فصل: في مقارضة من لا يعرف الحلال والحرام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في مقارضة من لا يعرف الحلال والحرام

قال‏:‏ وقال مالك لا أحب للرجل أن يقارض رجلا إلا رجلا يعرف الحلال والحرام وإن كان رجلا مسلما فلا أحب له أن يقارض من يستحل شيئا من الحرام في البيع والشراء‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن سعيد بن المسيب‏؟‏ قال لا يصلح أن يقارض الرجل اليهودي والنصراني‏.‏

قال الليث‏:‏ وقال ربيعة لا ينبغي له أن يقارض رجلا يستحل في دينه أكل الحرام‏.‏

في العبد والمكاتب يقارضان بأموالهما

قلت‏:‏ أرأيت المكاتب أيجوز له أن يبضع أو يأخذ مالا قراضا أو يعطى مالا قراضا‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا حدا أحده إلا أنه يجوز للمكاتب كل ما كان على وجه الفضل فهذا كله جائز له في أخذ المسلم المال من النصراني قراضا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وسألنا مالكا وبن أبي حازم عن الرجل المسلم أيأخذ من النصراني المال قراضا فكرها ذلك جميعا‏؟‏

قال‏:‏ وما أظنهما كرها ذلك إلا أنهما كرها للمسلم أن يؤاجر نفسه من النصراني لئلا يذل نفسه فأظنهما من هذا الوجه كرهاه‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك لا بأس أن يدفع الرجل المسلم إلى النصراني كرمه مساقاة إذا لم يكن النصراني يعصر حصته خمرا‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع من مالك في المسلم يأخذ من النصراني مساقاة شيئا إلا أن مالكا قال أكره للمسلم أن يأخذ من النصراني المال قراضا ولا أرى أن يأخذ المسلم من النصراني مساقاة بمنزلة ما كره مالك من القراض‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولو أخذه لم أره حراما‏.‏

في القراض الذي لا يجوز

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل مائتي دينار قراضا على أن يعمل بكل مائة منهما على حدة على أن ربح مائة منهما بيننا وربح المائة الأخرى للعامل أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز هذا لأنهما قد تخاطرا ألا ترى أنه أن لم يربح في المائة التي جعل ربحها بينهما وربح في الأخرى كان قد غبن العامل رب المال وإن ربح في المائة التي أخذها بينهما ولم يربح في الأخرى كان رب المال قد غبن العامل فيه فقد تخاطرا على هذا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأرى أنه أجير في المائتين ويكون له أجر مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إليه ألف درهم قراضا على أن ما رزق الله في خمسمائة منها بعينها فذلك للمضارب وما رزق الله في خمسمائة منها بعينها فذلك لرب المال فعمل بكل مائة على حدة‏؟‏

قال‏:‏ لا خير في هذا لأني سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المائتي دينار على أن أحداهما على النصف والأخرى على الثلث فعمل بهذه على حدة وبهذه على حدة‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا خير في هذا قال مالك وكذلك الحائطان لا يصلح أن يأخذهما مساقاة هذا على النصف وهذا على الثلث يساقيهما جميعا صفقة واحدة إلا أن يكونا جميعا على النصف أو جميعا على الثلث‏.‏

قلت‏:‏ ولم كره مالك هذا في المساقاة وفي القراض‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لأن فيه خطرا لأن الحائطين ربما قل ثمر هذا وكثر ثمر هذا فكانما خاطره وقال له أعمل لي هذا الحائط بثلث ما يخرج منه فقال له لا أعمل لك بالثلث في هذا الحائط إلا أن تعطيني حائطك هذا الآخر أعمل فيه بالنصف فقد تخاطرا أن أخرج هذا الحائط الذي بالثلث وأثمر كان العامل قد غبن رب الحائط في الحائط الذي أخذه منه بالنصف وإن لم يخرج الحائط الذي أخذه على الثلث كان رب المال قد غبنه فيه‏.‏

في المقارض يشترط لنفسه من الربح شيئا خالصا له دون العامل

قلت‏:‏ أرأيت أن أخذ المال على أن لرب المال درهما واحدا من الربح وما بقى بعد ذلك فهو بينهما فعمل على ذلك فربح أو وضع‏؟‏

قال‏:‏ يكون الربح لرب المال والنقصان عليه ويكون للعامل أجر مثله‏.‏

قلت‏:‏ ويكون العامل أحق بربح المال من غرماء صاحبه أن فلس حتى يستوفي أجر عمله‏؟‏

قال‏:‏ لا وهو أسوة غرماء المفلس بأجرته في المال الذي كان في يديه من رأس ماله وفي جميع مال المفلس‏.‏

قلت‏:‏ فان ضاع المال كله بعد ما عمل أيكون للعامل على رب المال أجر مثله أيضا‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قال سحنون‏:‏ قد كتبنا شرط الزيادة في أول الكتاب ومن قاله‏.‏

في المقارض يشترط لنفسه سلفا أو يشترط على نفسه الضمان

قال‏:‏ وقال مالك في الذي يعطى الرجل المال قراضا على أن يسلفه رب المال سلفا قال مالك فللعامل أجر مثله وجميع الربح لرب المال‏؟‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل مالا قراضا على أن العامل ضامن للمال‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يرد إلى قراض مثله ولا ضمان عليه‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك أن أعطاه مالا قراضا إلى سنة رده أيضا إلى قراض مثله‏.‏

قلت‏:‏ لم قال مالك إذا كان في القراض شرط سلف أنه يرد إلى اجارة مثله وقال في القراض إذا اشترط على العامل الضمان أنه يرد إلى قراض مثله وقال مالك أيضا فيه إذا كان إلى أجل سنة أنه يرد إلى قراض مثله فما فرق ما بينهما قال في بعضه يرد إلى قراض مثله وفي بعضه إلى اجارة مثله‏؟‏

قال‏:‏ لأن سلفه زيادة ازدادها أحدهما في القراض ولأن الأجل في القراض لم يزدده فرد إلى قراض مثله والضمان أمر قد ازداده ولكنه أمر إنما كان في المال لم تكن منفعته خارجة منه في ربح ولا سلف فحملوا على سنة القراض وفسخ ما اشترطا في ذلك من غير سنته وردوا إلي قراض مثلهم ممن لا ضمان عليهم كما يرد من شرط الضمان وهذا وجه ما استحسنت مما سمعت من مالك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد ذكر الليث بن سعد أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن كان يقول في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا ليتجر فيه سنة ثم يتحاسبان فيكون الربح بينهما‏؟‏

