فصل: في لقطة الابل والبقر والدواب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في عارية الدنانير والدراهم والطعام والادام

قلت‏:‏ أرأيت إن استعار رجل دنانير أو دراهم أو فلوسا‏؟‏

قال‏:‏ لا تكون في الدنانير والدراهم عارية ولا في الفلوس لانا سألنا مالكا عن الرجل يحبس على الرجل المائة الدينار السنة أو السنتين فيأخذها فيتجر فيها فينقص منها قال مالك فهو ضامن لما نقص منها وإنما هي قرض فإن شاء قبضها على ذلك وإن شاء تركها‏.‏

قلت‏:‏ وتكون هذه الدنانير حبسا في قول مالك أم يبطل الحبس فيها‏؟‏

قال‏:‏ هي حبس إلى الاجل الذي جعلها إليه حبسا وإنما هي حبس قرض‏.‏

قلت‏:‏ فإن أبى الذي حبست عليه قرضا أن يقبلها‏؟‏

قال‏:‏ ترجع إلى الورثة ويبطل الحبس فيها‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن امرأة هلكت وأوصت لبنت بنت لها بأن تحبس عليها الدنانير وأوصت أن ينفق عليها منها إذا أرادت الحج أو في نفاس ان ولدت فأرادت الجارية بعد ذلك أن تأخذها فتصرفها في بعض ما ينتفع به وتنقلب بها وتقول اشترطوا علي أني ضامنة لها حتى أنفقها في الذي قالت جدتي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا أرى أن تخرج الدنانير عن حالها وأرى أن ينفق عليها فيما أوصت به جدتها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان استعار رجل طعاما أو إداما أيكون هذا عارية أو قرضا‏؟‏

قال‏:‏ كل شيء لا ينتفع به الناس إلا للأكل أو الشرب فلا أراه إلا قرضا‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن الرجل يستعير من الرجل عشرة دنانير‏.‏

فقال‏:‏ هو ضامن لها ولم يره من وجه العارية‏.‏

فيمن اعترف دابة فأقام البينة على ذلك هل يسأله القاضي أنه ما باع ولا وهب

قلت‏:‏ أرأيت ان اعترفت دابة لي فأقمت البينة أنها دابتي أيسألني القاضي البينة إني لم أبع ولم أهب‏؟‏

قال‏:‏ يسألهم أنهم لم يعلموا أنه باع ولا وهب ولا تصدق وإنما يسألهم عن علمهم فإن شهدوا أنهم لا يعلمون أنه باع ولا وهب ولا تصدق قضي له بالدابة بعد أن يحلف الذي اعترف الدابة في يديه بالله الذي لا إله إلا هو أنه ما باع ولا وهب ولا تصدق ولا أخرجها من يديه بشيء مما يخرج به الشيء من ملك الرجل ثم قضي له بها‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يشهد الشهود على أنهم لا يعلمون أنه باع ولا وهب ولا تصدق ولكنهم يشهدون على أنها دابته أتحلفه أنه ما باع ولا وهب ولا تصدق ثم تقضي له بالدابة‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ إنما سمعته يقول أنه يسألهم عن علمهم أنه ما باع ولا وهب قال مالك ولا يشهدون على البتات إنما يسألهم عن عملهم قال مالك ولو شهدوا على البتات لرأيت شهادتهم شهادة غموس ورأيت أنهم قد شهدوا بباطل وأنهم قد شهدوا بزور وما يدريهم أنه ما باع ولا وهب‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ويستحلف هو البتة أنه ما باع ولا وهب ثم يقضي له بالدابة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان استأجرت دابة من رجل إلى بعض المواضع فعطبت تحتي ثم جاء ربها فاستحقها أيكون له أن يضمنني ويجعلني إذا عطبت تحتي بمنزلة رجل اشترى في سوق المسلمين طعاما ثم جاء رجل فاستحقه ان له أن يضمنه فهل يكون الذي ركب الدابة بهذه المنزلة‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

في العبد المأذون له أو غير المأذون له يعير شيئا أو يدعو إلى طعامه بغير اذن مولاه

قلت‏:‏ أرأيت العبد المأذون له في التجارة وغير المأذون له في التجارة أيجوز له أن يعير الدابة من ماله أو غير الدابة أيجوز له ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أرى أن يجوز ذلك له إلا بإذن سيده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد يدعو إلى طعامه أيجاب أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سئل مالك عن العبد يولد له فيريد أن يعق عن ولده ويدعو عليه الناس‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا يعجبني ذلك إلا بإذن سيده فكذلك مسألتك‏.‏

فيمن استعار سلاحا ليقاتل به فتلف أو انكسر

قلت‏:‏ أرأيت ان استعرت من رجل سلاحا أو استعرت منه سيفا لأقاتل به فضربت به فانقطع أأضمن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يضمن في قول مالك إذا كانت له بينة أنه كان معه في القتال لأنه فعل ما أذن له فيه فانقطع السيف من ذلك وإن لم تكن له بينة ولا يعرف أنه كان معه في القتال فهو ضامن‏.‏

