فصل: فصل: إن استمتع بامرأته بمباشرة فيما دون الفرج من غير خلوة‏

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

والخلوة في النكاح الفاسد لا يجب بها شيء من المهر لأن الصداق لم يجب بالعقد وإنما يوجبه الوطء ولم يوجد ولذلك لا يتنصف بالطلاق قبل الدخول‏,‏ فأشبه ذلك الخلوة بالأجنبية وقد روي عن أحمد ما يدل على أن الخلوة فيه كالخلوة في الصحيح لأن الابتداء بالخلوة فيه كالابتداء بذلك في النكاح الصحيح فيتقرر به المهر كالصحيح والأولى أولى‏.‏

فصل‏:‏

فإن استمتع بامرأته بمباشرة فيما دون الفرج من غير خلوة‏,‏ كالقبلة ونحوها فالمنصوص عن أحمد أنه يكمل به الصداق فإنه قال‏:‏ إذا أخذها فمسها‏,‏ وقبض عليها من غير أن يخلو بها لها الصداق كاملا إذا نال منها شيئا لا يحل لغيره وقال في رواية مهنا‏:‏ إذا تزوج امرأة ونظر إليها وهي عريانة تغتسل‏,‏ أوجب عليه المهر ورواه عن إبراهيم‏:‏ إذا اطلع منها على ما يحرم على غيره فعليه المهر لأنه نوع استمتاع فهو كالقبلة قال القاضي‏:‏ يحتمل أن هذا ينبني على ثبوت تحريم المصاهرة بذلك‏,‏ وفيه روايتان فيكون في تكميل الصداق به وجهان أحدهما يكمل به الصداق لما روى الدارقطني عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان‏,‏ قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏من كشف خمار امرأة ونظر إليها وجب الصداق‏,‏ دخل بها أو لم يدخل‏)‏ ولأنه مسيس فيدخل في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏من قبل أن تمسوهن‏}‏ ولأنه استمتاع بامرأته فكمل به الصداق‏,‏ كالوطء والوجه الآخر‏:‏ لا يكمل به الصداق وهو قول أكثر الفقهاء لأن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏تمسوهن‏}‏ إنما أريد به في الظاهر الجماع ومقتضى قوله‏:‏ ‏{‏وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن‏}‏ أن لا يكمل الصداق لغير من وطئها ولا تجب عليها العدة‏,‏ ترك عمومه في من خلا بها للإجماع الوارد عن الصحابة فيبقى فيما عداه على مقتضى العموم‏.‏

فصل‏:‏

إذا دفع زوجته‏,‏ فأذهب عذرتها ثم طلقها قبل الدخول فليس عليه إلا نصف صداقها‏,‏ وقال أبو يوسف ومحمد‏:‏ عليه الصداق كاملا لأنه أذهب عذرتها في نكاح صحيح فكان عليه المهر كاملا‏,‏ كما لو وطئها ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم‏}‏ وهذه مطلقة قبل المسيس فأشبه ما لو لم يدفعها‏,‏ ولأنه أتلف ما يستحق إتلافه بالعقد فلم يضمنه لغيره كما لو أتلف عذرة أمته ويتخرج أن يجب لها الصداق كاملا لأن أحمد قال‏:‏ إن فعل ذلك أجنبي‏,‏ عليه الصداق ففيما إذا فعله الزوج أولى فإن ما يجب به الصداق ابتداء أحق بتقرير المهر ونص أحمد في من أخذ امرأته وقبض عليها‏,‏ وفي من نظر إليها وهي عريانة‏:‏ عليه الصداق كاملا فهذا أولى‏.‏

