فصل: فيمن رهن جلود السباع والميتة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في الرجل يرتهن الأمة فتلد في الرهن فيقوم الغرماء على ولدها

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت أمة فولدت أولادا وماتت الأم فقامت الغرماء على الولد‏؟‏

قال‏:‏ الولد رهن بجميع الدين وهذا قول مالك‏.‏

في الرجل يرهن دنانير أو دراهم أو فلوسا أو طعاما أو مصحفا

قلت‏:‏ هل يجوز أن أرتهن في قول مالك دنانير أو دراهم أو فلوسا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن طبع عليها والا فلا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الحنطة والشعير وكل ما يكال أو يوزن أيصلح أن يرهن‏؟‏

قال‏:‏ لا بأس بأن يرهن عند مالك ويطبع عليه ويحال بين المرتهن وبين أن يصل إلى منفعته كما يفعل بالدنانير والدراهم وكذلك سمعته عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ والحلى يرهن‏؟‏

قال‏:‏ نعم عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أفلا يخاف أن ينتفع بلبسه‏؟‏

قال‏:‏ لا لأن هذا يدخل فيه إذا الثياب وغير ذلك فلا بأس بهذا‏.‏

قلت‏:‏ فما فرق ما بين منفعة الحلى في الرهن ومنفعة الطعام والدراهم‏؟‏

قال‏:‏ الطعام والدراهم يأكله وينفق الدراهم ثم يأتي بمثله والثياب والحلى ليس يأتي بمثله إنما هو بعينه وليس يأتي بمثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المصحف أيجوز أن يرتهن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ولا يقرأ فيه‏.‏

قلت‏:‏ فان لم يكن في أصل الرهن شرط أن يقرأ فيه فتوسع له رب المصحف أن يقرأ فيه بعد ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يعجبني ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان هذا الرهن من قرض أو من بيع‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه سواء من قرض كان أو من بيع‏.‏

في ارتهان الخمر والخنزير وفيمن ارتهن حلى ذهب أو فضة

قلت‏:‏ أرأيت المسلم أيجوز له أن يرتهن من ذمي خمرا أو خنزيرا‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت خلخالين فضة أو سوارين فضة بمائة درهم وقيمة السوارين أو الخلخالين مائة درهم فاستهلكت الخلخالين أو السوارين‏؟‏

قال‏:‏ عليك قيمتهما من الذهب تكون رهنا مكانهما‏.‏

قلت‏:‏ فان كسرتهما ولم أستهلكهما‏؟‏

قال‏:‏ عليك قيمتهما مصوغين من الذهب‏.‏

قلت‏:‏ أليس قد قلت إذا كسرهما رجل ولم يتلفهما فانما عليه ما نقص الصياغة‏؟‏

قال‏:‏ هذا القول أحب إلي وإليه أرجع وأرى أن يضمن قيمتهما من الذهب مصوغا أستهلكهما أو كسرهما فهو سواء ويكونان له‏.‏

قلت‏:‏ فان ضمن قيمتهما من الذهب أتكون القيمة رهنا أم يقبض هذا الذهب من حقه قبل محل الأجل وحقه دراهم‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يقبضه من حقه ولكن تكون هذه القيمة رهنا ويطبع عليها وتوضع على يدى عدل فإذا حل حقه فان أوفاه الراهن حقه أخذ هذه الذهب والا صرفت له فاستوفى منها حقه‏.‏

قال سحنون‏:‏ قال بعض أصحابنا أنه يطبع على القيمة ويحال بينه وبينها حتى يحل الأجل تأديبا له لئلا يعدو الناس على ما ارتهنوا فيستعجلوا التقاضى‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك فيمن استهلك سوارين أن عليه فيمتهما يوم استهلكهما أن كانا من الذهب فعليه قيمتهما من الفضة‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع منه في الكسر شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ارتهنت سوارى ذهب بدراهم فأتلفتهما وقيمتهما مثل الدين سواء وقد استهلكتهما قبل محل الأجل أتكون القيمة رهنا أم تجعله قصاصا‏؟‏

قال‏:‏ أرى القيمة رهنا حتى يحل الأجل فيأخذه منه في حقه إذا حل الأجل‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لأن مالكا قال لي في الراهن إذا باع الرهن بغير أمر المرتهن فأجاز المرتهن البيع عجل للمرتهن حقه‏؟‏

قال‏:‏ مالك وإذا باع الراهن بأمر المرتهن وقال المرتهن لم آذن لك في البيع لأن تخرجه من الرهن ولكن أذنت لك في البيع لاحياء الرهن وما يشبه هذا ولم يمكن المرتهن الراهن من البيع وحده ولكن السلعة بقيت في يد المرتهن حتى باعها الراهن وقبضت من يدى المرتهن وقبض الثمن المرتهن أحلف في هذا أنه لم يأذن له في البيع إلا لما ذكر وكان القول قوله ويجعل الثمن رهنا مكان الرهن حتى يحل الأجل إلا أن يعطيه الراهن رهنا مكان الثمن فيه ثقة من حقه فيجوز ذلك حتى إذا حل الأجل قضاه الراهن حقه وأخذ ما بقى في يدى المرتهن من رهنه فكذلك مسألتك ألا ترى أن مالكا قد قال ها هنا لا أعجل له حقه من الثمن حتى يحل الأجل فكذلك مسألتك‏.‏

