فصل: فصل: إن تزوجها على ألف إن كان أبوها حيًا وعلى ألفين إن كان أبوها ميتا فالتسمية فاسدة ولها صداق نسائها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

فإن جمع بين نكاح وبيع‏,‏ فقال‏:‏ زوجتك ابنتي وبعتك داري هذا بألف صح ويقسط الألف‏,‏ على صداقها وقيمة الدار وإن قال زوجتك ابنتي واشتريت منك عبدك هذا بألف فقال‏:‏ بعتكه‏,‏ وقبلت النكاح صح ويقسط الألف على العبد ومهر المثل وقال الشافعي في أحد قوليه‏:‏ لا يصح البيع والمهر لإفضائه إلى الجهالة ولنا أنهما عقدان يصح كل واحد منهما منفردا‏,‏ فصح جمعهما كما لو باعه ثوبين فإن قال‏:‏ زوجتك ولك هذا الألف بألفين لم يصح المهر لأنه كمسألة مد عجوة‏.‏

فصل‏:‏

وإن تزوجها على ألف إن كان أبوها حيا وعلى ألفين إن كان أبوها ميتا‏,‏ فالتسمية فاسدة ولها صداق نسائها نص عليه أحمد في رواية مهنا لأن حال الأب غير معلومة‏,‏ فيكون مجهولا وإن قال‏:‏ تزوجتك على ألف إن لم أخرجك من دارك وعلى ألفين إن أخرجتك منها أو على ألف إن لم يكن لي امرأة وعلى ألفين إن كانت لي امرأة فنص أحمد على صحة التسمية في هاتين المسألتين وقال القاضي‏,‏ وأبو بكر‏:‏ في الجميع روايتان إحداهما لا يصح واختاره أبو بكر لأن سبيله سبيل الشرطين فلم يجز‏,‏ كالبيع والرواية الثانية يصح لأن ألفا معلوم وإنما جهل الثاني وهو معلوم على شرط‏,‏ فإن وجد الشرط كان زيادة في الصداق والصداق تجوز الزيادة فيه والأولى أولى والقول بأن هذا تعليق على شرط لا يصح لوجهين أحدهما أن الزيادة لا يصح تعليقها على شرط فلو قال‏:‏ إن مات أبوك‏,‏ فقد زدتك في صداقك ألفا لم تصح ولم تلزم الزيادة عند موت الأب والثاني أن الشرط ها هنا لم يتجدد في قوله‏:‏ إن كان لي زوجة‏,‏ أو إن كان أبوك ميتا ولا الذي جعل الألف فيه معلوم الوجود ليكون الألف الثاني زيادة عليه ويمكن الفرق بين المسألة التي نص أحمد على إبطال التسمية فيها وبين التي نص على الصحة فيها‏,‏ بأن الصفة التي جعل الزيادة فيها ليس للمرأة فيها غرض يصح بذل العوض فيه وهو كون أبيها ميتا بخلاف المسألتين اللتين صحت التسمية فيهما‏,‏ فإن خلو المرأة من ضرة تغيرها وتقاسمها وتضيق عليها‏,‏ من أكبر أغراضها وكذلك إقرارها في دارها بين أهلها وفي وطنها فلذلك خففت صداقها لتحصيل غرضها‏,‏ وثقلته عند فواته فعلى هذا يمتنع قياس إحدى الصورتين على الأخرى ولا يكون في كل مسألة إلا رواية واحدة وهي الصحة في المسألتين الآخرتين‏,‏ والبطلان في المسألة الأولى وما جاء من المسائل ألحق بأشبههما به‏.‏

