فصل: في زكاة القرض وجميع الدين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في زكاة القرض وجميع الدين

 قلت‏:‏ أرأيت لو أني أقرضت رجلا مائة دينار قد وجبت علي زكاتها فلم أخرج زكاتها حتى أقرضتها فمكثت عند الذي أقرضتها إياه سنتين ثم ردها ماذا يجب علي من زكاتها‏.‏

قال‏:‏ زكاة عامين وهي الزكاة التي وجبت عليك وزكاة عام بعد ذلك أيضا قال وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت دينا لي على رجل أقرضته مائة دينار فأقام الدين عليه أعواما فاقتضيت منه دينارا واحدا أترى أن أزكي هذا الدينار فقال لا‏.‏

قلت‏:‏ فإن اقتضيت منه عشرين دينارا‏.‏

فقال‏:‏ تزكي نصف دينار‏.‏

قلت‏:‏ فإن أقتضيت منه دينارا بعد العشرين الدينار‏.‏

قال‏:‏ تزكي من الدينار ربع عشره‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان قد أتلف العشرين كلها ثم أقتضى دينارا بعد ما أتلفها‏.‏

فقال‏:‏ نعم يزكيه وإن كان أتلف العشرين لأنه لما أقتضى العشرين صار ما لا تجب فيه الزكاة فما أقتضى بعد هذا فهو مضاف إلى العشرين وإن كانت العشرون قد تلفت‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا يزكى إذا أقتضى ما دون العشرين‏.‏

فقال‏:‏ لأنا لا ندري لعله لا يقتضي غير هذا الدينار والزكاة لا تكون في أقل من عشرين دينارا‏.‏

قلت‏:‏ أليس يرجع هذا الدينار إليه على ملكه الأول وقد حال عليه الحول فلم لا يزكيه‏.‏

قال‏:‏ لأن الرجل إذا كانت عنده مائة دينار فمضى لها حول فلم يفرط في زكاتها حتى ضاعت كلها إلا تسعة عشر دينارا لم يكن عليه فيها زكاة لأنها قد رجعت إلي ما لا زكاة فيه وكذلك هذا الدين حين أقتضى منه دينارا قلنا لا زكاة عليك حتى تقبض ما تجب فيه الزكاة لأنا لا ندري لعلك لا تقتضى غيره فتزكى ما لا تجب فيه الزكاة ومن كان أقتضى ما تجب فيه الزكاة زكاه ثم يزكي ما أقتضي من الدين من قليل أو كثير‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت عنده عشرون دينارا وله مائة دينار دين على الناس أيزكي العشرين إن كان الدين قد حال عليه الحول ولم يحل على العشرين الحول‏.‏

فقال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ فإن أقتضى من الدين أقل من عشرين دينارا أفيزكيه مكانه‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ لم فقال لأن العشرين التي عنده ليست من الدين وهي فائدة لم يحل عليها الحول‏.‏

قلت‏:‏ فإن حال الحول على العشرين التي عنده وقد كان أقتضى من الدين أقل من عشرين دينارا‏.‏

فقال‏:‏ يزكي العشرين الدينار الآن وما أقتضى من الدين جميعا‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت عنده العشرون الدينار ولم يقبض من الدين شيئا حتى حال الحول على العشرين ثم أقتضى من الدين دينارا واحدا بعدها أيزكيه‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن تلفت العشرون فأقتضى دينارا بعدها أيزكيه‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وما الفرق بين ما أقتضى من الدين وبين الفائدة جعلت ما أقتضى من الدين تجب فيه الزكاة يزكي كل ما أقتضى بعد ذلك وإن كان الذي أقتضى أولا قد تلف وجعلته في الفائدة إن تلفت قبل أن يحول عليها الحول ثم أقتضى من الدين شيئا لم يزكه إلا أن يكون أقتضى من الدين ما تجب فيه الزكاة‏.‏

فقال‏:‏ لأن الفائدة ليست من الدين إنما تحسب الفائدة عليه من يوم ملكها وما أقتضى من الدين يحسب عليه من يوم ملكه وقد كان ملكه لهذا الدين قبل السنة فهذا فرق ما بينهما‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال ابن القاسم ولو أن رجلا كانت له مائة دينار فأقامت في يديه ستة أشهر ثم أخذ منها خمسين دينارا فابتاع بها سلعة فباعها بثمن إلى أجل فإن بقيت الخمسون في يديه حتى يحول عليها الحول زكاها ثم ما أقتضى بعد ذلك من ثمن تلك السلعة من قليل أو كثير زكاه وإن كانت الخمسون قد تلفت قبل أن يحول عليها الحول وتجب فيها الزكاة فلا زكاة عليه فيما أقتضى حتى يبلغ ما أقتضى عشرين دينارا فإن بقيت الخمسون في يديه حتى يزكيها ثم أنفقها بعد ذلك فأقام دهرا ثم أقتضى من الدين دينارا فصاعدا فإنه يزكيه لأن هذا الدينار من أصل مال قد وجبت فيه الزكاة وهي الخمسون حتى زكاها فالدين على أصل تلك الخمسين لأنه حين وجبت الزكاة في الخمسين صار أصل الدين وأصل الخمسين واحدا في وجوب الزكاة ويفترقان في أحوالهما وإنما مثل ذلك مثل الرجل يبيع السلعة بمائة دينار ولا مال له غيرها فتقيم سنة في يد المشتري ثم يقتضي منها عشرين دينارا فيخرج منها نصف دينار ثم يستهلكها ثم يقتضي بعد ذلك من ذلك الدين شيئا فما أقتضى من قليل أو كثير فعليه فيه الزكاة لأن أصله كان واحدا ‏(‏قال‏:‏ وكل مال كان أصله واحدا أقرضت بعضه أو أبتعت ببعضه سلعة فبعتها بدين ويبقى بعض المال عندك وفيما أبقيت ما تجب فيه الزكاة فلم تتلفه حتى زكيته فهو والمال الذي أقرضت أو أبتعت به سلعة فبعت السلعة بدين فهو أصل واحد يعمل فيها كما يعمل فيه لو أبتيع به كله فإذا أقتضى مما أبتيع به كله عشرين دينارا وجب فيه نصف دينار وما اقتضى بعد ذلك من قليل أو كثير ففيه الزكاة وإن كان قد استهلك العشرين التي أقتضى قال وهذا قول مالك بن أنس‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكل مال كان أصله واحدا فأسلفت بعضه أو أبتعت ببعضه سلعة وأبقيت منه في يديك ما لا تجب فيه الزكاة فحال عليه الحول وهو في يديك ثم أتلفته فإنه يضاف ما أقتضيت إلى ما كان في يديك مما لا زكاة فيه فإذا تم ما أقتضيت إلى ما كان في يديك مما أنفقت بعد الحول فإنه إذا تم عشرين دينارا فعليك فيه الزكاة ثم ما أقتضيت بعد ذلك من قليل أو كثير فعليك فيه الزكاة وكل مال كان أصله واحدا فأبتعت ببعضه سلعة أو أسلفت بعضه وأبقيت في يديك ما لا تجب فيه الزكاة ثم استهلكته قبل أن يحول عليه الحول فإنه لا يضاف شيء من مالك كان خارجا من دينك إلى شيء منه وما اقتضيت منه قبل أن يحول عليه الحول فاستهلكته قبل أن يحول عليه الحول فهو كذلك لا يضاف إلى ما بقي لك من دينك ولكن ما حال عليه الحول في يديك مما فيه الزكاة أولا زكاة فيه فإنه يضاف إلى دينك فإن كان الذي في يديك مما فيه الزكاة فإنك تزكي ما أقتضيت من قليل أو كثير من دينك وإن كنت قد استهلكته وإن كان لا تجب في مثله الزكاة مما حال عليه الحول فاستهلكته بعد الحول فإنك لا تزكي ما أقتضيت حتى تتم ما أقتضيت وما استهلكت بعد الحول عشرين دينارا فتخرج زكاتها ثم ما أقتضيت بعد ذلك من قليل أو كثير فعليك فيه الزكاة‏.‏

