فصل: فصل: إذا قال‏:‏ إن أعطيتني ألف درهم فأنت طالق فأعطته ألفا أو أكثر‏‏ طلقت

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

إذا قال‏:‏ إن أعطيتني ألف درهم فأنت طالق فأعطته ألفا أو أكثر‏,‏ طلقت لوجود الصفة وإن أعطته دون ذلك لم تطلق لعدمها وإن أعطته ألفا وازنة‏,‏ تنقص في العدد طلقت وإن أعطته ألفا عددا‏,‏ تنقص في الوزن لم تطلق لأن إطلاق الدرهم ينصرف إلى الوازن من دراهم الإسلام وهي ما كل عشرة منها وزن سبعة مثاقيل ويحتمل أن الدراهم متى كانت تنفق برءوسها من غير وزن‏,‏ طلقت لأنها يقع عليها اسم الدراهم ويحصل منها مقصودها ولا تطلق إذا أعطته وازنة تنقص في العدد لذلك وإن أعطته ألفا رديئة‏,‏ كنحاس فيها أو رصاص أو نحوه لم تطلق لأن إطلاق الألف يتناول ألفا من الفضة وليس في هذه ألف من الفضة وإن زادت على الألف بحيث يكون فيها ألف فضة طلقت لأنها قد أعطته ألفا فضة وإن أعطته سبيكة تبلغ ألفا‏,‏ لم تطلق لأنها لا تسمى دراهم فلم توجد الصفة بخلاف المغشوشة‏,‏ فإنها تسمى دراهم وإن أعطته ألفا رديء الجنس لخشونة أو سواد أو كانت وحشة السكة‏,‏ طلقت لأن الصفة وجدت قال القاضي‏:‏ وله ردها وأخذ بدلها وهذا قد ذكرناه في المسألة التي قبلها‏.‏

فصل‏:‏

وإن قال‏:‏ إن أعطيتني ثوبا مرويا فأنت طالق فأعطته هرويا لم تطلق لأن الصفة التي علق الطلاق عليها لم توجد‏,‏ وإن أعطته مرويا طلقت وإن خالعها على مروي فأعطته هرويا فالخلع واقع‏,‏ ويطالبها بما خالعها عليه وإن خالعها على ثوب بعينه على أنه مروي فبان هرويا‏,‏ فالخلع صحيح لأن جنسهما واحد وإنما ذلك اختلاف صفة فجرى مجرى العيب في العوض‏,‏ وهو مخير بين إمساكه ولا شيء له غيره وبين رده وأخذ قيمته لو كان مرويا لأن مخالفته الصفة بمنزلة العيب في جواز الرد وقال أبو الخطاب‏:‏ وعندي لا يستحق شيئا سواه لأن الخلع على عينه وقد أخذه وإن خالعها على ثوب‏,‏ على أنه قطن فبان كتانا لزم رده‏,‏ ولم يكن له إمساكه لأنه جنس آخر واختلاف الأجناس كاختلاف الأعيان بخلاف ما لو خالعها على مروي فخرج هرويا‏,‏ فإن الجنس واحد‏.‏

فصل‏:‏

وكل موضع علق طلاقها على عطيتها إياه فمتى أعطته على صفة يمكنه القبض وقع الطلاق‏,‏ سواء قبضه منها أو لم يقبضه لأن العطية وجدت فإنه يقال‏:‏ أعطته فلم يأخذ ولأنه علق اليمين على فعل من جهتها والذي من جهتها في العطية البذل على وجه يمكنه قبضه‏,‏ فإن هرب الزوج أو غاب قبل عطيتها أو قالت‏:‏ يضمنه لك زيد أو اجعله قصاصا مما لي عليك أو أعطته به رهنا‏,‏ أو أحالته به لم يقع الطلاق لأن العطية ما وجدت ولا يقع الطلاق بدون شرطه وكذلك كل موضع تعذرت العطية فيه لا يقع الطلاق‏,‏ سواء كان التعذر من جهته أو من جهتها أو من جهة غيرهما لانتفاء الشرط ولو قالت‏:‏ طلقني بألف فطلقها‏,‏ استحق الألف وبانت وإن لم يقبض نص عليه أحمد قال أحمد‏:‏ ولو قالت‏:‏ لا أعطيك شيئا يأخذها بالألف يعني ويقع الطلاق لأن هذا ليس بتعليق على شرط بخلاف الأول‏.‏