قال‏:‏ لا يحل أن يضرب للمقارض أجلا ولا يشترط في ربحه خاصة مضمونا لأحدهما دون صاحبه‏؟‏

قال‏:‏ ومن وضع القراض على غير الذي وضع القراض عليه فلا يصلح فيه شرط إلا أن يشترط أن لا يوضع ماله في شيء يخشى غرره فان ذلك مما كان يشترط في القراض وقد قال ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه قال سألت القاسم وسالما عن القراض والبضاعة يكون ذلك بشرط فقالا لا يصلح ذلك من أجل الشرط الذي دخلا فيه‏.‏

في المقارض يشترط عليه أن يخرج من عنده مثل القراض يعمل فيهما

قلت‏:‏ لم كره مالك أن أدفع إلى الرجل ألف درهم قراضا وأشترط عليه أن يخرج من عنده ألفا أخرى فيعمل بهما جميعا على أن لي ربح ما ربح في جميع المال‏؟‏

قال‏:‏ لأنه إذا اشترط ذلك عليه اغتريا كثرة البيع والشراء فلا يجوز هذا لأنه يدخل في ذلك منفعة لرب المال فلا يجوز أن يقارض بماله ويشترط منفعة لنفسه من غير ربح المال‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك لا يصلح أن يقول أقارضك بألف درهم على أن تخرج من عندك ألف درهم أو أقل أو أكثر على أن تخلطها بألفى هذه تعمل بهما جميعا فكره مالك هذا‏.‏

قلت‏:‏ ولم كره مالك هذا أن يدفع الرجل إلى الرجل ألف درهم قراضا على أن يخرج المقارض ألفا من عنده فيخلطها بها يعمل بهما جميعا‏؟‏

قال‏:‏ لاستغزار الشراء ألا ترى أنه إذا كان المال كثيرا كان أعظم لتجارته وأكثر لشرائه وأحرى أن يقدر على ما يريد من الشراء وأكثر لربحه وفضله فيصير الذي دفع المال قراضا قد جر إلى نفسه منفعة مال غير ماله بقراضه ماله فهذا لا يجوز أن يجر إلى نفسه منفعة غير ماله‏.‏

في المقارض يأخذ مالا قراضا ويشترط أن يعمل به مع رب المال

قلت‏:‏ أرأيت أن أخذت مالا قراضا على أن يعمل معي رب المال في المال‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا خير في هذا‏.‏

قلت‏:‏ فان نزل هذا‏؟‏

قال‏:‏ يرد العامل إلى أجر مثله عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان عمل رب المال بغير شرط‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا كره ذلك إلا أن عمل عملا يسيرا وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أخذت مالا قراضا فاشتريت منه جواري فأخذ رب المال جارية فباعها‏؟‏

قال‏:‏ ليس له أن يبيعها وبيعه فيها باطل إلا أن يجيزه العامل وهو قول مالك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد كتبنا ما كره عبد العزيز من اشتراط عون رب المال في أول الكتاب‏.‏

في المقارض يشترط على رب المال غلاما يعينه

قال‏:‏ وقال مالك لا بأس أن يشترط العامل على رب المال الغلام يعينه في المال إذا لم يشترط أن يعينه في غيره وكذلك الدابة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فالدابة عندي مثله ولم أسمعه من مالك ولكن بلغني عنه ذلك في الدابة أنه أجازها في المساقاة وهي عندي في القراض والمساقاة إذا اشترطها جائزة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشترط رب المال على العامل في المال عون دابته أو غلامه أيصلح‏؟‏

قال‏:‏ لا يصلح وقد قال الليث مثل قول مالك في اشتراط العامل على رب المال الغلام يعينه أنه لا بأس به‏.‏

في المقارض يدفع إليه المال على أن يخرج به إلى بلد يشتري به

قلت‏:‏ فلو دفعت إلى رجل مالا قراضا على أن يخرج بالمال إلى بلد من البلدان يشتري في ذلك الموضع تجارة‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن ذلك فقال لا خير فيه‏؟‏

قال‏:‏ مالك يعطيه المال ويقوده كما يقود البعير‏؟‏

قال‏:‏ وإنما كره مالك من هذا أنه يحجر عليه أنه لا يشتري إلا أن يبلغ ذلك البلد‏.‏

في المقارض يدفع إليه المال على أن يبتاع به عبد فلان بعينه ثم يبيعه فيبتاع بثمنه بعد ما شاء

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا على النصف على أن يشتري عبد فلان ثم يشتري بعد ما يبيع عبد فلان بثمنه ما شاء من السلع‏؟‏

قال‏:‏ أما قوله اشتر عبد فلان فهذه أجرة ليس فيها قراض عند مالك وأما ما كان بعد ذلك فهو قراض بمنزلة الرجل يقارض الرجل بالعرض يكون له أجر مثله في بيعه العروض ويقاضيه الثمن ثم يكون بعد ذلك فيما عمل على قراض مثله ولا يلتفت إلى ما شرطا من الشرط فيما بينهما نصفا ولا ثلثا ولا غير ذلك لأن العقدة التي كان بها القراض كانت فاسدة لأنه لا يقارض بالعروض فلذلك ردا إلى قراض مثلهما ولم يلتفت إلى ما شرطا فيما بينهما وجعل له فيما باع أجر مثله فكذلك مسألتك ‏(‏ولقد‏)‏ سمعت مالكا يقول في الرجل يدفع إلى الرجل نخلا مساقاة وفيها ثمرتها قد طابت على أن يسقيها فتكون في يد العامل سنين مساقاة على أن هذا الثمر الذي في رؤس النخل مساقاة بينهما‏؟‏

قال‏:‏ مالك يقام للعامل قيمة ما أنفق في هذه الثمرة وأجر عمله فيها وتكون الثمرة كلها لصاحبها‏؟‏

قال‏:‏ فقيل لمالك أيكون له أجر مثله أن عمل‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا ولكن يكون على مساقاة مثله فيما بعد ذلك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد أخبرتك بالشرط الذي كرهه القاسم وسالم وربيعة فهذا من تلك الشروط‏.‏

