فصل: ما جاء في المرأة الحامل تلد ولدا ويبقى في بطنها آخر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


ما جاء في المجدور والمحصوب

قال وقال مالك في المجدور والمحصوب إذا خافا على أنفسهما وقد أصابتهما جنابة أنهما يتيممان لكل صلاة أحدثا في ذلك أو لم يحدثا يتيممان للجنابة ولا يغتسلان‏.‏

قلت أرأيت المجروح الذي قد كثرت جراحاته في جسده حتى أتت على أكثر جسده كيف يفعل في قول مالك قال هو بمنزلة المجدور والمحصوب إذا كان لا يستطيع أن يمس الماء جسده تيمم وصلى‏.‏

قلت فإن كان بعض جسده صحيحا ليس فيه جروح وأكثر جسده فيه الجراحة قال يغسل ما صح من جسده ويمسح على مواضع الجراحة إن قدر على ذلك وإلا فعلى الخرق التي عصب بها‏.‏

قلت هذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال ابن وهب عن بن جريج عن مجاهد قال للمجدور وأشباهه رخصة أن لا يتوضأ ويتلو ‏{‏ وإن كنتم مرضى أو على سفر 43‏)‏ قال وذلك مما لا يخفى من تأويل القرآن‏.‏

قال ابن وهب قال ابن أبي سلمة وبلغني أن بن عباس أفتى مجدورا بالتيمم‏.‏

قلت أرأيت إن غمرت جسده ورأسه الجراحات إلا اليد والرجل أيغسل تلك اليد والرجل ويمر الماء على ما عصب من جسده أم يتيمم‏؟‏ قال لا أحفظ من مالك في هذا شيئا وأرى أن يتيمم إذا كان هكذا‏.‏

وقال لي مالك إذا خاف الجنب على نفسه الموت في الثلج والبرد ونحوه إن هو اغتسل أجزأه التيمم‏.‏

قال ابن وهب عن جرير بن حازم عن النعمان بن راشد عن زيد بن أبي أنيسة الجزري قال كان رجل من المسلمين في غزوة خيبر أصابه جدري فأصابته جنابة فغسله أصحابه فتهرى لحمه فمات فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قتلوه قتلهم الله قتلوه قتلهم الله أما كان يكفيهم أن ييمموه بالصعيد قال ابن وهب عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمرو بن العاص على جيش فسار وأنه احتلم في ليلة باردة فخاف على نفسه إن هو اغتسل بالماء البارد أن يموت فتيمم وصلى بهم وأنه ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله ما أحب أنك تركت شيئا مما فعلت ولا فعلت شيئا مما تركت‏.‏

قال وسئل مالك عن الحصباء‏.‏

أيتيمم عليها وهو لا يجد المدر‏؟‏ قال نعم وقيل لمالك في الجبل يكون عليه الرجل وهو لا يجد المدر أيتيمم عليه‏؟‏ قال نعم وقد قال مالك في الطين يكون ولا يقدر الرجل على تراب يتيمم عليه وكيف يصنع قال يضع يديه على الطين ويخفف ما استطاع ثم يتيمم‏.‏

في التيمم على اللبد في الثلج والطين الخضخاض

قال وسئل مالك عن اللبد أيتيمم عليه إذا كان الثلج ونحوه فأنكر ذلك وقال لا يتيمم عليه في قول مالك‏.‏

قلت لابن القاسم فأين يتيمم في قول مالك إذا كان الثلج وقد كره له أن يتيمم على لبد وما أشبه ذلك من الثياب قال بلغني عن مالك أنه أوسع له في أن يتيمم على الثلج وقال علي عن مالك أنه يتيمم على الثلج قال وسألت بن القاسم عن الطين الخضخاض كيف يتيمم عليه في قول مالك قال إن لم يكن ماء تيمم ويخفف يديه قال ولم أسأله عن الخضخاض من الطين ولكني أرى ما لم يكن ماء وهو طين‏.‏

قال مالك إنما يضع يديه وضعا خفيفا ويتيمم‏.‏

قال ابن وهب عن معاوية بن صالح قال سمعت يحيى بن سعيد يقول لا بأس بالصلاة على الصفا وفي السبخة ولا بأس بالتيمم بهما إذا لم يوجد تراب وهما بمنزلة التراب وقال يحيى بن سعيد ما حال بينك وبين الأرض فهو منها‏.‏

قال وقال مالك في رجل تيمم ودخل في الصلاة ثم اطلع عليه رجل معه ماء قال يمضي في صلاته ولا يقطعها فإن كان الماء في رحله قال يقطع صلاته ويتوضأ ويعيد الصلاة‏.‏

قال وإن فرغ من صلاته ثم ذكر أن الماء كان في رحله فنسيه أو جهله أعاد الصلاة في الوقت‏.‏

قال وسألت مالكا عن الجنب لا يجد الماء إلا بثمن قال إن كان قليل الدراهم رأيت أن يتيمم وإن كان موسعا عليه يقدر رأيت أن يشتري ما لم يكثر عليه في الثمن فإن رفعوا عليه في الثمن يتيمم وصلى‏.‏

قال وقال مالك فيمن كان معه ماء وهو يخاف العطش إن توضأ به قال يتيمم ويبقي ماءه‏.‏

قال ابن وهب وقد قال ذلك علي بن أبي طالب والزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء بن أبي رباح‏.‏

قلت أرأيت الجنب إذا نام وقد تيمم قبل ذلك أو أحدث بعد ما تيمم للجنابة ومعه من الماء قدر ما يتوضأ به هل يتوضأ به أم يتيمم قال قال مالك يتيمم ولا يتوضأ بما معه من الماء إلا أنه يغسل بذلك الماء ما أصابه من الأذى فأما الوضوء فليس نراه على الجنب إذا كان معه من الماء قدر ما يتوضأ به في أول ما تيمم في المرة الأولى ولا في الثانية وهو ينتقض تيممه لكل صلاة ويعود إلى حال الجنابة ولا يجزئه الوضوء ولكنه ينتقض جميع التيمم ويتيمم للجنابة كلما صلى‏.‏

قال وقال مالك في رجل تيمم وهو جنب ومعه ماء قدر ما يتوضأ به‏.‏

قال يجزئه التيمم ولا يتوضأ‏.‏

قال وإن أحدث بعد ذلك فأراد أن يتنفل فليتيمم ولا يتوضأ لأنه حين أحدث انتقض تيممه الذي كان تيمم للجنابة ولم ينتقض موضع الوضوء وحده فإذا جاء وقت صلاة أخرى مكتوبة فكذلك أيضا ينتقض تيممه أحدث أو لم يحدث‏.‏

