فصل: كتاب الاعتكاف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في الكفارة في قضاء رمضان

 قلت‏:‏ ما حد ما يفطر الصائم من المخالطة في الجماع في قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ مغيب الحشفة يفطره ويفسد حجه ويوجب عليه الغسل ويوجب حده‏.‏

قلت‏:‏ فكيف الكفارة في قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ الطعام لا نعرف غير الطعام ولا يأخذ مالك بالعتق ولا بالصيام‏.‏

قلت‏:‏ وكيف الطعام عند مالك‏.‏

فقال‏:‏ مد مد لكل مسكين‏.‏

قلت‏:‏ فهل يجزئه في قول مالك أن يطعم مدين مدين لكل مسكين فيطعم ثلاثين مسكينا‏.‏

فقال‏:‏ لا يجزئه ولكن يطعم ستين مسكينا مدا مدا لكل مسكين‏.‏

قيل‏:‏ فما قول مالك فيمن أكره امرأته في رمضان فجامعها نهارا ما عليها وما عليه‏.‏

فقال‏:‏ عليه القضاء والكفارة وعليه الكفارة أيضا عنها وعليها هي القضاء‏.‏

قال‏:‏ وكذلك الحج أيضا عليه أن يحججها إن هو أكرهها ويهدي عنها‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك فيمن جامع امرأته أياما في رمضان‏.‏

فقال‏:‏ عليه لكل يوم كفارة وعليها مثل ذلك ان كانت طاوعته وان أكرهها فعليه أن يكفر عن نفسه وعنها وعليها قضاء عدد الأيام التي أفطرتها‏.‏

قلت‏:‏ فإن وطئها في يوم مرتين ما قول مالك في ذلك‏.‏

فقال‏:‏ كفارة واحدة ‏(‏أشهب‏)‏ عن الليث عن يحيى بن سعيد أن الرجل إذا وقع على امرأته نهارا في رمضان وهي طائعة فعليهما الكفارة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان جامع رجل امرأته في رمضان نهارا فطاوعته ثم حاضت من يومها ما قول مالك في ذلك‏.‏

فقال‏:‏ عليها الكفارة والقضاء ‏(‏أشهب‏)‏ عن بن لهيعة عن أبي صخر عن داود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له اني أفطرت يوما من رمضان متعمدا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة أو صم شهرين متتابعين أو أطعم ستين مسكينا ‏(‏أشهب‏)‏ عن الليث بن سعد أن يحيى بن سعيد حدثه عن عبد الرحمن بن القاسم عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عائشة حدثت عن رجل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال احترقت احترقت قال بم قال وطئت امرأتي في رمضان نهارا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق تصدق فقال ما عندي شيء فأمره أن يمكث فجاءه عرق فيه طعام فأمره أن يتصدق به ‏(‏أشهب‏)‏ عن مالك والليث بن سعد عن بن شهاب حدثهما عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة أو بصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا‏.‏

فيمن كان عليه أيام من رمضان فلم يقضها حتى دخل عليه رمضان آخر

 قلت‏:‏ فما قول مالك فيمن كان عليه صيام رمضان فلم يقضه حتى دخل عليه رمضان آخر‏.‏

فقال‏:‏ يصوم هذا الرمضان الذي دخل عليه فإذا أفطر قضى ذلك الأول وأطعم مع هذا الذي يقضيه مدا لكل يوم قال إلا أن يكون كان مريضا حتى دخل عليه رمضان آخر فلا شيء عليه من الطعام وان كان مسافرا حتى دخل عليه رمضان آخر فلا شيء عليه أيضا إلا قضاء رمضان الذي أفطره لأنه لم يفرط‏.‏

قال‏:‏ وان صح من مرضه قبل أن يدخل عليه رمضان المقبل أياما فعليه أن يطعم عدد الأيام التي صح فيها إذا قضي الرمضان الذي أفطره وكذلك المسافر ان كان قدم من سفره فأقام أياما فلم يصم حتى دخل عليه رمضان آخر فعليه أن يطعم عدد الأيام التي فرط فيها‏.‏

قلت‏:‏ متى يطعم المساكين‏.‏

قال‏:‏ إذا أخذ في صيام قضاء رمضان الذي كان أفطره في سفره أو في مرضه‏.‏

فقلت‏:‏ في أوله أو في آخره فقال كل ذلك سواء‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يطعم المساكين فيه حتى مضى‏.‏

قال‏:‏ يطعمهم وإن مضى قضاؤه لرمضان يطعم بعد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ ولا يسقط عنه الطعام إذا هو قضى رمضان فلم يطعم فيه‏.‏