في المقارض يقول للعامل اشتر وأنا أنقد عنك أو يضم معه رجلا أمينا عليه أو ابنه ليبصره بالتجارة

قلت‏:‏ هل يجوز لرب المال أن يحبس المال عنده ويقول للعامل اذهب اشتر وأنا أنقد عنك واقبض السلع أنت فإذا بعت قبضت الثمن وإذا اشتريت نقدت الثمن‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز هذا القراض عند مالك وإنما القراض عند مالك أن يسلم المال إليه‏؟‏

قال‏:‏ وقال لي مالك ولو ضم إليه رجلا جعله يقتضي المال وينقد والعامل يشتري ويبيع ولا يأمن العامل وجعل هذا عليه أمينا‏؟‏ قال لا خير في هذا ‏(‏ولقد‏)‏ سألت مالكا عن الرجل يدفع المال قراضا إلى رجل له أمانة وبصر ويضم ابنه معه ولا بصر لابنه ولا أمانة وإنما يدفع إلى الرجل المال لأن يضم ابنه إليه ولولا ذلك لم يدفع إليه قراضا لأن ابنه لا بصر عنده ولا يأمن ابنه‏؟‏

قال‏:‏ فقال لي مالك لا خير في هذا القراض‏؟‏

قال‏:‏ وإنما كرهه مالك لأن لرب المال فيه المنفعة يخرج له ابنه ويعلمه‏.‏

قلت‏:‏ فلو كان مكان ابنه رجل أجنبي ليس قبله بصر بالتجارة فجعله رب المال مكان ابنه‏؟‏

قال‏:‏ فاني لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك فان كان لرب المال فيه المنفعة مثل ما كانت في ابنه أن يكون صديقا له أراد أن ينفعه في تخريجه وتعليمه فلا أرى ذلك جائزا وهذا مما يفسد من اشتراط الزيادة والشرط في القراض‏.‏

في المقارض يدفع إليه ألف على النصف فيربح فيها ألفا أخرى فيأتيه رب المال بألف أخرى على أن يخلطهما على النصف

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل ألف درهم قراضا بالنصف فعمل بها فربح ألفا أخرى ثم أتاه رب المال فقال هذه ألف درهم أخرى خذها قراضا بالنصف واخلطها بالمال الأول أيجوز هذا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن هذا لا يجوز من قبل أنه حين قال له اخلطهما وفي المال ربح فكأنه قال اخلطها بالمال الأول فان وضعت في هذا المال الثاني جبرته من الربح الذي في يديك من المال الأول فهذا لا يجوز ‏(‏ولقد‏)‏ سألت مالكا عن رجل دفع إليه رجل مالا قراضا فابتاع به سلعة ثم دفع إليه بعد ذلك المال مالا آخر فابتاع به سلعة أخرى ثم بيعت السلعتان جميعا فربح في أحداهما وخسر في الأخرى فقال قال مالك كل مال منهما على قراضه ولا يجبر نقصان هذا المال من ربح هذا المال‏.‏

قلت‏:‏ فان دفعت إليه مالا قراضا على النصف فلم يعمل به حتى دفعت إليه مالا آخر قراضا بالثلث على أن يخلط المالين جميعا أيجوز هذا‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أني سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المائتى الدينار على أن واحدة من المائتين قراض على الثلث والأخرى قراض على النصف‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا خير فيه إذا كان لا يخلطهما‏.‏

قال سحنون‏:‏ وإذا كان على أن يخلطهما فهو جائز لأنه يرجع حسابه إلى جزء معروف وكذلك الذي دفع مالا بعد مال‏.‏

قلت‏:‏ فان دفع إليه مالا قراضا على النصف فاشترى به سلعة من السلع ثم أتاه بعد ذلك بمال آخر فدفعه إليه قراضا بالنصف على أن يخلطه بالمال الأول أيجوز هذا‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا يعجبني هذا لأنه خطر بين ألا ترى أنه أن نقص في المال الآخر وربح في المال الأول جبر بربح المال الأول وقد كان ربحهما للعامل وإن نقص في المال الأول وربح في المال الآخر ربحا كان كذلك أيضا‏.‏

قلت‏:‏ فان لم يكن في قيمة السلعة فضل عن رأس المال الأول‏؟‏

قال‏:‏ هذا لا يعرف لأن الأسواق تتحول ولا يعجبني على حال‏.‏

قلت‏:‏ فان دفع رجل إلى رجل مالا قراضا فلم يعمل به حتى زاده مالا آخر قراضا على أن يخلطه بالمال الأول‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى بهذا بأسا وهذا كأنه دفعه إليه كله جملة‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمعه من مالك وأنا أرى أنه لا بأس به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا بالنصف فاشترى به سلعة ثم جئته فقلت له خذ هذا المال قراضا أيضا واعمل به على حدة بالثلث أو بالنصف أيجوز هذا‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن باع السلعة ولم يأمره أن يخلطه بالمال الأول قبض في يديه المال الأول وفيه خسارة أو ربح أو مثل رأس ماله سواء فجاءه رب المال بمال آخر فقال خذ هذا قراضا‏؟‏

قال‏:‏ أن كان باع برأس المال سواء فلا بأس أن يدفع إليه على مثل قراضه المال الأول لا زيادة ولا نقصان وإن كان باع بربح أو وضيعة فلا خير في أن يدفع إليه مالا على مثل ما قارضه ولا بأدنى ولا بأكثر‏.‏

قلت‏:‏ فان اشترط عليه أن يخلطه بالمال الأول لم يعجبك أيضا‏؟‏

قال‏:‏ هذا بين الفساد لا خير فيه إذا كان قد خسر في المال الأول أو ربح ‏(‏وقد قال غيره‏)‏ لا بأس أن يدفع إليه مالا آخر على مثل قراض الأول نقدا لا يخلطه بالأول إذا كان فيه ربح‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إذا دفعته إليه على أن يعمل بكل مال على حياله وقد اشترى بالمال الأول سلعة من السلع‏؟‏

قال‏:‏ هذا جائز وإن باع السلعة ونض في يديه ثمنها فجاء رب المال بمال آخر على أن يعمل به قراضا وقد نض في يديه ربح أو وضيعة‏.‏