فصل‏:‏

وتعليق الطلاق على شرط العطية أو الضمان‏,‏ أو التمليك لازم من جهة الزوج لزوما لا سبيل إلى دفعه فإن الغالب فيها حكم التعليق المحض بدليل صحة تعليقه على الشروط ويقع الطلاق بوجود الشرط سواء كانت العطية على الفور أو التراخي وقال الشافعي‏:‏ إن قال‏:‏ متى أعطيتني‏,‏ أو متى ما أعطيتني أو أي حين أو أي زمان أعطيتني ألفا فأنت طالق فذلك على التراخي وإن قال‏:‏ إن أعطيتني أو إذا أعطيتني ألفا فأنت طالق فذلك على الفور فإن أعطته جوابا لكلامه‏,‏ وقع الطلاق وإن تأخر العطاء لم يقع الطلاق لأن قبول المعاوضات على الفور فإذا لم يوجد منه تصريح بخلافه‏,‏ وجب حمل ذلك على المعاوضات بخلاف متى وأي فإن فيهما تصريحا بالتراخي‏,‏ ونصا فيه وإن صارا معاوضة فإن تعليقه بالصفة جائز أما إن وإذا‏,‏ فإنهما يحتملان الفور والتراخي فإذا تعلق بهما العوض حملا على الفور ولنا‏,‏ أنه علق الطلاق بشرط الإعطاء فكان على التراخي كسائر التعليق أو نقول‏:‏ علق الطلاق بحرف مقتضاه التراخي‏,‏ فكان على التراخي كما لو خلا عن العوض والدليل على أن مقتضاه التراخي‏,‏ أنه يقتضي التراخي إذا خلا عن العوض ومقتضيات الألفاظ لا تختلف بالعوض وعدمه وهذه المعاوضة معدول بها عن سائر المعاوضات بدليل جواز تعليقها على الشروط‏,‏ ويكون على التراخي فيما إذا علقها بمتى أو بأي فكذلك في مسألتنا ولا يصح قياس ما نحن فيه على غيره من المعاوضات لما ذكرنا من الفرق‏,‏ ثم يبطل قياسهم بقول السيد لعبده‏:‏ إن أعطيتني ألفا فأنت حر فإنه كمسألتنا وهو على التراخي على أننا قد ذكرنا أن حكم هذا اللفظ حكم الشرط المطلق‏.‏

فصل‏:‏

إذا قال لامرأته‏:‏ أنت طالق بألف إن شئت لم تطلق حتى تشاء‏,‏ فإذا شاءت وقع الطلاق بائنا ويستحق الألف سواء سألته الطلاق فقالت‏:‏ طلقني بألف فأجابها أو قال ذلك لها ابتداء لأنه علق طلاقها على شرط‏,‏ فلم يوجد قبل وجوده وتعتبر مشيئتها بالقول فإنها وإن كان محلها القلب فلا يعرف ما في القلب إلا بالنطق‏,‏ فيعلق الحكم به ويكون ذلك على التراخي فمتى شاءت طلقت نص عليه أحمد ومذهب الشافعي كذلك‏,‏ إلا في أنه على الفور عنده ولو أنه قال لامرأته‏:‏ أمرك بيدك إن ضمنت لي ألفا فقياس قول أحمد أنه على التراخي لأنه نص على أن أمرك بيدك على التراخي ونص على أنه إذا قال لها‏:‏ أنت طالق إن شئت أن لها المشيئة بعد مجلسها ومذهب الشافعي أنه على الفور لما تقدم ولنا‏,‏ أنه لو قال لعبده‏:‏ إن ضمنت لي ألفا فأنت حر كان على التراخي ولو قال له‏:‏ أنت حر على ألف إن شئت كان على التراخي والطلاق نظير العتق فعلى هذا متى ضمنت له ألفا كان أمرها بيدها‏,‏ وله الرجوع فيما جعل إليها لأن أمرك بيدك توكيل منه لها فله الرجوع فيه كما يرجع في الوكالة وكذلك لو قال لزوجته‏:‏ طلقي نفسك إن ضمنت لي ألفا فمتى ضمنت له ألفا‏,‏ وطلقت نفسها وقع ما لم يرجع وإن ضمنت الألف ولم تطلق‏,‏ أو طلقت ولم تضمن لم يقع الطلاق‏.‏

