضمان عليه إذا قضاه وهو لا يعلم بافتراقهما وذلك سواء قضى الذي باعه أو الذي لم يبعه لا يضمن إذا قضى واحدا منهما وهو لا يعلم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولو أن رجلا كان وكيلا لرجل قد فوض إليه تجارته وبيعه وشراءه وبأن يقتضى دينه وأشهد له بذلك ثم حجر عليه وتبرأ من وكالته أو أخرجه من وكالته بشهادة الشهود ولم يعلم ذلك جميع غرمائه فلقى الوكيل غريما من غرماء الذي كان وكله فقضاه الغريم أن ذلك لا يبرئه من دين صاحبه ولو كان الوكيل هو الذي باعه فقضاه الغريم ولم يعلم بأنه قد أخرجه من الوكالة كان ذلك دينا من الدين لا يبرأ منه أيضا وهو رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يكون عليه الدين لأحد المتفاوضين فيقتضيه شريكه الآخر أذلك جائز عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم وقد قال غيره أن كان الوكيل قد علم بأنه قد فسخ أمره فاقتضى بعد هذا والذي قضاه يعلم أولا يعلم فان الغريم ضامن فان كان لم يعلم الوكيل فقضاه الغريم وهو لا يعلم فلا تباعة عليه وإن كان الغريم يعلم بفسخ الوكالة والوكيل لا يعلم فالغريم ضامن‏.‏

في أحد الشريكين يبتاع من شريكه العبد من تجارتهما

قلت‏:‏ أرأيت أن اشترى أحد الشريكين عبدا من تجارتهما من شريكه أيجوز شراؤه‏؟‏

قال‏:‏ نعم شراؤه جائز‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي مثل ما قال مالك في الجارية التي تكون بينهما فيطؤها أحدهما أنهما يتقاومانها حتى تصير لأحدهما فهذا يدلك على أن مالكا يجيز شراء أحد الشريكين السلعة فيشتريها من شريكه وهي من تجارتهما‏.‏

قلت‏:‏ وسواء عندك أن اشتراها من شريكه للتجارة أو ليقنيها‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك سواء عندي‏.‏

في أحد المتفاوضين يبتاع العبد فيجد به عيبا فيريد أن يقبله ويأبى ذلك شريكه أيجوز ذلك أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشترى أحد الشريكين عبدا من تجارتهما فأصاب به عيبا فقبله بعد ما اشتراه المشتري به بعيبه أيجوز ذلك على الشريك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ذلك جائز‏.‏

قلت‏:‏ فان أصاب المشترى به عيبا فقبله الشريك الذي لم يشتره‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز‏.‏

قلت فان قال المشترى أنا أرده أو قد رددته بعيبه وقال صاحبه قد قبلته ‏(‏قال‏:‏ ذلك جائز لأن المشتري لو رده بعيبه ثم اشتراه شريكه الآخر وقد علم بالعيب وبالرد لزم ذلك شريكه فكذلك مسئلتك‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك في هذه الساعة‏.‏

في أحد المتفاوضين يولى أو يقيل من الشركة

قلت‏:‏ أرأيت ما باع أحد المتفاوضين أو ولى أو أقال أليس ذلك جائزا على شريكه وإن كان بغير أمره‏؟‏

قال‏:‏ نعم في قول مالك على ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا باع أحد الشريكين جارية من شركتهما فأقاله شريكه الآخر أتجوز الاقالة‏؟‏

قال‏:‏ أن كان جاباه في الاقالة يعلم الناس أن اقالته محاباة لا بضاع ثمنها وكثرة ما باعها به صاحبه من الثمن وإن صاحبها الذي اشتراها مليء بالثمن فلو شاء أن يأخذ الثمن أخذه فأقاله فهذا لا يجوز ولا يجوز له إلا قدر حصته ولا يجوز له أن يصنع المعروف في مال شريكه إلا ما يعلم أنه إنما أراد بذلك التجارة وما يجر به إلى التجارة والمعروف كله لا يجوز لمن يصنعه في مال شريكه وهو يجوز عليه هو من ذلك قدر حصته ولو كان إنما أقاله لعدم به خاف أن يذهب الثمن كله فأقاله على وجه النظر لنفسه ولشريكه فذلك جائز على شريكه لأن هذا ليس من المعروف وهذا شراء حادث‏.‏