قلت‏:‏ لا يجوز هذا إذا اشترط أن يخلطه بالمال الأول أو اشترط أن لا يخلطه قلت فيه أنه لا يصلح على حال لم كرهته‏؟‏

قال‏:‏ لأن مالكا قال في الرجل إذا دفع إلى الرجل مالا قراضا فابتاع به سلعة ثم دفع إليه مالا آخر بعد ذلك فابتاع به سلعة أخرى قال مالك كل مال على حدة ولم ير مالك بهذا بأسا‏؟‏

قال‏:‏ وهكذا قال لنا مالك في الرجل يدفع المالين قراضا على أن يكون كل مال على حدة وربح هذا على النصف وربح هذا على الثلث ولا يخلطهما أن ذلك مكروه ولو كان المال الأول قد صرفه في عرض من العروض كان للعامل أن يمنعه من رب المال حتى يبيعه فإذا نض المال الأول وكان عينا في يد العامل ثم زاده مالا آخر فلا بأس بذلك إذا لم يكن في رأس المال الأول زيادة ولا نقصان فان كان فيه زيادة أو نقصان لم يصلح حتى يقبض ماله فيقاسمه رب المال ثم يدفع إليه ويزيده من عنده ما شاء فيكون قراضا مبتدأ‏.‏

في المقارض يؤمر أن لا يبيع إلا بالنسيئة فيبيع بالنقد

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا وأمرته أن لا يبيع إلا بالنسيئة فباع بالنقد أيضمن أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون هذا القراض جائزا ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أراه جائزا ‏(‏وقال غيره‏)‏ هو متعد وإنما ذلك مثل ما لو أن رجلا أعطى رجلا مالا قراضا على أن لا يشتري إلا صنف كذا لصنف غير موجود كان قراضا لا يجوز ولو اشترى غير ما أمره به ضمن لأنه متعد ويكون الفضل أن كان فيه فضل لرب المال وإن كانت وضيعة فعليه ولا أجر له في الوضيعة ويعطى من الفضل أن كان في السلعة على قراض مثله لأني أن ذهبت أعطيه أجر مثله وقد تعدى فلعل أجر مثله يذهب بالفضل وبنصف رأس المال فيكون قد نال بتعديه وجه ما طلب وأراد وقد قال ربيعة في المتعدى في القراض أن وضع ضمن وإن ربح أدب بأن يحرم الربح الذي أراد ويعطى منه على قدر شرطه فالمتعدى في القراض الفاسد كذلك أن شاء الله تعالى‏.‏

في المقارض يبيع بالنسيئة

قال‏:‏ وقال مالك لا يجوز للمقارض أن يبيع بالنسيئة إلا بإذن رب المال وهو ضامن أن باع بنسيئة بغير أمره‏.‏

في المقارض يشترط أن لا يشتري بماله إلا سلعة كذا وكذا

قال‏:‏ وقال مالك إذا أمره أن لا يعدو البز يشتريه بمقارضته فلا يعدوه إلى غيره‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ولا ينبغي له أن يقارضه على أن لا يشتري إلا البز إلا أن يكون البز موجودا في الشتاء والصيف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أمره أن لا يشتري إلا البز فاشتراه فأراد أن يبيع البز بالعروض أيجوز ذلك له أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أرى أن يجوز له ذلك لأنه إذا جاز له ذلك فقد صار له أن يشتري غير البز‏.‏

قلت‏:‏ فان دفعت إلى رجل مالا قراضا فجئته قبل أن يصرفه في شيء فقلت له لا تتجر إلا في البز‏؟‏

قال‏:‏ ذلك لك إذا كان المقارض لم يصرفه في شيء وكان البز موجودا لا يخلف في شتاء ولا صيف‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال وأخبرني بن لهيعة وحيوة بن شريح عن محمد عبد الرحمن الأسدي عن عروة بن الزبير عن حكيم بن حزام أنه كان يدفع المال مقارضة إلى الرجل ويشترط عليه أن لا ينزل به بطن واد ولا يشتري بليل ولا يبتاع به حيوانا ولا يحمله في بحر فان فعل شيئا من ذلك فقد ضمن المال‏؟‏

قال‏:‏ وإذا تعدى أمره ضمنه من فعل ذلك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وكان السبعة يقولون ذلك وهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل‏.‏

من حديث بن نافع‏.‏

في المقارض يشترط أن لا يشتري بماله سلعة كذا وكذا

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فنهيته عن أن يشتري سلعة من السلع فاشترى ما نهيته عنه أيكون ضامنا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك هو ضامن أن كنت إنما دفعت إليه المال حين دفعته على النهي تنهاه عن تلك السلعة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى أن كنت إنما نهيته بعد ما دفعت إليه المال قبل أن يشتري به أنه ضامن أيضا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشترى ما نهاه عنه كيف يصنع‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن أحب أن يضمنه ماله ضمنه وإن أحب أن يقره على القراض فذلك له وإن كان قد باع ما اشترى فان كان فيما باع فضل كان على القراض وإن كان فيه نقصان كان ضامنا لرأس المال‏.‏

قلت‏:‏ ولم قال مالك هذا‏؟‏

قال‏:‏ لأنه قد فر بالمال من القراض حين تعدى ليكون له ربحه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني دفعت إلى رجل مالا قراضا ونهيته أن لا يشتري حيوانا فاشترى فكانت قيمة الحيوان أقل من رأس المال أو تجر بما تعدى فخسر فجاءني ومعه سلع ليس فيها وفاء برأس مالي أو جاء ومعه دنانير أو دراهم أقل من رأس مالي فأردت أن أضمنه وآخذ ما وجدت في يديه من مال القراض واتبعه بما بقى من رأس مالي وقامت الغرماء على العامل فقالوا نحن وأنت في هذا المال سواء إذا ضمنته فلست بأولى بهذه السلعة منا ولا هذه الدنانير ولا هذه الدراهم وأنت أولى بها منا لو لم تضمنه‏؟‏

قال‏:‏ مالك أما الدنانير والدراهم فرب المال أحق بها وإن كان باع واشترى لأن مالكا قال في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فاستسلفه العامل مالا فاشترى به سلعة لنفسه‏؟‏