قال ابن وهب وبلغني عن بن شهاب في رجل أصابته جنابة في سفر فلم يجد من الماء إلا قدر وضوئه‏.‏

قال ابن شهاب يتيمم صعيدا طيبا‏.‏

وقال ذلك عطاء بن أبي رباح وبن أبي سلمة‏.‏

قلت لابن القاسم أرأيت المسافرين والمرضى إذا لم يكونوا على وضوء فخسف بالشمس أو بالقمر هل كان مالك يرى أن يتيمموا ويصلوا‏؟‏ قال لا أحفظ من مالك في ذلك شيئا ولكن أرى ذلك لهم‏.‏

قال ابن القاسم من قول مالك من أحدث خلف الإمام في صلاة العيدين‏؟‏ قال لا يتيمم‏.‏

وقال مالك لا يصلي الرجل على الجنازة بالتيمم إلا المسافر الذي لا يجد الماء‏.‏

قال وكان لا يرى بأسا أن يتيمم من لا يجد الماء في السفر فيمس المصحف ويقرأ حزبه‏.‏

قال وقال مالك في المسافر لا يكون معه ماء يتيمم ويقرأ حزبه ويمس المصحف‏.‏

قلت لابن القاسم إذا مر بالسجدة أيسجدها‏؟‏ قال نعم يسجدها‏.‏

قال وقال مالك فيمن تيمم للفريضة فصلى ركعتين نافلة قبل أن يصلي الفريضة‏.‏

قال فليعد التيمم لأنه لما صلى النافلة قبل المكتوبة انتقض تيممه للمكتوبة فعليه أن يتيمم للفريضة‏.‏

قلت فما قوله في المسافر يكون جنبا في صلاة الصبح وهو لا يجد الماء فيتيمم للصلاة المكتوبة ثم يصلي ركعتي الفجر قبل المكتوبة أينتقض تيممه قال قال مالك وسألته عن ذلك فقال يعيد التيمم لصلاة الصبح أيضا بعد ركعتي الفجر‏.‏

قلت أرأيت من تيمم وهو جنب من نوم لا ينوي به تيمم الصلاة ولا ينوي به تيمما لمس المصحف أيجوز له أن يتنفل بهذا التيمم أو يمس المصحف بهذا التيمم‏؟‏ قال لا‏.‏

قال وقال مالك لا يصلي مكتوبتين بتيمم واحد ولا نافلة ومكتوبة بتيمم واحد إلا أن تكون نافلة بعد مكتوبة فلا بأس بذلك وإن تيمم فصلى مكتوبة ثم ذكر مكتوبة أخرى كان نسيها فليتيمم لها أيضا ولا يجزئه ذلك التيمم لهذه الصلاة‏.‏

قال ابن وهب قال أخبرني جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن بن عباس أنه‏؟‏ قال لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة‏.‏

قال الحكم وقال إبراهيم النخعي مثله‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن بن المسيب ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء بن أبي رباح وبن أبي سلمة والليث بن سعد مثله‏.‏

قال وقال مالك في المتيمم يؤم المتوضئين قال يؤمهم المتوضىء أحب إلي وإن أمهم المتيمم رأيت صلاتهم مجزئة عنهم‏.‏

قال ابن وهب وقال مثل قول مالك في المتيمم لا يؤم المتوضئين قال يؤمهم المتوضئ أحب إلي‏.‏

قال علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء بن أبي رباح‏.‏

وقال قال مالك مثله‏.‏

قال مالك وإن أمهم المتيمم كانت الصلاة مجزئة‏.‏

قال وسألت مالكا عن الرجل يكون في السفر فتصيبه الجنابة ولا يعلم بجنابته وليس معه ماء فتيمم يريد بتيممه الوضوء ويصلي الصبح ثم يعلم أنه قد كان جنبا قبل صلاة الصبح أتجزئه صلاته بذلك التيمم‏؟‏ قال لا وعليه أن يتيمم ويعيد الصبح لأن تيممه ذلك كان للوضوء لا للغسل‏.‏

قلت أرأيت المسافر يكون على وضوء أو لا يكون على وضوء فأراد أن يطأ امرأته أو جاريته وليس معه ماء قال قال مالك لا يطأ المسافر امرأته ولا جاريته إلا ومعه من الماء ما يكفيهما جميعا‏.‏

قال ابن القاسم وهما سواء‏.‏

8 في امرأة طهرت في وقت صلاة فتيممت فأراد زوجها أن يطأها قال ابن القاسم قلت لمالك أرأيت امرأة طهرت من حيضتها في وقت صلاة فتيممت وصلت وأراد زوجها أن يمسها‏؟‏

قال لا يفعل حتى يكون معه من الماء ما يغتسلان به جميعا‏.‏

قلت لابن القاسم أرأيت المرأة إذا كانت حائضا في السفر فرأت القصة البيضاء ولم تجد الماء فتيممت وصلت ألزوجها أن يجامعها‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت لم‏؟‏ قال لا يجامعها زوجها إلا أن يكون معه من الماء ما يغتسلان به جميعا قلت أرأيت إن كان معه من الماء ما يغتسل به هو وحده فأراد أن يجامعها‏؟‏ قال لا ليس ذلك له ولا لها‏.‏

قلت له ولم لا يكون ذلك له قال ليس لها ولا له أن يدخلا على أنفسهما إذا لم يكن معهما ماء أكثر من حدث الوضوء فإن وقع الجماع فقد أدخلا على أنفسهما أكثر من حدث الوضوء وهو الغسل وهو قول مالك لي‏.‏

قلت أرأيت المرأة أليس هي على جنابة إلا أنها متيممة فإذا كان مع الرجل قدر ما يغتسل به هو وحده ألا ترى أنه لم يدخل عليها أكثر مما كانت فيه لأنها كانت في جنابة‏؟‏ قال لا‏.‏

لأن ذلك لم يكن لها منه بد وقد تيممت فكان التيمم طهرا لما كانت فيه فليس للزوج أن يدخل عليها ما ينقض ذلك‏.‏