فيمن استعار دابة إلى موضع فتعدى ذلك الموضع بقليل أو كثير ثم ردها فعطبت في الطريق هل يضمن أم لا‏؟‏

قلت‏:‏ أرأيت ان استعرت دابة إلى موضع من المواضع فلما بلغت ذلك الموضع تعديت على الدابة إلى موضع قريب مثل الميل أو نحوه ثم رددتها إلى الموضع الذي استعرتها إليه ثم رجعت وأنا أريد ردها على صاحبها فعطبت في الطريق وقد رجعت إلى الطريق الذي أذن لي فيه أأضمن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا وسئل عن رجل تكارى دابة إلى ذي الحليفة فتعدى بها ثم رجع فعطبت بعد ما رجع إلى ذي الحليفة وإلى الطريق‏؟‏

قال‏:‏ ان كان تعديه ذلك مثل منازل الناس فلا أرى عليه شيئا وان كان جاوز ذلك مثل الميل والميلين فأراه ضامنا‏.‏

فيمن بعث رجلا يستعير له دابة إلى موضع فاستعارها إلى غير ذلك

قلت‏:‏ أرأيت ان بعثت رسولا إلى رجل ليعيرني دابته إلى برقة فجاءه الرسول فقال يقول لك فلان أعرنى دابتك إلى فلسطين فأعطاه الدابة فجاءني بها فركبتها فعطبت أو ماتت تحتي فقال الرسول قد كذبت فيما بينهما‏؟‏

قال‏:‏ الرسول ضامن ولا ضمان على الذي استعارها لانه لم يعلم ما تعدى به الرسول‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال الرسول لا والله ما أمرتني أن أستعير لك إلا إلى فلسطين وقال المستعير بل أمرتك أن تقول له إلى برقة‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون الرسول ها هنا شاهدا في قول مالك لان مالكا قال في رجل أمر رجلين أن يزوجاه امرأة فانكر ذلك وشهدوا عليه بذلك‏؟‏

قال‏:‏ لا تجوز شهادتهما عليه لانهما خصمان له قال ابن القاسم وكذلك لو اختلفوا في الصداق فقالا أمرتنا بكذا وكذا وقال الزوج بل أمرتكما بكذا وكذا لما دون ذلك لم يجز قولهما عليه لانهما خصمان ويكون المستعير ها هنا ضامنا إلا أن تكون له بينة على ما زعم أنه أمر به الرسول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا ركب دابتي إلى فلسطين فقلت أكريتها منك وقال بل أعرتنيها‏؟‏

قال‏:‏ القول قول صاحب الدابة إلا أن يكون ممن ليس مثله يكري الدواب مثل الرجل الشريف المنزلة والذي له القدر والغنى وهذا رأيي والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

كتاب اللقطة والضوال والآبق

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا التقط لقطة دراهم أو دنانير أو ثيابا أو عروضا أو حليا مصوغا أو شيئا من متاع أهل الإسلام كيف يصنع بها وكم يعرفها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يعرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا لم آمره بأكلها‏.‏

قلت‏:‏ والقليل والكثير عند مالك في هذا سواء الدرهم فصاعدا‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا أن يحب بعد السنة أن يتصدق بها ويخير صاحبها إذا هو جاء في أن يكون له أجرها أو يغرمها له‏؟‏

قال‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أفكان مالك يكره أن يتصدق بها قبل السنة‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي إلا أن يكون الشيء التافه اليسير‏.‏

العبد يلتقط اللقطة يستهلكها قبل السنة أو بعد السنة

قلت‏:‏ أرأيت العبد إذا التقط اللقطة فأكلها أو تصدق بها قبل السنة أيكون ذلك في ذمته أم في رقبته‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا استهلكها قبل السنة فهي في رقبته لا في ذمته‏.‏

قلت‏:‏ فإن استهلكها بعد السنة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا استهلكها بعد السنة فإنما هي في ذمته‏.‏

قلت‏:‏ لم قال مالك إذا استهلكها بعد السنة فإنما هي في ذمته وهو لا يرى له أن يأكلها‏؟‏

قال‏:‏ للذي جاء فيها من الاختلاف ولأنه قد جاء فيها يعرفها سنة فإن لم يجئ صاحبها فشأنه بها فلذلك جعلها في ذمته بعد السنة‏.‏