فصل‏:‏

وإن دفع امرأة أجنبية فأذهب عذرتها أو فعل ذلك بأصبعه أو غيرها‏,‏ فقال أحمد‏:‏ لها صداق نسائها وقال‏:‏ إن تزوج امرأة عذراء فدفعها هو وأخوه فأذهبا عذرتها‏,‏ ثم طلقها قبل الدخول فعلى الزوج نصف الصداق وعلى الأخ نصف العقر وروي نحو ذلك عن علي‏,‏ وابنه الحسن وعبد الله بن معقل وعبد الملك بن مروان وقال الشافعي‏:‏ ليس عليه إلا أرش بكارتها لأنه إتلاف جزء لم يرد الشرع بتقدير عوضه‏,‏ فرجع في ديته إلى الحكومة كسائر ما لم يقدر ولأنه إذا لم يكمل به الصداق في حق الزوج‏,‏ ففي حق الأجنبي أولى ولنا ما روى سعيد قال‏:‏ حدثنا هشيم حدثنا مغيرة‏,‏ عن إبراهيم أن رجلا كانت عنده يتيمة فخافت امرأته أن يتزوجها‏,‏ فاستعانت بنسوة فضبطنها لها فأفسدت عذرتها وقالت لزوجها‏:‏ إنها فجرت فأخبر عليا‏,‏ رضي الله عنه بذلك فأرسل علي إلى امرأته والنسوة فلما أتينه‏,‏ لم يلبثن إن اعترفن بما صنعن فقال للحسن بن علي‏:‏ اقض فيها يا حسن فقال‏:‏ الحد على من قذفها والعقر عليها وعلى الممسكات قال علي‏:‏ لو كلفت الإبل طحنا لطحنت وما يطحن يومئذ بعير وقال‏:‏ حدثنا هشيم‏,‏ أخبرنا إسماعيل بن سالم حدثنا الشعبي أن جواري أربعا قالت إحداهن‏:‏ هي رجل‏,‏ وقالت الأخرى هي امرأة وقالت الثالثة‏,‏‏:‏ هي أبو التي زعمت أنها رجل وقالت الرابعة‏:‏ هي أبو التي زعمت أنها امرأة فخطبت التي زعمت أنها أبو الرجل إلى التي زعمت أنها أبو المرأة‏,‏ فزوجوها إياها فعمدت إليها فأفسدتها بأصبعها فرفع ذلك إلى عبد الملك بن مروان فجعل الصداق بينهن أرباعا‏,‏ وألغى حصة التي أمكنت من نفسها فبلغ عبد الله بن معقل فقال‏:‏ لو وليت أنا‏,‏ لجعلت الصداق على التي أفسدت الجارية وحدها وهذه قصص تنتشر فلم تنكر فكانت إجماعا ولأن إتلاف العذرة مستحق بعقد النكاح‏,‏ فإذا أتلفه أجنبي وجب المهر كمنفعة البضع‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏والزوج هو الذي بيده عقدة النكاح‏,‏ فإذا طلق قبل الدخول فأيهما عفا لصاحبه عما وجب له من المهر وهو جائز الأمر في ماله‏,‏ برئ منه صاحبه‏]‏