قلت وتحفظ هذا عن مالك‏؟‏ قال نعم كذلك قال مالك‏.‏

قال وقال مالك إذا كان الرجل والمرأة على وضوء فليس لواحد منهما أن يقبل صاحبه إذا لم يجد الماء لأن ذلك ينقض وضوءهما وليس لهما أن ينقضا وضوءهما إلا أن يكون معهما ماء إلا ما لا بد لهما منه من الحدث ونحوه‏.‏

في الحائض والمستحاضة

قلت أرأيت إذا حاضت المرأة أول ما حاضت فتمادى بها الدم قال تقعد فيما بينها وبين خمس عشرة ليلة‏.‏

قال سحنون عن نافع عن عاصم بن عمر عن أبي بكر بن عمر عن سالم بن عبد الله سئل كم تترك الصلاة المستحاضة قال سالم تترك الصلاة خمس عشرة ليلة قال ثم تغتسل وتصلي قال ابن نافع عن عبد الله بن عمرو عن ربيعة ويحيى بن سعيد وعن أخيه عبد الله أنهما كانا يقولان أكثر ما تترك المرأة الصلاة للحيضة خمسة عشرة ليلة ثم تغتسل وتصلي‏.‏

وقد رواه علي بن زياد عن مالك يقال إنها تقيم قدر أيام لداتها ثم هي ومستحاضة بعد ذلك تصلي وتصوم ويأتيها زوجها أبدا إلا أن ترى دما تستكثره لا تشك فيه أنه دم حيضة وقد قيل إنها تقعد أيام لداتها‏.‏

عن مالك لأنه أقصى ما تحبس النساء الدم خمس عشرة ليلة‏.‏

قلت أرأيت ما رأت المرأة من الدم أول ما تراه في قول مالك أهو حيض إذا كانت قد بلغت فقال نعم‏.‏

قلت أرأيت المرأة إذا رأت الدم بعد أيام حيضتها بأيام قبل أن يأتي وقت حيضتها المستقبلة أيكون ذلك حيضا قال إذا كان بين الدمين من الأيام ما لا يضاف بعض الدم إلى بعض جعل هذا المستقبل حيضا‏.‏

قلت أرأيت المرأة إذا كانت تحيض في شهر عشرة أيام وفي شهر ستة أيام وفي شهر ثمانية أيام مختلطة الحيضة فصارت مستحاضة كم تحسب أيام حيضتها إذا تمادى بها الدم أتستظهر بثلاث‏؟‏ قال لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ولكنها تستظهر على أكثر أيامها التي كانت تحيضها‏.‏

وقال ابن القاسم إذا كانت المرأة تحيض خمسة عشر يوما كل شهر ثم رأت الدم وصارت مستحاضة أنها لا تستظهر بشيء إذا تمادى بها الدم من بعد الخمسة عشر فهي مستحاضة مكانها تغتسل وتصلي ويأتيها زوجها‏.‏

وقال ابن القاسم وكل امرأة كانت أيامها أقل من خمسة عشر يوما فإنها تستظهر بثلاث ما بينها وبين خمسة عشر مثل التي أيامها اثنا عشر تستظهر بثلاث ومثل التي أيامها ثلاثة عشر تستظهر بيومين والتي أيامها أربعة عشر تستظهر بيوم والتي أيامها خمسة عشر فلاتستظهر بشيء وتغتسل وتصلي ويأتيها زوجها ولا تقيم امرأة في حيض أكثر من خمسة عشر باستظهار كان أو غيره‏.‏

قال ابن القاسم وكان مالك يوقت في دم الحيض أكثر دهره إذا تمادى بها الدم أنها تقعد خمسة عشر يوما فإن انقطع عنها فيما بين ذلك ألغت الأيام التي لم تر فيها الدم مثل ما فسرت لك واحتسبت بأيام الدم فإذا استكملت خمس عشرة ليلة من أيام الدم اغتسلت وصلت وصنعت ما تصنع المستحاضة ثم رجع فقال أرى أن تستظهر بثلاثة أيام بعد أيام حيضتها ثم تصلي وترك قوله الأول خمسة عشر‏.‏

قال وقال مالك في المرأة ترى الصفرة أو الكدرة في أيام حيضتها أو في غير أيام حيضتها فذلك حيض وإن لم تر مع ذلك دما قال وإذا دفعت دفعة فتلك الدفعة حيض‏.‏

وقال وقال مالك في المرأة ترى الدم فلا تدفع إلا دفعة في ليل أو في نهار أن ذلك عنده حيض فإن انقطع عنها الدم ولم تدفع إلا تلك الدفعة اغتسلت وصلت‏.‏

قلت فهل حد مالك في هذا متى تغتسل‏؟‏ قال لا ولكنه قال إذا علمت أنها طهرت اغتسلت إن كانت ممن ترى القصة البيضاء فحين ترى القصة وإن كانت ممن لا ترى القصة فحين ترى الجفوف تغتسل وتصلي‏.‏

قال ابن القاسم والجفوف عندي أن تدخل الخرقة فتخرجها جافة‏.‏

قال مالك وإن رأت بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة أو نحو ذلك من الأيام الدم إذا كان الدم الثاني قريبا من الدم الأول فهو مضاف إلى الدم الأول وذلك كله حيضة واحدة وما كان بين ذلك من الأيام طهر وإن كان ما بين الدمين متباعدا فالدم الثاني حيض ولم يوقت كم ذلك إلا قدر ما يعلم أنها حيضة مستقبلة ويعلم أن ما بينها من الأيام ما يكون طهرا‏.‏