قلت‏:‏ هل سمعت مالكا يقول في اللقطة أين تعرف وفي أي المواضع تعرف‏.‏

قال ما سمعت من مالك فيها شيئا ولكني أرى أن تعرف في الموضع الذي التقطت فيه وحيث يظن أن صاحبها هناك وحديث عمر بن الخطاب أنه قال له رجل أني نزلت منزل قوم بطريق الشام فوجدت صرة فيه ثمانون دينارا فذكرتها لعمر بن الخطاب فقال له عمر عرفها على أبواب المساجد واذكرها لمن يقدم من الشام سنة فإذا مضت سنة فشأنك بها فقد قال له عمر عرفها على أبواب المساجد فأرى أن يعرف اللقطة من التقطها على أبواب المساجد وفي موضعها وحيث يظن أن صاحبها هناك ‏(‏قلت‏:‏ أرأيت ما أصيب من أموال أهل الجاهلية لقطة على وجه الأرض يعلم أنه من أموال أهل الجاهلية أيخمس أم تكون فيه الزكاة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يخمس وإنما الزكاة في المعادن في قول مالك وما أصيب في المعادن بغير كبير عمل مثل الندرة وما أشبهها فذلك بمنزلة الركاز فيه الخمس‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت دفن الجاهلية وما نيل منه بعمل ومؤنة‏؟‏

قال‏:‏ فيه في قول مالك الخمس والركاز كله فيه في قول مالك الخمس ما نيل منه بعمل وما نيل منه بغير عمل‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن تراب على ساحل البحر يغسل فيوجد فيه الذهب والفضة وربما أصابوا فيه تماثيل الذهب والفضة‏؟‏

قال‏:‏ مالك أما التماثيل ففيها الخمس وأما تراب الذهب والفضة الذي يخرج من ذلك التراب ففيه الزكاة وهو بمنزلة تراب المعادن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن التقطت لقطة فأتى رجل فوصف عفاصها وقرابها ووكاءها وعدتها أيلزمني أن أدفعها إليه في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أشك أن هذا وجه الشأن فيها وتدفع إليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان جاء آخر بعد ذلك فوصف له مثل ما وصف الاول أو جاء فأقام البينة على تلك اللقطة أنها كانت له أيضمن الذي التقط تلك اللقطة وقد دفعها إلى من ذهب بها‏؟‏

قال‏:‏ لا لأنه قد دفعها بأمر كان ذلك وجه الدفع فيها وكذلك جاء في حديث اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها فإن جاء طالبها أخذها ألا ترى أنه إنما قيل له اعرف العفاص والوكاء أي حتى إذا جاء طالبها ادفعها إليه وإلا فلماذا قيل له اعرف العفاص والوكاء‏.‏

قلت‏:‏ وترى أن يجبره السلطان على أن يدفعها إذا اعترفها هذا ووصف صفتها وعفاصها ووكاءها‏؟‏

قال‏:‏ نعم أرى أن يجبره وقاله أشهب وزاد عليه اليمين فإن أبى عن اليمين فلا شيء له‏.‏

التجارة في اللقطة والعارية

قلت‏:‏ أرأيت رجلا حرا وجد لقطة أو مكاتبا أو عبدا تاجرا أيتجربها في السنة التي يعرفها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الوديعة لا يتجر فيها فأرى اللقطة بمنزلة الوديعة في السنة التي يعرفها فيها أنه لا يتجربها ولا بعد السنة أيضا لأن مالكا قال إذا مضت السنة لم آمره بأكلها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت تعريفه إياها في السنة أبأمر الامام أم بغير أمر الامام‏؟‏

قال‏:‏ لا أعرف الامام في قول مالك إنما جاء في الحديث يعرفها سنة فأمر الامام وغير أمره في هذا سواء‏.‏

في لقطة الطعام

قلت‏:‏ أرأيت ان التقطت ما لا يبقى في أيدي الناس من الطعام‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يتصدق به أعجب إلي‏.‏

قلت‏:‏ وان كان شيئا تافها‏؟‏

قال‏:‏ التافه وغير التافه يتصدق به أعجب إلى مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن أكله أو تصدق به فأتى صاحبه أيضمنه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يضمنه مثل قول مالك في الشاة يجدها في فيافي الارض إلا أن يجدها في غير فيافي الارض‏.‏

قلت‏:‏ وهل كان مالك يوقت في الطعام الذي كان يخاف عليه الفساد وقتا في تعريفه‏؟‏

قال‏:‏ لا لم يكن مالك يوقت فيه وقتا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من التقط شاة في فيافي الارض أو فيما بين المنازل‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن ضالة الغنم يجدها الرجل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أما ما كان قرب القرى فلا يأكلها وليضمها إلى أقرب القرى إليها يعرفها فيها‏؟‏

قال‏:‏ وأما ما كان في فلوات الارض والمهامة فإن تلك يأكلها ولا يعرفها فإن جاء صاحبها فليس له عليه من ثمنها قليل ولا كثير وكذلك قال مالك قال ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث هي لك أو لأخيك أو للذئب‏.‏

في لقطة الابل والبقر والدواب

قلت‏:‏ أرأيت البقر أهي بمنزلة الغنم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أما إذا كانت بموضع يخاف عليها فنعم وإن كانت بموضع لا يخاف عليها السباع ولا الذئاب فهي بمنزلة الابل‏.‏