فصل‏:‏

وإن خالعها على محرم يعلمان تحريمه كالحر‏,‏ والخمر والخنزير والميتة‏,‏ فهو كالخلع بغير عوض سواء لا يستحق شيئا وبه قال مالك وأبو حنيفة وقال الشافعي‏:‏ له عليها مهر المثل لأنه معاوضة بالبضع‏,‏ فإذا كان العوض محرما وجب مهر المثل كالنكاح ولنا أن خروج البضع من ملك الزوج غير متقوم‏,‏ على ما أسلفنا فإذا رضي بغير عوض لم يكن له شيء‏,‏ كما لو طلقها أو علق طلاقها على فعل شيء ففعلته وفارق النكاح فإن دخول البضع في ملك الزوج متقوم‏,‏ ولا يلزم إذا خالعها على عبد فبان حرا لأنه لم يرض بغير عوض متقوم فيرجع بحكم الغرور وها هنا رضي بما لا قيمة له إذا تقرر هذا‏,‏ فإن كان الخلع بلفظ الطلاق فهو طلاق رجعي لأنه خلا عن عوض وإن كان بلفظ الخلع وكنايات الخلع‏,‏ ونوى به الطلاق فكذلك لأن الكناية مع النية كالصريح وإن كان بلفظ الخلع‏,‏ ولم ينو الطلاق انبنى على أصل وهو أنه هل يصح الخلع بغير عوض‏؟‏ وفيه روايتان فإن قلنا‏:‏ يصح صح ها هنا وإن قلنا‏:‏ لا يصح لم يصح ولم يقع شيئا وإن قال‏:‏ إن أعطيتني خمرا أو ميتة‏,‏ فأنت طالق فأعطته ذلك طلقت ولا شيء عليها وعند الشافعي‏,‏ عليها مهر المثل كقوله في التي قبلها‏.‏

فصل‏:‏

فإن قال‏:‏ إن أعطيتني عبدا فأنت طالق فأعطته مدبرا أو معتقا نصفه وقع الطلاق بهما لأنهما كالقن في التمليك‏,‏ وإن أعطته حرا أو مغصوبا أو مرهونا‏,‏ لم تطلق لأن العطية إنما تتناول ما يصح تمليكه وما لا يصح تمليكه لا تكون معطية له وإن قال‏:‏ إن أعطيتني هذا العبد فأنت طالق فأعطته إياه‏,‏ فإذا هو حر أو مغصوب لم تطلق أيضا لما ذكره أبو بكر وأومأ إليه أحمد وذكر القاضي وجها آخر‏,‏ أنه يقع الطلاق قال‏:‏ وأومأ إليه أحمد في موضع آخر لأنه إذا عينه فقد قطع اجتهادها فيه فإذا أعطته إياه وجدت الصفة‏,‏ فوقع الطلاق بخلاف غير المعين ولأصحاب الشافعي أيضا وجهان كذلك وعلى قولهم‏:‏ يقع الطلاق هل يرجع بقيمته أو بمهر المثل‏؟‏ على وجهين ولنا‏,‏ أن العطية إنما معناها المتبادر إلى الفهم منها عند إطلاقها التمكين من تملكه بدليل غير المعين ولأن العطية ها هنا التمليك بدليل حصول الملك بها فيما إذا كان العبد مملوكا لها‏,‏ وانتفاء الطلاق فيما إذا كان غير معين‏.‏

