فصل: تفسير الآيات (108- 112):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآية رقم (104):

{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)}
قوله عز وجل: {يَومَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن السجل الصحيفة تطوى على ما فيها من الكتابة، وهذا قول مجاهد، وقتادة.
الثاني: أنه الملك.
الثالث: أنه كاتب يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا قول ابن عباس.

.تفسير الآيات (105- 107):

{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)}
قوله عز وجل: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الزبور الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه، والذكر أُمّ الكتاب الذي عنده في السماء، وهذا قول مجاهد.
والثاني: أن الزبور من الكتب التي أنزلها الله تعالى على مَنْ بعد موسى من أنبيائه، وهذا قول الشعبي.
{أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} فيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها أرض الجنة يرثها أهل الطاعة، وهذا قول سعيد بن جبير، وابن زيد.
والثاني: أنها الأرض المقدسة يرثها بنو إسرائيل، وهذا قول الكلبي.
والثالث: أنها أرض الدنيا، والذي يرثها أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا قول ابن عباس.
قوله عز وجل: {إِنَّ فِي هذَا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ} أما قوله {إِنَّ فِي هذَا} ففيه قولان:
أحدهما: يعني في القرآن.
والثاني: في هذه السورة.
وفي قوله: {لَبَلاَغاً لَّقُوْمٍ عَابِدِينَ} وجهان:
أحدهما: أنه بلاغ إليهم يَكُفُّهُم عن المعصية ويبعثهم على الطاعة.
الثاني: أنه بلاغ لهم يبلغهم إلى رضوان الله وجزيل ثوابه.
وفي قوله: {عَابِدِينَ} وجهان:
أحدهما: مطيعين.
والثاني: عالمين.
قوله عز وجل: {وَمَا أرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} فيما أريد بهذه الرحمة وجهان:
أحدهما: الهداية إلى طاعة الله واستحقاق ثوابه.
الثاني: أنه ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال.
وفي قوله: {لِلْعَالَمِينَ} وجهان:
أحدهما: من آمن منهم، فيكون على الخصوص في المؤمنين إذا قيل إن الرحمة الهداية.
الثاني: الجميع، فيكون على العموم في المؤمنين والكافرين إذا قيل إن الرحمة ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال.

.تفسير الآيات (108- 112):

{قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111) قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)}
قوله عز وجل: {فَإِن تَوَلَّواْ} يعني أعرضوا، وفيه وجهان:
أحدهما: عنك.
والثاني: عن القرآن.
{فَقُلْ ءَاذَنْتَكُمْ عَلَى سَوآءٍ} فيه سبعة تأويلات:
أحدها: على امر بَيِّنٍ سَوِي، وهذا قول السدي.
والثاني: على مَهْل، وهذا قول قتادة.
والثالث: على عدل، وهذا قول الفراء.
والرابع: على بيان علانية غير سر، وهذا قول الكلبي.
والخامس: على سَواءٍ في الإِعلام يظهر لبعضهم ميلاً عن بعض، وهذا قول علي بن عيسى.
والسادس: استواء في الإِيمان به.
والسابع: معناه أن من كفر به فهم سواء في قتالهم وجهادهم، وهذا قول الحسن.
قوله عز وجل: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} فيه وجهان:
أحدهما: لعل تأخير العذاب فتنة لكم.
والثاني: لعل رفع عذاب الاستئصال فتنة لكم.
وفي هذه الفتنة ثلاثة أوجه:
أحدها: هلاك لكم.
والثاني: محنة لكم.
والثالث: إحسان لكم.
{وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: إلى يوم القيامة، وهذا قول الحسن.
والثاني: إلى الموت، وهذا قول قتادة.
والثالث: إلى أن يأتي قضاء الله تعالى فيهم.
قوله عز وجل: {قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ} فيه وجهان:
أحدهما: عجّل الحكم بالحق.
الثاني: معناه افصل بيننا وبين المشركين بما يظهر به الحق للجميع، وهذا معنى قول قتادة.
{وَرَبُّنَا الرَّحَمنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: على ما تكذبون، قاله قتادة.
والثاني: على ما تكتمون، قاله الكلبي.
وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا شهد قتالاً قرأ هذه الآية. والله أعلم.