قال وقال مالك إذا رأت المرأة الدم يوما ثم انقطع عنها يومين ثم رأته يوما بعد اليومين ثم انقطع عنها يوما أو يومين ثم رأته بعد ذلك يوما أو يومين قال إذا اختلط هكذا حسبت أيام الدم وألغت ما بين ذلك من الأيام التي لم تر فيها دما فإذا استكملت من أيام الدم قدر أيامها التي كانت تحيضها استظهرت بثلاثة أيام فإن اختلط عليها أيضا أيام الاستظهار حسبت أيام الدم وألغت أيام الطهر التي فيما بين الدمين حتى تستكمل ثلاثة أيام من أيام الدم فإذا استكملت ثلاثة أيام من أيام الدم بعد أيام حيضتها اغتسلت وصلت وكانت مستحاضة بعد ذلك والأيام التي استظهرت بها هي فيها حائض وهي مضافة إلى الحيض إن رأت الدم فيها بعد ذلك وإن لم تره والأيام التي كانت تلغيها فيما بين الدم التي كانت لا ترى فيها دما تصلي فيها ويأتيها زوجها وتصومها وهي فيها طاهر وليست تلك الأيام بطهر تعتد به في عدة من طلاق لأن الذي قبل تلك الأيام من الدم والتي بعد تلك الأيام قد أضيف بعضها إلى بعض تجعل حيضة واحدة وكان ما بين ذلك من الطهر ملغى ثم تغتسل بعد الاستظهار وتصلي وتتوضأ لكل صلاة إن رأت الدم في تلك الأيام وتغتسل كل يوم إذا انقطع عنها الدم من أيام الطهر وإنما أمرت أن تغتسل لأنه لا تدري لعل الدم لا يرجع إليها ولا تكف عن الصلاة بعد ذلك وإن تطاول بها الدم الأشهر إلا أن ترى في ذلك دما لا تشك وتستيقن أنه دم حيضة فلتكف عن الصلاة ويكون لها ذلك عدة من طلاق وإن لم تستيقن لم تكف عن الصلاة ولم يكن لها ذلك عدة وكانت عدتها عدة المستحاضة ويأتيها زوجها في ذلك وتصلي وتصوم‏.‏

قلت أرأيت قول مالك دما تنكره كيف هذا الدم الذي تنكره قال إن النساء يزعمن أن دم الحيض لا يشبه دم المستحاضة لريحه ولونه قال وإذا رأت ذلك إن كان ذلك يعرف فلتكف عن الصلاة وإلا فلتصل‏.‏

قال وكأني رأيت مالكا فيما ينحو ويذهب إليه من قوله أنه إنما يريد بهذا أن تصلي المستحاضة أبدا لأنه يقول إن لم يعرف ذلك ولم تر ما تنكره من الدم صلت‏.‏

قال وقال مالك في امرأة رأت الدم خمسة عشر يوما ثم رأت الطهر خمسة أيام ثم رأت الدم أياما ثم رأت الطهر سبعة أيام قال هذه مستحاضة‏.‏

قال ابن القاسم سألت مالكا عن المستحاضة ينقطع عنها الدم وقد كانت اغتسلت قبل ذلك قال فقال لي مرة لا غسل عليها ثم رجع عن ذلك فقال أحب إلي أن تغتسل إذا انقطع عنها الدم وهو أحب قوله إلي‏.‏

قلت فما يقول مالك في الحائض تحيض بعد أن طلع الفجر وقد كانت حين طلع الفجر طاهرا هل عليها إعادة صلاة الصبح إذا طهرت‏؟‏ قال لا إعادة عليها إذا طهرت وإن نسيت الظهر فلم تصلها حتى دخل وقت العصر ثم حاضت فلا إعادة عليها للظهر ولا للعصر قال وإن نسيت المغرب فلم تصلها حتى دخل وقت العشاء ثم حاضت فلا إعادة عليها لا المغرب ولا العشاء قال وقال مالك في الحائض لتشد عليها إزارها ثم شأنه بأعلاها‏.‏

قلت ما معنى قول مالك ثم شأنه بأعلاها قال سئل مالك عن الحائض أيجامعها زوجها فيما دون الفرج فيما بين فخذيها‏؟‏ قال لا ولكن شأنه بأعلاها‏.‏

قال قوله عندنا شأنه بأعلاها أن يجامعها في أعلاها إن شاء في أعكانها وإن شاء في بطنها وإن شاء فيما شاء مما هو أعلاها‏.‏

قال مالك عن زيد بن أسلم أن رجلا قال يا رسول الله ما يحل لي من امرأتي وهي حائض قال لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها‏.‏

قال مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه أرسل إلى عائشة هل يباشر الرجل امرأته وهي حائض فقالت ليشد إزارها على أسفلها ثم ليباشرها إن شاء‏.‏

قلت أرأيت امرأة كانت حيضتها خمسا خمسا فرأت الطهر في أربع أيحب مالك لزوجها أن يكف عنها حتى يمر اليوم الخامس‏؟‏ قال لا وليصبها إن شاء‏.‏

قال وقال مالك في امرأة صلت ركعة من الظهر أو بعض العصر ثم حاضت‏؟‏ قال لا تقضي هذه الصلاة التي حاضت فيها‏.‏

ما جاء في النفساء

قال ابن القاسم كان مالك يقول في النفساء أقصى ما يمسكها الدم ستون يوما ثم رجع عن ذلك آخر ما لقيناه فقال أرى أن يسأل عن ذلك النساء وأهل المعرفة فتجلس بعد ذلك‏.‏

قال ابن نافع عن عاصم عن أبي بكر بن عمر عن سالم بن عبد الله أنه سئل عن النفساء كم أكثر ما تترك الصلاة إذا لم يرتفع عنها الدم فقال تترك الصلاة شهرين فذلك أكثر ما تترك الصلاة ثم تغتسل وتصلي قال وقال مالك في النفساء متى ما رأت الطهر بعد الولادة وإن قرب فإنها تغتسل وتصلي فإن رأت بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة أو نحو ذلك دما مما هو قريب من دم النفاس كان مضافا إلى دم النفاس وألغت ما بين ذلك من الأيام التي لم تر فيها دما‏.‏

فإن تباعد ما بين الدمين كان الدم المستقبل حيضا وإن كانت رأت الدم قرب دم النفاس كانت نفساء فإن تمادى بها الدم أقصى ما تقول النساء أنه دم نفاس وأهل المعرفة بذلك كانت إلى ذلك نفساء وإن زادت على ذلك كانت مستحاضة‏.‏

قال ابن القاسم وقد كان حد لنا قبل اليوم في النفساء ستين يوما ثم رجع عن ذلك آخر ما لقيناه فقال أكره أن أحد فيه حدا ولكن يسأل عن ذلك أهل المعرفة فتحمل على ذلك‏.‏

قال ابن وهب قال سألنا مالكا عن النفساء كم تمكث في نفاسها إذا طال بها الدم حتى تغتسل وتصلي قال ما أحد في ذلك حدا وقد كنت أقول في المستحاضة قولا وقد كان يقال لي أن المرأة لا تقيم حائضا أكثر من خمسة عشر يوما ثم نظرت في ذلك فرأيت أن أحتاط لها فتصلي وليس ذلك عليها أحب إلي من أن تترك الصلاة وهي عليها فرأيت أن تستظهر بثلاث فهذه المستحاضة أرى اجتهاد العالم لها في ذلك سعة ويسأل أهل المعرفة بهذا فيحملها عليه لأن النساء ليس حالهن في ذلك حالا واحدا فاجتهاد العالم في ذلك يسعها‏.‏