مسألة‏:‏

قال ‏(‏وإذا قالت له‏:‏ طلقني ثلاثا بألف فطلقها واحدة لم يكن له شيء ولزمها التطليقة‏]‏

أما وقوع الطلاق بها فلا خلاف فيه وأما الألف‏,‏ فلا يستحق منه شيئا وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي‏:‏ له ثلث الألف لأنها استدعت منه فعلا بعوض فإذا فعل بعضه استحق بقسطه من العوض كما لو قال‏:‏ من رد عبيدي فله ألف فرد ثلثهم‏,‏ استحق ثلث الألف وكذلك في بناء الحائط وخياطة الثوب ولنا‏,‏ أنها بذلت العوض في مقابلة شيء لم يجبها إليه فلم يستحق شيئا كما لو قال في المسابقة‏:‏ من سبق إلى خمس إصابات فله ألف فسبق إلى بعضها أو قالت‏:‏ بعني عبديك بألف فقال‏:‏ بعتك أحدهما بخمسمائة وكما لو قالت‏:‏ طلقني ثلاثا على ألف فطلقها واحدة‏,‏ فإن أبا حنيفة وافقنا في هذه الصورة على أنه لا يستحق شيئا فإن قيل‏:‏ الفرق بينهما أن الباء للعوض دون الشرط وعلى للشرط فكأنها شرطت في استحقاقه الألف أن يطلقها ثلاثا قلنا‏:‏ لا نسلم أن على للشرط‏,‏ فإنها ليست مذكورة في حروفه وإنما معناها ومعنى الباء واحد وقد سوى بينهما فيما إذا قالت‏:‏ طلقني وضرتي بألف‏,‏ أو على ألف ومقتضى اللفظ لا يختلف بكون المطلقة واحدة أو اثنتين‏.‏

فصل‏:‏

فإن‏:‏ قالت‏:‏ طلقني ثلاثا ولك ألف فهي كالتي قبلها إن طلقها أقل من ثلاث وقع الطلاق‏,‏ ولا شيء له وإن طلقها ثلاثا استحق الألف ومذهب الشافعي وأبي يوسف ومحمد فيها كمذهبهم في التي قبلها وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يستحق شيئا‏,‏ وإن طلقها ثلاثا لأنه لم يعلق الطلاق بالعوض ولنا أنها استدعت منه الطلاق بالعوض فأشبه ما لو قالت‏:‏ رد عبدي ولك ألف فرده وقوله‏:‏ لم يعلق الطلاق بالعوض غير مسلم فإن معنى الكلام ولك ألف عوضا عن طلاقي فإن قرينة الحال دالة عليه وإن قالت‏:‏ طلقني وضرتي بألف‏,‏ أو على ألف علينا فطلقها وحدها طلقت وعليها قسطها من الألف لأن عقد الواحد مع الاثنين بمنزلة العقدين‏,‏ وخلعه للمرأتين بعوض عليهما خلعان فجاز أن ينعقد أحدهما صحيحا موجبا للعوض دون الآخر وإن كان العوض منها وحدها فلا شيء له‏,‏ في قياس المذهب لأن العقد لا يتعدد بتعدد العوض وكذلك لو اشترى منه عبدين بثمن واحد كان عقدا واحدا‏,‏ بخلاف ما إذا كان العاقد من أحد الطرفين اثنين فإنه يكون عقدين‏.‏