في الراهن يقول للمرتهن أن جئتك إلى أجل كذا وكذا والا فالرهن لك بما لك علي

قلت‏:‏ أرأيت أن رهنته رهنا وقلت له أن جئتك إلى أجل كذا وكذا والا فالرهن لك بما أخذت منك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك هذا الرهن فاسد وينقض هذا الرهن ولا يقر‏؟‏

قال‏:‏ مالك من قرض كان أو من بيع فانه لا يقر ويفسخ وان لم يفسخ حتى يأتى الأجل الذي جعله الراهن للمرتهن بما أخذ من المرتهن إلى ذلك الأجل فانه لا يكون للمرتهن ولكن الرهن يرد إلى ربه ويأخذ المرتهن دينه‏.‏

قلت‏:‏ أفيكون للمرتهن أن يحتبس هذا الرهن حتى يوفيه الراهن حقه ويكون المرتهن أن أفلس هذا الراهن أولى بهذا الرهن من الغرماء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم وإنما معنى قوله أنه يفسخ أنه أن كان أقرضه إلى سنة على أن ارتهن به هذا المتاع فان حل الأجل ولم يوفه فالسلعة للمرتهن بما قبض منه الراهن فان هذا يفسخ قبل السنة ولا ينتظر بهما السنة فهذا معنى قول مالك أنه يفسخ فأما ما لم يدفع إليه الراهن حقه فليس له أن يخرجه من يده والمرتهن أولى به من الغرماء وكذلك لو كان إنما رهنه من بيع فهو والقرض سواء‏؟‏

قال‏:‏ وقال لي مالك في هذه المسألة فان مضى الأجل والرهن في يدى المرتهن أو قبضه من أحد جعله على يديه بما شرط من الشرط في رهنه قال مالك فان أدرك الرهن بحضرة ذلك رد وان تطاول ذلك وحالت أسواقه أو تغير بزيادة بدن أو نقصان بدن لم يرده ولزمته القيمة في ذلك يوم حل الأجل وضمنه‏.‏

قال سحنون إنما تلزمه بالقيمة السلعة أو الحيوان لأنه حين أخذها على أنه أن لم يأت بالثمن فهي له بالثمن فصار أن لم يأت رب السلعة بما عليه فقد اشتراها المرتهن شراء فاسدا فيفعل بالرهن ما يفعل بالبيع الفاسد ‏(‏قال ابن القاسم‏:‏ وقاصه بالدين الذي كان للمرتهن على الراهن من قيمة السلعة ويترادان الفضل‏؟‏

قال‏:‏ مالك وهذا في السلع والحيوان وأما الدور والأرضون قال مالك فليس فيهما فوت وان حالت أسواقهما وطال زمانهما فانها ترد إلى الراهن ويأخذ دينه‏؟‏

قال‏:‏ وهذا مثل البيع الفاسد كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان انهدمت الدار أو بنى فيها‏؟‏

قال‏:‏ هذا فوت وكذلك قال مالك الهدم فوت والبنيان فوت والغرس فوت‏.‏

قلت‏:‏ فان هدمها هو أو انهدمت من السماء فذلك سواء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا في البيع الحرام مثل هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ويلزمه قيمتها يوم حل الأجل وهو يوم قبضها وهذا بيع حرام‏.‏

فيمن أسلف فلوسا فأخذ بها رهنا ففسدت الفلوس بعد السلف أو اشترى بفلوس إلى أجل

قلت‏:‏ أرأيت أن أسلفت رجلا فلوسا وأخذت بها رهنا ففسدت الفلوس‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس لك إلا فلوس مثل فلوسك فإذا جاء بها أخذ رهنه لأن مالكا قال من أسلف فلوسا أو اشترى بفلوس إلى أجل فانما له نقد الفلوس يوم اشتري ولا يلتفت إلى فسادها ولا إلى غير ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أتيت إلى رجل فقلت له أسلفني درهم فلوس ففعل والفلوس يومئذ مائة فلس بدرهم ثم حالت الفلوس ورخصت حتى صارت مائتا فلس بدرهم‏؟‏

قال‏:‏ إنما يرد مثل ما أخذ ولا يلتفت إلى الزيادة‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك الشرط باطل وإنما عليه مثل ما أخذ‏.‏

فيمن ارتهن رهنا من غريم فضاع الرهن فقام الغرماء على المرتهن هل يكون الراهن أولى بما عليه من الغرماء