قال‏:‏ لا يسقط عنه الطعام على حال‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم ‏(‏أشهب‏)‏ عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه كان يقول ومن كان عليه صيام من رمضان ففرط فيه وهو قوي على الصيام حتى يدخل عليه رمضان آخر أطعم مكان كل يوم مدا من حنطة وكان عليه القضاء ‏(‏أشهب‏)‏ قال مالك وبلغني عن سعيد بن جبير مثل ذلك ‏(‏أشهب‏)‏ عن بن لهيعة أنه سأل عطاء بن أبي رباح عمن توانى في قضاء أيام من رمضان كانت عليه حتى أدركه رمضان آخر قال يصوم الرمضان الآخر حتى إذا فرغ من صيامه صام الأولى ثم أطعم لكل يوم مسكينا مدا‏.‏

فيمن أصبح في رمضان ينوي الإفطار فلم يأكل حتى غربت الشمس

 قلت‏:‏ لو أن رجلا أصبح ونيته الإفطار في رمضان فلم يأكل ولم يشرب حتى غابت الشمس أو مضى أكثر النهار أعليه القضاء والكفارة فقال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وإن أصبح ينوي الإفطار في رمضان ثم نوى الصيام قبل طلوع الشمس‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ عليه القضاء والكفارة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا نوى الإفطار في رمضان يومه كله إلا أنه لم يأكل ولم يشرب‏.‏

فقال‏:‏ قد قال مالك في ذلك شيئا فلا أدري ألكفارة قال والقضاء أو القضاء ولا كفارة عليه وأحب ذلك إلي أن يكون الكفارة فيه مع القضاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أصبح ينوي الفطر في رمضان متعمدا غير انه لم يأكل ولم يشرب ثم بدا له الرجوع إلى الصيام بعد ما قد نوى الإفطار‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه قال عليه القضاء والكفارة قال ولم أسمعه منه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وعليه القضاء والكفارة‏.‏

فيمن أفطر في رمضان متعمدا ثم مرض من يومه أو المرأة تفطر ثم تحيض من يومها أو الرجل يقدم من السفر صائما فيفطر في بيته

قلت‏:‏ أرأيت من أفطر في رمضان متعمدا ثم مرض من يومه مرضا لا يستطيع الصوم معه أيسقط المرض عنه الكفارة‏.‏

قال مالك‏:‏ لا يسقط عنه الكفارة وكذلك قال المخزومي وقال في الحائض مثل ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن مسافرا أصبح ينوي الصوم في رمضان ثم دخل إلى أهله من يومه فأفطر وذلك في أول النهار أو في آخره‏.‏

قال‏:‏ قال مالك عليه الكفارة والقضاء وان هو أفطره أيضا في سفره أو في أهله لأنه قد أوجب على نفسه صيام ذلك اليوم‏.‏

في الجارية تحيض في رمضان أو الغلام يحتلم فأكل بقية رمضان

 قلت‏:‏ أرأيت لو أن جارية حاضت في رمضان أو غلاما احتلم في رمضان فأفطرا بقية ذلك الرمضان أيكون عليهما الكفارة في قول مالك فقال نعم‏.‏

قلت‏:‏ لكل يوم كفارة في قول مالك أو كفارة واحدة تجزئهما لما أفطرا في رمضان كله‏.‏

فقال‏:‏ سئل مالك عن السفيه يحتلم يفطر في سفهه في رمضان أياما فقال عليه لكل يوم أفطره كفارة كفارة مع القضاء‏.‏

قال عبد الرحمن بن القاسم‏:‏ وسئل مالك عن رجل أصبح في يوم من رمضان ينوي الفطر فيه متعمدا فيه لفطره فلما أصبح ترك الأكل وأتم صيامه‏.‏

فقال‏:‏ لا يجزئه ذلك اليوم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وبلغني عنه أن عليه الكفارة ‏(‏وقال أشهب‏)‏ عليه القضاء ولا كفارة عليه‏.‏

في الذي يصوم رمضان وهو ينوي به قضاء رمضان آخر

 قلت‏:‏ فما يقول مالك فيمن كان عليه صيام رمضان فلم يصمه حتى دخل عليه رمضان آخر فصام هذا الداخل ينوي به الذي عليه‏.‏

فقال‏:‏ قال لنا مالك في رجل كان عليه نذر شيء وكان ضرورة لم يحج فجهل فمشى في حجه ينوي بحجته هذه قضاء نذره وحجة الإسلام‏.‏

فقال‏:‏ قال لنا مالك أراها لنذره وعليه حجة الإسلام‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأما أنا فأرى في مسئلتك أن ذلك يجزئه وعليه قضاء الرمضان الآخر لأن بعض أهل العلم قد رأى أن ذلك الحج يجزئه لفريضته وعليه النذر ورأيي الذي أجتهد به في الحج أن يقضي الفريضة لأنه إذا اشترك أبدا الفريضة والنذر فأولاهما بالقضاء أوجبهما عند الله وأما الصيام فذلك يجزئه‏.‏