قال وقال مالك في النفساء ترى الدم يومين وينقطع عنها يومين حتى يكثر ذلك عليها‏.‏

قال تلغي الأيام التي لم تر فيها الدم وتحسب الأيام التي رأت فيها الدم حتى تستكمل أقصى ما تجلس له النساء من غير سقم ثم هي مستحاضة بعد ذلك‏.‏

قال وترك قوله في النفاس أقصاه ستون يوما وقال تسأل النساء عن ذلك‏.‏

قال ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه أنه يقال أيما امرأة كانت تهراق الدماء عند النفاس ثم رأت الطهر فلتطهر ولتصل فإن رأت دما بعد ذلك فلا تصلي ما رأت دما فإن أصبحت يوما وهي ترى الدم فلا تصم فإن انقطع عنها الدم إلى صلاة الظهر من ذلك اليوم فلتطهر‏.‏

ما جاء في المرأة الحامل تلد ولدا ويبقى في بطنها آخر

قال ابن القاسم في المرأة الحامل تلد ولدا ويبقى في بطنها آخر فلا تضعه إلا بعد شهرين والدم يتمادى بها فيما بين الولدين‏.‏

قال ينتظر أقصى ما يكون النفاس بالنفساء ولزوجها عليها الرجعة وقد قيل فيها أن حالها حال الحامل حتى تضع الولد الثاني‏.‏

قلت وهل تستظهر الحامل إذا رأت الدم وتمادى بها بثلاث كما تستظهر الحائض قال ما علمت أن مالكا قال في الحامل تستظهر بثلاثة لا قديما ولا حديثا‏.‏

قال ابن القاسم ولو كانت الحامل تستظهر عنده بثلاث لقال إذا رأت الحامل الدم وتمادى بها جلست أيام حيضتها ثم استظهرت قال أشهب إلا أن تكون استرابت من حيضتها شيئا من أول ما حملت هي على حيضتها فإنها تستظهر قال وقال مالك في النفساء ترى الدم يومين والطهر يومين فتمادى بها هكذا أياما‏.‏

قال مالك إذا انقطع الدم اغتسلت وصلت وجامعها زوجها وإذا رأت الدم أمسكت عن الصلاة حتى تبلغ أقصى ما تجلس إليه النساء‏.‏

قال لي أشهب وقد سألنا مالكا عن الحامل ترى الدم قال هي مثل غير الحامل تمسك أيام حيضتها كما تمسك التي هي غير حامل‏.‏

قال ثم سمعته بعد ذلك يقول ليس أول الحمل كآخره مثل رواية بن القاسم‏.‏

قال لي أشهب والرواية الأولى أحسن ما حبس الحمل من حيضتها مثل الذي حبس الرضاع والمرض وغير ذلك ثم تحيض فإنها تقعد حيضة واحدة‏.‏

في الحامل ترى الدم على حملها

قلت أرأيت الحامل ترى الدم في حملها كم تمسك عن الصلاة قال قال مالك ليس أول الحمل كآخره إن رأت الدم في أول الحمل أمسكت عن الصلاة قدر ما يجتهد لها فيه وليس في ذلك حد وقال ابن القاسم إن رأت ذلك في ثلاثة أشهر أو نحو ذلك تركت الصلاة خمسة عشر يوما أو نحو ذلك فإن جاوزت الستة أشهر من حملها ثم رأته تركت الصلاة ما بينها وبين العشرين يوما أو نحو ذلك‏.‏

قال ابن وهب عن الليث بن سعد وبن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن أم علقمة مولاة عائشة عن عائشة أنها سئلت عن الحامل ترى الدم أتصلي قالت لا تصلي حتى يذهب عنها الدم‏.‏

قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن بن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن ويحيى بن سعيد وبن أبي سلمة مثله‏.‏

وقاله الليث بن سعد وقال مالك وإذا طال عليها الدم فهي بمنزلة المستحاضة تصلي وذلك أحسن ما سمعت‏.‏

قال ابن وهب وقال الليث بن سعد وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن لا تصلي بدم الولد لا قبل ولا بعد‏.‏

قال ابن وهب عن بكر بن مضر قال قال يحيى بن سعيد إذا رأت الحامل الدم أو الصفرة أو الكدرة لم تصل حتى ينقطع ذلك عنها‏.‏

وقد بلغنا عن عائشة أنها كانت تلقن بذلك النساء‏.‏

قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال في المرأة ترى الصفرة أو الكدرة أو كالغسالة‏؟‏ قال لا أرى ما دامت ترى من الترية شيئا إذا كانت الترية عند الحيضة أو الحمل بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد نبيه الكريم وعلى آله وصحبه وسلم‏.‏