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ارتهنت من رجل رهنا مما أغيب عليه في طعام أسلفته اياه أو في دراهم أسلفتها اياه أو في ثياب أسلفتها اياه أو في حيوان أو كان ذلك من شيء بعته منه إلى أجل فضاع الرهن عندي ولا مال لي غير الدين الذي لي عليه من سلم أو من قرض فقامت الغرماء علي وقال الذي لي عليه الحق أنا أولى بماله علي من قبل أن رهنى قد ضاع في يديه وأنا حائز لما علي وأنا أولى بقيمة رهنى أستوفيه من هذا الدين الذي له علي فان فضل عن ديني شيء كان لكم‏؟‏

قال‏:‏ أراه أسوة الغرماء لأنه دين كان له عليه ولم يكن هو رهنا عن شيء دفعه إليه فأرى له أن يرجع بقيمته والغرماء فيما عليه من الدين يتحاصون ويتبعونه بما بقى ولقد سئل مالك عن الرجل يستلف من الرجل مائة دينار فيبتاع الذي أسلف من الذي استسلف سلعة بمائة دينار ولم يسم أنها في ثمن سلعتنه فيفلس أحدهما قال مالك هو دين له يحاص الغرماء أيهما أفلس فليس له أن يقول لي عليه مثله فأنا أحق به فكذلك مسألتك‏.‏

في المتكفل يأخذ رهنا

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يتكفل عن الرجل بحق عليه ويأخذ بذلك رهنا من الذي تكفل عنه أيجوز هذا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هذا جائز لأنه إنما تكفل بالحق‏.‏

الدعوى في الرهن

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت رهنا قيمته مائتا دينار فقلت ارتهنته بمائتي دينار وقال الراهن بل رهنتكه بمائة ولك علي مائتا دينار إلا أن مائة منهما لم أرهنك بها رهنا‏؟‏

قال‏:‏ القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمة الرهن مثل ما قال مالك إذا ارتهن رهنا بحق له وأنكر الراهن وقال هو رهن بأقل من قيمتها فكذلك إذا أقر له الراهن بما قال المرتهن من الدين وأقر بأن السلعة رهن إلا أنه قال لم أرهنها إلا ببعض دينك الذي علي ولم أرهنكها بجميع دينك فالقول قول المرتهن أنه إنما ارتهنها بجميع دينه ولا يصدق الراهن‏.‏

قلت‏:‏ فان قال المرتهن ارتهنتها بألف درهم أقرضتكها وقيمة السلعة خمسمائة درهم وأقر له الراهن بأن له عليه ألف درهم وقال ما رهنتكها إلا بخمسمائة درهم وهذه خمسمائة درهم فخذها وأعطني رهني وأجل الألف الدين لم يحل بعد وقال المرتهن لا أعطيكها إلا أن آخذ الألف كلها‏؟‏

قال‏:‏ القول فيها قول الراهن لأنه لا يتهم إذا أعطى قيمتها وعليه اليمين ووجه الحجة فيه أنه لو قال له لم أرهنكها إلا بخمسمائة كان القول قوله وكان المرتهن مدعيا في الخمسمائة الأخرى فكما لا يجوز قوله إذا ادعي أنها له قبله دينا فكذلك لا يجوز قوله إذا ادعى أنها رهن إذا كان الرهن إنما يساوي خمسمائة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت من رجل سلعة قيمتها ألف درهم ثم حالت أسواق السلعة فصارت تساوي ألفى درهم فتصادقا على قيمتها الراهن والمرتهن أن قيمتها يوم قبضها ألف درهم وان أسواقها حالت بعد ذلك فصارت تساوي ألفي درهم أو نمت السلعة في يديهما حتى صارت تساوي ألفي درهم وادعى الراهن أنه إنما كان رهنها بألف درهم وقال المرتهن بل ارتهنتها بألفي درهم والمرتهن مقر أنه يوم ارتهنها إنما كانت قيمتها ألف درهم بكم تجعلها رهنا والقول قول من‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إنما ينظر إلى قيمة الرهن يوم يحكم فيها فالقول قول المرتهن إلى مبلغ قيمة الرهن يوم يحكم فيها ولا ينظر إلى قيمتها يوم قبضت ولم أسمعه يقول في قيمتها إنهما تصادقا ولم يتصادقا ولكن أن تصادقا في ذلك أو لم يتصادقا فان القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمتها يوم يحكم عليهما ألا ترى أن مالكا لم يقل فيهما إذا اختلفا في القيمة أنه ينظر إلى قيمتها يوم قبضها فيسئل أهل المعرفة عن قيمتها يومئذ فلو كان ينظر إلى قولهما إذا تصادقا على القيمة يوم قبضها لقال ينظر في قيمتها يوم قبضها إذا اختلفا‏.‏

الدعوى في قيمة الرهن

قلت‏:‏ أرأيت لو رهنت رجلا ثوبين بمائة درهم فضاع أحدهما فاختلفا في قيمة الذاهب القول قول من‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك القول قول المرتهن في قيمة الرهن إذا هلك بعد الصفة مع يمينه ويذهب من الرهن مقدار قيمة الثوب الذاهب‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك القول قول المرتهن في قيمة الرهن إذا هلك والرهن بعد الصفة مع يمينه فذهاب بعضه كذهابه كله‏.‏