في قيام رمضان

 قال‏:‏ وسألت مالكا عن قيام الرجل في رمضان أمع الناس أحب إليك أم في بيته‏.‏

قال‏:‏ إن كان يقوى في بيته فهو أحب إلي وليس كل الناس يقوى على ذلك قد كان بن هرمز ينصرف فيقوم بأهله وكان ربيعة ينصرف وعدد غير واحد من علمائهم كانوا ينصرفون ولا يقومون مع الناس قال مالك وأنا أفعل ذلك‏.‏

قال مالك‏:‏ بعث إلي الأمير وأراد أن ينقص من قيام رمضان الذي يقومه الناس بالمدينة‏.‏

قال ابن القاسم وهي تسع وثلاثون ركعة بالوتر ست وثلاثون ركعة والوتر ثلاث‏.‏

قال مالك فنهيته أن ينقص من ذلك شيئا قلت له هذا ما أدركت الناس عليه وهو الأمر القديم الذي لم يزل الناس عليه‏.‏

قال‏:‏ وسألته عن الرجل يقوم بالناس بإجارة في رمضان‏.‏

فقال‏:‏ لا خير في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فكيف الإجارة في الفريضة‏.‏

قال‏:‏ ذلك أشد عندي‏.‏

قلت‏:‏ وهو قول مالك‏.‏

قال‏:‏ إنما سألناه عن رمضان وهذا عندي أشد من ذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مالك أن بن شهاب أخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر بعزيمة وكان يقول من قام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك وأبو بكر وصدر من خلافه عمر‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مالك والليث أن بن شهاب أخبرهما عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب في قيام رمضان قال ثم خرجت مع عمر ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكانوا يقومون أوله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الله بن عمر عننافع قال لم أدرك الناس إلا وهم يقومون بتسع وثلاثين ركعة يوترون منها بثلاث‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الله بن عمر بن حفص قال حدثني غير واحد أن عمر بن عبد العزيز أمر القراء يقومون بذلك ويقرؤن في كل ركعة عشر آيات‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال قال مالك وحدثني عبد الله بن أبي بكر قال كان الناس ينصرفون من الوتر فيبادر الرجل بسحوره خشية الصبح‏.‏

ابن القاسم‏:‏ قال مالك وحدثني عبد الله بن أبي بكر قال سمعت أبي يقول كنا ننصرف في رمضان من القيام فيستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر‏.‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا يقول الأمر في رمضان الصلاة وليس بالقصص بالدعاء ولكن الصلاة‏.‏

السنة في قيام رمضان وصلاة الأمير خلف القارئ

 قال‏:‏ وسألت مالكا عن القراء في رمضان يقرأ كل رجل منهم في موضع سوى موضع صاحبه فأنكر ذلك وقال لا يعجبني ولم يكن ذلك من عمل الناس وإنما اتبع هؤلاء فيه ما خف عليهم ليوافق ذلك الحال ما يريدون وأصواتهم والذي كان عليه الناس يقرأ الرجل خلف الرجل من حيث انتهى الأول ثم الذي بعده على مثل ذلك قال وهذا الشأن وهو أعجب ما فيه إلي‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك ليس ختم القرآن في رمضان سنة للقيام‏.‏

قال‏:‏ وسئل مالك عن الالحان في الصلاة‏؟‏ قال لا يعجبني وأعظم القول فيه وقال إنما هذا غناء يتغنون به ليأخذوا عليه الدراهم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ قلت لمالك الرجل يصلي النافلة فيشك في الحرف وهو يقرأ وبين يديه مصحف منشور أينظر في المصحف ليعرف ذلك الحرف‏.‏

قال‏:‏ لا ينظر في ذلك الحرف ولكن يتم صلاته ثم ينظر‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك لا بأس بقيام الإمام بالناس في رمضان في المصحف ‏(‏وقال ابن وهب‏)‏ وقال مالك في الأمير يصلي خلف القارئ في رمضان إنه لم يكن يصنع ذلك فيما مضى ولو صنع ذلك لم أر به بأسا‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم لم وسع مالك في هذا وكره الذي ينظر في الحرف‏.‏