قلت‏:‏ ما قول مالك في الدين يقيم على الرجل أعواما لكم يزكيه صاحبه إذا قبضه‏.‏

قال‏:‏ لعام واحد‏.‏

قلت‏:‏ وإن كان الدين مما يقدر على أخذه فتركه أو كان مفلسا لا يقدر على أخذه منه فأخذه بعد أعوام أهذا عند مالك سواء‏.‏

قال‏:‏ نعم عليه زكاة عام واحد إذا أخذه وهذا كله عند مالك سواء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا كانت له دنانير على الناس فحال عليها الحول فأراد أن يؤدي زكاتها من ماله قبل أن يقبضها‏.‏

فقال‏:‏ لا يغرم يقدم زكاتها قبل أن يقبضها‏.‏

قال‏:‏ وقد قال لي مالك في رجل اشترى سلعة للتجارة فحال عليها الحول قبل أن يبيعها فأراد أن يقدم زكاتها‏.‏

فقال‏:‏ مالك لا يفعل ذلك‏.‏

قال‏:‏ فقلت له إن أراد أن يتطوع بذلك‏.‏

قال‏:‏ يتطوع في غير هذا ويدع زكاته حتى يبيع عرضه والدين عندي مثل هذا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فإن قدم زكاته لم يجزه فرأيت الدين مثل هذا‏.‏

ابن وهب‏:‏ وأشهب عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن دينار حدثه عن بن عمر أنه قال ليس في الدين زكاة حتى يقبض فإذا قبض فإنما فيه زكاة واحدة لما مضى من السنين ‏(‏أشهب‏)‏ قال وأخبرني بن أبي الزناد وسليمان بن بلال والزنجي مسلم بن خالد أن عمر مولى المطلب حدثهم أنه سأل سعيد بن المسيب عن زكاة الدين فقال ليس في الدين زكاة حتى يقبض فإذا قبض فإنما فيه زكاة واحدة لما مضى من السنين‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وبن وهب وعلي بن زياد وبن نافع وأشهب عن مالك عن يزيد بن خصيفة أنه سأل سليمان بن يسار عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه الزكاة فقال لا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن غير واحد عن نافع وبن شهاب مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يزيد بن عياض عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن الحكم بن عتيبة عن علي بن أبي طالب مثله‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أنهم كانوا يقولون ليس في الدين زكاة وإن كان في ملاء حتى يقبضه صاحبه‏.‏

ابن مهدي‏:‏ عن سفيان عن بن جريج عن عطاء قال ليس في الدين زكاة إذا لم يأخذه صاحبه زمانا ثم يأخذه أن يزكيه إلا مرة‏.‏

ابن مهدي‏:‏ عن الربيع بن صبيح عن الحسن مثله‏.‏

قال‏:‏ علي بن زياد قال أشهب قال مالك بن أنس والدليل على أن الدين يغيب أعواما ثم يقبضه صاحبه فلا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة العروض تكون عند الرجل أعواما للتجارة ثم يبيعها فليس عليه في أثمانها إلا زكاة واحدة وذلك أنه ليس عليه أن يخرج زكاة ذلك الدين أو العروض من مال سواه ولا تخرج زكاة من شيء عن شيء غيره‏.‏

زكاة الفائدة

 قلت‏:‏ أرأيت إن كانت عند رجل خمسة دنانير فلما كان قبل الحول بيوم أفاد عشرين دينارا بميراث أو بصدقة أو بهبة أو بغير ذلك إذا لم يكن ذلك من ربح المال‏.‏

فقال‏:‏ لا زكاة عليه فيها‏.‏

قلت‏:‏ لم قال لأن هذا المال الذي أفاد بهبة أو بما ذكرت ليس من ربح المال فليس عليه فيه الزكاة حتى يحول عليه الحول من يوم أفاد هذا المال الذي وجبت فيه الزكاة فإذا حال الحول عليه من يوم أفاد هذا المال جمع بعضه إلى بعض فزكى ذلك المال كله لأنه لما أفاد الذي ذكرت بهبة أو بما ذكرت صار كأنه أفاد ذلك المال كله لأن الأول لم يكن فيه زكاة وليس هذا المال من ربح المال الأول والأول لا زكاة فيه والمال الثاني فيه الزكاة لأنها عشرون دينارا فصاعدا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا كان عند الرجل دنانير تجب فيها الزكاة فمكثت عنده ستة أشهر ثم أفاد بعد ذلك ذهبا تجب فيها الزكاة أو لا تجب فيها الزكاة لم يضفها إلى ذهبه الأولى التي كانت فيها الزكاة وزكى الذهب الأولى على حولها وزكى ذهب الآخرة على حولها إذا كانت الذهبان في كل واحد منهما عشرون دينارا وإن كانت الذهب الآخرة ليس فيها عشرون دينارا زكاها أيضا على حولها ولم يضفها إلى الأولى فكلما مضى للأولى سنة من حين يزكيها زكاها على حيالها إذا حال عليها الحول وكلما مضى للذهب الثانية سنة من يوم أفادها زكاها أيضا على حيالها إذا حال عليها الحول من يوم زكاها فعلى هذا يكون سبيل الذهبين لا يجتمعان أبدا يزكي كل واحدة من الذهبين على ما وجب عليه من وقتهما حتى ترجع الذهبان جميعا إلى ما لا زكاة فيه فإذا رجعتا جميعا هذان الذهبان إلى ما لا زكاة فيه اجتمع الذهبان جميعا وبطل ما كان قبل ذلك من وقتهما عنده وخلطهما واستقبل بهما حولا مستقبلا كأنه ذهب أفادها مكانه فيصير سبيلها سبيل ذهب أفادها لا زكاة فيها فإن أفاد إليها ذهبا أخرى ليس من ربحها تكون هذه الفائدة وما بقي في يديه من الذهب الأولى يبلغ ما تجب فيه الزكاة ضمها إليها واستقبل بها حولا من يوم أفاد الآخرة ثم لا زكاة عليه فيهما حتى يحول عليه الحول وفيما في يديه كله ما تجب فيه الزكاة إلا أن يكون تجر في بقية المال الأول فيتم عشرين دينارا فيزكيه إذا حال عليه الحول من يوم كان زكاه حين رجع إلى ما لا زكاة فيه ولا ينتظر به إلى أن يحول عليه الحول من يوم ربح في والربح ها هنا كما وصفت لك هو مخالف للفائدة وهذا الربح لا يبالي من أي بقية المالين كان من الأول أو من الآخر الذي كان لهما وقت لكل مال على حدة فهو يوجب عليه الزكاة في جميع المال وهما على وقتهما إذا ربح فيهما أو في أحدهما ما تجب فيه الزكاة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أفاد ما لا تجب فيه الزكاة فلما مضى لذلك ستة أشهر أفاد أيضا ما لا إن جمعه إلى ماله الأول لم تجب فيه الزكاة فتجر في المال الثاني بعد ستة أشهر من يوم أفاد المال الثاني فربح فيه حتى صار بربحه إلى ما تجب فيه الزكاة‏.‏