اختلف أهل العلم في الذي بيده عقدة النكاح فظاهر مذهب أحمد -رحمه الله- أنه الزوج وروي ذلك عن علي وابن عباس‏,‏ وجبير بن مطعم رضي الله عنهم وبه قال سعيد بن المسيب وشريح وسعيد بن جبير‏,‏ ونافع بن جبير مولى ابن عمر ومجاهد وإياس بن معاوية وجابر بن زيد‏,‏ وابن سيرين والشعبي والثوري‏,‏ وإسحاق وأصحاب الرأي والشافعي في الجديد وعن أحمد أنه الولي إذا كان أبا الصغيرة وهو قول الشافعي القديم‏,‏ إذا كان أبا أو جدا وحكي عن ابن عباس وعلقمة والحسن‏,‏ وطاوس والزهري وربيعة‏,‏ ومالك أنه الولي لأن الولي بعد الطلاق هو الذي بيده عقدة النكاح لكونها قد خرجت عن يد الزوج ولأن الله تعالى ذكر عفو النساء عن نصيبهن‏,‏ فينبغي أن يكون عفو الذي بيده عقدة النكاح عنه ليكون المعفو عنه في الموضعين واحدا ولأن الله تعالى بدأ بخطاب الأزواج على المواجهة‏,‏ بقوله‏:‏ ‏{‏وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن‏}‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح‏}‏ وهذا خطاب غير حاضر ولنا ما روى الدارقطني بإسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه‏,‏ عن جده عن ‏(‏النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏:‏ ولي العقدة الزوج‏)‏ ولأن الذي بيده عقدة النكاح بعد العقد هو الزوج فإنه يتمكن من قطعه وفسخه وإمساكه وليس إلى الولي منه شيء‏,‏ ولأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏وأن تعفوا أقرب للتقوى‏}‏ والعفو الذي هو أقرب إلى التقوى هو عفو الزوج عن حقه أما عفو الولي عن مال المرأة فليس هو أقرب إلى التقوى‏,‏ ولأن المهر مال للزوجة فلا يملك الولي هبته وإسقاطه كغيره من أموالها وحقوقها‏,‏ وكسائر الأولياء ولا يمتنع العدول عن خطاب الحاضر إلى خطاب الغائب كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم‏}‏ فعلى هذا متى طلق الزوج قبل الدخول تنصف المهر بينهما‏,‏ فإن عفا الزوج لها عن النصف الذي له كمل لها الصداق جميعه وإن عفت المرأة عن النصف الذي لها منه‏,‏ وتركت له جميع الصداق جاز إذا كان العافي منهما رشيدا جائزا تصرفه في ماله‏,‏ وإن كان صغيرا أو سفيها لم يصح عفوه لأنه ليس له التصرف في ماله بهبة ولا إسقاط ولا يصح عفو الولي عن صداق الزوجة‏,‏ أبا كان أو غيره صغيرة كانت أو كبيرة نص عليه أحمد في رواية الجماعة وروي عنه ابن منصور‏:‏ إذا طلق امرأته وهي بكر قبل أن يدخل بها فعفا أبوها أو زوجها‏,‏ ما أرى عفو الأب إلا جائزا قال أبو حفص‏:‏ ما أرى ما نقله ابن منصور إلا قولا لأبي عبد الله قديما وظاهر قول أبي حفص أن المسألة رواية واحدة وأن أبا عبد الله رجع عن قوله بجواز عفو الأب وهو الصحيح لأن مذهبه أنه لا يجوز للأب إسقاط ديون ولده الصغير ولا إعتاق عبيده‏,‏ ولا تصرفه له إلا بما فيه مصلحته ولا حظ لها في هذا الإسقاط فلا يصح وإن قلنا برواية ابن منصور‏,‏ لم يصح إلا بخمس شرائط‏:‏ أولها أن يكون أبا لأنه الذي يلي مالها ولا يتهم عليها الثاني أن تكون صغيرة‏,‏ ليكون وليا على مالها فإن الكبيرة تلي مال نفسها الثالث أن تكون بكرا لتكون غير مبتذلة‏,‏ ولأنه لا يملك تزويج الثيب وإن كانت صغيرة فلا تكون ولايته عليها تامة الرابع أن تكون مطلقة لأنها قبل الطلاق معرضة لإتلاف البضع الخامس‏,‏ أن تكون قبل الدخول لأن ما بعده قد أتلف البضع فلا يعفو عن بدل متلف ومذهب الشافعي على نحو من هذا إلا أنه يجعل الجد كالأب‏.‏

فصل‏:‏

ولو بانت امرأة الصغير أو السفيه أو المجنون‏,‏ على وجه يسقط صداقها عنهم مثل أن تفعل امرأته ما ينفسخ به نكاحها من رضاع من ينفسخ نكاحها برضاعه أو ردة‏,‏ أو بصفة لطلاق من السفيه أو رضاع من أجنبية لمن ينفسخ نكاحها برضاعه أو نحو ذلك‏,‏ لم يكن لوليهم العفو عن شيء من الصداق رواية واحدة وكذلك لا يجوز عند الشافعي قولا واحدا والفرق بينهم وبين الصغيرة أن وليها أكسبها المهر بتزويجها وهاهنا لم يكسبه شيئا‏,‏ إنما رجع المهر إليه بالفرقة‏.‏

فصل‏:‏

وإذا عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها أو عن بعضه أو وهبته له بعد قبضه وهي جائزة الأمر في مالها جاز ذلك وصح ولا نعلم فيه خلافا لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏إلا أن يعفون‏}‏ يعني الزوجات وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا‏}‏ قال أحمد في رواية المروذي‏:‏ ليس شيء‏,‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فكلوه هنيئا مريئا‏}‏ سماه غير المهر تهبه المرأة للزوج وقال علقمة لامرأته‏:‏ هبي لي من الهنيء المريء يعني من صداقها وهل لها الرجوع فيما وهبت زوجها‏؟‏ فيه عن أحمد روايات واختلاف بين أهل العلم ذكرناه فيما مضى‏.‏

