فصل: ما جاء في قسمة الدار بالاذرع على السهام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


ما جاء في قسمة الحنطة والدراهم بين الرجلين

قلت‏:‏ فان ورثت أنا وأخي ثلاثين أردبا من حنطة وثلاثين درهما فاقتسمناها فأخذت أنا عشرين أردبا من الحنطة وأخذ أخي عشرة أرادب من الحنطة وثلاثين درهما أيجوز هذا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أن كان القمح مختلفا سمراء ومحمولة أو نقية ومغلوثة فلا خير فيه وهو مثل ما وصفت لك في التمر وان كان الطعام من صبرة واحدة ونقاوة واحدة وصنف واحد لا يؤخذ أوله للرغبة فيه ويهرب من رداءة آخره فلا بأس بذلك لأنه إنما أخذ عشرة أرادب وأعطى أخاه عشرة أرادب ثم بقيت عشرة أرادب بينهما وثلاثون درهما فأخذ بحصته من الثلاثين درهما حصة أخيه من هذه العشرة أرادب فلا بأس بهذا لأنه لم يأت هذا بطعام وهذا بطعام ودراهم فيكون فاسدا وانما كان هذا القمح بينهما فكأنه قال له خذ هذه الدراهم وآخذ أنا هذا القمح أو قال خذ هذه الدراهم من نصيبك هذا من القمح ربعه أو نصفه فلا بأس بهذا وهذا فيما فضل بعد حصته من الحنطة بيع من البيوع فلا بأس به‏.‏

قلت فلو ورثنا أنا وأخ لي مائة أردب من حنطة ومائة أردب من شعير فأخذت أنا ستين أردبا من حنطة وأربعين أردبا من شعير وأخذ أخي ستين أردبا من شعير وأربعين أردبا من حنطة أتجوز هذه القسمة فيما بينهما أم لا‏؟‏ في قول مالك ‏(‏قال‏:‏ لا بأس بهذا في قول مالك لأن الحنطة التي أخذها أحدهما هي مثل ما أخذ شريكه وما زاد على الذي أخذ شريكه فانما هو بدل بادله ألا ترى أن مالكا‏؟‏ قال لا بأس بالشعير بالحنطة مثلا بمثل إذا كان يدا بيد‏؟‏

قال‏:‏ وقد سألت مالكا عن القوم يرثون الحلي من الذهب فيقول أحدهم اتركوا لي هذا الحلى وأنا أعطيكم وزن حظكم من هذا الحلي ذهبا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا وزن ذلك لهم يدا بيد فلا بأس بذلك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو ورثنا حنطة وقطنية فاقتسمنا ذلك أنا وأخي أخذت أنا الحنطة وأعطيت أخي القطنية أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا بأس بهذا إذا كان ذلك يدا بيد فان كان زرعا قد بلغ وطاب للحصاد فلا خير في ذلك الا أن يحصده كله مكانه فان كان كذلك فلا بأس به إذا كان حنطة وقطنية وان كان صنفا واحدا فلا يصلح أن يقتسماه زرعا حتى يحصداه ويدرساه ويقتسماه بالكيل‏.‏

ما جاء في القوم يقتسمون الدور فتستحق حصة أحدهم وقد بنى

قلت‏:‏ فان اقتسمنا دارا فيما بيننا فبنى أحدنا في نصيبه البنيان ثم استحق نصف نصيب الذي بنى بعينه‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا قال إذا بنى أحدهما في نصيبه فذلك فوت‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن كان انما استحق نصف نصيب الآخر الذي لم يبن في نصيبه شيئا كان ذلك فواتا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ويقال للذي بني أخرج قيمة ما صار لك ويرد هذا كل ما في يديه ثم يقتسمان القيمة وما بقي من الأرض بينهما نصفين إذا كان الذي استحق كثيرا وان كان قليلا تركت القسمة ورجع بنصف قيمة ذلك في قيمة نصيب صاحبه وان كان الذي استحق ربع ما في يديه رجع بثمن قيمة نصيب صاحبه الذي بنى نصيبه وكان نصيبه فوتا‏.‏

قلت‏:‏ والداران والدار الواحدة في ذلك سواء‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن كانت أرضا واحدة فاقتسموها فاستحق بعضها أو أرضين مختلفتين فهما سواء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان اقتسمنا أرضين فأخذت أنا أرضا وأخذ صاحبي أرضا أخرى فغرس أحدنا في أرضه وبنى ثم أتى رجل فاستحق بعض الأرض التي صارت لهذا الذي غرس وبنى‏؟‏

قال‏:‏ يقال لهذا المستحق ادفع إلى هذا الذي غرس قيمة غراسته وبنيانه في الأرض التي استحققتها والا دفع إليك قيمة أرضك براحا لأنه لم يبن في أرضك غاصبا وانما بنى على وجه الشبهة ثم ينظر فيما بينه وبين شريكه الذي قاسمه فان كان انما استحق من أرضه الشيء التافه القليل لم يكن له أن ينقض القسمة ولكن أن كان استحق ربع ما في يديه رجع بقيمة ثمن ما في يدى صاحبه ولا يرجع بذلك في الدار كانت قائمة لم تفت أو قد فاتت‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وانظر أبدا إلى ما يستحق فان كان كثيرا كان له أن يرجع بقدر نصف ذلك فيما في يدي صاحبه يكون به شريكا له فيما يديه إذا لم تفت وان كان الذي استحق تافها يسيرا رجع بنصف قيمة ذلك دنانير أو دراهم ولا يكون بذلك شريكا لصاحبه وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فالدار إذا اقتسماها فبني أحدهما في نصيبه ثم استحق نصيبه وقد بناه أو نصفه يقال للمستحق أن شئت فادفع إلى هذا قيمة بنيانه أو خذ منه قيمة أرضك براحا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال ابن القاسم والعبيد والدور بمنزلة واحدة إذا استحق جل ما في يديه رد الجميع وان استحق الأقل مما في يديه لم يرد الا ما استحق وحده بما يقع عليه من حصة الثمن فالقسمة إذا استحق من يد أحدهما جل نصيبه رجع بقدر نصف ذلك فشارك به صاحبه وان كان الذي استحق تافها يسيرا رجع بنصف قيمة ذلك كما وصفت لك ولا يشارك به صاحبه في حصته التي في يديه وهذا كله قول مالك وتفسيره لأن مالكا قال في الرجل يشتري مائة أردب من حنطة فيستحق خمسون منها‏؟‏

قال‏:‏ مالك يكون المشترى بالخيار أن أحب أن يحبس ما بقي بحصته من الثمن فذلك له وان أحب أن يرد فذلك له فكذلك الداران‏؟‏