قال‏:‏ يضم المال الأول إلى المال الثاني لأنه كانه رجل كانت له خمسة دنانير فائدة فمضى لها ستة أشهر فلما مضى لها ستة أشهر أفاد أيضا خمسة دنانير فتجر في المال الثاني فربح فيه خمسة عشر دينارا فإنه يضيف المال الأول إلى المال الثاني فإذا حال الحول على المال الثاني من يوم أفاده زكى المال الأول والمال الآخر جميعا لأن الفائدة الآخرة كأنها كانت خمسة عشر دينارا من يوم أفادها والخمسة الزائدة التي فيها فضل فإن كان إنما تجر في المال الأول وهو خمسة دنانير فربح فيه خمسة عشر دينارا فصارت بربحه تجب فيه الزكاة فإنه يحتسب من يوم أفاد المال الأول حولا فيزكيه ويحتسب للمال الثاني من يوم أفاده أيضا سنة فيزكيه فيزكي المالين كل مال على حياله إذا كان الربح في المال الأول كما وصفت لك في صدر هذا الكتاب وإن كان الربح في المال الثاني أضاف المال الأول إلى المال الثاني فزكى الأول مع الثاني لأن المال الأول لم تكن يجب فيه الزكاة فإنما يزكيه من يوم يزكي المال الثاني كما وصفت لك‏.‏

قال‏:‏ وهذا كله قول مالك بن أنس‏.‏

قلت‏:‏ فما قول مالك فيمن أفاد مائة دينار فأقرض منها خمسين دينار ثم ضاعت الخمسون الأخرى في يديه مكانها قبل ان يحول الحول عليها عنده ثم اقتضى من الخمسين الدينار عشرة دنانير بعد ما حال عليها الحول من يوم ملكها‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا شيء عليه في هذه العشرة الدنانير التي اقتضاها‏.‏

قلت‏:‏ فإن أنفق هذه العشرة التي اقتضى ثم اقتضى عشرة أخرى بعدها‏.‏

فقال‏:‏ يزكي هذه العشرة الدنانير التي اقتضاها الساعة والعشرة التي أنفقها‏.‏

قلت‏:‏ لم يزكي العشرين جميعا وقد أنفق إحداهما قبل أن يقتضي الثانية ولم لم توجب عليه الزكاة في العشرة الأولى حين اقتضاها وأوجبت عليه الزكاة في العشرة الثانية والعشرة الأولى حين اقتضى العشرة الثانية‏.‏

فقال‏:‏ لأن المال كان أصله مائة دينار فتلفت الخمسون التي كانت بقيت عنده قبل أن يحول عليها الحول وأقرض الخمسين‏.‏

فحال عليها الحول فلما اقتضى من الخمسين الدين بعد الحول عشرة دنانير قلنا لا تزك ولا شيء عليك فيها الساعة لانا لا ندري لعل الدين لا يخرج منه أكثر من هذه العشرة دنانير فنحن ان أمرناه أن يزكي هذه العشرة الأولى حين خرجت يخشى أن نأمره أن يزكي ما لا تجب عليه فيه الزكاة لأن الدين لا يزكى حتى يقتضى ألا ترى أن الدين لو ضاع كله أو توى وقد حالت عليه أحوال عند الذي هو عليه لم يكن على رب المال فيه زكاة فكذلك إذا قبض منه ما لا تجب فيه الزكاة لم يزك ذلك حتى يقبض ما تجب فيه الزكاة فلما اقتضى العشرة الثانية وجبت الزكاة في العشرة الأولى وفي هذه الثانية وإن كان قد أتلف العشرة الأولى لأنها قد حال عليها الحول من يوم ملكها قبل أن ينفقها مع مال له أيضا قد حال عليه الحول قبل أن ينفقه وهي هذه العشرة التي اقتضى ألا ترى أن هذه العشرة الثانية التي اقتضى ليست بفائدة وإنما هي من مال قد كان له قبل أن ينفق العشرة الأولى فلا بد من أن تضاف العشرة الأولى التي أنفقها إلى هذه العشرة الثانية لأن الحول قد حال عليهما من يوم ملكهما فلا بد من أن يزكيهما وأما الخمسون التي أنفقها قبل أن يحول عليها الحول عنده فلا يلتفت إلى تلك لأنه أخرجها من ملكه قبل ان يحول عليها الحول وقبل ان تجب عليه فيها الزكاة فلا يلتفت إلى تلك‏.‏

قلت‏:‏ فما خرج بعد هذه العشرين من هذا الدين الخمسين وان درهما واحدا زكاه‏.‏

قال‏:‏ نعم لأن هذا الدرهم الذي يقتضي من هذه الخمسين قد حال عليه الحول ووجبت فيه الزكاة وهو مضاف إلى مال عنده قد وجبت فيه الزكاة وهي تلك العشرون التي زكاها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أنه حين أقرض الخمسين الدينار بقيت الخمسون الأخرى عنده لم تضع منه حتى زكاها فأنفقها بعد ما زكاها مكانه ثم اقتضى من الخمسين الدين دينارا واحدا مكانه بعد ما زكى الخمسين التي كانت عنده وبعد ما أنفقها واقتضى الدينار بعد ذلك بيسير‏.‏

فقال‏:‏ يزكي هذا الدينار ساعة اقتضاه‏.‏

قلت‏:‏ لم وإنما اقتضى دينارا واحدا وقد زعمت في المسألة الأولى أنه لا يزكي حتى يقتضي عشرين دينارا‏.‏

فقال‏:‏ لا تشبه هذه المسألة الأولى لأن هذه قد بقيت الخمسون في يديه حتى زكاها والأولى لم تبق في يديه الخمسون حتى يزكيها فهذا لما بقيت الخمسون في يديه حتى زكاها كانت بمنزلة ما لو كانت المائة سلفا كلها ثم اقتضى الخمسين بعد الحول فزكاها ثم أنفقها فلا بد له من ان يزكي كل شيء يقتضي من ذلك الدين وان درهما واحدا لأنه يضاف إلى الخمسين التي زكى وان كان قد أنفقها لأن الزكاة لما وجبت عليه في الخمسين الدينار التي كانت عنده وجبت عليه الزكاة في كل مال يملكه من الناض مما أفاد قبل الخمسين مما تجب فيه الزكاة أو لا تجب فيه فهو لما زكي الخمسين الدينار إنما امتنع أن يزكي الدين لأنه لا يدري أيخرج أم لا‏؟‏ يخرج فلما خرج منه شيء وان درهما واحدا لم يكن له بد من أن يزكيه‏.‏