قال‏:‏ أن باع وربح فلصاحب المال ربحه على شرطه وإن نقص كان ضامنا لما نقص من رأس المال فأراه أولى بالدنانير والدراهم وأما السلع فان أتى بالسلعة لم يبعها خير رب المال‏؟‏

قال‏:‏ مالك فان أحب أن يشركه فيها وإن شاء خلى بينه وبينها وأخذ رأس المال أي ذلك شاء فعل فأرى في السلع أن شاء خلى بينه وبينها أنه أسوة الغرماء فيها‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال وأخبرني رجال من أهل العلم عن عطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبي الزناد ونافع أنهم قالوا إذا خالف ما أمرته فهلك ضمن وإن ربح فلهم‏؟‏

قال‏:‏ يحيى بن سعيد قد كان الناس يشترطون على من قارضوا مثل هذا ‏(‏وقال‏)‏ عطاء بن أبي رباح الربح بينك وبينه لأنه عصى ما قارضته عليه والضمان عليه‏.‏

في المقارض يشترط عليه أن لا يسافر بالمال

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجلا مالا قراضا وأمرته أن لا يخرج به من أرض مصر فخرج به إلى افريقية وتعدى إلا أنه لم يشتر بالمال شيئا ولم يحركه حتى رجع إلى أرض مصر فتجر في المال في أرض مصر فخسر أو ضاع منه لما رجع إلى أرض مصر قبل أن يتجر‏؟‏

قال‏:‏ لا شيء ليه لأنه قد رده إلى الموضع الذي لو تلف فيه لم يضمن ألا ترى لو أن وديعة استودعها رجل رجلا بمصر لم يكن للمستودع أن يخرجها من مصر فان أخرجها كان ضامنا لها أن تلفت وإن لم تتلف حتى يردها إلى الموضع الذي استودعه فيه رب المال سقط عنه الضمان وكذلك قال لي مالك في الرجل يستودع الرجل المال فيأخذ منه بعضه فينفقه أو يأخذها كلها فينفقها ثم يردها كلها مكانها فتضيع أن الضمان من رب المال وإنه حين ردها سقط عنه الضمان فكذلك القراض الذي سألت عنه وكذلك الوديعة التي خرج بها بغير أمر ربها ثم ردها‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا دفع إلى رجل مالا قراضا فاشترى العامل به متاعا وجهازا يريد به بعض البلدان فلما اشتراه أتاه رب المال فنهاه عن أن يسافر به‏؟‏

قال‏:‏ ليس لرب المال أن يمنعه عند مالك لأنه قد اشترى وعمل فليس لرب المال أن يفسد ذلك ويبطل عليه عمله ألا ترى أنه عند مالك أيضا أنه أن اشترى سلعا ثم أراد رب المال أن يبيع على العامل السلع مكانه أنه ليس ذلك لرب المال ولكن ينظر السلطان في ذلك فان كان إنما اشتراها لسوق يرجوه فليس ذلك لرب المال أن يجبره على بيع تلك السلع ولكن يؤخرها إلى تلك الأسواق التي يرجوها لئل يذهب عمل هذا العامل باطلا‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال الليث مثله إلا أن يكون طعاما يخاف عليه السوس أو ما أشبهه فيتلف رأس المال فانه يؤمر حينئذ بالبيع‏.‏

قلت‏:‏ فان كان قد تجهز العامل واشترى متاعا يريد به بعض البلدان فهلك رب المال أيكون للعامل أن يخرج بهذا المتاع‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في المقارض يسافر بالقراض إلى البلدان

قلت‏:‏ فان دفعت إلى رجل مالا قراضا ولم أقل له اتجر به ها هنا ولا ها هنا دفعت إليه المال وسكت عنه أيكون له أن يتجر به في أي المواضع أحب ويخرج به إلى أي البلدان شاء فيتجر به‏؟‏

قال‏:‏ نعم عند مالك أن يسافر به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المقارض أله أن يسافر بالمال إلى البلدان‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا أن يكون قد نهاه وقال له رب المال حين دفع إليه المال بالفسطاط لا تخرج من أرض مصر ولا من الفسطاط‏.‏

في المقارض يدفع إليه المال على أن يجلس بمال القراض في حانوت أو قيسارية أو يزرع به أو لا يشتري إلا من فلان أو إلا سلعة بعينها

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المال قراضا على أن يجلس به في حانوت من البزازين والسقاطين أو ما أشبه ذلك يعمل فيه ولا يعمل في غيره قال مالك لا خير فيه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فان وقع ذلك كان فيه أجيرا يقام له أجر عمل مثله وما كان في ذلك من ربح أو نقصان فعلى رب المال وله وهو بمنزلة ما لو قال على أن تشتري سلعة فلان أولا تشتري إلا من فلان وإنما قال اجلس في هذا الحانوت وأعطيك مالا تتجر فيه فما ربحت فيه فلك نصفه فهذا أجير‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك فان دفع إليه وهو يعلم أنه إنما يجلس به في حانوت ولم يشترط ذلك عليه‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا بأس به إذا لم يشترطه‏؟‏

قال‏:‏ ولقد بلغني عن مالك في الذي يأخذ المال قراضا ويشترط عليه أن يزرع به‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا خير في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فان أخذ المال قراضا من غير شرط فزرع به أيكون قراضا جائزا‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى به بأسا إنما هي تجارة من التجارات إلا أن يكون زرع به في ظلم بين يرى أنه قد خاطر به في ظلم العامل فأرى أنه ضامن فأما أن يزرع على وجه يعرف وعلى وجه عدل وأمر بين فلا أرا ضامنا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما كره مالك من الشرط في القراض أنه يزرع به ويعمل كيف يصنع‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك فيه وأرى أن يرد إلى اجارة مثله ويكون جميع الزرع لرب المال وهو عندي بمنزلة الرجل يقول للرجل خذ هذا المال قراضا ولا تشتر به إلا من فلان أو لا تشتر به إلا دابة فلان أو لا تشتر إلا سلعة كذا وكذا لسلعة غير موجودة ولا مأمونة فهذا والذي اشترط عليه أن يزرع بالمال القراض سواء وهؤلاء كلهم أجراء‏.‏