.سورة الحج:

.تفسير الآيات (1- 2):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)}
قوله عز وجل: {يأيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} في زلزلتها قولان:
أحدهما: أنها في الدنيا، وهي أشراط ظهورها، وآيات مجيئها.
والثاني: أنها في القيامة.
وفيها قولان:
أحدهما: أنها نفخ الصور للبعث.
والثاني: أنها عند القضاء بين الخلق.
{يَوْمَ تَرَوْنَهَا} يعني زلزلة الساعة.
{تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} وفيه أربعة أوجه:
أحدها: تسلو كل مرضعة عن ولدها، قاله الأخفش.
والثاني: تشتغل عنه، قاله قطرب، ومنه قول عبد الله بن رواحة:
ضرباً يزيل الهام عن مقيله ** ويذهل الخليل عن خليله

والثالث: تلهو عنه، قاله الكلبي، ومنه قول امرئ القيس:
أذاهِلٌ أنت عن سَلْماك لا برحت ** أم لست ناسيها ما حنّت النيبُ

والرابع: تنساه، قاله اليزيدي، قال الشاعر:
تطاولت الأيام حتى نسيتها ** كأنك عن يوم القيامة ذاهل

{وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} قال الحسن: تذهل الأم عن ولدها لغير فطام، وتلقي الحامل ما في بطنها لغير تمام.
{وَتَرَى النَّاس سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى} قال ابن جريج: هم سكارى من الخوف، وما هم بسكارى من الشراب.

.تفسير الآيات (3- 4):

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4)}
قوله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} فيه قولان:
أحدهما: أن يخاصم في الدين بالهوى، قاله سهل بن عبد الله.
والثاني: أن يرد النص بالقياس، قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث.

.تفسير الآيات (5- 7):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)}
قوله عز وجل: {يَأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنْتُم فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ} يعني آدم.
{ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ} يعني ولده.
{ثُمَّ مِن عَلَقَةٍ} يعني أن النطفة تصير في الرحم علقة.
{ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ} يعني أن العلقة تصير مضغة، وذلك مقدار ما يمضع من اللحم.
{مُّخَلَّقَةٍ وَغِيْرِ مُخَلَّقَةٍ} فيه أربعه تأويلات:
أحدها: أن المخلقة ما صار خلقاً، وغير مخلقة ما دفعته الأرحام من النطف فلم يصير خلقاً، وهو قول ابن مسعود.
والثاني: معناه تامة الخلق وغير تامة الخلق، وهذا قول قتادة.
والثالث: معناه مصورة وغير مصورة كالسقط، وهذا قول مجاهد.
والرابع: يعني التام في شهوره، وغير التام، قاله الضحاك، قال الشاعر:
أفي غير المخلقة البكاءُ ** فأين العزم ويحك والحَياءُ

{لِّنُبيِّنَ لَكُمْ} يعني في القرآن بدء خلقكم وتنقل أحوالكم.
{وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلّى أَجَلٍ مُّسَمًّى} قال مجاهد: إلى التمام.
{ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ} وقد ذكرنا عدد الأشُدّ.
{وَمِنْكُم مَّن يُتَوَفّى} فيه وجهان:
أحدهما: يعني قبل أن تبلغ إلى أرذل العمر.
والثاني: قبل بلوغ الأَشُدّ.
{وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: الهرم، وهو قول يحيى بن سلام.
والثاني: إلى مثل حاله عند خروجه من بطن أمّه، حكاه النقاش.
والثالث: ذهاب العقل، قاله اليزيدي.
{لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً} فيه وجهان:
أحدهما: لا يستفيد علماً ما كان به عالماً.
الثاني: لا يعقل بعد عقله الأول شيئاً.
ويحتمل عندي وجهاً ثالثاً: أنه لا يعمل بعد علمه شيئاً، فعبر عن العمل بالعلم [لافتقاره إليه لأن تأثير الكبر في العمل أبلغ من تأثيره في العلم].
{وتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: غبراء، وهذا قول قتادة.
والثاني: يابسة لا تنبت شيئاً، وهذا قول ابن جريج.
والثالث: أنها الدراسة، والهمود: الدروس، ومنه قول الأعشى:
قالت قتيلة ما لجسمك شاحباً ** وأرى ثيابك باليات همَّدا

{فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} وفي {اهْتَزَّتْ} وجهان:
أحدهما: معناه أنبتت، وهو قول الكلبي.
والثاني: معناه اهتز نباتها واهتزازه شدة حركته، كما قال الشاعر:
تثني إذا قامت وتهتز إن مشت ** كما اهتز غُصْن البان في ورق خضرِ

{وَرَبَتْ} وجهان:
أحدهما: معناه أضعف نباتها.
والثاني: معناه انتفخت لظهور نباتها، فعلى هذا الوجه يكون مقدماً ومؤخراً وتقديره: فإذا أنزلنا عليها الماء رَبتْ واهتزت، وهذا قول الحسن وأبي عبيدة، وعلى الوجه الأول لا يكون فيه تقديم ولا تأخير.
{وَأَنْبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} فيه وجهان:
أحدهما: يعني من كل نوع، وهو قول ابن شجرة.
والثاني: من كل لون لاختلاف ألوان النبات بالخضرة والحمرة والصفرة.
{بَهِيجٍ} يعني حسن الصورة.