قلت‏:‏ وأصل هذا عند مالك أن كل مال أفدته مما لا تجب فيه الزكاة ثم أفدت بعده ما لا تجب فيه الزكاة أو لا يبلغ أن تكون فيه الزكاة إلا أن يجمع بعضه إلى بعض فتجب فيه الزكاة ان جمع فإنما يضاف المال الأول إلى الآخر فيزكي إذا حال عليه الحول من يوم أفاد الفائدة الآخرة‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو أنه أفاد عشرة دنانير فأقرضها رجلا ثم أفاد بعدها بسنة خمسين دينارا فحال الحول على الخمسين عنده فزكى الخمسين ثم أتلفها ثم اقتضى من العشرة الدنانير دينارا واحدا زكاه لأنه يضاف هذا إلى الخمسين التي أفادها بعد العشرة فزكاها فقال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وأصل هذا في قول مالك أنك تنظر إذا أفاد الرجل ما تجب فيه الزكاة فأقام عنده حولا فزكاه ينظر إلى كل ما كان له قبل أن يفيد هذا المال الذي وجبت فيه الزكاة من الديون التي على الناس ومما قد كان بيده من الناض مما لم تجب عليه فيه الزكاة إذا حاز ذلك في ملكه قبل أن يفيد هذا المال الذي وجبت فيه الزكاة فيضيفه إلى هذا المال الذي وجبت فيه الزكاة فما كان في يديه من ذلك المال زكاه مكانه مع هذا المال الذي وجبت فيه الزكاة وما كان من دين أخرته حتى تقتضيه فتزكيه فكل شيء تقتضيه منه وان درهما واحدا فتخرج ربع عشره لأنه إنما امتنع من أن يزكي هذا الدرهم الذي اقتضاه من دينه يوم زكى ماله الذي وجبت فيه الزكاة لأنه لم يكن في يديه فلما صار في يديه قلنا زكه مكانك الساعة لأن الزكاة قد كانت وجبت فيه يوم زكيت مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فلو أنه أفاد دنانير أو دراهم تجب فيها الزكاة ثم أفاد بعدها بستة أشهر دراهم أو دنانير لا تجب فيها الزكاة فحال الحول على المال الذي تجب فيه الزكاة عنده فزكاه ثم أنفقه مكانه ثم حال الحول على المال الذي لا تجب فيه الزكاة أيزكيه الساعة أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا زكاة عليه‏.‏

قلت‏:‏ ولم وقد زكى المال الأولى الذي أنفقه يوم زكاه وهذا المال في يديه‏.‏

قال‏:‏ لأن هذا المال فائدة بعد المال الأول والمال الأول كان مما تجب فيه الزكاة والمال الأول إذا كان مما يجب فيه الزكاة لا يضاف إلى هذا المال الثاني ويكون المال الأول على حوله والمال الثاني على حوله إن كان المال الآخر مما تجب فيه الزكاة أو لم يكن مما تجب فيه الزكاة فهو سواء وهو على حوله لا يضاف إلى المال الأول فإذا جاء حول المال الأول زكاه ثم إذا جاء حول المال الثاني نظرنا فإن كان يبلغ ما تجب فيه الزكاة زكاه وإن كان مما لا تجب فيه الزكاة نظرنا فإن كان له مال قد أفاد قبله أو معه معا والمال الذي أفاد قبله أو معه لم يتلفه وهو إذا أضيف هذا المال إلي ما أفاد قبله أو معه معا يبلغ أن تجب فيه الزكاة ضم ذلك كله بعضه إلى بعض فزكاه إلا أن يكون قد زكى المال الذي أفاد قبله أو معه فيزكى هذا وحده ربع عشره وان لم يكن في يديه مما أفاد قبله أو معه مما إذا أضيفت هذه الفائدة إليه يبلغ جميعه ما تجب فيه الزكاة لم يكن عليه في هذه الفائدة إليه يبلغ ما تجب فيه الزكاة وليس في يديه شيء مما أفاد قبلها أيضاف إلى ما أفاد بعدها فيزكيها مكانها أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا يضاف إلى ما أفاد بعدها فيزكيها مكانها ولكنها تضاف إلى ما أفاد بعدها فإذا حال الحول على الفائدة الآخرة من يوم أفادها نظرنا إلى كل ما بيده من يوم أفاد الفائدة الآخرة وقبل ذلك فيجمع بعضه إلى بعض فإن كان مما تجب فيه الزكاة زكاهما جميعا إلا أن يكون منه شيء قد زكاه على حوله قبل أن تجب الزكاة في هذه الفائدة الآخرة فلا يزكيه مع هذه الآخرة لأنه لا يزكى مال واحد في حول واحد مرتين ولكنه في الإضافة يضاف بعضه إلى بعض كل مال بيديه قبل الفائدة الآخرة فيزكي الفائدة الآخرة وما لم يزك مما بيده قبل الفائدة الآخرة إلا ما كان قد زكى على حوله إذا كان جميع ما كان في يديه من الفائدة التي قد حال عليها الحول وما قبل ذلك مما تجب فيه الزكاة ولا يلتفت إلى ما في يديه مما لم يحل عليه الحول من الفوائد التي أفاد بعد هذه الفائدة التي حال عليها الحول حتى يحول الحول على الفوائد التي بعدها أيضا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا الذي سألتك عنه قول مالك والذي كان يأخذ به في الزكاة‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أفاد عشرين دينارا فلما مضى لها ستة أشهر أفاد عشرة دنانير فمضت سنة من يوم أفاد العشرين الدينار فزكى العشرين الدينار فصارت العشرون إلى ما لا زكاة فيها ثم حال الحول على الفائدة أيزكيها أيضا‏.‏

فقال‏:‏ إن كانت العشرون التي أخرج زكاتها بقيت في يديه إلى يوم حال الحول على العشرة أو بقي منها ما إذا أضفته إلى العشرة تجب الزكاة في جميعه زكى العشرة وحدها ولا يزكي العشرين التي أخرج زكاتها ولا ما بقي منها لأنه لا يزكى مال واحد في عام مرتين‏.‏

قلت‏:‏ ثم يزكيهما على حولهما حتى يرجعا إلى ما لا زكاة فيه إذا جمعا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت فإن تجر في أحد هذين المالين بعد ما رجعا إلى ما لا زكاة فيهما إذا جمعا فربح في أحد هذين المالين فصار بربحه يجب فيه الزكاة ‏(‏فقال‏:‏ يزكيهما جميعا على حوليهما كان الربح في المال الأول أو في الآخرة فهو سواء إذا كانت الزكاة قد جرت فيهما جميعا‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا كانت له مائة دينار فلما حال عليها الحول زكى المائة الدينار ثم إنه أقرض منها خمسين دينارا وتلفت منه الخمسون الدينار الباقية التي بقيت عنده قبل أن يحول عليها الحول ثم اقتضى من الخمسين التي أقرضها عشرة دنانير‏.‏

فقال‏:‏ لا يزكي هذه العشرة حتى يقتضي عشرين دينارا إلا أن يكون عنده مال قد حال عليه الحول إذا أنت أضفته إلي هذه العشرة التي اقتضى يبلغ ما تجب في كله الزكاة فيزكى جميعا إلا أن يكون قد زكى الذي كان عنده قبل أن يقتضي هذه العشرة فلا يكون عليه أن يزكي إلا هذه العشرة وحدها‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا كانت له مائة دينار أقرضها كلها رجلا فأقامت عند الرجل سنين ثم انه أفاد عشرة دنانير فحال على العشرة دنانير الحول أيزكي هذه العشرة حين حال عليها الحول مكانه أم لا‏؟‏ فقال‏:‏ لا زكاة عليه في هذه العشرة الساعة لأنه ليس في يديه مال تجب فيه الزكاة ألا ترى أنه لو اقتضى من المائة الدينار الدين بعد ما حال عليها أحوال عشرة دنانير لم تكن عليه زكاة في العشرة الدنانير حتى يقتضي عشرين إذا لم يكن عنده مال سوى العشرة التي اقتضى فكذلك هذه العشرة التي أفاد‏.‏