قال‏:‏ لأن هذا ابتدأ النظر في أول ما قام به‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك لا بأس ان يؤم الإمام بالناس في المصحف في رمضان في النافلة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكره ذلك في الفريضة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن شهاب قال كان خيارنا يقرؤون في المصاحف في رمضان وان ذكوان غلام عائشة كان يؤمها في المصحف في رمضان ‏(‏وقال‏)‏ مالك والليث مثله ‏(‏وقال ربيعة‏)‏ في ختم القرآن في رمضان لقيام الناس ليست بسنة ولو أن رجلا أم الناس بسورة حتى ينقضي الشهر لأجزأ ذلك عنه واني لأرى أن قد كان يؤم الناس من لم يجمع القرآن‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه سئل عن صلاة الأمير خلف القارئ فقال ما بلغنا أن عمر وعثمان كانا يقومان في رمضان مع الناس في المسجد ‏(‏وعن ربيعة‏)‏ أنه قال في أمير بلد من البلدان يصلح له في رمضان ان يصلي مع الناس في القيام يؤمه رجل من رعيته فقال لا يصلح ذلك للإمام ولكن ليصلي في بيته إلا أن يأتي فيقوم بالناس‏.‏

التنفل بين الترويحتين

 قال‏:‏ وسألت مالكا عن التنفل فيما بين الترويحتين فقال لا بأس بذلك إذا كان يركع ويسجد ويسلم فأما من يقوم يحرم ويقرأ وينتظر الناس حتى يقوموا فيدخل معهم فلا يعجبني ذلك من الفعل ولكن ان كان يركع فلا بأس به‏.‏

ومعنى قوله حتى يدخل معهم أي يثبت قائما حتى إذا قاموا دخل معهم بتكبيرته التي كبرها أو يحدث لذلك تكبيرة أخرى‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن بن الهادي قال رأيت عامر بن عبد الله بن الزبير وأبا بكر بن حزم ويحيى بن سعيد يصلون بين الاشفاع‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن خالد بن حميد عن عقيل عن بن شهاب وسئل عن ذلك فقال إن قويت على ذلك فافعله‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال مالك لا أرى به بأسا وما علمت أن أحدا كرهه‏.‏

في قنوت رمضان ووتره

 قال‏:‏ وقال مالك في الحديث الذي يذكره ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان‏.‏

قال‏:‏ ليس عليه العمل ولا أرى أن يعمل به ولا يقنت في رمضان لا في أوله ولا في آخره ولا في غير رمضان ولا في الوتر أصلا‏.‏

قال مالك‏:‏ والوتر اخر الليل أحب إلي لمن قوى عليه‏.‏

فقلت‏:‏ لمالك أفيسلم الإمام من ركعتين في الوتر‏؟‏ قال نعم هو الشأن‏.‏

قلت‏:‏ له فإن صليت معهم‏.‏

قال‏:‏ لا تخالفه إن سلم فسلم وإلا فلا تسلم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك ولقد كنت أنا أصلي معهم مرة فإذا جاء الوتر انصرفت فلم أوتر معهم‏.‏

كتاب الاعتكاف

الاعتكاف بغير صوم

‏(‏وسئل‏)‏ بن القاسم أيكون الاعتكاف بغير صوم في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يكون الا بصوم ‏(‏وقال‏)‏ ذلك القاسم بن محمد ونافع لقول الله تبارك وتعالى وأتمو الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد‏.‏

فقيل‏:‏ لابن القاسم ما قول مالك في المعتكف ان أفطر متعمدا أينتقض اعتكافه فقال نعم‏.‏

قيل‏:‏ فإن أصابه مرض لا يستطيع معه الصيام‏.‏

قال‏:‏ يخرج فإذا صح بنى على ما كان اعتكف‏.‏

قال‏:‏ وان هو صح ولم يبن على ما كان اعتكف وفرط فليستأنف ولا يبن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان هو صح من مرضه ذلك بعد ما مضى من النهار بعضه وقوى على الصيام وكان في أول النهار لا يقوى على الصيام أيدخل المسجد حين يقوى على الصيام أم يؤخر ذلك حتى تغيب الشمس ثم يدخل بعد مغيب الشمس فيبني‏.‏

قال‏:‏ لا يؤخر ذلك بل يدخل حين يقوى على ذلك‏.‏

ومما يبين لك ذلك أن مالكا قال في الحائض إذا طهرت في أول النهار انها ترجع إلى المسجد أي ساعة طهرت ولا تؤخر ذلك ثم تبني على ما مضى من اعتكافها‏.‏

قال مالك‏:‏ ومثل ذلك مثل المرأة يكون عليها صيام شهرين متتابعين في قتل نفس فتحيض ثم تطهر فانها تبني على ما مضى من صيامها ولا تؤخر ذلك فالمريض مثل الحائض إذا صح‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ومما يبين لك ذلك لو أن رجلا اعتكف بعض العشر الأواخر ثم مرض فصح قبل الفطر بيوم فإنه يخرج ولا يثبت يوم الفطر في معتكفه لأنه لا يكون اعتكافا إلا بصيام ويوم الفطر لا يصام فإذا مضى يوم الفطر عاد إلى معتكفه‏.‏