قال‏:‏ مالك وإذا أصاب بخمسين أردبا منها عيبا أو ثلث ذلك الطعام أو ربعه لم يكن له أن يأخذ ما وجد من طيبه ويرد ما أصاب فيه العيب انما له أن يأخذ الجميع أو يرد الجميع وكذلك قال مالك‏.‏

في قسمة الدور الكثيرة يستحق بعضها من يد أحدهما

قلت‏:‏ أرأيت أن كانت عشرون دارا تركها والدي ميراثا بيني وبين أخي فاقتسمناها فأخذت أنا عشرة دور في ناحية وأخذ أخي عشرة دور في ناحية أخرى تراضينا بذلك واستهمنا على القيمة فاستحقت دار من الدور التي صارت لي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في البيوع أن كانت هذه الدار التي استحقت من نصيبه أو أصاب بها عيبا هي جل ما في يديه من هذه الدور وأكثر هذه الدور ثمنا ردت القسمة كلها وان كانت ليس كذلك ردها وحدها ورجع على شريكه بحصتها من نصيب صاحبه‏.‏

قلت‏:‏ وكيف يرجع في نصيب صاحبه أيضرب بذلك في كل دار‏؟‏

قال‏:‏ لا ولكن تقوم الدور فينظر كم قيمتها ثم ينظر إلى الدار التي استحقت كم كانت من الدور التي كانت في يدي الذي استحقت منه فان كانت عشرا أو ثمنا أو تسعا رجع فأخذ من صاحبه قيمة نصف عشر ما في يد صاحبه وان كان انما أصاب عيبا بدار منها قسمت هذه المعيبة وما يأخذ من صاحبه بينهما نصفين‏.‏

قلت‏:‏ والدار الواحدة في هذا مخالفة في القسمة في قول مالك للدور الكثيرة‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن الدار الواحدة يدخل فيها الضرر عليه فيما يريد أن يبني أو يسكن فلذلك جعل له في الدار الواحدة أن يرد بمنزلة العبد الواحد يشتري فيستحق نصفه فله أن يرد جميعه وإذا كانت دورا كثيرة فانما تحمل محمل الشراء والبيع في جملة الرقيق وجملة الدور وجملة المتاع إذا استحق من ذلك بعضه دون بعض الا أن يكون ما استحق من هذه الدار لا مضرة فيه على ما بقي فيكون مثل الدار‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن جاريتين بيني وبين رجل من شراء أو ميراث أخذت أنا واحدة وأعطيته أخرى فوطئ صاحبي جاريته فولدت منه ثم أتى رجل فاستحقها بعد ما ولدت منه‏؟‏

قال‏:‏ يأخذ الجارية ويأخذ قيمة ولدها ويرجع هذا الذي استحقت في يديه على صاحبه فيقاسمه الجارية الأخرى الا أن تكون قد فاتت فان فاتت بنماء أو نقصان أو اختلاف أسواق أو شيء مما يفوت به كان له عليه نصف قيمتها يوم قبضها‏.‏

الرجل يشتري الجارية فتلد منه فيستحقها رجل

قال ابن القاسم‏:‏ وقد قال مالك إذا وجد رجل جاريته عند رجل وقد ولدت منه وقد كانت سرقت منه فثبتت له البينة على ذلك فله أن يأخذها وقيمة ولدها يوم يستحقها ثم قال بعد ذلك ليس له أن يأخذها ولكن يأخذ قيمة ولدها الا أن يكون عليه في ذلك ضرر‏.‏

والذي أخذ به أنا أنه يأخذها ويأخذ قيمة ولدها‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا باع جارية في سوق المسلمين فاستحقها رجل من المسلمين بعد ما فاتت بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق في يد هذا المشتري أيكون المستحق بالخيار أن شاء أخذ من المشتري قيمة الجارية لأنها قد فاتت في يديه وان شاء أخذ ثمنها من البائع‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون للمستحق الا أن يأخذ جاريته بعينها وان كانت قد حالت بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق فليس له غيرها أو يأخذ ثمنها من بائعها هو بالخيار في هذا‏.‏

قلت‏:‏ فان كان ثمنها عروضا أو حيوانا قد حال بالأسواق أو بنماء أو نقصان‏؟‏

قال‏:‏ فان له أن يأخذ العروض من يدى بائع الجارية زادت العروض أو نقصت ولا حجة للبائع في زيادة العروض ولا نقصانها لأنها ثمن جاريته لأن مالكا قال لو أن رجلا باع سلعة بسلعة فوجد أحد الرجلين بالسلعة التي أخذ من صاحبه عيبا فردها وقد حالت الأسواق في التي وجد بها العيب وفي الأخرى كان له أن يرد التي وجد فيها العيب ولم يكن له أن يأخذ الأخرى ولكن يأخذ قيمتها وكذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ ولم قال مالك ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لأن الذي لم يجد بجاريته عيبا كان ضامنا لها فعليه نقصانها وله نماؤها والذي وجد بجاريته عيبا ولم يرض بها فله أن يردها للعيب الذي أصاب بها فإذا ردها فليس له أن يأخذ ما زاد في الجارية الأخرى التي في يد صاحبه فلما كانت الزيادة التي في الجارية التي في يد صاحبه لصاحبه كان عليه النقصان أيضا‏.‏

قلت‏:‏ فقول مالك الذي يؤخذ به في مستحق الجارية التي قد ولدت عند سيدها لم قال مالك لا يأخذها ولكن يأخذ قيمتها وقد قال مالك في الجارية التي قد حالت بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق ثم استحقها رجل أن للمستحق أن يأخذها بعينها فما فرق ما بينهما‏؟‏

قال‏:‏ لأن الولادة إذا ولدت الجارية من سيدها أن أخذت من سيدها الذي ولدت منه كان ذلك عارا على سيدها الذي ولدت منه وعلى ولدها وهذا الذي استحقها إذا أعطى قيمتها فقد أعطى حقه فان أبى فهذا الضرر ويمنع من ذلك‏؟‏

قال‏:‏ وهذا تفسير قول مالك الآخر فأنا آخذ بقوله القديم يأخذها ويأخذ قيمة ولدها‏.‏

قلت‏:‏ فان‏؟‏ قال لا أريد الجارية وأنا آخذ قيمتها وقال سيد الجارية التي ولدت عنده لا أدفع إلى هذا المستحق شيئا ولكن يأخذ جاريته أيجبره مالك على أن يدفع قيمتها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يجبره مالك على أن يدفع إليه قيمتها وقيمة ولدها وذلك رأيي إذا أراد ذلك المستحق فان المشتري يجبر على دفع قيمتها وقيمة ولدها في القولين جميعا قول الأول والآخر‏.‏