في الرجل يبيع السلعة على أن يأخذ رهنا بغير عينه أو رهنا بعينه

قلت‏:‏ أرأيت أن بعت سلعة من رجل على أن آخذ عبده ميمونا رهنا بحقي فافترقنا قبل أن أقبض ميمونا أيفسد الرهن بافتراقنا قبل القبض‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ فان قمت عليه بعد ذلك كان لي أن آخذ منه الغلام رهنا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان قامت الغرماء عليه قبل أن آخذه منه أكون فيه أسوة الغرماء‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان باعه قبل أن أقبضه منه‏؟‏

قال‏:‏ بيعه جائز‏.‏

قلت‏:‏ أفيلزمه أن يعطيني رهنا مكانه‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه أنه يعطيك رهنا مكانه إلا أن مالكا قال أن أمكنه من الرهن فباعه فبيعه جائز وليس له إلى الرهن سبيل فهو حين تركه في يده ولم يقبضه منه حتى باعه فقد تركه‏.‏

قلت‏:‏ وكل هذه المسائل التي سألتك عنها في ميمون هذا الرهن هو قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ لم أجزت بيع الراهن لهذا العبد الذي قد شرط هذا المرتهن حين باعه السلعة أنه يأخذه رهنا ولماذا أجزت بيع الراهن للعبد لم لا تفسخ البيع بينهما لأن البائع شرط في عقدة البيع أنه يأخذ ميمونا رهنا بحقه‏؟‏

قال‏:‏ لأنك تركته في يده حتى باعه فكأنك تركت الرهن الذي كان لك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وهذا إذا كان تركه في يد المولى تركا يرى أن تركه رضا منه باجازة البيع بلا رهن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن بعت رجلا سلعة إلى سنة على أن يعطيني رهنا فيه وثيقة من حقي فمضيت معه فلم أجد عنده رهنا‏؟‏

قال‏:‏ أنت أعلم أن أحببت أن تمضي البيع بلا رهن وان شئت أخذت سلعتك ونقضت البيع‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظه‏.‏

اختلاف الراهن والمرتهن

قلت‏:‏ أرأيت أن قال رجل لرجل عبداك هذان اللذان عندي هما جميعا رهن عندي بألف درهم لي عليك فقال له الرجل أما ألف درهم لك علي فقد صدقت أن لك عندي ألف درهم وأما أن أكون رهنتك العبدين جميعا فلم أفعل إنما رهنتك أحدهما واستودعتك الآخر فقال القول قول رب العبدين ولم أسمع من مالك فيه شيئا الا أني سألت مالكا عن الرجل يكون في يديه عبد الرجل فيقول ارتهنته ويقول سيده لا بل أعرتكه أو استودعتكه‏؟‏

قال‏:‏ مالك القول قول رب العبد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل ثوبين أحدهما نمط والآخر جبة فقال المدفوع إليه الثوبان أما النمط فكان وديعة وقد ضاع وأما الجبة فرهن وهي عندي وقال رب الثوبين بل كان النمط رهنا والجبة وديعة القول قول من في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن أرى هذه المسألة مثل المسألة الأولى القول قول الراهن في أن الثوب الباقي ليس برهن ولا تكون دعوى المرتهن شيئا ها هنا الا ببينة ولا يلزم المرتهن من ضياع الثوب الذاهب شيء لأنه قال إنما كان وديعة عندي وكل واحد منهما مدع على صاحبه‏.‏

قال سحنون‏:‏ فليس يصدق صاحب الثوبين فيما ادعى أن الثوب الذاهب كان رهنا وليس على الذي كان في يديه من غرمه شيء وليس يصدق الذي في يديه الثوب أن الباقي هو الرهن وليس هو برهن ولكن يأخذ صاحب الثوب ثوبه ويبرأ هذا من ضمان الثوب الذي ذهب لأنه زعم أنه إنما كان وديعة ويتبعه بدينه الذي له عليه‏.‏

في ارتهان الزرع الذي لم يبد صلاحه والثمرة التي لم يبد صلاحها

قلت‏:‏ هل يجوز في قول مالك أن ارتهن مالا يحل بيعه‏؟‏

قال‏:‏ نعم مثل الزرع الذي لم يبد صلاحه والثمرة التي لم يبد صلاحها‏.‏

قلت‏:‏ فان كان الدين إلى أجل فارتهنت به ثمرا لم يبد صلاحه أو زرعا لم يبد صلاحه فمات الراهن قبل حلول الأجل والذي في يدي من الرهن لم يبد صلاحه أيكون ديني قد حل في قول مالك حين مات الراهن‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ ويباع لي هذا الرهن قبل أن يبدو صلاحه‏؟‏

قال‏:‏ لا ولكن أن كان للراهن مال أخذت حقك ورددت عليهم رهنهم وان لم يكن للميت مال انتظرت فإذا حل بيعه بعته وأخذت حقك وهو قول مالك لأن مالكا‏؟‏