قلت‏:‏ فإذا اقتضى من المائة الدينار الدين عشرة دنانير بعد ما حال على هذه العشرة الفائدة الحول‏.‏

فقال‏:‏ يزكي العشرة التي اقتضى والعشرة الفائدة جميعا ويصير حولهما واحدا‏.‏

قلت‏:‏ ولم أمرته أن يزكي العشرة الفائدة حين اقتضى العشرة من المائة الدين‏.‏

قال‏:‏ لأن العشرة الفائدة حين حال عليها الحول عنده وله مائة دينار دين وجبت الزكاة في هذه العشرة إن خرج دينه أو خرج من دينه ما ان أضفته إلى هذه العشرة يبلغ ما تجب فيه الزكاة وإنما منعنا أن نلزمه الزكاة في العشرة التي أفاد بعد ما حال عليها عنده الحول لأنا لا ندري أيخرج من ذلك الدين شيء أم لا‏؟‏ فلما خرج من الدين ما ان أضفته إلى هذه العشرة الفائدة التي حال عليها الحول وجبت فيها الزكاة وكان وقت ما خرج من الدين والعشرة الفائدة التي أتمها ما يخرج من الدين يصير حولهما واحدا يوم زكاهما ثم ما اقتضى من الدين بعد ذلك زكى كل ما اقتضى منه من شيء ويصير كل ما اقتضى من المائة الدين على حوله من يوم يزكيه شيئا بعد شيء فتصير أحوال كل ما قبض من الدين وأحوال العشرة الفائدة على ما وصفت لك وهو قول مالك ولو أنه استهلك الفائدة بعد أن حال عليها الحول ثم اقتضى بعد ذلك من الدين عشرة دنانير أوجبت عليه في الفائدة الزكاة وان كان قد استهلكها أو استنفقها قبل أن يقتضي هذه العشرة إذا كان الحول قد حال عليها قبل أن يستنفقها أو أن يستهلكها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كاتب عبده على دنانير أو ابل أو بقر أو غنم فلم يقبضها منه حتى حال عليها الحول عند المكاتب‏.‏

فقال‏:‏ لا يزكيها حتى يقبضها من مكاتبه ويحول عليها الحول عنده بعد ما قبضها‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك كل فائدة أفادها رجل من كتابة أو دية وجبت له أو من غير ذلك إذا كانت فائدة فليس على صاحبها فيها الزكاة حتى يحول الحول عليها من يوم قبضها‏.‏

قال مالك‏:‏ ولو أن رجلا ورث مالا عن أبيه فلم يقبضه حتى حالت عليه أحوال كثيرة ثم قبضه بعد ذلك‏.‏

فقال‏:‏ يستقبل به سنة من ذي قبل وليس عليه فيه شيء للسنين الماضية لأنه لم يكن قبضه‏.‏

وكذلك لو أن رجلا ورث دارا عن أبيه فأقامت الدار في يديه سنين فباعها فمكث الثمن عند المشتري سنين ثم قبض الثمن فليس عليه فيه زكاة حتى يحول الحول عن الثمن من يوم قبضه قال وعلى هذا محمل الفوائد كلها إنما تجب الزكاة عليه بعد سنة من يوم يقبض وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك كل سلعة كانت لرجل من ميراث أو صدقة أو هبة أو اشتراها لقنية من دار أو غيرها من السلع فأقامت في يديه سنين أو لم تقم ثم باعها بنقد أو إلى أجل فمطل بالنقد أو باعها إلى أجل فلما حل الأجل مطل بالمال سنين أو أخره بعد ما حل الأجل ثم قبض الثمن فإنه يستقبل به حولا من يوم قبضه ولا يحتسب بشيء كان قبل ذلك ولو كان إنما أسلف ناضا كان في يديه أو باع سلعة كان اشتراها للتجارة فمكثت عند المتسلف أو المشتري سنين ثم قبضه فإنه يزكي المال يوم قبضه زكاة واحدة مكانه‏.‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يكون له على الرجل الذهب وهو ممن لو شاء أن يأخذها منه أخذها منه فتقيم عنده الحول ثم يهبها له أترى على صاحبها الواهب فيها الزكاة‏.‏

فقال‏:‏ ليس على الواهب ولا على الذي وهبت له فيها الزكاة حتى يحول عليها الحول في يدي الموهوبة له‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد روى غيره أن عليه فيه الزكاة كان له مال أو لم يكن إذا وهبت له‏.‏

قال سحنون‏:‏ وهذا إذا كان الموهوبة له ليس له مال غيرها فأما أن لو كان له من العروض وفاء بها كانت عليه زكاتها وهبت له أو لم توهب له لأنها مضمونة عليه حتى يؤديها وزكاتها عليه ان كان له مال وان لم يكن له مال فلا زكاة عليه فيها لو بقيت في يديه ولم توهب له فلما وهبت له وصارت له صارت فائدة وجبت له الساعة فيستقبل بها حولا‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت ما ورث الرجل من السلع مثل الدواب والثياب والطعام والعروض كلها ما عدا الحلي الذهب والفضة فنوى به التجارة حين ورثه أو وهب له أو تصدق به عليه فنوى به التجارة يوم قبضه فحال عليه الحول ثم باعه أتكون عليه الزكاة فيه فقال لا‏.‏

قلت‏:‏ لم فقال لا تكون هذه السلعة للتجارة حتى يبيعها فإذا باعها استقبل بالثمن حولا من يوم باعها لأنه يوم باعها صارت للتجارة ولا تكون للتجارة بنيته إلا ما ابتاع للتجارة‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان ورث حليا مصوغا من الذهب والفضة فنوى به التجارة يوم ورثه فحال عليه الحول أيزكيه‏.‏

فقال‏:‏ نعم والفضة والذهب في هذا مخالفان لما سواهما من العروض لأنه إذا نوى بهما التجارة صارتا بمنزلة العين‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك بن أنس‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فلو ورث آنية من آنية الذهب والفضة أو وهبت له أو تصدق بها عليه أيكون سبيلها سبيل الحلي‏.‏

فقال‏:‏ لا ولكن الآنية إذا وهبت له أو تصدق بها عليه أو ورثها نوى بها التجارة أو لم ينو إذا حال عليها الحول زكى وزنها‏.‏

قلت‏:‏ وما فرق بين الآنية في هذا وبين الحلي‏.‏

قال‏:‏ لأن مالكا كره إتخاذ الآنية من الذهب والفضة ولم يكره الحلي فلما كره اتخاذ الآنية من الذهب والفضة صارت بمنزلة التبر المكسور ففيها إذا حال عليها الحول الزكاة نوى بها التجارة أو لم ينو‏.‏