قلت‏:‏ وكيف يأخذ قيمة جاريته في قول مالك إذا ولدت عنده أيوم اشتراها أو يوم حملت أو يوم استحقها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يوم استحقها لأنها لو ماتت قبل أن يستحقها مستحقها لم يكن للمستحق أن يتبع الذي ولدت عنده بقيمتها دينا ولو كان له أن يتبعه أن هي هلكت بقيمتها ما كان له في ولدها قيمة فليس له الا قيمتها يوم يستحقها وقيمة ولدها يوم يستحقهم وليس له من قيمة ولدها الذين هلكوا شيء‏.‏

قلت‏:‏ فهذا المستحق الجارية التي ولدت أيكون له على الواطئ من المهر شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون له من المهر قليل ولا كثير‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الرجل يوصي للرجل بثلث ماله فيأخذ في وصيته ثلث دار فيستحق من يده بعد البناء

قلت‏:‏ فلو أوصى رجل لرجل بثلث ماله فأخذ في وصيته ثلث دار الميت فبنى ذلك ثم استحق ذلك من يده مستحق‏؟‏

قال‏:‏ يقال للمستحق ادفع قيمة بنيان هذا الموصي له أو خذ قيمة أرضك براحا‏.‏

قلت‏:‏ فان دفع إليه قيمة بنيانه وقد أنفق الموصي له في بنيانه أكثر من القيمة التي أخذ لأن أسواق البنيان حالت أيكون له أن يرجع بما خسر في قيمة البنيان على ورثه الميت لأنهم أعطوه في ثلثه ما ليس لهم فغروه‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون له أن يرجع على ورثة الميت من ذلك بقليل ولا كثير‏.‏

قلت‏:‏ فتنتقض القسمة فيما بينهم‏؟‏

قال‏:‏ نعم تنتقض القسمة في الدور ويقتسمون ثانية ويأخذ الموصي له بالثلث ثلث دور الميت بعد الذي استحق‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا مثل قول مالك في البيوع الا أن تفوت الدور في أيدي الورثة ببيع أو بنيان فيرجع عليهم بالقيمة يوم أعطوا الدور في القسمة فيقسمون القيمة فيما بينهم على قدر الوصية والمواريث فيما بينهم‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت الدور قد فاتت في أيدي الورثة بهدم‏؟‏

قال‏:‏ يقال للموصي له خذ ثلث هذه الدور مهدومة وثلث نقضها ولا يكون عليهم فيما نقض الهدم شيء الا أن يكونوا قد باعوا من النقض شيئا فيكون له ثلث ما باعوا به ولا يكون له عليهم شيء غير ذلك لا قيمة ولا غيرها لأن مالكا قال في رجل اشترى دارا فهدمها فاستحقها رجل فقال لي مالك أن أحب مستحقها أن يأخذها مهدومة بحالها فذلك له وان أبى كان له أن يتبع البائع بالثمن وليس له على المشتري قيمة ولا غيرها فيما تقدم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى أن كان هذا المشتري الذي هدم باع من نقضها شيئا فأراد المستحق أخذ الدار مهدومة كان له ثمن الذي باعه المشتري لأنه ثمن شيئه‏.‏

قلت‏:‏ فان اشترى رجل جارية فعميت عنده ثم استحقها رجل أيكون للمستحق أن يضمن المشتري قيمتها‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون له ذلك عند مالك انما له أن يأخذها بحالها أو يأخذ من البائع ثمنها هو مخبر في ذلك‏؟‏

قال‏:‏ ولقد قال لي مالك لو أن رجلا ابتاع دارا فاحترقت ثم أتى صاحبها فاستحقها أو أدرك رجل فيها شفعة لم يكن له على صاحبها الذي احترقت في يديه قليل ولا كثير الا أن يأخذها أو يسلمها ويتبع البائع بالثمن وللشفيع أن يأخذها بجميع الثمن محترقة أو يدعها لا شيء له غير ذلك‏.‏

ما جاء في النقض يكون بين الرجلين والعرصة لهما فيقتسمانه

قلت‏:‏ فلو أن نقضا بين رجلين والعرصة ليست لهما فأرادا أن يقتسما نقضها على القيمة ثم يستهما أو يتراضيا على شيء أيكون ذلك لهما في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن ذلك جائز لأن هذا بمنزلة العروض‏.‏

قلت‏:‏ فان أراد أحدهما قسمة النقض وأبى صاحبه أيجبر على القسمة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يجبر على ذلك وانما هو بمنزلة العروض‏.‏

قلت‏:‏ فان أرادا أن يهدما النقض وصاحب الدار غائب أيكون لهما أن يهدماه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا الا أني أرى أن أرادا أن يهدماه وصاحب الدار غائب أن يرفع ذلك إلى السلطان فينظر السلطان للغائب فان كان أفضل للغائب أن يعطيهما قيمة النقض ويأخذ النقض له فعل ذلك وان رأى أن يخليهما ونقضهما خلاهما وذلك وما صنع السلطان فهو جائز على الغائب‏.‏

قلت‏:‏ فمن أين ينقد الثمن أن رأى أن يأخذ له‏؟‏

قال‏:‏ ينظر السلطان في ذلك والسلطان أعلم‏.‏

قلت‏:‏ فان نقضا ولم يرفعا ذلك إلى السلطان أيكون عليهما لذلك شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا شيء عليهما ويقتسمانه بينهما‏.‏

قلت‏:‏ فان أذنت لرجل يبني في عرصة لي ويسكن ولم أوقت له كم يسكن سنة ولا شهرا أيجوز هذا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم لا بأس بذلك‏.‏

قلت‏:‏ فان بنى فلما فرغ من بنيانه قال رب العرصة أخرج عني‏؟‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه قال ليس له ذلك أن كان على هذا الوجه الا أن يدفع إليه ما أنفق وان كان قد سكن ما يرى من طول السنين ما يكون سكنى في مثل ما أذن له ثم أراد أن يخرجه دفع إليه قيمة ذلك منقوضا أن أحب أو قال له خذ بنيانك ولا شيء لك غير ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فان كان قد سكن السنة والسنتين أو العشر سنين فقال رب العرصة أخرج عني‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا الا أنه إذا سكن الأمر الذي يعلم أنه انما أذن له في البنيان ليسكن مقدار هذه السنين لكثرة ما أنفق في بنيانه كان ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ فإذا أخرجه أيعطيه قيمة نقضه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك رب العرصة مخير في أن يدفع إلى صاحب النقض قيمة نقضه اليوم حين يخرجه منقوضا أو في أن يأمره أن يقلع نقضه وليس لصاحب النقض إذا قال له صاحب العرصة أنا أدفع إليك قيمة نقضك أن يقول لا أقبل ذلك ولكني أقلع وانما الخيار في ذلك إلى رب العرصة‏.‏

