فصل: تفسير الآيات (6- 10):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (71- 73):

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73)}
قوله عز جل: {أو لم يروا أَنا خلقنا لهم مما عَمِلتْ أيدينا أنعاماً} فيه وجهان:
أحدهما يعني بقوتنا: قاله الحسن كقوله تعالى: {والسماء بنيناها بأيد} [الذاريات: 47] أي بقوة.
الثاني: يعني من فعلنا وعملنا من غير أن نكله إلى غيرنا، قاله السدي. والأنعام: الإبل والبقر والغنم.
{فهم لها مالكون} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ضابطون، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر:
أصبحت لا أحمل السِّلاح ولا ** أملِك رأس البعير إن نَفَرا

الثاني: مطبقون رواه معمر.
الثالث: مقتنون وهو معنى قول ابن عيسى.
قوله عز وجل: {وذللناها لهم} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: وطيبناها لهم؛ قاله ابن عيسى.
الثاني: سخرناها لهم، قاله ابن زيد.
الثالث: ملكناها لهم.
{فمنها ركوبُهم} والركوب بالضم مصدر ركب يركب ركوباً، والركوب بالفتح الدابة التي تصلح أن تركب.
{ومنها يأكلون} يعني لحوم المأكول منها.
{ولهم فيها منافع} قال قتادة: هي لبس أصوافها.
{ومشارب} يعني شرب ألبانها {أفلا يشكرون} يعني رب هذه النعمة بتوحيده وطاعته.

.تفسير الآيات (74- 76):

{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76)}
قوله عز وجل: {وهم لهم جندٌ محضرون} يعني أن المشركين لأوثانهم جند، وفي الجند ها هنا وجهان:
أحدهما: شيعة، قاله ابن جريج.
الثاني: أعوان.
{محضرون} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: محضرون عند الحساب، قاله مجاهد.
الثاني: محضرون في النار، قاله الحسن.
الثالث: محضرون للدفع عنهم والمنع منهم، قاله حميد. قال قتادة: يغضبون لآلهتهم، وآلهتهم لا تنصرهم.

.تفسير الآيات (77- 80):

{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80)}
قوله عز وجل: {أو لَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خلقناه مِن نفطةٍ} فيه قولان:
أحدهما: أنها نزلت في أبيّ بن خلف الجمحي أتى النبي صلى الله عليه وسلم يجادله في بعث الموتى، قاله عكرمة ومجاهد والسدي.
الثاني: أنها نزلت في العاص بن وائل أخذ عظماً من البطحاء ففته بيده ثم قال لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أيحيي اللَّه هذا بعدما أرمّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نعم ويميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم» فنزلت هذه الآيات فيه، قاله ابن عباس.
{فإذا هو خصيمٌ مبينٌ} أي مجادل في الخصومة مبين للحجة، يريد بذلك أنه صار بعد أن لم يكن شيئاً خصيماً مبيناً، فاحتمل ذلك أمرين:
أحدهما: أن ينبهه بذلك على نعمه عليه.
الثاني: أن يدله بذلك على إحياء الموتى كما ابتدأه بعد أن لم يكن شيئاً.
قوله عز وجل: {وضَرب لنا مثلاً ونَسي خلقه} وهو من قدمنا ذكره ويحتمل وجهين:
أحدهما: أي ترك خلقه أن يستدل به.
الثاني: سها عن الاعتبار به.
{قال مَن يُحْيِ العظَامَ وهي رَميمٌ} استبعاداً أن يعود خلقاً جديداً. فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجيبه بما فيه دليل لأولي الألباب.
{قل يحييها الذي أنشأها أول مَرَّة} أي من قدر عل إنشائها أول مرة من غير شيءٍ فهو قادرعلى إعادتها في النشأة الثانية من شيء.
{وهو بكل خَلقٍ عليم} أي كيف يبدئ وكيف يعيد.
قوله عز وجل: {الذي جَعَلَ لكم مِنَ الشجر الأخضر ناراً} الآية أي الذي جعل النار المحرقة في الشجر الرطب المَطفي وجمع بينهما مع ما فيهما من المضادة، لأن النار تأكل الحطب، وأقدركم على استخراجها هو القادر على إعادة الموتى وجمع الرفات.
ويحتمل ذلك منه وجهين:
أحدهما: أن ينبه الله تعالى بذلك على قدرته التي لا يعجزها شيء.
الثاني: أن يدل بها على إحياء الموتى كما أحييت النار بالإذكاء.
قال الكلبي: كل الشجر يقدح منه النار إلا العناب.
وحكى أبو جعفر السمرقندي عن أحمد بن معاذ النحوي في قوله تعالى: {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر} يعني به إبراهيم، {ناراً} أي نوراً يعني محمداً صلى الله عليه وسلم.
{فإذا أنتم منه توقِدون} أي تقتبسون الدين.