قال‏:‏ في الديون إذا مات الذي عليه الدين فقد حل الدين وقال في الزرع والثمار لا تباع حتى يبدو صلاحها‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولو فلس رجل أو مات وقد ارتهن منه رجل زرعا لم يبد صلاحه حاص الغرماء بجميع دينه في مال المفلس أو الميت واستؤنى بالزرع فإذا حل بيعه بيع ونظر إلى قدر الدين وثمن الزرع فان كان كفافا رد ما أخذ في المحاصة فكان بين الغرماء وكان له ثمن الزرع إذا كان كفافا وان كان فيه فضل رد ذلك الفضل مع الذي أخذ في المحاصة إلى الغرماء وان كان ثمن الزرع أقل من دينه رد ما أخذ في المحاصة ثم نظر إلى ما بق من دينه بعد مبلغ ثمن الزرع وإلى دين الميت أو المفلس فضرب به مع الغرماء في جميع مال المفلس أو الميت من أوله فيما صار في يديه وأيدي الغرماء فما كان له في المحاصة أخذه ورد ما بقى فصار بين الغرماء بالحصص‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو قوله فيما بلغني‏.‏

في رهن الحيوان وتظالم أهل الذمة في الرهون ورهن المكاتب والمأذون له

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت عبدا فادعيت أنه أبق مني‏؟‏

قال‏:‏ القول قولك عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت حيوانا فادعيت أنها قد ضلت مني‏؟‏

قال‏:‏ القول قولك ودينك كما هو على الراهن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرهون إذا تظالم أهل الذمة بها فيما بينهم أيحكم بينهم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المكاتب إذا رهن أو ارتهن أيجوز في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا أصاب وجه الرهن لأنه جائز الشراء والبيع‏.‏

قال سحنون‏:‏ إذا ارتهن في مال أسلفه فليس بجائز لأنه لا يجوز له أن يصنع المعروف فان ارتهن في مال أسلفه فهو جائز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن وجد السيد مع المكاتب مالا قبل حلول أجل الكتابة فيه وفاء من الكتابة أو أقل من الكتابة أيكون له أن يأخذه أو لا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ليس له ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن رهنني رجل بكتابة مكاتبي رهنا أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا تجوز الحمالة للسيد بكتابة مكاتبه عند مالك فكذلك الرهن عندي لا يجوز مثل الحمالة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد التاجر أيجوز ما رهن أو ارتهن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المكاتب أيجوز له أن يرهن ولده أو أم ولده في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن خاف العجز جاز له أن يبيع أم ولده وليس له أن يبيع ولده وان خاف العجز فأراه أن خاف العجز جاز له أن يرهن أم ولده وليس له أن يرهن ولده مثل قول مالك في البيع‏.‏

في الرجل يرهن أمته فيعتقها أو يكاتبها أو يدبرها أو يطؤها فيولدها

قلت‏:‏ أرأيت أن رهنت أمتي فأعتقتها وهي في الرهن أو كاتبتها أو دبرتها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن أعتقها وله مال أخذ المال منه فدفع إلى المرتهن وعتقت الجارية والتدبير جائز وتكون رهنا بحالها لأن الرجل يرهن مدبره عند مالك أن أحب وأما الكتابة فهي عندي بمنزلة العتق أن كان للسيد مال أخذ منه ومضت الكتابة‏.‏

قال سحنون‏:‏ والتدبير بمنزلة العتق سواء ويعجل له حقه كذلك قال مالك ذكره بن وهب عن مالك وكذلك الكتابة أن كان له مال إلا أن يكون في ثمن الكتابة إذا بيعت وفاء للدين فتكون الكتابة جائزة‏.‏

قلت‏:‏ فان وطئها الراهن فأحبلها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن كان وطئها باذن المرتهن أذن له في الوطء أو كانت مخلاة تذهب في حوائج المرتهن وتجيء فهي أم ولد للراهن ولا رهن للمرتهن فيها وان كان وطؤه اياها على وجه الاغتصاب لها والتسور عليها بغير اذنه فكان له مال أخذ منه المال فدفع إلى المرتهن وكانت الجارية أم ولد للراهن وان لم يكن له مال بيعت الجارية بعد أن تضع ولم يبع ولدها فان نقص ثمن الجارية عن حق المرتهن اتبع السيد بذلك ولم يبع الولد واتبع الولد أباه‏.‏

قال سحنون‏:‏ وان كانت تذهب وتجيء في حوائج المرتهن إذا لم يأذن له المرتهن في الوطء فهو كالمتسور عليها لأنه وطىء بغير إذن ولا أمر من المرتهن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أعتق السيد الجارية وهو موسر ودين المرتهن لم يحل بعد أتأمره أن يخرج رهنا فيجعله مكانها ثقة من حق المرتهن أم تأمر الراهن أن يقضى المرتهن حقه قبل حلول الأجل في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يعجل له حقه وتعتق الجارية‏.‏