قلت‏:‏ وما قول مالك في الابل إذا وجدها الرجل ضالة في فلوات الارض‏؟‏

قال‏:‏ إن أخذها عرفها وإن أراد أكلها فليس ذلك له ولا يعرض لها قال مالك وإن أخذها فعرفها فلم يجد صاحبها فليخلها في الموضع الذي وجدها فيه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الخيل والبغال والحمير أهي بمنزلة الابل‏؟‏

قال‏:‏ الخيل والبغال والحمير لا تؤكل‏.‏

قلت‏:‏ فإن التقطها‏؟‏

قال‏:‏ يعرفها فإن جاء ربها أخذها‏.‏

قلت‏:‏ فإن عرفها سنة فلم يجئ ربها‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يتصدق بها ولم أسمعه من مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن جاء ربها وقد أنفق على هذه الدواب أيكون عليه نفقتها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم على صاحبها ما أنفق هذا عليها ولا يأخذها حتى يعطيه ما أنفق عليها وقال مالك في الابل إذا اعترفها صاحبها وقد كان أسلمها وقد أنفق عليها ان له ما أنفق عليها ان أراد صاحبها أن يأخذها وان أراد أن يسلمها فليس عليه شيء‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك البقر والغنم إذا التقطها في فلوات الارض أو في غير فلوات الارض فأنفق عليها فاعترفها ربها أيكون له نفقتها التي أنفق عليها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في المتاع يلتقطه الرجل فيحمله إلى موضع من المواضع ليعرفه فيعرفه ربه قال مالك أراه لصاحبه ويدفع إلى هذا الكراء الذي حمله له فكذلك الغنم والبقر إذا التقطها رجل فأنفق عليها ثم أتى ربها فإنه يغرم ما أنفق عليها الملتقط إلا أن يشاء ربها أن يسلمها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما أنفق هذا الملتقط على هذه الأشياء التي التقطها بغير أمر السلطان أيكون ذلك على رب هذه الأشياء إن أراد أخذها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا أراد صاحبها أخذها لم يكن له أن يأخذها حتى يغرم لهذا ما أنفق عليها بأمر السلطان أو بغير أمر السلطان‏.‏

في الآبق ينفق عليه من يجده وفي بيع السلطان الضوال

قلت‏:‏ أرأيت الآبق إذا وجده الرجل ما يصنع به في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يرفعه إلى السلطان فيحبسه السلطان سنة فإن جاء صاحبه وإلا باعه وحبس له ثمنه‏.‏

قلت‏:‏ فمن ينفق عليه في هذه السنة‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن ينفق عليه السلطان ويكون فيما أنفق بمنزلة الاجنبي إلا أن السلطان ان لم يأت ربه باعه وأخذ من ثمنه ما أنفق عليه وجعل ما بقي في بيت المال‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الابل الضوال إذا رفعت إلى الوالي هل كان مالك يأمر الوالي أن يبيعها ويرفع أثمانها لأربابها كما صنع عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في ضوال الابل باعها وحبس أثمانها على أربابها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تباع ضوال الابل ولكن تعرف فإن لم توجد أربابها ردت إلى الموضع الذي أصيبت فيه‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال أرسلها في الموضع الذي وجدتها فيه وإنما كان مالك يأخذ بحديث عمر في هذا‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولقد استشارني بعض الولاة فأشرت عليه بذلك‏.‏

قلت‏:‏ لم قال مالك في الأباق أنهم يباعون بعد السنة إذا حبسهم الامام ولم يجعلهم بمنزلة ضوال الابل يدعهم يعملون ويأكلون حتى يأتي أربابهم‏؟‏

قال‏:‏ الأباق في هذا ليسوا بمنزلة الابل لأنهم يأبقون ثانية‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الآبق إذا أصابه الرجل في المصر أو خارجا من المصر أفيه جعل عند مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سألنا مالكا عن الرجل الآبق إذا وجده الرجل فأخذه وطلب جعله أترى له فيه جعلا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أما من طلب ذلك ان كان ذلك شأنه وطلبه وهو عمله فأرى أن يجعل له جعل قال مالك وعندنا قوم شأنهم هذا وفي هذا منافع للناس وأما من ليس ذلك شأنه وإنما وجده فأخذه فإنما له فيه نفقته ولا جعل له‏.‏

قلت‏:‏ هل كان مالك يوقت في الجعل شيئا‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت أنه وقت فيه شيئا وأرى أن يعطى على قدر بعد الموضع الذي أخذه فيه بالاجتهاد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كان رجلا هذا شأنه يطلب الأباق والدواب الضوال والامتعات فيردها على أربابها أيكون له في قول مالك شيء‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمعه من مالك وينبغي أن يكون له جعله لأن في ذلك منافع للناس‏؟‏