قيل‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ من هذا الموضع قولي لك في يوم الفطر وقولي لك ما يبين لك قول مالك‏.‏

قال ابن نافع‏:‏ قال مالك في المعتكف في العشر الأواخر من رمضان يمرض ثم يصح قبل الفطر إنه يرجع إلى معتكفه فيبني على ما مضى فإن غشيه العيد قبل أن يفرغ من أيام اعتكافه فإنه يفطر ذلك اليوم ويخرج إلى العيد مع الناس ولا يرجع إلى بيته ولكن يكون في المسجد ذلك اليوم ولا يعتد به فيما بقي عليه ‏(‏وسئل‏)‏ بن القاسم عن المعتكف إذا أكل ناسيا نهارا‏.‏

فقال‏:‏ يقضي يوما مكانه ويصله باعتكافه‏.‏

قيل‏:‏ له أتحفظ هذا عن مالك‏.‏

فقال‏:‏ قد سمعته من مالك ولا أحفظ كيف سمعته منه‏.‏

في المعتكف يطأ امرأته في ليل أو نهار

 قلت‏:‏ أرأيت إن جامع ليلا أو نهارا في اعتكافه ناسيا أيفسد اعتكافه‏.‏

فقال‏:‏ نعم ينتقض ويبتدئ وهو مثل الظهار إذا وطىء فيه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من دخل في اعتكافه فأغمي عليه أو جن من بعد ما اعتكف أياما‏.‏

فقال‏:‏ إذا صح بنى على اعتكافه ووصل ذلك بالأيام التي اعتكفها فإن هو لم يصلها استأنف ولم يبن‏.‏

قيل‏:‏ أتحفظه عن مالك‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك في المغمى عليه والمجنون إنه مرض من الأمراض وهذا مثله‏.‏

في المعتكف يقبل أو يباشر أو يلمس أو يعود مريضا أو يتبع جنازة

 قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت المعتكف إذا قبل أو لمس أيفسد ذلك اعتكافه فقال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ بلغني عنه في القبلة أنه قال ينتقض اعتكافه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ واللمس عندي مثل القبلة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمر بن قيس ويزيد بن عياض عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير أنهما سمعا عائشة تقول السنة في المعتكف أن لا يمس امرأته ولا يباشرها ولا يعود مريضا ولا يتبع جنازة ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان ولااعتكاف إلا في مسجد جماعة ومن اعتكف فقد وجب عليه الصوم‏.‏

وكانت عائشة إذا اعتكفت فدخلت بيتها للحاجة لم تسل عن المريض إلا وهي مارة‏.‏

قالت‏:‏ عائشة وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان من حديث الليث عن بن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال إن أصاب المعتكف أهله فعليه أن يستقبله وعليه أن يجلد بعقوبة‏.‏

قال ابن شهاب‏:‏ وإن أحدث ذنبا مما نهي عنه في اعتكافه فإن ذلك يقطع عليه اعتكافه حتى يستقبله من أول وعن عطاء بن أبي رباح مثله إلا العقوبة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عباس قال إذا أفطر المعتكف أعاد الاعتكاف يعني به النساء‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في معتكف مرض فخرج من المسجد فقال إذا صح بنى على ما مضى من اعتكافه ولا يستأنف وذلك إذا لم يعمد له وقاله عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار ‏(‏وقال مالك‏)‏ وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد العكوف ثم رجع ولم يعتكف حتى إذا أفطر من رمضان اعتكف عشرا من شوال‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس عن بن شهاب وربيعة قالا إذا حاضت المعتكفة رجعت إلى بيتها فإذا طهرت رجعت إلى المسجد حتى تقضي اعتكافها الذي جعلت عليها ‏(‏وقال‏)‏ عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار مثله وقالا أية ساعة طهرت فلترجع إلى المسجد ساعتئذ‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسى بن معبد قال سألت القاسم بن محمد وسالما عن امرأة جعلت على نفسها أن تعتكف شهرا فاعتكفت تسعة وعشرين يوما ثم حاضت فرجعت إلى منزلها فجامعها زوجها فقالا لا علم لنا بهذا فسل سعيد بن المسيب ثم أعلمنا قال فسألته فقال أتيا حدا من حدود الله وأخطآ السنة وعليها أن تستأنف شهرا فقالا مثل ما قال‏.‏

في خروج المعتكف واشترائه

 قال ابن القاسم‏:‏ وسألت مالكا عن المعتكف أيخرج من المسجد يوم الجمعة إلى الغسل‏.‏

فقال‏:‏ نعم لا بأس بذلك‏.‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن المعتكف تصيبه الجنابة أيغسل ثوبه إذا خرج فاغتسل‏.‏