فيمن رهن عبدا فأعتقه وهو في الرهن

قلت‏:‏ أرأيت أن أعتقت العبد الذي رهنت وأنا معسر أيكون العبد رهنا على حاله إلى محل الأجل في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان أفدت مالا قبل محل الأجل‏؟‏

قال‏:‏ يؤخذ منك الدين ويخرج العبد حرا مكانه وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أعتق عبده ولا مال له وعلى السيد دين فأراد الغرماء بيع العبد فقال العبد خذوا دينكم مني ولا تردوني في الرق أو قال لهم أجنبي من الناس خذوا دينكم مني ولا تردوا العبد في الرق‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في العبد يجنى الجناية فيعتقه سيده بعد ما جنى فيريد أهل الجناية أن يأخذوا السيد بالجناية ليأخذوا منه قيمة الجناية فيقول السيد ما أردت ذلك وما ظننت أن ذلك علي وما أردت أن أتحمل الجناية ويحلف على ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يرد عتق العبد الا أن يكون للعبد مال فيدفعه العبد في ذلك أو يجد أحدا يؤدي ذلك عنه يعجل ذلك فانه يخرج حرا ولا يكون لهم أن يردوه في الرق فكذلك مسألتك‏.‏

في الرجل يستعير السلعة ليرهنها

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يستعير السلعة ليرهنها أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن استعرتها لأرهنها فرهنتها فضاعت عند المرتهن وهي مما يغيب عليه المرتهن‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في رجل يرهن متاعا لغيره وقد أعيره ليرهنه أن الراهن أن لم يؤد الدين باعه المرتهن في حقه إذا حل الأجل واتبع المعير المستعير بما أدى عنه من ثمن سلعته دينا ‏(‏عليه وقال‏)‏ مالك في ضمانها أنها أن هلكت أن للمعير أن يتبع المستعير بقيمتها دينا عليه قال وأما كل مالا يغيب عليه فانه لا ضمان على من استعاره ليرهنه فرهنه ولا على من كان في يديه ولا يتبع من أعاره الذي استعاره منه بشيء من قيمته‏.‏

فيمن رهن عبدا ثم أقر أنه لغيره وفي العبد يكون رهنا فيجنى جناية

قلت‏:‏ أرأيت أن رهنت عبدا فأقررت أنه لغيري أيجوز في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يجوز اقرارك‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظه الآن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما جنى العبد عند المرتهن أيلزم المرتهن من ذلك شيء في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يلزم المرتهن من ذلك شيء عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان كان موسرا فأقره الذي أقر له رهنا فهو بحاله إلى أجله وان أبى الا أخذه أخذه وعجل للمرتهن حقه‏؟‏

قال‏:‏ نعم وان كان المقر معسرا لم يجز اقراره على المرتهن وكان المقر له بالخيار أن شاء ضمن الراهن قيمته واتبعه بها وان شاء وقف فان أفاد الراهن مالا أخذ عبده وقضى المرتهن حقه وان لم يفد مالا حتى يحل الأجل ويباع في الدين ويقضي المرتهن ثمنه فان شاء أخذه من الراهن أو قيمته يوم نقد وان شاء أخذ منه ثمنه الذي قضى عن نفسه أن أفاد يوما مالا‏.‏

فيمن رهن رجلا سلعة سنة فإذا مضت السنة فهو خارج من الرهن

قلت‏:‏ أرأيت رجلا رهن عند رجل رهنا جعله هذه السنة رهنا فإذا مضت السنة خرج من الرهن أيكون هذا رهنا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يعرف هذا من رهون الناس ولا يكون هذا رهنا‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قال الرجل لعبده أد الغلة إلي أيكون هذا مأذونا له في التجارة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون مأذونا له بهذا‏.‏

فيمن استعار عبدا ليرهنه فأعتقه السيد وهو في الرهن

قلت‏:‏ أرأيت لو استعرت عبدا لأرهنه فرهنته فأعتقه سيده وهو موسر أيجوز عتقه أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أنه إذا رهن عبد نفسه ولم يستعره فأعتقه وهو موسر كان عتقه جائزا فأرى في مسئلتك أن عتق المعير جائز إذا كان موسرا ويقال للمعير قد أفسدت الرهن على المرتهن فأد الدين وخذ عبدك الا أن تكون قيمة العبد أقل من الدين فلا يكون عليه إلا قيمته لأنها كانها هو فان كان الدين قد حل رجع المعير بما أدى على المستعير وان كان الدين لم يحل لم يرجع به المعير على المستعير حتى يحل الدين فإذا حل الدين رجع عليه بالدين‏.‏