قال مالك‏:‏ والسنة عندنا أنه ليس على وارث زكاة في مال ورثه في دين ولا عرض ولا عين ولا دار ولا عبد ولا وليدة حتى يحول على ثمن ما باع وقبض الحول من ويوم يقبضه ونض في يده لأنه فائدة فأرى غلة الدور والرقيق والدواب وان ابتيع لغلة فائدة لا تجب في شيء من ذلك الزكاة حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه‏.‏

قال مالك‏:‏ ومن أجر نفسه فإن اجارته أيضا فائدة ومهر المرأة على زوجها فائدة أيضا لا يجب فيه عليها الزكاة حتى تقبضه ويحول عليه الحول من يوم قبض وما قبض بيد المكاتب بعد عتقه من ماله فهو مثله لا زكاة عليه فيه حتى يحول عليه الحول من بعد عتقه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة إذا تزوجت على إبل بأعيانها فلم تقبضها حتى حال عليها الحول عند زوجها ثم قبضتها بعد الحول‏.‏

فقال‏:‏ أرى عليها زكاتها لأنها كانت لها وأيضا لو ماتت ضمنتها وليست هذه مثل التي بغير أعيانها لأن التي ليست بأعيانها لم تجر فيها الزكاة لأنها لا تعرف وانها مضمونة على الزوج‏.‏

وقد قيل لمالك في المرأة تتزوج بالعبد بعينه تعرفه ثم لا تقبضه حتى يموت العبد على من ضمانه فقال على المرأة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة إذا تزوجت على دنانير فلم تقبضها حتى حال عليها الحول عند الزوج ثم قبضتها بعد ما حال عليها الحول على الدنانير عند الزوج أعليها أن تزكيها إذا هي قبضتها أم تستقبل بها حولا من يوم قبضتها‏.‏

قال‏:‏ بل تستقبل بها حولا من يوم قبضتها لأنها فائدة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ما قول مالك في مهور النساء إذا تزوجن على ما تجب فيه الزكاة من الدنانير أو الابل أو البقر أو الغنم فلم تقبضها المرأة حتى حال عليها أحوال عند الزوج‏.‏

فقال‏:‏ إذا قبضت فلا شيء عليها حتى يحول عليها الحول من يوم تقبض قال ومهرها إنما هو فائدة من الفوائد‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقال مالك في قوم ورثوا دارا فباعها لهم القاضي ووضع ثمنها على يدي رجل حتى يقسم ذلك بينهم فأقامت الذهب في يدي الموضوعة على يديه سنين ثم دفعت إليهم أترى عليهم فيها الزكاة‏.‏

فقال‏:‏ لا أرى عليهم فيها الزكاة حتى يحول عليها عندهم الحول من يوم قبضوها ‏(‏ثم سئل أيضا‏)‏ عن الرجل يرث المال بالمكان البعيد فيقيم عنه الثلاث سنين هل يزكيه إذا قبضه‏.‏

فقال‏:‏ إذا قبضه لا يزكيه حتى يحول عليه الحول من يوم قبضه‏.‏

قيل‏:‏ له فلو بعث رسولا مستأجرا أو غير مستأجر فقبضه الرسول‏.‏

فقال‏:‏ رسوله بمنزلته يحسب له حولا من يوم قبضه رسوله وكذلك الأموال تكون للرجل دينا فأمر من يتقاضاها وهو عنها غائب فكل ما اقتضى له وكيله فإنه يحسب له حولا من يوم قبضه‏.‏

قال وكذلك ما ورث الصغير عن أبيه من العين فقبضه وصيه فمن حين قبضه وصيه تحسب له سنة من يوم قبضه الوصي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو ورث ماشية تجب فيها الزكاة فحال عليها الحول قبل أن يقبضها وهي في يدي الوصي أو في غير يدي الوصي أعليه فيها الزكاة‏.‏

فقال‏:‏ نعم عليه فيها الزكاة وفيما ورث من ثمرة وان أقام ذلك عنه سنين لا يعلم به أصلا فإن الساعي يزكيها في كل سنة ويأخذ زكاة ثمرة كل سنة وليس هذا مثل العين في هذا‏.‏

قلت‏:‏ لأشهب فما فرق ما بين الماشية والثمار وبين الدنانير في الزكاة‏.‏

فقال‏:‏ لي لأن السنة إنما جاءت في الضمار وهو المال المحبوس في العين وان السعاة يأخذون الناس بزكاة مواشيهم وثمارهم ولا يأخذونهم بزكاة العين ويقبل قولهم منهم في العين فلو كانت الماشية والثمار لرجل وعليه دين يفترق ماشية مثلها أو ثماره أو غير ذلك لم يمنعه ذلك من أن يؤدي زكاة ماشيته وثماره ولو كانت لرجل دنانير أو دراهم أو ذهب أو فضة وعليه دين وليس له غيرها كان دينه فيها كائنا ذلك الدين ما كان عينا أو عرضا لم يكن عليه فيه الزكاة والذي يرث الدنانير لا تصير في ضمانه حتى يقبضها‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يشتري الغنم للتجارة فيجزها بعد ذلك بأشهر كيف ترى في ثمن أصوافها أتكون زكاة الصوف مع رقابها‏.‏

قال‏:‏ بل الصوف فائدة يستقبل به حولا من يوم يبيعه وينض المال في يديه وليس عليه يوم باع الصوف زكاة في ثمنه والغنم ان باعها قبل أن يحول عليها الحول يحسب من يوم زكى الثمن الذي اشتراها به فهي خلاف للصوف وان أقامت في يديه حتى يحول عليها الحول ويأتيه المصدق زكى رقابها ولم تكن عليه زكاة التجارة فيها فإن باعها بعد ما زكى رقابها حسب من يوم أخذت منه زكاة الماشية فأكمل سنة من يومئذ ثم يزكي أثمانها والصوف إنما هو فائدة من الغنم والغنم إنما اشتريت من مال التجارة فلذلك افترقا‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك كراء المساكن إذا اشتراها للتجارة وكراء العبيد بهذه المنزلة وكذلك ثمر النخل‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يبتاع النخل للتجارة فيثمر النخل ويكون فيها ثمر فيخرص ويجد وتؤخذ منها الصدقة ثم يبيع الحائط من أصله بعد ذلك يبيع الرقاب انه يزكى ثمن الحائط حين باعه إذا كان قد حال الحول على ثمنه الذي ابتاع به الحائط‏.‏

فقيل‏:‏ له فالثمرة إذا باعها‏.‏

فقال‏:‏ لا زكاة عليها فيها حتى يحول على ثمن الثمرة الحول من يوم باع الثمرة وقبض الثمن فيصير حول الثمرة على حدة وحول المال الذي اشترى به النخل على حدة * ومما يبين لك ذلك أيضا أن صاحب الحائط الذي اشتراه للتجارة لو كان ممن يدير ماله في التجارة وله شهر يقوم فيه لقوم الرقاب ولم يقوم الثمرة لأن الثمرة إذا قومت سقط منها زكاة الخرص والخرص أملك بها ولا يصلح أن يطرح من الثمرة زكاة الخرص لمكان زكاة التجارة فإذا صارت الثمرة بحال ما وصفت لك لم يكن بد من تحول الوقت في الزكاة في الثمرة والنخل وهما جميعا للتجارة فكذلك الغنم الأولى التي وصفت لك إذا حال عليها الحول‏.‏