قلت‏:‏ فإذا أذن رجل لرجلين في أن يبنيا عرصة له ويسكناها فبنياها فأخرج أحدهما بعد ما قد سكن مقدار ما يعلم أنه إذا إعطاه العرصة ليبني فيسكن مقدار ما سكن كيف يخرجه رب العرصة أيعطيه قيمة نصف النقض أم يقول رب العرصة اقلع نصف النقض أم لا‏؟‏ يكون رب العرصة في هذا مخيرا لأن صاحب النقض لا يقدر على أن يقلع نقضه لأن له فيه شريكا‏؟‏

قال‏:‏ أن كان يستطاع أن يقسم النقض بين الشريكين فيكون نصيب هذا على حدة ونصيب هذا على حدة قسم بينهما ثم يقال للذي قال له رب العرصة أخرج عني يقال له اقلع نقضك الا أن يشاء رب العرصة أن يأخذه بقيمته فان كان لا يستطاع القسمة في هذا النقض قيل للشريكين لا بد من أن يقلع هذا الذي قال له رب العرصة اقلع نقضك فليتراض الشريكان على أمر يصطلحان عليه بينهما إما أن يتقاوماه بينهما أو يبيعاه وان بلغ الثمن فأحب المقيم في العرصة أن يأخذه كان ذلك له بشفعته وقد سمعته من مالك في رجلين بنيا في ربع ليس لهما فباع أحدهما حصته من ذلك النقض فأراد شريكه أن يأخذ بشفعته‏؟‏

قال‏:‏ مالك أرى ذلك له‏؟‏

قال‏:‏ مالك وما هو بالأمر الذي جاء فيه شيء ولكني أرى ذلك له فالشريكان عندي بهذه المنزلة‏.‏

ما جاء في قسمة الطريق والجدار

قلت‏:‏ هل يقسم الطريق في الدار إذا أبى ذلك بعضهم‏؟‏

قال‏:‏ لا يقسم ذلك عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ والجدار بين الشريكين هل يقسم إذا طلب ذلك أحدهما وأبى الآخر‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا الا أني أرى أن كان لا يدخل في ذلك ضرر وكان ينقسم رأيت أن يقسم ذلك بينهما‏.‏

قلت‏:‏ فان كان لهذا عليه جذوع ولهذا عليه جذوع قال إذا كانت جذوع هذا من ها هنا وجذوع هذا من ها هنا كيف يقتسه هذان لا يستطيعان قسمة هذا الحائط فإذا كان هذا هكذا رأيت أن يتقاوماه بمنزلة ما لا ينقسم من العروض والحيوان‏.‏

ما جاء في قسمة الحمام والآبار والمواجل والعيون

قلت‏:‏ فالحمام أيقسم إذا دعا أحد الشريكين إلى القسمة وأبى ذلك شريكه قال قال مالك ذلك يقسم قلت فما فرق ما بين الحمام والطريق والحائط إذا كان في ذلك ضرر عليهما ومالك يقسم الحمام وفيه ضرر ولا يقسم الطريق والحائط وفيه ضرر قال لأن الحمام عرصة والطريق والحائط ليست لهما كبير عرصة فإنما يقسمان على غير ضرر فإذا وقع الضرر لم يقسما إلا أن يتراضيا جميعا الورثة إن كانوا ورثوا ذلك على قسم ذلك فيكون ذلك لهم قال ابن القاسم وأنا أرى أيضا في الحمام إن كان في قسمته ضرر أن لا يقسم وأن يباع عليهم قلت فهل يقسم الآبار في قول مالك‏؟‏ قال لا قلت فهل تقسم المواجل في قول مالك قال أما في قول مالك فنعم وأما أنا فلا أرى ذلك لأن في ذلك ضررا إلا أن لا يكون في ذلك ضرر إن اقتسماه ويكون لكل واحد منهما ما جل على حدة ينتفع به فلا أرى به بأسا‏.‏

قلت‏:‏ فهل تقسم العيون في قول مالك قال ما سمعت أن العيون تقسم أو الآبار إلا على الشرب يكون لكل قوم حظهم من الشرب معلوم فأما قسمة أصل العيون أو أصل البئر فلم أسمع أن أحدا قال يقسم ولا أرى أن تقسم إلا على الشرب‏.‏

ما جاء في قسمة النخلة والزيتونة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن نخلة وزيتونة بين رجلين هل يقسمانهما بينهما‏؟‏

قال‏:‏ إذا اعتدلنا في القسمة وتراضيا بذلك قسمتهما بينهما يأخذ هذا واحدة وهذا واحدة فان كرها لم يجبرا على ذلك وان كانتا لا تعتدلان في القسمة تقاوماهما بينهما أو يتبايعانهما وانما الشجرتان عندي بمنزلة الشجرة بين اثنين أو ثلاثة والشجرة بمنزلة الثوب أو العبد وقد قال مالك في الثوب بين النفر أنه لا يقسم‏.‏

قلت‏:‏ فان كان لا يقسم وقال أحدهما أنا أريد أن أبيع وقال صاحبه لا أبيع‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يجبر الذي لا يريد البيع على البيع فاذا قامت السلعة على ثمن قيل للذي لا يريد البيع أن شئت فخذ وان شئت فبع مع صاحبك والنخلة كذلك فان باع فلا شفعة لصاحبه فيها‏.‏

ما جاء في قسمة الأرض القليلة والدكان بين الشركاء

قلت‏:‏ فإذا كانت الأرض قليلة بين أشراك كثير أن اقتسموها فيما بينهم لم يصرفى حظ أحدهم الا القليل الذي لا ينتفع به أتقسم بينهم هذه الأرض أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك تقسم بينهم وان كره بعضهم ومن دعا إلى القسم منهم قسمت الأرض بينهم وان لم يدع إلى ذلك الا واحد منهم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن كان دكان في السوق بين رجلين دعا أحدهما إلى القسمة وأبى صاحبه‏؟‏

قال‏:‏ إذا كانت العرصة أصلها بينهم فمن دعا إلى القسمة قسم بينهما عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن دارا في جوف دار الدار الداخلة لقوم والخارجة لقوم آخرين ولأهل الدار الداخلة الممر في الخارجة فأراد أهل الخارجة أن يحولوا باب دراهم في موضع سوى الموضع الذي كان فيه وأبى عليهم أهل الدار الداخلة ذلك أيكون ذلك لهم‏؟‏