فصل‏:‏

وإن قالت‏:‏ طلقني ثلاثا بألف ولم يبق من طلاقها إلا واحدة فطلقها واحدة أو ثلاثا بانت بثلاث قال أصحابنا‏:‏ ويستحق الألف‏,‏ علمت أو لم تعلم وهو منصوص الشافعي وقال المزني‏:‏ لا يستحق إلا ثلث الألف لأنه إنما طلقها ثلث ما طلبت منه فلا يستحق إلا ثلث الألف كما لو كان طلاقها ثلاثا وقال ابن سريج‏:‏ إن علمت أنه لم يبق من طلاقها إلا طلقة‏,‏ استحق الألف وإن لم تعلم كقول المزني لأنها إن كانت عالمة‏,‏ كان معنى كلامها كمل لي الثلاث وقد فعل ذلك ووجه قول أصحابنا أن هذه الواحدة كملت الثلاث‏,‏ وحصلت ما يحصل بالثلاث من البينونة وتحريم العقد فوجب بها العوض‏,‏ كما لو طلقها ثلاثا‏.‏

فصل‏:‏

فإن لم يبق من طلاقها إلا واحدة فقالت‏:‏ طلقني بألف واحدة أبين بها واثنتين في نكاح آخر فقال أبو بكر‏:‏ قياس قول أحمد‏,‏ أنه إذا طلقها واحدة استحق العوض فإن تزوج بها بعد ذلك‏,‏ ولم يطلقها رجعت عليه بالعوض لأنها بذلت العوض في مقابلة ثلاث فإذا لم يوقع الثلاث‏,‏ لم يستحق العوض كما لو كانت ذات طلقات ثلاث فقالت‏:‏ طلقني ثلاثا فلم يطلقها إلا واحدة‏,‏ ومقتضى هذا أنه إذا لم ينكحها نكاحا آخر أنها ترجع عليه بالعوض‏,‏ وإنما يفوت نكاحه إياها بموت أحدهما وإن نكحها نكاحا آخر وطلقها اثنتين لم ترجع عليه بشيء وإن لم يطلقها إلا واحدة‏,‏ رجعت عليه بالعوض كله وقال القاضي‏:‏ الصحيح في المذهب أن هذا لا يصح في الطلقتين الآخرتين لأنه سلف في طلاق ولا يصح السلم في الطلاق ولأنه معاوضة على الطلاق قبل النكاح‏,‏ والطلاق قبل النكاح لا يصح فالمعاوضة عليه أولى فإذا بطل فيهما انبنى ذلك على تفريق الصفقة‏,‏ فإن قلنا‏:‏ تفرق فله ثلث الألف وإن قلنا‏:‏ لا تفرق فسد العوض في الجميع ويرجع بالمسمى في عقد النكاح‏.‏