فصل‏:‏

وإن تزوجها على طلاق امرأة له أخرى لم تصح التسمية‏,‏ ولها مهر مثلها وهذا اختيار أبي بكر وقول أكثر الفقهاء لأن هذا ليس بمال وإنما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أن تبتغوا بأموالكم‏}‏ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏{‏لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها ولتنكح‏,‏ فإنما لها ما قدر لها‏}‏ صحيح وروى عبد الله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏:‏ ‏(‏لا يحل لرجل أن ينكح امرأة بطلاق أخرى‏)‏ ولأن هذا لا يصلح ثمنا في بيع ولا أجرا في إجارة‏,‏ فلم يصح صداقا كالمنافع المحرمة فعلى هذا يكون حكمه حكم ما لو أصدقها خمرا ونحوه‏,‏ يكون لها مهر المثل أو نصفه إن طلقها قبل الدخول أو المتعة عند من يوجبها في التسمية الفاسدة وعن أحمد رواية أخرى أن التسمية صحيحة لأنه شرط فعلا لها فيه نفع وفائدة‏,‏ لما يحصل لها من الراحة بطلاقها من مقاسمتها وضررها والغيرة منها‏,‏ فصح صداقا كعتق أبيها وخياطة قميصها‏,‏ ولهذا صح بذل العوض في طلاقها بالخلع فعلى هذا إن لم يطلق ضرتها فلها مثل صداق الضرة لأنه سمى لها صداقا لم يصل إليه فكان لها قيمته‏,‏ كما لو أصدقها عبدا فخرج حرا ويحتمل أن لها مهر مثلها لأن الطلاق لا قيمة له وإن جعل صداقها أن طلاق ضرتها إليها إلى سنة‏,‏ فلم تطلقها فقال أحمد إذا تزوج امرأة وجعل طلاق الأولى مهر الأخرى إلى سنة أو إلى وقت‏,‏ فجاء الوقت ولم تقض شيئا رجع الأمر إليه فقد أسقط أحمد حقها لأنه جعله لها إلى وقت فإذا مضى الوقت ولم تقض فيه شيئا‏,‏ بطل تصرفها كالوكيل وهل يسقط حقها من المهر‏؟‏ فيه وجهان ذكرهما أبو بكر أحدهما‏,‏ يسقط لأنها تركت ما شرط لها باختيارها فسقط حقها كما لو تزوجها على عبد فأعتقته والثاني‏,‏ لا يسقط لأنها أخرت استيفاء حقها فلا يسقط كما لو أجلت قبض دراهمها وهل ترجع إلى مهر مثلها‏,‏ أو إلى مهر الأخرى‏؟‏ يحتمل وجهان‏.‏

فصل‏:‏

الزيادة في الصداق بعد العقد تلحق به نص عليه أحمد قال في الرجل يتزوج المرأة على مهر‏,‏ فلما رآها زادها في مهرها‏:‏ فهو جائز فإن طلقها قبل أن يدخل بها فلها نصف الصداق الأول‏,‏ والذي زادها وهذا قول أبي حنيفة وقال الشافعي‏:‏ لا تلحق الزيادة بالعقد فإن زادها فهي هبة تفتقر إلى شروط الهبة وإن طلقها بعد هبتها‏,‏ لم يرجع بشيء من الزيادة قال القاضي‏:‏ وعن أحمد مثل ذلك فإنه قال‏:‏ إذا زوج رجل أمته عبده ثم أعتقهما جميعا‏,‏ فقالت الأمة‏:‏ زدني في مهري حتى أختارك فالزيادة للأمة ولو لحقت بالعقد كانت الزيادة للسيد وليس هذا دليلا على أن الزيادة لا تلحق بالعقد‏,‏ فإن معنى لحوق الزيادة بالعقد أنها تلزم ويثبت فيها أحكام الصداق من التنصيف بالطلاق قبل الدخول وغيره وليس معناه أن الملك يثبت فيها قبل وجودها‏,‏ وأنها تكون للسيد واحتج الشافعي بأن الزوج ملك البضع بالمسمى في العقد فلم يحصل بالزيادة شيء من المعقود عليه فلا تكون عوضا في النكاح‏,‏ كما لو وهبها شيئا ولأنها زيادة في عوض العقد بعد لزومه فلم يلحق به‏,‏ كما في البيع ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة‏}‏ ولأن ما بعد العقد زمن لفرض المهر فكان حالة الزيادة كحالة العقد وبهذا فارق البيع والإجارة وقولهم‏:‏ إنه لم يملك به شيئا من المعقود عليه قلنا‏:‏ هذا يبطل بجميع الصداق فإن الملك ما حصل به‏,‏ ولهذا صح خلوه عنه وهذا ألزم عندهم فإنهم قالوا‏:‏ مهر المفوضة إنما وجب بفرضه لا بالعقد‏,‏ وقد ملك البضع بدونه ثم إنه يجوز أن يستند ثبوت هذه الزيادة إلى حالة العقد فيكون كأنه ثبت بهما جميعا كما قالوا في مهر المفوضة إذا فرضه‏,‏ وكما قلنا جميعا فيما إذا فرض لها أكثر من مهر مثلها إذا ثبت هذا فإن معنى لحوق الزيادة بالعقد أنه يثبت لها حكم المسمى في العقد في أنها تتنصف بالطلاق‏,‏ ولا تفتقر إلى شروط الهبة وليس معناه أن الملك يثبت فيها من حين العقد ولأنها تثبت لمن كان الصداق له لأن الملك لا يجوز تقدمه على سببه‏,‏ ولا وجوده في حال عدمه وإنما يثبت الملك بعد سببه من حينئذ وقال القاضي‏:‏ في الزيادة وجه آخر أنها تسقط بالطلاق ولا أعرف وجه ذلك‏,‏ فإن من جعلها صداقا جعلها تستقر بالدخول وتتنصف بالطلاق قبله وتسقط كلها إذا جاء الفسخ من قبل المرأة‏,‏ ومن جعلها هبة جعلها جميعها للمرأة لا تتنصف بطلاقها إلا أن تكون غير مقبوضة‏,‏ فإنها تسقط لكونها عدة غير لازمة فإن كان القاضي أراد ذلك فهذا وجه وإلا فلا‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإذا أصدقها غنما فتوالدت‏,‏ ثم طلقها قبل الدخول كانت الأولاد لها ورجع بنصف الأمهات‏,‏ إلا أن تكون الولادة نقصتها فيكون مخيرا بين أن يأخذ نصف قيمتها وقت ما أصدقها أو يأخذ نصفها ناقصة‏]‏