قال‏:‏ لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا وأرى أن كانوا أرادوا أن أن يحلوه إلى جنب باب الدار الذي كان وليس في ذلك ضرر على أهل الدار الداخله رأيت أن لا يمنعوا من ذلك وإن أرادوا أن يحولوا بابهم إلى ناحية من الدار ليس في قرب الموضع الذي كان فيه باب الدار فليس لهم ذلك أن أبى عليهم أهل الدار الداخلة‏.‏

قلت‏:‏ فان أراد أهل الدار الخارجة أن يضيقوا باب الدار وأبى عليهم أهل الدار الداخلة‏؟‏

قال‏:‏ ليس لهم أن يضيقوا الباب ولا أحفظه عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن دارا بيني وبين رجل أنا وهو شريكان فيها لم تقسم وإلى جانبها دار لي فأردت أن أفتح باب الدار التي لي في الدار التي بيني وبين شريكي وأبى شريكي ذلك‏؟‏

قال‏:‏ ذلك له أن يمنعك‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لأن الموضع الذي تريد أن تفتح فيه باب دارك هو بينك وبين شريكك وان كان في يديك لأنكما لم تقتسماها بعد‏.‏

قلت‏:‏ فان أردنا أن نقسم فقلت اجعلوا نصيبي في هذه الدار إلى جنب داري حتى أفتح فيه بابا‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن هذا بعينه فقال لا يلتفت إلى قوله هذا ولكن تقسم الدار على القيمة كما وصفت لك ثم يضرب بينهما بالسهام فان صار له الموضع الذي إلى جنب داره فتح فيه بابه أن شاء كما وصفت لك وان وقع نصيبه في الموضع الآخر أخذه ولم يكن له غير ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن دارا بين قوم اقتسموها على أن يأخذ هذا طائفة وهذا طائفة فوقعت الاجنحة في حظ رجل منهم أتكون الأجنحة له‏؟‏

قال‏:‏ إذا وقعت الأجنحة في حظ رجل منهم فذلك له‏.‏

قلت‏:‏ ولم جعلت الأجنحة للذي صارت له تلك الناحية والأجنحة إنما هي في هواء الأفنية فلما أخذ كل واحد منهم ناحية كان فناء هذه الدار بينهما على حاله والأجنحة انما هي في الفناء‏؟‏

قال‏:‏ الأجنحة إذا كانت مبنية فهي من الدار وقد خرجت من أن تكون من الفناء وصارت خزائن للدار فلما اقتسموا على أن أعطوا كل واحد منهم طائفة من الدار كانت الأجنحة للذي أخذ تلك الناحية التي فيها الأجنحة وانما الأجنحة خزائن لحصته وقد خرجت من أن تكون فناء وهذا رأيي‏.‏

في الرجلين يقتسمان الجدار على أن يزيد أحدهما صاحبه دنانير أو سلعة نقد أو إلى أجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أن دارا بين رجلين اقتسماها فيما بينهما فأخذ هذا طائفة وأعطى صاحبه طائفة على أن أعطى أحدهما صاحبه عبدا أو أعطاه دراهم أو عروضا نقدا أو إلى أجل وكيف أن لم يضرب للذي يعطيه أجلا إذا لم يكن بعينه‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز إذا كان بعينه وإذا كان دينا موصوفا فلا يصلح الا أن يضرب لذلك أجلا يجوز من هذا ما يجوز في البيع ويفسد من هذا ما يفسد في البيع‏؟‏

قال‏:‏ وهذا رأيي لأن مالكا‏؟‏ قال لا بأس أن يأخذ أحدهما طائفة من الدار والآخر طائفة من الدار على أن يزيد أحدهما صاحبه دنانير‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن اقتسما فيما بينهما فأخذ هذا طائفة وهذا طائفة على أن يتصدق أحدهما على صاحبه بصدقة معروفة أو يهب له هبة معروفة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ذلك جائز‏.‏

قلت‏:‏ فلو اشترى رجل من رجل ممره في داره من غير أن يشتري من رقبة الدار شيئا أيجوز ذلك‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز عند مالك‏.‏

قلت ما قول مالك في البيت الصغير يكون بين القوم فيكون في نصيب أحدهم ما لا ينتفع به إذا قسم أيقسم أم لا‏؟‏ ‏(‏قال‏:‏ قال مالك يقسم وان كان في نصيب أحدهم ما لا ينتفع به يقسم بينهم لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا فالقليل النصيب في هذا والكثير النصيب في هذا سواء يقسم عليهم إذا طلبوا القسمة ولا يلتفت إلى قليل النصيب ولا إلى كثير النصيب‏.‏

قلت‏:‏ فإذا دعا واحد من الشركاء إلى القسمة وشركتهم من ميراث أو شراء وأبى بقيتهم القسمة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك من دعا منهم إلى القسمة وكان ما في أيديهم مما يقسم قسم من رقيق أو دواب أو غير ذلك قال لي مالك كان ذلك من شراء أو ميراث فانه يقسم‏.‏

وان كان مما لا ينقسم وقال أحدهم أنا لا أبيع وقال بقيتهم نحن نبيع‏؟‏

قال‏:‏ يباع عليه وعليهم جميع ذلك على ما أحبوا أو كرهوا الا أن يريد الذين كرهوا البيع أن يأخذوا ذلك بما يعطون به فيكون ذلك لهم‏.‏

ما جاء في أرزاق القضاة والعمال والقسام وأجرهم على من هو

قلت‏:‏ لابن القاسم هل كان مالك يكره أرزاق القضاة والعمال‏؟‏

قال‏:‏ أما العمال فكان يقول إذا عملوا على حق فلا بأس بأرزاقهم وأما أرزاق القضاة فلم أر مالكا يرى بذلك بأسا‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت قسام المغانم أيصلح أن يأخذوا عليها أجرا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في قسام القاضي لا أرى أن يأخذوا على القسم أجرا فقسام المغانم عندي لا ينبغي لهم أن يأخذوا على ذلك أجرا‏.‏

قلت‏:‏ لم كره مالك أرزاق القسام وجوز أرزاق العمال‏؟‏

قال‏:‏ لأن أرزاق القسام انما يؤخذ ذلك من أموال اليتامى وأرزاق العمال انما تؤخذ من بيت المال‏.‏

قلت‏:‏ أفرأيت أن جعل للقسام أرزاقا من بيت المال‏؟‏

قال‏:‏ لا بأس بذلك‏؟‏

قال‏:‏ مالك وكذلك أشياء من أمور الناس مما ينوبهم يبعث فيها السلطان انما ذلك على السلطان يرزقون من بيت مال المسلمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن استأجر قوم قاسما فقسم بينهم دراهم‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى بذلك بأسا‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن القوم يكون لهم عند الرجل المال فيستأجرون رجلا يكتب بينهم الكتاب ويستوثق لهم جميعا على من ترى جعل ذلك‏؟‏

