فصل: تفسير الآيات (161- 169):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (133- 138):

{وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)}
{إلا عجوزاً في الغابرين} فيها أربعة أوجه:
أحدها: الهالكين، قاله السّدي.
الثاني: في الباقين من الهالكين، قاله ابن زيد.
الثالث: في عذاب الله تعالى، قاله قتادة.
الرابع: في الماضين في العذاب، حكاه مقاتل.

.تفسير الآيات (139- 148):

{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)}
قوله عز وجل: {وإن يونس لمن المرسلين} قال السدي: يونس بن متى نبي من أنبياء الله تعالى بعثه إلى قرية يقال لها نينوى على شاطئ دجلة: قال قتادة: وهي من أرض الموصل.
{إذ أبق إلى الفُلك المشحون} والآبق الفارّ إلى حيث لا يعلم به، قال الحسن: فر من قومه وكان فيما عهد إليهم أنهم إن لم يؤمنوا أتاهم العذاب، وجعل علامة ذلك خروجاً من بين أظهرهم، فلما خرج عنه جاءتهم ريح سوداء فخافوها فدعوا الله بأطفالهم وبهائمهم فأجابهم وصرف العذاب عنهم فخرج مكايداً لقومه مغاضباً لدين ربه حتى أتى البحر فركب سفينة وقد استوقرت حملاً، فلما اشتطت بهم خافوا الغرق.
وفيما خافوا الغرق به قولان:
أحدهما: أمواج من ريح عصفت بهم قاله ابن عباس.
الثاني: من الحوت الذي عارضهم، حكاه ابن عيسى، فقالوا عند ذلك: فينا مذنب لا ننجو إلا بإلقائه، فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس فألقوه، وهو معنى قوله تعالى: {فساهَم} أي قارع بالسهام، قاله ابن عباس والسدي.
{فكان من المدحضين} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من المقروعين، قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني: من المغلوبين، قاله سعيد بن جبير، ومنه قول أبي قيس:
قتلنا المدحضين بكل فج ** فقد قرت بقتلهم العيون

الثالث: أنه الباطل الحجة، قاله السدي مأخوذ من دحض الحجة وهو بطلانها فلما ألقوه في البحر آمنوا.
قوله عز وجل: {فالتقمه الحوت وهُو مليم} قال ابن عباس: أوحى الله تعالى إلى سمكة يقال لها اللخم من البحر الأخضر أن شقي البحار حتى تأخذي يونس، وليس يونس لك رزقاً، ولكن جعلت بطنك له سجناً، فلا تخدشي له جلداً ولا تكسري له عظماً، فالتقمه الحوت حين ألقي.
وفي قوله: {وهو مليم} ثلاثة تأويلات:
أحدها: أي مسيء مذنب، قاله ابن عباس.
الثاني: يلوم نفسه على ما صنع، وهو معنى قول قتادة.
الثالث: يلام على ما صنع، قاله الكلبي.
والفرق بين الملوم والمليم أن المليم اذا أتى بما يلام عليه، والملوم إذا ليم عليه.
{فلولا أنه كان مِن المسبحين} فيه أربعة أوجه:
أحدها: من القائلين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، قاله الحسن.
الثاني: من المصلين قاله ابن عباس.
الثالث: من العابدين، قاله وهب بن منبه.
الرابع: من التائبين، قاله قطرب. وقيل تاب في الرخاء فنجاه الله من البلاء.
{للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} قال قتادة: إلى يوم القيامة حتى يَصير الحوت له قبراً، وفي مدة لبثه في بطن الحوت أربعة أقاويل:
أحدها: بعض يوم، قال الشعبي: التقمه ضحى ولفظه عشية.
الثاني: ثلاثة أيام، قاله قتادة.
الثالث: سبعة أيام، قاله جعفر.
الرابع: أربعون يوماً، قاله أبو مالك، وقيل إنه سار بيونس حتى مر به إلى الإيلة ثم عاد في دجلة إلى نينوى.
{فنبذناه بالعراء} فيه أربعة أوجه:
أحدها: بالساحل، قاله ابن عباس.
الثاني: بالأرض، قاله السدي، قال الضحاك: هي أرض يقال لها بلد.
الثالث: موضع بأرض اليمن.
الرابع: الفضاء الذي لا يواريه نبت ولا شجر، قال الشاعر:
ورفعت رِجْلاً لا أخاف عثارها ** ونبذت بالبلد العراء ثيابي

{وهو سقيم} فيه وجهان:
أحدهما: كهيئة الصبي، قاله السدي.
الثاني: كهيئة الفرخ الذي ليس له ريش، قاله ابن مسعود لأنه ضعف بعد القوة، ورق جلده بعد الشدة.
قوله عز وجل: {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} فيها خمسة أقاويل:
أحدها: أنه القرع، قاله ابن مسعود.
الثاني: أنه كل شجرة ليس فيها ساق يبقى من الشتاء إلى الصيف، قاله سعيد بن جبير.
الثالث: أنها كل شجرة لها ورق عريض، قاله ابن عباس.
الرابع: أنه كل ما ينبسط على وجه الأرض من البطيخ والقثاء، رواه القاسم بن أبي أيوب.
الخامس: أنها شجرة سماها الله تعالى يقطيناً أظلته رواه هلال بن حيان. وهو تفعيل من قطن بالمكان أي أقام إقامة زائل لا إقامة راسخ كالنخل والزيتون، فمكث يونس تحتها يصيب منها ويستظل بها حتى تراجعت نفسه إليه، ثم يبست الشجرة فبكى حزناً عليها، فأوحى الله تعالى إليه: أتبكي على هلاك شجرة ولا تبكي على هلاك مائة ألف أو يزيدون؟ حكاه ابن مسعود.
وحكى سعيد بن جبير أنه لما تساقط ورق الشجر عنه أفضت إليه الشمس فشكاه فأوحى الله تعالى إليه: يا يونس جزعت من حر الشمس ولم تجزع لمائة ألف أو يزيدون تابوا إليّ فتبت عليهم.
قوله عز وجل: {وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون} فيهم قولان:
أحدهما: أنه أرسل إليهم بعدما نبذه الحوت، قاله ابن عباس، فكان أرسل إلى قوم بعد قوم.
الثاني: أنه أرسل إلى الأولين فآمنوا بشريعته، وهو معنى قول ابن مسعود.
وفي قوله: {أو يزيدون} ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه للإبهام كأنه قال أرسلناه إلى أحد العددين.
الثاني: أنه على شك المخاطبين.
الثالث: أن معناه: بل يزيدون، قاله ابن عباس وعدد من أهل التأويل، مثله قوله فكان قاب قوسين أو أدنى يعنى بل أدنى، قال جرير:
أثعلبة الفوارس أو رباحاً ** عدلت بهم طهية والخشابا