في العبد المأذون له في التجارة يشتري أبا مولاه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدا مأذونا له في التجارة اشترى أبا مولاه أو ابنه أيعتق أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك إذا ملك العبد من لو ملكهم سيده عتقوا على سيده فانهم يعتقون في مال العبد‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن العبد اشتراه وهو يعلم أنه أبو مولاه أو ابنه أو هو لا يعلم ذلك أهو سواء يعتقون عليه إذا ملكهم العبد أم لا‏؟‏ والبائع يعلم أو لا يعلم‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن باعه البائع وهو يعلم أو لا يعلم فذلك سواء وينفذ البيع ويعتقون على العبد وليس على البائع أن يعلمه ذلك ولا يخبره لأنه لو باع رجل رجلا أبا نفسه أو ابنه لم يكن عليه أن يعلمه وسواء علم السيد أو لم يعلم فانهم يعتقون فان كان العبد قد علم بذلك فاشتراه على ذلك وهو يعلم فان ذلك لا يجوز وإنما ذلك بمنزلة أن لو أعطاه سيده مالا يشتري له عبدا فاشترى أبا مولاه فان ذلك لا يجوز على سيده وليس له أن يتلف مال سيده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت إلى رجل سلعة يبيعها لي فباعها وأخذ بثمنها رهنا أيجوز ذلك علي أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يجوز ذلك عليك لأنه لا يجوز له أن يبيع سلعتك بالدين لأنك لم تأمره بالدين‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم في الدين وليس له أن يبيعها بدين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أمره أن يبيع بالدين فباع وأخذ رهنا أيجوز ذلك الرهن على الآمر أم لا‏؟‏ قال‏:‏ الآمر بالخيار أن شاء قبل ذلك وكان ضمانه منه أن تلف والا رد الرهن إلى ربه ولم يلزمه ويكون البيع على حاله وان تلف قبل أن يعلم به الآمر فلا ضمان عليه والضمان على المأمور ولا يقاص المأمور الآمر بشيء من حقه الذي على المشترى‏.‏

فيمن ارتهن عصيرا فصار خمرا

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا ارتهن عصيرا فصار خمرا كيف يصنع‏؟‏

قال‏:‏ يرفعها إلى السلطان فيأمر السلطان بها فتهراق‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يوصي إلى الرجل فتكون في تركته خمر‏؟‏

قال‏:‏ مالك أرى أن يهريقها الوصي ولا يهريقها إلا بأمر السلطان خوفا من أن يتعقب بأمر من يأتي يطلبه فيها فكذلك مسألتك‏؟‏

قال‏:‏ مالك وإذا ملك المسلم خمرا أهريقت عليه ولم يترك أن يخللها‏.‏

قلت‏:‏ فان أصلحها فصارت خلا‏؟‏

قال‏:‏ قد أساء ويأكله كذلك قال مالك‏.‏

فيمن رهن جلود السباع والميتة

قلت‏:‏ أرأيت جلود الميتة إذا دبغت أو جلود السباع إذا كانت ذكية أيجوز أن يرهنها الرجل‏؟‏

قال‏:‏ أما جلود الميتة فلا يجوز أن يرهنها الرجل لأنه لا يجوز بيعها عند مالك وان دبغت وأما جلود السباع إذا كانت ذكية فلا بأس ببيعها عند مالك فأرى أنه لا بأس برهنها‏.‏

قلت‏:‏ إذا كانت جلود السباع ذكية جاز البيع فيها والرهن دبغت أو لم تدبغ‏؟‏

قال‏:‏ نعم وكذلك قال مالك في الصلاة بها فالبيع عندي والرهن مثل ذلك‏.‏

قلت‏:‏ لم لا تجيز جلود الميتة في الرهن وان كنت لا تجيز بيعها بمنزلة ما أجزت في الزرع قبل أن يبدو صلاحه والثمرة قبل أن يبدو صلاحها في الرهن في قول مالك ومالك لا يجيز هذا في البيع فما فرق ما بين جلود الميتة وهذا‏؟‏

قال‏:‏ لأن الثمرة والزرع قد يحل بيعهما يوما ما إذا ارتهنت وجلود الميتة لا يحل بيعها عند مالك على حال من الحالات فهذا فرق ما بينهما‏.‏

في المقارض يشتري بجميع مال القراض عبدا ثم يشتري آخر فيرهن الأول وفي الرجل يرهن الجارية فيطؤها المرتهن

قلت‏:‏ أرأيت المقارض أيجوز له أن يشتري بالدين على المقارضة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ فان اشترى بجميع مال المقارضة عبدا ثم اشترى عبدا آخر بألف درهم فرهن العبد الذي اشتراه بمال المقارضة مكان هذا العبد أيجوز إم لا وهل ترى أنه اشترى بالدين لأن جميع مال المضاربة قد نقده في العبد الأول‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يجوز ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قال له رب المال اشتر على المقارضة بالدين أيجوز هذا‏؟‏