قال‏:‏ ولم يوقت لنا مالك في الآبق شيئا في المصر ولا خارجا من المصر إلا أنه قال لنا ما أخبرتك قال ابن القاسم سألنا مالكا عن هذه السفن التي تنكسر في البحر فيلقى البحر متاعهم فيأخذه بعض الناس ثم يأتي بعد ذلك أصحاب المتاع قال مالك يأخذون متاعهم ولا شيء لها ولا الذين أصابوه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا التقط لقطة فعرفها سنة ثم باعها بعد السنة فأتى ربها أيكون له أن يفسخ البيع وإنما باعها الذي التقطها بغير أمر السلطان‏؟‏

قال‏:‏ معنى شأنكم بها أنه مخير في أن يحبسها أو أن يتصدق بها فأرى أن البيع جائز ويكون له الثمن ممن قبضه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من التقط لقطة فضاعت منه فأتى ربها أيكون عليه شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال له رب المتاع إنما التقطتها لتذهب بها وقال الذي التقطها إنما التقطتها لأعرفها‏؟‏

قال‏:‏ القول قول الذي التقطها‏.‏

قلت‏:‏ أسمعته من مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا التقط لقطة ليعرفها ثم بدا له فردها في موضعها فضاعت أيضمن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ سأل رجل مالكا عن رجل التقط كساء وبين يديه رفقة فصاح بهم فقال ألكم الكساء فقالوا لا فرده في موضعه‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا أرى عليه شيئا وقد أحسن حين رده في موضعه فأرى أنا أن من أخذ من ذلك مما ليس هو على هذا الوجه حتى يستتر به من ذلك الموضع الذي التقطه فيه ثم أتى به فوضعه في موضعه الذي أخذه منه أو في غير موضعه الذي أخذه منه بعد أن ذهب به ومكث في يديه فهو ضامن له والذي أراد مالك أنه رده مكانه من ساعته وأنه صاح بالقوم يظنه لهم مثل الرجل يمر في أثر الرجل فيجد الشيء فيأخذه ويصيح به ألك هذا فيقول له لا فيتركه فهذا لا ضمان عليه وأما من أخذه فأحرزه ثم بدا له فرده فهو ضامن وكذلك سمعت من مالك فيما يشبهه‏.‏

في السارق يسرق من دار فيها ساكن أو لا ساكن فيها ثم يدع الباب مفتوحا

قلت‏:‏ أرأيت لو أني أتيت إلى دواب رجل مربوطة في مداودها فحللتها فذهبت الدواب أأضمن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في السارق يسرق من الحانوت وهو مغلق لا يسكن فيه أحد فيفتحه ثم يدعه مفتوحا وليس ربه فيه فيذهب ما في الحانوت ان السارق ضامن لما ذهب من الحانوت لأنه هو فتحه فكذلك الدواب بهذه المنزلة على مثل هذا في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كانت الدواب في دار ففتح الباب رجل فذهبت الدواب أيضمنها أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ان كانت دار الدواب مسكونة فيها قومة الدواب فلا ضمان عليه وهو بمنزلة ما لو سرق منه وترك بقيته مباحا للناس فإن لم يكن رب الدواب في الدار ضمن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كان رب الدواب في الدار وهو نائم أيضمن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يضمن‏.‏

قلت‏:‏ لم وهو نائم‏؟‏

قال‏:‏ ألا ترى لو أن سارقا دخل بيت قوم وهم نيام ففتح بابهم وقد كانوا أغلقوه فسرق بعض متاعهم ثم خرج وترك الباب مفتوحا ثم سرق ما فيه بعده أنه لا يضمن ذلك في قول مالك كذلك قال مالك لان أرباب البيت إذا كانوا في البيت نياما كانوا أو غير نيام فإن السارق لا يضمن ما ذهب بعد ذلك وإنما يضمن من هذا إذا ترك الباب مفتوحا وليس أرباب البيت في البيت‏.‏

قلت‏:‏ فلو كان البيت تسكنه امرأة فخرجت إلى جارة لها زائرة وأغلقت على متاعها الباب فأتى سارق ففتح الباب فسرق ما فيه وتركه مفتوحا فسرق ما بقي في البيت بعده أيضمن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ يضمن في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ والحوانيت ان سرق منها رجل بالليل وترك الباب مفتوحا فسرق ما في الحوانيت بعده أيضمنه السارق أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ والحوانيت مسكونة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ليست بمسكونة‏.‏

في الرجل يفتح قفصا فيه طير أو قيدا فيه عبد وفي الآبق يأخذه الرجل ثم يهرب منه أو يرسله هو

قلت‏:‏ أرأيت لو أني أتيت إلى قفص فيه طير ففتحت باب القفص فذهب الطير أأضمن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم أنت ضامن في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أتى إلى عبد لي قد قيدته أخاف إباقة فحل قيده فذهب العبد أيضمنه أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يضمنه في رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا التقط لقطة فعرفها سنة فلم يجد صاحبها فتصدق بها على المساكين فأتى صاحبها وهي في يد المساكين أيكون لصاحبها أن يأخذها من أيدي المساكين أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان أكلها المساكين فأتى ربها فأراد أن يضمنهم‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ أليس قد قال مالك في الهبة إذا استحقها صاحبها عند الموهوبة له وقد أكلها أن له أن يضمنه إياها‏؟‏