قلت‏:‏ وهو قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏.‏

في اقرار أحد الشريكين بدين لذي قرابة أو لغيره

قلت‏:‏ أرأيت أن أقر أحد الشريكين لابيه أو لامه أو لولده أو لزوجته إذا كان أمرهما قريبا أو لجده بدين أو لجدته من شركتهما أيجوز ذلك على شريكه أم لا‏؟‏ في قولمالك‏؟‏

قال‏:‏ أرى أنه لا يجوز‏.‏

قلت‏:‏ ويجوز أن يقر بدين من تجارتهما لابيه‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك عندي ولا يجوز أن يقر بدين من تجارتهما لصديق ملاطف ولا لكل من يتهم فيه‏.‏

قلت‏:‏ فان أقر لاجنبي بدين‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز عندي عليهما جميعا إذا أقر لاجنبي بدين من تجارتهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن متفاوضين في تجارة أقر أحدهما بدين من تجارتهما‏؟‏

قال‏:‏ يلزم صاحبه اقراره إذا كان الذي أقر له بالدين ممن لا يتهم عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن شريكين في دار أو متاع أو غير ذلك من العروض أقر أحدهما لرجل أجنبي بنصف ذلك الذي في أيديهما‏؟‏

قال‏:‏ يحلف المقر له مع اقرار هذا المقر ويستحق حقه لأنها شهادة ولأن مالكا قال في أحد الورثة إذا أقر بالدين على الميت أن المقر له يحلف مع اقرار هذا ويستحق ذلك على جميع الورثة‏.‏

القضاء في أحد الشريكين يموت

قلت‏:‏ أرأيت إذا مات أحد الشريكين‏؟‏

قال‏:‏ إذا مات أحدهما لم يكن للباقي منهما أن يحدث في المال الباقي ولا في السلع قليلا ولا كثيرا إلا برضا الورثة لأن الشركة حين مات أحدهما انقطعت فيما بينهما وصار نصيب الميت للورثة وهذا رأيي‏.‏

الدعوى في الشركة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن شريكين اشتركا شركة صحيحة فادعى أحدهما أنه قد ابتاع سلعة وضاعت منه وكذبه شريكه‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن يصدق في قوله الذي قال اشتريت وضاع مني لأن الشركة إنما وقعت بينهما على أن يأتمن كل واحد منهما صاحبه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن متفاوضين مات أحدهما وقال الباقي منهما قد رهنا متاعا كذا وكذا وهو من شركتنا عند فلان فقالت ورثة الهالك لم ثرهناه ولكنك أعطيته هذا المتاع بعد موت صاحبنا‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يكون للذي في يديه المتاع حصة الذي أقر له أنه قد رهن وهو الحي منهما ويقال للذي في يديه المتاع الرهن احلف لأن لك شهادة هذا واستحق النصف الذي للميت أنه رهن في يديك لأن مالكا قال في رجل هلك وترك أولادا فأقر بعض ولده بدين على أبيه وأنكر البقية‏؟‏

قال‏:‏ أن أحب صاحب الدين أن يحلف مع الذي أقر له لأنه شاهد حلف واستحق دينه كله من مال الميت كله وإن أبى أخذ حصته من نصيب المقر له ولم يكن له أن يأخذ دينه كله من حصة هذا الشاهد وحده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن شريكين متفاوضين جحد أحدهما صاحبه أن يكون شريكا له وأقام الآخر عليه البينة فتلف المال الذي في يد الجاحد أيضمن حصة صاحبه من ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ هو ضامن لذلك لأنه لما جحد كان مانعا لحصة صاحبه من ذلك فلا يبرأ من حصة صاحبا حتى يدفع ذلك إليه‏؟‏

قال‏:‏ فان هلك قبل أن يدفعه إليه فهو ضامن له لأنه لما جحده صار مانعا متعديا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الشريك إذا مات فأقام صاحبه البينة أن مائة دينار من الشركة كانت عنده فلم يجدوها ولم يعلموا لها مسقطا‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن كان موته قريبا من أخذها فيما يظن أن مثله لم يشغلها في تجارة فأرى ذلك في حصته في ماله وأما تطاول من ذلك فلا شيء عليه لأن كل واحد منهما يقتضي عن صاحبه ويشتري عليه ويقضي عنه فلا شيء له في مثل هذا أرأيت لو أقام عليه البينة أنه قبض مالا منذ سنة وهما يبيعان ويشتريان أكان يكون ذلك في ماله‏.‏