فقال‏:‏ لا يعجبني ذلك ولكن يغتسل ولا ينتظر غسل ثوبه وتجفيفه واني لأحب للمعتكف أن يتخذ ثوبا غير ثوبه إذا أصابته جنابة أن يأخذه ويدع ثوبه‏.‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن المعتكف أيخرج فيشتري لنفسه طعاما إذا لم يكن له من يكفيه‏.‏

فقال‏:‏ قال لي مالك مرة لا بأس بذلك ثم قال بعد ذلك لا أرى ذلك قال وأحب إلي إذا أراد أن يدخل اعتكافه أن يفرغ من حوائجه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت المعتكف إذا خرج لحاجته أيمكث بعد قضاء حاجته شيئا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يمكث بعد قضاء حاجته شيئا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت معتكفا إذا خرج في حد عليه أو خرج يطلب حدا له أو خرج يقبض دينا له أو أخرجه غريم له أيفسد اعتكافه في هذا كله‏؟‏ قال نعم‏.‏

قيل‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏ قال لا ‏(‏وقال مالك‏)‏ لم أسمع أحدا من أهل العلم يذكر أن في الاعتكاف شرطا لا حد وإنما الاعتكاف عمل من الأعمال كهيئة الصلاة والصيام والحج فمن دخل في شيء من ذلك فإنما يعمل فيه بما مضى من السنة في ذلك وليس له أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه الأمر بشرط يشترطه أو بأمر يبتدعه إنما الأعمال في هذه الأشياء بما مضى فيها من السنة وقد اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف المسلمون سنة الاعتكاف ‏(‏وقال مالك‏)‏ المعتكف مقبل على شأنه لا يعرض لغيره مما يشغل به نفسه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المعتكف يسكر ليلا ثم يذهب ذلك عنه قبل أن ينفجر الصبح أيفسد ذلك عليه اعتكافه‏؟‏ قال نعم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد أنه سأل بن شهاب عن رجل اعتكف وشرط أن يطلع قريته اليوم أو اليومين ويطلع على أهله ويسلم عليهم ولحاجته‏.‏

قال‏:‏ لا شرط في الاعتكاف في السنة الماضية ‏(‏وقال ابن وهب‏)‏ عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عطاء أنه‏؟‏ قال لا يبيع المعتكف ولا يبتاع ولا بأس أن يأمر إنسانا فيقول ابتع لي كذا وكذا‏.‏

في عيادة المعتكف المرضى والصلاة على الجنائز

 قال‏:‏ وسألت مالكا عن المعتكف أيصلي على الجنائز وهو في المسجد فقال ما يعجبني أن يصلي على الجنائز وإن كان في المسجد ‏(‏وقال ابن نافع‏)‏ قال مالك وإن انتهى إليه زحام الناس الذين يصلون على الجنازة وهو في المسجد فأنه لا يصلي عليها ولا يعود مريضا معه في المسجد إلا أن يصلي إلى جنبه فيسلم عليه ‏(‏وقال مالك‏)‏ لا يعود المعتكف مريضا ممن هو معه في المسجد ولا يقوم إلى رجل يعزيه بمصيبة ولا يشهد نكاحا يعقد في المسجد يقوم إليه ولكن لو غشيه ذلك في مجلسه لم أر به بأسا‏.‏

قال‏:‏ ولا يقوم إلى الناكح فيهنئه ولا بأس أن ينكح المعتكف ولا يشتغل في مجالس العلم‏.‏

قال‏:‏ فقيل له أفيكتب العلم في المسجد فكره ذلك ‏(‏وقال ابن نافع‏)‏ في الكتاب إلا أن يكون الشيء الخفيف‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ عن مالك وسئل عن المعتكف يجلس في مجالس العلماء ويكتب العلم‏.‏

فقال‏:‏ لا يفعل ذلك إلا أن يكون الشيء الخفيف والترك أحب إلي‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن عطاء بن أبي رباح‏؟‏ قال لا بأس أن تنكح المرأة وهي معتكفة يقول هو كلام‏.‏

في اشتراء المعتكف وبيعه

 قلت‏:‏ لابن القاسم ما قول مالك في المعتكف أيشتري ويبيع في حال اعتكافه‏.‏

فقال‏:‏ نعم إذا كان شيئا خفيفا لا يشغله من عيش نفسه‏.‏

في تقليم المعتكف أظفاره وأخذه من شاربه

 قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك لا يقص المعتكف أظفاره في المسجد ولا يأخذ من شعره ولا يدخل إليه حجام يأخذ من شعره وأظفاره‏.‏