فصل‏:‏

وإن قالت‏:‏ طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا استحق الألف وقال محمد بن الحسن‏:‏ قياس قول أبي حنيفة إنه لا يستحق شيئا لأن الثلاث مخالفة للواحدة‏,‏ لأن تحريمها لا يرتفع إلا بزوج وإصابة وقد لا تريد ذلك ولا تبذل العوض فيه‏,‏ فلم يكن ذلك إيقاعا لما استدعته بل هو إيقاع مبتدأ فلم يستحق به عوضا ولنا‏,‏ أنه أوقع ما استدعته وزيادة لأن الثلاث واحدة واثنتان وكذلك لو قال‏:‏ طلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها واحدة وقع فيستحق العوض بالواحدة‏,‏ وما حصل من الزيادة التي لم تبذل العوض فيها لا يستحق بها شيئا فإن قال لها‏:‏ أنت طالق بألف وطالق وطالق وقعت الأولى بائنة‏,‏ ولم تقع الثانية ولا الثالثة لأنهما جاءا بعد بينونتها وهذا مذهب الشافعي وإن قال لها‏:‏ أنت طالق وطالق وطالق بألف وقع الثلاث وإن قال‏:‏ أنت طالق وطالق وطالق ولم يقل بألف قيل له أيتهن أوقعت بالألف‏؟‏ فإن قال‏:‏ الأولى بانت بها ولم يقع ما بعدها وإن قال‏:‏ الثانية بانت بها‏,‏ ووقعت بها طلقتان ولم تقع الثالثة وإن قال‏:‏ الثالثة وقع الكل وإن قال‏:‏ نويت أن الألف في مقابلة الكل بانت بالأولى وحدها ولم يقع بها ما بعدها لأن الأولى حصل في مقابلتها عوض وهو قسطها من الألف‏,‏ فبانت بها وله ثلث الألف لأنه رضي بأن يوقعها بذلك مثل أن تقول‏:‏ طلقني بألف فيقول‏:‏ أنت طالق بخمسمائة هكذا ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي ويحتمل أن يستحق الألف لأنه أتى بما بذلت العوض فيه بنية العوض‏,‏ فلم يسقط بعضه بنيته كما لو قالت‏:‏ رد عبدي بألف فرده ينوي خمسمائة وإن لم ينو شيئا استحق الألف بالأولى‏,‏ ولم يقع بها ما بعدها ويحتمل أن تقع الثلاث لأن الواو للجمع ولا تقتضي ترتيبا فهو كقوله‏:‏ أنت طالق ثلاثا بألف وكذلك لو قال ذلك لغير مدخول بها‏,‏ أو قال‏:‏ أنت طالق وطالق وطالق بألف طلقت ثلاثا‏.‏

فصل‏:‏

وإذا قالت‏:‏ طلقني بألف أو على أن لك ألفا أو إن طلقتني فلك على ألف فقال‏:‏ أنت طالق استحق الألف‏,‏ وإن لم يذكره لأن قوله جواب لما استدعته منه والسؤال معاد في الجواب فأشبه ما لو قالت‏:‏ بعني عبدك بألف فقال‏:‏ بعتكه وإن قالت‏:‏ اخلعني بألف فقال‏:‏ أنت طالق فإن قلنا‏:‏ الخلع طلقة بائنة وقع‏,‏ واستحق العوض لأنه أجابها إلى ما بذلت العوض فيه وإن قلنا‏:‏ هو فسخ احتمل أن يستحق العوض أيضا لأن الطلاق يتضمن ما طلبته وهو بينونتها وفيه زيادة نقصان العدد‏,‏ فأشبه ما لو قالت‏:‏ طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا احتمل أن لا يستحق شيئا لأنها استدعت منه فسخا فلم يجبها إليه وأوقع طلاقا ما طلبته‏,‏ ولا بذلت فيه عوضا فعلى هذا يحتمل أن يقع الطلاق رجعيا لأنه أوقعه مبتدئا به غير مبذول فيه عوض‏,‏ فأشبه ما لو طلقها ابتداء ويحتمل أن لا يقع لأنه أوقعه بعوض فإذا لم يحصل العوض لم يقع لأنه كالشرط فيه‏,‏ فأشبه ما لو قال‏:‏ إن أعطيتني ألفا فأنت طالق وإن قالت‏:‏ طلقني بألف فقال‏:‏ خلعتك فإن قلنا‏:‏ هو طلاق استحق الألف لأنه طلقها وإن نوى به الطلاق فكذلك لأنه كناية فيه‏,‏ وإن لم ينو الطلاق وقلنا‏:‏ ليس بطلاق لم يستحق عوضا لأنه ما أجابها إلى ما بذلت العوض فيه ولا يتضمنه لأنها سألته طلاقا ينقص به عدد طلاقه‏,‏ فلم يجبها إليه وإذا لم يجب العوض لم يصح الخلع لأنه إنما خالعها معتقدا لحصول العوض فإذا لم يحصل لم يصح ويحتمل أن يكون كالخلع بغير عوض وفيه من الخلاف ما فيه‏.‏