قلت‏:‏ فان أعطاه مالا قراضا وقال له اقعد في القيسارية اشتر وبع فما ربحت فبيننا‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا كره الحانوت فالقيسارية والحانوت عندي سواء‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك لا ينبغي أن يقارض الرجل الرجل بمال ويقول له على أن لا تشتري إلا من فلان‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فان نزل كان أجيرا‏.‏

في المقارض يزرع بالقراض أو يساقى به

قلت‏:‏ فلو دفعت إلى رجل مالا قراضا فاشترى به أرضا أو اكتراها واشترى زريعة وأزواجا فزرع فربح أو خسر أيكون ذلك قراضا ويكون غير متعد‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا أن يكون خاطر به في موضع ظلم أو عدو يرى أن مثله قد خاطر به فيضمن وأما إذا كان في موضع أمن وعدل فلا يضمن‏.‏

قلت‏:‏ أو ليس مالك قد كره هذا‏؟‏

قال‏:‏ إنما كرهه مالك إذا كان يشترط إنما يدفع إليه المال القراض على هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أعطيته مالا قراضا فذهب فأخذ نخلا مساقاة فأنفق عليها من مال القراض أيكون هذا متعديا أم تراه قراضا‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أراه متعديا وأراه يشبه الزرع‏.‏

في المقارض يشتري سلعة بالقراض كله ثم يشتري سلعة أخرى بمثل القراض على القراض

قلت‏:‏ أرأيت لو دفع إلي رجل ألف درهم قراضا فاشتريت سلعة من السلع بألف درهم ولم أنقد حتى اشتريت سلعة أخرى بألف درهم على القراض أتكون السلعة الثانية على القراض أم لا‏؟‏ وإنما في يدي من المال القراض ألف درهم‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن قوم يدفعون إلى أقوام مالا قراضا فيجلسون بها في الحوانيت فيشترون بأكثر مما دفع إليهم فيضمنون ذلك ثم يعطون الذين قارضوهم من ربح جميع ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا خير في هذا فأرى مسألتك تشبه هذا وليس من سنة القراض فيما سمعت من مالك أن يشتري على القراض بدين يكون العامل ضامنا للدين ويكون الربح لرب القراض فلا يجوز ذلك‏.‏

في المقارض يبتاع عبدين صفقة واحدة بألفين نقدا أو ألف نقدا وألف إلى أجل

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل ألف درهم مقارضة فذهب فاشترى عبدين صفقة واحدة بألفين‏؟‏

قال‏:‏ يكون شريكا مع رب القراض يكون نصفها على القراض ونصفها للعامل عند مالك ‏(‏وقال عبد الرحمن بن القاسم‏)‏ في رجل دفع إلى رجل مائة دينار قراضا فاشترى سلعة بمائتى دينار فنقد مائة ومائة إلى سنة‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن تقوم السلعة بالنقد فان كانت قيمتها خمسين ومائة كان لرب المال الثلثان من السلعة وكان للعامل الثلث فهذا يشبه مسألتك التي فوق هذه إلا أن مسألتك شراؤه بالنقد‏.‏

قال سحنون‏:‏ إنما تقوم المائة الآجلة وتفض قيمة السلعة عليها وعلى المائة النقد‏.‏

في الرجل يبتاع السلعة فيقصر ماله عنها فيأخذ عليها قراضا يدفعه في ثمنها

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يبتاع السلعة فيصر ماله عنها فيأتي إلى رجل فيقول له ادفع إلي مالا قراضا وهو يريد أن يدفع ماله في ثمن بقية تلك السلعة التي اشترى ويجعله قراضا‏؟‏

قال‏:‏ مالك أني أخاف أن يكون قد استغلاها فيدخل مال الرجل فيه فلا أحب هذا‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولو أن رجلا ابتاع سلعة فأتى إلى رجل فقال ادفع إلي مالا أدفعه في ثمنها ويكون قراضا‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا خير في هذا فان وقع لزم صاحب السلعة رد المال إلى صاحبه ويكون له ما كان فيها من الربح وعليه ما كان فيها من وضيعة وأراه بمنزلة رجل أسلف رجلا مائة دينار فنقدها في سلعة اشتراها على أن له نصف ما ربح فيه‏.‏

في المقارض يبيع السلعة فيوجد بها عيب فيضع من الثمن أكثر من قيمة العيب أو أقل

قلت‏:‏ أرأيت المقارض إذا باع سلعة فطعن عليه بعيب فحط من الثمن أكثر من قيمة العيب أو أقل أو اشترى من أبيه أو من ولده أيجوز هذا على المال القراض‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولكن إنما ينظر في هذا فكل شيء فعله من هذا على وجه النظر وليس فيه محاباة فأراه جائزا‏.‏

في المقارض يبتاع العبد فيجد به عيبا فيريد رده ويأبى ذلك رب المال

قلت فلو دفعت إلى رجل ألف درهم قراضا فاشترى بها عبدا ثم أصاب العامل به عيبا ينقصه مائة درهم فأراد رد العبد وأبى ذلك رب المال‏؟‏ قال لا أرى لرب المال ها هنا قولا لأن العامل يقول إن أنا أخذته وقيمته تسعمائة ثم علمت به كان علي أن أجبر رأس المال لأنه لا ربح لي إلا بعد رأس المال فهذا يدخل على العامل الضرر لا أن يقول رب المال للعامل إن أبيت فاترك القراض واخرج لأنك إنما تريد رده وأنا أقبله فذلك له قلت فلو أن مقارضا اشترى عبدا به عيب لم يعلم به ثم علم بالعيب بعد ذلك فقبل العبد أيكون العبد على المقارضة أو تراه متعديا قال إن حابى فهو متعد وإن قبله على وجه النظر فهو على القراض وقال مالك‏.‏

في المقارض يبيع القراض ويحتال بالثمن

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أخذ مالا قراضا فاشترى به وباع فلما باع بعض السلع احتال بالثمن على رجل ملىء أو معسر إلى أجل أتراه ضامنا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا باع العامل بالدين من غير أن يأمره رب المال بذلك فهو ضامن فأراه إذا احتال بذلك إلى أجل ضامنا كمن باع بالدين‏.‏

في المقارض يبتاع السلعة وينقد ثمنها فإذا أراد قبضها جحده رب السلعة الثمن

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فاشترى به سلعة من السلع فنقد المال رب السلعة فأراد قبض السلعة فجحده رب السلعة أن يكون قبض منه الثمن أيكون عليه شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا وأراه ضامنا لأنه أتلف مال رب المال حين لم يشهد على البائع حين دفع إليه الثمن‏.‏