قال‏:‏ مالك هذه مقارضة لا تحل‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولا ينبغي له هذا لأنه لو جاز هذا جاز أن يقارض الرجل الرجل بغير مال ألا ترى أنه لما قال له ما اشتريت به من دين فهو على القراض فهو كرجل قارض بغير مال فهذا لا يجوز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أعرت رجلا سلعة ليرهنها فأمرته أن يرهنها بكذا وكذا درهما فرهنها بطعام ولم يرهنها بدراهم أتراه مخالفا وتراه ضامنا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت أمة فوطئتها فولدت مني أيقام علي الحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ ويكون الولد رهنا معها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولا يثبت نسب الولد من المرتهن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا يثبت نسبه عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت السيد هل يكون له على المرتهن مهر مثلها في قول مالك مع الحد الذي عليه أن كانت طاوعته الجارية أو أكرهها‏؟‏

قال‏:‏ إنما على الرجل في قول مالك إذا أكره جارية رجل فوطئها ما نقصها بكرا كانت أو ثيبا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا الذي وطىء الأمة فولدت وهي رهن عنده أن اشتراها واشترى ولدها أيعتق عليه ولدها في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يعتق عليه لأنه لم يثبت نسبه منه‏.‏

فيما وهب للامة وهي رهن

قلت‏:‏ أرأيت ما وهب لأمة وهي رهن أيكون رهنا معها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا لا يكون ذلك رهنا معها عند مالك ويكون ذلك موقوفا إلا أن ينتزعه السيد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو رهنها ولها مال أيكون مالها رهنا معها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون مالها رهنا معها إلا أن يشترطه المرتهن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشترط مالها رهنا معها والمال مجهول أيجوز هذا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم لأن مالكا أجازه في البيع‏.‏

فيمن ارتهن زرعا لم يبد صلاحه أو نخلا ببئرهما فانهارت البئر

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ارتهنت زرعا لم يبد صلاحه ببئره أو نخلا في أرض ببئرها فانهارت البئر وقال الراهن لا أنفق على البئر فأراد المرتهن أن ينفق ويصلح رهنه ويرجع بما أنفق على الراهن‏؟‏

قال‏:‏ ليس له أن يرجع على الراهن بشيء ولكن يكون ما أنفق في الزرع وفي رقاب النخل أن كان إنما أنفق عليها خوفا من أن تهلك حتى يستوفى ما أنفق ويستوفى دينه ويبدأ بما أنفق قبل دينه ثم يأخذ دينه بعد ذلك فان بقى شيء كان لربه لأن مالكا قال في الرجل يستكرى الأرض يزرع فيها فتهور بئرها أو تنقطع عينها أو يساقى الرجل الرجل فتتهور البئر وتنقطع العين‏؟‏

قال‏:‏ أن أحب المساقى أو المستكرى أن ينفق في العين أو في البئر حتى تتم الثمرة فيبيعها ويستوفى ما أنفق من حصة صاحب النخل في المساقاة ويقاص المستكرى من كراء تلك السنة التي تكاراها بما أنفق وان تكاراها سنين فليس له أن ينفق إلا كراء سنة واحدة يقاصه بكراء سنة فان فضل فضل مما أنفق لم يبلغه كراء السنة أو حصة صاحبه في المساقاة لم يكن له أن يتبعه بأكثر من ذلك فأرى في مسألتك إذا خاف هلاك الزرع أو النخل فأنفق رأيت ذلك له ويبدأ بما أنفق فان فضل فضل كان في الدين بمنزلة الزرع الذي يرهنه الرجل فيخاف الهلاك فيعرض الراهن على المرتهن أن ينفق فيه فيأبى فيأخذ مالا من رجل آخر فينفقه فيه فيكون الآخر أحق بهذا الزرع حتى يستوفى حقه من المرتهن الأول فان فضل فضل كان للمرتهن الأول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن لم يخرج الزرع إلا تمام دين الآخر أين يكون دين المرتهن الأول‏؟‏

قال‏:‏ يرجع الأول بجميع دينه على الراهن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الثمرة أتكون رهنا مع النخل إذا كانت في النخل يوم يرتهنها أو أثمرت بعد ما ارتهنها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا تكون رهنا وان كانت في النخل يوم ارتهنها أو أثمرت بعد ما ارتهنها بلحا كانت أو غير بلح ولا ما يأتي بعد من الثمرة إلا أن يشترطه المرتهن‏؟‏

قال‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

قلت أرأيت لو أن رجلا رهن أرضا فيها نخل ولم يسم النخل في الرهن أيكون النخل مع الأرض في الرهن أم لا‏؟‏ في قول مالك ‏(‏قال‏:‏ قال مالك في رجل أوصى لرجل بأصل نخل فقال الورثة إنما أوصى له بالنخل والأرض لنا‏؟‏

قال‏:‏ مالك الأصل من الأرض والأرض من الأصل فكذلك مسألتك في الرهن إذا رهنه الأصل فالأرض مع الأصل وإذا رهنه الأرض فالنخل مع الأرض‏؟‏

قال‏:‏ ومما يبين لك ذلك لو أن رجلا اشترى نخل رجل أن الأرض مع النخل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ارتهنت أرضا فأتاني السلطان فأخذ مني خراجها أيكون لي أن أرجع على ربها بذلك‏؟‏

قال‏:‏ لا إلا أن تكون حقا والا فلا‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏.‏