قال‏:‏ فقلنا له إنه يجمع ذلك فيحرزه حتى يلقيه‏.‏

فقال‏:‏ مالك لا يعجبني وإن جمعه‏.‏

قال‏:‏ ولا بأس أن يتطيب المعتكف وينكح وينكح‏.‏

فقيل‏:‏ لابن القاسم أكان مالك يكره للمعتكف حلق الشعر وتقليم الاظفار‏.‏

فقال‏:‏ لا إلا أنه إنما كره ذلك لحرمة المسجد‏.‏

في صعود المعتكف المنار للأذان

 قيل‏:‏ لابن القاسم هل كان مالك يكره للمعتكف أن يصعد المنار‏.‏

قال‏:‏ نعم قد اختلف قوله في المؤذن قال مالك أكره للمؤذن المعتكف أن يرقى على ظهر المسجد قال ولا بأس أن يعتكف رجل في رحاب المسجد‏.‏

قال‏:‏ وقد اختلف قول مالك في صعود المؤذن المعتكف المنار فقال مرة لا ومرة‏؟‏ قال نعم وجل ما قال فيه الكراهية وذلك رأيي‏.‏

في الاستثناء في اليمين بالاعتكاف

 قيل‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا قال إن كلمت فلانا فعلي اعتكاف شهر إن شاء الله تعالى ما قول مالك في ذلك‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك لاثنيا في عتق ولا في طلاق ولا في مشي ولا في صدقة فهذا عندي مما يشبه هذا ‏(‏وقال‏)‏ لي مالك لاثنيا إلا في اليمين بالله قال فهذا يستدل به أن ثنياه في اعتكافه ليس بشيء‏.‏

قيل‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن قال إن كنت دخلت دار فلان فعلي اعتكاف شهر فذكر أنه قد كان دخل هل يكون عليه في قول مالك أن يعتكف‏.‏

فقال‏:‏ نعم‏.‏

في اعتكاف العبد والمكاتب والمرأة تطلق أو يموت عنها زوجها

 قلت‏:‏ أرأيت من أذن لعبده أو لامرأته أو لأمته في اعتكاف فلما أخذوا فيه أراد قطع ذلك عليهم‏.‏

فقال‏:‏ ليس ذلك له‏.‏

قيل‏:‏ وهذا وقول مالك‏؟‏ قال نعم قوله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد إذا جعل على نفسه الاعتكاف فمنعه سيده ثم أعتق أو أذن له سيده أيكون عليه أن يقضيه‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا وسئل عن أمة نذرت مشيا إلى بيت الله وصدقة مالها فقال مالك لسيدها أن يمنعها فإن أعتقت يوما ما كان ذلك عليها أن تفعل ما نذرت من مشي أو صدقة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقال مالك وذلك إن كان مالها الذي حلفت عليه في يدها‏.‏

قالابن القاسم‏:‏ ولا أعلمه إلا وقد قال لي أو قد بلغني عنه في العبد أو الأمة ما نذرا من نذر يوجبانه على أنفسهما إنه يلزمهما ذلك إذا أعتقا إلا أن يكون السيد أذن لهما أن يفعلا ذلك في حال رقهما فيجوز لهما ذلك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت المكاتب إذا نذر الاعتكاف ألسيده أن يمنعه‏.‏

فقال‏:‏ إن كان شيئا يسيرا يعلم أنه ليس يدخل فيه على سيده ضرر لم يكن له أن يمنعه فإن كان ذلك كثيرا يكون فيه ترك لسعايته كان لسيده أن يمنعه من ذلك لأن هذا ضرر على سيده‏.‏

قلت‏:‏ وتحفظ هذا عن مالك‏؟‏ قال لا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ومن ضرر هذا المكاتب على سيده أن لو أجزت له اعتكافه فكان اعتكافه أشهرا فعجز فيها لم أستطع أن أخرجه من اعتكافه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم ما قول مالك في المرأة تعتكف في مسجد الجماعة‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أتعتكف في قول مالك في مسجد بيتها‏.‏

فقال‏:‏ لا يعجبني ذلك وإنما الاعتكاف في المساجد التي توضع لله ‏(‏وقال مالك‏)‏ في المطلقة والمتوفي عنها زوجها وهي معتكفة قال تمضي على اعتكافها حتى تفرغ منه ثم ترجع إلى بيت زوجها وتعتد فيه ما بقي من عدتها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال إن سبق الطلاق الاعتكاف فلا تعتكف وإن هي طلقت وهي معتكفة اعتدت في معتكفها ما كانت فيه غير أنها إن حاضت قبل أن تقضي اعتكافها خرجت فإذا طهرت رجعت حتى تقضي اعتكافها ‏(‏وقال‏)‏ بن شهاب وجابر بن عبد الله إذا طلقت فلا تعتكف في المسجد حتى تحل مثل ما قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن إن سبق الطلاق الاعتكاف فلا تعتكف‏.‏