قلت‏:‏ فلو وكلت وكيلا ودفعت إليه دنانير ليشتري لي بها عبدا بعينه أو بغير عينه فاشترى لي عبدا فدفع الثمن فجحده البائع وقال لم آخذ الثمن أيكون على الوكيل شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا أيضا وأراه ضامنا لأنه أتلف مال رب المال حين لم يشهد‏.‏

قلت‏:‏ فان علم رب المال أنه قد دفع إليه الثمن باقرار البائع عنده أو بغير ذلك ثم جحد البائع أن يكون قبض شيئا أيطيب لرب المال أن يغرم الوكيل أو المقارض الثمن بما أتلف عليه ماله وهل يقضي له بذلك وإن كان يعلم ذلك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يقضى له بأن يغرمه الثمن ويطيب له لأنه هو الذي أتلف عليه ماله حين لم يشهد إلا أن يدفع ذلك الوكيل بحضرة رب المال فلا يكون عليه ضمان‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في رجل دفع إلى رجل مالا ليدفعه إلى فلان فقال المأمور قد دفعت المال إلى فلان الذي أمرتني أن أدفعه إليه وجحده الرجل فقال ما دفع إلي شيئا‏؟‏

قال‏:‏ مالك المأمور ضامن إلا أن يأتي بالبينة أنه قد دفع إليه المال لأنه أتلف على رب المال ماله حين دفعه إليه بغير بينة فهذا يدلك على مسألتك في الوكالة وفي القراض‏؟‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن رجل أمر رجلا أن يشتري له سلعة فاشتراها ثم دفع رب المال ثمنها إلى المأمور بعد ما اشترى المأمور السلعة ودفعها إلى الآمر فدفع إليه الثمن ليدفعه إلى البائع ثم تلف قبل أن يوصله المأمور إلى البائع أن الآمر الذي اشترى له يغرم المال ثانية‏؟‏

قال‏:‏ وذلك أن بعض المدنيين قالوا لا يغرم رب المال لأنه قد دفعه إليه فضاع وإنما هو بمنزلة ما لو اقتضى فقال مالك يغرم الآمر ولا يغرم المأمور لأنه رسول وهو مؤتمن‏.‏

في العاملين بالقراض لرجل واحد يبيع أحدهما من صاحبه سلعة

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا على النصف ودفعت إلى آخر مالا قراضا على النصف فباع أحدهما سلعة من صاحبه فحاباه فيها‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك لأن الذي حابى إذا لم يكن فيما في يديه فضل في المال فلا يجوز له أن يحابي في رأس المال لأن للمحاباة حصة فيما حاباه به هذا وإن كان هذا المحابى إنما حاباه من فضل في يديه على رأس المال فلا يجوز ذلك أيضا لأنه أن وضع فيما يستقبل جبر رأس المال بذلك المال الذي حاباه فيه لو كان في يديه وهو حين حاباه فلم يجعله كله لرب المال‏.‏

في المقارض يشتري من رب المال سلعة

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل مالا قراضا فهل للعامل أن يشتري من رب المال سلعة أن وجدها عنده‏؟‏

قال‏:‏ ما يعجبني ذلك لأنها أن صحت من هذين الرجلين فأخاف أن لا تصح من غيرهما ممن يقارض فلا يعجبني أن يعمل به ووجه ما كره من ذلك مالك أن يشتري المقارض من صاحب المال سلعة وإن صح ذلك بينهما خوفا من أن يرد إليه رأس ماله ويصير إنما قارضه بهذا العرض‏.‏

قال سحنون‏:‏ ذلك أصل جيد وكل مسألة توجد من هذا النوع فردها إلى هذه‏.‏

في المقارض يشتري ولد رب المال أو والده

أو ولد نفسه أو والده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشترى العامل ولد رب المال أو والده أو ولد نفسه أو والده علم بذلك أو لم يعلم والمقارض معسر أو موسر‏؟‏

قال‏:‏ أن اشترى والد نفسه أو ولد نفسه وكان موسرا وقد علم رأيت أن يعتقا عليه ويدفع إلى رب المال رأس ماله وربحه أن كان فيه ربح على ما قارضه وإن لم يكن علم وكان فيهم فضل يكون للعامل فيهم نصيب عتقوا عليه ويرد إلى رب المال رأس ماله وربحه على ما قارضه وإن لم يكن فيهم فضل بيعوا وأسلم إلى رب المال رأس ماله ولم يعتق عليه منهم شيء وإن كان لا مال للعامل وكان فيهم فضل بيع منهم بقدر رأس المال وربح رب المال فدفع إلى رب المال وعتق منهم ما بقى علم أو لم يعلم إذا لم يكن له مال‏.‏

قلت‏:‏ له فان اشترى أبا صاحب المال أو ابنه وهو يعلم أو لا يعلم‏؟‏

قال‏:‏ أن لم يكن يعلم عتقوا على رب المال فان كان فيهم ربح دفع إلى العامل من مال صاحب المال بقدر نصيبه على ما قارضه عليه وإن كان قد علم العامل وله مال رأيت أن يعتقوا عليه ويؤخذ من العامل ثمنهم فيدفع إلى رب المال والولاء لرب المال لأنه قد علم حين اشتراهم أنهم يعتقون على رب المال فأراه ضامنا إذا ابتاعهم بمعرفة منهم وإن لم يكن له مال بيعوا فأعطى رب المال رأس ماله وربحه وعتق منهم حصة العامل وحده‏.‏

قال سحنون‏:‏ وهذه مسألة قد اختلف فيها وهذا أحسن ما سمعت واخترت لنفسي‏.‏

في المقارض يعتق عبدا من مال القراض

قلت‏:‏ أرأيت لو اشترى العامل عبدا بمال القراض قيمته مثل مال القراض أو أقل من ذلك أو أكثر فأعتقه العامل وهو موسر أو معسر‏؟‏