قال‏:‏ ليست اللقطة بمنزلة الهبة ألا ترى أنهم قد قالوا في اللقطة يعرفها سنة ثم شأنه بها‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع من مالك في هذا شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أخذت عبدا آبقا فأبق مني أيكون على شيء أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء عليك‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وإن أرسله بعد ما أخذه ضمنه كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان اعترفت عبدا لي آبقا عند السلطان فأتيت بشاهد واحد أأحلف مع شاهدي وآخذ العبد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فهل كان مالك يرى أن يستحلف طالب الحق مع شاهدين‏؟‏

قال‏:‏ لا إذا أقام شاهدين لم يستحلف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان ادعى هذا الابق رجل فقال هو عبدي وقال العبد صدق أنا عبده ولا بينة للسيد أيعطي العبد بقوله وباقرار العبد له بالعبودية‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هكذا ينبغي أن يكون قوله من قبل أن مالكا قال في اللصوص إذا أخذوا ومعهم الامتعة فأتى قوم فادعوا ذلك المتاع ولا يعلم ذلك إلا بقولهم وليست لهم بينة‏؟‏

قال‏:‏ مالك يتلوم لهم السلطان فإن لم يأت غيرهم دفعه إليهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الآبق إذا حبسه الامام سنة ثم باعه ثم جاء سيده والعبد قائم عند المشتري أيكون للمستحق أن ينقض البيع ويأخذ عبده‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له كذلك قال مالك إنما له أن يأخذ ثمنه‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لأن السلطان باعه عليه وبيع السلطان جائز‏.‏

في بيع السلطان الأباق

قلت‏:‏ أرأيت لو أن السلطان باع هذا الآبق بعد ما حبسه سنة ثم أتي سيده فاعترفه فقال قد كنت أعتقته بعد ما أبق أو قال قد كنت دبرته بعد ما أبق‏.‏

‏؟‏ قال لا يقبل قوله على نقض البيع إلا ببينة تقوم له لأن بيع السلطان بمنزلة بيع السيد ألا ترى أن السيد لو باع العبد ثم أقر بعد ذلك أنه قد كان أعتقه لم يقبل قوله على نقض البيع إلا ببينة وهذا رأيي ‏(‏قلت‏:‏ أرأيت ان قال قد كنت أعتقته قبل أن يأبق مني أو دبرته قبل أن يأبق‏؟‏

قال‏:‏ أما التدبير فلا يصدق فيه وأما العتق فلا أرى أيضا أن يقبل قوله لأنه لو باعه هو نفسه ثم قال قد كنت أعتقته لم يقبل قوله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا أتى سيدها وهي أمة له وقد كان باعها السلطان بعد ما حبسها سنة فقال سيدها قد كانت ولدت مني وولدها قائم‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن ترد إلى سيدها إذا كان ممن لا يتهم عليها لأن مالكا قال في رجل باع جارية له وولدها ثم قال بعد ذلك هذا الولد الذي بعت معها هو مني قال مالك إذا كان ممن لا يتهم على مثلها ردت عليه وقال في العتق ان أقر أنه قد كان أعتقها فلا يصدق ولا ترد عليه إلا ببينة‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يكن معها ولد فقال بعد ما باعها قد كانت ولدت مني‏؟‏

قال‏:‏ لا ترد وقال غيره في الجارية ليس يقبل قوله ولا يرد البيع به كما لا يرد إذا قال قد أعتقت إلا أن يكون مع الجارية ولد بيعت به أو كانت الجارية حاملا يوم بيعت منه فيقبل قوله ولا ترد لأنه يستلحق نسب الولد الذي معها وهذا أحسن من قول بن القاسم‏.‏

فيمن اغتصب عبدا فمات

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اغتصب عبدا فمات عند الغاصب موتا ظاهرا أيضمن الغاصب قيمته في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك هو ضامن لقيمته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد الآبق أيجوز تدبير سيده فيه وعتقه‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأنه لم يزل ملكه عنه باباق العبد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد الآبق أيبيعه سيده وهو آبق‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجوز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من وهب عبدا له آبقا أتجوز فيه الهبة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ إذا كانت الهبة لغير الثواب جازت في قول مالك وإن كانت للثواب لم تجز في قول مالك لأن الهبة للثواب بيع من البيوع وبيع الآبق لا يجوز لأنه غرر فكذلك الهبة للثواب‏.‏

في إقامة الحد على الآبق

قلت‏:‏ أرأيت العبد الآبق إذا زنى أو سرق أو قذف أيقام عليه الحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إن الآبق إذا سرق قطع فالحدود عندي بمنزلة السرقة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أتى إلى قاض بكتاب من قاض أنه قد شهد عندي قوم أن فلانا صاحب كتابي إليك قد هرب منه عبد صفته كذا وكذا فجلاه ووصفه في الكتاب وعند هذا القاضي عبد آبق محبوس على هذه الصفة التي كتب بها إليه القاضي أترى أن يقبل كتاب القاضي وشهادة الشهود الذين شهدوا فيه على الصفة التي كتب بها القاضي إليه ويدفع العبد إليه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم أرى أن يقبل الكتاب والبينة التي فيه ويدفع العبد إليه‏.‏