.تفسير الآيات (81- 83):

{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}
قوله عز وجل: {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} فيه وجهان:
أحدهما: معناه أن يأمر فيوجد.
الثاني: ما قاله قتادة أنه ليس شيء أخف في الكلام من (كن) ولا أهون على لسان العرب من ذلك، فجعله الله تعالى مثلاُ لأمره في السرعة.
{فسبحان الذي بيده ملكوت كلِّ شيءٍ} فيه وجهان:
أحدهما: خزائن كل شيء.
الثاني: ملك كل شيء إلا أن فيه مبالغة.
{وإليه ترجعون} يعني يوم القيامة، فيجازي المحسن ويعاقب المسيء.
وروى الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل شيءٍ قلْباً وإنَّ قلْبَ القرآن يس، ومن قرأها في ليلة أعطي يُسْر تلك الليلة، ومن قرأها في يوم أعطي يُسْرَ ذلك اليوم، وإنّ أهل الجنة يرفع عنهم القرآن فلا يقرأون منه شيئاً إلا طه ويس».

.سورة الصافات:

.تفسير الآيات (1- 5):

{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5)}
قوله عز وجل: {والصافات صفّاً} فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهم الملائكة، قاله ابن مسعود وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة.
الثاني: أنهم عبّاد السماء، قاله الضحاك ورواه عن ابن عباس.
الثالث: أنهم جماعة المؤمنين إذا قاموا في صفوفهم للصلاة، حكاه النقاش لقوله تعالى: {صفّاً كأنهم بنيان مرصوص} [الصف: 4].
ويحتمل رابعاً: أنها صفوف المجاهدين في قتال المشركين.
واختلف من قال الصافات الملائكة في تسميتها بذلك على ثلاثة أقاويل:
أحدها: لأنها صفوف في السماء، قاله مسروق وقتادة.
الثاني: لأنها تصف أجنحتها في الهواء واقفة فيه حتى يأمرها الله تبارك وتعالى بما يريد، حكاه ابن عيسى.
الثالث: لصفوفهم عند ربهم في صلاتهم، قاله الحسن.
قوله عز وجل: {فالزاجرات زجراً} فيه ثلاثة أقاول:
أحدها: الملائكة، قاله ابن مسعود ومسروق وقتادة وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد.
الثاني: آيات القرآن، قاله الربيع.
الثالث: الأمر والنهي الذي نهى الله تعالى به عباده عن المعاصي، حكاه النقاش.
ويحتمل رابعاً: أنها قتل المشركين وسبيهم.
واختلف من قال إن الزاجرات الملائكة في تسميتها بذلك على قولين:
أحدهما: لأنها تزجر السحاب، قاله السدي.
الثاني: لأنها تزجر عن المعاصي قاله ابن عيسى.
قوله عز وجل: {فالتاليات ذكراً} أي فالقارئات كتاباً، وفيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: الملائكة تقرأ كتب الله تعالى، قاله ابن مسعود والحسن وسعيد بن جبير والسدي.
الثاني: ما يتلى في القرآن من أخبار الأمم السالفة، قاله قتادة.
الثالث: الأنبياء يتلون الذكر على قومهم، قاله ابن عيسى.
قوله عز وجل: {إنَّ إلهكم لواحد} كل هذا قَسَم أن الإِله واحد، وقيل إن القسم بالله تعالى على تقدير ورب الصافات ولكن أضمره تعظيماً لذكره.
ثم وصف الإله الواحد فقال: {رب السموات والأرض وما بينهما} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: خالق السموات والأرض وما بينهما، قاله ابن إسحاق.
الثاني: مالك السموات والأرض وما بينهما.
الثالث: مدبر السموات والأرض وما بينهما.
{ورب المشارق} فيه وجهان:
الأول: قال قتادة: ثلاثمائة وستون مشرقاً، والمغارب مثل ذلك، تطلع الشمس كل يوم من مشرق، وتغرب في مغرب، قاله السدي.
الثاني: أنها مائة وثمانون مشرقاً تطلع كل يوم في مطلع حتى تنتهي إلى آخرها ثم تعود في تلك المطالع حتى تعود إلى أولها، حكاه يحيى بن سلام، ولا يذكر المغارب لأن المشارق تدل عليها، وخص المشارق بالذكر لأن الشروق قبل الغروب.