كتاب الصلاة الأول

ما جاء في وقت الصلاة

قال سحنون قال ابن القاسم قال مالك‏:‏ أحب ما جاء في وقت صلاة الظهر إلي قول عمر بن الخطاب‏:‏ إن صل الظهر والفيء ذراع قال ابن القاسم قال مالك‏:‏ وأحب إلي أن يصلي الناس الظهر في الشتاء والصيف والفيء ذراع قال‏:‏ وإنما يقاس الظل في الشتاء والصيف لأنه ما دام في نقصان فهو غدوة بعد فإذا مد ذاهبا فمن ثم يقاس ذراع من ذلك الموضع فإذا كان الفيء ذراعا صلوا الظهر حين بقي الفيء ذراعا قال مالك‏:‏ وقد كان بن عمر ربما ركب في السفر بعد ما يفيء الفيء ذراعا فيسير الميلين والثلاثة قبل أن يصلي الظهر قال ابن القاسم‏:‏ وما رأيت مالكا يحد في وقت العصر قامتين ولكنه فيما رأيته يصف كان يقول والشمس بيضاء نقية قال سحنون عن بن القاسم عن مالك عن نافع عن بن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله‏:‏ إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ثم كتب أن صلوا الظهر إذا كان الفيء ذراعا إلى أن يكون ظل أحدكم مثله والعصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة قال مالك‏:‏ ووقت المغرب إذا غابت الشمس للمقيمين وأما المسافرون فلا بأس أن يمدوا الميل ونحوه ثم ينزلون ويصلون وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقام له جبريل الوقت في اليومين جميعا المغرب في وقت واحد حين غابت الشمس وقد كان بن عمر يؤخرها في السفر قليلا قال ابن القاسم‏:‏ وسألنا مالكا عن الحرس في الرباط يؤخرون صلاة العشاء إلى ثلث الليل فأنكر ذلك إنكارا شديدا وكأنه كان يقول‏:‏ يصلون كما تصلي الناس وكأنه يستحب وقت الناس الذين يصلون فيه العشاء الأخيرة يؤخرون بعد مغيب الشفق قليلا قال‏:‏ وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فلم يؤخروا هذا التأخير قلت‏:‏ فما وقت صلاة الصبح عند مالك ? قال‏:‏ الأغلاس والنجوم بادية مشتبكة قلت‏:‏ فما آخر وقتها عنده ? قال‏:‏ إذا أسفر وقد قال عمر في كتابه إلى أبي موسى الأشعري‏:‏ إن صل الصبح والنجوم بادية مشتبكة قال ابن القاسم‏:‏ ولم أر مالكا يعجبه هذا الحديث الذي جاء إن الرجل ليصلي الصلاة وما فاتته ولما فاته من وقتها أعظم أو أفضل من أهله وماله قال‏:‏ وذلك أنه كان يرى هذا إن الناس يصلون في الوقت بعد ما يدخل ويتمكن ويمضي منه بعضه الظهر والعصر والعشاء والصبح فهكذا رأيته يذهب إليه ولم أجترئ على أن أسأله عن ذلك قال مالك‏:‏ وقد صلى الناس قديما وعرف وقت الصلوات قال‏:‏ وقال مالك‏:‏ ويغلس في السفر في الصبح فقلت له‏:‏ هل يقرأ فيها بالسماء ذات البروج وسبح وما أشبههما ? قال‏:‏ إني لأرجو أن يكون ذلك واسعا والإكرياء يعجلون الناس‏.‏

ما جاء في الأذان والإقامة

قال ابن القاسم قال مالك الأذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله قال ثم يرجع بأرفع من صوته بها أول مرة فيقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله‏.‏

قال فهذا قول مالك في رفع الصوت ثم حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله‏.‏

قال وإن كان الأذان في صلاة الصبح في سفر أو حضر قال الصلاة خير من النوم مرتين بعد حي على الفلاح‏.‏

قال وأخبرني بن وهب عن عثمان بن الحكم عن بن جريج قال حدثني غير واحد من آل أبي محذورة أن أبا محذورة قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فأذن عند المسجد الحرام قال قلت كيف أؤذن يا رسول الله قال فعلمني الأولى الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال ارجع وامدد من صوتك أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله‏.‏

قال ابن جريج وقال عطاء ما علمت تأذين من مضى يخالف تأذينهم اليوم وما علمت تأذين أبي محذورة يخالف تأذينهم اليوم وكان أبو محذورة يؤذن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى أدركه عطاء وهو يؤذن بن وهب وقاله الليث ومالك‏.‏

قال ابن القاسم والإقامة الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله‏.‏

وأخبرني بن وهب قال بلغني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يشفع الآذان ويوتر الإقامة‏.‏

ابن وهب وقال لي مالك مثله‏.‏

قلت فما قوله في التطريب في الأذان قال ينكره وما رأيت أحدا من مؤذني أهل المدينة يطربون‏.‏

قال ابن القاسم وسألت مالكا عن المؤذن يدور في أذانه ويلتفت عن يمينه وشماله فأنكره وبلغني عنه أيضا أنه قال إن كان يريد بذلك أن يسمع فنعم وإلا فلا ولم يعرف الإدارة‏.‏

قلت ولا يدور حتى يبلغ حي على الصلاة حي على الفلاح‏؟‏ قال لا يعرف هذا الذي يقول الناس يدور ولا هذا الذي يقول الناس يلتفت يمينا وشمالا‏.‏

قال ابن القاسم وكان مالك ينكره إنكارا شديدا إلا أن يكون يريد أن يسمع قال فإن لم يرد به ذلك فكان ينكره إنكارا شديدا أن يكون هذا من حد الأذان ويراه من الخطأ وكان يوسع أن يؤذن كيف تيسر عليه‏.‏

قال ابن القاسم ورأيت المؤذنين بالمدينة يؤذنون ووجوههم إلى القبلة‏.‏

قال ورأيته يرى أن ذلك واسع يصنع كيف يشاء‏.‏

قال ابن القاسم ورأيت مؤذني المدينة يقيمون عرضا يخرجون مع الإمام وهم يقيمون‏.‏

النهي عن الكلام في الأذان

قال وقال مالك لا يتكلم أحد في الأذان ولا يرد على من سلم عليه قال وكذلك الملبي لا يتكلم في تلبيته ولا يرد على أحد سلم عليه قال وأكره أن يسلم أحد على الملبي حتى يفرغ من تلبيته‏.‏

قلت لابن القاسم فإن تكلم في أذانه أيبتدئه أم يمضي قال يمضي‏.‏

وأخبرني سحنون عن علي عن سفيان عن مغيرة عن إبراهيم قال يكره للمؤذن أن يتكلم في أذانه أو يتكلم في إقامته‏.‏

وقال مالك لا يؤذن إلا من احتلم قال لأن المؤذن إمام ولا يكون من لم يحتلم إماما‏.‏

قال مالك وكان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أعمى وكان مالك لا يكره أن يكون الأعمى مؤذنا وإماما‏.‏

قال وقال مالك ليس على النساء أذان ولا إقامة قال وإن أقامت المرأة فحسن بن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه قال ليس على النساء أذان ولا إقامة‏.‏

ابن وهب وقاله أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وبن شهاب وربيعة وأبو الزناد ويحيى بن سعيد‏.‏

ابن وهب وقال مالك والليث مثله‏.‏

قال ابن القاسم وقال مالك لم يبلغني أن أحدا أذن قاعدا وأنكر ذلك إنكارا شديدا وقال إلا من عذر يؤذن لنفسه إذا كان مريضا‏.‏