والمعنى أثعلبة بل رباحاً.
واختلف من قال بهذا في قدر زيادتهم على مائة ألف على خمسة أقاويل:
أحدها: يزيدون عشرين ألفاً، رواه أُبي بن كعب مرفوعاً.
الثاني: يزيدون ثلاثين ألفاً، قاله ابن عباس.
الثالث: يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً، قاله الحكم.
الرابع: بضعة وأربعين ألفاً رواه سفيان بن عبد الله البصري.
الخامس: سبعين ألفاً، قاله سعيد بن جبير.

.تفسير الآيات (149- 160):

{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (157) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160)}
قوله عز وجل: {أم لكم سلطان مبين} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: عذر مبين، قاله قتادة.
الثاني: حجة بينة، قاله ابن قتيبة.
الثالث: كتاب بيّن، قاله الكلبي.
قوله عز وجل: {وجعلوا بينه وبين الجِنة نسباً} فيه أربعة أوجه:
أحدها: أنه إشراك الشيطان في عبادة الله تعالى فهو النسب الذي جعلوه، قاله الحسن.
الثاني: هو قول يهود أصبهان أن الله تعالى صاهر الجن فكانت الملائكة من بينهم، قاله قتادة.
الثالث: هو قول الزنادقة: إن الله تعالى وإبليس أخوان، وأن النور والخير والحيوان النافع من خلق الله، والظلمة والشر والحيوان الضار من خلق إبليس، قاله الكلبي وعطية العوفي.
الرابع: هو قول المشركين، إن الملائكة بنات الله فقال لهم أبو بكر: فمن أمهاتهم؟ قالوا: بنات سروات الجن، قاله مجاهد.
وفي تسمية الملائكة على هذا الوجه جنة ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهم بطن من بطون الملائكة يقال لهم الجنة، قاله مجاهد.
الثاني: لأنهم على الجنان، قاله أبو صالح.
الثالث: لاستتارهم عن العيون كالجن المستخفين.
قوله عز وجل: {ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون} وفي الجنة قولان:
أحدهما: أنهم الملائكة، قاله السدي.
الثاني: أنهم الجن، قاله مجاهد.
وفيما علموه قولان:
أحدهما: أنهم علموا أن قائل هذا القول محضرون، قاله علي بن عيسى.
الثاني: علموا أنهم في أنفسهم محضرون، وهو قول من زعم أن الجنة هم الجن.
وفي قوله محضرون تأويلان:
أحدهما: للحساب، قال مجاهد.
الثاني: محضرون في النار، قاله قتادة.

.تفسير الآيات (161- 169):

{فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163) وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166) وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (168) لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169)}
قوله عز وجل: {فإنكم وما تعبدون} يعني المشركين وما عبدوه من آلهتهم.
{ما أنتم عليه بفاتنين} أي بمضلين، قال الشاعر:
فرد بنعمته كيده ** عليه وكان لها فاتناً

{إلا من هو صالِ الجحيم} فيه وجهان:
أحدهما: إلا من سبق في علم الله تعالى أنه يصلى الجحيم، قاله ابن عباس.
قوله عز وجل: {وما مِنّا إلا له مقامٌ معلوم} فيه قولان:
أحدهما: ما منا ملك إلا له في السماء مقام معلوم، قاله ابن مسعود وسعيد بن جبير.
الثاني: ما حكاه قتادة قال: كان يصلي الرجال والنساء جميعاً حتى نزلت {وما منا إلا له مقام معلوم} قال فتقدم الرجال وتأخر النساء.
ويحتمل إن لم يثبت هذا النقل.
ثالثاً: وما منا يوم القيامة إلا من له فيها مقام معلوم بين يدي الله عز وجل.
قوله عز وجل: {وإنا لنحن الصّافون} فيه قولان:
أحدهما: أنهم الملائكة يقفون صفوفاً في السماء، قيل حول العرش ينتظرون ما يؤمرون به، وقيل في الصلاة مصطفين. وحكى أبو نضرة أن عمر رضي الله كان إذا قام إلى الصلاة قال: يريد، الله بكم هدى الملائكة {وإنا لنحن الصافون} تأخر يا فلان، ثم يتقدم فيكبر.
الثاني: ما حكاه أبو مالك قال كان الناس يصلون متبددين فأنزل الله عز وجل: {وإنا لنحن الصافون} فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يصطفوا.
وقوله عز وجل: {وإنا لنحن المسبحون} فيه قولان:
أحدهما: المصلّون، قاله قتادة.
الثاني: المنزِّهون الله عما أضافه إليه المشركون أي فكيف لا تعبدونه ونحن نعبده.