.تفسير الآيات (6- 10):

{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)}
قوله عز وجل: {إنا زينا السماء الدنيا بزينةٍ الكواكب} يحتمل تخصيص سماء الدنيا بالذكر وجهين:
أحدهما: لاختصاصها بالدنيا.
الثاني: لاختصاصها بالمشاهدة، وقوله بزينة الكواكب لأن من الكواكب ما خلق للزينة، ومنها ما خلق لغير الزينة.
حكى عقبة بن زياد عن قتادة قال: خلقت النجوم لثلاث: رجوماً للشياطين ونوراً يهتدى به، وزينة لسماء الدنيا.
{وحفظاً مِن كُلِّ شيطان مارِدٍ} فيه وجهان:
أحدهما: يعني من الكواكب حفظاً من كل شيطان، قاله السدي.
الثاني: أن الله سبحانه حفظ السماء من كل شيطان مارد، قاله قتادة.
وفي المارد ثلاثة أوجه:
أحدها: الممتنع، قاله ابن بحر.
الثاني: العاتي مأخوذ من التمرد وهو العتو.
الثالث: أنه المتجرد من الخير، من قولهم شجرة مرداء، إذا تجردت من الورق.
قوله عز وجل: {لا يسمعون إلى الملإِ الأعلى} فيه قولان:
أحدهما: أنهم منعوا بها أن يسمعوا أو يتسمعوا، قاله قتادة.
الثاني: أنهم يتسمعون ولا يسمعون، قاله ابن عباس.
وفي (الملإ الأعلى) قولان:
أحدهما: السماء الدنيا، قاله قتادة.
الثاني: الملائكة، قاله السدي.
{ويُقذفون من كل جانب} قال مجاهد: يرمون من كل مكان من جوانبهم، وقيل من جوانب السماء.
{دُحوراً} فيه تأويلان:
أحدهما: قذفاً في النار، قاله قتادة.
الثاني: طرداً بالشهب، وهو معنى قول مجاهد.
قال ابن عيسى: والدحور: الدفع بعنف.
{ولهم عذابٌ واصبٌ} فيه وجهان:
أحدهما: دائم.
الثاني: أنه الذي يصل وجعه إلى القلوب، مأخوذ من الوصب.
قوله عز وجل: {إلا من خَطِفَ الخطفَة} فيه تأويلان:
أحدهما: إلا من استرق السمع، قاله سعيد بن جبير، مأخوذ من الاختطاف وهو الاستلاب بسرعة، ومنه سمي الخطاف.
الثاني: من وثب الوثبة، قاله علي بن عيسى.
{فأتبعه شهابٌ ثاقب} فيه وجهان:
أحدهما: أنه الشعلة من النار.
الثاني: أنه النجم.
وفي (الثاقب) ستة أوجه:
أحدها: أنه الذي يثقب، قاله زيد الرقاشي.
الثاني: أنه المضيء، قاله الضحاك.
الثالث: أنه الماضي، حكاه ابن عيسى.
الرابع: أنه العالي، قاله الفراء.
الخامس: أنه المحرق، قاله السدي.
السادس: أنه المستوقد، من قولهم: اثقب زندك أي استوقد نارك، قاله زيد بن أسلم والأخفش، وأنشد قول الشاعر:
بينما المرء شهابٌ ثاقب ** ضَرَبَ الدَّهر سناه فخمد

و{إلا} ها هنا بمعنى لكن عند سيبويه. وقيل: إن الشهاب يحرقهم ليندفعوا عن استراق السمع ولا يموتون منه.