قال وقال مالك لا بأس أن يؤذن رجل ويقيم غيره‏.‏

قال وقال مالك في وضع المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان قال ذلك واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك‏.‏

قال وكان مالك يكره التطريب في الأذان كراهية شديدة‏.‏

قال ابن القاسم ورأيت المؤذنين بالمدينة لا يجعلون أصابعهم في آذانهم‏.‏

قلت لابن القاسم هل الإقامة عند مالك في وضع اليدين في الأذنين بمنزلة الأذان‏؟‏ قال لا أحفظ منه شيئا وهو عندي مثله‏.‏

قال وقال مالك في مؤذن أذن فأخطأ فأقام ساهيا‏؟‏ قال لا يجزئه ويبتدئ الأذان من أوله‏.‏

قال وقال مالك إذا أذن المؤذن وأنت في الصلاة المكتوبة فلا تقل مثل ما يقول وإذا أذن وأنت في النافلة فقل مثل ما يقول‏.‏

قال مالك ومعنى الحديث الذي جاء إذا أذن المؤذن فقل مثل ما يقول إنما ذلك إلى هذا الموضع أشهد أن محمدا رسول الله فيما يقع بقلبي ولو فعل ذلك رجل لم أر به بأسا‏.‏

ابن وهب عن مالك ويونس عن يزيد عن بن شهاب أن عطاء بن يزيد الليثي أخبره أن أبا سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن‏.‏

ابن وهب عن بن لهيعة قال يزيد بن أبي حبيب مثله‏.‏

قلت لابن القاسم إذا قال المؤذن حي على الفلاح ثم قال الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله أيقول مثله قال هو من ذلك في سعة أي إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل‏.‏

قال ابن القاسم قلت لمالك أرأيت إن أبطأ المؤذن فقلت مثل ما يقول وعجلت قبل المؤذن قال أرى ذلك يجزئ وأراه واسعا‏.‏

قال وقال مالك يؤذن المؤذن على غير وضوء ولا يقيم إلا على وضوء علي بن زياد عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أنهم كانوا لا يرون بأسا أن يؤذن الرجل على غير وضوء قال وقال لي مالك يؤذن المؤذن في السفر راكبا ويقيم وهو نازل ولا يقيم وهو راكب بن وهب عن عمر بن محمد العمري أنه رأى سالم بن عبد الله في السفر حين يرى الفجر ينادي بالصلاة على البعير فإذا نزل أقام ولا ينادي في غيرها من الصلوات إلا الإقامة‏.‏

قال وكان بن عمر يفعل ذلك قال وكان بن عمر لا يزيد على واحدة في الإقامة قال وكان سالم يفعل ذلك‏.‏

قال ابن القاسم وقال مالك لا ينادي لشيء من الصلوات قبل وقتها إلا الصبح وحدها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بن أم مكتوم‏.‏

قال وكان بن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت‏.‏

قال مالك ولم يبلغنا أن صلاة أذن لها قبل وقتها إلا الصبح ولا ينادي لغيرها قبل دخول وقتها ولا الجمعة‏.‏

قلت لابن القاسم أرأيت مسجدا من مساجد القبائل اتخذوا له مؤذنين أو ثلاثة أو أربعة هل يجوز لهم ذلك‏؟‏ قال لا بأس بذلك عندي‏.‏

قلت هل تحفظ عن مالك‏؟‏ قال نعم لا بأس به‏.‏

قال وسئل مالك عن القوم يكونون في السفر أو في مسجد الحرس أو في المركب فيؤذن لهم مؤذنان أو ثلاثة‏؟‏ قال لا بأس بذلك‏.‏

قال وسألنا مالكا عن الإمام إمام المصر يخرج إلى الجنازة فيحضر الصلاة أيصلي بأذان وإقامة أو بإقامة وحدها‏؟‏ قال لا بل بالأذان والإقامة‏.‏

قال وقال مالك والصلاة بالمزدلفة بأذانين وإقامتين للإمام وأما غير الإمام فيجزئهم إقامة إقامة للمغرب إقامة وللعشاء إقامة‏.‏

قال مالك وبعرفة أيضا أذانان وإقامتان‏.‏

قال مالك وكل ما كان من صلاة الأئمة فأذان وإقامة لكل صلاة وإن كان في حضر فإذا جمع الإمام صلاتين فأذانان وإقامتان‏.‏

قال وقال مالك كل شيء من أمر الأمراء إنما هو بأذان وإقامة‏.‏

قال وقال مالك وليس الأذان إلا في مساجد الجماعة ومساجد القبائل بل والمواضع التي تجمع فيها الأئمة فأما ما سوى هؤلاء من أهل السفر والحضر فالإقامة تجزئهم في الصلوات كلها الصبح وغير الصبح قال وإن أذنوا فحسن بن وهب عن عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يؤذن في السفر بالأولى ولكنه كان يقيم الصلاة ويقول إنما التثويب بالأولى في السفر مع الأمراء الذين معهم الناس ليجتمع الناس إلى الصلاة‏.‏

قال ابن القاسم وسألت مالكا عمن صلى بغير إقامة ناسيا‏؟‏ قال لا شيء عليه‏.‏

قال قلت فإن تعمد قال فليستغفر الله ولا شيء عليه بن وهب عن يونس عن بن شهاب أنه قال إن نسي الإقامة فلا يعد الصلاة‏.‏

ابن وهب وقاله ربيعة ويحيى بن سعيد والليث‏.‏

علي عن سفيان قال منصور سألت إبراهيم قلت نسيت أن أقيم في السفر قال تجزئك صلاتك‏.‏

قال ابن القاسم وقال مالك فيمن دخل المسجد وقد صلى أهله‏؟‏ قال لا تجزئه إقامتهم وليقم أيضا لنفسه إذا صلى قال ومن صلى في بيته فلا تجزئه إقامة أهل المصر‏.‏

ابن وهب عن حيوة بن شريح عن زهرة بن معبد القرشي أنه سمع سعيد بن المسيب ومحمد بن المنكدر يقولان إذا صلى الرجل وحده فليؤذن بالإقامة سرا في نفسه‏.‏

ابن وهب عن عطاء ومجاهد قالا من جاء المسجد وقد فرغ من الصلاة فليقم بن وهب وقاله مالك بن القاسم وقال مالك من نسي صلوات كثيرة يجزئه أن يقضيها بإقامة إقامة بلا أذان ولا يصليها إن كانت صلاتين بإقامة واحدة ولكن يصلي كل صلاة بإقامة إقامة‏.‏