ابن القاسم‏:‏ وبن وهب عن مالك عن محمد بن عقبة مولى الزبير بن العوام أنه سأل القاسم بن محمد عن مكاتب له قاطعه بمال عظيم هل عليه فيه زكاة فقال القاسم إن أبا بكر الصديق لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول قالالقاسم وكان أبو بكر إذا أعطى الناس أعطياتهم يسأل الرجل هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة فإن‏؟‏ قال نعم أخذ من عطائه زكاة ماله ذلك وان‏؟‏ قال لا أسلم إليه عطاءه ولم يأخذ منه شيئا‏.‏

قال مالك‏:‏ وحدثني عمر بن حسين عن عائشة بنت قدامة عن أبيها قدامة بن مظعون أنه قال كنت إذا جئت عثمان بن عفان آخذ عطائي سألني هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة قال قلت نعم أخذ من عطائي زكاة ذلك المال وان قلت لا دفع إلي عطائي‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ حدثني مالك عن بن شهاب أنه قال أول من أخذ من أخذ من الاعطية الزكاة معاوية بن أبي سفيان‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمر بن محمد وعبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول من استفاد مالا فلا زكاة عليه فيه حتى يحول عليه الحول‏.‏

ابن وهب‏:‏ وأخبرني رجال من أهل العلم أن عثمان وعلي بن أبي طالب وسالم بن عبد الله ويحيى بن سعيد وربيعة وعائشة زوج النبي عليه الصلاة والسلام كانوا يقولون ذلك‏.‏

ابن مهدي‏:‏ عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال ليس في المال المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول فإذا حال عليه الحول ففي كل مائتي درهم خمسة دراهم فما زاد فبالحساب‏.‏

قال‏:‏ وكذلك قال ابن عمر وعائشة مثل قول علي لا تجب زكاة في مال حتى يحول عليه الحول‏.‏

في زكاة المديان

 قلت‏:‏ أرأيت الرجل تكون له الدنانير فيحول عليها الحول وهي عشرون دينارا وعليه دين وله عروض أين يجعل دينه‏.‏

فقال‏:‏ في عروضه فإن كانت وفاء دينه زكى هذه العشرين الناضة التي حال عليها الحول عنده‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كانت عروضه ثياب جسده وثوبي جمعته وخاتمه وسلاحه وسرجه وخادما يخدمه ودارا يسكنها‏.‏

فقال‏:‏ أما خاتمه وداره وخادمه وسرجه وسلاحه فهي عروض يكون الدين فيها فإن كان فيها وفاء بالدين زكى العشرين التي عنده قال وهو قول مالك ‏(‏‏)‏ وأصل هذا فيما حملنا من قول مالك أن ما كان السلطان يبيعه في دينه فإنه يجعل دينه في ذلك ثم يزكى ما كان عنده بعد ذلك من ناض فإذا كان على الرجل الدين فإن السلطان يبيع داره وعروضه كلها ما كان من خادم أو سلاح أو غير ذلك إلا ما كان من ثياب جسده مما لا بد له منه ويترك له ما يعيش به هو وأهله الأيام‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ثوبي جمعته أيبيع عليه السلطان ذلك في دينه‏.‏

فقال‏:‏ إن كانا ليس لهما تلك القيمة فلا يبعهما وان كان لهما قيمة باعهما‏.‏

قلت‏:‏ وتحفظ هذا من مالك‏؟‏ قال لا ولكنه رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من له مال ناض وعليه من الدين مثل هذا المال الناض الذي عنده وله مدبرون قيمتهم أو قيمة خدمتهم مثل الدين الذي عليه‏.‏

فقال‏:‏ يجعل الدين الذي عليه في قيمة المدبرين‏.‏

قلت‏:‏ قيمة رقابهم أو قيمة خدمتهم‏.‏

فقال‏:‏ قيمة رقابهم ويزكى الدنانير الناضة التي عنده‏.‏

قلت‏:‏ هذا قول مالك قال هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت له دنانير ناضة وعليه من الدين مثل الدنانير وله مكاتبون‏.‏

فقال‏:‏ ينظر إلى قيمة الكتابة‏.‏

قلت‏:‏ وكيف ينظر إلى قيمة الكتابة‏.‏

فقال‏:‏ يقال ما قيمة ما على هذا المكاتب من هذه النجوم على محلها بالعاجل من العروض ثم يقال ما قيمة هذه العروض بالنقد لأن ما على المكاتب لا يصلح أن يباع إلا بالعرض إذا كان دنانير أو دراهم فينظر إلى قيمة الكتابة الآن بعد التقويم فيجعل دينه فيه لأنه مال له لو شاء أن يتعجله تعجله وذلك أنه لو شاء أن يبيع ما على المكاتب بما وصفت لك فعل فإذا جعل دينه في قيمة ما على المكاتب زكى ما في يده من الناض إن كانت قيمة ما على المكاتب مثل الدين الذي عليه وكانت الدنانير التي في يديه هذه الناضة تجب فيها الزكاة فإن كانت قيمة ما على المكاتب أقل مما عليه من الدين جعل فضل دينه فيما في يديه من الناض ثم ينظر إلى ما بقي بعد ذلك فإن كان مما تجب فيه الزكاة زكاه وان كان مما لا تجب فيه الزكاة لم يكن عليه فيها شيء‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك في هذه المسألة في المكاتب‏.‏

فقال‏:‏ لم أسمع من مالك هذا كله ولكن مالكا قال لو أن رجلا كانت له مائة دينار في يديه وعليه مائة دينار وله مائة دينار دينا رأيت أن يزكى المائة الناضة التي في يديه ورأيت أن يجعل ما عليه من الدين في الدين الذي له إن كان دينا يرتجيه وهو على ملىء‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يكن يرتجيه‏.‏

فقال‏:‏ لا يزكيه فمسئلة المكاتب عندي على مثل هذا لأن كتابة المكاتب في قول مالك لو أراد أن يبيع ذلك بعرض مخالف لما عليه كان ذلك له فهو مال للسيد كانه عرض في يديه لو شاء أن يبيعه باعه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان عليه دين وله عبيد قد أبقوا وفي يديه مال ناض أيقوم العبيد الأباق فيجعل الدين فيهم فقال لا‏.‏

قلت‏:‏ لم قال لأن الأباق لا يصلح بيعهم ولا يكون دينه فيهم‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظ هذا عن مالك‏.‏

قال‏:‏ لا ولكن هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ لأشهب فما فرق ما بين الماشية والثمار والحبوب والدنانير في الزكاة‏.‏

فقال‏:‏ لأن السنة إنما جاءت في الضمار وهو المال المحبوس في العين وان النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان وعمر بن عبد العزيز كانوا يبعثون الخراص في وقت الثمار فيخرصون على الناس لاحصاء الزكاة ولما للناس في ذلك من تعجيل منافعهم بثمارهم للأكل والبيع وغير ذلك ولا يؤمرون في ذلك بقضاء ما عليهم من دين لتحصيل أموالهم وكذلك السعاة يبعثونهم فيأخذون من الناس مما وجدوا في أيديهم ولا يسألونهم عن شيء من الدين‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد قال ابن نافع قال أو الزناد كان من أدركت من فقهاء أهل المدينة وعلمائهم ممن يرضى وينتهي إلى قوله منهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار في مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فضل وفقه وربما اختلفوا في الشيء فيؤخذ بقول أكثرهم إنهم كانوا يقولون لا يصدق المصدق إلا ما أتى عليه لا ينظر إلى غير ذلك‏.‏