فصل‏:‏

ولو قالت له‏:‏ طلقني عشرا بألف فطلقها واحدة أو اثنتين‏,‏ فلا شيء له لأنه لم يجبها إلى ما سألت فلم يستحق عليها ما بذلت وإن طلقها ثلاثا استحق الألف‏,‏ على قياس قول أصحابنا فيما إذا قالت‏:‏ طلقني ثلاثا بألف ولم يبق من طلاقها إلا واحدة فطلقها واحدة استحق الألف لأنه قد حصل بذلك جميع المقصود‏.‏

فصل‏:‏

ولو‏:‏ لم يبق من طلاقها إلا واحدة فقالت‏:‏ طلقني ثلاثا بألف فقال‏:‏ أنت طالق طلقتين‏,‏ الأولى بألف والثانية بغير شيء وقعت الأولى واستحق الألف‏,‏ ولم تقع الثانية وإن قال‏:‏ الأولى بغير شيء وقعت وحدها ولم يستحق شيئا لأنه لم يجعل لها عوضا وكملت الثلاث وإن قال‏:‏ إحداهما بألف لزمها الألف لأنها طلبت منه طلقة بألف‏,‏ فأجابها إليها وزادها أخرى‏.‏

فصل‏:‏

وإن قالت‏:‏ طلقني بألف إلى شهر أو أعطته ألفا على أن يطلقها إلى شهر فقال‏:‏ إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق صح ذلك‏,‏ واستحق العوض ووقع الطلاق عند رأس الشهر بائنا لأنه بعوض وإن طلقها قبل مجيء الشهر طلقت ولا شيء له ذكره أبو بكر وقال‏:‏ روي ذلك عن أحمد عل بن سعيد وذلك لأنه إذا طلقها قبل رأس الشهر‏,‏ فقد اختار إيقاع الطلاق من غير عوض وقال الشافعي‏:‏ إذا أخذ منها ألفا على أن يطلقها إلى شهر فطلقها بألف بانت‏,‏ وعليها مهر المثل لأن هذا سلف في طلاق فلم يصح لأن الطلاق لا يثبت في الذمة‏,‏ ولأنه عقد تعلق بعين فلا يجوز شرط تأخير التسليم فيه ولنا أنها جعلت له عوضا صحيحا على طلاقها‏,‏ فإذا طلقها استحقه كما لو لم يقل‏:‏ إلى شهر ولأنها جعلت له عوضا صحيحا على طلاقها‏,‏ فلم يستحق أكثر منه كالأصل وإن قالت‏:‏ لك ألف على أن تطلقني أي وقت شئت من الآن إلى شهر صح في قياس المسألة التي قبلها وقال القاضي‏:‏ لا يصح لأن زمن الطلاق مجهول فإذا طلقها فله مهر المثل وهذا مذهب الشافعي لأنه طلقها على عوض لم يصح‏,‏ لفساده ولنا ما تقدم في التي قبلها ولا تضر الجهالة في وقت الطلاق لأنه مما يصح تعليقه على الشرط‏,‏ فصح بذل العوض فيه مجهول الوقت كالجعالة ولأنه لو قال‏:‏ متى أعطيتني ألفا فأنت طالق صح وزمنه مجهول أكثر من الجهالة ها هنا‏,‏ فإن الجهالة ها هنا في شهر واحد وثم في العمر كله وقول القاضي‏:‏ له مهر المثل مخالف لقياس المذهب فإنه ذكر في المواضع التي يفسد فيها العوض أن له المسمى فكذلك يجب أن يكون ها هنا إن حكمنا بفساده والله أعلم‏.‏