قال وقال مالك لا بأس بإجارة المؤذنين قال وسألت مالكا عن الرجل يستأجر الرجل يؤذن في مسجده ويصلي بأهله يعمره بذلك‏؟‏ قال لا بأس به‏.‏

قال وكان مالك يكره إجارة قسام القاضي‏.‏

قال وقال مالك لا بأس بما يأخذه المعلم اشترط ذلك أو لم يشترط قال وإن كان اشترط على تعليم القرآن شيئا معلوما كان ذلك جائزا ولم أر به بأسا قال وقال مالك إذا فرغ المؤذن من الإقامة انتظر الإمام قليلا قدر ما تستوي الصفوف ثم يكبر ويبتدئ القراءة ولا يكون بين القراءة والتكبير شيء وقد كان عمر وعثمان يوكلان رجالا لتسوية الصفوف فإذا أخبروهما أن قد استوت كبرا‏.‏

قال وكان مالك لا يوقت للناس وقتا إذا أقيمت الصلاة يقومون عند ذلك ولكنه كان يقول ذلك على قدر طاقة الناس فمنهم القوي ومنهم الضعيف‏.‏

في الإحرام للصلاة

قال وقال مالك تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم‏.‏

قال ابن القاسم قال مالك ولا يجزئ من السلام من الصلاة إلا السلام عليكم ولا يجزئ من الإحرام في الصلاة إلا الله أكبر‏.‏

قال وكان مالك لا يرى هذا الذي يقول الناس سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك وكان لا يعرفه‏.‏

ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن قتادة بن دعامة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين‏.‏

قال وقال مالك ومن كان وراء الإمام ومن هو وحده ومن كان إماما فلا يقل سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ولكن يكبروا ثم يبتدئوا القراءة‏.‏

وسألت بن القاسم عمن افتتح الصلاة بالعجمية وهو لا يعرف العربية ما قول مالك فيه فقال سئل مالك عن الرجل يحلف بالعجمية فكره ذلك وقال إما يقرأ أما يصلي إنكارا لذلك أي ليتكلم بالعربية لا بالعجمية قال فما يدريه أن الذي قال أهو كما قال أي الذي حلف به أنه هو الله ما يدريه أنه هو الله أم لا‏؟‏ قال وقال مالك أكره أن يدعو الرجل بالأعجمية في الصلاة‏.‏

قال ولقد رأيت مالكا يكره للأعجمي أن يحلف بالعجمية ويستثقله‏.‏

قال وأخبرني مالك أن عمر بن الخطاب نهى عن رطانة الأعاجم وقال إنها خب‏.‏

قال وكيع عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم‏.‏

قال سحنون عن علي بن زياد عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال قال عبد الله بن مسعود تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم‏.‏

قال وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر الشعبي قال مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وانقضاؤها التسليم‏.‏

فيمن دخل مع الإمام في الصلاة فنسي تكبيرة الافتتاح

قال وقال مالك فيمن دخل مع الإمام في صلاته فنسي تكبيرة الافتتاح قال إن كان كبر للركوع ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح أجزأته صلاته وإن لم ينو بتكبيرة الركوع تكبيرة الافتتاح فليمض مع الإمام حتى إذا فرغ الإمام أعاد الصلاة قال فإن هو لم يكبر للركوع ولا للافتتاح مع الإمام حتى ركع الإمام ركعة وركعها معه ثم ذكر ابتدأ الإحرام وكان الآن داخلا في الصلاة فليتم بقية الصلاة مع الإمام ثم يقضي ركعة إذا سلم الإمام‏.‏

قال وقال مالك إن دخل مع الإمام فنسي تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع ولم ينو بها تكبيرة الافتتاح مضى في صلاته ولم يقطعها فإذا فرغ من صلاته مع الإمام أعادها‏.‏

قال فإن كان وحده قطع وإن كان قد صلى من صلاته ركعة أو ركعتين ثم إنه لم يكن كبر للافتتاح قطع أيضا قال وإنما ذلك لمن خلف الإمام وحده‏.‏

قال وقال مالك فيما بلغني أنه قال إنما أمرت من خلف الإمام بما أمرته به لأني سمعت أن سعيد بن المسيب قال يجزئ الرجل مع الإمام إذا نسي تكبيرة الافتتاح تكبيرة الركوع‏.‏

قال وكنت أرى ربيعة بن أبي عبد الرحمن يعيد الصلاة مرارا فأقول له ما لك يا أبا عثمان فيقول إني نسيت تكبيرة الافتتاح فأنا أحب له في قول سعيد أن يمضي لأني أرجو أن يجزئ عنه وأحب له في قول ربيعة أن يعيد احتياطا وهذا في الذي مع الإمام قال وقال مالك إذا نسي الإمام تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع وكبر من خلف الإمام تكبيرة الافتتاح ثم صلوا معه حتى فرغوا‏.‏

قال يعيد الإمام ويعيدون‏.‏

قلت لابن القاسم فإن نسي الإمام تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح‏؟‏ قال لا يجزئ عنهم ويعيد الإمام ويعيد من خلفه في قول مالك لأنه لو كان وحده لم تجزه صلاته وكذلك إذا كان إماما عند مالك يعيد‏.‏

قال سحنون لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التحريم التكبير ولا ينبغي للرجل أن يبتدئ الصلاة بالركوع قبل القيام وذلك يجزئ من كان خلف الإمام لأن قراءة الإمام وفعله كان يحسب لهذا لأنه أدرك معه الركعة فحمل عنه الإمام ما مضى إذا نوى بتكبيرة الافتتاح‏.‏

قال وقال مالك من كبر للافتتاح خلف الإمام وهو يظن أن الإمام قد كبر ثم كبر الإمام بعد ذلك فمضى معه حتى فرغ من صلاته‏.‏

قال أرى أن يعيد صلاته إلا أن يكون علم فكبر بعد ما كبر الإمام فإن كان كبر بعد ما كبر الإمام أجزأته صلاته‏.‏

قال فقلت لمالك أرأيت هذا الذي كبر قبل الإمام للافتتاح ثم علم أن الإمام قد كبر بعده أيسلم ثم يكبر بعد الإمام‏؟‏ قال لا بل يكبر بعد الإمام ولا يسلم‏.‏