ابن نافع‏:‏ قال أبو الزناد وهي السنة قال أبو الزناد وان عمر بن عبد العزيز ومن قبله من الفقهاء يقولون ذلك‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقد كان عثمان بن عفان يصيح في الناس هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة فكان الرجل يحصى دينه ثم يؤدي مما بقي في يديه إن كان ما بقي تجب فيه الزكاة‏.‏

ابن مهدي‏:‏ عن أبي عبد الرحمن عن طلحة بن النضر قال سمعت محمد بن سيرين يقول كانوا لا يرصدون الثمار في الدين وينبغي للعين أن ترصد في الدين‏.‏

ابن مهدي‏:‏ عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين قال كان المصدق يجيء فأينما رأى زرعا قائما أو إبلا قائمة أو غنما قائمة أخذ منها الصدقة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا كانت في يديه مائة دينار ناضة فحال عليها الحول وعليه مائة دينار دينا مهرا لإمرأته أيكون عليه فيما في يديه الزكاة فقال لا‏.‏

قلت‏:‏ وهو قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ قال لي مالك إذا فلس زوجها حاصت الغرماء وان مات زوجها حاصت الغرماء فهو دين وهذا مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا كانت عنده مائة دينار فحال عليها الحول وعليه زكاة كان قد فرط فيها لم يؤدها من زكاة المال والماشية وما أنبتت الأرض أتكون فيما في يديه الزكاة‏.‏

قال‏:‏ لا يكون عليه فيما في يديه الزكاة إلا أن يبقي في يديه بعد أن يؤدي ما كان فرط فيه من الزكاة ما تجب فيه الزكاة عشرون دينارا فصاعدا فإن بقي في يديه عشرون دينارا فصاعدا زكاه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك قال هذا رأيي وذلك لأن مالكا قال لي في الزكاة إذا فرط فيها الرجل ضمنها وان أحاطت بماله وهذا عندي مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت رجلا له عشرون دينارا قد حال عليها الحول وعليه عشرة دراهم نفقة شهر لامرأته قد كان فرضها القاضي عليه قبل أن يحول الحول بشهر‏.‏

فقال‏:‏ يجعل نفقة المرأة في هذه العشرين الدينار فإذا انحطت فلا زكاة عليه فيها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان لم يكن فرض لها القاضي ولكنها أنفقت على نفسها شهرا قبل الحول ثم ابتغت نفقة الشهر وعند الزوج هذه العشرون الدينار‏.‏

فقال‏:‏ تأخذ نفقتها ولا يكون على الزوج فيها الزكاة‏.‏

قلت‏:‏ ويلزم الزوج ما أنفقت من مالها وان لم يفرض لها القاضي‏.‏

قال‏:‏ نعم إذا كان الزوج موسرا فإن كان الزوج غير موسر فلا يضمن لها ما أنفقت ومسئلتك أنه أنفقت وعند الزوج عشرون دينارا فالزوج يتبع بما أنفقت يقضي لها عليه بما أنفقت فإذا قضى لها بذلك عليه حطت العشرون إلى ما لا زكاة فيها فلا تكون عليه زكاة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ قال قال مالك أيما امرأة أنفقت وزوجها في حضر أو في سفر وهوموسر فما أنفقت فهو في مال زوجها ان ابتغته على ما أحب أو كره الزوج مضمونا عليه فلما ابتغته كان ذلك لها دينا عليه فجعلناه في هذه العشرين فبطلت عنه الزكاة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت هذه النفقة التي على هذا الرجل الذي وصفت لك إنما هي نفقة والدين أو ولد‏.‏

قال‏:‏ لا تكون نفقة الوالدين والولد دينا أبطل به الزكاة عن الرجل لأن الوالدين والولد إنما تلزم النفقة لهم إذا ابتغوا ذلك وان أنفقوا ثم طلبوه بما أنفقوا لم يلزمه ما أنفقوا وان كان موسرا والمرأة يلزمه ما أنفقت قبل أن تطلبه بالنفقة ان كان موسرا‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان القاضي قد فرض للأبوين نفقة معلومة فلم يعطهما ذلك شهرا وحال الحول على ما عند هذا الرجل بعد هذا الشهر أتجعل نفقة الأبوين ها هنا دينا فيما في يديه إذا قضى به القاضي‏؟‏ قال لا ‏(‏وقال غيره‏)‏ وهو أشهب أحط عنه به الزكاة وألزمه ذلك إذا قضى به القاضي عليه في الأبوين لأن النفقة لهما إنما تكون إذا طلبا ذلك‏.‏

قال‏:‏ ولا يشبهان الولد ويرجع على الأب بما تداين الولد أو أنفق عليه إذا كان موسرا ويحط عنه ذلك الزكاة كانت بفريضة من القاضي أم لم تكن لأن الولد لم تسقط نفقتهم عن الوالد إذا كان له مال من أول ما كانوا حتى يبلغوا والوالدان قد كانت نفقتهما ساقطة فإنما ترجع نفقتهما بالقضية والحكم من السلطان والله أعلم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت رجلا كانت عنده دنانير قد حال عليها الحول تجب فيها الزكاة وعليه اجارة أجراء قد عملوا عنده قبل أن يحول على ما عنده الحول أو كراء إبل أو دواب أيجعل ذلك الكراء أوالاجارة فيما في يديه من الناض ثم يزكي ما بقي‏.‏

فقال‏:‏ نعم إذا لم يكن له عروض‏.‏

قلت‏:‏ وهو قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن العامل إذا عمل بالمال قراضا فربح ربحا وعلى العامل المقارض دين فاقتسماه بعد الحول فأخذ العامل ربحه هل ترى الزكاة على العامل في حظه وعليه دين‏.‏

فقال‏:‏ لا إلا أن يكون له عروض وفاء بدينه فيكون دينه في العروض ويكون في ربحه هذا الزكاة فإن لم يكن له عروض فلا زكاة عليه في ربحه إذا كان الدين يحيط بربحه كله‏.‏

ابن وهب‏:‏ أشهب عن مالك وسفيان بن عيينة أن بن شهاب حدثهما عن السائب بن يزيد أن عثمان بن عفان كان يقول هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن عقيل عن بن شهاب عن السائب بن يزيد قال سمعت عثمان بن عفان على المنبر وهو يقول هذا شهر زكاتكم الذي تؤدون فيه زكاتكم فمن كان عليه دين فليقض دينه فإن فضل عنده ما تجب فيه الزكاة فليؤد زكاته ثم ليس عليه شيء حتى يحول عليه الحول‏.‏

ابن القاسم‏:‏ وبن وهب عن مالك أن يزيد بن خصيفة حدثه أنه سأل سليمان بن يسار عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه زكاة فقال لا‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقال ابن شهاب ونافع مثل قول سليمان بن يسار‏.‏

ابن مهدي‏:‏ عن أبي الحسن عن عمرو بن حزم قال سئل جابر بن زيد عن الرجل يصيب الدراهم وعليه من الدين أكثر منها فقال لا زكاة عليه حتى يقضي دينه‏.‏