قلت‏:‏ وترى للقاضي الاول أن يقبل منه البينة على الصفة ويكتب بها إلى قاض آخر‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظ شيئا من هذا عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا إلا أن مالكا قال لنا في الامتعات التي تسرق بمكة إذا أتى الرجل فاعترف المتاع ولم يكن له بينة ووصف المتاع استأنى الامام به فإن جاء من يطلبه وإلا دفعه إليه الامام فكذلك العبد الذي أقام البينة على صفته فهو أحرى أن يدفع إليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن ادعى العبد ووصفه ولم يقم البينة عليه‏؟‏

قال‏:‏ أرى أنه مثل قول مالك في المتاع أنه ينتظر به الامام ويتلوم فإن جاء أحد يطلبه وإلا دفعه إليه وضمنه إياه‏.‏

قلت‏:‏ ولا يلتفت ها هنا إلى العبد وإن كان منكرا أن هذا سيده إلا أنه مقر أنه عبد لفلان في بلد آخر‏؟‏

قال‏:‏ يكتب السلطان إلى ذلك الموضع وينظر في قول العبد فإن كان كما قال وإلا ضمنه هذا وأسلمه إليه مثل قول مالك في الامتعة‏.‏

في الرجل يعترف الدابة في يد رجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اعترف دابة له في يد رجل وأقام البينة أنها دابته وحكم له بها السلطان فادعى الذي الدابة في يديه أنه اشتراها من بعض البلدان وأراد أن لا يذهب حقه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يؤمر هذا الذي كانت الدابة في يديه أن يخرج قيمة الدابة فتوضع القيمة على يدي عدل ويمكنه القاضي من الدابة ويطبع له في عتق الدابة ويكتب إلى قاضي ذلك البلد كتابا أني حكمت بهذه الدابة لفلان فاستخرج له ماله من بائعه إلا أن يكون للبائع حجة‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وإن تلفت الدابة في ذهابه أو مجيئه أو انكسرت أو اعورت فهي من الذاهب بها والقيمة التي وضعت على يدي عدل للذي اعترفها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن نقصها في ذهابه ومجيئه‏؟‏

قال‏:‏ كذلك أيضا في قول مالك القيمة لهذا الذي اعترفها إلا أن ترد الدابة بحالها‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الرقيق‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم كذلك الرقيق إلا أن تكون جارية فإن كانت جارية فكان الذي يذهب بها أمينا لا يخاف على مثله أعطيها وذهب بها وإن كان على غير ذلك كان عليه أن يستأجر أمينا يذهب بها وإلا لم تدفع إليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان اعترفها رجل وهو على ظهر سفر يريد افريقية فاعترف دابته بالفسطاط فأقام عليها البينة فاستحقها فقال الذي هي في يديه اشتريتها من رجل بالشام أتمكنه من الدابة يذهب بها إلى الشام ويعوق هذا عن سفره في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا حق من الحقوق المسافر في هذا وغير المسافر سواء ويقال لهذا المسافر إن أردت أن تخرج فاستخلف من يقوم بأمرك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال هذا المسافر أني قد استحققت دابتي وقول هذا الذي وجدت دابتي في يديه أنه اشتراها من الشام باطل لم يشترها ولكنه أراد أن يعوقني أيقبل قول الذي اعترف الدابة في يديه أنه اشتراها أم لا‏؟‏ يقبل قوله إلا ببينة‏؟‏

قال‏:‏ سألنا مالكا عنها‏.‏

فقال‏:‏ إذا قال صاحبها اشتريتها أمكن مما وصفت لك ولم يقل لنا مالك أنه يقال له أقم البينة ولو كان ذلك عند أهل العلم أنه لا يقبل قوله إلا ببينة ليبينوا ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت قول مالك يحبس الآبق سنة ثم يباع من أين أخذ السنة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لم أزل أسمع أن الآبق يحبس سنة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا القاضي الذي جاءه البغل مطبوعا في عنقه وجاء بكتاب القاضي أيأمر هذا الذي جاء بالبغل أن يقيم البينة أن هذا البغل هو الذي حكم به عليه وهو الذي طبع القاضي في عنقه‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع هذا ولكن إذا كان البغل موافقا لما في كتاب القاضي من صفته وخاتم القاضي على عنقه وأتى بشاهدين على كتاب القاضي جاز ذلك ولا أرى أن يسأله البينة أن هذا البغل هو الذي حكم به عليه القاضي‏.‏