قال‏:‏ أراه بينهم‏.‏

فقيل‏:‏ له أفترى على الذي على يديه المال شيأ وانما المال لهؤلاء‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأنه يستوثق له وانما هذا عندي بمنزلة الدار تكون بين قوم فيطلب بعضهم القسم ولا يطلب بعضهم القسم فيستأجرون الرجل فيكون ذلك على من طلب وعلى من لم يطلب وانما وجه ما رأيت مالكا كره من ذلك أن يجعل القاضي للقاسم أرزاقا من أموال الناس‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قال أهل المغنم نحن نرضى أن نعطى هذا القاسم على أن يقسم بيننا‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى بذلك بأسا وأرجو أن يكون خفيفا‏؟‏

قال‏:‏ وانما رأيت مالكا كره ذلك أن يأخذ ذلك الامام من أموال الناس بمنزلة صاحب السوق ويرزقه من أموال الناس فهذا الذي كرهه وقال انما يحمل هذا الامام فأما أن رضوا ن يعطوا من يقسم بينهم مغنمهم فلا بأس بذلك‏.‏

فيمن دبر في الصحة والمرض والعتق في المرض

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أعتق عبيدا له في مرضه لا يحملهم الثلث‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقرع بينهم‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فان دبرهم جميعا‏؟‏

قال‏:‏ مالك ما دبر في الصحة وفي المرض عتق منهم مبلغ الثلث وما دبر منهم جميعا في مرض أو في صحة في كلمة واحدة لم يكن تدبير بعضهم قبل بعض فانه يعتق منهم جميعا ما حمل الثلث لا يبدأ أحد منهم قبل صاحبه أن عتق منهم أنصافهم عتق منهم أنصافهم كلهم أو ثلثهم أو ثلاثة أرباعهم ويبقى ما بقى منهم رقيقا وعلى هذا يحسبون وما دبر بعضهم قبل بعض في صحة كان أو في مرض بدئ بالأول فالأول يبدأ بالمدبر في الصحة الأول فالأول فكل ما كان في الصحة على ما كان في المرض ويبدأ بما دبر في المرض الأول فالأول‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولا يشبه العتق التدبير في القرعة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من أعتق ثلاثة أعبد له والثلث يحمل منهم عبدين ونصفا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ يعتق ما حمل الثلث منهم بالسهام‏؟‏

قال‏:‏ مالك ويقومون ثم يضرب بينهم بالسهام‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك تقسم الأشياء كلها بينهم على القيمة ثم تضرب بالسهام فينظر إلى الذي خرج السهم عليه فان كان هو وحده كفاف الثلث رق الاثنان الباقيان وان كان هو أكثر من الثلث عتق منه ما حمل الثلث ورق منه ما بقى ورق صاحباه جميعا وان كان الذي خرج السهم عليه هو أقل من الثلث عتق جميعه ثم ضرب السهم في الاثنين الباقيين فان كان الذي يقع عليه السهم هو أقل من بقية الثلث عتق كله وعتق من الآخر الباقي تمام الثلث ورق منه ما بقى وان كان الذي وقع عليه السهم هو أكثر من بقية الثلث عتق منه تمام الثلث ورق ما بقى منه وصاحبه كله رقيق‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك فسر لي مالك كما فسرت لك‏.‏

قلت‏:‏ فهل يكون شيء من الثياب لا ينقسم أو من الدواب أو من الرقيق‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال لي مالك رأسان بين عشرة رجال أو ثوب بين رجلين فهذا لا ينقسم‏.‏

قلت‏:‏ وقول مالك في القسمة على القيمة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك تقسم الأشياء كلها على القيمة ثم يضرب بالسهام‏.‏

ما جاء في قسمة الدار بالاذرع على السهام

قلت‏:‏ أرأيت أن كانت دار بيني وبين صاحبي فاقتسمناها مذارعة ذرعنا نصفها في ناحية ونصفها في ناحية على أن يضرب بيننا بالسهام فحيثما خرج سهم أحدنا أخذه‏؟‏

قال‏:‏ إذا كانت الدار كلها سواء وقسماها بالاذرع سواء فلا بأس أن يضربا على هذا بالسهام وان كانت الدار مختلفة بعضها أجود من بعض فقسماها بحال ما وصفت لي فهذا لا يجوز أن يضرب عليه بالسهام عند مالك لأن هذا مخاطرة لا يدري أحدهما أيخرج سهمه على الجيد أم على الرديء فلا خير في هذا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن كانت الدار كلها سواء فقسماها فجعلا في ناحية أكثر مما في ناحية على أن يضربا بالسهام على ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لا خير في هذا أيضا عند مالك لأن هذا مخاطرة‏.‏

قلت‏:‏ فان رضيا أن يعطى كل واحد منهما صاحبه طائفة من الدار وبعض ذلك أكثر من بعض أو أفضل من بعض‏؟‏

قال‏:‏ هذا جائز عند مالك لأن هذا ليس فيه مخاطرة‏.‏

قلت‏:‏ ولا تجوز في قول مالك القسمة بالسهام الا أن يقسما الدار على قيمة عدل‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا تجوز الا على قيمة العدل إذا كان أصل القسمة بالقرعة‏.‏

ما جاء في قسمة الدور والساحة والمرفق بالساحة

قلت‏:‏ أرأيت الدار تكون بين القوم لها ساحة ولها بنيان كيف يقتسمونها أيقتسمون البنيان على حدة والساحة على حدة أم يقتسمون البنيان ولا يقتسمون الساحة‏؟‏

قال‏:‏ إذا كانت الساحة على حدة لم يقتسموا البنيان ولا يقتسمون الساحة‏؟‏

قال‏:‏ إذا كانت الساحة إذا قسمت مع البنيان كان لكل واحد منهم في حصته من الساحة ما ينتفع به في مدخله ومخرجه ومربط دوابه ومرافقه فان كانت هكذا قسمت الساحة والبنيان جميعا وان كانت الساحة إذا قسمت مع البنيان لا يكون في نصيب كل واحد منهم ما يرتفق به في مدخله ومخرجه وحوائجه أو كان واحد منهم لقلة نصيبه من الساحة لا يكون في نصيبه من الساحة ما يرتفق به في مدخله ومخرجه ومرافقه وكان بقيتهم يكون في نصيبهم ما يرتفقون به فلا تقسم الساحة وتترك الساحة بينهم ويقسم البناء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان أحدهم قليل النصيب فكان الذي يصير له من الساحة قدر مدخله ومخرجه وقدر طريقه فقط وبقيتهم يصير حظ كل واحد منهم من الساحة ما ينتفع به فأرادوا القسمة‏؟‏