قال‏:‏ لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولكن الذي حفظنا عن مالك في العامل يشتري الجارية فيطؤها فتحمل منه أنه أن كان له مال أخذ منه قيمتها فجبر به رأس المال وأما في مسألتك في العتق فاني أرى أن كان العامل موسرا عتق عليه وغرم لرب المال رأس ماله وربحه أن كان فيه فضل وإن كان معدما لا مال له لم يجز عتقه وبيع منه بقدر رأس مال رب المال وربحه أن كان فيه فضل ويعتق منه نصيب العامل‏.‏

قلت‏:‏ فان أعتقه رب المال‏؟‏

قال‏:‏ يجوز عتقه ويضمن للعامل ربحه أن كان في قيمته فضل عن الثمن الذي اشتراه به وهو رأيي ‏(‏وقد قال غيره‏)‏ كل من جاز له أن يبيع شيئا أطلقت له يده فيه فباعه من نفسه وأعتقه فالأمر بالخيار أن أجاز فعله فقد تم عتقه وإن رد فعله لم يجز عتقه إلا المقارض فأنه أن كان في العبد فضل نفذ عتقه للشرك الذي له فيه‏.‏

قال سحنون‏:‏ والأب في ابنه الصغير أن فات العبد بعتق لزمته القيمة أن كان له مال وإن اشتراه لنفسه وكان نظرا منه لولده ثم أعتقه نفذ عتقه ولزمه الثمن‏.‏

في المقارض يبتاع عبدا من مال القراض فيقتل العبد عبد رجل عمدا

قلت‏:‏ أرأيت أن قتل عبد من مال المقارضة عمدا قتله عبد رجل فأراد رب المال أن يقتص وقال العامل أنا أعفو على أن آخذ العبد أو قال العامل أنا أقتل وقال رب المال أنا أعفو على أن آخذ العبد‏؟‏

قال‏:‏ القول قول من عفا منهما على الرقبة ولا يلتفت إلى الذي يريد القصاص ولا أحفظه عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ فمن عفا منهما على أن يأخذه أيكون هذا العبد على القراض كما كان العبد المقتول‏؟‏

قال‏:‏ نعم وكذلك أن قتله سيده فقيمة العبد في القراض‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن لم يكن في العبد فضل عن رأس المال فقال سيده أنا أقتص وأبى ذلك العامل‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى القول لرب المال وإنما ذلك في القتل‏.‏

في المقارض والعبد المأذون له يبتاعان الجارية بثمن إلى أجل ويبتاعها رب المال أو السيد بأقل قبل الأجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أن مقارضا باع جارية بألف دينار إلى سنة وقد أذن له رب المال أن يبيع بالدين فاشتراها رب المال بمائة دينار قبل الأجل أو عبدا مأذونا له في التجارة باع سلعة بمائة دينار إلى أجل ألسيده أن يشتريها قبل الأجل بخمسين دينارا نقدا‏؟‏

قال‏:‏ أما مسألتك هذه في العبد فلا بأس بذلك وذلك إذا كان العبد إنما يتجر بمال نفسه فان كان إنما يتجر بمال سيده فلا يصلح وكذلك المقارض لا خير فيه‏.‏

قال سحنون‏:‏ وذلك لأن العبد ماله له دون سيده ‏(‏وقال غيره‏)‏ ألا ترى أن العبد أن جنى أسلم بماله وإن عتق تبعه ماله إلا أن يستثنيه سيده أو لا ترى أن الرجل يحنث في العتق في عبيده فلا يعتق بذلك عليه عبيد عبيده ويبقون في يدي عبيده الذين عتقوا عبيدا لهم أو لا ترى أن العبد ليس عليه في ماله الزكاة مع نظائر له كثيرة‏.‏

الدعوى في القراض

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فقال المدفوع إليه أودعتني وقال رب المال أقرضتك المال قراضا‏؟‏

قال‏:‏ القول قول رب المال لأن مالكا قال لي في الرجل يدفع إلى الرجل مالا فيقول المدفوع إليه إنما أخذته قراضا وقال رب المال إنما أعطيتك المال قراضا‏؟‏

قال‏:‏ مالك القول قول رب المال مع يمينه‏.‏

قلت‏:‏ فان ادعى العامل أنه قراض وقال رب المال بل أبضعته معك لتعمل به لي‏؟‏

قال‏:‏ القول قول رب المال بعد أن يحلف وعليه للعامل اجارة مثله إلا أن تكون اجارة مثله أكثر من نصف ربح القراض فلا يعطى أكثر مما ادعى وإن نكل كان القول قول العامل مع يمينه إذا كان ممن يستعمل مثله في القراض ‏(‏وقال ابن القاسم‏)‏ في رجل دفع إلى صباغ ثوبا فقال صاحبه استودعتك أياه لم آمرك بالعمل وقال الصباغ بل استعملتنيه‏؟‏

قال‏:‏ القول قول الصباغ وأما في القراض إذا قال رب المال هو قرض وقال الآخر بل هو قراض قال مالك فالقول قول رب المال‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لأنه قال أخذت مني المال على ضمان وقال العامل إنما أخذته منك على غير ضمان فقد أقر له بمال قبله فيدعي أنه لا ضمان عليه فالقول قول رب المال إلا أن يأتي العامل بالمخرج من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قال رب المال استودعتك وقال العامل بل أخذته منك قراضا‏؟‏

قال‏:‏ القول قول رب المال لأن العامل مدع يريد طرح الضمان عن نفسه أيضا‏.‏

قلت‏:‏ فان قال رب المال أعطيتك المال قراضا وقال العامل بل سلفا‏؟‏

قال‏:‏ القول قول العامل لأن رب المال مدع ها هنا في الربح فلا يصدق وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لرجل لك عندي ألف درهم قراضا وقال رب المال بل هي عندك سلفا القول قول من‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك القول قول رب المال‏.‏

قلت‏:‏ فهل يلتفت إلى قول هذا أخذت منك أو أخذت مني‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اختلفا في رأس المال العامل ورب المال فقال رب المال رأس مالي ألفا درهم وقال العامل رأس مالك ألف درهم‏؟‏

قال‏:‏ القول قول العامل لأنه مدعى عليه وهو أمين‏.‏

قلت‏:‏ فان دفعت إلى رجل مالا قراضا فعمل فخسر فقلت له قد تعديت وإنما كنت أمرتك بالبز وحده وقال العامل لم أتعد ولم تنهنى عن شيء دون شيء ‏(‏قال‏.‏