في قضاء الاعتكاف

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت المعتكف إذا انتقض اعتكافه أعليه القضاء في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في إيجاب الاعتكاف والجوار وموضع الاعتكاف

 قلت‏:‏ لابن القاسم ما الذي يجب به الاعتكاف في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ إذا دخل معتكفا ونوى أياما لزمه ما نواه‏.‏

قال مالك‏:‏ وإن نذر أياما يعتكفها لزمه ذلك النذر‏.‏

قال مالك‏:‏ والاعتكاف والجوار سواء إلا من نذر مثل جوار مكة يجاور النهار وينقلب الليل إلى منزله قال فمن جاور مثل هذا الجوار الذي ينقلب فيه الليل إلى منزله فليس عليه في جواره صيام‏.‏

قلت‏:‏ أكان مالك يلزم الرجل إذا جاور بمكة إذا نوى أن يجاور مكة أن يلزمه الجوار بالنية‏.‏

قال‏:‏ لا إلا أن يكون نذر ذلك فإن نذر جواره ولم يرد الاعتكاف وإنما أراد أن يجاور كما وصفت لك ينقلب الليل إلى منزله مثل ما يصنع المجاورون بمكة لزمه ذلك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وإنما جوار مكة أمر يتقرب به إلى الله تعالى مثل الرباط والصيام‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا نذر جوار المسجد مثل جوار مكة في غير مكة‏.‏

قال‏:‏ يلزمه ذلك في أي البلدان كان إذا كان ساكنا في ذلك البلد وإن لم يكن ساكنا فيه فقد قال ابن القاسم في رسم حلف إن نذر صوما في مثل العراق وشبهه مما ليس فيه قربة فإنه يصوم بمكانه الذي نذره فيه‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك كل من نذر أن يصوم في ساحل من السواحل مثل الاسكندرية أو عسقلان أو بيت المقدس وهو من أهل مكة أو المدينة‏.‏

فقال‏:‏ كل ساحل أو موضع يتقرب فيه بإتيانه إلى الله تعالى فاني أرى أن يصوم ذلك الصيام بذلك الموضع الذي نذره وإن كان من أهل مكة أو المدينة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن النعمان بن سالم قال كان على جدتي نذر جوار سنة فسألت عائشة فقالت إنه لا جوار إلا بصيام استأذني زوجك فإن أذن لك فجاوري‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقال مالك ليعتكف المعتكف في عجز المسجد‏.‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك أيعتكف أهل السواحل في سواحلهم وأهل الثغور في ثغورهم‏.‏

فقال‏:‏ إن الأزمنة مختلفة من الزمان زمان يؤمن فيه لكثرة الجيوش ويأمن الناس فيعتكف المعتكف رجاء بركة الاعتكاف قال وقد يكون ليال يستحب فيها الاعتكاف‏.‏

قال‏:‏ فقيل لمالك فإن اعتكف المعتكف في الثغور أو في السواحل فجاءه الخوف أيترك ما هو فيه من اعتكافه ويخرج فقال نعم‏.‏

فقيل‏:‏ له فإذا أمن أيبتدىء أم يبني‏.‏

قال‏:‏ يبني وهذا آخر ما قاله وقد كان قال قبل ذلك يبتدئ ثم رجع إلى هذا القول فقال يبني‏.‏

قال‏:‏ وإن كان في زمان الخوف فلا يعتكف ولا يدع ما خرج له من الغزو ويشتغل بغيره من الاعتكاف‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عمارة بن غزية عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف في قبة تركية في المسجد‏.‏

قال مالك‏:‏ ولم أسمع أنه اضطرب بنائبات فيه ولم أره إلا في رحبة المسجد‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عقبة وبن نافع المعافري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان يكره الاعتكاف في مساجد المواحيز لأن أهلها رصدة وعدة لها في ليلهم ونهارهم فلا اعتكاف أفضل مما هم فيه‏.‏

في المعتكف يموت ويوصي أن يطعم عنه

 قلت‏:‏ أرأيت من أوجب على نفسه اعتكافا فمات قبل أن يعتكف فأوصى أن يطعم عنه‏.‏

فقال‏:‏ يطعم عنه في رأيي ويطعم عدد الأيام مساكين لكل مسكين مد مد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن مريضا لا يستطيع الصيام أوجب على نفسه اعتكافا أياما فمات قبل أن يصح أيطعم عنه أم لا‏؟‏ وقد أوصى فقال أطعموا عني عن اعتكافي الذي نذرت إن كان قد لزمني‏.‏

فقال‏:‏ لا شيء عليه ولا يطعم عنه لأنه لم يجب على نفسه شيء‏.‏