في شهادة الغرباء وتعديلهم

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما غرباء شهدوا في بعض البلدان على حق من الحقوق لرجل منهم غريب معهم أو شهدوا شهادة لغير غريب والشهود لا يعرفون في تلك البلدة أيقبل القاضي شهادتهم في قول مالك أم ماذا يصنع‏؟‏

قال‏:‏ لا يقبل شهادتهم لان البينة لا تقبل في قول مالك إلا بعدالة ولقد سمعت مالكا وسئل عن قوم شهدوا في حق فلم يعدلهم قوم يعرف تعديلهم عدل المعدلين آخرون أترى أن يجوز في ذلك تعديل على تعديل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا كان الشهود غرباء رأيت ذلك جائزا وان كانوا غير غرباء وهم من أهل البلد لم يجز ذلك حتى يأتوا بمن يزكيهم فبهذا يستدل على أنهم وإن كانوا غرباء لم يحكم بشهادتهم إلا بعد العدالة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت قولك إن لم يعرف المعدلين الاولين القاضي‏؟‏

قال‏:‏ ليس القاضي يعرف كل الناس‏؟‏

قال‏:‏ وإنما يعرف القاضي بمعرفة الناس وإنما قلت لك في قول مالك لأنه لا يقبل القاضي عدالة على عدالة إذا كانوا من أهل البلد حتى تكون العدالة على الشهود أنفسهم عند القاضي‏.‏

فيمن وجد آبقا أيأخذه وفي الآبق يؤاجر نفسه والقضاء فيه

قلت‏:‏ أرأيت من وجد آبقا أو آبقة أيأخذه أم يتركه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن الآبق يجده الرجل أترى أن يأخذه أم يتركه‏؟‏

قال‏:‏ ان كان لجار أو لأخ أو لمن يعرف رأيت له أن يأخذه وإن كان لمن لا يعرفه فلا يقربه ومعني قوله رأيت أن يأخذه إذا كان لأخ أو لجار فإنه إن لم يأخذه أيضا فهو في سعة ولكن مالكا كان يستحب له أن يأخذه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الآبق إذا لم أعرف سيده إلا أن سيده جاءني فاعترفه عندي أترى أن أدفعه إليه أم أرفعه إلى السلطان في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى لك أن ترفعه إلى السلطان إذا لم تخف ظلمه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت عبدا آبقا آجر نفسه من رجل في بعض الأعمال فعطب في ذلك العمل والرجل الذي استأجره لا يعلم أنه آبق فأتى مولاه فاستحقه أيكون له أن يضمنه هذا الرجل الذي استأجره‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأنه بلغني عن مالك أنه قال في عبد استأجره رجل في السوق يبلغ له كتابا إلى بعض القرى وهو لا يعلم أنه عبد فعطب الغلام في الطريق‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أراه ضامنا‏.‏

ومما يبين لك أنه ضامن ألا ترى لو أن رجلا اشترى سلعة في سوق المسلمين فأتلفها هو نفسه ثم أتى ربها كان له أن يضمنه لأنه هو أتلفها فكذلك العبد إذا عطب في عمله فهو بمنزلة الذي اشترى في سوق المسلمين ثم استهلكه أنه يضمن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني أخذت عبدا آبقا فاستعملته أو آجرته أيكون لسيده علي قيمة ما استعملته أو الإجارة التي أجرته بها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن ضمانه من سيده‏.‏

قلت‏:‏ ولا يشبه هذا الرجل يغصب الدابة فيركبها وقد قلت فيها إن مالكا قال ليست الاجارة على الغاصب‏؟‏

قال‏:‏ لأن ضمان هذه الدابة من الغاصب الذي أخذها ولا يلزم صاحبها نفقتها والآبق ضمانه من سيده يوم أخذه هذا الذي وجده ونفقته على سيده لان من وجد آبقا فلا يضمنه في قول مالك إذا أخذه‏.‏

قلت‏:‏ ولا ترى هذا الذي أخذ الآبق حين استعمله ضلعنا له بما استعمله‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا استعمله عملا يعطب في مثله فهو ضامن له ان عطب فيه وان سلم فعليه قيمة ذلك العمل لسيد العبد‏.‏

قلت‏:‏ ولم جعلته ضامنا ثم جعلت عليه الكراء‏؟‏

قال‏:‏ لأن أصل ما أخذ العبد عليه لم يأخذه على الضمان ولأن مالكا قال في عبد لرجل أتاه رجل فاستعمله عملا يعطب في مثله فعطب الغلام إن الذي استعمله ضامن فإن سلم الغلام فلمولاه قيمة العمل إن كان عملا له بال فهذا يدلك على مسألتك وإنما صار ها هنا له قيمة العمل لأنه ليس بغاصب للعبد إذا سلم العبد من أن يعطب وإنما يضمن ان عطب فكذلك مسألتك والذي غصب الدابة هو ضامن لها استعملها أو لم يستعملها ألا ترى أنه يضمنها إن ماتت وهذا الذي أخذ الآبق لا يضمنه إن مات فهذا فرق ما بينهما في قول مالك‏.‏