قال‏:‏ لا تقسم الساحة لأن القليل النصيب أن اقتسموا لم يرتفق بأكثر من المدخل والمخرج وهم يرتفقون بأكثر من ذلك وانما مرتفق الساحة بينهم كلهم القليل النصيب والكثير النصيب في ذلك سواء في الانتفاع بالساحة‏.‏

قلت‏:‏ فان أراد بعضهم أن يبني في الساحة بناء كان لهم أن يمنعوه‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في قسمة البيوت والغرف والسطوح

قلت‏:‏ فلو أن دارا لها غرف وبيوت سفل وللغرف سطوح وللبيوت ساحة بين يديها فاقتسموا البنيان على القيمة أيكون لصاحب الغرف أن يرتفق بساحة الدار‏؟‏ قال نعم لصاحب الغرف أن يرتفق بساحة أسفل الدار فيما قال لنا مالك كما يرتفق صاحب البيوت السفل ولا يكون لصاحب السفل أن يرتفق بسطح بين يدى الغرفة وانما المرفق في ساحة الدار ولا يكون ذلك في السطوح‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت السطح الذي بين يدى الغرف إذا أراد القسام أن يقسموا البنيان بينهم أيقومون السطح فيما يقومون من البنيان أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يقومون السطح فيما يقومون من البنيان لأن السطح ليس بساحة عند مالك وكل ما ليس من الساحة فلا بد للقسام من أن يقسموه ويدخلوه في القسمة يقومون الغرفة بما بين يديها من المرفق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت خشب هذا السطح الذي بين يدى هذه الغرفة على من يقومون خشب السطح هؤلاء القسام‏؟‏

قال‏:‏ أن كان تحت هذا السطح بيت جعل القسام قيمة خشب هذا السطح من البيت الذي تحته الذي سقفه هذا السطح‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك قال لي مالك‏.‏

قلت‏:‏ فلو كانت غرفة فوق بيت فأراد القسام أن يقسموا البنيان كيف يقومون خشب سقف هذا البيت وعليه خشب الغرفة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقسم خشب سقف البيت الذي فوقه غرفة مع البيت الأسفل ولا يقسم مع الغرفة‏؟‏

قال‏:‏ مالك وكذلك أن انكسرت خشبة من سقف هذا البيت وفوقها غرف كان على رب البيت السفلى اصلاح هذه الخشبة‏؟‏

قال‏:‏ مالك ويجبر على أن يصلحها لأن فوقها غرفة‏؟‏

قال‏:‏ مالك وكذلك هذا البيت الذي فوقه غرفة لغير رب البيت إذا رثت حيطان البيت كان على رب البيت السفلى اصلاح الحيطان لئلا تنهدم غرفة الأعلى‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ على صاحب العلو أن يدعم علوه حتى يبنى صاحب السفل سقفه ويفرغ منه وليس على صاحب السفل أن يبنى سفله الا بما كان مبنيا قبل ذلك وان كان في ذلك ضرر على صاحب العلو‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وإذا انهدمت الغرفة فسقطت على البيت فهدمته أجبر رب البيت السفلى على أن يبني بيته لصاحب الغرفة حتى يبني صاحب الغرفة غرفته فان أبى صاحب السفل أن يبني بيته أجبر على أن يبيع بيته ممن يبنيه‏.‏

قلت‏:‏ فان اشتراه مشتر على أن يبنيه فقال لا أبنيه‏.‏

فقال‏:‏ يجبر أيضا على أن يبنيه أو يبيعه أيضا ممن يبنيه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت البيت إذا كان نصيب أحدهم إذا قسم لم ينتفع به أيقسم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقسم لأن الله تبارك وتعالى يقول مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا‏.‏

قلت‏:‏ فيكون لصاحب هذا النصيب القليل الذي لا يقدر على أن يسكنه أو يرتفق من الساحة في حوائجه بمثل ما يرتفق به الكثير النصيب في حوائجه‏؟‏

قال‏:‏ أن سكن معهم فله أن يرتفق وان لم يسكن معهم فأراد أن يرتفق بالساحة وهو ساكن في دار أخرى فأرى ذلك له‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى أن كل ما لا ينقسم من الدار والمنازل والأرضين والحمامات وغير ذلك مما لا يكون في قسمته الضرر ولا يكون فيما يقسم منه منتفع فأرى أن يباع ويقسم ثمنه على الفرائض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال لا ضرر ولا ضرار وهذا ضرر‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان نصيب أحدهم لا ينتفع به ولا يقدر على سكناه فقال أصحاب الدار شركاؤه نحن نقسم الساحة وجميع البنيان لينتفع كل واحد منا بنصيبه من الساحة يبني ويصنع فيه ما شاء وقال القليل النصيب الذي ليس له في نصيبه من البنيان ما يسكن لا تقسموا الساحة‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن كان هذا هكذا لا تقسم عليه الساحة وتترك على حالها‏.‏

في صفة قسم الدور والأرضين بين الورثة

قال ابن القاسم‏:‏ وسألت مالكا عن رجل هلك وترك ولدا وامرأة وترك أرضا ودورا‏؟‏

قال‏:‏ مالك تقسم الدور والأرض أثمانا فيضرب للمرأة بثمنها في احدى الناحيتين ويضرب للورثة في الناحية الأخرى ولا يضرب لها بثمنها في وسط الأرض ولا في وسط الدار‏.‏

قلت‏:‏ كيف يضرب لها في أحد الطرفين‏؟‏

قال‏:‏ تقسم الدار أثمانا ثم ينظر إلى الثمنين من الطرفين الذي من هذه الناحية والذي من الناحية الأخرى فيسهم للمرأة عليهما ولا يسهم لها الا عليهما فأي الطرفين خرج للمرأة أخذته المرأة وضم ما بقى بعضه إلى بعض فيقسم بين الورثة أيضا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اقتسموا البنيان بالقيمة والساحة مذارعة أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ إذا كانت الساحة مما يحمل القسمة وكانت الساحة كلها سواء وتساووا في الذرع فيما بينهم جاز ذلك وان كانت متفاضلة فلا أرى ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قال بعضهم لا تقسم الساحة وقال بعضهم تقسم الساحة وفي الساحة في نصيب كل واحد منهم ما ينتفع به ويرتفق به‏؟‏

قال‏:‏ تقسم الساحة إذا كان بحال ما وصفت لي عليهم عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أيجوز أن نقسم بيتا بيني وبين شريكي مذارعة ثم نسهم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا‏؟‏ قال لا يجوز أن يقتسما شيأ من الأشياء مساهمة إذا كان أحد النصيبين أفضل من الآخر لأن هذا يصير مخاطرة وأما إذا كان غير مساهمة يأخذ هذا ناحية وهذا ناحية تراضيا بذلك فلا بأس بذلك‏.‏