فصل‏:‏

إذا قال لها‏:‏ أنت طالق وعليك ألف وقعت طلقة رجعية ولا شيء عليها لأنه لم يجعل له العوض في مقابلتها‏,‏ ولا شرطا فيها وإنما عطف ذلك على طلاقها فأشبه ما لو قال‏:‏ أنت طالق‏,‏ وعليك الحج فإن أعطته المرأة عن ذلك عوضا لم يكن له عوض لأنه لم يقابله شيء وكان ذلك هبة مبتدأة‏,‏ يعتبر فيه شرائط الهبة وإن قالت المرأة‏:‏ ضمنت لك ألفا لم يصح لأن الضمان إنما يكون عن غير الضامن لحق واجب أو مآله إلى الوجوب وليس ها هنا شيء من ذلك وذكر القاضي أنه يصح لأن ضمان ما لم يجب يصح‏,‏ ولم أعرف لذلك وجها إلا أن يكون أراد أنها إذا قالت قبل طلاقها‏:‏ ضمنت لك ألفا على أن تطلقني فقال‏:‏ أنت طالق‏,‏ وعليك ألف فإنه يستحق الألف وكذلك إذا قالت‏:‏ طلقني طلقة بألف فقال‏:‏ أنت طالق وعليك ألف وقع الطلاق وعليها ألف لأن قوله‏:‏ أنت طالق يكفي في صحة الخلع‏,‏ واستحقاق العوض وما وصل به تأكيد فإن اختلف فقال‏:‏ أنت استدعيت مني الطلاق بالألف فأنكرته فالقول قولها لأن الأصل عدمه‏,‏ فإذا حلفت برئت من العوض وبانت لأن قوله مقبول في بينونتها لأنها حقه غير مقبول في العوض لأنه عليها وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وإن قال‏:‏ ما استدعيت مني الطلاق وإنما أنا ابتدأت به‏,‏ فلي عليك الرجعة وادعت أن ذلك كان جوابا لاستدعائها فالقول قول الزوج لأن الأصل معه ولا يلزمها الألف لأنه لا يدعيه وإن قال أنت طالق على الألف فالمنصوص عن أحمد أن الطلاق يقع رجعيا كقوله‏:‏ أنت طالق‏,‏ وعليك ألف فإنه قال في رواية مهنا في الرجل يقول لامرأته أنت طالق على ألف درهم فلم تقل هي شيئا‏:‏ فهي طالق يملك الرجعة ثانيا وقال القاضي في ‏"‏ المجرد ‏"‏‏:‏ ذلك للشرط‏,‏ تقديره إن ضمنت لي ألفا فأنت طالق فإن ضمنت له ألفا وقع الطلاق بائنا وإلا لم يقع وكذلك الحكم إذا قال‏:‏ أنت طالق على أن عليك فقياس قول أحمد‏,‏ الطلاق يقع رجعيا ولا شيء له وعلى قول القاضي إن قبلت ذلك لزمها الألف وكان خلعا وإلا لم يقع الطلاق وهو قول أبي حنيفة‏,‏ والشافعي وهو أيضا ظاهر كلام الخرقي لأنه استعمل على بمعنى الشرط في مواضع من كتابه منها قوله‏:‏ وإذا أنكحها على أن لا يتزوج عليها‏,‏ فلها فراقه إن تزوج عليها وذلك أن على تستعمل بمعنى الشرط بدليل قول الله تعالى في قصة شعيب‏:‏ ‏{‏إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج‏}‏ وقال ‏{‏فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا‏}‏ وقال موسى ‏{‏هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا‏}‏ ولو قال في النكاح‏:‏ زوجتك ابنتي على صداق كذا صح وإذا أوقعه بعوض لم يقع بدونه وجرى مجرى قوله‏:‏ أنت طالق‏,‏ إن أعطيتني ألفا أو ضمنت لي ألفا ووجه الأول أنه أوقع الطلاق غير معلق بشرط‏,‏ وجعل عليها عوضا لم تبذله فوقع رجعيا من غير عوض كما لو قال‏:‏ أنت طالق‏,‏ وعليك ألف ولأن على ليست للشرط ولا للمعاوضة ولذلك لا يصح أن يقول‏:‏ بعتك ثوبي على دينار‏.‏