فصل‏:‏

إذا طلقت قبل الدخول وتنصف المهر بينهما‏,‏ لم يخل من أن يكون دينا أو عينا فإن كان دينا لم يخل إما أن يكون دينا في ذمة الزوج لم يسلمه إليها أو في ذمتها‏,‏ بأن تكون قد قبضته وتصرفت فيه أو تلف في يدها وأيهما كان فإن للذي له الدين أن يعفو عن حقه منه‏,‏ بأن يقول‏:‏ عفوت عن حقي من الصداق أو أسقطته أو أبرأتك منه أو ملكتك إياه‏,‏ أو وهبتك أو أحللتك منه أو أنت منه في حل‏,‏ أو تركته لك وأي ذلك قال‏:‏ سقط به المهر وبرئ منه الآخر وإن لم يقبله‏,‏ لأنه إسقاط حق فلم يفتقر إلى قبول كإسقاط القصاص والشفعة والعتق والطلاق ولذلك صح إبراء الميت مع عدم القبول منه‏,‏ ولو رد ذلك لم يرتد وبرئ منه لما ذكرناه وإن أحب العفو من الصداق في ذمته‏,‏ لم يصح العفو لأنه إن كان في ذمة الزوج فقد سقط عنه بالطلاق وإن كان في ذمة الزوجة فلا يثبت في ذمتها إلا النصف الذي يستحقه الزوج وأما النصف الذي لها‏,‏ فهو حقها تصرفت فيه فلم يثبت في ذمتها منه شيء ولأن الجميع كان ملكا لها تصرفت فيه‏,‏ وإنما يتجدد ملك الزوج للنصف بطلاقه فلا يثبت في ذمتها غير ذلك وأيهما أراد تكميل الصداق لصاحبه فإنه يجدد له هبة مبتدأة وأما إن كان الصداق عينا في يد أحدهما‏,‏ فعفا الذي هو في يده للآخر فهو هبة له تصح بلفظ العفو والهبة والتمليك ولا تصح بلفظ الإبراء والإسقاط‏,‏ ويفتقر إلى القبض فيما يشترط القبض فيه وإن عفا غير الذي هو في يده صح بهذه الألفاظ وافتقر إلى مضي زمن يتأتى القبض فيه‏,‏ إن كان الموهوب مما يفتقر إلى القبض‏.‏

فصل‏:‏

وإن أصدقها عبدا فوهبته نصفه ثم طلقها قبل الدخول‏,‏ انبنى ذلك على الروايتين فإن قلنا‏:‏ إذا وهبته الكل لم يرجع بشيء رجع ها هنا في ربعه وعلى الرواية الأخرى يرجع في النصف الباقي كله لأنه وجده بعينه وبهذا قال أبو يوسف ومحمد والمزني وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يرجع بشيء لأن النصف حصل في يده‏,‏ فقد استعجل حقه وقال الشافعي في أحد أقواله كقولنا والثاني له نصف النصف الباقي‏,‏ ونصف قيمة الموهوب والثالث يتخير بين هذا وبين الرجوع بقيمة النصف ولنا أنه وجد نصف ما أصدقها بعينه‏,‏ فأشبه ما لم تهبه شيئا‏.‏

فصل‏:‏

فإن خالع امرأته بنصف صداقها قبل دخوله بها صح وصار الصداق كله له نصفه بالطلاق‏,‏ ونصفه بالخلع ويحتمل أن يصير له ثلاثة أرباعه لأنه إذا خالعها بنصفه مع علمه أن النصف يسقط عنه صار مخالعا بنصف النصف الذي يبقى لها‏,‏ فيصير له النصف بالطلاق والربع بالخلع وإن خالعها بمثل نصف الصداق في ذمتها صح‏,‏ وسقط جميع الصداق نصفه بالطلاق بالمقاصة بما في ذمتها له من عوض الخلع ولو قالت له‏:‏ اخلعني بما تسلم لي من صداقي ففعل صح وبرئ من جميع الصداق وكذلك إن قالت‏:‏ اخلعني على أن لا تبعة عليك في المهر صح‏,‏ وسقط جميعه عنه وإن خالعته بمثل جميع الصداق في ذمتها صح ويرجع عليها بنصفه لأنه يسقط نصفه بالمقاصة بالنصف الذي لها عليه‏,‏ ويسقط عنه النصف بالطلاق يبقى لها عليها النصف وإن خالعته بصداقها كله فكذلك في أحد الوجهين وفي الآخر‏,‏ لا يرجع عليها بشيء لأنه لما خالعها به مع علمه بسقوط نصفه بالطلاق كان مخالعا لها بنصفه‏,‏ ويسقط عنه بالطلاق نصفه ولا يبقى لها شيء‏.‏