في قسم الدار للغائبة وقسم الوصي على الكبير الغائب والصغار

قلت‏:‏ أرأيت دارا ورثناها عن رجل والدار غائبة عنا ببلد من البلدان وقد وصفت لنا الدار وبيوتها وما فيها من ساحتها فأردنا أن نقتسمها على صفة وما وصفوا لنا فعرف كل واحد منا ناحيته وموضعه وما يكون لنا من البنيان أيجوز هذا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى بذلك بأسا لأن الدار الغائبة قد تباع بالصفة عند مالك فإذا جاز البيع فيها جازت المقاسمة فيها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا هلك وترك دورا وعقارا وأموالا ولم يوص وترك ورثه كلهم أغنياء الا رجلا واحدا حاضرا من الورثة فأراد هذا الحاضر أن يقسم هذه الدور والعروض والرباع ويأخذ حقه من العروض ونصيبه من الأرضين‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يرفع ذلك إلى السلطان فيوكل السلطان وكيلا يقسم للحاضر والغائب جميعا فما صار للغائب عزله السلطان له وأحرزه له‏؟‏

قال‏:‏ وهذا بعينه سألت مالكا عنه فقال مثل ما قلت لك‏.‏

قلت‏:‏ فان كان الميت قد أوصى والورثة غيب كلهم غير واحد منهم فأراد الحاضر أن يقسم نصيبه من جميع هذه الأشياء هل يكون الوصي ها هنا بمنزلة السلطان في نصيب الغائب أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أن كان الغيب كبارا كلهم لم يجز أن يقاسم الوصي لهم ولكن يرفع ذلك إلى السلطان حتى يقاسمه لهم وان كان الورثة الغيب صغارا كلهم جازت مقاسمة الوصي لهم وعليهم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن امرأة حلفت لاخوتها لقاسمنهم دارا بينها وبينهم فقال لها اخوتها أما إذ حلفت فنحن نقاسمك‏؟‏

قال‏:‏ مالك أرى أن ترفع ذلك إلى السلطان فيقسم لها‏.‏

قلت‏:‏ لم قال مالك هذا‏؟‏

قال‏:‏ خوفا من الدلسة فتحنث‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا كان كبير من الورثة غائبا وجميع الورثة صغار وهم حضور عند الوصي أيقسم الوصي الدار ويعزل نصيب الغائب أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في هذه المسألة بعينها لا يقسم الوصي للغيب ولكن يرفع ذلك إلى السلطان فيقسمها عليهم ويعزل نصيب الكبير فيحوزه له‏.‏

قلت‏:‏ فان كان الصغار غيبا والكبير حاضرا فأراد الكبير أن يقاسم الوصي أو الوصي أراد أن يقاسم الكبير للاصاغر أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز لأنه إذا كان الكبير حاضرا لم يلتفت إلى مغيب الصغير إذا كان الوصي حاضرا‏؟‏

قال‏:‏ وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ ما قول مالك في الحمام والجدار يكون بين الشريكين أيقسم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الحمام يكون بين الشركاء أنه يقسم ولم أسمع من مالك في الجدار شيئا‏.‏

قلت‏:‏ لم جوز مالك قسمه الحمام وهو إذا قسم بطل إذا أخذ كل واحد منهم حصته‏؟‏

قال‏:‏ هو مثل البيت ألا ترى أن البيت قد يكون بين القوم الكثير وهم أن اقتسموا لم يصر في حظ أحدهم ما يسكن ولا يصير له فيه منفعة فيقسم بينهم فكذلك الحمام‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا هلك وأوصى لرجل بالثلث وترك دورا وعقارا وتلك الورثة غيب فأراد الموصى له بالثلث أن يقسم ويأخذ نصيبه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الموصى له بالثلث في هذا بمنزلة الوارث يرفع ذلك إلى السلطان فيوكل رجلا يقسم مال الميت ويعطى السلطان هذا الموصى له بالثلث حقه ويجوز ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أليس كل واحد من أهل الدار هو أولى بما بين يدي باب بيته من الساحة في الارتفاق بها‏؟‏

قال‏:‏ نعم عندي‏؟‏

قال‏:‏ ولا يطرح في الساحة بين يدي باب غيره الحطب والعلف إذا كان في الدار سعة عن ذلك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وان احتاج إلى طرح ذلك في الساحة ووضع بعض ذلك على باب غيره طرحه الا أن يكون في ذلك ضرر بمن يطرح ذلك على بابه فيمنع من أن يضر بغيره‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اقتسما البنيان وساحة الدار أيكون على كل واحد منهما أن يترك الطريق لا يعرض فيها لصاحبه‏؟‏

قال‏:‏ نعم تقر الطريق على حالها‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فان اقتسماها على أن يصرف كل واحد منهما بابا في ناحية أخرى ولا يتركا طريقا ورضيا بذلك‏؟‏

قال‏:‏ فالقسمة جائزة ولا يكون لهما طريق يرتفقان به بينهما ولكن يأخذ هذا حصته فيصرف بابه حيث شاء إذا كان له موضع يصرف إليه بابه وكذلك صاحبه‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قسما البنيان ثم قسما الساحة بينهما ولم يذكر الطريق أنهما يرتفقان به بينهما ولم يرتفقا الطريق بينهما ثم قسما الدار على هذا فصار باب الدار في حصة أحدهما أترى هذا قطعا للطريق بينهما أو تأمر الذي صار باب الدار لغيره أن يفتح في نصيبه بابا لأن باب الدار قد صار لغيره وقد رضى بذلك‏؟‏

قال‏:‏ إذا لم يذكرا في قسمتهما أن يجعل أحدهما ولا كل واحد منهما مخرجه من الدار في حصته يفتح في نصيبه بابا فأرى الطريق بينهما على حالها وباب الدار للذي صار له في حصته ولكن الممر لهما جميعا ليس له أن يمنع شريكه الذي قاسمه من الممر في ذلك‏؟‏

قال‏:‏ ولا أحفظ ذلك عن مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اقتسما دارا بينهما فأخذ أحدهما دبر الدار وأعطى صاحبه ناحية من مقدم الدار على أن لا يكون له طريق في حصة صاحبه‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز على ما شرطا ورضيا إذا كان له موضع يصرف بابه إليه وان لم يكن له موضع لم يجز ذلك فكذلك قال مالك فيها وقد بلغني عن مالك أنه قال في قوم اقتسموا دارا على أن أخذ بعضهم غرفا على أن لا يكون له طريق في الدار فكره ذلك وكان ليس للغرف طريق يصرف إليه وقال لا يجوز ذلك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولو كان لها طريق يفتح بابها إليه لم يكن بذلك بأس‏.‏