قد ذكرنا أن المهر يدخل في ملك المرأة بمجرد العقد فإذا زاد فالزيادة لها‏,‏ وإن نقص فعليها وإذا كانت غنما فتوالدت فالأولاد زيادة منفصلة تنفرد بها دونه‏,‏ لأنه نماء ملكها ويرجع في نصف الأمهات إن لم تكن نقصت ولا زادت زيادة متصلة لأنه نصف ما فرض لها وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم‏}‏ وإن كانت نقصت بالولادة أو بغيرها‏,‏ فله الخيار بين أخذ نصفها ناقصا لأنه راض بدون حقه وبين أخذ نصف قيمتها‏:‏ وقت ما أصدقها لأن ضمان النقص عليها وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يرجع في نصف الأصل وإنما يرجع في نصف القيمة لأنه لا يجوز فسخ العقد في الأصل دون النماء لأنه موجب العقد‏,‏ فلم يجز رجوعه في الأصل بدونه ولنا أن هذا نماء منفصل عن الصداق فلم يمنع رجوع الزوج‏,‏ كما لو انفصل قبل القبض وما ذكروه فغير صحيح لأن الطلاق ليس برفع للعقد ولا النماء من موجبات العقد‏,‏ إنما هو من موجبات الملك إذا ثبت هذا فلا فرق بين كون الولادة قبل تسليمه إليها أو بعده إلا أن يكون قد منعها قبضه فيكون النقص من ضمانه‏,‏ والزيادة لها فتنفرد بالأولاد وإن نقصت الأمهات خيرت بين أخذ نصفها ناقصة‏,‏ وبين أخذ نصف قيمتها أكثر ما كانت من يوم أصدقها إلى يوم طلقها وإن أراد الزوج نصف قيمة الأمهات من المرأة لم يكن له ذلك وقال أبو حنيفة‏:‏ إذا ولدت في يد الزوج ثم طلقها قبل الدخول‏,‏ رجع في نصف الأولاد أيضا لأن الولد دخل في التسليم المستحق بالعقد لأن حق التسليم تعلق بالأم فسرى إلى الولد‏,‏ كحق الاستيلاد وما دخل في التسليم المستحق يتنصف بالطلاق كالذي دخل في العقد ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فنصف ما فرضتم‏}‏ وما فرض ها هنا إلا الأمهات‏,‏ فلا يتنصف سواها ولأن الولد حدث في ملكها فأشبه ما حدث في يدها‏,‏ ولا يشبه حق التسليم حق الاستيلاد فإن حق الاستيلاد يسري وحق التسليم لا سراية له‏,‏ فإن تلف في يد الزوج وكانت المرأة قد طالبت به فمنعها ضمنه كالغاصب‏,‏ وإلا لم يضمنه لأنه تبع لأمه‏.‏

فصل‏:‏

والحكم في الصداق إذا كان جارية كالحكم في الغنم فإذا ولدت كان الولد لها‏,‏ كولد الغنم إلا أنه ليس له الرجوع في نصف الأصل لأنه يفضي إلى التفريق بين الأم وولدها في بعض الزمان وكما لا يجوز التفريق بينهما وبين ولدها في جميع الزمان‏,‏ لا يجوز في بعضه فيرجع أيضا في نصف قيمتها وقت ما أصدقها لا غير‏.‏